الرئيسية / سلسلة الانتصار على المبتدعة / السيوف المسلولة المكللة لقطع دابر ربيع المدخلي لتعطيله لصفة الهرولة
السيوف المسلولة المكللة لقطع دابر ربيع المدخلي لتعطيله لصفة الهرولة
وثيقة:
تدل على عظم فتن الأحزاب في «ليبيا»، وقتلهم للمسلمين، وحزب: «ربيع المدخلي» داخل معهم في هذه الفتن المهلكة في «ليبيا»، وقتلهم للمسلمين أيضا، لأن هذه الحروب قائمة فيما بين الأحزاب هناك؛
ومنها: حزب: «ربيع المخربي»، والله المستعان
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
بإدانة ربيع المدخلي بالإرجاء الخبيث
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء
ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
في ذم المرجئة العصرية
1) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم من يقرر أن العمل شرط كمال في بعض الكتب؟.([1])
فأجاب فضيلته: (هذا مبتدع، وهذا مذهب الإرجاء!).([2]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هناك من يقول بقول غريب نريد التعليق عليه، وهو: (أن العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال)، فهل هذا قول المرجئة، جزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا الكلام خطأ، هذه عقيدة المرجئة).([3]) اهـ
3) وسئل فضيلة الشيخ: عن مقال: «ربيع المدخلي»؛ كثير من العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال (العمل فرع)؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. لا.. لا.. الأعمال أصل من الإيمان).
(السائل): هذا المقال هل هو قول أهل السنة والجماعة؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. خطأ، لا.. خطأ، خطأ).
(السائل): هذه عقيدة المرجئة؟.
فأجاب فضيلته: (نعم.. نعم).([4]) اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في ذم إرجاء ربيع المدخلي وأتباعه
1) سئل فضيلة الشيخ: عن قول: «ربيع المدخلي»؛ الإيمان أصل، والعمل كمال فرع؟.
فأجاب فضيلته: (لا ... هذا باطل مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، هذا مذهب المرجئة).
ثم نقل السائل للشيخ أن: «ربيعا المدخلي» يدعي أنه نقل هذا الكلام من شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن ابن القيم، وابن رجب، وعدد من أئمة الدعوة النجدية كلهم يصرحون: (بأن الإيمان أصل، والعمل فرع)؛ فأجاب الشيخ: (هذا كذاب من هو)؛ السائل: هذا رجل يدعى بربيع المدخلي؛ فرد الشيخ قائلا: (هذا كذب).([5]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: انتشر في الآونة الأخيرة عبر شبكة الأنترنت مقال يقرر فيه صاحبه إن كثيرا من العلماء يقولون: (الإيمان أصل، والعمل كمال)، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا الكلام ما يدري ماذا يقول، وهذا إمعة يسمع من يقول هذا القول، ويردده، الإيمان: قول، واعتقاد، وعمل، لابد من الثلاثة، قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، لابد من الثلاثة.
وهذا ما درج عليه السلف الصالح، وأئمة الهدى قديما وحديثا. ([6])
والذي يريد أن يشذ، ويأتي بمسائل شاذة، أو مسائل خلافية، ويشوش بها على الناس، فهذا لا يلتفت إليه).([7])([8]) اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان /
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في ذم ربيع المرجئ، وأتباعه المرجئة
* سئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول أن تارك جنس العمل، أو كل الأعمال يكون مؤمنا ناقص الإيمان، ما صحة هذا القول أحسن الله إليكم؟.
1) سئل الشيخ: هناك شريط يروج عندنا بعنوان: «شرح الإيمان من صحيح البخاري»؛ لأحد الدكاترة من عندكم بمكة يدعى بــ«ربيع المدخلي» يقول فيه: أن جنس العمل كلمة محدثة، ولا أصل لها في القرآن والسنة، ولا أدخلها السلف في تعريف الإيمان، وأحدثها التكفيريون!.
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح، أقول هذا ليس بصحيح هذا الكلام، لأن هذا مذهب المرجئة).([9]) اهـ
2) وسئل الشيخ: عن قول ربيع المدخلي: (كثير من العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال، والعمل فرع).
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح) السائل: هل هو من عقيدة أهل السنة والجماعة؟، فأجاب فضيلته: (لا... هذا من عقيدة المرجئة).([10]) اهـ
قلت: لذلك طعنوا في ربيع المدخلي، ووصفوه بـــ«الجهل المركب» في الدين!.
* فاستدل ربيع، كما في «الشريط الثالث» من شرحه «على صحيح البخاري» بقصة «النجاشي» بالتنازل عن الأصول عند الضرورة.
فأجاب فضيلة الشيخ عبد الله الغديان عن هذا الكلام بقوله: (ماذا هذا الكلام؛ هذا جاهل!، فالذي يركب مثل هذا الكلام هذا جاهل بالجهل المركب ما هو بجاهل بسيط، الأصول لا يتنازل عنها...).([11]) اهـ
وقال مثله فضيلة الشيخ صالح الفوزان؛ عندما خاض ربيع المدخلي في أحاديث الصفات بغير علم، فقال الشيخ الفوزان: (هذا جاهل بالجهل المركب؛ هذا ما يدري).([12]) اهـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في
أن لو أخذ بفتاوى ربيع المدخلي في الأصول لتغير الدين كله
سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان: فضيلة الشيخ وفقكم الله عندنا رجل يدعي جواز التسامح، والتنازل عن الواجبات الشرعية بدعوى مراعاة المصالح، والمفاسد؛ ويستدل على ذلك: «بترك المرأة الحائض للصلاة والصيام»؛ مع أنهما ركنا الإسلام، وكذلك يستدل أيضا: «بترك النبي r لكتابة: «الرحمن الرحيم»، وعدم كتابة: «محمد رسول الله»، وكذلك «ترك الوضوء على من لم يجده»؛ فما صحة هذا الاستدلالات؟.
فأجاب فضيلته: (هذا استدلال باطل وإلحاد([13]) في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r؛ هذا الرجل يجب أنه يتوب إلى الله، ويعلن توبته عن هذا الخوض في أحكام الله عز وجل بغير علم، وغير بصيرة([14])، أو بالهوى، لا يجوز له الكلام هذا، لو أخذ بقوله لغير الدين كله.
من قال أن المصلحة تقتضي هذا؟!؛ إذا لا تصلون؛ لأن المصلحة تقتضي؛ أنه ما تصلون علشان ما يعيرونكم الكفار، لا تدفعون الزكاة لأنه يقال أن المسلمين فيهم محتاجون، وفيهم فقراء، ما يجوز هذا الأمر أبدا، وهذا يجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، ويرجع للحق، والصواب، ويجب الإنكار عليه.
الرسول r ترك الكتابة ترك الكتابة ما منع «الرحمن»، أو أنه لا يقال: «الرحمن الرحيم» ما منع هذا؛ أو محى الاسم من أصله، بل ترك الكتابة فقط تركه للكتابة لا يدل على تركه للاسم اسم الله عز وجل نعم).([15]) اهـ
قلت: ويتحصل مما تقدم من كلام الشيخ الفوزان في ربيع المدخلي ما يلي:
1) أنه يخوض في أحكام الدين بغير علم، وغير بصيرة، وبالهوى.
2) أنه يلحد في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله r.
3) أنه لو أخذ بقوله هذا لغير الدين كله.
4) أنه ليس بعالم، بل هو جاهل في الدين بالجهل المركب.
5) أنه عليه أن يتوب إلى الله تعالى، ويرجع للحق، والصواب في الدين، ويعلن توبته عن هذا الخوض في أحكام الله تعالى.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية في أن «شبكة سحاب»([16]) شبكة سرية تنشر الإرجاء،
وهي جماعة إرجائية([17]) ليسوا بسلفيين، بل هؤلاء المرجئة الخامسة([18])
1) قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: عن «شبكة سحاب»: (الظاهر أن هناك مؤسسة سرية تشتغل لإفساد عقيدة السلف في هذه البلاد-يعني: بلد الحرمين-، مؤسسة سرية تشتغل لإفساد عقيدة السلف، وإن سموا فلانا وفلانا، والظاهر أن أناسا يشتغلون بالخفاء ... وإن تسموا بالسلفية خدعة ماهم من السلف لكنهم لن يصلوا إلى مقصودهم بحول الله تعالى وقوته).([19]) اهـ
2) وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: عن «شبكة سحاب»: (هذه جماعة إرجاء!، وأنا أدري بكلامهم، وأعرفهم ... هذه جماعة إرجاء ... هذه جماعة إرجاء ابتلينا بها من الداخل والخارج، ولكن أسال الله تعالى أن يكفينا شرهم ... هذا مذهب نبت عندنا يمدونه أناس من الخارج يقولون بالإرجاء، ويقولون عن أهل السنة يكفرون الناس!([20])، إذا قلت عن المشرك أنه كافر ... وقصدهم([21]) دفن هذه الدعوة؛ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويصير الناس كلهم مسلمين، وإن فعلوا ما فعلوا عندهم ... وأنا أعرفهم وأدري بكلامهم!).([22]) اهـ
3) وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: (نعم: للمرجئة وجود في هذا الزمان، وهم بكثرة، ومذهبهم يصلح لأهل الفساد، وأهل الشهوات، ما دام يقولون نحن مؤمنون ولله الحمد، ونحن من أهل الجنة، وإن فعلنا ما فعلنا، فمذهب الإرجاء لأهل الشهوات([23])، وأهل الانحراف، فهم يفرحون به، وله أناس يدعون إليه الآن). اهـ
4) وسئل فضيلة الشيخ الفوزان؛ ظهر في هذه الأزمنة أناس يقرون مذهب الإرجاء، ويقولون نحن سلفيون، وبعضهم يذم علماء السنة، ويقولون هم تكفيريون!. فماذا رأيكم في هؤلاء؟!.
فأجاب فضيلته: (أنا أقول أن مسائل الإيمان، ومسائل العقيدة لا يجوز الجدال فيها، بل يجب أن يتعلمها على مذهب السلف، ومذهبهم مدون في كتب العقائد على مذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان قول وعمل والاعتقاد، قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، فنأخذ هذا وندرسه لطلابنا.
وأما أن نتنازع في العمل هل هو من الإيمان أو لا، هذا مذهب المرجئة، وأهل السنة يقولون: لا العمل من الإيمان ليس هو خارج عن الإيمان، وعلى ذلك أدلة من الكتاب والسنة ... فلا حاجة إلى الجدال، وكتب العقيدة السلفية مدونة، ولم يحصل فيها اختلاف، حتى نبتت هذه النابتة، ويغلب عليها الجهل، وهي لم تدرس عقيدة السلف، ولا تريد دارسة عقيدة السلف، بل تريد أن نأخذ قول فلان وعلان، هذه الجماعة لا عبرة بها ولا يلتفت إليها، ولا عبرة بها ولا يلتفت إليها، ولا عبرة بسلفهم الذين أخرجوا العمل من مسمى الإيمان).([24])اهـ
5) وسئل فضيلة الشيخ: عن الأقوال الإرجائية في كتاب «ذم الإرجاء» وهو في شبكة سحاب؟!.
فأجاب فضيلته: (هذا هذيان لا يلتفت إليه، ولا نشغل وقتنا به؛ هذا من جملة الهذيان الباطل المخالف للأدلة).([25]) اهـ
وأجاب فضيلته كذلك: (أن هؤلاء متعالمين يأخذون علمهم عن بعضهم بعضا([26])، وأخذوا هذا المذهب كلهم جماعة واحدة([27]) ... وهؤلاء لا تروج بضاعتهم إلا بالكذب يعتمدون على الكذب على الرسول r، وعلى الناس! يريدون أن يروجوا مذهبهم الباطل).([28]) اهـ
التعليق:
لذلك لا يكفي القول بمنهج السلف الصالح دون العمل به، بل العمل على منهج الجماعات الحزبية، والقول بالسلفية فهذا لا يجوز لابد أن يجمع العبد المنتسب إلى السلفية بين القول والعمل معا.
فيؤصل أقواله بآثار السلف وأصولهم، ويطبق ذلك بالعمل بهذه الآثار في الواقع على ضوابط علماء أهل السنة والجماعة.
ولا بأس على من أظهر مذهب السلف الصالح، قولا وعملا، وانتسب إليه، واعتزى إليه، لأن ذلك هو الحق الذي أمر الله تعالى به، ورسوله r؛ كما بين علماء أهل الحديث والأثر في كتبهم الحديثية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص149): (لا عيب على من أظهر مذهب السلف، وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا). اهـ
فالدعوة السلفية إذا تعني: كل سالك في الاقتداء بالسلف من الصحابة الكرام، والتابعين، وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يومنا هذا بدون الحيدة عنهم يمنة ويسرة.
ولذلك «الجماعة السحابية» ليسوا على جادة السلف الصالح، فيتسموا بـ«السلفية»، أو بـ«السلفيين»، لأن انتسابهم مجرد دعوى بدون فعل لأصول السلف الصالح، بل يعملون بأصول الجماعات الحزبية شيئا فشيئا؛ كما هو ظاهر في مقالاتهم في «شبكة سحاب».
فمجرد القول لا يجوز لهم أن يتسموا بـ«السلفية»، لأن الكل يتسمى بالسلفية فمثلا «الجماعة التراثية» تتسمى بـ«السلفية»، وتنسب إلى (منهج السلف) بمجرد دعوى، لكن إذا رأيت أفعالهم، فهم يطبقون أصول الجماعات الحزبية كـ(الجماعة الإخوانية) وغيرها، وكذلك (الجماعة السرورية) تنتسب إلى منهج السلف الصالح بالقول لا بالفعل، و(الجماعة اللادنية) كذلك، وغير ذلك من الجماعات التي تنتسب إلى (الدعوة السلفية) بمجرد دعوة لا حقيقة لها.([29])
والدعاوى إن لم تقيموا عليها |
|
|
بينات أصحابها أدعياء |
أقول: إذا كل قول يعد ساقطا مرفوضا حتى يقام عليه الدليل.
وكذلك كان القرآن كثيرا ما يطالب الخصوم بأن يأتوا بدليل على دعواهم، فيقول لهم الحق تبارك وتعالى: ﴿قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين﴾ [البقرة:111]، ويقول الله تعالى: ﴿قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون﴾ [الأنعام:148].
ولولا ذلك لكان في إمكان من شاء أن يقول ما شاء، وفي هذا من المفاسد أشياء.
لأن (الجماعة السحابية)؛ هي في الحقيقة خليط من الجماعات الإسـلامـية، خرجت منها، ودخلت فيها عن طريق فتنة ربيع المدخلي، ومن بقي معه بعد ردود علماء أهل السنة والجماعة عليهم وطلبة العلم، ومن تبعهم منهم: (الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ فالح الحربي، والشيخ محمد السبيل، والشيخ عبد الله الغديان) وغيرهم.
ولقد بين ذلك الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في كتابه «الأجوبة المفيدة» (ص16) بقوله: (التسمي بـ(السلفية) إذا كان حقيقة لا بأس به.([30])
أما إذا كان مجرد دعوى؛ فإنه لا يجوز له أن يتسمى بـ(السلفية)، وهو على غير منهج السلف.
فالأشاعرة – مثلا – يقولون: نحن أهل السنة والجماعة،([31]) وهذاغير صحيح؛ لأن الذي هم عليه ليس هو منهج أهل السنة والجماعة، كذلك المعتزلة يسمون أنفسهم بالموحدين.
كل يدعي وصلا لليلى |
|
|
وليلى لا تقر لهم بذاكا |
فالذي يزعم أنه على مذهب أهل السنة والجماعة يتبع طريق أهل السنة والجماعة، ويترك المخالفين). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
شيخ الإسلام ابن تيمية / من كتبه
في
إثبات صفة الهرولة لله تعالى
على ما يليق بجلاله وكماله
اعلم رحمك الله أن بعد النظر في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية /، وطريقته في إثبات صفات الله تعالى وجدت أنه يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهرها لا يخرج فيها عن مذهب السلف في إثبات الصفات كما جاءت النصوص.
وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية / في هذا المعتقد بسهم وافر في السير على طريقة السلف، وأئمة الحديث في هذا الباب، فتراه قد ملأ كتبه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية في ثبوت صفات الله تعالى على ظاهرها، ولم يتعرض لها بتأويل يصرفها عن دلالتها.
وقد ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية / ثبوت صفة: «الهرولة»، وذلك عندما ذكر الأدلة على صفات الله تعالى ذكر بعد ذلك حديث: صفة: «الهرولة» على ظاهر الحديث، ولم يتعرض لكلمة: «الهرولة» بتأويل مما يدل على أنه يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهرها.
وهذا المسلك كما هو معروف عنه سلكه في جميع الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، ويحتج بذلك بآثار السلف بقولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف)، ومن هذه الصفات؛ صفة: «الهرولة».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص259)؛ بعدما ذكر أدلة الصفات من القرآن قال عن صفة الهرولة والتقرب: (ومثله في «الصحيحين» عن النبي r أنه قال: يقول الله تعالى: (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)([32]). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص464-قسم الأسماء والصفات)؛ بعدما ذكر نصوص المجئ، والنزول ... ذكر حديث صفة الهرولة والتقرب؛ حيث قال: (وفي «الصحيحين» عن النبي r: (يقول الله تعالى: من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة). اهـ
قلت: ولم يتعرض لصفة: «الهرولة» بشيء من تفاسير المعطلة، بل أمرها كما جاءت؛ مما يدل أنه يثبت صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله.
وإليك الدليل من أقواله:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص39 –قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة. والزهري ومكحول: هما أعلم التابعين في زمانهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص303): (القول الشامل في جميع هذا الباب –أي: باب الصفات- أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسول الله r، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (وحكوا إجماعهم([33]) على إمرار الصفات أحاديثها، وإنكارهم على المحرفين([34]) لها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص6 و7): (وعلى هذا مضى السلف كلهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص27): (وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): (أبو عبيد أحد الأئمة الأربعة: الذين هم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد؛ وله من المعرفة بالفقه، واللغة، والتأويل: ما هو أشهر من أن يوصف وقد كان في الزمان الذي ظهرت فيه الفتن والأهواء، وقد أخبر أنه ما أدرك أحدا من العلماء يفسرها: أي تفسير الجهمية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ
قلت: وما دام قال: (أمروها كما جاءت)؛ فإن ذلك يقتضي عنده إبقاء صفة: «الهرولة» على دلالتها؛ أي: على ما هي عليه من ظاهر اللفظ، فإنها جاءت على لفظ له معنى، ولو كانت دلالتها منتفية عنده لكان الواجب عليه أن يقول بتأويلها عن ظاهرها، ولم يفعل ذلك.
فإذا ثبت الحديث عنده على ظاهره، لأن ما ثبت من الصفات في النصوص، فإن مذهب السلف إثباتها([35])، وإجراؤها على ظواهرها من غير تأويل، وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية / تماما.
قلت: ولم يكن من شيخ الإسلام ابن تيمية / أن يتعرض لنص صفة: «الهرولة» بتأويل يصرف فيه هذه الصفة عن ظاهرها، ومعناها، ودلالتها المعلومة من لغة العرب.
فهو / يثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسوله r من الأسماء الحسنى والصفات العلى لا يتجاوز فيها القرآن والحديث.
وعلى هذا فإنه يثبت ألفاظ صفة: «الهرولة» في الأحاديث كما جاءت، ويعلم معناها في لسان العرب الذي نزل به القرآن والسنة، فهو ينطلق في هذا الباب من أسس ثابتة.
قلت: وثبت أن الإمام ابن القيم / يثبت صفة: «الهرولة»، وقد أخذ هذا الاعتقاد من شيخه ابن تيمية /، لأنه ورث علمه، ولازمه في ذلك، ولم يخرج عن شيء من أقواله في توحيد الأسماء والصفات، وغير ذلك.([36])
قلت: ومما يدل على أن شيخ الإسلام ابن تيمية / يرى إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى، أنه في أثناء معرض رده على الجهمية والأشعرية أنكر عليهم تأويلهم للصفات؛ منها: صفة: «الهرولة»، ونقل قول الإمام الهروي / في كتابه: «ذم الكلام» (ج5 ص137)؛ حيث قال في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص282): (وأولئك قالوا: لا صفة، وهؤلاء يقولون: وجه؛ كما يقال: وجه النهار، ووجه الأمر، ووجه الحديث، وعين كعين المتاع، وسمع: كأذن الجدار، وبصر كما يقال: جداران هما يتراءيان، ويد كيد المنة والعطية، والأصابع؛ كقولهم: خراسان بين أصبعي الأمير، والقدمان كقولهم: جعلت الخصومة تحت قدمي، والقبضة؛ كما قيل: فلان في قبضتي؛ أي أنا أملك أمره، وقال الكرسي العلم، والعرش: الملك، والضحك: الرضى، والاستواء: الاستيلاء، والنزول: القبول، و«الهرولة» مثله، فشبهوا من وجه، وأنكروا من وجه، وخالفوا السلف، وتعدوا الظاهر، فردوا الأصل، ولم يثبتوا شيئا، ولم يبقوا موجودا). اهـ
قلت: فهذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية / في إقراره كلام الإمام الهروي في إثبات الصفات، منها: صفة: «الهرولة».
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص165)؛ أن الحنابلة رحمهم الله: أثبتوا صفة «الهرولة» لله تعالى، ولم ينكرها، ولم يتأولها، بل رد على المعترض لأنكاره الصفات؛ منها: صفة «الهرولة».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص165): (ثم قال المعترض: قال أبو الفرج ابن الجوزي في «الرد على الحنابلة»: إنهم أثبتوا لله سبحانه عينا، وصورة، ويمينا، وشمالا، ووجها زائدا على الذات، وجبهة، وصدرا، ويدين، ورجلين، وأصابع، وخنصرا، وفخذا، وساقا، وقدما، وجنبا، وحقوا، وخلفا، وأماما، وصعودا، ونزولا، و«هرولة»، وعجبا؛ لقد كملوا هيئة البدن وقالوا: يحمل على ظاهره وليست بجوارح، ومثل هؤلاء لا يحدثون، فإنهم يكابرون العقول، وكأنهم يحدثون الأطفال.
قلت: الكلام على هذا فيه أنواع:
الأول: بيان ما فيه من التعصب بالجهل والظلم قبل الكلام في المسألة العلمية.
الثاني: بيان أنه رد بلا حجة ولا دليل أصلا.
الثالث: بيان ما فيه من ضعف النقل والعقل). اهـ
وبهذا يتضح أن شيخ الإسلام / يرى القول بصفة: «الهرولة».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص15): (وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبيه r، وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص18): (نعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله تعالى وسنة نبيه r، وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله تعالى بدعة لم يأذن الله تعالى بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم). اهـ
قلت: وشيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجامع المسائل» (ج7 ص357 و398 و359 و360 و361 و363)؛ يذكر المعنى الذي هو في مقام ذكر الخلاف بين الناس في صفة «التقرب»، وصفة: «الهرولة»، ولم يتبين أنه لم يثبت صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة»، بل وذكر شيئا من الثمرة، ولكن يكفينا ما صرح به من إثبات صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة» في «الفتاوى» (ج5 ص39- قسم الأسماء والصفات)، و«الفـتاوى» (ج4 ص165- قسم الاعتقاد)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» (ص259)، وفي «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص282).
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في إثبات صفة الهرولة لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله
اعلم رحمك الله أن الشيخ الفوزان قد أثبت صفة: «الهرولة» لله تعالى، وذلك في معرض رده على: «محمد الصابوني الأشعري» في تأويله للصفات، منها: صفة: «الهرولة»، حيث ذكر: «محمد الصابوني الأشعري» أن حديث: «الهرولة» لابد أن يؤول، بقوله: (يجب التأويل في بعض الأحيان، بل نقول: يتعين التأويل ... وما هو المعنى المراد من الحديث الشريف: (إن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإن جاءني يمشي أتيته هرولة)؛ ألا يجب التأويل، فلماذا نحكم بضلال الأشاعرة بسبب التأويل).([37])اهـ
فرد عليه الشيخ الفوزان؛ في «البيان» (ص38)، بقوله: (أن نقول: نعم؛ نحكم بضلال من أول صفات الله تعالى عما دلت عليه من المعنى الحق، وحاول صرفها إلى غير معانيها الحقيقية من الأشاعرة وغيرهم، وإن لم يكن هذا ضلالا؛ فما هو الضلال؟!، قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس:32]، وأما ما استدللت به على وجوب التأويل في بعض الأحيان؛ فلا دلالة فيه لما تريد). اهـ
* فبين الشيخ الفوزان؛ للصابوني الأشعري، أنه لا يجوز تأويل الصفات التي ذكرها؛ منها: صفة: «العين»، وصفة: «القرب»، وصفة: «الهرولة»، وهذا يدل أن الشيخ الفوزان هنا يرى عدم تأويل صفة: «الهرولة»، بل تبقى على ظاهرها، وهذا الأثبات في القديم من الشيخ الفوزان في سنة: (1411هـ).
* ولذلك في كتابه: «البيان» لم يؤول صفة: «الهرولة» في (ص38 و39 و40 و41 و42)؛ بالتأويل الذي أولها بدون إثبات «الهرولة» في كتابه: «إتحاف القاري» (ص206).
* ويدل على إثبات الشيخ الفوزان؛ إقراره على ما ثبت في كتاب: «التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري» للشبل (ص152) من إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله على ظاهر النص.
وقد أقر بذلك أيضا في الكتاب المذكور العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /، حيث أثبت صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث.([38])
* وقد أثنى الشيخ الفوزان حفظه الله على الشيخ عبد العزيز بن باز / في إنكاره على تأويل ابن حجر /؛ لصفة: «الهرولة» وغيرها في كتاب: «التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري» (ص19).
حيث قال الشيخ الفوزان في تقريظه للكتاب (ص19): (متمما بذلك الاستدراكات التي بدأها سماحة الشيخ العلامة الإمام الجليل: عبد العزيز بن عبد الله بن باز /، وسائرا على منواله من أجل تنبيه القراء على تلك الأخطاء([39])، وبيان الصواب فيها حتى لا يحتج أحد بوجودها في ذلك الكتاب)([40]). اهـ
قلت: وهذا المسلك كما هو معروف عن الشيخ الفوزان سلكه في جميع الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، ويحتج بذلك بآثار السلف بقولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف)، ومن هذه الصفات؛ صفة: «الهرولة».
وقد اختلف النقل عن الشيخ الفوزان، كما ترى، وكان قوله الذي نقل في إثباته لصفة: «الهرولة» على ظاهر النص، ورده على محمد الصابوني الأشعري في تأويله لصفة: «الهرولة» على ظاهرها، وإنكاره على ابن حجر في تأويلها، هو القول الموافق لقول السلف، وإخوانه من العلماء؛ مع موافقة الأحاديث المرفوعة في إثبات صفة: «الهرولة» أولى، فيؤخذ من قوله ما وافق الدليل، ويرد الآخر، وهذا ما عليه السلف عند اختلاف روايات العالم، فيأخذون من قوله ما وافق الدليل، ويتركون الآخر المخالف للدليل، والله ولي التوفيق.
قال ابن حجر / في «فتح الباري» (ص10 ص44): (فالجواب عنه من ثلاثة أوجه؛ أحدها: لو حمل على ظاهره لم يكن معارضا للأحاديث الثابتة في تحريم كل مسكر؛ ثانيها: أنه ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه تحريم المسكر قليله وكثيره فإذا اختلف النقل عنه كان قوله الموافق لقول إخوانه من الصحابة مع موافقة الحديث المرفوع أولى). اهـ
ومثال ذلك: فقد جاء عن الإمام أحمد / أنه ليس في الحلي المستعمل زكاة، وله رواية أخرى أن فيه زكاة، فيؤخذ بما وافق الدليل من قوله / إن اختلفت الروايات عنه، ويترك ما خالف الدليل!.
قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «تعليقاته على الكافي لابن قدامة» (ج3 ص11): (قال ابن قدامة في الكافي: حكى ابن أبي موسى عنه؛ أي: عن الإمام أحمد: أن فيه الزكاة لعموم الأخبار؛ فالأخبار الواردة في زكاة الذهب والفضة عامة ما فيها تفصيل؛ فإن قال قائل لماذا لم تذكر الحديث الذي استدل به المؤلف بل ركنت إلى التعليل، وهو قوله (ليس في الحلي زكاة)؟؛ فالجواب أننا عدلنا عنه، لأن هذا الحديث لا يصح عن النبي r، وما لم يصح فلا يجوز الاستدلال به، وهو غير مطرد، ولا منعكس؛ إذ أن الحلي قد تجب فيه الزكاة، وقد لا تجب فليس على إطلاقه، فلا يصح الاستدلال به؛ أما الرواية الثانية عن أحمد ففيه زكاة؛ أي: في الحلي والدليل عموم الأخبار).اهـ
فأخذوا برواية الإمام أحمد بما وافقت الدليل، وتركوا الرواية التي خالفت الدليل، والله الموفق!.
والخلاصة: يجب الأخذ بقول الشيخ الفوزان في إثباته لصفة: «الهرولة»، لأنه موافق لإخوانه العلماء، وترك ما تأوله في الجديد، لأنه مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة في طريقة إثبات الصفات.([41])
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الحجة
على أن الدكاترة؛ -ومنهم: المدخلي-
هم: الجهال في العلم والعقيدة والفقه والمنهج والشريعة
قال العلامة ابن باز /؛ وهو يتكلم عن أهمية الاعتقاد الصحيح لطلبة الجامعات الإسلامية: (فالناس تساهلوا في هذا الأمر!، فصاروا قضاة، ومدرسين، وهم لا يعرفون العقيدة السلفية!، ولا يعرفون العقيدة الصحيحة!، فتعلم الأصل علم العقيدة، ولكن تهاونوا بإعطائه حقه، والدراسة، والتمحيص... فصاروا دكاترة وهم صفر في العقيدة!، فدكاترة حصلوا على الشهادة العالية، والماجستير، والدكتوراه وهم صفر في العقيدة ! لا يعرفون شيئا في العقيدة!، العقيدة في جاهلية!، حتى سألوا الأموات!... لأنهم ما درسوا العقيدة كما ينبغي، الذين أخذوا عنهم كذلك... فكانوا صفرا في هذا الباب!).([42]) اهـ
وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج3 ص442)؛ وهو يذم الدكاترة في الدين: (الذي يتعلم شريعة الله U وما يساندها، فهذا علم لا يبتغي به إلا وجه الله، إذا أراد به الدنيا فإنه لا يجد ريح الجنة يوم القيامة، وهذا وعيد شديد والعياذ بالله، يدل على أن من قصد بتعلم الشرع شيئا من أمور الدنيا؛ فإنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب، ولا يبارك له في علمه، يعني مثلا، قال: أريد أن أتعلم من أجل أن أصرف وجوه الناس إلي، حتى يحترموني ويعظموني، أريد أن أتعلم حتى أكون مدرسا فآخذ راتبا، وما أشبه ذلك، هذا والعياذ بالله لا يجد ريح الجنة يوم القيامة، وقد أشكل على هذا، أو قد روع هذا بعض الذين يقرءون في المدارس النظامية كالمعاهد، والكليات من أجل أن ينالوا الشهادة، فيقال: نيل الشهادة ليس للدنيا وحدها قد يكون للدنيا وحدها، وقد يكون للآخرة، فإذا قال الطالب: أنا أطلب العلم لأنال الشهادة حتى أتمكن من وظائف التدريس، وأنفع الناس بذلك، أو حتى أكون مديرا في دائرة أوجه من فيها إلى الخير فهذا خير، ونية طيبة، ولا فيها إثم، ولا حرج.
وذلك أنه مع الأسف في الوقت الحاضر صار المقياس في كفاءة الناس هذه الشهادات، معك شهادة توظف، وتولي قيادة على حسب هذه الشهادة، ممكن يأتي إنسان يحمل شهادة دكتوراه فيولى التدريس في الكليات والجامعات، وهو من أجهل الناس لو جاء طالب في الثانوية العامة لكان خيرا منه، وهذا مشاهد، يوجد الآن من يحمل شهادة دكتوراه لكنه لا يعرف من العلم شيئا أبدا، إما أنه نجح بغش، أو نجح نجاحا سطحيا لم يرسخ العلم في ذهنه لكن يوظف؛ لأن معه شهادة دكتوراه، يأتي إنسان طالب علم جيد هو خير للناس وخير لنفسه من هذا الدكتور ألف مرة لكن لا يوفق، لا يدرس في الكليات، لماذا؟ لأنه لا يحمل شهادة دكتوراه. فنظرا لأن الأحوال تغيرت وانقلبت إلى هذه المآل... المهم: احذر أخي طالب العلم، احذر من النيات السيئة، العلم الشرعي أعز، وأرفع، وأعلى من أن تريد به عرضا من الدنيا، عرض الدنيا ما الذي تنتفع به، آخر أمره أن يكون في محل القاذورات). اهـ
قلت: فاختيار الأمثل فالأمثل، والأعلم فالأعلم للمناصب الدينية، لا الأجهل، فالأجهل، وإن كان يحمل شهادة الدكتوراه، أو شهادة الماجستير، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «السياسة الشرعية» (ص39): (إذا عرف هذا، فليس عليه أن يستعمل إلا أصلح الموجود، وقد لا يكون في موجوده من هو أصلح لتلك الولاية، فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه، وإذا فعل ذلك بعد الاجتهاد التام، وأخذه للولاية بحقها، فقد أدى الأمانة، وقام بالواجب في هذا، وصار في هذا الموضع من أئمة العدل، والمقسطين عند الله؛ وإن اختل بعض الأمور بسبب من غيره، إذا لم يمكن إلا ذلك، فإن الله يقول: ]فاتقوا الله ما استطعتم[ [التغابن:16]). اهـ
وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني /؛ عن مفاسد الدكاترة في البلدان: (والقاصي والداني يعلم أننا لا نؤيد كل هذه التكتلات الحزبية، بل نعتقد أنها مخالفة لنصوص الكتاب والسنة ... فهذا وذاك مما حملني على أن لا أحشر نفسي للرد على أولئك المبطلين، لأنهم لم يضمنوا ردودهم ما يدل على أن غايتهم نصرة الحق الذي بدا لهم، وإنما هي الأهواء الشخصية والأغراض الحزبية!... بل أين هم من خطبة فقير العلم ذاك! الذي هو رأس الفتنة، حيث نفى صراحة أن يكون هناك ديار إسلامية؟! بل قال بالحرف الواحد ما نصه: «ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى تل أبيب»!! وقال: «لو خيرت –أقسم بالله- أن أعيش في أي عاصمة عربية لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود»!!
فهل هذه الأقوال ــ يا معشر الدكاترة!ــ أخطر وأضل، أم القائل بوجوب الأمر الذي هو قول جميع العلماء؟!
فسكوتهم عن هذه الأقوال التي لا نشك أنكم معنا في بطلانها، وضلال صاحبها)([43]). اهـ
وقال العلامة المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني / وهو يبين جهل طلبة الجامعة في الدين: (فهذه الدراسة الجامعية اليوم التي يسمونها بالدراسة المقارنة يتخرج الطالب من الجامعة لا يعرف الصواب من الخطأ!، ولا يعرف الحق من الباطل!؛ فاقد الشيء لا يعطيه!)([44]). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الحجة
على مفاسد الدكاترة في الوطن؛ ومنهم المدخلي، وهو من خوارج القعدة
قال الإمام ابن حزم / في «الفصل» (ج4 ص227): (واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين). اهـ
وقال عنبسة بن سعيد الكلاعي /: (ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره على المسلمين، واختلجت منه الأمانة).
أثر صحيح
أخرجه الهروي في«ذم الكلام» (ج5 ص126)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص304)، وابن بطة في «الإبانة الصغرى» تعليقا (ص55) بإسناد صحيح.
قلت: لأن إذا حدث الرجل بالبدعة، وتمكنت من قلبه ودعا إليها، سلب ورعه وأمانته، وحمل غلا وحقدا على المسلمين؛ فافهم هذا ترشد.
قوله: «واختلجت»: من الخلج، وهو الجذب والنزع.([45])
وقال أبو قلابة /: (ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف).([46])
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص231)، والآجري في «الشريعة» (ج1 ص200)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ص247)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص184)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص287)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج10 ص151)، وفي «الآمالي في آثار الصحابة» (ص40)، والفريابي في «القدر» (ص376) من طرق عن أيوب عن أبي قلابة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فأي مبتدع؛ فاعلم أنه يحمل السيف؛ لكن بين معلن وبين متستر، اللهم غفرا.([47])
وكان أيوب السختياني / يسمي (أصحاب الأهواء) كلهم خوارج ويقول: (اختلفوا في الاسم، واجتمعوا على السيف).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (290)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (1236)، والفريابي في «القدر» (ص215)، والهروي في «ذم الكلام» (977) بإسناد صحيح.
قلت: إنها تسمية في غاية الصحة، فكل صاحب هوى يطمع في الحكم، ومن هنا لابد أن يحمل السلاح على الحاكم ليصل إلى الحكم!.
فاتقفوا على محابة الحكام، ونشر الأكاذيب عليهم، والتحريض عليهم، والتشكيك في حكمهم، وبذل جميع الوسائل الممكنة في إسقاط الحكومات الإسلامية وشعوبها المسلمة، والله المستعان.
قلت: فأخبث الدكاترة من الخوارج؛ هم الخوارج القعدة؛ لأنهم يشعلون الفتن بين المسلمين في خفاء وسرية ماكرة.
قال الإمام عبد الله بن محمد الضعيف /: (قعد الخوارج هم أخبث الخوارج).([48])
وقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص483): (القعدية: الذين يريدون الخروج على الأئمة، ولا يباشرون ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «التهذيب» (ج8 ص114): (القعد الخوارج كانوا لا يرون بالحرب، بل ينكرون على أمراء الجور حسب الطاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزينون مع ذلك الخروج ويحسنونه). اهـ
قلت: ولا يزال هؤلاء سبب ريبة وشك في الدين؛ لكثير من الناس، لأنهم يظهرون شيئا، ويبطنون شيئا آخر، اللهم سلم سلم.
قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «إعانة المستفيد» (ج1 ص243): (التنبيه على خداع المخادعين، وأن يكون المؤمنون على حذر دائما من المشبوهين ومن تضليلهم، وأنهم قد يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالمشاريع الخيرية –كبناء المساجد!- ولكن ما دامت سوابقهم، وما دامت تصرفاتهم تشهد بكذبهم؛ فإنه لا يقبل منهم، ولا ننخدع بالمظاهر دون النظر إلى المقاصد، وإلى ما يترتب –ولو على المدى البعيد- على هذه المظاهر ... ففيه تنبيه المسلمين إلى الحذر في كل زمان ومكان من تضليل المشبوهين، وأن كل من تظاهر بالخير والصلاح والمشاريع الخيرية لا يكون صالحا ... فإننا نأخذ الحذر منه ولا ننخدع).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص132)؛ عن المبتدعة: (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم، بأن هذا الكلام لا يدري ما هو؟ أو من قال: إنه صنف هذا الكتاب؟... وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ، والعلماء، والملوك، والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
أهل الأثر إذا تقابلوا مع أهل البعر
فلهم نصيب من تقابل أهل السنة
وأهل البدعة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على البكري» (ص359): (وأهل السنة إذا تقابلوا هم، وأهل البدعة؛ فلهم نصيب من تقابل المؤمنين، والكفار). اهـ الله أكبر.
قلت: لإقامة عليهم الحجة، وقطع لدابرهم، وبيان لما هم عليه من القبح، وخضع لأعناقهم، وأذلالهم في الحياة الدنيا.
قال تعالى: ]ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى[ [طه:124].
قال تعالى: ]ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله[ [طه:124].
قال العلامة الشيخ حمد المعمر / في «الفواكه العذاب» (ص57): (وأما من أراد الله فتنته فلا حيلة فيه: ]من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا[ [الكهف: 17]). اهـ
فهو كما قال الشاعر:
لـــــــي حـــــيـــلـــــــة فـــيـــمــــن يــــنـــــــم |
|
|
ومـــــــــــا لـــــــــي في الــــكـــــذاب حــيـله |
مــــــن كـــــــــان يـــــخــــلــــق مـــــــا يقول |
|
|
فـــــــــحـــيــلـــتـــي فـــيـــــه قـــلـــيـــلـــــــه! |
وقد قال الله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين[ [الحجرات:6].
ولكن الحق سينتصر([49]) بإذن الله تعالى، بل هو منصور ولابد؛ طال الزمان أو قصر: ]فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض[ [الرعد:17]، و]والعاقبة للمتقين[ [الأعراف:128].
قال تعالى: ]إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد[ [غافر:51].
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «إتحاف القاري» (ص357): (يا طالب العلم تنبه في أن الحق يبقى، ويبقى عليه من وفقه الله تعالى لاتباعه مهما كثرت الفتن، ومهما حاول الأعداء أن يقضوا على الحق وأهله؛ فإنهم لا يستطيعون ذلك؛ لأن الله تعالى يحميه، كما قال تعالى: ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر:9]، وكما قال تعالى: ]إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد[ [غافر:51] وقال النبي r: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتي أمر الله تعالى)؛([50]) فالحق باق وأهله باقون، وإن قلوا في بعض السنين، أو بعض الأوقات، فإن الله تعالى لا يضيع هذا الحق أبدا). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح الكافية الشافية» (ج1 ص168): (الحق منصور، وإن قل أتباعه، والباطل مخذول، ولو كثر أتباعه!).اهـ
قلت: فالحق منصور بالله تعالى، ثم بأهل الأثر، فيأتي الحق فيدمغ الباطل، فإذا هو زاهق، هكذا ينتصر الحق على الباطل!.
قال تعالى: ]بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون[ [الأنبياء:18].
قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ج1 ص124):
والحـــق مــنــصـــور ومـــمـــتــحــــــن فلا |
|
|
تـــعجـــــب فهـــــذه ســنــــة الـــرحـــمــــن |
قلت: فالشر لا ينتهي، بل يبقى الخير، والشر للابتلاء والامتحان، لكن أحيانا ينتصر الحق ويظهر، وأحيانا يظهر الباطل، ولكن ظهور الباطل لا يستمر، أما الحق فإنه وإن حصل عليه ما حصل؛ فإنه يعود وينتصر بإذن الله تعالى([51])، يقول الله تعالى: ]والعاقبة للمتقين[ [القصص:83]، ويقول الله تعالى: ]والعاقبة للتقوى[ [طه:132].
وقال الإمام ابن قتيبة / في «مشكل القرآن» (ص284): (الباطل وإن ظهر على الحق في بعض الأحوال وعلاه، فإن الله سيمحقه ويبطله، ويجعل العاقبة للحق وأهله). اهـ
قلت: والحرب بيننا وبينهم سجال؛ أي: نوب، نوبة لنا، ونوبة لهم، فسنة الله تعالى في الخلق لا تتبدل، ولا تتغير، فهذه حكمة الله تعالى، وسننه في رسله عليهم السلام، وأتباعهم، جرت بأن يدالوا مرة، ويدال عليهم أخرى، لكن يكون لهم العاقبة في الأخير، ولله الحمد: ]فاصبر إن وعد الله حق[ [الروم:60].
قال تعالى: ]فاصبر إن العاقبة للمتقين[ [هود:49].
وقال تعالى: ]إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين[ [الأعراف:128].
وقال تعالى: ]فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك[ [غافر: 55].
وجاء في حديث أبي سفيان t الطويل: (فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه).([52])
قلت: وهذا يدل أن هذا الأمر وقع بين المسلمين، وبين المشركين في عهد النبي r مما يدل على أن سنة الله تعالى لا تتبدل في الحروب بين أهل الحق، وبين أهل الباطل، اللهم سدد: ]فلا تكونن من الممترين[ [البقرة: 147].
قال تعالى: ]أفي الله شك فاطر السماوات والأرض[ [إبراهيم:10].
قلت: ولو انتصر الحق دائما؛ لامتلأت صفوف أمة الإجابة بالمنافقين خصوصا في هذا الزمان، ولو انتصر الباطل دائما لشك أهل الحق في الطريق، ولكنها ساعة وساعة؛ فساعة انتصار أهل البدعة فيها غربلة لدعاة السنة، وساعة انتصار أهل الحق فيها يأتي اليقين: ]فاصبر إن العاقبة للمتقين[ [هود:49].
وقال تعالى: ]والعاقبة للمتقين[ [الأعراف:128].
وقال تعالى: ]والعاقبة للتقوى[ [طه:132].
قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج3 ص219)؛ في كلامه على غزوة أحد: (منها: أن حكمة الله وسنته في رسله، وأتباعهم، جرت بأن يدالوا مرة، ويدال عليهم أخرى، لكن تكون لهم العاقبة، فإنهم لو انتصروا دائما دخل معهم المؤمنون وغيرهم، ولم يتميز الصادق من غيره، ولو انتصر عليهم دائما لم يحصل المقصود من البعثة والرسالة، فاقتضت حكمة الله أن جمع لهم بين الأمرين ليتميز من يتبعهم ويطيعهم للحق، وما جاؤوا به ممن يتبعهم على الظهور والغلبة خاصة.
* ومنها: أن هذا من أعلام الرسل؛ كما قال هرقل لأبي سفيان: (هل قاتلتموه؟ قال: نعم، قال: كيف الحرب بينكم وبينه؟ قال: سجال يدال علينا المرة، وندال عليه الأخرى، قال: كذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة).([53])
* ومنها: أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر، وطار لهم الصيت دخل معهم في الإسلام ظاهرا من ليس معهم فيه باطنا، فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق، فأطلع المنافقون رؤوسهم في هذه الغزوة، وتكلموا بما كانوا يكتمونه، وظهرت مخبآتهم، وعاد تلويحهم تصريحا، وانقسم الناس إلى كافر ومؤمن ومنافق انقساما ظاهرا، وعرف المؤمنون أن لهم عدوا في نفس دورهم، وهم معهم لا يفارقونهم، فاستعدوا لهم، وتحرزوا منهم. قال الله تعالى: ]ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء[ [آل عمران: 179]؛ أي: ما كان الله ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين حتى يميز أهل الإيمان من أهل النفاق؛ كما ميزهم بالمحنة يوم أحد ]وما كان الله ليطلعكم على الغيب[ [آل عمران: 179] الذي يميز به بين هؤلاء وهؤلاء، فإنهم متميزون في غيبه وعلمه، وهو سبحانه يريد أن يميزهم تمييزا مشهودا؛ فيقع معلومه الذي هو غيب شهادة. وقوله تعالى: ]ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء[ [آل عمران: 179]؛ استدراك لما نفاه من اطلاع خلقه على الغيب سوى الرسل، فإنه يطلعهم على ما يشاء من غيبه؛ كما قال تعالى: ]عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول[ [الجن: 26]؛ فحظكم أنتم وسعادتكم في الإيمان بالغيب الذي يطلع عليه رسله؛ فإن آمنتم به وأيقنتم فلكم أعظم الأجر والكرامة.
* ومنها: استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء، وفيما يحبون وما يكرهون، وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم، فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون؛ فهم عبيده حقا، وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.
* ومنها: أنه سبحانه لو نصرهم دائما، وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدا لطغت نفوسهم، وشمخت وارتفعت، فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق، فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء، والشدة والرخاء، والقبض والبسط، فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته، إنه بهم خبير بصير.
* ومنها: أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا، فاستوجبوا منه العز والنصر، فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار، قال تعالى: ]ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة[ [آل عمران: 123]. وقال: ]ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا[ [التوبة: 25]؛ فهو سبحانه إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولا، ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره.
* ومنها: أنه سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته؛ لم تبلغها أعمالهم، ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه، كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.
* ومنها: أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانا وركونا إلى العاجلة، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة، فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه، فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه، ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه، ولو تركه لغلبته الأدواء حتى يكون فيها هلاكه.
* ومنها: أن الشهادة عنده من أعلى مراتب أوليائه، والشهداء هم خواصه والمقربون من عباده، وليس بعد درجة الصديقية إلا الشهادة، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء تراق دماؤهم في محبته ومرضاته، ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسليط العدو.
* ومنها: أن الله سبحانه إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم قيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم، ومن أعظمها بعد كفرهم بغيهم وطغيانهم، ومبالغتهم في أذى أوليائه، ومحاربتهم وقتالهم والتسلط عليهم، فيتمحص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم، ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب محقهم وهلاكهم، وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في قوله: ]ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين[ [آل عمران: 139، 140]، فجمع لهم في هذا الخطاب بين تشجيعهم وتقوية نفوسهم وإحياء عزائمهم وهممهم، وبين حسن التسلية، وذكر الحكم الباهرة التي اقتضت إدالة الكفار عليهم فقال: ]إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله[ [آل عمران: 140]، فقد استويتم في القرح والألم، وتباينتم في الرجاء والثواب، كما قال: ]إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون[ [النساء: 104]، فما بالكم تهنون وتضعفون عند القرح والألم، فقد أصابهم ذلك في سبيل الشيطان، وأنتم أصبتم في سبيلي وابتغاء مرضاتي.
ثم أخبر أنه يداول أيام هذه الحياة الدنيا بين الناس، وأنها عرض حاضر، يقسمها دولا بين أوليائه وأعدائه، بخلاف الآخرة، فإن عزها ونصرها ورجاءها خالص للذين آمنوا). اهـ
قلت: فانظروا إلى هذه الحكم العظيمة من الإمام ابن القيم / تعالى؛ فتأمل وتدبر: ]فهل من مدكر[ [القمر: 15].
فتأخير نصر السنة وأهلها([54])، وهو على الحقيقة بالرغم من شدة وطأته، وثقل حمله؛ «نصر خفي» موصول بــ«النصر الجلي»، فلابد من هذا لدعاة السنة إذا قاموا بنصرة السنة وأهلها([55])، وهو لطف بهم؛ كما حصل في غزوة أحد.
قال العلامة الشيخ حمود التويجري / في «الاحتجاج بالأثر» (ص39): (فإن القوة لله تعالى، ولمن كان الله تعالى معه، والقوة في الأقوال لكلمة الحق، ولو قل ناصروها، قال الله تعالى: ]ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون[ [الأنفال:88]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ص39): (والله يقيم لدينه وسنة رسوله من ينصرهما، ويذب عنهما؛ فهو أشد غيرة وأسرع تغييرا). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
يجب الطعن
في ربيع المدخلي لما يخاف أن يفتتن فيه الجهال،
ومن لا تمييز عندهم في توحيد الأسماء والصفات
اعلم رحمك الله أن كثيرا ممن ينتسب إلى العلم يعلم بخطورة التأويل، والتفويض، والتعطيل، ولكنه لا يميز، وتنطلي عليه كثير منها في ثنايا كتب أهل البدع والأهواء، وهو لا يشعر، ولا يتفطن لها، ولهذا حذر العلماء من قراءة كتبهم والنظر فيها، ليعرف ما فيها من الباطل.
قال الإمام السجزي / في «رسالته إلى أهل زبيد» (ص195): (الفصل التاسع: في ذكر شيء من أقوالهم ليقف العامة عليها فينفروا عنهم، ولا يقعوا في شباكهم). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن / في «عيون الرسائل» (ج2 ص591): (فإن الرجل إذا خيف أن يفتتن به الجهال، ومن لا تمييز عندهم في نقد أقاويل الرجال، فحينئذ يتعين الإعلان بالإنكار، والدعوة إلى الله في السر والجهار، ليعرف الباطل فيجتنب، وتهجر مواقع التهم والريب. ولو طالعت كتب الجرح والتعديل، وما قاله أئمة التحقيق والتأصيل، فيمن التهم بشيء يقدح فيه، أو يحط من رتبة ما يحدث به ويرويه، لرأيت من ذلك عجبا). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: (من أظهر المنكر، أو البدعة يحذر منه، ولا ينظر إلى حسناته؛ حسناته بينه وبين ربه سبحانه وتعالى؛ من أظهر المنكر أو البدعة يحذر منه، وينصح حتى ينتهي هكذا جاءت السنة!).([56]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414)؛ مبينا أن التحذير من أهل البدع من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين، وعقوبته تكون تارة بالقتل([57])، وتارة بما دونه؛ كما قتل السلف: «جهم بن صفوان»، و«الجعد بن درهم»، و«غيلان القدري»([58]) وغيرهم، ولو قدر أنه لا يستحق العقوبة، أو لا يمكن عقوبته؛ فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها؛ فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله تعالى به ورسوله r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص221): (وإذا كان مبتدعا يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة، أو يسلك طريقا يخالف الكتاب والسنة، ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك: بين أمره للناس ليتقوا ضلاله، ويعلموا حاله. وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح، وابتغاء وجه الله تعالى). اهـ
قلت: فتبين بهذا جواز الطعن على أهل البدع، وبيان حالهم تحذيرا للناس منهم، بل إن هذا الأمر من أوجب الواجبات، التي لا يقوم أمر الدين إلا به، وهو من باب الجهاد في سبيل الله تعالى.
فعن عبد الله بن المعتز / قال: (الجاهل: صغير، وإن كان شيخا، والعالم: كبير وإن كان حدثا).([59]) يعني: صغيرا.
وقال الإمام السجزي / في «رسالته في الحرف» (ص216): (ومن زاغ عن الطريق، وفاوض أهل البدع والكلام، وجانب الحديث وأهله؛ استحق الهجران والترك، وإن كان متقدما في تلك العلوم). اهـ
قلت: فكيف «للربيعية» يرون مخالفات: «شيخهم ربيع»([60]) للكتاب، والسنة، والآثار؛ ثم يعدوه مع ذلك إماما!، وهو لا خير فيه، وإن كان عنده من العلم ما عنده: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5]، ]ولكن أكثرهم يجهلون[ [الأنعام:11].
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «إتحاف القاري» (ص85): (هذا الذي خرج عن الحق متعمدا لا يجوز السكوت عنه، بل يجب أن يكشف أمره([61])، ويفضح خزيه حتى يحذره الناس ... فأي شخص يأتينا، ويريد منا أن نخرج عن هذا الصراط؛ فأننا: أولا: نرفض قوله، وثانيا: نبين ونحذر الناس منه، ولا يسعنا السكوت عنه، لأننا إذا سكتنا عنه أغتر به الناس؛ لاسيما إذا كان صاحب فصاحة ولسان، وقلم وثقافة؛ فأن الناس يغترون به، ويقولون هذا مؤهل، هذا من المفكرين، كما هو الحاصل الآن، فالمسألة خطيرة جدا، وهذا فيه وجوب الرد على المخالف، عكس ما يقوله أولئك يقولون: اتركوا الردود، ودعوا الناس كل له رأيه واحترامه، وحرية الرأي، وحرية الكلمة([62]) بهذا تهلك الأمة؛ السلف ما سكتوا عن أمثال هؤلاء، بل فضحوهم وردوا عليهم، لعلمهم بخطرهم على الأمة. ونحن لا يسعنا أن نسكت على شرهم([63]) بل لابد من بيان ما أنزل الله تعالى، وإلا فإننا نكون كاتمين، من الذين قال الله فيهم: ]إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون[ [البقرة:159]؛ فلا يقتصر الأمر على المبتدع، بل يتناول الأمر من سكت عنه، فإنه يتناوله الذم والعقاب، لأن الواجب البيان والتوضيح للناس، وهذه وظيفة الردود العلمية). اهـ
وقال الإمام السجزي / في «رسالته في الحرف» (ص214): (وكان في وقتهم علماء لهم تقدم في علوم، واتباع على مذهبهم؛ لكنهم وقعوا في شيء من البدع إما: «القدر»، وإما: «التشيع»، أو «الإرجاء»([64])، عرفوا بذلك؛ فانحطت منزلتهم عند أهل الحق). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «تحريم النظر في كتب الكلام» (ص41)؛ عن أهل البدع وكتبهم: (ذمهم والتحذير منهم، والتنفير من مجالستهم، والأمر بمباينتهم وهجرانهم، وترك النظر في كتبهم، لا يثبت لأحد منهم قدم في الولاية، ولا يقوم لهم في الصالحين راية، ولا يكون لأحد منهم كرامة). اهـ
قلت: فمن وقع في البدعة([65])، وقال بها، ودعا إليها؛ فلا يعد عند أهل الحديث من العلماء الذين يؤخذ عنهم العلم، فتنبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص385)؛ عن الداعية للبدعة: (أن يهجر فلا يكون له مرتبة في الدين، ولا يؤخذ عنه العلم، ولا يستقضى، ولا تقبل شهادته، ونحو ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج1 ص63): (من أظهر بدعته وجب الإنكار عليه بخلاف من أخفاها، وكتمها، وإذا وجب الإنكار عليه كان من ذلك أن يهجر حتى ينتهي عن إظهار بدعته، ومن هجره: أن لا يؤخذ عنه العلم، ولا يستشهد)([66]). اهـ
وقال الإمام ابن البناء / في «المختار في الأصول» (ص66)؛ عن الذي يفارق أهل السنة: (لا يختلفون في شيء من هذه الأصول، ومن فارقهم في شيء منها: نابدوه وباغضوه!، وبدعوه وهجروه!). اهـ
قلت: وربيع هذا لو كان في عصر الأئمة: لهجروه وبدعوه، وكذبوه، ونابذوه، وباغضوه، وأصابوه بكل سوء ومكروه!، اللهم سدد!.
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن / في «عيون الرسائل» (ج2 ص593)؛ عن رجل يبتدع: (فهذا ونحوه من أضل الناس، وأبعدهم عن هدي المرسلين، فضلا عن أن يكون من علماء المسلمين!). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج24 ص172): (من خالف([67]) الكتاب المستبين والسنة المستفيضة؛ أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه؛ فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص104): (واعلم رحمك الله أن العلم ليس بكثرة الرواية والكتب، إنما العالم من اتبع العلم والسنن، وإن كان قليل العلم والكتب، ومن خالف الكتاب والسنة؛ فهو صاحب بدعة، وإن كان كثير العلم والكتب!). اهـ
وقال العلامة عبد الله أبا بطين / في «الدرر السنية» (ج21 ص169): (من اتصف بصفة علماء السوء الذين يلبسون الحق بالباطل، ويفترون على الله الكذب؛ تناوله الذم، في أي زمان ومكان!). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص120): (وإذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع، فاحذره؛ فإن الذي أخفى عنك أكثر مما أظهر)([68]). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «إتحاف القاري» (ص365): (ما دام أنه مبتدع فلا ينفعه علمه، ولو كان غزير العلم متبحرا، إذا لم يكن متبعا للرسول r، وإنما يعمل بقول: فلان، وفلان، فإن علمه لا فائدة فيه، وكتبه لا يستفيد منها، قال الله تعالى في اليهود: ]مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا[ [الجمعة:5]، الذي عنده مكتبة ضخمة، وهو تارك للعمل أو مبتدع، هذا مثل الحمار يحمل الكتب([69])، ولا يستفيد منها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى المصرية» (ص556): (من ظن أنه يأخذ من الكتاب والسنة بدون أن يقتدي بالصحابة y ويتبع غير سبيلهم، فهو من أهل البدع). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
]صم بكم عمي فهم لا يرجعون [
ذكر الدليل
على تعطيل ربيع المدخلي لصفة: «الهرولة» وغيرها من الصفات وموافقته
لمذاهب النفاة المعطلة من الجهمية، والأشعرية، والمعتزلية، والإباضية، والرافضية، والماتريدية
اعلم رحمك الله أن: «ربيعا المخربي» لم يتمكن من معرفة اعتقاد السلف في توحيد الأسماء والصفات جملة وتفصيلا، ولم يرسخ في هذا الاعتقاد السلفي، وهو ليس أهلا له، بل وليس من أهل التحقيق في مسائل الصفات.
وذلك لعدم دراسته اعتقاد أهل السنة والجماعة من أفواه العلماء الراسخين في المساجد، بل درس ذلك من بطون الكتب!، ودراسته الجامعية الآكاديمية!.
لذلك خبط وخلط بين مذهب أهل السبيل، وبين مذهب أهل التعطيل، ولم يفرق فيما بينهما، ومن أسباب ذلك جهله باعتقاد السلف في توحيد الأسماء والصفات.([70])
قلت: فهذا الرجل يريد أن يجمع بين قول السلفيين، وقول المتأخرين في تقريره لمسائل الصفات، ومسائل الإيمان وغيرها، لأنه لا يعرف قول السلف، ولا يعرف حقيقة قول الخلف، فأراد أن يدمج بعضها ببعض بجهل بالغ منه، فتأمل!.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص38): (فالأشاعرة –مثلا- يقولون: نحن أهل السنة والجماعة، وهذا غير صحيح؛ لأن الذي هم عليه ليس هو منهج أهل السنة والجماعة، كذلك المعتزلة يسمون أنفسهم بالموحدين.
كــــل يــــدعـي وصـــــلا للـــيــــــــــلــــــــى |
|
|
ولــيـــــلـى لا تـــقــــر لـــهـــم بــذاكــــــــــــا |
فالذي يزعم أنه على مذهب أهل السنة يتبع طريق أهل السنة والجماعة، ويترك المخالفين.
أما أنه يريد أن يجمع([71]) بين: «الضب» و«النون» –كما يقولون-؛ أي: يجمع بين دواب الصحراء، ودواب البحر؛ فلا يمكن هذا، أو يجمع بين النار، والماء في كفة؛ فلا يجتمع أهل السنة والجماعة؛ مع مذهب المخالفين لهم؛ كالخوارج، والمعتزلة، والحزبيين ممن يسمونهم: «المسلم المعاصر»، وهذا الذي يريد أن يجمع بين ضلالات أهل العصر مع منهج السلف، فلا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما أصلح به أولها، فالحاصل: أنه لابد من تمييز الأمور، وتمحيصها). اهـ
قلت: فهل هذا «المخربي» يفهم أنه يعرف، وهو لا يعرف أن يفرق بين حقيقة الصفة، وبين ثمرة الصفة، فاختلط الأمر عليه بسبب جهله باعتقاد السلف([72])، إذا فلا يجوز الخلط والخبط في دين الله تعالى، أعاذنا الله وإياكم من البدع وأهلها.
قلت: وهذا قدح صريح بعدالة هذا: «المخربي» الذي يعرف ويحرف.
وهذا تقليد منه وتحريف لكلمة: «الهرولة» ويدعي أنه لا يقلد، وهو غارق في كتبه في تقليد زلات العلماء، والتبعية العمياء!.([73])
قلت: ومن ذلك خلطه في شرحه لأحاديث صفة: «الهرولة»، حيث حاول في شرحه البالي في تلك المقالات جعل مذهب المعطلة؛ هو مذهب السلف في الصفات!، وهو فوق هذا كله يفتخر، ويتعالم في كتبه، وبما يوهم الجهلة، والسذج من أتباعه أنه فريد عصره، ووحيد دهره!.
قلت: فوقع في متناقضات عجيبة، وخلط غريب استدعاني أن أكتب هذا التعقيب الذي لا أقصد من ورائه إلا بيان الحقيقة، وإزالة اللبس سائلا الله تعالى العون والتوفيق.
وقد حرصت في هذه المسألة على تأصيل البحث فيها باستيفاء الأدلة الشرعية؛ نقلية كانت أم نظرية مما تقوم به الحجة، والأدلة الشرعية أولى في التقديم من غيرها، ولا عبرة بالمخالف متى كان استدلاله علقيا في مقابل نصوص من الكتاب والسنة الصحيحة، والآثار.
قلت: ونحن ركزنا في الرد على: «ربيع المخربي وأتباعه المخاربة»([74])؛ لأن الشبهات، والتأويلات التي ضلوا بسببها موجودة في كتبهم ومقالاتهم الخبيثة، والتي يخشى من وقوعها في أيدي من لا يعرف حقيقتها، فيضل بسببها، أو تقع بأيدي مضللين يضلون بها الناس!.
إذا فلابد من دراسة أصول هؤلاء الباطلة من كتبهم ومقالاتهم، ويبين بطلانها من كتب أهل السنة والجماعة؛ اللهم سدد.
وهذا مما يؤكد علي تقديم ملاحظاتي هذه بدافع النصح، وتجلية الحقيقة عن كتب القوم، ولعل: «المدخلي» هذا يعيد النظر في كتبه، فينحي عنه تلك الهفوات، ليسلم من تبعتها، ويجتنب القراء عن قراءتها؛ والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل؛ والله الموعد.
قال تعالى: ]فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله[ [الحجرات:9].
قال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص315): (والمناظرة على سبيل بيان الحق، وقمع الباطل من أفضل الأعمال، ولا يكره ذلك إلا جاهل مقلد في دينه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص364): (وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف، وأقوال المرجئة والجهمية؛ لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية والمرجئة في الإيمان، وهو معظم للسلف وأهل الحديث فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله وكلام السلف). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وعلم أن الضلال والتهوك إنما استولى على كثير من المتأخرين بنبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإعراضهم عما بعث الله به محمدا r من البينات والهدى، وتركهم البحث عن طريقة السابقين والتابعين، والتماسهم علم معرفة الله تعالى ممن لم يعرف الله تعالى!). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص290)؛ عن المنتسبين إلى العلم: (لم يفرقوا بين معنى الكلام وتفسيره، وبين التأويل الذي انفرد الله تعالى بعلمه، وظنوا([75]) أن التأويل المذكور في كلام الله تعالى هو التأويل المذكور في كلام المتأخرين([76])، وغلطوا في ذلك). اهـ
قلت: ومن هنا لابد أن نبين عقيدة «ربيع المخربي» في الصفات، حيث أنه عطل صفة: «الهرولة» لله تعالى في كتابه: «عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للإمام البربهاري» (ج1 ص302 و303 و304 و305 و306 و307 و308 و309)، وقرر في هذه الصفحات مذهب المعطلة النفاة؛ حيث حرف ظاهر الأحاديث في صفة: «الهرولة» إلى المعنى الذي تقرر عند «الجهمية»، و«الأشعرية»، و«الماتريدية»، وغيرهم؛ من المبتدعة!.
حيث قال ربيع المخربي في (ج1 ص303): (ولبيان معنى الهرولة([77]) ...)؛ ثم خلط بين حقيقة صفة: «الهرولة»، وبين الثمرة، ومقتضى أحاديث صفة: «الهرولة»، ولم يستطع التمييز في كلام ابن منده / في كتابه «التوحيد» (ج3 ص152)، في إثباته لصفة: «الهرولة» على حقيقتها مع ذكر مقتضى الأحاديث فيها([78])؛ كما في كتابه أيضا «الرد على الجهمية» (ص93).
وكذلك الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج4 ص147)؛ فإنه ذكر معنى صفة: «الهرولة» مع إثباته لصفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث في كتبه الأخرى.([79])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1150)؛ عن إثبات النبي r للصفات للرب تعالى: (ومرة يشير بإصبعه، ومرة يضع يده على عينه وأذنه حين يخبر عن سمع الرب وبصره، ومرة يصفه بالنزول، والمجيء، والإتيان، والانطلاق، والمشي، و«الهرولة»، ومرة يثبت له الوجه، والعين، واليد، والإصبع والقدم، والرجل، والضحك، والفرح، والرضى، والغضب، والكلام، والتكليم، والنداء بالصوت والمناجاة). اهـ
قلت: فهذا الإمام ابن القيم / يثبت صفة: «الهرولة» مع ذكره لثمرة الأحاديث في كتابه: «مدارج السالكين» (ج4 ص147)، ولم يتفطن: «ربيع المخربي» لهذا وهذا، ولم يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث، بل قرر المعنى فقط، وهذا ليس هو المراد في الأحاديث، بل المراد منها إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله، فدل ذلك أنه لا يميز بين إثبات الصفة، وبين إثبات المعنى!.([80])
قلت: وهذا من جهله بمعنى: «الصفات»؛ فإن التأويل هنا هو التعطيل([81])، وليس هو عقيدة: «أهل السنة»، وإنما هو عقيدة: «الجهمية»، وغيرهم.
لذلك صارت أحاديث صفة: «الهرولة» مشكلة ومشتبهة عليه في الاعتقاد، بل جعلها من المتشابهات التي يجب تركها، وعدم الكلام فيها، ذكر ذلك في «شريط مسجل، بصوته؛ في سؤاله عن أحاديث» صفة: «الهرولة» في «لقاء حديثي مع طلاب دار الحديث بمكة» سنة (1426هـ).([82])
سئل فضيلة الشيخ الفوزان: أحسن الله إليكم هذا سائل يقول: عن الحديث القدسي: (عبدي مرضت فلم تعدني)؛ أنه من المتشابهات ويجب تركها([83])، فما هي نصيحتكم، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (تركها –نعوذ بالله– يعني: نترك الآيات والأحاديث المتشابهة، لا ما نتركها، لكن نفسرها بالآيات والأحاديث الأخرى، نردها إلى المحكم، فلا نتركها، بل نردها إلى المحكم ونفسرها حتى يتبين المقصود، وقول هذا، هذا جهل مركب ما يدري، والحديث فسر بعضه بعضا، قال: (كيف أعودك وأنت رب العالمين. قال: أما علمت أن عبدى فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتنى عنده) ([84]). لكن هذا ما يدري مسكين.([85])
والمصيبة تأتينا من المتعالمين، الذين تسوروا العلم بدون أصول، وبدون قواعد([86])، هؤلاء هم الآفة على الإسلام والمسلمين.
والعلم لا يؤخذ إلا عن طريق العلماء، ومعرفة القواعد الضابطة للاستنباط، ومعرفة الأحكام، وقد حررها العلماء ودققوا فيها، ودرسوها حتى نضجت، والعلم لا يؤخذ من الكتب وحدها، وإنما يؤخذ عن العلماء بالتلقي والكتب إنما آلات، والذي يدرب عليها العلماء، فإذا أخذتها ولم تتدرب عليها قتلتك، وقتلت غيرك، فلابد من الأصول ومن ضيع الأصول حرم الوصول).([87])اهـ
قلت: فالذي يريد أن يشذ، ويأتي بمسائل شاذة، أو مسائل خلافية في الجملة، ويشوش بها على الناس، فهذا لا يلتفت إليه، والله المستعان.
قلت: «فالمخربي» إذا يقلد ويرمي غيره به، ويحرف ويتهم مخالفة به!.
قال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ص582): (بل تنظر في صحة الحديث أولا؛ فإذا صح لك نظرت في معناه([88]) ثانيا، فإذا تبين لك لم تعدل عنه، ولو خالفك من بين المشرق والمغرب!). اهـ
قلت: فلا نريد التطويل بنقده فيه، والكشف عن خوافيه، وإنما ذكرت الذي ذكرته؛ لأبين «للمخربي» ما يقطع تغريره واغتراره، ويدفع تبجصه وافتخاره، ويدرأ عناده واستكباره!.
قلت: فقول: «ربيع الحدادي» أن الصفات من المتشابه، فهذا قول باطل، وهو قول: «الجهمية»، و«المعتزلية»، و«الأشعرية»، وغيرهم؛ لأن آيات الصفات، وأحاديث الصفات عندهم من المتشابه في الدين.([89])([90])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص364): (فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة؛ لا أحمد بن حنبل ولا غيره؛ أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص365): (إن كثيرا من الجهمية النفاة يقولون: فائدة إنزال هذه النصوص المثبتة للصفات، وأمثالها من الأمور الخبرية التي يسمونها هم المشكل والمتشابه، فائدتها عندهم اجتهاد أهل العلم في صرفها عن مقتضاها). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص213): (تنازع الناس في المحكم والمتشابه تنازعا كثيرا، ولم يعرف عن أحد من الصحابة قط أن المتشابهات آيات الصفات؛ بل المنقول عنهم يدل على خلاف ذلك، فكيف تكون آيات الصفات متشابهة عندهم، وهم لا يتنازعون في شيء منها، وآيات الأحكام هي المحكمة، وقد وقع بينهم النزاع في بعضها، وإنما هذا قول بعض المتأخرين). اهـ
قلت: إذا إطلاق القول بأن الصفات من المتشابه([91]) باطل لم يصدر عن أحد من السلف!، بل لم يصدر إلا عن: «ربيع وأتباعه» الذين يدعون مذهب السلف!، وهم أبعد الناس منه!.
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص102): (وقد حصل في كلامه أخطاء ... عد آيات الصفات من المتشابه، وهذا خطأ؛ لأن آيات الصفات عند سلف الأمة، وأئمتها من المحكم، ولم يقل إنها من المتشابه، إلا بعض المتأخرىن الذين لا يحتج بقولهم، ولا يعتبر بخلافهم!). اهـ
قلت: و«أتباعه المخاربة» في «شبكة خراب!»، سابقا على تخليط شيخهم «المخربي»، فإنهم لم يميزوا في أحاديث صفة: «الهرولة»، وبين ثمرة الصفة، ومقتضاها.
حيث ذكر مقالا في «شبكة سحاب» بتاريخ: «13 شعبان 1426هـ» في «الهرولة»، وفيه ما فيه من الفساد في الاعتقاد، وهذا هو الفساد في الأرض، وسوف يأتي الرد عليهم.
قال تعالى: ]وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون[ [البقرة: 11 و12].
وقال تعالى: ]وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون[ [الأنعام: 129].
وقال تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف: 103 و104].
وقال تعالى: ]وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين[ [الأنعام: 55].
قلت: و«ربيع وأتباعه» لما زاغوا عن الحق أزاغ الله قلوبهم([92]): و]ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) صم بكم عمي فهم لا يرجعون[ [الأنعام: 55].
قال تعالى: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم[ [الصف: 5].
وعن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، قال: سئل أبي عن الخوارج، فقال: (هم قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم).([93])
قلت: وقد تبين مما سبق ذكره أن: «ربيعا وأتباعه» من المفسدين في الأرض، بل ومن المحرفين لنصوص القرآن والسنة والآثار في مسائل الصفات، ومسائل الإيمان، وغير ذلك، لذلك ألقى الله تعالى فيما بينهم العداوة والبغضاء([94]) لما أوقدوا من الفتن في الأمة الإسلامية!: ]أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور[ [الحج: 46].
قال تعالى: ]وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين[ [المائدة: 64].
قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فافطن لهذا ترشد.([95])
وهذه القاعدة من أجل قواعد التفسير وأنفعها، وتستدعي قوة فكر، وحسن تدبر، وصحة قصد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج1 ص157): (كل من كان من السنة أبعد؛ كان التنازع والاختلاف بينهم في معقولاتهم أعظم). اهـ
وقال تعالى: ]ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل (44) والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا (45) من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا[ [النساء: 44 و45 و46].
قلت: و«ربيع وأتباعه» يحرفون الكلم عن مواضعه، ويطعنون في الدين([96])، اللهم غفرا.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص156): (ومعتقد أهل السنة والجماعة وقولهم: هو إمرار آيات الصفات، وأحاديث الصفات؛ كما جاءت مع اعتقاد معناها حقيقة؛ لأن تفسيرها المخالف لما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا علم، وخروج عن طريق الاعتدال). اهـ
* وقد جاء تعطيل صفة: «الهرولة»؛ كتعطيل: «الجهمية» في «شبكة خراب» ([97])، سابقا: بتاريخ 13 شعبان 1426هــ؛ في مقال «بالمنبر الربيعي»، وهذا المقال يد «ربيع المخربي» لعبت فيه!، وهو ينضح بتقرير مذهب المعطلة النفاة في تحريف الصفات، وتأويلها على غير مراد الله تعالى، ومراد رسوله r.
* حيث جاء في هذا المقال الظالم؛ ما مختصره:
1) أن أحاديث صفة: «الهرولة» لم يشملها إجماع السلف في إمرارها كما جاءت!، بل لابد أن تؤول!، لتنزه الله تعالى عن النقائص!، وهذا قول المعطلة تماما.
* حيث جاء في هذا المقال الظالم (ص3) في الرد: (نعم: حصل إجماع السلف على أن صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت ... ولكن مثل هذا الحديث –يعني: حديث صفة: «الهرولة»- لم يشمله هذا الإجماع!([98])). اهـ
* وجاء في المقال الظالم (ص4): (فهو –يعني: ربيعا- يعظم الله تبارك وتعالى
دائما!، وفي هذه الإجابة عظم الله، ونزهه عن النقائض!([99])).([100]) اهـ
قلت: ومن يدعي أنه يعظم([101]) الله تعالى، وينزهه، وهو مخالف مصر، فاعلم أنه كاذب في ادعائه، فاحذره على الدوام، وحذر الناس منه.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص125): (وإذا سمعت الرجل يقول: إنا نحن نعظم الله -إذا سمع آثار رسول الله r- فاعلم أنه جهمي، يريد أن يرد أثر رسول الله r ([102])، ويدفع بهذه الكلمة آثار رسول الله r، وهو يزعم أنه يعظم الله وينزهه). اهـ
قلت: فكلمة: «ربيع المدخلي»: (أنا أعظم الله وأنزهه)؛ فهي كلمة حق، ولكن يراد بها باطل، يريد بها تعطيل الصفات، منها: صفة: «الهرولة!». ([103])
* وجاء في المقال الظالم (ص5): (أنتم تسيرون على قاعدة خبيثة([104]) ... ثم تتسلطون بهذه القاعدة الخبيثة على الأمناء!، فربيع أخذ من الحديث ما ينزه به ربه!).اهـ
قال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص350): (ورب كلمة تهوي بصاحبها في النار). اهـ
قلت: وكل قول يعد ساقطا مرفوضا حتى يقام عليه الدليل.
قال تعالى: ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[ [البقرة: 111].
وقال تعالى: ]قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون (148) قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين[ [الأنعام: 148 و149].
قلت: ولولا ذلك لكان في إمكان من شاء أن يقول ما شاء، وفي هذا من المفاسد أشياء!.([105])
والـــدعـــاوى إن لـــم تــقيـــمــوا عــليــهــا |
|
|
بـــينـــــات أصـــــحابـــهـــا أدعــيــــــــــــاء |
* وجاء في المقال الظالم (ص7): (فإن ورد صرفه عن ظاهره؛ فإننا آخذون به ... وصرف حديث رسول الله r عن ظاهره نأخذ منه أسوة فيما هو مثله: وهذه طريقة السلف في تفسير المعية، وفي حديث: «الهرولة»!) ([106]). اهـ
* وجاء في المقال الظالم (ص9): (هل ترون أن الأئمة([107]) الذين لم يثبتوا: «الهرولة» لله تعالى؛ وقعوا في باقعة مالها راقعة!). اهـ
* ثم ربيع الحدادي في «المقال الظالم» (ص12 و13)؛ ذكر قول الشيخ ابن باز / في ذكره لثمرة حديث: «الهرولة» في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص68) بقوله: (وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح)([108]). اهـ كلام الشيخ ابن باز /.
* فعلق ربيع الجاهل بجهله: (هذا الكلام من الشيخ / تفسير للحديث على المعنى اللائق بالله([109]) سبحانه وتعالى؛ كما فسره بعض السلف([110])، فقال: «وأنه بالخير إلى عباده أجود»؛ ولم يقل: بالمشي ولا بالهرولة!، وأكد ذلك بقوله: «فهو أسرع إليهم بالخير والكرم والجود»؛ ولم يقل بالمشي والهرولة!). اهـ
قلت: فانظر إلى أي هوة سقط هذا الرجل؛ أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه، أم بضحالة عقله، واستفحال جهله؟!.
فهذه مغالطة مكشوفة: وذلك أن الشيخ ابن باز / ذكر أولا مقتضى، وثمرة أحاديث صفة: «الهرولة»، ثم اتبعه بإثبات صفة: «الهرولة» على ما يليق بجلاله وكماله، وذكر أن هذا هو المعنى الحقيقي للأحاديث؛ أي: في إثبات صفة: «الهرولة»، وليس المعنى الآخر؛ فاعرف هذا!.
فقال العلامة الشيخ ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص79): (فلا ريب أن الحديث المذكور صحيح، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يقول الله عز وجل: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، ومن تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح.([111])
ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره([112]) على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي r سمعوا هذا الحديث من رسول الله r ولم يعترضوه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله، وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.
فالواجب في مثل هذا أن يتلقى بالقبول، وأن يحمل على خير المحامل، وأن هذه الصفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه فليس تقربه إلى عبده مثل تقرب العبد إلى غيره، وليس مشيه كمشيه، ولا هرولته كهرولته، وهكذا غضبه، وهكذا رضاه، وهكذا مجيئه يوم القيامة، وإتيانه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وهكذا استواؤه على العرش، وهكذا نزوله في آخر الليل كل ليلة، كلها صفات تليق بالله جل وعلا، لا يشابه فيها خلقه.
فكما أن استواءه على العرش، ونزوله في آخر الليل في الثلث الأخير من الليل، ومجيئه يوم القيامة، لا يشابه استواء خلقه، ولا مجيء خلقه، ولا نزول خلقه؛ فهكذا تقربه إلى عباده العابدين له، والمسارعين لطاعته، وتقربه إليهم لا يشابه تقربهم، وليس قربه منهم كقربهم منه، وليس مشيه كمشيهم، ولا هرولته كهرولتهم، بل هو شيء يليق بالله لا يشابه فيه خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات، فهو أعلم بالصفات، وأعلم بكيفيتها عز وجل.
وقد أجمع السلف([113]) على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت، واعتقاد معناها، وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله، وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان، والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق، كما قال عز وجل: ]قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4) [[الإخلاص: 1-4]، وقال عز وجل: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]. وقال سبحانه: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]. فرد على المشبهة بقوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]، وقوله تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال[؛ ورد على (المعطلة) بقوله تعالى: ]وهو السميع البصير[ وقوله تعالى: ]قل هو الله أحد[ ]الله الصمد[ ]إن الله عزيز حكيم[ [البقرة: 220]، وقوله تعالى: ]إن الله سميع بصير[ [الحج: 75]، وقوله تعالى: ]إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173]، ]إن الله على كل شيء قدير[ [البقرة: 109] إلى غير ذلك.
فالواجب على المسلمين علماء، وعامة إثبات ما أثبته الله لنفسه، إثباتا بلا تمثيل، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وتنزيه الله عما نزه عنه نفسه تنزيها بلا تعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي r، وأتباعهم من سلف الأمة؛ كالفقهاء السبعة، وكمالك بن أنس، والأوزاعي، والثوري والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم من أئمة الإسلام، يقولون أمروها كما جاءت، وأثبتوها كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وأما ما قاله المعلقان في هذا: (علوي وصاحبه محمود)؛ فهو كلام ليس بجيد، وليس بصحيح، ولكن مقتضى هذا الحديث أنه سبحانه أسرع بالخير إليهم، وأولى بالجود والكرم([114])، ولكن ليس هذا هو معناه، فالمعنى شيء، وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، فهو يدل على أنه أسرع بالخير إلى عباده منهم، ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى يجب إثباته لله من التقرب، والمشي، و«الهرولة»، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، من غير أن يشابه خلقه في شيء من ذلك، فنثبته لله على الوجه الذي أراده الله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وقولهم: إن هذا من تصوير المعقول بالمحسوس: هذا غلط، وهكذا يقول أهل البدع في أشياء كثيرة، وهم يؤولون، والأصل عدم التأويل، وعدم التكييف، وعدم التمثيل، والتحريف، فتمر آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، ولا يتعرض لها بتأويل، ولا بتحريف، ولا بتعطيل، بل نثبت معانيها لله كما أثبتها لنفسه، وكما خاطبنا بها، إثباتا يليق بالله لا يشابه الخلق سبحانه وتعالى في شيء منها، كما نقول في الغضب، واليد، والوجه، والأصابع، والكراهة، والنزول، والاستواء، فالباب واحد، وباب الصفات باب واحد).([115]) اهـ
قلت: وبعد النظر في كتب الإمام ابن باز /، وطريقته في إثبات صفات الله تعالى وجدت أنه يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهرها لا يخرج فيها عن مذهب السلف في إثبات الصفات كما جاءت النصوص.
وقد ضرب الإمام ابن باز / في هذا المعتقد بسهم وافر في السير على طريقة السلف، وأئمة الحديث في هذا الباب، فتراه قد ملأ كتبه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية في ثبوت صفات الله تعالى على ظاهرها، ولم يتعرض لها بتأويل يصرفها عن دلالتها.
قلت: هذا كله أخفاه «المخربي» أو خفي عليه، وغفل عنه، فأين ما ادعاه زورا من أن الشيخ ابن باز / أول الأحاديث على خلاف منهج السلف في إثبات الصفات.
أم أن «المخربي» لا يفرق بين أصل الحديث، ولفظ منه؟!، أم أن اختلاطه أداه إلى عدم التمييز في الأحاديث، وهذا الأمر يكشف عن حال: «ربيع»، وكذا لكشف حال: «مريديه الخونة!»: ]وبئس الورد المورود[ [هود:98].
قلت: كلما تأملت كلام هذا: «المخربي»؛ ازددت يقينا بتفتنه في التدليس!، وتلونه في التلبيس!، فكأنه لا أحد عنده يراجع، وينقد ويبحث؛ فتأمل الهوى!.
فواضح أن كلام الشيخ ابن باز / في تعليقه على أحاديث صفة: «الهرولة» أنه ذكر ثمرة الأحاديث ثم قال في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص79): «وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، ... ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى يجب إثباته لله من التقرب، والمشي، و«الهرولة»، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى». اهـ
قلت: فذكر الشيخ ابن باز / أن الأصل في هذه الأحاديث إثبات صفة: «الهرولة» على ما يليق بجلاله، والثمرة هي تبع في مقتضى الأحاديث لا الأصل فيها، بل أصل الأحاديث إثبات صفة: «الهرولة»؛ ويظهر لك الفرق بينهما بالتأمل في الأحاديث، فافطن لهذا ترشد.
قلت: وذكر الشيخ ابن باز / في حكايته اتفاق الأئمة على إثبات صفة: «الهرولة».
فقال العلامة الشيخ ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص76): (ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره([116]) على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي r سمعوا هذا الحديث من رسول الله r ولم يعترضوه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله، وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.
فالواجب في مثل هذا أن يتلقى بالقبول، وأن يحمل على خير المحامل، وأن هذه الصفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه فليس تقربه إلى عبده مثل تقرب العبد إلى غيره، وليس مشيه كمشيه، ولا هرولته كهرولته، وهكذا غضبه، وهكذا رضاه، وهكذا مجيئه يوم القيامة ... وقد أجمع السلف([117]) على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت، واعتقاد معناها، وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله، وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان، والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق). اهـ
لذلك: فتأمل الهوى والتضليل، والجهل والقول([118]) العليل عند «ربيع وأتباعه»!: و]بئس الرفد المرفود[ [هود:99].
قلت: فمثل هذا الحكم الصادر من الإمام ابن باز /؛ حكم مشتهر صدوره من السلف، والأئمة، والعلماء بالإجماع، اللهم غفرا.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة([119]) يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ
قلت: وقد ذكر أيضا هذا الإجماع الإمام الدارمي / على إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى.
فقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص561): (وقد أجمعنا([120]) على أن الحركة والنزول، والمشي والهرولة، والاستواء على العرش وإلى السماء قديم، والرضا والفرح والغضب، والحب والمقت، كلها أفعال في الذات للذات، وهي قديمة). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن أحاديث صفة: «الهرولة» لا حجة لهم فيها على التأويل؛ كتأويل المعطلة، بل هي أدلة على خلاف مذهبهم الباطل، بل العاطل!، فهو حكم باطل يصادم الصواب تارة، ويخالفه تارة أخرى، ولا مجال –يا ربيع- فيه للتشنيع، والإقذاع في القول، فاربع على نفسك!.
قلت: وإذا وضح ما سلف؛ يظهر لك بطلان قول «المخربي وأتباعه» على ما ثبت عند الإمام ابن باز / من الفتاوى في تقريره صفة: «الهرولة».
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص61): (وهكذا النزول و«الهرولة» جاءت بها الأحاديث الصحيحة، ونطق بها الرسول r، وأثبتها لربه عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه من غير مشابهة لخلقه، ولا يعلم كيفية هذه الصفات إلا هو سبحانه). اهـ
وقد ورد في الفتوى (رقم: 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية (ج3 ص142) ما يلي:
س: هل لله صفة الهرولة؟.
ج: (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه ... وبعد:
نعم؛ صفة «الهرولة» على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به، قال تعالى: (إذا تقرب إلي العبد شبرا؛ تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا؛ تقربت منه باعا، وإذا أتاني ماشيا؛ أتيته هرولة). رواه:
البخاري، ومسلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم).([121]) اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592)؛ عن الهرولة: (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ
قلت: وورد عن بعض أهل العلم إطلاق معنى الهرولة، ومرادهم ثمرة صفة: «الهرولة»، فأرادوا بذلك معنى صحيحا يوافق ما أجمعوا عليه من إثبات صفة: «الهرولة»، لا ما يريده «الربيعية» الجهمية من نفي الصفات لله تعالى وتعطيلها.([122])
قلت: والعلامة الشيخ ابن باز / يبدع من يؤول الصفات؛ منها: صفة: «الهرولة»، حيث قال في «الفتاوى» (ج4 ص131): (التأويل منكر، لا يجوز تأويل الصفات، بل يجب إمرارها كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله سبحانه وتعالى بغير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.
فالله جل وعلا أخبرنا عن صفاته، وعن أسمائه وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]، فعلينا أن نمرها كما جاءت ... ومن ذلك الحديث القدسي، وهو قول الله سبحانه: (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)؛ يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى ... أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة والجماعة، وتبرؤوا منه، وحذروا من أهله). اهـ
قلت: وبين الإمام ابن باز / «لربيع وأتباعه» إجماع السلف على إثبات الصفات؛ كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل، وما هو الواجب عليهم.
فقال الإمام ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص79): (وقد أجمع السلف([123]) على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت، واعتقاد معناها، وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله، وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان، والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق). اهـ
وقال الإمام ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص79): (فالواجب على المسلمين علماء، وعامة إثبات ما أثبته الله لنفسه، إثباتا بلا تمثيل، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وتنزيه الله عما نزه عنه نفسه تنزيها بلا تعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي r، وأتباعهم من سلف الأمة؛ كالفقهاء السبعة، وكمالك بن أنس، والأوزاعي، والثوري والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم من أئمة الإسلام، يقولون أمروها كما جاءت، وأثبتوها كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص13): (وإذا أجمع أهل العلم على شيء؛ فسائر الأمة تبع لهم؛ فإجماعهم معصوم لا يجوز أن يجمعوا على خطأ). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص104): (والإجماع: هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين). اهـ
وقال الإمام الملطي / في «التنبيه» (ص41): (ومن خالف الإجماع ضل ... وإجماع الأمة أصل من أصول الدين). اهـ
وقال الإمام السجزي / في «رسالته إلى زبيد» (ص122): (ومن علم منه خرق إجماع الكافة، ومخالفة كل عقلي وسمعي قبله لم يناظر، بل يجانب، ويقمع).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى المصرية» (ص556): (ومن خالف ما أجمع عليه المؤمنون فهو ضال، وفي تكفيره نزاع وتفصيل). اهـ
قلت: فكلام «ربيع الحدادي وأتباعه الحدادية» كله يتصبب جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما أعوج سقيما ... ومن عظيم أمر الله تعالى أنه فضح هذا: «المدخلي» بما تكلم به لسانه، وجرى به بنانه!: ]فذرهم وما يفترون[ [الأنعام:112].
إذا فلماذا هو متلبس بما ينكره على غيره؟!: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص:6].
قلت: وهذا يدل دلالة وثيقة على جهل «المخربي» لحقيقة الدعوة السلفية([124]) في باب أسماء الله تعالى، وصفاته، وأنها قائمة على الإثبات والتنزيه: إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل!، وهذا ما انحرف إلى طرفيه الأشاعرة، والمعتزلة، وغيرهم من الطوائف المنحرفة.
فليختر: «المخربي» لنفسه؛ أي: الوصفين أحق به، وليخرج من قوله البالي!، اللهم سلم سلم.
قلت: فأساس: «ربيع» هو أساس منقوض!.
قال الإمام ابن القيم /: (أصحاب التأويل، وهم أشد الناس اضطرابا إذ لم يثبت لهم قدم في الفرق بين ما يتأول وما لا يتأول).([125]) اهـ
قلت: ولجهله بأصول السلف في توحيد الأسماء والصفات وقع في التخليط، والالتباس، والاشتباه.
ومن هذا المعنى: قول الله تعالى: ]ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون[ [البقرة:42].
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص96): (واعلم أنه إنما جاء هلاك الجهمية؛ أنهم فكروا في الرب، فأدخلوا «لم» و«كيف»، وتركوا الأثر، ووضعوا القياس، وقاسوا الدين على رأيهم، فجاؤوا بالكفر عيانا لا يخفي أنه كفر، وأكفروا الخلق، واضطرهم الأمر حتى قالوا بالتعطيل!). اهـ
قلت: فتكلم الربيعيون([126])، وطعنوا في آثار رسول الله r في الصفات وغيرها، وأخذروا بالآراء الباطلة([127])، وطعنوا في من خالفهم من أهل السنة، فدخل في مذهبهم الباطل؛ الجاهل، والمغفل، والضال، والجهمي، والغجري، والهمجي، والحزبي، والذي لا علم له ينفعه من أصحاب الشهادات الآكاديمية، حتى ابتدعوا من حيث لا يعلمون: ]وبئس الورد المورود[ [هود:98].
قال تعالى: ]يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول[ [النساء:108].
وقال تعالى: ]أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون[ [الأعراف:99].
وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم[ [الحجرات:12].
قال تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله([128])[ [الأنعام:153].
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص98): (واعلم أنه لم تجئ بدعة قط إلا من الهمج الرعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، فمن كان هكذا فلا دين له، قال الله تبارك وتعالى: ]فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم[ [الجاثية:17]، وقال تعالى: ]وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم[ [الشورى:14]، وقال تعالى: ]وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم[ [الأنعام:153]، وهم: علماء السوء، أصحاب الطمع والبدع). اهـ
قلت: فهلك الربيعيون من وجوه، وابتدعوا([129]) من وجوه، وتزندقوا من وجوه، وضلوا من وجوه وتفرقوا([130]) من وجوه، وذلك بسبب تقليدهم لأفكار: «ربيع شيخهم» الضال المضل في الدين!: ]ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون (113) أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا[ [الأنعام:113 و114].
قال تعالى: ]ولا يزالون مختلفين[ [هود:118].
وقال تعالى: ]أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض[ [البقرة:85].
قلت: إذا لابد من ترك النصوص على ظاهرها؛ فإنه حق، وهو مراد الله تعالى، ومراد لله تعالى، وكون البعض يفهم منها فهما سيئا آفته من فهمه الخاطئ، وليس ما فهمه هو ظاهر النصوص.
وكـــــم مـــــن عـــــائـــب قـــولا صــحيحا
|
|
|
وآفـــتــــه مـــــن الـــفـــهــــم الـــســقــــيـــم |
قلت: فيترتب على هذا الغلط العجيب الذي انزلق فيه: «المخربي» أن المرء يجوز له أن يؤول الصفات عن مدلولها الصحيح!.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص103): (لا يجوز حمل صفات الله عز وجل على المعنى المجازي؛ لأن هذا تعطيل لها عن مدلولها، بل يجب حملها على المعنى الحقيقي اللائق بالله؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة، ولا سيما كلام الله عز وجل، ولا سيما ما يتعلق به، وبأسمائه وصفاته، ولا يجوز حمل الكلام على المجاز إلا عند تعذر حمله على الحقيقة، وهذا ما لم يحصل حمله في نصوص الصفات؛ فليس هناك ما يوجب حملها على المجاز). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص36): (تأويل الصفات عن معناها الحقيقي لا يجوز في أي عصر من العصور، ولا يجوز أن نرد على أهل الباطل بباطل، بل يجب أن نثبت على الحق، ولا نلتفت إلى شغب المخالفين، ولا نتنازل عما معنا من الحق لأجل الرد عليه .
والتأويل باطل؛ مهما صلحت نية فاعله، وحسن مقصده([131])، وقد يعمل الشخص بعمل أهل النار وهو يظن أنه يحسن صنعا؛ كما قال تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف: 103 و104]، وقال تعالى: ]وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون[ [الزخرف:37].
والباطل إنما يدفع بالحق: ]بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق[ [الأنبياء:18].
نعم؛ من أول الصفات عن مدلولها إلى غير معانيها، فهو ضال؛ كما قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف:180]، ومن الإلحاد فيها صرفها عما دلت عليه([132])، وهذا ضلال). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص38): (نعم؛ نحكم بضلال من أول صفات الله تعالى عما دلت عليه من المعنى الحق، وحاول صرفها إلى غير معانيها الحقيقية من الأشاعرة وغيرهم، وإن لم يكن هذا ضلالا؛ فما هو الضلال؟!، قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس:32]). اهـ
قلت: و«ربيع المخربي» هذا يشكك الناس في ذكره الخلافيات في الأصول خاصة في الصفات!، فهو يدعو إلى الزندقة، نعوذ بالله من الخذلان.
قال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص346): (وتفسد الشياطين دين من سبق عليه الخذلان!). اهـ
وقال الإمام البربهاري في «شرح السنة» (ص124)؛ عن أهل الأهواء: (فإن استماعك منهم -وإن لم تقبل منهم- يقدح الشك في القلب، وكفى به قبولا فتهلك.
وما كانت زندقة قط، ولا بدعة، ولا هوى، ولا ضلالة، إلا من الكلام، والجدال، والمراء، والقياس، وهي أبواب البدعة، والشكوك، والزندقة!). اهـ
فهل يا ربيع([133]) الإسلام قابل للاختلاف؟!، كلا: بل إن أصول الإسلام، والعقيدة ليست مجالا للاجتهاد والاختلاف، وإنما هذا في المسائل الاجتهادية، لا المسائل الخلافية؛ فمن خالف في أصول الدين وعقيدته؛ فإنه يكفر، أو يفسق، أو يضلل بحسب مخالفته في الدين؛ لأن مدارها على النص والتوقيف، ولا مسرح للاجتهاد في الدين.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «البيان» (ص39)؛ وهو يرد على معطل: (ولا يخفى ما في هذا من الخلط؛ فقضية الصفات من قضايا العقيدة التي لا يجوز الخلاف فيها). اهـ
قلت: كلما تأملت كلام هذا: «المخربي»؛ ازددت يقينا بتفننه في التدليس!، وتلونه في التلبيس!؛ فكأنه لا أحد عنده يراجع، وينقد ويبحث؛ فتأمل الهوى!.
قلت: وبسبب ما وقع فيه: «الربيعية الدجاجلة» من الأهواء المضلة؛ قالوا: إن من لم يقل بأقوال ربيع في «الإيمان»، و«الصفات»، و«الدعوة» وغير ذلك؛ فهو مبتدع، بل واستحلوا السيف([134]) على أمة محمد r في «ليبيا» وغيرها، وسفكوا دماءهم([135])، وامتحنوا الناس بأشياء لم يتكلم فيها رسول الله r، ولا أحد من أصحابه، وأرادوا تعطيل مذهب أهل السنة والجماعة، وأوهنوا الإسلام، وعملوا في الفرقة، وخالفوا الآثار، وتكلموا بالمتشابه، فشككوا الناس في دينهم، واختصموا في الأصول والفروع، ووضعوا ذلك في كتبهم، وأظهروا رأيهم، وطلبوا لهم الرياسة، فكانت فتنة لم ينج منها إلا من عصم الله، فأدنى ما كان يصيب المرء من مجالستهم أن يشك في دينه، أو يتابعهم، أو يزعم أنهم على الحق، وهم على باطل، فصار شاكا، فهلك الخلق الذين أتوا من جهتهم: ]وكذلك نجزي الظالمين[ [الأعراف:41].
قال تعالى: ]يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم[ [يونس:23].
قال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص416): (فمن تمادى بعد بلوغ الخبر إليه على سفك دم مسلم برأيه بغير نص، ولا إجماع فهو عاص لله تعالى آت بكبيرة، وقد تبرأ رسول الله r منها، ونحن نبرأ إلى الله مما برئ منه رسول الله r وهو الفعل المذكور). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص96)؛ عن أفاعيل المبتدعة في المسلمين: (واستحلوا السيف على أمة محمد r([136])، وخالفوا من كان قبلهم، وامتحنوا الناس بشيء لم يتكلم فيه رسول الله r، ولا أحد من أصحابه، وأرادوا تعطيل المساجد والجوامع([137])، وأوهنوا الإسلام، وعطلوا الجهاد، وعملوا في الفرقة([138])، وخالفوا الآثار، وتكلموا بالمنسوخ، واحتجوا بالمتشابه، فشككوا الناس في آرائهم، وأديانهم، واختصموا في ربهم!). اهـ
قال تعالى: ]مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا[ [النساء:143].
قلت: فالمذبذب هذا ليس له دين، والله المستعان.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «إتحاف القاري» (ص355): (الذي يتذبذب ليس له دين، فهو منافق: قال تعالى: ]مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا[ [النساء:143]، فالمذبذب هذا ليس له دين!). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص120): (واعلم أن الأهواء كلها ردية تدعو كلها إلى السيف!). اهـ
قلت: و«ربيع وأتباعه» اختلفوا عن بينة جاءتهم: ]فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم[ [الجاثية:17]، فهم: اتبعوا أهواءهم فاختلفوا، ولو اتبعوا الحق لاتفقوا، واجتمعوا: ]ولا يزالون مختلفين[ [هود:118].
قال تعالى: ]واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[ [آل عمران:103].
قال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص342): (والافتراق حرام، والاختلاف بلية). اهـ
قلت: و«ربيع وأتباعه» في إخفائهم للخلاف الذي فيما بينهم، وإظهارهم بمظهر الوحدة، والائتلاف قد وقعوا في سبيل المغضوب عليهم([139])، حيث وصفهم خالقهم في كتابه المجيد: ]تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون[ [الحشر:14].
قلت: فلو كانوا يعقلون لعملوا على اجتثاث الخلاف من أصوله فتوحدوا([140])، ولم يقروا الخلاف، ويظهروا أمام خصومهم بمظهر الوحدة، فإذا مادت الأرض من تحتهم: ]فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم[ [النحل:26].
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «إتحاف القاري» (ص483): (فكل ما خالف الكتاب والسنة من الآراء والمذاهب، والأفكار والحزبيات، وغير ذلك، فإنه من الأهواء([141])، قال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك([142]) فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله[ [القصص:50]). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «إتحاف القاري» (ص483): (الأهواء تدعو إلى الفتنة، فالحروب التي وقعت بين المسلمين، وانشقاق الكلمة، إنما جاء عن أصحاب الأهواء من: «المعتزلة»، و«الخوارج»، وغيرهم؛ هم: الذين سببوا الفتنة، ما جاءت الفتن إلا من قبلهم([143]) وبسببهم!). اهـ
ثم ذكر: «ربيع وأتباعه» لأقوال الأئمة في معنى أحاديث صفة: «الهرولة» مثل: «قتادة»، و«الأعمش»، و«ابن راهويه»، و«البغوي»، وهؤلاء الأئمة يقصدون بذلك ثمرة ومقتضى الأحاديث؛ مع إثباتهم لصفة: «الهرولة» في الأحاديث على ظاهرها دون أن يتعرضوا لها بتأويل فقط، أو يقتصروا على تفسير فقط.
قلت: وهذا يدل على جهل: «ربيع الحدادي، وأتباعه الحدادية!» بقواعد السلف في توحيد الأسماء والصفات، فظنوا بذلك أن الأئمة لم يثبتوا صفة: «الهرولة»، فخلطوا وخبطوا في شرحهم لأحاديث صفة: «الهرولة».
وظن ربيع هذا في قوله (ص16): (عنوان: موقف بعض أئمة السلف من حديث: «الهرولة» ثم ذكر تفسير: «قتادة»، و«الأعمش»، و«ابن راهويه»، و«البغوي»، ثم قال: (نرى عددا من الأئمة قد فسروا هذه الأحاديث بمعنى: مغفرة الله!، ورحمته لمن يطيعه!، ومسارعته بالرحمة!، والمغفرة للمطيعين!)([144]). اهـ
قلت: و: «ربيع» هذا وقع في تنزيه المعطلة، وظن أنه تنزيه الرسل عليهم السلام، وذلك لأنه لا يفرق بين تنزيه الرسل عليهم السلام، وتنزيه المعطلة([145])، اللهم غفرا.
قال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ص578): (وأما المعطلون فنزهوه عما وصف به نفسه من الكمال، فنزهوه عن أن يتكلم، أو يكلم أحدا، ونزهوه عن استوائه على عرشه ... ونزهوه أن يكون له وجه ... ونزهوه عن الرأفة، والرحمة، والغضب، والرضا). اهـ
قلت: فـ: «ربيع وأتباعه» نزهوا الله تعالى بزعمهم عن أن: «يهرول» فوافقوا المعطلة!: ]وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون[ [هود:16].
قال تعالى: ]قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف:138].
قاتل الله الجهل والهوى، والتقليد الأعمى!.
قلت: فأين ما ادعاه: «المخربي» زورا من أن أهل السنة لا يثبتون صفة: «الهرولة» في الأحاديث النبوية؟!: ]بل هم منها عمون[ [النمل:66]، ] بل هم في شك منها[ [النمل:66]، ]بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم[ [الروم:29].
أم أن: «المخربي» لا يفرق بين أصل الحديث، ومعنى الحديث!.
أم أن اختلاطه أداه إلى عدم التمييز بين المتغايرات!.
فواضح أن أئمة الحديث أثبتوا صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله، ولم يفسروها؛ كتفسير: «ربيع وأتباعه» الذي هو تفسير الجهمية.
ولهذا ترى المخالفين لأحاديث: «الهرولة» يتجاهلونها، ولا يتعرضون لها على أنها صفة لا من قريب، أو من بعيد؛ لأن بإثباتها تنسف بنيانهم من القواعد في تأويلهم للصفات، وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه.([146])
قلت: والحامل له على ذلك جهله بقيمة تلك العلوم السلفية التي تدرس في البلدان الإسلامية وتنشر، ومن جهل شيئا عاداه، وتخلفه الفكري عن استيعابها، وكسله الذي قعد به عن تعلمها وتعليمها، وعن تابعتها فتصور أن العيب فيها وفي أهلها، والعيب إنما هو عيبه([147]): ]قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون[ [الأنعام:50] ، وعلى حد قول الشاعر:
نــعــيـــب زمــــانـــنـــا والــعــيــب فــيــنـــــا |
|
|
ومــــا لـــزمـــانــنـــا عـــيـــب ســـــــــــوانا! |
قلت: ورمي «المدخلي» لمناهج السلفيين بالعيوب؛ لا يضرهم شيئا، وهو كما يقول الشاعر:
وإذا أتـــتــك مــذمــــتــــي مــــن نــــــاقص |
|
|
فــهــــي الشـــهـــادة لـــي بـــأنـــــي فــاضل |
قلت: وأما تذمر: «المخربي» من كثرة نشر علومهم التي تدرس في البلدان الإسلامية، ومن ردودهم عليه لكشف ضلالاته من كتبه المظلمة: ]ظلمات بعضها فوق بعض[ [النور:40]؛ فهذا عيب بما هو كمال، ومدح لأهل السنة والجماعة، فهو على قول الشاعر:
ولا عـــيــب فـــيهـم غـيـر أن ســيـــوفـــهم |
|
|
بــهــن فــلـــول مـــن قــراع الــكـــتـــــائب! |
ونقول: «للمخربي» إذا كانت قد أثقلتك تلك العلوم السلفية، ولم تستطع فهمها وحملها؛ فعب نفسك وعب أتباعك، ولا تعبها!.
فـنـــفـســـك لــم ولا تــلــم الــمــطــــايــــــا |
|
|
ومـت كــمـــدا فــلــيــس لـــك اعــتــــــذار |
قلت: وننصح لك ولأتباعك أن تعملوا يقول الشاعر الآخر:
إذا لــــم تــســتــطــع شــيــئا فــــدعـــــــــــه |
|
|
وجــــاوزه إلـــــى مــــــا تــــســـتــطـــيـــــــع |
إن السلفيين حينما قرروا تدريس تلك العلوم السلفية ضمن مناهجهم؛ إنما يقومون بمسؤوليتهم نحو دينهم، وأمتهم، وهم الذين يخرجون للمسلمين: الدعاة المؤهلين الذين يعلق المسلمون عليهم آمالهم بعد الله تعالى، والدفاع عن دينهم.
قلت: فعلى «المخربي» أن يوفر على نفسه العناء، وعلى «أتباعه» أن يكفوا عن نشر مثل تلك الآراء الباطلة لشيخهم الجهمي الملحد!.
وأن لا ينشر إلا ما هو بناء ومفيد؛ أداء لمسؤوليتهم أمام الله تعالى، والله ولي التوفيق.
قال تعالى: ]واتقوا الله ويعلمكم الله[ [البقرة:282].
وقال تعالى: ]كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون[ [آل عمران:79].
وأن يخلصوا النية لله تعالى في تعلمهم، وتعليمهم.
قلت: فكيف يتصور من مسلم فضلا من ينتسب إلى العلم أن يتفوه بأن صفات الله تعالى مؤولة بتأويل المعطلة النفاة: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5].
قال تعالى: ]أفبالباطل يؤمنون[ [النحل:72].
لكن نقول؛ «للفرقة الربيعية»: ]أتاها أمرنا ليلا أو نهارا[ [يونس:24]، ]وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر[ [القمر:50].
قال تعالى: ]يحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون[ [الأنفال:8].
قلت: إننا لو أخذنا بقول هذا: «المخربي» عن بيان الحق فيه، وفي: «أتباعه» لضاع الحق، واستطال الباطل، وقضي على الدين، وهذا ما يفرج به المبتدعة في الداخل والخارج: ]إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون[ [الأعراف:139].
قال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النحل:44] فبئس التابع، وبئس المتبوع!.
قلت: إن الجهمية هم الذين نشروا القول بتعطيل الأسماء والصفات، فنسب القول إليهم بهذا الاعتبار، فأي شخص يعطل صفة من صفات الله تعالى، فهو جهمي!.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «البيان» (ص167): (الجهمية هم الذين شهروا، ونشروا القول بنفي الأسماء والصفات من الرؤية وغيرها، فنسب القول إليهم بهذا الاعتبار). اهـ
قلت: من تعلق على التأويل الباطل عن جهل بين له الحق، فإن أصر على ذلك وعاند، فهو مبتدع خارج عن مذهب أهل السنة والجماعة، لأن الجهل يزول بالبيان، ولا يبقى على الضلال بعد البيان إلا معاند للحق!، فافهم لهذا ترشد.
وهذا الحكم الظالم من: «ربيع» فيه نقض لمنهج السلف في إثبات الصفات؛ لأنه أهمل قضية تلقيهم عن رسول الله r، وتعلمهم منه، وسؤالهم إياه، ومشاهدتهم للتنزيل على رسول الله r، وتلقيهم التأويل عنه r، وهذه مرتبةمن العلم؛ لم يبلغها غيرهم، وقد أهمل: «ربيع وأتباعه» ذلك وتناسوا تماما.([148])
قلت: والتعطيل: هو حجود الخالق سبحانه، لأنه تأويل صفات الخالق سبحانه يئول إلى التعطيل، وهذا هو الإلحاد في الصفات.
قال تعالى: ]وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون[ [النحل:118].
وقال تعالى: ]ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن[ [المؤمنون:71].
قلت: وقد أثبت السلف، والأئمة، والعلماء صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (وعليه فنجري الحديث على ظاهره، ونقول: إن الله تعالى يأتي حقيقة: «هرولة»، ويتقرب حقيقة ذراعا وباعا، وأي مانع؟، لأن الله تعالى يفعل ما يريد([149])، وهذا مما يريده عز وجل). اهـ
قلت: وذكر الإمام ابن بطة / بعض أحاديث الصفات؛ منها: حديث([150]) صفة: «الهرولة»، وهذا يدل أنه / يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث.([151])
قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([152]) لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ
قلت: فمذهب أهل السنة والجماعة في صفة: «الهرولة»([153]) الإقرار، والإمرار، والكف عن تأويلها.([154])
قلت: وصفة «الهرولة» كغيرها من الصفات يثبت ما ورد منها على ما يليق بجلال الله، وعظمته من غير تشبيه ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
قال فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان: (الذي لا يثبت صفة: «الهرولة» فإنه في ضلال)؛ وذكر له بعض العلماء الذين أولوا صفة: «الهرولة» لله عز وجل؛ فخطأهم وقال: (كل يأخذ من قوله ويرد).([155])
وقد بوب الإمام أبو إسماعيل الهروي / في «دلائل التوحيد» (ص79)؛ باب: الهرولة لله عز وجل.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (فهو سبحانه يأتي: «هرولة»، ويأتي بتأن، فأي مانع يمنع هذا؟، ما دام ثبت أنه يأتي في القرآن، فإنه إذا أتى؛ فلابد أن يكون إما بسرعة، وإما بغير سرعة، فأي مانع يمنع من أن يكون بسرعة، أو بغير سرعة؟، الجواب: لا مانع). اهـ
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص561): (وقد أجمعنا([156]) على أن الحركة والنزول، والمشي والهرولة، والاستواء على العرش وإلى السماء قديم، والرضا والفرح والغضب، والحب والمقت، كلها أفعال في الذات للذات، وهي قديمة). اهـ
وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛ فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.
قلت: وهذا سنده حسن.
والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([157])، والله الموفق.
قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الهرولة للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.([158])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص24): (صفة «الهرولة» ثابتة لله تعالى، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t عن النبي r، قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي (فذكر الحديث، وفيه): وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة)، وهذه «الهرولة» صفة من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل؛ لأنه أخبر بها عن نفسه، فوجب علينا قبولها بدون تكييف؛ لأن التكييف قول على الله بغير علم، وهو حرام، وبدون تمثيل؛ لأن الله يقول: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592)؛ عن الهرولة: (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (فإنه لا يخفى عليك أن هذه الصفة جاء إثباتها لله تعالى فيما أخبر الله به نفسه عن نفسه: «أتيته هرولة»، وفيما نقله عنه أمينه على وحيه، ورسوله إلى من أرسله إليهم من خلقه، وفيما رواه الصحابة عن رسول الله r، وفيما رواه التابعون عن الصحابة، وفيما رواه أئمة الأمة من بعدهم إلى عصرنا هذا، كلهم يقولون عن الله: «أتيته هرولة»، فقد ذكرت في كلام الله في الحديث القدسي، وفي كلام رسوله، وفي كلام الصحابة، وفي كلام التابعين، وفي كلام الأئمة من بعدهم رواية ودراية نقلا وقبولا، ولله الحمد.
ولا يخفى عليك القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف)؛ وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم، ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة، ومن ذلك هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه، فإن ظاهره ثبوت إتيان الله تعالى: «هرولة»، وهذا الظاهر ليس ممتنعا على الله عز وجل؛ لأنه لا يتضمن نقصا فيكون داخلا في القاعدة المذكورة، فيثبت لله تعالى حقيقة، ويصان عن الأوهام الباطلة من التمثيل والتكييف، ولا يخفى عليك أن هذا الحديث ليس فيه شيء من المشاكلة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج7 ص554): (فإذا كان الله يأتي حقيقة، فإنه لابد أن يأتي على صفة ما، سواء كانت «الهرولة» أو غيرها، فإذا قال عن نفسه: (أتيته هرولة)؛ قلنا: ما الذي يمنع أن يكون إتيانه هرولة؟؛ إذا كنا نؤمن بأنه يأتي حقيقة، ونحن نؤمن بأنه يأتي حقيقة، فإذا كان يأتي حقيقة، فلابد أن يكون إتيانه على صفة من الصفات، فإذا أخبرنا بأنه يأتي «هرولة»، قلنا: آمنا بالله.
لكن كيف هذه: «الهرولة؟»، فالجواب: لا يجوز أن نكيفها، ولا يمكن أن نتصورها، فهي فوق ما تتصور، وفوق ما نتكلم به). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص426): (قوله في هذا الحديث: (تقربت منه)، و(أتيت هرولة) من هذا الباب، والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف، ولا تمثيل). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).
وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم.
ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة، ومن ذلك هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه، فإن ظاهره ثبوت إتيان الله تعالى: «هرولة»، وهذا الظاهر ليس ممتنعا على الله عز وجل؛ لأنه لا يتضمن نقصا فيكون داخلا في القاعدة المذكورة، فيثبت لله تعالى حقيقة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص25)؛ فيما يتعلق بالحديث القدسي الذي: رواه النبي r عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال: (من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة): (تعلم أن هذا الحديث أخبر الله تعالى به عن نفسه، ونقله عنه أمينه على وحيه، ورسوله r إلى عباده، ومبلغ رسالته على الوجه الأتم، ونقله عن هذا الرسول r أمناء أمته من الصحابة والتابعين، وأئمة الأمة من أهل الحديث والفقه، وتلقته الأمة بالقبول.
وتعلم أن الله تبارك وتعالى أعلم بنفسه وبغيره: ]والله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [البقرة: 219]، ]قل أأنتم أعلم أم الله[ [البقرة: 140].
وتعلم أن الله تعالى لم يطلع خلقه على ما علمه إياهم من أسمائه وصفاته، وأفعاله وأحكامه، إلا ليبين لهم الحق حتى لا يضلوا: ]يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم[ [النساء: 176].
وتعلم أنه لا أحد أحسن من الله حديثا، ولا أصدق منه قيلا، وأن كلامه جل وعلا في أعلى الفصاحة والبيان.
وقد قال سبحانه عن نفسه: (من أتاني يمشي أتيته هرولة)، فلا تستوحش يا أخي من شيء أثبته الله تعالى لنفسه بعد أن علمت ما سبق، واعلم أنك إذا نفيت أن الله تعالى يأتي هرولة؛ فسيكون مضمون هذا النفي صحة أن يقال: إن الله لا يأتي هرولة، وفي هذا ما فيه.
ومن المعلوم أن السلف يؤمنون بأن الله تعالى يأتي إتيانا حقيقيا للفصل بين عباده يوم القيامة على الوجه اللائق به، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وليس في هذا الحديث القدسي إلا أن إتيانه يكون «هرولة» لمن أتاه يمشي، فمن أثبت إتيان الله تعالى حقيقة لم يشكل عليه أن يكون شيء من هذا الإتيان بصفة: «الهرولة» على الوجه اللائق به. وأي مانع يمنع من أن نؤمن بأن الله تعالى يأتي «هرولة»، وقد أخبر الله تعالى به عن نفسه، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وليس في إتيان الله تعالى «هرولة» على الوجه اللائق به بدون تكييف ولا تمثيل شيء من النقص، حتى يقال: إنه ليس ظاهر الكلام، بل هو فعل من أفعاله يفعله كيف يشاء، ولهذا لم يأت في كلام الله تعالى عنه، ولا في كلام رسول الله r ما يصرفه عن ذلك). اهـ
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([159])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
وسئل الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني /: هل تثبتون صفة الهرولة لله تعالى؟.
الجواب: (الهرولة: كالمجيء، والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها إذا خصصناها بالله عز وجل؛ لأن هذه الصفات ليست صفة نقص حتى نبادر رأسا إلى نفيها ... لكن لا أتوسع([160]) في موضوع «الهرولة»، ولا أزيد على أكثر مما جاء في الحديث([161]». اهـ
قلت: فالشيخ الألباني / يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهر الحديث.
وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي؛ عن صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة»: (هذه كلها من الصفات الفعلية لله عز وجل ... لكن ثمراتها([162]) أن الله تعالى أسرع بالخير إلى العبد، وأسرع بالإثابة من فعل العبد للطاعة([163])، فهذه ثمرات، وليست هي الصفات ... وهذه الصفات الفعلية توصف بها نفس الله عز وجل). ([164]) اهـ
وقد ورد في الفتوى (رقم: 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية (ج3 ص142) ما يلي:
س: هل لله صفة الهرولة؟.
ج: (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه ... وبعد:
نعم؛ صفة «الهرولة» على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به، قال تعالى: (إذا تقرب إلي العبد شبرا؛ تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا؛ تقربت منه باعا، وإذا أتاني ماشيا؛ أتيته هرولة). رواه:
البخاري، ومسلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم).([165]) اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص188): (من المعلوم أن السلف يؤمنون بأن الله تعالى يأتي إتيانا حقيقيا للفصل بين عباده يوم القيامة على الوجه اللائق به، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وليس في هذا الحديث القدسي إلا أن إتيانه يكون: «هرولة» لمن أتاه يمشي، فمن أثبت إتيان الله تعالى حقيقة، لم يشكل عليه أن يكون شيء من هذا الإتيان بصفة: «الهرولة» على الوجه اللائق به، وأي مانع يمنع من أن نؤمن بأن الله تعالى يأتي: «هرولة»، وقد أخبر الله تعالى به عن نفسه، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير؟!.
وليس في إتيان الله تعالى «هرولة» على الوجه اللائق به بدون تكييف ولا تمثيل شيء من النقص، حتى يقال: إنه ليس ظاهر الكلام، بل هو فعل من أفعاله يفعله كيف يشاء). اهـ
قلت: وقد روى أئمة الحديث؛ أحاديث صفة: «الهرولة» في كتبهم، ولم يتعرضوا لتأويلها، وتفسيرها بشيء، وهذا مما يدل على أنهم يثبتون صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث، وهم:
1) الإمام البخاري / في «الجامع الصحيح» (ج6 ص2694)، وفي «خلق أفعال العباد والرد على الجهمية» (ص742).
2) الإمام ابن منده / في «الرد على الجهمية» (ص93).
3) الإمام ابن خزيمة / في «التوحيد» (ج1 ص16).
4) الإمام ابن بطة / في «الرد على الجهمية» (ج3 ص377)، وفي «الإبانة الصغرى» (ص259).
5) الإمام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص646)، وفي «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص259).
6) الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص65).
7) الإمام ابن المحب / في «صفات رب العالمين» (ق/219/ط)، و(ص52/م).
8) الإمام ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص141).
وهؤلاء الأئمة طريقتهم في ذكر أحاديث الصفات في كتبهم: إمرارها على ظاهرها.([166])
ولذلك ذكروا آثار السلف؛ بقولهم: (أمرها كما جاءت بلا تفسير) على إثبات صفة: «الهرولة».
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1150)؛ عن إثبات النبي r للصفات للرب تعالى: (ومرة يشير بإصبعه، ومرة يضع يده على عينه وأذنه حين يخبر عن سمع الرب وبصره، ومرة يصفه بالنزول، والمجيء، والإتيان، والانطلاق، والمشي، و«الهرولة»، ومرة يثبت له الوجه، والعين، واليد، والإصبع والقدم، والرجل، والضحك، والفرح، والرضى، والغضب، والكلام، والتكليم، والنداء بالصوت والمناجاة). اهـ
وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في؛ إثبات صفة الهرولة: (الحديث القدسي الذي فيه: (إذا تقرب عبدي مني شبرا، تقربت منه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة)؛ فأتباع السلف الذين ينهجون منهج السلف لا يستبعدون إتيان الله تعالى سواء كان ذلك مشيا، أو «هرولة»، وإتيان الله تعالى إلى بعض عباده، وتقرب الله تعالى إلى بعض عباده ... لا يستغربون الصفات كلها من باب واحد؛ لا فرق عندهم بين هذا الحديث –يعني: حديث الهرولة- وبين حديث النزول، وآية الاستواء، النزول، والإتيان، وتقريب الله تعالى بعض عباده، وتقربه بنفسه بما يليق به، يؤمنون بذلك على ظاهر هذه النصوص على ما يليق بالله تعالى دون أن يشبهوا تلك الصفات بصفات خلقه).([167]) اهـ
قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى؛ منها: صفة الهرولة، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لأن ذلك يفيد اليقين.([168])
قال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي: (أن «الملل»، و«الهورلة»؛ وصف يليق بالله تعالى، ولا يلزم منه النقص؛ لأنه سبحانه لا يشابه المخلوقين في شيء من الصفات؛ لكن من أثر الصفة: أن الله أسرع بالخير من العبد).([169]) اهـ
قلت: وهذه أحاديث صحيحة في صفة: «الهرولة»؛ رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص61): (وهكذا النزول و«الهرولة» جاءت بها الأحاديث الصحيحة، ونطق بها الرسول r، وأثبتها لربه عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه من غير مشابهة لخلقه، ولا يعلم كيفية هذه الصفات إلا هو سبحانه). اهـ
وقال العلامة أبو النصر علي بن حسن القنوجي / في «القائد إلى العقائد» (ق/3/ط) و(ص25/م): (ومن صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه، ونطق بها كتابه: أنه فوق سبع سماواته؛ مستو على عرشه ... والدنو، والقرب، والإتيان، والنزول، والهرولة). اهـ
وقال الإمام الهروي / في: «ذم الكلام» (ج5 ص137): (وأولئك قالوا: لا صفة، وهؤلاء يقولون: وجه؛ كما يقال: وجه النهار، ووجه الأمر، ووجه الحديث، وعين كعين المتاع، وسمع: كأذن الجدار، وبصر كما يقال: جداراهما يتراءيان، ويد كيد المنة والعطية، والأصابع؛ كقولهم: خراسان بين أصبعي الأمير، والقدمان كقولهم: جعلت الخصومة تحت قدمي، والقبضة؛ كما قيل: فلان في قبضتي؛ أي أنا أملك أمره، وقال الكرسي العلم، والعرش: الملك، والضحك: الرضى، والاستواء: الاستيلاء، والنزول: القبول، و«الهرولة» مثله، فشبهوا من وجه، وأنكروا من وجه، وخالفوا السلف، وتعدوا الظاهر، فردوا الأصل، ولم يثبتوا شيئا، ولم يبقوا موجودا). اهـ
قلت: فكلام العلماء في إثبات صفة: «الهرولة» هذا كله تغافل عنه: «المخربي» ملقيا الكلام! على عواهنه؛ دونما تحقيق أو تدقيق!.
لذلك: فليتأمل هذا مناصرو: «المخربي» ومريدوه حتى يعرفوا الحق من الباطل، وصدق القول من الخبر العاطل!، وإلا: ]فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض[ [الرعد:17].
قلت: ولهذا كان السلف الصالح الأوائل يعدون التأويل مذهبا من مذاهب الجهمية: ]فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون[ [الإنعام:81].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج2 ص95): (وهم يثبتون الصفات –يعني: السلف-، لا يقولون بتأويل الجهمية النفاة، التي هي صرف النصوص عن مقتضاها، ومدلولها، ومعناها). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص265):
كــــــلا ولا الــــتـــــأويـــــل والـــتـــــبــديـل |
|
|
والتـــحـــريـــــف للـــــوحــــيين بالبـــهـتان
|
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص188): (الكلام في صفات الله عز وجل ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله r، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وذهب قوم من المثبتين([170]) إلى البحث عن التكييف). اهـ
قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص43): (لا يجوز رد هذه الأخبار على ما ذهب إليه جماعة من المعتزلة، ولا التشاغل بتأويلها على ما ذهب إليه الأشعرية، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها). اهـ
وقال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ
قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتحريفها، وتعطيلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله تعالى تليق بكماله وجلاله.
فعن أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله r فهو على شفا هلكة).
أثر صحيح
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (733).
وإسناده صحيح.
قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص139):
قــفــل مـــــن الـــجـــهــــل الـــمركب فوقه |
|
|
قــفـــل الـــتــعـــصـــب كيــــف يــنـــفتحان
|
قلت: فالسلف لم يختلفوا في مسائل العقيدة خاصة في الأسماء والصفات، وإنما اختلفوا في المسائل الاجتهادية الفرعية، فمسائل العقيدة لا مجال للاجتهاد فيها، وإنما مدارها على التوقيف، ومن خالف فيها؛ فإنه يضلل، أو يكفر بحسب مخالفته في العقيدة.
والسلف يجب اتباعهم، والأخذ بأقوالهم لا سيما في العقيدة؛ لأن قولهم حجة؛ كما هو مقرر في الأصول.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج1 ص375): (والذي ينبغي للناس: أن يعتادوا اتباع السلف). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص64): (فلا أحد أعمق علما من الصحابة y، ولا أحد أقل تكلفا من الصحابة y). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة السفارينية» (ص65): (فعلم السلف رحمهم الله وخصوصا الصحابة y، وخصوصا الخلفاء الراشدين، تجده سهلا، بينا، واضحا، حتى النفس تلتذ له ولسماعه). اهـ
قلت: ومن العجيب المضحك أن دعوة «المخربي» يدعي فيها أنها ضد الأفكار السابقة، والأفكار المعاصرة ومحاربتها، وهو للأسف الناشر لها في كتبه، وأشرطته، ودروسه، ومقالاته، وهذا من التناقض العجيب؛ ألم يكن أساس البلاء، والوقوع في الضلال في مسائل العقيدة، هو ترك منهج الكتاب والسنة والآثار، والاعتماد على أفكار الفرق السابقة، والأفكار المعاصرة في علم العقيدة؟!: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5] بل: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص:6].
قلت: وقد وجد: «ربيع» من يتبعه، ويميل إليه، ويرضى بقوله، ويصغى إلى كلامه الباطل من الطغام، والسفهاء، بل ويتبعون كتبه ويطبعونها، فصاروا: «ربيعية مبتدعة» في الدين: ]هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون[ [المنافقون:4].
قال تعالى: ]ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون[ [الأنعام:113].
وقال تعالى: ]رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم[ [الحديد:27]؛ فهم فعلوها بزعمهم من باب التقرب إلى الله تعالى: ]إلا ابتغاء رضوان الله[ [الحديد:27].
قلت: فلا تقبل هذه البدع من: «ربيع وأتباعه»، فلا يفرحوا بها: ]إن الله لا يحب الفرحين[ [القصص:67].
قال تعالى: ]فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون[ [المؤمنون:53].
قلت: فالربيعيون يؤلفون كتبا لنصرة حزبهم([171])، وهذا واقع منهم، ويفرحون بما هم عليه؛ لكن هم فرحون بما هم عليه من الباطل، ويعتقدونه حقا!، وهذه عقوبة من الله تعالى لهم، وهم يشعرون، لأنهم وقعوا في الكبر والكبرياء، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]إنه لا يحب المستكبرين[ [النحل: 23].
وقال تعالى: ]لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا[ [الفرقان: 21].
قلت: والكبرياء مانع من موانع الحق، وسد ثخين دونه.
قال تعالى: ]سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق[ [الأعراف:146].
وقال تعالى: ]والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون[ [الأعراف:36].
قلت: إن مسالك الغطرسة، فنون مشرعة، يدعو الشيطان وحزبه إليها بقوة، ويقعد على أوديتها وشعابها الملتوية الخفية، ويغتال فيها المتكبرين، ويصطاد المتجبرين، ويستحوذ على المتهوكين.
قال تعالى: ]لا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا[ [الإسراء:37].
فو الله لأن يكون المرء جاهلا، خير له من أن يكون إماما في الضلالة: ]يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود[ [هود:98].
قلت: إن مجرد تفكير المرء في الاستعلاء، والكبرياء، والانتفاش، جرم لا يغتفر شرعا، ذلك أن سربال الكبرياء، ورداءها فضفاض، مترامي الجنبات، لا يستطيع غير رب البشر أن يتردى به؛ فمن عاند من البشر والتحفه واشتمل به، فإنه يتعثر فيه، ويسقط منكبا على وجهه، وقد تشوهت صورته، وهوى في حفرة لا قعر لها، ولا قاع، اللهم سلم سلم.
قال تعالى: ]أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم[ [الملك:22].
وعن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله r: (العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته).([172])
قلت: ومن تعاظم على الله تعالى، وعلى خلقه، ذبح بغير سكين من غلصمته، وغازه الهوان، وسامه الخسف من كل جوانبه، وتوالت عليه الحتوف من كل مرقد، واستهوته الشياطين ومن الأنس والجن، وهاجموه من كل منفذ!، وهذا الذي حصل: لـ: «ربيع وأتباعه» تماما، اللهم غفرا.
قال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص345): (والعزة والكبرياء لا ينبغي إلا الله، فمن تعزر، أو تكبر فذلك من الكبائر المؤدية إلى النار).اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص306): (والكبر أحد الكبائر، ولا يكون إلا من سخيف جاهل بقدر نفسه، وما فيها من العيوب!). اهـ
قلت: فأوغل: «المخربي» في الخطأ حين ادعى أن مقاله في التفسير من الباطل؛ هو تفسير السلف!، وهذا فهم يخالف ما جاء في أحاديث صفة: «الهرولة».
قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين[ [الحجرات:6].
قلت: و«أتباع ربيع» هم أبعد الناس من هذه الآية، حيث جاء «ربيع الفاسق» بإفتراءات كثيرة في الدين، فلم يتثبتوا منها، فأخذوها مسلمات منه!، فوقعوا في الجهل العميق، فأصبحوا على ما فعلوا نادمين، بل تكبروا، وعاندوا الحق وهم يعلمون([173])، اللهم سلم سلم.
قال تعالى: ]يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره[ [الأعراف:65].
وقال تعالى: ]ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد[ [ق:18].
قلت: فليس للمسؤول أن يجيب عن الصفات بغير معناها الصحيح، فإن أجاب فقد وقع في القيل والقال، وهذا مما كرهه الله تعالى لعباده، فافطن لهذا ترشد.([174])
قال تعالى: ]ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[ [الأنعام:153].
فعن ابن مسعود t عن النبي r قال: (هلك المتنطعون).([175])
وعن المغيرة بن شعبة t قال: قال رسول الله r: (إن الله عز وجل كره لكم ثلاثا: قيل، وقال، وكثرة السؤال).([176])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج1 ص13): (وهذه الأقوال سمعها طوائف ممن اتبعهم، وقلدهم ثم إنهم يخلطون في مواضع كثيرة السنة والبدعة؛ حتى قد يبدلون الأمر، فيجعلون البدعة التي ذمها أولئك –يعني: السلف- هي السنة، والسنة التي حمدها أولئك([177]) هي البدعة، ويحكمون بموجب ذلك، حتى يقعوا في البدع والمعاداة لطريق أئمهم السنية، وفي الحب والموالاة لطريق المبتدعة التي أمر أئمتهم بعقوبتهم). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص431): (وما أكثر ما ينقل الناس المذاهب الباطلة عن العلماء؛ بالأفهام القاصرة، ولو ذهبنا نذكر ذلك لطال جدا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج1 ص13)؛ في الذين يعتقدون تفاسير المعطلة هي تفاسير السلف: (فبدل هؤلاء الدين فصاروا يطعنون في أهل السنة!). اهـ
قلت: فاعتقاد: «ربيع الجهمي» أن نصوص صفة: «الهرولة» لم تدل على صفة حقيقية لله تعالى؛ لأن ثبوتها يلزم منه بزعمه التشبيه، فحملته هذه الظنون الفاسدة، والاعتقادات المنحرفة إلى تحريف أقوال الأئمة رحمهم الله: ]يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب[ [غافر:30].
قال تعالى: ]بئس للظالمين بدلا[ [الكهف:50].
قلت: فظن: «ربيع المعطل» أن مذهب السلف في أحاديث صفة: «الهرولة» تفسيرها عن معناها الحقيقي، وأن الأحاديث الظاهرة فيها غير مراد الرسول r؛ فأولها تأويلا خبيثا على تأويل المعطلة النفاة!.
قال تعالى: ]الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار[ [غافر:35].
وقال تعالى: ]إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير[ [غافر:56].
وقال تعالى: ]ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما([178]) جاءكم به[ [غافر:34].
قلت: ولا ريب أن هذا الذي قرره: «المخربي» هنا يعد افتراء على النبي r، والسلف، والأئمة، والعلماء، وتقويلا لشيء لم يقولوه، وقد جمع هذا الرجل فيما نسبه إليهم من أخطاء عديدة أهمها:
1) تكذيب النبي r في إثبات صفة: «الهرولة» وغيرها.
2) تجهيل السلف، والأئمة في توحيد الأسماء والصفات.
3) الكذب على السلف والخلف، وأنهم يؤولون الصفات.
4) الجهل بمعنى أحاديث الصفات.
5) الجهل بمذهب السلف الصالح في إثبات الصفات.
6) الجهل بمذهب أهل الحديث في إثبات الصفات.
7) فتح باب الشر للمعطلة المبتدعة لنشر ضلالهم في الصفات.
8) تفضيل طريقة المعطلة في تفسير أحاديث الصفات على طريقة السلف.
9) الإلحاد في الصفات.([179])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص180): (ومن يتأمل الأمر حقيقة يجد أن السلف كلهم أنكروا على الجهمية النفاة، وقالوا بالإثبات وأفصحوا به، وكلامهم في الإثبات، والإنكار على النفاة أكثر من أن يمكن إثباته في هذا المكان). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص143): (تارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم). اهـ
قلت: ولا ريب أن هذا الرجل وأتباعه يعتبرون من المبتدعة، لأنهم ارتكبوا بدعة من البدع التي يبدع قائلها.([180])
فعن أشهب بن عبد العزيز قال سمعت مالك بن أنس يقول (إياكم والبدع قيل يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال أهل البدع: الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته، وكلامه، وعلمه، وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان).
أثر حسن
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص70)، وأبو الفضل المقرئ في «أحاديث ذم الكلام» (ص82)، وأبو القاسم في «الحجة» (ج1 ص103)، والصابوني في «عقيدة السلف» (ص244) من طريق محمد بن عمير الرازي حدثنا أبو زكريا يحيى بن أيوب العلاف التجيبي حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا أشهب بن عبد العزيز به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص217).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414): (والبدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة؛ كبدعة الخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة). اهـ
قلت: ولهذا إذا علم العالم من حال الرجل أنه غير معذور بدعه بعينه، ووصفه بأنه مبتدع.
قلت: فمن فارق منهج السلف في توحيد الأسماء، والصفات كان معدودا في جملة أهل الضلالة والبدعة والهوى، فافهم لهذا.
قال عمر بن الخطاب t: (لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، فقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر).([181])
وذلك أن السنة والجماعة قد أحكما أمر الدين كله، وتبين للناس، فعلى الناس الاتباع.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص36): (واعلم - رحمك الله - أن الدين إنما جاء من قبل الله تبارك وتعالى، لم يوضع على عقول الرجال وآرائهم، وعلمه عند الله وعند رسوله، فلا تتبع شيئا بهواك، فتمرق([182]) من الدين، فتخرج من الإسلام، فإنه لا حجة لك، فقد بين رسول الله r لأمته السنة، وأوضحها لأصحابه وهم الجماعة، وهم السواد الأعظم، والسواد الأعظم: الحق وأهله، فمن خالف أصحاب رسول الله r في شيء من أمر الدين فقد كفر.([183])
واعلم أن الناس لم يبتدعوا بدعة قط حتى تركوا من السنة مثلها، فاحذر المحدثات من الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، والضلالة وأهلها في النار.
واحذر صغار المحدثات من الأمور؛ فإن صغير البدع يعود حتى يصير كبيرا، وكذلك كل بدعة أحدثت في هذه الأمة، كان أولها صغيرا يشبه الحق، فاغتر بذلك من دخل فيها، ثم لم يستطع الخروج منها، فعظمت وصارت دينا يدان به فخالف الصراط المستقيم، فخرج من الإسلام، فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر هل تكلم به أصحاب رسول الله r أو أحد من العلماء؟ فإن وجدت فيه أثرا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختر عليه شيئا فتسقط في النار). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في «القول المفيد» (ج1 ص67): (والابتداع في الدين في الحقيقة من الاستهزاء بالله تعالى؛ لأنك تقربت إليه بشيء لم يشرعه). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص9): (فمن أحب الكون مع السلف في الآخرة، وأن يكون موعودا بما وعدوا به من الجنات والرضوان فليتبعهم بإحسان). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج4 ص49): (لو كان إيمانك مستقيما كاملا لما فعلت ما فعلت من ظلم أخيك، والتعدي عليه بالغيبة والنميمة).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «العلم» (ص26): (أما من عاند، وكابر بعد ظهور الحق؛ فلا شك أنه يجب أن يعامل بما يستحقه بعد العناد والمخالفة). اهـ
قلت: وربيع هذا وجماعته خرجوا عن جماعة المسلمين، وهم الصحابة y وتابعهم بإحسان.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي في «شرح العقيدة الطحاوية» (ص430): (والجماعة؛ جماعة المسلمين: وهم الصحابة، والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، فاتباعهم هدى، وخلافهم ضلال). اهـ
قلت: كل ما لم يشرعه الله تعالى فضرره أكثر من نفعه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص144): (فعلم أن شعار أهل البدع: هو ترك انتحال اتباع السلف). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز /: (من خالف عقيدة أهل السنة والجماعة دخل في الاثنتين وسبعين فرقة).([184]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص127): (إذا لم تجد في التفسير في القرآن، ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثيرة من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين). اهـ
قلت: و«الربيعية» لما لم يفهموا تفسيرات السلف عكفوا على تفسيرات: «ربيع» في الرأي؛ فضلوا ضلالا بعيدا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص128): (فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام!). اهـ
قلت: ومن قال في القرآن والسنة برأيه، فقد تكلف ما لا علم به، وسلك غير ما أمر به، فلابد عليه أن يرجع إلى لغة العرب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص127): (ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك).اهـ
قلت: واللغة العربية هي: التي ينطق بها العرب؛ لأن النبي r بعث في العرب.
قال تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]، فكان القرآن بلسان عربي مبين.
وقال تعالى: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء:195].
وقال تعالى: ]إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون[ [يوسف: 2].
وقال تعالى: ]إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون[ [الزخرف: 3].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص235): (وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي؛ إلا أن يمنع منه دليل شرعي)([185]). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص259): (يجب حمل النصوص على ظاهرها فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وفيها يتعلق بالأحكام العملية، لأن القرآن نزل باللغة العربية([186])، فيجب أن يحمل على ما تقتضيه هذه اللغة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص249): (كل ما في القرآن، والسنة يرجع إلى اللغة العربية؛ لأن القرآن نزل باللغة العربية). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص242): (الواجب علينا في نصوص الصفات إجراؤها على ظاهرها، وهي بالمعنى العربي). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص129): (ولهذا تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص123): (وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص156): (فالسلف من الصحابة، والتابعين، وسائر الأمة قد تكلموا في جميع نصوص القرآن في آيات الصفات وغيرها، وفسروها بما يوافق دلالتها، ورووا عن النبي r أحاديث كثيرة توافق القرآن، وأئمة الصحابة في هذا أعظم من غيرهم). اهـ
قلت: فمن ظن أنه يصل بغير ما وصلوا به([187])، وأنه يفوز من غير مسلك فوزهم، فقد ضل سواء السبيل.([188])
قال العلامة الشيخ حمد بن ناصر المعمر / في «الرد على القبوريين» (ص129): (فإن احتج أحد علينا بما عليه المتأخرون؛ قلنا: الحجة بما عليه الصحابة y، والتابعون والذين هم: خير القرون لا بما عليه الخلف الذين يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص223): (الصحابة الذين هم أكمل الأمة في معرفة دينه واتباعه –يعني: النبي r-). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «الدر السنية» (ج11 ص476): (فتأمل كلام أهل السنة والجماعة، يطلعك على معاني القرآن؛ فرحمة الله على أئمة المسلمين، وسلف الموحدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص362): (فمن بنى الكلام في العلم: الأصول والفروع على الكتاب، والسنة، والآثار المأثورة عن السابقين فقد أصاب طريق النبوة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإيمان الأوسط» (ج1 ص198): (مذهب السلف هو المذهب الحق؛ الذي لا عدول عنه). اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «الدر السنية» (ج3 ص338): (ومن تغذى بكلام المتأخرين من غير إشراف على كتب أهل السنة المشتهرين؛ كـكتاب: «السنة» لعبد الله بن الإمام أحمد، وكتاب: «السنة» للخلال، وكتاب: «السنة» للالكائي، والدارمي، وغيرهم، بقي في حيرة وضلال). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص8): (ولا يجوز أن يكون الخالفون أعلم من السالفين؛ كما قد يقوله بعض الأغبياء ممن لم يقدر قدر السلف). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص477): (السلف والأئمة أعلم بالإسلام وبحقائقه؛ فإن كثيرا من الناس قد لا يفهم تغليظهم في ذم المقالة حتى يتدبرها ويرزق نور الهدى). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص240): (لو قال قائل: أين الإجماع من الصحابة y على أن المراد بنصوص الصفات ظاهرها؟؛ فالجواب: إن سكوتهم عن تفسيرها بما يخالف ظاهرها يدل على إجماعهم، إذ لو كان لهم رأي يخالف الظاهر لبينوه، فإجماعهم على السكوت عن تفسيرها بخلاف الظاهر يدل على إجماعهم بالقول بما تدل عليه، وهذه طريقة قل من يتفطن لها). اهـ
وقال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار، ولا يقبلها أو ينكر شيئا من أخبار رسول الله r؛ فاتهمه على الإسلام؛ فإنه رجل رديء القول والمذهب وإنما طعن على رسول الله r وأصحابه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص123): (فإن الصحابة، والتابعين، والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول، وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر؛ لأجل مذهب اعتقدوه –وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان- صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا). اهـ
قلت: فربيع هذا قرر أصول مذهبه في التفسير بطرق من جنس ما قررت به الجهمية، والمعتزلية، والأشعرية، والرافضية، والإباضية، والصوفية أصولهم في التفسير، اللهم غفرا.
والمقصود هنا التنبيه على أن كلام: «الربيعية» ليس معهم حجة سمعية، ولا عقلية توافق ما ابتدعوه في تفسير الصفات، فإنهم فسروا صفة: «الهرولة» بما لا يدل عليها دليل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (ج1 ص130): (فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم له به). اهـ
قلت: لذلك يجب السكوت عما لا علم له به.
قال الإمام أحمد في «الرد على الجهمية» (ص170): (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([189])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([190])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([191])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين). اهـ
قلت: وربيع وأتباعه يقتربون من الفتن في البلدان، ويظنون أنهم لن يقعوا فيها، فإذا هم من أهلها، والعياذ بالله.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص59 و60): (وكثير من الناس-مثل: الربيعية- يأتون إلى مواضع الفتن، وهم يرون أنهم لن يفتتنوا؛ ولكن لا يزال بهم الأمر حتى يقعوا في فتنة!). اهـ
قال تعالى: ]ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار[ [إبراهيم:42].
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «لقاء الباب المفتوح» (ص184)؛ في قوله تعالى: ]ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار[ [القمر:27]: (انتبه لهذا الاستدراج من الله تعالى إذا يسر لك أسباب المعصية؛ فلا تفعل فربما يسرها فتنة لك!). اهـ
قلت: لذلك يجب التقيد بما عليه الصحابة السابقون من أحكام الإسلام في الأصول والفروع؛ لمن لم يبلغ درجة الاجتهاد، ولم يبلغ درجة التمكن في العلم، وهذا الضابط([192]) من الأسس الأصولية في قضية الاجتهاد في أحكام الدين في الأصول والفروع.
لأنه يلزم المبتدئ، والمقصر في العلم الذي لم يبلغ مرتبة الاجتهاد، ولم يبلغ درجة التمكن في العلم؛ أن يتبع آثار الصحابة الكرام، وينضبط بحكمهم، ومنهجهم، ودعوتهم.
وذلك حتى لا ينفرد عنهم بفهم ليس له فيه سلف من الصحابة رضي الله عنهم في مسألة من المسائل، وإلا كان مبتدعا في الدين، ومتبعا لغير سبيل المؤمنين!.
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
وخلاصة القول في هذا: «المخربي» بعد الذي سبق كله، وإظهار قله وجله؛ أنه غير مؤتمن في الدين، لأنه يستعمل في ذلك أنواعا من الجهل، والتلبيس، والتدليس، وخبط وخلط في العلم والنقل.
ولقد سبقت الإشارات الكثيرة من كلام: «المخربي» الدالة على ابتداعه، وقبح لسانه، مما يوجب على أهل السنة الداعين إليها الذابين عنها أن يقبلوا عليه بحق ما نفذه من الباطل في البلدان الإسلامية.
وأما أولئك المغرورون بزخارفه، المخدوعون بتمويهاته، المستكثرون لمؤلفاته البالية، المبهرون بردوده الظالمة وتعليقاته التافهة؛ فإليهم أقول: لعل فيما تقدم كشفه من خلل، وسبق بيانه من علل؛ كفاية وغناء يقطع الجدل: ]بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون[ [الأنبياء:18].
قلت: وكل يؤخذ من أقواله، ويترك إلا النبي r.
فعن مالك بن أنس / قال: (حق على من طلب العلم أن يكون له وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص324)، وعياض في «الإلماع» (ص52)، والدوري في «ما رواه الأكابر» (ص63).
وإسناده صحيح.
وعن نعيم بن حماد / قال: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به، وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن الزهري /: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313).
وإسناده صحيح.
وعن الشافعي / قال: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله r، فقولوا بسنة رسول الله r، ودعوا ما قلت).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن مجاهد / قال: (ليس أحد إلا يؤخذ من قوله، ويترك من قوله إلا النبي r).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص107)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص300)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص91) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص176).
وإسناده صحيح.
وعن أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله r فهو على شفا هلكة).
أثر صحيح
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (733).
وإسناده صحيح.
قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.
قال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
قلت: فهذه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، وأئمة هذه الأمة التي تبين اتباع كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه r، وآثار السلف.
إذا: المفهوم الصحيح اللازم إثبات أن الله تعالى: «يهرول» على ما يليق بجلاله وكماله ... ونفي ما يلزمه من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها.
قلت: وهذه التأويلات الفاسدة([193]) لصفة: «الهرولة» اليوم موجودة في مقالات المقلدة لزلات العلماء في التواصل الاجتماعي؛ هي بعينها التي ذكرها المعطلة النفاة في هذه الصفة، وحرفوها عن معناها الصحيح.
قال الإمام ابن القيم / في «الجواب الكافي» (ص90): (أصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها، هو التعطيل، وهو ثلاثة أقسام:
* تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه.
* أو تعطيل الصانع سبحانه عن كماله المقدس، بتعطيل أسمائه وصفاته وأفعاله.
* أو تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
ذكر الدليل
من السنة، والإجماع على «إثبات صفة الهرولة لله تعالى»
على ما يليق بجلاله؛ لا يشابه فيها خلقه، كسائر صفاته تعالى
تعريف الهرولة:
الهرولة لغة: بين العدو والمشي، يقال: هرول الرجل هرولة: بين المشي والعدو، وقيل: الهرولة فوق المشي، وقيل الهرولة: الإسراع؛ أي: أسرع في مشيه.([194])
وهرول: فعل؛ هرول يهرول، هرولة، فهو مهرول.
وهرول الشخص: أسرع في مشيه، وجرى بين المشي والعدو.
وهرولة: اسم؛ وهرولة: مصدر هرول.
قال الإمام أبو إسحاق الحربي / في «غريب الحديث» (ج2 ص684): (قوله: هرولة: مشي سريع). اهـ
وقال الإمام أبو موسى المديني / في «المجموع المغيث» (ج3 ص684): (قوله: (من أتانى يمشى أتيته هرولة): وهي مشي سريع بين المشي والعدو). اهـ
قلت: وهذا إثبات منهما لصفة: «الهرولة» على حقيقتها، وهي المشي السريع، وهي في حق الله تعالى على ما يليق بكماله وجلاله.
وقال ابن أبي بكر الرازي اللغوي / في «مختار الصحاح» (ص289): (الهرولة: ضرب من العدو، وهو ما بين المشي والعدو). اهـ
وقال الفيروزآبادي اللغوي / في «القاموس المحيط» (ص1083): (الهرولة: بين العدو والمشي، والإسراع في المشي). اهـ
وقال الخليل اللغوي / في «العين» (ج3 ص1882): (الهرولة: بين المشي والعدو. هرول الرجل هرولة). اهـ
وقال الجوهري اللغوي / في «الصحاح» (ج5 ص1850): (الهرولة: ضرب من العدو، وهو ما بين المشي والعدو). اهـ
وقال ابن الأثير اللغوي / في «النهاية» (ج5 ص1850): (الهرولة: بين المشي والعدو). اهـ
قلت: ومما نقل عن أهل الحديث- كما قد بسط في غير هذا الموضع- وبينوا أن ما أثبتوه للـه تعالى من صفة «الهرولة» لا يعلمها غيره، فكيفية هذه «الهرولة» لا يعلمها إلا الله تعالى.([195])
وإليك الدليل:
1) فعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (قال ربكم: إن تقرب عبدي مني شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني مشيا أتيته هرولة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص414)، وفي «خلق أفعال العباد» (426)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص130 و138 و128)، وعبد الرزاق في «المصنف» (20575)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (960)، و(961)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج3 ص1593)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ص340)، والبزار في «المسند» (7129)، والطيالسي في «المسند» (2079)، والبغوي في «شرح السنة» (1250)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص179)، وأبو يعلى في «المسند» (3180)، و(3269)، وابن منده في «التوحيد» (541)، والروياني في «مسند الصحابة» (1346)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص98)، وأبو الشيخ في «الفوائد» (ص32)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (214)، والطبراني في «الدعاء» (1871)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1169)، وابن يزداد البغدادي في «السنة» (ص15)، وابن عبد الهادي في «النهاية في اتصال الرواية» (ص22) من طريق إبراهيم القناد، ومعمر، وشعبة عن قتادة يحدث عن أنس بن مالك t به.
وتابعه سليمان التيمي عن أنس بن مالك t مرفوعا به.
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2675) من طريق يحيى بن سعيد، وابن أبي عدي عن سليمان التيمي به.
2) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (7405)، ومسلم في «صحيحه» (2675)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص509)، والترمذي في «سننه» (3603)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7730)، وفي «النعوت» (72)، وابن ماجه في «سننه» (3822)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص575)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ج1 ص16)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص284)، وفي «الأربعين الصغرى» (43)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص337)، وابن بلبان في «الأحاديث الإلهية» (ص217)، والبغوي في «شرح السنة» (1251)، وابن حبان في «صحيحه» (811)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص117)، و(ج9 ص26 و27)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» تعليقا (ق/219/ط)، والكرماني في «المسائل» (ص345)، وأبو إسماعيل الهروي في «دلائل التوحيد» (ص79)، وابن منده في «الرد على الجهمية» (ص93)، وفي «التوحيد» (538) من طرق عن الأعمش قال: سمعت أبا صالح يحدث عن أبي هريرة t به.
3) وعن أبي ذر t قال: قال رسول الله r: (يقول الله عز وجل: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد، ومن جاء بالسيئة فجزاؤه سيئة مثلها أو أغفر، ومن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2687)، وابن ماجه في «سننه» (2821)، وإبراهيم بن محمد في «زوائده على صحيح مسلم» (2687)، والبغوي في «شرح السنة» (1253)، وفي «معالم التنزيل» (ج3 ص211)، وابن منده في «الإيمان» (78)، وفي «التوحيد» (543)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1975)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج2 ص637 و638-مسند ابن عباس)، وأبو إسحاق الحربي في «غريب الحديث» (ج2 ص682)، وفخر الدين ابن البخاري في «مشيخته» (ق/297/ط)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج2 ص883)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج2 ص200)، وفي «الدعاء» (1870)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/219/ط)، و(ص52/م)، والبزار في «المسند» (3988)، وأبو عوانة في «الدعوات» (ج14 ص1 ص99-الإتحاف)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص209)، وفي «شعب الإيمان» (1043)، و(7047)، والحسين المروزي في «زوائده على زهد ابن المبارك» (1035)، وأحمد في «المسند» (21360) من طرق عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر t به.
وتابعه واصل الأحدب عن المعرور بن سويد عن أبي ذر t به.
أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص268).
قلت: وهذه الأحاديث النبوية تدل على ثبوت صفة: «الهرولة لله تعالى»، وهي من الصفات الفعلية، والتي هي في حق الله تعالى على ما يليق بكماله وجلاله لا يشابه فيها خلقه تعالى؛ كسائر الصفات، فهو أعلم بصفاته، وأعلم بكيفيتها عز وجل: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] فإذا أخبرنا عن نفسه أنه يأتي «هرولة»، قلنا: آمنا بالله تعالى.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ
قلت: وهذا إجماع في إثبات الصفات على ظاهرها، وإمرارها على ما جاءت النصوص، وقد أخبر بهذا الإجماع من هو ممن يتتبع كلام أهل العلم، ويطلع على خلافهم فيقول: أجمعوا على هذا؛ أي: يعني: أثبتوا أنه لا يوجد أي خلاف في ثبوت الصفات على حقيقتها.([196])
قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص312):
مـــن قـــال ذا قــد خــــالـــف الإجــمـــــاع |
|
|
والـــخــبــر الــصــحــيـــح وظـــاهر القرآن
|
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (وعليه فنجري الحديث على ظاهره، ونقول: إن الله تعالى يأتي حقيقة: «هرولة»، ويتقرب حقيقة ذراعا وباعا، وأي مانع؟، لأن الله تعالى يفعل ما يريد([197])، وهذا مما يريده عز وجل). اهـ
وعن المروذي: سألت أبا عبد الله –يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22) من طريقين عن المروذي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.
قلت: وذكر الإمام ابن بطة / بعض أحاديث الصفات؛ منها: حديث([198]) صفة: «الهرولة»، وهذا يدل أنه / يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث.([199])
قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([200]) لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ
قلت: فمذهب أهل السنة والجماعة في صفة: «الهرولة»([201]) الإقرار، والإمرار، والكف عن تأويلها.([202])
قلت: وصفة «الهرولة» كغيرها من الصفات يثبت ما ورد منها على ما يليق بجلال الله، وعظمته من غير تشبيه ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.
قلت: والأشاعرة المبتدعة هم الذين يتأولون الصفات ... والعجب من البعض كيف يثبت الصفات ثم يتأول صفة: «الهرولة» على طريقة الأشاعرة المبتدعة: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
قال فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان: (الذي لا يثبت صفة: «الهرولة» فإنه في ضلال)؛ وذكر له بعض العلماء الذين أولوا صفة: «الهرولة» لله عز وجل مثل: ابن قتيبة، والنووي، والشيخ الفوزان، وغيرهم؛ فخطأهم وقال: (كل يأخذ من قوله ويرد).([203])
وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).
وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
وقد بوب الإمام أبو إسماعيل الهروي / في «دلائل التوحيد» (ص79)؛ باب: الهرولة لله عز وجل.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (وعليه فنجري الحديث على ظاهره، ونقول: إن الله تعالى يأتي حقيقة: «هرولة»، ويتقرب حقيقة ذراعا وباعا، وأي مانع؟، لأن الله تعالى يفعل ما يريد([204])، وهذا مما يريده عز وجل). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص427): (فهو سبحانه يأتي: «هرولة»، ويأتي بتأن، فأي مانع يمنع هذا؟، ما دام ثبت أنه يأتي في القرآن، فإنه إذا أتى؛ فلابد أن يكون إما بسرعة، وإما بغير سرعة، فأي مانع يمنع من أن يكون بسرعة، أو بغير سرعة؟، الجواب: لا مانع). اهـ
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي / في «النقض على المريسي» (ج1 ص561): (وقد أجمعنا([205]) على أن الحركة والنزول، والمشي والهرولة، والاستواء على العرش وإلى السماء قديم، والرضا والفرح والغضب، والحب والمقت، كلها أفعال في الذات للذات، وهي قديمة). اهـ
وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛
فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.
قلت: وهذا سنده حسن.
والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([206])، والله الموفق.
قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الهرولة للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.([207])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص24): (صفة «الهرولة» ثابتة لله تعالى، كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة t عن النبي r، قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي (فذكر الحديث، وفيه): وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة)، وهذه «الهرولة» صفة من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل؛ لأنه أخبر بها عن نفسه، فوجب علينا قبولها بدون تكييف؛ لأن التكييف قول على الله بغير علم، وهو حرام، وبدون تمثيل؛ لأن الله يقول: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592)؛ عن الهرولة: (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «فتاوى نور على الدرب» (ج1 ص68): (وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح، ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره على طريق السلف الصالح ... ولكن مقتضى هذا الحديث أنه سبحانه أسرع بالخير إليهم، وأولى بالجود والكرم، ولكن ليس هذا هو معناه، فالمعنى شيء، وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، فهو يدل على أنه أسرع بالخير إلى عباده منهم، ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى([208]) يجب إثباته لله من التقرب، والمشي و«الهرولة»، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى). اهـ
قلت: هذه الأحكام في الأصول كلها نؤمن بها، ولا نحرفها، والسلف نقلوا لنا هذه الأحكام، ولابد أن نأخذ بها؛ لأن الذين نقلوا هذه السنن؛ هم: الذين نقلوا لنا الأحكام في الفروع؛ مثل: الطهارة، والصلاة، وسائر الأحكام.
فقبل أهل الأهواء هذا الأحكام في الفروع من السلف، وأخذوا منهم، واحتجوا بهم، ولكنهم ردوا أحكام الأصول مثل: الصفات وغيرها، ولم يأخذوا منهم، ولم يحتجوا بهم، وهذا من الضلال المبين، لأن كيف يأخذوا من السلف الفروع، ويتركوا الأصول: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5]؛ فمن فعل ذلك فهو مبتدع ضال فاحذروه.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (فإنه لا يخفى عليك أن هذه الصفة جاء إثباتها لله تعالى فيما أخبر الله به نفسه عن نفسه: «أتيته هرولة»، وفيما نقله عنه أمينهعلى وحيه، ورسوله إلى من أرسله إليهم من خلقه، وفيما رواه الصحابة عن رسول الله r، وفيما رواه التابعون عن الصحابة، وفيما رواه أئمة الأمة من بعدهم إلى عصرنا هذا، كلهم يقولون عن الله: «أتيته هرولة»، فقد ذكرت في كلام الله في الحديث القدسي، وفي كلام رسوله، وفي كلام الصحابة، وفي كلام التابعين، وفي كلام الأئمة من بعدهم رواية ودراية نقلا وقبولا، ولله الحمد.
ولا يخفى عليك القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف)؛ وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم، ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة، ومن ذلك هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه، فإن ظاهره ثبوت إتيان الله تعالى: «هرولة»، وهذا الظاهر ليس ممتنعا على الله عز وجل؛ لأنه لا يتضمن نقصا فيكون داخلا في القاعدة المذكورة، فيثبت لله تعالى حقيقة، ويصان عن الأوهام الباطلة من التمثيل والتكييف، ولا يخفى عليك أن هذا الحديث ليس فيه شيء من المشاكلة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج7 ص554): (فإذا كان الله يأتي حقيقة، فإنه لابد أن يأتي على صفة ما، سواء كانت «الهرولة» أو غيرها، فإذا قال عن نفسه: (أتيته هرولة)؛ قلنا: ما الذي يمنع أن يكون إتيانه هرولة؟؛ إذا كنا نؤمن بأنه يأتي حقيقة، ونحن نؤمن بأنه يأتي حقيقة، فإذا كان يأتي حقيقة، فلابد أن يكون إتيانه على صفة من الصفات، فإذا أخبرنا بأنه يأتي «هرولة»، قلنا: آمنا بالله.
لكن كيف هذه: «الهرولة؟»، فالجواب: لا يجوز أن نكيفها، ولا يمكن أن نتصورها، فهي فوق ما تتصور، وفوق ما نتكلم به). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص426): (قوله في هذا الحديث: (تقربت منه)، و(أتيت هرولة) من هذا الباب، والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل من غير تكييف، ولا تمثيل). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).
وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم.
ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة، ومن ذلك هذا الحديث الذي نحن بصدد الكلام عليه، فإن ظاهره ثبوت إتيان الله تعالى: «هرولة»، وهذا الظاهر ليس ممتنعا على الله عز وجل؛ لأنه لا يتضمن نقصا فيكون داخلا في القاعدة المذكورة، فيثبت لله تعالى حقيقة). اهـ
وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص31):
ومــــذهبــــــــنا لا كيـــــــــف لا مثل لا لما |
|
|
بالإقـــــــــرار والإمـــــــرار من غير ما فسر |
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص280): (فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، وسموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص25)؛ فيما يتعلق بالحديث القدسي الذي: رواه النبي r عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال: (من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة): (تعلم أن هذا الحديث أخبر الله تعالى به عن نفسه، ونقله عنه أمينه على وحيه، ورسوله r إلى عباده، ومبلغ رسالته على الوجه الأتم، ونقله عن هذا الرسول r أمناء أمته من الصحابة والتابعين، وأئمة الأمة من أهل الحديث والفقه، وتلقته الأمة بالقبول.
وتعلم أن الله تبارك وتعالى أعلم بنفسه وبغيره: ]والله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [البقرة: 219]، ]قل أأنتم أعلم أم الله[ [البقرة: 140].
وتعلم أن الله تعالى لم يطلع خلقه على ما علمه إياهم من أسمائه وصفاته، وأفعاله وأحكامه، إلا ليبين لهم الحق حتى لا يضلوا: ]يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم[ [النساء: 176] .
وتعلم أنه لا أحد أحسن من الله حديثا، ولا أصدق منه قيلا، وأن كلامه جل وعلا في أعلى الفصاحة والبيان.
وقد قال سبحانه عن نفسه: (من أتاني يمشي أتيته هرولة)، فلا تستوحش يا أخي من شيء أثبته الله تعالى لنفسه بعد أن علمت ما سبق، واعلم أنك إذا نفيت أن الله تعالى يأتي هرولة؛ فسيكون مضمون هذا النفي صحة أن يقال: إن الله لا يأتي هرولة، وفي هذا ما فيه.
ومن المعلوم أن السلف يؤمنون بأن الله تعالى يأتي إتيانا حقيقيا للفصل بين عباده يوم القيامة على الوجه اللائق به، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وليس في هذا الحديث القدسي إلا أن إتيانه يكون «هرولة» لمن أتاه يمشي، فمن أثبت إتيان الله تعالى حقيقة لم يشكل عليه أن يكون شيء من هذا الإتيان بصفة: «الهرولة» على الوجه اللائق به. وأي مانع يمنع من أن نؤمن بأن الله تعالى يأتي «هرولة»، وقد أخبر الله تعالى به عن نفسه، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وليس في إتيان الله تعالى «هرولة» على الوجه اللائق به بدون تكييف ولا تمثيل شيء من النقص، حتى يقال: إنه ليس ظاهر الكلام، بل هو فعل من أفعاله يفعله كيف يشاء، ولهذا لم يأت في كلام الله تعالى عنه، ولا في كلام رسول الله r ما يصرفه عن ذلك). اهـ
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([209])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
وسئل الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني /: هل تثبتون صفة الهرولة لله تعالى؟.
الجواب: (الهرولة: كالمجيء، والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها إذا خصصناها بالله عز وجل؛ لأن هذه الصفات ليست صفة نقص حتى نبادر رأسا إلى نفيها ... لكن لا أتوسع([210]) في موضوع «الهرولة»، ولا أزيد على أكثر مما جاء في الحديث([211]». اهـ
قلت: فالشيخ الألباني / يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهر الحديث.
وقال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي؛ عن صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة»: (هذه كلها من الصفات الفعلية لله عز وجل ... لكن ثمراتها([212]) أن الله تعالى أسرع بالخير إلى العبد، وأسرع بالإثابة من فعل العبد للطاعة([213])، فهذه ثمرات، وليست هي الصفات ... وهذه الصفات الفعلية توصف بها نفس الله عز وجل). ([214]) اهـ
وقد ورد في الفتوى (رقم: 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية (ج3 ص142) ما يلي:
س: هل لله صفة الهرولة؟.
ج: (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وآله وصحبه ... وبعد:
نعم؛ صفة «الهرولة» على نحو ما جاء في الحديث القدسي الشريف على ما يليق به، قال تعالى: (إذا تقرب إلي العبد شبرا؛ تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا؛ تقربت منه باعا، وإذا أتاني ماشيا؛ أتيته هرولة). رواه:
البخاري، ومسلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم).([215]) اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص188): (من المعلوم أن السلف يؤمنون بأن الله تعالى يأتي إتيانا حقيقيا للفصل بين عباده يوم القيامة على الوجه اللائق به، كما دل على ذلك كتاب الله تعالى، وليس في هذا الحديث القدسي إلا أن إتيانه يكون: «هرولة» لمن أتاه يمشي، فمن أثبت إتيان الله تعالى حقيقة، لم يشكل عليه أن يكون شيء من هذا الإتيان بصفة: «الهرولة» على الوجه اللائق به، وأي مانع يمنع من أن نؤمن بأن الله تعالى يأتي: «هرولة»، وقد أخبر الله تعالى به عن نفسه، وهو سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير؟!.
وليس في إتيان الله تعالى «هرولة» على الوجه اللائق به بدون تكييف ولا تمثيل شيء من النقص، حتى يقال: إنه ليس ظاهر الكلام، بل هو فعل من أفعاله يفعله كيف يشاء). اهـ
وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص131): (ومن فهم من شيء من هذه النصوص تشبيها، أو حلولا، أو اتحادا، فإنما أتي من جهله، وسوء فهمه عن الله تعالى، ورسوله r، والله تعالى ورسوله r بريئان من ذلك كله، فسبحان من ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني / في «التعليق على الترغيب» (ج2 ص610)؛ في رده على أهل التأويل: (ولو أنهم تلقوها حين سماعها، مستحضرين؛ قوله: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ لما ركنوا إلى التأويل، وآمنوا بحقائقها على ما يليق به تعالى.
شأنهم في ذلك شأنهم في إيمانهم بصفتي: «السمع»، و«البصر»، وغيرهما من صفاته عز وجل، مع تنزيهه عن مشابهة للحوادث، لو فعلوا ذلك هنا، لاستراحوا وأراحوا، ونجوا من تناقضهم في إيمانهم بربهم وصفاته). اهـ
قلت: وقد روى أئمة الحديث؛ أحاديث صفة: «الهرولة» في كتبهم، ولم يتعرضوا لتأويلها، وتفسيرها بشيء، وهذا مما يدل على أنهم يثبتون صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث، وهم:
1) الإمام البخاري / في «الجامع الصحيح» (ج6 ص2694)، وفي «خلق أفعال العباد والرد على الجهمية» (ص742).
2) الإمام ابن منده / في «الرد على الجهمية» (ص93).
3) الإمام ابن خزيمة / في «التوحيد» (ج1 ص16).
4) الإمام ابن بطة / في «الرد على الجهمية» (ج3 ص377)، وفي «الإبانة الصغرى» (ص259).
5) الإمام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص646)، وفي «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص259).
6) الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص65).
7) الإمام ابن المحب / في «صفات رب العالمين» (ق/219/ط)، و(ص52/م).
وهؤلاء الأئمة طريقتهم في ذكر أحاديث الصفات في كتبهم: إمرارها على ظاهرها.([216])
ولذلك ذكروا آثار السلف؛ بقولهم: (أمرها كما جاءت بلا تفسير) على إثبات صفة: «الهرولة».
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1150)؛ عن إثبات النبي r للصفات للرب تعالى: (ومرة يشير بأصبعه، ومرة يضع يده على عينه وأذنه حين يخبر عن سمع الرب وبصره، ومرة يصفه بالنزول، والمجيء، والإتيان، والانطلاق، والمشي، و«الهرولة»، ومرة يثبت له الوجه، والعين، واليد، والأصبع والقدم، والرجل، والضحك، والفرح، والرضى، والغضب، والكلام، والتكليم، والنداء بالصوت والمناجاة). اهـ
وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في؛ إثبات صفة الهرولة: (الحديث القدسي الذي فيه: (إذا تقرب عبدي مني شبرا، تقربت منه ذراعا، وإذا تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي، أتيته هرولة)؛ فأتباع السلف الذين ينهجون منهج السلف لا يستبعدون إتيان الله تعالى سواء كان ذلك مشيا، أو «هرولة»، وإتيان الله تعالى إلى بعض عباده، وتقرب الله تعالى إلى بعض عباده ... لا يستغربون الصفات كلها من باب واحد؛ لا فرق عندهم بين هذا الحديث –يعني: حديث الهرولة- وبين حديث النزول، وآية الاستواء، النزول، والإتيان، وتقريب الله تعالى بعض عباده، وتقربه بنفسه بما يليق به، يؤمنون بذلك على ظاهر هذه النصوص على ما يليق بالله تعالى دون أن يشبهوا تلك الصفات بصفات خلقه).([217]) اهـ
قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى؛ منها: صفة الهرولة، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لأن ذلك يفيد اليقين.([218])
قال فضيلة الشيخ عبد العزيز الراجحي: (أن «الملل»، و«الهورلة»؛ وصف يليق بالله تعالى، ولا يلزم منه النقص؛ لأنه سبحانه لا يشابه المخلوقين في شيء من الصفات؛ لكن من أثر الصفة: أن الله أسرع بالخير من العبد).([219]) اهـ
وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، ولا نردها إلا بأحق منها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).
قلت: وهذه أحاديث صحيحة في صفة: «الهرولة»؛ رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص156): (ومعتقد أهل السنة والجماعة وقولهم: هو إمرار آيات الصفات، وأحاديث الصفات؛ كما جاءت مع اعتقاد معناها حقيقة؛ لأن تفسيرها المخالف لما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا علم، وخروج عن طريق الاعتدال). اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز /:
لقد قرأت في رياض الصالحين بتصحيح السيد علوي المالكي، ومحمود أمين النواوي حديثا قدسيا يتطرق إلى «هرولة» الله سبحانه وتعالى، والحديث مروي عن أنس t عن النبي r فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة) رواه البخاري.([220])
فقال المعلقان في تعليقهما عليه: إن هذا من التمثيل، وتصوير المعقول بالمحسوس لزيادة إيضاحه، فمعناه: أن من أتى شيئا من الطاعات ولو قليلا أثابه الله بأضعافه، وأحسن إليه بالكثير، وإلا فقد قامت البراهين القطعية على أنه ليس هناك تقرب حسي، ولا مشي، ولا «هرولة» من الله سبحانه وتعالى عن صفات المحدثين.
فهل ما قالاه في المشي، و«الهرولة» موافق لما قاله سلف الأمة على إثبات صفات الله، وإمرارها كما جاءت، وإذا كان هناك براهين دالة على أنه ليس هناك مشي، ولا «هرولة» فنرجو منكم إيضاحها، والله الموفق؟.
الجواب: (الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه؛ أما بعد:
فلا ريب أن الحديث المذكور صحيح، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يقول الله عز وجل: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه، ومن تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
وهذا الحديث الصحيح يدل على عظيم فضل الله عز وجل، وأنه بالخير إلى عباده أجود، فهو أسرع إليهم بالخير، والكرم، والجود، منهم في أعمالهم، ومسارعتهم إلى الخير، والعمل الصالح.([221])
ولا مانع من إجراء الحديث على ظاهره([222]) على طريق السلف الصالح، فإن أصحاب النبي r سمعوا هذا الحديث من رسول الله r ولم يعترضوه، ولم يسألوا عنه، ولم يتأولوه، وهم صفوة الأمة وخيرها، وهم أعلم الناس باللغة العربية، وأعلم الناس بما يليق بالله، وما يليق نفيه عن الله سبحانه وتعالى.
فالواجب في مثل هذا أن يتلقى بالقبول، وأن يحمل على خير المحامل، وأن هذه الصفة تليق بالله لا يشابه فيها خلقه فليس تقربه إلى عبده مثل تقرب العبد إلى غيره، وليس مشيه كمشيه، ولا هرولته كهرولته، وهكذا غضبه، وهكذا رضاه، وهكذا مجيئه يوم القيامة، وإتيانه يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وهكذا استواؤه على العرش، وهكذا نزوله في آخر الليل كل ليلة، كلها صفات تليق بالله جل وعلا، لا يشابه فيها خلقه.
فكما أن استواءه على العرش، ونزوله في آخر الليل في الثلث الأخير من الليل، ومجيئه يوم القيامة، لا يشابه استواء خلقه، ولا مجيء خلقه، ولا نزول خلقه؛ فهكذا تقربه إلى عباده العابدين له، والمسارعين لطاعته، وتقربه إليهم لا يشابه تقربهم، وليس قربه منهم كقربهم منه، وليس مشيه كمشيهم، ولا هرولته كهرولتهم، بل هو شيء يليق بالله لا يشابه فيه خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات، فهو أعلم بالصفات، وأعلم بكيفيتها عز وجل.
وقد أجمع السلف([223]) على أن الواجب في صفات الرب وأسمائه إمرارها كما جاءت، واعتقاد معناها، وأنه حق يليق بالله سبحانه وتعالى، وأنه لا يعلم كيفية صفاته إلا هو، كما أنه لا يعلم كيفية ذاته إلا هو، فالصفات كالذات، فكما أن الذات يجب إثباتها لله، وأنه سبحانه وتعالى هو الكامل في ذلك، فهكذا صفاته يجب إثباتها له سبحانه مع الإيمان، والاعتقاد بأنها أكمل الصفات وأعلاها، وأنها لا تشابه صفات الخلق، كما قال عز وجل: ]قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2) لم يلد ولم يولد (3) ولم يكن له كفوا أحد (4) [[الإخلاص: 1-4]، وقال عز وجل: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]. وقال سبحانه: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]. فرد على المشبهة بقوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]، وقوله تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال[؛ ورد على (المعطلة) بقوله تعالى: ]وهو السميع البصير[ وقوله تعالى: ]قل هو الله أحد[ ]الله الصمد[ ]إن الله عزيز حكيم[ [البقرة: 220]، وقوله تعالى: ]إن الله سميع بصير[ [الحج: 75]، وقوله تعالى: ]إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173]، ]إن الله على كل شيء قدير[ [البقرة: 109] إلى غير ذلك.
فالواجب على المسلمين علماء، وعامة إثبات ما أثبته الله لنفسه، إثباتا بلا تمثيل، ونفي ما نفاه الله عن نفسه، وتنزيه الله عما نزه عنه نفسه تنزيها بلا تعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي r، وأتباعهم من سلف الأمة؛ كالفقهاء السبعة، وكمالك بن أنس، والأوزاعي، والثوري والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، وغيرهم من أئمة الإسلام، يقولون أمروها كما جاءت، وأثبتوها كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وأما ما قاله المعلقان في هذا: (علوي وصاحبه محمود)؛ فهو كلام ليس بجيد، وليس بصحيح، ولكن مقتضى هذا الحديث أنه سبحانه أسرع بالخير إليهم، وأولى بالجود والكرم([224])، ولكن ليس هذا هو معناه، فالمعنى شيء، وهذه الثمرة، وهذا المقتضى شيء آخر، فهو يدل على أنه أسرع بالخير إلى عباده منهم، ولكنه ليس هذا هو المعنى، بل المعنى يجب إثباته لله من التقرب، والمشي، و«الهرولة»، يجب إثباته لله على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى، من غير أن يشابه خلقه في شيء من ذلك، فنثبته لله على الوجه الذي أراده الله من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وقولهم: إن هذا من تصوير المعقول بالمحسوس: هذا غلط، وهكذا يقول أهل البدع في أشياء كثيرة، وهم يؤولون، والأصل عدم التأويل، وعدم التكييف، وعدم التمثيل، والتحريف، فتمر آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، ولا يتعرض لها بتأويل، ولا بتحريف، ولا بتعطيل، بل نثبت معانيها لله كما أثبتها لنفسه، وكما خاطبنا بها، إثباتا يليق بالله لا يشابه الخلق سبحانه وتعالى في شيء منها، كما نقول في الغضب، واليد، والوجه، والأصابع، والكراهة، والنزول، والاستواء، فالباب واحد، وباب الصفات باب واحد).([225]) اهـ
قلت: وبعد النظر في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية /، وطريقته في إثبات صفات الله تعالى وجدت أنه يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهرها لا يخرج فيها عن مذهب السلف في إثبات الصفات كما جاءت النصوص.
وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيمية / في هذا المعتقد بسهم وافر في السير على طريقة السلف، وأئمة الحديث في هذا الباب، فتراه قد ملأ كتبه بالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار السلفية في ثبوت صفات الله تعالى على ظاهرها، ولم يتعرض لها بتأويل يصرفها عن دلالتها.
وقد ثبت عن شيخ الإسلام ابن تيمية / ثبوت صفة: «الهرولة»، وذلك عندما ذكر الأدلة على صفات الله تعالى ذكر بعد ذلك حديث: صفة: «الهرولة» على ظاهر الحديث، ولم يتعرض لكلمة: «الهرولة» بتأويل مما يدل على أنه يثبت صفة: «الهرولة» على ظاهرها.
وهذا المسلك كما هو معروف عنه سلكه في جميع الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، ويحتج بذلك بآثار السلف بقولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف)، ومن هذه الصفات؛ صفة: «الهرولة».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص259)؛ بعدما ذكر أدلة الصفات من القرآن قال عن صفة الهرولة والتقرب: (ومثله في «الصحيحين» عن النبي r أنه قال: يقول الله تعالى: (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)([226]). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص464-قسم الأسماء والصفات)؛ بعدما ذكر نصوص المجئ، والنزول ... ذكر حديث صفة الهرولة والتقرب؛ حيث قال: (وفي «الصحيحين» عن النبي r: (يقول الله تعالى: من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة). اهـ
قلت: ولم يتعرض لصفة: «الهرولة» بشيء من تفاسير المعطلة، بل أمرها كما جاءت؛ مما يدل أنه يثبت صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله.
وإليك الدليل من أقواله:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص39 –قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة. والزهري ومكحول: هما أعلم التابعين في زمانهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص303): (القول الشامل في جميع هذا الباب –أي: باب الصفات- أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسول الله r، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (وحكوا إجماعهم([227]) على إمرار الصفات أحاديثها، وإنكارهم على المحرفين([228]) لها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص6 و7): (وعلى هذا مضى السلف كلهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص27): (وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): (أبو عبيد أحد الأئمة الأربعة: الذين هم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد؛ وله من المعرفة بالفقه، واللغة، والتأويل: ما هو أشهر من أن يوصف وقد كان في الزمان الذي ظهرت فيه الفتن والأهواء، وقد أخبر أنه ما أدرك أحدا من العلماء يفسرها: أي تفسير الجهمية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ
قلت: وما دام قال: (أمروها كما جاءت)؛ فإن ذلك يقتضي عنده إبقاء صفة: «الهرولة» على دلالتها؛ أي: على ما هي عليه من ظاهر اللفظ، فإنها جاءت على لفظ له معنى، ولو كانت دلالتها منتفية عنده لكان الواجب عليه أن يقول بتأويلها عن ظاهرها، ولم يفعل ذلك.
فإذا ثبت الحديث عنده على ظاهره، لأن ما ثبت من الصفات في النصوص، فإن مذهب السلف إثباتها([229])، وإجراؤها على ظواهرها من غير تأويل، وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية / تماما.
قلت: ولم يكن من شيخ الإسلام ابن تيمية / أن يتعرض لنص صفة: «الهرولة» بتأويل يصرف فيه هذه الصفة عن ظاهرها، ومعناها، ودلالتها المعلومة من لغة العرب.
فهو / يثبت لله تعالى ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسوله r من الأسماء الحسنى والصفات العلى لا يتجاوز فيها القرآن والحديث.
وعلى هذا فإنه يثبت ألفاظ صفة: «الهرولة» في الأحاديث كما جاءت، ويعلم معناها في لسان العرب الذي نزل به القرآن والسنة، فهو ينطلق في هذا الباب من أسس ثابتة.
قلت: وثبت أن الإمام ابن القيم / يثبت صفة: «الهرولة»، وقد أخذ هذا الاعتقاد من شيخه ابن تيمية /، لأنه ورث علمه، ولازمه في ذلك، ولم يخرج عن شيء من أقواله في توحيد الأسماء والصفات، وغير ذلك.([230])
قلت: ومما يدل على أن شيخ الإسلام ابن تيمية / يرى إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى، أنه في أثناء معرض رده على الجهمية والأشعرية أنكر عليهم تأويلهم للصفات؛ منها: صفة: «الهرولة»، ونقل قول الإمام الهروي / في كتابه: «ذم الكلام» (ج5 ص137)؛ حيث قال في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص282): (وأولئك قالوا: لا صفة، وهؤلاء يقولون: وجه؛ كما يقال: وجه النهار، ووجه الأمر، ووجه الحديث، وعين كعين المتاع، وسمع: كأذن الجدار، وبصر كما يقال: جداران هما يتراءيان، ويد كيد المنة والعطية، والأصابع؛ كقولهم: خراسان بين أصبعي الأمير، والقدمان كقولهم: جعلت الخصومة تحت قدمي، والقبضة؛ كما قيل: فلان في قبضتي؛ أي أنا أملك أمره، وقال الكرسي العلم، والعرش: الملك، والضحك: الرضى، والاستواء: الاستيلاء، والنزول: القبول، و«الهرولة» مثله، فشبهوا من وجه، وأنكروا من وجه، وخالفوا السلف، وتعدوا الظاهر، فردوا الأصل، ولم يثبتوا شيئا، ولم يبقوا موجودا). اهـ
قلت: فهذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية / في إقراره كلام الإمام الهروي في إثبات الصفات، منها: صفة: «الهرولة».
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص165)؛ أن الحنابلة رحمهم الله: أثبتوا صفة «الهرولة» لله تعالى، ولم ينكرها، ولم يتأولها، بل رد على المعترض لأنكاره الصفات؛ منها: صفة «الهرولة».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص165): (ثم قال المعترض: قال أبو الفرج ابن الجوزي في «الرد على الحنابلة»: إنهم أثبتوا لله سبحانه عينا، وصورة، ويمينا، وشمالا، ووجها زائدا على الذات، وجبهة، وصدرا، ويدين، ورجلين، وأصابع، وخنصرا، وفخذا، وساقا، وقدما، وجنبا، وحقوا، وخلفا، وأماما، وصعودا، ونزولا، و«هرولة»، وعجبا؛ لقد كملوا هيئة البدن وقالوا: يحمل على ظاهره وليست بجوارح، ومثل هؤلاء لا يحدثون، فإنهم يكابرون العقول، وكأنهم يحدثون الأطفال.
قلت: الكلام على هذا فيه أنواع:
الأول: بيان ما فيه من التعصب بالجهل والظلم قبل الكلام في المسألة العلمية.
الثاني: بيان أنه رد بلا حجة ولا دليل أصلا.
الثالث: بيان ما فيه من ضعف النقل والعقل). اهـ
وبهذا يتضح أن شيخ الإسلام / يرى القول بصفة: «الهرولة».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص15): (وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبيه r، وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص18): (نعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله تعالى وسنة نبيه r، وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله تعالى بدعة لم يأذن الله تعالى بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم). اهـ
قلت: وشيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجامع المسائل» (ج7 ص357 و398 و359 و360 و361 و363)؛ يذكر المعنى الذي هو في مقام ذكر الخلاف بين الناس في صفة «التقرب»، وصفة: «الهرولة»، ولم يتبين أنه لم يثبت صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة»، بل وذكر شيئا من الثمرة، ولكن يكفينا ما صرح به من إثبات صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة» في «الفتاوى» (ج5 ص39-قسم الأسماء والصفات)، و«الفتاوى» (ج4 ص165-قسم الاعتقاد)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» (ص259)، وفي «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص282).
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص61): (وهكذا النزول و«الهرولة» جاءت بها الأحاديث الصحيحة، ونطق بها الرسول r، وأثبتها لربه عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه من غير مشابهة لخلقه، ولا يعلم كيفية هذه الصفات إلا هو سبحانه). اهـ
وقال العلامة أبو النصر علي بن حسن القنوجي / في «القائد إلى العقائد» (ق/3/ط) و(ص25/م): (ومن صفات الله عز وجل التي وصف بها نفسه، ونطق بها كتابه: أنه فوق سبع سماواته؛ مستو على عرشه ... والدنو، والقرب، والإتيان، والنزول، والهرولة). اهـ
وقال الإمام الهروي / في: «ذم الكلام» (ج5 ص137): (وأولئك قالوا: لا صفة، وهؤلاء يقولون: وجه؛ كما يقال: وجه النهار، ووجه الأمر، ووجه الحديث، وعين كعين المتاع، وسمع: كأذن الجدار، وبصر كما يقال: جداراهما يتراءيان، ويد كيد المنة والعطية، والأصابع؛ كقولهم: خراسان بين أصبعي الأمير، والقدمان كقولهم: جعلت الخصومة تحت قدمي، والقبضة؛ كما قيل: فلان في قبضتي؛ أي أنا أملك أمره، وقال الكرسي العلم، والعرش: الملك، والضحك: الرضى، والاستواء: الاستيلاء، والنزول: القبول، و«الهرولة» مثله، فشبهوا من وجه، وأنكروا من وجه، وخالفوا السلف، وتعدوا الظاهر، فردوا الأصل، ولم يثبتوا شيئا، ولم يبقوا موجودا). اهـ
قلت: والعلامة الشيخ ابن باز / يبدع من يؤول الصفات؛ منها: صفة: «الهرولة»، حيث قال في «الفتاوى» (ج4 ص131): (التأويل منكر، لا يجوز تأويل الصفات، بل يجب إمرارها كما جاءت على ظاهرها اللائق بالله سبحانه وتعالى بغير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.
فالله جل وعلا أخبرنا عن صفاته، وعن أسمائه وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]، فعلينا أن نمرها كما جاءت ... ومن ذلك الحديث القدسي، وهو قول الله سبحانه: (من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)؛ يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى ... أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة والجماعة، وتبرؤوا منه، وحذروا من أهله). اهـ
قلت: وهذه النقولات تدل على أن أهل السنة يثبتون الأسماء والصفات، وما دلت عليه من معاني عظيمة؛ مع إمرارها كما جاءت بلا كيف، وصفة: «الهرولة» ثابتة لله تعالى، يجب إمرارها كما جاءت بلا كيف، على ما يليق بجلاله، وكماله.([231])
فأهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبته الله عز وجل لنفسه، وما أثبته له رسوله r، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، ويمرونها كما جاءت مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة، فكل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من جميع الأسماء والصفات أثبتوه على الوجه اللائق به تعالى، إثباتا مفصلا على حد: قوله سبحانه: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] وينفون عنه ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله r نفيا إجماليا غالبا على حد: قوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]؛ والنفي يقتضي إثبات ما يضاده من الكمال، فكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص؛ فإن ذلك يدل على ضده من أنواع الكمال، وقد جمع الله النفي والإثبات في آية واحدة: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ [الشورى: 11]؛ فهذه الآية تضمنت تنزيه الله من مشابهة خلقه: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وفي أولها رد على المشبهة، وهو قوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]؛ وفي آخرها رد على المعطلة، وهو قوله تعالى: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ وفي أولها نفي مجمل، وفي آخرها إثبات مفصل، وقال الله عز: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله r وأتباعهم بإحسان. نقلها عنهم أئمة أهل السنة.([232])
قلت: وهذه طريقة السلف الصالح ؛ وهي الطريقة الواجبة في أسماء الله تعالى وصفاته، وهي الأسلم، والأعلم، والأحكم، وليس هناك طريقة أخرى صحيحة في باب الأسماء والصفات إلا طريقتهم في إثباتها، وإمرارها كما جاءت، وهي مطابقة للكتاب والسنة، فمن تتبع طريقة السلف بعلم، وعدل، وإنصاف، وجدها مطابقة لما في الكتاب والسنة جملة وتفصيلا ؛ ذلك لأن الله تعالى أنزل الكتاب ليدبر الناس آياته، ويعملوا بها إن كانت أحكاما، ويصدقوا بها إن كانت أخبارا.([233])
فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين هم: ورثة الأنبياء والمرسلين؛ فقد تلقوا علومهم من ينبوع الرسالة الإلهية ؛ فالقرآن نزل بلغة الصحابة y وفي عصرهم، وهم أقرب الناس إلى معين النبوة الصافي، وهم أصفاهم قريحة، وأقلهم تكلفا، كيف وقد زكاهم الله تعالى في محكم تنزيله، وأثنى عليهم، وعلى التابعين لهم بإحسان، كما قال تعالى: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان y ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100].
قلت: وقد توعد رب العزة الذين يتبعون غير سبيلهم بالعذاب الأليم، فقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]؛ ولا ريب أن سبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن اتبعهم بإحسان.
فإذا كان الأمر كذلك فمن المحال أن يكون خير الناس وأفضل القرون قد قصروا في هذا الباب بزيادة أو نقصان؛ وهذا مما يدل على صحة مذهب السلف الصالح ؛ فلو كان مذهب الخلف حقا لما تناقضوا وأضطربوا، ولما تحيروا وحيروا، وذلك لأنهم على مذاهب أهل الإلحاد ([234])، اللهم سلم سلم.
قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وأهل السنة يقولون لهؤلاء([235]): ونحن نعلم بالاضطرار أن الرسل عليهم السلام جاءت بإثبات الصفات). اهـ
قلت: وترى هذا الصنف حائرا شاكا مرتابا إذا نظر إلى أحاديث الصفات ؛ لا يعرف كيف يوجهها، فإذا تجرأ وأقحم نفسه بجهله ووجهها وقع في التحريف، والجهل، فإما أن يقع في الجهل البسيط؛ كظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، وهذا داخل في الجهل المركب، ثم يتبين أنه جهل هذا العلم فيعاند ويصر، ولهذا تجده يذكر أقوال المعطلة وحججهم ليؤيد ضلاله بذلك، ولا يعرف يرجح شيئا للحيرة التي وقع فيها، وهذه نهاية الإقدام على الباطل في تفسير أحاديث الصفات حيرة وضلالة.
قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].
قلت: وقد ضل المعطلة في تقرير الصفات، وذلك لأنهم حكموا عقولهم في قضايا العقيدة، وجعلوا العقل هو الفيصل في ذلك، وعرضوا نصوص الوحيين عليه، فكثر اضطرابهم، وجعلوا العباد في حيرة، وشك من دينهم، وقرروا الباطل المحض، وتعاموا عن الحق والهدى: ]فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور[ [الحج: 46].
قلت: فالعقول لا تكاد تنضبط في أمور صغيرة ويسيرة بل الآراء فيها تتباين، والاختلاف في أصلها يكثر، وتتعدد وجهات النظر حولها، هذا على سهولتها فكيف والحالة هذه تحكم في قضايا كلية، وأمور اعتقادية.
لذا لما عول أهل البدع على عقولهم وتحاكموا إليها ؛ كثر اضطرابهم، وتباينت آراؤهم، بل ووجد التضاد في أقوالهم في المسألة الواحدة، ولدى الطائفة
الواحدة([236])؛ اللهم سلم سلم.
وهؤلاء هم الحيارى؛ من التحير وهو الوقوع في الحيرة، وهي: التردد، والاضطراب، وعدم الاهتداء، وهم المتهوكون؛ من التهوك وهو: الذي يقع في كل أمر.([237])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وعلم أن الضلال والتهوك إنما استولى على كثير من المتأخرين بنبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإعراضهم عما بعث الله به محمدا r من البينات). اهـ
قلت: والممثل بالركض لصفة: «الهرولة»؛ جمع بين التعطيل والتمثيل: حيث مثل الخالق بالخلق، وعطل عنه حقيقة صفة: «الهرولة» اللائق به المستحق بها.([238])
وقد ألزم شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص272 و273 و274)؛ المعطلة بذلك بمجرد تعطيل المعطل، حتى لو لم يمثل حقيقة.
لأن المخالف للسلف في تأويله لصفة: «الهرولة» يزعم أن العقل يحيلها، وأنه مضطر فيها إلى التأويل، لأن الله تعالى بزعمه لا يركض([239])!؛ فياليت شعري بأي عقل يوزن الكتاب والسنة.
قلت: فهذا المعطل لصفة: «الهرولة» أنكر الأمر المعلوم من الدين بالضرورة، وتأويل الأحاديث تأويلات لا يقرها دين، ولا يقبلها عقل.
وهذا مردود عليه من وجوه:
1) أن الأحاديث الواردة لا تحتمل التأويل.
2) أن رسول الله r يعلم الحقائق في الأحاديث على ما هي عليه.
3) أن رسول الله r قد بين صفة: «الهرولة» في السنة، وهو أعلم الخلق بالله تعالى.
4) أن العقل لا يحيل ذلك.
5) أن العقل الصريح يوافق ما جاءت به الأحاديث في صفة: «الهرولة».
لذلك فالواجب تلقي علم صفة: «الهرولة» على ما جاءت به الأحاديث.
وهذا من العلم الضروري: الذي هو يضطر إليه المرء، ولا يمكن دفعه.([240])
قلت: ألا يعلم هؤلاء أن مذهب السلف في الصفات بين التعطيل، وبين التمثيل.
لذلك فإن معطلة صفة: «الهرولة» قد فهموا من أحاديث إثبات صفة: «الهرولة»؛ إلا ما هو اللائق بالمخلوق، وهو: «الركض»، وأن الله تعالى لا يركض، ثم شرعوا في نفي صفة: «الهرولة»، ثم حرفوها عن موضعها الحقيقي، فجمعوا بين التمثيل والتعطيل، مثلوا أولا، وعطلوا آخرا.([241])
قلت: وهذا تشبيه، وتمثيل منهم للمفهوم لأحاديث صفة: «الهرولة» بزعمهم، فمفهومهم لهذا هو جامع بين التعطيل والتمثيل، فمثلوا بركض المخلوق، ثم عطلوا صفة: «الهرولة»، والسلف لا يمثلون صفات الله تعالى ولا يعطلونها.([242])
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص329)؛ أن السلف كانوا يسمون نفاة الصفات: «معطلة»؛ لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى، وهم قد لا يعلمون أن قولهم مستلزم للتعطيل بسبب جهلهم في الأصول، وذلك لأن العقائد توقيفية ؛ يدور المسلم مع النص فيها، ولا مجال للعقل، أو الاجتهاد.
قلت: وهذه التأويلات الفاسدة([243]) لصفة: «الهرولة» اليوم موجودة في مقالات المقلدة لزلات العلماء في التواصل الاجتماعي؛ هي بعينها التي ذكرها المعطلة النفاة في هذه الصفة، وحرفوها عن معناها الصحيح.
قال الإمام ابن القيم / في «الجواب الكافي» (ص90): (أصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها، هو التعطيل، وهو ثلاثة أقسام:
* تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه.
* أو تعطيل الصانع سبحانه عن كماله المقدس، بتعطيل أسمائه وصفاته وأفعاله.
* أو تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد). اهـ
قلت: ومذهب هؤلاء في هذا التعطيل ؛ مع تعظيمهم مذهب السلف، كما قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص34): (ونوع ثالث: سمعوا الأحاديث، والآثار، وعظموا مذهب السلف، وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية، ولم يكن لهم من الخبرة بالقرآن والحديث والآثار، ما لأئمة السنة والحديث، لا من جهة المعرفة والتمييز بين صحيحها وضعيفها، ولا من جهة الفهم لمعانيها، وقد ظنوا صحة بعض الأصول العقلية للنفاة الجهمية، ورأوا ما بينهما من التعارض، ولهذا كان هؤلاء تارة يختارون طريقة أهل التأويل، كما فعله ابن فورك وأمثاله في الكلام على مشكل الآثار، وتارة يفوضون معانيها، ويقولون: تجري على ظواهرها، كما فعله القاضي أبو يعلى وأمثاله في ذلك، وهذا حال أبي بكر بن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل وأمثالهم).اهـ
قلت: وقد وقع في تأويل صفة: «الهرولة» عدد من أهل العلم، وخالفوا في ذلك مذهب السلف في إثبات الصفات، حيث قالوا: أن المراد بذلك من تقرب بالطاعة، وأتاني بها أتيته بالثواب أسرع من إتيانه، فكنى عن ذلك بالمشي، والهرولة، دون إثبات المعنى الحقيقي على أنها صفة لله تعالى، فليس المراد عندهم أن الله يهرول حقيقة على ما يليق بجلاله وكماله([244])؛ منهم:
1) ابن حبان / في «صحيحه» (ج3 ص94).
2) النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج17 ص4).
3) العراقي / في «طرح التثريب» (ج8 ص222).
4) ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ج1 ص224).
5) ابن جماعة / في «إيضاح الدليل» (ص192).
6) البيهقي / في «الأسماء والصفات» (ص577).
7) ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص427).
8) السيوطي / في «الديباج» (ج6 ص44).
9) ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج10 ص429)، وغيرهم.
قلت: وبالاضطرار يعلم كل سلفي أن هؤلاء العلماء أبعدوا النجعة([245])؛ أي: ابتعدوا عن الصواب، وجانبوا الحق في تعطيلهم لصفة: «الهرولة»، وتقريرهم تأويل المعطلة، وتحكيم عقولهم في ذلك.
واعلم أن من أعظم أسباب من ضل في أبواب الاعتقاد من أهل الأهواء، وغيرهم ممن ينتسب إلى السنة: هو إعراضهم عن طريقة السلف الأوائل من الاستدلال، ودخولهم في علم الكلام المحدث.
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج1 ص362): (وفسق الاعتقاد؛ كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله، واليوم الآخر، ويحرمون ما حرم الله، ويوجبون ما أوجب الله، ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله، جهلا وتأويلا، وتقليدا للشيوخ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1149): (ومن البلية العظمى أن كثيرا ممن لهم: علم وفقه، وعبادة وزهد، ولسان صدق في العامة، وقد ضرب في العلم والدين بسهم؛ قد التبس عليه كثير من كلامهم؛ فقبله معتقدا أنه حق وأن أصحابه محققون). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (وأما تحريف المعنى فهذا الذي جالوا فيه وصالوا وتوسعوا وسموه تأويلا، وهو اصطلاح فاسد حادث لم يعهد به استعمال في اللغة).([246]) اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر: أن كل طائفة تتأول ما يخالف نحلتها ومذهبها؛ فالعيار عندهم على ما يتأول وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها فما وافقها أقروه ولم يتأولوه وما خالفها فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص216): (إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص409): (بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة، وتكون إما غلطا أو محرفة). اهـ
والواجب سيرا على سنن أهل السنة والجماعة، ومشيا على طريقتهم في هذه الصفة وفي سائر الصفات إمرارها كما جاءت دون تأويل لها على ما يليق بالله جل وعلا، لأن فما الذي يمنع من إثبات «الهرولة» صفة حقيقة لله جل وعلا على الوجه اللائق به؛ كما أثبتها له رسوله r، فشأنها كشأن باقي الصفات الفعلية الثابتة لله تعالى مثل: صفة: «النزول»، وصفة: «الإتيان»، وصفة: «المجئ»، وصفة: «القرب»، وصفة: «المشي»، وغيرها.([247])
قلت: وكل يؤخذ من أقواله، ويترك إلا النبي r.
فعن مالك بن أنس / قال: (حق على من طلب العلم أن يكون له وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص324)، وعياض في «الإلماع» (ص52)، والدوري في «ما رواه الأكابر» (ص63).
وإسناده صحيح.
وعن نعيم بن حماد / قال: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به، وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن الزهري /: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313).
وإسناده صحيح.
وعن الشافعي / قال: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله r، فقولوا بسنة رسول الله r، ودعوا ما قلت).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن مجاهد / قال: (ليس أحد إلا يؤخذ من قوله، ويترك من قوله إلا النبي r).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص107)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص300)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص91) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص176).
وإسناده صحيح.
وعن أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله r فهو على شفا هلكة).
أثر صحيح
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (733).
وإسناده صحيح.
قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.
قال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
قلت: فهذه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، وأئمة هذه الأمة التي تبين اتباع كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه r، وآثار السلف.
إذا: المفهوم الصحيح اللازم إثبات أن الله تعالى: «يهرول» على ما يليق بجلاله وكماله ... ونفي ما يلزمه من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها.
قلت: فأهل السنة لا يقبلون التأويل مطلقا، ولا يردونه مطلقا؛ بل يقبلون صحيحه، ويردون قبيحه.([248])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص177): (وتأويل ما أخبر الله تعالى به من صفاته العلى وأفعاله: نفس ما هو عليه سبحانه، وما هو موصوف به من الصفات العلى). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «شفاء العليل» (ج1 ص271): (وتأويل التحريف الذي سلكته هذه الطوائف: أصل فساد الدنيا والدين، وخراب العالم). اهـ
قلت: والتأويل الفاسد يترتب عليه من النتائج السيئة؛ من هدم التوحيد، وفساد الدين، والطعن في القرآن، والطعن في السنة، وتعطيل الأسماء الحسنى والصفات العلى، وتسليط المبتدعة في الطعن في الأحكام، وفساد البلدان بسبب تسلط الأعداء في الخارج، والأعداء في الداخل.([249])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص452): (إن إثبات الصفات: دل عليها الوحي الذي جاء من عند الله تعالى، على لسان رسوله r). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص197): (شأن أكثر نصوص الصفات إذا تأملها من شرح الله صدره لقبولها، وفرح بما أنزل على الرسول r منها: يراها قد حفت من القرائن، والمؤكدات بما ينفي عنها تأويل المتأول). اهـ
قلت: وإن مما يبطل التأويل الفاسد ويرفضه: ما اعتضد بالنصوص الشرعية من القرائن، والمؤكدات المحتفة بها، والتي يستحيل معها صرف ألفاظ، ومعانيها عن مواردها التي اطرد استعمالها فيها.
قلت: وإن أمارة التأويل الصحيح هو: ما كان حقيقة لما أخبر الله تعالى به، وأخبر به رسوله r؛ من إثبات ما لله تعالى من أسماء الجلال، وصفات الكمال، ونعوت الجمال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص36): (المأثور عن السلف هو السكوت عن الخوض في تأويل ذلك والمصير إلى الإيمان بظاهره والوقوف عن تفسيره؛ لأنا قد نهينا أن نقول في كتاب الله برأينا). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن المقصود منه سكوت عما سكت عنه الصحابة y، والتابعون بإحسان من مقالات أهل البدع وتفسيراتهم.([250])
وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ).([251]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص290): (وأما التأويل؛ بمعنى: صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه؛ فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف ... وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله تعالى، ورسوله r؛ التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص567): (وكل من خالف ما جاءت به الرسل عليهم السلام فهو ضال، من أي الطوائف كان، فإن الله بعثهم بالحق، والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل عليهم السلام لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل عليهم السلام). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص113): (وجهة الغلط أن التأويل الذي استأثر الله تعالى بعلمه هو الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو، وأما التأويل المذموم، والباطل فهو تأويل أهل التحريف والبدع، الذين يتأولونه على غير تأويله، ويدعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك). اهـ
قلت: وهذا التأويل الباطل هو في الحقيقة من الإلحاد في أسماء الله تعالى، وصفاته، والله ذم الذين يلحدون في توحيد الأسماء والصفات.([252])
قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180].
وقال تعالى: ]إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت: 40].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص112): (وذمهم على أنهم تأولوه على غير تأويله، ولم ينف مطلق التأويل، كما تقدم من أن لفظ التأويل يراد به التفسير المبين لمراد الله تعالى به، فذلك لا يعاب بل يحمد، ويراد بالتأويل الحقيقة التي استأثر الله تعالى بعلمها، فذاك لا يعلمه إلا هو). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص112): (وإنما ذمهم لكونهم تأولوه على غير تأويله، وذكر في ذلك ما يشتبه عليهممعناه، وإن كان لا يشتبه على غيرهم). اهـ
قلت: والجهمية هم الذين اشتهروا ببدعة تعطيل الصفات، وقد صار لقب: «الجهمية» بعد ذلك علما على كل من عطل الصفات، أو شيئا من الصفات، ولو واحدة، ولو لم يقل بكل مقالات الجهم بن صفوان المبتدع.([253])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج1 ص270): (والدرجة الثانية من التجهم: هو تجهم المعتزلة ونحوهم([254])الذين يقرون بأسماء الله الحسنى في الجملة، لكن ينفون صفاته، وهم أيضا لا يقرون بأسماء الله الحسنى كلها على الحقيقة، بل يجعلون كثيرا منها على المجاز، وهؤلاء هم الجهمية المشهورون([255])).اهـ
قلت: والذين عطلوا صفة: «الهرولة»، مع أثباتهم لذات الله تعالى.
فأقول: القول في الصفات؛ كالقول في الذات، فكما أن ذاته حقيقة لا تشبه الذوات، فهي متصفة بصفات حقيقة لا تشبه الصفات، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، كذلك إثبات الصفات.([256])
قلت: فالله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل الصفات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص330): (فالقول في صفاته؛ كالقول في ذاته: والله تعالى ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.
لكن يفهم من ذلك أن نسبة هذه الصفة إلى موصوفها كنسبة هذه الصفة إلى موصوفها، فعلم الله وكلامه ونزوله واستواؤه؛ هو كما يناسب ذاته ويليق بها). اهـ
قلت: والذين عطلوا صفة: «الهرولة» مع أثباتهم بقية الصفات، أو بعضها.
فأقول: أيضا القول في بعض الصفات ؛ كالقول في البعض الآخر، فمن أقر بصفات الله تعالى ؛ كالسمع، والبصر، والإرادة... أو أقر بصفات الله تعالى، كالمجئ والقرب، والنزول... ؛ فيلزمه أن يقر بمحبة الله تعالى، ورضاه، وغضبه... وهرولته، ونزوله، ومجيئه.([257])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص212): (ومن فرق بين صفة وصفة مع تساويهما في أسباب الحقيقة والمجاز: كان متناقضا في قوله متهافتا في مذهبه مشابها لمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض). اهـ
قلت: فتحريفهم لنصوص الوحي التي تعارض أهواءهم، وآراءهم، وعقولهم الفاسدة، وتسميتهم ذلك التحريف تأويلا، وهم في ذلك التحريف على مذاهب شتى مضطربة، بل متناقضة فإن المتأولين على أصناف عديدة بحسب الباعث لهم على التأويل.
قلت: وكلما ساء قصده، وقصر فهمه كان تأويله أشد انحرافا، فمنهم: من يكون تأويله لنوع هوى من غير شبهة، بل يكون على بصيرة من الحق.
ومنهم: من يكون تأويله لنوع شبهة عرضت له، أخفت عليه الحق.
ومنهم: من يجتمع له الأمران ؛ الهوى في القصد، والشبهة في العلم.([258])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر أن كل طائفة تتأول كل ما يخالف نحلتها ومذهبها، فالعيار عندهم على ما يتأول، وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها.
فما وافقها أقروه، ولم يتأولوه، وما خالفها: فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه ... فهذا في الحقيقة هو عيار التأويل عند الفرق كلها). اهـ
قلت: ومع قولهم بهذا التأويل، والذي حقيقته التحريف والتبديل، فإن كثيرا من متأخريهم قد سوغوا في النصوص مذهبا آخر، ألا وهو التفويض، وحقيقته التجهيل، وإخلاء نصوص الصفات من معانيها، والقول بأنها ألفاظ لا معاني لها، أو أن لها معاني لا يعلمها إلا الله، مع اعتقادهم أن ما يفهم من ظواهر النصوص غير المراد.
قلت: إن الله تعالى قد سد ببعثة النبي r حاجة العباد، وفاقتهم إلى معرفة ربهم، والتعبد له بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وجعل رسوله r واعظا تشفي مواعظة القلوب من السقم، وطبيبا يبرئ بإذنه من أنواع الألم.([259])
قلت: فالرسول r عرف الأمة توحيد الأسماء والصفات أتم تعريف... وأنه وقع منه r على أتم الوجوه، وأوضح r لأمته ذلك غاية الإيضاح، وبينه لها بيانا شافيا لا لبس فيه، ولا إشكال، ولا اشتباه ؛ حتى لم يدع بعد تعريفه لتوحيد الأسماء والصفات لقائل مقالا، يلبس به على الناس.
قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [آل عمران:164].
وقال تعالى: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
قال الإمام ابن القيم / في «جلاء الأفهام» (ص286): (ولم يدع لأمته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله، ولا إلى من بعده بل كفاهم، وشفاهم، وأغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51]). اهـ
قلت: والنبي r كان أعلم الناس بربه ومولاه؛ كما قال r: (فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).([260])
قال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص330): (إن محمدا r أرشد الناس إلى جميع الحق حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة.
ولهذا كان خاتم الأنبياء فإنه لم يبق شيء يأتي به غيره، وأخبر محمد r بكل ما يأتي من أشراط الساعة، والقيامة، والحساب، والصراط، ووزن الأعمال، والجنة وأنواع نعيمها، والنار وأنواع عذابها). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص584): (الرسول صلوات الله وسلامه عليه إنما جاء بتعريف الرب تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، والتعريف بحقوقه على عباده). اهـ
قلت: فالرسول r بين للأمة توحيد الأسماء والصفات بيانا شافيا؛ لا يقع فيه لبس، ولا إشكال، ولا اشتباه.
وأساس دعوة الرسل عليهم السلام جميعهم؛ هو معرفة الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص150): (اقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين، وإليه داعين، ولمن أجابهم مبشرين، ولمن خالفهم منذرين، وجعل مفتاح دعوتهم، وزبدة رسالتهم: معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ إذ على هذه المعرفة تنبني مطالب الرسالة جميعها ... فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ص579)؛ في بيان توحيد الرسل عليهم السلام، وتوحيد من خالفهم: (مدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل عليهم السلام على أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل إثبات الصفات ونفي مشابهة المخلوقات ؛ فمن شبه الله بخلقه: فقد كفر، ومن جحد حقائق ما وصف الله به نفسه: فقد كفر ومن أثبت له حقائق الأسماء والصفات، ونفى عنه مشابهة المخلوقات: ]فقد هدي إلى صراط مستقيم[ [آل عمران: 101]).اهـ
قلت: ولما كانت هذه النقول السالفة الذكر متضمنة للإجماع المنافي للاختلاف: زاد الإمام ابن القيم / في المسألة التي تليها هذا الأمر تأكيدا؛ مبينا انتفاء وقوع الخلاف بين أحد من المرسلين في باب: توحيد الأسماء والصفات.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج4 ص1279): (إن الرسل من أولهم إلى آخرهم ليس بينهم اختلاف في أسماء الرب وصفاته وأفعاله، وإن تنوعت شرائعهم العملية بحسب المصلحة؛ فلم يختلف منهم اثنان في باب الأسماء والصفات). اهـ
قلت: ويتضح من تقرير الإمام ابن القيم /: أن أتباع الرسل عليهم السلام حقا، والموافقين لهم صدقا: هم أهل الحديث([261]) والأثر المثبتون لله تعالى الأسماء والصفات على ما يليق به من الكمال والجلال، والنافون عنه ما يتنزه عنه سبحانه وأن المناوئين لهم من سائر الفرق هم المعطلة: الذين خالفوا الرسل عليهم السلام.([262])
قلت: لذلك فمدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل عليهم السلام؛ أن يثبت لله تعالى حقائق الأسماء والصفات، وأن ينفى عنه مشابهة المخلوقات.
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص180): (أما الرضا بنبيه رسولا: فيتضمن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه؛ بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره ألبتة؛ لا في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه، ولا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه). اهـ
قلت: فقد توفي رسول الله r، وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وقد ذكر للأمة منه علما، وعلمهم كل شيء؛ حتى آداب الأحكام.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1150)؛ عن إثبات النبي r للصفات للرب تعالى: (فمرة يشير بأصبعه، ومرة يضع يده على عينه، وأذنه حين يخبر عن سمع الرب وبصره، ومرة يصفه بالنزول، والمجيء، والإتيان والانطلاق، والمشي والهرولة!، ومرة يثبت له الوجه والعين، واليد والأصبع، والقدم والرجل، والضحك والفرح، والرضا والغضب، والكلام والتكليم، والنداء بالصوت والمناجاة...). اهـ
قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى، منها: صفة: «الهرولة»، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام الرسول r، لأن ذلك يفيد اليقين.([263])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص655): (فإن الأمة كلها تنقل عمن قبلها، ومن قبلها عمن قبلها حتى ينتهي الأمر إلى الرسول r). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص210)؛ عن دلالة آيات الأسماء والصفات: (أن دلالتها على معانيها أظهر من دلالة كثير من آيات الأحكام على معانيها.
ولهذا آيات الأحكام لا يكاد يفهم معانيها إلا الخاصة من الناس، وأما آيات الأسماء والصفات فيشترك في فهمها الخاص والعام؛ أعني فهم أصل المعنى، لا فهم الكنه والكيفية.
ولهذا أشكل على بعض الصحابة y؛ قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187]، ولم يشكل عليه ولا على غيره؛ قوله ]وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان[ [البقرة: 186] وأمثالها من آيات الصفات). اهـ
قلت: فتأمل هذا الفقه في توحيد الأسماء والصفات.
قال تعالى:
وقال تعالى: ]وما كان أكثرهم مؤمنين[ [الشعراء: 67].
قلت: وإن إجماع أهل الأثر المنعقد على إثبات توحيد الأسماء والصفات من الكتاب والسنة والآثار، يمثل حقيقة الأمر، وأنه لم يخرج عن إجماعهمء في إثبات أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى على حقيقتها([264]): ]إلا من سفه نفسه[ [البقرة: 130].
فإذا ثبت إجماع الأمة على إثبات الأسماء والصفات، لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم؛ فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة.([265])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قال الإمام ابن القيم /: (انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه
الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى بها، فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرة بالمنقول.
فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول، والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك، وكذلك تابع التابعين مع التابعين؛ هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث؛ كما يعلمون عدالة الصحابة y، وصدقهم، وأمانتهم، ونقلهم ذلك عن نبيهم r ... فإن الذين نقلوا هذا هم: الذين نقلوا أحاديث الصفات).([266]) اهـ
قلت: وهذا تقرير لإجماع الأمة على وجوب تلقي أحاديث الرسول r في باب أسماء الله تعالى، وصفاته بالقبول والتسليم، والعمل بما دلت عليه، والإيمان بها.
قلت: فالصحابة y، والتابعون الكرام: أجمعوا على تلقي أخبار الأسماء والصفات بالقبول؛ مع الإيمان بمعانيها، وعدم تكلف السؤال عن كيفيتها، وهذا هو الواجب في هذا الباب؛ أن تقر هذه النصوص الشرعية بإثبات حقائقها، وفهم معانيها.([267])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص145): (أهل السنة مجموعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز؛ إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة.
وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله، وسنة رسوله، وهم أئمة الجماعة والحمد لله). اهـ
قلت: فإجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسول r، وأن كل ما أجمعوا عليه فلابد أن يكون فيه نص عن الرسول r.([268])
قلت: فالإجماع منقعد على أن الله تعالى: «يهرول» حقيقة، لأن: «الهرولة» صفة له تعالى، فيجب الإيمان بها على حقيقتها.
والصحابة y أجمعوا على تلقي أخبار الصفات بالقبول؛ منها: صفة: «الهرولة»، وهذا هو الواجب في هذا الباب.([269])
قال الإمام ابن سريج / في «أجوبته في أصول الدين» (ق/37/ط): (أن جميع الآي الواردة عن الله عز وجل في ذاته وصفاته، والأخبار الصادقة الصادرة عن رسول الله r في الله تعالى وصفاته التي صححها أهل النقل، وقبلها النقاد الأثبات؛ يجب على المسلم المؤمن الموقن الإيمان بها). اهـ
قلت: فإجماع سلف الأمة من الصحابة y، وتابعيهم على إقرار الآيات، والأخبار الواردة في أسماء الله تعالى، وصفاته وإمرارها على ظاهرها؛ مع فهم معانيها، وإثبات حقائقها.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص208): (ولم يتنازعوا في آيات الصفات، وأخبارها في موضع واحد، بل اتفق الصحابة والتابعون على إقرارها وإمرارها مع -فهم معانيها وإثبات حقائقها-، وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا، وأن العناية ببيانها أهم: لأنها من تمام تحقيق الشهادتين، وإثباتها من لوازم التوحيد). اهـ
قلت: وهذا يدل أن توحيد الأسماء والصفات من الأصول العظيمة التي انقعد الإجماع عليها، وأن الأئمة اعتندوا بحكاية هذا الإجماع عناية بارعة.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1165): (إن ما جاء به الرسول r من الإثبات معلوم بالضرورة من دينه؛ كما هو معلوم بالأدلة اليقينية فلا يمكن مع تصديق الرسول r مخالفة ذلك). اهـ
قلت: والعصمة النافعة في إثبات هذه الصفات: أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله r؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبت له الأسماء والصفات، وتنفى عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثبات العبد متنزها عن التمثيل، ونفيه منزها عن التعطيل.([270])
قال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج1 ص195): (أسماؤه كلها حسنى، وأفعاله كلها خير، وصفاته كلها كمال). اهـ
قلت: وعليه يكون العلماء الراسخون في العلم يعلمون التأويل الذي بمعنى التفسير والبيان.([271])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص285): (أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله r، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس وهذا لا ريب فيه). اهـ
وقال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص321): (هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص31): (وكل ما جاء في القرآن، أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن، وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل، والتشبيه والتمثيل ... اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين؛ بقوله سبحانه وتعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7] وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله [ [آل عمران: 7]، فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أملوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه، بقوله سبحانه: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7]). اهـ
قلت: فالاعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ... وأن لها معاني حقيقية تليق بجلال الله وعظمته ... وأدلة ذلك أكثر من أن تحصر ... ومعاني هذه الأسماء والصفات ظاهرة معروفة من القرآن والسنة؛ لا لبس فيها، ولا إشكال، ولا غموض ... فقد أخذ أصحاب رسول الله r عنه القرآن، ونقلوا عنه الأحاديث ولم يستشكلوا شيئا من معاني هذه الآيات والأحاديث؛ لأنها واضحة صريحة ... وكذلك من بعدهم من القرون الفاضلة.
قال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].
قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص37): (وعلى هذا درج السلف، وأئمة الخلف y، كلهم متفقون على الإقرار، والإمرار، والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r من غير تعرض لتأويله.
وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات!). اهـ
قلت: وهذا يدلك على أهمية معرفة قواعد السلف في إثبات الأسماء والصفات ... وأن معرفة القواعد والأصول يعد من أعظم العلوم، وأجلها نفعا، وأكثرها فائدة.
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «طريق الوصول» (ص18): (الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساس للبنيان، والأصول للأشجار؛ لا ثبات لها إلا بها، والأصول تبنى عليها الفروع، والفروع تثبت وتتقوى بالأصول، وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى، وينمى نماء مطردا، وبها تعرف مآخذ الأصول، وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيرا، كما أنها تجمع النظائر، والأشباه التي من جمال العلم جمعها). اهـ
قلت: فإن من محاسن الشريعة المطهرة أن أحكامها الأصولية والفروعية كلها لها أصول ،وقواعد تضبط أحكامها.([272])
فإذا ضبطت القاعدة، وفهم الأصل أمكن الإلمام بكثير من المسائل التي هي بمثابة الفرع لهذه القاعدة، وأمن الخلط بين المسائل التي قد تشتبه.
وكان فيها تسهيل لفهم العلم وحفظه وضبطه، وبها يكون الكلام مبنيا على علم متين، وعدل وإنصاف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص203): (لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية ترد إليها الجزئيات؛ ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم). اهـ
قلت: ولهذا فإنه يترتب على العناية بالقواعد المأثورة، والأصول الكلية المنقولة عن السلف الصالح من الفوائد، والمنافع ما لا يعلمه إلا الله؛ لأن فيها تجلية للأحكام، وتوضيح للمسائل، وإزالة للبس، وأمن من الخلط والخبط في الدين.([273])
وختاما:
قال الإمام أحمد /: (ولا نزيل عن الله تعالى صفة من صفاته، لأجل شناعة المشنعين فإن هذا شأن أهل البدع يلقبون أهل السنة، وأقوالهم بالألقاب التي ينفرون منها الجهال!).([274])
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله-
سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده
يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله،
وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية بإدانة ربيع المدخلي بالإرجاء الخبيث................................ |
11 |
2) |
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في ذم المرجئة العصرية.................................................................................................... |
12 |
3) |
فتاوى العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في ذم إرجاء ربيع المدخلي وأتباعه.......................... |
15 |
4) |
فتاوى العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في ذم ربيع المرجئ، وأتباعه المرجئة. |
16 |
5) |
فتوى العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في أن لو أخذ بفتاوى ربيع المدخلي في الأصول لتغير الدين كله........................................................................................ |
18 |
6) |
فتاوى العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في أن «شبكة سحاب» شبكة سرية تنشر الإرجاء، وهي جماعة إرجائية ليسوا بسلفيين، بل هؤلاء المرجئة الخامسة.... |
21 |
7) |
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية من كتبه في إثبات صفة الهرولة لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله ........................................................ |
29 |
8) |
فتوى العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في إثبات صفة الهرولة لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله......................................................................................... |
38 |
9) |
ذكر الحجة على أن الدكاترة؛ -ومنهم: المدخلي- هم: الجهال في العلم والعقيدة والفقه والمنهج والشريعة...................................... |
44 |
10) |
ذكر الحجة على مفاسد الدكاترة في الوطن؛ ومنهم المدخلي، وهو من خوارج القعدة.................................................................................... |
48 |
11) |
أهل الأثر إذا تقابلوا مع أهل البعر فلهم نصيب من تقابل أهل السنة وأهل البدعة ............................................................................................ |
54 |
12) |
يجب الطعن في ربيع المدخلي لما يخاف أن يفتتن فيه الجهال، ومن لا تمييز عندهم في توحيد الأسماء والصفات.............................. |
65 |
13) |
ذكر الدليل على تعطيل ربيع المدخلي لصفة: «الهرولة» وغيرها من الصفات وموافقته لمذاهب النفاة المعطلة من الجهمية، والأشعرية، والمعتزلية، والإباضية، والرافضية، والماتريدية............. |
74 |
14) |
ذكر الدليل من السنة، والإجماع على «إثبات صفة الهرولة لله تعالى» على ما يليق بجلاله؛ لا يشابه فيها خلقه، كسائر صفاته تعالى......................................................................................................... |
170 |
([1]) ومن الكتب الإرجائية التي أثنى عليها: «ربيع المخربي»؛ كتاب «ذم الإرجاء»، وهذا الكتاب وضع في «شبكة سحاب»!، وهو كتاب قرر فيه «الإرجاء» الخبيث في هذا العصر.
وقد رد عليه: فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وفضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، وفضيلة الشيخ فالح الحربي، وغيرهم.
وانظر: «فتاوى علماء السنة في ذم الإرجاء والمرجئة»، التواصل المرئي، سنة «1436هـ».
([3]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ).
قلت: لذلك يعتبر: «ربيعا مرجئا» عند أهل السنة والجماعة.
([6]) وانظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ج1 ص58)، و«الإيمان» لابن تيمية (ص 197 و280)، و«الاعتقاد» للالكائي (ج5 ص886).
([7]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ).
([8]) فربيع هذا لا يلتفت إلى كلامه في الأحكام الأصولية والفروعية، بل يجب أن يحجر عليه ويردم، والله المستعان.
([11]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
([12]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
([13]) وهذا يدل على أن: «ربيعا» يحرف الكلم عن مواضعه؛ وأنه ملحد في الدين كفعل اليهود والنصارى، اللهم غفرا.
([14]) فلا يقال تنازل النبي r عن الأصول، ولا يقال تسامح عن الواجبات، لأن النبي r لم يترك إلا الكتابة فقط؛ كما بين العلماء مع بقاء الأصول والواجبات حقيقة، إذ لم يكن في كتابة ذلك نقض شيء من أصول الإسلام، أو التنازل عنها؛ لكن المدخلي المعاند لا يعرف كيف يعبر بعبارات صحيحة في ذلك، فوقع في خبط وخلط وحيرة، اللهم غفرا.
وانظر: «المنهاج» للنووي (ج6 ص383)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج8 ص88)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج5 ص352).
([15]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ).
([18]) ولقد اعترف: «ربيع المدخلي» بأن الشيخ الفوزان يسميهم بــ«المرجئة الخامسة»، كما في مقال له في «شبكة سحاب» سنة: (1436هـ)، سابقا.
([21]) وهذا مقصد السحابيين الآن ضرب دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب / من الداخل والخارج، وذلك أن دعوة الشيخ ضد إرجاء السحابيين، وحربهم على علماء السنة لهو واضح في «شبكة خراب».
([29]) وعلى هذا فإذا قبلنا قول: «الجماعة السحابية» في انتسابها إلى الدعوة السلفية، فلابد أن نقبل انتساب بقية الجماعات الإسلامية، وهذا لا يمكن ألبته.
([30]) وهذا القول مثل قول سماحة الشيخ ابن باز / حيث قال: (إذا كان صادقا أنه أثري، أو أنه سلفي لا بأس، مثل ما كان السلف يقول: فلان سلفي، فلان أثري، تزكية لابد منها، تزكية واجبة). اهـ
([31]) وهنا نقول: «للسحابيين»، هل الأشاعرة من أهل السنة والجماعة؟!، طبعا لا، لأنهم يطبقون أصول (أبي الحسن الأشعري) / قبل رجوعه، وأصول الأشاعرة حقيقة، فلا يقبل انتسابهم إلى أهل السنة والجماعة.
وكذلك نقول: «للسحابيين» لا يقبل انتسابكم إلى السلفية، لأنكم تطبقون أصول (ربيع المدخلي)، وأصول شبكتكم حقيقة.
والله تعالى قد أكمل لنا الدين، فليس لأحد من الناس أن ينتسب لشخص، ولا أن يخترع لنا من عنده أصولا طريقة للدعوة إلى الله تعالى، وإلا سيكون لسان حاله يقول: إن النبي r قصر في تبليغ الرسالة، وإلى التوصل إلى طريقة أكثر فائدة وتأثيرا.
([32]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6970)، ومسلم في «صحيحه» (2675)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7730)، وفي «النعوت» (72)، والترمذي في «سننه» (3603)، وابن ماجه في «سننه» (3822)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص251)، وابن حبان في «صحيحه» (811)، وابن منده في «الرد على الجهمية» (80)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (267)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (625)، وفي «الأربعين» (43)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص117)، و(ج9 ص27).
([37]) «مقال» للصابوني الأشعري بعنوان: «عقيدة أهل السنة في ميزان الشرع»، بــ«مجلة المجتمع»، الأعداد (627)، و(628)، و(630)، و(631)، و(632) سنة (1411ه).
([38]) حيث أول ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص522)؛ صفة: «الهرولة» إلى أن «الهرولة»: كناية عن سرعة الرحمة إليه، ورضا الله تعالى عن العبد، وتضعيف الأجر!.
ورد عليه الدكتور علي الشبل في «التنبيه» (ص152)؛ بقوله: (الواجب إثبات ذلك كله على الحقيقة اللائقة بالله عز وجل). اهـ، ووافقه الشيخ الفوزان على هذا الإنكار، وعلى إثبات صفة: «الهرولة» دون تأويل، ولم يتعرض لصفة: «الهرولة» في الكتاب المذكور بشيء من التفاسير، بل أمرها كما جاءت؛ مما يدل على أنه يثبت صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله.
([42]) المرجع: «التواصل المرئي»؛ بصوت الشيخ ابن باز /، في سنة: «1435هـ»، وهو ينصح طلبة الجامعات الإسلامية في تعلم العقيدة الصحيحة.
([46]) فأهل الأهواء كلهم يرون السيف على أهل القبلة، وهذا ظاهر من: «ربيع وأتباعه» في «ليبيا»، و«العراق»، و«اليمن»، وغيرها، كما سوف يأتي تفصيل ذلك .
([54]) فتأخير نصر الدين؛ لطف بالمؤمنين، ومكر بالكافرين والمنافقين، والمبتدعين والعاصين.
قال تعالى: ]حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب[ [البقرة:214].
وقال تعالى: ]وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم[ [آل عمران:126].
وقال تعالى: ]وكان حقا علينا نصر المؤمنين[ [الروم:47].
وقال تعالى: ]حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا[ [يوسف:110].
قلت: فالله تعالى لم يتخل عن رسله عليهم السلام وأتباعهم، ولم يخذلهم وقت شدتهم، ووقت الغلية الاستدراجية لعدوهم، والتي هي غير مستقرة، ولا مستمرة؛ إنما ليظهر معلومة آياته، وعجائب قدرته سبحانه.
([55]) فمن أسرار الأقدار أن يكون الابتلاء خفيا، والمحنة مستورة: ]ليميز الله الخبيث من الطيب[ [الأنفال:37].
قال تعالى: ]سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا[ [الإسراء:77].
وقال تعالى: ]ولن تجد لسنة الله تبديلا[ [الأحزاب:62].
وقال تعالى: ]ولن تجد لسنت الله تحويلا[ [فاطر:43].
([57]) وهذه العقوبة لابد أن تكون لـ«ربيع المرجئ» من قبل ولاة الأمر، لأنه رأس في الضلالة، ولقد أضل جبلا كثيرا، وأغواهم، حتى وصل به الأمر إلى حمل السلاح ويأمر به أتباعه، وقتل خلقا من المسلمين في البلدان الإسلامية!؛ كــ«ليبيا»، ومن قبل في «اليمن»، و«العراق»، وغيرها: ]فلا تكونن من الممترين[ [الأنعام:114].
أخرجه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (735)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1061).
وإسناده صحيح.
وذكره السخاوي في «فتح المغيث» (ج3 ص333).
([60]) قلت: فخاض في العلوم بغير علم، ولا دراية، فسقط وليس له أي: وزن، أو مرتبة في الدين: ] فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين[ [الأنعام:45].
قلت: وهذا الرجل: «المخربي» خرب كتب السنة لأهل الحديث؛ كتخريب: «الكوثريين»، و«الغماريين» لكتب أهل الحديث تماما، اللهم سلم سلم.
وانظر كتاب: «إمام الكوثرية» للأفغاني (ص36).
([63]) فلا يجوز السكوت عن: «الربيعية» فإنهم أهل شر في البلدان الإسلامية!، ]أفلم تكونوا تعقلون[ [يس:62].
قلت: وليست هذه المخالفات التي خالف فيها: «ربيع وأتباعه» في مسألة اجتهادية فروعية، بل هي في صميم المسائل الأصولية!، فتنبه.
([64]) و«ربيع» هذا وقع في «الإرجاء»، و«التجهم»، و«الخروج» و«الاعتزال»، وغير ذلك: ]ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون[ [يس:62].
([65]) كــ: «ربيع الحدادي» المبتدع!، فهذا الرجل انحطت منزلته عند أهل السنة والجماعة، وسقط فلا يؤخذ عنه العلم، ولا يعتد به في الشريعة المطهرة، لأنه مخلط ومخبط في الدين، بل وجدته سيء الخلق مع الناس، بذيء الكلام، طويل اللسان، سبابا شتاما، لعانا طعانا، ساقط الأدب كذابا، صاحب دجل، وتمويه وتلبيس، قليل الديانة والعلم، عديم الأمانة، صاحب خيانة وتدليس، وأنه يرد الأحاديث الصحيحة، والآثار السلفية المحكمة، ويحرف النصوص، ويحكم بالمتشابه فيها إن خالفت مذهبه وهواه!، ولقد تتبعت هذه الأخلاق السيئة في كتبه، فتجاوز العدد الكبير، والعياذ بالله.
([67]) قلت: و«ربيع» هذا خالف الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، وما أجمع عليه سلف الأمة في مسائل الصفات، ومسائل الإيمان، وغير ذلك، فلا يعذر في مثل هذه المسائل العقدية، فيجب أن يعامل بما يعامل به أهل البدع من الهجر، والتحذير، والتبديع، اللهم غفرا.
فأقام الله تعالى رجالا من أهل السنة تصدوا لهذا «المدخلي»؛ فسقطت عدالته، وديانته، وأمانته، ولله الحمد.
([69]) كـ«ربيع المخربي»!، فإنه يدعي أن عنده مكتبة كبيرة؛ لكنه لم يستفد منها، لما عنده من الخبط والخلط في العلوم، فعلمه لا فائدة فيه، وكتبه لا يستفيد منها، وقد أسس دعوته على البدع، فمثله كمثل الحمار يحمل كتبا، ولا يستفيد منها!، اللهم غفرا.
([70]) وقد صدرت عدة فتاوى من قبل علماء السنة منهم: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان، والشيخ محمد السبيل، والشيخ فالح الحربي، وغيرهم؛ في نصيحة: «ربيع المخربي» في أخطائه في الأصول، والمنهج، والدعوة، والجهاد، والشريعة، وقد اطلع على هذه الفتاوى المبذولة له، ولم يرجع عن ضلالاته؛ مع ما جاءت أيضا من الردود من أهل السنة مؤيدة لفتاوى العلماء، حتى أنه عجز عن مقارعة الحجة بالحجة، وإقامة الأدلة على ما يدون مما يحسبه نافعا وهو ضار، ومما يظنه انتصارا وهو خسران!: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف:103 و104].
([71]) كــ«ربيع وأتباعه» يريدون أن يجمعوا بين مذهب السلف، وبين مذهب الخلف في الصفات ، اللهم غفرا.
فهذه آراء: «ربيع المخربي» حول الصفات، وهي آراء مرفوضة جملة وتفصيلا، لأنها تهدم ولا تبني، فعليه أن يوفر على نفسه العناء، وأن يكف عن نشر مثل هذه الآراء الباطلة، ويتوب الله تعالى: ]ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون[ [الحجرات:11].
قال تعالى: ]ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون[ [آل عمران:135].
قلت: فيجب على المسلم الحق أن يتوب من ذنوبه وسيئاته، ولا يستمر عليها، أو يصر عليها، اللهم غفرا.
([73]) قلت: والمقلد من فصيلة العوام، وإن ادعى العلم!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص248): (فمن يتعصب لواحد معين غير النبي r ... ويرى أن قول هذا المعين هو الصواب الذي ينبغي اتباعه دون قول الإمام الذي خالفه، فمن فعل هذا كان جاهلا ضالا؛ بل قد يكون كافرا). اهـ
وقال العلامة الشيخ الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص69): (من يغلو في التقليد حتى يتعصب لآراء الرجال، وإن خالف الدليل، وهذا مذموم، وقد يئول للكفر!). اهـ
([74]) و«الفرقة الربيعية» تسيروا على خطى المذاهب المنحرفة القديمة، والأصل واحد فيهم، وهو: تعطيل الأسماء والصفات، وتأويلها عن مدلولها الصحيح، لكن ما بين مكثر ومقل، وكل ما خرج من الباطل فهو باطل.
فــ:«الفرقة الربيعية» لها أصل في القديم، فلا منافاة بين رد: «الباطل القديم»، ورد: «الباطل الجديد»، لئلا يغتر بهما، فالباطل يجب رده حيث كان؛ قديمه وحديثه.
والله تعالى ذكر في القرآن ما كان عليه أهل الباطل السابقون، وما كان عليه أهل الباطل المتأخرون، ورد على جميع الذين نشروا الباطل قديما وحديثا.
([75]) قلت: وهذا الظن وقع فيه: «ربيع المخربي»، فظن أن تأويل المتأخرين من التأويلات الصحيحة، وغلط في ذلك.
([76]) وقد سار: «ربيع الحدادي» على مذهب أهل التأويل، والتحريف، والتجهيل، وهو لا يشعر، فوقع في الفخ.
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقــيـــــــه |
|
|
ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه |
([77]) ولم يقل صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله؛ أثبت المعنى، وترك الصفة، وهذا هو الخلط في الدين.
([78]) وهذا هو الواجب في ذكر مقتضى أحاديث صفة: «الهرولة» مع إثباتها كصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله.
([79]) قلت: ولم يتفطن: «ربيع» كعادته لمثل هذا الكلام في الأصول، فأثبت المعنى دون أن يثبت صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله، فوقع في الحفرة التي حفرها للناس!.
([80]) ومما يدل أن: «ربيعا» لم يثبت صفة: «الهرولة» أنه ذكر معنى الصفة، وذكر كلام من ذكر المعنى، ولم يذكر كلام العلماء الذين أثبتوا صفة: «الهرولة» لله تعالى حقيقة، وهذا يدل أنه لا يرى أن: «الهرولة» صفة لله تعالى.
([82]) وقد رد عليه الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، ورماه بــ«الجهل المركب» في اعتقاد السلف!.
انظر: «الانتصار فيما دار من المعارك بين أهل السنة والجماعة وبين ربيع المدخلي وأتباعه لمخالفتهم في المسائل الكبار» (ص96).
([85]) ومن هنا يتبين جهل: «ربيع الجاهل» بأحاديث الصفات، الجهل المركب، وهو أشد من الجهل البسيط؛ كما هو معروف عند أهل العلم، مما يتبين بأنه ليس بسلفي في العقيدة السلفية.
وانظر: «الجماعة السحابية ليسوا بسلفيين، بل هذه المرجئة الخامسة»؛ فتاوى الشيخ الفوزان (ص5 و6).
([87]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب)، تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).
([89]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج5 ص448)، و«الفتاوى» له (ج13 ص294 و295)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج1 ص16)، و(ج5 ص365)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص213).
([90]) وغرضهم بذكر لفظ: «المتشابه» أن لا يؤمن بما دل عليه من اللفظ؛ بل: إما أن يعرض عنه، وإما أن يحال إلى معنى آخر؛ فهذا بعيد عن دلالة اللفظ.
انظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج5 ص448).
([92]) قلت: فينبغي التنبه لدسيسة خبيثة راجت عند الشباب الجهلة الذين يأتون من جهة المبتدعة، ويتسمون بالدعاة، صرفوا الشباب المسكين عن مذهب أهل السنة والجماعة، فاحذروهم!.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص325)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج9 ص33).
وإسناده صحيح.
([94]) قلت: فــ«الفرقة الربيعية» لا تجتمع قلوبهم، بل العداوة واقعة فيما بينهم دائما، والخصومات فيهم كذلك، لأنهم لا يجتمعون على الحق، وقد خالفوا الكتاب والسنة والآثار، فاستحبوا العمى على الهدى، اللهم غفرا.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص431).
قال العلامة الشيخ السعدي / في «القواعد الحسان» (ص44): (وأنهم لما آثروا الباطل على الحق طبع على قلوبهم وختم عليها، وسد عليهم طرق الهدى عقوبة لهم على إعراضهم، وتوليهم الشيطان، وتخليهم ولاية الرحمن، وأنه ولاهم ما تولوا لأنفسهم!). اهـ
([96]) وقد نفى: «ربيع المدخلي»: «المكان» لله تعالى، و«الحد» له؛ في كتابه البالي: «الذريعة إلى بيان مقاصد كتاب الشريعة» (ج3 ص35)، على طريقة مذهب: «الجهمية»، و«المعتزلية»، وغيرهم.
فعن معاذ بن جبل t قال: (يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم).
حديث صحيح، أخرجه الترمذي في «سننه» (ج5 ص11 و12)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
قال تعالى: ]ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره[ [الزلزلة: 8].
([98]) وهذا يدل أن: «الفرقة الربيعية» مخالفة لإجماع السلف في إثبات الأسماء والصفات كلها على ما جاءت النصوص، بل عندهم لمثل أحاديث صفة: «الهرولة»، لابد أن تؤول عن ظاهرها، إذا فهم سوف يعمدون إلى صفات كثيرة يؤولونها، لأنها عندهم من المتشابه، وهذا مذهب معطلة الصفات تماما.
([99]) وهذا يدل أن بتأويلهم هذا يدعون به أنهم ينزهون الله تعالى عن النقائص، وهذا قول الجهمية، والأشعرية، وغيرهم تماما: ]إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون[ [الأنعام:116].
قلت: وهذا قول محمد الصابوني الأشعري، فقد ادعى أن مثل حديث: «الهرولة» وغيره لابد أن يؤول عن ظاهره!، بل يتعين عنده التأويل، لينزه الله تعالى بزعمه عن النقائص!. حيث قال: (يجب التأويل في بعض الأحيان، بل نقول: إنه يتعين التأويل، كما في حديث: (الحجر الأسود يمين الله)، وكما في الآية: ]تجري بأعيننا[ [القمر:14]، ... وحديث: (إن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا، وإن جاءني يمشي أتيته هرولة)؛ ألا يجب التأويل، فلماذا نحكم بضلال الأشاعرة بسبب التأويل!). اهـ كلام الصابوني.
«مقال للصابوني الأشعري في «مجلة المجتمع»، العدد (627)، و(628)، و(630)، و(631)، و(632) تحت عنوان: (عقيدة أهل السنة في ميزان الشرع!).
قلت: فانظروا من وافق «ربيع وأتباعه» في تأويلهم للصفات، وافقوا الأشاعرة المبتدعة ولابد، فبئس التابع، وبئس المتبوع!: ]وكذلك نجزي الظالمين[ [الأعراف:41]، ]وبئس الورد المورود[ [هود:98].
([100]) ونقول: «لربيع» كل مبتدع يتظاهر بتعظيم الله تعالى، وينزهه عن النقائص، لكن ماذا نفعل في البدع التي يتفوه بها، ويعمل بها؟!: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص:6]، فــ]بئس الرفد المرفود[ [هود:99].
([102]) قلت: فكيف يزعم أنه يعظم آثار رسول الله r، وهو يردها، ولا يعمل بها، بل يعمل بخلاف الآثار وعلى ما يهواه: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص:6].
قلت: وهذه هي الزندقة.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «إتحاف القاري» (ص484): (التعطيل: نفي الأسماء والصفات، والزندقة: وهي رفض الكتاب والسنة، والأخذ بدلهما بالأهواء والرغبات!). اهـ
قلت: و: «ربيع» هذا في الأبواب التي فتحها، فهي أبواب البدع، والشكوك، والزندقة!.
([104]) انظروا كيف يطعن في قاعدة السلف في كيفية إثبات الصفات وهو لا يشعر، وهي: (أمروها كما جاءت بلا كيف)؛ على أنها قاعدة خبيثة!، فخصومه أخذوها من السلف، فكيف تكون خبيثة، والعياذ بالله، وهذا يدل كعادته، أنه لا يدري ما يخرج من رأسه!.
علما أنه قال ذلك عندما وقع في التفسير، والتأويل، والتحريف لنصوص الأسماء والصفات، فوقع في قاعدة المبتدعة في التعطيل، وهي قاعدة خبيثة جهمية، إذا يا ربيع من الذي يسير على قاعدة خبيثة؟!، أنت الخبيث وأتباعك الخبثاء!: ]يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود[ [هود:98].
([105]) قلت: لذلك يجب تعريتهم، ولا مناص من كشف حقائقهم دون أقنعة لكيلا يغتر الناظر إليهم من وراء الجدر، ولابد من العمل على تقليص نفوذهم ليتجنب شباب الأمة شرهم، فلا ينخدعون بما يلقون من زخرف القول غرورا: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون[ [الأنعام:112].
([107]) كذبتم لم ينفوا صفة: «الهرولة»، بل الأئمة أثبتوا صفة: «الهرولة» مع ذكرهم لثمرتها لكن «الربيعية» لا يعلمون!، فتأمل: ]مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا[ [النساء:143].
([108]) قلت: والشيخ ابن باز / هنا ذكر الثمرة، لكنه أثبت معها صفة: «الهرولة» بعد ذلك، و«ربيع وأتباعه» لم يفرقوا بين إثبات حقيقة صفة: «الهرولة»، وبين ثمرتها، ومقتضاها!، ثم يدعون شرح كتب السنة للسلف: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5].
([110]) كذبت على السلف، فإنهم أثبتوا صفة: «الهرولة»، مع ذكرهم للمعنى الصحيح، وأنت لم تثبت صفة: «الهرولة»، مع تحريفك لها.
وبعد هذا؛ فما هي أحرى الأوصاف بهذا «المخربي»؟!، التضليل، والتلبيس، والخيانة!، أم الجهل، والغفلة، والغرور؟!؛ إن من كان هذا حاله حقيق بأن يرثى مآله، ويطرح مقاله، لعل المغرورين به يكتشفون حقيقته، فتظهر لهم فعالة سريرته!.
([111]) وهذا المعنى: يراد به ثمرة صفة: «الهرولة»، مع إجراء صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث؛ أي: مع إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله، فافهم لهذا ترشد.
قلت: فمقال: «ربيع وأتباعه»؛ ملئ بالغش، والتدليس، والتزوير لإثبات التعطيل،؛ وهيهات ... هيهات!.
([112]) يعني: إثبات صفة: «الهرولة» على حقيقتها لله تعالى على ما يليق بجلاله، لا يشابه فيها خلقه؛ كسائر الصفات.
وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188).
([113]) من هذه الصفات التي أجمع السلف عليها؛ صفة: «الهرولة»لله تعالى.
وانظر: «النقض على المريسي الجهمي» للدرامي (ج1 ص561).
([114]) وهذه ثمرة صفة: «الهرولة»، فلا بأس بذكر هذا المعنى اللغوي الآخر، مع إثبات المعنى الحقيقي، وهو إثبات صفة «الهرولة» على حقيقتها لله تعالى بما يليق بجلاله سبحانه.
وانظر: «فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن باز (ج1 ص79).
([116]) يعني: إثبات صفة: «الهرولة» على حقيقتها لله تعالى على ما يليق بجلاله، لا يشابه فيها خلقه؛ كسائر الصفات.
وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188).
([117]) من هذه الصفات التي أجمع السلف عليها؛ صفة: «الهرولة» لله تعالى.
وانظر: «النقض على المريسي الجهمي» للدرامي (ج1 ص561).
([118]) فهذا منكر من القول، تبطله دلالة الأحاديث، وتبين فساده، والله المستعان.
فالمدخلي هذا خلط بين قاعدة: «السلف»، وقاعدة: «الخلف» في كيفية إثبات: «الأسماء والصفات»، فأي القاعدتين أردت أيها: «المخربي»؟!.
([119]) وقاعدة السلف: أن نثبت هذا الفعل على حقيقته، ونقول: إن الله يتقرب من الإنسان قدر ذراع، وقدر باع، ويأتي: «هرولة»؛ كما في قوله تعالى: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]؛ إنه يأتي سبحانه وتعالى بنفسه للقضاء بين العباد.
وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426).
([120]) قلت: ومن خالف هذا الإجماع، وهو من دون العالم المجتهد، وأصر وعاند على تعطيل صفة «الهرولة»، فهو يعتبر مبتدعا ضالا في الأصول، لأن خالف السنة النبوية، وإجماع السلف، ووافق الجهمية المعطلة.
قال العلامة المعلمي في «حقيقة البدعة» (ج6 ص112): (من لم يبلغ درجة الاجتهاد، وإنما يتعاطى النظر في الأدلة، ويحكم بما يظهر له بدون استناد إلى موافقة مجتهد من المجتهدين، فهذا ضال مضل، وهو من الرؤساء الجهال الذين ورد فيهم الحديث). اهـ
وقال العلامة المعلمي في «حقيقة البدعة» (ج6 ص112): (وإن تبين له بطلان دليل مقلده، وأصر على تقليده؛ فهو هالك!). اهـ
قلت: وأما العالم السني المجتهد إذا خالف في هذه الصفة وغيرها، فهو يعتبر مخطأ، لأنه اجتهد وأخطأ، وهو لا يتعمد المخالفة في الأصل، وهو مغفور له لاجتهاده، ولا يتبع في خطئه هذا، ومن اتبعه في زلته هذه فهو آثم.
لكن إذا تبين لهذا العالم المجتهد أنه أخطأ، فيجب عليه الرجوع عن خطئه هذا في العلم، والله المستعان.
([121]) الفتوى (رقم 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (ج3 ص142).
وقد وقع على هذه الفتوى كل من المشايخ: عبد العزيز بن باز، عبد الرازق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود.
([122]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج5 ص24 و26)، و«إبطال التأويلات لأخبار الصفات» لأبي يعلى الحنبلي (ج1 ص225)، و(ج2 ص449)، و«القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص169)، و«شرح رياض الصالحين» له (ج3 ص335)، و«تفسير القرآن الكريم» له أيضا (ج1 ص136)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج10 ص125)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج4 ص151 و152)، و«تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج1 ص116).
([123]) من هذه الصفات التي أجمع السلف عليها؛ صفة: «الهرولة» لله تعالى.
وانظر: «النقض على المريسي الجهمي» للدرامي (ج1 ص561).
([124]) قلت: فإذا كانت الدعوة السلفية هي الحق، فما خالفها فهو الباطل قطعا: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس:32].
فالدعوة السلفية الحقيقية ولله الحمد دعوة حكمية، صافية، مبنية على العلم النافع والعمل الصالح، والجهاد الصادق والصبر الجميل؛ أسوة برسول الله r وترسما لخطاه، وذلك لما ذكر r افتراق الأمة فيما بعد؛ قال عن الفرق كلها: (إنها في النار، إلا واحدة)، ووصف هذه الواحدة بأنها هي التي تتبع منهج السلف، وتسير عليه.
فدل على أن هناك جماعة سلفية سابقة، وجماعة سلفية متأخرة تتبعها في منهجها، وهناك جماعات مخالفة لها، متوعدة بالنار، وما ذاك إلا لضلال هذه الجماعات المخالفة للجماعة الناجية المنصورة، وقد ضلل السلف بمثل هذه الجماعات من: «الجهمية»، و«الأشعرية»، و«الخارجية»، و«المعتزلية»، و«القدرية»، و«المرجئية»، وغيرهم على حسب مخالفتها للدين.
([126]) قلت: فتكلم الروبيضة فيهم، في المدينة، والجزائر، وليبيا، وتونس، والكويت، واليمن، ومصر، وغيرها فهلكوا، والعياذ بالله.
([127]) قلت: فما وافق عقولهم قبلوه، وما لم يوافق عقولهم ردوه، فصارت السنة غريبة عندهم، وأهل السنة غرباء في جوف ديارهم، اللهم غفرا.
([128]) قلت: فالذي يخرج عن الصراط المستقيم، فلابد أن يقع في هذه السبل المتفرقة التي لا نهاية لها!، والعياذ بالله: ]إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين [ [الحجر:18].
([129]) قلت: فظهرت فيهم البدع، وفشت فيهم الأهواء، وهي تتجارى بهم إلى الآن، والعياذ بالله: فـ]بئس الرفد المرفود[ [هود:99].
([130]) قلت: فظهرت في ديارهم الزعمات الحزبية، والتكتلان التنظمية في: «الجزائر»، و«المدينة»، و«الكويت»، و«ليبيا»، و«اليمن»، و«السودان»، و«تونس»، وغير ذلك، فتفرقوا إلى أحزاب: ] كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم: 32]، ولابد.
([131]) فنقول: لــ«ربيع الضال»، التأويل باطل مهما صلحت نيتك، بل ومهما حسن مقصدك في الدين، فأنت في الأخير من الضالين، وأنت تعمل بعمل أهل النار الآن، وتظن أنك تحسن صنعا: ]وبئس الورد المورود[ [هود:98].
([132]) ذلك يجب تنزيه الدين عن نشر بمثل ترهات: «ربيع المخربي وأتباعه المخاربة»!: ]ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون[ [المجادلة: 18].
([133]) وربيع هذا مولع في الدين بذكر، الخلافيات غير معتمدة؛ خاصة بزعمه بذكر الخلافيات في «الصفات»، و«الإيمان»، وغيرها، رغم أن هذه الأصول ليس فيها أي خلاف إلبتة بين السلف، بل ثبت الإجماع فيها، وهذا شك منه في الدين، لأن الدين لا يوجد فيه اختلاف؛ أي: أن الحق لا يتعدد، فهو واحد في الأصول والفروع، وطريقة: «ربيع الدجال» هذه تشكك الناس في الدين، فاحذروه في ذكره الخلافيات.
مثل: قوله؛ في حديث: (صورة الله تعالى)؛ في كتابه البالي: «عون الباري!» (ص310): (وهذا الحديث فيه خلاف على من يعود الضمير في قوله r: (على صورته)، أيعود على الله، أم آدم عليه السلام؟!، والكلام فيه يطول!). اهـ
قلت: فمن كان هذا حاله هل يصفه عاقل بــ«العلامة!»، أو «الإمام!»، أو «رافع راية الجرح والتعديل»!، أو غير ذلك من الألقاب الرنانة!، فهل يستقيم ذلك؟!: ]ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون[ [المجادلة:18].
قال تعالى: ]أليس منكم رجل رشيد[ [هود:78].
([134]) وقد تورط: «المخربي» في دخوله في الثورات الخارجية في «ليبيا» وغيرها، ويؤيد القتال فيها إلى الآن، ويتحكم في أتباعه فيها.
قال المخربي في «التواصل الاجتماعي» بتاريخ (21/3/2017)؛ لأتباعه الثوار الخوارج في ليبيا: (قولوا لحفتر لا يستقبل أسامة العتيبي مرة أخرى، وبينوا أخطاءه للناس!، وحذروا منه!). اهـ
قلت: فهذا استدراج لــ«ربيع وأتباعه»، والويل لهم في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: ]وما هي من الظالمين ببعيد[ [هود:83].
وقال تعالى: ]وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد[ [هود:102].
قلت: فهذا الرجل لو كان صاحب سنة لما دخل في فتن العصر التي أهلكت الناس، ولما أدخل أتباعه في هذه الفتن المهلكة، فهذا يأمر الناس بالهلاك، والدخول في الفتن: ]فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد[ [هود:97].
([135]) وقد اعترف الربيعيون في «التواصل المرئي» سنة: (1438هـ) في «ليبيا» وغيرها بذلك، وأنهم من: «أتباع ربيع الإخواني»، وقد قبض عليهم، واعترفوا بقتل الناس وخطفهم وحملهم للسلاح، كل ذلك بأمر من: «ربيع الإخواني»: ]وذلك يوم مشهود[ [هود:103].
وهذا يدل على أنه يطلب الرياسة في البلدان، وقد شبه له في ذلك، وقد اعترف: «ربيع الإخواني» أنه وضع له أمراء في «العراق» وغيرها، وهذا سبيل: «الفرقة الإخوانية» أتباع حسن البنا، كما هو معروف في البلدان.
([136]) قلت: فلما سنحت الفرصة لــ: «ربيع وأتباعه» في «ليبيا»، و«العراق»، و«اليمن»، وغيرها استحلوا قتل المسلمين الذين يخالفونهم في العقيدة!، وأرادوا أن يلزموهم بقولهم الباطل في «الصفات»، و«الإيمان»، و«الدعوة»، وغير ذلك!.
قلت: وذلك لما تمكنوا في ليبيا استحلوا قتل المسلمين الذين يخالفونهم في الاعتقاد، وكذلك في العراق، واليمن قتلوا المسلمين، وخوفوهم ليرغموهم على القول بمذهب المرجئة، وأجبروهم على ذلك، وامتحنوا الناس في «ليبيا»، و«العراق»، و«اليمن» وغيرها، ونصبوا لهم أمراء في البلدان بأمر من: «ربيع المدخلي، وأتباعه»: ]ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون[ [الأنبياء:52].
قال تعالى: ]كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون [ [المائدة:70].
وقال تعالى: ]أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون[ [البقرة:87].
([137]) قلت: بلا شك أن: «ربيعا وأتباعه» بمذهبهم هذا يعطلون الحق في المساجد التي سيطروا عليها، لأن نشر الباطل في المساجد يعطل الحق قطعا: ]إنهم عن السمع لمعزولون[ [الإسراء:212].
قال تعالى: ]والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون[ [التوبة:107].
وكذلك: لأن مذهبهم في الإيمان أنه مجرد: «الإيمان في القلب»، ولو لم يعمل عملا قط، فإذن لا حاجة إلى المساجد، لأنها عندهم لا يجب العمل فيها، أو عندهم فيها يجب نشر مذهبهم الباطل فقط، وهذا كله من التعطيل للمساجد!، فافهم لهذا.
وهذا مشاهد الآن في المساجد التي تعطلت عن إقامة الحق، والأصل عمارة المساجد بالحق، وإقامة فيها العلم النافع والعمل الصالح جملة وتفصيلا.
قال تعالى: ]أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين (109) لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم[ [التوبة:109 و110].
([138]) قلت: و«ربيع وأتباعه» عملوا في الفرقة في بلدان المسلمين، وخالفوا الآثار، وشككوا المسلمين في دينهم، واختصموا في ربهم!.
([139]) إذا: فإظهار الأمور على حقيقتها واجب لنقيم الحجة لله تعالى: ]ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم[ [الأنفال:42].
([140]) قلت: فدعوة: «ربيع وأتباعه» دعوة إلى الاهتداء بسنن المغضوب عليهم، والذين أمرنا بمخالفتهم في كل شأن، وحذرنا رسولنا r من التشبه بهم، والسير على خطواتهم!، اللهم سلم سلم.
([141]) قلت: وبسبب كثرة خصومات: «ربيع وأتباعه» في الدين، طمس الله تعالى على عقولهم، فلا يميزون بين الحق والباطل، وبين الضار والنافع في الدين، فهم لهم عقول، لكنهم لم ينتفعوا بعقولهم، وذلك بسبب خصوماتهم وجدلهم، فصاروا لا يعقلون!: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44].
قال تعالى: ]ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير[ [الحج:62].
وانظر: «إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة للإمام البربهاري» للشيخ الفوزان (ص277).
([142]) قلت: وهذا هو واجب المسلم الحق أن يتبع ما جاء عن الله تعالى، وعن رسوله r، ولا يتبع ما يهواه من الباطل.
([143]) قلت: ولم تأت الفتن إلا من قبل شياطين الإنس: كــ«ربيع وأتباعه» وغيرهم في البلدان الإسلامية! من أصحاب الأهواء، نعوذ بالله من الخذلان!.
قال الإمام ابن حزم / في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص346): (وتفسد الشياطين دين من سبق عليه الخذلان!). اهـ
([144]) قلت: وليس هذا المعنى الحقيقي عند الأئمة لصفة: «الهرولة»، بل هذا المعنى عندهم هو مقتضى الحديث، وأما المعنى الحقيقي للحديث –وهو مراد الله تعالى، ومراد رسوله r- هو إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله، ولم يتفطن: «ربيع وأتباعه» كعادتهم لذلك، والله المستعان.
([146]) ولا جواب لذلك عندهم ألبتة، وهذا مما يدل على شعورهم بأن إثبات هذه الصفة يبطل تأويلاتهم الباطلة:فــ ]سيء بهم وضاق بهم ذرعا[ [هود:77].
([147]) قلت: وأفكار: «المخربي» هي في الغالب منحدرة عن أفكار الفرق السابقة، ومشابهة لها تماما.
لذلك لا يمكن مدافعة الأفكار المنحرفة المعاصرة؛ إلا بعد دراسة الأفكار المنحرفة التي سبقتها؛ لأنها في الغالب منحدرة عنها ومشابهة لها، وإذا عرفنا السلاح الذي قاوم به أسلافنا الأفكار المنحرفة في وقتهم؛ أمكننا أن نستخدم ذلك السلاح في وجه الأفكار المعاصرة، فلا غنى لنا عن الارتباط بأسلافنا وسيوفهم!، اللهم سدد.
([148]) قلت: ومعنى ذلك أننا نلغي قواعد السلف، وتأخذ بقواعد: «ربيع المخربي» فقط، ونستنبط بها من النصوص غير استنباطهم، وهذا إهدار لقواعد السلف، ودعوة لاجتهاد جديد، وفهم جديد يدعي فيه أنه على قواعد السلف.
والسلف ومن سار على نهجهم ما زالوا يميزون أتباع السنة عن غيرهم من أتباع البدعة.
([149]) قلت: أي؛ من باب الأفعال الاختيارية، والله تعالى يفعل ما يشاء، يتقرب ذراعا، أو شبرا، أو ما شاء الله، ويأتي كما يشاء هرولة.
وقاعدة السلف: أن نثبت هذا الفعل على حقيقته، ونقول: إن الله يتقرب من الإنسان قدر ذراع، وقدر باع، ويأتي: «هرولة»؛ كما في قوله تعالى: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]؛ إنه يأتي سبحانه وتعالى بنفسه للقضاء بين العباد.
وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426).
([151]) قلت: ولا يدع أحاديث صفة «الهرولة»، إلا متعالم مبتدع.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار، أو يرد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع). اهـ
([152]) يعني: لا نطلب لها المعاني الباطلة المحرفة؛ مثل: تحريف المعطلة النفاة.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج9 ص165).
([153]) قلت: وإنما قلنا بصفة: «الهرولة»؛ بأدلة السنة، وإجماع السلف، ليعرف الناس أن من عطل صفة: «الهرولة»، ولم يثبتها، أنه على خلاف السنة، وخلاف مذهب السلف، والله المستعان.
([156]) قلت: ومن خالف هذا الإجماع، وهو من دون العالم المجتهد، وأصر وعاند على تعطيل صفة «الهرولة»، فهو يعتبر مبتدعا ضالا في الأصول، لأن خالف السنة النبوية، وإجماع السلف، ووافق الجهمية المعطلة، واستسلم لهم: ]بل هم اليوم مستسلمون[ [الصافات:26].
قال العلامة المعلمي / في «حقيقة البدعة» (ج6 ص112): (من لم يبلغ درجة الاجتهاد، وإنما يتعاطى النظر في الأدلة، ويحكم بما يظهر له بدون استناد إلى موافقة مجتهد من المجتهدين، فهذا ضال مضل، وهو من الرؤساء الجهال الذين ورد فيهم الحديث). اهـ
وقال العلامة المعلمي / في «حقيقة البدعة» (ج6 ص112): (وإن تبين له بطلان دليل مقلده، وأصر على تقليده؛ فهو هالك!). اهـ
قلت: وأما العالم السني المجتهد إذا خالف في هذه الصفة وغيرها، فهو يعتبر مخطأ، لأنه اجتهد وأخطأ، وهو لا يتعمد المخالفة في الأصل، وهو مغفور له لاجتهاده، ولا يتبع في خطئه هذا، ومن اتبعه في زلته هذه فهو آثم.
لكن إذا تبين لهذا العالم المجتهد أنه أخطأ، فيجب عليه الرجوع عن خطئه هذا في العلم، والله المستعان.
([157]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.
وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).
([158]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188)، و«شرح لمعة الاعتقاد» له (ص38)، و«دلائل التوحيد» للهروي (ص79)، و«صفات الله عز وجل» للسقاف (ص391)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص190)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259).
([159]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24)، و«العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص96).
([162]) قلت: وأخذ البعض من أهل التعالم بهذه الثمرة من كلام أهل العلم أنهم لم يثبتوا صفة: «الهرولة»، بل ظن أن «الهرولة» في الحديث مؤولة على حسب ظنه الفاسد، فوقع في التجهم وهو لا يشعر، ولا يعذر بجهله في ذلك، فهو برزخ بين السلف، والجهمية إلى أن يتوب، ويرجع عن مذهب الجهمية، اللهم سلم سلم.
ومنه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص471): (والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة).اهـ
وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص349): (والتجهم عندنا باب كبير من الزندقة، يستتاب أهله، فإن تابوا، وإلا قتلوا). اهـ
([163]) قلت: والصحيح أن هذا المعنى من ثمرات صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة»، وليس هذا المعنى للصفة؛ كما سبق ذلك، فتنبه.
([165]) الفتوى (رقم 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (ج3 ص142).
وقد وقع على هذه الفتوى كل من المشايخ: عبد العزيز بن باز، عبد الرازق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود.
([166]) وانظر: «شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«الفتاوى» له (ج5 ص39)، و«السنة» للخلال (ج1 ص259)، و«الشريعة» للآجري (ص720)، و«العلو» للذهبي (ج2 ص959)، و«التوحيد» لابن منده (ج3 ص115)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص158)، و«ذم التأويل» لابن قدامة (ص20).
([168]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص640 و653 و654)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للإسماعيلي (ص172).
([170]) وهم: المشبهة الذين شبهوا ذات الله تعالى بذات خلقه، أو صفاته بصفات خلقه.
انظر: «الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص255)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص103).
([171]) وهم لم يعرفوا بالعلم، ولا تعلموا العلم في المساجد على يد علماء السنة، لذلك فهم من الرويبضة، وتكلمهم في الدين من علامات الساعة!.
فالربيعيون يتحملون آثام الناس مع إثمهم.
قال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون[ [النحل:25].
([172]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2023).
قلت: فالمتكبر يغرق في بركة الأوزار التي يعلم السابح فيها ما يحيط به من سورها المحموم!: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة[ [النحل:25].
([173]) لذلك يجب على المسلم الحق أن يحاسب نفسه على ما يكتب، ويقول، ولا يرسل القول جزافا، وأن يتثبت قبل أن يصدر الحكم؛ وإلا ندم على ذلك ولابد، عملا بقوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين[ [الحجرات:6].
([177]) قلت: وقد ظن: «الربيعية» أن صفة: «الهرولة» مفسرة من السلف في الأحاديث، كتفسير الجهمية، وهذا هو الشطط، والله المستعان.
([178]) قلت: لأن ما جاء الريب فيهم؛ إلا بسبب عدم العلم، وهذه حال أهل الضلال.
وانظر: «الاستقامة» لابن تيمية (ج1 ص14).
([181]) أثر حسن لغيره، والأصول تؤيده.
أخرجه عمر بن شبة في «أخبار المدينة» (ج2 ص12)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (162)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (253) من طريق الأوزاعي عن عمر بن الخطاب t. وهو منقطع بين الأوزاعي وعمر بن الخطاب.
وذكر هذا القول عمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب t؛ كما في «حلية الأولياء» (ج5 ص346).
وأخرجه المروزي في «السنة» (ص31) من طريق الأوزاعي قال: عمر بن عبد العزيز ... فذكره بنحوه.
ونقل المزي في «تهذيب الكمال» (ج17 ص315) أن الأوزاعي قال: «كنت محتلما في خلافة عمر بن عبد العزيز».
وأخرجه أبو يوسف في «الخراج» (23)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج5 ص300)، وابن الجوزي في «سيرة عمر» (ص88)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص346) من وجوه.
وقال ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص103)؛ حدثنا إسماعيل بن عياش قال: حدثنا الأحوص بن حكيم، وأبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي الأحوص حكيم بن عمير العنسي قال: (كتب عمر بن الخطاب t إلى الأمراءوالأجناد: تفقهوا في الدين، فإنه لا يعذر أحد باتباع باطل وهو يرى أنه حق، ولا يترك حقا وهو يرى أنه باطل).
([185]) قلت: فإن منع منه دليل شرعي، وجب حمله على ما يدل عليه الدليل.
مثال ذلك: الصلاة، فهي في اللغة: الدعاء، وفي الشرع: عبادة ذات أقوال، وأفعال معلومة.
([188]) قلت: فالعلم علم الصحابة الكرام، وبهم يقتدى في ذلك، وعنهم يؤخذ، ولا أورع من أصحاب محمد r
وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص139).
([189]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه «الرد على الزنادقة والجهمية»: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ
([190]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم (متفقون على مخالفة الكتاب)؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ
([191]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ
([192]) وكذلك هذا هو الضابط الذي يلزم العامي في هذا العصر، أن يتبع عالما يتبع آثار الصحابة الكرام في الأصول والفروع، وينضبط بحكمه، ومنهجه، ودعوته؛ حتى لا ينفرد بفهم ليس له فيه سلف في حكم من أحكام الدين، وإلا كان مبتدعا في الدين، ومتبعا لغير سبيل المسلمين.
([193]) والتأويل الفاسد هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به؛ أي: على رأيهم وما ذهبوا إليه، والصحيح: أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بغير دليل يوجب ذلك؛ كتأويل أهل البدع نصوص صفة: «الهرولة»، وكقولهم: «استوى» أي: «استولى».
وانظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص290 و291).
([194]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج8 ص4685)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص328)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص289)، و«القاموس المحيط» للفيرزآبادي (ص1083)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3753).
([195]) قلت: وقد ثبت عن بعض أهل السنة ذكر معنى: «الهرولة»، ويعنون به ثمرة: صفة «الهرولة»، مع إثبات صفة «الهرولة للـه تعالى».
قال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].
وقال تعالى: ]ولا يحيطون به علما[ [طه:110].
([196]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«التدمرية» لابن تيمية (ص7)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص234)، و«الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج3 ص33)، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (ج6 ص319)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص236)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج5 ص101)، و«بيان فضل علم السلف على علم الخلف» له (ص48)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص119).
([197]) قلت: أي؛ من باب الأفعال الاختيارية، والله تعالى يفعل ما يشاء، يتقرب ذراعا، أو شبرا، أو ما شاء الله، ويأتي كما يشاء هرولة.
وقاعدة السلف: أن نثبت هذا الفعل على حقيقته، ونقول: إن الله يتقرب من الإنسان قدر ذراع، وقدر باع، ويأتي: «هرولة»؛ كما في قوله تعالى: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]؛ إنه يأتي سبحانه وتعالى بنفسه للقضاء بين العباد.
وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426).
([199]) قلت: ولا يدع أحاديث صفة «الهرولة»، إلا متعالم مبتدع.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار، أو يرد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع). اهـ
([200]) يعني: لا نطلب لها المعاني الباطلة المحرفة؛ مثل: تحريف المعطلة النفاة.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج9 ص165).
([201]) قلت: وإنما قلنا بصفة: «الهرولة»؛ بأدلة السنة، وإجماع السلف، ليعرف الناس أن من عطل صفة: «الهرولة»، ولم يثبتها، أنه على خلاف السنة، وخلاف مذهب السلف، والله المستعان.
([204]) قلت: أي؛ من باب الأفعال الاختيارية، والله تعالى يفعل ما يشاء، يتقرب ذراعا، أو شبرا، أو ما شاء الله، ويأتي كما يشاء هرولة.
وقاعدة السلف: أن نثبت هذا الفعل على حقيقته، ونقول: إن الله يتقرب من الإنسان قدر ذراع، وقدر باع، ويأتي: «هرولة»؛ كما في قوله تعالى: ]وجاء ربك[ [الفجر: 22]؛ إنه يأتي سبحانه وتعالى بنفسه للقضاء بين العباد.
وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص426).
([205]) قلت: ومن خالف هذا الإجماع، وهو من دون العالم المجتهد، وأصر وعاند على تعطيل صفة «الهرولة»، فهو يعتبر مبتدعا ضالا في الأصول، لأن خالف السنة النبوية، وإجماع السلف، ووافق الجهمية المعطلة.
قال العلامة المعلمي / في «حقيقة البدعة» (ج6 ص112): (من لم يبلغ درجة الاجتهاد، وإنما يتعاطى النظر في الأدلة، ويحكم بما يظهر له بدون استناد إلى موافقة مجتهد من المجتهدين، فهذا ضال مضل، وهو من الرؤساء الجهال الذين ورد فيهم الحديث). اهـ
وقال العلامة المعلمي / في «حقيقة البدعة» (ج6 ص112): (وإن تبين له بطلان دليل مقلده، وأصر على تقليده؛ فهو هالك!). اهـ
قلت: وأما العالم السني المجتهد إذا خالف في هذه الصفة وغيرها، فهو يعتبر مخطأ، لأنه اجتهد وأخطأ، وهو لا يتعمد المخالفة في الأصل، وهو مغفور له لاجتهاده، ولا يتبع في خطئه هذا، ومن اتبعه في زلته هذه فهو آثم.
لكن إذا تبين لهذا العالم المجتهد أنه أخطأ، فيجب عليه الرجوع عن خطئه هذا في العلم، والله المستعان.
([206]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.
وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).
([207]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188)، و«شرح لمعة الاعتقاد» له (ص38)، و«دلائل التوحيد» للهروي (ص79)، و«صفات الله عز وجل» للسقاف (ص391)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص190)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259).
([208]) يعني: المعنى الحقيقي وهو إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
وانظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص86 و127 و141)، و«القواعد المثلى» له (ص127 و128 و129)، و«شرح صحيح مسلم» له أيضا (ج7 ص554 و555).
([209]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24)، و«العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص96).
([212]) قلت: وأخذ البعض من أهل التعالم بهذه الثمرة من كلام أهل العلم أنهم لم يثبتوا صفة: «الهرولة»، بل ظن أن «الهرولة» في الحديث مؤولة على حسب ظنه الفاسد، فوقع في التجهم وهو لا يشعر، ولا يعذر بجهله في ذلك، فهو برزخ بين السلف، والجهمية إلى أن يتوب، ويرجع عن مذهب الجهمية، اللهم سلم سلم.
ومنه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص471): (والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة).اهـ
وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص349): (والتجهم عندنا باب كبير من الزندقة، يستتاب أهله، فإن تابوا، وإلا قتلوا). اهـ
([213]) قلت: والصحيح أن هذا المعنى من ثمرات صفة: «التقرب»، وصفة: «الهرولة»، وليس هذا المعنى للصفة؛ كما سبق ذلك، فتنبه.
([215]) الفتوى (رقم 6932) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (ج3 ص142).
وقد وقع على هذه الفتوى كل من المشايخ: عبد العزيز بن باز، عبد الرازق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود.
([216]) وانظر: «شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«الفتاوى» له (ج5 ص39)، و«السنة» للخلال (ج1 ص259)، و«الشريعة» للآجري (ص720)، و«العلو» للذهبي (ج2 ص959)، و«التوحيد» لابن منده (ج3 ص115)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص158)، و«ذم التأويل» لابن قدامة (ص20).
([218]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص640 و653 و654)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للإسماعيلي (ص172)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4 و6)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/219/ط)، و(ص52/م).
([220]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص414)، وفي «خلق أفعال العباد» (426)، وأحمد في «المسند» (12233)، والطيالسي في «المسند» (2079).
([221]) وهذا المعنى: يراد به ثمرة صفة: «الهرولة»، مع إجراء صفة: «الهرولة» على ظاهر الأحاديث؛ أي: مع إثبات صفة: «الهرولة» لله تعالى على ما يليق بجلاله، فافهم لهذا ترشد.
([222]) يعني: إثبات صفة: «الهرولة» على حقيقتها لله تعالى على ما يليق بجلاله، لا يشابه فيها خلقه؛ كسائر الصفات.
وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188).
([223]) من هذه الصفات التي أجمع السلف عليها؛ صفة: «الهرولة» لله تعالى.
وانظر: «النقض على المريسي الجهمي» للدرامي (ج1 ص561).
([224]) وهذه ثمرة صفة: «الهرولة»، فلا بأس بذكر هذا المعنى اللغوي الآخر، مع إثبات المعنى الحقيقي، وهو إثبات صفة: «الهرولة» على حقيقتها لله تعالى بما يليق بجلاله سبحانه.
وانظر: «فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن باز (ج1 ص79).
([226]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6970)، ومسلم في «صحيحه» (2675)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7730)، وفي «النعوت» (72)، والترمذي في «سننه» (3603)، وابن ماجه في «سننه» (3822)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص251)، وابن حبان في «صحيحه» (811)، وابن منده في «الرد على الجهمية» (80)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (267)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (625)، وفي «الأربعين» (43)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص117)، و(ج9 ص27).
([231]) وانظر: «الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4)، و«مثالب الأشعري» لأبي علي الأهوازي (ص14 و15)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/264/ط)، و«السنة» لابن يزداد البغدادي (ص15)، و«السنة» للخلال (ج1 ص259)، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص92)، و«الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص236)، و«فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن باز (ج1 ص68)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص427).
([233]) وانظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (ج2 ص105 و109)، و«الفتاوى» له (ج3 ص35 و40)، و(ج5 ص26)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج5 ص7)، و«فتح رب البرية» لشيخنا ابن عثيمين (ص12 و15)، و«التوحيد» لابن منده (ج2 ص102)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص210).
([234]) وانظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (ج2 ص561)، و«فتح رب البرية» لشيخنا ابن عثيمين (ص18 و19 و24)، و«بدائع الفوائد» لابن القيم (ج1 ص159 و166 و170)، و«شرح العقيدة الواسطية» للهراس (ص67)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص234)، و«أعلام السنة المنشورة» للحكمي (ص56)، و«مثالب الأشعري» لأبي علي الأهوازي (ص14)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4 و5)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/264/ط).
([235]) يعني: المعطلة الذين حرفوا وبدلوا في صفات الله تعالى، فالله أضلهم بسبب تحريفهم لنصوص الكتاب والسنة، فظلموا أنفسهم.
ومنه؛ قوله تعالى: ]فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به[ [المائدة: 13].
وقال تعالى: ]فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم[ [الأعراف: 162].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص287): (فقد علم أنه r قد ذم أهل الكتاب على ما حرفوه وبدلوه). اهـ
([236]) وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج5 ص365)، و«الفتاوى» له (ج17 ص357)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له أيضا (ص241 و243).
([241]) لأن قول القائل: الله لا يركض ركض المخلوق هذا تمثيل وتشبيه، والسلف لم يقولوا بذلك عندما رووا أحاديث صفة: «الهرولة»، وإذا الله بزعمهم لا يركض، فالله تعالى لا يهرول، فعطلوا الصفة وهم لا يشعرون، ثم حرفوها بمعنى آخر.
([243]) والتأويل الفاسد هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به؛ أي: على رأيهم وما ذهبوا إليه، والصحيح: أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بغير دليل يوجب ذلك؛ كتأويل أهل البدع نصوص صفة: «الهرولة»، وكقولهم: «استوى» أي: «استولى».
وانظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص290 و291).
([246]) وانظر: «مختصر الصواعق» (ج3 ص937).
قلت: والتأويلات الموجودة اليوم بأيدي الأشاعرة المبتدعة؛ هي بعينها: تأويلات الجهمية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص254): (وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس... هي بعينها التأويلات التي ذكرها بشر المريسي). اهـ
([248]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص170 و181)، و(ج2 ص631).
قلت: وحد التأويل الفاسد القبيح: صرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته إلى مجازه، وما يخالف ظاهره.
وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص178).
([249]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص365 و367)، و(ج2 ص403)، و«شفاء العليل» له (ج1 ص271)، و«الكافية الشافية» له أيضا (ص16 و19).
([250]) وانظر: «الحجة في بيان المحجة» لأبي القاسم الأصبهاني (ج1 ص104)، و«الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص333)، و«الفتاوى» له (ج16 ص410)، و(ج17 ص363).
([252]) وانظر: «الرسالة الصفدية» لابن تيمية (ص287)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له (ص70 و71)، و«التدمرية» له أيضا (ص90)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» له كذلك (ص343).
([253]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج8 ص490)، و(ج12 ص119)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» له (ص198)، و«منهاج السنة» له أيضا (ج1 ص311)، و«مقالات الإسلاميين» للأشعري (279)، و«الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص199)، و«شرح القصيدة النونية» لابن عيسى (ج2 ص114)، و«تلبيس إبليس» لابن الجوزي (ص105).
([255]) قلت: يدخل تحت هذا الوصف طوائف كثيرة؛ من أشهرها:
1) «الجهمية»: الذين عطلوا الله تعالى عن أسمائه الحسنى وصفاته العلى.
2) و«المعتزلة»: الذين أثبتوا الأسماء مجردة عن الصفات.
3) و«الأشاعرة»: الذين أثبتوا الأسماء، وشيئا من الصفات.
قلت: وإثبات هذه الصفات عند هذه الطوائف ليس وفق النص، بل وفق العقل، وهذا العقل مريض غير سليم.
ومن تلك الطوائف: «المشبهة»؛ التي غلت في إثبات الصفات لله تعالى حتى جعلتها؛ كصفات المخلوق.
([256]) انظر: «أجوبة في الصفات» للخطيب (ص20)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص330)، و(ج6 ص355) و«التدمرية» له (ص43)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج1 ص174)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص341)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص228).
([257]) انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص212)، و«التدمرية» له (ص31)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص228).
قلت: ومن أثبت بعض الصفات، ونفى بعضها، فهو مضطرب متناقض، وتناقض القول دليل على فساده.
([258]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص250 و251)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» له (ص132)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص26)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج2 ص31)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج3 ص326)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص160 و165).
([259]) وانظر: «التبيان في أقسام القرآن» لابن القيم (ص257)، و«زاد المعاد» له (ج1 ص182)، و«جلاء الأفهام» له أيضا (ص262).
([261]) هؤلاء هم أهل السنة والجماعة: الذين سموا الله تعالى، ووصفوه بما سمى ووصف به نفسه سبحانه في كتابه، وعلى لسان رسوله r على الحقيقة؛ من غير تشبيه، مع قطع الطمع عن إدراك كيفية ذلك.
فسلموا بذلك من المزالق الثلاثة الخطيرة في هذا الباب، ألا وهي: مزلق: «التعطيل»، ومزلق: «التشبيه»، ومزلق: «التكييف»؛ إذا أثبتوا فلم يعطلوا، وإذا نزهوا فلم يشبهوا، وإذا أوكلوا الكيفية إلى الله تعالى فلم يكيفوا.
([262]) وانظر: «اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص3331)، و«مدارج السالكين» له (ج3 ص474)، و«إعلام الموقعين» له أيضا (ج4 ص249)، و«الصواعق المرسلة» له كذلك (ج3 ص872).
([265]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج2 ص90)، و«العدة في أصول الفقه» لأبي يعلى (ج4 ص1058)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص441)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ص315).
([267]) وانظر: «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» لابن القيم (ج2 ص208 و210)، و(ج4 ص1453)، و«التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» لابن عبد البر (ج7 ص145).
([268]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص38 و39)، و«أحكام أهل الذمة» لابن القيم (ج2 ص814)، و«حادي الأرواح» له (ص422)، و«الصواعق المرسلة» له أيضا (ج2 ص655).