الرئيسية / سلسلة الانتصار على المبتدعة / ردع الغبي عبد الرحمن بن عبد الخالق القطبي
ردع الغبي عبد الرحمن بن عبد الخالق القطبي
ي
سلسلة الانتصار على المبتدعة
|
26 |
ردع الغبي
عبد الرحمن بن عبد الخالق القطبي
وذلك:
لمخالفته لحكم: الله تعالى، وحكم: رسوله r، وحكم: الصحابة الكرام، وحكم: العلماء الأجلاء، وحكم: ولاة الأمر الفضلاء في عدم ترخصه بترك صلاة الجمعة، والجماعة في المساجد بسبب الخوف من الوباء المهلك، فشذ عن جماعة المسلمين
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ومعه:
بيان حقيقة: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الثوري، وأنه داعية إلى الفكر القطبي، وهو يسير على خطى: «سيد قطب» الثوري: خاصة في تهييج الغوغاء، والفوضاء في البلدان الإسلامية
الكشاف
قال تعالى:
]ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا[ [النساء: 119].
وقال تعالى:
]وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون[ [البقرة: 13].
انظروا:
إلى: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الثوري، وهو يأمر بالثورة في مصر، ويفتي بالخروج على ولي الأمر، وجماعة المسلمين في مصر
وهو يسير على خطى فكر: «سيد بن قطب» الثوري، وعلى خطى ثورات: «الإخوان المسلمين»
انظروا:
إلى: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» القطبي، وهو يخرج عن ولي الأمر، وجماعة المسلمين، الذين أفتوا بالصلاة في البيوت للرخصة الشرعية بعذر الخوف من الوباء المهلك للناس، وهو يفتي الناس بالصلاة في المساجد: ]ساء ما يحكمون[ [العنكبوت: 4]
صورة من:
أصل كتاب: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»
القطبي؛ الذي أفتى فيه بـ«المظاهرات» الغوغائية، والفساد في الأرض
الذي
رد عليه العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / ([1])
حيث بين فساد دعوته وضلال منهجه في الدين
المظاهرات، والثورات الغوغائية عنده من أساليب دعوة النبي r !! |
الفتاوى الشرعية
في
جواز إغلاق المساجد بعذر المرض، أو غيره
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /
في جواز إغلاق المساجد عند انتشار المرض المعدي، أو الخوف من انتشاره بين الناس
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج3 ص420): (أراد المؤلف([2]) / أن يبين أن إغلاق المساجد والكعبة وما أشبه ذلك للحاجة لا بأس به، ولا يقال: إن هذا من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه؛ لأن هذا لمصلحة، أو لضرورة أحيانا). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
نعم: أغلقت في القديم المساجد لانتشار الطاعون([3])
قال الحافظ الذهبي / في «سير أعلام النبلاء» (ج18 ص311): (وكان القحط عظيما: «بمصر»، و«بالأندلس»، وما عهد قحط، ولا وباء مثله: «بقرطبة»، حتى: «بقيت المساجد مغلقة بلا مصل»، وسمي عام الجوع الكبير). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
الفقيه المرداوي /
في جواز ترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد لعذر الخوف من مرض الوباء المعدي
قال الإمام المرداوي الحنبلي / في «الإنصاف» (ج2 ص300): (ويعذر في ترك الجمعة، والجماعة المريض؛ بلا نزاع، ويعذر أيضا: في تركهما لخوف حدوث المرض). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
الكشف
قال تعالى:
]وإن يدعون إلا شيطانا مريدا[ [النساء: 117].
وقال تعالى:
]والفتنة أكبر من القتل[ [البقرة: 217].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فضيحة
عبد الرحمن بن عبد الخالق الراهب
أمام الملأ، وأنه ينادي على نفسه أنه على فكر: «أحبار اليهود»، و«رهبان النصارى»، و«فكر الخوارج»، و«فكر الرافضة»؛ في تقريره بـ«المظاهرات»، و«الاعتصامات»، و«المسيرات» الغوغائية؛ وبهذا فإنه اتبع سنة أهل الجاهلية، فوقع في الفخ، ولابد
انظروا: إلى هذا الشيطان الخارجي، وهو يهيج الغوغاء على: «شعب مصر، وحكومته»، ويأمر بالخروج؛ كشأن الخوارج في كل زمان؛ بقوله: (أن يهبوا! ... أن تقوموا في وجه هذا الظلم! ... الأمة المنتفضة في وجه هذا الظلم! ... ننتظر منكم أن تقودوا مسيرتها، وتبرروا جهادها! ... المحتشدة اليوم في الميادين([4])! ... جهادكم مشروع([5])!).([6]) اهـ
فانظروا إلى أي هوة سقط هذا الرجل؛ أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه، أم بضحالة عقله، واستفحال جهله.
فقد دفعه إلى ذلك ما عشعش في صدره من حب للبدعة الخارجية، وبظهورها.
إن من كان هذا حاله، فحقيق بأن يرثى مآله، ويطرح مقاله، فلعل المغرورين به يكتشفون حقيقته الخبيثة.
* فهذا الرجل يقرر الآن فكر: «سيد بن قطب» تماما في «مصر»([7])، وأنه يرى إلى الآن بالمظاهرات الغوغائية، والمسيرات الفوضوية، يأمر بها الهمج والرعاع؛ كما قرره: «سيد بن قطب» قديما في «مصر»، وخاب وخسر.
* وهذا الرجل قد عاهد الإمام ابن باز / من قبل: أن يتوب عن تقريره: بـ«المظاهرات»، و«المسيرات» في البلدان، عندما انتقده في كتابه، المسمى: بـ«فصول من السياسة الشرعية» (ص31 و32)؛ حيث قال الشيخ ابن باز /: (ذكرتم في كتابكم: «فصول من السياسة الشرعية»: أن من أساليب النبي r في الدعوة: «التظاهرات»، «المظاهرة»، ولا أعلم نصا في هذا المعنى ... لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك، ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال: «المظاهرات»؛ فإن صح فيها نص؛ فلابد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحا كاملا، حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة).([8]) اهـ
* ثم يزعم: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»؛ أنه تراجع، وتاب عن تقريره: بـ«المظاهرات»، و«المسيرات» أمام الشيخ ابن باز؛ بقوله: (ولم أعن بتاتا، ولا يدور في خلدي: أن أدعو إلى هذا الإفساد في الأرض الذي يسمونه: «مظاهرات» يخرج فيه: «الغوغاء»، و«الرعاع» بلا قيادة، ولا توجيه!.
* فيخرجون ويفسدون، فإن هذا من الإفساد في الأرض([9])، وفرق كبير بين: «الجهاد في سبيل الله»، و«الإفساد في الأرض»!.
ولذلك: فأنا لم أدع في كل حياتي إلى شيء من هذا([10]): «المظاهرات» التي تخرج للإفساد!.
ومع ذلك: فسأقوم بحذف: كلمة: «المظاهرات»([11])؛ من جملة الوسائل التي استخدمها رسول الله r؛ منعا لأي لبس!). اهـ
* ثم يتناقض، ويعلن: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»؛ بالثورة في: «مصر» في سنة: «1434هـ» بتاريخ: «14-رمضان-1434هـ»: ويفتي بــ: «المظاهرات الغوغائية»، و«الميسرات التخريبية» وبالخروج على حكام مصر([12]): بقوله للشعب المصري: «أن يهبوا! ... أن تقوموا في وجه هذا الظلم! ... الأمة المنتفضة في وجه هذا الظلم! ... ننتظر منكم أن تقودوا مسيرتها، وتبرروا جهادها! ... المحتشدة اليوم في الميادين! ... جهادكم مشروع!). اهـ
فانظروا إلى هذا التباين، والتضاد، وكيف راج عليه ما حذر منه من الفساد.
قلت: فأي تناقض أكبر من هذا؛ فإنه بدأ يخلط، وتختلط عليه الأمور، وهو فوق هذا كله يفتخر، ويتعالم في كتبه، بما يوهم الجهلة فيها؛ بل تراه يدبج في كتبه بغمز وهمز لأهل العلم، من أمثال: العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وغيره.
فهل رأيت أخي الكريم انتكاس هذا الرجل في المفاهيم أكبر من ذلك، وأنه يدعي أنه مصلح، وهو مفسد: ]والله يعلم المفسد من المصلح[ [البقرة: 220]، ]والله لا يحب المفسدين[ [المائدة: 64].
قال تعالى: ]ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين[ [القصص: 77].
وقال تعالى: ]ولا تعثوا في الأرض مفسدين[ [العنكبوت: 36].
وقال تعالى: ]وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون[ [البقرة: 11].
وقال تعالى: ]ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين[ [المائدة: 64].
وعبد الرحمن بن عبد الخالق: في «مجلة الفرقان» (14)؛ تحت: عنوان: «الارتباط بالحق!» (ص23)؛ ثم ذكره في كتابه: «أصول العمل الجماعي» (ص10)، وكتابه: «مشروعية العمل الجماعي أو الجهاد الجماعي»؛ حيث يرى مشروعية تفرق المسلمين إلى جماعات مختلفة، أيضا ما جاء في كتابه: «فصول من السياسة الشرعية» (ص31 و32)؛ حيث يرى التظاهرات، والمظاهرات من الأساليب التي استخدمها الرسول r في دعوته!.
قلت: فهذا الرجل ساقط بموازين الرجال، قبل سقوطه بموازين العلم.([13])
وذلك لكثرة كذبه، وتدليسه، وتلونه، وضلاله، وعدائه لأهل السنة، وتهجمه على أعلامها؛ من أمثال: الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني، وأئمة الدعوة النجدية في بلد الحرمين، وغيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ج3 ص735): (وكذلك الإفساد قد يكون باليد، وقد يكون باللسان، وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد، كما أن ما يصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تصلحه اليد...).اهـ
قلت: فهذا الإفساد في الأرض الذي يأمر به: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، وبهذا الأسلوب المهيج للغوغاء؛ يلبسه لباس الإسلام، ويهيج الهمج، والغجر بما فيهم رعاع: «الإخوان المسلمين» بمصر ([14])، اللهم سلم سلم.
قال تعالى: ]ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين[ [يونس: 40].
وقال تعالى: ]ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها[ [الأعراف: 85].
قلت: فهذا كلامك الباطل، وقد كنت في القديم تتباكى أمام سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز /؛ فقال عبد الرحمن بن الخالق: (ولما كان الذين اتهمونا عندكم، وسعوا بكلامي في كل مكان: ينتحلون الكذب، ويتعمدون قطع الكلام بعضه عن بعض، ويحرفونه عن مواضعه([15])، ويفسرونه بغير مراد المتكلم).([16]) اهـ
قلت: فهل هذه عقيدة السلف التي أنت تدعيها؛ بقولك: (إنني بحمد الله: أعتقد عقيدة الصحابة، وسلف هذه الأمة الصالحين: من أهل السنة والجماعة، وأصحاب الحديث!).([17]) اهـ
فانظروا إلى هذا التلاعب البين والتناقض الجلي، وكأن هذا الرجل يتلاعب بعقول أتباعه، ويظنهم أنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين لرأيه ومراده.
وهذا كله افتراء، وكذب في الدين.
قال تعالى: ]انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا[ [النساء: 50].
وقال تعالى: ]ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 75].
وقال تعالى: ]فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم[ [الأنعام: 144].
وقال عبد الرحمن بن عبد الخالق: (ووالله الذي لا إله إلا هو؛ فإني لا أذكر أني تعمدت كذبة قط في مؤلف ألفته، أو محاضرة ألقيتها.
وما تعمدت قط أن أظلم مسلما، أو أن اتهمه بما ليس فيه، أو أمكر به.
ولست أبرئ نفسي من خطأ اللسان، وزلة القلم، وخطأ النظر، والاجتهاد، مما هو به طبائع البشر).([18]) اهـ
قلت: وهذا الأسلوب الثوري الذي سلكه: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الإرهابي، هو أسلوب: «سيد بن قطب» حذو القذة بالقذة.
* وخذ مثلا واحدا من أمثلة التهييج والثورة والخروج على الحكام:
لقد ختم سيد بن قطب الخارجي كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية» (ص113- 122) بفصل يلهب فيه مشاعر جماهير الشعوب ويحركهم للخروج على الأنظمة الحكومية، ويحركهم لأخذ حقوقهم – كما يزعم – بأيديهم على غرار دعوة الثوار الخوارج.
õ قال سيدهم الثوري: (والآن أيتها الجماهير... الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة قضيتها بأيديها... ينبغي أن تفكر في وسائل الخلاص إن أحدا لن يقدم لهذه الجماهير عونا إلا أنفسها، فعليها أن تعنى بأمرها، ولا تتطلع إلى معونة أخرى...) ثم استمر في إلهاب مشاعر الغوغائيين بمثل هذا الأسلوب المهيج باسم الإسلام والإسلام منه براء... إلى أن قال في خاتمة هذا الفصل:
(والآن أيتها الجماهير... لقد تبين أن أحدا لن يمد يده إليك ما لم تمدي أنت يدك إليك إن الطرق جميعا لا تؤدي إلى الخلاص الحق اللهم إلا طريقك الواحد الأصيل.
أيتها الجماهير... لقد تعين لك طريق الكرامة الإنسانية، وطريق العدالة الاجتماعية، وطريق المجد الذي عرفته الأمة الإسلامية مرة، والذي تملك أن تعرفه مرة أخرى... لو تفيق.
أيتها الجماهير... هذا هو الإسلام حاضر يلبي كل راغب في العزة والاستعلاء والسيادة، وكل راغب في المساواة، والحرية، والمساواة، وكل من يؤمـن بنفسه، وقومه، ووطنه([19]) وكل من يشعر أن له مكانا كريما في ذلك الوجود.
أيتها الجماهير:... هذا هو الطريق...). اهـ
قلت: بهذا الأسلوب المهيج المثير الذي احتذى فيه أسلوب من ذكرناهم من الخوارج، كل ذلك يلبسه: «سيد بن قطب» لباس الإسلام، ويهيج به الغوغاء، والهمج بما فيه سواد: «الإخوان المسلمين».
والله يعلم ماذا سيلاقون من الجزاء بهذه السنة السيئة التي سنوها للأنظمة الثورية في «العراق»، و«ليبيا»، و«اليمن»، و«السودان»، و«الجزائر»، و«فلسطين»، و«سوريا»، و«الخليج»، وغيرها.
قلت: وعلى هذا فلم يقبل: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»؛ نصح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز /، وهو يدعي أنه يقبل النصح: فقال عبد الرحمن بن عبد الخالق: (الواجب بين أهل الإسلام: هو نصح بعضهم لبعض، وإرشاد كل منهم: أخيه إلى خطئه أو عيبه، وذلك ليتداركه، وليبقى الطريق إلى الله مستقيما لا عوج فيه).([20]) اهـ
قلت: وأنت إلى الآن تريدها عوجا!، ولم تقوم لخطئك، وعيبك في الدعوة!.
قال تعالى: ]الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون[ [الأعراف: 45].
وقال تعالى: ]ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد[ [إبراهيم: 3].
وقال تعالى: ]ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام[ [المائدة: 95].
وقال عبد الرحمن بن عبد الخالق: (وأحب أن أعلن لسماحتكم -يعني: الشيخ ابن باز /- أنني راجع إلى جميع ما ذكرتموه، وقائل بكل ما قلتموه، وأن ما قلتموه هو الحق!، الذي أعتقده، وأدين الله تعالى به، ولا أخالفكم في حرف واحد منه، وتحقيقا لأمركم، وطلبكم، فأنني ذاكر كل قول انتقدتموه، ومبين عذري، أو خطئي فيه، ورجوعي عنه).([21]) اهـ
قلت: ولم يطبق، ولم يعمل بما قاله أمام سماحة الشيخ ابن باز /!.
وقال عبد الرحمن بن عبد الخالق: (فإنني استغفر الله، وأتوب إليه من كل ذنب ارتكبته، وأرجع عن كل قول قلته يخالف كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، وأعتذر إليكم، وإلى جميع مشايخي).([22]) اهـ
قلت: وجميع الأخطاء التي بزعمه تراجع عنها أمام الشيخ ابن باز /، رجع يطبقها الآن على أنها صحيحة في الدعوة!، وهذا يدل على أنه لم يتب حقيقة.
* وعبد الرحمن بن عبد الخالق يقول: (وإنني والله لعلى استعداد؛ لأن أقبل ما تشيرون به، وترشدون إليه من خطأ وقعت فيه، أو جهل، أو ظلم تلبست به).([23]) اهـ
قلت: ولم يطبق ما قاله أمام سماحة الشيخ ابن باز /، والله المستعان.
قلت: رغم أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز / عرفه بأخطائه الكبرى، والصغرى في المنهج، والدعوة، والدين، ولم يرجع، ولم يتب.([24])
وعبد الرحمن بن عبد الخالق يقول: للشيخ ابن باز /: (فأرجو أن تراجعوها -يعني: كتبه- وأنا والله شاكر لكم في كل خطأ تبصرونني به، وكل زلة تعرفونني بها.
وأشهد الله تعالى ثم أشهدكم أنني راجع عن كل قول يخالف كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وإجماع أمة محمد r).([25]) اهـ
ثم يدعي عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بقوله: (أنا لم أزل أفاخر بأنني قد تشرفت بالأخذ عن أعلام: «الدعوة السلفية المعاصرة»!).([26]) اهـ
قلت: وعند التطبيق العملي، فإنه يعمل على طريقة: أعلام: «الدعوة الإخوانية المعاصرة!»، وهو يتشرف بها، وينشرها بين المسلمين، نعوذ بالله من الخذلان.
قلت: ولقد عاهد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز / بالتوبة، وترك الدعوة الإخوانية، ولم يوف بعهده؛ بل نقض العهد، فوقع في الإثم المبين، والضلال البعيد، ولابد.
قال تعالى: ]ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان[ [يس: 60].
وقال تعالى: ]أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون[ [البقرة: 100].
وقال تعالى: ]وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم[ [النحل: 91].
وقال تعالى: ]وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا[ [الإسراء: 34].
وقال تعالى: ]والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار[ [الرعد: 25].
قلت: وهذا نتيجة جهل: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، بأحكام الأصول، وأحكام الفروع، وعدم معرفة بأمور الجاهلية؛ بمثل: إقراره بصحة دعوة الأحزاب في الإسلام، وغير ذلك([27])، فلا يجوز استحسان ما عليه الجاهلية؛ بل يجب إنكاره واستبشاعه، أما من استحسنه؛ فإنه يكون من أهل الجاهلية.([28])
قال تعالى: ]والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون[ [العنكبوت: 52].
و]آمنوا بالباطل[؛ يعني: صدقوا الباطل، والباطل ضد الحق، فما خالف الحق فهذا باطل.
والباطل: هو الذاهب الزائل الذي لا فائدة فيه.([29])
قال تعالى: ]
ولقد تظاهرت النصوص من الكتاب والسنة على وجوب مخالفة أهل الجاهلية، وتحريم التشبه بهم، سواء كان في عباداتهم، أو عاداتهم، وأجمع أهل العلم على ذلك.([30])
قال تعالى: ]ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق[ [المائدة: 48].
وقال تعالى: ]ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون[ [الجاثية: 18].
وقال تعالى: ]ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك[ [المائدة: 49].
وعن ابن عباس ﭭ أن النبي r، قال: (أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه).([31])
ففي هذه النصوص نهي من الله تعالى عن مشابهة أهل الجاهلية مطلقا، مما يدل على شناعة أفعالهم، وقبحها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص86): (ثم جعل محمدا r على شريعة شرعها له، وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين لا يعلمون: كل من خالف شريعته.
وأهواؤهم: هو ما يهوونه، وما عليه المشركون من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك، فهم يهوونه، وموافقتهم فيه اتباع لما يهوونه).اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص163): (نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص86): (ومتابعتهم فيما يختصون به من دينهم وتوابع دينهم، اتباع لأهوائهم، بل يحصل اتباع أهوائهم بما هو دون ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص45): (وكان r يحب مخالفة أهل الكتاب وسائر الكفار وكان يخاف على أمته اتباعهم ألا ترى إلى قوله r على جهة التعبير والتوبيخ: (لتتبعن سنن الذين كانوا قبلكم حذو النعل بالنعل حتى إن أحدهم لو دخل جحر ضب لدخلتموه». اهـ
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
وقال تعالى: ]ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير[ [الحج:8].
وعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: (لتتبعن سنة من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم، قيل: يا رسول الله، اليهود، والنصارى؟ قال: فمن).([32])
قال الإمام ابن القيم / في «مسألة السماع» (ص350): (فأخبر r: أنه لابد من أن يكون في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى، وبفارس الروم، وظهور هذا الشبه في الطوائف([33])؛ إنما يعرفه من عرف الحق وضده، وعرف الواجب والواقع، وطابق بين هذا وهذا، ووازن بين ما عليه الناس اليوم، وبين ما كان عليه السلف الصالح). اهـ
قلت: وهناك خطورة تنطوي عليها؛ بمثل: هذه الدعوى، وهي لا تنتهي عند ذلك بمجرد التقسيم بحد ذاته، يعني: «مسألة الحاكمية».
بل إن هناك من يرى من العلماء([34]) أن وراء ذلك تداعيات يمكن رصدها في كل غلو مفرط.
نظرا: لكون مثل هذا التقسيم يقدم مسوغا لقضايا تتعلق: بتكفير حكام المسلمين وشعوبهم، وبتكفير العصاة، والإفتاء بجواز الإنقلابات، وحصول القتل، وانتشار الفتن في البلدان؛ بجميع أنواعها، وهلاك الأنفس، والأموال، وهتك الأعراض، وذهاب الدين، وإزالة الأمن.
و: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» التكفيري في كتابه: «الصراط» (ص14)؛ يحمل في طياته انحرافا منهجيا؛ خاصة في «مسألة الحاكمية».
ويستند العلماء في نقد: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الخارجي على مضامين؛ كتاب: «الصراط» الذي أصدره: مؤلفه في رمضان؛ سنة: «1417هـ»، أجمل فيه «عبد الرحمن بن عبد الخالق»؛ كعادته كما في كتبه الأخرى، القول بأن كل من لم يحكم بما أنزل الله تعالى، فهو كافر، وأن التوحيد: ينقسم إلى أربعة أقسام؛ منها: «توحيد الحاكمية»، وساق أقوال العلماء دون تفصيل في المسألة.
* ويقول العلماء: إن مسألة التكفير المطلق لدى: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» موجودة في كتبه الأخرى؛ بمثل: كتاب: «أصول العمل الجماعي».([35])
قلت: ولا يجوز أن نجعل «للحاكمية» قسما خاصا([36])؛ لأنها مندرجة تحت: «توحيد العبادة».
وهذا الشعار الذي أخرجه: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»؛ ما هو إلا مزاحمة ماكرة للعقيدة الصحيحة، ليقرر بزعمه بـ«توحيد الحاكمية»([37]) ليكفر الحكام وشعوبهم، ويأمر بالخروج عليهم في بلدانهم، كما فعل في مصر، وغيرها.
* وقد رد عليه العلماء في «مسألة الحاكمية»، وبينوا أمره، وأنه مبتدع جاهل في الدين.
* وقد سئل شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / عن هذه المسألة؛ فأجاب: (بأن من يدعي أن هناك قسما رابعا للتوحيد؛ تحت مسمى: «توحيد الحاكمية»؛ يعد مبتدعا، فهذا تقسيم مبتدع صادر من جاهل، لا يفقه من أمر العقيدة والدين شيئا.([38])
* وذلك لأن الحاكمية تدخل في: «توحيد الربوبية» من جهة أن الله يحكم بما يشاء.
* وتدخل في: «توحيد الألوهية»؛ أن العبد عليه أن يتعبد الله تعالى بما حكم، فهو ليس خارجا عن أنواع التوحيد الثلاثة، وهي: «توحيد الربوبية»، و«توحيد الألوهية»، و«توحيد الأسماء والصفات»).([39]) اهـ
* وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله مفتي المملكة العربية السعودية: (التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وهو دعوة الرسل أممهم إلى إخلاص الدين لله، وإفراد الله بجميع أنواع العبادات: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25]، وإذا تأملت القرآن وجدت التوحيد هكذا، قال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله[ [لقمان: 25]، وقوله تعالى: ]قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله[ [سبأ: 24]، وقوله تعالى: ]قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون[ [يونس: 31]؛ أي: فتعبدونه وحده، وتخلصون له الدين.
* أما الحاكمية: فإن أريد بها تحكيم شريعة الله تعالى؛ فإن من لازم توحيد العبد لله تعالى، وإخلاص العبادة لله تعالى، أن يحكم شرع الله تعالى؛ فمن اعتقد أن الله واحد أحد، فرد صمد، وأنه المعبود بحق دونما سواه، وجب عليه أن يحكم شرعه، وأن يقبل دينه، وألا يرد شيئا من ذلك، فمن لازم الإيمان بالله تحكيم شريعته، وقبول أوامره بالامتثال، وقبول نواهيه بالترك، والبعد عنها، وأن يحكم شرع الله في كل قليل وكثير، إذا فالحاكمية متضمنها: «توحيد الألوهية»، ولا يجوز أن نجعلها قسما خاصا يخصها؛ لأنها مندرجة تحت: «توحيد العبادة»).([40]) اهـ
* وقد ردت هيئة كبار العلماء على ذلك بقولها:
(أنواع التوحيد ثلاثة: «توحيد الربوبية»، و«توحيد الألوهية»، و«توحيد الأسماء والصفات»، وليس هناك قسم رابع، والحكم بما أنزل الله يدخل في: «توحيد الألوهية»؛ لأنه من أنواع العبادة لله سبحانه، وكل أنواع العبادة داخلة في: «توحيد الألوهية»، وجعل الحاكمية نوعا مستقلا من أنواع التوحيد؛ عمل محدث، لم يقل به أحد من الأئمة فيما نعلم، لكن منهم من أجمل، وجعل التوحيد نوعين: «توحيد في المعرفة والإثبات»؛ وهو: «توحيد الربوبية»، و«توحيد الأسماء والصفات»، و«توحيد في الطلب والقصد»؛ وهو: «توحيد الألوهية»، ومنهم من فصل فجعل التوحيد ثلاثة أنواع كما سبق.
ويجب الاهتمام بتوحيد الألوهية بجميعه، ويبدأ بالنهي عن الشرك؛ لأنه أعظم الذنوب، ويحبط جميع الأعمال، وصاحبه مخلد في النار، والأنبياء جميعهم يبدؤون بالأمر بعبادة الله، والنهي عن الشرك، وقد أمرنا الله باتباع طريقهم، والسير على منهجهم في الدعوة، وغيرها من أمور الدين، والاهتمام بالتوحيد بأنواعه الثلاثة واجب في كل زمان؛ لأن الشرك، وتعطيل الأسماء والصفات لا يزالان موجودين، بل يكثر وقوعهما، ويشتد خطرهما في آخر الزمان، ويخفى أمرهما على كثير من المسلمين).([41]) اهـ
* وسئل الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني /: شيخنا بارك الله فيك؛ ذكر علماء السلف رحمة الله عليهم أن: التوحيد أنواع ثلاثة: «الألوهية»، و«الربوبية»، و«الأسماء والصفات»، فهل يصح أن نقول بأن هناك توحيدا رابعا: هو: «توحيد الحاكمية» أو «توحيد الحكم»؟.
فأجاب: (الحاكمية فرع من فروع: «توحيد الألوهية»، والذين يدندنون بهذه الكلمة المحدثة في العصر الحاضر يتخذون سلاحا ليس لتعليم المسلمين التوحيد الذي جاء به الأنبياء، والرسل كلهم، وإنما هو سلاح سياسي، وأنا من أجل هذا إن شئت أن أثبت لكم ما قلت آنفا مع أن هذا سؤال تكرر مني الجواب مرارا وتكرارا عنه، وإن شئت مضينا في ما نحن فيه.
أنا قلت: في مثل هذه المناسبة لما قلت آنفا إن استعمال كلمة «الحاكمية» هو من تمام الدعوة السياسية التي يختص بها بعض الأحزاب القائمة اليوم).([42]) اهـ
قلت: وقد يستغرب أتباع: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» من فكره التكفيري هذا، ومن تبديعه في ذلك، ولا غرابة في ذلك عند أهل العلم؛ إذا تدبرنا منهجه المخالف للكتاب، والسنة، وأنه داعية إلى الفكر: «القطبي الخارجي»، فهو معاند، ومكابر غير معذور، وحكمه حكم المبتدع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج24 ص172): (من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة؛ أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه؛ فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج23 ص342): (إن من كان مظهرا للفجور، أو البدع يجب الإنكار عليه، ونهيه عن ذلك.
وأقل مراتب الإنكار: هجره لينتهي عن فجوره وبدعته.
ولهذا فرق جمهور الأئمة بين الداعية([43])، وغير الداعية، فإن الداعية أظهر المنكر، فاستحق الإنكار عليه، بخلاف الساكت؛ فإنه بمنزلة من أسر بالذنب؛ فهذا لا ينكر عليه في الظاهر؛ فإن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص268): (فكذلك صاحب الهوى إذا دخل قلبه، وأشرب حبه، لا تعمل فيه الموعظة، ولا يقبل البرهان، ولا يكترث بمن خالفه).([44]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص51): (فقوله تعالى: ]فاستمتعتم بخلاقكم[ [التوبة: 69]؛ إشارة إلى اتباع الشهوات، وهو داء العصاة، وقوله تعالى: ]وخضتم كالذي خاضوا[ [التوبة: 69]؛ إشارة إلى اتباع الشبهات، وهو داء المبتدعة، وأهل الأهواء، والخصومات، وكثيرا ما يجتمعان). اهـ
قلت: فكل من لم يتبع العلم والحق: فهو صاحب هوى.
قال تعالى: ]ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [القصص: 50].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «الاستقامة» (ج2 ص224): (من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنسوبين إلى العلماء، والعباد؛ يجعل من أهل الأهواء، كما كان السلف يسمونهم أهل الأهواء، وذلك أن كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه، والعلم بالدين لا يكون إلا بهدى الله الذي بعث به رسوله r). اهـ
قلت: وخلافه إنما هو الأهواء.
قلت: فكل من أعرض عن دين الله تعالى، أو زاد فيه، أو نقص، أو بدل: فهو صاحب هوى مبتدع، وليس هناك قسم ثالث.([45])
قال تعالى: ]فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون[ [يونس: 32].
قال الإمام القرطبي / في «جامع أحكام القرآن» (ج8 ص335): (ذا: صلة؛ أي: ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال ... قال علماؤنا: حكمت هذه الآية؛ بأنه ليس بين الحق، والباطل: منزلة ثالثة ... والضلال: حقيقته الذهاب عن الحق). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص288): (وذلك نسبة إلى الجهل الذي هو عدم العلم، أو عدم اتباع العلم.
فإن من لم يعلم الحق، فهو جاهل جهلا بسيطا، فإن اعتقد خلافه: فهو جاهل جهلا مركبا.
فإن قال خلاف الحق عالما بالحق، أو غير عالم: فهو جاهل أيضا كما قال تعالى: ]وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما[ [الفرقان: 63]، وكذلك من عمل بخلاف الحق: فهو جاهل، وإن علم أنه مخالف للحق). اهـ
* وقد بين السلف التوبة النصوح، التي يقبلها الله تعالى من التائب.
فعن عمر بن الخطاب t قال: في قوله تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا[ [التحريم: 8]، قال: (هو الرجل يعمل الذنب ثم يتوب، ولا يريد أن يعمل به ولا يعود). وفي رواية: (التوبة النصوح أن يتوب العبد من العمل السيئ، ثم لا يعود إليه أبدا).
أثر حسن
أخرجه يحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج5 ص7 و8)، وابن منيع في «المسند» (5869-إتحاف الخيرة)، وهناد في «الزهد» (901)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص303)، وسعيد بن منصور في «السنن» (2259)، وأبو داود في «الزهد» (61)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج13 ص279)، وهشام بن عمار في «حديثه» (80)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص495)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (6634)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج4 ص99)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج4 ص290)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1948)، و(1949)، والطبري في «جامع البيان» (ج28 ص167) من طريق سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن سلمة، وإسرائيل بن يونس، والحسين بن واقد، وأبي عوانة الوضاح بن عبد الله، وأبي الأحوص؛ كلهم: عن سماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذا سنده حسن، من أجل سماك بن حرب؛ فإنه صدوق، وقد تغير في آخر عمره([46])، وما كان من رواية من سمع منه قديما([47])، فهي مقبولة؛ مثل: رواية شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وقد رويا عنه هذا الأثر.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.
وقال ابن حجر في «المطالب العالية» (ج3 ص390): «إسناده صحيح موقوف».
وأورده البيهقي في «الآداب» (1188)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج14 ص593).
وعن ابن مسعود t قال: في قوله تعالى: ]توبة نصوحا[ [التحريم: 8]؛ قال: (التوبة النصوح: أن يتوب العبد من الذنب، ثم لا يعود إليه أبدا).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج13 ص300)، والطبري في «جامع البيان» (ج28 ص167)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (6635)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص665) من طريق إسرائيل، وسفيان، والأعمش؛ كلهم: عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن ابن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده البيهقي في «الآداب» (1189).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج14 ص594).
وعن مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]توبة نصوحا[ [التحريم: 8]؛ قال: (هو أن يتوب ثم لا يعود).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج13 ص568)، والطبري في «جامع البيان» (ج28 ص168)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص665) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج14 ص594).
قلت: فأين توبتك المزعومة؛ فإن إصرارك على الضلالة، فهذا من الغش للأمة؛ فالتوبة أن تتوب من الذنب ثم لا تعود إليه أبدا، ولم تشبها بغش.([48])
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص168): (فالنصح: في التوبة، والعبادة، والمشورة: تخليصها من كل غش، ونقص، وفساد، وإيقاعها على أكمل الوجوه، والنصح: ضد الغش). اهـ
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج4 ص378): (قوله تعالى: ]توبة نصوحا[ [التحريم: 8]؛ يعني: صادقا في توبته). اهـ
قلت: لذلك ران على قلبه الضلال، فلا يخرج منه: ]ظلمات بعضها فوق بعض[ [النور: 40].
قال الرازي اللغوي / في «مختار الصحاح» (ص112): (الرين: الطبع والدنس، يقال: ران ذنبه على قلبه من باب باع، وريونا أيضا؛ أي: غلب). اهـ
قال تعالى: ]كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون[ [المطففين: 14].
وعن حذيفة بن اليمان t قال: (إن الرجل ليذنب فينقط على قلبه نقطة سوداء، ثم يذنب: فينقط على قلبه نقطة سوداء، حتى تصير كالشامة). وفي رواية: (حتى تصير كالشاة الربداء). يعني: السوداء.
أثر صحيح
أخرجه أبو داود في «الزهد» (276)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (6810)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص273) من طريق أبي خالد الأحمر، ومحمد بن عبيد؛ كلاهما: عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة، عن طارق بن شهاب، قال: قال حذيفة بن اليمان t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فإذا تتابعت الذنوب على البدع، أو المعاصي، نكت في قلب العبد: نكتة، نكتة؛ حتى يسود قلبه، والعياذ بالله.
وعن عطاء الخراساني / قال: في قوله تعالى: ]كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون[ [المطففين: 14]؛ قال: (طبع على قلوبهم).([49])
أثر لا بأس به
أخرجه أبو جعفر محمد بن أحمد الرملي في «تفسير القرآن» (ص100) من طريق رشدين بن سعد، عن يونس بن يزيد عن عطاء الخراساني به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به، وله متابع.
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج4 ص123): (قوله تعالى: ]كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون[ [المطففين: 14]؛ يقول: طبعنا على قلوبهم، فهم لا يبصرون إلى مساوئهم؛ فيقلعون عنها). اهـ
وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون[ [المطففين: 14]؛ قال: (أثبتت: الخطايا على القلب حتى غمرته، وهو الران).([50]) وفي رواية: (نبتت الخطايا على القلب حتى غمرته).([51])
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6813)، والديباجي في «الفوائد» (ج8 ص696-الفتح)، والطبري في «جامع البيان» (ج24 ص202)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص711)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص363) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا بصيغة الجزم (ج8 ص695)؛ قال: قال مجاهد: ]بل ران[ [المطففين: 14]: (ثبت الخطايا).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج15 ص299).
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6814)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (2421)، والطبري في «جامع البيان» (ج24 ص202)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1124)، والحسين المروزي في «زوائده على الزهد» (1071)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص282)، وابن الجوزي في «ذم الهوى» (100)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص363) من طريق عيسى بن يونس، ووكيع، ويحيى بن عيسى الرملي، وعمار بن سيف؛ كلهم: عن الأعمش قال: سمعت مجاهدا قال: في قوله تعالى: ]كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون[ [المطففين: 14]؛ قال: (كانوا يرون أن الرين هو الطبع).
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج8 ص696)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج15 ص299 و300).
قلت: فلما كثرت المعاصي، والضلالات، فأحاطت بقلوبهم، فذلك الرين عليها، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم[ [البقرة: 7].
وقال تعالى: ]أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون[ [النحل: 108].
قلت: فطبع الله تعالى على قلوبهم؛ فلا يعقلون شيئا في النصح، والوعظ، والتبيين في الدين، اللهم سلم سلم.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
جوهرة نادرة
الذي لا يرخص في الأحكام لما رخص له الله تعالى، ورسوله r؛ عنادا، واستكبارا، فهذا يعتبر ملحدا في الدين؛ لأن هذا من الغلو في الإسلام
عن عائشة ڤ قالت: (صنع النبي r شيئا ترخص فيه، وتنزه عنه قوم([52])، فبلغ ذلك النبي r، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (6101)، و(7301)، ومسلم في «صحيحه» (2356) من طريق جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ڤ به.
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج15 ص297): (ما بال أقوام يتنزهون؛ أي: يتباعدون، ويحترزون عن الشيء أصنعه). اهـ
قلت: وهؤلاء الذين يتباعدون، ويحترزون عن اتخاذ الرخص في الدين، يرون أنفسهم أتقى من النبي r، لأنهم تنزهوا عما رخص فيه النبي r، والواجب عليهم الاقتداء به عليه الصلاة والسلام.([53])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص279): (والمراد منه هنا: أن الخير في الاتباع؛ سواء كان ذلك في العزيمة، أو الرخصة، وأن استعمال الرخصة بقصد الاتباع في المحل الذي وردت أولى من استعمال العزيمة؛ بل ربما كان استعمال العزيمة حينئذ مرجوحا؛ كما في إتمام الصلاة في السفر، وربما كان مذموما إذا كان رغبة عن السنة، كترك المسح على الخفين، والفطر في السفر.
ونقل ابن التين: عن الداودي أن التنزه عما ترخص فيه النبي r من أعظم الذنوب؛ لأنه يرى نفسه أتقى لله تعالى من رسوله r، وهذا إلحاد، قلت؛ يعني: ابن حجر؛ لا شك في إلحاد من اعتقد ذلك).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص513): (قوله r: «فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية»؛ جمع بين القوة العلمية، والقوة العملية؛ أي: أنهم توهموا أن رغبتهم عما أفعل أقرب لهم عند الله تعالى، وليس كذلك إذ هو أعلمهم بالقربة، وأولاهم بالعمل بها).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص514): (وفي الحديث: الحث على الاقتداء بالنبي r، وذم التعمق، والتنزه عن المباح).اهـ
والتعمق: هو التشديد في الأمر حتى يتجاوز الحد فيه.
والغلو: هو المبالغة في الشيء، والتشديد فيه بتجاوز الحد. ([54])
قال تعالى: ]ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق[ [النساء: 171].
قال تعالى: ]قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق[ [المائدة: 77].
قلت: والغلو فوق التعمق؛ فإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
وما توفيقي إلا بالله
وبه أستعين
درة نادرة
1) عن عمر بن الخطاب t، قال: (من عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن ... ولا تستشر إلا الذين يخافون الله، ولا تصحب الفاجر فتعلم من فجوره).
أثر صحيح
أخرجه أبو داود في «الزهد» (ص98 و99)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج44 ص359)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص552 و645)، والخرائطي في «اعتلال القلوب» (368)، وفي «مكارم الأخلاق» (477)، و(743)، وابن قدامة في «المتاحبين في الله» (150)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (747)، وابن حبان في «روضة العقلاء» (ص89)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج10 ص559)، وأبو الفتوح الهمذاني في «الأربعين» (ص151)، وأبو الحسن القطان في «الطوالات» (ج1 ص217-التدوين)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (ج1 ص304)، والمخلص في «المخلصيات» (ج1 ص83)، والسخاوي في «البلدانيات» (ص251)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج1 ص631)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ج2 ص160) من عدة طرق عن عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
2) وعن عمر بن الخطاب t، قال: (لا تنظروا إلى صيام أحد ولا صلاته، ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدث، وأمانته إذا ائتمن، وورعه إذا أشفى). وفي رواية: (فإن الرجل كل الرجل من أدى الأمانة إلى من ائتمنه، ومن سلم المسلمون من لسانه ويده).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (269)، والبيهقي في «الزهد الكبير» (867)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص27)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص638)، وابن نقطة في «التقييد» (ج1 ص146)، ويونس بن عبيد في «المنتخب من حديثه» (92) من طريقين عن عمر بن الخطاب به.
قلت: وهذا سنده حسن.
3) وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (لا يؤخذ العلم عن أربعة: سفيه معلن السفه، وصاحب هوى يدعو الناس إليه، ورجل معروف بالكذب في أحاديث الناس وإن كان لا يكذب على رسول الله r ورجل له فضل وصلاح لا يعرف ما يحدث به).
أثر صحيح
أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص79 و80)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص684)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (133)، وابن المقرئ في «المعجم» (1102)، والخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (ج1 ص356 و482)، وفي «الجامع لأخلاق الراوي» (171)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (418)، والقاضي عياض في «الإلماع» (ص60)، والمروذي في «العلل ومعرفة الرجال» (328)، والعقيلي في «الضعفاء» (13)، و(14)، والدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (1891)، و(3053)، وابن شاهين في «الضعفاء» (ص41)، والحاكم في «المدخل إلى علم الإكليل» (28)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج1 ص103)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص66)، وفي «جامع بيان العلم» (ص348)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص250)، وابن ناصر الدين في «إتحاف السالك» (ص128 و129) من طرق عن إبراهيم بن المنذر قال: حدثني معن بن عيسى قال: قال مالك بن أنس به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
4) وعن يحيى بن معاذ الرازي / قال: (من خان الله في السر، هتك سره في العلانية).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6903)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج4 ص94) من طريق عبد الله بن سهل الرازي، وأبي بكر محمد الرازي؛ كلاهما: عن يحيى بن معاذ الرازي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
5) وعن يحيى بن معاذ الرازي / قال: (ما جفت الدموع إلا لقساوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب، وما كثرت الذنوب إلا من كثرة العيوب).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6828) من طريق علي بن عبد الله الوراق، حدثنا أبو بكر السمساطي، سمعت يحيى بن معاذ به.
قلت: وهذا سنده حسن.
6) وعن أبي الحسين المزين / قال: (الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب).
أثر حسن
أخرجه أبو عبد الرحمن السلمي في «طبقات الصوفية» (ص382)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (6829) من طريق أبي بكر الرازي قال: سمعت أبا الحسين المزين به.
قلت: وهذا سنده حسن.
7) وعن سهل بن عبد الله التستري / قال: (الجاهل ميت، والناسي نائم، والعاصي سكران، والمصر هالك).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (6830)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج10 ص190) من طريق محمد بن الحسين الأصبهاني، وأبي بكر الجوربي؛ كلاهما: عن سهل بن عبد الله التستري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
والله ولي التوفيق
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
مصايد، ومكايد
الحزبية المبتدعة للجهال من الناس
في البلدان
عن الإمام مقاتل بن حيان / قال: (أهل هذه الأهواء آفة أمة محمد r، إنهم يذكرون النبي r، وأهل بيته، فيتصيدون بهذا الذكر الحسن الجهال من الناس([55])، فيقذفون بهم في المهالك، فما أشبههم بمن يسقي الصبر باسم العسل، ومن يسقي السم القاتل باسم الترياق، فأبصرهم؛ فإنك إن لا تكن أصبحت في بحر الماء؛ فقد أصبحت في بحر الأهواء الذي هو أعمق غورا، وأشد اضطرابا، وأكثر صواعق، وأبعد مذهبا من البحر وما فيه، فتلك مطيتك التي تقطع بها سفر الضلال: اتباع السنة).([56])
ﭑ ﭑ ﭑ
إضاءة
قال تعالى:
]مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون[ [البقرة: 17].
تصريح قطبي
بوجود الجماعة القطبية الحزبية
وشهد شاهد من أهلها
قال صلاح الصاوي([57]) القطبي: (أما القطبيون([58])... فقد قام منهجهم ابتداء على بلورة قضية التشريع، وبيان صلتها بأصل الدين، وبيان أن الخلل الذي يغشى أنظمة الحكم في مجتمعاتنا المعاصرة ناقض لعقد الإسلام، وهادم لأصل التوحيد..
ومعلوم أن الكتب التي تمثل هذا الاتجاه، وتعبر عن منهجه هي كتب الأستاذ: «سيد بن قطب» / في مجال الدعوة، والمخاطبة العامة، وكتاب: «حد الإسلام» للأستاذ: «عبدالمجيد الشاذلي» في مجال التأصيل والتنظير).اهـ ([59])
ﭑ ﭑ ﭑ
أين أنت
عن دعاة الفتن، وما نشروا من الفتن في بلدان المسلمين
لم ترد عليهم، ولم تحذر منهم
لم نر للمدعو: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»؛ أي: رد على: «سيد بن قطب» التكفيري، ولا على «الإخوان»؛ مثل: «سلمان العودة»، و«محمد العريفي»، و«عائض القرني»، وغيرهم؛ رغم خطرهم على الإسلام والمسلمين، ولم يحذر منهم على فساد اعتقادهم، وتدميرهم للبلدان، وبزعمه يحذر من مسألة فقهية! ترخص الناس فيها من عذر الخوف من الأمراض المعدية، وهذا ثابت في الشريعة المطهرة، وهذا يدل على تستره إلى الآن في الفكر الخارجي القطبي.
قال تعالى: ﴿wur (#þqãèÎ6®Ks? uä!#uq÷dr& 7Qöqs% ôs% (#q=|Ê `ÏB ã@ö6s% (#q=|Êr&ur #ZÏV2﴾ سورة المائدة آية (77).
ﭑ ﭑ ﭑ
قصف
قال تعالى:
]والفتنة أكبر من القتل[ [البقرة: 217].
التأصيل
قال تعالى: ]أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا[ [النساء: 63].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
ذكر الدليل على تأصيل قاعدة: «العبرة
بعموم اللفظ لا بخصوص السبب»
اعلم رحمك الله أنه إذا صح للآية سبب نزول، وجاءت ألفاظها أعم من سبب نزولها، فيصح الابتداء به، ويكون تاما مفيدا للعموم. ([60])
فتحمل الآية على عموم ألفاظها، شاملة لأفراد السبب، ولأفراد غيره مما شابهه.([61])
فالقول الحق هو قول من حملها على عموم ألفاظها، ولم يقصرها على سبب نزولها، بل تتعداه إلى غيره مما ينطبق عليه لفظ الآية.
وإليك الدليل:
(1) فعن ابن مسعود t: (أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى النبي r يسأله عن كفارتها، فأنزل الله تعالى: ]وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات[ [هود: 114]، فقال الرجل: يا رسول الله، ألي هذا؟ قال r: لجميع أمتي كلهم).([62])
قلت: فبين النبي r للأمة أن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
فهذا الرجل الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عامة اللفظ، فقال للنبي r ألي هذه؟، فبين له النبي r: «أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب».
قال العلامة الشيخ محمد الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج3 ص250): (فهذا الذي أصاب القبلة من المرأة نزلت في خصوصه آية عامة اللفظ، فقال للنبي r: ألي هذه؟، ومعنى ذلك: هل النص خاص بي لأني سبب وروده، أو هو على عموم لفظه، وقول النبي r: «لجميع أمتي» معناه: أن العبرة بعموم لفظ: «إن الحسنات يذهبن السيئات» ، لا بخصوص السبب). اهـ
(2) وقال تعالى: ]يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل[ [البقرة: 215].
قلت: فجاء الجواب على خلاف السؤال الذي كان سببا في النزول لبيان المهم؛ لأن الاعتبار للفظ في كلام الشارع، واللفظ يقتضي العموم بإطلاقه فيجب إجراؤه على عمومه إذا لم يمنع عنه مانع، والسبب لا يصلح مانعا، لأنه لا ينافي عمومه. ([63])
قلت: وأجمع الصحابة y على: «أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب». ([64])
(3) وقال تعالى: ]ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه[ [البقرة:114].
قلت: وظاهر الآية العموم في كل مانع، وفي كل مسجد، وفي كل زمان.
قال المفسر أبو حيان / في «البحر المحيط» (ج1 ص571): (قوله تعالى: ]ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه[ [البقرة:114]، وظاهر الآية العموم في كل مانع وفي كل مسجد، والعموم وإن كان سبب نزوله خاصا، فالعبرة به لا بخصوص السبب). اهـ
قلت: فالأخذ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عليه إجماع السلف، وجماهير العلماء. ([65])
(4) وعن سلمة بن صخر الأنصاري t؛ أنه وقع على امرأته بعد أن ظاهر منها، فأتى النبي r فأخبره الخبر، فقال له النبي r: (حرر رقبة... فصم شهرين متتابعين... فأطعم وسقا من تمر ستين مسكينا) ([66]) الحديث.
قلت: أفتى النبي r بمضمون هذه القاعدة في قصة سلمة بن صخر الأنصاري t حين ظاهر من امرأته، حيث أجرى عليه عموم لفظ آيات الظهار دون أن يذكر قياسا، أو دليلا آخر من العتق، أو الصيام، أو الإطعام.
ولذلك لم يجعل الله تعالى الأحكام معلقة بالأسباب، بل يذكرها تعالى للعموم، ولا يقصرها على الأسباب ؛ لبيان المهم في ذلك. ([67])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على القواعد الحسان» (ص18)؛ عن آية الظهار (لكن الحكم يشملها، إما بالعموم اللفظي، وهو الصحيح، وإما بالعموم المعنوي، وهو القياس لعدم الفارق). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «أصول في التفسير» (ص84): (إذا نزلت الآية لسبب خاص، ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها، ولكل ما يتناوله لفظها ؛ لأن القران نزل تشريعا عاما لجميع الأمة، فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه). اهـ
قلت: واحتج السلف في جميع الأعصار، والأمصار في وقائع مختلفة بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة.
وهذا أمر شائع ذائع بينهم، ولم يعرف عنهم مخالف من السلف، ولم يعرف عنهم أنهم لجأوا إلى قياس، أو استدلال بغير ألفاظ الآيات، فدل ذلك على: «أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب». ([68])
(5) فعن عبد الله بن معقل بن مقرن قال: (جلست إلى كعب بن عجرة t، فسألته عن: «الفدية»، فقال t: نزلت في خاصة، وهي لكم عامة).([69])
(6) وعن ابن عباس t قال: في قوله تعالى: ]ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين[ [البقرة: 8]. يعني: المنافقين من الأوس والخزرج، ومن كان على أمرهم). ([70])يعني: من كان على أشكالهم في الانحراف.
(7) وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين[ [البقرة: 8]. قال: هؤلاء المنافقون). ([71])
قلت: يدخل في هذه الآية كل منافق في كل زمان، ومن كان على شاكلتهم من المبتدعة.
(8) وعن محمد بن كعب القرظي / قال: (إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون بعده عامة). ([72])
قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج14 ص165)؛ وهو يقرر هذه القاعدة: (وأن الآية كانت قد تنزل لسبب من الأسباب، ويكون الحكم بها عاما في كل ما كان بمعنى السبب الذي نزلت فيه). اهـ
قلت: فالآية وإن كانت تنزل لشخص، فمعناها يتناول كل من فعل فعله من خير أو شر، أو من أمر أو نهي. ([73])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص339)؛ في معرض تقريره لهذه القاعدة: (فالآية التي لها سبب معين إن كانت أمرا ونهيا؛ فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبرا بمدح، أو ذم، فهي متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته أيضا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص346): (وقصر عمومات القرآن على أسباب نزولها باطل، فإن عامة الآيات نزلت بأسباب اقتضت ذلك، وقد علم أن شيئا منها لم يقصر على سببه). اهـ
قلت: فتبين من هذه القاعدة أن أحكام القرآن أغلبها كلية، بمعنى: أنها لا تختص بشخص دون آخر، ولا بحال دون حال، ولا زمان دون آخر.
وقد نص العلماء على هذه القاعدة بعد استقرائهم للقرآن الكريم.
قلت: فالقرآن أثره كلي على عموم الناس، أي: أن كل عام في القرآن ورد لسبب خاص من معالجة لحادثة ما، أو إجابة على سؤال خاص، يتنزل على عموم الأمة ؛ إذ القرآن الكريم نزل لكل البشر، لا لأناس دون آخرين.
فالعبرة في استنباط الأحكام من النصوص الشرعية بما دل عليه اللفظ من العموم، وعدم اختصاص الحكم بسببه.
قلت: فالأصل في نصوص الشرع أنها لكل المكلفين؛ وذلك إذا ورد لفظ العموم على سبب، فإنه يعم سائر البشر إن لم يدل الدليل على خصوصه. ([74])
والراغب الأصفهاني يطبق في «تفسيره» قاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. ([75])
قال المفسر الراغب الأصفهاني / في «تفسير القرآن» (ج1 ص481)؛ في قوله تعالى: ]ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب[ [آل عمران: 23]؛ والآية تتناول اليهود والنصارى، وإن كانت واردة في اليهود). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
قصم
قال تعالى: ]أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين[ [البقرة: 16].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
في
بيان حال الفرقة التراثية([76]) مع الإسلام والمسلمين في البلدان الإسلامية
وأنها أسست التحزب المقيت في أتباعها الهمج
قال الإمام ابن حزم / في «الفصل» (ج4 ص227): (واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين). اهـ
قلت: وهذه الفرقة: هي التي نصبت لها: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» رئيسا في الدعوة، واجتمعت على: «فكره القطبي» ونشره، والدعوة على طريقته، وإلى الآن، وهذه الفرقة: تعادي على فكره، وتوالي بسبب جهلهم، وفرحهم بما عندهم من المال والعلم، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص164): (وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها: غير النبي r ولا ينصب لهم كلاما يوالي عليه ويعادي: غير كلام الله تعالى، ورسوله r، وما اجتمعت عليه الأمة، بل هذا من فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصا أو كلاما يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام، أو تلك النسبة ويعادون). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى الكبرى» (ج2 ص239): (وأما من بلغ به الحال إلى الاختلاف والتفرق حتى يوالي ويعادي ويقاتل على مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى، كما يفعله بعض أهل المشرق، فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعا). اهـ
قلت: وهذا هو المنهج السائد في الجماعات الحزبية كلها في هذا الزمان، وهذا من الضلال المبين، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون[ [يونس: 32].([77])
وقال تعالى: ]وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون (52) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون (53) فذرهم في غمرتهم حتى حين (54) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون[ [المؤمنون: 52 - 56].
وقال تعالى: ]أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون[ [المجادلة: 19].
قلت: فمن نصب شخصا كائنا من كان؛ فوالى، وعادى على موافقته: في القول، والفعل؛ فهو من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا.
ﭑ ﭑ ﭑ
عصف
قال تعالى:
]وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون[ [البقرة: 13].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المدعو: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»
هذا من أهل الأهواء والبدع؛ فإنه لا يكتب له إلا ما وافق هواه، أما الذي يخالف هواه فلا يكتبه، وإن ثبت في الكتاب والسنة والأثر، ومراده فيما يكتب إيقاع
الفتنة بين الأمة في البلدان، بأي طريقة ماكرة فاحذروه؛ فإنه شيطان
1) قال تعالى؛ عن المنافقين: ]لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم (47) ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (48) وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون (49) وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين (50) أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون (51) إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون[ [النور: 46-51].
قال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج5 ص434): (قوله تعالى: ]وإن يكن لهم الحق يأتوا[؛ أي: إلى حكم الشرع، ]مذعنين[؛ وليس ذلك لأجل أنه حكم شرعي، وإنما ذلك، لأجل موافقة أهوائهم.([78])
* فليسوا ممدوحين في هذه الحال، ولو أتوا إليه مذعنين، لأن العبد حقيقة، من يتبع الحق، فيما يحب ويكره، وفيما يسره ويحزنه.
وأما الذي يتبع الشرع، عند موافقة هواه، وينبذه عند مخالفته، ويقدم الهوى على الشرع، فليس بعبد لله على الحقيقة.
* قال الله تعالى: في لومهم على الإعراض عن الحكم الشرعي: ]أفي قلوبهم مرض[؛ أي: علة، أخرجت القلب عن صحته، وأزالت حاسته، فصار بمنزلة المريض، الذي يعرض عما ينفعه، ويقبل على ما يضره.
* وقوله تعالى: ]أم ارتابوا[؛ أي: شكوا، أو قلقت قلوبهم من حكم الله تعالى، ورسوله r، واتهموه أنه لا يحكم بالحق.
* وقوله تعالى: ]أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله[؛ أي: يحكم عليهم حكما ظالما جائرا، وإنما هذا وصفهم، ]بل أولئك هم الظالمون[. [النور: 49-50].اهـ
وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم).
أثر حسن
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص270)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص19)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص77)، وابن الجوزي في «التحقيق» (ج1 ص23).
وإسناده حسن.
2) وقال تعالى: ]لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون[ [التوبة: 48].
قلت: فظهر أمر الله تعالى، وحكم العلماء بأمره تعالى في اتخاذ الرخص في الصلاة في البيوت للعذر الشرعي من الوباء المعدي، وهم: كارهون هذا الحكم، حتى وصل بهم الأمر إلى تقليب الأدلة، وتحريفها، نعوذ بالله من الخذلان.
قال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج3 ص244): (قوله تعالى: ]لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور[ [التوبة: 48]؛ أي: أداروا الأفكار، وأعملوا الحيل في إبطال دعوتكم، وخذلان دينكم، ولم يقصروا في ذلك). اهـ
3) وقال تعالى: ]لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين[ [التوبة: 47].
قال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج3 ص243): (قوله تعالى: ]ولأوضعوا خلالكم[ [التوبة: 47]؛ أي: ولسعوا في الفتنة، والشر بينكم، وفرقوا جماعتكم المجتمعين.
وقوله تعالى: ]يبغونكم الفتنة[ [التوبة: 47]، أي: هم حريصون على فتنتكم؛ وإلقاء العداوة بينكم.
وقوله تعالى: ]وفيكم[، أناس ضعفاء العقول، ]سماعون لهم[([79]) [التوبة: 47]، أي: مستجيبون لدعوتهم، يغترون بهم). اهـ
وقال تعالى: ]ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون[ [الأنفال: 8].
وقال تعالى: ]ولا تقولوا على الله إلا الحق[ [النساء: 171].
قلت: وهؤلاء ليسوا من الأمة، لتربصهم بالأمة ليلا ونهارا.([80])
قال تعالى: ]ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون (56) لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون (57) ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون[ [التوبة: 56-58].
المقدمة
قال تعالى: ]يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا (108) هاأنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا[ [النساء: 108، 109].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن: «سيد بن قطب» ألغى صلاة: «الجماعة»، وصلاة: «الجمعة» مطلقا في المساجد كلها، وعطل العبادات فيها، وأطلق على المساجد أنها معابد جاهلية، وكفر الأمة الإسلامية في جميع البلدان، وألغى الدين كله، ومع ذلك لم ينتقده: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» بشيء طول حياته، ثم يدعي أن البلدان الإسلامية في هذا الزمان منعوا: «الجماعة» و«الجمعة» في المساجد، وهم أخذوا بالرخصة الشرعية في ذلك، لكن أين أنت عن تعطيل: «سيد بن قطب» لدين الله تعالى بأكمله، فلم يتكلم عليه، وهذا هو الخذلان: (إن هذا لشيء عجاب) [ص: 5]
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([81])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([82])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([83])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([84])
* الفرقة القطبية: حزب ينتمون إلى: «سيد بن قطب التكفيري»، ومنهجه التكفيري، وهو أحد شيوخهم، ومصنفي كتبهم، وهذه الفرقة أيضا انشقت من: (الإخوان المسلمين) (البنائية) انفرد هو وحزبه بتكفير: «الحكام، والمجتمعات المسلمة»، والخروج عليهم بالكلمة أو بالسلاح، والثورة على المجتمعات، ويعتبرون ذلك من الجهاد في سبيل الله ([85])!!!.([86])
* قال جعفر إدريس تحت عنوان: (قضية المنهج عند «سيد بن قطب» في كتاب (معالم في الطريق): (إن الكاتب – يعني: «سيد بن قطب» – يدعو إلى حركة جديدة يسمي الذين يبدؤونها بالطليعة.
مع أنه كان حين كتب هذا الكتاب – يعني: «معالم في الطريق» – منتميا فعلا إلى: «جماعة الإخوان المسلمين»، وكان معه بالسجن آلاف من أعضاء هذه الجماعة التي كان رئيسا لتحرير جريدتها، والتي طالما تحدث عن أهميتها وفضائلها ومنجزاتها.
يذكر الكاتب في كلماته الأخيرة التي تنشرها: «جريدة المسلمون اللندنية» أنه عمل لتكوين جماعة تكون امتدادا: «لجماعة الإخوان المسلمين» التي حلها (عبدالناصر) وسجن أعضاءها).([87]) اهـ
* وجماعته درسوا كتبه، وتابعوه في كل ما قاله، واعتقده؛ بل وعظموه كل التعظيم مما جعلهم يتخذون كل ما قاله في كتبه منهجا حقا وصوابا، وإن خالف الأدلة من الكتاب والسنة، وباين منهج السلف الصالح.
* ومن اعتقاد: «سيد بن قطب» تكفيره للأمة الإسلامية:
õقال سيد بن قطب التكفيري في «ظلال القرآن» (ج2 ص1057): (لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية: «بلا إله إلا الله»، فقد ارتدت البشرية([88]) إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن: «لا إله إلا الله»، وإن ظل فريق منها يرددون على المآذن: «لا إله إلا الله» دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعي هذا المدلول، وهو يرددها، ودون أن يرفض: «شرعية الحاكمية» التي يدعيها العباد لأنفسهم... إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن: «لا إله إلا الله»، فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية، ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء.... البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض، ومغاربها كلمات: «لا إله إلا الله»؛ بلا مدلول، ولا واقع وهؤلاء أثقل إثما، وأشد عذابا يوم القيامة؛ لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد). اهـ
õ وقال سيد بن قطب الثوري أيضا في «ظلال القرآن» (ج4 ص2122): (أنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة([89])، ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه شريعة الله، والفقه الإسلامي). اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص91): (وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة!.
وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار؛ لأنها تعتقد بألوهية أحد غير الله... وإذا تعين هذا فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبادة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها، وشرعيتها في اعتباره).اهـ
قلت: وهذا في غاية الصراحة، والوضوح في تكفير: «سيد بن قطب» للمجتمعات الإسلامية!!!.([90])
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «ظلال القرآن» (ج3 ص1816): (وتلك هي التعبئة الروحية إلى جواز التعبئة النظامية، وهما معا ضروريتان للأفراد والجماعات، وبخاصة قبيل المعارك والمشقات... وقد عمت الفتنة، وتجبر الطاغوت، وفسد الناس، وأنتنت البيئة، وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة، وهنا يرشدنا الله إلى أمور:
1) اعتزال الجاهلية نتنها، وفسادها، وشرها ما أمكن في ذلك، وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها.
2) اعتزال معابد الجاهلية([91])، واتخاذ: «بيوت العصبة المسلمة مساجد» تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي([92])، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح....). اهـ
قلت: فاعتبار: «سيد بن قطب» مساجد المسلمين معابد جاهلية انطلاقا من تكفير مجتمعاتهم، واعتبارها جاهلية، فأي تكفير بعد هذا.
* ولذلك يترك «سيد بن قطب»: «صلاة الجمعة»، ويرى فقهيا بأن: «صلاة الجمعة» تسقط؛ لأنه لا جمعة إلا بخلافة.
* وذكر ذلك علي العشماوي – وهو آخر قادة الإخوان المسلمين – في كتابه «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112) حيث قال بعد مناقشة طويلة مع: «سيد بن قطب»: (... وجاء وقت صلاة الجمعة، فقلت له: دعنا نقم ونصلي، وكانت المفاجأة أن علمت – ولأول مرة – أنه – يعني: سيد بن قطب- لا يصلي الجمعة، وقال: إنه يرى فقهيا – أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة، وإنه لا جمعة إلا بخلافة...!!!). اهـ
قلت: فهل رأيت أخي الكريم انتكاس الرجل في المفاهيم أكبر من ذلك.
وبالجملة «فسيد بن قطب» سلك مسلكا في تكفير الناس لا يقره عليه عالم مسلم يرسل الكلام على عواهنه في باب: «الحاكمية»، ويكفر عامة الناس بدون ذنب، وبدون إقامة حجة على من لم يصل إليه الإسلام، وبدون التفات إلى تفصيلات العلماء في هذا الباب.
قلت: لذا ترى (خوارج العصر) يرحبون بفكره التكفيري الخارجي، ويفرحون ويعتزون به، ويستشهدون بأقواله، وتفسيراته في كتبهم، واشرطتهم، ومجلاتهم وجرائدهم، نعوذ بالله من الخذلان.
وهذا المذهب مذهب الخوارج قديما، وحديثا؛ اللهم سلم سلم.
õ وقال سيد بن قطب الثوري في «ظلال القرآن» (ج2 ص1005) : (كان -العرب- يعرفون من لغتهم معنى (إله)، ومعنى: «لا إله إلا الله»، كانوا يعرفون أن الألوهية تعني: «الحاكمية([93]) العليا»... كانوا يعلمون أن: «لا إله إلا الله» ثورة على السلطان الأرضي الذي يغتصب أولى خصائص الألوهية، وثورة على الأوضاع التي تقوم على قاعدة هذا الاغتصاب، وخروج على السلطان التي تحكم بشريعة من عندها لم يأذن بها الله). اهـ
قلت: فتأمل قوله (الثورة) و(الخروج)، على طريقة مذهب الخوارج.([94])
* وقد شهد شاهد عليهم من أنفسهم.
õ قال القرضاوي – وهو من قادة الإخوانية – في «أولويات الحركة الإسلامية» (ص110): (في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد «سيد بن قطب»، التي تمثل المرحلة الأخرية من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع... وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة). اهـ
õ وقال فريد عبدالخالق – أحد مرشدي الإخوان المسلمين – في «الإخوان المسلمين في ميزان الحق» (ص115): (ألمعنا فيما سبق إلى أن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات، وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد: «سيد بن قطب» وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا حاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك). اهـ
õ وقال سيد بن قطب الثوري في كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية» (ص64)؛ وهو يزعم بأن الحكومات الإسلامية مزورة كاذبة: (وبعض هذه الشبهات ناشئ من التباس صورة حكم الإسلام ببعض أنواع الحكومات التي تسمي نفسها حكومات إسلامية، وتمثيل هذه الحكومات لحكم الإسلام؛ كتمثيل ما يسمونهم رجال الدين لفكرة الإسلام؛ كلاهما: تمثيل مزور كاذب مشوه، بل تمثيل النقيض للنقيض، ولكن الجهل بحقيقة فكرة الإسلام عن الحكم حتى بين المثقفين لا يدع صورة للحكم الإسلامي أخرى غير هذه الصورة المزورة الشائهة الكريهة). اهـ
قلت: وهذا طعن في حكومات إسلامية؛ منها: الحكومة الإسلامية في بلد الحرمين في الجزيرة العربية.
قلت: وما جرته دعوة: «سيد بن قطب» الثورية على الإسلام والمسلمين إلا بوارا ودمارا، والعياذ بالله.
قلت: ويقصد بذلك قتال الحكام لأنهم –بزعمه- امتنعوا عن الالتزام بشرائع الإسلام.
إن: «سيد بن قطب» يترسم خطى الثوار الخوارج في منهجه الثوري، وأسلوبه الحماسي الجاهليحذو القذة بالقذة، ويلبس كل ذلك بلباس الإسلام كعادة الخوارج في كل زمان، ومكان.
وبعض شباب الأمة اليوم من: «الفرقة القطبية»، و«الفرقة السرورية» وغيرهم يترسمون خطاه حذو القذة بالقذة دون علم ولا هدى ولا كتاب منير!
قلت: لقد نسي: «سيد بن قطب التكفيري» كل هذه الفروق – الإسلامية -، ثم دأب في جل مؤلفاته على أساليب ثورية تهييجية تكفيرية يعرفها كل من قرأ كتبه، وما كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية» إلا تهييج وثورة.
* وخذ مثلا واحدا من أمثلة التهييج والثورة والخروج على الحكام:
لقد ختم سيد بن قطب الخارجي كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية» (ص113- 122) بفصل يلهب فيه مشاعر جماهير الشعوب ويحركهم للخروج على الأنظمة الحكومية، ويحركهم لأخذ حقوقهم – كما يزعم – بأيديهم على غرار دعوة الثوار الخوارج.
õ قال سيدهم الثوري: (والآن أيتها الجماهير... الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة قضيتها بأيديها... ينبغي أن تفكر في وسائل الخلاص إن أحدا لن يقدم لهذه الجماهير عونا إلا أنفسها، فعليها أن تعنى بأمرها، ولا تتطلع إلى معونة أخرى...) ثم استمر في إلهاب مشاعر الغوغائيين بمثل هذا الأسلوب المهيج باسم الإسلام والإسلام منه براء... إلى أن قال في خاتمة هذا الفصل:
(والآن أيتها الجماهير... لقد تبين أن أحدا لن يمد يده إليك ما لم تمدي أنت يدك إليك إن الطرق جميعا لا تؤدي إلى الخلاص الحق اللهم إلا طريقك الواحد الأصيل.
أيتها الجماهير... لقد تعين لك طريق الكرامة الإنسانية، وطريق العدالة الاجتماعية، وطريق المجد الذي عرفته الأمة الإسلامية مرة، والذي تملك أن تعرفه مرة أخرى... لو تفيق.
أيتها الجماهير... هذا هو الإسلام حاضر يلبي كل راغب في العزة والاستعلاء والسيادة، وكل راغب في المساواة، والحرية، والمساواة، وكل من يؤمـن بنفسه، وقومه، ووطنه([95]) وكل من يشعر أن له مكانا كريما في ذلك الوجود.
أيتها الجماهير:... هذا هو الطريق...). اهـ
قلت: بهذا الأسلوب المهيج المثير الذي احتذى فيه أسلوب من ذكرناهم من الخوارج، كل ذلك يلبسه: «سيد بن قطب» لباس الإسلام، ويهيج به الغوغاء، والهمج بما فيه سواد: «الإخوان المسلمين».
وقامت الثورة بقيادة ضباط (الإخوان المسلمين)، وبقيادة الضباط الأحرار، وهم: جزء من (الإخوان المسلمين)، وعلى رأسهم: «سيد بن قطب» على الحكومة المصرية في ذلك الوقت... وهذا ليس هو الطريق الصحيح للدعوة إلى الله تعالى.
قلت: لقد تحولت الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه في عهد الحكومة الفاروقية...
وأول ما انصبت عواقب هذه الثورة الغوغائية على رؤوس مهندسيها (الإخوان المسلمين)، ومنهج: «سيد بن قطب» المهندس!.
والله يعلم ماذا سيلاقون من الجزاء بهذه السنة السيئة التي سنوها للأنظمة الثورية في «العراق»، و«ليبيا»، و«اليمن»، و«السودان»، و«الجزائر»، و«فلسطين»، و«سوريا»، و«الخليج»، وغيرها.
õ واستمع إلى سنته السيئة التي سنها للناس:
قال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص91)؛ وهو يكفر دول المسلمين: (وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة([96]». اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص8): (إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية([97]) من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وانظمتها).اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص17): (نحن اليوم في جاهلية؛ كالجاهلية التي عاصرها الإسلام، أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية... تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، وموارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيرا إسلاميا... هو كذلك من صنع هذه الجاهلية!)([98]).اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص18): (ثم لابد من التخلص من ضغط المجتمع الجاهلي، والتصورات الجاهلية، والتقاليد الجاهلية، والقيادة الجاهلية في خاصة نفوسنا)([99]). اهـ
قلت: وهذا إنما حصل: «لسيد بن قطب» التكفيري هذه الإطلاقات على المجتمعات الإسلامية بسبب بعده عن منهج الله تعالى وشرعه([100])، فهو لم يفرق بين الجاهلية المطلقة التي هي الجاهلية الكفر، وبين الجاهلية المقيدة التي هي الجاهلية المعصية؛ كما جاءت في الأحاديث الصحيحة.
قلت: فأطلق سيد بن قطب التكفيري على المجتمعات الإسلامية بالجاهلية المطلقة بسبب جهله بشرع الله تعالى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على طعن: «عبدالرحمن بن عبدالخالق» في علماء الأمة([101])، والسخرية منهم، ورميهم بأبشع الألفاظ، وقد علم الداني والقاصي، أنه هو الذي يستحق هذه الألفاظ لجهله بالدين مطلقا، وقد تبين له في مر الدهور أن العلماء هم الذين فهموا الإسلام على أصوله، وقواعده في المنهج، والدعوة، والتربية، والأصول، والأحكام، وهم: أعلم الناس بفقه الواقع، وأنهم برهنوا للناس أنهم على مستوى العصر في جميع ما ثبت في الدين والدنيا معا، وأنهم كشفوا للبلدان الإسلامية في العالم ما يخطط له الأعداء في الداخل والخارج، وقد أبدوا نصحهم للناس في العالم على التفصيل
وقد شهد بذلك الداني والقاصي: ]فهل من مدكر [ [القمر: 15]
فمن عجيب أمر هذا المدعي أنه كثير المناقضة لنفسه، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.
ومن معايبه([102]) لمزه وغمزه لمن يخالفه من العلماء، بالسخرية بهم، واحتقارهم، وتهجمه عليهم في كتبه الغثاء!. ([103])
وإليك الدليل:
قال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «خطوط رئيسية» (ص86)؛ وهو يطعن في علماء الأمة: (واليوم للأسف نملك شيوخا يفهمون قشور الإسلام على مستوى عصور قديمة([104])... ولا نريد هذا الطابور من علماء المحنطين).اهـ
وقوله: (يفهمون قشور الإسلام على مستوى عصور قديمة)، هذا قول الأعداء من الزنادقة، والملاحدة([105])، وغيرهم في الخارج، والداخل، الذين يطلقون على أحكام الإسلام على أنها من: «قشور»، و«أساطير». ([106])
وقد أخذ: «عبدالرحمن بن عبدالخالق» ذلك من الأعداء، وإلا لا يوجد في الإسلام ما يسمى بـ«القشور»([107])، وأن هذا التقسيم ابتدعه: «عبدالرحمن بن عبدالخالق»، وهو محدث، ودخيل على الفهم الصحيح للكتاب، والسنة، ولم يعرفه سلفنا الصالح الذين كل خير، ونجاة في اتباعهم، واقتفاء آثارهم: ]إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان[ [النجم: 33].
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «خطوط رئيسية» (ص101): (فعلماؤنا الفضلاء الذين لا يدرون شيئا عن الجمعيات([108]) السرية للأعداء...).اهـ
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «مشروعية العمل الجماعي» (ص27): (أقول لو أن الذين أفتوا بحرمة الجماعة، والتجمع وأزالوا عن أعينهم غشاوة الجهل... على ما أقدموا عليه من الفتوى الباطلة، والقول الجزاف).اهـ
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «خطوط رئيسية» (ص77 و78)؛ عن العلامة الشنقيطي /: (لقد كان يدرس لنا التفسير، وأصول الفقه عالم جليل هو بحق عالم... ولكن هذا الرجل لم يكن على شيء من مستوى عصره([109])، فما كان يدرك جواب شبهة([110]): يوردها عدو من أعداء الله... لقد كان هذا الرجل الذي لم تقع عيني على أعلم منه بكتاب الله مكتبة متنقلة: ولكنها طبعة قديمة تحتاج إلى تنقيح وتصحيح([111])... هذا مثال، وكان يدرس من غيره عشرات في علوم الشريعة على هذا المستوى جهلا بالحياة([112])، وعلما بالدين).اهـ
قلت: والتاريخ الصحيح: يضرب المتمرد عليه في تفضيل النفاية على النقاوة بيد قاسية، تخفق لطماتها في الآفاق فتجلله على عار الأبد، فالتاريخ من ورائه محيط، وعلى مغامزه شهيد.
وفي كل هذا تدليل على مكنون يقينه، ومرمى اعتقاده، فلا جرم إذ دفع قلمه ينقر بشوكته في هذا المهيع، فدس مولود انتصاره في صفوف القراء للسنة المشرفة وعلومها. ([113])
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «خطوط رئيسية» (ص86)؛ عن السلفيين شرفهم الله: (وتعظيمنا لأمر الخلاف لسببين: أولهما: أنه يخالف بين القلوب –ولا شك- مهما كان يسيرا.
وثانيا: أنه يكبر ويتأصل... وفي فتنة التكفير، والتجهيل، والتقبيح التي يتراشق بها المقلدون المتعصبون، والسلفيون المتطرفون) ([114]).اهـ
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق: (وللأسف أن بعض الدعاة إلى الله قد لا يمارس من أساليب الدعوة؛ إلا مجرد نشر كتاب، أو إلقاء درس، ويظن أنه سيخرج اليهود... فهم مع ذلك ثرثارون([115]) متشدقون([116])... ولكنهم يغطون قعودهم بتلك الثرثرة الفارغة) ([117]).اهـ
قلت: هكذا يعتدي اعتداء سافرا لكل من كان سلفيا على اعتقاد أهل الحديث.
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «خطوط رئيسية» (ص73): (أن يقتصدوا جدا في تعليم الطلاب آداب الحاجة، وشروط المياه، ومذاهب العلماء؛ فيمن قال لزوجته: «أنت طالق مرتين إلا واحدة»!، هل تطلق ثلاثا، أم تكون طالقة مرة واحدة؟!؛ كفانا إغراقا في النوم، وسعيا في الفوضى، وعماية وجهالة! ([118])، وألغوا تعليم أبواب: «الحيض»، و«النفاس» في الجامعات عن الذكور، وعلموها للإناث وكفى؟!، ما قيمة عالم لا يستطيع الرد على ملحد: يزعم أن قطع اليد في السرقة وحشية... وما قيمة عالم بالشريعة: يزعم أن السياسة ليست من الدين([119])... وما قيمة عالم بالشريعة لو دعي إلى نداء الجهاد، وحمل السلاح([120])؛ يقول: ليس هذا من شأن رجال الشريعة، إننا نستطيع فقط الفتوى في الحلال والحرام، والحيض، والنفاس، والطلاق!، إننا نريد علماء على مستوى العصر!) ([121]).اهـ
قلت: فهذا مدره طعن، فوق سهامه بالطعن في علماء الأمة، وهو منفلت العنان ذرب اللسان، يهتك الحرمات، فيلغ في أعراض الأبرياء، وينتقص منارات الهدى، كل هذا لتكثير سواد مزاعمه: لسواد مشاربه في أمراض متنوعة: من التقليد الأعمى له، ولأفكاره الفاسدة. ([122])
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «مشروعية العمل الجماعي» (ص5): (وبعد، فإني استمعت إلى بعض الأخوة من طلاب العلم والعلماء، وكذلك بعض من ينتسب إلى العلم، ويدعيه وليس لذلك: أن الجهاد الجماعي لا يجوز إلا للإمام العام... وإن جماعات الدعوة الإسلامية! التي قامت في العالم... أنها جماعات فرقة، وتفرقة، وأن قيامها غير جائز، وبالتالي عملها غير مشروع... ولما رأيت أن كثيرا من أبناء المسلمين، وشبابهم؛ قد خدع بهذه الفتوى الباطلة، والقول الجزاف الذي لا يستند إلى علم، ولا عقل).اهـ
وقال عبدالرحمن بن عبدالخالق في «مشروعية العمل الجماعي» (ص6): (وكثير من العلماء، وطلاب العلم، وللأسف يفتون بفتاوى يظنونها لكل جيل وقبيل، وزمان ومكان) ([123]).اهـ
إلى آخر هذه الألفاظ القاسية، وحملاته المسعورة على الدعوة السلفية، وعلماء هذه الأمة المنصورة، وبخاصة لعلماء المملكة العربية السعودية الذين لهم الفضل بعد الله تعالى في تبصير الأمة بأمور دينها على المنهج الحق الذي لا إفراط فيه، ولا تفريط، ولهم الفضل بعد الله تعالى على: «عبدالرحمن بن عبدالخالق»؛ السياسي؛ بوجه خاص، اللهم غفرا.
وهذه نماذج من أقواله الخطيرة، وحملته على المنهج السلفي الأثري، وعلمائه أهل الحديث والأثر؛ اللهم سلم سلم.
* فعبدالرحمن بن عبدالخالق يعتبر مبتدعا من أهل البدع؛ لأنه يقع في أهل الحديث والأثر مع تأصيله منهجا مبتدعا، ودعوته إليه ليلا ونهارا؛ حتى تمكنت في قلبه الشبهات، والآراء، والأفكار، التي تخالف تعاليم الإسلام الصحيح، وهذا ظاهر من كتبه، وأشرطته، لا ينكر ذلك إلا مكابر. ([124])
قال الإمام أبو حاتم /: (علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر). ([125])
وقال الإمام قتيبة بن سعيد /: (إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث فإنه على السنة، ومن خالف هذا فاعلم أنه مبتدع). ([126])
وقال الإمام أحمد بن سنان القطان /: (ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نزعت حلاوة الحديث من قلبه). ([127])
قلت: فليتق الله هؤلاء المرجفون، ولينتهوا عن صد الناس عن سبيل الله تعالى؛ خدمة لأحزابهم، وترويجا لأفكارهم الفاسدة؛ بمثل هذه الشبه الواهية بسبب أهوائهم.
وأكثر فساد الناس في الدعوة؛ إنما هو من جراء اتباع الهوى، وتقديم العقل على النقل.
ﭑ ﭑ ﭑ
برق خاطف
قال تعالى: ]أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين[ [البقرة: 16].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن: «سيد بن قطب» ألغى صلاة: «الجمعة في المساجد» مطلقا، وعطل العبادات فيها كلها، ومع ذلك لم ينتقده: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» بشيء طول حياته، ثم يدعي أن في هذه الأيام عطت صلاة: «الجمعة»؛ ورغم ذلك كان من رخصة شرعية: (إن هذا لشيء يراد) [ص: 6].
بيان حقيقة: «سيد بن قطب» التكفيري في عدم صلاته: «لصلاة الجمعة»، ويرى فقهيا بأن: «صلاة الجمعة» سقطت لعدم وجود – بزعمه – الخلافة الراشدة. والله المستعان.
فسيد بن قطب التكفيري يترك: «صلاة الجمعة»، ويرى فقهيا بأن: «صلاة الجمعة» تسقط لأنه لا جمعة إلا بخلافة.
وذكر ذلك علي العشماوي([128]) – وهو آخر قادة الإخوان المسلمين– في كتابه: «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112) حيث قال بعد مناقشة طويلة مع: «سيد بن قطب» التكفيري: (... وجاء وقت: «صلاة الجمعة»، فقلت له: دعنا نقم ونصلي، وكانت المفاجأة أن علمت – ولأول مرة – أنه – يعني: «سيد بن قطب» – لا يصلي الجمعة، وقال: إنه يرى فقهيا – أن: «صلاة الجمعة» تسقط إذا سقطت الخلافة، وإنه لا جمعة إلا بخلافة...!!!). اهـ
فهل رأيت أخي الكريم انتكاس الرجل في المفاهيم أكبر من ذلك.
ﭑ ﭑ ﭑ
خسف
قال تعالى: ]وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون[ [البقرة: 11، 12].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن : «عبد الرحمن بن عبد الخالق» القطبي يسير على خطى: «سيد بن قطب» التكفيري من نشر تعاليم الفكر الخارجي، وتهييج الناس على حكامهم، والخروج عليهم، وزرع الفتن في أوساط المسلمين، بل: إن «سيد بن قطب» التكفيري ألغى صلاة: «الجماعة»، و«الجمعة» في المساجد مطلقا، وعطل العبادات فيها، وأطلق على المساجد أنها معابد جاهلية، وكفر الأمة الإسلامية في جميع البلدان، وألغى الدين كله، ومع ذلك لم ينتقده: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» بشيء طول حياته، ثم يدعي أن البلدان الإسلامية منعوا: «الجماعة»، و«الجمعة» في المساجد، وهم: أخذوا بالرخصة الشرعية في ذلك، لكن أين أنت عن تعطيل: «سيد بن قطب» لدين الله بأكمله، لم يتكلم عليه بشيء ، وأنت مخذول في ذلك
هذا العصر تلاطمت فيه أمواج الجماعات الهدامة، وكثر فيه دعاة البدعة والفتنة، والضلالة والجهالة، وأصحاب الشبه، وظهرت فيه بعض الكتب الفكرية البدعية التي تلبس على المسلمين دينهم بستار نصر الإسلام، ناهيك عما تفعله في العالم من تشويش، وتحريض، لإيقاع الفتنة بين الناس، كما هو مشاهد.([129])
قلت: والحديث عن الفرق الهدامة له شأن، وأهمية للمسلمين، ألا وهو الحذر من شر هذه الفرق، ومن محدثاتها، وضلالاتها لكي لا يقعوا في شرها.
عــــــــــــــرفــــــــــــت الــــــشــــــــــــــر لا |
|
|
للشـــــــــــر لـــكــــــن لـــتـــــــــــوقـــيـــــــــه
|
ومــــــــن لا يـــــعــــــرف الـــــشــــــــــــــر |
|
|
مـــــــــن الـــخــــيـــــــر يــــقـــــع فـــيـــــــه |
قلت: ومن لا يعرف الشر يوشك أن يقع فيه... إذا فلابد من معرفة دعاة الضلالة.... اللهم سلم سلم.
عن حذيفة بن اليمان t قال: (كان الناس يسألون رسول الله r عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني؛ فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟؛ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم([130]) يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة([131]) إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟، فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تامرني إن أدركني ذلك؟، قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم؟؛ قلت: فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك).([132])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص6): (فمعرفة الفرق ومذاهبها وشبهاتها، ومعرفة الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، وما هي عليه فيه خير كثير للمسلم، لأن هذه الفرق الضالة عندها شبهات، وعندها مغريات تضليل، فقد يغتر الجاهل بهذه الدعايات، وينخدع بها فينتمي إليها؛ كما قال r لما ذكر في حديث حذيفة: (هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. فقلت: يا رسول الله، صفهم لنا. قال: نعم، قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)، فالخطر شديد).اهـ
وعن العرباض بن سارية t قال: (وعظنا رسول الله r موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص200)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص45)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص17)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص126)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص205)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص104) من طرق عن العرباض بن سارية t به.
وإسناده صحيح.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص6): «فأخبر r أنه سيكون هناك اختلاف وتفرق، وأوصى عند ذلك بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والتمسك بسنة الرسول r، وترك ما خالفها من الأقوال، والأفكار، والمذاهب المضلة، فإن هذا طريق النجاة، وقد أمر الله تعالى بالاجتماع والاعتصام بكتابه، ونهى عن التفرق؛ قال تعالى: ﴿(#qßJÅÁtGôã$#ur È@ö7pt¿2 «!$# $YèÏJy_ wur (#qè%§xÿs? 4 ﴾([133]) الآيـة؛ إلى أن قـال تعالى: ﴿wur (#qçRqä3s? tûïÏ%©!$%x. (#qè%§xÿs? (#qàÿn=tF÷z$#ur .`ÏB Ï÷èt/ $tB æLèeuä!%y` àM»oYÉit6ø9$# 4 y7Í´¯»s9'ré&ur öNçlm; ë>#xtã ÒOÏàtã ÇÊÉÎÈ tPöqt Ùuö;s? ×nqã_ãr uqó¡n@ur ×nqã_ãr ﴾([134]) وقال تعالى:﴿¨bÎ) tûïÏ%©!$# (#qè%§sù öNåks]Ï (#qçR%x.ur $YèuÏ© |Mó¡©9 öNåk÷]ÏB Îû >äóÓx« 4 !$yJ¯RÎ) öNèdáøBr& n<Î) «!$# §NèO Nåkã¨Îm6t^ã $oÿÏ3 (#qçR%x. tbqè=yèøÿt ﴾ ([135]) فالدين واحد، وهو ما جاء به رسول الله r، لا يقبل الانقسام إلى ديانات، وإلى مذاهب مختلفة([136])، بل دين واحد: هو دين الله تعالى؛ وهو ما جاء به رسول الله r([137])، وترك أمته حيث ترك r أمته على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك).اهـ
قلت: فالأمر يحتاج إلى اهتمام شديد، لأنه كلما تأخر الزمان كثرت الفرق، وكثرت الشبهات، وكثرت النحل والمذاهب الباطلة، وكثرت الجماعات المتفرقة.
لكن الواجب على المسلم أن ينظر، فما وافق كتاب الله تعالى وسنة رسوله r أخذ به ممن جاء به، كائنا من كان، لأن الحق ضالة المؤمن.([138])
قلت: وليست العبرة بالكثرة في معرفة الحق، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من المسلمين، ولذلك فلا تغتر بكثرة بعض الجماعات الإسلامية الضالة.([139])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص22): (وأهل السنة والجماعة، لا يضرهم من خالفهم... والمخالف لا يضر إلا نفسه... وليست العبرة بالكثرة، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من الناس، حتى ولو لم يكن في بعض الأزمان إلا واحد من الناس؛ فهو على الحق، وهو الجماعة.
فلا يلزم من الجماعة الكثرة، بل الجماعة من وافق الحق، ووافق الكتاب والسنة، ولو كان الذي عليه قليل.
أما إذا اجتمع كثرة وحق فالحمد لله هذا قوة. أما إذا خالفته الكثرة، فنحن ننحاز مع الحق، ولو لم يكن معه إلا القليل). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الفقه في الدين عصمة من الفتن» (ص12): (من أعظم الفتن فتنة التفرق، والاختلاف، وظهور الفرق، والجماعات هذا من أعظم الفتن، وهذا شيء أخبر عنه النبي r). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «العلم» (ص81): (فيجب على طالب العلم أن يتخلى عن: الطائفية والحزبية بحيث يعقد الولاء والبراء على طائفة معينة، أو على حزب معين). اهـ
قلت: لا شك أن الرجل إذا كان متحزبا، ومندرجا تحت لواء التنظيم والحزب، فإنه يعمل ضمن ضوابط وأطر الحزب، وهذه الضوابط لا شك أنها تقيد العضو فيها من التحرر من كثير من باطل الحزب وأخطائه إذا ظهر له بطلانها، وأقل أحواله السكوت مراعاة لتوهم مصلحة الحزب، والتي ربما توهم أنها متلازمة مع مصلحة الإسلام.
وحصل تطرف وغلو شديد لدى كثير من قيادات الأحزاب والتنظيمات في تعاملهم مع المنكر لباطلهم، بحيث يرون فعله خروجا على الجماعة؛ وذلك لانحرافهم في مفهوم الجماعة حيث يرى هؤلاء الحزبيون أن حزبهم هو جماعة المسلمين.
وبسبب هذه السلبية في التعامل مع باطل الحزب، ترى الحزب ماضيا في بعده عن السنة، وما يزيده الوقت إلا إصرارا على ما هو عليه.([140])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /: (فمعلوم لدى كل أحد ما يجري في الساحة الإسلامية من ظهور الجماعات المتفرقة المتحزبة([141]) التي طفت على سطح الماء في هذه الآونة الأخيرة ... وهذه التحزبات، وهذه المجادلات لا شك أنها تصد الإنسان عن دين الله تعالى).([142]) اهـ
وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني /: (والقاصي والداني يعلم أننا لا نؤيد كل هذه التكتلات الحزبية، بل نعتقد أنها مخالفة لنصوص الكتاب والسنة).([143])اهـ
قلت: فيؤخذ من ذلك أن الحق والهدى واحد لا يتعدد، ولا يختلف.
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص60): (وما الجماعات المعاصرة الآن، المخالفة لجماعة أهل السنة؛ إلا امتداد لهذه الفرق، وفروع عنها).
وقال الحافظ الذهبي / في «التمسك بالسنن» (ص32): (واتباع الشرع والدين متعين، واتباع غير سبيل المؤمنين بالهوى، وبالظن، وبالعادات المردودة مقت وبدعة).اهـ
فهما طريقان: اتباع الرسول r والسنة، أو اتباع الهوى والبدعة، وليس من سبيل إلى ثالث، فمن لم يتبع الرسول r فلابد أن يتبع الهوى.
قال تعالى: ﴿ä bÎ*sù óO©9 (#qç7ÉftFó¡o y7s9 öNn=÷æ$$sù $yJ¯Rr& cqãèÎ7Ft öNèduä!#uq÷dr& 4 ô`tBur @|Êr& Ç`£JÏB yìt7©?$# çm1uqyd ÎötóÎ/ Wèd ÆÏiB «!$# 4 cÎ) ©!$# w Ïöku tPöqs)ø9$# tûüÏJÎ=»©à9$# ÇÎÉÈ ﴾.([144])
وقال تعالى: ﴿ä â/ä3Ï9ºxsù ª!$# ÞOä3/u ,ptø:$# ( #s$yJsù y÷èt/ Èd,ysø9$# wÎ) ã@»n=Ò9$# ( 4¯Tr'sù cqèùuóÇè? ÇÌËÈ﴾.([145])
قال الإمام القرطبي / في «جامع أحكام القرآن» (ج8 ص335): ((ذا) صلة، أي: ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال... قال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق، والباطل منزلة ثالثة... والضلال حقيقته الذهاب عن الحق). اهـ
قلت: فاتباع الآراء، والرجال دون ما جاء به الرسول r اتباع للهوى، وعدول عن الصراط المستقيم.
قال تعالى: ﴿ ¨br&ur #x»yd ÏÛºuÅÀ $VJÉ)tGó¡ãB çnqãèÎ7¨?$$sù ( wur (#qãèÎ7Fs? @ç6¡9$# s-§xÿtGsù öNä3Î/ `tã ¾Ï&Î#Î7y 4 öNä3Ï9ºs Nä38¢¹ur ¾ÏmÎ/ öNà6¯=yès9 tbqà)Gs? ÇÊÎÌÈ ﴾.([146])
قلت: فالصراط المستقيم واحد، والحيد عنه يكون إلى سبل متشعبة، ولقد قال ابن مسعود t: (ألا لا يقلدن أحدكم دينه رجلا، إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص93)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» تعليقا (ج2 ص989).
وإسناده صحيح.
وذكره الهيثمي في «الزوائد» (ج1 ص180) ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير» ورجاله رجال الصحيح.
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص63): (الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها، وإن كثر الخلاف؛ كما أنها في أصولها كذلك، ولا يصلح فيها غير ذلك... قال تعالى: ﴿ ¨br&ur #x»yd ÏÛºuÅÀ $VJÉ)tGó¡ãB çnqãèÎ7¨?$$sù ( wur (#qãèÎ7Fs? @ç6¡9$# s-§xÿtGsù öNä3Î/ `tã ¾Ï&Î#Î7y 4 öNä3Ï9ºs Nä38¢¹ur ¾ÏmÎ/ öNà6¯=yès9 tbqà)Gs? ÇÊÎÌÈ ﴾ [الأنعام:153]. فبين تعالى أن طريق الحق واحد، وذلك عام في جملة الشريعة وتفاصيلها). اهـ
فعن عبد الله بن مسعود t قال: «خط لنا رسول الله خطا، ثم قال: هذا سبيل الله؛ ثم خط خطوطا عن يمينه، وعن شماله ثم قال: هذه سبل متفرقة، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ:﴿ ¨br&ur #x»yd ÏÛºuÅÀ $VJÉ)tGó¡ãB çnqãèÎ7¨?$$sù ( wur (#qãèÎ7Fs? @ç6¡9$# s-§xÿtGsù öNä3Î/ `tã ¾Ï&Î#Î7y 4 öNä3Ï9ºs Nä38¢¹ur ¾ÏmÎ/ öNà6¯=yès9 tbqà)Gs? ÇÊÎÌÈ ﴾.
حديث حسن
أخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص435)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص318)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص196)، وابن نصر في «السنة» (ص5)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص343).
وإسناده حسن.
قلت: فتعدد السبل الشيطانية لا عصمة منه إلا التمسك بحبل الله تعالى الذي هو كتابه ودينه، والذي بعث به نبيه المعصوم محمدا r، فقام به بيانا، وتفصيلا بسنته وهديه، فلم يقبضه ربه إليه سبحانه إلا وقد أبان الحق من الباطل، وترك أمته على بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك.
إنها تنبيهات للأمة الإسلامية لعلها تحذر كيد الكافرين من الخارج... وكيد الحزبيين من الداخل... وتستفيق فلا تتبع سبيل المجرمين.
وأهل السنة عرفوا سبيل المخالفين فكشفوه للمسلمين نصحا لله تعالى، ورسوله r، وللمؤمنين، فلا يجوز التعرض لهم بالتجريح لا تصريحا، ولا تلميحا؛ بأنهم يفرقون الأمة الإسلامية، والله كشف الباطل، وفضح زخرفته على يد أهل السنة؛ لتستبين سبيل المجرمين.
قال تعالى: ﴿ y7Ï9ºxx.ur ã@Å_ÁxÿçR ÏM»tFy$# tûüÎ7oKó¡oKÏ9ur ã@Î6y tûüÏBÌôfßJø9$# ÇÎÎÈ ﴾([147])
قلت: وهذا الخطاب وإن كان للنبي r لكنه عام لجميع الأمة.
ولذلك فإن استبانة سبيل المجرمين ضرورية لوضوح سبيل المؤمنين، ومن أجل ذلك فإن استبانة سبيل المجرمين كانت هدفا من أهداف التفصيل الرباني للآيات؛ لأن أي شبهة، أو غبش في سبيل المجرمين ترتد غبشا، ولبسا على سبيل المؤمنين، وبهذا يكون سفور الكفر، والبدع، والإجرام، والشر ضروريا؛ لوضوح الإيمان، والخير، والصلاح.
قلت: وبهذا يتضح الجانب المضاد من الباطل... والتأكد أن هذا باطل محض؛ لأنه لا بد من تمايز أمور وتميزها.
ولذلك قيل: (وبضدها تتميز الأشياء).
قال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص14): (ولن تكتمل الحكمة، والقدوة؛ إلا بخلق الشيء وضده، ليعرف كل واحد منهما بصاحبه، فالنور يعرف بالظلمة، والعلم يعرف بالجهل، والخير بالشر، والنفع يعرف بالضر، والحلو يعرف بالمر). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص18): (المسلم بعد أن يعرف الحق يجب عليه أن يعرف ما يضاده من الباطل القديم والحديث ليجتنبه، ويحذر منه، والله جل وعلا ذكر الكفر بالطاغوت قبل الإيمان بالله في قوله: ﴿ `yJsù öàÿõ3t ÏNqäó»©Ü9$$Î/ -ÆÏB÷sãur «!$$Î/ Ïs)sù y7|¡ôJtGó$# Íouróãèø9$$Î/ 4s+øOâqø9$# ﴾([148]) وكيف يكفر بالطاغوت من لا يدري ما هو الطاغوت؟!، وكيف يتجنب الباطل من لا يعرف الباطل؟!). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص20): (لا يمكن مدافعة الأفكار المنحرفة المعاصرة؛ إلا بعد دراسة الأفكار المنحرفة التي سبقتها؛ لأنها في الغالب منحدرة عنها ومشابهة لها، وإذا عرفنا السلاح الذي قاوم به أسلافنا الأفكار المنحرفة في وقتهم؛ أمكننا أن نستخدم ذلك السلاح في وجه الأفكار المعاصرة، فلا غنى لنا عن الارتباط بأسلافنا، والإمام مالك / يقول: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)([149]).اهـ
وهكذا يجب على العاملين للإسلام على بصيرة أن يبدؤوا بتجديد سبيل المؤمنين لاتباعها، وتجريد سبيل المجرمين لاجتنابها،وذلك في الواقع لا النظريات.
قلت: ولا يظن البعض أن الحرب فقط بين أهل الإسلام، وأهل الكفر([150]) في الخارج، بل أيضا بين أهل البدع والتحزب([151]) في الداخل.
ومن هنا يعرف أهل الحق، وأهل الباطل الذين يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجا.
ولا تعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أهله، وعادة الضعفاء يعرفون الحق بالرجال لا الرجال بالحق، والعاقل يعرف الحق، ثم ينظر في قول نفسه، فإن كان حقا قبله، وإن كان باطلا رده، وهذا هو المنهج الذي سار عليه أئمتنا بصفائه ونقائه.
فمن أجل صيانة الدعوة الصحيحة، وأهلها يجب تعلم أفكار الفرق الضالة القديمة والجديدة، ونشر ذلك بين المسلمين، وخاصة طلبة العلم حتى لا يؤتى الإسلام من قبلهم، وحتى يتحقق الأمن والاستقرار، ويأمن الناس من الفتن، وتستقيم أمور الأمة الإسلامية وأحوالها.
والفرقة القطبية: حزب ينتمون إلى: «سيد بن قطب التكفيري»، ومنهجه التكفيري، وهو أحد شيوخهم، ومصنفي كتبهم، وهذه الفرقة أيضا انشقت من (إخوان المسلمين) (البنائية) انفرد هو وحزبه بتكفير الحكام والمجتمعات المسلمة، والخروج عليهم بالكلمة أو بالسلاح، والثورة على المجتمعات ويعتبرون ذلك من الجهاد في سبيل الله([152])!!!.([153])
* قال جعفر إدريس تحت عنوان: (قضية المنهج عند «سيد بن قطب» في كتاب (معالم في الطريق): (إن الكاتب – يعني: «سيد بن قطب» – يدعو إلى حركة جديدة يسمي الذين يبدؤونها بالطليعة.
مع أنه كان حين كتب هذا الكتاب – يعني: «معالم في الطريق» – منتميا فعلا إلى: «جماعة الإخوان المسلمين»، وكان معه بالسجن آلاف من أعضاء هذه الجماعة التي كان رئيسا لتحرير جريدتها، والتي طالما تحدث عن أهميتها وفضائلها ومنجزاتها.
يذكر الكاتب في كلماته الأخيرة التي تنشرها: «جريدة المسلمون اللندنية» أنه عمل لتكوين جماعة تكون امتدادا: «لجماعة الإخوان المسلمين» التي حلها (عبدالناصر) وسجن أعضاءها).([154]) اهـ
قلت: وجماعته درسوا كتبه، وتابعوه في كل ما قاله، واعتقده بل وعظموه كل التعظيم مما جعلهم يتخذون كل ما قاله في كتبه منهجا حقا وصوابا، وإن خالف الأدلة من الكتاب والسنة، وباين منهج السلف الصالح.
* ومن اعتقاد سيد بن قطب تكفيره للأمة الإسلامية.
õ قال سيد بن قطب التكفيري في «ظلال القرآن» (ج2 ص1057): (لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية: «بلا إله إلا الله»، فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد، وإلى جور الأديان، ونكصت عن: «لا إله إلا الله»، وإن ظل فريق منها يرددون على المآذن لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعي هذا المدلول، وهو يرددها، ودون أن يرفض: «شرعية الحاكمية» التي يدعيها العباد لأنفسهم... إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن: «لا إله إلا الله»، فأعطت لهؤلاء العباد: «خصائص الألوهية»، ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء.... البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن([155]) في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: «لا إله إلا الله» بلا مدلول، ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد). اهـ
õ وقال سيد بن قطب الثوري أيضا في «ظلال القرآن» (ج4 ص2122): (أنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه شريعة الله، والفقه الإسلامي). اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص91): (وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة!.
وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإطار لأنها تعتقد: «بألوهية أحد غير الله»... وإذا تعين هذا فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبادة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها، وشرعيتها في اعتباره).اهـ
وهذا في غاية الصراحة والوضوح في تكفير: «سيد بن قطب» للمجتمعات الإسلامية!!!.([156])
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «ظلال القرآن» (ج3 ص1816): (وتلك هي التعبئة الروحية إلى جواز التعبئة النظامية، وهما معا ضروريتان للأفراد والجماعات، وبخاصة قبيل المعارك والمشقات... وقد عمت الفتنة، وتجبر الطاغوت، وفسد الناس، وأنتنت البيئة، وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة، وهنا يرشدنا الله إلى أمور:
1) اعتزال الجاهلية نتنها وفسادها وشرها ما أمكن في ذلك، وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها، لتطهرها وتزكيها، وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها.
2) اعتزال معابد الجاهلية([157])، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد، تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي([158])، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح....).اهـ
فاعتبار: «سيد بن قطب» مساجد المسلمين معابد جاهلية انطلاقا من تكفير مجتمعاتهم، واعتبارها جاهلية، فأي تكفير بعد هذا.
ولذلك يترك «سيد بن قطب» صلاة الجمعة، ويرى فقهيا بأن صلاة الجمعة تسقط لإنه لا جمعة إلا بخلافة.
* وذكر ذلك علي العشماوي – وهو آخر قادة الإخوان المسلمين – في كتابه «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112) حيث قال بعد مناقشة طويلة مع سيد بن قطب: (... وجاء وقت صلاة الجمعة، فقلت له: دعنا نقم ونصلي، وكانت المفاجأة أن علمت – ولأول مرة – أنه – يعني: سيد ين قطب- لا يصلي الجمعة، وقال: إنه يرى فقهيا – أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافة، وإنه لا جمعة إلا بخلافة...!!!). اهـ
فهل رأيت أخي الكريم انتكاس الرجل في المفاهيم أكبر من ذلك.
وبالجملة «فسيد بن قطب» سلك مسلكا في تكفير الناس لا يقره عليه عالم مسلم يرسل الكلام على عواهنه في باب الحاكمية، ويكفر عامة الناس بدون ذنب، وبدون إقامة حجة، وبدون التفات إلى تفصيلات العلماء في هذا الباب.
لذا ترى: «خوارج العصر»([159]) يرحبون بفكره التكفيري الخارجي، ويفرحون ويعتزون به، ويستشهدون بأقواله وتفسيراته في كتبهم وأشرطتهم ومجلاتهم وجرائدهم.
وهذا المذهب مذهب الخوارج قديما اللهم سلم سلم.
õ وقال سيد بن قطب الثوري في «ظلال القرآن» (ج2 ص1005) : (كان -العرب- يعرفون من لغتهم معنى: «إله»، ومعنى: «لا إله إلا الله»، كانوا يعرفون أن الألوهية؛ تعني: «الحاكمية»([160]) العليا... كانوا يعلمون أن: «لا إله إلا الله» ثورة على السلطان الأرضي الذي يغتصب أولى خصائص الألوهية، وثورة على الأوضاع التي تقوم على قاعدة هذا الاغتصاب، وخروج على السلطان التي تحكم بشريعة من عندها لم يأذن بها الله). اهـ
قلت: فتأمل قوله: «الثورة»، و«الخروج»، على طريقة مذهب الخوارج.([161])
* وقد شهد شاهد عليهم من أنفسهم.
õ قال القرضاوي – وهو من قادة الإخوانية – في «أولويات الحركة الإسلامية» (ص110): (في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد «سيد بن قطب»، التي تمثل المرحلة الأخرية من تفكيره والتي تنضح بتكفير المجتمع... وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة). اهـ
õ وقال فريد عبدالخالق – أحد مرشدي الإخوان المسلمين – في «الإخوان المسلمين في ميزان الحق» (ص115): (ألمعنا فيما سبق إلى أن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد بن قطب وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا الحاكمية لله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك). اهـ
õ وقال سيد بن قطب الثوري في كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية» (ص64)؛ وهو يزعم بأن الحكومات الإسلامية مزورة كاذبة: (وبعض هذه الشبهات ناشئ من التباس صورة حكم الإسلام ببعض أنواع الحكومات التي تسمي نفسها حكومات إسلامية، وتمثيل هذه الحكومات لحكم الإسلام كتمثيل ما يسمونهم رجال الدين لفكرة الإسلام كلاهما تمثيل مزور كاذب مشوه، بل تمثيل النقيض للنقيض، ولكن الجهل بحقيقة فكرة الإسلام عن الحكم حتى بين المثقفين لا يدع صورة للحكم الإسلامي أخرى غير هذه الصورة المزورة الشائهة الكريهة). اهـ
قلت: وهذا طعن في حكومات إسلامية منها الحكومة الإسلامية السلفية في بلد الحرمين؛ في الجزيرة العربية.
وما جرته دعوة: «سيد بن قطب» الثورية على الإسلام والمسلمين إلا بوارا ودمارا، والعياذ بالله.
* خروج الفرقة القطبية على الأنظمة الحاكمة وأهلها:
õ قال محمد بن قطب الخارجي في «واقعنا المعاصر» (ص486) حول أهمية التربية التنظيمية السرية للخروج على الحكام: (أما الذين يسألون إلى متى نظل نربي دون أن نعمل؟ فلا نستطيع أن نعطيهم موعدا محددا، فنقول لهم: عشر سنوات من الآن!، أو عشرين سنة من الآن!، فهذا رجم بالغيب لا يعتمد على دليل واضح، وإنما نستطيع أن نقول لهم: نظل نربي – يعني: للخروج على الحكام – حتى تتكون القاعدة المطلوبة بالحجم المطلوب). اهـ
وانظر إلى قوله: (أما الذين يسألون إلى متى نظل نربي دون أن نعمل..).
أليست التربية عملا؟! فلماذا فرق بينهما، وبين قوله: (دون أن نعمل)؟.([162])
* فرق بين التربية والعمل، لأنه يريد عملا مخصوصا، هو الخروج على الأنظمة الحاكمة وأهلها!!!. ([163])
وهؤلاء ما دام عندهم تنظيم، وعندهم جماعة، وعندهم طاعة، وعندهم بيعة، وعندهم قيادة، فهم متأهبون للخروج....
واستمع إلى قول أعضاء الفرقة القطبية([164]) في الخروج على الحكام: قالوا: (إن البيان والتذكير فريضة ثابتة في الحالتين، إذ الفرض أن الأولى تحرم في إطار إسلامي، بخلاف الثانية، فإنها تتحرك في إطار علماني، أدار ظهره للإسلام، وتنكر لأصوله المجملة.
والأصل في ذلك كله أن الحركات الإسلامية اليوم بمثابة الجيوش، التي ينبغي أن تنتظم فيها الأمة كلها، على اختلاف مذاهبها ومشاربها لدفع فتنة الكفر ورد خطره عن دار الإسلام، فهي البديل عن الدولة الإسلامية، التي كانت تجند كافة المسلمين إذا داهم العدو دار المسلمين، ولا تحجب أحدا ممن ثبت له عقد الإسلام من الاشتراك في هذا الجهاد، ولا تمنعه من الغنيمة والفيء: ما دامت يده مع المسلمين.
هذا هو الإطار الذي يجب أن توضع فيه الحركات الإسلامية، عندما تكون مرحلة الدفاع، والمواجهة، والتصدي، لمن تقاسموا على حرب الإسلام، وإبادة أهله، وهي في معظم أحوالها كذلك، ما دامت السيادة لغير المسلمين في بلاد الله([165])، وما دام جنده محجوبين عن الشريعة في هذه البلاد.
ذلك أنه بسقوط الخلافة الإسلامية، وانعدام شرعية الراية في أغلب بلاد المسلمين؛ نظرا لانعقادها على العلمانية، وتحكيم القوانين الوضعية، والتحاكم إلى أحوال الأمة بدلا من التحاكم إلى الكتاب والسنة، أخذت الحركات الإسلامية على عاتقها مهمة الجهاد، لاستئناف الوجود الإسلامي، وإقامة الدولة الإسلامية، والوقوف في وجه الكفر القادم من الغرب، ومن الشرق).([166]) اهـ
قلت: والحامل لهم على هذا الكلام هو ترويج ما يدعون إليه من مناهج، وأفكار إرهابية في الهمج والرعاع؛ لإسقاط الحكومات الإسلامية.
õ وقال صلاح الصاوي القطبي في «الثوابت والمتغيرات» (ص265)؛ وهو يحث على العمليات التفجيرية: (ولا يبعد القول بأن مصلحة العمل الإسلامي قد تقتضي أن يقوم فريق من رجال ببعض هذه الأعمال الجهادية – من التفجيرات وغيرها – ويظهر النكير عليها آخرون، ولا يبعد تحقيق ذلك عمليا إذا بلغ العمل الإسلامي مرحلة من الرشد). اهـ
* وبذلك يتحقق لهم هدفهم بكل دقه للوصول إلى الحكم.
õ وقال صلاح الصاوي القطبي في «الثوابت والمتغيرات» (ص270): (مشروعية قتال من امتنع عن الالتزام بشرائع الإسلام). اهـ
قلت: ويقصد بذلك قتال الحكام؛ لأنهم –بزعمه- امتنعوا عن الالتزام بشرائع الإسلام.
إن سيد بن قطب يترسم خطى الثوار الخوارج في منهجه الثوري، وأسلوبه الحماسي الجاهلي حذو القذة بالقذة، ويلبس كل ذلك بلباس الإسلام كعادة الخوارج في كل زمان ومكان.
وبعض شباب الأمة اليوم من: «الفرقة القطبية»، و«الفرقة السرورية»، و«الفرقة التراثية» وغيرهم يترسمون خطاه حذو القذة بالقذة دون علم، ولا هدى، ولا كتاب منير!
* لقد نسي سيد بن قطب التكفيري كل هذه الفروق – الإسلامية -، ثم دأب في جل مؤلفاته على أساليب ثورية تهييجية تكفيرية يعرفها كل من قرأ كتبه، وما كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية» إلا تهييج وثورة.
* وخذ مثلا واحدا من أمثلة التهييج، والثورة والخروج على الحكام:
لقد ختم سيد بن قطب الخارجي كتابه «معركة الإسلام والرأسمالية» (ص113- 122)؛ بفصل يلهب فيه مشاعر جماهير الشعوب ويحركهم للخروج على الأنظمة الحكومية، ويحركهم لأخذ حقوقهم – كما يزعم – بأيديهم على غرار دعوة الثوار الخوارج.
õ قال سيدهم الثوري: (والآن أيتها الجماهير... الآن ينبغي أن تتولى الجماهير الكادحة المحرومة المغبونة قضيتها بأيديها... ينبغي أن تفكر في وسائل الخلاص إن أحدا لن يقدم لهذه الجماهير عونا إلا أنفسها، فعليها أن تعنى بأمرها، ولا تتطلع إلى معونة أخرى...) ثم استمر في إلهاب مشاعر الغوغائيين بمثل هذا الأسلوب المهيج باسم الإسلام والإسلام منه براء... إلى أن قال في خاتمة هذا الفصل:
(والآن أيتها الجماهير... لقد تبين أن أحدا لن يمد يده إليك ما لم تمدي أنت يدك إليك إن الطرق جميعا لا تؤدي إلى الخلاص الحق اللهم إلا طريقك الواحد الأصيل.
أيتها الجماهير... لقد تعين لك طريق الكرامة الإنسانية، وطريق العدالة الاجتماعية، وطريق المجد الذي عرفته الأمة الإسلامية مرة، والذي تملك أن تعرفه مرة أخرى... لو تفيق.
أيتها الجماهير... هذا هو الإسلام حاضر يلبي كل راغب في العزة والاستعلاء والسيادة وكل راغب في المساواة والحرية والمساواة وكل من يؤمـن بنفسه وقومه ووطنه([167]) وكل من يشعر أن له مكانا كريما في ذلك الوجود.
أيتها الجماهير:... هذا هو الطريق...). اهـ
قلت: بهذا الأسلوب المهيج المثير الذي احتذى فيه أسلوب من ذكرناهم من الخوارج، كل ذلك يلبسه سيد بن قطب لباس الإسلام ويهيج به الغوغاء والهمج بما فيه سواد الإخوان المسلمين.
* وقامت الثورة: بقيادة ضباط «الإخوان المسلمين»، وبقيادة الضباط الأحرار، وهم جزء من: «الإخوان المسلمين»، وعلى رأسهم: «سيد بن قطب» على الحكومة المصرية في ذلك الوقت... وهذا ليس هو الطريق الصحيح للدعوة إلى الله تعالى.
قلت: لقد تحولت الأوضاع إلى أسوأ مما كانت عليه في عهد الحكومة الفاروقية...
وأول ما انصبت عواقب هذه الثورة الغوغائية على رؤوس مهندسيها: «الإخوان المسلمين»، ومنهج: «سيد بن قطب» المهندس.
* والله يعلم ماذا سيلاقون من الجزاء بهذه السنة السيئة التي سنوها للأنظمة الثورية في: «العراق»، و«ليبيا»، و«اليمن»، و«السودان»، و«الجزائر»، و«فلسطين»، و«سوريا»، و«الخليج»، وغيرها.
* واستمع إلى سنته السيئة التي سنها للناس:
õ قال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص91) وهو يكفر دول المسلمين: (وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة)([168]). اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «ظلال القرآن» (ج2 ص1057): (لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية: «بلا إله إلا الله»، فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد([169])، وإلى جور الأديان، ونكصت عن: «لا إله إلا الله»، وإن ظل فريق منها يرددون على المآذن: «لا إله إلا الله» دون أن يدرك مدلولها، ودون أن يعي هذا المدلول، وهو يرددها، ودون أن يرفض شرعية الحاكمية التي يدعيها العباد لأنفسهم). اهـ
* ثم يقول سيد بن قطب التكفيري: (إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية، وارتدت عن: «لا إله إلا الله»([170])، فأعطت لهؤلاء العباد: «خصائص الألوهية» ولم تعد توحد الله، وتخلص له الولاء). اهـ
õ وبعدها يقول سيد بن قطب التكفيري: (البشرية بجملتها بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: «لا إله إلا الله» بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة؛ لأنهم: ارتدوا إلى عبادة العباد). اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «ظلال القرآن» (ج4 ص2122): (...أنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه شريعة الله، والفقه الإسلامي)([171]). اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص8): (إن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها).اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص17): (نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم، كل ما حولنا جاهلية... تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيرا إسلاميا... هو كذلك من صنع هذه الجاهلية!)([172]).اهـ
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في «معالم في الطريق» (ص18): (ثم لابد من التخلص من ضغط: «المجتمع الجاهلي»، و«التصورات الجاهلية»، و«التقاليد الجاهلية»، و«القيادة الجاهلية» في خاصة نفوسنا)([173]). اهـ
قلت: وهذا إنما حصل لسيد بن قطب التكفيري هذه الإطلاقات على المجتمعات الإسلامية بسبب بعده عن منهج الله تعالى وشرعه([174])، فهو لم يفرق بين: «الجاهلية المطلقة»([175]) التي هي: «الجاهلية الكفر»، وبين: «الجاهلية المقيدة» التي هي: «الجاهلية المعصية»؛ كما جاءت في الأحاديث الصحيحة.([176])
قال فضيلة الشيخ محمد المعصومي / في «تمييز المحظوظين عن المحرومين» (ص20): (ولا شك أن سبب الضلال عدم فهم كلام رب العالمين الذي أنزله الله تعالى لهداية جميع العالمين). اهـ
قلت: فأطلق سيد بن قطب التكفيري على المجتمعات الإسلامية بالجاهلية المطلقة بسبب جهله بشرع الله تعالى.
õ وقال سيد بن قطب التكفيري في كتاب «لماذا أعدموني» (ص8 و49)؛ عندما تكلم عن التنظيم والاجتماعات السرية: (لا يتسنى فيها – يعني: الاجتماعات السرية – إلا القليل وبعضها كان يشغل بمسائل عملية أخرى تختص بموقف التنظيم من بقية الإخوان كما تتعلق بمسائل التدريب وأسلحته)([177]). اهـ
õ وقال سيد بن قطب الحزبي في كتاب «لماذا أعدموني» (ص49 و50): (كنا قد اتفقنا على استبعاد استخدام القوة كوسيلة لتغيير نظام الحكم، أو إقامة النظام الإسلامي، وفي الوقت نفسه قررنا استخدامها في حالة الاعتداء على هذا التنظيم الذي سيسير على منهج تعليم العقيدة، وتربية الخلق([178])، وإنشاء قاعدة للإسلام في المجتمع.
وكان معنى ذلك البحث في موضوع تدريب المجموعات التي تقوم برد الاعتداء، وحماية التنظيم منه، وموضوع الأسلحة اللازمة لهذا الغرض، وموضوع اللازم كذلك). اهـ
õ وقال سيد بن قطب الحزبي في كتاب «لماذا أعدموني» (ص50 و52): (ثم تجدد سبب آخر فيما بعد عندما بدأت الإشاعات([179]) ثم الاعتقالات بالفعل لبعض الإخوان... وأما السلاح فكان موضوعه له جانبان:
الأول: أنهم أخبروني: – و«مجدي»؛ هو الذي كان يتولى الشرح في هذا الموضوع – أنه نظرا لصعوبة الحصول على ما يلزم منه حتى للتدريب فقد أخذوا في محاولات لصنع بعض المتفجرات محليا، وأن التجارب نجحت وصنعت بعـض القنابل فعلا، ولكنها في حاجة إلى التحسين والتجارب مستمرة.
والثاني: أن «عليا العشماوي»؛ زارني على غير ميعاد، وأخبرني أنه كان منذ حوالي سنتين قبل التقائنا قد طلب من: «أخ في دولة عربية» قطعا من الأسلحة حددها له في كشف، ثم ترك الموضوع من وقتها، والآن جاءه خبر أن هذه الأسلحة سترسل، وهي كميات كبيرة حوالي: «عربية»- يعني: سيارة – نقل، وأنها سترسل عن طريق: «السودان» مع توقع وصولها في خلال شهرين، وكان هذا قبل الاعتقالات بمدة...
أن هذه الأسلحة بأموال إخوانية من خاصة مالهم، وأنهم دفعوا فيها ما هم في حاجة إليه لحياتهم تلبية للرغبة التي سبق إبداؤها من هنا، وأنها اشتريت وشحنت بوسائل مأمونة)([180]). اهـ
õ وقال سيد بن قطب الثوري في كتاب «لماذا أعدموني» (ص52 و53) وهو يذكر بأن شراء الأسلحة من أموال الإخوان المسلمين في الخارج: (لما عرضت مسألة الإنفاق على الصناعة المحلية للمتفجرات، وعلى الإنفاق لتسلم شحنة الأسلحة التي أرسلت... ولكني لم أعلم بالضبط مصدر هذا المبلغ([181]) – يعني: بمبلغ الأسلحة – ولا مقداره كل ما كان واضحا أنه من إخوان في الخارج([182])، وليس من أية جهة أخرى).اهـ
وقال سيد بن قطب الحزبي في كتاب «لماذا أعدموني» (ص55 و56): عندما أراد أن يدمر الجمهورية المصرية: (وهذه الأعمال هي الرد فور اعتقالات لأعضاء التنظيم – يعني: تنظيم الإخوان المسلمين – بإزالة رؤوس في مقدمتها: رئيس الجمهورية، ورئيس الوزارة، ومدير مكتب المشير، ومدير المخابرات، ومدير البوليس الحربي، ثم نسف لبعض المنشآت التي تشمل حركة المواصلات القاهرة؛ لضمان عدم تتبع بقية الإخوان فيها، وفي خارجها؛ كمحطة الكهرباء والكباري... إن هذا إذا أمكن يكون كافيا كضربة رادعة، ورد على الاعتداء على الحركة... وظهر أنه ليس لديهم الإمكانيات اللازمة، وأن بعض الشخصيات: كرئيس الجمهورية، ورئيس الوزارة وربما غيرهما؛ كذلك عليهم حراسة قوية لا تجعل التنفيذ ممكنا، فضلا على أن ما لديهم من الرجال المدربين، والأسلحة اللازمة غير كاف؛ لمثل: هذه العمليات([183]». اهـ
قلت: وهذا الأمر يبين بأن: «سيد بن قطب» ما قتل من قبل السلطات المصرية([184]) إلا من أجل أنه أراد تدمير البلد بالتفجيرات والأسلحة، لا ما كان ينقله: «الإخوان» بقولهم: إنه ما قتل إلا من أجل: «الإسلام والدعوة»، ومن أجل: «لا إله إلا الله»، نعوذ بالله من الكذب.
* وشهد على تكفير سيد بن قطب للمسلمين، وحكامهم قادة الإخوان المسلمين:
õ قال القرضاوي – وهو من مرشدي الإخوان المسلمين – في كتابه «أولويات الحركة الإسلامية» (ص110): ( في هذه المرحلة ظهـرت كتـب الشهيد([185]) «سيد بن قطب»، التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفيره المجتمع، وتأصيل الدعوة إلى النظام الإسلامي، والسخرية بفكرة تجديد الفقه، وتطويره وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع، وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة...).اهـ
õ وقال القرضاوي: (فحديثي هو تعليق على بحث([186]) الدكتور جعفر شيخ إدريس، ومناقشة الدكتور محمد سليم، وذلك حول ما يتعلق بسيد بن قطب وأفكاره، وقضية المنهج عنده، خاصة في كتاب: «المعالم»، والحقيقة أن الأمر ليس أمر كتاب: «المعالم»؛ فما: «المعالم»، إلا قبسات من: «الظلال»، فالأصل: هو «الظلال»، وليس «المعالم».
بعض الناس يقولون إن الأمر مجرد هامش على كتاب: «المعالم»، ويذكرونه في الحواشي، والأمر ليس تحشية في موضع، أو موضعين، أو عشرة، أو عشرين، أو مئات المواضع هذا: فكر يسري في الكتب مسرى العصارة في الأغصان، ومسرى الدم في الجسم.
والمسألة ليست: كما يقول الأستاذ يوسف العظم، إنها تعليق على بعض الأخطاء، فهذه تقال إذا كان الحديث عن أخطاء جزئية، ولكن المسألة هنا تتعلق باتجاهات، وهذه اتجاه، والرجل صاحب اتجاه، وصاحب مدرسة، وهذا الاتجاه يجب أن يقوم، ولا تستطيع أن تهمش إلا إذا كانت المسألة جزئية، وإنما هو صاحب أفكار متسلسلة مرتبط بعضها ببعض.
الأمة الإسلامية انقطعت من الوجود([187])، وهو له رأيه المتطرف في مسألة بني أمية، وعثمان وغيره، ورد عليه الأستاذ محمود شاكر من قديم في مسألة الصحابة، ولا تسبوا أصحابي، ورأيه في المجتمع الإسلامي على طوال التاريخ، ورأيه في المجتمع الحالي، وإنه لا يوجد على وجه الأرض مجتمع مسلم قط، في أي بلد من البلاد، حتى المجتمع الذي يعلن ارتباطه بالإسلام، ويقول: إن المجتمع جاهلي، وكنت أظن أن كلمة مجتمع جاهلي تعني: مثلا جاهلية التبرج، تبرج الجاهلية، أو جاهلية الحمية، لا كما يقول الشرك والكفر، وهذا في الظلال في عشرات المواضع.
ودعونا نتكلم بصراحة: إن من حق الأجيال المسلمة أن تعرف هذا الأمر على حقيقته، ولقد كنت لا أعرف هذا.....).([188]) اهـ
* وللجماعة القطبية: انحرافات كثيرة وكثيرة، ولولا خشية الإطالة لنقلت لك ما سطروه في كتبهم وأشرطتهم، ولكن أظن أن ما ذكرته هنا فيه كفاية لمن كان له قلب وعقل ودين، ليعلم فساد منهج هذه الجماعة.
* ولذلك لم تعترف الفرقة القطبية بالدول الإسلامية الحالية:
* واستمع إلى كلام صلاح الصاوي القطبي في هذه المسألة.
õ قال الصاوي في كتابه «الثوابت والمتغيرات» (ص349) وهو يحث الجماعات الإسلامية على إقامة الدولة الإسلامية: (إن أمانة الدعوة إلى تحكيم الشريعة، وإقامة دولة الإسلام في هذا العصر قد أنيطت بكم، وإنها والله لأمانة تنوء بمثلها السماوات والأرض والجبال، ويأبين أن يحملنها ويشفقن منها، وقد أبيتم أنتم إلا أن تحملوها على عواتقكم، وتقدموا أنفسكم إلى الأمة على أنكم روادها، والقائمون بها، وأنكم أحق بها وأهلها).([189]) اهـ
* واستمع إلى كلام صلاح الصاوي أيضا: وهو يصرح بمجاهدة الحكام الظلمة([190]) بزعمه:
õ قال صلاح الصاوي القطبي؛ تحت عنوان: «مدخل إلى ترشيد العمل الإسلامي في مسيرة الجماعات الإسلامية» (ص72) حيث قال: (...وعندما سئل عن دور الجماعة في هذه الحال.
فأجاب: بأن دورها يتمثل في التعاون على البر والتقوى، وعدم المعونة على الإثم والعدوان، وفي قتال الفئة الباغية([191]) حتى تفيء إلى أمر الله، وفي مجاهدة أئمة الجور، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.....وهذا هو الهدف الذي قامت الجماعة أصلا لتحقيقه، وهو أمر واجب على كل المسلمين، ولا يمكن أن يحققوه أفرادا فلزم العمل في جماعة تهدف لتحقيق هذا الهدف الكبير، ومن تخلف عن الانضمام لمثل هذه الجماعة، فإنه يأثم كإثمه عن ترك أي: فرض ،أو تكليف شرعي).([192]) اهـ
قلت: وشهد شاهد من أهلها على وجود الفرقة القطبية في العالم:
õ قال صلاح الصاوي القطبي – أحد منظري الفرقة القطبية كما سبق ذكره-: (أما القطبيون... فقد قام منهجهم ابتداء على بلورة قضية التشريع، وبيان حلتها بأصل الدين، وبيان أن الخلل الذي يغشى أنظمة الحكم في مجتمعاتنا المعاصرة ناقص لعقد الإسلام([193])، وهادم لأصل التوحيد...
ومعلوم أن الكتب التي تمثل هذا الاتجاه، وتعبر عن منهجه هي كتب([194]) الأستاذ: «سيد بن قطب» في مجال الدعوة، والمخاطبة العامة).([195]) اهـ
* بيان التنظيم السري والبيعة السرية عند القطبية الثورية:
õ قال علي العشماوي – وهو آخر قادة الإخوان المسلمين – في كتابه «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» ص(94، 95، 99): (في هذه المرحلة ينبغي على الأفراد المنتظمين في الحركة أن ينفصلوا شعوريا عن المجتمع، وألا يشاركوا في شيء بينهم وبين أنفسهم، ولا يجهرون بذلك حتى يكتمل نضجهم، وتتم تربيتهم، وتتم توسعة رقعتهم، وزيادة أعدادهم على قدر الإمكان. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة أخرى هي مرحلة «المفاصلة» وهي أن يقف رجالات هذه الدعوة «ويفاصلوا» المجتمع([196])، ويقولوا: إن هذا طريقنا، وهذا طريقكم، فمن أراد أن يلحق بنا فهو مسلم، ومن وقف ضدنا، فقد حكم على نفسه بالكفر([197])، ولكل أن يتخذ ما يراه من موقف في هذه الحالة، وحين يفصل الله بين الطرفين بشيء أو بآخر. فإما أن ينصر الفئة المؤمنة، وتأخذ بزمام الأمور. وإما أن يكون العكس، ويكون في قضاء الله أن تذبح هذه الفئة المؤمنة، كما حدث لأصحاب الأخدود، الذين «فاصلوا» قومهم، ثم قضي عليهم عن طريق دفنهم في الأخدود، كما جاء في القرآن الكريم....
وإضافة لذلك كان الأستاذ سيد بن قطب يرى أن للحركة الإسلامية قواعد وأحكاما فقهية مختلفة كثيرا – وفي كثير من الحالات – عما هو مقرر في الفقه الإسلامي العادي.([198])
وسمعنا منه لأول مرة تعبير «فقه الحركة».([199]) وكان يقول: أحكاما قائمة على فقه الحركة، مخالفة – إلى حد ما – الأحكام العامة.
وفي كتابه الذي لم ينشر: «معالم الطريق – الجزء الثاني -» كان يفرد جزءا كاملا سماه: «فقه الحركة» ولكنه عندما أخذ رأيي في نشر هذا الكتاب رجوته أن لا ينشره، لأنه سيثير انقسامات واختلافات كثيرة، وسيثير الدنيا علينا، وسيقولون: إن: «سيد بن قطب» ابتدع في الإسلام بدعة. ووافق على رأيي، ولم ينشر الكتاب، ولا أعرف مصيره بعد ذلك.
وقد أخبرنا الأستاذ «سيد بن قطب» أن هذه الرؤية قد اتضحت له أثناء وجوده في السجن، عندما اعتقل عام: «1954م»، وحكم عليه بعشر سنوات قضاها في السجن، وكان يتأمل ما حدث، ورافقه في هذا التأمل الأستاذ «محمد يوسف حواش» – الذي أعدم في أحداث: «1965م» -، وشاركه في الرأي.
وقال: إن الأستاذ «محمد يوسف حواش» يجب أن نعتبره الشخص الثاني بعده فإذا أصابه مكروه فلنلجأ إليه، وأنه هو – تقريبا – الفكر نفسه، والرأي نفسه، والمشورة نفسها....
تم الاتفاق على أن يكون ما سبق هو الخط الفكري العام للتنظيم الذي نحن بصدده، وأن نبدأ فورا في إعادة تشكيله وصياغة أفكار الناس – الأخوة المنتظمين معنا – حسب ما قال الأستاذ سيد بن قطب، وما رآه. وقد اقترح علينا مجموعة من الكتب نبدأ بها، ومنها على سبيل المثال: هل نحن مسلمون – «العدالة الاجتماعية»، – «معالم في الطريق»، – «الغارة على العالم الإسلامي» – «الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر» «للدكتور محمد حسين» – «العقائد الإسلام في طور جديد» «للأستاذ البنا»، – «الإسلام بين جهل أبنائه وعجز علمائه» «للأستاذ عبدالقادر عودة».
وكان: «سيد بن قطب» يرى – بعد أن سألنا عن عدد الأفراد الذين في أيدينا وأخبرناه أنهم حوالي ثلاثمائة – كان يرى أن سبعين منهم – على الأقل – سيكونون قادة مبرزين، أو إيجابيين أكثر، وقال: يجب أن نبحث عن هؤلاء السبعين وأن نعمل على إعطائهم جرعات أكثر من الفكر([200])، وأن نبدأ بتدريب هؤلاء تدريبا خفيفا، حتى يكون ذلك بداية لتأهيلهم، في أن يكونوا قادة العمل الذي نحن بصدده في المستقبل القريب.
تمت إعادة تشكيل المجموعات، وكانت المجموعة بين ثلاثة إلى خمسة أفراد، واتفق على أن يكون لكل خمسة مجموعات قائد، وكل قائد على علاقة مباشرة برئيس المنطقة التي يقوم بالعمل فيها، وبهذا نتمكن من عزل أي: مجموعات يتم كشفها، أو القبض على أحد أفرادها بتهريب المسؤول عن هذه المجموعات، وبهذا لا يتم كشف التنظيم كله، كما كان يحدث سابقا في أغلب تنظيمات الإخوة «الهرمية» التي كانت إذا اعتقل أحد الإخوة يتم الاعتراف على باقي التنظيم، ومعرفة كل أفراده بسهولة شديدة.
وبدأ العمل في تجنيد مجموعات جديدة من الشباب المتحمس للإسلام....).اهـ
õ وقال محمد بن قطب – زعيم القطبية في هذه الأيام – في كتابه «الجهاد الأفغاني» (ص40)؛ وهو ينصح كيف تسير الحركة القطبية في التنظيم السري: (...بل إن الظروف في أكثر بلاد العالم الإسلامي تقتضي التركيز على إنشاء: «القاعدة المؤمنة»، المتخلقة بأخلاق: «لا إله إلا الله»، كما كان يفعل رسول الله r في مكة.
لا لأننا في: «المرحلة المكية»، كما يقال أحيانا فنحن – بداهة – نصوم، ونؤدي زكاة أموالنا: بمقاديرها الشرعية المحددة، ونلتزم في علاقاتنا الأسرية بالتعاليم الربانية.
وهذه التشريعات كلها لم تنزل إلا في: «المدينة» إنما نحن في حركتنا – يعني: الحركة القطبيـة – في ظروف تشبه: «المرحلة المكية»([201]) من حيث إن الدعوة لم تمكن بعد، ولم تصبح بعد دولة. ([202])
أما من حيث التكاليف فنحن مكلفون بكل ما نزل من: «التشريعات في المدينة»، ننفذ منها ما: نقدر على تنفيذه، وما نعجز عن تنفيذه بسبب من الأسباب، فعذرنا إلى الله فيه، أننا نسعى ما وسعنا الجهد إلى إقامة حكم الله، ونرجو من الله أن يقتصر ما يقع من تقصير). اهـ
قلت: وهل تظنون أن: «الجماعة القطبية» الثورية بأعمالها هذه المخالفة للإسلام... أن هؤلاء يعملون من أجل الإسلام، إنهم يسعون إلى الانقلاب على الحكم، ويتسترون بذلك وراء: «الأعمال الخيرية» بإسم الإسلام!!!.
ولهذه الاعتبارات ذاتها نقدم النصيحة للأمة الإسلامية... أن يبينوا للناس حقيقة هذه الجماعات الإسلامية، ويركزوا جهدهم في كشفها، وتبيين خطرها على العالم كله، والله ولي التوفيق.
* وأما طعن سيد بن قطب في الأنبياء والرسل والصحابة فهذا معروف عنه:
õ قال سيد بن قطب الثوري في كتابه «التصوير الفني في القرآن» (ص200) عن موسى عليه السلام مستخفا به: (لقد عرضنا من قبل قصة صاحب الجنتين وصاحبه، وقصة موسى وأستاذه، وفي كل منهما نموذجان بارزان، والأمثلة على هذا اللون من التصوير هي القصص القرآني كله..... فلنستعرض بعض القصص على وجه الإجمال، ولنعرض بعضها على وجه التفصيل:
لنأخذ موسى إنه نموذج للزعيم: «العصبي المزاج». ([203])
فها هو ذا قد ربي في قصر فرعون، وتحت سمعه وبصره، وأصبح فتى قويا: ]ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه[ [القصص: 15].
«وهنا يبدو التعصب القومي، كما يبدو الانفعال العصبي»، وسرعان ما تذهب هذه: «الدفعة العصبية»، فيثوب إلى نفسه: «شأن العصبيين»...: ]فأصبح في المدينة خائفا يترقب[ [القصص: 18]، وهو تعبير مصور لهيئة معروفة: هيئة المتفزع المتوقع للشر في كل حركة، وتلك: «سمة العصبيين» أيضا...). اهـ
قلت: إن موسى لرسول كريم من رسل الله الكرام من أولي العزم عليهم الصلاة والسلام، وإن له عند الله لمنزلة عظيمة، ومكانه رفيعة: توجب على الناس تعظيمه وتوقيره؛ كسائر أنبياء الله، ورسله عليهم الصلاة والسلام فالذين يطعنون فيهم: ]لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم[ [النور: 23].
* إن ما نسبه سيد بن قطب الثوري إلى نبي الله، وكليمه موسى عليه الصلاة والسلام من الطعن فيه بقوله: (للزعيم المندفع العصبي المزاج)، و(وهنا يبدو التعصب القومي)، و(كما يبدو الانفعال العصبي)، و(وسرعان ما تذهب هذه الدفعة العصبية)، و(شأن العصبيين)، و(تلك سمة العصبيين أيضا)؛ ينافي ما يستحقه موسى عليه السلام من التوقير والاحترام.
قلت: والطعن في واحد من الرسل: هو طعن في جميع الرسل؛ فافهم هذا ترشد.
* وقرئ كلام: «سيد بن قطب»، هذا على العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / فقال: (الاستهزاء بالأنبياء ردة مستقلة).([204]) اهـ
قلت: وأما طعن سيد بن قطب الثوري في صحابة النبي r فهذا مشهور عنه.
لقد طعن: «سيد بن قطب» الثوري؛ في الخليفة الراشد الشهيد المظلوم: وهو «عثمان بن عفان t»، وأقذع في طعنه:
أولا: أسقط خلافة عثمان بن عفان t:
õ قال سيد بن قطب الثوري في «العدالة الاجتماعية» (ص206): (ونحن نميل إلى اعتبار خلافة: «علي بن أبي طالب t»([205])، امتدادا طبيعيا لخلافة الشيخين قبله، وأن عهد: «عثمان» كان فجوة بينهما). اهـ
ثانيا: زعم أن حقيقة حكم عثمان بن عفان t قد تغير لضعفه في الإسلام.
õ قال سيد بن قطب الثوري في «العدالة الاجتماعية» (ص186): (ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة: «عثمان»، وهو شيخ كبير، ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام، وضعفت إرادته عن الصمود لكيد: «مروان»، وكيد: «أمية» من ورائه). اهـ
ثالثا: طعنه في عثمان بن عفان t بأنه ظلم رعيته في العطاء وغيره:
õ قال سيد بن قطب الثوري في «العدالة الاجتماعية» (ص186): (فهم: «عثمان» أن كونه إماما يمنحه حرية التصرف في مال المسلمين بالهبة والعطية، فكان رده في كثير من الأحيان على منتقديه في هذه السياسة، وإلا ففيم كنت إماما، كما يمنحه حرية أن يحمل: «بني معيط»، و«بني أمية» من قرابته على رقاب الناس، وفيهم الحكم طريد رسول الله r، لمجرد أن من حقه أن يكرم أهله، ويبرهم، ويرعاهم). اهـ
رابعا: زعم أن عثمان بن عفان t يعطي أقاربه من المال كما قالت الخوارج عن الخلفاء قديما:
õ قال سيد بن قطب الثوري في «العدالة الاجتماعية» (ص186): (منح: «عثمان» من بيت المال؛ زوج ابنته الحارث بن الحكم: يوم عرسه مئتي ألف درهم، فلما أصبح الصباح جاءه زيد بن أرقم خازن مال المسلمين، وقد بدا في وجهه الحزن، وترقرقت في عينه الدموع؛ فسأله أن يعفيه من عمله، ولما علم منه السبب، وعرف أنه عطيته لصهره من مال المسلمين قال مستغربا: أتبكي يا ابن أرقم أن وصلت رحمي، فرد الرجل الذي يستشعر روح الإسلام المرهف: لا يا أمير المؤمنين، ولكن أبكي لأني أظنك أخذت هذا المال عوضا عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله r، والله لو أعطيته مئة درهم لكان كثيرا، فغضب: «عثمان» على الرجل الذي لا يطيق ضميره هذه التوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين، وقال له: ألق بالمفاتيح يا ابن أرقم؛ فإنا سنجد غيرك).([206]) اهـ
قلت: وفي هذا المقطع افتراء على: «عثمان بن عفان t»، وطعن فيه، اللهم غفرا.
خامسا: واتهمه بالانحراف عن روح الإسلام:
õ قال سيد بن قطب الثوري في «العدالة الاجتماعية» (ص187): (ولقد كان الصحابة يرون هذا: «الانحراف عن روح الإسلام»، فيتداعون إلى المدينة لإنقاذ الإسلام، وإنقاذ الخليفة من المحنة، والخليفة في كبرته وهرمه لا يملك أمره من: «مروان»، وإنه لمن الصعب: أن نتهم: «روح الإسلام في نفس عثمان»، ولكن من الصعب كذلك أن نعفيه من الخطأ الذي هو خطأ المصادفة السيئة في ولايته الخلافة، وهو شيخ مرهون تحيط به حاشية سوء من أمية). اهـ
قلت: وغير ذلك من التهم الفظيعة.... وهذه تهم فظيعة ظالمة لا تخفى على الفطن.
õ وقال سيد بن قطب الثوري في كتابه «كتب وشخصيات» (ص242) عن معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص y: (إن: «معاوية»، وزميله: «عمرا»، لم يغلبا: «عليا»؛ لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح، وهو مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع، وحين يركن معاوية، وزميله إلى الكذب، والغش، والخديعة، والنفاق، والرشوة، وشراء الذمم؛ لا يملك: «علي» أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل، فلا عجب ينجحان ويفشل وإنه لفشل أشرف من كل نجاح). اهـ
قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز /: لما سئل عن هذا الكلام وقرئ عليه: (كلام قبيح... هذا كلام قبيح سب لمعاوية، وسب لعمرو بن العاص؛ كل هذا كلام قبيح، وكلام منكر: معاوية وعمرو، ومن معهما مجتهدون أخطئوا، والمجتهدون إذا أخطئوا فالله يعفوا عنا وعنهم).
قال السائل: قوله: إن فيهما نفاقا أليس تكفيرا.
قال الشيخ: (هذا خطأ، وغلط لا يكون كفرا؛ فإن سبه لبعض الصحابة، أو واحد([207]) من الصحابة منكر، وفسق يستحق أن يؤدب عليه – نسأل الله العافية- ولكن إذا سب الأكثر، أو فسقهم يرتد؛ لأنهم حملة الشرع إذا سبهم معناه: قدح في الشرع).
قال السائل: ألا ينهى عن هذه الكتب التي فيها هذا الكلام؟
قال الشيخ: (ينبغي أن تمزق).
ثم قال الشيخ: (هذا في جريدة؟).
قال السائل: في كتاب أحسن الله إليك.
قال الشيخ: (لمن).
قال السائل: لسيد قطب.
قال الشيخ: (هذا كلام قبيح).
قال السائل: (في كتب وشخصيات).([208]) اهـ
قلت: فهؤلاء يعتبرون من المشاقين لرسول الله r، واتباعه المؤمنين.
قال تعالى:﴿`tBur È,Ï%$t±ç tAqߧ9$# .`ÏB Ï÷èt/ $tB tû¨üt6s? ã&s! 3yßgø9$# ôìÎ6Ftur uöxî È@Î6y tûüÏZÏB÷sßJø9$# ¾Ï&Îk!uqçR $tB 4¯<uqs? ¾Ï&Î#óÁçRur zN¨Yygy_ ( ôNuä!$yur #·ÅÁtB ÇÊÊÎÈ﴾.([209])
قال الحافظ ابن الجوزي / في «صيد الخاطر» (ص491): (لقد أنس ببديهة العقل خلق من الأكابر، أولهم إبليس، فإنه رأى تفضيل النار على الطين فاعترض... ورأينا خلقا ممن نسب إلى العلم –كـ «المودودي» و«سيد بن قطب»- قد زلوا في هذا واعترضوا، ورأوا أن كثيرا من الأفعال لا حكمة تحتها، والسبب هو الأنس بنظر العقل في البديهية والعادات، والقياس على أفعال المخلوقين). اهـ
قلت: فهؤلاء المفكرون السائرون بالباطل خلف أذهانهم بغير حق وراء عقولهم وآرائهم، وأفكارهم في حقيقتهم أدوات تنفذ ما تسعى إليه الصنائع العالمية الباطلة: من تشكيك المسلمين بدينهم، وإغرائهم؛ بالعقول الفارغة ليجعلوا العقل وحده أصل علمهم، ويفردوه، ويجعلوا الإيمان والقرآن تابعين له؛ وهم: بذلك يهدمون أس الدين، وأصله، وقاعدة بنيانه.([210])
قال تعالى:﴿óô |M÷uätsùr& Ç`tB xsªB$# ¼çmyg»s9Î) çm1uqyd ã&©#|Êr&ur ª!$# 4n?tã 5Où=Ïæ tLsêyzur 4n?tã ¾ÏmÏèøÿx ¾ÏmÎ7ù=s%ur @yèy_ur 4n?tã ¾ÍnÎ|Çt/ Zouq»t±Ïî `yJsù ÏmÏöku .`ÏB Ï÷èt/ «!$# 4 xsùr& tbrã©.xs? ÇËÌÈ ﴾.([211])
وقـال تعـالى: ﴿bÎ) tbqãèÎ7Ft wÎ) £`©à9$# $tBur uqôgs? ߧàÿRF{$# ( ôs)s9ur Nèduä!%y` `ÏiB ãNÍkÍh5§ #yçlù;$# ÇËÌÈ﴾.([212])
قلت: وهذا فيمن قدم عقله، ورأيه على ما جاء في كتاب الله تعالى، وسنة نبيه r.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص150): (ومآلهم في تلك الأقيسة العقلية إلى الفلسفة التي هي جحود الحقائق الموجودة بالتمويه والتلبيس، ومآلهم في تلك التأويلات إلى القرامطة التي هي تحريف الكلم عن مواضعه، وإفساد الشرع، واللغة، والعقل: بالتمويه والتلبيس)([213]). اهـ
قلت: إذا لا يمكن الحكم بين الناس في كتاب الله تعالى، وسنة نبيه r، أو في موارد النزاع، والاختلاف إلى عقول الرجال، وآرائهم؛ لأن ذلك لم يزدهم إلا اختلافا، وشكا في دين الله تعالى.
لكن نحكم بين الناس بكتاب الله تعالى، وسنة نبيه r في جميع شؤون الحياة.
وقال تعالى:﴿ $pkr'¯»t tûïÏ%©!$# (#þqãYtB#uä (#qãèÏÛr& ©!$# (#qãèÏÛr&ur tAqߧ9$# Í<'ré&ur ÍöDF{$# óOä3ZÏB ( bÎ*sù ÷Läêôãt»uZs? Îû &äóÓx« çnrãsù n<Î) «!$# ÉAqߧ9$#ur bÎ) ÷LäêYä. tbqãZÏB÷sè? «!$$Î/ ÏQöquø9$#ur ÌÅzFy$# 4 y7Ï9ºs ×öyz ß`|¡ômr&ur ¸xÍrù's? ÇÎÒÈ ﴾.([214])
قلت: وهذا نص قراني في تقديم السمع، والدليل، والبرهان... وأمر بإتباع الوحي المنزل وحده، ونهى عن إتباع ما خالفه من فكر، وغيره...
والله سبحانه وتعالى أتم هذا الدين بنبيه r، وأكمله به، ولم يحوجه بالمفكرين المعتزليين الذين لم يكتفوا بالوحي المنزل من رب العالمين.
قال تعالى:﴿óô tPöquø9$# àMù=yJø.r& öNä3s9 öNä3oYÏ àMôJoÿøCr&ur öNä3øn=tæ ÓÉLyJ÷èÏR àMÅÊuur ãNä3s9 zN»n=óM}$# $YYÏ 4 ﴾.([215])
قال الحافظ الذهبي / في «التمسك بالسنن» (ص30): (وديننا بحمد الله تام كامل مرضي؛ قال تعالى: ﴿óô tPöquø9$# àMù=yJø.r& öNä3s9 öNä3oYÏ à﴾... فإي: حاجة بنا بعـد هذا إلى البدع في الأعمال والأقوال). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «التمسك بالسنن» (ص46): (وشرع لنا نبينا r كل عبادة تقربنا إلى الله، وعلمنا ما الإيمان، وما التوحيد، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها؛ فإي: حاجة بنا إلى البدع في الأقوال، والأعمال والأحوال والمحدثات، ففي السنة كفاية وبركة، فيا ليتنا ننهض ببعضها علما وعملا، وديانة ومعتقدا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص375): (فرسالتـه r كافية شافية عامة، لا تحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان إلا بإثبات عموم رسالته... فلا يخرج أحد من المكلفين عن رسالته، ولا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها وأعمالها عما جاء به.
وقد توفي رسول الله r وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علما، وعلمهم كل شيء حتى آداب التخلي، وآداب الجماع، والنوم والقيام والقعود، والأكل والشرب... وجميع أحكام الحياة والموت... وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمته، ولم يحوجهم الله إلى أحد سواه). اهـ
قلت: فالخروج عن الشريعة تيه وضلال، ورمي في عماية، كيف وقد ثبت كمالها وتمامها.
فالزائد والناقص: في جهتها هو المبتدع بإطلاق، والمنحرف عن الجادة إلى بنيات الطريق.([216])
وعن ابن مسعود t قال: «اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم».
أثر صحيح
أخرجه وكيع في «الزهد» (ج2 ص590)، وأحمد في «الزهد» (ص62)، والدارمي في «المسند»، (ج1 ص80) وابن وضاح في «البدع» (ص43)، وابن بطة في «الإبانة» (ج1 ص327)، وأبو خيثمة في «العلم» (54)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص46)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص168)، والبيهقي في «المدخل» (204) من طريقين عنه.
وإسناده صحيح.
قـال تعالى: ﴿óOs9urr& óOÎgÏÿõ3t !$¯Rr& $uZø9tRr& y7øn=tã |=»tFÅ6ø9$# 4n=÷Fã óOÎgøn=tæ 4 cÎ) Îû Ï9ºs ZpyJômts9 3tò2Ïur 5Qöqs)Ï9 cqãZÏB÷sã ÇÎÊÈ ﴾.([217])
قلت: وإذا ثبت أن هذا طعن، أو سب في الرسول r، أو في أي رسول من الرسل، فهذا يعتبر من المحاربين لله تعالى، ولرسوله r، وهو كذلك يعتبر من المفسدين في الأرض للدين الإسلامي، وهذا الأمر فيه خطر على صاحبه.([218])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ج3 ص732): (والذي يسب الرسول r، ويقع في عرضه –كـ(فعل: «سيد بن قطب» عندما سب موسى عليه السلام، فهو كأنه سب الرسول r لأن الرسل شريعتهم واحدة)- يسعى ليفسد على الناس دينهم، ثم بواسطة ذلك يفسد عليهم دنياهم، وسواء فرضنا أنه أفسد على أحد، دينه أو لم يفسد؛ لأنه سبحانـه وتعالى إنما قال :﴿tböqyèó¡tur Îû ÇÚöF{$# #·$|¡sù ﴾.([219]». اهـ
قلت: فمن سعى في الطعن في النبي r بعقله، أو في أي: نبي، فهو قد سعى ليفسد أمر الدين، وقد سعى في الأرض فسادا، وإن خاب سعيه.([220])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ج3 ص733): (فإنه لا ريب أن الطعن في الدين، وتقبيح حال الرسول في أعينالناس، وتنفيرهم عنه من أعظم الفساد، كما أن الدعاء إلى تعزيره وتوقيره من أعظم الصلاح، والفساد ضد الصلاح، فكما أن كل قول، أو عمل يحبه الله: فهو من الصلاح، فكل قول، أو عمل يبغضه الله: فهو من الفساد؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿twur (#rßÅ¡øÿè? Îû ÇÚöF{$# y÷èt/ $ygÅs»n=ô¹Î) ([221])﴾([222])؛ يعني: الكفر، والمعصية بعد الإيمان والطاعة...
وأيضا فإن الساب ونحوه –كـ«الطاعن في أحاديثه»- انتهك حرمة الرسول r وغض قدره، وآذى الله تعالى، ورسوله r، وعباده المؤمنين، وجرأ النفوس الكافرة، والمنافقة على اصطلام أمر الإسلام، وطلب إذلال النفوس المؤمنة، وإزالة عز الدين، وإسفال كلمة الله، وهذا من أبلغ السعي فسادا.
ويؤيد ذلك أن عامة ما ذكر في القرآن من السعي في الأرض فسادا، والإفساد في الأرض فإنه قد عني به إفساد الدين، فثبت أن هذا الساب محارب لله تعالى، ورسوله r ([223]) ساع في الأرض فسادا؛ فيدخل في الآية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ج3 ص735): «وكذلك الإفساد قد يكون باليد، وقد يكون باللسان، وما يفسده اللسان من الأديان أضعاف ما تفسده اليد، كما أن ما يصلحه اللسان من الأديان أضعاف ما تصلحه اليد...).اهـ
قال تعالى:﴿óô ôxÎ=ô¹r&ur wur ôìÎ6Gs? @Î6y tûïÏÅ¡øÿßJø9$# ÇÊÍËÈ﴾.([224])
قلت: ومن طعن في نبينا r: فهو طعن في الأنبياء أجمعين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ج3 ص1048): (والحكم في سب سائر الأنبياء؛ كالحكم في سب نبينا r، فمن سب نبيا مسمى باسمه من الأنبياء المعروفين؛ كالمذكورين في القرآن، أو موصوفا بالنبوة؛ فالحكم في هذا كما تقدم؛ لأن الإيمان بهم واجب عموما([225])، وواجب الإيمان خصوصا؛ بمن قصة الله علينا في كتابه، وسبهم كفر وردة: إن كان من مسلم، ومحاربة إن كان من ذمي.
وقد تقدم في الأدلة الماضية ما يدل على ذلك لعمومه لفظا أو معنى، وما أعلم أحدا فرق بينهما، وإن كان أكثر كلام الفقهاء، إنما فيه ذكر من سب نبينا r، فإنما ذلك لمسيس الحاجة إليه، وإنه واجب التصديق له، والطاعة له جملة وتفصيلا، ولا ريب أن جرم سابه أعظم من جرم ساب غيره، كما أن حرمته أعظم من حرمة غيره، وإن شاركه سائر إخوانه من النبيين، والمرسلين: في أن سابهم؛ كافر محارب حلال الدم). اهـ
وقال القاضي عياض / في «الشفا» (ج2 ص302): (وحكم من سب سائر أنبياء الله تعالى، وملائكته، واستخف بهم، أو كذبهم فيما أتـوا بـه، أو أنكرهم وجحدهم حكم نبينا r). اهـ
قلت: ومن طعن في نبي فهو طعن في النبي r، فهو من الخبيثين.([226])
قال تعالى:﴿óô àM»sWÎ7sø:$# tûüÏWÎ7yù=Ï9 cqèWÎ7yø9$#ur ÏM»sWÎ7yù=Ï9 ( àM»t6Íh©Ü9$#ur tûüÎ6Íh©Ü=Ï9 tbqç7Íh©Ü9$#ur ÏM»t6Íh©Ü=Ï9 4 y7Í´¯»s9'ré& crâä§y9ãB $£JÏB tbqä9qà)t ( Nßgs9 ×otÏÿøó¨B ×-øÍur ÒOÌ2 ÇËÏÈ﴾.([227])
قلت: وقل كتاب، أو مقال «لسيد بن قطب» إلا وفيه طعن على أصحـاب([228]) رسول الله r وخاصة معاوية([229]) y أجمعين.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1063): (فرحم الله ابن عباس كيف لو رأى أقواما يعارضون قول الله تعالى، ورسوله r بقول: «أرسطو»، و«أفلاطون»، و«ابن سينا»، و«الفارابي»، و«جهم بن صفوان»، و«بشر المريسي»، و«أبي الهذيل العلاف»، وأضرابهم). اهـ
قلت: رحم الله ابن القيم كيف لو رأى أقواما يعارضون قول الله تعالى ورسوله r؛ بقول: «حسن البنا»، و«سيد بن قطب»، و«عمر التلمساني»، و«الهضيبي»، و«حسن الترابي»، و«أحمد ياسين»، و«القرضاوي»، و«ربيع المدخلي»، و«الشعراوي»، و«عبدالرحمن عبدالخالق»، و«عدنان عرعور»، و«محمد سرور»، و«عبدالله الحبشي»، و«المودودي»، و«النبهاني التحريري»، و«سلمان العودة»، و«سفر الحوالي»، و«عائض القرني»، وغيرهم من الحركيين.
فلعل فيما سبق زاجرا لهم، وكاشفا لحقيقتهم وناقضا لأهوائهم، والله الهادي إلى سواء السبيل.
قلت: ومن سب وطعن في أصحاب رسول الله r؛ فهو على شفا هلكة.([230])
قال عبدالله بن أحمد /: (سألت أبي – يعني: الإمام أحمد – عمن شتم رجلا من أصحاب النبي r قال: أرى أن يضرب، قلت له: حد، فلم يقف على الحد، إلا أنه قال: يضرب، وقال: - يعني: الإمام أحمد – ما أراه على الإسلام).([231])
وقالأبو بكر المروذي: (سألت أبا عبدالله – يعني: الإمام أحمد – عن من يشتم: «أبا بكر»، و«عمر»، و«عائشة»؟ قال: ما أراه على الإسلام، قال: وسمعت أبا عبدالله يقول: قال مالك /: الذي يشتم أصحاب النبي r ليس لهم سهم، أو قال: نصيب في الإسلام).([232])
وقال الإمام أحمد /: (وخير الأمة بعد النبي r «أبو بكر»، و«عمر» بعد «أبي بكر»، و«عثمان» بعد «عمر»، و«علي» بعد «عثمان»، ووقف قوم: «على عثمان»؛ وهم خلفاء راشدون مهديون، ثم أصحاب رسول الله r بعد هؤلاء الأربعة خير الناس، لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص، فمن فعل ذلك فقد وجب: «على السلطان»؛ تأديبه وعقوبته، ليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ويستتيبه، فإن تاب قبل منه، وإن ثبت أعاد عليه العقوبة، وخلده في الحبس([233]) حتى يموت أو يراجع).([234])
وقال الميموني سمعت أحمـد يقـول: (ما لهم و«لمعاوية»([235]) ؟ نسأل الله العافية، وقال لي : يا أبا الحسن إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسـول الله r بسوء فاتهمه على الإسلام).([236])
وقال محمد بن يوسف الفريابي /: وسئل عمن شتم أبا بكر قال: (كافر، قيل: فيصلى عليه؟ قال: لا، وسأله: كيف يصنع به، وهو يقول: لا إله إلا الله؟ قال: لا تمسوه بأيديكم ادفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته).([237])
وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج10 ص65) موجها قول الإمام الفريابي: (ووجه ترك الصلاة عليهم: أنهم يكفرون أهل الإسلام، ولا يرون الصلاة عليهم، فلا يصلى عليهم؛ كالكفار من أهل الذمة وغيرهم، ولأنهم: مرقوا من الدين فأشبهوا المرتدين). اهـ
وقال القاضي أبو يعلى /: (الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة: إن كان مستحلا لذلك كفر، وإن لم يكن مستحلا فسق ولم يكفر، سواء كفرهم، أو طعن في دينهم مع إسلامهم). ([238])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ج3 ص1067): (فسب أصحاب رسول الله r حرام بالكتاب والسنة ... قال تعالى: ﴿ tûïÏ%©!$#ur crè÷sã úüÏZÏB÷sßJø9$# ÏM»oYÏB÷sßJø9$#ur ÎötóÎ/ $tB (#qç6|¡oKò2$# Ïs)sù (#qè=yJtFôm$# $YZ»tFôgç/ $VJøOÎ)ur $YYÎ6B ÇÎÑÈ ﴾([239])؛ وهم: صدور المؤمنين؛ فإنهم هم المواجهون بالخطاب...ولم يكتسبوا ما يوجب أذاهم، لأن الله سبحانه رضي عنهم رضى مطلقا؛ بقوله تعالى: ﴿ cqà)Î6»¡¡9$#ur tbqä9¨rF{$# z`ÏB tûïÌÉf»ygßJø9$# Í$|ÁRF{$#ur tûïÏ%©!$#ur Nèdqãèt7¨?$# 9`»|¡ômÎ*Î/ Å̧ ª!$# öNåk÷]tã (#qàÊuur çm÷Ztã ﴾([240])؛ فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان([241])، ولم يرضى عن التابعين؛ إلا أن يتبعوهم بإحسان....
وأما السنة: ففي الصحيحين عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد t قال: قال رسول الله r: (لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك أحدهم ولا نصفه).([242]) اهـ
قلت: لذلك يحرص أهل السنة جميعا على عدالة الصحابة y، والتشديد في هذه القضية.
فالطعن في صحابة رسول الله يفتح الباب على مصراعيه لأعداء الإسلام للطعن في الإسلام... ومن ثم يتم لأعداء الدين الطعن في القرآن الكريم.
وكذلك الطعن في الصحابة y هو الطعن في سنة النبي r المطهرة وسيرته الشريفة؛ لأن الصحابة y هم الذين رووا السنة والسيرة([243])؛ فتأمل.
قلت: فهذا هو التلازم والترابط: بين الرسول r وصحبه الكرام، لا ينفك أحدهما عن الآخر فتنبه.([244])
إذا الطعن فيهم؛ يعني: الطعن بإمامهم، ومعلمهم سيد المرسلين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «لمحة عن الفرق الضالة» (ص16): (فدل هذا على أنه مطلوب من آخر هذه الأمة أن يتبعوا: منهج السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذي هو: منهج الرسول r، وما جاء به الرسول r، أما من خالف منهج السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار؛ فإنه يكون من الضالين). اهـ
قلت: مع كل ما سبق من الكلام عن منهج: «سيد بن قطب» المفكر ترى بعض المفكرين يعظمون هذا الرجل المفكر، ويثنون عليه وعلى كتبه ويحثون عليها([245])!!!.
* واستمع إلى كلام الغنوشي وغيره ليتبين لك صدق ما قلنا في انتكاسة القوم، وتعظيمهم لهؤلاء مع انحرافهم.
õ قال الغنوشي الإخواني: (إن الاتجاه الإسلامي الحديث تبلور، وأخذ شكلا واضحا على يد «الإمام البنا»، و«المودودي»، و«قطب»، و«الخميني»، ممثلي أهم الاتجاهات الإسلامية في الحركة الإسلامية المعاصرة).([246]) اهـ
õ واقرأ ما سطره محمد بن صالح المنجد القطبي في رسالته «أربعين نصيحة لإصلاح البيوت» (ص23-25): حيث قال، وهو يحث على كتب المودودي المنحرفة: (كما أن هناك عددا من الكتب الجيدة في المجالات فمنها: كتب الأستاذ «سيد بن قطب»... وكتب الأستاذ «محمد بن قطب»... ومن كتب الأستاذ «أبي الأعلى المودودي»... وللأستاذ «أبي الحسن الندوي»...). اهـ
õ وقال عائض القرني السروري في رسالته في «كتب في الساحة الإسلامية» (ص66)- وهو يتكلم عن الكتب المهمة في هذا العصر: (...وكتب: «سيد بن قطب» و«محمد بن قطب»، وكتب «أبي الأعلى المودودي»، و«أبي الحسن الندوي»...).اهـ
* واستمع- أيضا – إلى ما قاله سلمان العودة السروري: (أيها الأخوة: رجالات الإسلام في هذا العصر: هم في ميادين شتى، فأنت إذا نظرت مثلا في ميدان الدعوة إلى الله... لعل من الأسماء البارزة المشهورة أمثال الشيخ: «حسن البنا»، و«أبو الأعلى المودودي»([247]) أو غيرهم من المصلحين.
وإذا نظرت في مجال الأدب والفكر، أمثال الأستاذ: «سيد بن قطب»، و«محمد بن قطب»، وغيرهم، من الكتاب المشهورين ، وكذلك كتابات «أبو الأعلى المودودي»، و«أبو الحسن الندوي»، وغيرهم).([248]) اهـ
قلت: وأظنك أخي الكريم قد اكتفيت بما نقلته لك في معرفة انحراف القوم، لوضوح تلك الأقوال وصراحتها، ولولا خشية الإطالة لزدتك، لكني أعلم بأنك نبيه فطن، محب للحق متبع له إن شاء الله، ولهذا كفاك ما سبق نقله، والله ولي التوفيق.
فإذا حصل ذلك فليعلم أن الذي يطيح بالمنزلة؛ والمكانة هو تجاهل الغلط... والاستمرار على المخالفات الشرعية.
قلت: وبيان حقيقة: «سيد بن قطب» التكفيري في عدم صلاته: «لصلاة الجمعة»، ويرى فقهيا بأن: «صلاة الجمعة» سقطت لعدم وجود – بزعمه – الخلافة الراشدة، والله المستعان.
فسيد بن قطب التكفيري يترك: «صلاة الجمعة»؛ بدون عذر شرعي، ويرى فقهيا بأن: «صلاة الجمعة» تسقط؛ لإنه لا جمعة إلا بخلافة.
* وذكر ذلك علي العشماوي([249]) – وهو آخر قادة الإخوان المسلمين– في كتابه: «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112) حيث قال بعد مناقشة طويلة مع سيد بن قطب التكفيري: (... وجاء وقت: «صلاة الجمعة»، فقلت له: دعنا نقم ونصلي، وكانت المفاجأة أن علمت – ولأول مرة – أنه – يعني: سيد بن قطب – لا «يصلي الجمعة»، وقال: إنه يرى فقهيا – أن: «صلاة الجمعة» تسقط إذا سقطت الخلافة، وإنه لا جمعة؛ إلا بخلافة...!!!). اهـ
فهل رأيت أخي الكريم انتكاس الرجل في المفاهيم أكبر من ذلك.
* وصلاة الجمعة: فرض عين يكفر جاحدها لثبوتها بالدليل القطعي من الكتاب والسنة والإجماع.([250])
قال تعالى:﴿$pkr'¯»t tûïÏ%©!$# (#þqãZtB#uä #sÎ) ÏqçR Ío4qn=¢Á=Ï9 `ÏB ÏQöqt ÏpyèßJàfø9$# (#öqyèó$$sù 4n<Î) Ìø.Ï «!$# (#râsur yìøt7ø9$# 4 ﴾.([251])
قلت: فقد أمر الله تعالى بالسعي، والأمر يقتضي الوجوب، ونهى عن البيع لئلا يشتغل به عنها، ولو لم تكن واجبة لما نهى عن البيع من أجلها.([252])
وقد بوب الحافظ النووي في «شرح صحيح مسلم» (ج6 ص152): باب التغليظ في ترك الجمعة.
وقال النبي r: لقوم يتخلفون عن صلاة الجمعة: (لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم).([253])
قلت: وهذا فيه دليل بعقاب من يترك صلاة الجمعة لغير عذر.
قال الإمام النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج6 ص152): (وفيه أن الجمعة فرض عين). اهـ
وقال النبي r: (من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه).([254])
وقوله r (تهاونا)؛ أي: تساهلا وتركا بلا عذر شرعي وقوله r (طبع الله)؛ أي: ختم (على قلبه)؛ بمنع إيصال الخير إليه.([255])
قال الحافظ العراقي /: (المراد بالتهاون الترك بلا عذر، وبالطبع أن يصير قلبه قلب منافق).([256]) اهـ
قلت: وما دخل الغل والحقد في قلب: «سيد بن قطب» الخارجي على المجتمعات الإسلامية إلا بسبب اختياره مذهب الخوارج، وتركه أداء صلاة الجمعة فحمل في قلبه نفاقا أداه إلى تكفير المسلمين!، وإطلاق على مساجدهم بمعابد الجاهلية!، وشراء الأسلحة والتفجيرات وتنفيذها في المجتمع المسلم، وتحريض الشعوب على الخروج على حكامهم، وطعنه في الرسل عليهم السلام، والصحابة y، وغير ذلك كما سبق ذكره.
قال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج12 ص318) عمن ترك صلاة الجمعة: (ومعلوم أن الصلاة هي عمود الإسلام، والركن الثاني من أركانه... مع الوعيد الشديد لمن لم يحافظ عليها؛ بأنه لا يكون له نور، ولا برهان، ولا نجاة، ويحشر يوم القيامة مع فرعون، وهامان، وقارون، وأبي بن خلف، وهذا يعم الصلوات الخمس بوجه عام وصلاة الجمعة بوجه خاص، ويعم أداءها في وقتها؛ كما شرع الله، وفي الجماعة مع المسلمين، وقال بعض أهل العلم: إنما ذكر النبي r حشر مضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة الذين هم من دعاة الكفر والضلال، ومن أئمة الكفر تحذيرا من هذا الأمر، وتنفيرا منه حتى لا يتشبه المسلم بهؤلاء الكفرة....
فعلينا معشر المسلمين أن نحذر هذه المشابهة، وعلى المسلم أن يعتني بالجمعة ويبادر إليها.
فهذا يدل على أن من تساهل بأمر الله وضيع ما أوجب الله عليه فهو معرض؛ لأن يختم الله على قلبه وسمعه([257])، ولأن موضع الغشاوة على بصره فلا يهتدي إلى الحق ولا يبصره، وبذلك يعلم أن الجمعة شأنها عظيم والتساهل بها خطير؛ فالواجب على أهل الإسلام أن يعتنوا بها، وأن يحافظوا عليها مع بقية الصلوات الخمس حتى يستفيدوا مما شرع الله فيها، وحتى يتذكروا ما يترتب على هذا الاجتماع من الخير العظيم: من التعارف، والتواصل، والتعاون على البر والتقوى، وسماع العظات والخطب، والتأثر بذلك، مع ما يترتب على ذلك من الخير الكثير، والأجر العظيم من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وزيارة بعضهم لبعض، والمناصحة، والتعاون على إقامة المشاريع الخيرية([258])، والتعرف على ما قد يخفى عليهم من أمور الإسلام، ولا سيما إذا اعتنى الخطباء بالخطب، وأعطوها ما تستحق من الإعداد والتحضير([259]) ، والعناية بما يهم الناس في أمور دينهم ودنياهم؛ كما نبه على ذلك أهل العلم). اهـ
قلت: فسيد بن قطب فوت كل هذا الخير العظيم بتركه صلاة الجمعة، والله المستعان.
* وأجمع المسلمون على وجوب صلاة الجمعة. ([260])
قلت: ومن هنا يتبين بأن شهود: «صلاة الجمعة» فرض عين على كل مسلم، وسيد بن قطب الخارجي الهالك ترك هذا الفرض الثابت في الكتاب والسنة والإجماع.
ولقد حذر السلف من ترك: «صلاة الجمعة» بدون عذر شرعي: منهم ابن عباس ﭭ.
عن ابن عباس ﭭ قال: (من ترك أربع جمع من غير عذر فقد نبذ الإسلام وراء ظهره).
أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص54 و57) من طرق عن عوف بن أبي جميلة عن سعيد بن أبي الحسن عن ابن عباس به.
وإسناده صحيح.
*وقد أنكر سفيان الثوري وغيره على الحسن بن صالح بن حي، وهو فيه بدعة تشيع قليل، وكان يترك صلاة الجمعة.
قال زافر بن سليمان: أردت الحج، فقال لي الحسن بن صالح: إن لقيت الثوري فأقرئه مني السلام.
وقل: إنا على الأمر الأول، فلقيت سفيان الثوري فأبلغته، قال: فما بـال الجمعة!، فما بال الجمعة!).([261])([262])
وقال خلاد بن يحيى: (قال لي سفيان الثوري الحسن بن صالح سمع العلم، ويترك الجمعة).([263])
وقال عبدالله بن إدريس الأودي: (ما أنا وابن حي لا نرى جمعة، ولا جهادا).([264])
وقال خلف بن تميم: (كان زائدة / يستتيب([265]) من أتى الحسن بن صالح بن حي).([266])
وقال أحمد بن يونس: (لو لم يولد([267]) الحسن بن صالح كان خيرا له يترك الجمعة).([268])
ﭑ ﭑ ﭑ
قال تعالى: ]وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون[ [البقرة: 11، 12].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ﴿أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون﴾ [القلم:35 و36].
ذكر الدليل
على تحذير الشارع من الدعاة الجهال في هذا العصر؛ منهم: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الجاهل، وما ترتب لهم من الخذلان في الحياة الدنيا، والوعيد الشديد بالعذاب بالنار يوم القيامة وأن وجود هؤلاء بين الناس علامة من علامات الساعة، وذلك لتدخلهم في الدين بغير علم وبصيرة في الدعوة إلى الله تعالى، ولما أحدثوا من الفوضى، والفتن بين المسلمين في الدين
اعلم رحمك الله أن الشارع حذر من الجاهل في الدين، وإن كانت عنده فصاحة وبلاغة، وليس العبرة ببلاغة، وفصاحة الإنسان بالبيان، والأسلوب، وبسط القول لكي يكون داعية يشار إليه بالبنان على جهل مركب فيه في العلم الشرعي!.([269])
والنبي r كره البيان السحري، وكره السلف الصالح التشقيق في الكلام، والغلو في الفصاحة به؛ لأنه ليس شرط في الدعوة إلى الله تعالى، وحذر ه من هذا الصنف لخطره على أمته ه.([270])
وإليك الدليل:
(1) عن أنس بن مالك t أن عمر t رأى رجلا يخطب فأكثر فقال عمر: (إن كثيرا من الخطب من شقاشق الشيطان).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص987)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج1 ص438)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص112)، وفي «الغيبة» (ص31)، والبخاري في «الأدب المفرد» (ص293)، والبغوي في «شرح السنة» تعليقا (ج12 ص364) من طرق عن حميد أنه سمع أنسا به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
ويشهد له ما: أخرجه أحمد بن حنبل في «المسند» (ج2 ص94)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج1 ص433)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص224)، والبخاري في «الأدب المفرد» (875)، وابن حبان في «صحيحه» (5718) من حديث ابن عمر ﭭ قال: (قدم رجلان من المشرق خطيبان على عهد رسول الله r، فقاما فتكلما،ثم قعدا، وقام ثابت بن قيس خطيب رسول الله r فتكلم، ثم قعد، فتعجب الناس من كلامهم فقال النبي r: (يا أيها الناس، قولوا بقولكم، فإنما تشقيق الكلام من الشيطان) وقال r: (إن من البيان لسحرا).([271])
وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «شرح المسند» (ج6 ص296)، و(ج8 ص55).
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص337) مختصرا، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص986)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص164)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص218)، والحدثاني في «الموطأ» (ص593)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص310)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص275)، والبغوي في «شرح السنة» (ج12 ص362)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج12 ص571)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج5 ص170)، وفي «الاستذكار» (ج27 ص318)، وابن بشكوال في «غوامض الأسماء المبهمة» (ج1 ص98) عن ابن عمر به.
قال الشيخ أحمد شاكر / في «شرح المسند» (ج8 ص55): (تشقيق الكلام التطلب فيه ليخرجه أحسن مخرج، وقوله ه: (قولوا بقولكم)؛ أي: تكلموا على سجيتكم دون تعمل، وتصنع للفصاحة والبلاغة).اهـ
فالتشقيق: التقعر في الكلام بالتشدق، وتكلف أسلوب واللباقة، والتصنع فيه بالشبهات، والمقدمات، وجري الأسلوب به عادة أهل الرأي المدعين للخطابة، والوعظ لكسب الثقة، وود الناس بالغش والخديعة في الدين، وكل ذلك من التصنع المذموم.
قال الإمام أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج1 ص228): (المعنى: أنه يبلغ من بيانه يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله، ويذمه فيصدق فيه، حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر، فكأنه قد سحر السامعين بذلك). اهـ
وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص176): (إذا كان ممن يحاول تزيين الباطل وتحسينه بلفظه، ويريد إقامته في صورة الحق فهذا هو المكروه الذي ورد فيه التغليظ). اهـ
وقال الإمام البغوي / في «شرح السنة» (ج12 ص364): (شبه الذي يتفيهق في كلامه، ولا يبالي بما قال من صدق، أو كذب بالشيطان). اهـ
(2) وعن عبدالله بن عمرو أن رسول الله r قال: (إن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها).
حديث حسن
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص274)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج9 ص15)، وفي «الآداب» (ص161)، والدارمي في «الرد على بشر المريسي» (ج2 ص874)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص141)، وفي «العلل الكبير» (ج2 ص782)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج4 ص251)، وفي «الآداب» (ص247)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص165)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص413)، وأبو الشيخ في «الأمثال» (ص354)، والحاكم في «المعرفة» (ص152)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج9 ص27)، وابن أبي حاتم في «العلل» (ج2 ص341) من طريق نافع بن عمر الجمحي عن بشر بن عاصم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ﭭ به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقال الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج2 ص540): (وهو حسن؛ كما قال الترمذي).
وأقره العراقي في «المغني» (ج2 ص38).
وقال الترمذي / في «العلل الكبير» (ج2 ص873): (سألت محمدا – يعني: البخاري – عن هذا الحديث، فقال: إن نافع بن عمر يقول عن عبد الله ابن عمرو، ومرة يقول: أراه عن عبدالله بن عمرو.
قال محمد: وأرجو أن يكون محفوظا). اهـ
وقال ابن أبي حاتم / في «العلل» (ج2 ص341): (وسألت أبي عن حديث: رواه وكيع([272]) عن نافع بن عمر الجمحي عن بشر بن عاصم عن أبيه قال: قال رسول الله r: (إن الله U يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه؛ كما تتخلل([273]) البقر بلسانها) فقلت لأبي: أليس حدثتنا عن أبي الوليد، وسعيد بن سليمان عن نافع بن عمر عن بشر بن عاصم الثقفي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي r؟
فقال: نعم.([274]) وقال: جميعا صحيحين، قصر وكيع). اهـ
وقوله r (يتخلل بلسانه)؛ أي: يتشدق في الكلام، ويفخم به لسانه، ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفا.([275])
قال أبو عبد الرحمن آبادي / في «عون المعبود» (ج13 ص348): (قوله r (البليغ)؛ أي: المبالغ في فصاحة الكلام، وبلاغته؛ وقوله r (الذي يتخلل بلسانه)؛ أي: يأكل بلسانه، أو يدير لسانه حول أسنانه مبالغة في إظهار بلاغته؛ وقوله r (تتخلل الباقرة بلسانها)؛ أي: البقرة كأنه أدخل التاء فيها على أنه واحد من الجنس كالبقرة من البقر، واستعمالها مع التاء قليل، قاله القاري). اهـ
وقال الإمام النووي / في «الأذكار» (ص572): (يكره التقعير في الكلام بالتشدق، وتكلف السجع، والفصاحة، والتصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون، وزخارف القول، فكل ذلك من التكلف المذموم). اهـ
قلت: وقد أنكر النبي r هذا الأمر لما يخالطه من الكذب، والتزيد على الكتاب والسنة.([276])
(3) وعن عدي بن حاتم t قال: (أن رجلا خطب عند رسول الله r فقال: (من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله r: (بئس الخطيب أنت، قل ومن يعص الله ورسوله).
وفي رواية: (قم أو اذهب، بئس الخطيب أنت).
وفي رواية: (بئس الخطيب أنت، قم).
وفي رواية: (قل من يطع الله، ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله، ورسوله فقد غوى، ولا تقل: ومن يعصهما).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج6 ص159)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص347)، وأبو داود في «سننه» (ج1 ص660)، و(ج5 ص259)، والطيالسي في «المسند» (ج2 ص363)، والبغوي في «شرح السنة» (ج12 ص360)، وابن حجر في «الموافقة» (ج1 ص33)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج5 ص229)، وفي «السنن الصغرى» (ج6 ص90)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص256)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص216)، وفي «الشعب» تعليقا (ج4 ص313)، وفي «معرفة السنن» (ج4 ص371)، وفي «الآداب» تعليقا (ص251)، وأبو عوانة في «المسند» (ج11 ص123-إتحاف المهرة)، والشافعي في «الأم» (ج1 ص202)، وفي «المسند» (446)، وابن النحاس في «القطع والائتناف» (ص28)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج8 ص371)، وابن حبان في «صحيحه» (2798)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص289)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص457)، وفي «حلية الأولياء» (ج8 ص310)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص581)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص98)، وأبو عمرو الداني في «المكتفى في الوقف والابتدا» (5) من طريق عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم t به.
قلت: فأنت ترى أنه r أنكر على الخطيب قوله: (ومن يعصهما)... وإنما أنكر عليه لتشريكه في الضمير المقتضي للتسوية، وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى بتقديم اسمه سبحانه.([277])
قال أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص510): (ظاهره: أنه أنكر عليه جمع اسم الله، واسم رسوله r في ضمير واحد). اهـ
وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج3 ص275): (أنكر عليه السلام جمع اسمه مع اسم الله في كلمة واحدة، وضمير واحد، لما فيه من التسوية تعظيما لله تعالى). اهـ
وقال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج12 ص360): (وفيه – يعني الحديث – تعليم الأدب في المنطق، وكراهية الجمع بين اسم الله تعالى، واسم غيره... لأنه يتضمن نوعا من التسوية). اهـ
وقال العلامة السندي / في «حاشيته على سنن النسائي» (ص80): (وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام من خصائصه r أنه كان يجوز له الجمع في الضمير بينه وبين ربه تعالى، وذلك ممتنع على غيره.
قال: وإنما يمتنع من غيره دونه؛ لأن غيره إذا جمع أوهم إطلاقه التسوية، بخلافه هو فإن منصبه لا يتطرق إليه إيهام ذلك). اهـ
وقال الإمام النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج6 ص159): (أن سبب النهي أن الخطب شأنها البسط، والإيضاح، واجتناب الإشارات، والرموز). اهـ
قلت: وأصبح في هذا الزمان عند الخطباء الجهل علما، والعلم جهلا عندما أخذوا بالرأي والهوى، وتركوا الآثار والسنة فوقعت الفتنة بين المسلمين([278])، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال الحافظ ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج10 ص366): (اعلم r أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور، والبدع، والأهواء المضلة؛ كما وقع للأمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر، وأن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس، وأن الدين إنما يبقى قائما عند خاصة من المسلمين لا يخافون العداوات، ويحتسبون أنفسهم على الله تعالى في القول بالحق، والقيام بالمنهج القويم في دين الله تعالى). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص301): (وقد وقع معظم ما أنذر به r، وسيقع بقية ذلك).
قلت: فالناظر إلى جمهور خطباء الجمع الذين يتصدرون، ويجيزون لأنفسهم ارتقاء المنابر للوعظ، والتدريس، والفتوى، والتوجيه، يرى بأن هؤلاء القوم يجيدون الكلام والتشدق، ولا يجيدون العلم وتطبيقه، والله المستعان.
إن أحوال الخطباء عجيبة... تراهم لا يعرفون كيف يوجهون الناس، وإلى أي اتجاه يدورون بهم... فمن هذا حالهم كيف سيفهم الناس كلامهم، وإلى أي وجهة يتجهون بهم اللهم غفرا.
قال تعالى: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ [الأنفال:25].
إذا فلا تغتر بحذلقة متحذلق، أو فيقهة متفيهق، أو تشدق متشدق، بل ﴿واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب﴾ [الشورى:15].
قلت: والمراد أن الناس إذا قام فيهم سفلة الناس هلكوا، والعياذ بالله.
قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «وجوب التثبت في الأخبار واحترام العلماء» (ص50): (إن وجود المثقفين، والخطباء المتحمسين لا يعوض الأمة عن علمائها... وهؤلاء قراء وليسوا فقهاء فإطلاق لفظ العلماء على هؤلاء إطلاق في غير محله، والعبرة بالحقائق لا بالألقاب فكثير ممن يجيد الكلام، ويستميل العوام وهو غير فقيه، والذي يكشف هؤلاء أنه عندما تحصل نازلة يحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها فإن الخطباء، والمتحمسين تتقاصر أفهامهم، وعند ذلك يأتي دور العلماء.
فلننتبه لذلك، ونعطي علماءنا حقهم، ونعرف قدرهم، وفضلهم، وننزل كلا منزلته اللائقة به). اهـ
4) وعن أنس t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص178)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص107)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2056)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص491)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص98)، والطيالسي في «المسند» (ص166)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص28)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص359)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص151)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص543)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص151)، والبغوي في «التفسير» (ج6 ص179)، وفي «شرح السنة» (ج15 ص24)، ودانيال في «مشيخته» (ق/99/ط)، والنعال في «مشيخته» (ص114)، وأبو الشيخ في «الفوائد» (ص35)، وفي «ذكر الأقران» (ص102)، والمستغفري في «دلائل النبوة» (ج1 ص302)، والنسائي في «العلم» (ص186)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص315)، ومعمر الأزدي في «الجامع» (ج11 ص381)، وأبو يعلى في «المسند» (2892)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (ج4 ص813)، والروياني في «المسند» (ج2 ص264)، والخطابي في «العزلة» (ص96)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج4 ص197)، وابن ماجة في «سننه» (ج2 ص1343)، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (2152) من طريقين عن أنس بن مالك t به.
قلت: فمن أشراط الساعة أن يقل العلم، ويفشو الجهل.
قال الحافظ ابن بطال /: (وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عيانا، فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وألقي الشح في القلوب، وعمت الفتن، وكثر القتل).([279]) اهـ
وعقب على ذلك ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص16) بقوله: (الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير، مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر، وإليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم، فلا يبقى إلا الجهل الصرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك). اهـ
وقال الإمام الخطابي / في «العزلة» (ص97): (يريد ظهور الجهال المنتحلين للعلم، المترئسين على الناس به قبل أن يتفقهوا في الدين، ويرسخوا في علمه). اهـ
5) وعن أنس بن مالك t عن رسول الله r ليلة أسري به قال: (رأيت قوما تقرض ألسنتهم بمقاريض من نار -أو من حديد- فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك).([280])
وفي رواية: (هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرؤون كتاب الله، ولا يعملون به).
حديث صحيح
أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص118)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص237) من طريقين عن معتمر بن سليمان قال: وحدث أبي أن أنسا حدث عن رسول الله r فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وتابعه ابن المبارك عن سليمان التيمي به.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص172) من طريق يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا عبد الله بن موسى ثنا ابن المبارك به.
وإسناده حسن في المتابعات.
وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص180)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص261)، أبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص386)، و(ج6 ص248)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص135)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (2646)، و(2647)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص238) من طريق يزيد بن زريع عن هشام بن أبي عبد الله عن المغيرة حدثني مالك بن دينار عن أنس بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه إبراهيم بن أدهم عن مالك بن دينار به.
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص43) من طريق بقية حدثنا إبراهيم بن أدهم به.
وإسناده حسن.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص239)، والخطيب في «الاقتضاء» (111) من طريق مسلم حدثنا صدقة بن دينار، والحسن بن أبي جعفر عن مالك بن دينار عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك t به.
وإسناده ضعيف.
وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (476)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص249) من طريق سهل بن حماد أبي عتاب ثنا هشام الدستوائي عن المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس بن مالك t به.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص120)، وفي «الزهد» (ص45)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص367)، وفي «تفسيره» (ج2 ص342- تفسير ابن كثير)، وأبو يعلى في «المسند» (ج7 ص69)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص353)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص68)، والخطيب البغدادي في «الموضح» (ج2 ص170)، وفي «تاريخ بغداد» (ج6 ص199)، ووكيع في «الزهد» (297)، وابن مردويه في «تفسيره» (ج2 ص342- تفسير ابن كثير)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج14 ص308)، وابن المبارك في «الزهد» (ص282)، وفي «المسند» (ص22)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص249)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج1 ص534) من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، كما في «التقريب» لابن حجر (ص696).
وأخرجه الطيالسي في «المسند» (2060) من طريق المبارك بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان به.
وأخرجه ابن مردويه في «تفسيره» (ج2 ص343- تفسير ابن كثير) من طريق عمر بن قيس عن علي بن زيد عن ثمامة عن أنس بن مالك t به.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص239)، والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص130) من طريق المحاربي أخبرنا سفيان عن خالد بن سلمة عن أنس بن مالك t به.
وإسناده حسن.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص265) من طريق جعفر بن سليمان عن عمر بن نبهان عن قتادة عن أنس بن مالك t به.
وإسناده ضعيف.
فالخطباء هم القدوة، والأسوة يأمرون الناس بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، وهم في أعين الناس مقياس الفضائل، والالتزام بشعائر الدين، والالتزام بالأخلاق.([281])
فإذا هم لم يطبقوا، ولم يعملوا بما قالوا سقطت هيبتهم من أعين الناس، وأصبحوا لأهل الأهواء حجة يعلق عليها هؤلاء إفسادهم، ويبررون بها شهواتهم كما هو مشاهد.
فالقول بغير عمل زخرفة لا فائدة فيه، شعار زائف يتاجر به أصحاب المنافع من الحزبيين وغيرهم، ويستتر وراءه كل طامع في الدنيا.
قلت: والغرض أن النبي r ذم الخطباء الجهلة المتعالمين على هذا الصنيع، ونبههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه، اللهم غفرا.
وما أحسن الاستنكار من الله تعالى على هذا الصنف وأمثالهم؛ في قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون «2» كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون[ [الصف: 2 و3].
قال الحافظ الذهبي / في «التمسك بالسنن» (ص32): (واتباع الشرع، والدين متعين، واتباع غير سبيل المؤمنين بالهوى وبالظن، وبالعادات المردودة مقت وبدعة).اهـ
قلت: فهما طريقان: اتباع الرسول r والسنة، أو اتباع الهوى والبدعة، وليس من سبيل إلى ثالث، فمن لم يتبع الرسول r فلابد أن يتبع الهوى.
قال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [يونس:32].
قال تعالى: ]فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون[ [القصص:50].
قال الإمام القرطبي / في «جامع أحكام القرآن» (ج8 ص335): «(ذا) صلة أي ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال... قال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق، والباطل منزلة ثالثة... والضلال حقيقته الذهاب عن الحق». اهـ
قلت: فالأخطاء إذا انتشرت في المجتمع أفسدته بل قضت عليه، لهذا كانت للخطباء المتعالمين المفسدين هذه العقوبة التي ينخلع لها القلب، ويطير لها الفؤاد جزاء يستحقونه من الله تعالى؛ لإضلالهم الناس بتعليمهم العقائد الفاسدة، والمناهج السياسية، والفتاوى الباطلة، والأحاديث الضعيفة، والمنكرة، والقصص الموضوعة، والباطلة، والأخطاء في الأحكام الفقهية... نسأل الله العافية والسلامة.
وقد ذكر الذهبي / في «الميزان» (ج3 ص655) في ترجمة محمد بن علي بن عطية الواعظ المعروف بـ(أبي طالب المكي) الصوفي، قول أبي طاهر العلاف: (إن أبا طالب وعظ ببغداد، وخلط كلامه، وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضر من الخالق، فبدعوه وهجروه، فبطل الوعظ).
قلت: هكذا لابد أن يفعل في الوعاظ المخلطين المختلطين، لا أن يكرموا، ويعززوا في المسابقات، والاحتفالات، والفضائيات، والتلفاز، والله المستعان.
واغترار هؤلاء بحلم الله تعالى يعد من طمس البصيرة، وإلا فكيف يغتر عبد بحلم الله تعالى، وهو يقرأ قوله U: ]ويحذركم الله نفسه[ [آل عمران:28].
وما أكثر هذا الصنف في عالم البشر اليوم، قد سقط الحياء منه، وتبلد حسه، وظهر فسقه، وطار شره بين الخلائق، وزاحم أهل الظلم، والفساد في الشر، والعناد نعوذ بالله من الخذلان.
إذا فالواجب على العاقل أن يحذر مخالطة أصحاب الأهواء، فإن نارها تحت الرماد، ونسأل الله السلامة.
قال الإمام القحطاني / في «القصيدة النونية» (ص7):
لا يصحب البدعي إلا مثله |
|
|
تحت الدخان تأجج النيران |
فأين المتعظون؟ أين المعتبرون؟ أين أولو الأحلام والنهى؟ أما طالعوا عقوبات الله فيمن سبق، وعظيم سطوته بمن عصى، وعائد، وكذب؟ أتاهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون، أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، وحذرهم بأسه، وعقابه، وأليم عذابه، وعظيم سطوته، فما ارتدعوا، ولا انزجروا، ورجعوا قد أنذرهم على ألسن رسله فظلوا في طغيانهم يعمهون، وفي الضلال سادرون، وحاق بهم من العذاب ما كانوا به يستهزؤن، وأتاهم من حيث لا يشعرون.([282])
قال تعالى: ]أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون[ [النحل:45].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص144): (وبنو آدم هم جهال ظلموا أنفسهم يستعجل أحدهم ما ترغبه لذته، وبترك ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له، فيعقبهم ذلك من الألم والعقوبات، إما في الدنيا، وإما في الآخرة ما فيه عظم العذاب، والهلاك الأعظم).اهـ
ومن هنا يجب التحذير من المتعالمين([283]) الذين هم من أسباب الفتن، والمحن، والبلاء، وعدم نصر المسلمين على عدوهم ليجتنبوا، ويصار إلى أهل الرسوخ، ليستدفع البلاء بهم من الله تعالى، وتدرأ الفتن، وترسوا السفينة إلى بر الأمان في البلدان.
قلت: والسنة النبوية كشفت للمسلمين هذا الصنف من الناس.
6) فعن عبد الله بن عمرو بن العاص t قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص33)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص47)، وفي «التاريخ الكبير» (ج1 ص257)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص208)، وفي «التمييز» (ص175)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص31)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص456)، وعبد الرزاق بن أحمد في «زوائده على جزء نافع بن أبي نعيم» (ص59)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص91)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص20)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص162)، والخطابي في «العزلة» (ص91)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص162)، والمهرواني في «المهروانيات» (ص136)، والخليل في «مشيخته»، كما في أخبار قزوين للرافعي (ج2 ص217)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص586)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص1106) وفي «النبذ» (ص93)، وابن وضاح في «البدع» (ص170)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص358)، والحميدي في «المسند» (ج1 ص265)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص54)، والجرجاني في «الأمالي» (ق/73/ط)، والطيالسي في «مسنده» (ص302)، والقشيري في «الأربعين» (ص22)، وابن شاذان في «مشيخته الصغرى» (ص16)، وأبو إسحاق الهاشمي في «الأمالي» (ص49)، والمستغفري في «دلائل النبوة» (ج1 ص352)، والنسفي في «علماء سمرقند» (ص549)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص432)، وفي «المجروحين» (ج1 ص21)، وفي «الثقات» (ج9 ص166)، وابن فهد في «الذيل على التذكرة» (ص149)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص163)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص315)، وفي «تفسيره» (ج3 ص364)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج2 ص85)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص680)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج2 ص253)، وفي «السنن الكبرى» (ج10 ص116)، وفي «المدخل» (ص75)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص543)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص142)، وفي «معرفة الصحابة» (ج3 ص1722)، وفي «الحلية» (ج2 ص18)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج8 ص368)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج1 ص380)، وفي «تالي التلخيص» (160)، وفي «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص321)، وفي «الموضح» (ج1 ص321)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص301)، وأبو علي المدائني في «فوائده» (ص150)، وابن الجعد في «المسند» (ج2 ص962)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص752)، وفي «ميزان الاعتدال» (ج2 ص306)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص330)، وفي «السير» (ج11 ص144)، وزهير بن حرب في «العلم» (ص29)، والآجري في «أخلاق العلماء» (ص51)، وفي «فضل طلب العلم» (57)، والطبراني في «المعجم الصغير» (ج1 ص165)، وفي «المعجم الأوسط» (ج1 ص65)، وابن المبارك في «الزهد» (ص281)، وفي «المسند» (ص15)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص127)، والأصبهاني في «الترغيب» (ج3 ص98)، وابن تيمية في «الأربعين» (156)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (ج2 ص446)، والخليلي في «الإرشاد» (ج1 ص303)، و(ج2 ص517)، وابن خلاد في «عوالي ابن أبي أسامة» (ص55)، وابن هزارمرد الصريفيني في «مجلس من أماليه» (ق/3/ط)، والآبنوسي في «مشيخته» (37)، وابن الصلاح في «المجلس الثالث من أماليه» (ص68)، والطائي في «الأربعين في إرشاد السائرين» (ص157)، ومحمد بن طاهر في «الحجة» (ج2 ص579)، والداني في «الفتن» (ج3 ص587)، وأبو عبد الرحمن السلمي في «مجلس من حديثه» (ق/2/ط)، والحاكم في «عوالي مالك» (ج1 ص94)، وابن أبي سعد في «الأربعين» (ص125)، والحمامي في «حديثه» (ص85)، وفي «الفوائد» (ص126)، والبياني في «مشيخته» (ص36)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص358)، وفي «طبقات الشافعية الكبرى» (ج1 ص323)، والأبهري في «حديثه» (ص41)، والديلمي في «الفردوس» (ج1 ص165)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص21)، وعبد الله بن وهب في «المسند» (ص117)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص578)، وابن أبي إياس في «العلم» (ص111)، والحدثاني في «الموطأ» (ص615)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص281)، والجورقاني في «الأباطيل» (104)، والبزار في «المسند» (2422)، وابن العديم في «تاريخ حلب» (ج3 ص1373)، والجهضمي في «مسند حديث مالك» (ص21)، والصوري في «أخبار الشيوخ» (ص358)، وابن المسلمة في «الأمالي» (ص191)، وابن البطر في «جزئه» (ص313)، وتمام في «الفوائد» (ج1 ص324)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص40)، والمحاملي في «أماليه» (369)، والأزدي في «الأوهام» (ص55)، والطيوري في «الطيوريات» (ج1 ص20)، والإسكندري في «الأربعين» (ص491)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج2 ص909)، ودانيال في «مشيخته» (ق/85/ط)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص66)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص345)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص177)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج2 ص752)، وابن جماعة في «مشيخته» (ج1 ص201)، وابن المظفر في «غرائب مالك» (ص142)، وابن أبي عيسى في «اللطائف» (ص199)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (254)، وابن جميع في «معجم الشيوخ» (156)، والرافعي في «التدوين» (ج3 ص130)، وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ص110)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص38)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ج2 ص451)، وابن اللتي في «مشيخته» (ص437)، والقاضي الشريف في «حديثه» (ق/13/ط)، ونصر المقدسي في «الحجة» (ج2 ص565)، وابن أبي نصر في «الأربعين من مسانيد المشايخ العشرين» (ص197)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص274)، وفي (ق/58/ط)، وأبو القاسم الدمشقي في «الفوائد» (ص42)، وابن مردويه في «المنتقى» (ص241)، والفربري في «زوائده على صحيح البخاري» (ج1 ص194)، وابن رشيق في «جزئه» (ص56)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج2 ص376)، والدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج4 ص109)، وعبد الغني المقدسي في «العلم» (ص84)، والعصمي في «جزئه» (ص125)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط» (ج3 ص376)، و(ج5 ص65) من طريق عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو به.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (673)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (2322)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص210)، وابن عدي في «الكامل» (ج5 ص1965)، وعبد الرزاق في «المصنف» (20481) من طرق عن ابن عمرو به.
وأخرجه النقاش في «الفوائد العراقيين» (ص70)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص193) من طريق عبد الغفار بن الحسن عن سفيان الثوري عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو به.
قلت: وإسناده فيه عبدالغفار بن الحسن وفيه كلام، لكنه توبع.
7) وعن عمرو بن قيس الكندي، قال: سمعت: عبد الله بن عمرو بن العاص ﭭ ، قال: (من أشراط الساعة أن يظهر القول، ويخزن العمل، ويرتفع الأشرار، ويوضع الأخيار، وتقرأ المثاني([284]) عليهم؛ فلا يعيبها أحد منهم قال: قلت: ما المثاني؟ قال: كل كتاب سوى كتاب الله). يعني: كتب المخالفين في الدين.
حديث صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص165)، ونعيم بن حماد في «الفتن» (ج1 ص243)، وابن وضاح في «البدع» (ص148)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (ج4 ص799)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص415)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص554)، والطبراني في «مسند الشاميين» (ج1 ص267)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج13 ص593)، والدارمي في «المسند» (493)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج4 ص281) من عدة طرق عن عمرو بن قيس به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: وإن كان الحديث موقوفا؛ لكن له حكم الرفع، لأن مثله لا يقال بالرأي.
قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج6 ص775): (هذا الحديث من أعلام نبوته ه ، فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء، وبخاصة منها ما يتعلق بـ(المثناة) وهي كل ما كتب سوى كتاب الله؛ كما فسره الراوي، وما يتعلق به من الأحاديث النبوية، والآثار السلفية، فكأن المقصود بــ(المثناة) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين-وعلى الحزبيين- التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله، وسنة رسوله ه؛ كما هو مشاهد اليوم مع الأسف من جماهير المتمذهبين، وفيهم كثير من الدكاترة، والمتخرجين من كليات الشريعة، فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب، ويوجبونه على الناس حتى العلماء منهم!.. فقد جعلوا المذهب أصلا، والقرآن الكريم تبعا، فذلك هو (المثناة) دون ما شك، أو ريب). اهـ
قلت: وكذلك المقصود بــ(المثاني، أو المثناة) الكتب الحزبية الفكرية المفروضة على الحزبيين التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ه كما هو مشاهد اليوم... فقد جعلوا الحزب، أو الجمعية أصلا، والقرآن الكريم، والسنة النبوية تبعا ... فهي كتب فكرية مضلة سياسية.
8) وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (سمعت أنه يقال: لا تمكن رجلا زائغ القلب من أذنك).
أثر صحيح
أخرجه ابن محرز في «معرفة الرجال» (ص292) من طريق يحيى بن معين قال: حدثنا معن قال: قال مالك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الباجي في «المنتقى» (ج4 ص274)، والشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص131).
9) وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (لرجل؛ يا هذا ما تلاعبت به فلا تلعبن بدينك! ([285]».
أثر صحيح
أخرجه الغضائري في «حديثه» (ص21)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1538)، واللالكائي في «الاعتقاد» (295) من طريقين عن القعنبي قال: قال مالك بن أنس به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: وهؤلاء الخطباء على معرفتهم بضعفهم في العلم والدين، فإنهم بلا حياء من الله تعالى، ومن خلقه يخطبون في الناس على أنهم من المشايخ، وهم: أبعد الناس من المشيخة، بل هم أجهل الناس، لأنهم وقعوا في الجهل المركب الذي هو أشد من الجهل البسيط، والله المستعان.
10) فعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري t قال: قال رسول الله r: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص515)، وفي «الأدب المفرد» (ص206)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص252)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1400)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص121 و122) و(ج5 ص273)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص192)، وفي «شعب الإيمان» (ج6 ص143)، وفي «الآداب» (ص132)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص336)، والدارمي في «الرد على المريسي» (ص173)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص546)، وفي «مشيخته» (ص86)، وفي «جامع المسانيد» (ج6 ص122)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص479)، وابن الجعد في «المسند» (ج1 ص464)، وابن الأبار في «المعجم» (ص148 و149)، والطيالسي في «المسند» (ص86)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (ج5 ص273)، وابن فاخر في «مجلس من أماليه» (ص482)، وأبو بكر الأنصاري في «المشيخة الكبرى» (ج2 ص600)، وفي «المشيخة الصغرى» (ص24)، والقاسم الثقفي في «الأربعين» (ص220)، وأبو طاهر السلفي في «الأربعين البلدانية» (ص49)، والغطريفي في «جزئه» (ص122)، وتمام في «الفوائد» (1086)، والمزي في «تهذيب الكمال» (2/ق/742/ط)، ونجم الدين النسفي في «علماء سمرقند» (ص298)، وابن النقور في «مشيخته» (ص79)، وابن نجيد السلمي في «حديثه» (1003)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص370)، و(ج8 ص124)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص304 و356)، و(ج6 ص114 و115)، و(ج3 ص100)، وابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (ص18)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص173)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص395)، والنعال البغدادي في «مشيخته» (ص93)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص97)، وأبو نصر البقال في «حديثه» (ص45)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج3 ص1844)، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص189)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج7 ص495)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج40 ص508 و509) و(ج46 ص301) و(ج64 ص63)، وفي «معجم الشيوخ» (ج1 ص479)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص196)، والسمان في «مشيخته» كما في «التدوين في أخبار قزوين» للرافعي (ج1 ص468)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص187 و188)، وابن قدامة في «التوابين» (ص237)، وابن عدي في «الكامل» (ج6 ص2102)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص3)، وفي «روضة العقلاء» (ص57)، والإسماعيلي في «المعجم» (ج2 ص629 و630)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص68 و69)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص164)، وفي «المعجم الكبير» (ج17 ص236 و237)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص99)، وفي «السير» (ج1 ص259) و(ج16 ص102)، وأبو الشيخ في «الأمثال» (ص122)، وفي «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص235)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص343 و357 و395)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج2 ص561)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط» (ج1 ص245)، والأسكداري في «طنين المجلجلات» (ق/47/ط)، والسخاوي في «الجواهر المكللة» (ص199 و200)، وأبو عمرو الداني في «علوم الحديث» (70)، و(71)، والعبدري في «رحلته» (ص110)، وأبو الحسن الإخميمي في «الفوائد المنتقاة» (ق/2/ط)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص267)، وأبو الليث السمرقندي في «تنبيه الغافلين» (ص223)، ومحمد عابد في «حصر الشارد» (ج2 ص663)، والقطيعي([286]) في «زوائد المسند» (ج5 ص673)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ بغداد» (ج2 ص257 و372)، و(ج3 ص342 و511)، وابن نقطة في «معرفة رواة السنن» (ص604)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج3 ص86)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج3 ص31)، وفي «حديثه» (ص146)، والخلدي في «الفوائد» (ص177)، وأبو زكريا ابن نصر في «مجلسين من أماليه» (ق/9/ط)، والفهري في «استنزال السكينة» (ص55)، والأيوبي في «المناهل» (ص196)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج11 ص4034) من طرق عن منصور بن معتمر عن ربعي بن حراش عن أبي مسعود t به.
وقوله r: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى)؛ يشير النبي r إلى أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين، وأن الناس تداولوه بينهم، وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن.
وهذا يدل على أن النبوة المتقدمة جاءت بهذا الكلام، وأنه اشتهر بين الناس حتى وصل إلى أول هذه الأمة.([287])
إذا الحياء مما أثر عن الأنبياء السابقين، وتداوله الناس وتوارثوه قرنا بعد قرن.
قلت: وهذا يدل على اتفاق الأنبياء على هذا الأمر، وما اتفاقهم إلا لفضل الحياء، وذم فاقده.
وقوله r: «فاصنع ما شئت»؛ هو أمر بمعنى الخبر، أو هو للتهديد، والوعيد؛ أي: اصنع ما شئت فإن الله يجزيك، أو إذا لم يكن لك حياء فاعمل ما شئت فإن الله يجازيك عليه.([288])
قال الإمام الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج3 ص2198): (معنى قوله r: (النبوة الأولى)؛ أن الحياء لم يزل ممدوحا على ألسن الأنبياء الأولين ومأمورا به، لم ينسخ فيما نسخ من الشرائع، فالأولون والآخرون فيه على منهاج واحد.
وقوله r: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)؛ فإن لفظه لفظ أمر ومعناه الخبر. يقول: إذا لم يكن لك حياء يمنعك من القبيح صنعت ما شئت، يريد ما تأمرك به النفس وتحملك عليه مما لا تحمد عاقبته، وحقيقته: من لم يستح صنع ما شاء). اهـ
وبوب عليه الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج10 ص523) باب: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
قال تعالى: ]اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت:40].
قلت: وإذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت والله المستعان.([289])
قال الإمام الخطابي /: (الحكمة في التعبير بلفظ الأمر دون الخبر في الحديث: أن الذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء، فإذا تركه صار كالمأمور طبعا بارتكاب كل شر).([290])([291]) اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح الأربعين النووية» (ص210): (والحياء نوعان: الأول: فيما يتعلق بحق الله U. والثاني: فيما يتعلق بحق المخلوق. أما الحياء فيما يتعلق بحق الله U فيجب أن تستحي من الله U أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك، وأما الحياء من المخلوق فأن تكف عن كل ما يخالف المروءة، والأخلاق). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «جامع العلوم» (ص497): (وقوله r: «إذا لـم تستح فاصنع ما شئت»؛ في معناه قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان:
أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن حياء، فاعمل ما شئت، فالله يجازيك عليه، كقوله تعالى: ]اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت:40].
والطريق الثاني:أنه أمر، ومعناه الخبر، والمعنى: أن من لم يستحي، صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء، انهمك في كل فحشاء، ومنكر.
والقول الثاني: في معنى قوله r: (إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت): أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر لفظه، وأن المعنى: إذا كان الذي تريد فعله مما لا يستحيا من فعله لا من الله، ولا من الناس، لكونه من أفعال الطاعات، أو من جميل الأخلاق، والآداب المستحسنة، فاصنع منه حينئذ ما شئت). اهـ
وقوله r: (النبوة الأولى)؛ أن الحياء لم يزل أمره ثابتا، واستعماله واجبا منذ زمان النبوة الأولى، وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحث عليه، وأنه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد علم صوابه، وبان فضله، واتفقت العقول على حسنه، وما كان هذا صفته: لم يجز عليه النسخ والتبديل.([292])
قلت: فمن أراد أن يقتدي بالأنبياء عليهم السلام فليستحي من الله تعالى من قبيح الأمور([293])... لأن الحياء مانع من الأعمال القبيحة كـ(الكذب) وغيره.
قلت: والشرائع السابقة للأنبياء جاءت بالفضيلة، ونهت عن الرذيلة... فهم متفقون على الحياء.
ﭑ ﭑ ﭑ
المدخل
قال تعالى: ]ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا[ [النساء: 123].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت لأهالها، ليصلوا فيها الفرائض عند الأعذار، ويصلوا فيها النوافل لما شرعت صلاتها في البيوت، وصلاة النساء للفريضة والنافلة في مساجد البيوت وأن يذكر فيها اسم الله تعالى، ويقرأ فيها القرآن، وغير ذلك من العبادات، وهذا يدل على أن اتخاذ المساجد في البيوت له أصل في الشريعة المطهرة، وفي هذا قمع «لعبد الرحمن بن عبد الخالق» لمخالفته سنن الهدى
اعلم رحمك الله أن مما يدخل في مسمى المسجد، مسجد البيت للصلاة، وقد اتخذ السلف مساجد في البيوت([294]).
وقد عرف الفقهاء مساجد البيوت بأنها: المكان المخصص في البيت للصلاة فيه([295]).
وإليك الدليل:
1) عن عتبان بن مالك t قال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلي بقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتي المسجد فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله، أنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى، قال: فقال له رسول الله r: سأفعل إن شاء الله... فاستأذن رسول الله r فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فصلى رسول الله r في بيته).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (415)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص455)، والنسائي في «السنن الكبرى» (865)، و(920)، و(1251)، وفي «المجتبى» (ج2 ص80 و105)، وابن ماجه في «سننه» (754)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص244)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص322 و323)، وفي «السنن المأثورة» (155)، و(156)، وفي «المسند» (53)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص449) من طريق الزهري قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري: أن عتبان بن مالك t به.
ووجه الدلالة: أن النبي r أقر لهذا المعذور اتخاذ مصلى في بيته؛ يعني: مسجدا، وذلك يدل على أنه يجوز للرجل([296]) المعذور شرعا، والمتخلف عن الجماعة، أن يتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه الفريضة والنافلة.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج1 ص164)؛ باب: المساجد في البيوت.
وبوب عليه الحافظ البغوي في «شرح السنة» (ج2 ص395)؛ باب: المساجد في البيوت وتنظيفها.
وقال العلامة السندي / في «حاشيته على مسند الإمام أحمد» (ج4 ص65): (ولذلك جاء صلى في بيته يتخذ ذلك المحل مسجدا أيام السيول).اهـ
قلت: والمقصود به مكان يخصصه صاحب البيت للصلاة فيه الصلوات التي يعذر فيها عدم الذهاب إلى الجماعة في المسجد، أو التي لا يؤديها في المسجد، كصلاة النافلة ونحوها.
ويؤكد ذلك الأدلة الشرعية الدالة على أن صلاة النافلة في البيت أفضل.
وعليه فإنه يجوز للرجال اتخاذ المصلى في البيوت.
وقد قال أهل العلم بأن الصلاة بالبيوت إحياء لها بذكر الله تعالى، وحصن لها من الشياطين.
قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص377): (مساجد البيوت هي: أماكن الصلاة منها، وقد كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها).اهـ
2) وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: أخبرتني خالتي ميمونة بنت الحارث ڤ قالت: (كان فراشي حيال مصلى النبي r، فربما وقع ثوبه علي وأنا على فراشي). وفي رواية: (وأنا حائض).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (517)، و(518) من طريق هشيم، وعبدالواحد بن زياد قالا: حدثنا الشيباني، حدثنا عبد الله بن شداد به.
قلت: وهذا يدل على أن النبي r كان يصلي في مسجد بيته في بيت ميمونة ڤ ، وهي مضطجعة إلى جانبه، وهي حائض من قولها: «حيال مصلى النبي r».
3) وعن بلال t قال: (أتيت رسول الله r أوذنه بالصلاة، وهو يريد الصيام، فشرب، ثم ناولني وخرج إلى الصلاة).
حديث صحيح
أخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13) من طريق حسين بن محمد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن بلال t به.
قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13)، والشاشي في «المسند» (479)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1082) من طريق يحيى بن آدم، وأبي أحمد الزبيري، قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل المزني، عن بلال t قال: (أتيت رسول الله r أوذنه بالصلاة وهو يريد الصيام، فدعا بقدح فشرب وسقاني، ثم خرج إلى المسجد للصلاة، فقام يصلي بغير وضوء، يريد الصوم).
وإسناده صحيح.
وأخرجه الشاشي في «المسند» (972)، و(973)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1083) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن بلال t به.
وإسناده صحيح.
قوله: (أوذنه)؛ من الإيذان، يعني: الإخبار.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13) من طريق وكيع، حدثنا جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال t: (أنه جاء إلى النبي r يؤذنه بالصلاة، فوجده يتسحر في مسجد بيته).
وإسناده حسن في المتابعات.
وهذا يدل على أن النبي r قد اتخذ مسجدا في بيته، من قوله: «يتسحر في مسجد بيته».
ومعناه: جاء يخبر النبي r أن يأتي إلى المسجد، ويصلي بالناس، وكان ذلك بعد أذان الفجر الصحيح، وهو طلوع النور.
فكان النبي r يتسحر بعد أذان الفجر إلى الإقامة، فشرب r اللبن، وشرب معه بلال أيضا بعد طلوع الفجر الصادق، وكان ذلك قبيل إقامة صلاة الفجر.
وظاهر الحديث أن النبي r شرب اللبن بعد طلوع الفجر بكثير إلى الإقامة([297]).
وليس في الحديث أي إشكال في الأكل والشرب بعد طلوع الفجر.
قال العلامة السندي / في «حاشيته على المسند» (ج5 ص434): (قوله : «بغير وضوء»؛ أي: من غير أن يتخلل بين الشرب، والصلاة وضوء، بل كان متوضئا قبل.
وظاهر الحديث أنه شرب بعد طلوع الفجر). اهـ
وهذا فيه رد على المقلدة الذين يفتون الناس بالإمساك عن الطعام والشراب على الأذان الحالي، وهو متقدم على طلوع الفجر بخمسين دقيقة([298]).
4) وعن عائشة ڤ قالت: (أمرنا رسول الله r ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (455)، وأحمد في «المسند» (ج6 279)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص152)، وابن حبان في «صحيحه» (1634)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص172)، و(ج4 ص44 و240)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج14 ص160) من طريق محمد بن العلاء، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ڤ.
قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج6 ص497)، وحسنه البغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص287).
وقال الشيخ الألباني في «صحيح أبي داود» (ج2 ص354): (وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين).اهـ
وتابع حسين بن علي الجعفي: يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال: حدثنا زائدة بن قدامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ڤ قالت: (أمر رسول الله r أن تتخذ المساجد في الدور، وأن تطهر، وتطيب).
أخرجه ابن ماجه في «سننه» (759)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج6 ص152).
وإسناده حسن من أجل يعقوب بن إسحاق الحضرمي، فإنه صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص1087).
وتابع زائدة بن قدامة: عليه؛ سفيان الثوري.
أخرجه ابن عدي في «الكامل» (ج4 ص248) من طريق عبد الله بن الوليد العدني، حدثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة ڤ: (أن النبي r أمر بتنظيف المساجد التي في البيوت).
وإسناده حسن.
وتابعه عبد الله بن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r يأمرنا ببناء المساجد في الدور، ويأمر بتنظيفها).
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص393) من طريق خالد بن أبي يزيد القطربلي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك به.
وإسناده حسن من أجل خالد بن أبي يزيد القطربلي وهو صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص294).
قلت: وهذا مثل اتخاذ المساجد في البيوت، أو الدوائر الحكومية، أو الجامعات، أو المدارس، أو غير ذلك من أماكن يصلى فيها.
قلت: والمراد بالدور هنا البيوت، وهو الراجح من أقوال العلماء.
وبوب الحافظ أبو داود في «السنن» (ج1 ص314)؛ باب: اتخاذ المساجد في الدور.
وذكر الإمام الخطابي / عن: «الدور» أنها البيوت([299]).
قال الحافظ العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص359): (الظاهر: أن المراد بها ما قاله الخطابي، لورود النهي عن اتخاذ البيوت مثل المقابر).اهـ
وقال العلامة محمود السبكي / في «المنهل العذب» (ج4 ص56): (والحديث يدل على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت للصلاة والعبادة وقد ثبت أنه r اتخذ لبعض أصحابه مسجدا في بيته).اهـ
5) وعن عبدالله بن عمر ﭭ، عن النبي r قال: (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (342)، ومسلم في «صحيحه» (777) من طريق أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ﭭ به.
6) وعن سمرة بن جندب t قال: (كان رسول الله r يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في دورنا، ونصلح صنعتها ونطهرها).
حديث حسن لغيره
أخرجه أبو داود في «سننه» (456)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص440)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (ج2 ص1014)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص252) من طريق يحيى بن حسان، حدثنا سليمان بن موسى، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة، حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن أبيه سمرة بن جندب t به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به.
وقال الشيخ الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص356): حديث صحيح.
وتابع؛ سليمان بن موسى: محمد بن إبراهيم حدثنا جعفر بن سعد، عن خبيب بن سليمان، عن أبيه عن سمرة بن جندب t قال: (إن رسول الله r كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونحسن صنعتها ونطهرها).
وإسناده لا بأس به.
والحديث حسنه النووي في «المجموع» (ج6 ص4)، وابن الملقن في «البدر المنير» (ج5 ص294)، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص123)، و(ج4 ص28).
قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص379): (وبكل حال؛ فينبغي أن تحترم هذه البقاع المعدة للصلاة في البيوت، وتنظف وتطهر). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص117): (وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة والطيب، فقد أمر النبي r أن تتخذ المساجد في البيوت، وتنظف وتطيب). اهـ
7) وعن ابن عباس، عن جويرية ڤ: (أن النبي r خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال r: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال النبي r: لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2726)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (6033)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص233)، والبخاري في «الأدب المفرد» (647)، وأبو داود في «سننه» (1503)، والترمذي في «سننه» (3555)، والنسائي في «المجتبى» (1351)، وفي «عمل اليوم والليلة» (161)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ج1 ص167)، وابن ماجه في «السنن» (3808)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص110)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص258) من طرق عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن أبي رشدين عن ابن عباس عن جويرية ڤ به.
قلت: وهذا الحديث يدل على أن الصحابيات يتخذن في بيوتهن مساجد خاصة يتعبدن فيها من قوله: «وهي في مسجدها»؛ يعني: مكان صلاتها في البيت.
8) وعن القاسم بن عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود -وهو ثقة([300])- قال: (أول من بنى مسجدا يصلي فيه عمار بن ياسر t).
أثر حسن
أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص250) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، والفضل بن دكين قالا: أخبرنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعهما: قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق الثوري -وهو ثقة([301])- قال: (أول من اتخذ في بيته مسجدا يصلي فيه عمار بن ياسر t).
وإسناده لا بأس به.
9) (وصلى البراء بن عازب t في مسجده في داره جماعة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا بصيغة الجزم (ص74).
وذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص228)، وفي «فتح الباري» (ج1 ص519).
10) (وصلىابن عون في مسجد في دار يغلق عليهم الباب).
أخرجه البخاري في «صحيحه» معلقا بصيغة الجزم (ص82).
وذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص244)، وفي «فتح الباري» (ج1 ص564).
11) وقال حرب الكرماني؛ قلت لأحمد بن حنبل /: (فالقوم نحو العشرة يكونون في الدار، فيجمعون، وعلى باب الدار مسجد؟ قال: يخرجون إلى المسجد، ولا يصلون في الدار. وكأنه قال: إلا أن يكون في الدار مسجد يؤذن فيه ويقام) ([302]).
والشاهد: (في الدار مسجد)؛ حيث أقر الإمام أحمد /، فلا بأس باتخاذ مسجدا في البيت يصلى فيه.
قلت: وإقامة الجماعة للصلوات في مساجد البيوت من عذر، أو بانفراد من عذر، يحصل بها فضيلة الصلاة جماعة في المساجد المعروفة.
12) وعن مهيب بن سليم البخاري قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: (اعتللت بنيسابور علة خفيفة، وذلك في شهر رمضان، فعادني إسحاق بن راهويه في نفر من أصحابه.
فقال لي: أفطرت يا أبا عبد الله؟ فقلت: نعم، فقال: خشيت أن تضعف عن قبول الرخصة، فقلت: أخبرنا عبدان، عن ابن المبارك، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: من أي المرض أفطر؟ قال: من أي مرض كان؛ كما قال الله عز وجل ]فمن كان منكم مريضا[؛ [البقرة: 184]. قال البخاري: ولم يكن عند إسحاق هذا الحديث) ([303]).
13) وقال صالح بن أحمد بن حنبل / في «سيرة الإمام أحمد» (ص48): (وحضرت مع أبي –يعني: الإمام أحمد- عند إبراهيم بن الليث صاحب الأشجعي، وحضر علي بن المديني، وعباس العنبري، وجماعة، وكثير من أهل الحديث.
فنودي بصلاة الظهر، فسمعوا النداء، فقال له: يا أبا عبد الله تخرج إلى المسجد، أو نصلي ها هنا، فقال: نحن جماعة؛ نصلي ها هنا، فصلوا).اهـ
14) وعن جابر بن عبد الله ﭭ قال: أن النبي r قال: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (335)، ومسلم في «صحيحه» (521)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص403)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص209)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص212)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص472 و473)، وفي «شعب الإيمان» (1479)، و(1480)، والدارمي في «المسند» (1429)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص304)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص316)، وابن حبان في «صحيحه» (6398)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص1432)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1439)، والبغوي في «شرح السنة» (3616) من طريق هشيم: أخبرنا سيار العنزي، قال: سمعت يزيد الفقير، يقول: سمعت جابر بن عبد الله ﭭ به.
قلت: وهذا يدل على أن الأرض في جميعها يعتبر مسجدا يصلي فيها المسلم لرفع الحرج عنه، والمشقة عليه في تأدية الصلاة، سواء كان في البيوت، أو العمل، أو السفر، أو غير ذلك.
قلت: ولا اختصاص للصلاة في المساجد المعدة لها فقط؛ لكون الأرض مسجدا كلها، خاصة إذا كانت المساجد ليست في أيدي أمينة من أئمة المساجد من أهل التحزب؛ كما هو في هذا الزمان.
فإذا كانت والحالة هذه فتتعين الصلاة في البيوت، أو غيرها للضرورة، وقد جعلت الأرض مسجدا لرفع الحرج عن المسلمين في الصلاة خلف المتحزبة([304]).
قال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6].
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا) ([305]).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)([306]).
ﭑ ﭑ ﭑ
الضبط، والتقعيد
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية في الدين؛ من خوف مرض، أو غيره، وفي هذا قصم: «لعبد الرحمن بن عبد الخالق» الهالك
اعلم رحمك الله أنه لما كانت الرخصة من الأحكام الشرعية؛ كان من المناسب أن نتعرض بإيجاز لبيان الحكم الشرعي في جواز صلاة الفريضة على الراحلة في الحضر والسفر، إذ ما من حكم من الأحكام الشرعية إلا وروح التيسير، ورفع الحرج، وجانب الرخصة الشرعية، واضح فيها لما ثبت أمر: «الرخصة»، و«رفع الحرج»، و«التيسير» في الكتاب والسنة والآثار.([307])
قال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
وقال تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286]
وقال تعالى: ]ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم[ [الأعراف: 157] .
وعن ابن عباس ﭭ قال: قال رسول الله r: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([308])
وعن ابن عمر ﭭ قال: قال رسول الله r: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته). وفي رواية: (كما يحب أن تؤتى عزائمه، أو كما يكره أن تؤتى معصيته).([309])
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (إن الله يحب أن تقبل رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)، وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه).([310])
وعن ابن عباس ﭭ قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه). وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره).([311])
وذكر الحافظ البوصيري / هذه الآثار في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص508)؛ تحت: باب في المسح على الخفين.
ولا يخفى أن المسح على الخفين رخصة من الله تعالى للأمة.
وعن مسروق / قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([312])
وبوب الإمام ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.
وعن إبراهيم التيمي /، قال: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره، كما يحب أن تطاع عزائمه).([313])
وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (إذا تنازعك أمران، فاحمل المسلمين على أيسرهما).([314])
قلت: فهذه الأدلة تدل على رفع الحرج والإثم عن مخالفة التكاليف، وذلك بالعمل بالرخصة، وترك العزيمة، أو تقرر مغفرة ما يترتب على المخالفة من إثم وذنب؛ لأن الرخصة أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه، حتى يكون من ثقل التكاليف في سعة، واختيار الأولى للمكلف.([315])
والشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص210)؛ يقتصر على إباحة مخالفة الحكم الكلي العام، وهو العزيمة، ويرفع الحرج والإثم عن هذه المخالفة، أو يقرر العفو، والمغفرة عن المخالف.
فالرخص سببها الضرورة؛ لأن قد يطرأ على المكلف في حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة تجعله يخاف من حدوث أذى بالنفس، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، أو بتوابعها.([316])
فيتعين عليه عندئذ، أو يباح له ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب أو تأخيره، أو فعل مصلحة، أو غير ذلك دفعا للضرر عنه في غالب الظن ضمن قيود الشرع. ([317])
قال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (الرخصة: أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه؛ حتى يكون من ثقل التكليف في سعة واختيار، بين الأخذ بالعزيمة، والأخذ بالرخصة). اهـ
وقال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (إن مقصود الشارع من مشروعية الرخصة الرفق بالمكلف عن تحمل المشاق؛ فالأخذ بها مطلقا موافقة لقصده). اهـ؛ أي: لقصد الشارع.
قلت: لذلك فترك الرخصة مع ظن سببها قد تؤدي إلى الانقطاع عن الاستباق إلى الخير، وإلى السآمة والملل، وترك الدوام، وكراهية العمل. ([318])([319])
فالرخصة منحة من الله تعالى، شرعت لدفع المشقة عن العباد.
قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص200)؛ عن المفهوم من قصر الصلاة: (وهذا كله يدل على التخفيف، والرخصة، ورفع الحرج). اهـ
والرخصة: الإذن في الأمر بعد النهي عنه؛ يقال: رخص له في الأمر، وأرخص له فيه: إذا أذن له فيه بعد النهي عنه.
قال الفيومي اللغوي / في «المصباح المنير» (ص118): (والرخصة التسهيل في الأمر والتيسير، يقال: رخص الشرع لنا في كذا ترخيصا، وأرخص إرخاصا إذا يسره وسهله وفلان يترخص في الأمر أي لم يستقص، ورخص له في الأمر إذا أذن له فيه، قال النبي r: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته». اهـ
وقال الفقيه علاء الدين السمرقندي / في «ميزان الأصول» (ص55): (الرخصة فهي اسم لما تغير عن الأمر الأصلي؛ لعارض إلى تخفيف وتيسير([320])، ترفيها وتوسعة على أصحاب الأعذار، سواء كان التغيير في وصفه، أو في حكمه). اهـ
وقال الفقيه الأزهري / في «معجم تهذيب اللغة» (ج2 ص1385): (والرخصة: ترخيص الله للعبد في أشياء خففها عنه). اهـ
قلت: فمفهوم الرخصة؛ ما ثبت على خلاف دليل شرعي؛ لمعارض راجح، فليزم الوقف على حصول الراجح تيسيرا للمكلف في دينه.
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص204): (الرخصة؛ فما شرع لعذر شاق، استثناء من أصل كلي يقتضي المنع، مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه). اهـ
وهذا من خصائص الرخص: أنها أحكام جزئية خاصة، شرعت على أحكام، فجواز الفطر للمريض، والمسافر، وإباحة الميتة للمضطر، والنطق بكلمة الكفر للمكره وغير ذلك؛ كلها أحكام جزئية خاصة؛ لأنها تطبق في شأن بعض المكلفين في بعض الحالات، وهي حالات السفر، والمرض، والإكراه، والضرورة، وهذه الأحكام الجزئية الخاصة تعد استثناء من أحكام كلية عامة تمنع الفطر في رمضان، وأكل الميتة، والنطق بكلمة الكفر، وتطبق على وجه العموم والإطلاق.([321])
قلت: وهذه الأحكام وغيرها يقتصر فيها على موضع الحاجة والضرورة؛ ذلك أنها أحكام جزئية خاصة، فهي أحكام تخص بعض المكلفين دون بعض، وتطبق في حالات خاصة.([322])
وبذلك كانت دائرة مع أسبابها وجودا وعدما، فإذا وجدت أسباب الترخيص جازت مخالفة التكليف الكلي العام.
وإذا انتفت هذه الأسباب وجب الرجوع إلى هذه الأحكام، فأسباب الترخيص تمنع من التكليف ببعض الأحكام الكلية العامة، أو تجيز مخالفته مع قيامه، وتمنع من العقاب على هذه المخالفة.([323])
والرخصة: باعتبار متعلقها الذي هو فعل المكلف، تكون واجبة، ومندوبة، ومباحة، وخلاف الأولى، وهو رأي جمهور الأصوليين الذين يقولون: إن الرخصة قد تكون مطلوبة الفعل على وجه اللزوم، أو على وجه الندب والاستحباب.([324])
1) فتكون واجبة كأكل المضطر مما حرم الله من المأكولات، وشربه مما حرم من المشروبات، فإن هذا الحكم ثبت بدليل، وهو قوله تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195] مع قوله تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173] وأصل حكمها الحرمة؛ لقوله تعالى: ]حرمت عليكم الميتة[ [المائدة: 3].
قلت: فوجوب أكل الميتة للمضطر رخصة؛ لأنه ثبت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر، وهو الاضطرار إلى الأكل لحفظ الحياة، والحكم هنا وإن تغير من صعوبة، وهي الحرمة، إلى صعوبة وهي الوجوب، إلا أن وجوب الأكل موافق لغرض النفس في بقائها، ففيه سهولة من هذه الناحية، وسبب الحكم الأصلي: الخبث، ولذلك كان حراما.
2) وتكون الرخصة مندوبة؛ كالقصر في الصلاة الرباعية في السفر.
3) وتكون الرخصة مباحة؛ مثل: إباحة العرايا، والعرايا: بيع الرطب على رؤوس الأشجار خرصا بالتمر القديم، والخرص: التقدير.
قلت: فيشتري رطبها منه بتمر يابس، فإباحة العرايا حكم ثبت بقوله r: (رخص في العرايا بخرصها) ([325])، وهذا الدليل مخالف للدليل على حرمة الربا، وهذه المخالفة جوزت للحاجة إليها، استثناء من شرط التماثل، أو المساواة في البيوع الربوية، والتمر مال ربوي، والرطب ينتقص إذا جف فلم تتحقق المماثلة المطلوبة شرعا.
4) وتكون الرخصة خلاف الأولى وتركها أفضل؛ كفطر المسافر في نهار رمضان الذي لا يشق عليه الصوم مشقة قوية.([326])
قلت: فإذا عرض للمكلف ما يجعل العمل بالحكم الكلي ضررا شاقا، أو متعذرا؛ فإن الشارع يعتبرها ضرورة تبيح مخالفة الأحكام الكلية، ويستبدل بها أحكاما استثنائية، بها يتمكن المكلف من تأدية ما وجب عليه ولو في الجملة، وتزول هذه الأحكام الاستثنائية بزوال أسبابها، فيرخص الله تعالى للمكلف أن يترك الحكم المطالب به، إلى حكم طارئ تيسيرا، ورفعا للحرج، والمشقة بالرخصة دفعا للضرر.
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].
قلت: وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء([327]) قاعدة هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وهي تعد من فروع القاعدتين الكليتين: «إذا ضاق الأمر اتسع»، و«الضرر يزال»([328])، وقد فرعوا على هذه القاعدة، وما يتصل بها فروعا كثيرة.([329])
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
قلت: وهذه الآيات تدل على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.([330])
قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون –بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ
وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]([331])، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ
وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.
وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ
قلت: فالدين أسس على اليسر([332]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([333])
قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]؛ والمراد بالوسع هو: الطاقة والاستطاعة.
قلت: والذي رجحه المفسرون: عموم التخفيف في الشريعة، بناء على ضعف الإنسان أمام رغباته، وأمام مغريات الحياة وشهواتها، بالرحمة واليسر، ورفع المشقة، وإزالة الضرر.([334])
قال الإمام الزركشي / في «المنثور» (ج3 ص396): (الأخذ بالرخص والعزائم في محلها مطلوب راجح؛ فإذا قصد بالرخصة([335]) قبول فضل الله تعالى كان أفضل، وفي الحديث الصحيح: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)؛ إذا ثبت هذا فمطلوب الشرع الوفاق، ورد الخلاف إليه). اهـ
قلت: ومن القواعد الكلية في التشريع الإسلامي: «المشقة تجلب التيسير».
وهي قاعدة متأصلة في أحكام الشرع الإسلامي يدل على تأصيلها([336])، كقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
قال الفقيه ابن نجيم / في «الأشباه والنظائر» (ص75): (قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته). اهـ
قلت: فكل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به، وكل منهي شق عليه اجتنابه سقط النهي عنه.([337])([338])
فهذا الأمر يقع في الحرج، والحرج منفي في الشريعة المطهرة، لأن رفع الحرج من مقاصد الشريعة، وإن الشرع لم يأت بما يشق أو يعنت، بل شرع من الأحكام الأصلية، والرخص ما يتناسب مع أحوال المكلفين.
قلت: وإذا انتفت هذه الأسباب وجب الرجوع إلى هذه الأحكام، فأسباب الترخيص تمنع من التكليف ببعض الأحكام الكلية العامة، أو تجيز مخالفته مع قيامه، وتمنع من العقاب على هذه المخالفة، لأن ذلك ضرورة.([339])
قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر: 17]؛ أي: سهلناه للناس في أحكامه.
وعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).([340])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص101): (سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم). اهـ
وعن ابن عباس ﭭ عن النبي r قال: (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة).([341])
وبوب البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الدين يسر.
وعن عائشة ڤ قالت: (ما خير رسول الله r بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر؛ إلا اختار أيسرهما).([342])
قال الفقيه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83): (وما خير رسول الله r بين أمرين، إلا اختار أيسرهما)؛ فيه استحباب الأخذ بالأيسر، والأرفق). اهـ
وبوب عليه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83)؛ باب: مباعدته r للآثام واختياره من المباح أسهله.
وقال الفقيه القرطبي / في «المفهم» (ج6 ص118): (قولها: «وما خير رسول الله r بين أمرين، إلا اختار أيسرهما»؛ تعني: أنه كان إذا خيره أحد في شيئين يجوز له فعل كل واحد منهما، أو عرضت عليه مصلحتان؛ مال للأيسر منهما، وترك الأثقل أخذا بالسهولة لنفسه، وتعليما لأمته). اهـ
وعن ابن عباس ط قال: (خذ بأيسرهما عليك)، قال الله تبارك وتعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .([343])
وعن مجاهد / قال: (خذ بأيسرهما عليك فإن الله لم يرد إلا اليسر).([344])
وعن النبي r قال: لمعاذ بن جبل، وأبي موسى الأشعري، لما بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا).([345])
قلت: فمن كان يفتي الناس؛ فينبغي أن يكون شعاره التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، اتباعا لوصية النبي r لمعاذ، وأبي موسى ﭭ.
وهذا يجعل العالم يستحضر الرخص، فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، ويقدر الأعذار والضرورات، ويبحث عن التيسير، ورفع الحرج، والتخفيف علضى العامة([346]): ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
قلت: وقد رخص الشارع في النطق بالقول الكذب عند الضرورة والحاجة.
فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت من المهاجرات الأول، اللاتي بايعن النبي r، أخبرته، أنها سمعت رسول الله r ، وهو يقول: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرا وينمي خيرا). قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.([347])
قلت: رغم أن الكذب من قبائح الذنوب، وفواحش القلوب، وآفات اللسان، ومن علامات عدم الإيمان، بشهادة القرآن نفسه: ]إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله[ [النحل: 105]، وبتأكيد من النبي r نفسه، فقد رخص الشارع الحكيم في الحالات الثلاث التي نص عليها الحديث، لما فيها من جلب مصلحة، أو درء مفسدة.([348])
قلت: ووجدنا هذا التيسير في التطبيق العملي لدى النبي r، وصحابته y في منهج التيسير على أنفسهم وعلى غيرهم، ومن ذلك في جواز صلاة الفريضة على الراحلة في السفر والحضر([349])؛ كما سوف يأتي ذكر الأدلة في هذا الحكم.
فعن جابر بن عبد الله t عن النبي r قال: (عليكم برخصة الله الذي رخص لكم).([350])
قال الإمام ابن دقيق العيد / في «إحكام الأحكام» (ج2 ص225): (وقوله r: «عليكم برخصة الله التي رخص لكم»؛ دليل على أنه يستحب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها. ولا تترك على وجه التشديد على النفس والتنطع والتعمق).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
وبه أثق في كفاية أسبابي
ذكر الدليل على سنية التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد لعذر الخوف من المرض المعدي المؤذي للناس، والذي متوقع انتشاره في البلد، وثبوت الرخصة في الشريعة المطهرة، لأن الشريعة وضعت للتيسير، والرفق بالمؤمنين، وهذا فيه قمع لـ«عبد الرحمن بن عبد الخالق» المتشدد
الدين حنيفية سمحة، وشريعة محكمة، وازنت في الأحكام بين سلامة البدن، والمحافظة عليه، وسلامة النفس، والسمو بهما إلى عالم التيسير، وعدم المشقة عليهما، فأباح الدين للمصلي في الخوف من الأمراض المخيفة أن يتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المسجد([351])، وله أن يجمع بين الصلاتين، فيجمع مثلا: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، للمشقة التي تلحق به، ودفع الضرر الذي يلحقه في نفسه، وفي الدين، فدعت الحاجة إليه، وهو عذر أيضا في الشريعة المطهرة.([352])
* تعريف الرخصة:
في اللغة: هي عبارة عن التيسير والتسهيل.([353])
قال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (الرخصة: أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه؛ حتى يكون من ثقل التكليف في سعة واختيار، بين الأخذ بالعزيمة، والأخذ بالرخصة،). اهـ
وقال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (إن مقصود الشارع من مشروعية الرخصة الرفق بالمكلف عن تحمل المشاق؛ فالأخذ بها مطلقا موافقة لقصده). اهـ؛ أي: لقصد الشارع.
قلت: لذلك فترك الرخصة مع ظن سببها قد تؤدي إلى الانقطاع عن الاستباق إلى الخير، وإلى السآمة والملل، وترك الدوام، وكراهية العمل. ([354])([355])
فالرخصة منحة من الله تعالى، شرعت لدفع المشقة عن العباد.
قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص200)؛ عن المفهوم من قصر الصلاة: (وهذا كله يدل على التخفيف، والرخصة، ورفع الحرج). اهـ
قلت: فغلبة العدوى في المرض على المرء هو عذر يبيح له ترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد؛ وأباح الشارع أيضا له الجمع، لأنه بحاجة إلى ذلك، لرفع الحرج عنه في الدين.([356])
قلت: فإتيان المرء الجماعة في المسجد يشق عليه، ويحال بينه، وبينها، لهذا السبب، وهو خارج عن مقدوره واستطاعته، فرخص له في التخلف عنها، والجمع بين الصلاتين، حتى يزول عذره، تخفيفا وتيسيرا من الله تعالى.
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
قلت: وهذه الآيات تدل على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.([357])
قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون –بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ
وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ
وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.
وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ
قلت: فالدين أسس على اليسر([358]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([359])
فالعذر: هو سبب يبيح الانتقال إلى حكم أخف في الشريعة؛ مثل: الجمع بين الصلاتين، والتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد.([360])
قال الفقيه ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج16 ص243): (العذر يتسع القول فيه؛ وجملته: كل مانع، حائل بينه، وبين الجمعة مما يتأذى به). اهـ
قال الفقيه ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج16 ص243): (وفي معنى ذلك: كل عذر مانع، وأمر مؤذ). اهـ
قلت: فيعذر المرء بترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المسجد بسبب ما يحصل له من المشقة في إتيان المسجد.([361])
وقال الفقيه البغوي / في «شرح السنة» (ج2 ص373): (وكل عذر جاز به ترك الجماعة، جاز به ترك الجمعة). اهـ
وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص259): (والعذر في التخلف عنها – يعني: الجمعة - كالعذر في التخلف عن سائر صلوات الفرض). اهـ
وقال الفقيه ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص195): (وتسقط الجمعة بكل عذر يسقط الجماعة). اهـ
وقال الفقيه ابن مفلح / في «الفروع» (ج2 ص41)؛ (باب: العذر في ترك الجمعة والجماعة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج23 ص244): (فأما صلاة الجماعة: فاتبع ما دل عليه الكتاب والسنة وأقوال الصحابة من وجوبها مع عدم العذر وسقوطها بالعذر). اهـ
وقال الفقيه البغوي / في «شرح السنة» (ج2 ص370): (اتفق أهل العلم على أنه لا رخصة في ترك الجماعة لأحد، إلا من عذر). اهـ
وقال الفقيه ابن المنذر / في «الإجماع» (ص18): (وأجمعوا على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم). اهـ
قلت: فأهل الأعذار تسقط عنهم: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد؛ سواء تسقط لجميع الناس في البلد، أو عن جزء منهم على حسب العذر العام، أو الخاص.
وقال الفقيه ابن المنذر / في «الأوسط» (ج4 ص17): (أجمع أهل العلم على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين الذين لا عذر لهم). اهـ
وقال الفقيه الشيرازي / في «المهذب» (ج4 ص71): (وتسقط الجماعة بالعذر). اهـ
قلت: فالمرض المؤذي يجوز فيه التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد.
قال الفقيه النووي / في «المجموع» (ج4 ص71): (البرد الشديد عذر في الليل والنهار، وشدة الحر عذر في الظهر). اهـ
قلت: فأهل العلم جعلوا الخوف من المرض المؤذي، كالبرد المؤذي، والحر المؤذي؛ في عدم حضور الجماعات في المساجد.
قلت: فالعذر كلمة واسعة، فهو يشمل كل ما يحول بين المرء، وبين إتيانه للمسجد.
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج4 ص317): (قوله: (أو أذى بمطر أو وحل)؛ هذا نوع عاشر من أعذار ترك الجمعة والجماعة؛ فإذا خاف الأذى بمطر أو وحل، أي: إذا كانت السماء تمطر، وإذا خرج للجمعة، أو الجماعة تأذى بالمطر فهو معذور.
والأذية بالمطر أن يتأذى في بل ثيابه، أو ببرودة الجو، أو ما أشبه ذلك([362])، وكذلك لو خاف التأذي بوحل). اهـ
وعن ابن عباس ﭭ عن النبي ه قال: (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة).([363])
وبوب البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الدين يسر.
وعن عائشة ڤ قالت: (ما خير رسول الله ه بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر؛ إلا اختار أيسرهما).([364])
قال الفقيه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83): (وما خير رسول الله ه بين أمرين، إلا اختار أيسرهما)؛ فيه استحباب الأخذ بالأيسر، والأرفق). اهـ
وبوب عليه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83)؛ باب: مباعدته ه للآثام واختياره من المباح أسهله.
وقال الفقيه القرطبي / في «المفهم» (ج6 ص118): (قولها: «وما خير رسول الله ه بين أمرين، إلا اختار أيسرهما»؛ تعني: أنه كان إذا خيره أحد في شيئين يجوز له فعل كل واحد منهما، أو عرضت عليه مصلحتان؛ مال للأيسر منهما، وترك الأثقل أخذا بالسهولة لنفسه، وتعليما لأمته). اهـ
وعن ابن عباس ط قال: (خذ بأيسرهما عليك)، قال الله تبارك وتعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .([365])
وعن مجاهد / قال: (خذ بأيسرهما عليك فإن، الله لم يرد إلا اليسر).([366])
وعن أبي هريرة ط قال: قال رسول الله ه: (فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه). وفي رواية: (وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم).([367])
وعن أبي هريرة ط قال: قال رسول الله ه: (إن الدين يسر).([368])
وعن أنس بن مالك ط قال: قال رسول الله ه: (يسروا ولا تعسروا).([369])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص101): (سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم). اهـ
قلت: فإذا تضرر المصلي من تعب الجسم من مرض، أو خوف وقوع مرض معد على نفسه رخص له في التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة»، وصلى في بيته؛ لقوله تعالى: ]فاتقوا الله ما استطعتم[ [التغابن: 16]، ولقوله ه: (فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم).
وعن ابن عباس ﭭ قال: قال رسول الله ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([370])
وعن ابن عمر ﭭ قال: قال رسول الله ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته). وفي رواية: (كما يحب أن تؤتى عزائمه، أو كما يكره أن تؤتى معصيته).([371])
وعن عبد الله بن مسعود ط قال: (إن الله يحب أن تقبل رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)، وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه).([372])
وعن مسروق / قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([373])
وعن إبراهيم التيمي / قال: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره؛ كما يحب أن يطاع في عزائمه).([374])
قلت: فالمبادئ العامة المقطوع بها في الإسلام، مبدأ اليسر والتسهيل، والتسامح والاعتدال، ورفع الحرج والمشقة في الأحكام الشرعية؛ سواء أكان الحكم منصوصا عليه صراحة في الشريعة، أم مستنبطا بواسطة الفقهاء.([375])
إذا فمن الأعذار ما كان دليله النص، ومنها: ما يكون دليله القياس، أو الاستنباط، فافطن لهذا.
قلت: فالعذر كلمة واسعة، فهو يشمل كل ما يحول بين المرء، وبين إتيانه المسجد، ولا يشترط في المانع أن يكون منصوصا عليه في الدين، فافهم لهذا ترشد.([376])
قال الفقيه ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج2 ص136): (العذر يتسع القول فيه وجملته كل مانع حائل بينه وبين الجمعة مما يتأذى به). اهـ
وقال الفقيه ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج4 ص82): (وفي معنى ذلك: كل عذر مانع وأمر مؤذ). اهـ
قلت: ومشروعية الرخص؛ هو أمر مقطوع به أيضا في الشريعة، ومما علم من دين الأمة بالضرورة، كرخص: الجمع بين الصلاتين، والتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد؛ لعذر، وغير ذلك، وهذا يدل على مطلق رفع الحرج والمشقة عن المسلمين.([377])
قال ابن العربي / في «القبس» (ج1 ص327): (ولا يطمئن إلى الجمع، ولا يفعله إلا جماعة مطمئنة النفوس بالسنة، كما أنه لا يكع([378]) عنه إلا أهل الجفاء، والبداوة).اهـ
وقال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج2 ص136): (اعلم أن الحرج مرفوع عن المكلف لوجهين:
أحدهما: الخوف من الانقطاع من الطريق، وبغض العبادة، وكراهة التكليف.([379])
وينتظم تحت هذا المعنى: الخوف من إدخال الفساد عليه في جسمه، أو عقله، أو ماله، أو حاله.
وذلك أن الله تعالى وضع هذه الشريعة خفيفة سمحة سهلة، حفظ فيها على الخلق قلوبهم، وحببها لهم بذلك.
والثاني: خوف التقصير عند مزاحمة الوظائف المتعلقة بالعبد المختلفة الأنواع، مثل: قيامه على أهله وولده، إلى تكاليف أخر ... فإذا أوغل في عمل شاق، فربما قطعه عن غيره!). اهـ
قلت: فالمشقة الخارجة عن المعتاد، هي موجبة للتخفيف والترخيص، لأن حفظ الإنسان هنا أولى من تعريضه للضرر، والهكلة.([380])
* وتأتي القاعدة المعروفة: (المشقة تجلب التيسير).
قلت: تفيد القاعدة أن الصعوبة تصير سببا للتسهيل، ويلزم التوسيع في وقت الضيق، ويتقي العبد الضرر في دينه، ودنياه.
قلت: واتقى؛ مصدر: الاتقاء، وكلاهما: مأخوذ من مادة: «و، ق، ى»؛ التي تدل على دفع شيء بغيره.
والاتقاء: اتخاذ الوقاية، وهو بمعنى: التوقي.
ويراد به: أن يجعل المرء بينه، وبين الشيء وقاية تحفظه مما يؤذيه، ويضره.([381])
قلت: فلا بأس أن يتخذ العبد وقاية من خوف مرض، وغيره في الحياة، فيجعل بينه، وبين هذا المرض وقاية تحفظه عن ضرر هذا المرض.
* والمقصود بالمشقة هنا؛ المشقة التي تتجاوز الحدود العادية، والتي لا يستطيع المكلف بسببها الدوام على العمل، أو القائم به، فيضطر إلى تركه، أو التخفيف فيه عن نفسه؛ لكي لا يلحقه الضرر في حياته.
قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173] .
وقال تعالى: ]فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم[ [المائدة:3] .
وقال تعالى: ]ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة[ [النساء: 101] .
وقال تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286].
وقال تعالى: ]ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم[ [الأعراف: 158].
قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص78): (شبه نسخ التكاليف الشاقة عن هذه الأمة بوضع الأحمال الثقيلة عن حاملها، والإصر: هو العهد الثقيل). اهـ
وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج2 ص368): (كانت شرعة من قبلنا بالرهبانية، وشريعتنا بالحنيفية السمحة). اهـ
قلت: وهذا هو عين اليسر، والتخفيف، وإسقاط الحرج.
فوضع الله تعالى عن هذه الأمة من التكاليف الغليظة، والأعمال الشاقة؛ التي دل عليها؛ قوله تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286].
قلت: فالشريعة مبنية على المقاصد، وأن المقصد الأعظم هو: جلب المصالح، ودرء المفاسد، وأن بقية المقاصد؛ كمراعاة التخفيف، ورفع الحرج عن الناس، وإقامة العدل بينهم ما هي إلا مصالح تجلب للخلق.([382])
قال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص219): (وقد كانت الصحابة y أفهم الأمة لمراد نبيها وأتبع له، وإنما كانوا يدندنون حول معرفة مراده ومقصوده). اهـ
وقال الفقيه الآمدي / في «الإحكام» (ج3 ص389): (المقصود من شرع الحكم: إما جلب مصلحة، أو دفع مضرة، أو مجموع الأمرين). اهـ
قلت: فالأحكام شرعت لمصلحة العباد، وأن الشارع لا يثبت حكما إلا لمصلحة للمسلمين في بلدنهم.
فالتيسير، ورفع الحرج هذا أصل عظيم في الدين، وركن من أركان شريعة المسلمين شرفنا الله تعالى بهذا الأصل؛ فلم يحملنا إصرا، ولا كلفنا في مشقة أمرا، كما قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ [البقرة: 286]، وأنه تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج إلا ونفاه عنها([383])، ولله الحمد والمنة.
قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص81): (وما جعل عليكم في الطاعة، والعبادة من مشقة شديدة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص312): (إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج25 ص282): (أن الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا؛ ولهذا يثني الله على العمل الصالح ويأمر بالصلاح والإصلاح وينهى عن الفساد. فالله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث لما فيها من المضرة والفساد وأمرنا بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا). اهـ
وقال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص3): (الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها). اهـ
وقال الفقيه ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص316): (فإياك أن تظن بظنك الفاسد أن شيئا من اقضيته واقداره عار عن الحكمة البالغة، بل جميع اقضيته تعالى، وأقداره واقعة على أتم وجوه الحكمة والصواب). اهـ
وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج1 ص11): (والشريعة كلها مصالح: إما تدرأ مفاسد، أو تجلب مصالح). اهـ
قلت: فلو حصل التعب، والمشقة لأمر عارض؛ فإنه يرخص في تلك الحال في التخلف عن صلاة الجماعة.
قال شيخنا الفقيه ابن عثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج3 ص683): (الرخصة في ترك صلاة الجماعة للعذر، والأعذار ربما تضبط بضابط: وهو كل ما يخل بالخشوع، وحضور القلب([384])، فإنه عذر في ترك الجماعة؛ كانحباس البول، والغائط، والريح، والبرد الشديد، والأمطار، وما أشبه ذلك، فهذه أعذار يجمعها أنها تفوت الخشوع، أو توجب المشقة في الحضور). اهـ
قلت: فلا بأس بالأخذ بالرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر.
قال الفقيه الدهلوي / في «حجة الله البالغة» (ج2 ص26): (ثم لما كان في شهود الجماعة حرج للضعيف، والسقيم، وذي الحاجة، اقتضت الحكمة أن يرخص في تركها عند ذلك؛ ليتحقق العدل بين الإفراط والتفريط). اهـ
قلت: فحث الإسلام على التخفيف في: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة»؛ من أجل دفع المشقة عن المسلمين، ومراعاة للفروق الفردية بينهم.
ومن أجل ذلك رخص الإسلام في التخلف الاضطراري عن: «صلاة الجماعة»؛ بسبب: «عذر الخوف من المرض يصيب الجسم»، الذي يشق على النفس، فأباح له ترك الواجب إذا شق عليه فعله.
قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173] .
وقال تعالى: ]فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم[ [المائدة:3] .
قلت: لذلك وضع الله تعالى عن هذه الأمة من التكاليف الغليظة، والأعمال الشاقة.([385])
قال تعالى: ]ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم[ [الأعراف: 157] .
وقال تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286]
ومنه: من الأعذار فيما يبيح ترك: «الجمعة والجماعة» إذا حصلت المشقة، أو الحاجة، أو الضرر.
فعن كثير مولى ابن سمرة، قال: (مررت على عبد الرحمن بن سمرة ط، وهو
قاعد على بابه يوم الجمعة، فقال: ما خطب أميركم؟، فقلنا: أو ما جمعت([386])؟، قال: لا حبسنا هذا الردغ).([387]) وفي رواية؛ الحسن البصري عن عبد الرحمن بن سمرة ط قال: (منعني هذا الردغ من الجمعة).([388])
وعن نافع عن ابن عمر ﭭ: (أنه استصرخ([389])على سعيد بن زيد يوم الجمعة بعدما ارتفع الضحى، فأتاه ابن عمر بالعقيق، وترك الجمعة حينئذ).
وفي رواية: (أن ابن عمر ﭭ ذكر له: أن سعيد بن زيد بن عمرو t مرض في يوم الجمعة، فركب إليه بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة، وترك الجمعة)، وفي رواية: (ولم يشهد الجمعة).([390])
قلت: فهذا ابن عمر ڤ يترك: «صلاة الجمعة» لهذه الحاجة، والضرورة، فهل أنتم أحرص على: «صلاة الجمعة» في المسجد من ابن عمر ﭭ ؟!.([391])
قلت: فالعبادة تقوم على اليسر والسعة، لا على العسر والحرج، بل هي في حدود استطاعة الإنسان العادي، حيث يستطيع القيام بها من غير عنت، وصدق الله العظيم؛ حيث يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ [البقرة: 286] .
وقال تعالى: ]وما أنا من المتكلفين [ [ص: 86] .
قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص81): (وما جعل عليكم في الطاعة، والعبادة من مشقة شديدة). اهـ
قال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص121): (إن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد... وحكمته الدالة عليه، وعلى صدق رسوله ه أتم دلالة وأصدقها). اهـ
قلت: فإذا ظهرت مشقة في عبادة، فيرخص فيها، وتوسع من الضيق([392]) إلى السعة للضرورة.
والضرورة: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة؛ بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال.
فيتعين عندئذ ارتكاب الحرام([393])، أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته؛ دفعا للضرر عنه في غالب ظنه ضمن حدود الشريعة المطهرة. ([394])
وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص5): (فالضرورات مناسبة لإباحة المحظورات جلبا لمصالحها، والجنايات مناسبة لإيجاب العقوبات درءا لمفاسدها). اهـ
قلت: فمقصود الشرع من الخلق خمسة:
(1) أن يحفظ عليهم دينهم.
(2) وأنفسهم.
(3) وعقلهم.
(4) ونسلهم.
(5) ومالهم.
فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة: فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة.([395])
قلت: فهذه الضرورات الخمس في الإسلام هي:
(1) حفظ الدين: والدين؛ هو أعلى المراتب، وأشرفها، وأفضلها، ذلك بأن الإيمان أفضل الأعمال لجلبه لأحسن المصالح، ودرئه لأقبح المفاسد، مع شرفه في نفسه، وشرف متعلقه؛ ولأن الدين أصل ما دعا إليه القرآن والسنة، ونشأ عنهما.
(2) حفظ النفس: والنفس؛ هي: ما تقوم بها حياة المرء.
(3) حفظ العقل: والعقل؛ هو مناط التكليف، و بدونه لا يمكن للمرء أن يقوم بالتكاليف.
(4) حفظ النسل: والنسل؛ المقصود به الذرية، وحفظ الفرج، وغير ذلك.
(5) حفظ المال: والمال؛ هو كل ما يملك المرء؛ سواء كان نقدا أو عينا.
قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ [البقرة: 286]، وأنه تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج إلا ونفاه عنها([396])، ولله الحمد والمنة.
قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «الإشارة إلى الإيجاز» (ص81): (وما جعل عليكم في الطاعة، والعبادة من مشقة شديدة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص312): (إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج25 ص282): (أن الله لم يأمرنا إلا بما فيه صلاحنا ولم ينهنا إلا عما فيه فسادنا؛ ولهذا يثني الله على العمل الصالح ويأمر بالصلاح والإصلاح وينهى عن الفساد. فالله سبحانه إنما حرم علينا الخبائث لما فيها من المضرة والفساد وأمرنا بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا). اهـ
وقال الفقيه ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص3): (الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها). اهـ
قلت: فإذا بلغ ذلك الأمر؛ فإن لم يكن مأذونا له في الشرع، فقد كلف عسرا، ومنع يسرا، وذلك غير الذي أخبر الله تعالى أنه أراده بخلقه؛ لقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
قال تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى[ [النحل: 90] ، هذا أمر بالمصالح وأسبابها.
وقال تعالى: ]وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي[ [النحل: 90] ؛ وهذا نهي عن المفاسد وأسبابها.
وتعد هذه الآية أجمع آية في القرآن للحث على المصالح كلها، والزجر عن المفاسد بأسرها.
فإن «الألف» و«اللام» في العدل، والإحسان للعموم، والاستغراق.
فلا يبقى من دق العدل، وجله شيء إلا اندرج في: قوله تعالى: ]إن الله يأمر بالعدل[ [النحل: 90]، ولا يبقى من دق الإحسان، وجله شيء إلا اندرج في أمره بالإحسان، والإحسان: إما جلب مصلحة، أو دفع مفسدة.
وكذلك: «الألف»، و«اللام» في الفحشاء، والمنكر، والبغي؛ عامة مستغرقة لأنواع الفواحش، ولما ينكر من الأقوال والأعمال.([397])
قلت: وعلى هذا تكون المصلحة التي قصدت الشريعة جلبها، والمحافظة عليها، وهي مصلحة شاملة، تشمل مصالح الدنيا، ومصالح الآخرة، ومصالح الفرد، ومصالح الجماعة، ومصالح الجسد، ومصالح الروح، كما تشمل المصالح العاجلة، والمصالح الآجلة.
قلت: فرخص الإسلام للمصلي أن يتخلف عن: «صلاة الجمعة»، أو «صلاة الجماعة» في المساجد، وأن يصلي في بيته من خوف مرض يصيبه، أو مرض وقع به لما يلحقه من الضرر في النفس.
مع تأكيد الإسلام على: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد؛ إلا أنه رخص في تركها بسبب الأعذار، وخصها بعدة رخص أثناء قيامها، حتى يتمكن المصلي من المحافظة عليها، والقيام بها دون عنت أو مشقة، أو خوف من مرض أو غيره.([398])
قلت: فالخوف على النفس من الضرر يباح ترك الجماعة في المسجد، لأنه من الأعذار المبيحة للتخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة».([399])
قال الفقيه الدهلوي / في «حجة الله البالغة» (ج2 ص26): (ثم لما كان في شهود الجماعة حرج للضعيف، والسقيم، وذي الحاجة، اقتضت الحكمة أن يرخص في تركها عند ذلك؛ ليتحقق العدل بين الإفراط والتفريط). اهـ
قلت: فحث الإسلام على التخفيف في: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة»؛ من أجل دفع المشقة عن المسلمين، ومراعاة للفروق الفردية بينهم.
ومن أجل ذلك رخص الإسلام في التخلف عن: «صلاة الجماعة» بسبب عذر الخوف الشديد في البلد من مرض، وغيره، الذي يشق على النفس.
قلت: فإذا حبس المرء عن: «صلاة الجماعة» في المسجد لعذر شرعي([400])، فإن الله تعالى يكتب له ثوابها كاملا من غير نقصان، فضلا منه وإحسانا، وإنعاما منه وإكراما.([401])
قال شيخنا الفقيه ابن عثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص36): (المتمني للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعمله، ولكنه حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملا.
فمثلا: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس، كنوم أو مرض، أو ما أشبهه فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماما من غير نقص). اهـ
وقال شيخنا الفقيه ابن عثيمين / في «الشـرح الممتع» (ج4 ص322): (المعذور يكتب له أجر الجماعة كاملا إذا كان من عادته أن يصلي مع الجماعة). اهـ
قلت: فمن كانت عادته أن يصلي جماعة فتعذر، فانفرد بالصلاة في بيته كتب له ثواب الجماعة كاملا، ولله الحمد.([402])
وإليك الدليل:
فعن أنس بن مالك t: أن النبي ه كان في غزاة، فقال: (إن أقواما بالمدينة خلفنا، ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر).([403])
وعن جابر بن عبد الله t، قال: كنا مع النبي ه في غزاة، فقال: (إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض). وفي رواية: (إلا شركوكم في الأجر).([404])
وعن أبي موسى t قال: قال رسول الله ه: (إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا). ([405])
قال الفقيه ابن العربي / في «القبس» (ج1 ص292)؛ عن حديث غلبة النوم: «كتب الله له أجر صلاته» ([406]): (وهذا أصل في الشريعة من فضل الله تعالى على الأمة إذا قطع بهم عن العمل قاطع، وقد انعقدت نيتهم عليه؛ فإن الله يكتب لهم ثوابه؛ وفي البخاري عن النبي ه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يفعله صحيحا مقيما) ... قلنا لهم: لقد تحجرتم واسعا، بل يعطيه الله تعالى الأجر كاملا ... والباري سبحانه وتعالى إنما يثيب العباد على قدر نياتهم لا بمقدار أعمالهم.
فإن العبد يطيع خمسين عاما مثلا: فيعطيه الله تعالى جزاء نعيم الأبد، وذلك على قدر النية، لأن نيته قد استمرت على أنه لو عمر إلى غير غاية لكانت هذه حاله في الطاعة فيقع ثوابه بإزاء نيته). اهـ
قلت: وهؤلاء المتشددة في الدين لم يرحموا المسلمين، ولم يرحموا أنفسهم في هذه الحياة الدنيا، والله المستعان.
فعن جرير بن عبد الله t عن النبي r قال: (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله
عز وجل)، وفي رواية: (لا يرحم الله من لا يرحم الناس).([407])
وعن عبد الله بن عمرو ﭭ قال: قال رسول الله r: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).([408])
وعن أبي هريرة t قال: سمعت أبا القاسم الصادق المصدوق r يقول: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي).([409])
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من لا يرحم لا يرحم).([410])
قال ابن حجر / في «الإمتاع» (ص67):
إن من يرحم من في الأرض قد |
آن أن يرحمه من في السما |
فارحم الخلق جميعا إنما |
يرحم الرحمن فينا الرحما |
قال تعالى: ]إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي[ [يوسف:53].
قلت: فإذا أراد العبد أن يتخلق بخلق الرحمة على الناس، احتاج إلى أن يمكن
له في الصدر الذي هو ساحة القلب، فمن كان أوسع صدرا، كان أوسع رحمة للناس ... فإذا اتسع صدره([411])، وجد كل خلق من الأخلاق الحميدة ناحية في صدره، وتمكنت منه، وسهل على القلب إنفاذ أوامر الله تعالى، ورسوله r... فينشرح الصدر على قدر توسع الرحمة فيه، فمبتدأ الرحمة أن يعمل العبد في توسيع الصدر حتى تصير له الأخلاق الحميدة، فتشرق منه أنوار الكتاب والسنة، فيعيش غنيا بالله تعالى ما عاش، وبالله التوفيق.
ﭑ ﭑ ﭑ
إلماعة
قال تعالى: ]أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا[ [النساء: 63].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن: «عبد الرحمن بن عبد الخالق الراهب»، هذا من: «الرهبان» الذين يعبدون الله تعالى في دينه بالبدع، والجهل المبين، بل أن هذا الرجل يعبد الله على حرف، وأن هذه: «الرهبنة» ضل بسببها من القديم، وبقي عليها إلى الآن هو، وأتباعه: «الرهبان»، فهو على ضلاله القديم هو: وأتباعه، وأن هذا: «الراهب»؛ ليس بقدوة في الدعوة إلى الله، ولا أتباعه: «الرهبان»
1) قال تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف: 103، 104].
2) وقال تعالى: ]قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون[ [يوسف: 77].
قلت: فأنت، وأمثالك من دعاة الباطل أسوأ صنعا فيما صنعتم في الشباب الجهلة الذين أحسنوا فيكم الظن، فجاءوا في جهتكم؛ فأوقعتموهم في شر الباطل، وإلى الآن في ضلالهم، وشرهم القديم([412])، نعوذ بالله من الخذلان.
قال تعالى: ]وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون[ [الزخرف: 37].
وقال تعالى: ]ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (18) إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين[ [الجاثية: 18، 19].
3) وقال تعالى: ]إنك لفي ضلالك القديم[ [يوسف: 95].
قلت: فيجوز أن يقال للمرء الضال فعلا؛ بمثل هذا الكلام، ويحتج عليه بهذه الآية؛ لأن القرآن حجة على الجميع، فافهم لهذا ترشد.
4) وقال تعالى: ]ومن الناس من يعبد الله على حرف[ [الحج: 11].
يعني: على جهل، وشك، وضلال في الدين؛ فيعبده بلسانه دون قلبه.([413])
قلت: ومن عادة هذا الصنف لا يثبت، ولا يصيب الحق عند المحن، والفتن، وهذا الضلال في: «عبد الرحمن بن عبد الخالق الراهب»، وأشكاله في هذا الزمان: ]ذلك هو الضلال البعيد[ [الحج: 12].
قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان: 44].
وقال تعالى: ]ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار[ [إبراهيم: 42].
وعن نوف البكالي / قال في الآية: ]ومن الناس من يعبد الله على حرف[ [الحج: 11]: (إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله المنزل: «قوم يجتالون الدنيا بالدين، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، يلبسون للناس لباس مسوك([414]) الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب).([415])
5) وقال تعالى: ]أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون[ [العنكبوت: 4].
يعني: أن يعجزونا، وأن يفوتونا بأعمالهم السيئة من الضلالات، والمعاصي؛ حتى نجزيهم بها في الدنيا والآخرة، حتى لا نقدر عليهم فنعذبهم؛ أي: قد حسبوا ذلك، وليس كما ظنوا، فساء ما يقضون.([416])
قال ابن عطية المفسر في «المحرر الوجيز» (ج6 ص625): (قوله تعالى: ]الذين يعملون السيئات[ [العنكبوت: 4]؛ وإن كان الكفار المراد الأول بحسب النازلة التي الكلام فيها؛ فإن لفظ الآية يعم كل عاص، وعامل سيئة من المسلمين وغيرهم). اهـ
قلت: فمن كان يخشى ذلك؛ فليعمل الأعمال الصالحات قبل الممات.([417])
قال تعالى: ]من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم (5) ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين[ [العنكبوت: 5، 6].
6) وقال تعالى: ]أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون[ [الجاثية: 21].
7) وقال تعالى: ]أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم (29) ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم[ [محمد: 29-30].
قلت: وكان: «عبد الرحمن بن عبد الخالق الراهب» في الكويت إذا خالفه واحد من شباب الكويت رماه بالافتراء: بأنه على أفكار جهيمان لينفر الناس عنه بالإرهاب، ]واسترهبوهم[ [الأعراف: 116].
وإذا دققت الأمر، وجدت: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»: هو على أفكار جهيمان الخارجي؛ لأن القطبية هم: الخوارج في هذا العصر؛ كما سوف يأتي، وهم: التكفريون.
قال تعالى: ]واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم[ [الأعراف: 116].
والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.([418])
قال الأزهري اللغوي / في «معجم تهذيب اللغة» (ج2 ص1484): (قوله تعالى: ]واسترهبوهم وجآءو بسحر عظيم[ [الأعراف: 116]؛ أي: أرهبوهم، وترهب غيره: إذا توعده). اهـ
وقال تعالى: ]والله أعلم بما تصفون[ [يوسف: 77]، وهذا فيه تبيين من الله تعالى إلى تكذيبهم.
قلت: وهؤلاء القطبية في امتداد حياتهم يفترون على الله تعالى، ويكذبون على رسوله r، وفي الدين في الأصول والفروع، وهم يعلمون ذلك ثم يدعون أنهم على الحق المبين، والعياذ بالله، فلم يفلحوا، ولن يفلحوا إلى أن يموتوا لحسابهم عند الله تعالى: ]ويل لكل أفاك أثيم[ [الجاثية: 7].
قال تعالى: ]وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 78].
وقال تعالى: ]إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون[ [النحل: 116].
وقال تعالى: ]وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون[ [النحل: 62].
وقال تعالى: ]انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا[ [النساء: 50].
وقال تعالى: ]ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 75].
وقال تعالى: ]وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 78].
وقال تعالى: ]فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم[ [الأنعام: 144].
قلت: فهؤلاء المبتدعة أهلكوا أنفسهم في الشر، وأهلكوا أتباعهم، وذلك بما أملت عليهم أنفسهم الشيطانية: ]ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون[ [المجادلة: 18]
قال تعالى: ]قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا[ [يوسف: 83].
قلت: واغترار هؤلاء بحلم الله تعالى يعد من طمس البصيرة، وإلا فكيف يغتر عبد بحلم الله تعالى، وهو يقرأ قوله U: ]ويحذركم الله نفسه[ [آل عمران:28].
وما أكثر هذا الصنف في عالم البشر اليوم، قد سقط الحياء منه، وتبلد حسه، وظهر فسقه، وطار شره بين الخلائق، وزاحم أهل الظلم، والفساد في الشر، والعناد نعوذ بالله من الخذلان.
إذا فالواجب على العاقل أن يحذر مخالطة أصحاب الأهواء، فإن نارها تحت الرماد، ونسأل الله السلامة.
قال الإمام القحطاني / في «القصيدة النونية» (ص7):
لا يصحب البدعي إلا مثله |
|
|
تحت الدخان تأجج النيران |
فأين المتعظون؟ أين المعتبرون؟ أين أولو الأحلام والنهى؟ أما طالعوا عقوبات الله فيمن سبق، وعظيم سطوته بمن عصى، وعائد، وكذب؟ أتاهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون، أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، وحذرهم بأسه، وعقابه، وأليم عذابه، وعظيم سطوته، فما ارتدعوا، ولا انزجروا، ورجعوا قد أنذرهم على ألسن رسله فظلوا في طغيانهم يعمهون، وفي الضلال سادرون، وحاق بهم من العذاب ما كانوا به يستهزؤن، وأتاهم من حيث لا يشعرون.([419])
قال تعالى: ]أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون[ [النحل:45].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص144): (وبنو آدم هم جهال ظلموا أنفسهم يستعجل أحدهم ما ترغبه لذته، وبترك ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له، فيعقبهم ذلك من الألم والعقوبات، إما في الدنيا، وإما في الآخرة ما فيه عظم العذاب، والهلاك الأعظم). اهـ
قلت: ومن هنا يجب التحذير من المتعالمين([420]) الذين هم من أسباب الفتن، والمحن، والبلاء، وعدم نصر المسلمين على عدوهم ليجتنبوا، ويصار إلى أهل الرسوخ، ليستدفع البلاء بهم من الله تعالى، وتدرأ الفتن، وترسوا السفينة إلى بر الأمان في البلدان.
* والسنة النبوية كشفت للمسلمين هذا الصنف من الناس.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص t قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص33)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص47)، وفي «التاريخ الكبير» (ج1 ص257)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص208)، وفي «التمييز» (ص175)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص31)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص456)، وعبد الرزاق بن أحمد في «زوائده على جزء نافع بن أبي نعيم» (ص59)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص91)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص20)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص162)، والخطابي في «العزلة» (ص91)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص162)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص274)، وفي (ق/58/ط)، وأبو القاسم الدمشقي في «الفوائد» (ص42)، وابن مردويه في «المنتقى» (ص241)، والفربري في «زوائده على صحيح البخاري» (ج1 ص194)، وابن رشيق في «جزئه» (ص56)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج2 ص376)، والدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج4 ص109)، وعبد الغني المقدسي في «العلم» (ص84)، والعصمي في «جزئه» (ص125)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط» (ج3 ص376)، و(ج5 ص65) من طريق عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو به.
قلت: وكم شهد من شاهد على: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» ممن كان معه، أنه ضال([421]) ومنحرف: ]وشهد شاهد من أهلها[ [يوسف: 26].
واعلم أن الذي يبقى في طول هذه المدة على السوء، ونشر السوء إلى الآن، فاعلم أن الله تعالى ابتلاه إلى بالسوء في حياته، ولم يصرفه عنه؛ لأنه يريد السوء، ونشر السوء، ولم يخلص لله تعالى في دينه، وذلك لأن الله تعالى يقول: ]كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين[ [يوسف: 24].
قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فافطن لهذا.
قال تعالى: ]إذ أنتم جاهلون[ [يوسف: 89].
وقال تعالى: ]وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين[ [يوسف: 103].
قلت: وإذا رأيت: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، و«أتباعه» في عبادتهم لله تعالى، تبين باليقين: أن هؤلاء القوم من: «الرهبان العباد»، وأنهم أسسوا لهم: «رهبانية» في الإسلام؛ ابتدعوها من قبل أنفسهم، لم يفرضها الله عليهم.([422])
قال تعالى: ]ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها[ [الحديد: 27].
والرهبانية: الترهب: التعبد.
و«رهب»، و«رهبا» خاف، والاسم: «الرهبة»، فهو: «راهب»، وأصله: من الرهبة، وهي الخوف.
و«ترهب»: الراهب: انقطع للعبادة.
و«الراهب»: المتعبد.
و«أرهبه»، و«استرهبه»: أخافه.
والرهبان: جمع راهب.([423])
قال الفيومي اللغوي / في «المصباح المنير» (ص126): (والرهبانية: من ذلك؛ قال تعالى: ]ورهبانية ابتدعوها[ [الحديد: 27] مدحهم عليها ابتداء؛ ثم ذمهم على ترك شرطها؛ بقوله: ]فما رعوها حق رعايتها[ [الحديد: 27]). اهـ
قلت: ففي هذه الآية يبين الله تعالى أن الذي يلزم نفسه بالتمسك بالدين فعلا، فيجب عليه أن يلتزم به جملة وتفصيلا، وإلا وقع في: «الرهبانية» المذمومة([424])، ولابد.
لذلك؛ قال تعالى: ]واضمم إليك جناحك من الرهب[ [القصص: 32]؛ بمعنى: الرهبة: وهي الخوف والخشية من الله تعالى.([425])
قلت: فيجب على العبد إذا تطوع أن يلتزم بما فرض الله عليه في الدعوة إلى الله، فلا يبدل، ولا يغير في الدين.
قال تعالى: ]قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني[ [يوسف: 108].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج6 ص567): (قوله تعالى: ]إلا ابتغاء رضوان الله[ [الحديد: 27]؛ فيه قولان:
أحدهما: أنهم قصدوا بذلك رضوان الله، والآخر: ما كتبنا عليهم ذلك إنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله.
وقوله تعالى: ]فما رعوها حق رعايتها[ [الحديد: 27]؛ أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام.
* وهذا ذم لهم من وجهين:
أحدهما: في الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله تعالى.
والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل). اهـ
قلت: فهذا الذي فعله: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الراهب، وأتباعه: «الرهبان»؛ فإنهم: لم يلتزموا بالدين على أمر الله تعالى، وأمر رسوله r؛ بل ابتدعوا في الدين مالم يأمر به الله تعالى، ولم يأمر به الرسول r من الأفكار البدعية، ثم زعموا أن هذه الأفكار المشبوهة([426]) هي: قربة تقربهم إلى الله تعالى.
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص60): (والقصد: أن الله سبحانه وتعالى ذم من لم يرع قربة ابتدعها لله تعالى حق رعايتها([427])؛ فكيف بمن لم يرع قربة شرعها الله لعباده، وأذن بها، وحث عليها). اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج16 ص60)؛ عن الراهب المنحرف: (فمن يقاومه: يقاوم الشيطان). اهـ
* والرهبانية: هي من: «رهبة النصارى»، فلا: «رهبانية» في الإسلام، والرهبانية: هي التعمق، والتنطع، والغلو في الدين، والتعمد في المشاق.
لذلك صارت: «الرهبانية» اسما الآن: لمن تعدى حدود الله تعالى في الدين، وأفرط فيه بالمخالفات في الأصول والفروع، والمنهج، والدعوة إلى الله.([428])
فـ: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» السفيه، وأتباعه السفهاء: ابتدعوا الآن: «رهبانية» في الإسلام، قد ابتدعوها بسبب خبث أنفسهم، وجهلهم في الدين.
قال تعالى: ]ما كتبناها عليهم[ [الحديد: 27]؛ معناها: لم تكتب عليهم البتة.
قال الحافظ ابن الجوزي / في «زاد المسير» (ج8 ص176): (قوله تعالى: ]ورهبانية ابتدعوها[ [الحديد: 27]؛ ليس هذا معطوفا على ما قبله، وإنما انتصب بفعل مضمر، يدل عليه ما بعده، تقديره: وابتدعوا: «رهبانية» ابتدعوها، أي: جاءووا بها من قبل أنفسهم، وهي غلوهم في العبادة، وحمل المشاق على أنفسهم).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج4 ص240): (وذلك لأنهم غلوا في العبادة، وحملوا على أنفسهم المشقات). اهـ
قلت: فإنهم ما رعوها؛ لتبديل دينهم، وتغييرهم له، فاتبعوا: «الرهبانية البدعية» في حياتهم، فضلوا وأضلوا.([429])
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص391): (قوله تعالى: ]ورهبانية ابتدعوها[ [الحديد: 27]؛ أي: لم نشرعها لهم، بل هم ابتدعوها من عند أنفسهم، ولم نكتبها عليهم). اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج16 ص60)؛ عن أفعال رهبان النصارى المشينة: (فيتنعمون وحدهم في أديرتهم([430])، ويسلبون أموال الشعب «بالحيل»، و«المخادعات» ([431]) وهم: كسالى بطالون، يعيشون من أتعاب([432]) غيرهم!). اهـ
* وما أشبه الليلة بالبارحة!.
قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34].
وقال تعالى: ]ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد[ [إبراهيم: 3].
وقال تعالى: ]لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا[ [آل عمران: 99].
قلت: فعلماء السوء، وعباد الضلال، يأكلون أموال الناس بالباطل عن طريق مناصبهم، ورياستهم، وتبرعاتهم في البلدان الإسلامية، ويصرفون الناس عن أتباع القرآن الكريم، والسنة النبوية، والآثار الصحابية، والأقوال السلفية.([433])
قال تعالى: ]وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون (52) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون (53) فذرهم في غمرتهم حتى حين (54) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون[ [المؤمنون: 52 - 56].
وعن الضحاك / قال: (أحبارهم: قراؤهم، ورهبانهم: علماؤهم).([434])
أثر حسن
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (988)، والطبري في «جامع البيان» (ج11 ص417)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج7 ص324- الدر المنثور) من طريق حجاج بن حمزة حدثنا جعفر بن عون أنبأنا سلمة بن نبيط عن الضحاك به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص34)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص324).
وعن الفضيل بن عياض / قال: (الأحبار: العلماء، والرهبان: العباد).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (1012) من طريق عمران بن موسى الطرسوسي حدثنا عبدالصمد بن يزيد قال: سمعت الفضيل بن عياض به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج2 ص350)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص355)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص324).
قال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص168): (قوله تعالى: ]ليأكلون أموال الناس بالباطل[ [التوبة: 34]؛ يعني: أهل ملتهم، وذلك أنهم كانت لهم: مأكلة كل عام من سفلتهم([435]) من الطعام، والثمار على تكذيبهم بمحمد r، ولو أنهم آمنوا بمحمد r لذهبت تلك المأكلة).([436]) اهـ
وقال أبو السعود المفسر / في «إرشاد العقل السليم» (ج4 ص62): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا[؛ [التوبة: 34]؛ شروع في بيان حال: الأحبار، والرهبان في إغوائهم لأراذلهم([437]): إثر بيان سوء حال الأتباع في اتخاذهم لهم أربابا يطيعونهم في الأوامر، والنواهي، واتباعهم لهم فيما يأتون، وما يذرون: ]إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل[؛ يأخذونها بطريق الرشوة لتغيير الأحكام، والشرائع، والتخفيف، والمسامحة فيها، وإنما عبر عن ذلك بالأكل بناء على أنه معظم الغرض منه، وتقبيحا لحالهم، وتنفيرا للسامعين عنهم: ]ويصدون[؛ الناس: ]عن سبيل الله[؛ عن دين الإسلام، أو عن المسلك المقرر في التوراة، والإنجيل إلى ما افتروه، وحرفوه بأخذ الرشا، أو يصدون عنه بأنفسهم بأكلهم الأموال بالباطل). اهـ
وقال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج3 ص226): (هذا تحذير من الله تعالى لعباده المؤمنين، عن كثير من الأحبار، والرهبان، أي: من العلماء([438])، والعباد([439])، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، أي: بغير حق، ويصدون عن سبيل الله.
فإنهم: إذا كانت لهم رواتب من أموال الناس، أو بذل الناس لهم من أموالهم؛ فإنه لأجل علمهم وعبادتهم، ولأجل هداهم، وهدايتهم.
وهؤلاء يأخذونها، ويصدون الناس عن سبيل الله، فيكون أخذهم لها، على هذا الوجه، سحتا([440]) وظلما.
فإن الناس ما بذلوا لهم من أموالهم، إلا ليدلوهم على الطريق المستقيم.([441])
ومن أخذهم لأموال الناس بغير حق، أن يعطوهم ليفتوهم أو يحكموا لهم بغير ما أنزل الله تعالى.
* فهؤلاء الأحبار، والرهبان([442])، ليحذر منهم هاتان الحالتان: أخذهم لأموال الناس بغير حق، وصدهم الناس عن سبيل الله تعالى). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج4 ص278): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[؛ الأحبار: من اليهود، والرهبان: من النصارى؛ والرهبان: عباد النصارى، والقسيسون: علماؤهم.
والمقصود: التحذير من علماء السوء، وعباد الضلال؛ كما: قال سفيان بن عيينة([443]): (من فسد من علمائنا كان فيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا كان فيه شبه من النصارى).([444])
وفي الحديث الصحيح: («لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة([445])» قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟»). وفي رواية: (فارس والروم، قال: «فمن الناس إلا هؤلاء؟»).([446])
والحاصل: التحذير من التشبه بهم في أقوالهم، وأحوالهم؛ ولهذا: قال تعالى: ]ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[؛ وذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين، وفي مناصبهم، ورياستهم في الناس يأكلون أموالهم بذلك؛ كما كان لأحبار اليهود على أهل الجاهلية شرف، ولهم عندهم خرج وهدايا، وضرائب تجيء إليهم فلما بعث الله رسوله r استمروا على ضلالهم، وكفرهم، وعنادهم طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرياسات؛ فأطفأها الله بنور النبوة، وسلبهم إياها وعوضهم الذل والصغار، وباؤوا بغضب من الله تعالى.
وقوله تعالى: ]ويصدون عن سبيل الله[؛ أي: وهم مع أكلهم الحرام: يصدون الناس عن اتباع الحق، ويلبسون الحق بالباطل، ويظهرون لمن اتبعهم من الجهلة؛ أنهم يدعونه إلى الخير، وليسوا كما يزعمون، بل هم: دعاة إلى النار، يوم القيامة لا ينصرون). اهـ
قلت: فهذا القسم من الناس([447]) عالة على البلدان الإسلامية، فإذا فسدوا، فسدت أحوال الناس في البلدان.
وهل أفسد دين الناس، إلا علماء السوء، ورهبان الجهل.
قال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج8 ص192): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34]؛ أي: بالطريق المنكر من الرشا في الأحكام، والتخفيف، والمسامحة في الشرائع، وغير ذلك. و(الأكل)؛ مجاز عن الأخذ، بعلاقة العلية والمعلولية: لأنه الغرض الأعظم منه، وفيه من التقبيح لحالهم، وتنفير السامعين عنه ما لا يخفى: ]ويصدون عن سبيل الله[؛ أي: عن دين الإسلام وحكمه، واتباع الدلائل، إلى ما يهوون، أو عن المسلك المقرر في التوراة والإنجيل، إلى ما افتروه وحرفوه). اهـ
قلت: هذه إشارة إلى أن سبب ذلك هو: إيثارهم حب المال، وكنزه على أمر الله تعالى.
قال تعالى: ]ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل[ [البقرة: 188]؛ فنهى الله تعالى: أكل أموال المسلمين بالحرام.
قال فخر الدين محمد الرازي / في «التفسير الكبير» (ج5 ص34): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34]؛ اعلم أنه تعالى لما وصف رؤساء اليهود والنصارى: بالتكبر، والتجبر، وادعاء الربوبية، والترفع على الخلق، وصفهم في هذه الآية: بالطمع، والحرص على أخذ أموال الناس، تنبيها على: أن المقصود من إظهار تلك الربوبية، والتجبر، والفخر، أخذ أموال الناس بالباطل، ولعمري من تأمل أحوال أهل الناموس، والتزوير في زماننا وجد هذه الآيات كأنها ما أنزلت إلا في شأنهم، وفي شرح أحوالهم، فترى الواحد منهم يدعي أنه لا يلتفت إلى الدنيا، ولا يتعلق خاطره بجميع المخلوقات، وأنه في الطهارة، والعصمة مثل الملائكة المقربين حتى إذا آل الأمر إلى الرغيف الواحد تراه يتهالك عليه، ويتحمل نهاية الذل والدناءة في تحصيله. وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قد عرفت أن الأحبار من اليهود، والرهبان من النصارى بحسب العرف، فالله تعالى حكى عن كثير منهم أنهم ليأكلون أموال الناس بالباطل، وفيه أبحاث:
البحث الأول: أنه تعالى قيد ذلك بقوله: ]كثيرا[ ليدل بذلك على أن هذه الطريقة طريقة بعضهم لا طريقة الكل، فإن العالم لا يخلو عن الحق، وإطباق الكل على الباطل؛ كالممتنع هذا يوهم أنه كما أن إجماع هذه الأمة على الباطل لا يحصل، فكذلك سائر الأمم.
البحث الثاني: أنه تعالى عبر عن أخذ الأموال بالأكل وهو قوله: ]ليأكلون[ والسبب في هذه الاستعارة، أن المقصود الأعظم من جمع الأموال هو الأكل، فسمي الشيء باسم ما هو أعظم مقاصده، أو يقال من أكل شيئا فقد ضمنه إلى نفسه ومنعه من الوصول إلى غيره، ومن جمع المال فقد ضم تلك الأموال إلى نفسه([448])، ومنعها من الوصول إلى غيره، فلما حصلت المشابهة بين الأكل، وبين الأخذ من هذا الوجه، سمي الأخذ بالأكل، أو يقال: إن من أخذ أموال الناس، فإذا طولب بردها، قال أكلتها وما بقيت، فلا أقدر على ردها، فلهذا السبب سمي الأخذ بالأكل.
البحث الثالث: أنه قال تعالى: ]ليأكلون أموال الناس بالباطل[؛ وقد اختلفوا: في تفسير هذا الباطل على وجوه:
الأول: أنهم كانوا يأخذون الرشا في تخفيف الأحكام، والمسامحة في الشرائع، والثاني: أنهم كانوا يدعون عند الحشرات والعوام منهم: أنه لا سبيل لأحد إلى الفوز بمرضاة الله تعالى؛ إلا بخدمتهم وطاعتهم، وبذل الأموال في طلب مرضاتهم، والعوام: كانوا يغترون بتلك الأكاذيب، الثالث: التوراة كانت مشتملة على آيات دالة على مبعث محمد r، فأولئك الأحبار والرهبان، كانوا يذكرون في تأويلها وجوها فاسدة، ويحملونها على محامل باطلة، وكانوا يطيبون قلوب عوامهم بهذا السبب، ويأخذون الرشوة، والرابع: أنهم كانوا يقررون عند عوامهم أن الدين الحق هو الذي هم عليه فإذا قرروا ذلك قالوا وتقوية الدين الحق واجب ثم قالوا: ولا طريق إلى تقويته إلا إذا كان أولئك الفقهاء أقواما عظماء أصحاب الأموال الكثيرة، والجمع العظيم، فبهذا الطريق يحملون العوام على أن يبذلوا في خدمتهم نفوسهم وأموالهم، فهذا هو الباطل الذي كانوا به يأكلون أموال الناس، وهي بأسرها حاضرة في زماننا، وهو الطريق لأكثر الجهال والمزورين([449]) إلى أخذ أموال العوام والحمقى من الخلق.
ثم قال تعالى: ]ويصدون عن سبيل الله[؛ لأنهم كانوا يقتلون على متابعتهم، ويمنعون عن متابعة الأخيار من الخلق، والعلماء في الزمان، وفي زمان محمد عليه الصلاة والسلام كانوا يبالغون في المنع عن متابعته بجميع وجوه المكر والخداع.([450])
قال المصنف t: غاية مطلوب الخلق في الدنيا المال والجاه، فبين تعالى في صفة الأحبار، والرهبان: كونهم مشغوفين بهذين الأمرين، فالمال هو المراد بقوله تعالى: ]ليأكلون أموال الناس بالباطل[؛ وأما الجاه: فهو المراد بقوله تعالى: ]ويصدون عن سبيل الله[؛ فإنهم لو أقروا بأن محمدا على الحق لزمهم متابعته، وحينئذ فكان يبطل حكمهم، وتزول حرمتهم؛ فلأجل الخوف من هذا المحذور كانوا يبالغون في المنع من متابعة محمد r، ويبالغون في إلقاء الشبهات، وفي استخراج وجوه المكر والخديعة([451])، وفي منع الخلق من قبول دينه الحق، والاتباع لمنهجه الصحيح). اهـ
وقال الإمام البيضاوي / في «أنوار التنزيل» (ج1 ص403): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34]؛ يأخذونها: بالرشا في الأحكام سمي أخذ المال: أكلا؛ لأنه الغرض الأعظم منه([452])، ويصدون عن سبيل الله: عن دينه، ويجوز أن يراد به الكثير من الأحبار، والرهبان: فيكون مبالغة في وصفهم بالحرص على المال). اهـ
وقال الإمام أبو المظفر السمعاني / في «تفسير القرآن» (ج2 ص304): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34]؛ قال أهل التفسير: إن المراد منه أخذ الرشاء في الأحكام، والمآكل التي كانت لعلمائهم على سفلتهم؛ وقوله تعالى: ]ويصدون عن سبيل الله[؛ معناه: أنهم يمنعون الناس عن الإسلام). اهـ
وقال الإمام ابن أبي زمنين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص203): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34]؛ يعني: ما كانوا يأخذون من الرشا في الحكم، وعلى ما حرفوا من كتاب الله تعالى). اهـ
وقال الإمام الواحدي / في «الوسيط» (ج2 ص491): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34]؛ يعني: ما كانوا يأخذونه من الرشى في الحكم، وما كانوا يصيبونه من المأكل من سفلتهم، ]ويصدون عن سبيل الله[؛ ويصرفون الناس عن الإيمان بمحمد r). اهـ
وعن خولة بنت قيس الأنصارية ڤ، قالت: سمعت النبي r، يقول: (إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة).
وفي رواية: (إن الدنيا خضرة حلوة، وإن رجالا يتخوضون في مال الله، ورسوله؛ بغير حق، لهم النار يوم القيامة)
أخرجه البخاري في «صحيحه» (3118)، وفي «التاريخ الكبير» (ج5 ص1450)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص410)، والطبراني في «المعجم الكبير» (577)، و(578)، و(617)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (10303)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص179)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (7598)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (1116)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج7 ص34)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج2 ص357)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1587)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3272)، وفي «الزهد» (153)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (4892)، و(4893)، والفاكهي في «الفوائد» (260)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج8 ص60)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج35 ص165)، والبغوي في «شرح السنة» (2730)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص99)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج7 ص91) من طريق حيوة بن شريح، وسعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود محمد بن عبدالرحمن بن نوفل أنه سمع النعمان بن أبي عياش يقول: أنه سمع خولة بنت قيس ([453]) ڤ به.
وقال ابن حجر: هذا حديث صحيح.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص409)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1588)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (4890)، و(4891)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1143)، وعبدالرزاق في «المصنف» (6962)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص450)، والطبراني في «المعجم الكبير» (580)، و(581)، و(582)، و(583)، وفي «المعجم الأوسط» (5318)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج13 ص242)، والحميدي في «المسند» (353)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص311)، وفي «معرفة الصحابة» (7584)، وابن الأعرابي في «الزهد» (96)، و(97)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (3260)، و(3261)، و(3262)، وابن حبان في «صحيحه» (4512) من طرق عن يحيى بن سعيد، عن عمر بن كثير بن أفلح ([454])، أخبره: أنه سمع عبيد سنوطا يحدث عن خولة بنت قيس ڤ: امرأة حمزة بن عبد المطلب، قالت: قال رسول الله r: (إن الدنيا خضرة حلوة، فمن أخذها بحقها، بورك له فيها، ورب متخوض([455]) في مال الله، ومال رسوله، له النار يوم يلقى الله). وفي رواية: (إن الدنيا خضرة حلوة، ورب متخوض في مال الله، ورسوله، له النار يوم القيامة). وفي رواية: (فمن أخذه بحقه، فإنه يبارك له فيه).
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج6 ص219).
قوله r: (إن رجالا)؛ إن رجالا، رجال نكرة في سياق الإثبات.
والنكرة في سياق الإثبات، لا تدل على العموم، وإنما تدل على الإطلاق.
وكأنه قال: إن من الرجال، إن من الرجال من يتخوضون في مال الله تعالى. ([456])
فيكون المعنى: يتصرفون في أموال المسلمين بالباطل. ([457])
* والتخوض في المال، إما يكون سابقا، أو لاحقا:
أما التخوض السابق، معناه: أن يكتسب المال من أي: وجه كان من حلال، أم حرام؛ يعني: لا يبالي يكسب المال من حلال، أم من حرام.
وأما التخوض اللاحق، وهو الذي يكون بعد اكتساب المال؛ بأن لا يحسن التصرف فيه، بل يضيعه، ويسرف فيه، ويتصرف منه تصرفات محرمة، لا ترضي الله تعالى.
* وفي هذا الحديث: وعيد شديد للذين يتصرفون في الأموال، وفي كسبها من غير الطرق المشروعة، أو بإنفاقها في غير سبل الخيرات.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص219): (قوله r: «من مال الله»؛ مظهر أقيم: مقام المضمر؛ إشعارا، بأنه لا ينبغي التخوض في مال الله تعالى، ورسوله r، والتصرف فيه بمجرد التشهي). اهـ ([458])
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج7 ص34): (قوله r: «إن رجالا يتخوضون»؛ بالخاء، والضاد: المعجمتين، من الخوض: وهو المشي في الماء، وتحريكه، ثم استعمل في التصرف في الشيء؛ أي: يتصرفون في مال الله تعالى، الذي جعله لمصالح المسلمين بغير: قسمة([459]) حق، بل بالباطل). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج2 ص538): (قال المؤلف / فيما نقله؛ عن خولة: زوجة حمزة بن عبد المطلب t، أن النبي r قال: «إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يومالقيامة»؛ هذا أيضا مما يدل على تحريم الظلم في الأموال الذي هو خلاف العدل.
وفي قوله r: «يتخوضون»؛ دليل على أنهم: يتصرفون تصرفا طائشا غير مبني على أصول شرعية، فيفسدون الأموال ببذلها فيما يضر، مثل: من يبذل أمواله في الدخان، أو في المخدرات، أو في شرب الخمور، أو ما أشبه ذلك، وكذلك أيضا يتخوضون فيها بالسرقات، والغصب، وما أشبه ذلك، وكذلك يتخوضون فيها بالدعاوى الباطلة([460])، كأن يدعي ما ليس له وهو كاذب، وما أشبه ذلك.
* فالمهم أن كل من يتصرف تصرفا غير شرعي في المال- سواء ماله أو مال غيره- فإن له النار يوم القيامة إلا أن يتوب، فيرد المظالم إلى أهلها، ويتوب مما يبذل ماله فيه من الحرام؛ كالدخان، والخمر، وما أشبه ذلك، فإنه ممن تاب الله عليه، لقول الله تعالى: ]قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين[ [الزمر: 53-56]). اهـ
قلت: فمن أخذ من التبرعات، أو المقاسم، أو غيرها شيئا بغير حق له في ذلك، فقد تخوض في مال الله تعالى بغير حق، ويأتي بما غل يوم القيامة. ([461])
قال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج12 ص179) عن الخوض في المال: (هو التخليط في تحصيله من غير وجهه كيف أمكن). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص219): (قوله r: «يتخوضون في مال الله بغير حق»؛ أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل، وهو أعم من أن يكون بالقسمة، وبغيرها).اهـ
قلت: وفي ذلك ردع للمتحزبة: أن يأخذوا من المال شيئا بغير حقه، أو يمنعوه من أهله.
قلت: فأخبر النبي r عن أناس يتصرفون في أموال المسلمين بالباطل، وأنهم يأخذونها بغير حق. ([462])
فالذين يقومون على جمع الزكاة، والصدقات، وجمع التبرعات، وأموال الوقف، وغير ذلك([463])، ويتخوضون فيها بالباطل، فإنهم يدخلون تحت هذا الحديث([464]).
فالذين يقومون على هذه الأموال من قبل الجمعيات، والأفراد، الذين يتولون هذه الأموال، فإن أكثرهم يخوضون فيها بغير علم، وبغير فهم لمصاريفها الشرعية الصحيحة. ([465])
قال تعالى: ]ذرهم في خوضهم يلعبون[ [الأنعام: 91].
قلت: فهؤلاء لهم النار يوم القيامة، إلا أن يتوبوا، فيردوا المظالم إلى أهلها.
وقوله r: (فلهم)؛ يدل على سرعة العذاب، وقربه الشديد ممن يتصرفون في الأموال بغير حق. ([466])
* وفي الحديث: التحذير من التحايل لكسب الأموال بغير حق، أو إنفاقها في غير مواضعها.
* وفي الحديث: بيان أن الأموال العامة ليست مرتعا لمن ولاه الله تعالى عليها، لأنه سيحاسب عليها يوم القيامة.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج2 ص539): (وفي هذا الحديث: تحذير من بذل المال في غير ما ينفع، والتخوض فيه؛ لأن المال جعله الله تعالى، قياما للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم، فإذا بذله في غير مصلحة كان من المتخوضين في مال الله تعالى بغير حق)([467]).اهـ
قلت: فجعل الله تعالى المال قياما للناس، تقوم به مصالح دينهم ودنياهم.
* وفي هذا الحديث: حذر النبي r بعض الرجال من العمال وغيرهم: أن يتخوضوا؛ أي: يتصرفوا في مال الله تعالى.
* وهذا معنى عام في كل ما يخص المال من حيث جمعه، وكسبه من غير حله، وإنفاقه في غير مواضعه الصحيحة.
* وإضافة المال إلى الله تعالى يقصد به من أموال الغنائم، وأموال التبرعات، وأموال خاصة، وغير ذلك التي جعلها الله تعالى لمصالح الناس.
فيأخذها العمال بغير حق؛ أي: بالباطل، فيأخذون منها أكثر مما يستحقون بزعمهم على أمورهم، أو يعطون من لا يستحق، أو غير ذلك مما ليس بحق.
وعن أبي بشر قبيصة بن مخارق t قال: تحملت([468]) حمالة، فأتيت رسول الله r أسأله فيها، فقال r: (أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها، ثم قال: يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة:
* رجل تحمل حمالة([469])، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك.
* ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال: سدادا من عيش.
* ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش.
فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1044)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج4 ص210 و211)، وأبو داود في «سننه» (1640)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص477)، والحميدي في «المسند» (819)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (1548)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص73)، و(ج7 ص21 و23)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص120)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2375)، و(2360)، و(2361)، وابن الجارود في «المنتقى» (367)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص17 و18)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص396)، وعبدالرزاق في «المصنف» (20008)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2371)، و(2372)، وفي «المجتبى» (ج5 ص88 و89)، والبغوي في «شرح السنة» (1625)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص32)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص437)، وأبو عبيد في «الأموال» (1723)، والطيالسي في «المسند» (1327)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1443)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص210 و211)، وابن زنجويه في «الأموال» (820)، وابن حبان في «صحيحه» (3291)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج4 ص2332)، والطبراني في «المعجم الكبير» (950)، و(951)، و(952)، و(953)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص467) من طرق عن هارون بن رئاب، قال: حدثني كنانة بن نعيم العدوي، عن قبيصة بن مخارق الهلالي t به.
والمعنى المراد:
قوله r: (تحملت حمالة)؛ الحمالة بفتح الحاء: ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة، كأن يقع قتال أو خصام بين فريقين، فيصلح إنسان ذات بينهم على مال يتحمله، ويلتزمه على نفسه، والتحمل: هو أن يحمل الحمالة عنهم على نفسه، ويسأل الناس فيها. ([470])
* إما ظرفية، أي: أسأل رسول الله r المال في شأن إعطائي مقدار الحمالة التي تحملتها.
* وإما سببية، وهي التي تأتي للتعليل، أي: أسأل رسول الله r المال بسبب الحمالة التي تحملتها.
وكل من الظرفية، والسببية من معاني: «في»؛ كما هو معلوم عند النحاة.
وقوله r: (أقم حتى تأتينا الصدقة)؛ أي: حتى تأتينا الزكاة، لأن من تحمل الحمالة يدخل في عموم الغارمين المنصوص على أنهم من مستحقي الزكاة في القرآن الكريم.
وأصل الصدقة؛ ما يعطى للفقراء ابتغاء وجه الله تعالى، وتطلق على الزكاة المفروضة، كما تطلق على صدقة التطوع.
وقوله r: (حتى يصيبها، ثم يمسك):
* يصيبها: أي يجدها، ويحصل عليها، يقال أصاب الشيء إذا وجده وحصل عليه.
* يمسك: أي يسكت عن المسألة، تقول: أمسكت عن الكلام إذا سكت.
وقوله r: (أصابته جائحة اجتاحت ماله)؛ الجائحة: المصيبة العظيمة التي تحل في مال إنسان فتستأصله كله، يقال: أصابتهم سنة شديدة اجتاحت أموالهم، وجاحتها.
وقوله r: (قواما من عيش، أو قال سدادا([471]) من عيش):
* قواما: بكسر القاف، ويجوز فتحها، هو ما يقوم به أمر الإنسان من مال ونحوه، بحاجته الضرورية، وقوله r: «من عيش»؛ بيان للمراد من القوام هنا.
* سدادا: بكسر السين، ويجوز بفتحها، ولكن الكسر أفصح، هو ما تسد به حاجة المعوز، وقوله r: «أو قال سدادا من عيش»؛ شك من الراوي.
وقوله r: (من ذوي الحجا)؛ أي: من أصحاب العقل، فالحجا: العقل، والفطنة، وجمعه: أحجاء.
وقوله r: (السحت): بضم السين، هو الحرام الذي لا يحل كسبه من المال، سمي بذلك لأنه يسحت البركة، أي: يذهبها، وأصل السحت: مصدر سحت، إذا قشر الشيء؛ قليلا قليلا حتى استأصله، والسحت أيضا: العذاب.
* يقول هذا الصحابي عن نفسه: إنه قد تحمل حمالة، فأتى رسول الله r يسأل فيها، أي التزم في سبيل إصلاحه بين فريقين مختصمين من قومه؛ أن يدفع من ماله ما يحل به عقدة خلافهما، فهو بهذا يدخل في قسم الغارمين الذين يستحقون ما غرموه من أموال الصدقة، أخذا؛ من قوله تعالى: ]إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم[ [التوبة: 60].
ولما سأل رسول الله r فيها، قال له الرسول r: «أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها»؛ أي: بمقدار الحمالة التي تحملتها، ودل قول الرسول r هذا على؛ أن من تحمل حمالة يدخل في ضمن المستحقين الذين تدفع لهم الصدقة، أي: الزكاة، وإذا فتشنا عنه ضمن الأصناف الثمانية المذكورين في الآية؛ وجدناه من صنف الغارمين.
ومن عظيم حكمة الرسول r أنه لم يدع هذه الحادثة تمر دون أن يعطي فيها بيانا شاملا يحدد فيه أصناف الناس الذين تحل لهم المسألة، وهي استجداء أموال الصدقة، ردعا للذين تحدثهم نفوسهم باستجداء الصدقات طمعا، واستكثارا بدون أن يكون لهم حق شرعي بها في نظام الإسلام، لأن أخذ أموال الصدقات دون استحقاق شرعي؛ عدوان على المستحقين، وظلم لا يأذن الله تعالى به، ومكسب حرام يسحت آكله حتى يستأصله، ويهلكه.
* أصناف الناس الذين تحل لهم المسألة:
* أما أصناف الناس الذين تحل لهم المسألة؛ فثلاثة، بينها رسول الله r في هذا الحديث بيانا تاما، وهي كما يلي:
الصنف الأول: «رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها، ثم يمسك»؛ فالغارم له أن يسأل حتى ينال مقدار الإلتزام الذي التزمه في حمالته، فإذا ناله؛ وجب عليه أن يمسك عن المسألة، وليس له حق في أن يأخذ ما زاد عليه.
الصنف الثاني: «ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال: سدادا من عيش».
ويدخل هذا الصنف ضمن الفقراء، والمساكين الذين نصت عليهم الآية، فهو في الأصل رجل غني بماله، ولكن أصابته مصيبة اجتاحت ماله، فأمسى فقيرا ذا حاجة، فحلت له المسألة، ولكن الشارع هنا لا يأذن لهذا الرجل بأن يستمر في المسألة حتى يعوض مقدار ما اجتيح من أمواله، ويزيد عليها، وإنما يأذن له بأن يسأل حتى ينال من أموال الصدقات ما يكون فيه الكفاية بالمعروف، دون زيادة، ولا استكثار.
الصنف الثالث: «ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش».
ويدخل هذا الصنف أيضا ضمن الفقراء، والمساكين الذين نصت عليهم الآية.
* وأنهى رسول الله r كلامه في بيان الأصناف الثلاثة؛ بوعيد من يتجاوز حدود الله فيما أحل من المسألة، فقال r: «فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا»؛ فكل ما ينال عن طريق مسألة غير مشروعة: مال سحت، ومكسب حرام، ولم يكتف الرسول r بقوله: «سحت»، بل أكد ذلك بقوله: «يأكلها صاحبها سحتا»، إشارة إلى ما في كلمة السحت من معنى: الاستئصال، والعذاب.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج5 ص169): ( هذه ثلاثة أشياء تحل فيها المسألة، فالذين تحل لهم المسألة ثلاثة:
الأول: إنسان تحمل حمالة، يعني: ضمن في ذمته شيئا كإصلاح بين الناس تحمل من أجله شيئا من المال، ومن ذلك: لو تحمل حمالة إصلاح مسجد على أنه سيرجع بما أنفق على المسلمين، فهذا أيضا تحمل حمالة؛ وكذلك الدية إذا وجبت عليه لكونه من العاقلة.
المهم: كل من تحمل حمالة فله أن يسأل حتى يصيب هذه الحمالة، ثم يمسك، فإذا تحمل عشرة ألاف مثلا، وحصل عشرة ألاف؛ فالواجب الإمساك.
وإن زاد التبرع عما تحمل؛ وجب عليه أن يرده إلى صاحبه إن علمه، فإن جهله فإنه يستأذن في ذلك الحاكم الشرعي؛ لأن الحاكم الشرعي ولي من لا ولي له، ويصرف في مثل هذا الذي تحمل: إن كان تحمل لعمارة مسجد، يصرف في عمارة مسجد، وإن كان تحمل في دية، فإنه يصرف في الفقراء، أو في غيره من وجوه الخير، لكن لا بد من استئذان المحكمة «أي: الحاكم الشرعي»؛ حتى لا يحصل في ذلك خوض وكلام.
والظاهر أنه يشترط أن يكون فقيرا لقوله r: «حتى يصيبها ثم يمسك»؛ وكذلك إذا تحمل حمالة بنية الرجوع، فيرجع على بيت المال أو ما أشبه ذلك.
الثاني: «ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال: سدادا من عيش»؛ هذا أيضا رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله كحريق، وغرق، وما أشبه ذلك، فهذا أيضا تحل له المسألة «حتى يصيب سدادا من عيش»؛ يعني: حتى يصيب ما يكفيه.
والثالث: «ورجل أصابته فاقة»؛ أي: حاجة، وكان معروفا بالغنى، فتحل له المسألة، لكن يقول r: «حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال سدادا من عيش»؛ يعني: هذا الرجل معروف بالغنى، فأصيب بفقر وحاجة، فلا بد من شهود ثلاثة من أصحاب العقل، والمعرفة، والدراية من قومه، أي: من قبيلته يشهدون بأن فلانا أصابته جائحة، فتحل له المسألة، والمراد بذلك: تحل له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو سدادا من عيش.
وقوله r: «فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا»؛ يعني: تكون حراما عليه، فدل هذا على فوائد منها:
1) أنه يجوز صرف الزكاة في صنف واحد؛ وأهل الزكاة ثمانية: الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمون، وفيسبيل الله، وابن السبيل، وجه الدلالة: قول النبي r: «أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها»؛ ولم يقل: نأمر لك منها.
2) أنه يجوز إعطاء الفقير شيئا كثيرا؛ لأن الصدقة التي تأتي إلى الرسول r ليست شاة، أو بعيرا، بل هي عدد كبير، لكن إما أن تأتي إلى رسول الله r جملة واحدة، وإما أن تأتي متفرقة، فهل نعطي هذا الفقير حتى يصبح غنيا، ويقال: إنه غني، أو نعطي الفقير بمقدار حاجته؟
الجواب: الفقهاء رحمهم الله يقولون: يعطى الفقير ما يكفيه لسنة فقط، ليس يعطى ما يكون به غنيا، لأن هذا قد يستهلك مالا كثيرا يحرم به غيره من الفقراء المحتاجين، فيعطى ما يكفيه سنة، وإنما قيدوه بسنة؛ لأن الغالب أنه إذا دارت السنة بدأت أموال الزكاة تتدفق على الفقراء، لا سيما إذا كان غالب الأغنياء يقيدون ذلك برمضان مثلا، فيعطى هذا الرجل لمدة سنة، ولن يأتي عليه سنة إلا وقد حلت زكاة أخرى يعطى منها.
3) جواز حبس الفقير، ووعده لانتظار الصدقة، لقوله r: «أقم»؛ يعني: عندنا، ولم يقل: إذهب، وإذا جاء وقت الصدقة فائت، بل إذا بقي يشاهده من يبذل الصدقة فهو أحسن، حتى إذا توفرت عنده أعطاه.
4) أن من البينات ما يحتاج إلى ثلاثة رجال، وذلك إذا أصاب الغني فاقة وحاجة، فإنه لا بد من ثلاثة رجال، ونصاب الشهود).اهـ
قلت: فالحديث فيه بيان لمن تحل له المسألة، وحددهم النبي r، بثلاثة أنواع، وهم:
1) رجل أصابته مصيبة، فهو يسأل من أجل السداد.
2) رجل استدان: من أجل الإصلاح بين الناس، فهو يسأل كي يؤدي الدين.
3) رجل يشهد له ثلاثة من أهل الخير بباطنة: أنه يستحق المسألة.
وما عدا هؤلاء الثلاثة: فالصدقة له سحت.
* معاني الكلمات:
1) تحملت: تكفلت مالا، لإصلاح ذات البين.
2) بحمالة: هي أن تقع بين القوم تشاجر في الدماء، والأموال، ويخاف من ذلك فتن عظيمة، فيتوسط الرجل بينهم، لإصلاح ذات البين، ويضمن لهم ما يرضيهم، دفعا للفتنة.
3) الجائحة: الآفة؛ كالغرق، والحرق، وفساد الزرع.
4) لا تصلح: لا تحل.
5) إلا في ثلاث: في ثلاث أحوال.
6) رجل: حال رجل، والمراد: بها لا تحل، إلا لضرورة ملجئة، كهذه الأحوال.
7) حتى يشهد: غاية لإصابة الحاجة، أي: أصابته الحاجة إلى أن ظهرت لعقلاء قومه، وصارت بينة.
8) الحجا: العقل.
9) إلا قد حلت: فما شهدوا له، إلا قد حلت.
10) قواما: بكسر القاف، أي: ما يقوم بحاجته الضرورية.
11) أو سدادا: بكسر السين، ما يكفي حاجته.
والسداد: بالكسر: كل شيء سددت به خللا: فهو سداد، وهو: ما يسد به الفقر، ويدفع، ويكفي الحاجة.
12) السحت: هو الحرام الذي لا يحل كسبه، لأنه يسحت البركة، أي: يذهبها. ([472])
قال الإمام القرطبي / في «المفهم» (ج3 ص88): (قوله r: «فما سواهن من المسألة سحت»؛ السحت: الحرام، وسمي به: لأنه يسحت، ويمحق، وفيه لغتان: سكون الحاء، وضمها). اهـ
قلت: وهؤلاء القوم؛ يضاهئون: يشابهون، ويوافقون النصارى الرهبان في أفكارهم الخبيثة.([473])
قال تعالى: ]ذلكقولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون[ [التوبة: 30].
وعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]يضاهون[ ([474])؛ قال: (يشبهون).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (978)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص206) من طريق أبي صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص355)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج8 ص118).
قلت: فـ«عبد الرحمن بن عبد الخالق» الراهب، وأتباعه: «الرهبان» يضاهون فكر: «الرهبان» من النصارى: «أصحاب الصوامع»، و«الكنائس» في سياستهم البدعية: من قولهم بالمظاهرات، والاعتصامات، والمسرات، والثورات، والفوضى في البلدان الإسلامية.
قال تعالى: ]يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون[ [التوبة: 42].
وقال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].
وقال تعالى: ]والله مخرج ما كنتم تكتمون[ [البقرة: 72].
قلت: ولا تعرف الحق بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أهله، وعادة الضعفاء يعرفون الحق بالرجال لا الرجال بالحق، والعاقل يعرف الحق، ثم ينظر في قول نفسه، فإن كان حقا قبله، وإن كان باطلا رده، وهذا هو المنهج الذي سار عليه أئمتنا بصفائه ونقائه، وهو حبل الله تعالى.
والاعتصام بحبل الله تعالى يتضمن الاجتماع على الحق، والتعاون على البر والتقوى، والتناصر على أعداء الله تعالى في الداخل والخارج، وأعداء المسلمين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص71): (ولكن من علم أن هذا خطأ فيما جاء به الرسول r ثم اتبعه على خطئه، وعدل عن قول الرسول r، فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله، لا سيما إن اتبع في ذلك هواه، ونصره باللسان واليد، مع علمه بأنه مخالف للرسول r؛ فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه.
ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز له تقليد أحد في خلافه).اهـ
قلت: والزمان الذي نعيشه يموج باتجاهات مختلفة، وأفكار متعددة، وانتماءات متنوعة، بل وجماعات هدامة، وكل جماعة تحتكر الحق لنفسها، وتزعم أنها هي التي تمثل الإسلام الصحيح، ولا شيء سواها!.
قال تعالى؛ عن الأحزاب: ]فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون[ [المؤمنون: 53].
وقال تعالى: ]ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم: 31-32].
وقال تعالى: ]ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم[ [آل عمران: 105].
وقال تعالى: ]إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[ [الأنعام: 159].
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
وقال تعالى: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7].
وقال تعالى: ]ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير[ [الحج:8].
وعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: (لتتبعن سنة من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم، قيل: يا رسول الله، اليهود، والنصارى؟ قال: فمن).([475])
وعن عبد الله بن عمرو ﭭ قال: (لتركبن سنة من كان قبلكم، حلوها، ومرها).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج14 ص96) من طريق أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، عن عمر بن الحكم، قال: سمعت عبد الله بن عمرو ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (أنتم أشبه الناس سمتا، وهديا ببني إسرائيل؛ لتسلكن طريقهم حذو القذة بالقذة، والنعل بالنعل)
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج14 ص96) من طريق سفيان، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان الأودي، عن هزيل بن شرحبيل الأودي قال: قال عبد الله بن مسعود t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فإن لكل جماعة من الجماعات الحزبية التي خرجت عن صف جماعة المسلمين الحقيقية؛ نصيبا من هذه النصوص من الوقوع فيما نهى الله عنه، وحذر منه الرسول r؛ من مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، واتباع المتشابه، وابتغاء الفتنة، وابتغاء التأويل الفاسد، والجدال والمراء في الدين بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، والقول على الله بغير علم، واتباع الأهواء، واتباع طرائق الأمم الهالكة، والتفرق في دين الله تعالى، فكل جماعة سلكت طرقا من هذه المناهج من مقل أو مكثر.([476])
قال الإمام ابن القيم / في «مسألة السماع» (ص350): (فأخبر r: أنه لابد من أن يكون في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى، وبفارس الروم، وظهور هذا الشبه في الطوائف([477])؛ إنما يعرفه من عرف الحق وضده، وعرف الواجب والواقع، وطابق بين هذا وهذا، ووازن بين ما عليه الناس اليوم، وبين ما كان عليه السلف الصالح). اهـ
قلت: وبدعة: «الرهبة» لها تأثيرها في النفوس من سوء الأخلاق، وسوء الأضرار، من ذلك: أكل أموال الناس بالحيل المشينة، والعياذ بالله.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص193): (المعنى الإجمالي للحديث: يخبر r خبرا؛ معناه: النهي عما يتضمنه هذا الخبر: أن أمته لا تدع شيئا مما كان يفعله اليهود والنصارى إلا فعلته كله، لا تترك منه شيئا، ولو كان شيئا تافها.
ويؤكد هذا الخبر: بأنواع من التأكيدات، وهي: اللام الموطئة للقسم، ونون التوكيد، ووصف مشابهتهم بأنها كمشابهة قذة السهم للقذة الأخرى.
ثم وصفها بما هو: أدق في التشبه بهم؛ بحيث لو فعلوا شيئا تافها غريبا لكان في هذه الأمة من يفعله تشبها بهم). اهـ
قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص747): (قوله r: (حذو القذة بالقذة)؛ أي: لتفعلن أفعالهم، ولتتبعن طرائقهم؛ حتى تشبهوهم، وتحاذوهم، كما تشبه قذة السهم القذة الأخرى.
* ثم إن هذا لفظ خبر؛ معناه: النهي عن متابعتهم... فقد اتبع كثير من أمته سنن اليهود، والنصارى، وفارس، في شيمهم، ومراكبهم، وملابسهم، وإقامة شعارهم... واتخاذ الأحبار، والرهبان أربابا من دون الله تعالى، والإعراض عن كتاب الله تعالى، والإقبال على كتب الضلال ([478]): من السحر، والفلسفة، والكلام.
* والتكذيب بصفات الله تعالى: التي وصف الله تعالى بها نفسه، أو وصفه بها رسوله r، ووصفه بما لا يليق به من النقائص، والعيوب؛ إلى غير ذلك مما اتبعوا فيه: اليهود، والنصارى). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص749): (فأخبر r أن أمته ستفعل ما فعلته: اليهود([479])، والنصارى([480])، وفارس من الأديان، والعادات، والاختلاف).اهـ
قلت: وهذا خرج مخرج الذم لمن يتبع اليهود، والنصارى([481]) في دينهم الباطل.
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج16 ص58)؛ عن الرهبان: (بل اتخذوها –يعني: الرهبانية- آلة للترؤس والسؤدد، وإخضاع الشعب لأهوائهم). اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج16 ص60): (فالطريقة الرهبانية: هي اختراع شيطاني قبيح). اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج16 ص60): (وهؤلاء الرهبان لا نفع منهم للرعية). اهـ
وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (ج2 ص368): (كانت شرعة من قبلنا بالرهبانية، وشريعتنا بالحنيفية السمحة). اهـ
وقال العلامة ابن بدران /في «العقود الياقوتية» (ص48): (فالأهواء متى حلت بصاحبها أخذته عن الحق، وجعلت الباطل ساريا في لحمه ودمه، فإذا خالطه أحد حصلت له العدوى منه). اهـ
قلت: وما وقع هؤلاء في الضلالة؛ إلا بسبب تقليد: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الراهب في أقواله، وأفعاله المشينة التقليد الأعمى.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص7): (تالله إنها فتنة عمت فأعمت، ورمت القلوب فأصمت، ربا عليها الصغير، وهرم فيها الكبير، واتخذ لأجلها القرآن مهجورا، وكان ذلك بقضاء الله وقدره في الكتاب مسطورا). اهـ
قلت: فابتدعوا «الرهبانية الشيطانية»، فأسسوا لهم حزبا خبيثا، حتى وصل بهم الأمر أنهم أكلوا أموال الناس بالباطل عن طريق ما يسمى: «بالأعمال الخيرية»، بل جعلوا أتباعهم الرعاع والهمج أن يطيعوهم في كل ما يقولون من الباطل في الأصول والفروع، وفي المنهج والدعوة!.
قال تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج2 ص265): (فمن أطاع العلماء في مخالفة أمر الله تعالى، ورسوله r، فقد اتخذهم أربابا من دون الله: باعتبار التصرف الشرعي؛ لأنه اعتبرهم مشرعين، واعتبر تشريعهم شرعا يعمل به). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «إعانة المستفيد» (ج2 ص159): (دل على أن طاعة الأحبار، والرهبان: في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله؛ أنه يعتبر شركا بالله عز وجل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص70): (وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله وعكسه؛ يكونون على وجهين:
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله، فيتبعونهم على التبديل؛ فيعتقدون تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله اتباعا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل؛ فهذا كفر، وقد جعله الله تعالى، ورسوله r شركا، وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون.
الثاني: أن يكون اعتقادهم، وإيمانهم بتحريم الحلال، وتحليل الحرام ثابتا، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص؛ فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب كما ثبت في «الصحيحين» عن النبي r أنه قال: إنما الطاعة في المعروف). ([482]) اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج8 ص192): (ثم بين تعالى حال الأحبار والرهبان في إغوائهم لأراذلهم، إثر بيان سوء حال الأتباع في اتخاذهم لهم أربابا يطيعونهم في الأوامر والنواهي، واتباعهم لهم فيما يأتون، وما يذرون). اهـ
وقال ابن جزي المفسر / في «تفسير القرآن» (ص252): (قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا[ [التوبة: 31]؛ أي: أطاعوهم؛ كما يطاع الرب تعالى، وإن كانوا لم يعبدوهم). اهـ
وقال الإمام البيضاوي / في «أنوار التنزيل» (ج1 ص403): (قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا[ [التوبة: 31]؛ بأن أطاعوهم في تحريم ما أحل الله تعالى، وتحليل ما حرم الله تعالى، أو بالسجود لهم). اهـ
وعن عدي بن حاتم، t قال: (أتيت النبي r وفي عنقي صليب من ذهب قال: فسمعته يقول: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31] قال: قلت: يا رسول الله إنهم لم يكونوا يعبدونهم قال: أجل ولكن يحلون لهم ما حرم الله، فيستحلونه، ويحرمون عليهم ما أحل الله، فيحرمونه، فتلك عبادتهم لهم). وفي رواية: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه). وفي رواية: (لسنا نعبدهم: فقال r: أليس يحرمون حلال الله فتحرمونه ...). وفي رواية: (يا رسول الله، أما إنهم لم يكونوا يصلون لهم؟ قال: صدقت، ولكن كانوا يحلون لهم ما حرم الله فيستحلونه، ويحرمون ما أحل الله لهم فيحرمونه).
حديث حسن لغيره
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج5 ص287)، والبغوي في «معالم التنزيل» تعليقا (ج4 ص39)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص106)، والنحاس في «معاني القرآن» (ج3 ص202)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (989)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص34)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص283)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص116)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص636)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج10 ص114)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج3 ص230-الدر المنثور)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص92)، والسمرقندي في «بحر العلوم» (ج2 ص35)، والطيوري في «الطيوريات» (ج1 ص241 و242)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص170)، والواحدي في «الوسيط» (ج2 ص49)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص541)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص129)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج23 ص119)، والجصاص في «أحكام القرآن» (ج3 ص104)؛ تعليقا: من طرق عن عبد السلام بن حرب الملائي، عن غطيف بن أعين، عن مصعب بن سعد عن عدي بن حاتم t به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به؛ فيه: غطيف بن أعين، قال الذهبي عنه في «الكاشف» (ص323): لينه بعضهم، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص311).
قلت: فمثله حسن في الشواهد.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص275)، وابن الأثير في «جامع الأصول» (ج2 ص49)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص327).
وأورده الشيخ الألباني / في «الصحيحة» (ج7 ص861).
ويشهد له:
ما أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص272)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص245)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص145)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص116)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص635)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص124)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص109)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص103)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص290)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج3 ص230-الدر المنثور)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج10 ص114 و115) من طريق العوام بن حوشب، وسفيان الثوري، والأعمش؛ كلهم عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي البختري سعيد بن فيروز الطائي ([483]) قال: سأل رجل حذيفة t، فقال: يا أبا عبد الله أرأيت؛ قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31] أكانوا يعبدونهم؟ قال: (لا ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه). وفي رواية: (أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم أطاعوهم في المعاصي). وفي رواية: (أما إنهم لم يكونوا يصومون لهم، ولا يصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا أحله الله لهم حرموه، فتلك كانت ربوبيتهم).
قلت: وهذا سنده رجاله ثقات.
وتابع؛ حبيب بن أبي ثابت: عطاء بن السائب عن أبي البختري عن حذيفة بن اليمان t قال: في قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31] قال: (لم يعبدوهم، ولكنهم أطاعوهم في المعاصي).
أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج10 ص114)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص45).
قلت: وهذا سنده رجاله ثقات أيضا.
* فرواية: حذيفة تشهد له، وإن كانت موقوفة؛ لكن مثلها لا يقال بالرأي؛ فلها حكم المرفوع، وبهذا يرقى الحديث إلى درجة الحديث الحسن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان» (ص64): (حديث حسن). اهـ
وقال الشيخ الألباني في «غاية المرام» (ص20): (حسن).
ونقل تحسين الترمذي له: المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج8 ص494)، والحديث حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (2471).
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج12 ص303)، وآدم بن أبي أياس في «تفسير مجاهد» (ص367)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص34) من طريق ابن فضيل، وأبي الأحوص، وجرير، وورقاء؛ كلهم: عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري -وهو ثقة ثبت- قال: في قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31] قال: (أطاعوهم فيما أمروهم به من حرام الله وحلاله، فجعل الله طاعتهم لهم عبادة). وفي رواية: (فعبدوهم بذلك). وفي رواية: (أما إنهم لو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم([484])، ولكنهم أمروهم، فجعلوا حلال الله حرامه، وحرامه حلاله، فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية).
وإسناده صحيح، وهذا تفسير أبي البختري للآية.
وعن الحسن البصري / قال؛ في قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا[ [التوبة: 31] قال: (في الطاعة).([485])
أثر صحيح
أخرجه ابن جرير في «جامع البيان» (ج10 ص115) من طريق محمد بن أبي عدي عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ البيهقي / في «شعب الإيمان» (ج7 ص54)؛ فصل: من هذا الباب مجانبة الفسقة، والمبتدعة ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل.
قلت: فبين هذا الحديث؛ أن من عبادة الرهبان هي: طاعتهم في آرائهم التي تصدر منهم على أنها من الدين وهي: ليست من الدين؛ لأنهم جعلوا رهبانهم آلهة لهم يشرعون لهم ما يخالف الكتاب والسنة([486])، وفي هذا اتباع: «الرهبانية الضالة».([487])
قال تعالى: ]وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 78].
قلت: فيخبر تعالى عن اليهود: أن منهم فريقا يحرفون الكلم عن مواضعه، ويزيلونه عن المراد به، ليوهموا الجهلة؛ أنهم في كتاب الله تعالى كذلك، وينسبونه إلى الله تعالى، وهو كذب على الله تعالى، وهم يعلمون بهذا الكذب، والله المستعان.
قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص246): (وفي الحديث: دليل على أن طاعة الأحبار، والرهبان في معصية الله تعالى: عبادة لهم من دون الله تعالى). اهـ
وقال الشيخ العلامة سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ص1094): (قوله r: (أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ...)؛ إلى آخره: صرح r في هذا الحديث بأن عبادة الأحبار والرهبان هي طاعتهم في تحريم الحلال، وتحليل الحرام، وهو طاعتهم في خلاف حكم الله تعالى، ورسوله r). اهـ
قلت: فكيف كانت عبادتهم: إذا أمروهم بشيء ائتمروا، وإذا نهووهم عن شيء انتهوا لقولهم، وهم يجدون في كتاب الله ما أمروا به وما نهوا عنه، فقلدوا الرجال، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، فحصل لهم الوزر([488]): ]ألا ساء ما يزرون[ [النحل: 25].
قال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص167): (قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا[ [التوبة: 31]؛ يعني: أطاعوهم من دون الله). اهـ
قلت: هؤلاء لم يأمروهم أن يسجدوا لهم، ولكن أمروهم بمعصية الله تعالى([489])، وأمروهم بمخالفة الكتاب، فأطاعوهم في التقليد الأعمى، فسماهم الله تعالى بذلك: «أربابا»، نعوذ بالله من الخذلان.
قال تعالى: ]يخربون بيوتهم بأيديهم[ [الحشر: 2]؛ فهدموا بيوتهم بأيديهم.
وقال تعالى: ]تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون[ [البقرة: 229].
وقال تعالى: ]وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون[ [البقرة: 230].
قال أبو الليث السمرقندي / في «بحر العلوم» (ج2 ص53): (قوله تعالى: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا[ [التوبة: 31]؛ يعني: أهل الصوامع، والمتعبدين منهم. أربابا من دون الله، يعني: اتخذوهم كالأرباب يطيعونهم في معاصي الله). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص283): (فسمى النبي r اتباع من دون النبي r في التحليل، والتحريم عبادة، وكل من قلد مفتيا يخطىء، ويصيب فلا بد له ضرورة من أن يستحل حراما، ويحرم حلالا، وبرهان ذلك تحريم بعضهم ما يحله سائرهم، ولابد أن أحدهم مخطىء، أفليس من العجب: إضراب المرء عن الطريق التي أمره خالقه بسلوكها، وضمن له بيان نهج الصواب فيها، وأمره أن يكون همه نفسه لا ما سواها؛ فيترك ذلك كله، ويقصد إلى طريق لم يؤمر بسلوكها، ولا ضمن له نهج الصواب فيها). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص291): (هذه صفة المقلدين: لا يحرمون إلا ما جاء عن صاحبهم تحريمه، ولا يحلون إلا ما جاءهم عن صاحبهم تحليله نبرأ إلى الله تعالى من مثل هذا الاعتقاد). اهـ
قلت: فنازعوا الله تعالى في شرعه، وأحكامه، ودينه؛ فكانوا أربابا من دون الله، نعوذ بالله من الخذلان.
وهذا النص واضح الدلالة: لم يتخذوا الأحبار، والرهبان أربابا؛ بمعنى: الاعتقاد بألوهيتهم، لكن أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم، فتنبه: ]فاعتبروا ياأولي الأبصار[ [الحشر: 2].
قلت: وهذا من الشرك؛ لأنهم وقعوا في الشرك، وهم لا يشعرون.
وهذا الذي وقع فيه أتباع: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» تماما، وإلى الآن، لم يتوبوا، ولن يتوبوا بسبب الهوى المضل، والأموال التي بأيدهم بسبب حب الدنيا، والله المستعان.([490])
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج2 ص653): (قوله: «عن عدي بن حاتم»؛ أي: الطائي المشهور.
وفي الحديث: دليل على أن طاعة الأحبار، والرهبان في معصية الله: عبادة لهم من دون الله، ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله؛ لقوله تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون[؛ ويظهر ذلك: قوله تعالى: ]ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون[ [الأنعام: 121].
وهذا قد وقع فيه كثير من الناس مع من قلدوهم، لعدم اعتبارهم الدليل إذا خالف المقلد، وهو من هذا الشرك.
ومنهم من يغلو في ذلك واعتقد أن الأخذ بالدليل - والحالة هذه - يكره، أو يحرم؛ فعظمت الفتنة. ويقول: هم أعلم منا بالأدلة، ولا يأخذ بالدليل إلا المجتهد. وربما تفوهوا بذم من يعمل بالدليل، ولا ريب أن هذا من غربة الإسلام). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص245): (وفي الحديث: دليل على طاعة الأحبار، والرهبان: في معصية الله تعالى عبدة لهم من دون الله تعالى، ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله تعالى). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص300): (ما يستفاد من الحديث: بيان لنوع من أنواع الشرك: وهو شرك الطاعة). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ص1093): (قوله: فقلت له: أنا لسنا تعبدهم؛ ظن عدي t؛ أن العبادة المراد: بها التقرب إليهم بأنواع العبادة؛ من السجود، والذبح، والنذر، ونحو ذلك، فقال: إنا لسنا نعبدهم). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج2 ص1098): (قوله: (وعبد بالمعنى الثاني، من هو من الجاهلين)؛ وذلك: كاعتقادهم العلم في أناس من جهلة المقلدين، فيحسنون لهم البدع، والشرك؛ فيطيعونهم، ويظنون أنهم علماء مصلحون: ]ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون[ [البقرة: 12]). اهـ
قلت: فليحذر الذين يلوذون عن أمر الله تعالى، وأمر رسوله r، ويدبرون عن الدين معرضين، فيصيبهم في عاجل الدنيا عذاب من الله تعالى موجع: على خلافهم أمر رسول الله r
قال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم[ [النور: 63].
وقال تعالى: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين[ [الصف: 5].
وقال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج2 ص649): (ولا يخالف في ذلك إلا جهال المقلدة([492])، لجهلهم بالكتاب، والسنة، ورغبتهم عنهما، وهؤلاء: وإن ظنوا أنهم قد اتبعوا الأئمة؛ فإنهم في الحقيقة قد خالفوهم، واتبعوا غير سبيلهم). اهـ
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [القصص: 50].
قال تعالى: ]ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا (60) وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا[ [النساء: 60-61].
قلت: فاتحاكم إلى غير حكم الله تعالى، وغير حكم رسوله r من منهج المنافقين، وهو الفساد في الأرض.([493])
قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص269): (وظن قوم: أنهم تخلصوا من التقليد بوجه به تحققوا بالدخول فيه، وتوسطوا عنصره... فإن كانت آية، أو حديثا؛ تأولوا: فيها التأويلات البعيدة، وحرفوهما عن مواضعهما؛ فدخلوا: في قوله تعالى: ]يحرفون الكلم عن مواضعه[ [النساء: 46]؛ فإن أعياهم ذلك؛ قالوا هذا خصوص، وهذا متروك، وليس عليه العمل). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص269): (التقليد على الحقيقة: إنما هو قبول ما قاله قائل دون النبي r: بغير برهان). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص271): (والعجب: أنهم ينسون التقليد، ويقولون: إن المقلد عاص لله تعالى، ويقولون: لا يجوز أن يؤخذ من أحد ما قامت عليه حجة، ويقولون: ليس أحد بعد رسول الله r؛ إلا ويؤخذ من قوله ويترك، ثم إنهم مع هذا لا يفارقون قول صاحبهم بوجه من الوجوه). اهـ
قال تعالى: ]قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض[ [يوسف: 72]؛ فدلت الآية على أن كل معصية فساد في الأرض([494])، لقوله تعالى: ]ما جئنا لنفسد في الأرض[.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص305): (المعاصي إفساد في الأرض). اهـ
قلت: وعبد الرحمن بن عبد الخالق وأتباعه؛ إذا قيل لهم تعالوا إلى حكم الله تعالى، وحكم رسوله r، وحكم الصحابة y: رأيتهم يصدون عن الحكم المنزل من الله تعالى صدودا، ويصدون؛ بمعنى: يعرضون؛ لأن مصدره: صدودا، وما أكثر من اتصف بهذا الوصف؛ خصوصا ممن يدعي العلم([495])؛ فإنهم صدوا عما توجبه الأدلة من الكتاب، والسنة، والأثر([496]) إلى آراء رؤوس الضلالة ممن يخطئ كثيرا، ويصيب قليلا، ولابد([497])، فتدبر تجد ذلك في حال الأكثر: ]ويأبى الله إلا أن يتم نوره[ [التوبة: 32].
قال تعالى: ]أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون[ [المائدة: 50].
قلت: وهذا فيه التحذير من الاغترار بآراء أهل الأهواء والبدع، وإن زخرفوها بالدعاوى الفارغة.
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
وقال تعالى: ]أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا[ [الفرقان: 43]؛ فالمبتدع لا يهوى شيئا إلا ركبه!.
وقال تعالى: ]فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين[ [الصافات: 157].
وقال تعالى: ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[ [البقرة: 111].
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص123): (ينكر الله تعالى: على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل: على كل خير، الناهي عن كل شر؛ وعدل إلى ما سواه من الآراء، والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال؛ بلا مستند من شريعة الله تعالى). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص304): (الله تعالى يذكر من صفات المنافقين؛ أنهم: إذا نهوا عن ارتكاب المعاصي التي تسبب الفساد في الأرض: بحلول العقوبات، وأمروا بالطاعة التي فيها صلاح الأرض؛ أجابوا: بأن شأننا الإصلاح؛ لأنهم: تصوروا الفساد بصورة الصلاح: لما في قلوبهم من المرض). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج2 ص305): (هذه الآية: ذامة لمن عدل عن الكتاب، والسنة، وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل([498])، وهو المراد: بالطاغوت هاهنا). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص307): (ما خالف شرع الله تعالى؛ فهو من حكم الجاهلية). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص307): (الجاهلية: ما كان قبل الإسلام: وكل ما خالف الإسلام؛ فهو من الجاهلية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية $ في «الفتاوى» (ج18 ص51): (فكما أن من لا يعرف أدلة الأحكام لا يعتد بقوله، فمن لا يعرف طرق العلم بصحة الحديث لا يعتد بقوله، بل على كل من ليس بعالم أن يتبع إجماع أهل العلم). اهـ
قلت: فلا يعتد بفتاوى أهل التساهل في الدين، ممن عدهم العوام من العلماء في الدين، لأنهم يتكلمون في الأحكام بغير علم، فلذلك يتناقضون في الفتاوى على حسب جهلهم في الدين. ([499])
قال العلامة الشاطبي $ في «الموافقات» (ج4 ص62): (الشريعة كلها ترجع إلى قول واحد في فروعها، وإن كثر الخلاف؛ كما أنها في أصولها كذلك، ولا يصلح فيها غير ذلك). اهـ
فيحرم تقليد المتعالم الجاهل مطلقا، لأن الجهل ضد العلم، والجاهل غير العالم، وقد صرح أهل العلم بمنع الجاهل من الفتوى، ومنع المسلم من تقليده في الدين.
وقد أجمعت الأمة على منع تقليد الجاهل مطلقا، وذلك لأنه تضييع لأحكام الشريعة المطهرة([500])، ومن شروط التقليد كون المقلد مجتهدا في معرفة الدليل أحيانا، وهذا الشرط ممنوع هنا.
قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [الأنبياء: 7].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين $ في «شرح الكافية الشافية» (ج1 ص182): (البلاء كل البلاء من الجاهل([501])جهلا مركبا؛ الذي يجادلك بغير علم، ويتكلم بين العامة بغير علم، ويتكلم مع العلماء بالمجادلة بغير علم). اهـ
عن الإمام سفيان الثوري $ قال: (تعوذوا بالله من فتنة العابد الجاهل، وفتنة العالم الفاجر([502])، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون).
أثر صحيح
أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (577)، وعبد الله بن المبارك في «الزهد»؛ «زيادات» نعيم بن حماد (ص18)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1651)، وفي «شعب الإيمان» (ج2 ص308)، و(ج7 وص36)، وأحمد في «العلل» (ج3 ص118)، والآجري في «مسألة الطائفين» (ص26)، وفي «أخلاق العلماء» (ص61)، وفي «فرض طلب العلم» (39)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص192)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص377)، و(ج7 ص36) من طرق عن سفيان الثوري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن القيم في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص351).
قال الإمام أبو الفتح المقدسي $ في «الحجة» (ج2 ص570)؛ باب: التحذير من علماء السوء؛ ممن ترك كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، واعتمد على رأيه، وجلب الناس بمنطقة، وتزين لهم بعلمه وزهده، وتصنع بقراءته وتعبده؛ وما يصدون بذلك عن الحق، ويقطعون عن الخير، ويمنعون من طلب العلم.
وعن الإمام عبدالله بن المبارك $ قال: (كان يقال: تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر، ومن شر فتنة العابد الجاهل؛ فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون).([503])
قال الإمام ابن القيم $ في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص160): (الناس إنما يقتدون بعلمائهم وعبادهم فإذا كان العلماء فجرة والعباد جهلة عمت المصيبة بهما وعظمت الفتنة على الخاصة والعامة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم $ في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص160): (ومن تأمل الفساد الداخل على الأمة، وجده من هذين المفتونين).([504]) اهـ
وعن الإمام الشعبي $ قال: (اتقوا الفاجر من العلماء، والجاهل من المتعبدين؛ فإنهما آفة لكل مفتون).([505])
ولما كان الأمر كذلك، وجب علينا أن نقف مع الحجة، والاستدلال، تاركين التعصب للرجال، نسير مع الحق أين سارت ركائبه، ونستقل مع الصواب حيث استقلت مضاربه.
إذا بدا لنا الدليل أخذنا به، وطرنا إليه، وإذا دعانا الرسول r إلى أمر انقدنا إليه، وعولنا في أحكام ديننا عليه؛ فنصوصه أجل في صدورنا، وأعظم في نفوسنا، من أن نقدم عليها قول أحد من الناس، أو نعارضها برأي، أو قياس.([506])
هذا؛ وقد وجدنا بالسبر، والتتبع لأحوال الخلق: أن الخلاف قلما ينجو من غوائله من سار عليه، واتخذه طريقا، وندر أن يسلم من مغبته من قل علمه، ونزر ورعه.
إن من الناس من يولع بالخلاف أبدا؛ حتى إنه ليرى أن أفضل الأمور: أن لا يوافق أحدا على قول، ولا يجامعه على رأي، ولا يواتيه على محبة.
ومن كانت هذه عادته، فإنه لا يبصر الحق، ولا ينصره، ولا يعتقده دينا، ومذهبا، إنما يتعصب لرأيه، وينتقم لنفسه، ويسعى في مرضاتها؛ حتى إنك لو رمت أن ترضيه، وتوخيت: أن توافقه على الرأي الذي يدعوك إليه، تعمد لخلافك فيه، ولم يرض به حتى ينتقل إلى نقيض قوله الأول، فإن عدت في ذلك إلى وفاقه، عاد فيه إلى خلافك.
فمن كان بهذه الحال: فعلى اللبيب مباعدته والنفار عن قربه؛ فإن رضاه غاية لا تدرك.([507])
فالمرء قد يغلب عليه طبعه، وتسيطر عليه نفسه، وتحدق به خظوظه؛ فلا يرى الحق إلا معه، ولا يبصر الصواب إلا في رأي إمامه ومتبوعه، فيدفعه ذلك إلى مجاوزة الحد، ومجانبة الصواب، حتى ينأى به عن حدود السنة والكتاب.
بل ربما دفعه ذلك إلى الاجتراء على رسول الله r بالوضع، أو ذكر الضعيف من الحديث، وليس هذا بمستغرب عليه؛ فإن العصبية تفعل بصاحبها الأفاعيل.
وقد صح بهذا الخبر عن النبي r.
فعن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: (من أعان قومه على ظلم، فهو كالبعير المتردي ينزع بذنبه).
حديث حسن
أخرجه أبو داود في «سننه» (5118)، والطيالسي في «المسند» (344)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص234)، وأبو يعلى في «المسند» (5304)، وابن حبان في «صحيحه» (5942)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (ص105)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص393 و401 و449) من طريق شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وإسرائيل بن يونس، وغيرهم؛ كلهم: عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود عن أبيه به.
قلت: وهذا سنده حسن، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (1383).
وأخرجه أبو داود في «سننه» (5117)، وأحمد في «المسند» (3726)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص234) من طريق زهير بن معاوية عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود عن أبيه به موقوفا.
قلت: وهذا سنده حسن.
ومعنى الحديث: أنه من أعان قومه، أو غيرهم على باطل، أو مشكوك فيه: غير متيقن منه، فقد وقع في الإثم وهلك؛ كالبعير إذا تردى في بئر؛ فصار ينزع بذنبه، ولا يقدر على خلاصه.([508])
وأي ظلم من المرء لدينه، ولرسوله r، وللمؤمنين، وللنفس، أعظم من نصرة غير الحق، أو الوقوف في وجه من يدعو إليه، أو الانحياز إلى من يتلبس بثياب الباطل، والظلم، والكذب.
قال تعالى: ]أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون[ [البقرة: 75].
وقال تعالى: ]ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون[ [النحل: 116].
وقال تعالى: ]ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون[ [هود: 113].
قال أبو حامد الغزالي / في «إحياء علوم الدين» (ج4 ص299): (إن الطباع مجبولة على حب الأنبياء صلوات الله عليهم، وعلى حب الصحابة رضي الله تعالى عنهم، مع أنهم لم يشاهدوا.
بل حب أرباب المذاهب؛ مثل: الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك، وغيرهم؛ حتى إن الرجل قد يجاوز به حبه لصاحب مذهبه حد العشق فيحمله ذلك على أن ينفق جميع ماله في نصرة مذهبه، والذب عنه، ويخاطر بروحه في قتال من يطعن في إمامه ومتبوعه؛ فكم من دم أريق في نصرة أرباب المذاهب). اهـ
هذا؛ وكثيرا ما تكون الخلافات ظاهرها اختلافات في مسائل علمية، أو قضايا فكرية، أو طرق تطبيقية.
وباطنها حظ النفس، وحب الذات، واتباع الهوى الذي يعمي ويصم، لكنها تكسى لباس الحرص على إظهار الحق؛ والحرص على العلم، ومصلحة الإسلام والمسلمين، وغير ذلك مما يدق ويخفى على العامة.
قال تعالى: ]والله يعلم المفسد من المصلح[ [البقرة: 220].
قلت: وهذا المتعالم المفتون مادام على هذا الجهل المركب فهو مخاصم، ومماري، ومحدث بالباطل.
وأيها المتعالم لا تزال ظالما ما كنت مخاصما حاقدا، ولا تزال آثما ما كنت مماريا عصبيا، ولا تزال كاذبا ما كنت محدثا مفتريا.
فعن بلال بن سعد / قال: (إذا رأيت الرجل لجوجا([509]) مماريا([510]) معجبا برايه فقد تمت خسارته).
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص228)، وابن حبان في «روضة العقلاء» (ص79)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج6 ص341)، ومحمد بن طاهر في «الحجة» (ج2 ص584)، وابنبطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص524) من طرق عن الأوزاعي قال: سمعت بلال بن سعد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فما ضل قوم بعد هدى؛ إلا أوتوا الجدل والخصام، والعياذ بالله
قال تعالى: ]ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون[ [الزخرف: 58].
وقال تعالى: ]خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين[ [النحل: 4].
وقال تعالى: ]أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين[ [يس: 77].
وقال تعالى: ]ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام[ [البقرة: 204].
فعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام[ [البقرة: 204]؛ قال: (هو المنافق).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (1/ق24/ط)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (1456)، والطبري في «جامع البيان» (ج4 ص232) من طريق معمر عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فإياك والمراء في الدين، فإن نفعه قليل، وهو يهيج العداوة، والبغضاء بين الإخوان.
فعن عائشة ڤ، أن رسول الله r قال: (إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم). وفي رواية: (إن الله يبغض الألد الخصم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص101)، و (ج8 ص117)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2054)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص214)، والنسائي في «السنن الكبرى» (5945)، و(10969)، وفي «المجتبى» (ج8 ص247)، والحميدي في «المسند» (ج1 ص132)، والدارمي في «النقض» (ج2 ص873)، وأبو عثمان البحيري في «الفوائد» (30)، وابن منده في «التوحيد» (710)، و(711)، و(712)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص126)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص274)، وفي «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص561)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص108)، وفي «الأسماء والصفات» (ج2 ص466)، وفي «معرفة السنن والآثار» (6168)، وفي «شعب الإيمان» (8071)، و(8072)، والبعلي في «حديثه» (1/30/ط)، وطاهر بن محمد المقدسي في «صفوة التصوف» (1/776/ط)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص97)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص236)، وابن مردويه في «تفسير القرآن» (ج2 ص479 – الدر المنثور)، وابن وهب في «الموطأ» (229)، وفي «الجامع في الحديث» (441)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص55)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (257)، وفي «الغيبة والنميمة» (18)، وابن حبان في «صحيحه» (ج7 ص481)، والمروزي في «حديث يحيى بن معين» (ص181)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج8 ص252)، والثعلبي في «الكشف والبيان» تعليقا (ج2 ص123)، وابن سمعون الواعظ في «الأمالي» (316)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج2 ص479 – الدر المنثور)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص483 و484)، والسلفي في «معجم السفر» (1316)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (303)، والبعلبكي في «حديث ابن مجد» (1/3/ط)، وابن راهويه في «المسند» (1242)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ص200)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج10 ص322)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص137) من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة ڤ به.
وقوله r: «الألد» الخصم، أي: شديد اللدد، وهو شديد الجدال، والتخاصم في الدين.([511])
قلت: والذم إنما هو لمن خاصم بباطل، وبغير علم، ويدل في الذم من يطلب حقا؛ لكن لا يقتصر على قدر الحاجة، بل يظهر اللدد، والكذب في القول، لإيذاء خصمه، وكذلك من يحمله على الخصومة محض العناد لقهر خصمه، وكسره.([512])
قال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج16 ص219): (الألد: شديد الخصومة مأخوذ من لديدي الوادي، وهما جانباه؛ لأنه كلما احتج عليه بحجة أخذ في جانب آخر، وأما الخصم، فهو الحاذق بالخصومة، والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حق، أو إثبات باطل).([513]) اهـ
ومعن الإمام الحسن البصري / قال: (في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: كاذب القول).
أثر حسن
أخرجه المروزي في «حديث ابن معين» (ص201)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج1 ص236)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365) من طريقين عن عاصم عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن ابن عباس ﭭ قال: (في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: شديد الخصومة).
أثر حسن لغيره
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365) من طريق بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس به.
قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.
وأخرجه الطستي في «مسائله» (ج2 ص478 - الدر المنثور) من طريق نافع بن الأزرق عن ابن عباس ﭭ بلفظ: (الجدل المخاصم في الباطل).
وذكره السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص97).
وعن الإمام قتادة / قال: في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: (جدل بالباطل).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365)، والحامض في «حديثه» (ص220)، والهروي في «ذم الكلام» (ص50)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص315)، وعبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص81) من طريقين عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام السدي / قال: في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: (فأعوج الخصام).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365)، والطبري في «جامع البيان» (ج2 ص315) من طريق عمرو بن حماد قال: ثنا أسباط عن السدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فالاعوجاج في الخصومة من الجدال واللدد.([514])
فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق / قال: (إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب، وتورث النفاق).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج14 ص531)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص526)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص128)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج5 ص92)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص198) من طريق منصور بن أبي مزاحم حدثني عنبسة بن سعيد القاضي قال: سمعت جعفر بن محمد الصادق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن عبدالله بن مسعود t قال: (إن من أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل).
أثر صحيح
أخرجه أحمد في «الزهد» (ص233)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص108)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص80)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج1 ص445) من طرق عن الأعمش، عن صالح بن خباب، عن حصين بن عقبة، عن عبد الله بن مسعود به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال العراقي في «المغني» (ج3 ص112): «سنده صحيح».
وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج10 ص303): «رجاله ثقات».
قلت: فالخصومة في الدين تولد الكراهية، والعداوة، والبغضاء بين المسلمين.
قال تعالى: ]إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء[ [المائدة:91].
إذا فالخصومة تهيج الغضب حتى ينسى المخاصم والمتنازع أوامر الله تعالى، وأوامر رسوله r عليه، فيعاند، ويستكبر على الله تعالى، ورسوله r إذا ذكر له الدليل بسبب بغضه للحق وأهله، والله المستعان.
فعن الإمام مالك بن أنس / قال: (المراء في العلم يقسي القلب، ويورث الضغن).
أثر حسن
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص530) من طريق أبي الأحوص قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا ابن وهب قال: سمعت مالك بن أنس به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن عمرو بن قيس قال: قلت، للحكم بن عتيبة: (ما اضطر الناس إلى الأهواء؟ قال: الخصومات).
أثر صحيح
أخرجه الآجري في «الشريعة» (ج1 ص192)، واللالكائي في «الاعتقاد» (218)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (97)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (536)، والأصبهاني في «الحجة» (ص214) من طرق عن سفيان، عن عمرو بن قيس به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص531): (فاعلم يا أخي أني لم أر الجدال والمناقضة، والخلاف، والمماحلة، والأهواء المختلفة، والآراء المخترعة من شرائع النبلاء، ولا من أخلاق العقلاء، ولا من مذاهب أهل المروءة، ولا مما حكي لنا عن صالحي هذه الأمة، ولا من سير السلف، ولا من شيمة المرضيين من الخلف، وإنما هو لهو يتعلم، ودراية يتفكه بها، ولذة يستراح إليها، ومهارشة العقول، وتذريب اللسان بمحق الأديان، وضراوة على التغالب، واستمتاع بظهور حجة المخاصم، وقصد إلى قهر المناظر، والمغالطة في القياس، وبهت في المقاولة، وتكذيب الآثار، وتسفيه الأحلام الأبرار، ومكابرة لنص التنزيل، وتهاون بما قاله الرسول r، ونقض لعقدة الإجماع، وتشتيت الألفة، وتفريق لأهل الملة، وشكوك تدخل على الأمة، وضراوة السلاطة، وتوغير للقلوب، وتوليد للشحناء في النفوس عصمنا الله وإياكم من ذلك، وأعاذنا من مجالسة أهله). اهـ
وعن عائشة ڤ قالت: (كان أبغض الرجال إلى رسول الله الألد الخصم).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص484)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص135) من طريق معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه عبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص81)، وفي «الأمالي في آثار الصحابة» (ص25) من طريق معمر، قال: أخبرني ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة ڤ به موقوفا.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام عبدالله بن شبرمة الكوفي / قال: (من بالغ في الخصومة أثم).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج14 ص513) من طريق السري بن يحيى، نا عثمان بن زفر، نا ابن السماك، عن عبدالله بن شبرمة به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فالجدال المذموم وجهان:
أحدهما: الجدال بغير علم.
قال تعالى: ]الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا[ [غافر:35].
والثاني: الجدال بالشغب، والتمويه، نصرة للباطل بعد ظهور الحق وبيانه.
قال تعالى: ]وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق[ [غافر:5].
قلت: فبين الله تعالى في هاتين الآيتين الجدال المذموم، وأعلمنا أنه الجدال بغير حجة، والجدال في الباطل.([515])
قال الإمام الأوزاعي /: (إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل).([516])
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (296)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص123)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» تعليقا (ص412) والخطيب في «اقتضاء العلم والعمل» (122)، والذهبي في «السير» (ج7 ص121) من طرق عن الأوزاعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام معروف الكرخي / قال: (إذا أراد الله بعبد خيرا فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرا فتح له باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل).
أثر حسن
أخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (123)، وابن حمكان في «الفوائد والأخبار» (ص162)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص361)، وابن الجوزي في «مناقب معروف الكرخي» (ص122)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص210)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص43) من طرق عن معروف الكرخي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقال تعالى: ]مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون[ [العنكبوت: 41].
قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص274): (فمن اتخذ رجلا إماما يعرض عليه قول ربه تعالى، وقول نبيه r، فما وافق فيه قول ذلك الرجل قبله، وما خالفه ترك قول ربه تعالى، وقول نبيه r، وهو يقرأ: أن هذا قول الله تعالى، وقول رسوله r، والتزم قول إمامه، فقد اتخذ دون الله تعالى وليا، ودخل في جملة الآية المذكورة). اهـ
وقال تعالى: ]والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون[ [البقرة: 257].
وقال تعالى: ]ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت([517]) والطاغوت([518]) ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا[ [النساء:51].
قلت: والجبت: اسم عام لكل ما فيه مخالفة لأمر الله تعالى، وأمر رسوله r في الاعتقاد، والمنهج، والدعوة، والطاعون كذلك: هو الباطل من البدع وغيرها.([519])
قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص275): (ولا وليجة أعظم ممن جعل رجلا بعينه عيارا: على كلام الله تعالى، وكلام رسوله r، وكلام سائر علماء الأمة). اهـ
وقال تعالى: ]وأن احكم بينهم بما أنزل الله[ [المائدة: 49].
قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص275): (فهذا لازم في كل حكم). اهـ
وقال تعالى: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب (166) وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار[ [البقرة: 166 و167].
وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا (66) وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا (67) ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا[ [الأحزاب: 66-68].
قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص275): (فمن لم يأت بكتاب الله تعالى، شاهد لقوله، أو ببرهان على صدق قوله، وإلا فليس صادقا، لكنه كاذب آفك: مفتر على الله تعالى.
ومن أطاع سادته، وكبراءه، وترك ما جاءه بنص القرآن، واستحق الوعيد بالنار). اهـ
قال تعالى: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166].
قلت: ففي هذه الآية، سوف يتبرأ رؤوس الضلالة الذين أسسوا لهم جماعة ضالة في الدعوة إلى الله، وذلك لما رأوا عذاب الله لهم، والوعيد الشديد لهم تبرأوا من أتباعهم الذين أضلوهم بغير علم لعل يرفع عنهم العذاب، رغم أنهم في الحياة الدنيا إذا كثر أتباعهم فرحوا بهم، وإذا ضلوا أحدا سعدوا به أن صار من أتباعهم: ]بل أنتم قوم تجهلون[ [النمل: 55]، ]ولكني أراكم قوما تجهلون[ [الأحقاف: 23].
قال تعالى: ]ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون[ [الأنعام: 111].
قلت: فمن أراد من دعاة الضلالة أن يتبرأ من أتباعه السذج، فعليه أن يتبرأ منهم في حياته قبل موته، ثم يتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، ويعلن توبته، والبراءة من ضلالاته، وجهالاته مخلصا لله تعالى في ذلك، ثم يعمل الصالحات عن طريق أهل السنة، أما أن يتبرأ من أتباعه يوم القيامة، ويعلن توبته بعد موته، والبراءة منهم، ومن ضلالاته، فهذا لا فائدة من ذلك كله؛ فـ«هيهات... هيهات».
قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا[ [التحريم: 8].
وقال تعالى: ]وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما[ [النساء: 18].
وقال تعالى: ]وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين (90) آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين[ [يونس: 90-91].
وقال تعالى: ]إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب([520]) فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما[ [النساء: 17].
وقال تعالى: ]قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف: 138].
وقال تعالى: ]إنهم ملاقو ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون[ [هود: 29].
(1) عن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا[ [البقرة: 166]؛ وهم: الجبابرة، والقادة، والرءوس في الشرك، والشر، ]من الذين اتبعوا[؛ وهم: الأتباع الضعفاء، ]ورأوا العذاب[.
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2411)، وابن أبي زمنين في «تفسير القرآن» (ج1 ص193) من طريق يزيد بن زريع قال: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
ويزيد بن زريع سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص122)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج1 ص166).
قلت: فأخبر تعالى أن المتبعين على الضلالة في الدين؛ يتبرءون من أتباعهم الذين أضلوهم بغير علم: حين يعاينون عذاب الله تعالى لهم، ولم يخصص بذلك منهم بعضا دون بعض، بل عم الله تعالى جميعهم.([521])
فداخل في ذلك كل متبوع على الضلالات؛ أنه يتبرأ من أتباعه الذين كانوا يتبعونه على الضلال في الدنيا؛ إذ عاينوا عذاب الله تعالى في الآخرة، نعوذ بالله من الخذلان.
(2) وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]؛ قال: (الوصال الذي كان بينهمفي الدنيا). وفي رواية: (تواصلهم في الدنيا).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2415)، (2416)، و(2417) وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص54)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (240)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص278)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص285) من طريق جرير، وسفيان الثوري؛ كلاهما: عن عبيد المكتب عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(3) وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]؛ قال: (المودة)؛ يعني: بين المتبوعين، والأتباع. وفي رواية: (تواصل كان بينهم بالمودة في الدنيا).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2418)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص218) من طريق حجاج، وورقاء، وشبل؛ كلهم: عن ابن أبي نجيح، وابن جريج؛ كلاهما: عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (2420) من طريق الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد / قال: (تواصل كان بينهم بالمودة في الدنيا).
والحسين: وهو ابن داود المصيصي، وقد توبع.
(4) وعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]؛ قال: (المودة).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2421)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص278)، والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (ج2 ص272)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج2 ص123 – الدر المنثور) من طريق قيس بن سعد عن عطاء عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(5) وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]؛ أسباب الندامة يوم القيامة، وأسباب المواصلة التي كانت بينهم في الدنيا يتواصلون بها، ويتخالون بها، ويتحابون بها، فصارت عليهم عداوة يوم القيامة: ]ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا[ [العنكبوت: 25]؛ ويتبرأ بعضكم من بعض، وقال الله تعالى: ]الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين[ [الزخرف: 68]؛ فصارت كل خلة عداوة على أهلها، إلا خلة المتقين).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2422) من طريق يزيد بن زريع قال: ثنا سعيد عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج11 ص393)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص124).
(6) وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]؛ قال: (هو الوصل الذي كان بينهم في الدنيا).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2423)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص28) من طريق معمر عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعلقه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص278).
قلت: فأخبر الله تعالى أن الذين ظلموا أنفسهم من أهل الأهواء الذين ماتوا وهم: مبتدعة؛ يتبرأ عند معاينتهم عذاب الله تعالى: المتبوع من التابع، وتتقطعت بهم الأسباب.
وقد أخبر الله تعالى أن بعضهم يلعن بعضا، وأن الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو، إلا المتقين من أهل الصلاح، والإصلاح في الدين، وأن المبتدعين لا ينصر يومئذ بعضهم بعضا.
وقد أخبر الله تعالى أن أعمالهم البدعية تصير عليهم حسرات، وكل هذه المعاني أسباب يتسبب في الدنيا بها إلى مطالب، فقطع الله تعالى منافعها في الآخرة عن المبتدعين، والكافرين في الدنيا؛ لأنها كانت بخلاف طاعته، ورضاه: فهي منقطعة بأهلها، فلا خلال بعضهم بعضا عند ورودهم على ربهم، ولا تقبل عبادتهم البدعية، ولا طاعتهم لشياطينهم.
قال تعالى: ]وقفوهم إنهم مسئولون (24) ما لكم لا تناصرون[ [الصافات: 24 و25].
قال تعالى: ]ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين[ [البقرة: 168]، يعني: تزيين الشيطان.
قال تعالى: ]وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار[ [البقرة: 167]، يعني: ندامات.([522])
فقال الأتباع الجهلة: لو أن لنا كرة نرجع إلى الدنيا، فنتبرأ من الذين اتبعناهم؛ كما تبرءوا منا في الآخرة؛ فـ«هيهات.. هيهات».([523])
قال تعالى: ]ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين[ [الأنعام: 27].
فعن قتادة بن دعامة / قال: في قوله تعالى: ]وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا[ [البقرة: 167]؛ قال: (رجعة إلى الدنيا).([524])
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (2430)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج2 ص124- الدر المنثور) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة بن دعامة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3].
قال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص296): (فالدين قد كمل، فلا مدخل لأحد فيه: بزيادة، ولا نقص، ولا تبديل). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
أصل الكتاب
قال تعالى: ]بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون[ [الأنبياء: 24].
ذكر الدليل على أن: «عبدالرحمن بن عبدالخالق» الإخواني
في عدم ترخصه في ترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد؛ بعذر الخوف من الأمراض الفتاكة، عنادا، ومكابرة، وإصرارا، أنه جعل نفسه أتقى، وأخشى من النبي r في أخذه بالرخص في الخوف، وغيره في الشريعة المطهرة؛ ولكن: ]وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون[ [آل عمران: 24].
1) عن عائشة ڤ قالت: كان رسول الله r يأمرهم بما يطيقون، فيقولون: إنا لسنا كهيئتك([525])، قد غفر([526]) الله عز وجل لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يرى ذلك في وجهه، قال: ثم يقول r : (والله إني لأعلمكم بالله عز وجل، وأتقاكم له قلبا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (20)، وأحمد في «المسند» (24289) و(24319) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ڤ به.
2) وعن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (20)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص175) من طريق عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ڤ به.
والمعنى: كان r إذا أمرهم بما يسهل عليهم دون ما يشق خشية أن يعجزوا عن الدوام عليه([527])، وعمل هو بنظير ما يأمرهم به من التخفيف، طلبوا منه التكليف بما يشق عليهم، لاعتقادهم احتياجهم إلى المبالغة في العمل لرفع الدرجات دونه. ([528])
وقال الحافظ ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج9 ص286): (وكان عليه السلام رفيقا بأمته حريصا على التخفيف عنهم). اهـ
وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج1 ص190): (فيه دليل على رفق النبي r بأمته، وأن الدين يسر، وأن الشريعة حنيفية سمحة). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (العبد إذا بلغ الغاية في العبادة وثمراتها كان ذلك أدعى له إلى المواظبة عليها، استيفاء للنعمة، واستزادة لها بالشكر عليها). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (الوقوف عند ما حد الشارع من عزيمة، ورخصة، واعتقاد: أن الأخذ بالأرفق الموافق للشرع أولى من الأشق المخالف له). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (الأولى في العبادة القصد والملازمة، لا المبالغة المفضية إلى الترك). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص71): (بيان أن لرسول الله r رتبة الكمال الإنساني، لأنه منحصر في الحكمتين العلمية، والعملية، وقد أشار إلى الأولى؛ بقوله: «أعلمكم»، وإلى الثانية؛ بقوله: «أتقاكم») ([529]). اهـ
3) وعن عائشة ڤ قالت: (صنع النبي r شيئا ترخص فيه، وتنزه عنه قوم،([530]) فبلغ ذلك النبي r، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه، فوالله إني أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (6101)، و(7301)، ومسلم في «صحيحه» (2356) من طريق جرير عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ڤ به.
وبوب عليه الحافظ النووي في «المنهاج» (ص958)؛ باب: علمه r بالله تعالى وشدة خشيته.
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج15 ص297): (ما بال أقوام يتنزهون؛ أي: يتباعدون، ويحترزون عن الشيء أصنعه). اهـ
قلت: وهؤلاء الذين يتباعدون، ويحترزون عن اتخاذ الرخص في الدين، يرون أنفسهم أتقى من النبي r، لأنهم تنزهوا عما رخص فيه النبي r، والواجب عليهم الاقتداء به عليه الصلاة والسلام. ([531])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص279): (والمراد منه هنا: أن الخير في الاتباع؛ سواء كان ذلك في العزيمة، أو الرخصة، وأن استعمال الرخصة بقصد الاتباع في المحل الذي وردت أولى من استعمال العزيمة؛ بل ربما كان استعمال العزيمة حينئذ مرجوحا؛ كما في إتمام الصلاة في السفر، وربما كان مذموما إذا كان رغبة عن السنة، كترك المسح على الخفين، والفطر في السفر.
ونقل ابن التين: عن الداودي أن التنزه عما ترخص فيه النبي r من أعظم الذنوب؛ لأنه يرى نفسه أتقى لله تعالى من رسوله r، وهذا إلحاد، قلت؛ يعني: ابن حجر؛ لا شك في إلحاد من اعتقد ذلك).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص513): (قوله r: «فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية»؛ جمع بين القوة العلمية، والقوة العملية؛ أي: أنهم توهموا أن رغبتهم عما أفعل أقرب لهم عند الله تعالى، وليس كذلك إذ هو أعلمهم بالقربة، وأولاهم بالعمل بها).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص514): (وفي الحديث: الحث على الاقتداء بالنبي r، وذم التعمق، والتنزه عن المباح).اهـ
وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج18 ص201): (وفيه الحث على الاقتداء به، والنهي عن التعمق، وذم التنزه عن المباح).اهـ
وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج18 ص201): (فرخص فيه: من الترخيص، وهو خلاف التشديد؛ يعني: سهل فيه من غير منع).اهـ
والتعمق: هو التشديد في الأمر حتى يتجاوز الحد فيه.
والغلو: هو المبالغة في الشيء، والتشديد فيه بتجاوز الحد. ([532])
قال تعالى: ]ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق[ [النساء: 171].
قال تعالى: ]قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق[ [المائدة: 77].
قلت: والغلو فوق التعمق؛ فإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين.
قال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج20 ص219): (فرخص فيه: وتنزه عنه قوم: لأن تنزيههم عما رخص فيه النبي r تعمق).اهـ
وقال العلامة أبو يحيى الأنصاري / في «تحفة الباري» (ج6 ص505): (وفيه بيان خلقه r، والحث على الاقتداء به، والنهي عن التعمق، وذم التنزه عن المباح شكا في إباحته). اهـ
4) وعن عائشة ڤ قالت: رخص رسول الله r في أمر، فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي r، فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال: (ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه، فوالله لأنا أعلمهم بالله عز وجل، وأشدهم له خشية).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2356)، وابن راهويه في «المسند» (1460)، وأحمد في «المسند» (24180) من طريق أبي معاوية حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ڤ به.
5) وعن عائشة ڤ قالت: رخص رسول الله r في بعض الأمر، فرغب عنه رجال، فقال r: (ما بال رجال آمرهم بالأمر يرغبون عنه، والله إني لأعلمهم بالله عز وجل، وأشدهم له خشية).
حديث صحيح
أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (10063)، وفي «عمل اليوم والليلة» (234)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2015)، و(2021)، وأحمد في «المسند» (25482) من طريق عبدالرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
6) وعن عائشة ڤ: أن رجلا سأل رسول الله r، فقال: يا رسول الله تدركني الصلاة، وأنا جنب أريد الصيام؟ فقال رسول الله r: (وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب، وأنا أريد الصيام، فأغتسل، ثم أصوم، فقال الرجل: إنا لسنا مثلك، فقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فغضب رسول الله r وقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله عز وجل، وأعلمكم بما أتقي).
أخرجه مسلم في «صحيحه»(1110)، وأبو داود في «سننه» (2389)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3025)، و(11500)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص289)، وابن حبان في «صحيحه» (3492)، و(3495)، و(3501)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص285)، وفي «السنن المأثورة» (301)، وفي «اختلاف الحديث» (ص141)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص213)، وفي «معرفة السنن» (8629)، وأحمد في «المسند» (24385)، وابن خزيمة في «صحيحه» (2014)، والحازمي في «الاعتبار» (ص135)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (540)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج2 ص106)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج17 ص419) من طرق عن عبدالله بن عبدالرحمن بن معمر عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذه الأحاديث تدل على وجوب الأخذ بالرخص في العبادات، وأن ذلك منهج الرسول r، فيجب الاقتداء به r في الأخذ بالرخص الشرعية بقصد الاتباع، وهذا أولى في محله من الأخذ بالعزيمة ([533])، والله المستعان.
والذي لا يترخص فيما ترخص فيه النبي r، فقد وقع في الذنوب المهلكة له، لأنه يرى نفسه أتقى لله تعالى من الرسول r بمجرد الأخذ بالعزيمة، وترك الرخصة، اللهم غفرا.
قلت: فالخير كل الخير في اتباع الرسول r في جميع العبادات، لأنه r أعطي القوة العلمية، والقوة العملية.
قلت: وبناء على ذلك فإن الصحابة y لم يتنازعوا في الأخذ بالرخص، بل اتفقت كلمتهم، وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها، مع فهم لمعاني هذه الرخص، والحاجة إليها في هذه الحياة، وهذا يدل على أنها من أعظم النعم من الله تعالى، وأن العناية بتبيينها، وتطبيقها من الأحكام المهمة في الدين، لأنها من تمام تحقيق الشهادتين، والتعبد بأسمائه وصفاته، وإثباتها من لوازم التوحيد، فبين الله تعالى، ورسوله r هذه الرخص الشرعية بيانا شافيا، لا يقع فيه لبس، ولا إشكال يوقع الراسخين في العلم في منازعته والاشتباه، ومن شرح الله تعالى لها صدره، ونور لها قلبه.
* ولا خلاف بين الأمة أن الراسخين في العلم يعلمون هذه الرخص الشرعية، وأرسخهم في العلم أعلمهم بها.
* ولا عذر عند الله تعالى بترك هذه الرخص الشرعية؛ لقول أحد كائنا من كان.
قال تعالى: ]ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد[ [سبأ: 6].
قال تعالى: ]أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى[ [الرعد: 19].
قال تعالى: ]قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني[ [يوسف: 108].
وقال تعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب[ [آل عمران: 7].
وقال تعالى: ]شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم[ [آل عمران: 18].
ﭑ ﭑ ﭑ
ذكر الدليل من القرآن الكريم على وجوب الصلاة
في البيوت بعذر الخوف الذي يأتي بسببه الضرر على النفس، ومن أي: نوع من الخوف، من مرض يعدي، أو سبع، أو مفسدة مهلكة، أو حرب، وبنحو ذلك، وترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وتقرير تفسيرات الصحابة، والتابعين في الأحكام، ونقض الاجتهاد الفاسد في الدين، وفي هذا زجر: «لعبد الرحمن بن عبد الخالق» الخارجي، وبيان جهله بالفقه في الدين في الأصول والفروع
اعلم رحمك الله أن الخوف إذا وقع بين المسلمين في بلدانهم، بأي: نوع من الخوف، وغلب على ظنهم وقوع الشر عليهم في المساجد وغيرها، فتقتضي الحكمة، والمصلحة أداء الصلاة في البيوت، لما في ذلك من الحفاظ على الأنفس، والأموال.([534])
وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ]وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين[ [يونس: 87].
قلت: كانت بنو إسرائيل لا يصلون؛ إلا في «بيعهم»، وكانت ظاهرة: فلما أرسل موسى عليه السلام، أمر فرعون بقتلهم، وإلحاق الضرر بهم؛ فأمروا أن يتخذوا مساجد في بيوتهم([535])، وأن يصلوا فيها: خوفا من فرعون، وأتباعه.([536])
قلت: فصلى موسى، وهارون في البيت بسبب الخوف، وهما من الرسل، فهل عبد الرحمن بن عبد الخالق اتقى، وأخشى من الرسل؟!.
قال العلامة القصاب / في «نكت القرآن» (ج1 ص595): (قوله تعالى: ]وأوحينا إلى موسى وأخيه...[، حجة في تخلف الخائف عن الجمعة... فأمرهم الله تعالى أن يصليا وقومهما في بيوتهم حين خافوا فرعون، وملأه أن يفتنوهم). اهـ
وقال الإمام الزجاج / في «معاني القرآن» (ج3 ص30): (صلوا في بيوتكم؛ لتأمنوا من الخوف). اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج2 ص333): (المراد: أنهم يجعلون بيوتهم مستقبلة للقبلة، ليصلوا فيها سرا؛ لئلا يصيبهم من الكفار معرة بسبب الصلاة!). اهـ
وقال العلامة الآلوسي / في «روح المعاني» (ج11 ص228): (أمروا بذلك في أول أمرهم لئلا يظهر عليهم الكفرة؛ فيؤذونهم ويفتنونهم في دينهم، وهو مبني على أن المراد بالبيوت المساكن). اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج9 ص72): (وفي ذلك دلالة على جواز كتم الصلاة عند الخوف). اهـ
2) وعن ابن عباس ﭭ ، في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس: 87]، قال: (أمروا أن يتخذوا في بيوتهم مساجد)، وفي رواية: (اجعلوها مسجدا حتى تصلوا فيها)، وفي رواية: (كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص1977)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور)، والواحدي في «الوسيط» تعليقا (ج2 ص556)، والطبري في «جامع البيان» (ج7 ص153)، وأبو الشيخ في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور) من طرق عن عكرمة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص418)، والسيوطي في «الدر المنثور) (ج4 ص383)، والقرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج8 ص237)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص334).
قلت: وهذا الدليل يدل على جواز الصلاة في البيوت بسبب الخوف من ضرر القتل، أو ضرر مرض مهلك، أو أي: خوف كان بسببه يقع الضرر على النفس.
فإذا صحت الصلاة في البيوت من أجل ضرر الناس بالقتل، فيجوز الصلاة في البيوت من أجل خوف ضرر الناس من المرض المعدي ([537])، فافهم لهذا ترشد.
قال العلامة الآلوسي / في «روح المعاني» (ج11 ص227): (فإذا اضطروا جازت لهم الصلاة في بيوتهم؛ كما رخص لنا صلاة الخوف). اهـ
قلت: فإصرار: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الشيطان على باطله([538])، مع رؤيته للأدلة، ثم نشره لباطله، فهذا يعتبر فتنة له، ولغيره من ضعاف النفوس المريضة.
قال تعالى: ]وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون[ [الفرقان: 20].
وقال تعالى: ]بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون[ [الزمر: 49].
وقال تعالى: ]واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك[ [المائدة: 49].
وقال تعالى: ]يابني آدم لا يفتننكم الشيطان[ [الأعراف: 27].
وقال تعالى: ]واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة[ [الأنفال: 25].
وقال تعالى: ]ألا في الفتنة سقطوا[ [التوبة: 49].
وقال تعالى: ]ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض[ [الحج:53].
وقال تعالى: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة[ [النور: 63].
قلت: لذلك عليك بأخذ العلم النافع من أهل الحديث في هذا الزمان، ولا تعرض عن العلم في حياتك، فيسلط الله تعالى عليك بمثل هذا الرجل المفتون، فيفتنك في دينك وأنت لا تشعر، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]يابني آدم لا يفتننكم الشيطان[ [الأعراف: 27].
وقال تعالى: ]وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون[ [يونس: 92].
وقال تعالى: ]ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين[ [يونس: 85].
وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين[ [يونس: 85]، قال: (لا تسلطهم علينا، فيفتنونا).
أثر صحيح
أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص328)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص297)، ونعيم بن حماد في «الفتن» (ج1 ص144 و360)، والطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252) من طرق عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص417)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص693).
3) وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس:87]، قال: (كانوا لا يصلون إلا في البيع، فقيل لهم: صلوا في بيوتكم من مخافة فرعون). وفي رواية: (كانوا لا يصلون إلا في البيع، حتى خافوا من آل فرعون، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم).
أثر صحيح
أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص329)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص1977)، وأبو الشيخ في «تفسير القرآن» (ج4 ص383- الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252) من طريق سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه آدم بن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص296) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252) من طريق شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه سفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص128) من طريق منصور بن المعتمر عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص418)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص334)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص144).
4) وعن إبراهيم النخعي / قال: في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس: 87]، قال: (خافوا، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم). وفي رواية: (كانوا خائفين، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم).
أثر صحيح
أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج5 ص330)، والطبري في «جامع البيان» (ج12 ص252)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص231)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص1977) من طرق عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص418)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج4 ص146)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص144).
قلت: وعلى المؤمنين أن يصبروا على البلاء، وبترك الصلاة في المساجد، فإن مع العسر يسرا، فإذا اشتد الكرب، وضاق الأمر فرجه الله تعالى ووسعه([539])؛ أي: برفع البلاء وبالنصرة في الدنيا، والجنة في الآخرة.([540])
قال تعالى: ]وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون[ [الروم:6].
وقال تعالى: ]فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون[ [الروم:60].
وقال تعالى: ]وعد الله لا يخلف الله الميعاد[ [الزمر: 20].
وقال تعالى: ]فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك[ [غافر: 55].
وقال تعالى: ]إن الله لا يخلف الميعاد[ [آل عمران: 9].
وقال تعالى: ]وكان وعد ربي حقا[ [الكهف: 98].
وقال تعالى: ]ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون[ [يونس: 55].
قال العلامة السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج3 ص382): (قوله تعالى: ]وأوحينا إلى موسى وأخيه[ [يونس: 87]؛ حين اشتد الأمر على قومهما من فرعون وقومه، وحرصوا على فتنتهم عن دينهم: ]أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا[؛ أي: حين اشتد الأمر على قومهما من فرعون وقومه، وحرصوا على فتنتهم عن دينهم، ]واجعلوا بيوتكم قبلة[؛ أي: اجعلوها محلا، تصلون فيها حيث عجزتم عن إقامة الصلاة في الكنائس، والبيع العامة، ]وأقيموا الصلاة[؛ فإنها معونة على جميع الأمور، ]وبشر المؤمنين[ [يونس: 78]؛ بالنصر والتأييد، وإظهار دينهم، فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا، وإذا اشتد الكرب، وضاق الأمر، فرجه الله تعالى ووسعه).اهـ
وقال المفسر الرازي / في «التفسير الكبير» (ج17 ص119): (أنه تعالى لما أرسل موسى عليه السلام إليهم، وأظهر فرعون تلك العداوة الشديدة أمر الله تعالى موسى، وهارون عليهما السلام؛ باتخاذ المساجد على رغم الأعداء، وتكفل تعالى أنه يصونهم عن شر الأعداء). اهـ
5) وعن أبي مالك / قال: في قوله تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة[ [يونس:87]؛ قال: (كانت بنو إسرائيل تخاف فرعون، فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد يصلون فيها).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج12 ص253) من طريق إسرائيل عن السدي عن أبي مالك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فهذه تفسيرات السلف في الصلاة في البيوت، وترك الصلاة في المساجد بعذر الخوف من مرض، أو غيره، ومن خالف تفسيرات السلف، فهو ضال فيالدين.([541])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص361): (من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة y أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ).([542]) اهـ
وقال المفسر الجصاص / في «أحكام القرآن» (ج2 ص23): (القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض، ولم يوجد له منهم مخالف؛ فهو إجماع، وحجة على من بعدهم). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج1 ص355): (فإنهم أصحاب رسول الله r، ولا مخالف لهم منهم، وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم، والنفس تسكن إليهم؛ فأين المهرب عنهم دون سنة، ولا أصل وبالله التوفيق). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص672): (والمقصود هنا أن السلف كانوا أكمل الناس في معرفة الحق وأدلته، والجواب عما يعارضه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص157): (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار). اهـ
وقال الحافظ العلائي / في «إجمال الإصابة» (ص66): (المعتمد أن التابعين أجمعوا على اتباع الصحابة فيما ورد عنهم، والأخذ بقولهم والفتيا به، من غير نكير من أحد منهم، وكانوا من أهل الاجتهاد أيضا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص24)؛ عن تفضيل السلف على الخلف: (ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا، وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله؛ كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد، وغير ذلك؛ فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة؛ فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير، وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم. وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما). اهـ
وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص361): (فإن الصحابة، والتابعين، والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول؛ وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر؛ لأجل مذهب اعتقدوه... وفي الجملة: من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج2 ص675): (الصحابة هم أفقه الأمة، وأعلمهم بالمعاني المؤثرة في الأحكام). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص200): (وللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور من السنة، وأحوال الرسول r، لا يعرفها أكثر المتأخرين، فإنهم شهدوا الرسول r، والتنزيل، وعاينوا الرسول r، وعرفوا من أقواله، وأفعاله، وأحواله مما يستدلون به على مرادهم، ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص200): (فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب.
ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله r، فمن خالف قولهم، وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم، فقد أخطأ في الدليل([543])، والمدلول([544]) جميعا).اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص6): (والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده، فمن السنة... وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وعبد الله بن مسعود، y... وإذا لم تجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة y، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص79): (ولسان العرب: أوسع الألسنة مذهبا، وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي... فالحجة فيه كتاب الله، قـــال تعالـــى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه[ [إبراهيم: 4]. اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص79): (فأقام حجته بأن كتابه عربي في كل آية ذكرناها). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /
وهذا سواء كان في العقيدة، أو كان في الأحكام العملية، لأن هذا الشرع كله باللغة العربية، فكله يحمل على اللغة العربية، مالم يكن له تسمية شرعية، فيرجع إلى الشرع). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص257): (أتدري من السلف؟، السلف: هم الرسول r، والخلفاء الراشدون، والصحابة y، والتابعون لهم بإحسان من أئمة الهدى والحق، فكيف تكون طريقة الخلف أهدى منهم!). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص285): (فوجب حمل كلام الله تعالى، ورسوله r على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي). اهـ
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص153): (لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم). اهـ
وبالجملة: فتقديم تفسير الصحابة على تفسير غيرهم مسألة معلومة مشتهرة قد سطرها أهل العلم في كتبهم، حيث جعلوا تفسير الصحابي بعد التفسير النبوي في الرتبة في أحسن طرق التفسير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة في أصول التفسير» (ص138): (ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح مقدمة التفسير» (ص140): (فصارت الآن الطرق لتفسير القرآن أربعة: القرآن، والسنة، وأقوال الصحابة، وأقوال التابعين). اهـ
وقد جعل الإمام الطبري مخالفة أقوال الصحابة، والتابعين شذوذا، فقال في «جامع البيان» (ج2 ص590): (ولا يعارض بالقول الشاذ؛ ما استفاض به القول من الصحابة، والتابعين). اهـ
وفي الجملة: من عدل عن منهج الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في الحكم ولا بد!.([545])
قلت: لذلك يجب نقض حكم: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، وأمثاله؛ بمثل: هذه الأحكام المخالفة للكتاب، والسنة، والآثار.
قال الأصولي الآمدي / في «الإحكام» (ج4 ص203): (وإنما يمكن نقضه بأن يكون حكمه مخالفا لدليل قاطع من نص، أو إجماع، أو قياس جلي). اهـ
قلت: فاشتملت عبارته على التصريح بأن الاجتهاد ينقض عند مخالفته للدليل من النص، أو الإجماع، أو القياس الجلي.
وقال الأصولي الأصفهاني / في «بيان المختصر» (ج3 ص327): (وينقض بالاتفاق حكم الحاكم إذا خالف دليلا قاطعا: نصا، أو إجماعا، أو قياسا جليا). اهـ
6) ومنه: قوله تعالى: ]فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 182].
قلت: فالخوف هاهنا؛ بمعنى: العلم، وهو؛ مثل: قوله تعالى: ]فإن خفتم ألا يقيما حدود الله[ [البقرة: 229]، وقوله تعالى: ]وإن خفتم شقاق بينهما[ [النساء: 35]؛ أي: علمتم.
قلت: وإنما عبر تعالى بالخوف عن العلم، لأن الخوف طرف إلى العلم؛ فإنه إنما يخاف الوقوع في الشيء، أو يخشى وجوده: للعلم به، والخوف منه.([546])
وخاف: بمعنى: خشي، وعلم.([547])
والجنف: الميل.
والإثم: قصد الإثم.
قلت: فهذا المصلح لا إثم عليه في ذلك، كذلك من ترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد من مرض يعدي بسبب اجتماع الناس للصلاة فيها، فلا إثم عليه أيضا، لأن الله تعالى أمر بالاحتراز منه على قدر المستطاع، وترك الأماكن التي يخشى انتشار المرض فيها، ويمكن وقوعه في الناس، منها: «المساجد».
ومعناه: أن الرجل إذا حضر وصية الموصي فرآه يميل، إما بتقصير عن حق، أو بإسراف في الوصية، أو وضع الوصية في غير موضعها؛ فأرشده، ورده إلى الحق: فهو مباح له، فيأمره بالعدل، ومنعه عن الظلم؛ وهذا معنى: قوله تعالى: ]فأصلح بينهم فلا إثم عليه[ [البقرة: 182].
قلت: فالمراد بالخوف هنا: إنه العلم به، ونفس الخوف، ويخشى وجوده، ووقوعه في المستقبل، ومن ذلك: «الخوف من الأمراض المعدية».([548])
قلت: وهذا الحكم عام في كل خوف من مرض وغيره.
قال الإمام البيضاوي / في «أنوار التنزيل» (ج1 ص104): (قوله تعالى: ]فمن خاف من موص[ [البقرة: 182]؛ أي: توقع وعلم، من قولهم: أخاف أن ترسل السماء). اهـ
قلت: وهذا بنفس الخوف من ضرر المرض المهلك، والعلم به في البلد، ويخشى من وجوده، ووقوعه في المستقبل، وهلاك الناس بسببه، وهذا ظاهر في مرض الطاعون لما يخاف منه.
قلت: فمن خاف، أو خشي من مرض يعدي، ويخاف وقوعه خاصة في أماكن ازدحام الناس، مثل: المساجد، فيجوز تركها([549]) للتحرز من وقوع المرض في الناس.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» ج2 ص312): (قوله تعالى: ]فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[([550]) [البقرة: 182]؛ قوله تعالى: ]فمن خاف[: ]من[ شرطية؛ و]خاف[ فعل الشرط؛ وقوله تعالى: ]فلا إثم عليه[ جواب الشرط.
وقوله تعالى: ]فمن خاف من موص[؛ أي: من توقع، أو اطلع.
قوله تعالى: ]جنفا أو إثما[: «الجنف»: الميل عن غير قصد؛ و«الأثم»: الميل عن قصد.
وقوله تعالى: ]فأصلح بينهم[؛ أي: فعل صالحا؛ أي: حول الأمر إلى شيء صالح؛ وليس المعنى: أصلح الشقاق؛ لأنه قد لا يكون هناك شقاق؛ هذا القول وإن كان له وجهة نظر؛ لكن كلمة: ]بينهم[ تدل على أن المراد: إصلاح الشقاق؛ إذ أن البينية لا تكن إلا بين شيئين؛ فعلى: الوجه الأول: يكون المراد بالإصلاح إزالة الفساد؛ وعلى الوجه الثاني: يكون الإصلاح فيها إزالة الشقاق؛ لأن الغالب إذا أراد الوصي أن يغير الوصية بعد موت الموصي أن يحصل شقاق بينه، وبين الورثة؛ أو بينة، وبين الموصى له.
وقوله تعالى: ]فلا إثم عليه[؛ أي: فلا عقوبة؛ وهذا كالمستثنى: من قوله تعالى: ]فمن بدله بعد ما سمعه[؛ و]لا[ نافية للجنس تعم القليل، والكثير.
وقوله تعالى: ]إن الله غفور رحيم[؛ جملة تعليلية للحكم). اهـ
قلت: وهذا من تيسير الدين، لأن الدين أسس على اليسر، والرفق، والتخفيف على المسلمين.
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].
قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون –بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ
وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]([551])، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ
وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.
وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ
قلت: فالدين أسس على اليسر([552]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([553])
قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]؛ والمراد بالوسع هو: الطاقة والاستطاعة.
قلت: والذي رجحه المفسرون: عموم التخفيف في الشريعة، بناء على ضعف الإنسان أمام رغباته، وأمام مغريات الحياة وشهواتها، بالرحمة واليسر، ورفع المشقة، وإزالة الضرر.([554])
قال الإمام الزركشي / في «المنثور» (ج3 ص396): (الأخذ بالرخص والعزائم في محلها مطلوب راجح؛ فإذا قصد بالرخصة([555]) قبول فضل الله تعالى كان أفضل، وفي الحديث الصحيح: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)؛ إذا ثبت هذا فمطلوب الشرع الوفاق، ورد الخلاف إليه). اهـ
قلت: ومن القواعد الكلية في التشريع الإسلامي: «المشقة تجلب التيسير».
وهي قاعدة متأصلة في أحكام الشرع الإسلامي يدل على تأصيلها([556])، كقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
قال الفقيه ابن نجيم / في «الأشباه والنظائر» (ص75): (قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته). اهـ
قلت: فكل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به، وكل منهي شق عليه اجتنابه سقط النهي عنه.([557])([558])
7) ومنه: قوله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239].
قلت: فيجوز للمسلم في الحضر والسفر أن يصلي على راحلته صلاة الفريضة إذا احتاج إلى ذلك؛ مثل: في المطر، والوحل، والطين، والمرض أو الخوف من وقوع مرض في البلد، وغير ذلك. ([559])
قال الإمام أبو داود / في «المسائل» (ص76): (قلت: لأحمد؛ القوم في الغزو يصلون؛ فتشغب الدواب، فيثب بعضها على بعض، فيقوم الرجل بينه، وبين صاحبه ذراعان، أو ثلاثا، فلم ير به بأسا، قال: قلت؛ هكذا أحب إليك يصلون، أو فرادى؟،قال: هكذا، أليس صلاة الخوف يذهبون ويجيئون). اهـ
قلت: فيصح تأدية صلاة الفرض على الراحلة من أي عذر تيسيرا على المسلم.
قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج1 ص466): (وكذلك روي عن أنس بن مالك t أنه صلى في ماء وطين على دابته). اهـ
وبوب الحافظ الترمذي في «السنن» (ج1 ص465)؛ باب: ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر.
قلت: وهذا الحكم يدخل في قوله تعالى: ]ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى[ [النساء: 102]؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقال الإمام ابن قدامة / في «المقنع» (ص39): (وتجوز صلاة الفرض على الراحلة خشية التأذي([560]) بالوحل). اهـ
وقال الإمام ابن تميم / في «المختصر» (ج2 ص342): (يجوز فعل الفرض على الراحلة خوف التأذي([561]) بالمطر، أو الوحل). اهـ
وقال شيخنا الفقيه محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج4 ص46)؛ معلقا على حديث تنفل النبي r على راحلته: (فيه دليل على أنه لا يجب على المتنفل أن يصرف الناقة حين تكبيرة الإحرام إلى القبلة، وأنه لا حرج عليه أن يبدأ الصلاة من أولها إلى آخرها وهو متجه حيث كان وجهه، وهذا هو القول الراجح؛ أنه لا يشترط استقبال القبلة عند ابتداء الصلاة؛ لعموم الأدلة، ... فاستقبال القبلة يسقط عند الضرورة في جميع الرواتب؛ بل يسقط عند الضرورة حتى في الفرائض؛ كما لو لحقه عدو؛ لقوله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239] يعني: إلى القبلة وإلى غيرها). اهـ
وقال أبو داود في «المسائل» (ص76): (قلت: لأحمد؛ يكون مطر، فيخاف أن تبتل ثيابه؟؛ قال: يصلي على دابته).
وقال الفقيه الكلوذاني / في «الهداية» (ص53): (وتجوز صلاة الفرض على الراحلة؛ لأجل التأذي بالمطر، والوحل). اهـ
وقال الفقيه الجراعي / في «غاية المطلب» (ص115): (ويصلي راكبا فريضة؛ لأذى مطر، أو وحل). اهـ
وقال الفقيه ابن قائد / في «هداية الراغب» (ص53): (وتصح مكتوبة على راحلة واقفة، أو سائرة خشية تأذ؛ أي: الخوف التضرر بوحل، ونحوه؛ كمطر، وثلج، وبرد). اهـ
وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (لا يصلي الرجل المكتوبة على الدابة، مقبلا إلى البيت، ولا مدبرا عنه، إلا أن يكون مريضا، أو خائفا، فليصل على دابته مقبلا إلى البيت غير مدبر عنه). ([562])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج4 ص346): (إذا خاف انقطاعا عن رفقته يصلي على الراحلة ولو مع الأمن، لأن الإنسان إذا انقطع عن رفقته فلربما يضيع، وربما يحصل له مرض، أو نوم، أو ما أشبه ذلك فيتضرر، فإذا قال: إن نزلت على الأرض وبركت البعير، وصليت فاتت الرفقة، وعجزت عن اللحاق بهم، وإن صليت على بعيري؛ فإني أدركهم. نقول له: صل على البعير ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286] ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]). اهـ
وعن ابن عباس ﭭ قال: في جمع النبي r: (أراد أن لا يحرج أمته).([563])
قلت: فالنبي r رفع الحرج عن هذه الأمة في العبادات مطلقا. ([564])
قال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (ج5 ص359): (قوله: «كذلك الأمر»؛ أي: أداء الصلاة - يعني: الفريضة- على ظهر الدابة بالإيماء، وهو الشأن والحكم عند خوف فوات الوقت، أو فوات العدو، أو فوات النفس). اهـ
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص714): (فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الإسراع: فصلوا ركبانا؛ لأنهم لو نزلوا للصلاة لكان فيه مضادة للأمر بالإسراع، وصلاة الراكب مقتضية للإيماء، فطابق الحديث الترجمة). اهـ
وقال الإمام العيني / في «عمدة القاري» (ج17 ص396): (قوله: «عليه»؛ أي: على الظهر، وهو الإبل الذي يحمل عليه ويركب، يقال: عند فلان ظهر؛ أي: إبل). اهـ
وقال الإمام الكرماني / في «الكواكب الدراري» (ج6 ص54): (قوله: «كذلك الأمر»؛ أي: أداء الصلاة - يعني: الفريضة- على ظهر الدابة بالإيماء هو: الشأن، والحكم عند خوف فوات الوقت، أو فوات العدو، أو فوات النفس). اهـ
قلت: والمقصود إذا احتاج المصلي أن يصلي صلاة الفريضة في بيته: من خوف مرض؛ فيجوز له ذلك، فيتخلف عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة»، لأن ذلك من باب الرخصة الشرعية.
قلت: فإن اشتد الأمر، صلوا ركبانا إيماء حيث كانت وجوههم؛ فإن لم يقدروا، تركوا الصلاة حتى يأمنوا في الخوف. ([565])
قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج5 ص244): (والخوف الذي للمصلي أن يصلي من أجله المكتوبة ماشيا راجلا، وراكبا جائلا: الخوف على المهمة عند السلة، والمسايفة في قتال من أمر بقتاله من عدو للمسلمين، أو محارب، أو طلب سبع، أو جمل صائل، أو سيل سائل، فخاف الغرق فيه، وكل ما الأغلب من شأنه هلاك المرء منه إن صلى صلاة الأمن، فإنه إذا كان ذلك كذلك، فله أن يصلي صلاة شدة الخوف حيث كان وجهه يومئ إيماء لعموم كتاب الله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239]، ولم يخص الخوف على ذلك على نوع من الأنواع، بعد أن يكون الخوف صفته ما ذكرت). اهـ
قلت: وهذا على العموم في الخوف الذي يجوز للمصلي أن يصلي في بيته على أي نوع من أنواع الخوف في الحرب، أو في السفر، أو في الحضر، أو يخاف من مرض يعدي، أو غير ذلك.
فعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن خفتم فرجالا أو ركبانا[ [البقرة: 239] ، قال: (إذا كان خائفا صلى على أي حال كان). ([566])
وعن رجاء بن حيوة عن ثابت بن السمط قال: (كان في سفر في خوف، فصلوا ركبانا، فالتفت فرأى الأشتر([567]) قد نزل، قال: ماله، قالوا: نزل يصلي، فقال: خالف، خولف به، فخرج الأشتر في الفتنة).
أثر صحيح
أخرجه أبو إسحاق الفزاري في «السير» (ج2 ص502) من طريق ابن عون عن رجاء بن حيوة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره العيني في «عمدة القاري» (ج5 ص259).
8) ومنه؛ قوله تعالى: ]ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما[ [الشعراء: 21].
قلت: وفي هذا العذر من فرار موسى عليه السلام من مكان خوفه، ومقصده عليه السلام بهذا طلب دفع بلوى قتله، خوف فوت أداء الرسالة، ونشرها بين الملأ.
فموسى عليه السلام توقع القتل([568])، فخاف من فرعون وقومه من ذلك، لدفع الشر عن نفسه.
وفي هذا إيماء إلى أي: خوف قد يحصل للعبد في بلده، أن يفر منه، سواء كان الفرار من مرض، أو أي شيء خشية الهلاك.([569])
قلت: ومن ذلك الفرار من المساجد، وترك الصلاة فيها؛ إلى الفرار إلى البيوت من خوف ضرر النفس من مرض مهلك للنفس.([570])
قال الإمام السدي /: في قوله تعالى: ]ففررت منكم[. [الشعراء: 21]؛ (يعني: فهربت منكم).([571])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص260): (قوله تعالى: ]ففررت منكم[. [الشعراء: 21]؛ إلى مدين؛ (لما خفتكم)؛ أن تقتلون).
قلت: لذلك يجب نقض الأحكام المخالفة للشريعة المطهرة.
قال الفقيه القرافي / في «شرح تنقيح الفصول» (ص441): (والحكم الذي ينقض في نفسه، ولا يمنع النقض، هو ما خالف أحد أمور أربعة: الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي). اهـ
قلت: فصرح بأن الاجتهاد ينقض بالنص.
وقال الفقيه القرافي / في «الفروق» (ج2 ص109): (كل شيء أفتى فيه المجتهد فخرجت فتياه فيه على خلاف الإجماع، أو القواعد، أو النص، أو القياس الجلي السالم عن المعارض الراجح، لا يجوز لمقلده أن ينقله للناس، ولا يفتي به في دين الله تعالى، فإن هذا الحكم لو حكم به حاكم لنقضناه). اهـ
قلت: وإنما ينقضه بالدليل من نص، أو اجماع.
وقال الفقيه الزركشي / في «البحر المحيط» (ج6 ص268): (أما لو ظهر نص، أو إجماع، أو قياس جلي بخلافه؛ نقض هو وغيره). اهـ
قلت: والنص يشمل القرآن الكريم، والسنة النبوية، والآثار.
وقال الفقيه ابن النجار / في «شرح الكوكب المنير» (ج4 ص505): (وينقض الحكم وجوبا بمخالفة نص الكتاب، أو السنة، ولو آحادا، أو إجماع قطعي). اهـ
قلت: فأطلق القول بأن الاجتهاد ينقض بمخالفة نص القرآن الكريم.
وقال الأصولي الأنصاري / في «فواتح الرحموت» (ج2 ص395) فيما خالف المجتهد: (الكتاب والسنة المتواترة والمشهورة، والإجماع). اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص263): (فإن كان مخالفا للدليل القاطع نقضه اتفاقا). اهـ
قلت: فإن كان حكم المجتهد مخالفا للدليل من نص، أو إجماع، فينقض بالاتفاق بين العلماء، سواء من قبل القاضي، أو من مفتي، أو أي مجتهد آخر لمخالفته الدليل. ([572])
وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية» (ج3 ص107): (إذا رفع إلى القاضي حكم حاكم أمضاه؛ إلا أن يخالف الكتاب، أو السنة، أو الإجماع؛ بأن يكون قولا لا دليل عليه). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ذكر الدليل على جواز الفرار من الوباء المعدي في البلد، باتخاذ جميع الوسائل الطبية للفرار منه، خاصة الفرار من الأماكن التي يزدحم فيها الناس؛ منها: المساجد للتحرز من إصابة المرض؛ بأنواع الاحترازات الشرعية والاجتماعية، والطبية، واستفراغ الوسع في التوقي من الوباء المعدي، والوقاية منه بالطرق السليمة؛ لما يخشى على أنفسهم من الهلاك، لذلك يجوز أن يتركوا الصلاة في المساجد، وإن يصلوا في بيوتهم، من أجل رخصة الله تعالى الشرعية للناس، وقد أجمع على هذا الحكم الصحابة، والسلف، والعلماء قديما وحديثا
(1) قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].
(2) قال تعالى: ]ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما[ [النساء: 29].
(3) وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة: أن عمر بن الخطاب t؛ خرج إلى الشأم، فلما جاء بسرغ، بلغه أن الوباء وقع بالشأم، فأخبره عبد الرحمن بن عوف t: أن رسول الله r قال: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه، فرجع عمر t من سرغ).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5730)، و(6973)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص30)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7479)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص194)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1869)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص376)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (276)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص71)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص396)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص304)، ومصعب الزبيري في «حديثه» (96)، ويحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (2613)، والشاشي في «المسند» (236)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (9789)، والحدثاني في «الموطأ» (639)، وابن القاسم في «الموطأ» (9)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (356)، والجوهري في «مسند الموطأ» (127)، وابن وهب في «الموطأ» (ق/106/ط) من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة به.
وأخرجه أبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1870)، والشافعي في «المسند» (ص241)، وفي «الموطأ» (ص876)، وفي «الرسالة» (ص429)، والحدثاني في «الموطأ» (639)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ج1 ص122) من طريق مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله: (أن عمر t إنما رجع بالناس من حديث عبد الرحمن بن عوف t).
والحديث مرسل:
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص186): (ورواية سالم: هذه منقطعة، لأنه لم يدرك القصة، ولا جده عمر، ولا عبد الرحمن بن عوف). اهـ
قلت: والحديث ثابت متصل صحيح من وجوه، كما سبق.([573])
والطاعون: هو مرض، وأصله: القروح الخارجة من الجسد.
والوباء: عموم الأمراض.
وحاصله: أن الطاعون مرض عام؛ يكون عنه موت عام، وقد يسمى: بالوباء.([574])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص211): (الوباء: الطاعون، وهو موت نازل شامل، لا يحل لأحد أن يفر من أرض نزل فيها إذا كان من ساكنيها، ولا أن يقدم عليه إذا كان خارجا عن الأرض التي نزل بها، إيمانا بالقدر، ودفعا لملامة النفس). اهـ
وقال الإمام الباجي / في «المنتقى» (ج7 ص198): (الطاعون: مرض يصيب الكثير من الناس في جهة من الجهات، دون غيرها). اهـ
وقال اليفرني اللغوي / في «الاقتضاب» (ج2 ص425): (الوباء: هو الطاعون؛ وهو مرض يعم الكثير من الناس في جهة، دون غيرها يخالف المعتاد من أحوال الناس وأمراضهم، ويكون مرضهم غالبا مرضا واحدا، بخلاف سائر الأوقات، فإن أمراض الناس مختلفة). اهـ
وفي هذا الحديث: وجوب الفرار من الوباء المعدي في البلد عموما، خاصة الفرار من الأماكن التي يزدحم فيها الناس؛ منها: المساجد، للتحرز من إصابة المرض.([575])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص620): (من فوائد الحديث: أنه لا يجوز القدوم على أرض الطاعون، لأن ذلك من قتل النفس، والإلقاء بالتهلكة، والله تعالى يقول: ]ولا تقتلوا أنفسكم[ [النساء: 29]، ويقول الله تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195]، فكما إنك يجب عليك مراعاة طفلك وحمايته عما يضره، يجب عليك وجوبا أوكد مراعاة نفسك، وأن تحميها مما يضرها؛ لأنها أمانة عندك.
ويقاس على ذلك: الإقدام على كل ما فيه مضرة، فإنه لا يجوز للإنسان أن يقدم عليه، كالمفازة([576])؛ لأنه يعرض نفسه للخطر.
أنه لا يجوز خروج الإنسان من أرض وقع فيها الطاعون). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص300): (فيحترز بما هو: جائز في الشرع من أنواع الاحترازات). اهـ
قلت: فالفرار من المهالك مأمور به في الشرع.
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].
قال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج6 ص572): (الإنسان إذا نزل به وباء، وعالجه، فلا حرج عليه.
فكذلك إذا أخذ وقاية منه فلا حرج عليه، ولا يعد ذلك من نقص التوكل، بل هذا من التوكل؛ لأن فعل الأسباب الواقية من الهلاك، والعذاب: أمر مطلوب). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج5 ص278): (ولا يحل أن يهرب أحد عن الطاعون: إذا وقع في بلد هو فيه، ومباح له الخروج لسفره الذي كان يخرج فيه لو لم يكن الطاعون، ولا يحل الدخول إلى بلاد فيه الطاعون لمن كان خارجا عنه حتى يزول، والطاعون: هو الموت الذي كثر في بعض الأوقات كثرة خارجة عن المعهود). اهـ
(4) وعن عبد الله بن عباس t: أن عمر بن الخطاب t، خرج إلى الشأم، حتى إذا كان بسرغ([577]) لقيه أمراء الأجناد([578])، أبوعبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء([579]) قد وقع بأرض الشأم.
قال ابن عباس t: فقال عمر t: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشأم، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس([580]) وأصحاب رسول الله r، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني([581])، ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين([582])، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش([583]) من مهاجرة الفتح([584])، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر t في الناس: إني مصبح([585]) على ظهر، فأصبحوا عليه. قال أبوعبيدة بن الجراح t: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر t: لو غيرك([586]) قالها([587]) يا أبا عبيدة؟! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت([588]) واديا له عدوتان([589])، إحداهما خصبة([590])، والأخرى جدبة([591])، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف t - وكان متغيبا في بعض حاجته - فقال: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله r يقول: «إذا سمعتم به([592]) بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه». قال: فحمد الله([593]) عمر ثم انصرف).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5729)، وفي «التاريخ الأوسط» (163)، وابن خزيمة في «صحيحه» (155)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1867)، وابن حبان في «صحيحه» (2953)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج34 ص68)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج5 ص278)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص393)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص194)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (223)، والشاشي في «المسند» (235)، و(237)، والحدثاني في «الموطأ» (637)، و(638)، و(820)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج5 ص202)، وفي «مناقب عمر بن الخطاب» (ص315 و316)، والبزار في «المسند» (9089)، وأبو داود في «سننه» (3103)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1191)، و(1192)، ومحمد بن سليمان في «مما رواه الأكابر عن الأصاغر» (1)، والطبراني في «المعجم الكبير» (269)، وابن القاسم في «الموطأ» (63)، والبرتي في «مسند عبد الرحمن بن عوف» (1)، والجوهري في «مسند الموطأ» (222)، والحداد في «جامع الصحيحين» (2560)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص303)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج15 ص175)، ويحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (2611)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (267)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7480)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج1 ص124)، ومصعب الزبيري في «حديثه» (95)، وأبو يعلى في «المسند» (837) من طريق مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس t به.
قوله r: «إذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه»، هذا فيه النهي عن دخول أرض انتشر بها، وباء معد.([594])
* ويدخل فيه النهي عن دخول المساجد، وغيرها في البلد الواحد، قد انتشر فيه وباء معدي، وخيف إصابة الناس عند حضورهم بسبب ازدحامهم، واقترابهم من بعضهم في المساجد، فرخص لهم الشارع في التخلف عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة».
قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص612): (على ظاهر هذا الحديث عمل: عمر بن الخطاب t، والصحابة ﭫ لما رجعوا من سرغ([595]) حين أخبرهم بهذا الحديث عبد الرحمن بن عوف t، وإليه صاروا). اهـ
وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص612): (وإنما نهي عن القدوم عليه أخذا بالحزم، والحذر، والتحرز من مواضع الضرر، ودفعا للأوهام المشوشة لنفس الإنسان.
* وإما نهي عن الفرار منه؛ لأن الكائن في الموضع الذي الوباء فيه؛ لعله قد أخذ بحظ منه، لاشتراك أهل ذلك الموضع في سبب ذلك المرض العام، فلا فائدة لفراره.
* بل يضيف إلى ما أصابه من مبادئ الوباء مشقات السفر؛ فيتضاعف الألم، ويكثر الضرر؛ فيهلكون بكل طريق، ويطرحون في كل فجوة، ومضيق.
ولذلك يقال: قلما فر أحد من الوباء فسلم، ويكفي من ذلك موعظة؛ قوله تعالى: ]ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا[ [البقرة: 243]. قال الحسن البصري /: خرجوا حذرا من الطاعون فأماتهم الله تعالى في ساعة واحدة). اهـ
وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص618): (أمرنا الله تعالى بالتحرز من المخاوف، والهلكات، وباستفراغ الوسع في التوقي من المكروهات، والحذر وجلب المنافع، ودفع الضرر.
* ثم المقصر في ذلك ملوم عادة، وشرعا، ومنسوب إلى التفريط عقلا وسمعا؛ وإن زعم أنه المتوكل على الله تعالى، والمسلم لأمر الله تعالى.
* ولما بين عمر بن الخطاب t ذلك المعنى بالمثال، لاح الحق، وارتفع الجدال، ثم لم يبرح عمر بن الخطاب t من مكانه حتى جاءه الحق ببرهانه، فحدثهم عبد الرحمن بن عوف t بما قاله في ذلك النبي r فسر بذلك عمر بن الخطاب t سرورا ظهر لديه، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، حيث توافق الرأي والسمع، وارتفع الخلاف، وحصل الجمع، فرجع من موضعه ذلك إلى المدينة سالما موفورا، وكان في سعيه ذلك مصيبا مشكورا). اهـ
قلت: والناس في هذا الزمان، قد ابتلوا بمرض معد، وأنهم لم يمتنعوا عن الخروج إلى المساجد، والصلاة فيها، إلا بسبب العذر من هذا المرض.
قلت: وعلى هذا جرى عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله([596]) r؛ بقوله وفعله، إلى يومنا هذا.
قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص618): (ومن أعظم فوائد هذا الحديث: إجماع الصحابة ﭫ: على العمل بالرأي، والاجتهاد، وقبول أخبار الآحاد، كما بينا ذلك في الأصول). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص217)؛ معلقا على حديث عمر بن الخطاب t: (وأن المرءيجب عليه الانقياد للسنة: إذا ثبتت عنده من نقل الكافة كانت، أو من نقل الآحاد العدول، وفيه سرعة ما كانوا – يعني: الصحابة - عليه من الانقياد للعلم، والاستعمال له). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص370): (وفيه: دليل على عظيم ما كان عليه القوم – يعني: الصحابة - من الإنصاف للعلم، والانقياد إليه، وكيف لا يكون كذلك، وهم خير الأمم y). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص386): (وفيه: دليل على أن الأعمال: لا تزكو عند الله تعالى؛ إلا بالنيات).([597]) اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص368): (وفيه: دليل على أن الاختلاف لا يوجب حكما، وإنما يوجبه النظر، وأن الإجماع يوجب الحكم، والعمل). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص368): (وفيه: دليل على أن الاختلاف إذا نزل، وقام الحجاج، فالحجة، والفلج بيد من أدلى بالسنة). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص368): (وبهذا أمر الله عباده عند التنازع، أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى كتاب الله، وسنة نبيه r، فمن كان عنده من ذلك: علم، وجب الانقياد إليه). اهـ
(4) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا عدوى([598]) ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم([599])، كما تفر من الأسد).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5707)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص131) من طريق سليم بن حيان حدثنا سعيد بن ميناء قال: سمعت أبا هريرة t به.
قلت: والفرار من المجذوم، إنما هو خوف من العدوى، وهذا يجوز للعبد أن يفعله.([600])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص583): (وهكذا المجذوم أيضا: ابتعد عنه، ولكن إن أصبت بعدوى من الجذام، أو غيره؛ فإنما ذلك بإذن الله تعالى، وليس بالعدوى نفسها). اهـ
وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ /في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص864): (وأما أمره r بالفرار من المجذوم، ونهيه r عن إيراد الممرض على المصح، وعن الدخول إلى موضع الطاعون، فإنه من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى، وجعلها أسبابا للهلاك والأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب الشر إذا كان في عافية، فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء، أو في النار، أو تحت الهدم، أو نحو ذلك: مما جرت العادة؛ بأنه يهلك ويؤذى، فكذلك اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم، والقدوم على بلد الطاعون، فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها، لا خالق غيره ولا مقدر غيره). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص621): (الحجر الصحي: إنما يكون على المصاب بالمرض.
أما السليم من المرض، فلا وجه للحجر عليه، فإذا قدر أن شخصا جاء من أرض وبيئة، وحلل وإذا هو سالم، فلا وجه للحجر عليه). اهـ
(5) وعن الشريد بن سويد t قال: (كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي r إنا قد بايعناك فارجع).([601]) وفي رواية: (قدم على النبي r رجل من ثقيف مجذوم ليبايعه).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2231)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص389)، وابن الجعد في «حديثه» (ج1 ص311)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص317)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص131)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج3 ص193 و194) من طريق شريك بن عبد الله، وهشيم بن بشير عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: فذكره.
وبوب الإمام النووي / في «المنهاج» (ص917)؛ باب: اجتناب المجذوم ونحوه.
(6) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا يوردن ممرض على مصح). وفي رواية: (لا توردوا الممرض على المصح).وفي رواية: (لا يورد ممرض على مصح).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (5771)، و(5774)، ومسلم في «صحيحه» (2221)، وأبو داود في «سننه» (3911)، وابن ماجه في «سننه» (3541)، وعبدالرزاق في «المصنف» (9507)، والبغوي في «شرح السنة» (3248)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص434)، وابن حبان في «صحيحه» (6115)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (1660)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج4 ص303)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص216 و217)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ص6 – مسند علي بن أبي طالب) من طريق الزهري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن قال: سمعت أبا هريرة t.([602])
وقد تابعه: محمد بن عمرو حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة t.
أخرجه ابن ماجه في «سننه» (3542)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص434).
قلت: وهذا يدل على ثبوت العدوى، وهي ثابتة بالتجربة، والمشاهدة في هذه الحياة.([603])
وأخرجه مالك في «الموطأ» (1894)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص628)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص124)، والحدثاني في «الموطأ» (ص542)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج24 ص189 و190)، وفي «الاستذكار» (ج27 ص53)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص217) من طرق عن مالك أنه بلغه عن بكير بن عبدالله بن الأشج عن ابن عطية الأشجعي عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: (لا عدوى، ولا هام، ولا صفر، ولا يحل الممرض على المصح). وفي رواية: (إنه أذى).
وإسناده ضعيف فيه أبو عطية عبد الله بن عطية الأشجعي، وهو مجهول.([604])
وفيه انقطاع بين مالك، وبكير بن عبد الله، فإن مالكا لم يدركه.
قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص624): (قوله r: (لا يورد ممرض على مصح)؛ أي: لا يفعل ذلك). اهـ
قلت: وإنما نهى r عن إيراد الممرض على المصح مخافة وقوع المصح فيما وقع فيه المريض، ومخافة تشويش النفوس، وتأثير الأوهام بسبب انتشار الوباء المعدي، لأن يجد العبد من نفسه نفرة من ذلك، وكراهية هذا الوباء على أن يقع فيه، فيتأذى منه، ويتضرر.([605])
قال الحافظ البيهقي / في «الخلافيات» (ج6 ص131): (فأمر r في هذين الحديثين بالتباعد من المجذوم). اهـ
وقال العلامة الشيخ الألباني / في «الصحيحة» (ج2 ص660): (واعلم أنه لا تعارض بين هذين الحديثين، وبين أحاديث: (لا عدوى)؛ لأن المقصود بهما إثبات العدوى، وأنها تنتقل بإذن الله تعالى من المريض إلى السليم). اهـ
(7) وعن إبراهيم بن سعد قال: سمعت أسامة بن زيد t يحدث سعد بن أبي وقاص t عن النبي r أنه قال: (إذا سمعتم بالطاعون بأرض، فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها). وفي رواية: (إن هذا الوجع رجس وعذاب). وفي رواية: (إن هذا الطاعون رجز).
أخرجه البخاريفي «صحيحه» (5728)، وفي «التاريخ الكبير» (ج1 ص288)، ومسلم في «صحيحه» (2218)، وأحمد في «المسند» (21798)، والطيالسي في «المسند» (630)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (559)، والبزار في «المسند» (2605)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص376)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص285- إتحاف المهرة)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص306)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج12 ص256)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص469)، وابن حجر في «بذل الماعون» (ص73) من طريق شعبة قال: أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال: سمعت إبراهيم بن سعد به.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، والباغندي في «مسند عمر بن عبدالعزيز» (73)، والطبراني في «المعجم الكبير» (403)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج12 ص257)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص470) من طريق الأعمش، وأبي إسحاق الشيباني، وأجلح الكندي؛ كلهم: عن حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم بن سعد به.
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (3473)، ومسلم في «صحيحه» (2218)، والترمذي في «سننه» (1065)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص206)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1868)، وابن حبان في «صحيحه» (2952)، والبغوي في «شرح السنة» (1443)، والحدثاني في «الموطأ» (640)، وأبو أحمد الحاكم في «العوالي عن مالك» (32)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص397 و398 و400)، والجوهري في «مسند الموطأ» (236)، و(393)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (9747 و9748)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص306)، وابن القاسم في «الموطأ» (87)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7483)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (352)، والجرجاني في «مجالس من أماليه» (456)، ومحمد بن الحسن الشيباني في «الموطأ» (954)، و(955)، وابن وهب في «الموطأ» (ق/107/ط)، ويحيى بن يحيى الليثي في «الموطأ» (2612)، والزيات في «حديثه» (48) من طريق سفيان، ومالك عن محمد بن المنكدر، وعن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه: أنه سمعه يسأل: أسامة بن زيد t: ماذا سمعت من رسول الله r في الطاعون؟، فقال: أسامة t: قال رسول الله r: (الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل - أو على من كان قبلكم - فإذا سمعتم به بأرض، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض، وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه). وفي رواية: (فإذا سمعتم به، فلا تدخلوا عليه). وفي رواية: (وإذا كان بأرض، فلا تدخلوها).
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (6974)، وأحمد في «المسند» (21807) من طريق شعيب عن الزهري حدثنا عامر بن سعد بن أبي وقاص: أنه سمع أسامة بن زيد يحدث سعدا، أن رسول الله r ذكر الوجع، فقال r: (رجز، أو عذاب عذب به بعض الأمم ثم بقي منه بقية، فيذهب المرة، ويأتي الأخرى، فمن سمع به بأرض، فلا يقدمن عليه، ومن كان بأرض وقع بها، فلا يخرج فرارا منه).
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، وأحمد في «المسند» (21751)، والحميدي في «المسند» (544)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج12 ص253)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص274- إتحاف المهرة)، وأبو عوانة في «المسند» الصحيح» (ج17 ص461)، والترمذي في «سننه» (1088)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7524)، وابن حبان في «صحيحه» (2954) من طريق سفيان بن عيينة، وحماد بن زيد، ومحمد بن ثابت العبدي، وابن جريج؛ كلهم: عن عمرو بن دينار؛ أن عامر بن سعد فذكره، وفيه: (فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوها عليه، وإذا دخلها عليكم فلا تخرجوا منها فرارا).
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، والطبراني في «المعجم الكبير» (274)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص267)، وابن حجر في «بذل الماعون» (ص76)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص306)، والبزار في «المسند» (2587) من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب أخبرني عامر بن سعد عن أسامة بن زيد t به.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، وأحمد في «المسند» (21818)، والباغندي في «مسند عمر بن عبد العزيز» (72)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص284- إتحاف المهرة)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص288)، والدورقي في «مسند سعد بن أبي وقاص» (79)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص473) من طريق عطاء بن يسار، ورياح بن عبيدة، وعمر بن عبد العزيز، ثلاثتهم: عن عامر بن سعد به.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (2218)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص284- إتحاف المهرة)، وابن حجر في «بذل الماعون» (ص75 و76)، وعبدالرزاق في «المصنف» (20158)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج17 ص477)، والطبراني في «المعجم الكبير» (273)، و(275)، وأحمد في «المسند» (21806)، من طريق معمر، وعبدالرحمن بن إسحاق، وعقيل بن خالد؛ كلهم عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد به، وفيه: (وإذا سمعتم به في أرض فلا تأتوها). وفي رواية: (إن هذا الوباء رجز أهلك الله به بعض الأمم قبلكم).
وأخرجه أحمد في «المسند» (21811)، والطبراني في «المعجم الكبير» (384)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص217)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج1 ص285- إتحاف المهرة)، وابن منده في «الأمالي» (ص104) من طريق محمد بن عمرو عن محمد بن المنكدر عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد t به.
وإسناده حسن.
تنبيه:
قلت: والوباء إنما كان عذابا على الكفرة: فيمن مضى، والذين من بعدهم.
وكذلك على المبتدعة قديما وحديثا، لا على المؤمنين منهم، وأنه لمؤمني هذه الأمة رحمة، وشهادة.([606])
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([607])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله وعيد شديد، والعياذ باللـه.
قلت: ووجه الاستدلال بها([608])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون
اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([609])
والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([610])
قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([611]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([612])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.
قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([613])
قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ
قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[
[البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([614])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([615])
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ
قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([616])؛ إذ لا يضم المباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([617])
قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.
وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.
قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المقلد أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من حكم في الأصول، أو الفروع، والله المستعان.
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.
فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([618])، والعياذ باللـه.
قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في أحكام الدين، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في الأحكام وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.
ﭑ ﭑ ﭑ
ذكر الدليل من السنة النبوية على أن المسلمين قد حبسوا عن الصلاة في المساجد في هذه الأيام؛ لعام: «1441هـ»، وصلوها في بيوتهم؛ فحبسهم العذر الشرعي، وهو انتشار الوباء في بلدانهم، فتخلفوا عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وهم: معذورون بذلك، وقد حصلوا على أجرهم بالكامل عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وإن لم يصلوا في المساجد
1) عن أنس بن مالك t، أن رسول الله r: لما رجع من غزوة تبوك([619]) قال r: (إن بالمدينة لأقواما، ما سرتم من مسير، ولا قطعتم من واد، إلا كانوا معكم فيه، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال r: نعم، وهم بالمدينة؛ حبسهم العذر). وفي رواية: (خلفهم العذر).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (2839)، و(4423)، وإسماعيل بن عبدالله النيسابوري في «الأربعين العوالي» (36)، وابن قدامة في «فضائل التروية» (31)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص160 و214)، وابن ماجه في «سننه» (2764)، وعبدالرزاق في «المصنف» (ج5 ص261)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص24)، وفي «السنن الصغرى» (3527)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص266 و267 و272)، وأبو جعفر الحنيني في «مسند أنس بن مالك» (ص146)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص376)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص467 و468)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص167)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (264)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص342)، وفي «حلية الأولياء» (ج8 ص264)، وفي «تثبيت الإمامة» (101)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص425)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص450 و451)، و(ج7 ص213)، وأبو زرعة المقدسي في «صفوة التصوف» (833)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1402)، وأبو موسى المديني في «مجلس من أماليه» (5)، وابن المفضل المقدسي في «الأربعين المرتبة على طبقات الأربعين» (ص250 و251 و252)، ومحي الدين اليونيني في «مشيخته» (ص100 و101)، وابن حبان في «صحيحه» (ج11 ص33)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (242)، وأبو الشيخ في «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص289)، وابن الجوزي في «المنتظم من تاريخ الملوك والأمم» (ج3 ص365)، وابن أبي أسامة في «المسند» (663- بغية الباحث)، وفي «العوالي» (ص23)، والذهبي في «السير» (ج21 ص158)، وفي «تاريخ الإسلام» (ص627- المغازي)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص323)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج12 ص267)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج1 ص386)، وابن علوان في «نظم اللآلي بالمائة العوالي» (ص85)، والقاسم بن الفضل الثقفي في «الثقفيات» (103)، وابن دقيق العيد في «الأربعين التساعية الإسناد» (ص139) من طرق عن حميد بن أبي حميد الطويل، عن أنس بن مالك t به.
وقد صرح حميد بن أبي حميد الطويل بالسماع: من طريق زهير؛ عند: البخاري في «صحيحه» (2838).
وأخرجه البخاري في «صحيحه» (2839)، وأبو داود في «سننه» (2508)، وأحمد في «
وقال الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص47): «الأول أصح».
يعني: حذف موسى بن أنس من الإسناد. ([620])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص47): (ولا مانع من أن يكونا محفوظين؛ فلعل حميدا: سمعه من موسى عن أبيه، ثم لقي أنسا فحدثه به، أو سمعه من أنس، فثبته فيه ابنه موسى). اهـ
قلت: وهو الصواب، لأن الراوي عن حميد: هو حماد بن سلمة عن حميد عن موسى بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك.
وحماد بن سلمة أعلم الناس بحديث: حميد الطويل. ([621])
قلت: وهذا يكون من المزيد في متصل الأسانيد.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص47)؛ باب من حبسه العذر عن الغزو.
قلت: وهذا مثل: من حبسه عذر المرض عن حضور المسجد!.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص36): (فمعنى الحديث: أن الإنسان إذا نوى العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس، فإنه يكتب له أجر ما نوى).اهـ
قلت: قد بين r أن من منعه مانع من أداء فرض، أو من مسارعة إلى عبادة، ومن فعل سنة، أن يكون على نيته في فعل ذلك، أجر على ما نواه من فعل الطاعة، وإن لم يفعلها؛ لنيته الخالصة.
قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص332): (وأن أصول الدين، وعمدة من عمل الطاعات، ومفسر: لقوله تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين[ [البينة:5]).اهـ
2) وعن جابر بن عبدالله ﭭ قال: (كنا مع النبي r في غزاة، فقال r: إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض). وفي رواية: (إلا شركوكم في الأجر). وفي رواية: (حبسهم عنكم المرض).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1911)، وابن ماجه في «سننه» (2765)، وأحمد في «المسند» (14208)، و(14675)، وابن حبان في «صحيحه» (4714)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (7453)، و(7454)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1028)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص168)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص24)، وسعيد بن منصور في «السنن» (2310)، وأبو يعلى في «المسند» (2291)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص28) من طرق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبدالله t به.
وأخرجه أحمد في «المسند» (14675)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1057) من طريق ابن لهيعة عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبدالله t قال: (بعدما رجعنا من غزوة تبوك، قال r: إن بالمدينة لأقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا، إلا كانوا معكم، حبسهم المرض).
وابن لهيعة توبع.
فمعنى الحديث: أن الإنسان إذا نوى العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس، لعذر؛ كمرض فيه، أو لخوف مرض يصيبه في جسمه، أو ما أشبهه، فإنه يكتب له أجر ما نوى([622])، والله الموفق.
قلت: وهذا يدل على أن الإنسان إذا هم بفعل العمل الصالح، وأراده، وقصده، لكنه عجز عنه، أو حال دون ذلك حائل أنه يكتب له هذا العمل، كما لو أنه عمله.
وقوله r: (إلا شركوكم في الأجر)؛ هذا يعني: أنهم يستوون معهم في الأجر، والثواب عند الله تعالى، ما دام حبسهم العذر. ([623])
وبوب الإمام النووي في «المنهاج» (ص501)؛ باب: ثواب من حبسه عن الغزو مرض، أو عذر آخر.
قلت: وهذا الحديث يدلك على أن الإنسان يبلغ بنيته ما لا يبلغه بعمله: إن كانت نيته صادقة. ([624])
فقوله r: (وهم معكم حبسهم العذر)؛ يعني: المرض، : (إلا شركوكم في الأجر)؛ يعني: أنهم يودون أن يشاركوكم، وأنهم نيتهم معكم، لكن حبسهم المرض عن فعل العبادة.
قلت: فالإنسان الذي يحبسه المرض عن الصلاة في المسجد، أو الجهاد، أو غير ذلك، فيكون له أجره كاملا، كأنه صلى مع الناس في المسجد، وكأنه جاهد مع الناس بسبب النية الحسنة، والعذر الشرعي. ([625])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج6 ص47): (المراد: بالعذر ما هو أعم من المرض، وعدم القدرة على السفر). اهـ
وبوب الإمام ابن ماجه في «السنن» (ج4 ص58)؛ باب: من حبسه العذر عن الجهاد.
قلت: وهذا بمثله من حبسه العذر عن الصلاة في المسجد.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص36): (فمعنى الحديث: أن الإنسان إذا نوى العمل الصالح، ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له أجر ما نوى.
* أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر؛ أي: لما كان قادرا كان يعمله، ثم عجز عنه فيما بعد؛ فإنه يكتب له أجر العمل كاملا، لأن النبي r قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا». ([626])
* فالمتمني للخير، الحريص عليه؛ إن كان من عادته أنه كان يعمله، ولكنه حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملا.
فمثلا: إذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس؛ كنوم أو مرض، أو ما أشبهه؛ فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماما من غير نقص.
وكذلك، إذا كان من عادته أن يصلي تطوعا، ولكنه منعه منه مانع، ولم يتمكن منه؛ فإنه يكتب له أجره كاملا، وكذلك إن كان من عادته أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ثم عجز عن ذلك، ومنعه مانع، فإنه يكتب له الأجر كاملا.
وغيره من الأمثلة كثيرة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج9 ص398): (هذا مما يدل على أن الإنسان يبلغ بنيته مبلغ العمل، فإذا تخلف عن الجهاد لعذر مرض، أو غيره؛ فإنه يكتب له أجر الغازي في سبيل الله.
ولكن: إذا كان له عذر يمنعه من الغزو ببدنه؛ فهناك غزو آخر بالمال، والمعاونة داخل البلد -مثلا-، فإذا ما يقدر عليه، فإنه يكتب له أجر العامل كاملا، ولهذا قال النبي r: (إلا كانوا معكم)؛ والمعية تقتضي المصاحبة، والمقارنة). اهـ
قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج13 ص61): (وفي هذا الحديث: فضيلة النية في الخير، وأن من نوى الغزو، وغيره من الطاعات؛ فعرض له عذر منعه، حصل له ثواب نيته). اهـ
3) وعن أبي يزيد معن بن يزيد الأخنس t قال: (كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت: فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمه إلى رسول الله r، فقال r: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1422)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص470)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص34) من طريق إسرائيل، حدثنا أبو الجويرية، أن معن بن يزيد t به.
وبوب عليه الإمام البخاري في «صحيحه» (ص230)؛ باب: إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر.
* وحديث معن بن يزيد بن الأخنس t قال: تصدق أبي، وهو: يزيد بن الأخنس t، بدراهم جعلها عند إنسان في المسجد للفقراء.
فجاء معن t، وهو محتاج، فأخذها، فقال له أبوه: ما أردتك، أردت فقراء آخرين، فخاصمه إلى النبي r.
فقال له النبي r: (لك ما أخذت يا معن، ولك ما نويت يا يزيد).
وهذا من فضل النية الصادقة في الأعمال، وأن الأعمال تؤجر عليها بحسب النية، إذا عجزت، أو منعت، إن كانت نيتك صالحة بلغت بك مبلغ العاملين المأجورين. ([627])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص39): (هذا الحديث: في قصة معن بن يزيد، وأبيه ﭭ، أن أباه يزيد أخرج دراهم عند رجل في المسجد ليتصدق بها على الفقراء، فجاء ابنه معن فأخذها، وربما يكون ذلك الرجل الذي وكل فيها لم يعلم أنه ابن يزيد، ويحتمل أنه أعطاه لأنه من المستحقين.
* فبلغ ذلك أباه يزيد، فقال له: «ما إياك أردت»؛ أي ما أردت أن أتصدق بهذه الدراهم عليك، فذهب إلى رسول الله r، فقال النبي r: «لك يا يزيد ما نويت، ولك يا معن ما أخذت».
فقوله عليه الصلاة والسلام: «لك يا يزيد ما نويت»؛ يدل على أن الأعمال بالنيات، وأن الإنسان إذا نوى الخير حصل له، وإن كان يزيد لم ينو أن يأخذ هذه الدراهم ابنه، لكنه أخذها؛ وابنه من المستحقين؛ فصارت له، ولهذا قال النبي r: «لك يا معن ما أخذت».
* ففي هذا الحديث: دليل لما ساقه المؤلف من أجله أن الأعمال بالنيات، وأن الإنسان يكتب له أجر ما نوى؛ وإن وقع الأمر على خلاف ما نوى، وهذه قاعدة).اهـ
قلت: فهذه الأحاديث كلها تبين عظم شأن النية، وأنها تبلغ صاحبها مبلغ العاملين إذا عجز عن العمل، أو منع من العمل في مكان خاص؛ بمثل: «الصلاة» في المساجد ([628])، ولم يستطع القيام بالعمل.
* فالنية تقوم مقام هذا العمل في حصول الأجر بما عجز عنه، أو منع منه، فيؤجر على نيته إن كانت لله تعالى.
فالعاجز عن العمل: نيته تجعله مع العاملين بنيته الطيبة.
* والممنوع من العمل: نيته تجعله مع العاملين في أي: مكان منع منه لضرر متحقق في ذلك المكان؛ بمثل: «المسجد»، منع من مرض حبسه عن الإتيان إليه لتأدية الصلاة في المسجد.
4) وعن عمر بن الخطاب t، قال: قال رسول الله r: (إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى) وفي رواية: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص9 و135)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1515)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص651)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص179)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص81 و82)، وفي «المجتبى» (ج1 ص58)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص25 و43) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي، أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي، يقول: سمعت عمر بن الخطاب t به.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج9 ص391): (وهذا الحديث الذي هو: حديث عمر بن الخطاب t، يكون في جميع الأعمال، وجميع الأخلاق؛ فإن الإنسان قد يصل بنيته الصالحة إلى ما لم يصل إليه كثير من الناس). اهـ
قلت: هذا الحديث فيه ثمرة النية، فإن نوى خيرا كتب له، وإن لم يفعله.
5) وعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (من طلب الشهادة صادقا أعطيها، ولو لم تصبه). وفي رواية: (من سأل الله صادقا من قلبه أعطيها، ولو لم تصبه).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1908)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج5 ص83)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص368)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (183)، والمخلص في «المخلصيات» (3/ ق146 /ط)، و(ج1 ص300 و301)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (1080)، وفي «تاريخ دمشق» (ج53 ص332)، وابن المطرز في «فوائده» (121)، والخشاب في «حديثه» (28)، والدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج1 ص163-الأطراف)، وأبو يعلى في «المسند» (ج6 ص106)، والآجري في «الثمانين» (32)، وضياء الدين المقدسي في «المنتقى من مسموعاته بمرو» (ق/39/ط)، وأبو الفضل الزهري في «حديثه» (713)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (6) من طريق حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك t به.
وقال البغوي: هذا حديث صحيح.
وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج1 ص274)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج1 ص477).
قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص334): (قوله r: «من طلب الشهادة صادقا أعطيها، ولو لم تصبه»؛ وفي رواية: «بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه»؛ مما تقدم، معناه: من تبليغ من نوى خيرا، واعتقد فعله أجر ما نواه، وإن عاقه عندنا عنه عائق، تفضلا من الله تعالى، وأجرا على نيته).اهـ
6) وعن سهل بن حنيف t أن النبي r قال: (من سأل الله الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه). وفي رواية: (صادقا من قلبه).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1909)، والترمذي في «سننه» (1653)، والنسائي في «السنن الكبرى» (4355)، وفي «المجتبى» (ج6 ص36)، وابن ماجه في «سننه» (2797)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج5 ص82 و83)، والطبراني في «المعجم الكبير» (5550)، وفي «المعجم الأوسط» (ج3 ص258)، وفي «الدعاء» (2015)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص125)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج3 ص103)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص77)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (184)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص169 و170)، وابن حبان في «صحيحه» (3192)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ج2 ص805)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج6 ص264)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص338)، وضياء الدين المقدسي في «المنتقى من مسموعاته بمرو» (ق/152/ط) من طرق عن عبد الرحمن بن شريح أبي شريح، أن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف حدثه عن أبيه، عن جده به.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ([629])
وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن سهل بن حنيف؛ إلا بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: حديث سهل بن حنيف حديث حسن غريب.
وقال الحافظ البغوي في «شرح السنة» (ج10 ص369): «وصح عن سهل بن حنيف t».
وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج3 ص622)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص91).
قلت: وهذا الحديث يدل على عظم شأن النية في الدين.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج9 ص396): (فإذا سأل الله عز وجل: أن يمن عليه بالشهادة، لكن بصدق، فإن الله تعالى يبلغه منازل الشهداء). اهـ
وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج13 ص60): (ومعناهما جميعا: أنه إذا سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء، وإن كان على فراشه، وفيه استحباب سؤال: الشهادة، واستحباب نية الخير). اهـ
* ومنه:
قال تعالى: ]لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر[ [النساء: 95].
7) وعن أبي إسحاق؛ أنه سمع البراء t يقول: في هذه الآية: ]لا يستوي القاعدون من المؤمنين[ ]والمجاهدون في سبيل الله[ [النساء: 95] فأمر رسول الله r زيدا، فجاء بكتف فكتبها، فشكا إليه ابن أم مكتوم ضرارته، فنزلت: ]لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر[ [النساء: 95]).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (2831)، و(4593)، و(4990)، ومسلم في «صحيحه» (1898)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج3 ص1043)، والطبري في «جامع البيان» (ج7 ص366 و368)، ويحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج1 ص398 و399) من طريق شعبة بن الحجاج، ومسعر؛ كلاهما: عن أبي إسحاق به.
8) وعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]غير أولي الضرر[ [النساء: 95]؛ قال: (أهل العذر).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (3952)، والطبري في «جامع البيان» (10251) من طريق أبي صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص204).
قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص321): (وفي الآية، والحديث: دليل أن من حبسه عن طاعة: عذر، أو غلبه نوم، أو مرض، فله أجر). اهـ
وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج6 ص320): (في الآية: دليل على أن الأجور على قدر الأعمال، وأن الذي لا يجاهد ليس له ثواب المجاهد، إلا من منعه: عذر، فله بقدر نيته: كما قال تعالى: ]غير أولي الضرر[ [النساء: 95]).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
الخاتمة
قال تعالى: ]يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا[ [النساء: 120].
ذكر الدليل على أن إذا رخص الله تعالى للمسلمين رخصة من وباء مهلك وقع في بلدانهم، وخيف من انتشار العدوى بسببه، ومن الخوف من هلاكهم في انتشاره في المساجد، وغيرها، فتكون العبادات بجميع أنواعها؛ عند الله تعالى لرخصة منه سبحانه: من صلاة جماعة، ونفل، وذكر، ودعاء، وقراءة قرآن وغير ذلك، فتأديتها في مساجد البيوت، أعظم للأجر، وأفضل من تأديتها في المساجد في الخارج؛ لأنها بأمره سبحانه رخصة لعباده، والله تعالى يحب للعباد أن تؤتى رخصه من قبل عباده؛ بشرط أن يحتسبوا الأجر، ويصبروا على البلاء، فتنقلب أفضلية العبادة من المساجد إلى أفضليتها في البيوت([630])، فافهم لهذا ترشد
1) عن عائشة ڤ، زوج النبي r، قالت: سألت رسول الله r عن الطاعون، فأخبرني (أنه عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة([631]) للمؤمنين، ليس من أحد يقع الطاعون، فيمكث في بلده صابرا محتسبا([632])، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد). وفي رواية: (ويمكث فيه لا يخرج من البلد). وفي رواية: (فيقيم ببلده إيمانا واحتسابا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (3474)، و(5734)، و(6619)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج7 ص68)، وأحمد في «المسند» (ج40 ص417)، و(ج42 ص118)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص376)، والبغوي في «شرح السنة» (ج5 ص253)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص521)، وقوام السنة الأصبهاني في «الحجة في بيان المحجة» (ج2 ص29)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج14 ص356)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (1358)، و(1768)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج8 ص251)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح»([633]) (ج3 ص296)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج7 ص487)، وشيبان بن فروخ في «المجلس السادس من حديثه» (ق/14/ط)، ومحمد بن الفضل الفراوي في «الأربعين المخرجة» (ق/31/ط) من طريق موسى بن إسماعيل، وحبان بن هلال الباهلي، والنضر بن شميل، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن يزيد المقرئ، ويونس بن محمد، وشيبان بن فروخ، وعارم؛ كلهم: عن داود بن أبي الفرات، حدثنا عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن عائشة ڤ به.
2) وعن يحيى بن يعمر، عن عائشة ڤ، أنها قالت: سألت رسول الله r عن الطاعون؟ فأخبرني رسول الله r: (أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء، فجعله رحمة للمؤمنين، فليس من رجل يقع الطاعون، فيمكث في بيته صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد). هكذا قال: (في بيته)، ولم يقل: (في بلده).
أخرجه أحمد في «المسند» (ج43 ص235)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (317) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي([634]) قال: حدثنا داود بن أبي الفرات قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن يحيى بن معمر به.
قلت: وهذا سنده صحيح؛ تفرد به: عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي([635])، وهو: «ثقة عدل»، ثبت في شعبة بن الحجاج، ويحتمل التفرد بمثل هذه الزيادة، لوجود أصلها في معنى الحديث، وأن المراد بالمكث في البلد، هو المكث في البيوت، وهذا المعنى يقتضي الجلوس في البيوت في البلد، فلا تعارض بين: المكث في البلد، والمكث في البيت، فالمتن: صحيح، لا مطعن فيه.
وذكر هذه الرواية: الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص193)، وسكت عنها؛ فهي على شرطه أنه لا يسكت إلا عن زيادة صحيحة، أو حسنة.
بدليل: أنه ذكر الحديث: بهذا اللفظ في «بذل الماعون في فضل الطاعون» (ص199)، وبوب عليه: ذكر ما يشترط لتحصيل الشهادة بالطاعون.
إذا فالمرضالمعدي إذا وقع في البلد، فمكث العبد في بيته؛ صابرا، محتسبا؛ كان له مثل أجر شهيد، ولو لم يمت في هذا المرض المعدي.
والمراد بالطاعون: أنه كل وباء عام مهلك يسمى في القديم، ولا بأس في الجملة يسمى في الجديد.([636])
قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص200): (فمقتضى هذا الحديث بمنطوقه ومفهومه: أن أجر الشهيد؛ إنما يكتب لمن لم يخرج من البلد الذي يقع به الطاعون.
وأن يكون في حال إقامته قاصدا بذلك ثواب الله تعالى، راجيا صدق موعوده.
وأن يكون عارفا؛ أنه إن وقع له؛ فهو بتقدير الله تعالى، وإن صرف عنه فهو بتقدير الله تعالى.
وأن يكون غير متضجر به أن لو وقع به، فإذا وقع به؛ فأولى أن لا يتضجر، وأن يعتمد على ربه في حالتي صحته وعافيته.([637])
فمن اتصف بهذه الصفات: مثلا فمات بغير الطاعون، فإن ظاهر الحديث أنه يحصل له أجر الشهيد .
وقد قلنا: إن درجات الشهداء متفاوتة). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص200): (ويتفرع من هذا: أن من اتصف بالصفات المذكورة، وذهب الطاعون، ولم يمت به، ولا في زمنه، هل يكون شهيدا أو لا؟؛ ظاهر الحديث يعم، وفضل الله واسع، ونية المؤمن أبلغ من عمله).([638]) اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص202): (ومما يستفاد من مفهوم حديث عائشة ڤ: أن من لم يتصف بالصفات المذكورة لا يكون شهيدا، ولو مات بالطاعون، فضلا عن أن يموت بغيره). اهـ
قلت: فمن اتصف بالصفات المذكورة مات أو لم يمت، فيكون له أجر شهيد إذا صبر، واحتسب.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص194): (مفهوم هذا الحديث كما اقتضى منطوقه أن من اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد، وإن لم يمت بالطاعون). اهـ
قلت: ومن مات بالوباء المهلك لا يعتبر شهيدا في أحكام الدنيا. ([639])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج7 ص245): (لكنه لا يعتبر شهيدا في أحكام الدنيا؛ لأن الشهيد في أحكام الدنيا هو المقتول في سبيل الله فقط، وغيره يكون شهيدا في الآخرة). اهـ
قلت: وإذا فر المسلم من الوباء لأمر الله تعالى، وأمر رسوله r، واتخذ الوسائل السليمة للتحرز من إصابة هذا الوباء على قدر استطاعته، ثم أصابه هذا الوباء ومات، فيعتبر شهيدا في الإسلام إذا احتسب الأجر عند الله تعالى، وصبر على هذا الوباء.([640])
قال الفقيه الكلاباذي / في «معاني الأخبار» (ج2 ص797): (إن الله تعالى اختص المؤمن لنفسه، وصرفه في محابه، وجعل كل أحواله خيرا له، وأراد به الخير في كل ما أصابه من ضراء، أو سراء، وألم ولذة، وقيض له من يواليه إرادة الخير به). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص145): (فإن درجات الشهداء متفاوتة). اهـ
3) وعن أبي هريرة t: أن رسول الله r قال: (الشهداء خمسة: المطعون([641])، والمبطون([642])، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله). وفي رواية: (المبطون شهيد، والمطعون شهيد). وفي رواية: (والغريق شهيد).
أخرجه البخاري في «صحيحه» و(720)، و(2829)، و(5733)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص190 و191)، ومسلم في «صحيحه» (1914)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (328)، والترمذي في «سننه» (1063)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص324)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (243)، وابن حجر في «بذل الماعون في فضل الطاعون» تعليقا (ص180)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص412)، و(ج6 ص360)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص293)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص13)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7528)، والحدثاني في «الموطأ» (105)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج3 ص297)، وابن حبان في «صحيحه» (3188)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (9878)، والقعنبي في «الموطأ» (178)، وابن بشكوال في «غوامض الأسماء المبهمة» (ج2 ص858) من طريق سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح، عن أبي هريرة t به.
وبوب الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص42)؛ باب: الشهادة سبع سوى القتل.
وبوب الحافظ ابن حجر في «بذل الماعون» (ص180)؛ ذكر الأخبار الواردة في أن الشهادة لا تختص بالقتل في المعركة.
4) وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن([643]) فهو شهيد).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (1915)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص109)، وابن ماجه في «سننه» (2804)، وعبد الرزاق في «المصنف» (9574)، وابن حبان في «صحيحه» (3186)، و(3187) من طريق معمر، وجرير، ووهيب؛ كلهم: عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة t به.
5) وعن أنس بن مالك t، عن النبي r قال: (الطاعون شهادة لكل مسلم).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (2830)، و(5732)، ومسلم في «صحيحه» (1916)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص150 و220)، والطيالسي في «المسند» (2227)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج5 ص97)، والبغوي في «شرح السنة» (1441)، وابن خزيمة في «التوكل» (ج2 ص412-الإتحاف)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج3 ص296)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج6 ص361)، وأبو القاسم البغوي في «نسخة عبد الله بن عون الخراز» (ص44) من طرق عن عاصم، حدثتني حفصة بنت سيرين، قالت: قال لي أنس بن مالك t به.
قلت: فالوباء شهادة لكل مسلم.([644])
قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص146): (الشارع قد رتب الثواب على صفة معينة، فإذا حصلت للمؤمن عند موته حصل له ذلك الثواب، فضلا من الله وإحسانا ووفاء بوعد الله، والله لا يخلف الميعاد. وليس للشهادة معنى إلا أن الله تعالى يثيب من حصلت له ثوابا مخصوصا، ويكرمه كرامة زائدة). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
فضيحة عبد الرحمن بن عبد الخالق الراهب أمام الملأ، وأنه ينادي على نفسه أنه على فكر: «أحبار اليهود»، و«رهبان النصارى»، و«فكر الخوارج»، و«فكر الرافضة»؛ في تقريره بـ«المظاهرات»، و«الاعتصامات»، و«المسيرات» الغوغائية؛ وبهذا فإنه اتبع سنة أهل الجاهلية، فوقع في الفخ، ولابد...................................................... |
21 |
2) |
جوهرة نادرة الذي لا يرخص في الأحكام لما رخص له الله تعالى، ورسوله؛ عنادا، واستكبارا، فهذا يعتبر ملحدا في الدين؛ لأن هذا من الغلو في الإسلام....................................................................................... |
52 |
3) |
درة نادرة................................................................................................... |
55 |
4) |
تصريح قطبي بوجود الجماعة القطبية الحزبية وشهد شاهد من أهلها......................................................................................................... |
62 |
5) |
أين أنت عن دعاة الفتن، وما نشروا من الفتن في بلدان المسلمين لم ترد عليهم، ولم تحذر منهم.................................................................... |
63 |
6) |
ذكر الدليل على تأصيل قاعدة: «العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب»..................................................................................................... |
66 |
7) |
درة نادرة في بيان حال الفرقة التراثية مع الإسلام والمسلمين في البلدان الإسلامية وأنها أسست التحزب المقيت في أتباعها الهمج........................................................................................................ |
76 |
8) |
المدعو: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» هذا من أهل الأهواء والبدع؛ فإنه لا يكتب له إلا ما وافق هواه، أما الذي يخالف هواه فلا يكتبه، وإن ثبت في الكتاب والسنة والأثر، ومراده فيما يكتب إيقاع الفتنة بين الأمة في البلدان، بأي طريقة ماكرة فاحذروه؛ فإنه شيطان...................................................................................................... |
80 |
9) |
ذكر الدليل على أن: «سيد بن قطب» ألغى صلاة: «الجماعة»، وصلاة: «الجمعة» مطلقا في المساجد كلها، وعطل العبادات فيها، وأطلق على المساجد أنها معابد جاهلية، وكفر الأمة الإسلامية في جميع البلدان، وألغى الدين كله، ومع ذلك لم ينتقده: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» بشيء طول حياته، ثم يدعي أن البلدان الإسلامية في هذا الزمان منعوا: «الجماعة» و«الجمعة» في المساجد، وهم أخذوا بالرخصة الشرعية في ذلك، لكن أين أنت عن تعطيل: «سيد بن قطب» لدين الله تعالى بأكمله، فلم يتكلم عليه، وهذا هو الخذلان: (إن هذا لشيء عجاب) [ص: 5] ............. |
85 |
10) |
ذكر الدليل على طعن: «عبد الرحمن بن عبدالخالق» في علماء الأمة، والسخرية منهم، ورميهم بأبشع الألفاظ، وقد علم الداني والقاصي، أنه هو الذي يستحق هذه الألفاظ لجهله بالدين مطلقا، وقد تبين له في مر الدهور أن العلماء هم الذين فهموا الإسلام على أصوله، وقواعده في المنهج، والدعوة، والتربية، والأصول، والأحكام، وهم: أعلم الناس بفقه الواقع، وأنهم برهنوا للناس أنهم على مستوى العصر في جميع ما ثبت في الدين والدنيا معا، وأنهم كشفوا للبلدان الإسلامية في العالم ما يخطط له الأعداء في الداخل والخارج، وقد أبدوا نصحهم للناس في العالم على التفصيل وقد شهد بذلك الداني والقاصي: (فهل من مدكر) [القمر: 15] ........................................................................................... |
99 |
11) |
ذكر الدليل على أن: «سيد بن قطب» ألغى صلاة: «الجمعة في المساجد» مطلقا، وعطل العبادات فيها كلها، ومع ذلك لم ينتقده: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» بشيء طول حياته، ثم يدعي أن في هذه الأيام عطت صلاة: «الجمعة»؛ ورغم ذلك كان من رخصة شرعية: (إن هذا لشيء يراد) [ص: 6]................................................. |
110 |
12) |
ذكر الدليل على أن : «عبد الرحمن بن عبد الخالق» القطبي يسير على خطى: «سيد بن قطب» التكفيري من نشر تعاليم الفكر الخارجي، وتهييج الناس على حكامهم، والخروج عليهم، وزرع الفتن في أوساط المسلمين، بل: إن «سيد بن قطب» التكفيري ألغى صلاة: «الجماعة»، و«الجمعة» في المساجد مطلقا، وعطل العبادات فيها، وأطلق على المساجد أنها معابد جاهلية، وكفر الأمة الإسلامية في جميع البلدان، وألغى الدين كله، ومع ذلك لم ينتقده: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» بشيء طول حياته، ثم يدعي أن البلدان الإسلامية منعوا: «الجماعة»، و«الجمعة» في المساجد، وهم: أخذوا بالرخصة الشرعية في ذلك، لكن أين أنت عن تعطيل: «سيد بن قطب» لدين الله بأكمله، لم يتكلم عليه بشيء، وأنت مخذول في ذلك...................................................................................... |
113 |
13) |
ذكر الدليل على تحذير الشارع من الدعاة الجهال في هذا العصر؛ منهم: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الجاهل، وما ترتب لهم من الخذلان في الحياة الدنيا، والوعيد الشديد بالعذاب بالنار يوم القيامة وأن وجود هؤلاء بين الناس علامة من علامات الساعة، وذلك لتدخلهم في الدين بغير علم وبصيرة في الدعوة إلى الله تعالى، ولما أحدثوا من الفوضى، والفتن بين المسلمين في الدين................. |
185 |
14) |
ذكر الدليل على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت لأهالها، ليصلوا فيها الفرائض عند الأعذار، ويصلوا فيها النوافل لما شرعت صلاتها في البيوت، وصلاة النساء للفريضة والنافلة في مساجد البيوت وأن يذكر فيها اسم الله تعالى، ويقرأ فيها القرآن، وغير ذلك من العبادات، وهذا يدل على أن اتخاذ المساجد في البيوت له أصل في الشريعة المطهرة، وفي هذا قمع «لعبد الرحمن بن عبد الخالق» لمخالفته سنن الهدى.................................................. |
220 |
15) |
ذكر الدليل على مشروعية الأخذ بالرخص الشرعية في الدين؛ من خوف مرض، أو غيره، وفي هذا قصم: «لعبد الرحمن بن عبد الخالق» الهالك....................................................................................... |
237 |
16) |
ذكر الدليل على سنية التخلف عن: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد لعذر الخوف من المرض المعدي المؤذي للناس، والذي متوقع انتشاره في البلد، وثبوت الرخصة في الشريعة المطهرة، لأن الشريعة وضعت للتيسير، والرفق بالمؤمنين، وهذا فيه قمع لـ«عبد الرحمن بن عبد الخالق» المتشدد............................... |
257 |
17) |
ذكر الدليل على أن: «عبد الرحمن بن عبد الخالق الراهب»، هذا من: «الرهبان» الذين يعبدون الله تعالى في دينه بالبدع، والجهل المبين، بل أن هذا الرجل يعبد الله على حرف، وأن هذه: «الرهبنة» ضل بسببها من القديم، وبقي عليها إلى الآن هو، وأتباعه: «الرهبان»، فهو على ضلاله القديم هو: وأتباعه، وأن هذا: «الراهب»؛ ليس بقدوة في الدعوة إلى الله، ولا أتباعه: «الرهبان».................................................................................................. |
290 |
18) |
ذكر الدليل على أن: «عبدالرحمن بن عبدالخالق» الإخواني في عدم ترخصه في ترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد؛ بعذر الخوف من الأمراض الفتاكة، عنادا، ومكابرة، وإصرارا، أنه جعل نفسه أتقى، وأخشى من النبي في أخذه بالرخص في الخوف، وغيره في الشريعة المطهرة...................................................................... |
392 |
19) |
ذكر الدليل من القرآن الكريم على وجوب الصلاة في البيوت بعذر الخوف الذي يأتي بسببه الضرر على النفس، ومن أي: نوع من الخوف، من مرض يعدي، أو سبع، أو مفسدة مهلكة، أو حرب، وبنحو ذلك، وترك: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وتقرير تفسيرات الصحابة، والتابعين في الأحكام، ونقض الاجتهاد الفاسد في الدين، وفي هذا زجر: «لعبد الرحمن بن عبد الخالق» الخارجي، وبيان جهله بالفقه في الدين في الأصول والفروع..................................................................................... |
401 |
20)
|
ذكر الدليل على جواز الفرار من الوباء المعدي في البلد، باتخاذ جميع الوسائل الطبية للفرار منه، خاصة الفرار من الأماكن التي يزدحم فيها الناس؛ منها: المساجد للتحرز من إصابة المرض؛ بأنواع الاحترازات الشرعية والاجتماعية، والطبية، واستفراغ الوسع في التوقي من الوباء المعدي، والوقاية منه بالطرق السليمة؛ لما يخشى على أنفسهم من الهلاك، لذلك يجوز أن يتركوا الصلاة في المساجد، وإن يصلوا في بيوتهم، من أجل رخصة الله تعالى الشرعية للناس، وقد أجمع على هذا الحكم الصحابة، والسلف، والعلماء قديما وحديثا........................................................................... |
432 |
21) |
ذكر الدليل من السنة النبوية على أن المسلمين قد حبسوا عن الصلاة في المساجد في هذه الأيام؛ لعام: «1441هـ»، وصلوها في بيوتهم؛ فحبسهم العذر الشرعي، وهو انتشار الوباء في بلدانهم، فتخلفوا عن: «صلاة الجماعة»، و«صلاة الجمعة» في المساجد، وهم: معذورون بذلك، وقد حصلوا على أجرهم بالكامل عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وإن لم يصلوا في المساجد............................ |
460 |
22) |
ذكر الدليل على أن إذا رخص الله تعالى للمسلمين رخصة من وباء مهلك وقع في بلدانهم، وخيف من انتشار العدوى بسببه، ومن الخوف من هلاكهم في انتشاره في المساجد، وغيرها، فتكون العبادات بجميع أنواعها؛ عند الله تعالى لرخصة منه سبحانه: من صلاة جماعة، ونفل، وذكر، ودعاء، وقراءة قرآن وغير ذلك، فتأديتها في مساجد البيوت، أعظم للأجر، وأفضل من تأديتها في المساجد في الخارج؛ لأنها بأمره سبحانه رخصة لعباده، والله تعالى يحب للعباد أن تؤتى رخصه من قبل عباده؛ بشرط أن يحتسبوا الأجر، ويصبروا على البلاء، فتنقلب أفضلية العبادة من المساجد إلى أفضليتها في البيوت، فافهم لهذا ترشد.......................................... |
477 |
([1]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص40 و41)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([5]) وهذا يدل على قلة علمه، وقصور فهمه، وفشو جهله، وظهور فتنة بين الناس، وأنه من المفسدين في الأرض، نعوذ بالله من فتنة المضلين.
قال تعالى: ]إن الله لا يصلح عمل المفسدين[ [يونس: 81].
([6]) انظر: لـ«مقال» لعبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «14-رمضان- 1434هـ»؛ بعنوان: «نداء إلى علماء الأمة الإسلامية، وشعوبها وقادتها انصروا شعب مصر».
([7])انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص40 و41)؛ على أباطيل دعوة: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([8]) ثم رجع يحرض: «الغوغاء»، و«الرعاع»!، ويأمر بالقتل، ويفسد في الأرض، ويحارب الله تعالى، ورسوله r، والمؤمنين، والله المستعان.
قال تعالى: ]ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون[ [البقرة: 27].
وقال تعالى: ]من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا[ [المائدة: 32].
وقال تعالى: ]إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم[ [المائدة: 33].
([9]) ثم عاد يأمر بالإفساد في الأرض، ويعلن بزعمه بالجهاد في سبيل الله بمصر!.
قال تعالى: ]ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض[ [المؤمنون: 71].
وقال تعالى: ]فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض[ [محمد: 22].
وقال تعالى: ]وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد[ [البقرة: 205].
وقال تعالى: ]ولا تعثوا في الأرض مفسدين[ [الأعراف: 74].
وقال تعالى: ]يخربون بيوتهم بأيديهم[ [الحشر: 2].
وقال تعالى: ]آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين[ [يونس: 91].
فلقد أكثر هذا الرجل من تقرير الفساد في الأرض في طول حياته، واستمر عمله على هذا أنه هو الإصلاح في الأمة، نعوذ بالله من الخذلان: ]في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا[ [البقرة: 10].
قال تعالى: ]وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون[ [البقرة: 11، 12].
([11]) انظر: لـ«مقال» لعبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «14-رمضان- 1434هـ»؛ بعنوان: «نداء إلى علماء الأمة الإسلامية، وشعوبها وقادتها انصروا شعب مصر».
([12]) فأين: «توبتك المزعومة» في عدم قولك بـ«المظاهرات»، و«الاعتصامات» في الشوارع، وهذا المنهج الذي سلكته؛ هو: منهج «رهبان النصارى»، و«أحبار اليهود»، و«فكر الخوارج»، و«دين الروافض»، و«فتنة القطبية».
قال تعالى: ]والله يعلم المفسد من المصلح[ [البقرة: 220].
([13]) فمن عجيب أمر هذا المدعي؛ أنه كثير المناقضة لنفسه، يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه.
([14]) هكذا يجعل: «المظاهرات» الفوضوية من الدين، وأنها من أساليب النبي r في الدعوة إلى الله، وذلك لأغراضه الشخصية.
فعن الإمام مالك بن أنس / قال: (لرجل؛ يا هذا ما تلاعبت به فلا تلعبن بدينك).
أثر صحيح
أخرجه الغضائري في «حديثه» (ص21)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1538)، واللالكائي في «الاعتقاد» (295).
وإسناده صحيح.
قال تعالى: ]ويل لكل أفاك أثيم[ [الجاثية: 7].
([15]) فماذا تقول الآن؛ فقد نقلنا كلامك كاملا، فهل تدعي إلى الآن أننا نتهمك في دينك، ونحرف كلامك، وننتحل الكذب فيه، ونعمد قطع كلامك، ونفسره بغير مرادك، أو هذا هو منهجك الباطل قديما وحديثا، اللهم غفرا.
قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا[ [الحجرات: 6].
([16]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص20)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([17]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص21)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([18]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص19)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
[19]) هكذا يجعل الإسلام مطية القومية، والوطنية، والأغراض الشخصية تملقا للجماهير المكونة من كل الفئات الخارجية على الدول الإسلامية.
وفي «المجلة السلفية» العدد (7) مقال نافع بعنوان: «سيد بن قطب (أقنوم) الخوارج الجدد وقطبهـم» (ص4- 44) لآل عبدالعزيز.
([20]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص10)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([21]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص46)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([22]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص27)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([23]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص27)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([24]) لأنه رجع عن أخطائه: وهو خائف من الشيخ ابن باز /، والله المستعان.
وأكبر دليل أنه إلى الآن على دعوة: «الإخوان المسلمين»، اللهم غفرا.
([25]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص26)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([26]) انظر: «تنبيهات وتعقيبات» لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (ص25)؛ اعداد: عبد الرحمن بن عبد الخالق؛ بتاريخ: «19-4-1415هـ».
([27]) حيث يرى مشروعية تفرق المسلمين إلى جماعات مختلفة!.
انظر: «أصول العمل الجماعي» لعبد الرحمن بن عبد الخالق (ص10)، و«مشروعية العمل الجماعي» له (ص5 و6).
([33]) ما أشبه الليلة بالبارحة، ووازن بين ما عليه الجماعات الإسلامية اليوم، نعوذ بالله من التعصب الحزبي.
([34]) منهم: «الشيخ ابن باز»، و«الشيخ ابن عثيمين»، و«الشيخ الألباني»، و«الشيخ عبد العزيز آل الشيخ»، و«الشيخ الفوزان»، و«هيئة كبار العلماء ببلد الحرمين برئاسة الشيخ ابن باز»، وغيرهم.
وانظر كتاب: «العلماء يتولون تفنيد الدعاوى السياسية المنحرفة: لعبد الرحمن بن عبد الخالق» (ص11 و14 و18 و38 و45 و46 و60 و63).
([35]) وقد تخوف العلماء قديما من مثل هذه الكتابات من بوادر فتنة، خاصة أن هذه الأفكار التي تتعلق بــ«التكفير، والحاكمية» صار لها واقع ملموس في الدول من قبل الجماعات الحزبية؛ بجميع أنواعها.
([39]) وانظر كتاب: «العلماء يتولون تفنيد الدعاوى السياسية المنحرفة: لعبد الرحمن بن عبد الخالق» (ص45).
([40]) وانظر كتاب: «العلماء يتولون تفنيد الدعاوى السياسية المنحرفة: لعبد الرحمن بن عبد الخالق» (ص47).
([41]) وانظر كتاب: «العلماء يتولون تفنيد الدعاوى السياسية المنحرفة: لعبد الرحمن بن عبد الخالق» (ص61).
([42]) وانظر كتاب: «العلماء يتولون تفنيد الدعاوى السياسية المنحرفة: لعبد الرحمن بن عبد الخالق» (ص63 و64).
([47]) وشعبة، وسفيان: قد سمعا من سماك بن حرب قديما؛ يعني: رواية سفيان، وشعبة عن سماك بن حرب، وهما ممن روى عنه قبل الاختلاط.
وانظر: «الكواكب النيرات» لابن الكيال (ص240).
([48]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن وهب (ج1 ص7)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج9 ص350)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج8 ص169).
([49]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج5 ص107)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج6 ص297)، و«تفسير القرآن» لعبد الرزاق الصنعاني (ج2 ص356)، «تفسير القرآن» لعطاء الخراساني (ص100).
([51]) فالذنب: يغمر القلب حتى يغشاه، فيموت.
وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج24 ص202)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج15 ص299 و300).
([52]) كما تنزه: «عبدالرحمن بن عبدالخالق» الجاهل عن الرخصة الشرعية في هذه الأيام، وهذا يدل على أنه مبتعد عن السنة، ومعرض عنها، ومن تطبيقها بسبب جهله بمعرفة السنة جملة وتفصيلا، كما هو مشاهد منه في حياته كلها.
قال تعالى: ]بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون[ [الأنبياء: 24].
([54]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص278)، و«عمدة القاري» للعيني (ج20 ص217)، و«شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج8 ص181)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج10 ص348)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج4 ص2339)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج15 ص297).
([55]) كما تتصيد الرافضة: الجهال من الناس: «باسم أهل البيت!»، وتتصيد الخوارج: الجهال من الناس: «باسم تطبيق الشريعة والجهاد!»، وتتصيد الربيعية: الجهال من الناس: «باسم السنة والسلفية!»، وتتصيد الأشاعرة: الجهال من الناس: «باسم أهل السنة والجماعة!»، وتتصيد التراثية: الجهال من الناس: «باسم التوحيد والسلفية!»، وتتصيد الإخوانية: الجهال من الناس: «باسم الإسلام والإصلاح والأعمال الخيرية!»، وتتصيد الصوفية: الجهال من الناس: «باسم حب النبي r!»، وتتصيد القطبية: الجهال من الناس «باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر!»، وتتصيد السرورية: الجهال من الناس «باسم السنة!»، وتتصيد الداعشية: الجهال من الناس: «باسم الجهاد!»، وتتصيد التبليغية: الجهال من الناس: «باسم الدعوة!»، وتتصيد الثورية: الجهال من الناس: «باسم التغيير!»، وتتصيد المتنصبة: الجهال من الناس: «باسم العلم والإفتاء بفقه المذاهب!»، وتتصيد المقلدة: الجهال من الناس: «باسم الفقه!»، وهكذا.
([56]) نقله عنه الذهبي في «السير» (ج6 ص340)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج28 ص430)، والشاطبي في «الموفقات» (ج1 ص142).
[57]) من: «القطبيين».
[58]) وهذا صريح من الصاوي بأن هناك جماعة تدعى بـ(القطبية)؛ متمسكة بفهم، وفكر من أنشأها وهو: «سيد بن قطب» الثوري التكفيري.
[59]) «مدى شرعية الانتماء إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية» (ص171).
([61]) وانظر: «الاشباه والنظائر» لابن السبكي (ج2 ص136)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص782)، و«تفسير القرآن» للآلوسي (ج17 ص133)، و«مفاتيح الغيب» للرازي (ج6 ص157)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص343)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص198 و212)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص12)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج3 ص250)، و«القواعد الحسان» للشيخ السعدي (ص18)، و«التعليق على القواعد الحسان» لشيخنا ابن عثيمين (ص18)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج13 ص339)، و«جامع البيان» للطبري (ج2 ص313).
([63]) وانظر: «إرشاد الفحول» للشوكاني (ص232)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص380)، و«المحصول» للرازي (ج1 ص189)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج2 ص163)، و«الإتقان» للسيوطي (ج1 ص85)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج8 ص62)، و«العدة» لأبي يعلى (ج2 ص608).
أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص137)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص265)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص378)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص665).
وإسناده صحيح.
([67]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج1 ص125 و183)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص50)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص582)، (ج8 ص62)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج15 ص364)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص301)، و«إرشاد الفحول» له (ص232)، و«فتح البيان» لصديق خان (ج9 ص191)، و«مفاتيح الغيب» للرازي (ج23 ص194)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص343)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج3 ص179)، و«مناسبات تراجم البخاري» لابن جماعة (ص127).
([68]) وانظر: «الإتقان» للسيوطي (ج1 ص85)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص36)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص50)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص77)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص230)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص198)، و«مناهل العرفان» للزرقاني (ج1 ص129)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص21).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص116)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (104)، وابن هشام في «السيرة النبوية» (ج2 ص172) من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص73)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج1 ص41).
أخرجه عبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص29- الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج1 ص116) من طريق معمر عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص73)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص29).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص116) من طريق محمد بن أبي معشر قال: أخبرني أبي أبو معشر نجيح قال: سمعت سعيدا المقبري يذاكر محمد بن كعب به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
([73]) وانظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (ج2 ص343)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص301)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص582)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج17 ص133)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج1 ص571)، و«مفاتيح الغيب» للرازي (ج17 ص133)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج2 ص164)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج2 ص134)، «العدة» لأبي يعلى (ج2 ص611)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج12 ص25).
([74]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج1 ص190)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص35)، و«المحصول» للرازي (ج3 ص125)، و«الفروق» للقرافي (ج1 ص614)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص161)، و«فتح الرباني» للساعاتي (ج17 ص133)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج2 ص164)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج16 ص110)، «الكواكب الدراري» للكرماني (ج23 ص144).
([76]) وهؤلاء: هم أتباع: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» أخذوا عنه فكر: «سيد بن قطب»، ونشروه، وما زالوا ينشرون هذا الفكر الخبيث، وبه خزبوا أتباعهم، وفرحوا بما عندهم في الحزب في البلدان الإسلامية، نعوذ بالله من الخذلان: ]فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون[ [المؤمنون: 53].
قال تعالى: ]ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم: 31، 32].
وقال تعالى: ]فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم[ [غافر: 83].
([77]) أي: فمن أين تصرفون عن عبادة الله تعالى، وأنتم مقرون بها.
وانظر: «الكشف والبيان» للثعلبي (ج5 ص131).
([78]) قلت: وانقاد: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» بزعمه، ولم يستعص في حكمه: «بالصلاة في المساجد» في الأعذار، فليس ذلك لأجل أنه حكم شرعي، وإنما ذلك لإثارة الفتنة في الأمة، ولأجل موافقة هواه الذي تربى عليه من القديم في جماعة: «الإخوان المسلمين»!.
قال تعالى: ]أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون[ [الجاثية: 23].
([81]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه «الرد على الزنادقة والجهمية»: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ
([82]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم (متفقون على مخالفة الكتاب)؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ
([83]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ
[85]) كما نقل ذلك من كتبهم ورد عليهم العلماء كـ(الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني) وغيرهم.
وانظر: «القطبية هي الفتنة فاحذروها» للعدناني (ص123- ط الثانية).
[86]) وقد تأثر: «سيد بن قطب» بالأفكار الثورية: «بأبي الأعلى المودودي» الإخواني الثوري.
قال إبراهيم الكيلاني – وهو من الإخوان المسلمين -: (إني أحب أن أبين نقطتين في منهج (سيد بن قطب) الأولى: أنه في طريقه لشرح نظام الإسلام وعرضه له، كان متأثرا تأثرا كبيرا بالأستاذ: «أبي الأعلى المودودي»، وهذا ناحية ذكرها: «سيد بن قطب»....). اهـ
انظر: «ندوة الاتجاهات» (ص560- ط مكتب التربية العربي لدول الخليج) سنة (1407هـ)، و(1987)، وهكذا قال: «محمد بن قطب» في شريط بعنوان (سيد بن قطب).
[87]) انظر: «ندوة الاتجاهات» (ص536- ط مكتب التربية العربي لدول الخليج).
[88]) هكذا يطلق على الناس كافة بأنهم: ارتدوا عن الإسلام، اللهم غفرا.
[89]) هذا تكفير القطبيين للمجتمعات الإسلامية قاطبة.
[90]) قلت: وللتكفير أصول وشروط يجب تركه للراسخين في العلم.
قال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ – مفتي بلاد الحرمين – في صحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ (21/4/2001): (التكفير أمر خطير، يجب على المسلمين عدم الخوض فيه، وتركه لأهل العلم الراسخين). اهـ
[91]) يعني: مساجد المسلمين، أليس هذا منه سعيا في تخريب مساجد الرحمن، وتعطيل أعظم شعائر الإسلام، فأين أنت عن ذلك يا عبد الرحمن بن عبد الخالق!.
[92]) يعني: المجتمعات الإسلامية.
ولذلك كان: «سيد بن قطب» يعتزل المجتمع؛ لأنه في نظره كافر، ويضرب له خيمة في البر، ويسكن فيها لوحده؛ كما ذكر ذلك علي العشماوي – وهو آخر قادة الإخوان المسلمين – في كتابه: «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112).
[93]) قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص61): (... ومعنى: «لا إله إلا الله» أعم من ذلك... وأما تفسيرها: «بالحاكمية»، فتفسير قاصر لا يعطي معنى: «لا إله إلا الله»... والواجب أن يقال: لا معبود بحق إلا الله؛ كما قال تعالى:﴿Ï9ºs cr'Î/ ©!$# uqèd ,ysø9$# cr&ur $tB cqããôt `ÏB ¾ÏmÏRrß uqèd ã@ÏÜ»t6ø9$# ﴾.اهـ
[94]) والفرقة القطبية: على فكره الخارجي؛ نعوذ بالله من الخذلان.
وفي «المجلة السلفية» العدد (7)؛ مقال نافع؛ بعنوان «سيد بن قطب (أقنوم) الخوارج الجـدد وقطبهـم» (ص4-44) لآل عبد العزيز.
[95]) هكذا يجعل الإسلام مطية القومية، والوطنية، والأغراض الشخصية تملقا للجماهير المكونة من كل الفئات الخارجية على الدول الإسلامية.
وفي «المجلة السلفية» العدد (7) مقال نافع بعنوان: «سيد بن قطب (أقنوم) الخوارج الجدد وقطبهـم» (ص4- 44) لآل عبدالعزيز.
[96]) انظرو كيف يكفر المجتمعات الإسلامية!!!.
[97]) فهل ترى شبيها: لدعوة: «سيد بن قطب» التكفيري في سير الرسل عليهم السلام، وأتباعهم.
وهذا يدل على مدى الهوة بين هذا الرجل الثوري، وبين علماء المسلمين، ويدل أن حركته سرية تنظيمية ثورية قاتلة لشباب الأمة... لا تستمد دعوته من الإسلام... وإنما استمدت من حركة: «الاخوان المسلمين» البدعية التي تقلب فيها ثم نكب بها الإسلام والمسلمين، والله المستعان.
[98]) بل زعم: «سيد بن قطب» في «معالم على الطريق» (ص22- ط الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، الكويت، ط الرابعة) بأن معنى (لا إله إلا الله) ثورة على السلطان... وثورة على الأوضاع... وخروج على السلطات التي تحكم بشريعة من عندها لم يأذن بها الله.
وانظر «سيد بن قطب، خلاصة حياته، منهجه في الحركة، النقد الموجه إليه» لمحمد توفيق بركات (ص142- ط مكتبة المنارة، مكة).
[99]) هذه نظرة: «سيد بن قطب» التكفيري إلى المجتمعات الإسلامية، وهو يصرح بأنها مجتمعات جاهلية، والله المستعان.
[100]) فلما بعد: «سيد بن قطب» الجاهلي عن شرع الله تعالى، وقع بما وقعت به الجاهلية من عدم السمع والطاعة والبيعة لولاة أمر المسلمين وغير ذلك، فهذا منهجه قد أبانه في كتبه، والله المستعان.
وانظر: «شرح مسائل الجاهلية» للشيخ صالح الفوزان (ص15).
([101]) ومعلوم أنه يريد بهذا الطعن خيار عباد الله تعالى من علماء الإسلام في هذا العصر، من أمثال: «الشيخ ابن باز»، و«الشيخ ابن عثيمين»، و«الشيخ الألباني»، و«الشيخ الفوزان»، وغيرهم.
وهذا والله إلا صنع من تجردت نفسه من الأدب، والحياء مع علماء الأمة.
فعن ميمون بن مهران / قال: (لقد أدركت من كنت أستحي أن أتكلم عنده)، يعني: من العلماء.
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص88)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص345)، والدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (ج5 ص213).
وإسناده صحيح.
أرى كل إنسان يرى عيب غيره
ويعمى عن العيب الذي هو فيه!.
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص41): (وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه، لكان الإمساك أولى به، وأقرب إلى السلامة له، إن شاء الله تعالى).اهـ
([104]) هكذا يطعن: «عبدالرحمن بن عبدالخالق» في علماء الإسلام: بالعصرية، وفقه الواقع، ولم يشفع لهم عنده تبحرهم في العلوم الإسلامية، ويرى أن هذه العلوم مهما تعمقوا فيها؛ فلا يستطيعون بزعمه؛ أن يردوا أدنى شبهة، فهم لا يساوون شيئا عنده، وعلومهم قشور على حد زعمه، وعقيدتهم تقليدية لا تساوي شيئا، وهم من العلماء المحنطين!، هذا قليل من كثير من طعنه في العلماء، والسخرية بهم في عدد من كتبه بناء على هذا الأصل الفاسد: «العصرية، وفقه الواقع»!، نعوذ بالله من الجهل المركب!.
([105]) فأين قولك، بأنك تعرف مداخل الأعداء على الإسلام، وأنت تنشر أباطيلهم بين المسلمين، وهذا يدل على جهلك بمداخل الأعداء، وأن هذه المداخل لا يعرفها إلا العلماء: ]وما يعقلها إلا العالمون[ [العنكبوت: 43].
([107]) وهذا استهزاء بالدين، وسوف يحاسب عليه يوم القيامة.
قال تعالى: ]وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون * الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون * أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين[ [البقرة: 14-16].
([108]) ولله الحمد، فقد أعان الله تعالى العلماء وطلبتهم لكشف الجمعيات السرية للأعداء، وتنظيماتهم السرية لجمعيات الكفرة في الخارج، ولجمعيات المتحزبة في الداخل، وناصحوا الناس في ذلك في كتبهم، وأشرطتهم، وإعلامهم، وغير ذلك، لقوله تعالى: ]لتبيننه للناس ولا تكتمونه[ [آل عمران].
فبينوا للناس هذا الأصل: محتسبين لله تعالى، مخلصين له أعمالهم، ولا يمنعهم من بيانه تلك الشبهات المتهافتة التي يروجها: «عبدالرحمن بن عبدالخالق»، وغيره من المرجفين في البلدان، ولله الحمد والمنة.
([109]) كلا فقد كان العلامة الشنقيطي / فوق مستوى عصره، وأنى للأمة اليوم مثله، ومثل إخوانه من العلماء، ولقد تبين ذلك لك، ولأشكالك في العالم كله.
([110]) كلا، ثم: كلا، والله ما كان كذلك، واقرأ كتابه: «أضواء البيان»؛ فإنه يتعرض للشبهات التي يوردها أعداء الله، ويردها من الوجوه الشرعية والعقلية، وله محاضرات يسحق فيها هذه الشبهات، ويسحق أهلها، والتي يعجز جهلاء الواقع أن يغطوا شيئا منها.
([120]) سبحان الله: لماذا أنت هربت من الكويت لجهاد: «صدام بن حسين» في حرب الكويت، ووليت من الزحف، ولم تحمل السلاح: ]أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون[ [البقرة: 44]، ]ولى مدبرا ولم يعقب[ [القصص: 31].
([121]) فانظر: كيف يورد ممرضا على مصح؟!.
وهذا الرجل لا يعتد بعقله، ولا بنقله، ولابعلمه، ومن يراجع كتبه يتحقق له صدق ما قلناه.
([123]) نعم: فهذه الفتاوى الفقهية الموافقة للكتاب والسنة: تصلح لكل زمان ومكان، ولو كره الحزبيون السياسيون.
قلت: وليعلم أن في علماء السنة غنى عن هذا الغثاء، وفي كتبهم، وإنتاجهم ما يشفي غلة كل غليل.
([124]) ومن حاد: فسيكون علمه وبالا، وبحثه ضلالا، وجهده هباء، نعوذ بالله من الشقاء، والفتن الصماء.
وإن وراء الأكمة رجالا، وللحق أنصارا: ]وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون[ [الشعراء: 227].
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج2 ص179)، والصابوني في «الاعتقاد» (ص118)؛ بإسناد صحيح.
أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص134)، والصابوني في «الاعتقاد» (ص121)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص67)؛ بإسناد صحيح.
أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص73)، والصابوني في «الاعتقاد» (ص116)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص5)؛ بإسناد صحيح.
[128]) وعلم بذلك عندما زار: «سيد بن قطب» في البر قد ضرب له خيمة هناك، يسكن فيها لوحده بعيدا عن المجتمع؛ لأنه في نظره كافر كما ذكر علي العشماوي في كتابه: «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112).
[129]) انظر: «الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة» (المقدمة – ط دار السلف، الرياض، ط الثانية).
[130]) كـ(الفرقة القطبية).
[131]) كـ(دعاة الفرقة القطبية).
[132]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3606)، و(7084)، ومسلم في «صحيحه» (1847).
[133]) سورة آل عمران آية (103).
[134]) سورة آل عمران آية (105).
[135]) سورة الأنعام آية (159).
[136]) وما جاء التفرق، والاختلاف في القرآن الكريم إلا مذموما ومتوعدا عليه بالعقاب.
[137]) وما جاء الاجتماع على الدين الواحد إلا محمودا، وموعودا عليه بالأجر العظيم لما فيه من المصالح العاجلة والآجلة.
[138]) انظر: «لمحة عن الفرق الضالة» للشيخ صالح الفوزان (ص20).
[139]) وهذه الجماعات الحزبية هدفها التجميع والتكتيل فقط، ولو اختلفت عقائدهم، والله المستعان.
[140]) وانظر: «حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية» للشيخ بكر أبو زيد (ص121)، و«الصوارف عن الحق» للدكتور حمد العثمان (ص36).
[141]) قال البغدادي / في «الفرق بين الفرق» (ص12): (كان المسلمون عند وفاة رسول الله r على منهاج واحد في أصول الدين وفروعه غير من أظهر وفاقا، وأضمر نفاقا). اهـ
[142]) «فتاوى في الجماعات والأحزاب الإسلامية» (ص6).
[143]) «ماذا ينقمون من الشيخ» (ص2).
[144]) سورة القصص آية (50).
[145]) سورة يونس آية (32).
[146]) سورة الأنعام آية (153).
[147]) سورة الأنعام آية (55).
[148]) سورة البقرة آية (256).
[149]) أخرجه الجوهري في «مسند الموطأ» (ص584) من طريق أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن داريل قال: حدثنا ابن أبي أويس قال: قال مالك: (كان وهب بن كيسان يقعد إلينا...يقول لنا أنه لا يصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلح أوله...).
وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص10) من طريق محمد بن جرير قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا أشهب عن مالك قال: (كان وهب بن كيسان يقعد إلينا ولا يقوم أبدا، حتى يقول لنا: اعلموا أنه لا يصلح آخر هذا الأمر إلا ما أصلح أوله، قلت: يريد ماذا؟ قال: يريد في بادئ الإسلام، أو قال: يريد التقوى).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن خلفون في «أسماء شيوخ مالك» (ص33).
[150]) من: «اليهود»، وغيرهم.
[151]) من: «القطبية»، و«السرورية»، و«الإخوانية»، و«التراثية»، وغيرهم.
[152]) كما نقل ذلك من كتبهم ورد عليهم العلماء كـ(الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني) وغيرهم.
وانظر: «القطبية هي الفتنة فاحذروها» للعدناني (ص123- ط الثانية).
[153]) وقد تأثر: «سيد بن قطب» بالأفكار الثورية: «بأبي الأعلى المودودي» الإخواني الثوري.
قال إبراهيم الكيلاني – وهو من الإخوان المسلمين-: (إني أحب أن أبين نقطتين في منهج «سيد بن قطب» الأولى: أنه في طريقه لشرح نظام الإسلام وعرضه له، كان متأثرا تأثرا كبيرا بالأستاذ «أبي الأعلى المودودي»، وهذا ناحية ذكرها سيد بن قطب....). اهـ
انظر: «ندوة الاتجاهات» (ص560- ط مكتب التربية العربي لدول الخليج) سنة (1407هـ)، و(1987)، وهكذا قال محمد بن قطب في شريط بعنوان (سيد بن قطب).
[154]) انظر: «ندوة الاتجاهات» (ص536- ط مكتب التربية العربي لدول الخليج).
[155]) وهنا أيضا: «سيد بن قطب» يكفر المؤذنين في جميع البلدان الإسلامية.
[156]) قلت: وللتكفير أصول وشروط يجب تركه للراسخين في العلم.
قال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ – مفتي بلاد الحرمين – في صحيفة «الشرق الأوسط» بتاريخ (21/4/2001): (التكفير أمر خطير،يجب على المسلمين عدم الخوض فيه، وتركه لأهل العلم الراسخين).اهـ
[157]) يعني: مساجد المسلمين، أليس هذا منه سعيا في تخريب مساجد الرحمن، وتعطيل أعظم شعائر الإسلام، فأين أنت عن ذلك يا عبد الرحمن بن عبد الخالق!.
[158]) يعني: المجتمعات الإسلامية.
ولذلك كان: «سيد بن قطب» يعتزل المجتمع لأنه في نظره كافر، ويضرب له خيمة في البر، ويسكن فيها لوحده كما ذكر ذلك علي العشماوي – وهو آخر قادة إخوان المسلمين – في كتابه: «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112).
[159]) منهم: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، لذلك تراه يدندن في كتبه بـ: «توحيد الحاكمية»؛ كما زعم، على طريقة: «سيد بن قطب».
[160]) قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص61): (... ومعنى: «لا إله إلا الله» أعم من ذلك... وأما تفسيرها «بالحاكمية»، فتفسير قاصر لا يعطي معنى: «لا إله إلا الله»... والواجب أن يقال: «لا معبود بحق إلا الله»؛ كما قال تعالى:﴿Ï9ºs cr'Î/ ©!$# uqèd ,ysø9$# cr&ur $tB cqããôt `ÏB ¾ÏmÏRrß uqèd ã@ÏÜ»t6ø9$#﴾.اهـ
[161]) و«الفرقة القطبية» على فكره الخارجي نعوذ بالله من الخذلان.
وفي «المجلة السلفية» العدد (7) مقال نافع بعنوان «سيد بن قطب (أقنوم) الخوارج الجـدد وقطبهـم» (ص4-44) لآل عبدالعزيز.
[162]) وهذا يدل أنهم لا يعملون في أصل الدين، ولا يعبدون الله تعالى على أمره؛ بل هؤلاء يتظاهرون بالدين، وإلا أصل عملهم: هو السعي للوصول إلى الحكم عن طريق الثورات الجاهلية.
[163]) انظر: «القطبية هي الفتنة فاعرفوها» للعدناني (ص84- ط الثانية).
[164]) وفي «المجلة السلفية» العدد (7) مقال نافع بعنوان: «سيد بن قطب (أقنوم) الخوارج الجدد وقطبهـم»(ص4- 44) لآل عبدالعزيز.
[165]) وهذا يدل أن: «الفرقة القطبية» تكفر البلدان الإسلامية كافة، ولا ترى فيها؛ أي: مسلم!.
[166]) «نشرة: مركز البحوث تطبيق الشريعة الإسلامية»، عدد (12) (ص16).
[167]) هكذا يجعل الإسلام مطية القومية والوطنية والأغراض الشخصية تملقا للجماهير المكونة من كل الفئات الخارجية على الدول الإسلامية.
وفي «المجلة السلفية» العدد (7) مقال نافع بعنوان: «سيد بن قطب (أقنوم) الخوارج الجدد وقطبهـم» (ص4- 44) لآل عبدالعزيز.
[168]) انظروا: كيف يكفر المجتمعات الإسلامية!.
[169]) يطلق على الناس كافة بأنهم ارتدوا عن الإسلام!.
[170]) هكذا يقول: «سيد بن قطب» التكفيري، والعياذ بالله.
[171]) هذا تكفير القطبيين للمجتمعات الإسلامية قاطبة.
قلت: فهل ترى شبيها لدعوة: «سيد بن قطب» التكفيري في سيرة الرسل وأتباعهم؟!.
وهذا يدل على مدى الهوة بين هذا الرجل الثوري، وبين علماء المسلمين، ويدل أن حركته سرية تنظيمية ثورية قاتلة لشباب الأمة... لا تستمد دعوته من الإسلام... وإنما استمدت من حركة: «الإخوان المسلمين» البدعية التي تقلب فيها ثم نكب بها الإسلام والمسلمين، والله المستعان.
[172]) بل زعم سيد بن قطب في «معالم على الطريق» (ص22- ط الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، الكويت، ط الرابعة) بأن معنى: «لا إله إلا الله»؛ ثورة على السلطان... وثورة على الأوضاع... وخروج على السلطات التي تحكم بشريعة من عندها لم يأذن بها الله.
وانظر: «سيد بن قطب، خلاصة حياته، منهجه في الحركة، النقد الموجه إليه» لمحمد توفيق بركات (ص142- ط مكتبة المنارة، مكة).
[173]) هذه نظرة: «سيد بن قطب» التكفيري إلى المجتمعات الإسلامية، وهو يصرح بأنها مجتمعات جاهلية، والله المستعان.
[174]) فلما بعد: «سيد بن قطب» الجاهلي عن شرع الله تعالى وقع بما وقعت به الجاهلية من عدم السمع والطاعة والبيعة لولاة أمر المسلمين وغير ذلك، فهذا منهجه قد أبانه في كتبه، والله المستعان.
وانظر: «شرح مسائل الجاهلية» للشيخ صالح الفوزان (ص15).
[175]) وهذه الجاهلية المطلقة: كانت قبل مبعث النبي r، فلا يجوز إطلاق الجاهلية على قرن من القرون منذ بعثة النبي r إلى يومنا، وما يقع فيه بعض الكتاب من هذه الإطلاقات ينبغي أن يتفادى بالصحيح.
وانظر: «شرح مسائل الجاهلية» للشيخ الفوزان (ص14).
[176]) وقد بينت بالتفصيل عن أقسام الجاهلية في كتابي: «درر العباد لبيان أن جماعة المسلمين الحقيقية هي جماعة حاكم البلاد» (ص61).
ولهذا لا يجوز أن يقال: «الناس في جاهلية»، أو «العالم في جاهلية» على سبيل العموم؛ لأن هذا جحود لوجود: «الرسالة».
وانظر: «شرح مسائل الجاهلية» للشيخ الفوزان (ص14).
[177]) وهؤلاء لا يتدربون على الأسلحة إلا لإحداث المذابح، والفتن في بلدان المسلمين؛ من أجل الوصول إلى الحكم، وعملهم هذا مرفوض في دين الله تعالى جملة وتفصيلا.
[178]) أي: عقيدة تتربى عليها: «الفرقة القطبية» في تاريخها السيئ... وأي: خلق تتربى عليه... بل تتربى: «الفرقة القطبية» على الغش والكذب، والخديعة والمكر، وغير ذلك من الفتن الخبيثة.
[179]) وما أكثر توقع: «الإخوان المسلمين» للضربات يحسبون كل صيحة عليهم.
[180]) انظر كيف يهرب الإخوان المسلمون الأسلحة لتقتيل المسلمين وللإفساد في أرضهم، والله المستعان.
فهؤلاء يعتبرون تذبيحهم للمسلمين من الجهاد في سبيل الله!، ولإعلاء الإسلام!.
وهؤلاء أيضا لا يترددون في تنفيذ مخططاتهم التدميرية الآن في بلدان المسلمين إلا من أجل أنهم ليس لديهم الإمكانيات اللازمة من الأسلحة وإلا لو كان عندهم أسلحة كافية لرأيت العجائب منهم في البلدان الإسلامية اللهم سلم سلم.
[181]) وهذا المبلغ كان عند رأس من رؤوس الإخوان، قال عنه سيد بن قطب في «لماذا أعدموني» (ص52): (وفهمت أنه كان يعتبر المبلغ أمانة لا يتصرف فيه إلا بإذن قيادة شرعية). اهـ
قلت: فسيد بن قطب يعتبر نفسه إماما للمسلمين له قيادة شرعية، يأمر فيطاع، فله السمع والطاعة.
وهو في الحقيقة إماما: «للاخوانيين الحزبيين»، وهو قائد لحزبية مقيتة مدمرة ضالة، والعياذ بالله.
[182]) انظر إلى: «الإخوان المسلمين» في الخارج يرسلون الأموال لشراء الأسلحة المدمرة للمسلمين.
فيجمعون التبرعات من: «السعودية)، و«الكويت»، و«الإمارات»، و«قطر»، و«البحرين»، وغيرها، ثم يرسلونها إلى: «الإخوان المسلمين» في العالم؛ منها: إلى: «فلسطين» عند: «فرقة حماس»؛ لشراء الأسلحة وغيرها، اللهم سلم سلم.
[183]) انظروا: كيف يخططون لإحداث الانقلابات في بلدان المسلمين... من قلب الحكم، وإزهاق النفوس المسلمة، وتدمير المنشآت، والمؤسسات في البلدان الإسلامية.
حتى قال علي العشماوي – وهو آخر قادة الإخوان – لسيد بن قطب؛ كما في كتاب «لماذا أعدموني» (ص56): (بهذه المناسبة: ألا يخشى أن نكون في حالة تدمير القناطر، والجسور، والكباري مساعدين على تنفيذ المخططات الصهيونية؛ من حيث لا ندري ولا نريد)؛ فقال سيد بن قطب: (نبهتنا هذه الملاحظة إلى خطورة العملية فقررنا استبعادها، والاكتفاء بأقل قدر ممكن من تدمير بعض المنشآت في القاهرة؛ لشل حركة الأجهزة الحكومية عن المتابعة إذ أن هذا وحده هو: الهدف من الخطة). اهـ
[184]) والصراع بين: «إخوان المسلمين»، وبين: «جمال عبدالناصر» وحزبه؛ إنما هو صراع سياسي انتهى إلى لجوئهم لمثل هذه الأعمال التخريبية التي دفعت: «جمال عبدالناصر» إلى أن يتعشى بهم قبل أن يتغدوا به؛ كما يقال، والله المستعان.
قلت: وما ظالم إلا سيبلى بظالم؛ اللهم غفرا.
[185]) لقد بوب الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج6 ص90) بابا ذكر فيه (باب لا يقال فلان شهيد)؛ وأورد أدلة على أنه يحرم أن يشهد لشخص معين أنه شهيد ولو قتل في جهاد الكفار.
وانظر: «ألفاظ ومفاهيم في ميزان الإسلام» لشيخنا محمد بن صالح العثيمين (ص18).
[186]) والبحث هو: قضية المنهج عند: «سيد بن قطب» في «معالم في الطريق». لجعفر شيخ إدريس.
انظر «ندوة الاتجاهات» (ص531، ط مكتب التربية العربي لدول الخليج) سنة (1407هـ) و(1987).
[187]) هذا في نظر القرضاوي.
والأمة الإسلامية لم تنقطع من الوجود، فهي قائمة في كل زمان إلى قيام الساعة كما قال النبي r: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (6881)، ومسلم في «صحيحه» (1921) من حديث المغيرة بن شعبة t.
[188]) انظر «ندوة الاتجاهات» (ط مكتب التربية العربي لدول الخليج) سنة (1407هـ) و(1987).
[189]) هكذا يأمر الجماعات الإسلامية بإسقاط الدول الإسلامية، وإقامة دولة الإسلام هكذا زعم اللهم سلم سلم.
[190]) ولذلك يأمر: «سيد بن قطب» بتدريب شباب: «الإخوان المسلمين» على الأسلحة لإحداث المذابح في بلدان المسلمين.
وانظر «لماذا أعدموني» لسيد بن قطب (ص48و49).
[191]) يقصد أنه يقاتل بلدان المسلمين!.
[192]) انظر: السلسلة التي يصدرها «مركز بحوث تطبيق الشريعة الإسلامية» عدد (12).
[193]) هذا فيه تكفير للحاكم والمحكوم، والعياذ بالله.
[194]) على ما في كتب: «سيدهم» من التكفير والخروج على الحكام، وعلى الأنظمة، وكذلك يثني عليها!!!.
[195]) انظر: «مدى شرعية الانتماء إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية» (171).
[196]) هكذا يفكر: «سيد بن قطب» الحزبي، والإخوان المسلمون الحزبيون... ويخططون... وينفذون خططهم في بلاد المسلمين... إذا سنحت لهم أي: فرصة لإحداث الفتن في بلدان المسلمين.
[197]) فسيد بن قطب يعلم شباب إخوان المسلمين على تكفير المجتمعات الإسلامية.
[198]) يعني: ليس عندهم؛ أي: اعتراف بالفقه في الدين جملة وتفصيلا، فهم وضعوا لهم أحكاما أخرى يفتون بها على حسب قوتهم في البلدان، والله المستعان.
[199]) هذا منطلق ما يسمونه بـ(فقه الواقع) الذي شغل كثيرا من شباب إخوان المسلمين، والذين على شاكلتهم عن الاهتمام بالعلوم الشرعية.
[200]) هكذا يخطط: «سيد بن قطب» في تنظيمه السري.
قال سيد بن قطب الحزبي في «ظلال القرآن» (ج10 ص72)؛ وهو يتكلم عن التنظيم السري: (وهذا يعطينا مدى الأهمية التي يعلقها هذا الدين على: «التنظيم الحركي» الذي يمثل وجوده الحقيقي). اهـ
[201]) يريد أن يثبت التنظيم السري: «للحركة القطبية»... بسرية الدعوة إلى الله في العهد المكي فتنبه.
وانظر «سيد بن قطب خلاصة حياته، منهجه في الحركة، النقد الموجه إليه» (ص154 و155- ط مكتبة المنارة، مكة).
وهؤلاء يفعلون ذلك لإفلاسهم في العلوم الشرعية الصحيحة، وليسوا على استعداد من قريب، ولا من بعيد لحمل العلوم الشرعية الصحيحة، بل يحاربونها، ويحاربون أهلها، ويرونها عقبة في طريقهم... إلى تسلم كراسي الحكم، والوزارات والإدارات... ومستعدون للتحالف مع أي طائفة، في أي وقت إذا رأوا في هذا التحالف ما يوصلهم إلى غاياتهم المنشودة... وهي التربع على كراسي الحكم، أو احتلال كراسي في البرلمان، والوزارات وغيرها!، كما هو مشاهد منهم في الخليج وغير ذلك.
[202]) يعني: بأن دولة الإسلام لم تقم بعد عندهم، فهو لا يعترف بالدول الإسلامية الحالية، اللهم سلم سلم.
[203]) انظروا: كيف يقل أدبه على رسل الله عليهم السلام!: ]ولعنوا بما قالوا[ [المائدة: 64].
[204]) «درس لسماحته في منزله»؛ بالرياض سنة: (1413)؛ تسجيلات «منهاج السنة» بالرياض.
انظر: «براءة علماء الأمة» للسناني (ص31- ط مكتبة الفرقان، عجمان، ط الأولى).
[205]) لأنك تريد موافقة ساداتك الروافض!.
[206]) وهذا من الكذب على: «عثمان بن عفان t»: ]ألا لعنة الله على الظالمين[ [هود: 18].
قال تعالى: ]ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين[ [آل عمران: 61].
[207]) قال الشيخ بكر أبو زيد في «تصنيف الناس» (ص26): (أطبق أهل الملة الإسلامية على أن الطعن في واحد من الصحابة زندقة مكشوفة). اهـ
فكيف إذا كان الطعن في أكثر من واحد؟!!.
[208]) «شرح رياض الصالحين» لسماحته بتاريخ: «18/7/1416هـ» في يوم الأحد.
انظر «براءة علماء الأمة» للسناني (ص33- ط مكتبة الفرقان، عجمان، ط الأولى).
[209]) سورة النساء آية (115).
[210]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص338).
[211]) سورة الجاثية آية (23).
[212]) سورة النجم آية (23).
[213]) ومن فساد تلك العقول أنهم لم يرضوا ببعض ما جاء به الرسول r، ورضوا بالعقول، فاستحبوا العمى على الهدى، والله المستعان.
[214]) سورة النساء آية (59).
[215]) سورة المائدة آية (3).
[216]) انظر: «الاعتصام» للشاطبي (ج2 ص822).
[217]) سورة العنكبوت آية (51).
[218]) وانظر: «الصارم المسلول على شاتم الرسول» لابن تيمية (ج3 ص732).
[219]) سورة المائدة آية (33).
[220]) وانظر: «الصارم المسلول على شاتم الرسول» لابن تيمية (ج3 ص732).
[221]) سورة الأعراف آية (56).
[222]) وذكر ابن الجوزي في تفسير هذه الآية ستة أقوال منها:
السادس: لا تفسدوا بتكذيب الرسل بعد إصلاحها بالوحي.
انظر: «زاد المسير في علم التفسير» له (ج3 ص215 و216).
[223]) ومن طعن في الصحابة y؛ فقد آذى الله تعالى ورسوله r فهو ملعون بالقرآن في الدنيا والآخرة قال تعالى: ﴿ót¨bÎ) tûïÏ%©!$# crè÷sã ©!$# ¼ã&s!qßuur ãNåks]yès9 ª!$# Îû $u÷R9$# ÍotÅzFy$#ur £tãr&ur öNçlm; $\/#xtã $YYÎgB ÇÎÐÈ﴾الأحزاب آيــة (57) .
[224]) سورة الأعراف آية (142).
[225]) كما جاء في قوله تعالى: ﴿(#þqä9qè% $¨YtB#uä «!$$Î/ !$tBur tAÌRé& $uZøs9Î) !$tBur tAÌRé& #n<Î) zO¿Ïdºtö/Î) @Ïè»oÿôÎ)ur t,»ysóÎ)ur z>qà)÷ètur ÅÞ$t6óF{$#ur !$tBur uÎAré& 4ÓyqãB 4Ó|¤Ïãur !$tBur uÎAré& cqÎ;¨Y9$# `ÏB óOÎgÎn/§ w ä-ÌhxÿçR tû÷üt/ 7tnr& óOßg÷YÏiB ß`øtwUur ¼çms9 tbqãKÎ=ó¡ãB ÇÊÌÏÈ ﴾ البقرة آية (136) وقوله تعالى: ﴿(<@ä. z`tB#uä «!$$Î/ ¾ÏmÏFs3Í´¯»n=tBur ¾ÏmÎ7çFä.ur ¾Ï&Î#ßâur w ä-ÌhxÿçR ú÷üt/ 7ymr& `ÏiB ¾Ï&Î#ß 4 ﴾ البقرة آية (285) .
[226]) و«الجماعة القطبية» جماعة خبيثة، والعياذ بالله.
[227]) سورة النور آية (26).
وانظر: «الاعتقاد» للالكائي (ج1 ص418).
[228]) وراجع لزاما؛ كتاب «صب العذاب على من سب الأصحاب» للعلامة الألوسي / المتوفي سنة (1342هـ).
[229]) وراجع لزاما؛ كتاب «الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية» لابن حامد / المتوفي سنة (1239هـ).
[230]) وراجع لزاما؛ كتاب: «صب العذاب على من سب الأصحاب» للعلامة الألوسي / المتوفي سنة (1342هـ).
[231]) انظر: «مسائل الإمام أحمد» لابنه عبدالله (ص431)، و«السنة» للخلال (ج1 ص493).
[232]) انظر: «السنة» للخلال (ج1 ص493).
[233]) هكذا فعلت الحكومة المصرية في: «سيد بن قطب» الهالك!.
[234]) انظر: «الأحكام السلطانية» لأبي يعلى (ص282)، و«طبقات الحنابلة» له (ج1 ص24 و36).
[235]) وراجع لزاما؛ كتاب: «الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية» لابن حامد / المتوفي سنة (1239هـ).
[236]) انظر: «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» للالكائي (ج7 ص1252)، و«مناقب الإمام أحمد» لابن الجوزي (ص160)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص170).
[237]) انظر: «السنة» للخلال (ج1 ص499)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج1 ص160).
[238]) انظر: «الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» للمرداوي (ج10 ص324).
[239]) سورة الأحزاب آية (58).
[240]) سورة التوبة آية (100).
[241]) قالت عائشة ڤ: «أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد r فسبوهم».
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2317).
كما قال تعالى:﴿( ß#ôã$$sù öNåk÷]tã öÏÿøótGó$#ur öNçlm; ﴾ آل عمران آية (159)، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ فإذا النبي r أمرنا بالاستغفار للصحابة، فهو أمر لجميع الأمة الإسلامية.
[242]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج7 ص21)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1947).
[243]) فيتم تشويه الإسلام عن طريق أهل البدع، اللهم سلم سلم.
[244]) فالحذر الحذر أن يصدك: «سيد بن قطب» عن الحق، وعلينا إفشال خطط: «الفرقة القطبية» في تمزيق الأمة الإسلامية، وجعل بأسها بينها؛ فتأمل.
وينبغي على المسلمين لا سيما طلبة العلم بيان الحق والذب عنه، ودعوة أهل الإسلام إلى الاعتصام بالكتاب والسنة ونبذ الفرقة.
[245]) ولا يخفى على القارئ الكريم بأن الشرارة التي جعل منها القصاصون المفكرون نارا ما حصل بين الصحابة y بعد وفاة رسول الله r فتنبه لهم.
فاحرص أخي الكريم على سلامة قلبك، وانزع ما فيه من غل للمؤمنين عامة، وللصحابة على وجه الخصوص الذين فازوا بفضل صحبة رسول الله r...
[246]) انظر: «موقف علماء المسلمين» (ص42).
[247]) ومن هنا يتبين بأن: «محمد المنجد»، و«سلمان العودة»، و«عائض القرني»، وغيرهم على منهج: «المفكرين الثوريين الإخوانيين»، نعوذ بالله من الخذلان.
[248]) شريط مسجل بعنوان: «تقويم الرجال» للعودة.
[249]) وعلم بذلك عندما زار: «سيد بن قطب» في البر قد ضرب له خيمة هناك، يسكن فيها لوحده بعيدا عن المجتمع؛ لأنه في نظره كافر؛ كما ذكر علي العشماوي في كتابه: «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» (ص112).
[250]) انظر: «الفقه الإسلامي» للزحيلي (ج2 ص259)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص413)، و«الدر المختار» للحصكفي (ج3 ص5)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص394)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج2 ص21).
[251]) سورة الجمعة آية (9).
[252]) انظر: «المغني» لابن قدامة (ج2 ص231).
[253]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص591) من حديث ابن عمر ﭭ.
[254]) حديث حسن صحيح.
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج1 ص638)، والترمذي في «سننه» (ج2 ص373)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص259)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص88)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص357)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص424)، وابن حبان في «صحيحه» (553)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص307)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص176)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج4 ص230)، وابن الجارود في «المنتقى» (288)، والدولابي في «الكنى» (ج1 ص21)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص280)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص172)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص213) من طريق محمد بن عمرو عن عبيدة بن سفيان عن أبي الجعد عمرو بن بكر الضمري t به.
قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج4 ص219).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وقال البغوي: هذا حديث حسن.
وله شاهد من حديث جابر بن عبدالله t:
أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ج1 ص357)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص332) والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص292) من طريق أسيد بن أبي أسيد عن عبدالله بن أبي قتادة عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله r: (من ترك الجمعة، ثلاثا من غير عذر طبع الله على قلبه).
وإسناده حسن، وقد حسنه ابن حجر في «التلخيص» (ج2 ص52)، والمنذري في «الترغيب» (ج1 ص261) والألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج4 ص219).
[255]) انظر: «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج3 ص15)، و«عون المعبود» لأبي عبدالرحمن آبادي (ج3 ص378)، و«شرح سنن أبي داود» للعيني (ج4 ص372).
[256]) انظر: « تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج3 ص14).
[257]) وهذا بسبب إعراض القلوب عن الحق واستكبارها عن قبوله، وعدم نفوذ الحق إليها.
وانظر: «البدر التمام» للمغربي (ج2 ص118).
[258]) فتتلخص حكمة مشروعية صلاة الجمعة في عدة أمور:
1) تطبيق سنة النبي r.
2) الاجتماع للعلم والموعظة والإرشاد والفائدة.
3) أنها مؤتمر مصغر يجتمع فيه المسلمون، ويسلم بعضهم على بعض، ويتفقدون أحوال بعضهم، ويشعرهم بالوحدة، ونبذ الفرقة والاختلاف.
[259]) فالإعداد للخطبة فوته دعاة: «القطبية»، و«السرورية»، و«التراثية»، وغيرهم، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والله المستعان.
[260]) انظر: «الإفصاح» لابن هبيرة (ج1 ص160)، و«الإجماع» لابن المنذر (ص41).
[261]) قلت: أيها المسلم إذا لقيت (قطبيا) فقل له: فما بال «سيد بن قطب» يترك صلاة الجمعة، فإن ذلك من سنن السلف مع أهل البدع.
[262]) انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص496).
[263]) انظر: «المصدر السابق».
[264]) انظر: «المصدر السابق».
[265]) ينبغي هكذا أن يفعل في الذي يتبع: «سيد بن قطب» يستتاب وإلا عوقب.
[266]) انظر: «المصدر السابق».
[267]) لو لم يولد: «سيد بن قطب» كان خيرا له يترك صلاة الجمعة، والعياذ بالله.
[268]) انظر: «المصدر السابق».
([271]) قوله r (إن من البيان لسحرا)؛ يعني: إن منه لنوعا يحل من المعقول، والقلوب في التمويه محل السحر... فإن الساحر بسحره يزين الباطل في عين المسحور حتى يراه حقا، فكذا المتكلم بمهارته في البيان، وتقلبه في البلاغة، وترصيف النظم، يسلب عقل السامع، ويشغله عن التفكير فيه والتدبر، حتى يخيل إليه الباطل حقا والحق باطلا، فتستمال به القلوب؛ كما تستمال بالسحر.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص337)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج12 ص571)، و«عمدة القاري» للعيني (ج17 ص426)، و«تهذيب السنن» لابن القيم (ج7 ص292)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج3 ص1976).
([272]) روايته أخرجها في «الزهد» (302).
وأخرج الحديث ابن أبي الدنيا في «الصمت» (723) من طريق أبي قتيبة عن نافع بن عمر به.
([273]) قوله (تتخلل)؛ ويجوز أن تقول (يتخلل): فتحتمل الفوقية والتحتية، وهما صحيحان من جهة اللغة العربية لأن (البقر) اسم جنس جمعي، يجوز تذكير الفعل وتأنيثه.
([274]) قوله (نعم) جواب (أليس) والأحسن: أن يكون جوابها: (بلى) غير أن الجواب بـ(نعم) جائز في مثل هذا الموضع على قلة، لأن الاستفهام المتقدم على النفي في (أليس) استفهام تقريري، أي: كأن السائل قال: (لقد حدثتنا عن أبي الوليد...) فالكلام في معناه: إيجاب فمن هنا ساغ الجواب بـ(نعم).
ونعم: حرف جواب، ويكون تصديقا للمخبر في جواب الخبر... ووعدا للطالب في جواب الأمر، أو النهي... وإعلاما للسائل في جواب الاستفهام.
وقد ذهب جماعة من متقدمي النحاة ومتأخريهم إلى: أن النفي إذا سبق باستفهام، فإن كان الاستفهام على حقيقته، أي: استفهاما عن النفي، فجوابه: كجواب النفي المجرد من الاستفهام، أي: تدخله (نعم) لتقرير النفي، وتدخله (بلى) لتكذيب النفي، وإفادة الإثبات، وإن كان الاستفهام تقريريا؛ أي: يراد به تقرير ما بعد النفي، فالأكثر الغالب أن يجاب بما يجاب به النفي، أي: (نعم) لتقرير النفي، و(بلى) لتكذيب النفي، وإفادة الإثبات مراعاة للفظه، ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بما يجاب به الإيجاب، أي: (نعم) في الحالتين مراعاة لمعناه.
وانظر: «مغني اللبيب» لابن هشام (ج4 ص302)، و«معجم الوسيط» (ص935)، و«مختصر مغني اللبيب» لشيخنا الشيخ محمد العثيمين (ص39 و121).
قال الفيومي / في «مصباح المنير» (ص316): (وقولهم في الجواب (نعم) معناها (التصديق) إن وقعت بعد الماضي، نحو: (هل قام زيد؟، و(الوعد) إن وقعت بعد المستقبل، نحو: (هل تقوم).
قال سيبويه (نعم) عدة وتصديق.
قال ابن بابشاذ: يريد أنها عدة في الاستفهام، وتصديق للإخبار، ولا يريد اجتماع الأمرين فيها في كل حال.
قال النيلي: وهي تبقي الكلام على ما هو عليه من إيجاب، أو نفي، لأنها وضعت لتصديق ما تقدم من غير أن ترفع النفي وتبطله فإذا قال القائل: ما جاء زيد، ولم يكن قد جاء، وقلت في جوابه: (نعم) كان التقدير: (نعم ما جاء) فصدقت الكلام على نفيه، ولم يبطل النفي كما تبطله (بلى) وإن كان قد جاء قلت في الجواب (بلى) والمعنى قد جاء (فنعم) تبقي النفي على حاله، ولا تبطله، وفي التنزيل: ﴿ألست بربكم قالوا بلى﴾ [الأعراف:172] ولو قالوا: (نعم) كان كفرا إذ معناه: نعم لست بربنا لأنها تزيل النفي بخلاف (بلى) فإنها للإيجاب بعد النفي). اهـ
([277]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج6 ص159) و«خطبة الحاجة» للشيخ الألباني (ص17) و«المفهم» لأبي العباس القرطبي (ج2 ص511).
([280]) وهؤلاء الخطباء هم أهل الدنيا – كـ (السياسيين) وغيرهم – ممن كانوا يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب والسنة، ولا يعقلون ما يقولون، والعياذ بالله.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص149).
([281]) فكيف يليق بكم يا معشر الخطباء، وأنتم تأمرون الناس بالبر أن تنسوا أنفسكم فلا تأتمروا بما تأمرون الناس به، وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب والسنة، وتعلمون ما فيهما على من قصر في أوامر الله، أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم فتنتهوا من رقدتكم وتتبصروا من عمايتكم.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص336).
([283]) كـ(الذين يخرجون مسيرات في الشوارع مع الفساق، والنساء من أجل المقاطعة وغيرها زعموا)؛ فهؤلاء وإن نسبوا إلى العلم فنسبتهم صورية شكلية لا أثر لها في الحقيقة، لأن أهل العلم عليهم وقار، وسمت لا يخرجون في الشوارع هكذا ويمنعهم علمهم وحياؤهم من هذا الفعل المنحط.
([284]) قلت: وتقرأ كتب ربيع المثناة على رؤوس «الربيعية»، ولا يعيبها أحد من الربيعيين!، ولا يوجد من يغيرها، بل هذه الكتب المثناة تتلى عليهم في «شبكة سحاب»، وهذه الكتب المخالفة للشرع من أشراط الساعة!؛ نعوذ بالله من الخذلان.
([286]) وعزاه للقطيعي ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج11 ص268).
وعزوه إلى عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» فهو خطأ.
([287]) انظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص497) و«شرح الأربعين النووية» لشيخنا الشيخ محمد العثيمين (ص206).
([288]) انظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص498) و«معالم السنن» للخطابي (ج7 ص172)، و«أعلام الحديث» له (ج3 ص2198)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج9 ص299)، و«عمدة القاري» للعيني (ج13 ص120)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج21 ص236)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص496)، و«تحفة الباري» للأنصاري (ج6 ص102)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج5 ص177).
([292]) انظر: «معالم السنن» للخطابي (ج7 ص171 و172)، و«شرح الأربعين» للنووي (ص95)، و«التعيين في شرح الأربعين» للطوفي (ص168)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج9 ص299)، و«عمدة القاري» للعيني (ج13 ص120)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج21 ص236)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص496)، و«تحفة الباري» للأنصاري (ج6 ص102)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج5 ص177).
([293]) الداعية الجاهل بغشه للناس وكذبه عليهم، وغير ذلك فقد فقد الحياء؛ نعوذ بالله من الخذلان.
قال الحافظ النووي في «شرح الأربعين» (ص94): (إذا ترك المرء الحياء فلا تنتظرون منه خيرا). اهـ
([294]) قلت: ومع استخدام السلف للمساجد في البيوت؛ إلا أن غالب الناس في هذا الزمان لا يعرفون شيئا عنالمساجد في البيوت.
لذلك لابد أن نتخذ المساجد في بيوتنا لكي نعبد الله تعالى فيها بمثل ما نعبده في المساجد، لكي تكون حياتنا عامرة بذكر الله تعالى في المساجد، وفي البيوت، وبالله التوفيق.
قال تعالى: ]في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال[ [النور: 36].
وقال تعالى: ]واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين[ [يونس: 87].
وقال تعالى: ]واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا[ [الأحزاب: 34].
([298]) قلت: فإذا النبي r أكل بعد طلوع الفجر الصحيح، فما بالك بعد الوقت الفلكي للفجر في هذا الزمان؟!.
أخرجه ابن بشكوال في «الفوائد المنتخبة» (ج1 ص401)، والحاكم في «معرفة الحديث» (ص267)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص86)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص417)، وفي «هدي الساري» (ص487).
وإسناده صحيح.
قلت: وهذا يدل على فقه الإمام البخاري /.
([304]) وقد عذر كعب بن مالك وهو صحابي في ترك الجماعة خلف الرسول r بسبب أنه يتأذى ويتحرج من هجرانه، فكيف بعذر من يتأذى ويتحرج بالصلاة خلف المبتدعة في المساجد في هذا الزمان.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص152): (إن الإنسان إذا حصل له مثل هذه الحال – كما أصاب كعب بن مالك t وصاحبيه- وهجره الناس، وصار يتأذى من مشاهدتهم ولا يتحمل، فإنه له أن يتخلف عن صلاة الجماعة، وأن هذا عذر؛ لأنه إذا جاء إلى المسجد في هذه الحال سوف يكون متشوشا غير مطمئن في صلاته؛ ولهذا صلى كعب بن مالك t صلاة الفجر على ظهر بيت من بيوته، وسبق لنا ذكر هذه الفائدة في قصة هلال بن أمية ومرارة بن الربيع).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في « شرح رياض الصالحين » (ج1 ص147): (وفي هذه القطعة من الحديث: دليل على جواز التخلف عن الجماعة إذا كان الإنسان مهجورا منبوذا، وعجزت نفسه أن تتحمل هذا، كما فعل صاحبا كعب بن مالكt . لأنه لا شك أنه من الضيق والحرج أن يأتي الإنسان إلى المسجد مع الجماعة لا يسلم عليه، ولا يرد سلامه، ومهجور منبوذ، هذا تضيق به نفسه ذرعا، ولا يستطيع، وهذا عذر كما قاله العلماء).اهـ
([307]) ولو ذهبت أستعرض كل أبواب الأحكام الشرعية لرأينا ذلك بارزا جليا، وهذا من تيسير الدين على المسلمين في الدنيا والدين.
وانظر: «الفروق» للقرافي (ج4 ص205 و206)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5 و7)، و«شرح القواعد الفقهية» للزرقاء (ص159).
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (354)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص323)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص276)، وأبو الجهم في «جزئه» (ص55)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج12 ص278)، والواحدي في «التفسير الوسيط» (ج1 ص274)، والبزار في «المسند» (990-كشف الأستار).
وإسناده حسن.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج10 ص107 و112)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص200)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص398)، والبزار في «المسند» (ج12 ص250)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص1462)، وابن خزيمة في «صحيحه» (950)، والروياني في «المسند» (ج2 ص421)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص1040)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» تعليقا (ص320)، وابن حبان في «صحيحه» (2740)، و(3568)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص151)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص386)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص345)، وابن المديني في «حديثه» (ص177)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (5302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص543).
وإسناده حسن.
وأورده البوصيري / في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص462)؛ ثم قال: رواه أبو يعلى الموصلي، ورجاله ثقات.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6522)، و(6523)، وفي «الآداب» (190)، و(191)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص103)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص207)، وابن المديني في «حديثه» (ص179)، ومسدد في «المسند» (ج1 ص510- إتحاف الخيرة).
وإسناده صحيح، وقد صححه ابن طاهر في كلامه على: «أحاديث الشهاب» كما في «تخريج أحاديث الكشاف» لابن حجر (ج3 ص72 و73).
وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص510): هذا إسناد رجاله ثقات.
أخرجه ابن المديني في «حديثه» (ص180)، وابن أبي شيبة في «الآداب» (ص227)، ومسدد في «المسند» (ج1 ص509-إتحاف الخيرة).
وإسناده صحيح.
وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص509): هذا إسناد رجاله ثقات.
أخرجه ابن المديني في «حديثه» (ص180)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (2006)، وفي «الآداب» (ص227)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (4093).
وإسناده صحيح.
([316]) قلت: وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء قاعدة فقهية هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وقاعدة: «إذا ضاق الأمر اتسع»، وقاعدة: «الضرر يزال».
([317]) وانظر: «الرخص الشرعية» للدكتور عمر عبد الله (ص89)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص10 و11)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص225)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص55)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص414)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص216).
([319]) قلت: فإذا جهل المرء فقه الرخصة، فبسبب الجهل بذلك يقع غلط عظيم على الشريعة يوجب من الحرج، والمشقة، والتكليف مالا سبيل إليه.
وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص10)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص5).
([320]) وهذه الرخص تقع في مقابلة العزائم، وما يزال العمل بها جاريا عند الفقهاء؛ ليقام دليلها تخفيفا عن المكلف.
([321]) وانظر: «بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص126)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص75)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص234)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج1 ص215)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص156)، و«شجرة المعارف» للعز بن عبد السلام (ص401)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج4 ص159).
([322]) وانظر: «الحاشية على كنز الراغبين» لعميرة (ج2 ص142)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص79)، و«الفروق» للقرافي (ج4 ص205 و206).
([328]) وهي الرخص العارضة للأفراد في حالة الضرورة أو عند المشقة، أو عند الحاجة، وهي الرخص التي اعتنى بها الفقهاء، بل اقتصروا عليها في تمثيل الرخصة اعتمادا على الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173]، في إباحة أكل الميتة للمضطر.
([329]) وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص84)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص85)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص263)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج1 ص45).
قال القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج6 ص108): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق في الدين). اهـ
([332]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة، فجعل الله تعالى الدين واسعا حين رخص في أحكامه.
انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).
([333]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص250)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص108)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص498).
([335]) فالإنسان عابد لله تعالى بالرخصة، وما يكون محققا لهذه العبودية في استمرار وإحسان، ومتابعة لسنة النبي r ، ومنها التوازن، واختيار الأيسر حفاظا على النفس، وأداء في حدود الطاقة، فهو الأولى بالاتباع.
([336]) فتكليف النفس أكثر من وسعها خارج عن المعتاد؛ أي: هذه المشقة خارجة عن المعتاد.
قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].
ويترتب عليها سقوط الواجب، أو تأخيره إلى أن تزول المشقة، طبقا للقاعدة: (المشقة تجلب التيسير).
([338]) كذلك عموم البلوى، والمراد بها: شيوع البلاء بحيث يتعذر على الإنسان أن يتخلص منه، أو يبتعد عنه، فعفى الشرع عن ذلك في غالبها لما في اجتنابه من المشقة.
وعموم البلوى يكون في أمور العبادة، كما يكون في قضايا التعامل مع الناس، بحيث لو أخذ بأصل الحكم فيها، لأدى إلى المشقة والعسر، أو تعطيل المصالح، وهو نوع من المشقة، وعموم البلوى عذرا للناس في الدين.
وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص92).
([339]) انظر: «الأخذ بالرخصة» للتارزي (ص423 و424)، و«الموافقات» للشاطبي (ج1 ص204)، و«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (ص68)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج1 ص477)، و«شرح تنقيح الفصول» للقرافي (ج1 ص309)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470 و471).
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ص12)، ووصله في «الأدب المفرد» (387)، وأخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص236)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص227)، وفي «المعجم الأوسط» (1006)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (569)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص291)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (4098)، و(4099)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص293) من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند ابن المنذر في «تفسيره» (ج1 ص293).
وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص127): إسناده حسن.
وكذا حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج1 ص94).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص724).
([342]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص230)، و(ج8 ص198)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص80)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص250)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص903)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6530)، وفي «الآداب» (198).
قلت: فالأخذ بالرخص من طاعة الله تعالى.
وبوب عليه ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص571).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص254).
([346]
فهذا قول مخالف لوصايا الرسول r في يسر الدين، وهو مخالف أيضا لطبائع الناس، ووقائع الحياة.
([348]) فتناول الدين غالب أحكام التشريع بالتيسير بمختلف تصرفات الإنسان تحت حدود الشرع على حسب الحاجيات والضرورات في الحياة الدنيا.
([349]) وهذا التفويت للحكم في بعض الوقت لما يجر من منفعة أكبر للمكلف ... فهو من باب الإقدام على الفعل الممنوع ضرورة؛ لتخفيف، مقصد شرعي فيه نفع أكبر للمكلف، ويعتبر توسعة للناس، ورحمة لهم.
قال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
([351]) قلت: وهذه الرخصة التي من الله تعالى بها على أمة محمد r: هي رحمة لها، وعليها في هذه الأيام؛ وذلك بترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد، والصلاة في البيوت، بسبب الخوف الشديد من وقوع الوباء المهلك على المسلمين في إجتماعهم للصلاة في المساجد، وفي غيرها من الاجتماعات العامة.
قلت: والله تعالى يحب أن يتخذ الناس هذه الرخصة، وأن يصلوا في بيوتهم رحمة بهم، وبين النبي r عن هذه الرخص في التخلف عن: «صلاة الجماعة» رحمة بأمته؛ لأنه r أرسل للخلق رحمة بهم، وهذا معنى النبي r للناس.
قال تعالى: ]وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين[ [الأنبياء: 107].
* فكيف يدعي: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» الهالك أنه بفتوته هذه يريد أن يرحم الناس بأمرهم بالصلاة في المساجد، والله تعالى رحمهم بهذه الرخص الشرعية؛ فـ: أي الرحمتين أحق بالأمن؟!.
([352]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص186)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج4 ص100)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج2 ص355)، و«الصحيح» لابن حبان (ج5 ص426)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج5 ص56)، و«شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص292).
([353]) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص40)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج2 ص304)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص223).
([355]) قلت: فإذا جهل المرء فقه الرخصة، فبسبب الجهل بذلك يقع غلط عظيم على الشريعة يوجب من الحرج، والمشقة، والتكليف مالا سبيل إليه.
وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص10)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص5).
([356]) قلت: فإذا دعت الحاجة إليه، فجاز له الجمع، والتخلف عن الجماعة حتى لو كان في كل يوم: ]وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28]، فافهم لهذا ترشد.
قال تعالى: ]إلا ما اضطررتم إليه[ [الأنعام: 119].
وقال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].
وقال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
([358]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة.
انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261).
([359]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص190)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305).
([360]) وانظر: «الكافي» لابن عبد البر (ص35)، و«روضة الطالبين» للنووي (ج1 ص395)، و«مواهب الجليل» للحطاب (ج2 ص509)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص240)، و«المغني» لابن قدامة (ج1 ص457)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج3 ص287)، و«القبس» لابن العربي (ج5 ص487)، و«الفروع» لابن مفلح (ج3 ص104)، و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج6 ص816 و817)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج3 ص682 و683).
([362]) وكذلك لو خاف التأذي من مرض معد؛ فهو معذور في ترك: «صلاة الجمعة»، و«صلاة الجماعة» في المساجد.
وانظر: «حاشية الروض المربع» لابن قاسم (ج2 ص362 و363).
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ص12)، ووصله في «الأدب المفرد» (387)، وأخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص236)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص227)، وفي «المعجم الأوسط» (1006)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (569)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص291)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (4098)، و(4099)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص293) من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند ابن المنذر في «تفسيره» (ج1 ص293).
وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص127): إسناده حسن.
وكذا حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج1 ص94).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص724).
([364]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص230)، و(ج8 ص198)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص80)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص250)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص903)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6530)، وفي «الآداب» (198).
قلت: فالأخذ بالرخص من طاعة الله تعالى.
وبوب عليه ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص571).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص254).
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (354)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص323)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص276)، وأبو الجهم في «جزئه» (ص55)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج12 ص278)، والواحدي في «التفسير الوسيط» (ج1 ص274).
وإسناده حسن.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج10 ص107 و112)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص200)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص398)، والبزار في «المسند» (ج12 ص250)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص1462)، وابن خزيمة في «صحيحه» (950)، والروياني في «المسند» (ج2 ص421)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص1040)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» تعليقا (ص320)، وابن حبان في «صحيحه» (2740)، و(3568)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص151)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص386)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص345).
وإسناده حسن.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6522)، و(6523)، وفي «الآداب» (190)، و(191)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص103)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص207).
وإسناده صحيح.
أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص291)، وابن أبي شيبة في «الآداب» (195)، وفي «المصنف» (ج9 ص60)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص103).
وإسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6528)، وفي «الآداب» (196).
وإسناده صحيح.
قلت: فالله يحب أن تؤتى رخصته؛ كما يحب أن تؤتى فريضته.
([375]) وانظر: «الكافي» لابن عبد البر (ص35)، و«الذخيرة» للقرافي (ج2 ص377)، و«القبس» لابن العربي (ج5 ص487)، و«الخلافيات» للبيهقي (ج3 ص450)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج5 ص86)، و«نظرية الضرورة الشرعية » للزحيلي (ص38)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص7).
([376]) فمن الأعذار ما كان دليله النص، ومنها ما يكون دليله القياس، أو الاستنباط، ويجب الرجوع إلى أهل العلم في ذلك!.
قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43].
وقال تعالى: ]ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم[ [النساء: 83].
([377]) وانظر: «قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص10)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص132)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص82)، و«الفروع» لابن مفلح (ج3 ص104)، و«القبس» لابن العربي (ج5 ص487)، و«الذخيرة» للقرافي (ج2 ص377)، و«معرفة السنن والآثار» للبيهقي (ج4 ص119). و«الصحيحة» للشيخ الألباني (ج6 ص699)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج3 ص682 و683)، و«المبدع» لأبي إسحاق (ج2 ص117).
([379]) والأدلة الشرعية أثبتت أن الشريعة المطهرة موضوعة على قصد الرفق والتيسير.
وانظر: «الموافقات» للشاطبي (ج2 ص123).
([380]) وانظر: «المقدمات» لابن رشد (ص20)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص42)، و«مغني المحتاج» للشربيـني (ج1 ص193)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص80 و81)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص82).
([381]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص379)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص131)، و«مفردات غريب ألفاظ القرآن» للراغب (ص881)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص650).
([382]) وانظر: «المستصفى» للغزالي (ج1 ص286)، و«المحصول» للرازي (ج2 ص187)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص344)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص233 و234)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305).
([383]) قلت: فالشرائع هي مصالح للأمة تختلف باختلاف الأحوال والأوقات، وأنها لا تتحقق إلا بالعلماء الربانيين، وطلبة العلم المتمكنين، والرباني: نسبة إلى الربان الذي يربي الناس، وهو الذي يصلح أمورهم ويربيها، ويقوم بها.
وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص233 و234).
انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص98)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج5 ص199).
أخرجه مسدد في «المسند» (ج1 ص282- المطالب العالية)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص200)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص310)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج4 ص206)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج5 ص199)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص479).
وإسناده صحيح.
([390]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3990)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص240)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص105)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص23 و24)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص356)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص438)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص185).
([391]) وانظر: «الشرح الكبير» لشمس الدين المقدسي (ج2 ص84)، و«التمهيد» لابن عبد البر(ج16 ص244)، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص314)، و«حاشية الروض المربع» لابن قاسم (ج2 ص360)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص118).
([392]) وانظر: «الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص84)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي(ص83).
قلت: إذا فمقصود الشارع من مشروعية الرخصة، الرفق بالمكلف عن تحمل المشاق.
([393]) قلت: فيرفع عنه الإثم هنا، والمؤاخذة الآخروية عند الله تعالى.
قال تعالى: ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم [ [البقرة: 173].
وقال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم [ [البقرة: 173].
وقال تعالى: ]وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه[ [الأنعام: 119].
([394]) وانظر: «قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5 و7 و8)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص161)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص10 و11)، و«المغني» لابن قدامة (ج8 ص605)، و«شفاء الغليل» للغزالي (ص655)، و«شرح القواعد الفقهية» للزرقاء (ص159)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص225)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص55).
([395]) وانظر: «المستصفى» للغزالي (ج1 ص286 و287)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص414)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص8 و10 و11)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5)، و«شجرة المعارف» له (ص401)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج15 ص312)، و(ج25 ص282)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص3)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص216)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج4 ص163)، و«الفروق» للقرافي (ج4 ص33).
([396]) قلت: فالشرائع هي مصالح للأمة تختلف باختلاف الأحوال والأوقات، وأنها لا تتحقق إلا بالعلماء الربانيين، وطلبة العلم المتمكنين، والرباني: نسبة إلى الربان الذي يربي الناس، وهو الذي يصلح أمورهم ويربيها، ويقوم بها.
وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج3 ص233 و234).
([398]) وانظر: «بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص155)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج1 ص133)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص495)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص101)، و«القوانين الفقهية» لابن جزي (ص48).
([399]) وانظر: «المغني» لابن قدامة (ج1 ص631)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج4 ص202)، و«نهاية المحتاج» للرملي (ج2 ص153)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج2 ص301)، و«البحر الرائق» لابن نجيم (ج1 ص367)، و«الحاشية» لابن عابدين (ج1 ص556)، و«منتهي الإرادات» لابن النجار (ج1 ص119)، و«روضة الطالبين» للنووي (ج1 ص344).
([400]) فالعبد إذا كان يعمل الخير، ثم منع منه لعذر كتب الله تعالى له أجر ما كان يعمل قبل أن يمنعه العذر.
([406]) حديث ضعيف، ومعناه صحيح.
أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص117)، والنسائي في «سننه» (ج3 ص257).
وإسناده منقطع.
([407]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج10 ص348)، ومسلم في «صحيحه» (2319)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص358 و361 و365).
أخرجه أبو داود في «سننه» (4941)، والترمذي في «سننه» (1924)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص160)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص175).
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (376)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص232)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص323) بإسناد حسن.
([411]) وإذا ضاق صدره لم تستقر الرحمة فيه، وملك نفسه بقوة الهوى، وسلطان الشيطان، فعامل الخلق بالغضب، لأن الشيطان يريه ذلك، حتى يأخذ من الشبهات بتضييع الأمانات، وتعطيل الفرائض، ومنع الحقوق، والتعصب للآراء، ويعرض عن المواعظ والنصائح، ونسيان الموت والمعاد، والحساب بين يدي الله تعالى، اللهم سلم سلم.
([412]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج13 ص277)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج2 ص346)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج8 ص299).
([413]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج17 ص122 و123 و124)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص442)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج10 ص429 و430)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج7 ص9)، و«تفسير القرآن» لابن وهب (ج2 ص17 و18)، و«تفسير القرآن» لعبد الرزاق (ج2 ص33)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج3 ص118)، و«تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج5 ص278 و279 و280).
([414]) مسوك: جمع مسك، وهو الجلد.
وانظر: «النهاية» لابن الأثير (ج5 ص185)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص295).
أخرجه ابن وهب في «تفسير القرآن» (ج2 ص17 و18)، والطبري في «جامع البيان» (ج3 ص575).
وإسناده صحيح.
([416]) وانظر: «الدر المنثور» للسيوطي (ج11 ص530)، و«تفسير القرآن» لابن سلام (ج2 ص616)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج3 ص372)، و«جامع البيان» للطبري (ج18 ص360)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج6 ص625)، و«تفسير القرآن» للبستي (ص67).
([417]) وعبد الرحمن بن عبد الخالق؛ هذا: ]وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد[ [البقرة: 206].
قال تعالى: ]ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب[ [النور: 39].
([420]) كـ(الذين يخرجون مسيرات في الشوارع مع الفساق، والنساء من أجل المقاطعة وغيرها زعموا)؛ فهؤلاء وإن نسبوا إلى العلم فنسبتهم صورية شكلية لا أثر لها في الحقيقة، لأن أهل العلم عليهم وقار، وسمت لا يخرجون في الشوارع هكذا ويمنعهم علمهم وحياؤهم من هذا الفعل المنحط.
([421]) بل شهد العلماء عليه أنه ضال في الدعوة الله تعالى؛ منهم: «الشيخ الألباني»، و«الشيخ الفوزان»، و«شيخنا ابن عثيمين»، و«الشيخ ابن غصون»، و«الشيخ محمد الجامي»، وغيرهم من علماء أهل السنة والجماعة.
([422]) وإذا رأيت القوم في البلدان، وما يقومون به من سياسة: «رهبان النصارى» وغير ذلك، دخل في ذهنك؛ أنهم من: «الرهبان»، وقد ابتدعوا: «الرهبانية» في الإسلام، ولابد.
([423]) وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص126)، و«العين» للفراهيدي (ج1 ص719)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص109)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص119)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص592)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص1483)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج5 ص34).
([425]) وانظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص240)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج8 ص176 و177)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص1483 و1484)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص119)، و«العين» للفراهيدي (ج1 ص719)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص1748 و1749)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص567 و568)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج16 ص57و58).
([426]) خاصة الأفكار السياسية التي أخذوها من: «رهبان النصارى»، والتي نشروها في البلدان على أنها من الدعوة إلى الله!: ]تشابهت قلوبهم[ [البقرة: 118].
قال تعالى: ]قل إن هدى الله هو الهدى[ [البقرة: 120].
([428]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص592)، و«تفسير القرآن» لأبي المظفر السمعاني (ج5 ص379)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج8 ص176 و177)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص1483 و1484)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص240)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ص119)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج2 ص60)، و«العين» للفراهيدي (ج1 ص719)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص1748 و1749)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص567 و568) و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج16 ص57 و58).
([429]) وانظر: «زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج8 ص177)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج16 ص57 و58)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج2 ص60)، و«فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير» للشوكاني (ج4 ص240)، و«تفسير القرآن» لأبي المظفر السمعاني (ج5 ص379 و380).
([430]) دير: مسكن الرهبان، والرهبات، ويقال: الديرة، والجمع: أديرة، وأديار، وديورة.
انظر: «الرائد» لجبران (ص389)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص108).
([431]) الخدعة: جمع؛ خدع، وهي الغش، والحيلة، والمكر.
انظر: «الرائد» لجبران (ص353)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص89).
([432]) قلت: فاحتال: «عبد الرحمن بن عبد الخالق، وأتباعه» في البلدان الإسلامية: بأن يعيشوا من أتعاب الشعوب، بما يسمى: بــ«الأعمال الخيرية» عن طريق جمعياتهم الحزبية، فهم: «الرهبان» في الإسلام!، بمثل: «الرهبان» في النصرانية، اللهم غفرا.
قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله[ [التوبة: 34].
قلت: وبذلك فقد فتح هؤلاء على أنفسهم بابا واسعا لدخول الشيطان عليهم من هذا الباب، فأضلهم ضلالا بعيدا، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]وكثير منهم فاسقون[ [الحديد: 27]؛ أي: خارجون عن موجب الإيمان، ومقاصده.
وانظر: «محاسن التأويل» للقاسمي (ج16 ص58).
([433]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج3 ص226)، و«الوسيط في تفسير القرآن المجيد» للواحدي (ج2 ص491 و492)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص278)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج8 ص192)، و«أنوار التنزيل» للبيضاوي (ج1 ص403)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص286)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج8 ص78)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج2 ص355)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج5 ص32)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج15 ص34 و35)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج3 ص428)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج2 ص304)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج10 ص84)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص424)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج6 ص1787)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج5 ص34).
([434]) فـ «عبد الرحمن بن عبد الخالق» هذا راهب من القصاص، وليس بعالم بالكتاب والسنة، و«أتباعه» كذلك من القصاص الرهبان: الذين يعبدون الله تعالى على جهل بالغ في الدين، فاحذروهم، ولا تطيعوهم، نعوذ بالله من الخذلان.
وانظر: «بحر العلوم» للسمرقندي (ج2 ص54).
([435]) يقال: سفلة من الناس: أسافلهم، غوغاؤهم، وأهل انحطاط في الحياة.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص146)، و«الرائد» لجبران (ص451).
([436]) سبحان الله: ما أشبه اليوم بالأمس، فلو طبق المتنصبة الإسلام الصحيح، لذهبت عليهم: الأموال، والمأكلة، نعوذ بالله من الخذلان.
([438]) علماء السوء من أهل المناصب الدينية الذين يأكلون أموال الدول، أو أموال الناس بالباطل؛ إما من طريق مناصبهم، أو من طريق جمعياتهم، أو غير ذلك.
قال تعالى: ]وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون (52) فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون (53) فذرهم في غمرتهم حتى حين (54) أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين (55) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون[ [المؤمنون: 52 - 56].
([440]) السحت: الحرام. قال تعالى: ]وأكلهم السحت[ [المائدة: 63].
وانظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص121).
قال الفيومي اللغوي / في «المصباح المنير» (ص140): (السحت: هو كل مال حرام لا يحل كسبه، ولا أكله).
([441]) فولاة الأمر في الدولة بذلوا لهم الرواتب من الأموال العامة في الوطن؛ ليعلموا المسلمين الدين الصحيح، ويدلوهم على الطريق المستقيم لينفعوا بذلك وطنهم.
لكنهم عكسوا الأمر، فعلموا الشباب المسكين فقه الآراء والاختلاف، والأفكار الدخيلة على الإسلام، فصدوهم عن السبيل المستقيم.
لذلك هذه الرواتب لم يأخذوها بحق في الدولة، بل هي تعتبر من أكلهم أموال الناس بالباطل، وأكلهم السحت، اللهم غفرا.
([443]) ذكره ابن القيم في «بدائع الفوائد» (ج2 ص32)، وابن تيمية في «الفتاوى» (ج1 ص197)، وفي «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص67)، والمناوي في «فيض القدير» (ج5 ص261).
([444]) لأن النصارى عبدوا الله بغير علم، واليهود عرفوا الحق، وعدلوا عنه.
ومعناه: أن من فسد من علماء هذه الأمة، وضل على علم، ففيه شبه باليهود؛ لأنهم ضلوا، وأضلوا على علم، فغضب الله تعالى عليهم.
وأن من فسد من عباد هذه الأمة، وضل؛ ففيه شبه بالنصارى الذين عبدوا الله على جهل، فضلوا سواء السبيل.
وانظر: «فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن آل الشيخ (ج1 ص443)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص193).
([445]) القذة: ريش السهم واحدتها قذة، ومعنى: حذو القذة بالقذة؛ أي: كما تقدر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع، يضرب مثلا للشيئين يستويان، ولا يتفاوتان.
انظر: «النهاية» لابن الأثير (ج4 ص28).
([447]) وهم: «فرقة المتنصبة»، و«فرقة المترهبنة»، فهم: يأكلون الدنيا بالدين، في مناصبهم، ورياستهم في الناس: يأكلون أموالهم في البلدان بواسطة: «المناصب الدينية»، و«الخطب المنبرية»، و«التجميعات التبرعية»، و«الجمعيات الخيرية»، و«المسابقات القرآنية»، وغير ذلك مما يجلب لهم الأموال.
ولو أنهم تعلموا السنة، وتمسكوا بها حق التمسك، وأظهروها بين الناس، وقمعوا البدعة وأهلها، لذهبت عليهم تلك المناصب، وزالت عنهم المآكل، والأموال في البلدان الإسلامية.
هكذا يفكرون، نعوذ بالله من الخذلان.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص278)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج8 ص192)، و«أنوار التنزيل» للبيضاوي (ج1 ص403)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج15 ص34 و35)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج3 ص428)، و«تفسير القرآن» للسمعاني (ج2 ص304)، و«الوسيط في تفسير القرآن المجيد» للواحدي (ج2 ص492).
([448]) قلت: و«فرقة المتنصبة» في الدنيا، حساباتهم في البنوك ممتلئة من الأموال، ومع ذلك لم يشتهر أحدهم في الإنفاق على المسلمين في جميع الأصناف، ولم ينفقوا على دعوة أهل السنة، وعلى طلبة السنة في البلدان الإسلامية، وهذا يدل على أنهم ضموا الأموال لأنفسهم، وأتباعهم، اللهم غفرا.
* ولقد اشتهر الشيخ ابن باز / بالإنفاق، والشيخ ابن عثيمين / بالإنفاق: ]فهل من مدكر[ [القمر: 15]؛ من معتبر.
([449]) وهم: الحزبيون بجميع أنواعهم في البلدان الإسلامية.
مثل: «الإخوانية»، و«السرورية»، و«الداعشية»، و«القطبية»، و«الصوفية»، و«الأشعرية»، و«الربيعية»، و«التبليغية» وغيرهم من الرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدونهم عن سبيل الله.
قلت: وهم لابد أن يصدوا الناس عن سبيل الله تعالى، وإلا كيف يأخذون أموالهم بالباطل، لابد بذلك الصد، والعياذ بالله.
([450]) وما أشبه اليوم بالأمس، فإن: «فرقة المتنصبة» يمعنون أتباعهم عن متابعة أهل الأثر في البلدان، اللهم سدد.
([452]) قلت: والمراد: أخذ الأموال، وإنما ذكر الله الأكل لأنه معظم المقصود من المال.
انظر: «زاد المسير» لابن الجوزي (ج3 ص34).
([453]) وخولة بنت قيس، هي: خولة بنت ثامر الأنصارية، وثامر: لقب لقيس بن قهد، وكانت تحت حمزة t، عم النبي r.
وانظر: «الإصابة» لابن حجر (ج8 ص113 و119)، و«تحفة الأشراف» للمزي (ج11 ص300)، و«جامع المسانيد» لابن الجوزي (ج8 ص60).
([454]) جاء في «أطراف المسند» لابن حجر (ج8 ص414)؛ عمر بن سعيد بن كثير بن أفلح، بزيادة: «ابن سعيد»، وهو خطأ.
صوابه: عمر بن كثير بن أفلح، كما في رواية.
([455]) قوله r: (متخوض)؛ أي: داخل فيه، متصرف فيه على غير وجهه، وهو متخوض في المال فيما شاءت نفسه في حق، أو باطل، فهذا ليس له يوم القيامة؛ إلا النار، والعياذ بالله.
انظر: «حاشية السندي على مسند الإمام أحمد» (ج5 ص604)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص219)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص34).
([456]) وأضيف المال إلى الله تعالى، لأن الله تعالى هو الخالق لهذا المال، فالمال، مال الله تعالى حقيقة.
قال تعالى: ]وآتوهم من مال الله الذي آتاكم[ [النور: 33]؛ يعني: الأموال الشرعية العامة، من زكاة، وغيرها.
([458]) قلت: وهذا ما يفعله الحزبيون في جمعياتهم، فإنهم يتصرفون في التبرعات بالتشهي، كيف شاءوا في حق، أو باطل: ]تلك إذا قسمة ضيزى[ [النجم: 22]؛ يعني: جائرة.
فهؤلاء ليس لهم يوم القيامة إلا النار: وهو حكم مرتب على الوصف المناسب، وهو الخوض في مال الله تعالى بغير علم، وبغير فهم لأحكامه في الدين.
انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص219)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص34).
([459]) قال تعالى: ]تلك إذا قسمة ضيزى[ [النجم: 22].
ضيزى: يعني؛ قسمة ظالمة، والضيزى عند العرب: أصلها؛ المخالفة.
انظر: «جامع البيان» للطبري (ج22 ص53 و54).
([461]) وهذا فيه ردع للمتحزبة، والمتنصبة؛ بجميع أنواعهم، الذين يأخذون من مال الله تعالى بغير حقه، ويدفعون هذا المال لنشر دعواتهم الباطلة، وأفكارهم الفاسدة، بل ويدفعوه لأتباعهم في البلدان لتكثير سوادهم، ويمنعوه من كثير من المسلمين في البلدان، الذين يستحقون هذا المال، اللهم غفرا.
([462]) ويدخل في ذلك: أكل أموال اليتامى، والوقف، والتبرعات، وجحد الأمانات، والأخذ بغير استحقاق، والأموال العامة.
([464])وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص219)، و«شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص538)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص34)، و«عمدة القاري» للعيني (ج12 ص179).
([465]) حتى أنهم يقتطعون نسبة؛ لأنفسهم من مال المشاريع: بحجة قيامهم بتنفيذ هذه المشاريع.
وهذا الاقتطاع: لا يحل لهم، بل هو من السحت، وهو أشد حرمة من المكوس، والغلول، والسرقة، لأن ذلك: يفعله من يفعله، وهو يعتقد حرمته.
وأما هذا المال: يفعله من يفعله، وهو يظن أنه مباح له، والمال أنه حرام، وأشد حرمة.
([466]) وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص538 و539)، و«منحة الملك الجليل في شرح صحيح محمد بن إسماعيل» للراجحي (ج6 ص443)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج5 ص275)، و«عمدة القاري» للعيني (ج12 ص179)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص219)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص34).
([467]) فالأموال التي يأخذها الحزبيون؛ بدون حق: هي أموال سحت، يأكلونها حراما، وفي ذلك الهلكة، والعذاب.
وهذا من المخاوف من عقوبة كسب المال الحرام.
([469]) الحمالة: بالفتح، ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية، أو غرامة.
تحملت: تكلفت مالا، لإصلاح ذات البين.
مثل: أن يقع حرب بين فريقين: تسفك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى، يستدينه ويدفعه، ليصلح ذات البين.
وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص1051).
([471]) السداد: بكسر السين، وهو ما يغني من الشيء، وما تسد به الحاجة، وكل شيء سددت به شيئا، فهو سداد بالكسر.
([472]) وانظر: «الحاشية على مسند الإمام أحمد» للسندي (ج3 ص610 و611)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج5 ص165 و166 و167)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص87 و88 و89)، و«المعلم بفوائد مسلم» للمازري (ج2 ص20)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص311 و312)، و(ج3 ص280)، و«إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (ج3 ص577 و578)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج7 ص40 و41)، و«المغني» لابن قدامة (ج9 ص323 و325)، و«الكافي» له (ج2 ص200)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج3 ص522 و523)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج3 ص522 و523)، و«الحاشية على الروض المربع» لابن القاسم (ج3 ص317 و318)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج2 ص451).
([473]) وانظر: «أحكام القرآن» للجصاص (ج4 ص299)، و«تفسير غريب القرآن» لابن قتيبة (ص184)، و«بحر العلوم» للسمرقندي (ج2 ص53)، و«لباب التأويل» للخازن (ج3 ص68)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج5 ص33 و34).
([474]) قوله تعالى: (يضاهون)؛ بضم: «الهاء»، من غير: «همز»: وهي قراءة لغير: «عاصم بن أبي النجود»، أما هو: فيقرؤها: بكسر: «الهاء»،وبهمزة مضمومة.
انظر: «الكشف والبيان» للثعلبي (ج5 ص33).
([476]) وانظر: «القول المفيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص478)، و«إعانة المستفيد» للشيخ الفوزان (ج1 ص450 و451)، و«قرة عيون الموحدين» للشيخ عبد الرحمن آل الشيخ (ص190)، و«فتح المجيد» له (ج1 ص444)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص750).
([477]) ما أشبه الليلة بالبارحة، ووازن بين ما عليه الجماعات الإسلامية اليوم، نعوذ بالله من التعصب الحزبي.
قلت: ففي هذه الأمة من يحذو حذو الفريقين!.
قال العلامة سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص750): (لكن ليس الحديث إخبارا عن جميع الأمة؛ لما تواتر عنه r: أنها لا تجتمع على ضلالة). اهـ
([478]) مثل: «كتب: سيد بن قطب»، وهي كتب ضلال، وقد كتبها على طريقة أفكار اليهود، والنصارى، لأنه عاش فيما بينهم لسنين طويلة في: «أمريكا»، و«فرنسا»، وغيرها من دول الغرب.
([480]) وكفر النصارى: من جهة عملهم بلا علم، فهم يجتهدون في أصناف العبادات؛ بلا شريعة من الله تعالى، ويقولون ما لا يعلمون.
قلت: ففي هذه الأمة من يحذو حذو اليهود في اتباعهم، والنصارى في اتباعهم، والله المستعان.
وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج1 ص15 و16)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص750)، و«فيض القدير» للمناوي (ج5 ص261).
([481]) لكن ليس الحديث إخبارا عن جميع الأمة، لما تواتر عنه r أنها لا تجتمع على ضلالة، وأنه لا تزال طائفة من أمته قائمة على الحق، وهي أمة الإجابة.
وانظر: «تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص750)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص197)، و«نظم المتناثر من الحديث المتواتر» للكتاني (ص161).
([484]) يعني: لو قالوا لأتباعهم اعبدونا، لم يفعلوا؛ لأنهم لو قالوا لهم ذلك لانكشفوا للأتباع، لكن يأتونهم بالشبهات والتحريفات، والحيل في الدين، فزينوا لهم طاعتهم بذلك؛ فأطاعوهم، فضلوا في الدين، والعياذ بالله.
وانظر: «جامع البيان» لابن جرير (ج10 ص115).
([485]) قلت: فلم يأمروهم أن يسجدوا لهم، ولكن أمروهم بالأحكام الباطلة في الأصول والفروع، وفي المنهج والدعوة، فأطاعوهم، فسماهم الله بذلك أربابا، اللهم غفرا.
وانظر: «جامع البيان» لابن جرير (ج10 ص115).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص70): (وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله؛ حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله وعكسه). اهـ
قال تعالى: ]وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون[ [العنكبوت: 43].
([486]) قلت: فطاعة: «عبد الرحمن بن عبد الخالق» في معصية الله تعالى عبادة له من دون الله، لا سيما في الفتاوى الباطلة التي صدرت منه في الدين قديما وحديثا: ]إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [البقرة: 169].
قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج2 ص1098): (فيحسنون لهم البدع، والشرك فيطيعونهم، ويظنون أنهم علماء مصلحون: ]ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون[ [البقرة: 12]). اهـ
([487]) وانظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص299 و300)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» للشيخ الحمدان (ص246).
([489]) ومعناه: أن اعتقادهم، وإيمانهم بحرمة تحريم الحلال، وتحليل الحرام: ثابت، ومستقر؛ إلا أنهم يطيعونهم في المعصية دون الاعتقاد بحرمة الحلال، وحل الحرام.
وانظر: «الفتاوى»؛ كتاب: «الإيمان» لابن تيمية (ج7 ص70 و71).
([490]) وانظر: «فتح البيان في مقاصد القرآن» للشيخ صديق حسن خان (ج4 ص117)، و«القول المفيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص264)، و«فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن آل الشيخ (ج1 ص210)، و«إعانة المستفيد» للشيخ الفوزان (ج2 ص159)، و«شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص55)، و«التوحيد» للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص111)، و«الإيمان» لابن تيمية (ص66)، و«السنن» للترمذي (ج5 ص287).
([491]) وانظر: «فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج2 ص647 و652)، «جامع البيان» للطبري (ج18 ص178)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج2 ص1104 و1105).
([492]) والتراثيون الحزبيون: هم الدعاة إلى الآراء الباطلة، والتحاكم فيما بينهم إليها، بل وزينوا هذه الأحكام الباطلة لغيرهم من السفلة الجهلة الذين يأتون من جهتهم في البلدان الإسلامية، وهذا ينافي التوحيد، وينافي الإيمان: قال تعالى: ]ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا[ [النساء: 60].
قال تعالى: ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا[ [النساء: 61].
وقال تعالى: ]وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون[ [البقرة: 11-12].
فتبا لهم سدوا على أنفسهم باب العلم، وفتحوا عليهم باب الجهل، وقابلوا دين الله تعالى بالإعراض، وأمره بالعصيان.
قال تعالى: ]بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون[ [الأنبياء: 24].
([493]) فكيف لا يميز من له بصيرة بين دين أسس على تقوى من الله تعالى، وبين دين أسس على آراء الرجال؛ بل أسس على شفا جرف هار، فانهار بصاحبه في النار، والعياذ بالله.
قلت: فمن لم يعرف هذا: فهو ميت.
قال تعالى: ]أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 122]؛ فسمى الله تعالى الخالي عن الهدي ميتا.
وقال تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون[ [الأعراف: 3].
([494]) وانظر: «فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج2 ص659)، «الدر النضيد على أبواب التوحيد» للشيخ الحمدان (ص249)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ص1117).
([496]) فبالله صف لي حال أحوال: «أحبار اليهود»، و«رهبان النصارى»: الذين خالفوا أحكام الله تعالى، هل هي بعينها إلا هي أفعال: «عبد الرحمن وأتباعه!».
([497]) وهذا من الفساد في الأرض، ويترتب عليه من الفساد العريض الذي يخرج صاحبه من الحق، ويدخله في الباطل، ولابد.
قال تعالى: ]ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها[ [الأعراف: 56].
وانظر: «بدائع الفوائد» لابن القيم (ج3 ص17)، «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص304 و305)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» للشيخ الحمدان (ص249).
([498]) فـ: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، وأتباعه يتحاكمون فيما بينهم بالآراء الباطلة في الفتاوى التي تصدر منهم في دعوتهم: ]أفحكم الجاهلية يبغون[ [المائدة: 50].
وانظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص300 و303)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» للشيخ الحمدان (ص250)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ص1119).
([500]) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص384)، و«المدخل لمذهب الإمام أحمد» لابن بدران (ص390)، و«الذخيرة» للقرافي (ج1 ص140)، و«فواتح الرحموت» للأنصاري (ج2 ص402)، و«التقليد» للشثري (ص129).
([501]) مثل: «عبد الرحمن بن عبد الخالق»، وغيره من أهل الجهل المركب.
قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص12): (الذين يعملون بلا علم؛ هؤلاء أهل الضلال). اهـ
([502]) قلت: ولا شك أن فتنة هؤلاء فتنة لكل مفتون.
فإن الناس يتشبهون بهؤلاء لما يظنون أنهم من العلماء في الدين والعلم؛ فهم حجة لكل مفتون.
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص666) من طريق أحمد بن زهير نا محمد بن المقاتل نا ابن المبارك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1650)، وفي «شعب الإيمان» (ج3 ص315)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج14 ص36) من طريق سفيان بن هارون البرجمي حدثنا محمد بن نشر قال: قال الشعبي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وانظر: «الإكمال» لابن ماكولا (ج1 ص276).
([508]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص216)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج9 ص128).
قلت: وهذا الحديث فمثل في ذم الحمية، والتعاون على العصبية.
قال تعالى: ]وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان[ [المائدة: 2].
([510]) المماري: من المراء، وهو الجدال، والتماري والمماراة: المجادلة على مذهب الشك والريبة.
انظر: «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج1 ص212)، و «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص322).
([511]) وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص235)، و«الوسيط في تفسير القرآن المجيد» للواحدي (ج1 ص310)، و«جامع البيان» للطبري (ج2 ص315)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص244).
([514]) انظر: «جامع البيان» للطبري (ج2 ص316).
قلت: والحزبي مخاصم في الدين، فلا يستقيم على خصومة، فهو ينتقل من خصومة إلى أخرى، والعياذ بالله.
وانظر: «غريب الحديث» للحربي (ج3 ص1177)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص741).
([522]) قلت: فالقوم تمنوا رجعة إلى الدنيا ليتبرءوا من الذين كانوا يطيعونهم في الضلالة، كما تبرأ منهم رؤوس الضلالة الذين كانوا في الدنيا.
قلت: فصارت أعمالهم المخالفة للشريعة المطهرة حسرات عليهم يوم القيامة، نعوذ بالله من الخذلان.
([523]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج2 ص20 و21)، «تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج1 ص277 و278)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج1 ص193)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج2 ص122)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج1 ص154)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج11 ص393)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج2 ص36)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص179)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص166)، و«الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (ج6 ص275).
([524]) قلت: أيها الأتباع ليس لكم يوم القيامة؛ إلا الحسرات والندامات، لأنكم أطعتم رؤوس الضلالة، ولم تطيعوا الله تعالى، ولا رسوله r، فذوقوا العذاب بما كنتم تستكبرون عن الحق، وبما كنتم تقولون على الله تعالى ما لا تعلمون.
([526]) قوله: (قد غفر الله لك)؛ أي: فيمكن منك المسامحة في أمر اعتمادا على المغفرة، ولا يمكن لنا مثل ذلك، فبين r أنه مع ذلك يعمل بدقائق التقوى والورع، ولا يأخذ بالمسامحة في الأمور، فلا ينبغي الاحتراز عن فعله بتوهم المسامحة فيه.
وفي هذا الحديث يتبين أن الله تعالى يغضب على الذين لا يترخصون برخصه الشرعية، لأنها من أوامره تعالى، ولا يجوز ترك أوامره سبحانه: (والله يحب أن تؤتى رخصه).
قال تعالى: ]قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض[ [الحجرات: 16].
قال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
([529]) فأشار بقوله r: (أعلمكم)؛ إلى القوة العلمية، وبقوله r: (أشدهم له خشية)؛ إلى القوة العملية، أي: أنا أعلمهم بالفضل، وأولاهم بالعمل به.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص279).
([530]) كما تنزه: «عبدالرحمن بن عبدالخالق» الجاهل عن الرخصة الشرعية في هذه الأيام، وهذا يدل على أنه مبتعد عن السنة، ومعرض عنها، ومن تطبيقها بسبب جهله بمعرفة السنة جملة وتفصيلا، كما هو مشاهد منه في حياته كلها.
([532]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص278)، و«عمدة القاري» للعيني (ج20 ص217)، و«شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج8 ص181)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج10 ص348)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج4 ص2339)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج15 ص297).
([533]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص279)، و«عمدة القاري» للعيني (ج1 ص190)، و(ج20 ص219)، و«شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج8 ص184)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج9 ص286 و287)، و«تحفة الباري» للأنصاري (ج6 ص505)، و«التلخيص» للنووي (ج2 ص543 و544).
([534]) قلت: وهذه المصلحة العظمى؛ لابد من تحصيلها، لدفع المفسدة الكبرى عن المسلمين في البلد من المرض المعدي.
([535]) قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيجوز في أي: زمان؛ من أي: خوف أن يصلي الناس في بيوتهم، للاحتراز من هذا الخطر المحيط بهم في بلدهم.
وانظر: «القواعد الحسان المتعلقة بتفسير القرآن» للشيخ السعدي (ص18)، القاعدة الثانية: «العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب».
قلت: فهذه القاعدة، بمعرفتها يحصل للعبد العلم النافع، وبإهمالها يحصل للعبد العلم المضر ولابد، ويقع في الباطل عند استدلاله بالقرآن.
([536]) وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص146)، و«الوسيط في تفسير القرآن المجيد» للواحدي (ج2 ص556)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج8 ص237)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج5 ص186)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص418)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج2 ص334)، و«بدائع الفوائد» لابن القيم (ج4 ص1315)، و«معاني القرآن» للفراء (ج1 ص477)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج11 ص228)، و«لباب التأويل» للخازن (ج3 ص264).
([537]) قلت: ونستعين بالله تعالى بالصبر، والصلاة، والتضرع في البيوت في البلد.
قال تعالى: ]واستعينوا بالصبر والصلاة[ [البقرة: 45].
([538]) قلت: لذلك لا يجوز إحسان الظن بهذا الرجل الأحمق المفتون، لأنه لا يفقه الأدلة في الدين.
فإحسان الظن؛ بمثل: هذا المفتون فليس بحسن!، فافطن لهذا.
([540]) وانظر: «تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج3 ص382)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج17 ص119)، و«أنوار التنزيل» للبيضاوي (ج1 ص444)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج9 ص72).
([541]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج13 ص361)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج7 ص672)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص6)، و «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص257).
([544]) وأخطأ في المدلول؛ حيث أتى بمعنى مخالف لما كان عليه السلف.
وانظر: «شرح مقدمة التفسير» لشيخنا ابن عثيمين (ص125).
([545]) وانظر: «مقدمة في أصول التفسير» لابن تيمية (ص122 و138)، و«الإقناع في مسائل الإجماع» لابن القطان (265).
([546]) وانظر: « تفسير القرآن» لأبي المظفر السمعاني (ج1 ص176)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص148) ، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج1 ص433)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص269 و270)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج1 ص183)، و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص104) . .
([548]) وانظر: «تفسير القرآن» لأبي المظفر السمعاني (ج1 ص177)، و« زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج1 ص183)، و«تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج1 ص219)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص269)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص143)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج1 ص433)، و« تفسير القرآن» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص313)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص52).
قال المفسر القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج6 ص108): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق في الدين). اهـ
([552]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة، فجعل الله تعالى الدين واسعا حين رخص في أحكامه.
انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).
([553]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص250)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص108)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص498).
([555]) فالإنسان عابد لله تعالى بالرخصة، وما يكون محققا لهذه العبودية في استمرار وإحسان، ومتابعة لسنة النبي r ، ومنها التوازن، واختيار الأيسر حفاظا على النفس، وأداء في حدود الطاقة، فهو الأولى بالاتباع.
([556]) فتكليف النفس أكثر من وسعها خارج عن المعتاد؛ أي: هذه المشقة خارجة عن المعتاد.
قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].
ويترتب عليها سقوط الواجب، أو تأخيره إلى أن تزول المشقة، طبقا للقاعدة: (المشقة تجلب التيسير).
([558]) كذلك عموم البلوى، والمراد بها: شيوع البلاء بحيث يتعذر على الإنسان أن يتخلص منه، أو يبتعد عنه، فعفى الشرع عن ذلك في غالبها لما في اجتنابه من المشقة.
وعموم البلوى يكون في أمور العبادة، كما يكون في قضايا التعامل مع الناس، بحيث لو أخذ بأصل الحكم فيها، لأدى إلى المشقة والعسر، أو تعطيل المصالح، وهو نوع من المشقة، وعموم البلوى عذرا للناس في الدين.
وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص92).
([559]) وانظر: «الإرشاد» لابن أبي موسى (ج1 ص206)، و«المختصر» لابن تميم (ج2 ص343 و344)، و«زاد المستقنع في اختصار المقنع» للحجاوي (ص58)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج2 ص528)، و«تجريد العناية» لابن اللحام (ص48)، و«الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج4 ص346)، و«المسائل» لأبي داود (ص76)، و«الروض المربع» للبهوتي (ج1 ص268)، و«الإحكام في شرح أصول الأحكام» لابن قاسم (ج1ص403).
([560]) قلت: ويجوز ترك أيضا: «الصلاة» في المسجد، خشية التأذي من مرض، أو الخوف من أي: شيء، لأن هذا من باب الرخصة الشرعية.
([561]) قلت: فإذا جازت الصلاة من خوف التأذي من مطر، أو وحل، أو غيرهما، فمن باب أولى الترخص بالصلاة في البيوت بسبب الخوف من المرض المعدي، وسواء وقع بكثرة، أو بقلة، للوقاية منه في البلد، فافهم لهذا ترشد.
([567]) هذا لقب: لمالك بن الحارث النخعي.
انظر: «السير» للذهبي (ج4 ص134)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص126)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص11).
([569]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج19 ص50 و51) ، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص259)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج7 ص15)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج24 ص109)، و«جامع البيان» للطبري (ج17 ص559)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج11 ص241) . .
([572]) وانظر: «أصول الفقه الإسلامي» للزحيلي (ج2 ص115)، و«أصول التشريع الإسلامي» لعلي حسب الله (ص99)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج4 ص505)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج6 ص268)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص263)، و«فواتح الرحموت» للأنصاري (ج2 ص395)، و«شرح تنقيح الفصول» للقرافي (ص441)، و«الهداية» للمرغيناني (ج3 ص107).
([574]) وانظر: «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج5 ص611)، و«الاقتضاب في غريب الموطأ» لليفرني (ج2 ص425).
والطاعون: يوزن فاعول، من الطعن، عدلوا به عن أصله، ووضعوه دالا على الموت العام؛ كالوباء.
وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص95).
([575]) فإن امرؤ خشي على نفسه الهلاك من وباء انتشر في بلده، فيجوز له أن لا يصلي في المسجد؛ ليسلم على نفسه من المرض، فيرجح جانب العافية على صلاة الجماعة في المسجد، فيصلي في بيته للرخصة الشرعية، وهو يثاب على أخذه بالرخصة، لأن الله تعالى يحب أن توتى رخصه في الدين.
([585]) مصبح على ظهر؛ مسافر في الصباح راكبا الظهر، وهو دواب السفر، على ظهر الراحلة راجعا إلى المدينة.
([587]) قالها؛ قال هذه المقالة أي لأدبته، أو: لم أتعجب منه، والمراد: لأدبته لاعتراضه علي في مسألة اجتهادية وافقني عليها أكثر الناس من أهل الحل والعقد، ولكني أتعجب منك على علمك وفضلك كيف تقول هذا؟ أي: فأما أنت فغير معذور في أن تجهل أن الصواب الرجوع.
([593]) فحمد الله؛ على موافقة اجتهاده، واجتهاد كثير من الصحابة لحديث رسول الله r.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص184)، و«مشارق الأنوار» للقاضي عياض (ج1 ص260)، و«الاقتضاب في غريب الموطأ» لليفرني (ج2 ص425 و426).
([595]) سرغ: يجوز فيها الصرف، وعدمه؛ يعني: «بسرغ»، و«بسرغ»، وهي قرية بوادي تبوك في طريق الشام.
انظر: «الاقتضاب» لمحمد بن عبد الحق اليفرني (ج2 ص425)، و«المفهم» للقرطبي (ج5 ص616).
([598]) لا عدوى: مؤثرة بذاتها، وبطبعها، وإنما التأثير بتقدير الله تعالى.
والعدوى: سراية المرض من المصاب إلى غيره.
وهو: خبر بمعنى النهي؛ أي: لا يتسبب أحد بعدوى غيره؛ إلا بإذن الله تعالى.
وفعل الأسباب لا ينافي القدر، بل هو من القدر؛ لأن الله تعالى يحميك من الضرر بما فعلت من السبب الذي يمنع الضرر.
وانظر: «التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عيثمين (ج12 ص618).
([601]) وهذا فيه نوع من الحجر الصحي، لأن ذلك يكون للمصاب بالمرض المعدي.
والنبي r أمره أن يبقى في بيته، ومكانه، وهذا نوع من الحجر الصحي.
([602]) الممرض: هو الذي له إبل مرض.
والمصح : من له إبل صحاح.
وفي معناه: قوله r، للمجذوم.
وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص312).
([605]) قلت: فلا يتعرض العبد إلى هذا الخطر في بلده.
وهو نهي للممرض أن يتعرض للمصح، لأن ذلك من الأسباب المعدية للمرض، وانتشاره في البلد، فلابد من النهي عنه.
وانظر: «حاشية السندي على مسند الإمام أحمد» (ج2 ص717).
([606]) وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص78).
والغالب أن فناء المبتدعة، والكفرة بالفتن، والوباء.
([607]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([608]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([609]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([610]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.
([612]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.
قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.
وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).
([615]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.
([616]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.
وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).
([617]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).
([618]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).
([619]) كانت: «غزوة تبوك» في السنة التاسعة من الهجرة.
انظر: «الدرر في المغازي والسير» لابن عبدالبر (ص253)، و«عيون الأثر» لابن سيد الناس (ج2 ص215)، و«تاريخ الملوك والأمم» للطبري (ج3 ص100).
([620]) علق البخاري في «صحيحه» (ج6 ص47)؛ هذه الرواية، ثم قال في إثرها: «الأول أصح».
يعني: رواية الجماعة: عن حميد عن أنس بن مالك، دون ذكر: «موسى بن أنس» في إسناده.
([622]) وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص36).
قلت: وهذا يدل على أن المصلي إذا منع من الجماعة في المسجد بعذر شرعي، أنه يكتب له أجر عمله في جماعة.
بل يكتب له لمشيه إلى المسجد، وقعوده فيه، ودعاء دخول المسجد، وخروجه منه، وغير ذلك من الأجور التي يحصلها العبد بسبب عذره.
([625]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج9 ص391 و396 و398)، و«شرح رياض الصالحين» له (ج1 ص36).
([626]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2996)، في كتاب: «الجهاد والسير»؛ باب: «يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة». عن أبي هريرة t.
([628]) فإذا كان الإنسان من عادته أن يصلي مع الجماعة في المسجد، ولكنه حبسه حابس من مرض، أو غيره، فإنه يكتب له أجر المصلي مع الجماعة تماما من غير نقص.
وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص36 و39).
([629]) وهذا وهم من الحاكم: فإن مسلما قد أخرج الحديث.
ثم إن: «سهل بن أبي أمامة»، لم يخرج له البخاري شيئا، فهو إذا من شرط مسلم وحده.
([631]) وهو كونه شهادة ورحمة: ليس المراد بوصفه بذلك لذاته، وإنما المراد: أن ذلك يترتب عليه، وينشأ عنه، وأنه سببه؛ يعني: الله تعالى يرحم عباده بسبب مرض الطاعون.
وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص205).
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج12 ص626): (وقوله r: (فجعله الله رحمة للمؤمنين)؛ هو رحمة باعتبار أجره إذا صبر). اهـ
([632]) فيمكث في بلده صابرا محتسبا؛ يبقى في بلده الذي وقع فيه الوباء، غير قلق، ولا منزعج، بل مسلما؛ لأمر الله تعالى، راضيا بقضائه، وإن مات بغير هذا الوباء، ولو في غير زمن الوباء، وقد علم أن درجات الشهداء متفاوتة، وفضل الله تعالى واسع، ونية المرء أبلغ من عمله.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص194)، و«بذل الماعون في فضل الطاعون» له (ص200)، و«المقلق» لابن الجوزي (ص28)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص488).
([633]) وقع عنده من طريق موسى بن إسماعيل بلفظ: «فيمكث في بيته صابرا»، وقد تفرد به عبد الصمد بن عبد الوارث التميمي، ولا يضر تفرده؛ لأنه: «ثقة عدل»، وقد وافق الأصول؛ فهي زيادة محفوظة في هذا الوجه؛ لأنها زيادة من: «ثقة»؛ فيجب قبول روايته، لأن فيها زيادة علم على الجماعة.
([635]) وهذا التفرد ليس بقادح في صحة الحديث، وزيادة: «فيمكث في بيته» مقبولة؛ لأنها زيادة من ثقة، وهي زيادة علم على الجماعة؛ لأنه حفظ هذه الزيادة.
وانظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج3 ص17)، و«الإحكام» لابن حزم (ج2 ص90)، و«تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج7 ص267)، و«المنهل الروي» لابن جماعة (ص225)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج3 ص108).
قلت: والمكث في البلد يستلزم المكث بالبيت، فتتوافق الروايتان.
([636]) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص189)، و(ج13 ص267)، و«الصحاح» للجوهري (ج6 ص2158)، و«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص757).
([637]) فمن يشتد قلقه، ويكثر تضجره، ويفعل البدع، والمعاصي في دفع الطاعون، فهذا لا يحصل له أجر شهيد.
وانظر: «بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص215).
([638]) لأن النية تمتد إلى ما لا نهاية له، والعمل محصور، وقدر النية بحسب ما تتعلق به، طال، أو قصر.
وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص488)، و«بذل الماعون في فضل الطاعون» لابن حجر (ص200).
قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص215): (فهذا جاء فيمن يكون له الطاعون شهادة ورحمة). اهـ
([639]) يعني: لا تجري عليه أحكام شهيد المعركة: في عدم تغسيله، والصلاة عليه، وغير ذلك.
لكنه: يسمى شهيدا في الدنيا والآخرة.
وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص361).
قال الحافظ ابن حجر / في «بذل الماعون» (ص196): (ذكر الدليل على أن شهيد الطاعون ملتحق بشهيد المعركة؛ بخلاف من ذكر من الشهداء، فإنهم وإن شاركوا من مات بالطاعون، في عدم مشاركة شهيد المعركة في كثير من المزايا كأحكام الدنيا؛ من تكفينهم بدمائهم، وترك غسلهم، والصلاة عليهم ... لكنهم يشاركون شهيد المعركة في ثواب الشهادة، وفي بعض الصفات الأخروية). اهـ
([640]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص194)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص488)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص626).
([642]) المبطون: هو الذي مات بسبب علة في بطنه.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص43)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج6 ص360)، و«معاني الأخبار» للكلاباذي (ج2 ص800 و802 و803 و804).