الرئيسية / سلسلة من النقد العلمي المنهجي / السعي المحبر الحثيث لتتبع ضلالات ربيع المدخلي في شرحه عقيدة السلف أصحاب الحديث
السعي المحبر الحثيث لتتبع ضلالات ربيع المدخلي في شرحه عقيدة السلف أصحاب الحديث
السعي المحبر الحثيث
لتتبع
ضلالات ربيع المدخلي
في شرحه
عقيدة السلف أصحاب الحديث
تأليف
فضيلة الشيخ فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
عن أبي حاتم وأبي زرعة قالا: ( المرجئة مبتدعة ضلال) ([1])
قلت: وما ضلت المرجئة إلا بسبب حب البدعة الإرجائية، وخذلان العلم، والزيغ عن الحق، اللهم سلم سلم.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران:102].
]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا* يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي مـحـمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أمابعد:
((فالحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى ، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنوره أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس ، وأقبح أثر الناس عليهم.
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة ، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي الكتاب بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين)) ([2]) .
وقد حذرنا نبينا محمد r أبلغ تحذير من هؤلاء المضلين، فقال رسول الله r : (( انما اخاف على امتي الائمة المضلين ))([3]).
قال العلامة المباركفوري ﯩﯾ في ( تحفة الأحوذي) (ج6 ص404) : ( أي داعية إلى البدع، والفسق، والفجور).اهـ
وقال r : (( سيكون في آخر امتي اناس يحدثونكم بما لم تسمعوا انتم ولا آباؤكم؛ فاياكم واياهم)) ([4]).
وقال r : (( يكون في آخر الزمان دجالون كذابون، ياتونكم من الأحاديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم؛ فاياكم واياهم، لا يضلونكم ولا يفتنونكم)) ([5]).
إن الصراع بين أهل الحق، وبين أهل الباطل من سنن هذا الكون منذ أن خلق الله تعالى الإنسان على ظهر الأرض، و يمثل هذا الصراع أولياء الله تعالى من جهة تمسكهم بالكتاب العزيز، والسنة النبوية، وآثار السلف الصالح، وأولياء الشيطان من جهة تمسكهم بكتبهم، وأرائهم، وأفكارهم، وأهوائهم.
قال الله تعالى: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون[ [الأنعام:112].
قال ابن أبي العز الحنفي ﯩﯾ في (شرح العقيدة الطحاوية) (ج2 ص787): (فدين الإسلام هو ما شرعه الله لعباده على ألسنة رسله ، وأصول هذا الدين وفروعه موروثة عن الرسل ، وهو ظاهر غاية الظهور). اهـ
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام) (ج3 ص237): (فلما حدثت الأهواء المردية ، التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وظهرت العداوات، وتحزب أهلها فصاروا شيعا ، دل على أنه إنما حدث ذلك من المسائل المحدثة التي ألقاها الشيطان على أفواه أوليائه). اهـ
قلت: وأكثر البدع التي رسخت في قلوب الأتباع بسبب تعصبهم لجهالات الرؤوس، فأظهروا البدع في قالب السنة، وأظهروها في معرض التحدي، ونظروا إلى أهل السنة بعين التحقير والازرداء، وإن كانوا من أهل العلم، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة، ورسخت في قلوبهم الإعتقادات الباطلة([6]) .
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام) (ج3 ص 230) عن المخالفين: (فمثل هؤلاء لا بد من ذكرهم، والتشريد بهم ، لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا ، أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم، والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعدواة ، ولا شك أن التفرق بين المسلمين، وبين الداعين للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين، وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم ، وإذا تعارض الضرران؛ فالمرتكب أخفهما وأسهلهما ، وبعض الشر أهون من جميعه ، كقطع اليد المتآكلة ، وإتلافها أسهل من إتلاف النفس، وهذا شأن الشرع أبدا : أن يطرح حكم الأخف، وقاية من الأثقل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﯩﯾ في (الرد على البكري) (ج1 ص 274): ( فإن البدع في الدين سبب الفواحش وغيرها من المنكرات ). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﯩﯾ في (الفتاوى) (ج4 ص 167): ( فلابد في الطوائف المنتسبة إلى السنة والجماعة من نوع تنازع، لكن لابد فيهم من طائفة تعتصم بالكتاب والسنة، كما أنه لابد أن يكون بين المسلمين تنازع واختلاف، لكنه لا يزال في هذه الأمة طائفة قائمة بالحق، لا يضرها من خالفها، ولا من خذلها حتى تقوم الساعة ). اهـ
قلت: ويشتد هذا الصراع، ويخبو بين الحين والآخر وفق الظروف، والأحوال التي تمر بها الأمة من حيث قوة الفتن وضعفها، وحين يخرج بعض من شذاذ الشراح لكتب السلف الصالح أصحاب الحديث من المخالفين لإعتقادهم ليسيئوا إلى إعتقاد السلف الصالح أصحاب الحديث من خلال التهجم على تراثهم العظيم بلا علم ودراية([7]).
وهذا دليل على إفلاسهم بعلم الكتاب والسنة، وعجزهم عن معرفة اعتقاد السلف الصالح أصحاب الحديث، والله المستعان.
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام)( ج3 ص 239): (الفرقة تعتبر على أي وجه كانت ، لأنها تختلف بالقوة والضعف، وحيث ثبت أن مخالفة هذه الفرق إنما هي في القواعد الكلية كانت الفرقة أقوى، بخلاف ما إذا خولف في الفروع الجزئية ؛ فإن الفرقة... لا بد فيجب النظر في هذا كله ). أهـ
قلت : وهذا هو محور الصراع بين الحق والباطل، فمنذ أن خلق الله تعالى الناس، وارسل إليهم الرسل، نشأ هذا الصراع بين الحق المتمثل في هؤلاء الرسل وأتباعهم، وبين الباطل المتمثل في أهل الأهواء والضلال الذين يقفون في وجه سنة الرسل وأتباعهم.
فكل صراع حديث بين الحق والباطل هو امتداد لذلك الصراع القديم، لأن أهل الحق المتأخرين هم أنفسهم أهل التوحيد من المسلمين، وأهل الباطل هم أنفسهم أهل الضلال من المخالفين المبتدعين.
وهذه الخاصية في المخالفين، حتى أدى بهم الأمر الزيغ عن الحق واتباع المتشابه من الأقوال([8]).
قال تعالى: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه [ [آل عمران:7].
و عن عائشة رضى الله عنها قالت: تلا رسول الله r ]هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابه[ فقال رسول الله r :(( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم ))([9]).
قلت : فتأملوا وجه اتباع المتشابه، وكيف أدى إلى الضلالات، والخروج عن أهل السنة والجماعة.
قلت: وهذا بسبب الجدال بالباطل.
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام)( ج3 ص 245): (فإذا رأيتم أحدا شأنه أبدا الجدال في المسائل مع كل أحد من أهل العلم ، ثم لا يرجع، ولا يرعوي؛ فاعلموا أنه زائغ القلب متبع للمتشابه فاحذروه ).اهـ
قال ابن عبد البر ﯩﯾ في (جامع بيان العلم) (ج2 ص 942): ( أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ، ولا يعدون عند الجميع في طبقات العلماء ، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان، والميز والفهم ). اهـ
قلت: وكلام ربيع المدخلي الجديد في ( شرحه لعقيدة السلف) هو من كلام الزائغين([10])، والذي منه يتبين به بأنه لا يمكن انفصاله عنه.
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام)( ج3 ص 316): (هذه الأهواء التي افترقوا بسببها إلى تلك الفرق ، وأنه يكون فيهم أقوام تداخل تلك الأهواء قلوبهم، حتى لا يمكن في العادة انفصالهم عنها، ولا توبتهم منها ). اهـ
قلت: وحاصل ضلال ربيع المدخلي ما عول عليه تحكيم العقل المجرد بالظن والتحسين بدون الشرع، ثم قصر في الرجوع إلى علماء السنة في ذلك فيما ظهر من أخطائه، ثم وجه آراء عقله عليهم بالغمز واللمز، فا ستحسن بعقله أشياء، واستقبح أخر، وألحقها بالشرع ظلما وزورا، فضل سواء السبيل، وليس له إلا التضليل.
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام)( ج3 ص 319): (فأهل الأهواء إذا استحكمت فيهم أهواؤهم؛ لم يبالوا بشيء ، ولم يعدوا خلاف أنظارهم شيئا ، ولا راجعوا عقولهم مراجعة من يتهم نفسه، أويتوقف في موارد الإشكال، وهو شأن المعتبرين من أهل العقول، وهؤلاء صنف من أصناف من اتبع هواه ، ولم يعبأ بعذل العاذل فيه ، وثم أصناف أخر يجمعهم مع هؤلاء إشراب الهوى في قلوبهم ،حتى لا يبالوا بغير ما هو عليه). اهـ
قلت: وكل من دخل من أمة النبي r في هوى من تلك الأهواء، ورآها وذهب إليها، فإن هواه يجري فيه مجرى الكلب([11]) بصاحبه، فلا يرجع أبدا عن هواه، ولا يتوب عن بدعته.
فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r : (( إنه سيخرج من أمتي أقوام تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله )).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في سننه (4597) وأحمد في المسند (ج4 ص102 )، واللاكائي في الاعتقاد(150)، والحاكم في المستدرك (ج1 ص128)، وابن أبي عاصم في السنة (2و65و69)، والمروزي في السنة( ص14و15)، و الدارمي في المسند( ج2 ص 249 )، والآجري في الشريعة( 29 ) من طريق أزهر بن عبد الله عن أبي عامر عبد الله بن يحيى عن معاوية بن أبي سفيان به.
قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه ابن حجر في الكافي الشاف( ص63)، وجوده العراقي في المغني (ج3 ص199).
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام)( ج3 ص 320): (قولهr: ((تتجارى بهم تلك الأهواء))، فدل على أن كل خارج عما هو عليه وأصحابه، إنما خرج باتباع الهوى لا بالشرع، و إن أبدى أنه متبع للشرع ). اهـ
قلت: والذي أشرب البدعة من شأنه أن يدعو إلى بدعته، فيظهر بسببها الموالاة، والمعاداة([12]).
قلت: فكل من بلغ هذا المبلغ؛ حقيق أن يوصف بالوصف الذي وصفه به الرسول r، وأن يعد من أصحاب الأهواء والبدع ([13]).
قلت: وبيان ذلك أن داء الكلب فيه ما يشبه العدوى، فإن أصل الكلب واقع بالكلب، ثم إذا عض ذلك الكلب أحدا صار مثله، ولم يقدر على الإنفصال عنه في الغالب إلا بالهلكة.
فكذلك المبتدع إذا أورد على أحد رأيه وإشكاله؛ فقلما سلم من غائلته، بل إما أن يقع معه في مذهبه ويصير من شيعته، وإما أن ينبت في قلبه شكا يطمع في
الانفصال عنه فلا يقدر عليه([14])([15]).
ولقد حذر السلف من مقاربة المرجئ.
فعن أيوب السختياني قال: لقيني سعيد بن جبير فقال: (ألم أرك مع طلق؟ قلت: بلى فما له؟ قال: لا تجالسه، فإنه مرجئ ).
أثر صحيح
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج7 ص228) وابن وضاح في البدع ( 145) من طريقين عن حماد بن زيد عن أيوب به.
قلت : وهذا سنده صحيح.
قال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (ج4ص491) عن طلق بن حبيب العنزي : ( صدوق في الحديث، وكان يرى الإرجاء).
وعن إبراهيم النخعي ﯩﯾ: أنه قال لمحمد بن السائب: ( لاتقربنا ما دمت على رأيك هذا) وكان مرجئا.
أثر صحيح
أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير (ج4 ص 78 ) وأبو نعيم في الحلية( ج4 ص 223) وابن وضاح في البدع (144) وابن الجوزي في تلبيس إبليس (ص12) من طريق محمد بن فضيل بن غزوان عن المغيرة عن إبراهيم النخعي به.
قلت:وهذا سنده صحيح.
قلت: فلا تمكن صاحب بدعة منك، فيورث قلبك من فتنته؛ لأن تأثير كلام صاحب البدعة معلوم([16]).
وعن الحسن البصري ﯩﯾ قال : ( لا تجالس صاحب هوى فيقدف في قلبك ما تتبعه عليه فتهلك، أو تخالفه فيمرض قلبك).
أثر صحيح
أخرجه ابن وضاح في البدع (138) من طريق إسماعيل بن عياش عن أبي سلمة الحمصي عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن أبي قلابة ﯩﯾ قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإنى لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، و يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في القدر (366) وابن بطة في الإبانة الكبرى (363) والآجري في الشريعة (114) وأبو نعيم في الحلية (ج2 ص284) وابن أبي زمنين في أصول السنة (233) وعبدالله بن أحمد في السنة (99) من طريق حماد بن يزيد عن أيوب عن أبي قلابة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن بندار بن الحسين ﯩﯾ قال: (صحبة أهل البدع تورث الإعراض عن الحق).
أثر حسن
أخرجه السلمي في طبقات الصوفية (ص469) والقشيري في الرسالة (ص29) و الذهبي في السير (ج16 ص109) من طريق عبد الواحد بن محمد قال: سمعت بندار بن الحسين به.
قلت: وهذا سنده حسن.
لأنه يجعل العقل حكاما بإطلاق، وقد ثبت عليه حاكم بإطلاق، وهو الشرع، بل الواجب عليه أن يقدم ما حقه التقديم –وهو الشرع- ويؤخر ما حقه التأخير –وهو نظر العقل- لأنه لا يصح تقديم الناقص حكما على الكامل، لأنه خلاف المعقول المنقول([17]).
قال تعالى: ]و الله يحكم لا معقب لحكمه[ [الرعد:41].
وقال تعالى: ]إن الله يحكم ما يريد[ [المائدة: 1].
قال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام) (ج1 ص 420): (فالحاصل من هذه القضية أنه لا ينبغي للعقل أن يتقدم بين يدي الشرع ، فإنه من التقديم بين يدي الله ورسوله ، بل يكون ملبيا من وراء وراء ). اهـ
وقال الشاطبي ﯩﯾ في (الإعتصام)(ج1 ص 211): (فليتق الله امرؤ ربه، ولينظر قبل الإحداث في أي مزلة يضع قدمه؛ فإنه في محصول أمره ، يثق بعقله في التشريع، ويتهم ربه فيما شرع! ، ولا يدري المسكين ما الذي يوضع له في ميزان سيئاته، مما ليس في حسابه ، ولا شعر أنه من عمله ، فما من بدعة يبتدعها أحد فيعمل بها من بعده ؛ إلا كتب عليه إثم ذلك العامل ، زيادة إلى إثم ابتداعه أولا ، ثم عمله ثانيا ، وإذا ثبت أن كل بدعة تبتدع فلا تزداد على طول الزمان إلا مضيا، واشتهارا وانتشارا ،فعلى وزان ذلك يكون إثم المبتدع لها). اهـ
قلت: فهو إثم زائد على إثم الإبتداع، وذلك الإثم يتضاعف تضاعف إثم البدعة بالعمل بها؛ لأن البدعة فيها التعدي في الأحكام، والتهاون في السنة، واتباع الآراء والأهواء، وترك الاتباع والاقتداء.
فعن حسان بن عطية ﯩﯾ قال: (ما أحدث قوم بدعة في دينهم؛ إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعدها إليهم إلى يوم القيامة).
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في المسند (98) ويحيى بن معين في فوائدة (111) والهروي في ذم الكلام (913) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج12 ص440) واللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص93) وأبو نعيم في الحلية (ج4 ص73) وابن وضاح في البدع (90) بإسناد صحيح.
قلت: وتمادي ربيع في باطله، وبدعته، وهواه، مما يتبين من ذلك أنه لا يرى ذنوبه هذه بشيء لفجوره، وظلم بدعته فهلك، والعياذ بالله.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا !)) ([18]).
قال ابن أبي جمرة ﯩﯾ: (السبب في ذلك أن قلب المؤمن منور، فإذا رأى من نفسه ما يخالف ما ينور به قلبه عظم الأمر عليه، والحكمة في التمثيل بالجبل أن غيره من المهلكات قد يحصل التسبب إلى النجاة منه، بخلاف الجبل إذا سقط على الشخص لا ينجو منه عادة)([19]) اهـ.
وقال العيني ﯩﯾ في (عمدة القاري) ( ج 18 ص 341) : ( السبب فيه أن قلب المؤمن منور، فإذا رأى من نفسه ما يخالف ذلك عظم الأمر عليه.
والحكمة: في التمثيل بالجبل أن غيره من المهلكات قد يحصل منه النجاة، بخلاف الجبل إذا سقط عليه لا ينجو عادة) اهـ.
وقال ابن حجر ﯩﯾ في ( فتح الباري) ( ج11 ص 105) : (وحاصله أن المؤمن يغلب عليه الخوف لقوة ما عنده من الإيمان فلا يأمن العقوبة بسببها، وهذا شأن المسلم أنه دائم الخوف والمراقبة ، يستصغر عمله الصالح، ويخشى من صغير عمله السيئ ) اهـ.
وقوله : (و أن الفاجر يرى ذنوبه كأنها ذباب مر على أنفه ) أي ذنبه سهل عنده لا يعتقد أنه يحصل له بسببه كبير ضرر ، كما أن ضرر الذباب عنده سهل ، وكذا دفعه عنه([20]).
وإنما كانت هذه صفة المؤمن الصادق لشدة خوفه من الله تعالى، ومن عقوبته، لأنه على يقين من الذنب، وليس على يقين من المغفرة.
والفاجر المبتدع، أو العاصي قليل المعرفة بالله تعالى، فلذلك قل خوفه، واستهان بالبدعة والمعصية([21]).
قال ابن أبي جمرة ﯩﯾ: (السبب في ذلك أن قلب الفاجر مظلم فوقوع الذنب خفيف عنده) ([22]) اهـ.
قلت: ويستفاد من الحديث أن قلة خوف المسلم من ذنوبه، و خفتها عليه يدل على فجوره ([23])([24]).
قال ابن بطال في شرح (صحيح البخاري) (ج10 ص 81) : ( فينبغي لمن أراد أن يكون من جملة المؤمنين أن يخشى ذنوبه، ويعظم خوفه منها، ولا يأمن عقاب الله عليها فيستصغرها، فإن الله يعذب على القليل، وله الحجة البالغة في ذلك ). اهـ
وعن أنس بن مالك t قال: (إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا نعدها على عهد النبي r الموبقات)([25]). يعني بذلك المهلكات.
وقد بوب عليه البخاري في (صحيحه) (6492) باب ما يتقى من محقرات الذنوب.
قلت: وأنس بن مالك رضي الله عنه ، لا يخاطبنا بذلك، ولكنه يخاطب التابعين القرن المفضل الثاني بعد قرن الصحابة الكرام.
فالصحابة الكرام لقوة يقينهم، وكمال تقواهم كانوا يعدون ما يحتقره التابعون من الذنوب من الموبقات – أي المهلكات – فكلما عظم الإيمان في قلب العبد، فإنه يعظم الأمر والنهي.
وقد قال تعالى : ] ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [ [الحج:33].
قلت: والعكس بالعكس، فإذا ضعف إيمان العبد – بسبب البدع أو المعاصي- عد كبائر الذنوب من الصغائر، فتجرأ عليها([26])، وحقر منهج أهل السنة والجماعة، وتكاسل عنه، وأصر على البدع والمعاصي، فهلك، وأهلك والعياذ بالله.
وقال ابن حجر ﯩﯾ في (فتح الباري) ( ج11 ص 330) معلقا : (أي تعملون أعمالا تحسبونها هينة، وهي عظيمة، أو تؤول إلى العظم) اهـ.
قال ابن بطال ﯩﯾ في(شرح صحيح البخاري)(ج10ص202):( إنما كانوا يعدون الصغائر من الموبقات لشدة خشيتهم لله، وإن لم تكن لهم كبائر)اهـ.
وعن عبادة بن قرص الليثي t قال: (إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله rمن الموبقات) ([27])([28]).
قلت: إذا فلا تزال يا ربيع ظالما ما كنت مخاصما، و لاتزال آثما ما كنت مماريا، ولا تزال كاذبا ما كنت محدثا.
ولذلك، من استصغر ذنوبه، اجتمعت عليه فأهلكته ([29]).
عن بلال بن الحارث قال سمعت عمر بن الخطاب t يقول: (لا تغرنكم صلاة امرئ، ولا صومه ، ولكن انظروا من إذا حدث صدق ، وإذا اؤتمن أدى ، وإذا أشفى ورع ) ([30]).
و الإشفاء : الإشراف على الشيء ([31]).
قلت: فهل صدق المدخلي في الدفاع عن نفسه، كلا ثم كلا ؟!!!، وهذا يتهم به المدخلي([32]).
إذا فلا خير في فقه ليس فيه تفهم، بل فيه الهوى، الذي سوف يحاسب عليه.
فعن علي بن أبي طالبt قال: (ارتحلت الدنيا مدبرة، وارتحلت الآخرة مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل ) ([33]).
وعن علي بن أبي طالبt قال: (إنما أخشى عليكم اتباع الهوى ، وطول الأمل ، فإن اتباع الهوى يصد عن الحق) ([34]).
قلت: فيا ربيع جاهد نفسك في هواك، ودع المراء والتخاصم لقلة خيره وإلا هلكت وأهلكت والله المستعان.
فعن ميمون بن مهران ﯩﯾ قال : (دع المراء لقلة خيره ) ([35]).
وعن سفيان الثوري ﯩﯾ قال: ( خبب قلبك الريب وما تخشى فساده) ([36]).
وعن سعيد بن إسماعيل الزاهد ﯩﯾ قال: (من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا ، نطق بالحكمة ، ومن أمر الهوى على نفسه ، نطق بالبدعة، لأن الله جل ذكره يقول ]:وإن تطيعوه تهتدوا [)([37]) [النور:54].
وعن إبراهيم بن أدهم ﯩﯾ يقول : (أشد الجهاد جهاد الهوى، من منع نفسه هواها فقد استراح من الدنيا وبلاها ، وكان محفوظا معافى من أذاها) ([38]).
وعن إبراهيم بن أدهم ﯩﯾ يقول: ( الهوى يردي ) ([39]).
وعن يحيى بن معاذ الرازي ﯩﯾ يقول : ( المغبون([40]) من عطل أيامه بالبطالات ، وسلط جوارحه على الهلكات ، ومات قبل إفاقته من الجنايات) ([41]).
قلت: وربيع رأس المغبونين ولذلك سقط من أعين أهل السنة والجماعة، لدفعه الحجة القرآنية، والأحاديث النبوية، و الآثار الصحابية، والأقوال السلفية.
فعن الشافعي ﯩﯾ قال : (ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته، واعتقدت مودته ، ولا كابرني على الحق أحد، ودافع الحجة، إلا سقط من عيني)([42]).
قلت: وسبب سقوط ربيع، وذلك لإقتصاره على علمه المخلط، ولم يشعر بكثرة علم علماء السنة، ولم يتواضع أن يسئلهم عما أشكل عليه من الدين.
فعن الشافعي ﯩﯾ قال:(من اقتصر على علمه، لم يشعر بكثرة العلم) ([43])([44]).
قلت: إنه لا يزال الرجل عاقلا مادام يطلب العلم، ويسئل عنه من هو أعلم منه، فإذا رأى أنه قد اكتفى فهو متعالم، أو جاهل، وذلك أنه لو اكتفى أحد من العلم عند من هو أعلم منهن لا كتفى موسى كليم الله، إذ يقول ]:هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا [ [الكهف:66].
فعن الشافعي ﯩﯾ قال : (من قرأ القرآن عظمت قيمته ، ومن تفقه نبل قدره ، ومن كتب الحديث قويت حجته ، ومن لم يصن([45]) نفسه لم ينفعه علمه) ([46]).
وقال أبو عاصم النبيل: سألت سفيان الثوري: من السفلة؟! قال ( الذي لا يبالي ما تقول، وما لا يقال له ) ([47]).
قلت: وربيع وقع في الأمر نفسه والعياذ بالله.
وعن الليث بن سعد قال: كتب إلي عبد الله بن نافع : ( لا تسمعوا من قصاصنا ما يخبون([48]) به من الحديث) ([49]).
قلت:وهذا سبب كتمان الحق، وإظهار الباطل بالتأويل الفاسد، وهذا طريقة أهل البدع.
هذا وأسأل الله العظيم أن ينفع بهذا الكتاب عباده المسلمين، وأن يهدينا جميعا إلى الصراط المستقيم.
وصلى الله على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
ذكر الدليل من الآثار على خبث المرجئة،
وبيان كذب المرجئة في دين الله قديما وحديثا
1) عن حجاج الأعور قال: سمعت شريكا، وذكر المرجئة، فقال: (هم أخبث قوم، وحسبك بالرافضة خبثا، ولكن المرجئة يكذبون على الله) ([50]).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في السنة (ج4 ص46)، وعبدالله بن أحمد في السنة (ج1 ص312)، والآجري في الشريعة (ج2 ص683)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص770) بإسناد صحيح.
2)وعن عبدالله بن أحمد قال حدثني أبي - يعني الإمام أحمد – هذا الحديث، قال: (ولكن المرجئة يكذبون الله عز وجل) ([51]).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في السنة (ج4 ص41) بإسناد صحيح.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر، ولا تعسر
ذكر الدليل على أن ربيعا يقول بقول المرجئة:
أن الأعمال شرط كمال في الإيمان
وكشف كذبه وخيانته وتحريفه
أنه لم يقل بذلك
اعلم رحمك الله أن ربيعا عهد إلى أسلوب خبيث ماكر خطير لنصر مذهبه الإرجائي، قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة، فشوهها، وعلق عليها تعليقات خبيثة كاذبة بخيانة محرفة بدعية في مقالاته على طريقة مذهب المرجئة، وحشاها بسمومه، وعصارة فكره المريض.
قلت: حتى وصل به الأمر إلى إنكار([52]) أفكاره الإرجائية بالكذب أنه لم يقل بها، وهي مبثوثة في كتبه، وأشرطته([53])، نعوذ بالله من الكذب.
واستمع إلى أقواله وهو ينكر ذلك:
قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص236): (ربيع أول([54]) من نهى عن القول بأن العمل شرط كمال).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص240): (هل قال ربيع: العمل شرط كمال في الإيمان؟!!!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص240): (استنكاره لقولي بأن الإيمان أصل، والعمل كمال، وفرع!!!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص131): (فأنا لم أقل العمل شرط كمال في يوم من الأيام، ولا في لحظة من اللحظات، لا في دروسي، ولا في أشرطتي، ولا في مؤلفاتي، ولا في مقالاتي، بل أنا أول من حذر منه).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص235): (كذبه علي بأني أقول: العمل شرط كمال!!!) ([55]).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص236): (كذبه علي بقوله عني أني أقول أخرجت العمل من الإيمان!!!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص236): (هل يعتبر مرجئا من يقول: الإيمان أصل، والعمل كمال (فرع)؟!!!) ([56]).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص155): ( متى أخرج ربيع العمل عن الإيمان).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص163): (متى أخرجت الأعمال الصالحة من الإيمان؟! أثبت ذلك من أول حياتي إلى يومي هذا من كتبي، أو أشرطتي).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص164): (ربيع يحارب من يخرج العمل من الإيمان). اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص178): (فأين قلته -يعني أن الأعمال شرط كمال في الإيمان- من كتبي، وأشرطتي، ودروسي).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص86): (فأنا أول من حارب القول بأن العمل شرط كمال في الإيمان، أو شرط صحة في الإيمان، وكررت إنكار ذلك سنوات، وإلى يومي هذا!!!).اهـ
قلت: وفي هذا الكلام من الكذب ما لا يجرؤ عليه إلا كبار محترفي الكذب([57]).
وهذه الأكاذيب، والخيانات تسقط قائليها، وفاعليها عند المسلمين، إلا عند المرجئة!!!.
ومن يتأمل هذا الكلام يدرك أن الرجل جاهل يهرف بما لا يعرف في معتقد السلف الصالح([58]).
لقد هزلت حتى بان من هزلها كلاها وحتى سامها كل مفلس
وإليكم أقوال ربيع المرجئ في قوله: أن الأعمال شرط كمال في الإيمان!!!:-
1) قال ربيع المرجئ في (بيانه البالي) الحلقة الثالثة (ص8): (أقول: هذا دل عليه قول الله، وقول رسوله، وهو قول أئمة الإسلام، ولقد نقلت أقوال العلماء، وأدلتهم من كتاب الله، ومن سنة رسول الله من أن الإيمان أصل والعمل فرع عنه، وكمال له). اهـ
وهذا يدل أن ربيعا يقول أن الأعمال شرط كمال في الإيمان، فلماذا ينكر أنه لم يقل بذلك!!! نعوذ بالله من الخيانات!!!
2) وقال ربيع المرجئ في (بيانه البالي) (ص8): (نقلت فيه أقوالا كثيرة من عدد من أئمة الإسلام يقولون([59]): أن الإيمان أصل، والعمل فرع([60])، بناء منهم على أدلة من الكتاب والسنة). اهـ
وهذا لا يحتاج إلى تعليق، مما يتبين بأن ربيعا على مذهب المرجئة، نعوذ بالله من التحريفات!!!.
ولذلك لا يدخل (جنس العمل) في الإيمان، بل وليس مراده (بجنس العمل) العمل كله.
3) فقال ربيع المرجئ في (بيانه البالي) الحلقة الثالثة (ص18): (تشبثهم بلفظ (جنس العمل) ومحاربة من لا يدخله في تعريف الإيمان، ومرادهم (بجنس العمل) العمل كله، مخالفين بهذا التفسير أئمة اللغة، واستعمال العلماء له، ومقاصدهم من استعماله!). اهـ
ولذلك ينكر ربيع أنه يقول: أن العمل شرط كمال في الإيمان، نعوذ بالله من الأكاذيب!!!.
4) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضـح) (ص435) – عن جنس العمل -: (ولم يستعمله السلف في القرون المفضلة في تعريف الإيمان). اهـ
5) وقال ربيع المرجئ: (واليوم نحن من أصل من أصولهم الهدامة ألا وهو أن من يقول: إن الإيمان أصل والعمل كمال (فرع) فهو مرجئ).([61]) اهـ
6) وقال ربيع المرجئ: (الإيمان أصل، والعمل كمال، أو تمام، أو فرع، أو فروع).([62])اهـ
7) وقال ربيع المرجئ: (وأهل السنة يعتبرون العمل من الإيمان، وفرع، وكمال للإيمان).([63]) اهـ
8) وقال ربيع المرجئ: (منهم – يعني السلف – من لا يكفر بترك الأعمال هذه جميعا الأركان هذه).([64]) اهـ
9) وقال ربيع المرجئ: (فاتركوا الخصومة في شرط الكمال، فإنه لا فرق بين قوله، وهي من الكمال، وبين قوله من قال: العمل شرط كمال).([65]) اهـ
10) وقال ربيع المرجئ -في قول ابن رجب رحمه الله-:(فأي كلام أبين من هذا؟ وقال:أن العمل شرط في الإيمان لا ركن فيه، أو جزء منه).([66]) اهـ
11) وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص232): (تبديعهم لمن يقول: (إن الإيمان أصل، والعمل فرع)، وهذا أمر دل عليه الكتاب والسنة([67])!، وقرره عدد من أئمة السنة وفحولهم!، ومنهم محمد بن نصر المروزي!، وابن منده!، وابن تيمية! ([68])).اهـ
قلت: وهذه أقوال ربيع من كتبه، وأشرطته تدل دلالة واضحة على أنه يقول: أن الأعمال شرط كمال في الإيمان، فلماذا يكذب؟!!!.
بل ادعى ربيع المرجئ أن العلماء لم يردوا عليه في خطئه في مسائل الإيمان، فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص180): (فالعلماء لم يردوا علي شيئا، لا الشيخ الفوزان، ولا غيره، بل علماء السنة في كل مكان ينصرون جهادي([69]) ضد الخوارج، ومن تفرع عنهم، ومنهم الحدادية!!!).اهـ
قلت: بل انتقده أهل السنة والجماعة([70]) بمثل ما انتقدته أنا، منهم ( الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ فالح الحربي، والشيخ صالح اللحيدان) وغيرهم([71])([72]).
وإليكم أقوالهم في ردهم على ربيع بقوله بمذهب المرجئة في مسائل الإيمان:-
أولا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء في رده على ربيع المدخلي في خطئه في مسائل الإيمان:
1) سئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ انتشر عندنا – يعني في أوروبا – بصورة عجيبة أن الذي يترك الأعمال كل الأعمال، وجنس العمل بغير عذر يكون مؤمن ناقص الإيمان، فما صحة هذا القول أثابكم الله؟.
فأجاب فضيلته: (لا... هذا قول باطل!، الأعمال جزء من الإيمان، ومن ادعى الإيمان بدون عمل فليس بمؤمن([73])، والله جل وعلا ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح). ([74]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هل تارك جنس العمل ناقص الإيمان، وهل يكون بقوله هذا موافق للمرجئة أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (نعم... لأن جنس العمل تاركه قد كفر – نسأل الله العافية -، لأن العمل جزء من الإيمان).([75]) اهـ
3) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ انتشر في الآونة الأخيرة مقال يقرر فيه صاحبه أن العمل شرط لكمال الإيمان([76])، فما نصيحتكم له أثابكم الله؟
فأجاب فضيلته: (هذا كله أكاذيب!، العمل جزء من الإيمان لا انفكاك بين العمل وبين الإيمان).([77]) اهـ
4) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هل تارك جنس العمل مؤمن ناقص الإيمان، وهو قائل ذلك يسمى مرجئا، وجزاك الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (يا أخواني الأعمال جزء من الإيمان لا انفصام بين العمل
والإيمان، الإيمان والأعمال شيء واحد، فالذي يترك الأعمال هو تارك للإيمان، ومن يزعم أنه مؤمن، وهو لا يؤدي عمله، لا يصلي، ولا يزكي، ولا يصوم، ولا يحج، ولا يؤدي واجبا، ولا يبتعد عن محرم، ولا يمتثل واجبا، أين هذا من الإيمان؟!.
فالإيمان والعمل شيء واحد لا انفصام للعمل عن الإيمان، بل الأعمال جزء من الإيمان، والله ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح).([78]) اهـ
5) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ يقول السائل ظهرت في الآونة الأخيرة عدة مقالات وكتابات لكتاب يقررون فيها أن العمل شرط لكمال الإيمان فهل من نصيحة لهؤلاء، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (هؤلاء مخطئون إذا قالوا إن الإيمان منفصل عن العمل فجعلوه شرطا ليقولوا الإيمان شيء، والأعمال شيء آخر بمعنى أنه مكمل له، إذا قال انتفى الشرط، وانتفى المشروط، فإذا انتفت الأعمال انتفى الإيمان، التي إذا انتفى الشرط انتفى المشروط، فإذا انتفت الأعمال انتفى الإيمان.
وقصدهم أن يقولوا أن الإيمان شيء، والأعمال شيء، والآيات والأحاديث تدل على أن الإيمان الاعتقادي، والإيمان العملي هما شيء واحد، لا انفصام بين هذا وهذا).([79]) اهـ
6) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هناك من يقول بقول غريب نريد التعليق عليه، وهو: (أن العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال)، فهل هذا قول المرجئة([80])، جزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا الكلام خطأ، هذه عقيدة المرجئة)([81]). اهـ
7) وقال سماحته حفظه الله: (ما هو الإيمان؟، وما هي حقيقته؟، ما أصله؟، إنها مسألة عظيمة، والمسلمون في عهد المصطفى r، وعهد خلفائه الراشـدين – لما كان الإيمان قويا في النفوس – كانوا يعتقدون أن الإيمان: اعتقاد القلب، ونطق اللسان، وعمل الجوارح، وأن الأعمال جزء من الإيمان، فلم يقولوا: هي شرط كمال، بل كانوا يعتقدون أن الأعمال جزء من مسمى الإيمان، فلفظ الإيمان يدخل فيه الأقوال، والأعمال، والاعتقادات، كلها يشملها مسمى الإيمان، وتقتضيها حقيقة الإيمان).([82]) اهـ
8) وهذا جواب لسماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله – في مكالمة هاتفية – على سؤال يقول صاحبه: هناك شريط يروج عندنا (السائل من الجزائر) بعنوان: (شرح كتاب الإيمان) من (صحيح البخاري) لأحد الدكاترة من عندكم من (مكة).
قال الشيخ حفظه الله: (من هو)، قال السائل: (الدكتور ربيع بن هادي المدخلي)، يقول: إن كلمة (جنس العمل) محدثة، ولا أصل لها في القرآن، وفي السنة، ولم يدخلها السلف في تعريف الإيمان، أحدثها التكفيريون، والقطبيون، فما صحة هذا، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب المفتي حفظه الله بقوله: (هذا كلام غير صحيح، بس، ما يصلح هذا).([83])([84]) اهـ
9) وسئل فضيلة الشيخ: عن مقال ربيع المدخلي؛ كثير من العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال (العمل فرع)؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. لا.. لا.. الأعمال أصل من الإيمان).
(السائل): هذا المقال هل هو قول أهل السنة والجماعة؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. خطأ، لا.. خطأ، خطأ).
(السائل): هذه عقيدة المرجئة؟.
فأجاب فضيلته: (نعم.. نعم).([85]) اهـ
ثانيا: ذكر فتاوى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في رده على ربيع المدخلي في خطئه في مسائل الإيمان:-
1) سئل فضيلة الشيخ: وفقكم الله، هناك من يقول أن تارك جنس العمل بالكلية لا يكفر، وأن هذا القول قول ثاني للسلف، لا يستحق الإنكار، ولا التبديع([86])، فما صحة هذه المقولة، أثابكم الله؟.
فأجاب فضيلته: (هذا كذاب، الذي يقول هذا الكلام هذا كذاب،كذب على السلف، السلف ما قالوا: إن الذي يترك جنس العمل لا يكفر، ما قالوا: إن الذي يترك جنس العمل، ولا يعمل أي شيء يكون مؤمنا، من ترك العمل نهائيا من غير عذر، لا يصلي، ولا يصوم، ولا يعمل أي شيء، ويقول أنا مؤمن هذا كذاب.
أما الذي ترك العمل بعذر شرعي، وما يتمكن من العمل نطق بالشهادتين بصدق، ومات أو قتل في الحال فهذا ما في شك أنه مؤمن، لأنه ما تمكن من العمل ما تركه رغبة عنه.
أما الذي يتمكن من العمل ويتركه، ولا يصلي، ولا يصوم، ولا يزكي، ولا يجتنب المحرمات، ولا يجتنب الفواحش، هذا ليس بمؤمن، ولا أحد يقول أنه مؤمن إلا المرجئة)([87]). اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: انتشر في الآونة الأخيرة عبر شبكة الإنترنت مقال. يقرر فيه صاحبه أن العمل شرط لكمال الإيمان([88])، فما نصيحتكم حفظكم الله؟.
فأجاب فضيلته: (أول شيء: من هو هذا القائل، هل هو من العلماء المعتبرين؟، أو هو من سائر الناس؟، أو من المتعالمين؟، إذا كان كذلك فلا عبرت بقوله، ما أظن واحدا من العلماء المعتبرين سيقول هذا القول أبدا، إنما يقوله متعالم، أو إنسان تعلم هذه العقيدة، عقيدة الإرجاء، ومشى عليها.
أما أهل السنة والجماعة فهم يرون أن العمل داخل في الإيمان، وإن الإيمان قول وعمل واعتقاد، لابد من الثلاثة، فإن اختل واحد منها فإنه لا يصح الإيمان، الإيمان وهو: قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، فلا ينفع العمل بلا اعتقاد، ولا ينفع الاعتقاد بدون عمل، ولا ينفع العمل والاعتقاد بدون قول باللسان، لابد من الجميع، وهذا هو الإيمان الصحيح).([89]) اهـ
3) وسئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول: إن ترك عمل القلب كفر، أما ترك عمل الجوارح ليس كذلك، نرجو توضيح هذا، أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (هذا قول المرجئة، الذي يريد أن يصير مع المرجئة فيقول بهذا الكلام، ومذهب المرجئة باطل، لأن الإيمان عند أهل السنة والجماعة يتكون من أشياء، قول اللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، هذا هو الإيمان.
أما أن يقول الإيمان في القلب فقط، ولو ما عمل أي شيء، والعمل لا يدخل في الإيمان، فهو مذهب المرجئة، وأهل الضلال).([90]) اهـ
4) وسئل فضيلة الشيخ: ظهر في هذا الوقت من يقول أن تارك جنس العمل مؤمن، ويكابر في هذا القول، ويدعو إليه، ويهدد من لا يقول بقوله، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (لا نحتاج إلى هذا الرجل، ولا إلى قوله، والسلف الصالح والعلماء كفونا، وبينوا لنا الإيمان وهو: قول واعتقاد وعمل، يزيدنا بطاعة وينقص بالمعصية، فهذا الرجل لا ننظر إليه ولا إلى قوله).([91]) اهـ
5) وسئل فضيلة الشيخ: انتشر في الآونة الأخيرة عبر شبكة الإنترنت مقال يقرر فيه صاحبه إن كثيرا من العلماء يقولون الإيمان أصل، والعمل كمال([92])، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا الكلام ما يدري ماذا يقول، وهذا إمعة يسمع من يقول هذا القول، ويردده، الإيمان: قول، واعتقاد، وعمل، لابد من الثلاثة، قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، لابد من الثلاثة.
وهذا ما درج عليه السلف الصالح، وأئمة الهدى قديما وحديثا.
والذي يريد أن يشذ، ويأتي بمسائل شاذة، أو مسائل خلافية، ويشوش بها على الناس، فهذا لا يلتفت إليه).([93]) اهـ
ثالثا: ذكر فتاوى فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في رده على ربيع المدخلي في خطئه في مسائل الإيمان:-
1) سئل فضيلة الشيخ: يا شيخ هناك من يقول أن الأعمال شرط كمال في الإيمان، هل هذا القول من أقوال أهل السنة والجماعة، أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. غير صحيح، فالناس لو تركوا جميع الأوامر، واتبعوا جميع النواهي يصير الإيمان صحيح، (السائل: لا والله ليس بصحيح)، لا يصومون، ولا يصلون، ولا يحجون، ولا يزكون، ويتعاملون بالربا، والزنا، والسرقة، وكل شيء، فيصيروا مؤمنين، (السائل، لا والله)، هذا قصدهم الذين يقولون بأن الأعمال شرط كمال، قالوا الأعمال شرط كمال في الإيمان، هذا قول المرجئة).([94]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول أن تارك جنس العمل بأنه مؤمن، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (فما معنى تارك جنس العمل، إذا كان تارك جنس العمل معناه تارك جميع الأعمال، هذا مذهب المرجئة، وأنا ما أدري ما يحمل الإنسان على ترك هدي الرسول r، والأخذ بهدي غيره، ويجادل ويناظر).([95]) اهـ
3) وسئل فضيلة الشيخ: قال أحدهم في مقال له: (وفي نادر من الأحيان يسألني عنه بعض الناس يعني عن (ترك جنس العمل) هل هو كافر أم لا؟!، فأنهاه عن الخوض فيه، فإذا ألح اعترضت عليه ببعض أحاديث الشفاعة، كحديث أنس t: (يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان)([96]) فما صحة هذا القول، بارك الله فيكم؟.
فأجاب فضيلته: (يا أخي هذه مسألة تدخل في مذهب المرجئة الذين لا يجعلون العمل شرط صحة، تدخل في هذا الباب كله، وعن استدلاله، فهذا الأمر يرجع إلى الله([97])، يعني لا يدخل فيها الإنسان أصلا).([98]) اهـ
4) وسئل فضيلة الشيخ: عن مقال ربيع المدخلي؛ كثير من العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال (العمل فرع)؟.
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح).
(السائل): هل هذه من عقيدة أهل السنة والجماعة؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. هذه من عقيدة المرجئة).([99]) اهـ
5) وسئل فضيلة الشيخ: هناك قول لأحد الدكاترة من عندكم من مكة يدعى ربيع المدخلي يقول: أن كلمة جنس العمل محدثة، ولا أصل لها في القرآن، وفي السنة، ولم يدخلها السلف في تعريف الإيمان، أحدثها التكفيريون والقطبيون، فما صحة هذا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح، هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن هذا مذهب المرجئة).([100]) اهـ
6) وسئل فضيلة الشيخ – في مكالمة من الجزائر – يا شيخ قال أحدهم في مقال له: (في نادر من الأحيان يسألني عنه – يعني تارك جنس العمل – بعض العمل: هل هو كافر أم لا؟، فأنهاه عن الخوض فيه) (القائل هو ربيع في مقاله: (كلمة حق حول جنس العمل)، فقاطعه الشيخ الغديان قائلا: (هذه المسألة تدخل في مذهب المرجئة الذين لا يجعلون العمل شرط صحة).([101]) اهـ
رابعا: ذكر فتوى فضيلة العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه اللهمدير المعهد بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية بالمملكة العربية السعودية سابقا في رده على ربيع المدخلي في خطئه في مسائل الإيمان([102]):-
سئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول أن تارك جنس العمل، أو كل الأعمال يكون مؤمنا ناقص الإيمان، ما صحة هذا القول أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (ليس صحيحا، هذا باطل، وهذا يوافق المرجئة وهذا مرجئ الذي يقول هذا القول، لماذا، لأن تارك جميع العمل كافرا عند أهل السنة والجماعة، وهو غير مؤمن، والإيمان عندهم هو: اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالجوارح.
والعمل بالجوارح جزء من الإيمان، وكله ركن فيه، فإذا لم يأت بالعمل على الإطلاق يكون قد هدم هذا الركن، وهو كافر خارج من الملة، ومن قال عنه ناقص الإيمان، أثبت له الإيمان – بغض النظر عن كونه قال إيمانه ناقص، أو تام – فهو قد خالف إجماع الأمة ونقضه وهو أنه يرونه كافرا غير مؤمن، وهو أثبت له الإيمان سواء قال إيمانه ناقص، أو قال إيمانه غير ناقص، وهذا هو مذهب المرجئة.
فمذهب المرجئة إنهم لا يكفرون الشخص، ويثبتون له الإيمان، ولو انتهت جميع الأعمال، ولو لم يعمل عملا قط.
فهؤلاء يشبهون على الناس، ويتبعون المتشابه، ويحتجون بالأحاديث،وقد وجهها أهل السنة والجماعة([103]) حتى لا تتصادم مع النصوص القطعية التي أجمعت عليها الأمة، ولا يضربون بها النصوص، ويشبهون بها، فتشبيه بها وتشويش بها، هذه طريقة أهل البدع، وهو أنهم دائما يتبعون ما تشابه.
ولكن أهل السنة – ولله الحمد – البعيدون عن هذه الطريقة يفهمون النصوص بعضها مع بعض، فيقولون (لم يعملوا خيرا قط)([104]) أي لم يكن عمله تاما، ولم يكن عمله كافيا في إخراجه من طائلة العقوبة، فهو يقع تحت الوعيد في نقصان عمله ولقلة عمله، ولا يأخذون بهذا المتشابه([105])، ويتركون النصوص القطعية الكثيرة في الكتاب والسنة، وإجماع أهل السنة، وإنما يوجهونها مع النصوص الأخرى، فيحملون المتشابه على المحكم([106])، فينبغي أن تنتبهوا إلى هذه المكيدة، مكيدة من يقول بهذا القول أو ينصره).([107]) اهـ
خامسا: ذكر فتاوى فضيلة العلامة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا في رده على ربيع المدخلي في خطئه في مسائل الإيمان:-
1) سئل فضيلة الشيخ: هل العمل شرط من شروط الإيمان، والذي يقول غير ذلك ماذا نقول له، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (لا شك أن العمل شرط([108])، فالشخص لا يصلي، ولا يصوم، ولا يزكي، ولا يحج، ويقول أنا مؤمن بالله، ومؤمن برسله، فهذا ليس بمؤمن([109])، لأن الله تعالى ذكر الصلاة من الإيمان، والحياء من الإيمان...).([110]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ:
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: الشيخ صالح اللحيدان، كيف حالك يا شيخ؟.
الشيخ: بخير.
السائل: عندنا سؤال بارك الله فيك.
يقول الكاتب: في هذا العصر (أهل جنس العمل) الذين أدخلوه في الإيمان ليهلكوا أهل السنة ويضللوهم، نسأل هؤلاء الذين يرجفون على أهل السنة (بجنس العمل)، ونقول لهم من سلفكم في هذا؟ من سبقكم إلى هذه الفتنة وأرجف فيها؟ من أدخلها وجعلها ركنا في تعريف الإيمان، - يا كذابين – من سلفكم في هذا التضليل؟ وفي هذه الفتنة؟.
ما رأي فضيلتكم بكلام هذا الرجل وهو لا يدخل الأعمال في مسمى الإيمان، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (لا يدخل الأعمال في الإيمان، هذا والله كلام فاسد، من هو هذا الداعية؟!.
السائل: له كتاب بارك الله فيكم.
الشيخ: من هو صاحب الكتاب ذا؟.
السائل: الشيخ ربيع المدخلي يا شيخ.
الشيخ: الله المستعان...).([111]) اهـ
قلت: وقد اعترف ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص125) أن هذا القول هو قول المرجئة، بقوله: (فالمرجئة يخرجون العمل من مسمى الإيمان، وأهل السنة يقولون: إن العمل من الإيمان).اهـ
قلت: وقد تابع ربيع المدخلي مرجئة الفقهاء على ذلك، وأخرج العمل عن مسمى الإيمان بقوله: (جنس العمل: وهو لفظ لا وجود له في الكتاب والسنة، ولا خاصم به السلف، ولا أدخلوه في قضايا الإيمان...!!!)، وقوله: (الإيمان أصل، والعمل كمال (فرع))، وقوله: (الإيمان أصل، والعمل كمال، أو تمام، أو فرع، أو فروع) وقوله: (الإيمان أصل، والعمل كمال (والعمل فرع))، وقوله: (فاتركوا الخصومة في شرط الكمال، فإنه لا فرق بين قوله، وهي الكمال، وبين قول من قال: العمل شرط كمال) وبقوله: (العمل شرط في الإيمان).
قلت: فشذ ربيع المدخلي عن الإجماع المنعقد على أن الأعمال من الإيمان.
قلت: فمن أخرج العمل عن مسمى الإيمان فقد وافق المرجئة، لأن الخلاف بين أهل السنة والمرجئة كان حول العمل الظاهر، وهو عمل الجوارح، وهو من الإيمان، وجزء من الإيمان، ومن حقيقة الإيمان، وعليه انعقد إجماع السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة.([112])
وإليك الدليل:
1) قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب الأم في باب النية في الصلاة: (كان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم: إن الإيمان: قول وعمل ونية ولا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر).([113])
2) وقال الإمام احمد بن حنبل رحمه الله بعد سؤاله: (الإيمان قول وعمل ونية).([114])
3) وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: (الإيمان قول وعمل ونية صادقة).([115])
4) وقال الإمام أبو سلمة الخزاعي رحمه الله: قال مالك وشريك وأبو بكر بن عياش وعبدالعزيز بن أبي سلمة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد: (الإيمان المعرفة، والإقرار والعمل).([116])
5) وقال الإمام عبدالرزاق رحمه الله: سمعت معمرا وسفيان الثوري ومالك بن أنس وابن جريج وسفيان بن عيينة يقولون: (الإيمان قـول وعمـل، يزيد وينقص).([117])
6) وقال الإمام يعقوب بن سفيان رحمه الله: (الإيمان عند أهل السنة: الإخلاص لله بالقلوب، والألسنة، والجوارح، وهو قول وعمل، يزيد وينقص، على ذلك وجدنا كل من أدركنا من عصرنا بمكة والمدينة والشام والبصرة والكوفة.
منهم: أبو بكر الحميدي، وعبدالله بن يزيد المقرئ، في نظرائهم بمكة.
وإسماعيل بن أبي أويس، وعبدالملك بن عبدالعزيز الماجشون، ومطر بن عبدالله اليساري في نظرائهم بالمدينة.
ومحمد بن عبدالله الأنصاري، والضحاك بن مخلد، وسليمان بن حرب، وأبو الوليد الطيالسي، وأبو النعمان، وعبدالله بن مسلمة، في نظرائهم بالبصرة.
وعبيدالله بن موسى، وأبو نعيم، وأحمد بن عبدالله بن يونس، في نظرائهم كثير بالكوفة.
وعمر بن عون بن أويس، وعاصم بن علي بن عاصم، في نظرائهم بواسط.
وعبدالله بن صالح – كاتب الليث – وسعيد بن أبي مريم، والنضر بن عبدالجبار، ويحيى بن عبدالله بن بكير، وأحمد بن صالح، وأصبغ بن الفرج، في نظرائهم بمصر.
وابن أبي إياس في نظرائهم بعسقلان.
وعبدالأعلى بن مسهر، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبدالرحمن بن إبراهيم، في نظرائهم بالشام.
وأبو اليمان: الحكم بن نافع، وحيوة بن شريح، في نظرائهم بحمص.
ومكي بن إبراهيم، وإسحاق بن راهويه، وصدقة بن الفضل، في نظرائهم بخرسان.
كلهم يقولون: الإيمان القول والعمل، ويطعنون على المرجئة، وينكرون قولهم).([118])
7) وقال الإمام الحميدي رحمه الله في أصول السنة (ج1 ص359): (السنة عندنا أن يؤمن الرجل بالقدر: خيره وشره حلوه ومره.... وأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ولا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل وقول إلا بنية، ولا قول وعمل بنية إلا بسنة...).
8) وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله: (الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص).([119])
9) وقال الإمام قتيبة بن سعيد رحمه الله: (هذا قول الأئمة المأخوذ في الإسلام والسنة بقولهم فذكر الحكاية... قال: والإيمان يتفاضل، والإيمان قول وعمل ونية، والصلاة من الإيمان، والزكاة من الإيمان، والحج من الإيمان، وإماطة الأذى عن الطريق من الإيمان...).([120])
10) وقال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: (الإيمان قول وعمل).([121])
11) وقال الإمام مالك رحمه الله: (الإيمان قول وعمل).([122])
12) وقال الإمام ابن أبي شيبة رحمه الله في الإيمان (ص46): (الإيمان عندنا قول وعمل، ويزيد وينقص).
13) وكتب الإمام عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى عدي بن عدي: ((إن للإيمان فرائض وشرائع وحدودا وسننا، فمن استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان، فإن أعش فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمت فما أنا على صحبتكم بحريص)).([123])
14) وقال الإمام الزهري رحمه الله: (الإيمان العمل، والإسلام الكلمة).([124])
15) وقال الشافعي رحمه الله: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص).([125])
16) وقال الإمام البخاري رحمه الله: (لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار، فما رأيت أحدا منهم يختلف في أن الإيمان: قول وعمل ويزيد وينقص).([126])
17) وعن أبي بكر بن أبي شيبة، وقيل له: ما تقول في الإيمان؟ قال: (الإيمان يزيد وينقص، وهو قول وعمل).([127])
18) وقال معن: قيل لمالك: (الإيمان قول وعمل، قال: (نعم)).([128])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان الأوسط (ج7 ص506– الفتاوى): (وهذه إحدى الروايتين عن مالك، والرواية الأخرى عنه، وهو المشهور عند أصحابه، كقول سائرهم (يعني الأئمة): أنه يزيد وينقص).اهـ
19) وقال حرب الكرماني رحمه الله في المسائل (ص367): (سألت إسحاق بن راهويه عن الإيمان؟ فقال: (قول وعمل، ويزيد وينقص).
20) وقال حرب الكرماني رحمه الله في المسائل (ص367): سمعت محمد بن أبي بكر المقدمي: (وأنا أقول: الإيمان قول وعمل ونية، ويزيد وينقص).
21) وقال حرب الكرماني رحمه الله في المسائل (ص370): وسئل أحمد بن يونس وأنا أسمع عن الإيمان فقال: (قول وعمل، يزيد وينقص وبعضه أفضل من بعض).
22) وقال إسحاق بن منصور في المسائل (ج9 ص4847): (قال إسحاق بن راهويه: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
23) وقال الإمام ابن المبارك رحمه الله: (الإيمان قول وعمل).([129])
24) وقال الإمام جرير بن عبدالحميد رحمه الله: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص).([130])
والآثار عن السلف على أن الإيمان: قول وعمل... قول اللسان، واعتقاد القلب، وعمل الجوارح كثيرة جدا، لا يمكن حصرها هنا.([131])
فهذه أقوال وردت عن السلف الصالح رحمهم الله واضحة الدلالة منطوقا ومفهوما على أنهم كانوا يعتقدون بأن الإيمان قول وعمل، وبزيادة الإيمان ونقصه، ولا شك أنهم أعلم بدلائل النصوص الشرعية وأكثر فهما لها، المتمثلة في الكتاب والسنة.
قلت: فمن نسب إليهم خلاف ذلك فقد أخطأ عليهم، وجهل مذهبهم، ونسب إليهم ما لم يقولوه.
وقد قال بهذا الاعتقاد في الإيمان علماء أهل السنة والجماعة، وحكى الإجماع على ذلك أكثر أهل العلم.
بل أصبح هذا القول في الإيمان من مميزات أهل السنة والجماعة، والفارقة بينهم، وبين أهل البدع.
وإليك أقوالهم:
1) قال الحافظ الطبري رحمه الله في صريح السنة (ص25): (أما القول في الإيمان هل هو قول وعمل، وهل يزيد وينقص، أم لا زيادة ولا نقصان؟ فإن الصواب فيه قول من قال: هو قول وعمل يزيد وينقص، وبه جاء الخبر عن جماعة من أصحاب رسول الله r، وعليه مضى أهل الدين والفضل). اهـ
2) وقال الحافظ أبو عمرو الداني رحمه الله في الرسالة الوافية (ص81): (ومن قول الفقهاء والمحدثين: إن الإيمان قول وعمل ونية وإصابة السنة.
فالقول: الشهادة لله سبحانه وتعالى بما تقدم وصفنا له، والإقرار بملائكته وكتبه ورسله وجميع ما جاء من عنده.
والعمل: أداء الفرائض التي فرضها، واجتناب المحارم التي حرمها.
والنية: أعمال القلوب واعتقاداتها.
والسنة: معرفة الديانة بالعلم.
وبيان هذه كله في كتاب الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿y(#þqä9qè% $¨YtB#uä «!$$Î/ !$tBur tAÌRé& $uZøs9Î)﴾ الآية...). اهـ
3) وقال الحافظ ابن أبي زمنين رحمه الله في (أصول السنة) (ص207): (ومن قول أهل السنة: أن الإيمان إخلاص لله بالقلوب، وشهادة بالألسنة، وعمل الجوارح، على نية حسنة، وإصابة السنة.
ثم ذكر الآيات الدالة على ذلك ثم قال: والإيمان بالله: هو باللسان والقلب، وتصديق ذلك العمل.
فالقول والعمل قرينان لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه). اهـ
4) وقال الحافظ ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الصغرى) (ص104): (الإيمان بالله عز وجل، ومعناه التصديق بما قاله، وأمر به، وافتراضه، ونهى عنه من كل ما جاءت به الرسل من عنده، ونزلت فيه الكتب... والتصديق بذلك قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالأركان، يزيده كثرة العمل والقول بالإحسان، وينقصه العصيان...). اهـ
5) وقال الحافظ البربهاري رحمه الله في (شرح السنة) (ص67): (الإيمان قول وعمل، وعمل وقول، ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء). اهـ
6) وقال الحافظ ابن منده رحمه الله في (الإيمان) (ج2 ص341): (الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالأركان، يزيد وينقص). اهـ
7) وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي رحمه الله في (اعتقاد أئمة الحديث) (ص63): (إن الإيمان قول وعمل ومعرفة). اهـ
8) وقال الحافظ الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف) (ص264): (ومن مذهب أهل الحديث: أن الإيمان قول وعمل، ومعرفة، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية). اهـ
9) وقال الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله في (التمهيد) (ج9 ص238): (أجمع أهل الفقه والحديث على أن الإيمان قول وعمل، ولا عمل إلا بنية، والإيمان عندهم يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والطاعات كلها عندهم إيمان).اهـ
10) وقال الحافظ البغوي رحمه الله في (شرح السنة) (ج1 ص38): (اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان... وقالوا إن الإيمان قول وعمل وعقيدة، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة، وجاء في الحديث بالنقصان في وصف النساء). اهـ
11) وقال الحافظ قوام السنة الأصبهاني رحمه الله في (الحجة في بيان المحجة) (ج1 ص403): (الإيمان في الشرع عبارة عن جميع الطاعات الظاهرة والباطنة). اهـ
12) وقال الحافظ قوام السنة الأصبهاني رحمه الله في (الحجة في بيان المحجة) (ج2 ص262): (قال علماء السلف.... والإيمان قول وعمل ونية، يزيد وينقص، زيادته البر والتقوى، ونقصانه الفسوق والفجور). اهـ
13) وقال الحافظ عبدالغني المقدسي رحمه الله في (الاقتصاد في الاعتقاد) (ص182): (الإيمان: قول وعمل ونية، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية). اهـ
14) وقال الحافظ ابن قدامة المقدسي رحمه الله في (لمعة الاعتقاد) (ص33):(الإيمان: قول باللسان، وعمل بالأركان، وعقد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالعصيان). اهـ
15) وقال الحافظ النووي رحمه الله في (شرح صحيح مسلم) (ج2 ص68): (إن الطاعات تسمى إيمانا ودينا، وإذا ثبت هذا علمنا أن من كثرت عبادته زاد إيمانه ودينه، ومن نقص عبادته نقص دينه). اهـ
16) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج3 ص151):(ومن أصول أهل السنة: أن الدين والإيمان قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية). اهـ
17) وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان) (ص292): (ولهذا كان القول: إن الإيمان قول وعمل – عند أهل السنة – من شعائر السنة، وحكى غير واحد الإجماع على ذلك). اهـ
18) وقال الحافظ ابن بطال رحمه الله في (شرح صحيح البخاري) (ج1 ص56): (مذهب أهل السنة من سلف الأمة وخلفها: أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص...). اهـ
19) وقال الحافظ ابن القيم رحمه الله في (الصلاة) (ص54): (حقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل، والقول قسمان: قول القلب، وهو الاعتقاد، وقول اللسان، وهو التكلم بكلمة الإسلام.
والعمل قسمان: عمل القلب، وهو نيته وإخلاصه وعمل الجوارح، فإذا زالت هذه الأربعة، زال الإيمان بكماله، وإذا زال تصديق القلب، لم تنفع بقية الأجزاء). اهـ
20) وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري شرح صحيح البخاري) (ج1 ص5): (وأكثر العلماء قالوا: هو قول وعمل. وهذا كله إجماع من السلف وعلماء أهل الحديث، وقد حكى الشافعي إجماع الصحابة والتابعين عليه، وحكى أبو ثور الإجماع عليه أيضا...). اهـ
21) وقال العلامة الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله في (أعلام السنة المنشورة) (ص45): (الإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، ويتفاضل أهله فيه). اهـ
22) وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في (جامع العلوم والحكم) (ج1 ص58): (والمشهور عن السلف، وأهل الحديث أن الإيمان: قول وعمل ونية، وأن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان، وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابعين، ومن بعدهم ممن أدركهم، وأنكر السلف على من أخرج الأعمال من الإيمان إنكارا شديدا...). اهـ
23) وقال الحافظ الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص264): (ومن مذهب أهل الحديث: أن الإيمان قول وعمل ومعرفة، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية). اهـ
24) وقال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (تعليم أصول الإيمان) (ص22): (الإيمان اسم جامع لعقائد القلب، وأعماله، وأعمال الجوارح، وأقوال اللسان.
فجميع الدين أصوله، وفروعه داخل في الإيمان، ويترتب على ذلك: أنه يزيد بقوة الاعتقاد، وكثرته، وحسن الأعمال والأقوال وكثرتها، وينقص بضد ذلك). اهـ
25) وقال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في (أضواء البيان) (ج7 ص201): (إن الحق الذي لا شك فيه الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة أن الإيمان شامل للقول والعمل مع الاعتقاد، وذلك ثابت في أحاديث صحيحة كثيرة). اهـ
26) وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في (الفتاوى) (ج5 ص35): (ومعلوم أن الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية).اهـ
27) وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح لمعة الاعتقاد) (ص57): (الإيمان:.... قول باللسان، وعمل بالأركان، وعقد بالجنان). اهـ
28) وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (الفتاوى) (ج1 ص49): (الإيمان عند أهل السنة والجماعة هو: الإقرار بالقلب، والنطق باللسان، والعمل بالجوارح) فهو يتضمن الأمور الثلاثة:
1) إقرار القلب.
2) نطق اللسان.
3) عمل الجوارح.
وإذا كان كذلك فإنه سوف يزيد وينقص...). اهـ
29) وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (ص145): (فالقول الحق: أن الإيمان قول اللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، فالأعمال داخلة في حقيقة الإيمان، وليست بشيء زائد عن الإيمان، فمن اقتصر على القول باللسان، والتصديق بالقلب دون العمل، فليس من أهل الإيمان الصحيح). اهـ
والأقوال الواردة عن علماء أهل السنة والجماعة في هذا المعنى كثيرة، كلها تنطق بأنهم يجمعون على رأي واحد وهو القول بأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، قول اللسان، واعتقاد القلب، وعمل بالجوارح.
وعلى هذه العقيدة توفي الرسول r، وعلى هذا المنهج كان جميع الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان: من المحدثين والفقهاء، وجميع أئمة الدين، ولم يخالفهم أحد من السلف والخلف إلا الذين مالوا عن الحق في هذا الأمر، وجانبوا الصواب من المرجئة بجميع أنواعهم.
فالإيمان واجب على جميع الخلق وهو تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح... ولا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقا، ولا تجزئ معرفة القلب، ونطق باللسان حتى يكون عمل الجوارح فإذا كملت فيه هذه الثلاث خصال: كان مؤمنا دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين.([132])
قال الحافظ الآجري رحمه الله في (الأربعين) (ص135): (اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق: وهو التصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح... ولا تجزئ معرفة بالقلب، والنطق باللسان حتى يكون معه عمل الجوارح.
فإذا كملت الخصال الثلاث كان مؤمنا... فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان.
فمن لم يصدق الإيمان بعمله، وبجوارحه مثل الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد أشباه لهذه، ورضي لنفسه المعرفة والقول دون العمل لم يكن مؤمنا، ولم تنفعه المعرفة والقول). اهـ
وقال الحافظ ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص795): (فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل، وأن من صدق بالقول، وترك العمل كان مكذبا وخارجا من الإيمان، وأن الله لا يقبل قولا إلا بعمل، ولا عملا إلا بقول). اهـ
وقال الحافظ أبو عبيد رحمه الله في (الإيمان) (ص65): (فلم يجعل الله للإيمان حقيقة إلا بالعمل على هذه الشروط، والذي يزعم أنه بالقول خاصة يجعله مؤمنا حقا، وإن لم يكن هناك عمل فهو معاند لكتاب الله والسنة). اهـ
وقال الحافظ ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص779):(واعلموا – رحمكم الله – أن الله لم يثن على المؤمنين ولم يصف ما أعد لهم من النعيم المقيم والنجاة من العذاب الأليم، ولم يخبرهم برضاه عنهم إلا بالعمل الصالح والسعي الرابح، وقرن القول بالعمل، والنية بالإخلاص حتى صار اسم الإيمان مشتملا على المعاني الثلاثة، لا تنفصل بعضها من بعض، ولا ينفع بعضها دون بعض حتى صار الإيمان قولا باللسان، وعملا بالجوارح، ومعرفة بالقلب خلافا لقول المرجئة الضالة الذين زاغت قلوبهم، وتلاعبت الشياطين بعقولهم).اهـ
وعلى هذا يتضح لنار أن أهل السنة والجماعة في حقيقة الإيمان القائل بتركبه من أمور ثلاثة، تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح.
عن الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله قال: (غلت المرجئة حتى صار من قولهم: أن قوما يقولون: من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود لها: إنا لا نكفره، نرجأ أمره إلى الله بعد إذ هو مقر، فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم ثم هم أصناف....).
أخرجه حرب الكرماني في المسائل (ص377) وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (ج2 ص929) بإسناد صحيح.
وذكره ابن رجب في فتح الباري (ج1 ص21).
قلت: فهذا القول هو قول المرجئة الخامسة العصرية اللهم غفرا.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان الكبير) (ج7 ص307- الفتاوى): (والتصديق من الإيمان، ولابد أن يكون مع التصديق شيء من حب الله وخشية الله، وإلا فالتصديق الذي لا يكون معه شيء من ذلك ليس إيمانا البتة، بل هو كتصديق فرعون واليهود وإبليس، وهذا هو الذي أنكره السلف على الجهمية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان الكبير) (ج7 ص187- الفتاوى): (فإذا كان القلب صالحا بما فيه من الإيمان علما وعملا لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر والعمل بالإيمان المطلق، كما قال أئمة الحديث: قول وعمل، قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له متى صلح الباطن صلح الظاهر، وإذا فسد فسد...). اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) (ج1 ص59): (فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلا اعتقادا وقولا وعملا هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة، قد حكاه الشافعي وأحمد وأبو عبيد وغيره إجماعا: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص). اهـ
وقال القيرواني رحمه الله في (عقيدته) (ص400): (وأن الإيمان قول باللسان، وإخلاص بالقلب، وعمل بالجوارح). اهـ
وقال أبو المظفر السمعاني رحمه الله في (تفسيره) (ج1 ص43): (والإيمان في الشريعة يشتمل على الاعتقاد بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان) (ص304): (فإن الإيمان بحسب كلام الله ورسالته، يتضمن إخباره، وأوامره فيصدق القلب إخباره تصديقا يوجب حالا في القلب بحسب المصدق به، والتصديق هو نوع من العلم والقول، وينقاد لأمره ويستسلم، وهذا الانقياد والاستسلام، هو نوع من الإرادة والعمل، ولا يكون مؤمنا إلا بمجموع الأمرين فمتى ترك الانقياد كان مستكبرا، فصار من الكافرين، وإن كان مصدقا...). اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري) (ج1 ص154): (استدل البخاري على زيادة الإيمان ونقصانه بقول الله عز وجل: ﴿óOßg»tR÷Îur Wèd﴾، وفي زيادة الهدى إيمان آخر، كقوله تعالى ﴿ßÌtur ª!$# úïÏ%©!$# (#÷rytG÷d$# Wèd 3﴾، ويفسر هذا الهدى بما في القلوب من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتفاصيل ذلك.([133])
ويفسر بزيادة ما يترتب على ذلك من الأعمال الصالحة: إما القائمة بالقلوب، كالخشية لله، ومحبته، ورجائه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، ونحو ذلك، أو المفعول بالجوارح، كالصلاة، والصيام، والصدقة، والحج، والجهاد، والذكر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك، وكل ذلك داخل في مسمى الإيمان عند السلف وأهل الحديث ومن وافقهم). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (حقيقة أنه قول، وعمل، واعتقاد، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافا للمرجئة الذين أخرجوا العمل عن مسمى الإيمان، فسهلوا للناس طريق المعاصي والمخالفات، وخالفوا كتاب الله وسنة رسوله r، وما عليه أهل السنة والجماعة، ولهذه الفرقة الضالة من يروج مذهبها اليوم من المتعالمين، فكان لابد من بيان ضلالتهم لئلا يغتر بهم من يخفى عليه أمرهم، ويحسن الظن بهم).([134]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (منهاج السنة) (ج2 ص482): (ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب قديم، معروف، قبل أن يخلق الله أبا حنيفة، ومالكا، والشافعي، وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (خلاف الأمة في العبادات) (ص35): (ولهذا كان امتياز أهل النجاة عن أهل العذاب من هذه الأمة بالسنة والجماعة). اهـ
فأهل السنة والجماعة أول ما يميزهم عن غيرهم هو منهاج التلقي لعلومهم، ومصدر الحق الذي ينهلون منه عقائدهم وعبادتهم ومعاملاتهم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج3 ص358): (فالسنة هي ما تلقاه الصحابة عن رسول الله r وتلقاه عنهم التابعون ثم تابعوهم إلى يوم القيامة، وإن كان بعض الأئمة بها أعلم وعليها أخبر، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم). اهـ
وقال البربهاري رحمه الله في (شرح السنة) (ص65): (اعلموا أن الإسلام هو السنة، والسنة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في (الموافقات) (ج5 ص146): (والذي عليه النبي r وأصحابه ظاهر في الأصول الاعتقادية والعملية على الجملة، لم يخص من ذلك شيء دون شيء). اهـ
وقال ابن حزم رحمه الله في (الفصل) (ج2 ص271): (أهل السنة والجماعة([135]) الذين نذكرهم ومن عداهم فأهل بدعة فإنهم الصحابة y، وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين رحمهم الله تعالى، ثم أصحاب الحديث ومن تبعهم من الفقهاء جيلا فجيلا إلى يومنا هذا، ومن اقتدى بهم من العوام في شرق البلاد وغربها رحمه الله عليهم). اهـ
وبهذا يكون طالب العلم وثيق الصلة بكتب ومصنفات الأئمة الأعلام من أهل السنة والجماعة، ويقف بنفسه على حقيقة أقوالهم ونقولاتهم، ويقرأ بنفسه تقريراتهم لمسائل الإيمان حتى يذوق طعم العلم النافع، ويتبين له الحق الساطع.
وهذه هي السنة النبوية.
قال ابن رجب رحمه الله في (كشف الكربة) (ص15) عن السنة: (هي طريقة النبي r التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج3 ص278):(وأنتم تعلمون – رحمكم الله – أن السنة التي يجب اتباعها ويحمد أهلها ويذم من خالفها: هي سنة رسول الله r: في أمور الاعتقادات، وفي أمور العبادات وسائر الديانات، وذلك إنما يعرف بمعرفة أحاديث النبي r الثابتة عنه في أقواله، وأفعاله، وما تركه من قول وعمل، ثم ما كان عليه السابقون والتابعون لهم بإحسان). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص672): (وأجمع السلف أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص). اهـ
وقال ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) (ج1 ص72): (قد حكاه الشافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيد وغيره إجماعا: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص).اهـ
وقال ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص832): (ثم جعله فيهم – أي الإيمان – يزيد ويقوى بالمعرفة والطاعة، ويضعف وينقص بالغفلة والمعصية، وبهذا نزل الكتاب، وبه مضت السنة، وعليه أجمع العقلاء من أئمة الأمة). اهـ
قلت: والربط لطلبة العلم بمنهج الأوائل من الأئمة الراسخين في العلم والعمل، وسلامة المعتقد والمنهج، لهو صمام الأمان، لوقايتهم من الوقوع في المنزلقات، والمخالفات العقدية، التي وقع فيها أهل البدع ومن تابعهم عندما هجروا الكتاب والسنة وآثار السلف واتبعوا الآراء والأهواء.
وهذا الأمر من أكبر الوسائل، بل هو الأساس لتوحيد كلمة المسلمين، ومنهجهم العلمي والعقدي، وتوحيدهم في جميع منهجهم، حتى يلحق آخر الأمة بأولها.
وبهذا يعود للأمة مجدهم التليد، وماضيهم المشرق، وتقود الأمة مسيرة الدعوة... بعدما حررت نفسها من البدع بجميع أنواعها... فتكون أمة قوية موحدة، متحدة في العقيدة والدين.
عن الإمام مالك رحمه الله قال: (كان وهب بن كيسان يقعد إلينا ثم لا يقوم أبدا حتى يقول لنا إنه لا يصلح آخر خذه الأمة إلا ما أصلح أوله).([136])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج4 ص155): (شعار أهل البدع هو ترك انتحال اتباع السلف). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج6 ص388): (فإن العلم النافع ما قام عليه الدليل، والنافع فيه ما جاء به الرسول r، فالشأن في أن نقول علما: وهو النقل المصدق، والبحث المحقق، فإن ما سوى ذلك خزف مزوق، وإلا فباطل مطلق). اهـ
فظهرت الأهواء والبدع من جديد، حتى هيمن فكر الإرجاء على بعض المسلمين، وغلب في بعض الديار على عقول بعض من ينتسبون إلى أهل العلم... حتى أصبح عند هؤلاء المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والتوحيد شركا، والشرك توحيدا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، وكأن الإسلام مجرد كلمات، وإظهار شعارات، ونسوا أن الإسلام عقيدة وشريعة، ومنهج حياة.
قلت: ولذلك يجب تأصيل جميع مسائل الإيمان على ضوء أدلة الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح.
قلت: فالدين لا يقوم على الدعاوى المجردة([137]) عن تصديقها بالكتاب والسنة بفهم سلف الأمة فتنبه.
قال ابن العربي رحمه الله في (أحكام القرآن) (ج4 ص1606): (إن كلام المرء بذكر الله إن لم يقترن به عمل صالح لم ينفع، لأن من خالف قوله([138]) فعله فهو وبال عليه). اهـ
ولقد بين السلف أحكام مسائل الإيمان جملة وتفصيلا فلا حاجة لنا بأحكام ربيع المرجئ وإخوانه المرجئة في مسائل الإيمان.
وقال ابن رجب رحمه الله في (جامع العلوم والحكم) (ج1 ص58): (والمشهور عن السلف وأهل الحديث أن الإيمان: قول وعمل ونية، وأن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان، وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم، وأنكر السلف على من أخرج الإعمال من الإيمان إنكارا شديدا، وممن أنكر ذلك على قائله، وجعله قولا محدثا: سعيد بن جبير، وميمون ابن مهران، وقتادة، وأيوب السختياني، وإبراهيم النخعي، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم.
وقال الثوري: هو رأي محدث، أدركنا الناس على غيره، قال الأوزاعي: كان من مضى من السلف لا يفرقون بين العمل والإيمان).([139]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص364): (وكثير من المتأخرين([140]) لا يميزون بين مذاهب السلف وأقوال المرجئة والجهمية لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم، ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية والمرجئة في([141]) الإيمان، وهو معظم للسلف وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله وكلام السلف). اهـ
فبعد ربيع المدخلي عن مذهب السلف عندما دعا إلى مذهب الإرجاء المذموم لأنه لا يعتبر الأعمال الظاهرة داخلة في حقيقة الإيمان، بل يرى أن الأعمال شرط كمال في الإيمان.([142])
ولذلك يجب تنزيه مذهب السلف عن مثل هذه المقالات الشنيعة البدعية.
قال ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (ج3 ص294): (ولابد من أمرين أحدهما أعظم من الآخر وهو النصيحة لله ولرسوله وكتابه ودينه، وتنزيهه عن الأقوال الباطلة المناقضة لما بعث الله به رسوله r من الهدى والبينات، والتي هي خلاف الحكمة والمصلحة والرحمة والعدل، وبيان نفيها عن الدين وإخراجها منه، وإن أدخلها فيه من أدخلها بنوع تأويل.
والثاني: معرفة فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم لله ورسوله r لا يوجب قبول كل ما قالوه). اهـ
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: هناك من يقول الإيمان قول، واعتقاد وعمل، لكن العمل شرط كمال فيه، ويقول أيضا لا كفر إلا باعتقاد. فهل هذا القول من أقوال أهل السنة والجماعة أم لا؟
فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا ما فهم الإيمان، ولا فهم العقيدة، وهذا هو ما قلناه في المقدمة من أن الواجب عليه أن يدرس العقيدة على أهل العلم ويتلقاه من مصادرها الصحيحة، وسيعرف الجواب عن هذا السؤال.
وقوله: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ثم يقول: إن العمل شرط في كمال الإيمان وفي صحته، هذا تناقض كيف يقول العمل من الإيمان ثم يقول العمل شرط؟!
ومعلوم أن الشرط يكون خارج المشروط والعمل داخل عند أهل السنة في الإيمان لا خارج عنه فهذا تناقض منه.
فهذا يريد أن يجمع بين قول السلف، وقول المتأخرين وهو لا يفهم التناقض، لأنه لا يعرف قول السلف، ولا يعرف حقيقة قول المتأخرين فأراد أن يدمج بعضها ببعض، فالإيمان قول وعمل واعتقاد، والعمل هو من الإيمان، وجزء منه، وليس هو شرطا من شروط صحة الإيمان، أو شرط كمال، أو غير ذلك من هذه الأقوال التي يروجونها الآن.
فالإيمان قول باللسان واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وهو يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية.
هذا ما درج عليه أهل السنة والجماعة قديما وحديثا خلافا للمرجئة).([143])اهـ
قلت: وقد تبين مما سبق ذكره أن مسألة دخول الأعمال في الإيمان مجمع عليها عند أهل السنة والجماعة.
وهذا القول هو المأثور عن الصحابة والتابعين وأتباعهم إلى عصرنا هذا.
وأقوالهم مشهورة منثورة في الآفاق فلم يخل عصر، ولا مصر من قائم بدين الله تعالى من أهل السنة والجماعة مبينا لهذا الأصل، وجميع الأصول العقدية لأهل السنة والجماعة.
قلت: هذا مذهب أهل السنة والجماعة سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم واقتضى أثرهم، أن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، والطاعات كلها داخلة في مسمى الإيمان.
قلت: وربيع هذا كلما كتب، وكرر، وعاد في الكتابةليدافع عن أباطله، وقع في أباطيل أخرى، لأنه يبني بحثه على خطأ، وما يبني على خطأ فهو خطأ، إذن فماله يكرر، ويعيد في الكلام نفسه([144]).
قلت: إذافلو أمسك المدخلي عن الكلام في دين الله تعالى لكان خيرا له، والله المستعان.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في (الرسالة) (ص140): (فالواجب على العاملين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله).اهـ
قلت: لعل فيما تقدم كشفه من خلل، وسبق بيانه من علل، كفاية وغناء يقطع الجدل، ويزيح عنكم الدغل، ويبعد منكم الدعل.
فاللهم ثبتنا واحفظ علينا ديننا، وزد في دعوة الحق يقيننا.
df
ذكر الدليل على إنكار ربيع المدخلي اعتقاد السلف
في الإيمان
أنه ينقص ينقص حتى لايبقى منه شيء
بخيانة، وتحريف، وكذب، وتلبيس
وبيان مخالفته للإجماع
في هذا المعتقد السلفي
لقد أنكر ربيع كعادته أن السلف قالوا في الإيمان: ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
وهذا من جهله بمعتقد السلف في مسائل الإيمان، يدل على بعده من اعتقادهم والله المستعان([145]).
وإليكم إنكار ربيع لاعتقاد السلف أن الإيمان: ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء:
1) فقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف)(ص173): (علماء الأمصار جميعا، وقبلهم الصحابة، ما قالوا: ينقص، ينقص حتى لايبقى منه شيء!!!).اهـ
2) وقال ربيع المرجئ في(شرحه البالي لعقيدة السلف)(ص174): (يقولون –يعني السلف-: الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ويسكتون ولا يقولون: (حتى لا يبقى منه شيء)!!!، ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب!!!).اهـ
3) وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص78): (فهذا افتراء منه على السلف ومنهجهم، فالصحابة والتابعون أجمعوا على القول: بأن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ولم ينقل عن أحد من الصحابة، ولا من التابعين أنه قال: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء)).اهـ
واستمع إلى ربيع كيف يلبس ويدلس في هذه المسألة:
فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص82): (وقد عرف مذهب السلف، ومنهم الصحابة والتابعون أن الإيمان يزيد وينقص،
ولم يقل أوائلهم: وينقص حتى لا يبقى منه شيء([146])، ومن بعدهم منهم من يقول: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ومنهم وهم القليل! قد يقول: يزيد وينقص حتى لا يبقى منه شيء!، ولكنه لم يقل بوجوب القول بهذه الزيادة!، ولا يشترط القول بها!، ولا يبدع من لا يقول بها!) ([147])([148]).اهـ
قلت: فهذا من تلبيساته التي يستر بها سوأة عناده، وتهوره، التي افتضح بها في العالمين، نعوذ بالله من ربع محدث!!!.
قلت: وهذا هو الخلاف الذي كان بيننا، وبين المدخلي هذا، وأنه كان في بداية فتنته ينكر اعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، وكان ينكر ذلك إنكارا شديدا([149])، ولم يقر أنه من معتقدهم مطلقا، كما هو ظاهر من كلامه، فلما رأى السلفيون إنكاره هذا ردوا عليه، وبينوا باطله، وأن ذلك من معتقدهم، فهذه هي الحقيقة لا كما يزعم ربيع، فتنبه.
وإليكم آثار السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء:
1) قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([150])
قال الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله – بعد ذكر أثر ابن راهويه -: (وأنا أقول به).([151])
2) وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد تقول: ينقص؟ فقال: اسكت يا صبي بلى ينقص، حتى لا يبقى منه شيء).([152])
3) وقال الإمام أحمد رحمه الله – عندما قيل له -: كان ابن المبارك يقول: يزيد ولا ينقص، فقال: (كان يقول: الإيمان يتفاضل، وكان سفيان يقول: ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([153])
قلت: وهذا إقرار من الإمام أحمد لقول سفيان بن عيينة على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
4) وقال الإمام أحمد رحمه الله عندما سأله رجل عن زيادته، ونقصانـه – يعني الإيمان – فقال : (يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتـى يصير إلى أسفل السافلين السبع).([154])
قلت: ومراده رحمه الله أنه ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وليس هذا بأسلوب غريب على الإمام أحمد رحمه الله كما يدعي المدخلي في (كشفه البالي)(ص90) نعوذ بالله من ربع فقيه!.
5) وقال الإمام أبو عثمان بشار بن موسى الخفاف رحمه الله: (الإيمان: قول
وعمل ونية، يزيد وينقص، حتى يكون أعظم من الجبل، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([155])
6) وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله عندما سئل عن الإيمان: أيزيد؟ قال: (نعم حتى يكون مثل الجبال، قال: قلت: فينقص؟ قال: نعم حتى لا يبقى منه شيء).([156])
قال العباس بن الوليد البيروتي رحمه الله عندما سئل، وقيل له أليس تقول ما يقول الأوزاعي؟ فقال: (نعم).([157])
7) وقال الإمام علي بن عبد الله المديني رحمه الله عندما سئل عن الإيمان فقال: (قول وعمل ونية، قلت – يعني الدارمي -: أينقص ويزداد؟ قال: نعم يزداد وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([158])
8) وقال الإمام ابن منده رحمه الله: (ذكر خبر يدل على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه في قلب العبد مثقال حبة خردل، وأن المجاهد بالقلب واللسان واليد من الإيمان).([159])
9) وقال الإمام البربهاري رحمه الله: (والإيمان بأن الإيمان قول وعمل، وعمل وقول، ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([160])
10) وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به على حسب تأكد الطاعة، فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بتركها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة).اهـ([161])
11) وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (فالرد عليهم أن الذنوب تضر على كل حال، منها ما يزيل الإيمان بالكلية، ومنها ما لا يزيله بالكلية بل ينقصه، وصاحبها معرض بالوعيد المرتب عليها).اهـ([162])
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه لـ(شرح السنة)(ص117) معلقا على قول الإمام البربهاري: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) قال: (هذا معنى قوله: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وقد يبقى مقدار حبة خردل، وهذه تنفع صاحبها يوم القيامة يخرج بها من النار، وإذا لم يبق حبة خردل فإنه يكون من أهل النار المخلدين فيها).اهـ
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ صالحا الفوزان حفظه الله لا يقول بهذه الزيادة السلفية، كما في (كشفه البالي) (ص228، 230).
وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده([163])، نعوذ بالله من العناد.
قلت: وبسبب ذلك تطاول بلسانه، وتعدى ببنانه، ومضللا أهل السنة من غير وازع، ولا ضمير، ومن غير تدبر، ولا تفكير، حتى عشعش في صدره وجنانه، من بغض الاعتقاد وأهله حب الإرجاء وأهله!، ونقض الإيمان وأركانه! اللهم غفرا.
فانظر إلى أي هوة سقط هذا الرجل؟! أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه؟!، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه؟!، أم بضحالة عقله، واستفحال جهله؟!.
وقال العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمه الله في (مصباح الظلام)(ص470) وهو يرد قول عثمان الناصري الضال هذا: (فإذا كان هذا كلامه في هذه المسألة: فماذا يزيد الإيمان وينقص، حتى يكون أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان!([164])) إلى آخر قول الناصري، فقال الشيخ عبداللطيف: (فهذه العبارة تنادي بجهله، فالخوارج لا ينازعون في زيادة الإيمان، وإنما النزاع في نقصه، وأئمة الإسلام يقولون يزيد مع بقاء أصله الذي دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء([165])، فإذا ثبت الإسلام زاد الإيمان ونقص، ومع عدم الإسلام وانهدام أصله لا يعتمد بما أتى به من شعبه!).اهـ
قلت: فلما احتج الناصري : (بأدنى مثقال حبة خردل من إيمان)، احتج عليه الشيخ باعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).
وهذا يدل على جهل المدخلي بالسنة، ومعتقد السلف في الإيمان([166]).
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن أئمة الدعوة في نجد لا يقولون بهذه الزيادة السلفية!، كما في (كشفه البالي) (ص228 و230).
قلت: ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامهم، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.
ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العلماء، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهبهم غاية الوضوح([167])، والله المستعان.
قلت: وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن السلف أنهم يقولون: الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء. أي يزول جميعه!.
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان)(ص213): (وقيل لبعض السلف: يزداد الإيمان وينقص؟ قال: نعم يزداد حتى يصير أمثال الجبال، وينقص حتى يصير أمثال الهباء)([168]).اهـ
والمراد: (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)،أي يزول جميعه.
وهذا إقرار من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لاعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230)، وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى الا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد!.
ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.
ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العالم، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غاية الوضوح، والله المستعان.
قلت: ويستطيع الباحث المطلع أن يقول: إن مسألة ترك الأعمال الظاهرة بالكلية، وحكم ذلك، لم يجليها أحد كما جلاها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد تناول في مواضع عدة من مؤلفاته، وبعبارات واضحة ظاهرة، وقد سبق ذكر جملة صالحة من كلامه ولله الحمد والمنة.
وقال العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (... ولكن العاقل يرضى أن يكون في قمة الإيمان، الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والإكثار من الطاعة، والإكثار من العبادة، ينقص فيضعف بالمعاصي إلى أن يضمحل([169])، يكاد أن يذهب، وربما يذهب)([170]).اهـ
أي يعني الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص230) ([171])، والله المستعان.
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري) في كتاب الإيمان (ج1 ص25): (فكذلك الإيمان والإسلام، إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه - مع بقاء أركان بنيانه- لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه، لنقصه.
بخلاف ما انهدمت أركانه، وبنيانه، فإنه يزول مسماه بالكلية!).اهـ
أي يزول الإيمان والإسلام بالكلية، فلا يبقى في قلب الإنسان شيء من الإيمان، لأنه ترك الأصول الإسلامية، اللهم غفرا.
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الإمام ابن رجب رحمه الله لا يقول بذهاب الإيمان كله، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230).
قلت: فهذا اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء نقله الأئمة والعلماء في كتبهم، وخالف اعتقاد السلف الصالح في ذلك ربيع المدخلي فقال بأن الإيمان ينقص حتى يبقى أدنى مثقال ذرة([172])، والله المستعان.
قلت: واعلم رحمنا الله وإياك أن هذه الآثار التي قد ذكرنا في معتقد السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء قد ذكره الحفاظ في كتبهم، ورواه الأئمة في مصنفاتهم، وجمعه العلماء على ما ساقه الإمام عبدالله بن الإمام أحمد، والإمام الخلال، والإمام ابن أبي حاتم، والإمام ابن منده، والإمام البربهاري، والإمام ابن بطة، والإمام الآجري، والإمام اللالكائي، وغيرهم، وأوجبوا كلهم الإيمان بهذا المعتقد والتسليم له، فلا ينكر، ولا يرد، ولا يتأول بشيء، ولا يحرف، وكذلك ذكره أصحاب الحديث في معتقدهم.
قلت: وقد اعترض ربيع المرجئ – كاعتراض المتكلمين- عليه ليبطله، ويتأوله على غير مراده، فرد عليه أهل السنة على ما قاله السلف المهديون، والخلف المرضيون، وكانوا قد وفقوا بحمد الله في ذلك، لأن المرجئة الخامسة قد اعترضت على معتقد السلف بما أوقعت به الشبه والشكوك، فلولا ما تفضل الله به من علماء السنة الذين أزالوه، وميزوه، وإلا كان الناس في حيرة، وكذلك اعترضوا على الآثار السلفية والأخبار، فرد عليهم علماء السنة الأخيار.
قلت: وهذا وأشباهه إنما تكلم فيه العلماء دفعا لما ذكره المرجئة، واعترضوا عليه، فمن اعتقد أنه تفرد به الإمام سفيان بن عيينة([173]) رحمه الله في جوابه، فإنما يقول ذلك بغير علم، سلمنا الله وإياكم من الشبهات، وأعاذنا من التلبيسات، وباعدنا من التدليسات، وحفظنا من الخيانات، وفهمنا من التحريفات، وغفر لنا الذنوب والتبعات.
فلما أظهرت المرجئة الخامسة فتنتهم، وأذاعوها في الناس، ودعوا الناس إليها، فلم يمسك أهل السنة الإنكار عليهم حتى استمروا في إنكار عليهم لكي لا يدرس اعتقاد أهل السنة والجماعة في الإيمان، فهي سنة متبعة من رسول اللهe وصحابته الكرام.
مع أنهم أمروا المرجئة في عدم الخوض في الإيمان، فلم يمتنعوا فخاضوا في مسائل الإيمان في خبط وخلط كما في (شبكة سحاب المرجئية) بل لم يكتفوا بذلك حتى نصبوا ربيعا إماما لهم في الإرجاء للتدليس به، والتمويه على العامة([174]).
فلما رأى أهل السنة هذا النصب العدائي، ردوا عليهم وكاسروهم، وبينوا للناس بدعتهم في الإرجاء، ولله الحمد والمنة([175]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى)(ج7 ص288): (وأهل البدع إنما دخل عليهم الداخل، لأنهم أعرضوا عن هذه الطرق، وصاروا يبنون دين الإسلام على مقدمات يظنون صحتها، إما في دلالة الألفاظ، وإما المعاني المعقولة، ولا يتأملون بيان الله ورسوله، وكل مقدمات تخالف الله ورسوله فإنها تكون ضلالا....
مثال ذلك أن (المرجئة) لما عدلوا عن معرفة كلام الله ورسوله أخذوا يتكلمون في مسمى (الإيمان) و(الإسلام) وغيرهما بطرق ابتدعوها).اهـ
قلت: فتأمل...فتأمل...فتأمل...اللهم غفرا.
df
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
دراسـات أثريـة
كشف([176])
مجازفات، وكذبات، وتناقضات، وتدليسات، وخيانات، وتلبيسات
ربيع المدخلي في العلم
فإن من عجيب أمر هذا المدعي أنه كثير المناقضة لنفسه، بل وكثير الكذب، فيقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه... ويكأنه بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور.
أرى كل إنسان يرى عيب غيره
ويعمى عن العيب الذي هو فيه
ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه
ويعمى عن العيب الذي بأخيه
ويتجلى هذا الكذب والتناقض بصورة أوضح، وبطريقة أفضح في (كشفه البالي) حيث يقول في (ص 87): بعدما ذكر أثر الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، فقال ربيع: (أقول: إسناده ضعيف!، لأن في إسناده محمد بن حازم لا يعرف!!، ولم أقف له على ترجمة!!!).اهـ
وقال ربيع الخائن في (كشفه البالي)(ص87): (التعلق بكلام إسحاق الذي لم يثبت عنه!!!). اهـ
وقال ربيع المدلس في (كشفه البالي) (ص87): (وينقل عن إسحاق قولا لم يثبت عنه!!!) ([177]).اهـ
قلت: فهذا نقد([178]) ينطوي على كذب وجهل، بل على تدليس وتلبيس([179])، لأنه كيف يجزم بضعف أثر الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله، وهو صحيح، فهذا أجلى صور الجهل وأوضحه!!!.
لقد أوهم القراء في نقده للإسناد أن هناك رجل اسمه(محمد بن حازم!) تفرد به، وهو لا يعرف عنده، ولم يجد ترجمة له، فضعف الإسناد بناء على ذلك ([180]).
قلت: وليس الأمر كذلك، بل هو (أحمد بن محمد بن حازم) وهو معروف، وصحيح الكتاب([181])، وقد سقط من مطبوع (المسائل) (ج1 ص212) للإمام الكوسج في مقدمة المحقق كلمة (أحمد)، فصارت هكذا عن (محمد بن حازم)، وهذا تصحيف، فتصحف الاسم من (أحمد بن محمد بن حازم) ([182])، إلى (محمد بن حازم) فليصحح.
قلت: فسقط اسم (أحمد) واستدركته من المصادر الأخرى([183]).
ولذلك نرى الإمام الخلال رحمه الله يروي (مسائل) الإمام إسحاق بن منصور الكوسج في الغالب عن طريق شيخه أحمد بن محمد بن حازم رحمه الله، وأحمد هذا يروي عن الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله في (المسائل)!!! ([184]).
وإليك الدليل:
قال الخلال رحمه الله في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص67): أخبرني أحمد بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم قال: قال إسحاق بن راهويه: أما أولاد المسلمين فإنهم من أهل الجنة.
وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص84): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال: لأبي عبدالله: قال الثوري... .
وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص107): أخبرنا ابن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... .
وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج1 ص114): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... ([185]).
وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص322): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... .
وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص328): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم أنه قال لأبي عبدالله... .
وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص331): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... ([186]).
وقال الخلال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص333): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم قال: حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبي عبدالله... ([187]).
قلت: فمحمد بن حازم هذا الذي ذكره المدخلي، هو تصحيف، وليس له أي ذكر في مسند الكوسج، وإنما عنده أحمد بن محمد بن حازم، وهو صدوق معروف!!!. ([188])
قلت: ولم ينفرد أحمد بن محمد بن حازم بالإسناد، بل تابعه مقاتل بن صالح الأنماطي، وهو ثقة، عنده جملة مسائل من مسائل الإمام أحمد رحمه الله، والإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله.
قال الخلال في (السنة) (ج3 ص593): أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ومقاتل بن صالح قالا: حدثنا إسحاق بن منصور أن إسحاق بن راهويه قال:(الإيمان يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات، ومقاتل بن صالح، هو أبو الحسن الأنماطي وهو ثقة([189]) ترجم له الحافظ الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج13 ص17) حدث عن إسحاق بن منصور الكوسج، قال عنه ابن المنادى: كان أحد الثقات المستورين، روى كتاب أبي يعقوب الكوسج وغير ذلك!!!. ([190])
فهذا ما يتعلق بتوثيق مقاتل بن صالح الأنماطي، وأما أحمد بن محمد بن حازم السمرقندي([191])، قال عنه الذهبي رحمه الله في (ميزان الاعتدال) (ج1 ص139): (اتهم في إكثاره عن ابن نصر، ورأيت خط محمد بن نصر المروزي له بالإجازة بما صح عنده عنه) ([192]).اهـ
قلت: وبهذا ترتفع التهمة، لأنه صحيح الكتاب([193])،ثم هذا لا يضر، لأنه مقرون بمقاتل الأنماطي، وهو ثقة من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله. ([194])
قلت: فهل يقال والحال هكذا عن أثر الإمام ابن راهويه: (إسناده ضعيف... لا يثبت!!!) ([195])، و(إسناده ضعيف، لأن في إسناده محمد بن حازم لا يعرف!، ولم أقف له على ترجمة!).
فهذا تجاهل ومماطلة ومكابرة،بل هذا من خذلان العلم،والزيغ عن الحق. ([196])
فظهر لذي عينين أن محاولة المدخلي لتضعيف الأثر هي محاولة الغريق الذي يريد أن يتشبث بخيوط القمر، فهي محوطة بالتدليس، ملفوفة بالتلبيس.
قلت: ومما يؤيد هذا القول أن الإمام إسحاق بن منصور رحمه الله يروي (كتاب المسائل) مباشرة عن الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله، والإمام أحمد رحمه الله، فلا حاجة لنا في البحث عمن روى عنه، لأنه شاء الله تعالى أن يدون عن الإمامين إسحاق بن راهويه وأحمد كثير من المسائل جاءت متفاوتة في الأصول والفروع.
والإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله المتوفى سنة (251هـ) نقل عن الإمامين بصدق وإخلاص في (مسائله) ([197])، كيف لا وهو الإمام الثقة([198]) الثبت المعتمد عليه في الصحيحين([199]).
قلت: وتعد (مسائل) الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله هذه ومثيلاتها من المسائل الأخرى المروية عن الإمام أحمد رحمه الله، والإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله من خير ما يبرز بوضوح معالم فقه أهل السنة والجماعة المبني على الدليل من الكتاب والسنة وآثار السلف، ومنابذة التقليد، واجتناب الشذوذ.
وقد امتازت هذه المسائل بميزات أهمها: مكانة الإمام الكوسج رحمه الله علما، وثقة، وورعا، وكثرة المسائل التي نقلها عن الإمامين، وتطرقه إلى جزئيات([200]) كثيرة لم يتطرق إليها غيره، وكتب هذه المسائل مباشرة عن الإمامين أحمد، وإسحاق، وتدقيقه في سلامة النص المنقول عنهما، وغزارة المواد العلمية فيها، واهتمام العلماء بهذه المسائل في وقت مبكر، واعتمادهم عليه في نقل آثار الإمامين بكل صدق([201]).
وبالجملة، فهذا الكتاب في نقل مسائل (الإمام أحمد)، و(الإمام إسحاق)، برواية الإمام إسحاق بن منصور الكوسج، هو من أهم الكتب المعتمدة في نقل مذهب أهل السنة والجماعة في الأصول والفروع، فحري بهذا الكتاب أن يحتج به في الدين([202]).
قلت: لقد كتب الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله المسائل عن الإمامين وقام بتدريسها بخرسان، وتتلمذ عليه، وأخذ هذه المسائل عنه كثير من الأئمة.
فتضافرت كتب العلماء من نقل المسائل برواية إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله، والاحتجاج بها، فمنهم في الأصول، ومنهم في الفروع([203]).
بل هذه (المسائل) اشتهرت في حياة الإمامين أحمد وإسحاق فلم ينكرا هذه المسائل([204])، واتخذها العلماء أصلا في الأصول والفروع، منهم: الإمام الخلال، والإمام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والإمام ابن المنذر، والإمام ابن مفلح، والإمام ابن رجب، والإمام ابن قدامة، والإمام الآجري، والإمام الترمذي، وغيرهم([205])([206]).
قلت: ثم بعد وفاة الإمام إسحاق بن منصور الكوسج كان الكتاب يروى من طريقين: من طريق الرواية عن تلاميذه، ومباشرة من طريق كتابه الأصل الذي كان قد فرغ من تأليفه، وتهذيبه في حياته([207]).
قلت: ويؤيده أن الإمام الخلال رحمه الله يروي هذه (المسائل) في الغالب عن طريق أحمد بن محمد بن حازم، فإذا لم يذكر الراوي المسألة بتمامها، واحتاج إلى اكمالها أخذها من نسخة المؤلف، وأشار إلى ذلك، كما فعل في مسالة ترك التسمية على الذبيحة، فقال في (الجامع) (أحكام أهل الملل)(ج2 ص441) بعد أن روى المسألة من طريق الراوي، وهو أحمد بن محمد بن حازم، ثم أضاف رأي الإمام أحمد من كتاب (المسائل) للكوسج، وقال: قول أحمد لم يقرأه علينا الشيخ كتبناه من أصل كتابه.
فعلى هذا فـ(المسائل) التي طبعت الآن هي أصل الكتاب الذي ألفه الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله، والعلماء ينقلون ويعتمدون هذا الأصل سواء من طريق التلاميذ كـ(تلميذه أحمد بن محمد بن حازم) ([208])، أو غيره، أو عن أصل الكتاب مباشرة.
قلت: وهذا أيضا يدل على أن أحمد بن محمد بن حازم لم يتفرد برواية (المسائل)، فقد رواها الإمام الترمذي رحمه الله، والإمام الأصم رحمه الله، والإمام أبو محمد الطيالسي رحمه الله، وغيرهم عن الكوسج عن الإمامين أحمد وإسحاق.
فقال الإمام الترمذي رحمه الله: (وما كان فيه من قول أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه فهو ما أنبأنا به إسحاق بن منصور الكوسج عن أحمد وإسحاق، إلا ما في أبواب الحج، والديات، والحدود، فإني لم أسمعه من إسحاق بن منصور، وأخبرني به محمد بن موسى الأصم عن إسحاق بن منصور عن أحمد وإسحاق)([209]).اهـ
وقال الإمام ابن أبي يعلى رحمه الله في (طبقات الحنابلة) (ج1 ص307): (وأنبأنا رزق الله عن أبي الفتح بن أبي الفوارس، قال أبوبكر بن مسلم حدثنا أبو محمد عبدالله بن العباس الطيالسي حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج قال: قلت لأحمد: فسر لي المرجئة؟ قال: المرجئة: التي تقول الإيمان قول...).اهـ
وقال الإمام الخلال رحمه الله في (السنة) (ج3 ص593): (أخبرنا أحمد بن محمد بن حازم ومقاتل بن صالح قالا: ثنا إسحاق بن منصور أن إسحاق بن راهويه قال: الإيمان يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).اهـ
قلت: إذا الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله يروي أصل (كتاب المسائل) مباشرة عن الإمامين أحمد وإسحاق، وذلك لأن كتب الترجمة ذكرت أنه قد سأل الإمام أحمد، والإمام إسحاق مسائل، وألف كتابا باسم (مسائل الإمام أحمد والإمام إسحاق).
قال الإمام السمعاني رحمه الله في (الأنساب) (ج10 ص295): (هو – يعني الكوسج – الذي يروي المسائل عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه!).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج25 ص232): (والكوسج سأله مسألة لأحمد وإسحاق، وكذلك حرب الكرماني... وبهذا يجمع الترمذي قول أحمد وإسحاق، فإنه روى قولهما من مسائل الكوسج!).اهـ
وقال الإمام الذهبي رحمه الله في (السير) (ج12 ص258): (وهو -يعني الكوسج- صاحب المسائل عن أحمد بن حنبل الذي يستهزئ به المبتدعة([210]) والمتجرئون([211])).اهـ
وقال الإمام الخطيب البغدادي رحمه الله في (تاريخ بغداد) (ج6 ص363): (وكان إسحاق بن منصور عالما فقيها، وهو الذي دون عن أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه المسائل في الفقه).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (تهذيب التهذيب) (ج1 ص250): (تتلمذ -يعني الكوسج- لأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وله عنهم مسائل).اهـ
قلت:إذا هذا الأثر عن الإمام إسحاق بن راهويه يعتبر صحيحا بلا ريب([212])، سواء عن طريق الإسناد، أو عن طريق أصل الكتاب([213]) فافطن لهذا.
قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه للأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث.
قلت: وذكر الإمام ابن راهويه رحمه الله لزيادة (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) يدل ذلك على غزارة اعتقاده في الشريعة الإسلامية، كيف لا وهو الذي أحاط بآثار الصحابة، والتابعين ومن بعدهم.
قال عنه الإمام ابن حبان رحمه الله في (الثقات) (ج8 ص116): (كان إسحاق بن راهويه من سادات زمانه فقها، وعلما، وحفظا، ونظرا). اهـ
وكانت أصول الإمام ابن راهويه رحمه الله شبيهة بأصول الإمام أحمد رحمه الله، والإمام الشافعي رحمه الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج34 ص113) : (إن موافقة الإمام أحمد للإمام الشافعي، وإسحاق أكثر من موافقته لغيرهما، وأن أصوله بأصولهما أشبه منهما بأصول غيرهما، وكان يثني عليهما، ويعظمهما، ويرجح أصول مذهبهما على من ليست أصول مذهبه كأصول مذهبهما) ([214]).اهـ
قلت: بل أن أئمة أهل الحديث كانوا يأخذون أصول الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله لصحة اعتقاده في الشريعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج15 ص232): (وكان أبو زرعة، وأبو حاتم، وابن قتيبة، وغيرهم من أئمة السلف والسنة والحديث([215]) يتفقهون على مذهب أحمد وإسحاق، ويقدمون قولهما على أقوال غيرهما).اهـ
قلت: وهذا فيه تعرية المدخلي من دعاويه العريضة الباطلة، وكشف انحرافاته، وتضليلاته المنشورة في بعض رسائله ومؤلفاته المأشورة!
قلت: وأما تضعيف المدخلي لأثر إمام السنة في زمانه الإمام بشار بن موسى الخفاف رحمه الله من أجل ضعفه في الحديث([216])، وزعم أنه لا يحتج به في الاعتقاد كما في (بيانه البالي) (ص7 و16 و21)، وفي (كشفه البالي) (ص96).
فهذا الكلام لم يقل به أحد من أهل العلم، إلا المدخلي، وهذا يدل دلالة وثيقة على جهله بأصول الحديث، وعلم الرجال!، وعلم الجرح والتعديل!، فهو متلبس بما ينكره على غيره!.
قلت: وهذا التحريف في أثر الإمام بشار الخفاف تضمن أباطيل كما لا يخفى، والحق في هذا أن الحفاظ لا يحتجون به بما يخالف في الأحاديث، ويتجنبون ما يتفرد به عن الثقات في الأحاديث النبوية، فهذا التضعيف خاص بالأحاديث إذا رواها عن غيره من الرواة([217]).
قلت: أما إذا روى عن نفسه حكما، أو اعتقادا، فهو حجة عند الحفاظ كلهم، إلا عند المدخلي في آخر الزمان! ([218]).
وقد أثنى الإمام أحمد رحمه الله على الإمام بشار الخفاف رحمه الله في أصول السنة، وكان حسن الرأي فيه.
قال أبوداود رحمه الله: (كان أحمد حسن الرأي فيه) ([219]).
وقال أبوداود رحمه الله: (سمعت أحمد ذكر بشارا الخفاف، فقال: كان معروفا، صاحب سنة!) ([220]).
وقال الإمام أحمد رحمه الله عنه: (كان صاحب سنة... وما كان ببغداد أصلب منه في السنة!) ([221]).
وقال الذهبي رحمه الله:(وقال أحمد:يكتب حديثه،وكان حسن الرأي فيه) ([222]).
قلت: وتعديل الإمام أحمد رحمه الله للإمام بشار الخفاف رحمه الله في السنة يدل على أنه حجة في الاعتقاد، وقد احتج به العلماء كما فعل الإمام حرب الكرماني رحمه الله في مسائله (ص370)، فلا يضره ضعفه في الحديث فتنبه لتلبيس المدخلي!، فإنه جلي!.
وقال ابن الجارود: سمعت علي بن المديني وذكر بشار بن موسى فقال: (ما كان ببغداد أصلب منه في السنة!) ([223]).
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج10 ص581): (المحدث الكبير، أبو عثمان العجلي، وقيل الشيباني البصري الخفاف نزيل بغداد).اهـ
قلت: وبعد نقل أقوال الأئمة في الإمام بشار الخفاف رحمه الله في حجيته في الاعتقاد([224])، فهل يقال بعد هذا أنه ضعيف، فلا يحتج بقوله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)؟!، وبخاصة أنه لم يتفرد بهذا المعتقد السلفي، فوافقه أئمة كما سبق ذكرهم. ([225])
قلت: فهذا الحكم من ربيع غير دقيق، وهو بحاجة إلى مزيد من البحث والتفتيش، ولا ينبغي أن يتسرع في مثل هذا اللهم غفرا.
فهذه التنبيهات وحدها كافية لنقض (بيانه البالي) و (كشفه البالي) من أسهما، فكيف بك أيها المسلم إذا علمت بضلالاته الأخرى اللهم سلم سلم.
وتكلف المدخلي بقوله في (كشفه البالي) (ص96): (إن بشارا الخفاف نفسه ضعيف) ([226]).أهـ
ثم ذهب يتكلف ويلبس في ذكره لجرح الخفاف وتعديله من أقوال أئمة الجرح والتعديل في روايته للأحاديث النبوية([227])، ثم قال وهو يتبجح في (كشفه البالي) (ص97): (والذي يترجح لي ضعفه كما قال الحافظ -يعني ابن حجر- لأنه قد جرحه جرحا قويا عدد من الأئمة!).اهـ
نعوذ بالله من ربع محدث!.
ثم ذهب المدخلي يلبس بقوله في (كشفه البالي) (ص96): (وقال ابن عدي: قال عثمان: بلغني أن علي بن المديني كان(يسيء) القول في بشار الخفاف هذا، ونقل الذهبي هذا النص بقوله: (كان علي بن المديني حسن الرأي فيه)، فالله أعلم أي النقلين أصح!).اهـ
قلت: ونقله لقول ابن عدي: قال عثمان: بلغني أن علي بن المديني كان (يسيء) القول في بشار الخفاف، فقد تصحفت كلمة (يحسن) إلى (يسيء!) في كتاب (الكامل) (النسخة المطبوعة) لابن عدي (ج2 ص457) ([228])، وهي في كتاب (الكامل) (النسخة المخطوطة) (1/ق 172/ط) بلفظ: (يحسن!)، ولم يفطن المدخلي لذلك نعوذ بالله من الغفلة والتسرع. ([229])
وإليك الدليل:
قال أبوسعيد عثمان الدارمي في (تاريخه)(ص82): (بلغني أن علي بن المديني كان(يحسن) القول في بشار الخفاف هذا!).اهـ
ويؤيده: أن الحافظ الذهبي رحمه الله، والحافظ الخطيب رحمه الله، والحافظ المزي رحمه الله، وغيرهم ذكروا الأثر بلفظ (يحسن)، ولم يذكروا لفظ (يسيء)!!!.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج10 ص581): (وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا، وأرجو أنه لا بأس به، قال عثمان الدارمي([230]): وبلغني أن ابن المديني كان (يحسن) الرأي فيه).اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في (تاريخ بغداد) (ج7 ص121): (قال أبو سعيد عثمان بن سعيد: بلغني أن علي بن المديني كان (يحسن) القول في بشار هذا).اهـ
وقال ابن أبي حاتم رحمه الله في (الجرح والتعديل) (ج1 ص417): (أخبرنا يعقوب بن إسحاق فيما كتب إلي قال: قال عثمان بن سعيد الدارمي: بلغني أن علي بن المديني كان (يحسن) القول في بشار هذا).اهـ
قلت: فالأصح قول الإمام علي بن المديني رحمه الله في تحسين الرأي في الإمام بشار الخفاف رحمه الله لصلابته في السنة([231]).
وإليك الدليل أيضا:
فعن علي بن المديني رحمه الله -وذكر بشار بن موسى الخفاف- ثم قال: (ما كان ببغداد أصلب منه في السنة).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج7 ص119) من طريق منصور بن ربيعة الزهري أخبرنا علي بن أحمد بن علي أخبرنا أحمد بن يحيى بن الجارود قال سمعت عليا فذكره.
قلت: وهذا سنده حسن
وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج7 ص119) من طريق الأزهري حدثنا عبدالله بن عثمان الصفار حدثنا محمد بن عمران بن موسى الصيرفي حدثنا عبدالله بن علي بن المديني قال سمعت أبي يقول فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الذهبي في (السير) (ج10 ص582)، والمزي في (تهذيب الكمال) (ج4 ص86) ([232]).([233])
قلت: إذا فكلامه هذا كله يتصبب جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد!، وكثرت أخلاطه، وتضاعفت أغلاطه، ولا حول ولا قوة إلا بالله([234]).
قلت: وهذه البدعة التي تورط فيها المدخلي في تضعيف الرجال والآثار بهذه الطريقة، هي بدعة كوثرية وقع فيها ربيع الضال، فإن الكوثري الضال أرغى، وأزبد، وأرعد، وأبرق، وافترى، وكذب على الأئمة في تضعيف الأسانيد والمتون، ولست ههنا في صدد بيان أكاذيبه، وافتراءاته على أئمة أهل السنة، وذلك ليطعن في اعتقادهم، ويظهر اعتقاده الفاسد هو الصحيح!!!.
قلت: والمدخلي الضال سلك هذا المسلك المشين، فسود في كتبه، وهي (كشفه البالي) و (بيانه البالي) و (شرحه البالي لعقيدة السلف) البدعة الكوثرية، فأرغى وأزبد، وأرعد وأبرق، وشرق وغرب، وبعد وقرب، فهلك واحترق.
قلت: وقد افتضح في هذا التلاعب أمر المدخلي هذا ولله الحمد، وانكشف حاله للكثيرين، وظهر للقريب وللبعيد ما عرف به من الزيغ والجهل، ولكن الشبه خطافة تعلق بكثير من القلوب، فلا بد من التصدي لها([235])، فكتب هذا المرجئ قد وزعت في أماكن، وخاصة في الخليج؛ فهناك من يروج لها، ويدافع عنها، وهذا من أبشع الجهل وأشنعه، وهكذا أهل البدع، يتواصون دوما فيما بينهم، لنشر الباطل، والإفك، والزيف، والغمز، والتحريف، والتبديل، والتضليل، والطعن في أهل العلم وفي علمهم، وهذا ديدنهم الذي به على غيرهم يعلون، ومن أجله يفتخرون، فهذه وتلك من الأسباب التي دعتني لكتابة هذا الرد، واعتمدت على كتب أئمة([236]) الهدى والدين كما ذكرت ذلك ولله الحمد والمنة.
قلت: ولا أحب أن أطيل في هذا الكلام الذي ليس هذا موضعه، ولكني أحببت أن أكشف شيئا من خبايا شخصية هذا المدخلي المهترئة، لتتضح حقيقته للقراء، ولتتعرى دوافعه أمامهم. ([237])
والخلاصة: أن الرجل لاهو في العير!، ولا هو في النفير!، بل هو بعير هائج في الصفير! فنتيجة فعله هذا قد ورث عن الكوثري تلك النفسية السوداء الحاقدة الذميمة على الآثار ورجالها، والله المستعان.
قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه للأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!.
قلت: وأما تلبيسه على معتقد الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله في قوله: (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
بقوله في (شرحه البالي لعقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص174) بعدما ذكر الزيادة السلفية: (ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص174): (ومرة حركه -يعني سفيان- أخوه باعتراض!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص176): (فقال له -يعني سفيان- أخوه إبراهيم بن عيينة: ياأبا محمد، تقول: ينقص فقال: اسكت ياصبي، بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء، اضطره أخوه لأن يقول هذا الكلام!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص88): (فكيف بسفيان الذي لعله لم يقله إلا مرة واحدة في حال غضب!).اهـ
قلت: وقد أقر العلماء اعتقاد الإمام ابن عيينة رحمه الله، ولم ينكروه.
قال العلامة العيني رحمه الله في (عمدة القاري) (ج1 ص125): (وهذا الذي قاله البخاري -وهو قول وفعل، ويزيد وينقص- منقول عن سفيان بن عيينة فإنه قال: الإيمان قول وفعل يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم: لا تقل ينقص، فغضب، وقال: اسكت ياصبي بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء).اهـ
قلت: وأقر العلامة العيني رحمه الله الإمام سفيان بن عيينة على ذكر هذا المعتقد (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، رغم أن الإمام البخاري رحمه الله ذكر فقط لفظ : (يزيد وينقص) مما يدل على أن هذه الزيادة من اعتقاد السلف فافهم لهذا ترشد([238]).
قلت: فمعتقد الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله هذا ذكره أيضا الإمام ابن عبدالبر رحمه الله في (التمهيد) (ج9 ص254) وأقره، ولم ينكره.
فقال الإمام عبدالبر رحمه الله في (التمهيد) (ج9 ص254): (قال الحميدي: وسمعت سفيان بن عيينة يقول: الإيمان يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: لا تقل ينقص، فغضب، وقال: اسكت ياصبي، بل ينقص حتى لا يبقى منه شيء).اهـ
قلت: وقد اعترف ربيع بهذا الاعتقاد السلفي، فلماذا هذا التناقض والإنكار؟!، والمماطلة والمراوغة؟!، فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص88): (إن هذا صحيح عن سفيان بن عيينة!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص89): (نعم أقر الإمام أحمد، سفيان على قوله!).اهـ
قلت: فعليه بالمناصحة والتوبة مطلقا اللهم غفرا.
قلت: وإنكار الإمام ابن عيينة رحمه الله وغضبه على أخيه، ليس كما ادعاه ربيع أنه أمر اضطراري، بل أشعر منه أنه أخطأ بقوله هذا وخالف السنة، فبين له الاعتقاد الصحيح في مسألة الإيمان أنه (ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، لأن المرجئة جعلوا ترك الفرائض ذنبا لا يكفر تاركها!، فغضب لذلك رحمه الله.
قلت: فهكذا كان السلف رضوان الله عليهم يشتد نكيرهم وغضبهم على من خالف السنة بالآراء والتعسفات المريضة، وربما هجروه تعظيما للسنة، وتوقيرا لها، وما زال العلماء قديما وحديثا ينكرون على من خالف ذلك، ولو لم ينكر مثل هذا لأدى إلى تبديل الدين وتغييره اللهم سدد سدد([239]).
قلت: وقد نقل الأئمة جملة : (الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) في كتبهم على أن ذلك من اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة، وقد أجمعوا على هذا الاعتقاد، منهم: الإمام الصابوني رحمه الله، والإمام الخلال رحمه الله، والإمام اللالكائي رحمه الله، والإمام البربهاري رحمه الله، والإمام حرب الكرماني رحمه الله، والإمام إسحاق الكوسج رحمه الله، وغيرهم، وقد أدركوا العلماء في جميع الأمصار على هذا الاعتقاد.
قال الإمام الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص315): (وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم، بل أجمعوا عليها كلها([240])).اهـ
قلت: ومن الجمل التي ذكرها الإمام الصابوني رحمه الله المجمع عليها هي: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء!)([241]).
قلت: وذكر الإمام حرب الكرماني رحمه الله معتقد السلف والسنة، من ذلك جملة: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء). ([242])
قال الإمام حرب الكرماني رحمه الله في (مسائله) (ص355): (هذا مذهب أئمة العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المعروفين بها([243])!، المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق، والحجاز، والشام، وغيرهم عليها!، فمن خالف شيئا([244]) من هذه المذاهب، أو طعن فيها([245])، أو عاب قائلها([246]) فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة، وسبيل الحق...).اهـ
وقال الإمام اللالكائي رحمه الله في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) (ج1 ص9): (فهذه الوصايا الموروثة المتبوعة، والآثار المحفوظة المنقولة([247])، وطرايق الحق المسلوكة، والدلايل اللايحة المشهورة، والحجج الباهرة المنصورة التي عملت عليها: الصحابة والتابعون، ومن بعدهم: من خاصة الناس، وعامتهم من المسلمين، واعتقدوها حجة فيما بينهم، وبين الله رب العالمين.
ثم من اقتدى بهم من أئمة المهتدين، واقتفى آثارهم من المتبعين، واجتهد في سلوك سبيل المتقين، وكان مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) ([248]).اهـ
قلت: فهذه الجملة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) صحت عن السلف، ونقلها الحفاظ في كتبهم، وهي حجة قاطعة في معتقدهم، وهذا يدل على مبلغ أمانتهم في نقل مذهب السلف في الاعتقاد السلفي.
والرواة الثقات رووا هذه الزيادة بالأسانيد الصحيحة على الجادة والصواب، فلا داعي ياربيع من التلبيس والتدليس([249]).
قلت: ومن خالف الإجماع فهو في ضلال مبين.
قال الإمام الملطي الشافعي رحمه الله في (التنبيه) (ص29): (ومن خالف الإجماع ضل... وإجماع الأمة أصل من أصول الدين).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج24 ص172): (من خالف الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه؛ فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع).اهـ
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج19 ص327): (مازال العلماء يختلفون، ويتكلم العالم في العالم باجتهاده، وكل منهم معذور مأجور، ومن عاند، أو خرق الإجماع([250])، فهو مأزور، وإلى الله ترجع الأمور).اهـ
قلت: وإجماع السلف، هو الإجماع الذي ينضبط، فلا يعتد بخلاف ربيع ومن تابعه في مسائل الإيمان بعد إجماعهم، والله المستعان.
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (ج2 ص328): (قوله: والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة.
يعني: أن الإجماع الذي يمكن ضبطه، والإحاطة به، هو ما كان عليه السلف الصالح، وهم القرون الثلاثة، الصحابة، والتابعون، وتابعوهم... وهل يمكن أن يوجد إجماع بعد الخلاف؟.
فنقول: لا إجماع مع وجود خلاف سابق، ولا عبرة بخلاف بعد تحقق الإجماع).اهـ
وقال الشيخ صديق حسن خان رحمه الله في (قطف الثمر) (ص159): (والإجماع ما عليه أهل العلم، من أقوال، وأعمال ظاهرة، وباطنه، مما له تعلق بالدين، والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح، وبعدهم كثر الاختلاف).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص40): (فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة... وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة... فليس كل ما جاءت به السنة يجب أن يكون مفسرا في القرآن؛ بخلاف ما يقوله أهل الإجماع؛ فإنه لا بد أن يدل عليه الكتاب والسنة، فإن الرسول هو الواسطة بينهم، وبين الله في أمره ونهيه، وتحليله، وتحريمه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص38): (قوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين}[النساء:115]، فإنهما متلازمان، فكل من شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، وكل من اتبع غير سبيل المؤمنين فقد شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فإن كان يظن أنه متبع لسبيل المؤمنين وهو مخطئ؛ فهو بمنزلة من ظن أنه متبع للرسولe وهو مخطئ.
وهذه الآية تدل على أن إجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسولe، وإن كل ما أجمعوا عليه فلا بد أن يكون فيه نص عن الرسولe؛ فكل مسألة يقطع فيها بالإجماع، وبانتفاء المنازع من المؤمنين؛ فإنها ممن بين الله فيه الهدى...).اهـ
قلت: والوقوف مع إجماع السلف، وعدم تجاوزه، أو قبول الخلاف فيه بأي حال؛ لأن مخالفة إجماعهم يقتضي بالضرورة تخطئتهم، وهم إنما أجمعوا على الأصول التي أجمعوا عليها بناء على نصوص كثيرة، فلا يمكن أن يكون إجماعهم خطأ، بل أن من يخالفهم لابد أن يكون هو الذي أخطأ، وأحدث في الدين ما ليس منه.
قلت: فإذا كان أهل السنة قد أجمعوا - مثلا- على أن (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فإن مقتضى ذلك عندهم أن ذلك من معتقدهم، فمن خالف في ذلك فهو مخالف لإجماع السلف، وأحدث في الدين ماليس منه.
قلت: ولهذا ترى السلفيين يقرونها، ولا يتعرضون لها من قريب، أو من بعيد، لأنها من معتقد السلف الصالح، ولا جواب لذلك عندهم البتة.
بل هذه الزيادة السلفية التي ذكرها الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله على ظاهرها يفهمها صغار طلبة الدعوة السلفية، فضلا ممن يدعي أنه إمام السلفيين([251]) في العالم!!!.
واستمع إلى ربيع وهو يضطرب كعادته في أقواله، بل ويدعي الإجماع على خلاف مذهب السلف في الإيمان، كـ(أهل البدع والأهواء) تماما:
فقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص173): (علماء الأمصار جميعا، وقبلهم الصحابة، ما قالوا: ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء! ).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص174): (ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب([252])!).اهـ
وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص80): (اقتصروا على ما أجمع عليه الصحابة والتابعون، بل أتباع التابعين، ومنهم سفيان ابن عيينة، وأكثر من ألف شيخ من شيوخ البخاري، ولم يلتزموا هذه الزيادة)([253]).اهـ
يعني: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
واستمع إلى المدخلي كيف يلبس في الإجماع على طريقة أهل البدع.
فقال ربيع في (كشفه البالي) (ص95): (فهذه ثلاثة نقول عن الأوزاعي، يقول فيها بما يقول به أهل السنة جميعا من أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ولا يزيد على ذلك).اهـ
وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص94): (حيث لم ترضوا بما أجمعوا عليه -يعني السلف!-، وهو قولهم: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص)).اهـ
قلت: ولما كان الباطل لا يمكن أن يقوم عليه دليل صحيح، فإن أهل البدع يسارعون إلى حكاية الإجماع لبدعتهم حتى تروج، لأن الناس لا يمكن أن يخرجوا عن إجماع الأمة!. ([254])
وهذا الاعتزاء إلى الإجماع لا ينفعهم، لأن الإجماع مستند إلى الكتاب والسنة، فالإجماع دليل على وجود الدليل، فما من مسألة أجمعت عليها الأمة إلا وهي منصوصة. ([255])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (منهاج السنة) (ج8 ص344): (ما من حكم اجتمعت الأمة عليه إلا وقد دل عليه النص، فالإجماع دليل على نص موجود معلوم عند الأئمة ليس مما درس علمه).اهـ
قلت: ولما كان كذلك؛ فإن كثيرا من الإجماعات المغلوطة؛ إنما هي من إفك المبتدعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (النبوات) (ج1 ص479): (ولأهل الكلام والرأي من دعوى الإجماعات التي ليست صحيحة، بل قد يكون فيها نزاع معروف، وقد يكون إجماع السلف على خلاف ما ادعوا فيه الإجماع ما يطول ذكره).اهـ
قلت: بل وأعظم من هذا أن المبتدعة يخرقون الإجماع، ويدعون أنه الإجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإخنائية) (ص435) عن الصوفية المبتدعة: (فهؤلاء خرقوا إجماع الطائفتين، وما كفاهم ذلك حتى ادعوا أن هذا الخرق للإجماع أجماع...فهؤلاء من أعظم أهل البدع والضلال، كالخوارج، والروافض، وأمثالهم من الجهال الذين يخالفون السنة، وإجماع السلف، ويعادون من قال بالسنة، وإجماع السلف، لشبه باطلة، كأحاديث مفتراة، وألفاظ مجملة لم يفهموها).اهـ
قلت: فأهل البدع والأهواء لا يكتبون إلا ما لهم.
فعن الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله قال: (أهل العلم يكتبون مالهم، وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا مالهم)([256]).
قلت: فمن أجل هذا يسعى أهل الباطل في كتم الحق، وصرف الناس عنه، ومن أشهر علامات أهل البدع ذكر باطلهم، وكتمان الحق الذي عليهم([257]).([258])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج24 ص154): (فمن سلك هذه السبيل دحضت حججه، وظهر عليه نوع من التعصب بغير الحق).اهـ
وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص97): (وقد أجرينا على أسانيد من قال بهذه الزيادة (ينقص حتى لا يبقى منه شيء) الدراسة قبل سنين فلم يصح منها إلا قول سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، والبربهاري).اهـ
قلت: انظروا إلى هذا التلاعب البين فمرة يقول: أجرينا على هذه الأسانيد، ومرة يقول: لم يثبت عن أحد من العلماء، ومرة يقول: لم يثبت إلا عن سفيان بن عيينة وحده!، ومرة يقول لم يثبت إلا عن سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، والبربهاري!!!. ([259])
قلت: فأي النقول أصح عند ربيع الكذاب المتناقض؟!!!.
قلت: وأما تضعيفه لأثر الإمام أحمد رحمه الله في قوله: (ينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع) أي هذا بمعنى (أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص90): (هذه مجازفة إذ كيف يصح وفيه علل([260]):
1) أن القاسم هذا لم يوثقه ابن أبي يعلى، ولم نقف له على ترجمة.
2) أن في إسناده إعضالا؛ حيث قال ابن أبي يعلى: وقال القاسم.
3) أن رواة مسائل الإمام أحمد المعتبرين لم ينقلوا هذا النص الذي يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه.
4) هات لنا ترجمة القاسم، وأثبت أنه من ثقات أصحاب الإمام أحمد) ([261]). اهـ
أما قوله: (أن القاسم هذا لم يوثقه ابن أبي يعلى): فهذا من التباين والتضاد!، والتضارب والعناد!، وكيف راج عليه ما حذر منه؟!، وكيف يجزم بذلك؟!، بل القاسم هذا هو أبو الطيب القاسم بن عبدالله بن محمد البغدادي وهو ثقة!!!.
قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في ترجمته (ج12 ص449): (ذكر أبو الفتح ابن مسرور أنه كتب عنه وقال: كان ثقة!!! ([262])).اهـ
وأقره الحافظ الخطيب البغدادي على ذلك.
قلت: فهل يقال والحال هكذا: (لم يوثقه ابن أبي يعلى!). نعوذ بالله من ربع محدث!.
وأما قوله: (ولم نقف له على ترجمة!): وهذا لون آخر مما هو متلبس به، ويتهم به غيره!!!، بل له ترجمة كما ذكرنا في (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي (ج12 ص449) وهو ثقة.
قلت: وكذلك مترجم له على أنه من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله الثقات في (المنهج الأحمد) للعليمي (ج1 ص154)، ومختصره (الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد) له أيضا (ج1 ص145)، و(مختصر طبقات الحنابلة) للنابلسي (194)، و(مناقب الإمام أحمد) لابن الجوزي (ص101)، و(طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج2 ص209)، و(المقصد الأرشد) لابن مفلح (ج2 ص324).
قلت: فهل يقال بعد هذا: (لم نقف له على ترجمة!).نعوذ بالله من ربع محدث!.
فهو أراد إيهام القراء أن القاسم البغدادي هذا مجهول([263])، وليس من أصحاب الإمام أحمد ليطعن في معتقد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!) ([264]).
قلت: إذا فالحق أن القاسم البغدادي معروف مشهور، ومن أصحاب الإمام أحمد كما ذكرت المصادر المتقدمة، وهو ثقة!.
قال ابن أبي يعلى الحنبلي رحمه الله في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص209): (القاسم بن عبدالله البغدادي، أحد من روى عن إمام الدنيا أحمد بن حنبل).اهـ
وقال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في (المقصد الأرشد) (ج2 ص324): (قاسم بن عبدالله البغدادي، هو أحد من روى عن إمامنا أحمد فيما ذكره محمد بن يوسف البناء الصوفي).اهـ
وقال العليمي الحنبلي رحمه الله في (المنهج الأحمد) (ج2 ص154): (القاسم بن عبدالله البغدادي، أحد من روى عن الإمام أحمد بن حنبل).اهـ
وقال الخطيب البغدادي رحمه الله في (تاريخ بغداد) (ج12 ص449): (القاسم بن عبدالله بن محمد أبو الطيب البغدادي... ذكر أبو الفتح ابن مسرور أنه كتب عنه وقال: كان ثقة).اهـ
وأما قوله: (أن في إسناده إعضالا، حيث قال ابن أبي يعلى: وقال القاسم!).
قلت: إذا أثبتنا أن القاسم ثقة، وقد نقل العلماء عنه أنه روى عن الإمام أحمد، فلا وزن لقول المدخلي هذا، ولا قيمة له، وقد دون أهل السنة والجماعة اعتقاد الإمام أحمد رحمه الله، واحتجوا به مع نقل أصحابه له في كتبهم بدون إسناد، لأنهم ينقلونه عنه من كتبه مباشرة، وهذا لا يخفى على صغار طلبة العلم، فضلا ممن يدعي الإمامة في الحديث!!!.
علما أن إسناد القاسم البغدادي قد ذكره ابن أبي يعلى في ترجمته في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص210) بقوله: (القاسم بن عبدالله البغدادي: أحد من روى عن إمام الدنيا أحمد بن حنبل رضي الله عنه، فيما ذكره محمد بن يوسف البناء الصوفي الأصبهاني([265]) عن أبي الحسن بن الحكم وعثمان بن عبدالله جميعا([266]) عن القاسم...).اهـ
قلت: ثم هذا الأثر ذكره أئمة الحنابلة، وأقروا أنه من قول الإمام أحمد رحمه الله، ولم يستغربوه([267])، فذكره ابن مفلح في (المقصد الأرشد) (ج2 ص324)، والعليمي في (المنهج الأحمد) (ج2 ص154)، وابن أبي يعلى في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص309).
قال ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في (المقصد الأرشد) (ج2 ص325): (قال القاسم: سمعت أحمد بن حنبل، وقد سأله رجل عن زيادته ونقصانه -يعني الإيمان- فقال: يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع).
وقال العليمي الحنبلي رحمه الله في (المنهج الأحمد) (ج2 ص154): (قال القاسم: سمعت أحمد بن حنبل وقد سأله رجل عن زيادته ونقصانه، يعني الإيمان، فقال: يزيد حتى يبلغ أعلى السماوات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع).
وقال ابن أبي يعلى الحنبلي رحمه الله في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص210): (قال القاسم بن عبدالله: سمعت أبا عبدالله أحمد بن حنبل رحمه الله، وقد سأله رجل عن زيادته ونقصانه -يعني الإيمان- فقال: يزيد، حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع).
قلت: ومراد الإمام أحمد رحمه الله من قوله: (ينقص حتى يصير إلى أسفل السافلين السبع). أي ينقص الإيمان حتى لا يبقى منه شيء([268])،فافهم هذا([269]).
قلت:إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه للأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!.
قلت: وهذا يدل على أن أثر الإمام أحمد رحمه الله له أصل، وهو من اعتقاده، وذلك لنقل علماء الحنابلة له في كتبهم هذا أولا، وثانيا: لذكر أن القاسم من أصحابه الثقات، ثالثا: روي الأثر من طريقين عن القاسم كما سبق ذكره.
ثم أضف إلى ذلك ثبوت هذا الاعتقاد السلفي عن الإمام أحمد رحمه الله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)كما تقدم بإسناد صحيح، وقد أقر المدخلي بذلك بقوله في (كشفه البالي) (ص97): (وقد أجرينا على أسانيد من قال بهذه الزيادة: (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)الدراسة قبل سنين فلم يصح منها إلا قول سفيان بن عيينة، والإمام أحمد!!! ([270])، والبربهاري([271]))([272]).اهـ
قلت: واعلم أخي المسلم أن الزيادات التي يذكرها الإمام أحمد رحمه الله في الاعتقاد دقيقة جدا، ومراده بذكرها الرد على المبتدعة، ورفع اللبس عن دين الله تعالى، وبذلك يعرف المبتدع من غيره، فمن لم يذكرها فهو مبتدع ضال، فافهم لهذا ترشد.
قال أبو الحسين علي بن مسلم الطوسي رحمه الله: (القرآن كلام الله غير مخلوق، وهذا قول أبي عبدالله -يعني الإمام أحمد- وبه نقتدي إذ لم ندرك عصره أحدا يقدمه في العلم، والمعرفة، والديانة...فهو حجة، وقدوة، وحجة لأهل هذا العصر، ومن يلي بعدهم، فنحن متبعون لمقالته، وموافقون له!) ([273]).
قلت: والإمام أحمد رحمه الله أعلم الناس بالسنة في زمانه([274])، فمن خالفه في العبارات الاعتقادية، فهو مبتدع.
قلت: وكذلك ثبت عند المدخلي من قول الإمام ابن منده رحمه الله في كتابه (الإيمان) (ج ص545)، فلم يذكره مع الأئمة الثلاثة!.
وهذه المرة الثانية يخفي المدخلي قول الإمام ابن منده رحمه الله في: أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
وربيع يقول في (كشفه البالي) (ص133): (فوالله ما أخفيته!).اهـ
قلت:فليتأمل هذا مناصروا المدخلي، ومريدوه حتى يعرفوا الحق من الباطل، وصدق القول من الخبر العاطل، وإلا {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}[الرعد:17].
إذا فلا وزن لتضعيف ربيع لأثر الإمام أحمد رحمه الله، ولا قيمة له، بل يدلك على جهل ربيع بالتصحيح والتضعيف، والجرح والتعديل، نعوذ بالله من ربع محدث!.
قلت: ومن هنا تعرف بطلان قول ربيع في (كشفه البالي) (ص90): (أن رواة مسائل الإمام أحمد المعتبرين لم ينقلوا هذا النص الذي يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه!!!).اهـ
فهذا لا يحتاج إلى تعليق، لأن الإمام أحمد رحمه الله عرف بذكر عباراته في الاعتقاد كما بين أهل العلم ذلك، وسبق هذا.
وأما قوله: (هات لنا ترجمة القاسم، وأثبت أنه من ثقات أصحاب الإمام أحمد!!!) ([275]).
قلت: وهذا يدل دلالة وثيقة على جهل المدخلي لحقيقة جرح الرجال وتعديلهم!، فهو متلبس بما ينكره على غيره، نعوذ بالله من ربع معدل ومجرح!.
قلت: وقد أتينا لربيع بترجمة القاسم من (تاريخ بغداد) للخطيب (ج12 ص449) وأنه ثقة معروف، ولله الحمد والمنة!!!.
قلت: وهو من ثقات أصحاب الإمام أحمد رحمه الله، وقد نقل العلماء الحنابلة ترجمة القاسم في كتبهم منها: (المنهج الأحمد) للعليمي (ج1 ص154)، ومختصره (الدر المنضد) له (ج1 ص145)، و (مختصر طبقات الحنابلة) للنابلسي (194)، و(المقصد الأرشد) لابن مفلح (ج2 ص324)، و (مناقب الإمام أحمد) لابن الجوزي (ص101)، و (طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج2 ص309)، فجميع هؤلاء العلماء ترجموا للقاسم البغدادي، فهل يقال بعد هذا: (هات لنا ترجمة القاسم؟!)([276]).([277])
نعوذ بالله من ربع معدل ومجرح!.
فهذا كله تغافل عنه المدخلي؛ ملقيا الكلام على عواهنه؛ دونما تحقيق، أو تدقيق، أو بحث، أو حث!.
فلا نريد التطويل بنقده فيه، والكشف عن خوافيه، وإنما ذكرت ذلك لأبين للمدخلي ما يقطع تغريره، ويدفع تبجحه وافتخاره، ويدرأ عناده واستكباره.
قلت: وربيع يتكلم بكل حرية لإخوانه المرجئة؛ لأنه يعلم بجهلهم في العلم، وأنه لا أحد عنده يراجع ويبحث في مقالاته البالية التي تنقل في (شبكة سحاب المرجئية) اللهم غفرا.
قلت: بل وصل به الحال إلى أنه ضعف إسناد أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله برجل لم يكن له أي ذكر في الإسناد، ومما يدل أن ربيعا يكذب على القراء!، حيث ضعف إسناد أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله بـ(فديك بن سليمان القيسراني) ([278])،([279]) وهو لم يذكر في الإسناد البتة!!!.
فقال ربيع في (كشفه البالي)(ص95) في الحاشية:(بسبب أن في إسناده فديك بن سليمان، قال فيه الحافظ في التقريب:مقبول!).اهـ
قلت: بل فيه أبو قدامة تمام بن كثير الجبيلي فقط، ترجم له الحافظ ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ج11 ص41)، ولم يذكر فيه جرحا، ولا تعديلا، وله ذكر في (تهذيب الكمال) للمزي (ج20 ص212)فهو لا بأس به في المتابعات.
أخرجه الأصم في (حديثه) (ص153) ومن طريقه اللالكائي في (الاعتقاد) (ج5 ص1030)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ج11 ص41) من طريق العباس بن الوليد البيروتي حدثنا أبو قدامة الجبيلي قال: سمعت عقبة بن علقمة يقول: سألت الأوزاعي فذكره.
قلت: فأنت ترى أيها القارئ الكريم ليس لـ(فديك بن سليمان القيسراني) ([280])أي ذكر في الإسناد، فهل الذي ذكر (فديك) المدخلي من هوى نفسه، أو ممن كتب عنه، كلاهما مر؟!!!، نعوذ بالله من ربع محدث!.
قلت: وهكذا؛ فلم يكتف المدخلي بادعائه بتضعيف الأثر بما سبق ذكره، بل ضعفه أيضا بـ(عقبة بن علقمة المعافري) وهو ضعيف عند المدخلي!، حيث قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) في الحاشية (ص65): (إسناده ضعيف، فيه عقبة بن علقمة، قال فيه الحافظ في التقريب: (صدوق، لكن كان ابنه محمد يدخل عليه ما ليس من حديثه)، وقال الذهبي في الكاشف: (صدوق يغرب)...).اهـ
قلت: فتأمل التلبيس والتدليس، عنادا وخيانة، بل عقبة بن علقمة المعافري هذا صدوق، بل ثقة، فلم يضعفه أحد من أئمة الجرح والتعديل، إلا المدخلي حامل راية التبديل والتضليل!!!.
وإليك أقوال أئمة الجرح والتعديل فيه:
قال أبو مسهر: حدثني عقبة بن علقمة المعافري من أصحاب الأوزاعي من أهل أطرابلس من المغرب، سكن الشام، وكان خيارا ثقة. ([281])
وقال ابن معين: لا بأس به. ([282])
وقال ابن خراش: ثقة. ([283])
وقال أبو عبدالله الحاكم: ثقة مأمون. ([284])
وقال النسائي: ثقة. ([285])
وقال ابن قانع: صالح. ([286])
وقال ابن حجر: صدوق([287]). أي في الحديث.
وقال الذهبي: صدوق يغرب. ([288])
وقال الذهبي: صدوق مشهور. ([289])
وقال الذهبي: صدوق. ([290])
قلت: ولا يحذر من حديثه إلا من جهة ابنه محمد بن عقبة المعافري فقط، وليس أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله من ذلك، على زعم المدخلي.
قال ابن حبان رحمه الله في (الثقات) (ج8 ص500): (يعتبر بحديثه من غير رواية ابنه محمد بن عقبة عنه؛ لأن محمدا كان يدخل عليه الحديث، فيجيب فيه).اهـ
وقال ابن حجر رحمه الله في (التقريب) (ص684): (عقبة بن علقمة المعافري([291])...صدوق، لكن كان ابنه محمد يدخل عليه ماليس من حديثه).اهـ
وهذا تالله كبرى معايب هذا المدخلي بشهادة نفسه على نفسه، ويكأنه بدأ يخلط وتختلط عليه الأمور، فهو يقع فيما ينهى الآخرين عنه، ويتصف بما يذم الآخرين بتلبسه!.
قلت: ظهر لذي عينين -ولله الحمد- أن محاولات المدخلي لتضعيف الأثر، هي محاولات الغريق الذي يريد أن يتشبث بخيوط القمر، محوطة بالتدليس، ملفوفة بالتلبيس!. ([292])
أرى كل إنسان يرى عيب غيره
ويعمى عن العيب الذي هو فيه
ولا خير فيمن لا يرى عيب نفسه
ويعمى عن العيب الذي بأخيه
قلت:فهذه التنبيهات وحدها كافية لنقض أكاذيبه في (كشفه البالي)! ([293]).([294])
قلت: ثم أتى بطامة أخرى، حيث زعم أن الآثار لا يبحث فيها في الشواهد والمتابعات، فليس هي عنده كالقول في الأحاديث النبوية!، هكذا مطلقا بدون تفصيل! نعوذ بالله من ربع محدث!.
فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص95) في الحاشية: (وليس هذا القول من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نبحث له عن الشواهد والمتابعات!).اهـ
قلت: فاقتصاره في ذكر الشواهد والمتابعات على الآثار المرفوعة فقط، لا الآثار الموقوفة، ولا الآثار المقطوعة فهذا من أوابيده المهلكة، وإلا عمل أهل العلم بذلك قديما وحديثا ما لا يخفى على صغار طلبة الحديث، فضلا ممن يدعي أنه إمام أهل الحديث في العالم!!!.
قلت: وقد عمل بذكر الشواهد والمتابعات([295]) للآثار الموقوفة والآثار المقطوعة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) وغيرها، والإمام ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) وغيره، والحافظ ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري) وغيره، والشيخ الألباني رحمه الله في (الإرواء) وغيره، وغيرهم([296]).([297])
قلت: وليس هذا موضع نقده في ذلك، فقد جمعت أخطاءه الحديثية، والعقدية، واللغوية، والمنهجية في (كتابي الكبير) اللهم سدد سدد.
قلت: وكأن هذا الجاني برميه الكلام على عواهنه شعر بأخطائه في التحريف كما في (كشفه البالي) (ص87 و88 و89و 90 و91 و92 و93 و94 و 95 و96).
ومجال الرد على هذا الجاني، وبيان أكاذيبه في العلم واسع جدا، وإنما قصدت هنا إلى بيان ما لا بد منه مما يتعلق بتضعيفه للآثار السلفية، وبيان بطلان أصوله الفاسدة في النقد التي وضعها من عند نفسه، وبنى عليها أباطيله اللهم سلم سلم.
قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بقول المدخلي في تضعيفه لأثر، لأن العبرة بمن علم أصول الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!
وبالجملة: فالأثر صحيح بلا ريب.
إذا فتضعيفه لمعتقد الإمام الأوزاعي رحمه الله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لايبقى منه شيء) كما في (كشفه البالي)(ص95).
فليس الأمر كذلك، لأن معتقد الإمام الأوزاعي رحمه الله المسوق المتكلم عنه له صلة باعتقاد السلف كما سبق، وقد ذكره الإمام اللالكائي رحمه الله في كتابه (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم) (ج5 ص1030)، وفي إسناده تمام بن كثير الجبيلي([298])، ترجم له ابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ج11 ص41) ولم يذكر فيه جرحا وتعديلا، فهو لابأس به في المتابعات والشواهد، لأن هذا المعتقد قد أجمعوا عليه، ونقله الأئمة في كتبهم، وأقروه كما سبق ذكره.
وقد أقره الإمام عباس بن الوليد بن مزيد أبو الفضل البيروتي رحمه الله، وهو عابد صدوق ثقة، وكان كبار أصحاب الحديث يكتبون عنه([299])، وروى عنه: أبوداود، والنسائي، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو حاتم الرازي، وأبو العباس الأصم، ويعقوب بن سفيان، وغيرهم. ([300])
فقد سئل الإمام عباس البيروتي رحمه الله: أليس تقول ما يقول الأوزاعي ؟ فقال: (نعم). ([301])
قلت: وهذا يدل على صحة اعتقاد الإمام الأوزاعي رحمه الله، وهو صحيح عنه.
وهذا كله يدل دلالة أكيدة على بطلان ما قاله المدخلي في أثر الإمام الأوزاعي رحمه الله.
وأما تضعيفه لمعتقد الإمام علي بن المديني رحمه الله: (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) بقوله في (كشفه البالي) (ص98): (وتذهب إلى تفسير الثعلبي الذي لم يذكر إسناد قول علي بن المديني... أين إسناده، والثعلبي يروي بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة بدون أسانيد).اهـ
قلت: كلما تأملت كلام هذا المدخلي؛ ازددت يقينا بتفننه في التدليس، وتلونه في التلبيس، فكأنه لا أحد عنده يراجع، وينقد، ويبحث... وهذه الذروة في التعالم، والتعالي بالباطل والعياذ بالله.
وبيان ما أودعه في كلامه هنا من التلبيس من وجوه أربعة:
الأول: أن الأثر حكمه على متنه، وهو مبني على المعاني التي اشتمل عليها هذا الأثر، وهي: (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، فهذا المعنى بعينه، هو موجود في الآثار الأخرى، وهي شاهدة له. ([302])
الثاني: أن الأثر نقله عنه الإمام عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله من كتبه مباشرة([303])، فلا حاجة لنا في إسناده، وما دام أيضا وافق بقية السلف في ذكر هذا المعتقد السلفي، وهو (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، حيث قال الدارمي: سألت علي بن عبدالله المديني فذكره([304])، كما في (تفسير) الثعلبي (ج3 ص213).
الثالث: أن هذا الاعتقاد قد أجمعوا عليه كما سبق ذكره عن الأئمة، منهم: الإمام الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف) (ص31)، والإمام اللالكائي رحمه الله في (الاعتقاد) (ج1 ص9)، والإمام حرب الكرماني رحمه الله في (المسائل) (ص355).
الرابع: أن الإمام ابن المديني رحمه الله موافق في اعتقاده هذا للسلف، واعتقاد السلف يتبع بعضه بعضا.
إذ تبين للقارئ الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على ثبوت الأثر عن الإمام ابن المديني رحمه الله، فحينئذ يتبين لك بطلان تضعيف المدخلي له([305])، والحمد لله.
قلت: وفي هذا إظهار لتلاعب المدخلي بآثار السلف في الاعتقاد، ورميه إياها بالضعف والشذوذ اللهم غفرا.
ومن هنا تعرف بطلان نكير ربيع في (كشفه البالي) (ص84): (إن كلامه هذا يفيد أن السلف جميعا يقولون: إن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).اهـ
الحق شمس والعيون نواظر
لكنها تخفى على العميان
قلت: إذا فلا حجة بعد ذلك بأقوال المدخلي في تضعيفه للآثار، لأن العبرة بمن علم علم الحديث، نعوذ بالله من ربع محدث!.
وبالجملة: فالآثار صحيحة عن أئمة الحديث بلا ريب، ولله الحمد والمنة.
قلت: وقد بينا للقارئ الكريم مخالفات المدخلي الشرعية، وأثبتنا ذلك من كتبه وأشرطته، وناقشناه بذكر آثار السلف، وأقوال أهل العلم([306])وأدلتهم.
وقد أعان الله تعالى على كشف عوارها، وبيان خطرها وبطلانها، واستئصال شأفتها من جذورها، ولله الحمد والمنة.
قال الإمام أحمد رحمه الله عن أمثال المدخلي هذا: (يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم؛ فنعوذ بالله من فتنة المضلين) ([307]).
قلت: فحقيق بمن لنفسه عنده قدر وقيمة، ألا يلتفت إلى هؤلاء المرجئة، ولا يرضى لها بما لديهم والله المستعان.
قال الإمام ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الكبرى) (ج3 ص91): (اعلموا رحمكم الله أن من صفات المؤمنين من أهل الحق تصديق الآثار الصحيحة، وتلقيها بالقبول، وترك الاعتراض عليها بالقياس -يعني بالرأي- ومواضعه القول بالآراء، والأهواء، فإن الإيمان تصديق، والمؤمن هو المصدق).اهـ
وقال الإمام أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في (الحجة) (ج2 ص462): (قال أهل السنة: لا نرى أحدا مال إلى هوى، أو بدعة، إلا وجدته متحيرا ميت القلب ممنوعا من النطق بالحق).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج8 ص173): (والسلف والأئمة كلهم ذموا الكلام المحدث وأهله، وأخبروا أنهم يتكلمون بالجهل، ويخالفون الكتاب والسنة، وإجماع السلف، مع أن كلامهم جهل، وضلال مخالف للعقل، كما هو مخالف للشرع).اهـ
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج10 ص547): (هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين من العلم عبارات وشقاشق لا يعبأ الله بها، يحرفون بها الكلم عن مواضعه قديما وحديثا، فنعوذ بالله من الكلام وأهله).اهـ
وقال الحافظ الذهبي في (تاريخ الإسلام) (ج16 ص442): (هذا غاية ما عند هؤلاء المتقعرين عبارات وشقاشق يتقعرون بها قديما وحديثا، ويحرفون بها الكلام عن مواضعه، والخطاب العربي عن موضوعه، والحديث العرفي عن مفهومه في القرآن والحديث، وكلام الناس؛ فأبعدهم الله، وأبعد شرهم).اهـ
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص18): (كان من شعار أهل البدع إحداث قول، أو فعل([308])، وإلزام الناس به، وإكراههم عليه، والمولاة عليه، والمعاداة على تركه).اهـ
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (الصواعق المرسلة) (ج3 ص926): (فإن البدعة لو كانت باطلا محضا لما قبلت، ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها، ولو كانت حقا محضا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنة، ولكنها تشتمل على حق وباطل، ويلتبس فيها الحق بالباطل، كما قال تعالى: { ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون}[البقرة:42]، فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه، ولبسه به خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، ومنه التلبيس، وهو التدليس، والغش الذي يكون باطنه خلاف ظاهره).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الجواب الصحيح) (ج5 ص117): (لا ريب أن الباطل لا يقوم عليه دليل صحيح لا عقلي، ولا شرعي، سواء كان من الخبريات، أو الطلبيات، فإن الدليل الصحيح يستلزم صحة المدلول عليه، فلو قام على الباطل دليل صحيح لزم أن يكون حقا مع كونه باطلا، وذلك جمع بين النقيضين، مثل كون الشيء موجودا معدوما).اهـ
قلت: إذا فالمدخلي هذا لم يبلغ درجة علماء السنة في الاجتهاد وفي العلم، فهو لا يعتد بخلافه لقصوره في العلم، وعدم توفر آلة الاجتهاد لديه، فهو يعتبر من عامة الناس المثقفين الجامعيين، وهو جاهل بالجهل المركب، وهو مقلد سمع الناس يقولون شيئا فقاله، ولا يشك من أوتي شيئا من العلم والفهم أن جميع العلماء المجتهدين كانوا يقصدون غاية واحدة، وهي استنباط الحكم الموصل إلى مراد الشارع، غير أن مداركهم قد تفاوتت في طريق الوصول إليه. ([309])
والمدخلي هذا ليس عنده الطريق الصحيح الموصل إلى حكم الشارع، والاجتهاد المؤصل بالعلم، فاجتهاده هذا من قبيل الاجتهادات الفاسدة عند أهل العلم يأثم عليها إذا لم يتب منها اللهم غفرا. ([310])
قلت: لأن المسائل الأصولية من المسائل القطعية، أي قام عليها دليل قطعي، فالحق ما قام عليه الدليل، إذ لا يمكن مخالفة الدليل القطعي.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (ج2 ص62): (وكان السلف من الصحابة والتابعين يكرهون التسرع في الفتوى، ويود كل واحد منهم أن يكفيه إياه غيره، فإذا رأى أنها تعينت عليه بذل اجتهاده في معرفة حكمها من الكتاب والسنة، أو قول الخلفاء الراشدين ثم أفتى).اهـ
قلت:فمن قصر في البحث فيها وخالف فهو آثم، وذلك لأن الاجتهاد الصحيح لا ينقض بالاجتهاد الفاسد فتنبه. ([311])
وهو الاجتهاد الناقص: وهو الذي يكون مع التقصير في البحث والنظر، كما بين أهل العلم. ([312])
قلت: والاجتهاد بهذه الصفة يأثم عليه العبد بلا شك كائنا من كان فتنبه. ([313])
قلت: فلا يعتبر الاجتهاد شرعا إلا إذا صدر عن أهله، الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه الاجتهاد، وإلا كان خبطا في عماية، واتباعا للهوى، وكل اجتهاد صدر على غير هذا الوجه، فلا مرية في عدم اعتباره؛ لأنه ضد الحق الذي أنزله الله تعالى. ([314])
قال العلامة الشاطبي رحمه الله في (الموافقات) (ج4 ص167): (الاجتهاد الواقع في الشريعة ضربان:
أحدهما: الاجتهاد المعتبر شرعا، وهو الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه الاجتهاد، وهذا هو الذي تقدم الكلام فيه.
والثاني: غير المعتبر، وهو الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر الاجتهاد إليه؛ لأن حقيقته أنه رأي بمجرد التشهي والأغراض، وخبط في عماية، واتباع للهوى، فكل رأي صدر على هذا الوجه فلا مرية في عدم اعتباره؛ لأنه ضد الحق الذي أنزل الله، كما قال تعالى:{وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} [المائدة:49]، وقال تعالى:{يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} [ص:26]الآية، وهذا على الجملة لا إشكال فيه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستغاثة) (ج1 ص270): (الخبر الذي لا يطابق مخبره، إذا كان صاحبه غير مجتهد، يسمى كذبا، ويذم على ذلك، وإن اعتقد صدق نفسه).اهـ
قلت: لأن الكذب الذي لا يتبادر إلى أذهان الناس منه عند الإطلاق إلا التعمد، والله المستعان.
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في (الاجتهاد) (ص 25): (خطورة الاجتهاد: الاجتهاد مركب صعب، ومنصب خطير، لأن المجتهد يفتي ويخبر عن الله وعن رسولهe، أنه أحل كذا وحرم كذا، وقد قال الله تعالى { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم} إلى قوله تعالى {وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } [الأعراف :33]، فجعل القول على الله بلا علم قرينا للشرك، بل جعله أشد من الشرك مما يدل على خطورة الاجتهاد والفتوى، وفي الأثر: (أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار) ([315]).
وكما أن المجتهد يخبر عن الله فهو أيضا يعرض الناس للوقوع في الخطر والضلال إذا لم يتحرز ويتحفظ ويتأهل، لأنه قد يحل دما حراما، وفرجا حراما، ومالا حراما، وطعاما حراما، إلى غير ذلك من المحاذير العظيمة).اهـ
قلت: ولذلك علينا أن نرجع إلى أهل العلم المعتبرين، لا من أمثال المثقفين([316]) بشيء من العلم الشرعي في الدين فتنبه.
قال الشيخ صالح بن فوزانالفوزان حفظه الله في (وجوب التثبت في الأخبار واحترام العلماء) (ص50): (إن وجود المثقفين والخطباء المتحمسين لا يعوض الأمة عن علمائها... وهؤلاء قراء وليسوا فقهاء، فإطلاق لفظ العلماء على هؤلاء إطلاق في غير محله، والعبرة بالحقائق لا بالألقاب، فكثير ممن يجيد الكلام ويستميل العوام وهو غير فقيه، والذي يكشف هؤلاء أنه عندما تحصل نازلة يحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها فإن الخطباء والمتحمسين تتقاصر أفهامهم وعند ذلك يأتي دور العلماء.
فلننتبه لذلك ونعطي علماءنا حقهم ونعرف قدرهم وفضلهم وننزل كلا منزلته اللائقة به).اهـ
قلت: وهنا يتبين أن ربيعا حقق أشياء في مسائل الإيمان بغير علم، وهذا منكر من القول.
قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (تفسيره) (ج1 ص80): (فالقول على الله بلا علم، من أكبر المحرمات، وأشملها، وأكبر طرق الشيطان التي يدعوا إليها، فهذه طرق الشيطان التي يدعوا إليها هو وجنوده، ويبذلون مكرهم وخداعهم على إغواء الخلق بما يقدرون عليه).اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد هراس رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (161): (وأما القول على الله بلا علم؛ فهو باب واسع جدا يدخل فيه كل خبر عن الله تعالى بلا دليل، ولا حجة).اهـ
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في (الفتاوى) (ج2 ص396): (ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبا، وإن كان لا يتعمد الكذب).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج15 ص349): (خطوات الشيطان القول على الله بلا علم، قال تعالى {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون}[الأعراف:28]، وهذا حال أهل البدع، والفجور).اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (العلم) (ص149): (الذي يفتي بلا علم أضل من الجاهل، فالجاهل يقول: لا أدري، ويعرف قدر نفسه، ويلتزم الصدق، أما الذي يقارن نفسه بأعلام العلماء، بل ربما فضل نفسه عليهم، فيضل ويضل، ويخطئ في مسائل، يعرفها أصغر طالب علم، فهذا شره عظيم، وخطره كبير).اهـ
قلت: فالقول على الله بغير علم، هو أساس كل فساد، وأصل الضلال، والعياذ بالله.
وقال ابن حزم رحمه الله في (الإحكام) (ج1 ص72): (وجدنا الله تعالى أنكر على من حقق شيئا بغير علم، وأنكر على من كذب بغير علم، فقال تعالى { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } [الأعراف :33]، فقد حرم الله تعالى بنص هذه الآية أن يقول أحد على الله عز وجل شيئا لا يعلم صحته، وعلم صحة كل شيء مما دون أوائل العقل، وبدائه الحس، لا يعلم إلا بدليل.
فلزم بهذه الآية من ادعى إثبات شيء، إما أن يأتي عليه بدليل وإلا فقد أتى محرما عليه، وقال تعالى:{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله} [يونس :39]، فأنكر تعالى تكذيب المرء ما لا يعلم أنه كذب.
وقال تعالى: {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} [البقرة: 111]، فأوجب تعالى على كل مدع المصدق أن يأتي ببرهان، وإلا فقوله ساقط).اهـ
قلت: فنلزم المدخلي أن يأتي بالبرهان على دعواه إن كان صادقا اللهم غفرا.
قلت: والمدخلي هذا يأخذ من الصحف([317])، دون الرجوع إلى الشيوخ المعتبرين في الاعتقاد، مما ارتكز في أخطاء شنيعة في أصول الدين!، اللهم سلم سلم.
ولهذا كان العلماء لا يعتدون بعلم الرجل إذا كان مأخوذا عن الصحف، فانتبه.
عن سليمان بن موسى القرشي قال : (لا تقرؤا القرآن على المصحفين([318])، ولا تأخذوا العلم من الصحفيين).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه (ج2 ص193) من طريق عبدالله بن جعفر بن درستويه نا يعقوب بن سفيان حدثني أبو سعيد عبدالرحمن الدمشقي نا الوليد بن مسلم وسويد بن عبدالعزيز عن سعيد التنوخي عن سليمان بن موسى به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن ثور بن يزيد رحمه الله : (لا يفتي الناس الصحفيون).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (ج2 ص194) من طريق ابن أبي عاصم وأبي زرعة الرازي عن هشام بن عبدالملك الحمصي نا بقية قال: سمعت ثور بن يزيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وهذا لفظ ابن أبي عاصم، وآخر حديثه – وقال أبو زرعة الرازي: (لا يفتي الناس صحفي، ولا يقرئهم مصحفي).
قلت: وهذا المتعالم المفتون مادام على هذا الجهل المركب فهو مخاصم ومماري ومحدث بالباطل.
وأيها المتعالم لا تزال ظالما ما كنت مخاصما حاقدا، ولا تزال آثما ما كنت مماريا عصبيا، ولا تزال كاذبا ما كنت محدثا مفتريا.
قلت: ولذلك وقع في الأحكام المجملة لا التفصيل، فأضل السبيل لفهمه العليل.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في: (ومن أهم ما على العبد، وأنفع ما يكون له معرفة قواعد الدين على التفصيل.
فإن أكثر الناس يفهم القواعد ويقر بها على الإجمال!، ويدعها عند التفصيل!) ([319]).([320])اهـ
قلت: فتبين من ذلك أن ربيعا فيه غفلة شديدة في الاعتقاد، والمنهج، والشريعة، والعلم، لم يكن يقدر أن يصون نفسه عن هذه الغفلة الشديدة، كما يفعل أصحاب الحديث شرفهم الله تعالى.
تنبيه: بل أيضا في نقده للرجال؛ فإنه ابتلي بالسب الشديد، فيسبهم سبا شديدا.
وقد انتقده في ذلك العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله لشدته في نقد الرجال، وخروجا عن الجادة العلمية في ألفاظه السيئة، ونصحه مرارا من أجل ذلك ولم يتب([321])، ولم يرجع إلى الآن، بل ازداد سوءا وعنادا([322])، والعياذ بالله.
فقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله -وهو ينصح المدخلي-:(لكني قلت له في أكثر من مرة في مهاتفة جرت بيني وبينه، لو أنه يتلطف في استعمال بعض العبارات!!!).([323])اهـ
قال أبو حمزة الأعور: (أتيت إبراهيم النخعي فقلت: إن أناسا يقولون: قد تابعت إبراهيم التيمي على رأيه. قال: فضحك، وقال: تراني مرجئا سبابا([324])...)([325]).
ولذلك ترى ربيعا يرد الحق، ويغضب لباطله غضبا شديدا، بل ويسب سبا شديدا فهلك. ([326])
قال الإمام ابن بطة رحمه الله في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص547): (فاعلم يا أخي أن من كره الصواب من غيره، ونصر الخطأ من نفسه، لم يؤمن عليه أن يسلبه الله إيمانه، لأن الحق من رسول الله e إليك، افترض عليك طاعته، فمن سمع الحق فأنكره بعد علمه له فهو من المتكبرين على الله، ومن نصر الخطأ؛ فهو من حزب الشيطان).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الصفدية) (ج1 ص293): (وإنما جماع الشر تفريط في حق، أو تعدي إلى باطل، وهو تقصير في السنة، أو دخول في البدعة، كترك بعض المأمور، وفعل بعض المحظور، أو تكذيب بحق، وتصديق بباطل).اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في (صفة الصلاة) (ص70): (ومن أعف نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السند برأيه، ورام أن يردها إلى مبلغ نظره فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضا، وتقحم في الفتوى بلا علم فهو أشد عمى، وأضل سبيلا).اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في (مفتاح دار السعادة) (ج1 ص99): (من عرض عليه حق فرده فلم بقبله عوقب بفساد قلبه، وعقله، ورأيه، ومن هنا قيل: لا رأي لصاحب هوى، فإن هواه يحمله على رد الحق، فيفسد الله عليه رأيه وعقله).اهـ
وقال العلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله في (التنكيل) (ج2 ص201): (فأما من كره الحق، واستسلم للهوى، فإنما يستحق أن يزيده الله تعالى ضلالا).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص629): (أن المستكبر عن الحق يبتلى بالانقياد للباطل).اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في (إعلام الموقعين) (ج2 ص245): (فإن من رد الحق مرج عليه أمره، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصواب، فلم يدر أين يذهب كما قال تعالى {بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم في أمر مريج}[ق:5]) ([327]).اهـ
ويؤيده: كما ذكرنا قول أبي حمزة الأعور حيث قال: (أتيت إبراهيم النخعي فقلت: إن أناسا يقولون: قد تابعت إبراهيم التيمي على رأيه. قال: فضحك، وقال: تراني مرجئا سبابا([328])...)([329]).اهـ
قلت:وهل ترى ربيعا إلا مرجئا سبابا؟!!!([330]).
وأما قوله في (كشفها البالي) (ص95): (وشرح العلامة الفوزان قول هذين الإمامين -يعني ابن قدامة رحمه الله، وابن تيمية رحمه الله- ولم يشر من قريب، ولا من بعيد إلى هذه الزيادة).اهـ يعني : بأن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
أقول: فقد قرأت رسائل المدخلي قراءة تأن، وتأمل، وتدبر، وأيقنت أكثر مما أتصور بحال هذا الرجل، وانحرافه، وابتداعه، وتمويهه، وتلبيسه، وهي صفات أراد أن يصف بها شيوخنا العلماء؛ وإخواننا الأجلاء.
إن من كان هذا حاله حقيق بأن يرثى مآله، ويطرح مقاله، فلعل المغرورين به يكتشفون حقيقته، فتظهر لهم فعالة سريرته!، والله المستعان.
ولكي لا أخلي من ضرب أمثلة التي تبين حقيقته، وتظهر دعاويه، أقول: لقد رجعنا إلى كتب الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ووجدنا أنه يقول بزيادة: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ويقر بذلك، والمراد أن الإيمان ينتهي بالكلية من قلب العبد([331]).
فقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه لـ(شرح السنة) (ص117) معلقا على قول الإمام البربهاري: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء!): (معنى قوله: وينقص حتى لا يبقى منه شيء) ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وقد يبقى منه مقدار حبة خردل، وهذه تنفع صاحبها يوم القيامة يخرج بها من النار، وإذا لم يبق حبة خردل، فإنه يكون من أهل النار المخلدين فيها([332])!).اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله وهو يرد على المرجئة: (فالرد عليهم أن الذنوب تضر على كل حال، منها ما يزيل الإيمان بالكلية!، ومنها ما لا يزيله بالكلية بل ينقصه، وصاحبها معرض بالوعيد المرتب عليها).اهـ
قلت: فهذا اعتقاد الشيخ الفوزان حفظه الله في: أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء، ويفقد بالكلية نقله عن السلف، والله المستعان.
ولست أظن أن ذلك يخفى على المدخلي... ولكن هو التلبيس والتدليس!.
قلت: وهذا يدل على أن شر المدخلي هذا استفحل، واشتد خطره واستعمل([333]).
قلت: وأما قول المدخلي بزعمه في اقتصار السلف فقط بقولهم: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص)، كما في (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص174) حيث يقول: (يقولون -يعني السلف- : الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ويسكتون ولا يقولون: (حتى لا يبقى منه شيء)!!!، ولم يثبت عن أحد قال هذا الكلام إلا عن سفيان بن عيينة في حالة غضب!!!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص78): (فهذا افتراء منه على السلف ومنهجهم، فالصحابة والتابعون أجمعوا على القول: بأن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ولم ينقل عن أحد من الصحابة، ولا من التابعين أنه قال: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء)).اهـ
فقوله: إن السلف أرادوا بقولهم فقط: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص)، ولم يزيدوا على ذلك، وقد قالوا مقولتهم هذه في معرض الرد على المرجئة.
أقول: الجواب عليه من وجوه:
الوجه الأول:
أن السلف لم يكتفوا بقولهم : (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص) حتى يقال: لا يزاد على ذلك.
بل السلف زادوا على ذلك بعبارات متنوعة، وبألفاظ متقاربة في الإيمان.
فقالوا: (الإيمان قول وعمل ونية).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل ونية صادقة).
وقالوا: (الإيمان المعرفة والإقرار والعمل).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، وبعضه أفضل من بعض).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل ونية وإصابة السنة).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل، وعمل وقول، ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل ومعرفة).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل وعقيدة).
وقالوا: (الإيمان قول وعمل وسنة، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية) ([334]).
قلت: وكل هذه العبارات حق، ولم ينكرها أحد من الأئمة([335]).
فما أقل بصره بأهل الحديث وجهابذته.
فاقتصار المدخلي على عبارة: (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص) فقط، هذا مخالف لمنهج السلف في الإيمان.
قلت: ولو كان الأمر على ما ذكره المدخلي المخالف، لذكر ذلك أهل العلم، والله المستعان.
الوجه الثاني:
أن المرجئة خالفت أهل السنة والجماعة في مسائل عدة في الإيمان، فبينوا الإيمان الصحيح بعبارات متنوعة، وألفاظ متقاربة في المعنى، فلا وجه للمدخلي في إنكاره لعبارة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) والله المستعان.
الوجه الثالث:
أنه على المدخلي أن يتثبت في كلام السلف، لأن كلامهم أصح الكلام، والله المستعان.
وأما ادعاء المدخلي أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يقول بزوال الإيمان بالكلية، كما يفهم من صنيعه، حيث قال ربيع في (كشفه البالي) (ص226): (فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية([336]) بأن مذهب أهل السنة والجماعة أنه: (أي الإيمان)، يتبعض، وأنه ينقص، ولا يزول جميعه).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص226): (ومن هنا أطلق شيخ الإسلام القول بأن مذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان يتبعض، وأنه ينقص، ولا يزول جميعه) ([337]).اهـ
قلت: وهذا الكلام فيه شبهة خفية على ربيع، فينبغي العمل فيه بالمحكم من كلام أهل السنة والجماعة، وترك المتشابه، ونكل ما خفي أمره إلى كلامهم، ونرد بعضه إلى بعض، ليتضح الإشكال.
وأن مراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ذكر كلام أهل السنة هذا الرد على أهل البدع من الخوارج والمعتزلة وغيرهم في أن العبد إذا فعل بعض المعاصي بقي معه شيء من الإسلام والإيمان([338]).
وهذا حق دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة، خلافا للخوارج والمعتزلة، لأنهم في ظنهم أن الإيمان لا يتبعض، بل إذا ذهب بعضه ذهب كله!، فلم يقولوا بالتبعيض، لا في الاسم، ولا في الحكم، فرفعوا عن صاحب المعصية الكبيرة بالكلية اسم الإسلام ،أو الإيمان، وأوجبوا له الخلود في النار.
لأن الإيمان عندهم قول وعمل، لكنه لا يزيد ولا ينقص، وهو شيء واحد، إن ذهب بعضه ذهب كله، وهذا ما دعاهم إلى القول بتخليد مرتكب الكبيرة في النار، لكنهم اختلفوا في حكمه في الدنيا، فقالت الخوارج بكفره، وقالت المعتزلة في منزلة بين المنزلتين.
وأما أهل السنة فيقولون أن الإيمان يتبعض، وينقص، ولا يزول من المسلم جميعه بما ارتكب من المعاصي، فلا يزول منه الإيمان بالكلية، هكذا يحرر كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فأهل السنة لم يكفروا مرتكبي الكبيرة، بل أجروهم بأصل الإيمان الذي عندهم مجرى الفساق المسلمين، وإن عذبوا بالنار فمدة من الزمان دون الأبد، واحتجوا في ترك القول بتكفيرهم بالنصوص الشرعية ولله الحمد والمنة.
وإليك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير بعضه بعضا:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية([339]) رحمه الله في (العقيدة الأصفهانية) (ص181) وهو يرد على المرجئة والجهمية وغيرهم: (وإنما أوقع هؤلاء كلهم ما أوقع الخوارج والمعتزلة في ظنهم أن الإيمان لا يتبعض، بل إذا ذهب بعضه ذهب كله، ومذهب أهل السنة والجماعة أنه يتبعض، وأنه ينقص، ولا يزول جميعه([340])، كما قال النبيe: (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان)([341]).
فالأقوال في ذلك ثلاثة: الخوارج والمعتزلة نازعوا في الاسم، والحكم، فلم يقولوا بالتبعيض لا في الاسم، ولا في الحكم، فرفعوا عن صاحب الكبيرة بالكلية اسم الإيمان، وأوجبوا له الخلود في النيران...).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص510): (ثم قالت الخوارج والمعتزلة: الطاعة كلها من الإيمان([342])، فإذا ذهب بعض الإيمان، فذهب سائره، فحكموا بأن صاحب الكبيرة ليس معه شيء من الإيمان).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص510): (وأصل نزاع هذه الفرق في الإيمان من الخوارج، والمرجئة، والمعتزلة، والجهمية، وغيرهم، أنهم جعلوا الإيمان شيئا واحدا إذا زال بعضه زال جميعه!، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه، فلم يقولوا بذهاب بعضه، وبقاء بعضه، كما قال النبيe: (يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان)).اهـ
قلت: هكذا يرى الخوارج والمعتزلة أن الإسلام و الإيمان شيء واحد.
وأهل السنة لا يكفرون أصحاب المعاصي، ولا يسلبونهم اسم الإيمان بالكلية. ([343])
قلت: وما سبق ذكره من التحرير الصحيح كان مراد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لا كما فهمه المدخلي من نصه([344])، اللهم غفرا.
والحاصل بهذا الكلام أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يتعرض لحكم تارك عمل الجوارح بالكلية، ولا لنجاته في الآخرة، ولا لزوال الإيمان بالكلية، بل تعرض للرد على الخوارج والمعتزلة الذين لا يقولون بالتبعيض اللهم غفرا.
قلت: والمدخلي نفسه ذكر بتبعيض الإيمان، والرد على الخوارج في هذا الباب، ولم ينتبه لذلك كما هو عادته، فكيف يستدل بقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على خلاف ذلك، والله المستعان.
فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص61): (عند المرجئة: الإيمان لا يتجزأ، لأنه إذا نقص عندهم؛ حل محله الكفر، والشك، فلهذا ما ينقص، لا نحن عندنا الإيمان يتجزأ، ويتجزأ، كالجبال (وبعدين) ينقص، وينقص حتى يصير كالذرة.
والخوارج يقولون: الإيمان لا يزيد، ولا ينقص، إذا ارتكب الكبيرة خرج من الإيمان! ([345])
والمرجئة يقولون: الإيمان لا ينقص، فإنه لا ينقص إلا بالكفر والشك، فإذا دخله الشك والريب، أو الكفر انتهى).اهـ
والحاصل أن المدخلي المخالف لم يسق حجة صحيحة على ما ادعاه، وإنما اعتقد، ثم تكلف في فهم كلام السلف والعلماء، وتأويله على غير مرادهم، والله المستعان.
وهذا يبطل كل محاولة يسلكها المخالف للزعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية، وأهل السنة لم يقولوا بذهاب الإيمان بالكلية([346])، فكن على ذكر من هذا، فإنه مهم جدا. ([347])([348])
ويتضح ذلك من قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان) (ص213) حيث قال: (وقيل لبعض السلف: يزداد الإيمان وينقص؟ قال: نعم يزداد حتى يصير أمثال الجبال، وينقص حتى يصير أمثال الهباء).اهـ
قلت: والمراد أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء، أي يزول جميعه.
وهذا إقرار من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لاعتقاد السلف، بأن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (شرح العمدة) (ج2 ص86) في معرض الاستدلال على تكفير تارك الصلاة، والمناقشة لأدلة المخالفين: (وأيضا فإن الإيمان عند أهل السنة والجماعة قول وعمل، كما دل عليه الكتاب والسنة، وأجمع عليه السلف، وعلى ما هو مقرر في موضعه، فالقول تصديق الرسولe، والعمل تصديق القول، فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا.
والقول الذي يصير به مؤمنا قول مخصوص، وهو الشهادتان، فكذلك العمل هو الصلاة... وأيضا فإن حقيقة الدين هو الطاعة، والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل، لا بالقول فقط، فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، ومن لا دين له فهو كافر).اهـ
قلت: فالمخالف لم يفقه المراد من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كما هو ظاهر من قوله، والله المستعان.
فينبغي أن يفهم في ضوء هذا تعبيره بـ(ولا يزول جميعه!)، ليتضح كلامه غاية الوضوح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص644) عن الإيمان: (إذا ذهب نقص عن الأكمل، ومنه إذا ذهب، ذهب عن الكمال، ومنه إذا ذهب، ذهب الإيمان بالكلية، وهو القول والاعتقاد).اهـ
قلت: ومع هذا فإنك تجد المخالف معرضا عن صريح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية هذا، ويتعلق ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة، أو هي خاصة بأمر معين([349]).
قلت: فهل يقال أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يقل بـ( يزول الإيمان بالكلية)، بل قال: (ولا يزول جميعه!). والله المستعان.
قلت: وللعلم بأن ربيعا يأتي بالمتشابه من أقوال أهل العلم في هذه المسألة ليبطل معتقدهم في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!.
فقد حاول مرارا وتكرارا في محاولات كثيرة في كتبه، وأشرطته، أن يلبس على زيادة (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فلم يفلح، وهذا مفضح!.
واستمع إلى تلبيسه الأخير، حيث يقول المدخلي في (كشفه البالي) (ص226): (وقد يقال أن بعض أهل السنة يقولون: (إن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، فيقال: إن هؤلاء فئة قليلة!، ومع ذلك فهم مع جمهور أهل السنة في الاقتصار على القول بأن الإيمان (قول وعمل)، أو (قول وعمل يزيد وينقص)، واقتصارهم عليه في نظري هو الغالب، فصار القول: بأنه (ينقص حتى لا يبقى منه شيء) أمرا نادرا!، والحكم للغالب!، ولا حكم للنادر!) ([350]).اهـ
قلت: كلما تأملت كلام هذا المدخلي؛ ازددت يقينا بتفننه في التدليس!، وتلونه في التلبيس!، فكأنه لاأحد عنده يراجع، وينقد، ويبحث في تلبيسه، وتدليسه، وقد أبطلت قاعدته هذه من أسها، كما سبق والله المستعان.
وأما ما ادعاه على شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في قوله في (الدرر السنية) (ج2 ص66) حيث قال في (كشفه البالي) (ص227): (أقول: لم يقل الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: إن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء([351])، فضلا عن أن يشترطه، وانظر إلى قوله: إن الإيمان يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، بل هذا مذهب الخوارج).اهـ
قلت: الشيخ رحمه الله لم يتعرض في كلامه هذا لحكم تارك عمل الجوارح بالكلية، أو لزوال الإيمان بالكلية، وإنما أراد أن يرد على الخوارج، كما هو ظاهر من قوله: (بل هذا مذهب الخوارج)، لأن الخوارج يقولون: إن الإيمان قول وعمل، لكنه لا يزيد, ولا ينقص، وهو شيء واحد إن ذهب بعضه ذهب كله، وهذا ما دعاهم إلى القول بتخليد مرتكب الكبيرة في النار، لأن ظنهم أن الإيمان لا يتبعض، ولا يتجزأ، بل إذا ذهب بعضه ذهب جميعه، ومذهب أهل السنة أنه يتبعض، وأنه ينقص ولا يزول كله، فهذا هو مراده، كما سبق ذكره.
ويتضح ذلك من قول شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بقوله: (وأما كون: لا إله إلا الله، تجمع الدين كله، وإخراج من قالها من النار، إذا كان في قلبه مثقال أدنى ذرة، فلا إشكال في ذلك.
وسر المسألة: أن الإيمان يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، بل هذا مذهب الخوارج...).اهـ
ويؤيد قوله رحمه الله بذهاب الإيمان بالكلية:
فقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في (كشف الشبهات) (ص126): (لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب، واللسان، والعمل، فإن اختل شي من هذا لم يكن الرجل مسلما([352])، فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون، وإبليس، وأمثالهما).اهـ
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله : ( لا خلاف بين الأمة أن التوحيد: لا بد أن يكون بالقلب، الذي هو العلم، واللسان الذي هو القول، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي، فإن أخل بشيء من هذا لم يكن الرجل مسلما([353]).
فإن أقر بالتوحيد، ولم يعمل به، فهو كافر معاند، كفرعون وإبليس، وإن عمل بالتوحيد ظاهرا، وهو لا يعتقده باطنا، فهو منافق خالصا، أشر من الكافر) ([354]).اهـ
ويؤيده:
فهذا أحد أئمة الدعوة يقول: (فأهل السنة مجمعون على أنه متى زال عمل القلب فقط، أو هو مع عمل الجوارح: زال الإيمان بكليته، وإن وجد مجرد التصديق، فلا ينفع مجردا عن عمل القلب، والجوارح معا، أو أحدهما، كما لم ينفع إبليس، وفرعون وقومه، واليهود، والمشركين الذين كانوا يعتقدون صدق الرسولe سرا، وجهرا) ([355]).اهـ
وقال العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمه الله في (مصباح الظلام)(ص470) وهو يرد قول عثمان الناصري الضال هذا: (فإذا كان هذا كلامه في هذه المسألة: فماذا يزيد الإيمان وينقص، حتى يكون أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان!([356])) إلى آخر قول الناصري، فقال الشيخ عبداللطيف: (فهذه العبارة تنادي بجهله، فالخوارج لا ينازعون في زيادة الإيمان، وإنما النزاع في نقصه، وأئمة الإسلام يقولون يزيد مع بقاء أصله الذي دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء([357])، فإذا ثبت الإسلام زاد الإيمان ونقص، ومع عدم الإسلام وانهدام أصله لا يعتمد بما أتى به من شعبه!).اهـ
قلت: فلما احتج الناصري : (بأدنى مثقال حبة خردل من إيمان)، احتج عليه الشيخ باعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).
وهذا يدل على جهل المدخلي بالسنة، ومعتقد السلف في الإيمان([358]).
وأما نقله في (كشفه البالي) (ص226) عن الإمام ابن رجب رحمه الله أنه لم يقل في الإيمان ينقص حتى لايبقى منه شيء، بقوله رحمه الله: (ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والإيمان نقصا بينا؛ فإن منع الواجبات، وتناول المحرمات ينقص بهما الدين والإيمان بلا ريب، ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل جدا) ([359]).اهـ
قلت: والحقيقة أنه ليس في هذا الموضع يمكن أن يحتج المدخلي فيه بـ(كلام الإمام ابن رجب رحمه الله) في عدم قوله بزيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، هذا ما لا ذكر له في كلامه رحمه الله، بل كلامه هذا في ذمه الحرص على المال والدنيا، لأن الحرص عليهما يفسد دين المرء المسلم وإيمانه، فينقص منه إلى ما شاء الله، ولا يذهب جميعه، فيترتب على ذلك الإخلال ببعض الواجبات، وفعل بعض المحرمات، وهذه معاصي، والإيمان بالمعاصي هذه ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل، كما بين الإمام ابن رجب رحمه الله.
لأن الإيمان يتفاوت، ويختلف بحسب أحوال الخلق، فمنهم من إيمانه كالجبال، بحيث لا يزحزحه مزحزح، فيزيد إلى ما لا نهاية له، ومنهم من ينقص إيمانه حتى ينتهي إلى مثقال ذرة.
فالأول: سببه الطاعة والعلم... والثاني: سببه المعاصي والجهل، وهذا لا يوجب الخلود في النار، حيث وجد الإيمان، وتأدية أركان الإسلام، لكنه لمعاصيه، وجهله، وغفلته، وهن وضعف إيمانه، ولا يلزم من وهنه، وضعفه عدم فعل الصلاة، وسائر أركان الإسلام([360]) مما يقدر عليه، بل قد يفعلها، وإيمانه ضعيف([361])، حتى ينتهي إلى مثقال ذرة([362])، والله المستعان.
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (جامع العلوم والحكم) (ص27): (قال المحققون من العلماء: كل مؤمن مسلم، فإن من حقق الإيمان ورسخ في قلبه قام بأعمال الإسلام كما قال e: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) ([363]).
فلا يتحقق القلب بالإيمان إلا وتنبعث الجوارح في أعمال الإسلام، وليس كل مسلم مؤمنا، فإنه قد يكون الإيمان ضعيفا فلا يتحقق القلب به تحققا تاما، مع عمل جوارحه أعمال الإسلام فيكون مسلما، وليس بمؤمن الإيمان التام).اهـ
قلت: وعلى هذا فالمسلم لا يلزم أن يكون تام الإيمان
قلت: وكلام الإمام ابن رجب رحمه الله يفسر بعضه بعضا حيث قال: (ومتى وصل الحرص على المال إلى هذه الدرجة نقص بذلك الدين والإيمان نقصا بينا...والإيمان بلا ريب ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل جدا) ([364]).
ويوضح هذا قوله رحمه الله: (وقد تبين مما ذكرنا أن حب المال، والرياسة، الحرص عليما يفسد دين المرء حتى لا يبقى منه إلا ما شاء الله كما أخبر بذلك النبيe)([365]).اهـ
قلت: هذا هو التحرير الصحيح لعبارة الإمام ابن رجب رحمه الله: (ينقص حتى لا يبقى منه إلا القليل جدا) و (حتى لا يبقى منه إلا ما شاء الله).
ويؤيده: قوله رحمه الله بذهاب الإيمان بالكلية.
فقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري) في كتاب الإيمان (ج1 ص25): (فكذلك الإيمان والإسلام، إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه -مع بقاء أركان بنيانه- لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه؛ لنقصه.
بخلاف ما انهدمت أركانه، وبنيانه، فإنه يزول مسماه بالكلية!).اهـ
أي يزول الإيمان والإسلام بالكلية، فلا يبقى في قلب الإنسان شيء من الإيمان، لأنه ترك الأصول الإسلامية.
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الإمام ابن رجب رحمه الله لا يقول بذهاب الإيمان كله، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230).
وأما استشهاد المدخلي في (كشفه البالي) (ص230) بكلام العلامة الشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله على عدم قوله بذهاب الإيمان بالكلية، بقوله رحمه الله: (الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، كما هو صريح الأدلة من الكتاب والسنة، وكما هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم، وأعمال قلوبهم، وأعمال جوارحهم، الناس يتفاوتون، ليس إيماننا كإيمان أبي بكر، وإيمان عمر، لأن أعمالهم غير أعمالنا، أبوبكر يقولون: لم يفق الناس بكثرة صلاة، أو صيام، ولكن بما وقر في القلب.
قوة الإيمان عند أبي بكر غير قوة الإيمان عند غيره، وهكذا إلى أن وصلنا إلى هذه الدرجة، ينقص الإيمان إلى حد أنه لا يبقى منه إلا مثقال ذرة، يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، إذن يزيد زيادة عظيمة، كإيمان رسول اللهe، وأبي بكرt، ومن معه، وينقص كإيماننا اليوم، فيصل إلى درجة أنه لا يبقى في قلبه إلا مثقال ذرة) ([366]).اهـ
قلت: وفي الحقيقة أنه ليس في هذا الموضع يمكن أن يحتج المدخلي فيه بقول الشيخ رحمه الله هذا في عدم قوله بذهاب الإيمان بالكلية أي ينقص حتى لا يبقى منه شيء، هذا ما لا ذكر له في كلامه رحمه الله، ومن ادعاه عليه فهو محض افتراء.
بل كلامه رحمه الله هذا صريح في ذكره لتفاوت الإيمان في قلوب المؤمنين، فمنهم من إيمانه كالجبال، ويزيد إلى مالا نهاية له، وضرب مثلا بإيمان الرسولe، وإيمان أبي بكر الصديق t، وإيمان عمر بن الخطاب t... ومنهم من ينقص إيمانه حتى ينتهي إلى مثقال ذرة من إيمان، بسبب فعله المعاصي، وضرب مثلا بإيماننا اليوم في بعض المسلمين([367]).
حيث قال الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية... وكما هو ظاهر مشاهد من تفاوت المؤمنين في عقائدهم، وأعمال قلوبهم، وأعمال جوارحهم، الناس يتفاوتون...).
والحاصل أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لم يتعرض للكلام على زوال الإيمان بالكلية، بل تكلم على تفاوت المسلمين في الإيمان، كما هو ظاهر من كلامه والله المستعان.
ويؤيده:قول الشيخ رحمه الله بذهاب الإيمان جميعه.
فقال العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (... ولكن العاقل يرضى أن يكون في قمة الإيمان، الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والإكثار من الطاعة، والإكثار من العبادة، ينقص فيضعف بالمعاصي إلى أن يضمحل([368])، يكاد أن يذهب، وربما يذهب)([369]).اهـ
أي يعني الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة السلفية!، كما في (كشفه البالي) (ص230).
قلت: ومع هذا فإنك تجد المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلام أهل العلم، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.
ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العلماء، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهبهم غاية الوضوح([370])، والله المستعان.
فانظر أيها الجاهل أن توردك هذه التفاسير من المهالك، وما تجر إليه من الجهل والضلال، فتشهد عليك بأقبح المحال، والله المستعان.
قلت: فظهر لذي عينين -ولله الحمد- أن محاولات المدخلي للتلبيس على معتقد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) هي محاولات باطلة غير مقبولة، واستخف إخوانه المرجئة بها فأوردهم الموارد المهلكة، والله المستعان.
قلت: إذا تبين هذا؛ عرفت أن مخالفة المدخلي([371]) لأهل السنة والجماعة في الإرجاء، مخالفة واضحة جملة وتفصيلا، والله المستعان.
قلت: فهذا اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء نقله الأئمة، والعلماء في كتبهم، وخالف اعتقاد السلف الصالح في ذلك ربيع المدخلي فقال بأن الإيمان ينقص حتى يبقى أدنى مثقال ذرة([372])، والله المستعان.
قلت: واعلم رحمنا الله وإياك أن هذه الآثار التي قد ذكرنا في معتقد السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء قد ذكره الحفاظ في كتبهم، ورواه الأئمة في مصنفاتهم، وجمعه العلماء على ما ساقه الإمام عبدالله بن الإمام أحمد، والإمام الخلال، والإمام ابن أبي حاتم، والإمام ابن منده، والإمام البربهاري، والإمام ابن بطة، والإمام الآجري، والإمام اللالكائي، وغيرهم، وأوجبوا كلهم الإيمان بهذا المعتقد والتسليم له، فلا ينكر، ولا يرد، ولا يتأول بشيء، ولا يحرف، وكذلك ذكره أصحاب الحديث في معتقدهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص40): (فإن كل ما في الكتاب فالرسول موافق له، والأمة مجمعة عليه من حيث الجملة... وكذلك كل ما أجمع عليه المسلمون، فإنه لا يكون إلا حقا موافقا لما في الكتاب والسنة... فليس كل ما جاءت به السنة يجب أن يكون مفسرا في القرآن؛ بخلاف ما يقوله أهل الإجماع؛ فإنه لا بد أن يدل عليه الكتاب والسنة، فإن الرسول هو الواسطة بينهم، وبين الله في أمره ونهيه، وتحليله، وتحريمه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص38): (قوله تعالى { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين}[النساء:115]، فإنهما متلازمان، فكل من شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فقد اتبع غير سبيل المؤمنين، وكل من اتبع غير سبيل المؤمنين فقد شاق الرسولe من بعد ما تبين له الهدى، فإن كان يظن انه متبع لسبيل المؤمنين وهو مخطئ؛ فهو بمنزلة من ظن أنه متبع للرسولe وهو مخطئ.
وهذه الآية تدل على أن إجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسولe، وإن كل ما أجمعوا عليه فلا بد أن يكون فيه نص عن الرسولe؛ فكل مسألة يقطع فيها بالإجماع، وبانتفاء المنازع من المؤمنين؛ فإنها ممن بين الله فيه الهدى...).اهـ
قلت: والوقوف مع إجماع السلف، وعدم تجاوزه، أو قبول الخلاف فيه بأي حال؛ لأن مخالفة إجماعهم يقتضي بالضرورة تخطئتهم، وهم إنما أجمعوا على الأصول التي أجمعوا عليها بناء على نصوص كثيرة، فلا يمكن أن يكون إجماعهم خطأ، بل أن من يخالفهم لابد أن يكون هو الذي أخطأ، وأحدث في الدين ما ليس منه.
قلت: فإذا كان أهل السنة قد أجمعوا -مثلا- على أن (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فإن مقتضى ذلك عندهم أن ذلك من معتقدهم، فمن خالف في ذلك فهو مخالف لإجماع السلف، وأحدث في الدين ما ليس منه.
قلت: إذا فقول القوم: الإيمان يزيد وينقص، ثم قولهم: ينقص إلى حد أدنى، مخالف لقول السلف: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
فالإيمان يزيد بالطاعة حتى يكون كالجبال، وينقص بالمعصية حتى لا يبقى منه شيء.
قلت: ومن قال ينقص إلى حد أدنى، أو إلى حد معين فلا ينقص بعده، فقد اتفق مع المرجئة في بعض قولهم.
قلت: ولذلك تنفر المرجئة من النقصان أعظم من نفورها من الزيادة!!!.
ونفور ربيع المدخلي من النقصان واضح في (مجموعه الفاضح) (ص416 و501)، و (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص 173 و174 و175)، و(كشفه البالي) (ص79 و80 و81 و82)، حيث أرعد وأبرق، وشرق وغرب في الحد الأدنى للإيمان، واستدلاله بأحاديث الشفاعة المشتبه، والدفاع عنها بكل قوته، وترك محكم أحاديث الشفاعة ونفوره منها، وإنكاره زيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) أشد الإنكار، ورميه الشبه عليها من كل جانب تلبيسا، وتدليسا، وتضعيفا، وكذبا، وتأويلا، بل وطعنا في رواتها الثقات بكل ما أوتي من قوة، كل ذلك لنفوره من النقصان، ولا ينفر من الزيادة، فشابه المرجئة الخالصة اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص! أعظم من نفورها من لفظ الزيادة) ([373]).اهـ
واستمع إلى حد الإيمان عند المدخلي، وكيف ينفر من النقصان، ولا ينفر من الزيادة، حيث قال ربيع في (مجموعه الفاضح) (ص501): (فيخرج من النار من كان في قلبه مقدار دينار من الإيمان، من كان في قلبه مثل شعيرة ذرة، أدنى من مثقال ذرة من الإيمان، هذا نقص إيمانه إلى هذا الحد، والإيمان قد يصل إلى مثل الجبل، وهذا ينقص إيمانه حتى لا يبقى منه إلا مقدار دينار، أو دونه) ([374]).اهـ
وقال ربيع في (كشفه البالي) (ص168): (نحن عندنا الإيمان يتجزأ، ويتجزأ كالجبل، وينقص، ينقص حتى يصير كالذرة).اهـ
وقال ربيع في (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص169): (الإيمان يزيد، ويزيد، ويزيد حتى يصير كالجبال... ومن الأدلة على نقصانه أحاديث الشفاعة؛ فأحاديث الشفاعة فيها أن الإيمان ينقص، منهم من يكون عنده مقدار دينار، ومنهم من لا يبقى عنده إلا مقدار نصف دينار، ومنهم من لا يبقى عنده إلا مثقال ذرة)([375])([376]).اهـ
وهذا القول الذي ذهب إليه محققوا المرجئة الخامسة كـ(ربيع المدخلي) وغيره، ونعقوا به، وأحدثوا، وابتدعوا ما سموه (الحد الأدنى) في الإيمان، وجعلوه غير قابل للنقصان... فصار الحد الأدنى عندهم يقابل أصل الإيمان عند المرجئة الخالصة.
قلت: وسبب هذا الابتداع أن المرجئة الخامسة نوابت وافقوا على الشيء المحدود ينقص ثم ينقص ثم ينقص ولا ينتهي، ففروا من شيء، وابتدعوا القول بـ(الحد الأدنى)، وقالوا: (إن أصل الحد الأدنى ليس فيه نقصان، أما الزيادة عليه فممكنة).
والمرجئة الخامسة تنفر من القول بالنقصان([377]) أكثر من الزيادة، فقيدوا النقصان بحد معين، وأما الزيادة فأطلقوها، فهذا وجه مشابهتهم لمذهب المرجئة الخالصة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة).اهـ
وهذا القول مخالف لقول السلف الذين نصوا على أن الإيمان ينقص حتى لايبقى منه شيء، فبطلت تلك الحجة التي دندن عليها المدخلي شرقا وغربا.
فهذا مذهب القوم في الإيمان شرحته لك لتكون على بصيرة، ولتعلم ما بين القوم والمرجئة الأوائل من توافق واختلاف([378]) اللهم سلم سلم.
قلت: فهؤلاء يوافقون السلف لفظا، ويخالفونهم في حقيقة مذهبهم، ومن نحو قولهم: إننا نقول: الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، ونقول بالإستثناء، ومن قال هذه الثلاث فليس بمرجئ([379]).
أقول: أن هذه المقولة جاءت عن جماعة من السلف، منهم: الإمام سفيان الثوري رحمه الله([380])، والإمام أحمد رحمه الله بقوله: (عندما سئل عمن يقول: الإيمان يزيد وينقص؟ قال: هذا برئ من الإرجاء) ([381])، والإمام البربهاري رحمه الله حيث قال: (من قال: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فقد خرج من الإرجاء كله أوله وآخره) ([382]).
قلت: وهذه الآثار عندنا في مكانة عالية، فإليها صائرون، وبها قائلون، فلا يفرح بها من هو مظهر لمقولة السلف، وفي باطنه قائل بمقولة الخلف!، ووجهها واضح -لمن أراد الحق- فمن قال مقولة السلف على فهمهم، ومرادهم، ولم يظهر منه ما يناقضها، فهذا الذي يقال فيه برئ من الإرجاء، وعلى مثله تنزل آثار السلف.
وأما من وافق السلف في المقولة لفظا، وخالفهم في حقيقة المذهب معنى، فلم تتحقق فيه شروط البراءة من الإرجاء([383]).
وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على أن كثيرا من المتأخرين خلط بين المذهبين، فصار ظاهره قول السلف، وهو من أبعد الناس عنهم، حيث قال في (الفتاوى) (ج7 ص364): (وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف، وأقوال المرجئة([384])، والجهمية، لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية!، والمرجئة في الإيمان!، وهو معظم للسلف، وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله، وكلام السلف).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص158): (فالمتأخرون الذين نصروا قول جهم في مسألة الإيمان، يظهرون قول السلف في هذا -وهو عدم تخليد أهل القبلة- وفي الإستثناء، وفي انتفاء الإيمان الذي في القلب حيث نفاه القرآن، ونحو ذلك، وذلك كله موافق للسلف في مجرد اللفظ، وإلا فقولهم في غاية المباينة لقول السلف، ليس في الأقوال أبعد عن السلف منه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص143): (هؤلاء وأمثالهم لم يكونوا خبيرين بكلام السلف، بل ينصرون ما يظهر من أقوالهم بما تلقوه عن المتكلمين من الجهمية، ونحوهم من أهل البدع، فيبقى الظاهر قول السلف، والباطن قول الجهمية الذين هم أفسد الناس مقالة في الإيمان).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص402): (فقولهم في الرب، وصفاته، وكلامه، والإيمان به يرجع إلى تعطيل محض، وهذا قد وقع فيه طوائف كثيرة من المتأخرين المنتسبين إلى السنة، والفقه، والحديث، المتبعين للأئمة الأربعة، المتعصبين للجهمية، والمعتزلة، بل وللمرجئة أيضا، لكن لعدم معرفتهم بالحقائق التي نشأت منها البدع يجمعون بين الضدين!!!.
ولكن من رحمة الله بعباده المسلمين أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق، مثل الأئمة الأربعة، وغيرهم كمالك، والثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، وكالشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي عبيد، وأبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن، والإيمان، وصفات الرب، وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف... وكذلك تجدهم في مسائل الإيمان يذكرون أقوال الأئمة والسلف، ويبحثون بحثا يناسب قول الجهمية، لأن البحث أخذوه من كتب أهل الكلام الذين نصروا قول جهم في مسائل الإيمان).اهـ
قلت: وهذا الكلام يدل على أن (البراءة من الإرجاء) لا تحصل إلا بالموافقة التامة للسلف في اللفظ، وفي المعنى، جملة وتفصيلا، فافطن لهذه ترشد.
والخلاصة: أن العبرة بالحقائق، لا بالألفاظ!.
وبهذا نخلص إلى أن مقولة السلف حجة على المرجئة الخامسة لا لهم، وبالله نعتصم، وعليه نتوكل.
وقد صرح كما سبق بهذا المعتقد السلفي عدد من علماء السنة منهم:
1) الإمام الأوزاعي رحمه الله.
2) الإمام ابن عيينة رحمه الله.
3) الإمام ابن راهويه رحمه الله.
4) الإمام أحمد رحمه الله.
5) الإمام إسحاق بن منصور رحمه الله.
6) الإمام بشار الخفاف رحمه الله.
7) الإمام العباس البيروتي رحمه الله.
8) الإمام علي بن المديني رحمه الله.
9) الإمام ابن منده رحمه الله.
10) الإمام البربهاري رحمه الله.
11) شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
12) الإمام ابن رجب رحمه الله.
13) العلامة الشيخ عبداللطيف آل الشيخ رحمه الله.
14) أئمة الدعوة في نجد رحمهم الله.
15) العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
16) العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله.
17) العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله.
كل هذا يدعي المدخلي كذبا أن الأئمة، والعلماء لم يقولوا بهذه الزيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
فيقال لهذا المرجئ: ما أرخص الكذب عندك، وأخفه على لسانك.
فإن كنت صادقا في دعواك فأشر بأقوالهم إلى أحد من العلماء أنكرها، وإلا فلم تشنع بالكذب على قوم هم اعلم بهذا التفسير منك، وأبصر بتأويل الاعتقاد منك، والله المستعان. ([385])
قلت: وهذه نماذج تكشف بوضوح عن مدى الشك، والاضطراب، والجهل الذي حل بالمرجئة من جراء عملهم هذا، وتقديمهم العقل على النقل.
وقد اتخذ العلماء من الإرجاء وأهله موقفا حازما، بل صارما من هذا الجرثوم الدخيل، والعلم الغريب على الأمة الإسلامية، وبذلوا جهودا عظيمة موفقة، للحيلولة بينه، وبين استشراء دائه، وانتشار بلائه في الحاضر والباد، وقبل أن يكثر الإمساس، فيقل الإحساس، فقاموا بالتشهير به، والتحذير منه ومن أهله، ولهم في ذلك أقول كثيرة مشهورة، يصعب حصرها.
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في (تلبيس إبليس) (ص96): (ولم تسكت القدماء من فقهاء هذه الأمة عن الكلام خيرا، ولكنهم رأوا انه لا يشفي غليلا، ثم يرد الصحيح عليلا!، فامسكوا عنه، ونهو عن الخوض فيه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستقامة) (ج1 ص54): (وإن غالب ما يتكلمون به من الأصول، ليس بعلم، ولا ظن صحيح، بل ظن فاسد، وجهل مركب).اهـ
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في (السير) (ج19 ص328): (فالحذر الحذر من هذه الكتب، واهربوا بدينكم من شبه الأوائل، وإلا وقعتم في الحيرة).اهـ
وعن الإمام الشافعي رحمه الله قال: (المراء في العلم يقسي القلب، ويورث الضغائن) ([386]).
وعن الإمام الشافعي رحمه الله أيضا قال: (لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من الهوى). ([387])
قلت: وتبين من هذه الدراسة الأثرية أننا أمام انحراف كبير للقوم في مسائل الإيمان، وإرجاء صريح أخرج للمسلمين باسم مذهب السلف، ومن زعم غير ذلك، فهو أحد رجلين، إما أنه لم يعرف ما يقول القوم([388])، أو أنه جاهل لا يعرف مذهب السلف في مسائل الإيمان، والله المستعان.
قلت: ومع هذا كله يرد المدخلي الحق، ورد المدخلي الحق بسبب تلوث فطرته بالأفكار الضالة، من أفكار الإخوانية، والسرورية، والقطبية، والحدادية، والمرجئية، كما بينت في كتابي (تاريخ ربيع المدخلي) بالأدلة من كتبه وأشرطته، والله المستعان.
وذلك لأن الإنسان خلق على الفطرة، ومما فطر الإنسان عليه هو محبة الحق وإرادته، فإذا رد الحق، وتعصب لباطله، فاعلم أنه فسدت فطرته، وتلوثت بالباطل إما كلا، أو جزءا([389])، اللهم سلم سلم.
قال تعالى: {فطرت الله التي فطر الناس عليها} [الروم: 30].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله e : (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أوينصرانه، أويمجسانه) ([390]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج10 ص88): (والقلب خلق يحب الحق، ويريده، ويطلبه!).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج16 ص338): (فإن الحق محبوب في الفطرة، وهو أحب إليها، وأجل فيها، وألد عندها من الباطل الذي لا حقيقة له، فإن الفطرة لا تحب ذلك).اهـ
وقالت زوجتي الشيخة أم عبدالرحمن الأثرية حفظها الله في (إتحاف الخيرة المهرة) (ص36): (من الأمور المقررة في شريعة الإسلام أن الولد مفطور منذ خلقته على التوحيد الخالص، والدين القيم، والإيمان بالله، مصداقا لقوله تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون}[الروم:30]، ومصداقا لقول النبي e: (كل مولود يولد على الفطرة)، أي يولد على فطرة التوحيد، والإيمان بالله).اهـ
وفضلا عما هو مركوز في النفوس من محبة الحق؛ فإن النفوس مفطورة على معرفة الحق كذلك. ([391])
كما قال تعالى عن موسى عليه السلام : { ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}[طه:50].
وكما قال النبي e: (الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) ([392]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج8 ص463): (في النفس ما يوجب ترجيح الحق على الباطل في الاعتقادات والإرادات، وهذا كاف في أنها ولدت على الفطرة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج8 ص463): (والله خلق عباده على الفطر التي فيها الحق والتصديق له، ومعرفة الباطل والتكذيب به، ومعرفة النافع الملائم والمحبة له، ومعرفة الضار المنافي والبغض له بالفطرة.
فما كان حقا موجودا صدقت به الفطرة، وما كان حقا نافعا عرفته الفطرة وأحبته، واطمأنت إليه -وذلك هو المعروف-، وما كان باطلا معدوما كذبت به الفطرة، فأبغضته الفطرة فأنكرته، قال تعالى:{يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر}[الأعراف: 157]).اهـ
قلت: وما هو مركوز في النفوس من معرفة الحق، وإرادته، ومحبته مؤيد بشاهد الشرع، كما قال تعالى: {أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه}[هود:17]، فالبينة الوحي الذي أنزل الله تعالى، والشاهد هو شاهد الفطرة المستقيمة، والعقل الصريح([393]).
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (تيسير اللطيف المنان)(ص450):(فالدين هو دين الحكمة التي هي معرفة الصواب، والعمل بالصواب، ومعرفة الحق، والعمل بالحق في كل شيء).اهـ
قلت: والنفوس إذا بقيت على الفطرة؛ فإنها لا تطلب إلا الحق، والحق واضح بين لا غموض فيه([394]).
عن معاذ بن جبل t قال: (اجتنب من الحكيم المشتهرات -يعني المشتبهات- التي يقال لها: ما هذه ولا يثنينك ذلك عنه فإنه لعله أن يراجع وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).
أثر صحيح
أخرجه أبو داود في (سننه) (ج5 ص17)، والحاكم في (المستدرك) (ج4 ص460)، وأبو نعيم في (الحلية) (ج1 ص233)، والفسوي في (المعرفة والتاريخ) (ج2 ص320)، وعبدالرزاق في (المصنف) (ج11 ص363)، والآجري في (الشريعة) (ص47) من طرق عن الزهري قال حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عمير عن معاذ بن جبل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: والواجب على العبد أن يلزم الفطرة، ويحذر الأسباب التي تصده عن الحق، وتصرفه عنه، وإذا ما صرفه عنه صارف عاد إلى الحق ولزمه، وهذا من أعظم نعم الله على عبده أن يكون العبد محبا، ومؤثرا للحق يطلبه ويلزمه([395]).
قال الإمام ابن حزم في (مداواة النفوس) (ص31): (أفضل نعم الله على العبد أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره).اهـ
قلت: والحق واضح بين، وهو سهل لمن يطلبه بحسن قصد([396]).
قال تعالى:{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}[القمر:22].
قلت: وهذا عام للتلاوة، والقراءة وللفهم معا([397]).
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في (تفسيره) (ج4 ص264): (قوله (ولقد يسرنا القرآن للذكر) أي: سهلنا لفظه، ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس).اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: (ولا تجد كلاما أحسن تفسيرا، ولا أتم من كلام الله سبحانه، ولهذه سماه الله بيانا، وأخبر أنه يسره للذكر، ويسر ألفاظه للحفظ، ومعانيه للفهم، وأوامره ونواهيه للامتثال) ([398]).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج27 ص315): (فالحق يعرفه كل أحد([399])؛ فإن الحق الذي بعث الله به الرسل لا يشتبه بغيره على العارف؛ كما لا يشتبه الذهب الخالص بالمغشوش على الناقد).اهـ
فلذلك يشتبه الحق، ويروج الباطل على من لا علم عنده، ولا معرفة، ولا اعتناء له بفهم الكتاب والسنة على منهج السلف، وأهل السنة.
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله e يقول: (إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) ([400]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج27 ص315): (فالحق يعرفه كل أحد؛ فإن الحق الذي بعث الله به الرسل لا يشتبه بغيره على العارف؛ كما لا يشتبه الذهب الخالص بالمغشوش على الناقد).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (درء تعارض العقل والنقل) (ج1 ص73): ( إن الشارع نص على كل ما يعصم من المهالك نصا قاطعا للعذر).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج25 ص129): (وكثيرا ما يضيع الحق بين الجهال الأميين).اهـ
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في (أدب الطلب) (ص40): (الميل إلى الأقوال الباطلة ليس من شأن أهل التحقيق الذين لهم كمال إدراك، وقوة فهم، وفضل دراية، وصحة رواية، بل ذلك دأب من ليست له بصيرة نافذة، ولا معرفة نافعة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا تجد أحدا وقع في بدعة إلا لنقص اتباعه للسنة علما وعملا، وإلا فمن كان بها عالما، ولها متبعا؛ لم يكن عنده داع إلى البدعة؛ فإن البدعة يقع فيها الجهال بالسنة) ([401]).اهـ
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام) (ج2 ص344): (أما إذا كان هذا المتبع ناظرا في العلم، ومتبصرا فيما يلقى إليه؛ فإن توصله إلى الحق سهل).اهـ
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في (أدب الطلب) (ص85): (فالوقوف على الحق، والاطلاع على ما شرعه الله لعباده، قد سهله الله على المتأخرين، ويسره على وجه لا يحتاجون فيه من العناية، والتعب، إلا بعض ما كان يحتاجه قبلهم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (إقتضاء الصراط المستقيم) (ج2 ص85): (ويلحق الذم من تبين له الحق فتركه، أو من قصر في طلبه حتى لم يتبين له، أو أعرض عن طلب معرفته لهوى، أو لكسل، أو نحو ذلك).اهـ
وقال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (إرشاد أولي الأبصار) (ص300): (ومن كان منهم راضيا ببدعته، معرضا عن طلب الأدلة الشرعية، وطلب ما يجب عليه من العلم الفارق بين الحق والباطل، ناصر لها، رادا ما جاء به الكتاب والسنة مع جهله، وضلاله، واعتقاده أنه على الحق، فهذا ظالم فاسق بحسب تركه ما أوجب الله عليه، وتجرئه على ما حرم الله تعالى).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (الشرح الممتع) (ج6 ص193): (قد لا يعذر الإنسان بالجهل، وذلك إذا كان بإمكانه أن يتعلم ولم يفعل مع قيام الشبهة عنده؛ كرجل قيل له: هذا محرم، وكان يعتقد الحل، فسوف تكون عنده شبهة على الأقل، فعندئذ يلزمه أن يتعلم ليصل إلى الحكم بيقين.
فهذا ربما لا نعذره بجهله([402])؛ لأنه فرط في التعليم، والتفريط لا يسقط العذر، لكن من كان جاهلا، ولم يكن عنده أي شبهة، ويعتقد أن ما هو عليه حق، أو يقول هذا على أنه الحق؛ فهذا لا شك أنه لا يريد المخالفة، ولم يرد المعصية والكفر، فلا يمكن أن نكفره حتى ولو كان جاهلا في أصل من أصول الدين).اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج3 ص314): (لكن ينبغي أن يعرف أن عامة من ضل في هذا الباب، أو عجز فيه عن معرفة الحق، فإنما هو لتفريطه في اتباع ما جاء به الرسول e، وترك النظر، والاستدلال الموصل إلى معرفته، فلما أعرضوا عن كتاب الله ضلوا([403]).
كما قال تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } [طه :123- 124 ]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: تكفل الله لمن قرأ القرآن، وعمل بما فيه؛ أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة. ثم قرأ هذه الآية).اهـ
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: (ومعلوم أنه لا يقبل الحق إلا من طلبه) ([404]).([405])اهـ
وقال العلامة الشيخ صديق حسن خان رحمه الله في (قطف الثمر) (ص175): (فإن الحق مازال مصونا عزيزا نفيسا كريما، لا ينال مع الإضراب عن طلبه، وعدم التشوق والإشراف إلى سببه، ولا يهجم على البطالين المعرضين، ولا يناجي أشباه الأنعام الضالين).اهـ
قلت: فالمدخلي يعتقد الباطل ويدين الله تعالى به!، وهو يعلم بوجود علماء أهل السنة والجماعة المخالفين له فيما يعتقده، ويدين الله به، بل بلغه أنهم يضللونه في ذلك، وهو مع ذلك لم يرجع إليهم، ويبحث معهم في مخالفاته، بل لم يدقق، ولم يحقق، وحمله إلى الركون إلى معتقده الجهل المركب بنصوص الكتاب، ونصوص السنة، ونصوص السلف، ونصوص أهل السنة!.
فاعتقد ما ذهب إليه بسبب وقوفه على ذكر طرف المسائل، أو حكمها في كتاب معين، أو تلقاه عن عالم معين دون التأكد بحصول استقصاء المسائل بحثا، ونظرا، وتدقيقا، ودون الرجوع إلى علماء أهل السنة والجماعة في بلد الحرمين، واستيعاب معهم ما أمكن من الأدلة في مسائل الإيمان، وتمحيصها، ووزنها بالموازين العادلة السلفية([406]).
قال العلامة الصنعاني رحمه الله في (إرشاد النقاد) (ص85): (فليت شعري ما الذي خص الكتاب والسنة بالمنع عن معرفة معانيها، وفهم تراكيبها ومبانيها، والإعراض عن استخراج ما فيها، حتى جعلت معانيها كالمقصورات في الخيام، قد ضربت دونها السجوف، ولم يبق لنا إليها إلا ترديد ألفاظها والحروف، وإن استنباط معانيها قد صار حجرا محجورا، وحرما محرما محصورا).اهـ
وإليكم آثار السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء:
1) قال الإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([407])
قال الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله – بعد ذكر أثر ابن راهويه -: (وأنا أقول به).([408])
2) وقال الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل، يزيد وينقص، فقال له أخوه إبراهيم بن عيينة: يا أبا محمد تقول: ينقص؟ فقال: اسكت يا صبي بلى ينقص، حتى لا يبقى منه شيء).([409])
3) وقال الإمام أحمد رحمه الله – عندما قيل له -: كان ابن المبارك يقول: يزيد ولا ينقص، فقال: (كان يقول: الإيمان يتفاضل، وكان سفيان يقول: ينقص حتى لا يبقى منه شيء).([410])
قلت: وهذا إقرار من الإمام أحمد لقول سفيان بن عيينة على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
4) وقال الإمام أحمد رحمه الله عندما سأله رجل عن زيادته، ونقصانـه –يعني الإيمان– فقال : (يزيد حتى يبلغ أعلى السموات السبع، وينقص حتـى يصير إلى أسفل السافلين السبع).([411])
قلت: ومراده رحمه الله أنه ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وليس هذا بأسلوب غريب على الإمام أحمد رحمه الله كما يدعي المدخلي في (كشفه البالي)(ص90) نعوذ بالله من ربع فقيه!.
5) وقال الإمام أبو عثمان بشار بن موسى الخفاف رحمه الله: (الإيمان: قول وعمل ونية، يزيد وينقص، حتى يكون أعظم من الجبل، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([412])
6) وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله عندما سئل عن الإيمان: أيزيد؟ قال: (نعم حتى يكون مثل الجبال، قال: قلت: فينقص؟ قال: نعم حتى لا يبقى منه شيء).([413])
قال العباس بن الوليد البيروتي رحمه الله عندما سئل، وقيل له أليس تقول ما يقول الأوزاعي؟ فقال: (نعم).([414])
7) وقال الإمام علي بن عبد الله المديني رحمه الله عندما سئل عن الإيمان فقال: (قول وعمل ونية، قلت – يعني الدارمي -: أينقص ويزداد؟ قال: نعم يزداد وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([415])
8) وقال الإمام ابن منده رحمه الله: (ذكر خبر يدل على أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه في قلب العبد مثقال حبة خردل، وأن المجاهد بالقلب واللسان واليد من الإيمان).([416])
9) وقال الإمام البربهاري رحمه الله: (والإيمان بأن الإيمان قول وعمل، وعمل وقول، ونية وإصابة، يزيد وينقص، يزيد ما شاء الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء).([417])
10) وقال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به على حسب تأكد الطاعة، فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بتركها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة).اهـ([418])
11) وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (فالرد عليهم أن الذنوب تضر على كل حال، منها ما يزيل الإيمان بالكلية، ومنها ما لا يزيله بالكلية بل ينقصه، وصاحبها معرض بالوعيد المرتب عليها).اهـ([419])
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه لـ(شرح السنة)(ص117) معلقا على قول الإمام البربهاري: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) قال: (هذا معنى قوله: (وينقص حتى لا يبقى منه شيء) ينقص حتى لا يبقى منه شيء، وقد يبقى مقدار حبة خردل، وهذه تنفع صاحبها يوم القيامة يخرج بها من النار، وإذا لم يبق حبة خردل فإنه يكون من أهل النار المخلدين فيها).اهـ
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ صالحا الفوزان حفظه الله لا يقول بهذه الزيادة السلفية، كما في (كشفه البالي) (ص228، 230).
وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده([420])، نعوذ بالله من العناد.
قلت: وبسبب ذلك تطاول بلسانه، وتعدى ببنانه، ومضللا أهل السنة من غير وازع، ولا ضمير، ومن غير تدبر، ولا تفكير، حتى عشعش في صدره وجنانه، من بغض الاعتقاد وأهله حب الإرجاء وأهله!، ونقض الإيمان وأركانه! اللهم غفرا.
فانظر إلى أي هوة سقط هذا الرجل؟! أبكذبه، وتضليله، وتلبيسه؟!، أم بعظيم غفلته، وشدة حمقه؟!، أم بضحالة عقله، واستفحال جهله؟!.
وقال العلامة الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ رحمه الله في (مصباح الظلام)(ص470) وهو يرد قول عثمان الناصري الضال هذا: (فإذا كان هذا كلامه في هذه المسألة: فماذا يزيد الإيمان وينقص، حتى يكون أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردل من إيمان!([421])) إلى آخر قول الناصري، فقال الشيخ عبداللطيف: (فهذه العبارة تنادي بجهله، فالخوارج لا ينازعون في زيادة الإيمان، وإنما النزاع في نقصه، وأئمة الإسلام يقولون يزيد مع بقاء أصله الذي دلت عليه شهادة أن لا إله إلا الله، وينقص حتى لا يبقى منه شيء([422])، فإذا ثبت الإسلام زاد الإيمان ونقص، ومع عدم الإسلام وانهدام أصله لا يعتمد بما أتى به من شعبه!).اهـ
قلت: فلما احتج الناصري : (بأدنى مثقال حبة خردل من إيمان)، احتج عليه الشيخ باعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء!).
وهذا يدل على جهل المدخلي بالسنة، ومعتقد السلف في الإيمان([423]).
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن أئمة الدعوة في نجد لا يقولون بهذه الزيادة السلفية!، كما في (كشفه البالي) (ص228 و230).
قلت: ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامهم، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.
ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العلماء، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهبهم غاية الوضوح([424])، والله المستعان.
قلت: وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن السلف أنهم يقولون: الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء. أي يزول جميعه!.
فقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الإيمان)(ص213): (وقيل لبعض السلف: يزداد الإيمان وينقص؟ قال: نعم يزداد حتى يصير أمثال الجبال، وينقص حتى يصير أمثال الهباء)([425]).اهـ
والمراد: (ينقص حتى لا يبقى منه شيء)،أي يزول جميعه.
وهذا إقرار من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لاعتقاد السلف: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230)، وقد قلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد!.
ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.
ولو أن المخالف هذا سلك منهج القواعد العلمية، وجمع أقوال العالم، ورد المجمل إلى المبين، لاتضح له مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غاية الوضوح، والله المستعان.
قلت: ويستطيع الباحث المطلع أن يقول: إن مسألة ترك الأعمال الظاهرة بالكلية، وحكم ذلك، لم يجليها أحد كما جلاها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد تناول في مواضع عدة من مؤلفاته، وبعبارات واضحة ظاهرة، وقد سبق ذكر جملة صالحة من كلامه ولله الحمد والمنة.
وقال العلامة الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله: (... ولكن العاقل يرضى أن يكون في قمة الإيمان، الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والإكثار من الطاعة، والإكثار من العبادة، ينقص فيضعف بالمعاصي إلى أن يضمحل([426])، يكاد أن يذهب، وربما يذهب)([427]).اهـ
أي يعني الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء.
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الشيخ محمدا الجامي رحمه الله لا يقول بهذه الزيادة، كما في (كشفه البالي) (ص230) ([428])، والله المستعان.
وقال الإمام ابن رجب رحمه الله في (فتح الباري) في كتاب الإيمان (ج1 ص25): (فكذلك الإيمان والإسلام، إذا زال منه بعض ما يدخل في مسماه - مع بقاء أركان بنيانه- لا يزول به اسم الإسلام والإيمان بالكلية، وإن كان قد سلب الاسم عنه، لنقصه.
بخلاف ما انهدمت أركانه، وبنيانه، فإنه يزول مسماه بالكلية!).اهـ
أي يزول الإيمان والإسلام بالكلية، فلا يبقى في قلب الإنسان شيء من الإيمان، لأنه ترك الأصول الإسلامية، اللهم غفرا.
قلت: وهذا فيه رد على المدخلي هذا بقوله: أن الإمام ابن رجب رحمه الله لا يقول بذهاب الإيمان كله، كما في (كشفه البالي) (ص226 و230).
قلت: فهذا اعتقاد السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة في أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء نقله الأئمة والعلماء في كتبهم، وخالف اعتقاد السلف الصالح في ذلك ربيع المدخلي فقال بأن الإيمان ينقص حتى يبقى أدنى مثقال ذرة([429])، والله المستعان.
قلت: واعلم رحمنا الله وإياك أن هذه الآثار التي قد ذكرنا في معتقد السلف في أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء قد ذكره الحفاظ في كتبهم، ورواه الأئمة في مصنفاتهم، وجمعه العلماء على ما ساقه الإمام عبدالله بن الإمام أحمد، والإمام الخلال، والإمام ابن أبي حاتم، والإمام ابن منده، والإمام البربهاري، والإمام ابن بطة، والإمام الآجري، والإمام اللالكائي، وغيرهم، وأوجبوا كلهم الإيمان بهذا المعتقد والتسليم له، فلا ينكر، ولا يرد، ولا يتأول بشيء، ولا يحرف، وكذلك ذكره أصحاب الحديث في معتقدهم.
قلت: وقد اعترض ربيع المرجئ – كاعتراض المتكلمين- عليه ليبطله، ويتأوله على غير مراده، فرد عليه أهل السنة على ما قاله السلف المهديون، والخلف المرضيون، وكانوا قد وفقوا بحمد الله في ذلك، لأن المرجئة الخامسة قد اعترضت على معتقد السلف بما أوقعت به الشبه والشكوك، فلولا ما تفضل الله به من علماء السنة الذين أزالوه، وميزوه، وإلا كان الناس في حيرة، وكذلك اعترضوا على الآثار السلفية والأخبار، فرد عليهم علماء السنة الأخيار.
فائدة أثرية نادرة
اعلم رحمك الله أن هذا الأسلوب السلفي قد اتخذه أهل السنة سلاحا في وجه أهل البدع، وذلك عندما حرفوا في الاعتقاد، والتبس الحق بالباطل فيه، فزاد أهل السنة على ما زاده أهل البدع بكشف اللبس في دين الله تعالى، ولذلك زاد أهل السنة بعض العبارات في الاعتقاد لإفحام الخصم، وكشف أمره للمسلمين.
قال الإمام أحمد رحمه الله : (وقد كنا نهاب الكلام في هذا([430]) حتى أحدث هؤلاء -يعني المبتدعة- ما أحدثوا، وقالوا ما قالوا، ودعوا الناس إلى ما دعوهم إليه). ([431])
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (كنا نرى السكوت عن هذا قبل أن يخوض فيه هؤلاء، فلما أظهروه لم نجد بدا من مخالفتهم، والرد عليهم) ([432]).
وقال ابن الجوزي رحمه الله في (تلبيس إبليس) (ص95): (ولم تسكت القدماء من فقهاء هذه الأمة عن الكلام عجزا، ولكنهم رأوا أنه لا يشفي غليلا، ثم يرد الصحيح عليلا!، فأمسكوا عنه، ونهوا عن الخوض فيه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستقامة) (ج1 ص54): (وإن غالب ما يتكلمون به من الأصول، ليس بعلم، ولا ظن صحيح، بل ظن فاسد، وجهل مركب).اهـ
قلت: فلما أحدث المبتدعة بدعة (خلق القرآن)، تكلم الإمام أحمد رحمه الله وغيره في ذلك، وقالوا: (القرآن كلام الله؛ منزل غير مخلوق، منه بدا، وإليه يعود) ([433]).
فزادوا لفظة (غير مخلوق)، بل زادوا معه: (منه بدأ، وإليه يعود) ليزول اللبس عن الناس، وذلك لأن المقام لا يحتمل غير ذلك، فيعرف التفسير الصحيح في صفة كلام الله تعالى، وبين التفسير الباطل في هذه الصفة، وبذلك يعرف المتبع من المبتدع، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج2 ص401): (ومن ذلك الاقتصاد في السنة؛ واتباعها كما جائت -بلا زيادة ولا نقصان- مثل الكلام: في (القرآن) و(سائر الصفات)، فإن مذهب سلف الأمة، وأهل السنة أن القرآن كلام الله؛ منزل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، هكذا قال غير واحد من السلف!).اهـ
قلت: فالزيادة الصحيحة في الاعتقاد سنة متبعة عند أهل السنة قديما وحديثا، وذلك بحسب دراسة الظروف التي تحيط بالناس، والشبه التي تدور عليهم، والأحوال المؤثرة بسبب أفكار المبتدعة، فكلما زادوا زدنا عليهم على حسب تلبيساتهم وتدليساتهم، فقمعهم من حيث إعلانهم للبدع، ومواقف السلف معهم معروفة كلها نابعة من تعاليم هذا الدين لا مجال فيها للهوى، أو الأغراض الشخصية.
فعن الإمام ابن المبارك رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([434]).
وعن الإمام بقية بن الوليد رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([435]).
وعن الإمام عيسى بن يونس رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([436]).
وعن الإمام القاسم الجزري رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([437]).
وعن الإمام ابن عيينة رحمه الله قال: (القرآن كلام الله، وليس بمخلوق) ([438]).
وعن الإمام محمد بن سلمة الحراني رحمه الله قال: (القرآن كلام الله وليس بمخلوق) ([439]).
وعن الإمام المعافى بن عمران رحمه الله قال: (القرآن كلام الله، غير مخلوق) ([440]).
وعن الإمام الشافعي رحمه الله قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق) ([441]).
وعن الإمام احمد رحمه الله قال: (القرآن كلام الله ليس بمخلوق) ([442]).
وعن الإمام عبدالأعلى أبي مسهر رحمه الله قال: (ما أدركنا أحدا من أهل العلم إلا وهو يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق، وكان ينكر على من قال: القرآن مخلوق) ([443]).
وعن الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله قال: (القرآن كلام الله، وليس بمخلوق) ([444]).
قلت: ومن ذلك لما انتدب (الواقفة) ([445]) منافحين عن مذهب الجهمية محتجين لمذهبهم بالتمويه([446])، والتدليس منتفين في الظاهر من بعض مذهب الجهمية، متابعين لهم في الباطن، مموهين على الضعفاء والسفهاء باطلهم، وقالوا عن القرآن: (لا نقول مخلوق، ولا غير مخلوق)، فذمهم بهذا اللفظ من لا يحصى عددهم من الأئمة، كالإمام أحمد رحمه الله، والإمام الشافعي رحمه الله، والإمام إسحاق بن راهويه رحمه الله، وغيرهم.
قال أبوبكر المروذي: (سألت أبا عبدالله -يعني الإمام أحمد- عن من وقف؛ لا يقول غير مخلوق؟ قال -يعني الواقف المبتدع-: أنا أقول كلام الله.
قال الإمام أحمد: يقال له: إن العلماء يقولون غير مخلوق، فإن أبى؛ فهو جهمي!) ([447]).اهـ
وقال أبوبكر المروذي رحمه الله: (سألت أبا عبدالله عن رجل من الواقفة يقف في الموضع ويتكلم؛ قال: هذا داعية؛ هذا جهمي لا شك في هذا) ([448]).
وقال الحسن بن ثواب المخرمي رحمه الله، أنه قال لأبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل: الواقفة، قال: (هم شر من الجهمية، استتروا بالوقف) ([449]).
وقال صالح بن علي الحلبي، أنه قال لأبي عبدالله:ما تقول فيمن وقف؟ قال -يعني الواقف المبتدع-: لا أقول خالق، ولا مخلوق.قال الإمام أحمد: (هو مثل من قال: القرآن مخلوق، وهو جهمي!) ([450]).
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يسأل عن الواقفة، قال أبي -يعني الإمام أحمد-: (من كان يخاصم، ويعرف بالكلام؛ فهو جهمي، ومن لم يعرف بالكلام؛ يجانب حتى يرجع، ومن لم يكن له علم، يسأل ويتعلم) ([451]).
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمه الله؛ : (سمعت أبي مرة أخرى يسأل عن الواقفة؛ فقال: من كان منهم يحسن الكلام؛ فهو جهمي، وقال مرة أخرى: هم شر من الجهمية) ([452]).
قلت: من كان منهم يتكلم ببدعة الوقف، فهو جهمي، فافطن لهذا.
ومن كان يعرف الكلام ويبصر ولا يتكلم فهو مثلهم، فافطن لهذا أيضا.
وقال أبو داود رحمه الله : (سمعت أحمد يسأل، هل لهم رخصة، أن يقول الرجل كلام الله ويسكت؟ قال: ولم يسكت؟ قال: لولا ما وقع الناس فيه كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا؛ لأي شيء لا يتكلمون) ([453]).
وقال أبو الحارث رحمه الله: سألت أبا عبدالله قلت: إن بعض الناس يقول: إن هؤلاء (الواقفة) هم شر من الجهمية؟
قال الإمام أحمد: هم أشد على الناس تزيينا من الجهمية، هم يشككون الناس، وذلك أن الجهمية قد بان أمرهم، وهؤلاء إذا قالوا أنا لا نتكلم، استمالوا العامة، إنما هذا يصير إلى قول الجهمية. قال أبو الحارث: وسمعت أبا عبدالله يسأل عن من قال: أقول القرآن كلام الله وأسكت. قال الإمام أحمد: لا، هذا شك، لا حتى يقول غير مخلوق) ([454]).اهـ
قلت: والعلة في أنهم شر من الجهمية الخالصة هي تلبيسهم في هذه القضية على الناس، ومعلوم أن الملبس على الناس شر من العدو المجاهر للناس بعداوته.
ومثل ذلك، مثل المنافقين والكفار؛ فإن المنافقين أشد خطرا على هذه الأمة من الكفار المعروف للناس كفرهم.
ومن هنا جعل الله منزلتهم في الدرك الأسفل من النار، لذلك كان حكم الإمام أحمد رحمه الله في (الواقفة) بأنهم شر من الجهمية الخالصة بسبب التلبيس على الناس، وخلط المفاهيم، وإشاعة البلبة في هذه القضية اللهم سلم سلم.
قال أبو داود السجستاني رحمه الله:(سمعت قتيبة بن سعيد الواقفة جهمية) ([455]).
وقال أبو داود السجستاني: (سمعت قتيبة بن سعيد قيل له؛ فقال: الواقفة شر من هؤلاء- يعني: ممن قال القرآن مخلوق) ([456]).
وقال أبو داود السجستاني: (سمعت عثمان ابن أبي شيبة قال: هؤلاء الذين يقولون كلام الله ثم يسكتون شر من هؤلاء – يعني: ممن قال القرآن مخلوق) ([457]).
وقال أبو داود السجستاني: (سألت أحمد بن صالح المصري عن من يقول القرآن كلام الله، ولا يقول مخلوق ولا غير مخلوق، قال: هذا شاك) ([458]).
وقال أحمد بن إبراهيم: (سمعت محمد بن مقاتل العباداني، وكان من خيار المسلمين، يقول في (الواقفة): هم عندي شر من الجهمية)([459]).
وقال الإمام ابن راهويه رحمه الله: (من قال: لا أقول القرآن مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي) ([460]).
وقال حرب الكرماني رحمه الله: (سألت إسحاق بن راهويه عن الرجل يقول: القرآن كلام الله ويقف. قال الإمام ابن راهويه: هو عندي شر من الذي يقول القرآن مخلوق؛ لأنه يقتدي به غيره) ([461]).
وقال إبراهيم بن الحارث: (سألت أبا عبدالله أحمد بن حنبل، قلت: يا أبا عبدالله يكون من أهل السنة من قال: لا أقول القرآن مخلوق، ولا أقول: ليس بمخلوق؟ قال: لا، ولا كرامة، لا يكون من أهل السنة، قد بلغني عن ذاك الخبيث ابن معدل أنه يقول بهذا القول،وقد فتن به قوم كثير من أهل البصرة) ([462]).
قلت: فحين خاصمت الجهمية في خلق القرآن، وأظهروه، وادعوا أنه مخلوق، أنكر ذلك عليهم الأئمة، وقالوا: (القرآن كلام الله) وزادوا (غير مخلوق) ([463])، وهذا يدل على سعة علم السلف وفقههم في الدين في مثل هذه المواقف العظيمة التي تدور بينهم، وبين أهل البدع، فهم لم يكتفوا بقولهم (القرآن كلام الله) بل زادوا (القرآن كلام الله غير مخلوق) لإزالة اللبس في هذا الاعتقاد السلفي، والذي لا يقولها، فإنه يبدع، ويلحق بالجهمية الخالصة، عند السلف، وهذا يدل على فقههم، وسعة علمهم في الإسلام، فهل نقتدي بهم في ذلك اللهم غفرا.
وفي ذلك يقول الشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله في (شرح القواعد المثلى) عند قول المؤلف(ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاث أوجه) قال: (مستنبطة من الكتاب والسنة؛ وهذه الطريقة التي نسلكها التي أخذناها من مشايخنا وأئمتنا طريقة تعتبر بالنسبة لما كان عليه السلف الأول طريقة حديثة وأسلوب جديد، لأن السلف الأول ليس لديهم كتب يدرسونها في العقيدة، المصحف هو كتاب التوحيد، وكتاب الأحكام، وكتاب الاقتصاد، وكتاب السياسة، وكتاب كل شيء، لأنهم كانوا في عافية من آراء أهل الكلام، ومن أصحاب الأهواء والفتن، لم يضطروا إلى أن يؤلفوا لهم كتبـا، خصوصـا في عهد الصحابة، العقيدة تؤخذ من القرآن رأسـا، ومن أقوال رسول اللهe يحفظونها؛ ولكن هذه الكتب، وهذا الأسلوب الذي نحن عليه الآن الكتب التي نأخذ منها هذا الأسلوب ألفت دفاعـا عن العقيدة، كتب دفاعية، والأساليب أساليب دفاعية، استخدم فيها أساليب مناسبة للذين هاجموا العقيدة وحاربوا العقيدة ليخاطبوا الناس بما يعقلون وبالأسلوب الذي يفهمون .
لذلك : لا ينبغي أن يستغرب فيقال ـ كما قد قيل ـ : إنكم تدرسون العقيدة، وتقولون فيها الصفات الذاتية، والصفات الفعلية، والسلبية، والثبوتية من أين لكم هذا ؟ وهل الرسول e كان يعلم الصحابة بهذه الطريقة ؟ الجواب : لم يكونوا بحاجة إلى هذا الأسلوب، بل لم يكونوا بحاجة إلى كتب تسمى كتب العقائد، وكتب التوحيد، ولكن دعت الحاجة إلى تأليف هذه الكتب في العقيدة، ألف الأئمة دفاعـا عن العقيدة كالإمام أحمد وابن خزيمة وابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيره، هذه كتب دفاعية، ولاحظوا في الأسلوب أساليب قريبة من أساليب أهل الكلام لأنهم هم الذين هاجموا العقيدة فوجب عليهم استخدام هذه الأساليب للدفاع، وكل ما فيه نفع ومصلحة لا يقال فيه بدعة؛ بعض المنفرين من العقيدة الآن يقول : أنتم تسلكون مسلك جديد هذه بدعة؛ ينبغي أن يفهم : إن البدعة ما لا أصل له في الدين؛ ونحن إنما استخدمنا أساليب فقط، ولكن في الأصل لم نخرج من الكتاب والسنة، الأدلة من الكتاب والسنة، وكوننا نعرض عرضـا بأسلوب مناسب للوقت لا بأس في ذلك .
لذلك : قيل للإمام أحمد : لماذا توسعتم فقلتم : ( القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود )، هذا الكلام كله من أين جبتم ؟، الأولون يقولون : ( القرآن كلام الله ) وكفى ؟ يقول الإمام أحمد: ((لما زادوا زدنا))، لما زاد القوم زدنا، لأنهم أصحاب الكلام والثرثرة، يتكلمون كثير، ولا ينفع معهم إلا أسلوبـا مناسبـا لأسلوبهم، واستعمال هذا الأسلوب لإفحام الخصم واجب، والخصم لا يقبل إلا مثل هذا الأسلوب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لا بد من مراعاة المصلحة).اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الأئمة لم يكتفوا بقول أن (القرآن كلام الله) ويسكتوا، بل زادوا لفظ (غير مخلوق)، لأن ذلك كان يسع الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم، لعدم وجود أي لبس في حقيقة صفة الكلام لله تعالى.
فعن الإمام عمرو بن دينار رحمه الله قال: (أدركت أصحاب النبي e فمن دونهم، منذ سبعين سنة يقولون: الله الخالق، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، منه خرج، وإليه يعود) ([464]).
قلت: أما بعد ظهور البدع وأهلها في مسألة (خلق القرآن)، فلم يسع الأئمة ذلك حتى قالوا: (القرآن كلام الله غير مخلوق).
والإمام أحمد رحمه الله لما قيل له ألا يسعنا أن نقول: (القرآن كلام الله) ونسكت.
قال رحمه الله: لا... كان هذا يسع من كان قبلنا، أما نحن فلا يسعنا إلا أن نقول: (القرآن كلام الله غير مخلوق!).
وعن الإمام الفضل بن دكين رحمه الله قال: (أدركت الناس ما يتكلمون في هذا، ولا عرفنا هذا، إلا بعد منذ سنتين، القرآن كلام الله منزل من عند الله لا يؤول إلى خالق، ولا مخلوق فيه منه بدأ، وإليه يعود) ([465]).
وقوله: (منه بدأ): أي أن الله تعالى تكلم به ابتداء.
قال أبوبكر الأعين: سئل أحمد بن حنبل عن تفسير قوله: (القرآن كلام الله منه خرج، وإليه يعود)، فقال أحمد: منه خرج هو المتكلم به وإليه يعود) ([466]).
قلت: فهذا كان يسع المسلمين قبل ظهور المبتدعة من الجهمية والمعتزلة وغيرهم ببدعة (خلق القرآن)، فلما أظهروا بدعة (خلق القرآن)، كان لا بد لأهل السنة أن يصرحوا بـ(أن القرآن كلام الله غير مخلوق)، وهذا هو الواجب عليهم، وعلى من بعدهم، ومن لم يصرح بهذه الزيادة، فهو مبتدع خارج عن أهل السنة والجماعة، فافهم لهذا ترشد.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج3 ص104): (وكما لم يقل أحد من السلف إنه مخلوق فلم يقل أحد منهم إنه قديم لم يقل واحدا من القولين أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا من بعدهم من " الأئمة الأربعة " ولا غيرهم ؛ بل الآثار متواترة عنهم بأنهم كانوا يقولون القرآن كلام الله ولما ظهر من قال إنه مخلوق قالوا ردا لكلامه : إنه غير مخلوق ولم يريدوا بذلك أنه مفترى كما ظنه بعض الناس فإن أحدا من المسلمين لم يقل إنه مفترى بل هذا كفر ظاهر يعلمه كل مسلم وإنما قالوا إنه مخلوق خلقه الله في غيره فرد السلف هذا القول كما تواترت الآثار عنهم بذلك وصنفوا في ذلك مصنفات متعددة وقالوا : منه بدأ وإليه يعود.
وأول من عرف أنه قال مخلوق : الجعد بن درهم وصاحبه الجهم بن صفوان وأول من عرف أنه قال هو قديم عبد الله بن سعيد بن كلاب ثم افترق الذين شاركوه في هذا القول)([467]).اهـ
وقال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص536): (فكره القوم الخوض فيه -القرآن-؛ إذ لم يكن يخاض فيه علانية، وقد أصابوا في ترك الخوض فيه، إذ لم يعلن.
فلما أعلنوه بقوة السلطان، ودعوا العامة إليه بالسيوف والسياط، وادعوا أن (كلام الله مخلوق)، أنكر ذلك عليهم من غبر أي -مضى- من العلماء، وبقي من الفقهاء، فكذبوهم وكفروهم، وحذروا الناس أمرهم([468])، وفسروا مرادهم من ذلك، فكان هذا من الجهمية خوضا فيما نهوا عنه، ومن أصحابنا إنكارا للكفر البين، ومنافحة عن الله عز وجل كيلا يسب وتعطل صفاته، وذبا عن ضعفاء الناس كيلا يضلوا بمحنتهم هذه، من غير أن يعرفوا ضدها من الحجج التي تنقض دعواهم، وتبطل حججهم).اهـ
قلت: وعلى هذا كان نهج أهل السنة في هذا العصر، شأنهم في ذلك شأن السلف الصالح، فكانوا يجانبون أهل البدع، ويحذرونهم ويحذرون منهم، ويقارعونهم بالحجج الدامغة حتى دحرهم الله تعالى، ورد كيدهم في نحورهم.
قال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص538)، وهو يذكر إنكار الإمام ابن المبارك رحمه الله على المبتدعة: (فكره ابن المبارك([469]) حكاية كلامهم قبل أن يعلنوه، فلما أعلنوه أنكر عليهم، وعابهم على ذلك) ([470]).اهـ
قلت: فلما انتشرت مذاهب المبتدعة، وخشي على الناس الافتتان لم يجد علماء السلف بدا من الرد عليهم، وقارعتهم بالحجج الدامغة حتى دحرهم الله تعالى، ورد كيدهم في نحورهم، وله الحمد والمنة.
قلت: وهذا مثل ما نشره المرجئة من إرجاء في هذا العصر بين الناس([471])، فكره العلماء الخوض في الإرجاء([472])؛ إذ لم يكن يخاض فيه علانية من قبل، وقد أصابوا في ترك الخوض فيه، إذ لم يعلن.
فلما أعلنوه بقوة، ودعوا العامة إليه، وادعوا أن الإرجاء هذا مذهب السلف، أنكر ذلك عليهم علماء السنة، فكذبوهم، وحذروا الناس أمرهم، وفسروا النصوص التفسير الصحيح في مسائل الإيمان، لكيلا يضل الناس في فتنتهم هذه من غير أن يعرفوا ضدها من الحجج التي تنقض دعواهم، وتبطل حججهم.
قلت: ومثل خطر فرقة الواقفة، خطر الفرقة التحريفية، وهم أخطر من فرقة الممثلة، فالتحريفية جعلوا المعنى المتبادر من نصوص الصفات معنى باطلا لا يليق بالله تعالى، وهو التشبيه، ثم إنهم من أجل ذلك أنكروا ما دلت عليه من المعنى اللائق بالله تعالى، وهم أهل التعطيل: سواء كان تعطيلهم عاما في الأسماء والصفات، أم خاصا فيهما، أو في أحدهما.
فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، سموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف([473]).
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح القواعد المثلى) (ص205): (سبق أننا نبهنا على أن الأولى أن نستخدم لفظ (التمثيل) بدلا من (التشبيه) لأن هذا هو تعبير القرآن: { ليس كمثله شيء} [ الشورى:11 ]، ولأن التشبيه معنى يحتمل حقا وباطلا، فنفيه مطلقا دون تفصيل فيه نظر؛ لأن ما من شيئين موجودين إلا وقد اشتبها في بعض الوجوه، وعلى كل حال فاستخدام لفظ التمثيل أولى من استخدام لفظ التشبيه.
وهؤلاء أهل الشر، وهم الذين ألف علماء أهل السنة رحمهم الله الكتب الكثيرة في الرد عليهم، لأن نفور الناس عن الطائفة الثانية وهم أهل التمثيل معلوم بالفطرة، فالرجل العامي لو قيل له أنت مثل الله، أو الله مثلك لم يقبل هذا؛ ولهذا تجد أن كلام السلف في الرد على أهل التمثيل قليل، إنما المحنة والبلاء تجده في أهل التأويل، أو بالأصح في أهل التحريف الذين يسمون أنفسهم أهل التأويل، فالبلاء كله منهم حتى أتعبوا العلماء في الرد عليهم.
لذلك يقول شيخ الإسلام: إن هؤلاء أشد ضررا من الفلاسفة وأحق بالرد؛ لأن الفلاسفة أيضا يعلم بطلان مذهبهم بالفطرة، فنفور الناس منهم أعظم. لكن هؤلاء يأتون بزخارف من القول يموهون بها على العامة، فيقبل الناس قولهم، فضررهم أشد، ولكنهم كما قال رحمه الله: هؤلاء لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا، فهؤلاء لم ينفعوا الناس بل ضروهم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج5 ص33): (والذين قصدنا الرد في هذه الفتيا عليهم: هم هؤلاء؛ إذ كان نفور الناس عن الأولين مشهورا، بخلاف هؤلاء؛ فإنهم تظاهروا بنصر السنة في مواضع كثيرة، وهم في -الحقيقة- لا للإسلام نصروا، ولا للفلاسفة كسروا).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج6 ص240): (ولما ظهر فسادها للعقل تسلط الفلاسفة على سالكيها، وظنت الفلاسفة أنهم إذا قدحوا فيها فقد قدحوا في دلالة الشرع ظنا منهم أن الشرع جاء بموجبها، إذ كانوا أجهل بالشرع والعقل من سالكيها، فسالكوها لا للإسلام نصروا، ولا لأعدائه كسروا، بل سلطوا الفلاسفة عليهم، وعلى الإسلام، وهذا كله مبسوط في مواضع).اهـ
وقال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على الجهمية) (ص18): (وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في مثل هذا وما أشبهه، وقد كانوا رزقوا العافية منهم، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام، وذهاب العلماء، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج5 ص542): (وقد ذكر الإمام أحمد في رده على الجهمية مما عابه عليهم أنهم يقولون: أن الله لا يتكلم، ولا يتحرك.
وأما عبدالله بن المبارك فكان مبتلى بهؤلاء في بلاده، ومذهبه في مخالفتهم كثير، وكذلك الماجشون في الرد عليهم.
وكلام السلف في الرد على هؤلاء كثير([474])... فالمتكلمون الذين ابتدعوه، وزعموا أنهم به نصروا الإسلام، وردوا به على أعدائه كالفلاسفة؛ لا للإسلام نصروا، ولا لعدوه كسروا.
بل كان ما ابتدعوه مما أفسدوا به حقيقة الإسلام على من اتبعهم، فأفسدوا عقله ودينه، واعتدوا به على من نازعهم من المسلمين، وفتحوا لعدو الإسلام بابا إلى مقصوده).اهـ
فأهل التحريف يقولون: أن الظاهر المتبادر من نصوص الصفات معنى لا يليق بالله تعالى، وهو التشبيه، وهؤلاء لما جعلوا هذا هو الظاهر ذهبوا يحرفون النصوص من أجله.
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح القواعد المثلى) (ص208): (والمقصود ههنا أن هؤلاء هم الخطر، وهم الذين يقولون ظاهر النصوص التشبيه، فيجب أن نأولها إلى معنى لا يستلزم التشبيه على زعمهم).اهـ
قلت: ومذهبهم باطل من وجوه:
أحدها: أنه خيانة على النصوص حيث جعلوها دالة على معنى باطل غير لائق بالله ولا مراد له.
الوجه الثاني: أنه صرف لكلام الله تعالى، وكلام رسوله e عن ظاهره.
الوجه الثالث: أن صرف كلام الله تعالى، ورسولهe عن ظاهره إلى معنى يخالفه، قول على الله بلا علم، وهو محرم([475])([476]).
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (القواعد المثلى) (ص223): (الواجب في نصوص القرآن والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف لا سيما نصوص الصفات حيث لا مجال للرأي فيها).اهـ
قلت: ومثله ما قاله العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في مناقشته مع التبليغي، وإليك هذه المناقشة:
(قال الشيخ: الآن لو سألناك أنت أين الله شو جوابك؟.
التبليغي: جوابي ما بعطيك الجواب الصحيح، لأنه ما مرت علي هذه المسألة!...إلى أن قال الشيخ: طيب غيرك من الإخوان الموجودين بيعرفوا جواب أين الله؟.
تبليغي آخر: الله جل جلاله كما ذكر في القرآن الكريم في السماوات العلى ((على العرش استوى)) [طه:5].
الشيخ: جميل، ((على العرش استوى)) شو معنى استوى؟.
التبليغي: أي هو أعلى جل جلاله.
الشيخ:يعني...لأنه بتعرف أنت المفسرين هنا يقول بعضهم ((استوى)) بمعنى: استولى، وبعضهم بيقولوا ((استوى)) بمعنى: استعلى.
فأنت جزاك الله خيرا لما جئت بالآية، هذا جواب ما في كلام قال الله وانتهى الأمر، لكن بعد لانشوف هل الاستدلال بهذه الآية على أي تفسير من التفسيرين المذكورين في كتب التفاسير.
استوى بمعنى: استولى، واستوى بمعنى: استعلى
التبليغي: استعلى
الشيخ: جميل جدا، هذا الجواب صحيح لأنه أولا معتمد على الآية، ومعتمد على التفسير الصحيح) ([477]).اهـ
قلت: وهنا لم يكتف الشيخ الألباني رحمه الله بالجواب بالآية فقط، لأنه يحتمل أن يفسر الآية بتفسير أهل الكلام، فوجب ذكر الزيادة الصحيحة في تفسير (استوى) وهو بمعنى (على)، فمن توقف في هذه الزيادة فهو مبتدع اللهم غفرا([478]).
قلت: والتفسير قسمان:
1) صحيح مقبول.
2) وفاسد مردود.
1) فالصحيح: ما دل عليه دليل صحيح، كتأويل قوله تعالى: (وسئل القرية) إلى معنى واسأل أهل القرية، لأن القرية نفسها لا يمكن توجيه السؤال إليها.
2) والفاسد: ما ليس عليه دليل صحيح، كتأويل المعطلة قوله تعالى :(الرحمن على العرش استوى) إلى معنى (استولى)، والصواب أن معناه(العلو) من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل.
قلت: ومن ذلك قول المرجئة بعدم ذهاب الإيمان بالكلية، بل يبقى أدنى ذرة من الإيمان في قلب العبد، فرد عليهم العلماء، وزادوا (حتى لا يبقى منه شيء) في قلب العبد.
ولم يزل العلماء يردون على المرجئة أقوالهم، ويبطلون استدلالهم، ويكشفون تلبيسهم، ويظهرون تدليسهم.
فيحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وأخيرا أقول: قال ربيع في (كشفه البالي) (ص148): (فالله يخزي ويفضح خصوم أهل السنة في كل زمان ومكان، ويهتك أستارهم نصرا لأهل السنة).اهـ آمين...آمين!.
ولذلك قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في (النصيحة) (ص105): (فالسؤال الذي يطرح نفسه -كما يقال-: ما حال من نشر ذاك الهدى هناك؛ ثم نشر هذا الضلال هنا؟ هل هي النكسة عن السلفية، أم أن الغاية تبرر الوسيلة([479])؟! أحلاهما مر!).اهـ
df
ذكر الدليل على إنكار ربيع المدخلي
لفظ جنس العمل
واضطرابه، وتناقضه في ذلك
بتلبيس، وخيانة، وتحريف، وكذب
لكي يقرر عدم تكفير تارك جنس العمل، وعدم إدخاله في الإيمان
وإصراره على عناده في إنكاره لفظ (جنس) وهي كلمة عربية فصيحة([480])
1) قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي)(ص102): (فإطلاق )جنس العمل( فيه مفاسد لما فيه من الإجمال الموقع في اللبس، ولما يثيره من الاختلاف والفرقة فيجب اجتنابه). اهـ
2) وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص103): (ولم أجد من ذكر لفظ (جنس العمل) في تعريف الإيمان). اهـ
3) وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص 107): (وأنت تتعلق بلفظ (جنس) وهو لا ذكر له في القرآن، ولا في السنة، ولا أدخله السلف في تعريف الإيمان، ولم يذكر في أقوال القرون المفضلة حسب علمي، ولا يبعد أن يكون مما أدخله الفلاسفة على الإسلام، وإذا رجعت إلى كتب اللغة تجد اضطرابا في تفسيره!.
ويقال: إن أول من أدخله على اللغة الأصمعي، قال ابن فارس في مقاييس اللغة عن الأصمعي: إنه أول من جاء بهذا اللقب، وقال مثل هذا صاحب القاموس، وبعض أهل اللغة يقول عن (الجنس) إنه الضرب من الشيء، وبعضهم يقول: إنه أعم من النوع، وهؤلاء متأثرون بكلام الفلاسفة، وبعضهم يقول: الجنس هو الأصل والنوع، فيجعل معنى (الجنس)، والنوع واحدا، وهو صاحب المعجم الوسيط، وقال بعد هذا التعريف: وفي اصطلاح المنطقيين ما يدل على كثيرين مختلفين بالأنواع، فهو أعم من النوع، يعني عند المنطقيين، وهذا يشير إلى أنه من وضع أهل المنطق) ([481]). اهـ
4) وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص114) عن جنس العمل: (فمن ذكرهم من العلماء لم يدخلوه في قضايا الإيمان، ولم يجعلوه ركنا في تعريف الإيمان).اهـ
5) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص165): (فإذا كان هناك أحد يقول في تارك (جنس العمل) إنه ناقص الإيمان([482])، أو مرتكب الكبيرة ناقص الإيمان، فإنه لا يصح أن يقال عنه: إنه قد وافق المرجئة!!!). اهـ
فربيع بقوله هذا يرى بأنه تارك (جنس العمل) ناقص الإيمان، وعلى هذا لا يكفر على مذهبه الباطل، وهذا قول المرجئة بلا شك كما بين (الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ فالح الحربي) وغيرهم.
6) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص390) وهو ينكر لفظ (جنس العمل): (ولم أجد لفظ (جنس العمل) في تعريف الإيمان). اهـ
7) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص393): (لكن لا أزال أنصح الشباب عن الخوض فيه؛ لأنه لفظ مجمل يحتمل معني متعددة، ولفظ لم يرد في الكتاب والسنة!).اهـ
9) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص416): (وفي نادر من الأحيان يسألني عنه – يعني بترك جنس العمل – بعض الناس فأنهاه عن الخوض فيه، فإذا ألح ولج اعترضت ببعض أحاديث الشفاعة كحديث أنس رضي الله عنه (يخرج من الناس من عنده أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان) فلا يحير جوابا!).اهـ
قلت: يعني لو ترك الإنسان (جنس العمل) فهو عند ربيع يدخل في أحاديث الشفاعة، والله المستعان.
9) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص417): (ترجح لي أنه يجب الابتعاد عنه – يعني جنس العمل – لأن الجنس قد يراد به الواحد، وقد يراد به الكل، وقد يراد به الغالب). اهـ
10) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص434) – عن جنس العمل -: (ولم يدخله السلف في قضايا الإيمان، وهو لفظ مجمل يحتمل عدة معان تؤدي إلى اللبس والمشاكل).([483])اهـ
11) وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص402): (وأنت تتعلق بلفظ (جنس)، وهو لا ذكر له في القرآن، ولا في السنة، ولا أدخله السلف في تعريف الإيمان، ولم يذكر في أقوال القرون المفضلة حسب علمي، ولا يبعد أن يكون مما أدخله الفلاسفة على الإسلام!). اهـ
بل يرى ربيع أن (جنس العمل) ليس الأعمال كلها مما يتبين بأنه لا يكفر من ترك (جنس العمل)، بل يرى (بجنس العمل) ما يصح به الإيمان!.
فقال ربيع في (بيانه البالي) (ص4) معلقا على قول الشيخ ابن باز رحمه الله([484]): (وهذا واضح من كلامه سياقا وسباقا أنه يريد (بجنس العمل) ما يصح به الإيمان كالصلاة، وليس مراده (بجنس العمل) الأعمال كلها، فهذا مما يبطل تفسير الحدادية! أن المراد بجنس العمل:العمل كله!). اهـ
12) وقال ربيع المرجئ في (بيانه البالي) الحلقة الثالثة (ص18): (تشبثهم بلفظ (جنس العمل) ومحاربة من لا يدخله في تعريف الإيمان، ومرادهم (بجنس العمل) العمل كله، مخالفين بهذا التفسير أئمة اللغة، واستعمال العلماء له، ومقاصدهم من استعماله!). اهـ
وإليكم ردود العلماء عليه في مسألة جنس العمل، وإبطال أقاويله السابقة:
أولا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله، مفتي عام المملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
1) سئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ انتشر عندنا – يعني في أوروبا – بصورة عجيبة أن الذي يترك الأعمال كل الأعمال، و(جنس العمل) بغير عذر يكون مؤمن ناقص الإيمان([485])، فما صحة هذا القول أثابكم الله؟.
فأجاب فضيلته: (لا... هذا قول باطل!، الأعمال جزء من الإيمان، ومن ادعى الإيمان بدون عمل فليس بمؤمن، والله جل وعلا ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح).([486]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هل تارك (جنس العمل) ناقص الإيمان، وهل يكون بقوله هذا موافق للمرجئة أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (نعم... لأن (جنس العمل) تاركه قد كفر – نسأل الله العافية -، لأن العمل جزء من الإيمان).([487])اهـ
3) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هل تارك (جنس العمل) مؤمن ناقص الإيمان، وهو قائل ذلك يسمى مرجئا، وجزاك الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (يا أخواني الأعمال جزء من الإيمان لا انفصام بين العمل والإيمان، الإيمان والأعمال شيء واحد، فالذي يترك الأعمال هو تارك للإيمان، ومن يزعم أنه مؤمن، وهو لا يؤدي عمله، لا يصلي، ولا يزكي، ولا يصوم، ولا يحج، ولا يؤدي واجبا، ولا يبتعد عن محرم، ولا يمتثل واجبا، أين هذا من الإيمان؟!.
فالإيمان والعمل شيء واحد لا انفصام للعمل عن الإيمان، بل الأعمال جزء من الإيمان، والله ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح).([488]) اهـ
4) وإليك هذا الجواب لسماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله – في مكالمة هاتفية – على سؤال يقول صاحبه: هناك شريط يروج عندنا (السائل من الجزائر) بعنوان: (شرح كتاب الإيمان) من (صحيح البخاري) لأحد الدكاترة من عندكم من (مكة).
قال الشيخ حفظه الله: (من هو)، قال السائل: (الدكتور ربيع بن هادي المدخلي)، يقول: إن كلمة (جنس العمل) محدثة، ولا أصل لها في القرآن، وفي السنة، ولم يدخلها السلف في تعريف الإيمان، أحدثها التكفيريون، والقطبيون، فما صحة هذا، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب المفتي حفظه الله بقوله: (هذا كلام غير صحيح، بس، ما يصلح هذا).([489])([490]) اهـ
ثانيا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
1) سئل فضيلة الشيخ: وفقكم الله، هناك من يقول أن تارك (جنس العمل) بالكلية لا يكفر، وأن هذا القول قول ثاني للسلف، لا يستحق الإنكار، ولا التبديع([491])، فما صحة هذه المقولة، أثابكم الله؟.
فأجاب فضيلته: (هذا كذاب، الذي يقول هذا الكلام هذا كذاب، كذب على السلف، السلف ما قالوا: إن الذي يترك (جنس العمل) لا يكفر، ما قالوا: إن الذي يترك (جنس العمل)، ولا يعمل أي شيء يكون مؤمنا، من ترك العمل نهائيا من غير عذر، لا يصلي، ولا يصوم، ولا يعمل أي شيء، ويقول أنا مؤمن هذا كذاب.
أما الذي ترك العمل بعذر شرعي، وما يتمكن من العمل نطق بالشهادتين بصدق، ومات أو قتل في الحال فهذا ما في شك أنه مؤمن، لأنه ما تمكن من العمل ما تركه رغبة عنه.
أما الذي يتمكن من العمل ويتركه، ولا يصلي، ولا يصوم، ولا يزكي، ولا يجتنب المحرمات، ولا يجتنب الفواحش، هذا ليس بمؤمن، ولا أحد يقول أنه مؤمن إلا المرجئة)([492]). اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: ظهر في هذا الوقت من يقول أن تارك (جنس العمل) مؤمن، ويكابر في هذا القول، ويدعو إليه، ويهدد من لا يقول بقوله([493])، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (لا نحتاج إلى هذا الرجل، ولا إلى قوله، والسلف الصالح والعلماء كفونا، وبينوا لنا الإيمان وهو: قول واعتقاد وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فهذا الرجل لا ننظر إليه ولا إلى قوله).([494]) اهـ
ثالثا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان حفظه الله، عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
1) سئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول أن تارك (جنس العمل) بأنه مؤمن، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (فما معنى تارك (جنس العمل)، إذا كان تارك (جنس العمل) معناه تارك جميع الأعمال، هذا مذهب المرجئة، وأنا ما أدري ما يحمل الإنسان على ترك هدي الرسول r، والأخذ بهدي غيره، ويجادل ويناظر).([495]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: قال أحدهم في مقال له: (وفي نادر من الأحيان يسألني عنه بعض الناس يعني عن ترك (جنس العمل) هل هو كافر أم لا؟!، فأنهاه عن الخوض فيه، فإذا ألح اعترضت عليه ببعض أحاديث الشفاعة، كحديث أنس t: (يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان) فما صحة هذا القول، بارك الله فيكم؟.
فأجاب فضيلته: (يا أخي هذه مسألة تدخل في مذهب المرجئة الذين لا يجعلون العمل شرط صحة، تدخل في هذا الباب كله، وعن استدلاله، فهذا الأمر يرجع إلى الله، يعني لا يدخل فيها الإنسان أصلا).([496]) اهـ
3) وسئل فضيلة الشيخ: هناك قول لأحد الدكاترة من عندكم من مكة يدعى ربيع المدخلي يقول: أن كلمة (جنس العمل) محدثة، ولا أصل لها في القرآن، وفي السنة، ولم يدخلها السلف في تعريف الإيمان، أحدثها التكفيريون والقطبيون، فما صحة هذا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح، هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن هذا مذهب المرجئة).([497]) اهـ
4) وسئل فضيلة الشيخ – في مكالمة من الجزائر – يا شيخ قال أحدهم في مقال له: (في نادر من الأحيان يسألني عنه – يعني تارك (جنس العمل) – بعض العمل: هل هو كافر أم لا؟، فأنهاه عن الخوض فيه) (القائل هو ربيع في مقاله: (كلمة حق حول جنس العمل)، فقاطعه الشيخ الغديان قائلا: (هذه المسألة تدخل في مذهب المرجئة الذين لا يجعلون العمل شرط صحة).([498]) اهـ
رابعا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله، مدير المعهد بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا:
1) سئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول أن تارك (جنس العمل)، أو كل الأعمال يكون مؤمنا ناقص الإيمان، ما صحة هذا القول أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (ليس صحيحا، هذا باطل، وهذا يوافق المرجئة وهذا مرجئ الذي يقول هذا القول، لماذا، لأن تارك جميع العمل كافرا عند أهل السنة والجماعة، وهو غير مؤمن، والإيمان عندهم هو: اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالجوارح.
والعمل بالجوارح جزء من الإيمان، وكله ركن فيه، فإذا لم يأت بالعمل على الإطلاق يكون قد هدم هذا الركن، وهو كافر خارج من الملة، ومن قال عنه ناقص الإيمان، أثبت له الإيمان – بغض النظر عن كونه قال إيمانه ناقص، أو تام – فهو قد خالف إجماع الأمة ونقضه، وهو أنه يرونه كافرا غير مؤمن، وهو أثبت له الإيمان سواء قال إيمانه ناقص، أو قال إيمانه غير ناقص، وهذا هو مذهب المرجئة.
فمذهب المرجئة إنهم لا يكفرون الشخص، ويثبتون له الإيمان، ولو انتهت جميع الأعمال، ولو لم يعمل عملا قط.
فهؤلاء يشبهون على الناس، ويتبعون المتشابه، ويحتجون بالأحاديث، وقد وجهها أهل السنة والجماعة حتى لا تتصادم مع النصوص القطعية التي أجمعت عليها الأمة، ولا يضربون بها النصوص، ويشبهون بها، فتشبيه بها وتشويش بها، هذه طريقة أهل البدع، وهو أنهم دائما يتبعون ما تشابه.
ولكن أهل السنة – ولله الحمد – البعيدون عن هذه الطريقة يفهمون النصوص بعضها مع بعض، فيقولون (لم يعملوا خيرا قط)([499]) أي لم يكن عمله تاما، ولم يكن عمله كافيا في إخراجه من طائلة العقوبة، فهو يقع تحت الوعيد في نقصان عمله ولقلة عمله، ولا يأخذون بهذا المتشابه، ويتركون النصوص القطعية الكثيرة في الكتاب والسنة، وإجماع أهل السنة، وإنما يوجهونها مع النصوص الأخرى، فيحملون المتشابه على المحكم، فينبغي أن تنتبهوا إلى هذه المكيدة، مكيدة من يقول بهذا القول أو ينصره).([500])اهـ
قلت: وهذه الأقوال لأهل العلم تدل على بطلان قول ربيع في مسائل الإيمان([501])، وقد رددت عليه في كتابي (رسوخ الجبل) و(القاصمة الخافضة)، وقد بينت كذبه في ذلك بقوله: (ويقال: أن أول من أدخله – الجنس – على اللغة الأصمعي!)([502])، وقوله: (وإذا رجعت إلى كتب اللغة تجد اضطرابا في تفسيره!)([503])، وقوله: (وهذا يشير إلى أنه من وضع أهل المنطق!)([504])، وقوله: (ولا يبعد أن يكون مما أدخله الفلاسفة على الإسلام!)([505])، وقوله: (تشبثهم – يعني أهل السنة – بلفظ: (جنس العمل) ومحاربة من لا يدخله في تعريف الإيمان، ومرادهم (بجنس العمل): العمل كله!، مخالفين بهذا التفسير أئمة اللغة واستعمال العلماء له!)([506])، وقوله: (وأنت تتعلق بلفظ (جنس)، وهو لا ذكر له في القرآن، ولا في السنة، ولا أدخله السلف في تعريف الإيمان!)([507]).
فهذه ألفاظه التي يقول بها، ومع ذلك ينكر في مقالاته الباليه عن مسألة جنس العمل، ويضطرب ويتناقض فيها كعادته في بقية مخالفاته الشرعية، فمرة ينفي، ومرة يثبت، ومرة بين ذلك والله المستعان.
وليست هذه القضية هي الأولى في حياة هذا الرجل، فلها مثيلات يشهد عليه أهل العلم وطلبتهم السلفيون، ومنها في كتبه، ومنها في أشرطته، ومنها في مقالاته، ومنها ما نشر في شبكة سحاب، ولعلكم تعلمونها، أو تعلمون بعضها.
وليعلم المسلم الكـريم أن هناك مآخـذ كبـيرة على ربيع في الأصول – خاصة أباطيله في الإرجاء – لا يعرفها إلا أهل السنة والجماعة، فوجهت له بسببها النصائح لعله يرجع عنها، فلم يوفق لذلك مع الأسف، وذهب هو وأعوانه يتكلفون الردود البعيدة كل البعد عن مذهب أهل السنة والجماعة، بالشغب والكذب عليهم، وهذا هو الضلال المبين؛ لأنه ليس بعد الحق إلا الضلال. كما قال تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس:32].
ومما ذهب يشغب به – كما سبق – في أمر (جنس العمل) برده وإنكاره، ليخدع بعض المخدوعين، وحذر من استخدام لفظ (جنس)، ليرتب على ذلك عدم تكفير تارك (جنس العمل) كما صرح في كتابه (المجموع الواضح)، ويلصق هذا الحكم بمذهب أهل السنة والجماعة، وذهب يجول بذلك ويصول، ويفتري عليهم، ويسب سبا بيناه للناس في كتبنا السلفية، ومعه السحابيون المميعون([508]) في الذب عنه وعن باطله، وهؤلاء مثله لن يعترفوا بأي خطأ من أخطائهم، ولا يمكن أن يسلموا لأهل السنة والجماعة بأي حق!، ولو أيدته الأدلة والبراهين، وأيده علماء الحرمين.
فهذا الرجل شغل أتباعه بترهاته وأراجيفه وفتنه، ومن عجائبه: أنه يفعل هذه الأفاعيل الشنيعة، ثم لا يقبل نصيحة من علماء الحرمين، فالنصح عنده جريمة، ولو أهان السلفية وأهلها.
ويعلم الله أن العلماء كانوا يتحفظون التحفظ الشديد في انتقاده، لإيقاف فتنته العمياء، وحماية لسمعته، لكنه لم يهتم بذلك، ولم يزداد على مر الأيــام – كما هو ظاهر – إلا عنادا، ومضيا في فتنته، هو وأوباشه، والكلام عن فتنته يطول، وسوف نبينها إن شاء الله في المستقبل، ليعلم أهل السنة بأن هذا الرجل افتعل فتنة بيده، وتورط بها عندما تبين بأنه مخالف أصول السنة، فرماها على غيره ليبرر نفسه الأمارة بالسوء والله المستعان.
قلت: وبالمرجئة وجد المبتدعة طريقا على أهل السنة، وأهل الحديث، فأضافوا إليهم قلة الفهم، وهذا كذب وبهتان، وإفك وطغيان، ما أنزل الله به من سلطان، قد نزه الله تعالى حملة السنة، وآثار السلف الذين هم سرج العباد، ونور البلاد عن مثل هذه المقالة العوراء، والجهالة العمياء، بل يصح عند العلماء أنها من أباطيل المرجئة حين ضاق بهم المخرج، ولم يصح لهم المنهج، ورأوا ما أبدى الله تعالى على ألسنتهم من عوراتهم الشنيعة، وجهالاتهم الفظيعة ما خالفوا فيه الكتاب والسنة وإجماع الأمة، أرادوا أن يموهوا على العوام، ويوهموا بزخرف الكلام ما نزه الله تعالى عنه كل عالم يقتدى به في الإسلام، ويهتدى بقوله في الاعتقاد، أترى يظن مسلم أن ما تخرصوه يدنس اعتقاد السلف الصالح، وأصحاب الحديث، خاب والله ما رجوه، وبطل ما أملوه، بل ما ذكره علماء السنة في غواتهم أليق، وإليهم أسبق مثل ربيع المدخلي المرجئ([509])، وقالوا فيه: وافق المرجئة، ووقع في الإرجاء، وكان يظهر الزهادة، ويتكلم في مسائل الإيمان على وجه التلبيس، وهو في اعتقاده في مسائل الإيمان وغيرها شر من إبليس الخسيس، لأنه يلبس فيها بتلبيس!!!. ([510])
فهؤلاء اتبعوا أهواءهم في دين الله بمؤازرة الأهواء بعلم منهم. حتى وقعوا في ما حذرنا بوجوده النبي r، حيث قال ابن مسعود t:((خط رسول الله r خطا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيما وخط عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيل إلا وعليه شيطان يدعو إليه ثم قرأ ﴿¨br&ur #x»yd ÏÛºuÅÀ $VJÉ)tGó¡ãB çnqãèÎ7¨?$$sù ( wur (#qãèÎ7Fs? @ç6¡9$# s-§xÿtGsù öNä3Î/ `tã ¾Ï&Î#Î7y 44﴾)).([511])
وقد نجد هؤلاء يقومون بالتجول في البلدان على طريقة الحزبية، لإقامة الاجتماعات السرية مع الجهلة، وتقرير المنهج الحدادي من الطعن، والهجر، والتبديع، وغير ذلك، فمتى تعودت القلوب على الانحراف، وألفته لم يبق فيها مكان للمنهج السلفي الخالص الذي لم يخالطه الانحراف فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومع ذلك لم يكتف ربيع المدخلي المميع، بل قام يقع على أهل السنة، ويشاغبهم بالاستخفاف بهم – ويرميهم بدائه – عند الجهلة وغيرهم، ويتطاول بلسانه على أهل العلم، وشباب السنة، الذين نهجوا نهج السلف الصالح، وتهجمه عليهم من غير وازع، ولا ضمير.
ولذلك كثر كذبه، وتدليسه، وتلبيسه على الجهلة، وتلاعبه بعقولهم، فانظروا إلى أي هوة سقط هذا الرجل، ولقد اغتر به الذين يعانون من قلة الدين، والمنهج، والله المستعان.
واستمع إلى ربيع المرجئ، وهو يطعن في علماء السنة الذين يقولون (بجنس العمل)، ويكفرون بتركه، ويدخلونه في الإيمان، والله المستعان.
قال ربيع المرجئ في (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص66) : (ومثل هؤلاء! في هذا العصر ]يعني علماء الحرمين[ أهل جنس العمل ([512])! الذين أدخلوه في الإيمان ([513])، ليهلكوا أهل السنة ويضللوهم([514])،نسأل هؤلاء الذين يرجفون على أهل السنة ]يعني: أهل الإرجاء[ بجنس العمل، ونقول لهم: من سلفكم في هذا ([515])؟!! من سبقكم إلى هذه الفتنة ([516])، وأرجف بها ؟!! من أدخلها وجعلها ركنا في تعريف الإيمان ([517]) - يا كذابين ([518])-؟!! من سلفكم في هذا التضليل وفي هذه الفتنة ([519])؟!! ). اهـ
وقد اضطرب المدخلي المرجئ اضطرابا شديدا في أمر تارك (جنس العمل)!، وفي ثبوته من أقوال أهل السنة والجماعة ([520])!،وفي ثبوته في اللغة العربية ([521])!، بل عنده من قال عن تارك (جنس العمل) ناقص الإيمان([522])، لا يقال عنه أنه قد وافق المرجئة!!!.
كل ذلك يبين أن الرجل يجازف في أحكام الدين ([523])،ولم يتقن معتقد أهل السنة والجماعة في مسائل الإيمان، وإلا لماذا هذا الاضطراب ([524])والتناقض، ومقالاته تدل على ذلك ([525]).
وقد خاض وحده في معتقد أهل السنة، ولم يكن فيه عنده علم، بل لم يكلف نفسه إلى الآن أن يرجع إلى علماء الحرمين([526])فيسألهم عن مسألة تارك (جنس العمل) وثبوت ذلك ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ﴾ ]النحل:43[، فهذا الرجل في رأسه عناد مفرط أهلكه، وأهلك أتباعه ([527])المتعصبة لباطله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال ربيع المرجئ في (بيانه البالي) (ص45): (ليس من الإرجاء: كان ينبغي أن تنصحهم بعدم الخوض في (جنس العمل) ([528]) لأنه أمر لم يخض فيه السلف فيما أعلم، والأولى الالتزام ماقرره وآمن به السلف من أن الإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح. - ثم قال: - فإذا كان هناك أحد يقول في تارك (جنس العمل) ([529])إنه ناقص الإيمان، أو مرتكب الكبيرة ناقص الإيمان، فإنه لا يصح أن يقال عنه أنه قد وافق المرجئة...!!!). اهـ
وقال ربيع المختلط عن كلمة جنس العمل: (وإذا رجعت إلى كتب اللغة تجد اضطرابا في تفسيره ([530])!!!). اهـ
وقال ربيع المختلط: (ويقال إن أول من أدخله - يعني جنس- على اللغة الأصمعي) ([531]). اهـ
قلت: ولم يبين ربيع الكذاب صحة هذه العبارة، وكلام أهل العلم في ذلك، لأنه يخاف أن ينكشف عند السحابيين المتعالمين، فيفتضح أمامهم.
لذلك لا يكفي أداء الصلاة وحدها مع التوحيد، من دون بقية الأركان، وهي: الزكاة، والصوم، والحج، فلا بد أن يصلي مع التوحيد، وعنده الأركان كلها.([532])
فأما أن يوحد الله تعالى في قلبه، ويصلي، لكنه لا يزكي، ولا يصوم، ولا يحج، فهذا يعتبر تاركا لـ(جنس العمل) بلا شك. ([533])
قلت: إذ هو أراد إيهام القراء أن لفظ: (جنس العمل) يراد به (الصلاة) فقط، معتمدا في ذلك على نقل الشيخ الدكتور عبدالله الجربوع وفقه الله، وغيره، كما في (كشفه البالي) (ص217).
وهذا فيه خلط، وخبط، وفهم شارد، كما هو ظاهر، فهو دائما يحاول أن يصحح مذهبه في الإرجاء بمحاولات الغريق الذي يريد أن يتشبث بخيوط القمر، محوطة بالتدليس، ملفوفة بالتلبيس.
والمتأمل للكلام يتبين المراد منه أن حد (جنس العمل) في الجملة هو (الصلاة) لإجماع السلف على تكفير من تركها، إذ أن قبول الأعمال الصالحة متوقف على قبولها.
قلت: وليس عند الشيخ ابن باز رحمه الله بعبارته هذه أن (الصلاة) جنس العمل كله([534])، بل (جنس العمل) العمل كله، وإليك الدليل:
فقد صرح الشيخ ابن باز رحمه الله بأن (جنس العمل) يقصد به الصلاة والصوم والزكاة وغير ذلك من الأعمال في حوار أجرته معه (مجلة المشكاة):
( المشكاة: المقصود بالعمل جنس العمل؟
الشيخ: من صلاة، وصوم، وغيره([535])، عمل القلب من خوف، ورجاء([536])).اهـ
قلت: وهنا لم يقتصر الشيخ ابن باز رحمه الله على ذكر الصلاة فقط، وأنها (جنس العمل)، بل ذكر غيرها من الأعمال كما هو ظاهر.
وهذا يدل أن (جنس العمل) عنده العمل كله، لا الصلاة لوحدها، مما يتبين أن القول الذي نقله المدخلي في (كشفه البالي) (ص217) عن الشيخ ابن باز رحمه الله ليس بصحيح فتنبه.
قلت: فليس المسألة في (جنس العمل) راجعة إلى قضية الصلاة فقط، بل جميع أهل السنة يرون بقية الأركان، وضرورة وجودها ليصح الإيمان([537]).
سئل العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله عن العمال: أهي شرط صحة للإيمان، أم شرط كمال؟
فأجاب الشيخ: (من الأعمال شرط صحة للإيمان، لا يصح الإيمان إلا بها كالصلاة، فمن تركها فقد كفر، ومنها ما هو شرط كمال([538])، يصح الإيمان بدونها، مع عصيان تاركها وإثمه.
فقيل له: من لم يكفر تارك الصلاة من السلف، أيكون العمل عنده شرط كمال؟، أم شرط صحة؟
فأجاب الشيخ: لا، بل العمل عند الجميع شرط صحة، إلا انهم اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه، فقالت جماعة: أنه الصلاة، وعليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، كما حكاه عبدالله بن شقيق، وقال آخرون بغيرها، إلا أن جنس العمل لا بد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعا([539])، لهذا الإيمان عندهم: قول وعمل واعتقاد، لا يصح إلا بها مجتمعة) ([540]).اهـ
قلت: فالشيخ ابن باز رحمه الله بين الفرق بين ترك آحاد الأعمال، وترك العمل جملة، وأن أهل السنة والجماعة متفقون على أن جنس العمل، العمل كله، فمن تركه فقد ترك الإيمان، لأن جنس العمل لا بد منه لصحة الإيمان([541]).
وقد سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله ما نصه: من شهد أن لا إله إلا الله، واعتقد بقلبه، ولكن ترك جميع الأعمال، هل يكون مسلما؟
فأجاب الشيخ: (لا، مايكون مسلما حتى يوحد الله بعمله، يوحد الله بخوفه، ورجائه، ومحبته، والصلاة، ويؤمن أن الله أوجب كذا، وحرم كذا.
ولا يتصور، ما يتصور أن الإنسان المسلم يؤمن بالله يترك جميع الأعمال، هذا التقدير لا أساس له، لا يمكن يتصور أن يقع من أحد. نعم؛ لأن الإيمان يحفزه إلى العمل. الإيمان الصادق) ([542]).اهـ
قلت: ومع وضوح كلام الشيخ رحمه الله، وكثرته في بيان المسألة، إلا أن المدخلي المخالف أعرض عنه، وتمسك بكلامه في حكاية خلاف أهل السنة في بعض الأعمال، وهذا خارج عن محل النزاع، فكلامنا في (جنس العمل) كله، لا في بعض (جنس العمل).
وللعلم، أحيانا يتحدث الشيخ ابن باز رحمه الله، في موضع معين عن ترك آحاد العمل، أو بعض العمل، ويذكر فيه الخلاف، ويذكر ترك الصيام –مثلا-، أو الزكاة، أو الحج، وغير ذلك من أعمال الجوارح، ويقول هي من كمال الإيمان، وتركها ضعف في الإيمان، وصاحبها لا يكفر.
قلت: فكلامه هنا يعتبر القول في ترك آحاد العمل، أو بعض العمل، كالصيام، أو الزكاة، أو الحج، أو غير ذلك، والخلاف فيها معتبر بين أهل السنة([543]).
فلا يستشهد بقوله رحمه الله هذا على الخلاف الذي بيننا، وبين المرجئة الخامسة([544])، لأنه رحمه الله لم يتحدث عن ترك (جنس العمل) بالكلية([545])، كما سبق ذكره، فانتبه.
أما بالنسبة لترك (جنس العمل) بالكلية فله حكم فيه، كما سبق ذكره، وأنه العمل كله.
وبهذا يتضح جليا بأنه لا خلاف بين الشيخ ابن باز رحمه الله، وبين أهل العلم الذين قالوا أن (جنس العمل) العمل كله.
سئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: هناك من يقول: إن تارك جنس العمل بالكلية لا يكفر، وإن هذا القول قول ثان للسلف، لا يستحق الإنكار، ولا التبديع، فما صحة هذا القول؟
فأجاب الشيخ: (هذا كذاب! الذي يقول هذا الكلام كذاب!!! كذب على السلف!!!.
السلف ما قالوا إن الذي يترك جنس العمل، ولا يعمل شيء أنه يكون مؤمن، من ترك العمل نهائيا من غير عذر، لا يصلي، ولا يصوم، ولا يعمل أي شيء، ويقول: أنا مؤمن، هذا كذاب.
أما الذي يترك العمل لعذر-شيء- ما تمكن من العمل، نطق بالشهادتين بصدق، ومات، أو قتل في الحال، فهذا ما في شك أنه مؤمن؛ لأنه ما تمكن من العمل، ما تركه رغبة عنه.
أما الذي يتركه، ولا يصلي، ولا يصوم، ولا يزكي، ولا يتجنب المحرمات، ولا يتجنب الفواحش، هذا ليس بمؤمن، ولا أحد يقول إنه مؤمن إلا المرجئة) ([546]).اهـ
قلت: وهذا يدل أن الشيخ الفوزان يرى أن (جنس العمل) العمل كله، لأن العبرة بالذي قام عليه الدليل، وعليه أهل السنة، ويعتبر قول المدخلي شاذا، لا يعتبر به، ولا يحتج به.
قلت: فالمراد بالعمل الذي ينتفي الإيمان بانتفائه (جنس العمل الصالح) لا أفراده، فإن المؤمن قد يترك أعمالا كثيرة مفروضة، ويبقى مؤمنا، وإن كان لا يستحق الاسم المطلق.
فإن ترك العمل كله زال عنه مطلق الإيمان، لأنه ترك (جنس العمل)، وترك (جنس العمل) مسقط لأصل الإيمان، فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة إلا ولا بد أن يأتي بـ(جنس العمل) مع الشهادتين([547]).
قلت: فأدلة كفر تارك الصلاة تدل على كفر تارك العمل؛ لأن الصلاة عمل واحد من (جنس العمل) الذي هو ركن في تعريف الإيمان عند أهل السنة، فلا يتصور ترك الجنس إلا بترك كل الأفراد، ومنها (الصلاة)، وهذا وجه احتجاج الأئمة بهذا النوع من النصوص على دخول العمل في الإيمان.
قلت: ولا نصنع كما صنع المدخلي في هذا الباب في ضرب كلام الأئمة بعضه ببعض هروبا، وحيدة عن الحق الواضح إلى ما اشتبه من كلامهم([548])، وهذه سمة من سمات أهل البدع والأهواء، نعوذ بالله من سماتهم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص616): (وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهر ممتنع سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان، أو جزء من الإيمان كما تقدم بيانه).اهـ
قلت: وهذا يدل على أن (جنس العمل) عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، العمل كله بقوله: (أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب)،وكذلك سبق قوله في تكفير تارك (جنس العمل) بالكلية([549]).
وقال ابن رجب رحمه الله في (جامع العلوم والحكم) (ص41): (الإسلام: هو استسلام العبد لله، وخضوعه، وانقياده له، وذلك يكون بالعمل، وهو الدين كما سمى الله في كتابه الإسلام دينا في حديث جبريل، وسمى النبيe الإسلام، والإيمان، والإحسان دينا.
وهذا أيضا مما يدل على أن أحد الأسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الاسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان (جنس) تصديق القلب، وبالإسلام (جنس العمل!)).اهـ أي العمل كله.
وسئل العلامة المفتي عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله: سماحة الشيخ هل تارك (جنس العمل) ناقص الإيمان، وهل يكون بقوله هذا موافق للمرجئة أحسن الله إليكم؟
فأجاب الشيخ: (نعم... لأن (جنس العمل) تاركه قد كفر -نسأل الله العافية- لأن العمل جزء من الإيمان) ([550]).اهـ
وهذا يدل أن (جنس العمل) العمل كله.
وسئل العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان حفظه الله: هناك من يقول أن تارك (جنس العمل) بأنه مؤمن، وجزاكم الله خيرا؟
فأجاب الشيخ: (فما معنى تارك (جنس العمل)، إذا كان تارك (جنس العمل) معناه تارك جميع الأعمال، هذا مذهب المرجئة، وأنا ما أدري ما يحمل الإنسان على ترك هدي الرسولe، والأخذ بهدي غيره، ويجادل ويناظر) ([551]).اهـ
قلت: وصرح الشيخ الغديان حفظه الله أن (جنس العمل) جميع الأعمال([552])، والله المستعان.
وسئل الدكتور فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله ما نصه: هل تارك العمل بالكلية مسلم؛ تارك الأركان وتارك غيرها من الواجبات، والمستحبات، والأعمال الظاهرة بالجوارح؟.
فأجاب الشيخ: (إن العمل عند أهل السنة والجماعة داخل في مسمى الإيمان؛ يعني أن الإيمان يقع على أشياء مجتمعة وهي الاعتقاد والقول والعمل، ولذلك من ترك (جنس العمل) فهو كافر؛ لأنه لا يصح إسلام ولا إيمان إلا بالإتيان بالعمل.
سؤال: هل يتصور وجود مطلق الانقياد في القلب ولا يظهر له أثر على الجوارح؟
والجواب: أن هذا فرع المسألة التي قبلها، فإن الانقياد في أصله عقيدة واجب وهو من عمل القلب، ولا يصح الإيمان حتى يكون الانقياد ظاهرا على الجوارح؛ يعني حتى يعمل) ([553]).اهـ
وقال الدكتور فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله: ( كذلك ينبغي أن يعلم أن قولنا: (العمل داخل في مسمى الإيمان، وركن فيه لا يقوم الإيمان إلا به)؛ نعني به (جنس العمل)، وليس أفراد العمل، لأن المؤمن قد يترك أعمالا كثيرة صالحة مفروضة عليه ويبقى مؤمنا.
لكنه لا يسمى مؤمنا، ولا يصح منه إيمان إذا ترك كل العمل، يعني إذا أتى بالشهادتين، وقال: أقول ذلك واعتقده بقلبي، وأترك كل الأعمال بعد ذلك أكون مؤمنا.
فالجواب: أن هذا ليس بمؤمن؛ لأنه ترك مسقط لأصل الإيمان؛ يعني ترك (جنس العمل) مسقط لأصل الإيمان، فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة يصح إيمانه إلا ولا بد أن يكون معه مع الشهادتين (جنس العمل الصالح)، يعني جنس الامتثال للأوامر والاجتناب للنواهي) ([554]).اهـ
وقال الدكتور فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله: (وقول أهل السنة: (إن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا) لا يعنون به أن المسلم لا يكون معه شيء من الإيمان أصلا، بل لا بد أن يكون معه مطلق الإيمان الذي به يصح إسلامه، كما أن المؤمن لا بد أن يكون معه مطلق الإسلام الذي يصح به إيمانه، ونعني بمطلق الإسلام (جنس العمل)، فبهذا يتفق ما ذكروه في تعريف الإيمان، وما أصلوه من أن كل مؤمن مسلم دون العكس)([555]).اهـ
إذا إذا أطلق (جنس العمل)، كما في اللغة العربية، فيتبادر منه (العمل كله)، كما بين أهل العلم([556]).
لأن (الجنس) يشمل ما يطلق عليه الاسم، فإذا قلت: (رجل) صدق ذلك على كل من يسمى (رجلا).
وكذا (امرأة)، و(شجرة)، و(نخلة)، وهذا من مبادئ اللغة([557])!!!، والله ولي التوفيق.
قلت: والكلام على كلمة (جنس العمل) ستجده إن شاء الله تعالى في مواضع كثيرة من هذا الكتاب بحسب إنكار المدخلي له، وقد نقلت كلام أهل العلم في ذلك بطوله لأهميته، وقد نبهت إلى أن كلمة (جنس العمل) مأخوذة بالتتبع، والاستقراء لنصوص الكتاب والسنة، ونصوص أهل العلم، ونصوص أهل اللغة([558]).
وبهذا يعلم أن كلمة (جنس العمل) من الحقائق الشرعية المستمدة من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله e، وأقوال علماء السنة، وليس أمرا منكرا أنشأه بعض العلماء كما يزعم المدخلي([559]).
وقد قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والإمام ابن رجب رحمه الله، والعلامة الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله، والعلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، والعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، والعلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله، والعلامة الشيخ عبدالله الغديان حفظه الله، والعلامة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله، والعلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله، والعلامة الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله، وغيرهم.
قلت: وعلى أقل الأحوال أن يجعل (جنس العمل) من الأمور الاصطلاحية، الهدف منه تقريب العلم في مسائل الإيمان، وفهمها، وتنظيم دراستها، كما اصطلح أهل العلم قديما وحديثا على أسماء اصطلاحية للعلوم؛ كعلم (أصول الفقه)، وعلم (مصطلح الحديث)، وعلم (النحو والصرف)، وعلم (البلاغة) ونحوه.
وكما اصطلحوا داخل العلم الواحد على تعريفات، وأسماء اصطلاحية لكثير من مباحثه، فاصطلحوا في (علم الأصول) على المصالح المرسلة، والاستحسان، والاستصحاب، وسد الذرائع.
واصطلحوا في الدلالة؛ على دلالة العبارة، ودلالة الإشارة، ودلالة النص، ودلالة الاقتضاء، ومفهوم المخالفة ونحوه.
واصطلحوا في مفهوم المخالفة؛ على مفهوم اللقب، ومفهوم الوصف، ومفهوم الشرط، وغير ذلك([560])([561]).
واصطلحوا في دلالة الألفاظ؛ على الخاص والعام، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، ونحوه، وعلى هذا فلا مشاحة في الاصطلاح.
وقد تتابع أهل العلم على استعمال كلمة (جنس العمل)، واستقراره عبر قرون طويلة بجعله جزءا من التراث العلمي السلفي، فينبغي قبوله من أهل العلم، والله ولي التوفيق.
قال فضيلة الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله -عندما ذكر تقسيم التوحيد الاستقرائي([562])-: (كما في استقراء النحاة كلام العرب إلى اسم، وفعل، وحرف، والعرب لم تفه بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب، وهكذا من أنواع الاستقراء).اهـ
ومنه قول شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح نظم الورقات) (ص24): (وقيل تعريف أصول الفقه، فإننا لابد أن نعرف ما هي فائدة تعلمنا لأصول الفقه؟.
فائدته: أن تتمكن من استنباط الأحكام من أدلتها على وجه سليم، وهذه فائدة عظيمة.
فإن قال قائل: هل لهذا الفن أصل في عهد الصحابة، والتابعين، وتابيعهم؟.
الجواب: نعم، لكنه ليس على الوجه الذي حدث أخيرا، أي: أنه لم يصنف، ولم يبوب، وهكذا كثير من المسائل العلمية لم ترتب، ولم تبوب في عهد الصحابة، فمثلا لانجد في عهد الصحابة رضي الله عنهم شروط الصلاة، وشروط الغسل.
لكن العلماء بتيسير الله عز وجل، وتوفيقه تتبعوا هذه الأمور، وصنفوا هذه التصانيف من أجل أن يسهل العلم على الناس([563]).
فأصول الفقه موجود أصلها في عهد الصحابة، وموجود اصلها في القرآن الكريم، وموجود أصلها أيضا في السنة، لكن تدوينها، وجمعها، وحصرها حتى تكون فنا مستقلا، هذا حصل أخيرا).اهـ
ومنه قول شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (الشرح الممتع) (ج1 ص68): (قوله: ((باب)) الباب: هو ما يدخل منه إلى الشيء، والعلماء رحمهم الله تعالى يضعون: كتابا، وبابا، وفصلا.
فالكتاب: عبارة عن جملة أبوب تدخل تحت جنس واحد([564])، والباب نوع من ذلك الجنس كما نقول: ((حب)) فيشمل([565]) الشعير، والذرة، والرز، لكن الشعير شيء، والرز شيء آخر.
فمثلا: كتاب الطهارة يشمل كل جنس يصدق عليه أنه طهارة، أو يتعلق بها.
لكن الأبواب أنواع من ذلك الجنس، كباب المياه، وباب الوضوء، وباب الغسل ونحو ذلك.
أما الفصول: فهي عبارة عن مسائل تتميز عن غيرها ببعض الأشياء، إما بشروط أو تفصيلات.
وأحيانا يفصلون الباب لطول مسائله، لا لأن بعضها له حكم خاص، ولكن لطول المسائل يكتبون فصولا).اهـ
ومنه قول العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في (تفسيره) (ص537): (ويدخل في تطهيره، تطهيره من الأصوات اللاغية المرتفعة التي تشوش على المتعبدين، بالصلاة، والطواف، وقدم الطواف على الاعتكاف والصلاة، لاختصاصه بهذا البيت، ثم الاعتكاف، لاختصاصه بجنس المساجد).اهـ
وبهذا يعلم فساد ما قرره ربيع المدخلي في كتبه البالية وأشرطته الباطلة، في أنه جعل (جنس العمل) من الأمور المنكرة، وليس حقيقة شرعية مأخوذة بالتتبع والاستقراء لنصوص الكتاب والسنة، ونصوص اللغة العربية، ونصوص العلماء([566])، بل تمادى في الباطل عندما: قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي)(ص102): (فإطلاق )جنس العمل( فيه مفاسد لما فيه من الإجمال الموقع في اللبس، ولما يثيره من الاختلاف والفرقة فيجب اجتنابه). اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص103): (ولم أجد من ذكر لفظ (جنس العمل) في تعريف الإيمان). اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص 107): (وأنت تتعلق بلفظ (جنس) وهو لا ذكر له في القرآن، ولا في السنة، ولا أدخله السلف في تعريف الإيمان، ولم يذكر في أقوال القرون المفضلة حسب علمي، ولا يبعد أن يكون مما أدخله الفلاسفة على الإسلام، وإذا رجعت إلى كتب اللغة تجد اضطرابا في تفسيره!.
ويقال: إن أول من أدخله على اللغة الأصمعي، قال ابن فارس في مقاييس اللغة عن الأصمعي: إنه أول من جاء بهذا اللقب، وقال مثل هذا صاحب القاموس، وبعض أهل اللغة يقول عن (الجنس) إنه الضرب من الشيء، وبعضهم يقول: إنه أعم من النوع، وهؤلاء متأثرون بكلام الفلاسفة، وبعضهم يقول: الجنس هو الأصل والنوع، فيجعل معنى (الجنس)، والنوع واحدا، وهو صاحب المعجم الوسيط، وقال بعد هذا التعريف: وفي اصطلاح المنطقيين ما يدل على كثيرين مختلفين بالأنواع، فهو أعم من النوع، يعني عند المنطقيين، وهذا يشير إلى أنه من وضع أهل المنطق) ([567]). اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص114) عن جنس العمل: (فمن ذكرهم من العلماء لم يدخلوه في قضايا الإيمان، ولم يجعلوه ركنا في تعريف الإيمان).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص165): (فإذا كان هناك أحد يقول في تارك (جنس العمل) إنه ناقص الإيمان([568])، أو مرتكب الكبيرة ناقص الإيمان، فإنه لا يصح أن يقال عنه: إنه قد وافق المرجئة!!!). اهـ
فربيع بقوله هذا يرى بأنه تارك (جنس العمل) ناقص الإيمان، وعلى هذا لا يكفر على مذهبه الباطل، وهذا قول المرجئة بلا شك كما بين (الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ فالح الحربي) وغيرهم.
وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص390) وهو ينكر لفظ (جنس العمل): (ولم أجد لفظ (جنس العمل) في تعريف الإيمان). اهـ
وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص393): (لكن لا أزال أنصح الشباب عن الخوض فيه؛ لأنه لفظ مجمل يحتمل معني متعددة، ولفظ لم يرد في الكتاب والسنة!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص416): (وفي نادر من الأحيان يسألني عنه – يعني بترك جنس العمل – بعض الناس فأنهاه عن الخوض فيه، فإذا ألح ولج اعترضت ببعض أحاديث الشفاعة كحديث أنس رضي الله عنه (يخرج من الناس من عنده أدنى أدنى أدنى من مثقال ذرة من إيمان) فلا يحير جوابا!).اهـ
قلت: يعني لو ترك الإنسان (جنس العمل) فهو عند ربيع يدخل في أحاديث الشفاعة، والله المستعان.
وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص417): (ترجح لي أنه يجب الابتعاد عنه – يعني جنس العمل – لأن الجنس قد يراد به الواحد، وقد يراد به الكل، وقد يراد به الغالب). اهـ
وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص434) – عن جنس العمل -: (ولم يدخله السلف في قضايا الإيمان، وهو لفظ مجمل يحتمل عدة معان تؤدي إلى اللبس والمشاكل).([569])اهـ
وقال ربيع المرجئ في (المجموع الفاضح) (ص402): (وأنت تتعلق بلفظ (جنس)، وهو لا ذكر له في القرآن، ولا في السنة، ولا أدخله السلف في تعريف الإيمان، ولم يذكر في أقوال القرون المفضلة حسب علمي، ولا يبعد أن يكون مما أدخله الفلاسفة على الإسلام!). اهـ
قلت: نعم بالنسبة للاصطلاح الذي اصطلح عليه أهل العلم، وهو لفظ (جنس العمل) لم يكن معروفا بهذا اللفظ عند الصحابة والتابعين، لأن المصطلحات لم تقرب في عهدهم للمسائل العلمية، ولم ترتب، لكن أصل لفظ (جنس العمل) موجود في عهد الصحابة والتابعين بلفظ (العمل)، أو (الأعمال) في العبادات، فزادهم أهل العلم لفظ (جنس)، فكان هكذا (جنس العمل)، وأصل ذلك موجود في عهد الصحابة والتابعين، لكنه ليس على الوجه الذي حدث أخيرا([570]).
وهؤلاء السحابيون المتعالمون لم يكلفوا أنفسهم بالبحث لمقالات ربيع، حتى يعرفوا كذبه وتدليسه، وتلبيسه، وتلاعبه بعقولهم، بل يعرفوا خطورة ما تفوه به في معتقد أهل السنة والجماعة.
قلت: فالرجل أكثر التلبيس على أتباعه، مع علمه بخطئه وكتمانه، فهو لم يقتصر على الكتمان، بل سلك مسلك علماء أهل الكتاب في التلبيس، كما بين أمرهم الله في قوله تعالى: ﴿يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون ﴾ ]آل عمران:71[، ونهاهم عن ذلك بقوله تعالى: ﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾]البقرة:42[.
لكن حال السحابيين على ما قاله الشاعر:
كبهيمة عمياء قاد زمامها أعمى
على عـوج الطـريق الجـائر
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في (النونية) (ص413):
لكن إلى أرض الجهالة أخلدوا
واستسهلوا التقليد كالعميـان
لم يبذلوا المقدور في إدراكهم
للحـق تهوينا بهذا الشــان
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في (النونية) (ص287):
والله لـو حـدقتـم لـرأيتم هذا
وأعظـم منه رأي عيــان
لكن على تلك العيون غشـاوة
مـا حيلة الكحال في العميـان
فلا بد إذا أن يحمل أهل الأثر على أناملهم أقلام النصرة، بكلمة حق يخر لها الباطل صعقا، ولتفضح المبطل، تحذيرا من فتنه، ودفعا لمنهجه الباطل.
وهذا الدفاع كفاحا عن أعراض أهل العلم الربانين، وطلبتهم السلفيين الذين نهجوا نهج السلف الصالح، ونصرة السنة النبوية، ومعتقد السلف الصالح.
قال أبو عبدالرحمن الأثري:
لأجاهدن في الله المرجئـة |
ولأهتكن أستارهم ببيان |
ولأنصرن سنة رسولـك |
بكـل دليـل وبرهـان |
أنا في قلوب المرجئة قرحة |
أسطوا عليها فأمزقها بطعان |
ولقد برزت إلى رؤوسكم |
حتى أثلب حزبكـم بلساني |
ولأقعدن لهم مراصدكيدهم |
ولأحصرنهم على قدر الإمكان |
أنا في كبود حزبكم نقمة |
ولهتك ستـركم ما أبقـاني |
لتعلموا ما بضاعتكم التي |
حصلتموها في سالف الأزمان |
إلا الوبال عليكم والحسرات |
والخسران عند الوضع في الميزان |
قيل وقال ماله من حاصل |
إلا العناء والعناد في الأذهان |
الله أكبر ذا عقوبة تارك |
الوحيين لآراء الرجال والهذيان |
وجملة القول: أن هذا الرجل لا يعتد بنقله، ولا بعلمه، ومن يراجع مقالاته المخلطة في (شبكة سحاب) المخلطة يتحقق صدق ما قلناه.
من أجل هذا الكلام، ومن أجل ما ينشر هذا المميع من الباطل، دعت الحاجة إلى تدوين هذا المبحث نصيحة لشباب المسلمين ونصرة للحق المبين.
df
ذكر الدليل من أقوال أهل اللغة العربية
في ثبوت كلمة جنس
في لسان العرب
لقد أصدر ربيع الجنسي بعض المقالات في إنكار كلمة (جنس العمل)، وأنها لم تثبت في القرآن والسنة، ولا عند علماء السنة، وعلماء اللغة، سودها بتلبيس وكذب، وتدليس وخيانة على الأمة الإسلامية، ومراده في ذلك إنكار (جنس العمل)، وعدم تكفيره بتركه([571])، ودفاعه عن خطئه، وعدم اعترافه بذلك إلى الآن!!! ([572]).
ولقد حاول في تلك المقالات البالية جعل مذهب المرجئة هو مذهب أهل السنة والجماعة في مسالة ترك (جنس العمل) ([573])،وقد تورط في ذلك تورطا عظيما لا يخرج منه إلا بالتوبة الصادقة عن هذا الذنب العظيم الذي تلطخ به، وافتضح به والله المستعان.
ولذلك وقع في متناقضات عجيبة، وخلط غريب في أمر ترك (جنس العمل)، بل وأنكر هذا أن قال به أهل اللغة العربية!!! ([574]).
وإليك أقوال أئمة اللغة العربية:
قال الخليل بن أحمد في (العين) (ج1 ص322): (جنس: الجنس: كل ضرب من الشيء والناس والطير، وحدود النحو والعروض والأشياء ويجمع على أجناس).اهـ
وقال محمد الرازي في (مختار الصحاح) (ص48): (الجنس: الضرب من الشيء وهو أعم من النوع ومنه المجانسة والتجنيس. وعن الأصمعي: أن قول العامة: هذا (مجانس) لهذا مولد).اهـ
وقال أحمد الفيومي في (المصباح المنير) (ص62): (الجنس: الضرب من كل شيء والجمع (أجناس)، وهو أعم من النوع فالحيوان جنس والإنسان نوع، وحكي عن الخليل: (هذا يجانس هذا) أي يشاكله، ونص عليه في التهذيب أيضا، وعن بعضهم: (فلان لا يجانس الناس) إذا لم يكن له تمييز، ولا عقل، والأصمعي ينكر هذين الاستعمالين، ويقول: هو كلام المولدين، وليس بعربي).اهـ
وقال ابن منظور في (لسان العرب) (ج6 ص43): (الجنس: الضرب من كل شيء، وهو من الناس، ومن الطير، ومن حدود النحو، والعروض، والأشياء جملة قال ابن سيده: وهذا على موضوع عبارات أهل اللغة، وله تحديد، والجمع أجناس وجنوس، قال الأنصاري: يصف النخل تخيرتها صالحات الجنوس لا أستميل، ولا أستقيل، والجنس أعم من النوع، ومنه المجانسة والتجنيس، ويقال هذا يجانس هذا أي يشاكله، وفلان يجانس البهائم، ولا يجانس الناس إذا لم يكن له تمييز ولا عقل والإبل جنس من البهائم العجم فإذا واليت سنا من أسنان الإبل على حدة فقد صنفتها تصنيفا كأنك جعلت بنات المخاض منها صنفا، وبنات اللبون صنفا، والحقاق صنفا، وكذلك الجذع، والثني، والربع، والحيوان أجناس فالناس جنس، والإبل جنس، والبقر جنس، والشاء جنس، وكان الأصمعي يدفع قول العامة هذا مجانس([575]) لهذا إذا كان من شكله، ويقول ليس بعربي صحيح، ويقول إنه مولد، وقول المتكلمين الأنواع مجنوسة للأجناس كلام مولد، لأن مثل هذا ليس من كلام العرب، وقول المتكلمين تجانس الشيئان ليس بعربي أيضا إنما هو توسع، وجئ به من جنسك أي من حيث كان والأعرف من حسك التهذيب ابن الأعرابي).اهـ
وقال بن فارس في (معجم مقاييس اللغة) (ج1 ص486): (جنس: الجيم والنون والسين أصل واحد، وهو الضرب من الشيء. قال الخليل: كل ضرب جنس، وهو من الناس، والطير، والاشياء جملة، والجمع أجناس. قال بن دريد: وكان الأصمعي يدفع قول العامة (هذا مجانس لهذا) ([576]) ويقول ليس بعربي صحيح، وأنا أقول إن هذا غلط على الأصمعي لأنه الذي وضع كتاب الأجناس وهو أول من جاء بهذا اللقب في اللغة). اهـ
وقال الزبيدي في (تاج العروس) (ج1 ص3885): (الجنس بالكسر : أعم من النوع ومنه المجانسة والتجنيس وهو كل ضرب من الشيء، ومن الناس، ومن الطير، ومن حدود النحو، والعروض، ومن الأشياء جملة، قال ابن سيده : وهذا على موضوع عبارات أهل اللغة([577]) وله تحديد فالإبل : جنس من البهائم العجم فإذا واليت سنا من أسنان الإبل على حدة فقد صنفتها تصنيفا كأنك جعلت بنات المخاض منها صنفا، وبنات اللبون صنفا، والحقاق صنفا، وكذلك الجذع، والثني، والربع . والحيوان أجناس فالناس جنس والإبل جنس، والبقر جنس، والشاء جنس . ج أجناس وجنوس الأخيرة عن ابن دريد قال الأنصاري يصف نخلا : تخيرتها صالحات الجنوس لا أستميل ولا أستقيل).اهـ
وقال الأزهري في (تهذيب اللغة) (ج3 ص 461): (قال الليث: الجنس: كل ضرب من الشيء، ومن الناس، والطير، ومن حدود النحو، والعروض والأشياء: جملة، والجميع: الأجناس. ويقال: هذا يجانس هذا، أي يشاكله، وفلان يجانس البهائم، ولا يجانس الناس إذا لم يكن له تمييز ولا عقل. والإبل: جنس من البهائم العجم، فإذا واليت سنا من أسنان الإبل على حدة فقد صنفتها تصنيفا، كأنك جعلت بنات المخاض منها صنفا، وبنات اللبون صنفا، والحقاق صنفا، وكذلك الجذاع، والثني، والربع. والحيوان: أجناس، فالناس: جنس والإبل: جنس، والبقر: جنس، والشاء: جنس).اهـ
وقال الفيروزآبادي في (القاموس المحيط) (ص561): (الجنس، بالكسر أعم من النوع، وهو كل ضرب من الشيء، فالإبل جنس من البهائم، ج: أجناس وجنوس، وبالتحريك: جمود الماء وغيره. والجنيس: العريق في جنسه. وكسكيت: سمكة بين البياض والصفرة. والمجانس: المشاكل. وجنست الرطبة: نضج كلها. والتجنيس: تفعيل من الجنس. وقول الجوهري عن ابن دريد أن الأصمعي كان يقول: الجنس: المجانسة، من لغات العامة غلط، لأن الأصمعي واضع كتاب الأجناس، وهو أول من جاء بهذا اللقب). اهـ
قلت: فتضمن كلام أهل اللغة العربية أن كلمة (جنس) عربية، ولذلك لم يعترضوها بشيء، ولم ينكروها، بل ما أنكرها إلا ربيع الجنسي وجماعته الجنسية والله المستعان.
df
ذكر الدليل
علىٰ تفنيد دعاوى ربيع المدخلي
في تشنيعه على أهل السنة والجماعة
في مسألة ذكرهم جنس العمل، ولتكفيرهم بتركه
لقد حمل ربيع المدخلي حملة شعواء على علماء أهل السنة والجماعة في ذكرهم جنس العمل، وتكفيرهم بتركه.
فقال ربيع المدخلي: (جنس العمل: وهو لفظ لا وجود له في الكتاب، والسنة، ولا خاصم به السلف ولا أدخلوه في قضايا الإيمان..).
وقال ربيع المدخلي – وهو يعيب أهل السنة في تكفيرهم بترك جنس العمل -: (الذي لا يبدع من لا يكفر تارك جنس العمل فهو عندهم مرجئ...).
وقال ربيع المدخلي – وهو يكذب على السلف -: (منهم من لا يكفر بترك الأعمال هذه جميعا الأركان هذه).
ويقرر ربيع بأن من أثبت الإيمان لتارك جنس العمل فهو ليس بمرجئ([578])!!!.
ولقد استفتح ربيع المدخلي دراسة (كتاب الإيمان) من صحيح البخاري في الدورة التي أقيمت في الرياض في سنة (1426هـ) بالطعن الصريح في علماء السنة القائلين بـ(جنس العمل)، وقال عنهم (أهل نعرات وفتن) وسمى هذا المصطلح وهو (جنس العمل): (نعرة) ولم يقل به أحد من السلف.
قلت: ولقد تكلم أهل السنة والجماعة في مسألة (جنس العمل) وكفروا بتركه منهم:
1) شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
2) والحافظ ابن رجب رحمه الله.
3) والشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله.
4) والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله.
5) والشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
6) والشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله.
7) والشيخ عبدالله الغديان حفظه الله.
8) والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله.
9) والشيخ فالح الحربي حفظه الله.
10) والشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله... وغيرهم([579]).
وإليك الدليل:
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (لكن جنس العمل هو من حقيقة الإيمان، وليس شرطا فقط).([580]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص616): (وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع سواء جعل الظاهر من لوازم الإيمان، أو جزء من الإيمان كما تقدم بيانه).اهـ
وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله – وهو يذكر اختلاف السلف فيما يصح به الإيمان من العمل -: (إلا أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعا).([581])([582])اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (ص41): (الإسلام: هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، وذلك يكون بالعمل، وهو الدين كما سمى الله في كتابه الإسلام دينا في حديث جبريل، وسمى النبي r الإسلام والإيمان والإحسان دينا، وهذا أيضا مما يدل على أن أحد الاسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الاسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان جنس تصديق القلب([583])، وبالإسلام جنس العمل).اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في فتح رب البرية (ص56): (من جهة حسن العمل وجنسه فكلما كان العمل أحسن كانت زيادة الإيمان به أعظم، وحسن العمل يكون بحسب الإخلاص والمتابعة.
وأما جنس العمل فإن الواجب أفضل من المسنون، وبعض الأعمال أفضل من بعض فمتى أتى الإنسان بما هو أفضل كانت زيادة الإيمان به أعظم). اهـ
وسئل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله: سماحة الشيخ انتشر عندنا – يعني في أوروبا – بصورة عجيبة أن الذي يترك الأعمال كل الأعمال، و(جنس العمل) بغير عذر يكون مؤمن ناقص الإيمان، فما صحة هذا القول أثابكم الله؟.
فأجاب فضيلته: (لا... هذا قول باطل!، الأعمال جزء من الإيمان، ومن ادعى الإيمان بدون عمل فليس بمؤمن، والله جل وعلا ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح).([584]) اهـ
وسئل أيضا: سماحة الشيخ هل تارك (جنس العمل) ناقص الإيمان، وهل يكون بقوله هذا موافق للمرجئة أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (نعم... لأن (جنس العمل) تاركه قد كفر – نسأل الله العافية -، لأن العمل جزء من الإيمان).([585])اهـ
وسئل الشيخ أيضا: سماحة الشيخ هل تارك (جنس العمل) مؤمن ناقص الإيمان، وهو قائل ذلك يسمى مرجئا، وجزاك الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (يا أخواني الأعمال جزء من الإيمان لا انفصام بين العمل والإيمان، الإيمان والأعمال شيء واحد، فالذي يترك الأعمال هو تارك للإيمان، ومن يزعم أنه مؤمن، وهو لا يؤدي عمله، لا يصلي، ولا يزكي، ولا يصوم، ولا يحج، ولا يؤدي واجبا، ولا يبتعد عن محرم، ولا يمتثل واجبا، أين هذا من الإيمان؟!.
فالإيمان والعمل شيء واحد لا انفصام للعمل عن الإيمان، بل الأعمال جزء من الإيمان، والله ما ذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح).([586]) اهـ
وفي إجابة لسماحة الشيخ في مكالمة هاتفية على سؤال يقول صاحبه: هناك شريط يروج عندنا (السائل من الجزائر) بعنوان: (شرح كتاب الإيمان) من (صحيح البخاري) لأحد الدكاترة من عندكم من (مكة).
قال الشيخ حفظه الله: (من هو)، قال السائل: (الدكتور ربيع بن هادي المدخلي)، يقول: إن كلمة (جنس العمل) محدثة، ولا أصل لها في القرآن، وفي السنة، ولم يدخلها السلف في تعريف الإيمان، أحدثها التكفيريون، والقطبيون، فما صحة هذا، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب المفتي حفظه الله بقوله: (هذا كلام غير صحيح، بس، ما يصلح هذا).([587])([588]) اهـ
وسئل الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: وفقكم الله، هناك من يقول أن تارك (جنس العمل) بالكلية لا يكفر، وأن هذا القول قول ثاني للسلف، لا يستحق الإنكار، ولا التبديع([589])، فما صحة هذه المقولة، أثابكم الله؟.
فأجاب فضيلته: (هذا كذاب، الذي يقول هذا الكلام هذا كذاب، كذب على السلف، السلف ما قالوا: إن الذي يترك (جنس العمل) لا يكفر، ما قالوا: إن الذي يترك (جنس العمل)، ولا يعمل أي شيء يكون مؤمنا، من ترك العمل نهائيا من غير عذر، لا يصلي، ولا يصوم، ولا يعمل أي شيء، ويقول أنا مؤمن هذا كذاب.
أما الذي ترك العمل بعذر شرعي، وما يتمكن من العمل نطق بالشهادتين بصدق، ومات أو قتل في الحال فهذا ما في شك أنه مؤمن، لأنه ما تمكن من العمل ما تركه رغبة عنه. أما الذي يتمكن من العمل ويتركه، ولا يصلي، ولا يصوم، ولا يزكي، ولا يجتنب المحرمات، ولا يجتنب الفواحش، هذا ليس بمؤمن، ولا أحد يقول أنه مؤمن إلا المرجئة)([590]). اهـ
وسئل أيضا: ظهر في هذا الوقت من يقول أن تارك (جنس العمل) مؤمن، ويكابر في هذا القول، ويدعو إليه، ويهدد من لا يقول بقوله، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (لا نحتاج إلى هذا الرجل، ولا إلى قوله، والسلف الصالح والعلماء كفونا، وبينوا لنا الإيمان وهو: قول واعتقاد وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فهذا الرجل لا ننظر إليه ولا إلى قوله).([591]) اهـ
وسئل الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان حفظه الله: هناك من يقول أن تارك (جنس العمل) بأنه مؤمن، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (فما معنى تارك (جنس العمل)، إذا كان تارك (جنس العمل) معناه تارك جميع الأعمال، هذا مذهب المرجئة، وأنا ما أدري ما يحمل الإنسان على ترك هدي الرسول r، والأخذ بهدي غيره، ويجادل ويناظر).([592]) اهـ
وسئل الشيخ أيضا: قال أحدهم في مقال له: (وفي نادر من الأحيان يسألني عنه بعض الناس يعني عن ترك (جنس العمل) هل هو كافر أم لا؟!، فأنهاه عن الخوض فيه، فإذا ألح اعترضت عليه ببعض أحاديث الشفاعة، كحديث أنس t: (يخرج من النار من كان في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان) فما صحة هذا القول، بارك الله فيكم؟.
فأجاب فضيلته: (يا أخي هذه مسألة تدخل في مذهب المرجئة الذين لا يجعلون العمل شرط صحة، تدخل في هذا الباب كله، وعن استدلاله، فهذا الأمر يرجع إلى الله، يعني لا يدخل فيها الإنسان أصلا).([593]) اهـ
وسئل أيضا: هناك قول لأحد الدكاترة من عندكم من مكة يدعى ربيع المدخلي يقول: أن كلمة (جنس العمل) محدثة، ولا أصل لها في القرآن، وفي السنة، ولم يدخلها السلف في تعريف الإيمان، أحدثها التكفيريون والقطبيون، فما صحة هذا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح، هذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن هذا مذهب المرجئة).([594]) اهـ
وسئل الشيخ أيضا – في مكالمة من الجزائر –: يا شيخ قال أحدهم في مقال له: (في نادر من الأحيان يسألني عنه – يعني تارك (جنس العمل) – بعض العمل: هل هو كافر أم لا؟، فأنهاه عن الخوض فيه) (القائل هو ربيع في مقاله: (كلمة حق حول جنس العمل)،
فقاطعه الشيخ الغديان قائلا: (هذه المسألة تدخل في مذهب المرجئة الذين لا يجعلون العمل شرط صحة).([595]) اهـ
وسئل الشيخ فالح بن نافع الحربي حفظه الله: هناك من يقول أن تارك (جنس العمل)، أو كل الأعمال يكون مؤمنا ناقص الإيمان، ما صحة هذا القول أحسن الله إليكم؟.
فأجاب فضيلته: (ليس صحيحا، هذا باطل، وهذا يوافق المرجئة وهذا مرجئ الذي يقول هذا القول، لماذا، لأن تارك جميع العمل كافرا عند أهل السنة والجماعة، وهو غير مؤمن، والإيمان عندهم هو: اعتقاد بالقلب، ونطق باللسان، وعمل بالجوارح.
والعمل بالجوارح جزء من الإيمان، وكله ركن فيه، فإذا لم يأت بالعمل على الإطلاق يكون قد هدم هذا الركن، وهو كافر خارج من الملة، ومن قال عنه ناقص الإيمان، أثبت له الإيمان – بغض النظر عن كونه قال إيمانه ناقص، أو تام – فهو قد خالف إجماع الأمة ونقضه، وهو أنه يرونه كافرا غير مؤمن، وهو أثبت له الإيمان سواء قال إيمانه ناقص، أو قال إيمانه غير ناقص، وهذا هو مذهب المرجئة.
فمذهب المرجئة إنهم لا يكفرون الشخص، ويثبتون له الإيمان، ولو انتهت جميع الأعمال، ولو لم يعمل عملا قط.
فهؤلاء يشبهون على الناس، ويتبعون المتشابه، ويحتجون بالأحاديث، وقد وجهها أهل السنة والجماعة حتى لا تتصادم مع النصوص القطعية التي أجمعت عليها الأمة، ولا يضربون بها النصوص، ويشبهون بها، فتشبيه بها وتشويش بها، هذه طريقة أهل البدع، وهو أنهم دائما يتبعون ما تشابه.
ولكن أهل السنة – ولله الحمد – البعيدون عن هذه الطريقة يفهمون النصوص بعضها مع بعض، فيقولون (لم يعملوا خيرا قط)([596]) أي لم يكن عمله تاما، ولم يكن عمله كافيا في إخراجه من طائلة العقوبة، فهو يقع تحت الوعيد في نقصان عمله ولقلة عمله، ولا يأخذون بهذا المتشابه، ويتركون النصوص القطعية الكثيرة في الكتاب والسنة، وإجماع أهل السنة، وإنما يوجهونها مع النصوص الأخرى، فيحملون المتشابه على المحكم، فينبغي أن تنتبهوا إلى هذه المكيدة، مكيدة من يقول بهذا القول أو ينصره).([597])اهـ
قلت: فهؤلاء العلماء ذكروا (جنس العمل) فلماذا التشنيع على من يذكر (جنس العمل) في مقالاته.([598])
وقال الدكتور فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله: ( كذلك ينبغي أن يعلم أن قولنا: (العمل داخل في مسمى الإيمان، وركن فيه لا يقوم الإيمان إلا به)؛ نعني به (جنس العمل)، وليس أفراد العمل، لأن المؤمن قد يترك أعمالا كثيرة صالحة مفروضة عليه ويبقى مؤمنا.
لكنه لا يسمى مؤمنا، ولا يصح منه إيمان إذا ترك كل العمل، يعني إذا أتى بالشهادتين، وقال: أقول ذلك واعتقده بقلبي، وأترككل الأعمال بعد ذلك أكون مؤمنا.
فالجواب: أن هذا ليس بمؤمن؛ لأنه ترك مسقط لأصل الإيمان؛ يعني ترك (جنس العمل) مسقط لأصل الإيمان، فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة يصح إيمانه إلا ولا بد أن يكون معه مع الشهادتين (جنس العمل الصالح)، يعني جنس الامتثال للأوامر والاجتناب للنواهي) ([599]).اهـ
وقال الدكتور فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله: (وقول أهل السنة: (إن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا) لا يعنون به أن المسلم لا يكون معه شيء من الإيمان أصلا، بل لا بد أن يكون معه مطلق الإيمان الذي به يصح إسلامه، كما أن المؤمن لا بد أن يكون معه مطلق الإسلام الذي يصح به إيمانه، ونعني بمطلق الإسلام (جنس العمل)، فبهذا يتفق ما ذكروه في تعريف الإيمان، وما أصلوه من أن كل مؤمن مسلم دون العكس) ([600]).اهـ
قلت: وقد أجمع علماء السلف أهل السنة والجماعة على كفر تارك جنس العمل.([601])
قلت: لأنه يمتنع أن يكون العبد مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه ولم يؤد عملا صالحا...!!!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبا ظاهرا، ولا صلاة، ولا زكاة، ولا صياما، ولا غير ذلك من الواجبات [أو] لا لأجل أن الله أوجبها، مثل أن يؤدي الأمانة أو يصدق الحديث، أو يعدل في قسمه وحكمه، من غير إيمان بالله ورسوله، لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين، وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور، فلا يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص611): (ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب، وزندقة لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع عن السجود الكفار). اهـ
وقال العلامة القصاب في نكت القرآن (ج1 ص461): سورة الأنفال رد على المرجئة: (قوله عز وجل: ﴿إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم﴾ ([602]) رد على المرجئة من وجوه:
أحدها: أنه ذكر عامة الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة وجعلها من الإيمان، وذلك أنه ذكر قبل ﴿$yJ¯RÎ) cqãZÏB÷sßJø9$#﴾ التقوى وإصلاح ذات البين([603])، ثم نسق في هذه الآية عملا بعد عمل وذكر فيها التوكل وهو: باطن.
والثاني: أنه ذكر زيادة الإيمان بتلاوة الآيات عليهم وهم ينكرونه.
والثالث: أنه لم يثبت لهم حقيقة الإيمان إلا باجتماع خصال الخير من الأعمال الظاهرة والباطنة وهم يثبتون حقيقة([604]) بالقول وحده.
والرابع: أنه – جل وتعالى – قال بعد ذلك كله ﴿öNçl°; ìM»y_uy﴾ وقد أثبت لهم الإيمان بشرائطه وحقيقته، وهم لا يجعلون للمؤمن في إيمانه إلا درجة واحدة، ولا يجعلون للإيمان أجزاء.
فكيف يستقيم أن يسمى المرء بالإقرار وحده مستكمل الإيمان وقد سمى الله – جل جلاله – كل من حوته الآية إيمانا؟).اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (ج1 ص58): (والمشهور عن السلف وأهل الحديث أن الإيمان: قول وعمل ونية، وأن الأعمال كلها داخلة في مسمى الإيمان، وحكى الشافعي على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم، وأنكر السلف على من أخرج الإعمال من الإيمان إنكارا شديدا، وممن أنكر ذلك على قائله، وجعله قولا محدثا: سعيد بن جبير، وميمون ابن مهران، وقتادة، وأيوب السختياني، وإبراهيم النخعي، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وغيرهم.
وقال الثوري: هو رأي محدث، أدركنا الناس على غيره، قال الأوزاعي: كان من مضى من السلف لا يفرقون بين العمل والإيمان).([605]) اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (ج1 ص93) تحت حديث ابن عمر رضي الله عنهما (بني الإسلام على خمس): (فإن النبي r جعل هذه الخمس دعائم الإسلام ومبانيه، وفسر بها الإسلام في حديث جبريل، وفي حديث طلحة بن عبيدالله الذي فيه: أن أعرابيا سأل النبي r ففسره له بهذه الخمس، ومع هذا فالمخالفون في الإيمان يقولون: لو زال من الإسلام خصلة واحدة، أو أربع خصال سوى الشهادتين، لم يخرج بذلك من الإسلام).([606])اهـ
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى: هناك من يقول الإيمان قول واعتقاد وعمل، لكن العمل شرط كمال فيه، ويقول أيضا لا كفر إلا باعتقاد. فهل هذا القول من أقوال أهل السنة والجماعة أم لا؟
فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا ما فهم الإيمان، ولا فهم العقيدة، وهذا هو ما قلناه في المقدمة من أن الواجب عليه أن يدرس العقيدة على أهل العلم ويتلقاه من مصادرها الصحيحة، وسيعرف الجواب عن هذا السؤال.
وقوله: إن الإيمان قول وعمل واعتقاد ثم يقول: إن العمل شرط في كمال الإيمان وفي صحته، هذا تناقض كيف يقول العمل من الإيمان ثم يقول العمل شرط؟!).([607]) اهـ
وسئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: من شهد أن لا إله إلا الله، واعتقد بقلبه، ولكن ترك جميع العمل، هل يكون مسلما؟
فأجاب فضيلته: (لا، ما يكون مسلما حتى يوحد الله بعمله، يوحد الله بخوفه ورجائه، ومحبته، والصلاة، ويؤمن أن الله أوجب كذا وحرم كذا. ولا يتصور... ما يتصور أن الإنسان المسلم يؤمن بالله يترك جميع الأعمال، هذا التقدير لا أساس له. لا يمكن يتصور أن يقع من أحد... نعم لأن الإيمان يحفزه إلى العمل الإيمان الصادق... نعم).([608]) اهـ
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: عن العمل: (لا، هو جزء، ما هو بشرط، هو جزء من الإيمان، الإيمان قول وعمل وعقيدة أي: تصديق، والإيمان يتكون من القول والعمل والتصديق عند أهل السنة والجماعة).([609]) اهـ
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:- عندما سئل: هناك من يقول بأنه داخل في الإيمان لكنه شرط كمال؟ - : (لا، لا ما هو بشرط كمال، جزء، جزء من الإيمان هذا قول المرجئة..).([610])اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاستقامة (ج2 ص309) وذكر مقولة السلف: (لا يقبل قولا إلا بعمل): (وهذا فيه رد على المرجئة الذين يجعلون مجرد القول كافيا، فأخبر أنه لابد من قول وعمل إذ الإيمان قول وعمل، لابد من هذين كما بسطناه في غير هذا الموضع). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في مسائل في الإيمان (ص17): (لا عمل بدون إيمان، ولا إيمان بدون عمل فهما حقيقة الإيمان، والأعمال من الإيمان، والأقوال من الإيمان، والاعتقاد من الإيمان، ومجموعها كله هو الإيمان بالله عز وجل، مع الإيمان بكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في مسائل في الإيمان (ص34): (العمل من الإيمان، فمن تركه يكون تاركا للإيمان، سواء ترك العمل كله نهائيا فلم يعمل شيئا أبدا، أو أنه ترك بعض العمل لأنه لا يراه من الإيمان ولا يراه داخلا في الإيمان فهذا يدخل في المرجئة([611])، والعمل قد يزول الإيمان بزواله كترك الصلاة).([612]) اهـ
قلت: ويدل على فساد قول المرجئة العصرية اضطرابهم في الكلام في مسائل الإيمان كما هو الظاهر من مقالاتهم.
وقال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله: (المسلمون في عهد المصطفى r، وعهد خلفائه الراشدين كانوا يعتقدون أن الإيمان: اعتقاد القلب، ونطق اللسان، وعمل الجوارح، وأن الأعمال جزء من الإيمان، فلم يقولوا: هي شرط كمال، بل كانوا يعتقدون أن الأعمال جزء من مسمى الإيمان، فلفظ الإيمان يدخل فيه الأقوال والأعمال والاعتقادات، كلها يشملها مسمى الإيمان، وتقتضيها حقيقة الإيمان).([613])([614]) اهـ
قلت: وهذا كله يؤكد وجوب ترك قول المرجئة الخامسة العصرية هذا، وهجره لأنه من المعلوم عند أهل السنة والجماعة: أن كل قول لم يقله السلف، وأحدث خلافا وافتراقا في الأمة، فإنه ليس هو من الدين، ويتحتم تركه حتى تجتمع الكلمة وتأتلف القلوب.
قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد (ص283): (الإيمان له ظاهر وباطن، وظاهره قول اللسان وعمل الجوارح، وباطنه تصديق القلب وانقياده ومحبته، فلا ينفع ظاهر لا باطن له). اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في الفوائد (ص204): (فكل إسلام ظاهر لا ينفذ صاحبه منه إلى حقيقة الإيمان الباطنة، فليس بنافع حتى يكون معه شيء من الإيمان الباطن، وكل حقيقة باطنة لا يقوم صاحبها بشرائع الإسلام الظاهرة لا تنفع ولو كانت ما كانت).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص128): (القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق، وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى الصلاة والزكاة، فإن تلك إنما فسرتها السنة، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص621): (وقد تبين أن الدين فيه من قول وعمل، وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه، أو بقلبه ولسانه ولم يؤد واجبا ظاهرا، ولا صلاة ولا زكاة ولا صياما ولا غير ذلك من الواجبات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص611): (ومن الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج، ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم من رمضان، ولا يؤدي لله زكاة، ولا يحج إلى بيته، فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق في القلب، وزندقة لا مع إيمان صحيح، ولهذا إنما يصف سبحانه بالامتناع عن السجود الكفار). اهـ
قلت: ويؤيد ما سبق من الكلام تتابع النصوص الشرعية من الكتاب والسنة الدالة على دخول الأعمال في مسمى الإيمان كما سبق.
قال الحافظ الآجري رحمه الله في الأربعين (ص135): (اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين: أن الإيمان واجب على جميع الخلق: وهو التصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح... ولا تجزئ معرفة بالقلب، والنطق باللسان حتى يكون معه عمل الجوارح.
فإذا كملت الخصال الثلاث كان مؤمنا... فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان.
فمن لم يصدق الإيمان بعمله، وبجوارحه مثل الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد أشباه لهذه، ورضي لنفسه المعرفة والقول دون العمل لم يكن مؤمنا، ولم تنفعه المعرفة والقول).اهـ
وقال الحافظ ابن بطة رحمه الله في الإبانة الكبرى (ج2 ص795): (فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل، وأن من صدق بالقول، وترك العمل كان مكذبا وخارجا من الإيمان، وأن الله لا يقبل قولا إلا بعمل، ولا عملا إلا بقول). اهـ
وقال الحافظ أبو عبيد رحمه الله في الإيمان (ص65): (فلم يجعل الله للإيمان حقيقة إلا بالعمل على هذه الشروط، والذي يزعم أنه بالقول خاصة يجعله مؤمنا حقا، وإن لم يكن هناك عمل فهو معاند لكتاب الله والسنة). اهـ
وسئل الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: شهادة أن لا إله إلا الله هي مفتاح دين الإسلام، وأصله الأصيل؛ فهل من نطق بها فقط؛ دخل في دائرة المسلمين؛ دون عمل يذكر؟ وهل الأديان السماوية – غير دين الإسلام الذي جاء به محمد r - جاءت بنفس هذا الأصل الأصيل؟
فأجاب فضيلته: (من نطق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ حكم بإسلامه بادي ذي بدء، وحقن دمه:
فإن عمل بمقتضاها ظاهرا وباطنا؛ فهذا مسلم حقا، له البشرى في الحياة الدنيا والآخرة.
وإن عمل بمقتضاها ظاهرا فقط؛ حكم بإسلامه في الظاهر، وعومل معاملة المسلمين، وفي الباطن هو منافق، يتولى الله حسابه.
وأما إذا لم يعمل بمقتضى لا إله إلا الله، واكتفى بمجرد النطق بها، أو عمل بخلافها؛ فإنه يحكم بردته، ويعامل معاملة المرتدين.
وإن عمل بمقتضاها في شيء دون شيء؛ فإنه ينظر: فإن كان هذا الذي تركه يقتضي تركه الردة؛ فإنه يحكم بردته، كمن ترك الصلاة متعمدا، أو صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله. وإن كان هذا الذي تركه لا يقتضي الردة؛ فإنه يعتبر مؤمنا ناقص الإيمان بحسب ما تركه؛ كأصحاب الذنوب التي هي دون الشرك.
وهذا الحكم التفصيلي جاءت به جميع الشرائع السماوية).([615])اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في المنتقى (ج1 ص290): (وقال الله سبحانه وتعالى ﴿ ÎóÇyèø9$#ur ÇÊÈ ¨bÎ) z`»|¡SM}$# Å"s9 Aô£äz ÇËÈ wÎ) tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä (#qè=ÏJtãur ÏM»ysÎ=»¢Á9$# (#öq|¹#uqs?ur Èd,ysø9$$Î/ (#öq|¹#uqs?ur Îö9¢Á9$$Î/ ÇÌÈ﴾.([616])
فرتب السلامة من الخسارة على مسائل أربع:
المسألة الأولى: الإيمان، ويعني: الاعتقاد الصحيح.
المسألة الثانية: العمل الصالح، والأقوال الصالحة، وعطف الأقوال الصالحة، والأعمال الصالحة على الإيمان من باب عطف الخاص على العام؛ لأن الأعمال داخله في الإيمان، وإنما عطفها عليه اهتماما بها.
والمسألة الثالثة: ﴿(#öq|¹#uqs?ur Èd,ysø9$$Î/﴾ يعني: دعوا إلى الله، وأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، لما اعتنوا بأنفسهم أولا، وعرفوا الطريق دعوا غيرهم إلى ذلك؛ لأن المسلم مكلف بدعوة الناس إلى الله سبحانه وتعالى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
﴿(#öq|¹#uqs?ur Îö9¢Á9$$Î/ ﴾، وهذه المسألة الرابعة: الصبر على ما يلاقونه في سبيل ذلك من التعب والمشقة، فلا سعادة لمسلم إلا إذا حقق هذه المسائل الأربع).اهـ
وقال الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن بن حسن رحمه الله: (ومجرد الإتيان بلفظ الشهادة، من غير علم بمعناها، ولا عمل بمقتضاها: لا يكون به المكلف مسلما).([617])([618])اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص644) عن الإيمان: (إذا ذهب نقص عن الأكمل، ومنه إذا ذهب ذهب عن الكمال، ومنه ما إذا ذهب ذهب الإيمان بالكلية، وهو القول والاعتقاد). اهـ
وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كشف الشبهات (ص126): (لا خلاف أن التوحيد لابد أن يكون بالقلب واللسان والعمل، فإن اختل شي من هذا لم يكن الرجل مسلما. فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند كفرعون وإبليس وأمثالهما). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة (ص86): (فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمنا... فإن حقيقة الدين هو الطاعة والانقياد، وذلك إنما يتم بالفعل لا بالقول فقط فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا، ومن لا دين له فهو كافر). اهـ
وقال ابن راهوية رحمه الله: (أول من تكلم بالإرجاء زعموا أن الحسن بن محمد الحنفية، ثم غلت المرجئة حتى صار من قولهم: أن قوما يقولون: من ترك المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود بها أنا لا نكفره يرجى أمره إلى الله بعد إذ هو مقر.
فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم، ثم هم أصناف، منهم من قول: نحن مؤمنون البتة، ولا يقول عند الله، ويرون الإيمان قولا وعملا، وهؤلاء أمثلهم، وقوم يقولون: الإيمان قول ويصدقه العمل، وليس العمل من الإيمان، ولكن العمل فريضة والإيمان هو القول، ويقولون: حسناتنا متقبلة، ونحن مؤمنون عند الله، وإيماننا وإيمان جبريل واحد، فهؤلاء الذين جاء فيهم الحديث أنهم المرجئة التي لعنت على لسان الأنبياء).([619])اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في فتح رب البرية (ص57): (ترك الطاعة فإن الإيمان ينقص به، والنقص به حسب تأكد الطاعة فكلما كانت الطاعة أوكد كان نقص الإيمان بها أعظم، وربما فقد الإيمان كله كترك الصلاة).اهـ
وقال الآجري رحمه الله في الشريعة (ج2 ص684): (من قال الإيمان قول دون العمل يقال له: رددت القرآن والسنة، وما عليه جميع العلماء، وخرجت من قول المسلمين، وكفرت بالله العظيم).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج14 ص120): (فمن قال: إنه يصدق الرسول ويحبه ويعظمه بقلبه ولم يتكلم قط بالإسلام، ولا فعل شيئا من واجباته بلا خوف، فهذا لا يكون مؤمنا في الباطن، وإنما هو كافر...).اهـ
وقال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله: (فلا بد من شهادة: أن لا إله إلا الله، من اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، فإن اختل نوع من هذه الأنواع لم يكن الرجل مسلما).([620]) اهـ
قلت: ومن هنا يتبين الفرق بين مذهب السلف، ومخالفيهم.
وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله في فتح المجيد (ص35): (قوله (من شهد أن لا إله إلا الله) أي من تكلم بها عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها، باطنا وظاهرا، فلا بد في الشهادتين من العلم واليقين والعمل بمدلولها، كما قال تعالى: ﴿óOn=÷æ$$sù ¼çm¯Rr& Iw tm»s9Î) wÎ) ª!$# öÏÿøótGó$#urö﴾ وقال تعالـى: ﴿wÎ) `tB yÍky Èd,ysø9$$Î/ öNèdur tbqßJn=ôèt ÇÑÏÈ﴾.
أما النطق بها من غير معرفة لمعناها، ولا يقين، ولا عمل بما يقتضيه، من نفي الشرك، وإخلاص القول والعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح فغير نافع بالإجماع). اهـ
وقال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله: (أجمع العلماء سلفا وخلفا من الصحابة والتابعين والأئمة، وجميع أهل السنة، أن المرء لا يكون مسلما، إلا بالتجرد من الشرك الأكبر، والبراء منه وممن فعله، وبغضهم ومعاداتهم بحسب الطاقة والقدرة، وإخلاص الأعمال كلها لله).([621]) اهـ
وقال الشيخ سليمان بن عبدالرحمن رحمه الله: (ومجرد التلفظ بالشهادتين لا يكفي في الإسلام بدون العمل بمعناها واعتقاده إجماعا).([622]) اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (ج3 ص710): (لله على العبد عبوديتين عبودية باطنة، وعبودية ظاهرة، فله على قلبه عبودية، وعلى لسانه، وجوارحه عبودية، فقيامه بصورة العبودية الظاهرة مع تعريه عن حقيقة العبودية الباطنة، مما لا يقربه إلى ربه، ولا يوجب له الثواب، وقبول عمله.
فإن المقصود امتحان القلوب، وابتلاء السرائر، فعمل القلب هو روح العبودية بها، فإذا خلا عمل الجوارح منه، كان كالجسد الموات، بلا روح، والنية عي عمل القلب، الذي هو ملك الأعضاء، والمقصود بالأمر والنهي فكيف يسقط واجبه...). اهـ
وقال الشوكاني رحمه الله في إرشاد السائل (ص33): (وأقول من كان تاركا لأركان الإسلام، وجميع فرائضه ورافضا لما يجب عليه من ذلك من الأقوال والأفعال ولم يكن لديه إلا مجرد التكلم بالشهادتين، فلا شك ولا ريب أن هذا كافر شديد الكفر حلال الدم والمال). اهـ
قلت: فهذا الموضع ينبغي تدبره فمن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبهة في هذا الباب.([623])
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله: (إن الإيمان بدون عمل لا يفيد فالله عز وجل حينما يذكر الإيمان، يذكره مقرونا بالعمل الصالح، لأننا لا نتصور إيمانا بدون عمل صالح).([624]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص506): (ولكن القول المطلق، والعمل المطلق في كلام السلف يتناول قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح.
فقول اللسان بدون اعتقاد القلب هو قول المنافقين وهذا لا يسمى قولا إلا بالتقييد كقوله تعالى: ﴿tbqä9qà)t OÎgÏFoYÅ¡ø9r'Î/ $¨B }§øs9 Îû öNÎgÎ/qè=è%﴾ [الفتح:11].
وكذلك عمل الجوارح بدون أعمال القلوب هي من أعمال المنافقين التي لا يتقبلها الله.
فقول السلف يتضمن القول والعمل الباطن والظاهر، لكن لما كان بعض الناس قد لا يفهم دخول النية في ذلك، قال بعضهم ونية، ثم بين آخرون أن مطلق القول والعمل والنية لا يكون مقبولا إلا بموافقة السنة...). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الموافقات (ج1 ص367): (ومن هنا فإن كان الظاهر منخرما حكم على الباطن بذلك، أو مستقيما حكم على الباطن بذلك أيضا، وهو أصل عام في الفقه وسائر الأحكام العاديات والتجريبيات بل الالتفات إليها من هذا الوجه نافع في جملة الشريعة جدا، والأدلة على صحته كثيرة جدا، وكفى بذلك عمدة أنه الحاكم بإيمان المؤمن، وكفر الكافر، وطاعة المطيع، وعصيان العاصي، وعدالة العدل، وجرحة المجرح، وبذلك تنعقد العقود وترتبط المواثيق إلى غير ذلك من الأمور بل هو كلية التشريع، وعمدة التكليف بالنسبة إلى إقامة حدود الشعائر الإسلامية الخاصة والعامة). اهـ
قلت: قد فهم منها بعض من تكلم في هذه المسألة أن الأعمال الصالحة كلها شرط كمال عند السلف.
وهذا خطأ يقع فيه كثير من طلاب العلم، ممن لم يمحص قول السلف في هذا الباب.
قلت: فليس مراد السلف: أن جنس الأعمال شرط لكمال الإيمان، لأن هذا يقتضي صحة الإيمان بدون أي عمل، وهذا لازم قول المرجئة، وليس قول السلف اللهم غفرا.
قلت: فمن أنزل مرتبة العمل عن مرتبة القول، بأن زعم حصول نجاة من لم يعمل من شرائع الإسلام خيرا قط([625])، مع قدرته على العمل، وعدم وجود المانع، فقد غلط، وقوله هذا يلتقي مع المرجئة في أصل مذهبهم تماما، وهو إعراض عن المحكم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله r، وعن منهج السلف الصالح، وإجماع منعقد بين أهل السنة والجماعة.
قال المروزي رحمه الله في تعظيم قدر الصلاة (ج2 ص348): فيمن يقول بهذا يقول بهذا القول من أهل السنة: (ولا فرق بينه وبين المرجئة إذ زعمت أن الإيمان إقرار بلا عمل). اهـ
قلت: والأدهى من ذلك والأمر أن يتأثر بتلك الفكرة الساذجة دعاة يلتقون معنا في أصول الدعوة السلفية المباركة، فتراهم مع الأسف يتمسكون بهذا المعتقد الباطل، ويتكلفون التنقيب عن أدلة له، بتعسف وتكلف ولي لأعناق النصوص، وإخضاعها لتوافق ذلك المعتقد الباطل، وجرهم ذلك للتدليس بنقل بعض العبادات الموهمة عن علماء ربانيين عرفوا بصفاء المنهج وصحة المعتقد، ليمعنوا في التضليل، ويوغلوا في التلبيس، فيكتب عليهم وزرها ووزر من اعتقدها، وعمل بمقتضاها إلى يوم القيامة.([626])
قلت: فربيع المدخلي أحيا مذهب المرجئة، ونقله من دائرة النظرية التقليدية كجماعة ذات فكر وكيان إلى منهج يعادي ويوالي عليه اللهم غفرا.([627])
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (ج1 ص72): (وهو أن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال البدن). اهـ
قلت: وهذه الشعب تتفاوت مراتبها بحسب دخولها في مراتب الإيمان الثلاثة.
1) فمنها: ما هي من أصل الإيمان يزول بزوالها الإيمان بالكلية.
2) ومنها: ما هي من الكمال الواجب بزوالها يزول الكمال الواجب، ويفوت صاحبه الثواب، ويستحق به العقاب مع بقاء أصل الإيمان وعدم زواله.
3) ومنها: ما هي من شعب الإيمان المستحب تزول بزوالها مرتبة الكمال المستحب، ويفوت صاحبه علو الدرجات، وأسمى المقامات، ولا يستحق به العقاب، ولا يفوته الثواب.
لأن هذه الشعب ليست مما افترض الله على العباد، بل جعلهـا مجـالا للتسابق في الخيرات، ونيل أعالي الدرجات، وأرفع المنازل في الجنات.([628])
وقد أوضح أهل العلم فيما سبق أنه لابد من العمل الظاهر، لوجود الإيمان الباطن الذي في القلب فهما متلازمان لا ينفكان أبدا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان (ص168): (وقد بينا أن الإيمان إذا أطلق أدخل الله ورسوله فيه الأعمال المأمور بها، وقد يقرن به الأعمال، وذكرنا نظائر لذلك كثيرة، وذلك لأن أصل الإيمان هو ما في القلب، والأعمال الظاهرة لازمة لذلك، ولا يتصور وجود إيمان القلب الواجب مع عدم جميع أعمال الجوارح، بل متى نقصت الأعمال الظاهرة كان لنقص الإيمان الذي في القلب، فصار الإيمان متناولا للملزوم واللازم، وإن كان أصله ما في القلب وحيث عطفت عليه الأعمال، فإن أريد أنه لا يكتفي بإيمان القلب بل لابد معه من الأعمال الصالحة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان الأوسط (ج7 ص642- الفتاوى): (اسم الإيمان يستعمل مطلقا، ويستعمل مقيدا، وإذا استعمل مطلقا، فجميع ما يحبه الله ورسوله r من أقوال العبد وأعماله الباطنة والظاهرة يدخل في مسمى الإيمان عند عامة السلف والأئمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم، الذين يجعلون الإيمان قولا وعملا، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، ويدخلون جميع الطاعات فرضها ونفلها في مسماه). اهـ
فأهل السنة والأثر والحديث لهم قواعد وضوابط، أصلوها تأصيلا في غاية النفع، كما أن لهم تحقيقات دقيقة ذكروا فيها أصول الخلاف، وتفاوت الطوائف في مدى التزامها بلوازم أقوالهم في تعريف الإيمان.
فإن الأصل الذي نشأ بسببه النزاع في الإيمان تمسك المخالفين بأصلين فاسدين بنوا عليهما جميع أقوالهم الأخرى وهما:
أحدهما: أن الإيمان كل لا يتبعض، ولا يتجزأ إذا زال بعضه زال كله.
والثاني: قولهم إنه لا يجتمع عند الإنسان طاعة ومعصية، وإيمان وكفر أصغر، وإسلام ونفاق عملي، وأنه إذا وجد أحدهما انتفى الآخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان (ص387): (ومن العجب أن الأصل الذي أوقعهم في هذا، اعتقادهم أنه لا يجتمع في الإنسان بعض الإيمان وبعض الكفر، أو ما هو إيمان وما هو كفر، واعتقدوا أن هذا متفق عليه بين المسلمين، كما ذكر ذلك أبو الحسن وغيره، فلأجل اعتقادهم في هذا الإجماع، وقعوا فيما هو مخالف للإجماع الحقيقي، إجماع السلف الذي ذكره غير واحد من الأئمة، بل وخرج غير واحد منهم بكفر من قال بقول جهم في الإيمان).اهـ
ولذلك فقد تصدى أهل السنة والجماعة، لهذه البدع، مع بداية ظهورها بالرد والبيان، والحجة والبرهان، حتى صار منهج أهل السنة والجماعة متميزا جليا في مسالة الإيمان.
وبما أن المسألة الإيمان هي أول مسألة وقع فيها الخلاف بين أهل القبلة، حتى صار إلى حد التكفير والقتال والتبديع، وكل ذلك كان بسبب خوض البعض في مسألة الإيمان، على أسس غير علمية، بعيدة كل البعد عن أدلة الكتاب والسنة، وفهم سلف الأمة، فأدى ذلك إلى ظهور بدع عدة بدءا ببدعة الخوارج، وانتهاء ببدع الجهمية والمعتزلة والمرجئة.
وهذا هو أعظم خطأ وقع فيه أهل البدع، وهو الخطأ في الفهم والنظر والاستدلال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان (ص98): (وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم، وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة.
وهذه طريقة أهل البدع... ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي r، والتابعين، وأئمة المسلمين، فلا يعتمدون لا على السنة، ولا على إجماع السلف وآثارهم، وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف، وإنما يعتمدون على كتب الأدب، وكتب الكلام التي وضعتها رؤوسهم، وهذه طريقة الملاحدة أيضا...). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان (ص339): (ومن آتاه الله علما وإيمانا، علم أنه لا يكون عند المتأخرين – والمعاصرين - من التحقيق، إلا ما هو دون تحقيق السلف، لا في العلم، ولا في العمل، ومن كان له خبرة بالنظريات والعقليات والعمليات، علم أن مذهب الصحابة دائما أرجح، من قول من بعدهم، وأنه لا يبتدع أحد قولا في الإسلام، إلا كان خطأ، وكان الصواب قد سبق إليه من قبله([629])). اهـ
قلت: ولقد صدرت في حق هؤلاء جملة من الفتاوى من علماء السنة تبين انحرافهم وجنايتهم على عقيدة أهل السنة والجماعة.
قلت: ومع نصح هؤلاء العلماء، أعني: أصحاب الفتاوى وغيرهم لهم، بالرجوع إلى الحق إلا أنهم تمادوا في غيهم، واستمروا في ضلالهم وسودوا الصفحات في الردود، وجمعوا الترهات للدفاع عن أنفسهم، ضاربين فتاوى أهل العلم ونصحهم عرض الحائط، نسأل الله الهداية والسداد ﴿`tB Ïöku ª!$# uqßgsù ÏtGôgßJø9$# ( ÆtBur ö@Î=ôÒã `n=sù yÅgrB ¼çms9 $|Ï9ur #YÏ©óD ÇÊÐÈ﴾ [الكهف:17].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان (ص315): (وكذلك تجدهم في مسائل الإيمان، يذكرون أقوال الأئمة والسلف، ويبحثون بحثا يناسب قول الجهمية لأن البحث أخذوه([630]) من كتب أهل الكلام الذين نصروا قول جهم في مسائل الإيمان).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الإيمان (ص314): (وهذا قد وقع فيه طوائف كثيرة من المتأخرين المنتسبين إلى السنة والفقه والحديث المتبعين للأئمة الأربعة المتعصبة للجهمية والمعتزلة، بل وللمرجئة أيضا، لكن لعدم معرفتهم بالحقائق التي نشأت منها البدع يجمعون بين الضدين، ولكن من رحمة الله بعباده المسلمين أن الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق مثل الأئمة الأربعة وغيرهم... كانوا ينكرون على أهل الكلام من الجهمية قولهم في القرآن والإيمان، وصفات الرب، وكانوا متفقين على ما كان عليه السلف). اهـ
قلت: ومع أن هؤلاء يدعون التحقيق والتدقيق، وأنهم فرسان الميدان في مسائل الإيمان، إلا أن المتبصر بالحق والسنة يعلم زيف أقوالهم وبعدهم عن عقيدة أهل السنة والجماعة، وجهلهم المركب بها.
df
ذكر الدليل على أن قول ربيع المدخلي
في أن من كفر تارك جنس العمل
فهو على مذهب الخوارج،
وهذا القول هو قول أهل البدع في أهل السنة،
فإنهم يعيبونهم في تكفيرهم بالدليل قديما وحديثا
فتشابهت قلوبهم
قال الإمام أحمد رحمه الله -فيمن يعيب أقوال أهل السنة في المبتدعة-: (فيعيبون قولنا: ويدعون إلى هذا القول أن لا يقال: (مخلوق، ولا غير مخلوق)، ويعيبون من يكفر([631])، ويزعمون أنا نقول بقول الخوارج!!!، ثم تبسم أبو عبدالله كالمغتاظ، ثم قال: هؤلاء قوم سوء! ([632])).اهـ
أخرجه الخلال في ( السنة) ( ج5 ص 139) من طريق محمد بن علي الوراق قال ثنا أبو بكر الأثرم فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن من مذهب السلف
كفر تارك جنس العمل،
وليس هذا مذهب الخوارج كما يدعي ربيع المدخلي،
وذكر الفرق بين مذهب السلف،
وبين مذهب الخوارج في ذلك
اعلم رحمك الله أن السلف والسنة أدخلوا أعمال القلوب في الإيمان، ومقتضى هذا إدخال أعمال الجوارح لامتناع قيام الإيمان بالقلب من غير حركة البدن بالعبادة.
فالعمل الظاهر لازم للعمل الباطن، فوجوده وجود للباطن، وانتفاءه انتفاء للباطن([633]).
قلت: والمراد بالعمل الذي ينتفي الإيمان بانتفائه (جنس العمل الصالح) لا أفراده، فإن المؤمن قد يترك أعمالا مفروضة ويبقى مؤمنا، وإن كان لا يستحق الاسم المطلق.
قلت: فإن ترك العمل كله زال عنه مطلق الإيمان، لأنه ترك جنس العمل، وترك جنس العمل مسقط لأصل الإيمان، فلا يوجد مؤمن عند أهل السنة والجماعة إلا ولا بد أن يأتي بجنس العمل مع الشهادتين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (التحفة العراقية) (ص17): ( الإيمان أمر وجودي، فلا يكون الرجل مؤمنا ظاهرا حتى يظهر أصل الإيمان، وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدا رسول الله، ولا يكون مؤمنا باطنا حتى يقر بقلبه بذلك، فينتفي عنه الشك ظاهرا وباطنا مع وجود العمل الصالح والإيمان).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (التحفة العراقية) (ص17): (من كان معه إيمان حقيقي؛ فلا بد أن يكون معه من هذه الأعمال بقدر إيمانه، وإن كان له ذنوب).اهـ
قلت: إذا تقرر مذهب السلف في حقيقة الإيمان تبين لنا أنهم حسنة بين مذهبين خاطئين: مذهب الوعيدية الخوارج، ومذهب المرجئة.
أما مذهب الخوارج؛ فإنهم يقولون: صاحب الكبيرة يخرج من الإيمان، ويستحق الخلود في نار جهنم، وهو كافر([634]).
قلت: ومذهب الخوارج مذهب باطل بدلالة النصوص المتواترة الصريحة على عدم خروج مرتكب الكبيرة من مطلق الإيمان.
وأما مذهب المرجئة؛ فإنهم يقولون: إن الإيمان يصح، ولو لم يكن معه أي عمل، فأخروا جميع العمل عن التأثير في الإيمان!.
قلت: ومنشأ قولهم في ذلك هو العدول عن بيان القرآن والسنة والآثار، مع اعتمادهم على عقولهم، وعلى ما تأولوه من اللغة بفهمهم، والله المستعان([635]).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص506): (فإن أولئك قالوا: قول وعمل ليبينوا اشتماله على الجنس، ولم يكن مقصودهم ذكر صفات الأقوال والأعمال).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص616): (وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص505): (القول المطلق، والعمل المطلق في كلام السلف يتناول قول القلب واللسان وعمل القلب والجوارح، فقول اللسان، بدون اعتقاد القلب هو قول المنافقين، وهذا لا يسمى قولا إلا بالتقييد كقوله تعالى: (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) [الفتح:11] وكذلك عمل الجوارح بدون أعمال القلوب هو من أعمال المنافقين التي لا يقبلها الله، فقول السلف يتضمن القول والعمل الباطن والظاهر).اهـ
قلت: إذا هناك فرق واضح بين التكفير بترك جنس الأعمال على الإطلاق، والذي قرره السلف والسنة، وبين التكفير بترك آحاد العمل على الإطلاق كما قرره الخوارج.
قلت: لكن المرجئة العصرية الذين لم يدرسوا عقيدة أهل السنة والجماعة على أيدي العلماء الربانيين، ولم يفرقوا بين مذهب السلف ومخالفيهم، يرون أن من قال بتكفير تارك العمل بالكلية فقد وافق الخوارج!.
قلت: ومن المعروف لدى صغار أهل السنة والجماعة فضلا عن كبارهم؛ أن الخوارج يكفرون بترك جميع الأعمال دون استثناء، أما السلف والسنة فقد فصلوا في آحاد العمل، وبينوا أن ترك بعضها كفر، وهي الأعمال التي تدخل في أصل الإيمان، وترك بعضها الآخر معصية تنقص من إيمان الشخص وتعرضه للعقوبة، ولكن لا يكفر بها فتنبه([636]).
قال المروزي رحمه الله في (تعظيم قدر الصلاة) (ج2 ص806): (إن الجمهور الأعظم من أهل السنة يقولون: إن الإيمان واحد له أصل وفروع([637])([638])، فأصله مفترض، وفرعه: منه مفترض، ومنه لا مفترض.
فأما المفترض: فهو ما أوجبه الله على عباده بقلوبهم وجوارحهم، وذلك معلوم محدود، لأن الحكم لا يوجب إلا معلوما يستوجب الثواب من أتاه، ويستوجب الذم والعقاب من قصر عنه بعد علم، والباقي من الإيمان هو نافلة لم يفترضه الله عز وجل).اهـ
وقال أبو عثمان الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص86): (ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبا كثيرة، صغائر كانت، أو كبائر، فإنه لا يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها، ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله عز وجل، إن شاء عفا عنه، وأدخله الجنة يوم القيامة... وأن شاء عاقبه وعذبه مدة بعذاب النار، وإذا عذبه لم يخلده فيها بل أعتقه، وأخرجه منها إلى نعيم دار القرار).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (العقيدة الواسطية) (ص178): (ومن أصول أهل السنة والجماعة أن الدين والإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج).اهـ
وقال الإسماعيلي رحمه الله في (الاعتقاد) (ص86): (ويقولون -يعني أهل السنة-: إن أحدا من أهل التوحيد، ومن يصلي إلى قبلة المسلمين، لو ارتكب ذنبا، أو ذنوبا كثيرة، صغائر، أو كبائر، مع الإقامة على التوحيد لله، والإقرار بما التزمه وقبله عن الله، فإنه لا يكفر به، ويرجون له المغفرة، قال تعالى: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) [النساء:48]).اهـ
وقال محمد بن وضاح أخبرني زهير بن عباد رحمه الله قال: (كل من أدركت من المشائخ مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وعيسى ابن يونس، وفضيل بن عياض، وعبدالله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، وغيرهم لا يكفرون أحدا بذنب([639])، ولا يشهدون لأحد أنه في الجنة وإن لم يعص الله، ولا أنه في النار، وإن عمل الكبائر، ومن خالف هذا، فهو عندهم مبتدع، قال ابن وضاح: وقال لي يونس بن عبدالأعلى: إلزم هذا، ولا تدعه، وقال حسين بن الحسن المروزي: هذا هو الحق، ولا يقول خلافه إلا زنديق) ([640]).
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (ج2 ص218): (أهل القبلة هم المسلمون، وإن كانوا عصاة، لأنهم يستقبلون قبلة واحدة، وهي الكعبة، فالمسلم عند أهل السنة والجماعة لا يكفر بمطلق المعاصي والكبائر).اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (ص18): (وأهل السنة والجماعة مع أنهم يرون أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وأنه يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، هم مع ذلك لا يحكمون بالكفر على من يدعي الإسلام، ويستقبل الكعبة بمطلق ارتكابه المعاصي التي هي دون الشرك والكفر كما يفعله الخوارج، حيث قالوا: من فعل كبيرة فهو في الدنيا كافر!، وفي الآخرة مخلد في النار، لا يخرج منها).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص510): (ثم قالت الخوارج والمعتزلة: الطاعة كلها من الإيمان فإذا ذهب بعض الإيمان، فذهب سائره، فحكموا بأن صاحب الكبيرة ليس معه شيء من الإيمان) ([641]).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص510): (وأصل نزاع هذه الفرق في الإيمان من الخوارج والمرجئة والمعتزلة والجهمية وغيرهم أنهم جعلوا الإيمان شيئا واحدا إذا زال بعضه زال جميعه، وإذا ثبت بعضه ثبت جميعه، فلم يقولوا بذهاب بعضه، وبقاء بعضه) ([642]).اهـ
قلت: فأهل السنة والجماعة يكفرون بترك الأعمال التي تركها يهدم أصل الإيمان... إذا فجنس الأعمال ركن في صحة الإيمان عند السلف والسنة كما تقرر، أما آحاده فعلى التفصيل الذي ذكرناه، والله المستعان.
قلت: ومن هنا يتبين خطأ المرجئة أنهم يصفون المخالفين([643]) لهم بالخوارج إذا كفروا بترك جنس العمل. ([644])
قلت: وهذا فيه تجن على السلف من جهتين:
الأولى: أنهم نسبوا إلى السلف ما ليس من اعتقادهم.
الثانية: أنه يلزم على ذلك وصف السلف بهذا الوصف الشنيع!.
قلت: فما زال السلف يكفرون بترك جنس العمل، لأنهم يرون أن جنس الأعمال ركن في الإيمان، والله المستعان.
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
وضوح عقيدة السلف
فإن عقيدة أهل السنة والجماعة عقيدة واضحة صافية، لا لبس فيها ولا غموض، لأنها مأخوذة من هدي كتاب الله، وسنة رسول الله e، وقد دونت أصولها ومبانيها في كتب معتمدة توارثها الخلف عن السلف، وتدارسوها، وحرروها، وتواصوا بها، وحثوا على التمسك بها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى)، وهذا أمر لا شك فيه، ولا جدال حوله.
ظهور نابتة تنازع أهل السنة في الإيمان
إلا أنه ظهرت في الآونة الأخيرة نابتة من المتعالمين([645]) جعلت بعض أصول هذه العقيدة مجالا للنقاش، والأخذ، والرد، ومن ذلك قضية الإيمان، وإدخال الإرجاء فيه، والإرجاء -كما هو معلوم- عقيدة ضالة تريد فصل العمل، وإخراجه عن حقيقة الإيمان، بحيث يصبح الإنسان مؤمنا بدون عمل، فلا يؤثر تركه في الإيمان انتفاء ولا انتقاصا، وعقيدة الإرجاء عقيدة باطلة قد أنكرها العلماء وبينوا بطلانها، وآثارها السيئة، ومضاعفاتها الباطلة، وآل الأمر بهذه النابتة إلى: أن تشنع على من لا يجاريها ويوافقها على عقيدة الإرجاء، ويسمونهم بالخوارج والتكفيريين، وهذا قد يكون لجهلهم بعقيدة أهل السنة والجماعة، التي هي وسط بين مذهب الخوارج الذين يكفرون بالكبائر -التي هي دون الكفر- وهو مذهب باطل، وبين مذهب المرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإيمان -الذي هو عندهم مجرد التصديق- لا يضر معه معصية وإن كانت كبيرة.
فأهل السنة والجماعة يقولون: إن مرتكب الكبيرة -التي هي دون الكفر- لا يكفر كما تقوله الخوارج، ولا يكون مؤمنا كامل الإيمان كما تقوله المرجئة.
بل هو عند أهل السنة مؤمن ناقص الإيمان، وهو تحت المشيئة -إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه بقدر ذنوبه- كما قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)[النساء:48])([646]).اهـ
قلت: فإذا عرفت اعتقاد أهل السنة في ذلك، فالآن استمع على أقوال ربيع المخلط، وهو يخلط مذهب أهل السنة بمذهب الخوارج، ولم يستطع أن يفرق بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب الخوارج في ترك([647]) العمل، ولذلك رمى أهل السنة بـ(الخوارج!) وبـ(التكفيريين!) والله المستعان.
فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص31): (فهم يسلكون مسلك الخوارج في رمي أهل السنة بالإرجاء!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص31): (ورثة الخوارج!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص62): (هذا مذهب الخوارج؛ مذهب تكفيري وأظنهم يريدون هذا!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص63): (هم كأنهم يريدون قاعدة مضطردة أي: أن كل من نقص إيمانه خرج من الإيمان! يعني خبث!، وهذا مذهب الخوارج!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص82): (وهم يسيرون على طريقة الخوارج!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص103): (ولما استمر الحدادية في الإرجاف بجنس العمل خلفا للتكفيريين!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص115): (ومن أخرى يشابهون الخوارج؛ في أنهم يدندنون حول التكفير، وتفوح من مواقفهم روائح الخوارج والدندنة حول أصولهم!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (مجموعه الفاضح) (ص418): (وحماية من استغلال التكفيريين لإطلاق بعض السلفيين لجنس العمل!)([648]).اهـ
قلت: وكلامه هذا كله يتصبب جهلا باطلا، وادعاء كاذبا، وفهما أعوج سقيما، فليس فيه علم يرد، أو شبهة تصد إلا ضرورة.
وهذا يدل أن المدخلي لا يفرق بين مذهب السلف، وبين مذهب الخوارج في مسألة التكفير كما سبق ذكره والله المستعان.
هذا وأسأل الله تعالى أن يثبتنا على هدي السلف الصالح في فهم الكتاب والسنة، والله المستعان.
df
ذكر الدليل على إنكار ربيع المدخلي
قوله بالتنازل عن أصول الدين،
وهو قال ذلك في كتبه وأشرطته،
وهذا من الكذب، والتحريف، والتلبيس، والخيانة، والتدليس على المسلمين
لقد أنكر المدخلي كعادته أنه قال بالتنازل عن الأصول للمصلحة كما في (كشفه البالي) (ص72).
وإليكم أقواله بالتنازل عن أصول الدين، وردود علماء السنة عليه:
1) قال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص156): (وأضيف: أليس المشركون أنفسهم قد اقترحوا على رسول الله r أمورا يوم صلح الحديبية للتنازل عنها، فلأجل المصالح والمفاسد التي راعاها استجاب لهم فيها، وهي من أصول الأصول). اهـ
2) وقال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص159): (أقول: لقد تسامح رسول الله r في هذا الصلح في أمور عظيمة من أصول وفروع، فمن الأصول التي تسامح فيها: عدم كتابة: (بسم الله الرحمن الرحيم) والأخذ بما اقترحه سهيل بن عمرو: (باسمك اللهم)... وتسامح في عدم كتابة: (محمد رسول الله)، وهي الركن الثاني من أركان الشهادتين، أصل الإسلام، وكتابة ما أصر عليه سهيل بن عمرو مندوب قريش). اهـ
قلت: فربيع هنا لم يفرق بين عدم كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم)، وكتابة (محمد رسول الله) في الظاهر، وبين التنازل عن الأصول حقيقة، فظن بأن عدم كتابة ذلك هذا فيه تنازل النبي r عن الأصول حقيقة، وهذا من جهله، وفهمه السقيم للنصوص، وإلا من تدبر صلح الحديبية رأى أن النبي r ترك الكتابة في الظاهر، مع بقاء ذلك حقيقة([649]) كما بين العلماء بلا مخالف.
3) وقال ربيع في (مذكرة نصيحته) (ص7): (وإذن فترك الرسول r لهذا العمل ليس من باب عمل فرعي، وإنما هو دفع للفتنة، وتأصيل للأمة لتواجه به الأخطار والمشاكل والفتن!). اهـ
4) وقال ربيع في (مذكرة نصيحته) (ص9): (فهل هذا التصرف، وهذه الموافقة، والتسامح كانت في أمور يسيره، أو كانت في أمور كبيرة، وأصول عظيمة!). اهـ
5) وقال ربيع في (مذكرة هل يجوز التنازل عن الواجبات...) (ص15): (فهؤلاء علي، وابن عمر، وجابر كانوا ممن يرى وجوب القصر، ومع ذلك يصلون وراء عثمان درءا للفتن، وسدا لأبوابها التي تؤدي إلى سفك الدماء، وفشل الأمة، وتسليط الأعداء عليها، ألا يكون هذا من التنازل عن الأصول والواجبات من أجل هذه الغايات الكبرى!). اهـ
6) وقال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص342): (وفي هذا إبطال لقول من يقول: إنه لا يجوز التنازل عن الواجبات بل فقط عن السنن المستحبات...).اهـ
7) وقال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص360): (ألا يكون هذا من التنازل عن الأصول والواجبات من أجل هذه الغايات الكبرى عند من يرى أن الأصل هو القصر). اهـ
وقال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص360): (فهو تسامح في أصول وواجبات لا في سنن ومستحبات). اهـ
8) وقال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص364): (وفيه إبطال دعواه بأنه لا يتنازل عن الواجبات والأصول). اهـ
9) وقال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص372): (ومما يؤكد أن رسول الله r وأصحابه قد تنازلوا عن واجبات عظيمة! مراعاة لمصالح كبرى!!).اهـ
10) وقال ربيع في (المجموع الفاضح) (ص372): (فمن يقول إنه لا يجوز التنازل عن الواجبات فقد أبعد النجعة عن فقه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وفقه سيرته، وفقه علماء الشريعة!!!). اهـ
هكذا يفتري على الله تعالى، ويفتري على رسوله r، ويفتري على سنته r، ويفتري على علماء الشريعة، بفهمه السقيم لنصوص الكتاب والسنة، وأقوال علماء الأمة على التنازل عن الأصول والواجبات والله المستعان.
فاجعل هذه المقاطع نصب عينيك، وافهم محتواها حق الفهم لترد أكاذيب، وأباطيل ربيع، وحزبه السحابية في دعواهم بجواز التنازل عن أصول الدين وواجباته من أجل المصلحة زعموا، وقمع أكاذيبهم بهذه المقاطع وما حوته من باطل وافتراءات على دين الله تعالى.([650])
وإليكم أقوال أهل السنة والجماعة في ردهم على افتراءاته في دين الله تعالى:
أولا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
1) سئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هناك من يقول بجواز التنازل عن أصول الدين، ويستدل في ذلك بـ(صلح الحديبية) وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا خطأ الرسول r ما تنازل، الرسول هو رسول الله r، لكن لما طلب المشركون أن يكتب قال: (أنا رسول الله وإن كذبوني) هذا ما فيه تنازل أي تنازل هذا ما فيه تنازل في كتاب الصلح، قالوا لا تكتب رسول الله، فقال r، (أنا رسول الله وإن كذبوني) ما فيه تنازل هذا، الدين لله مايتنازل فيه للبشر).([651]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ بعض الناس يقول بجواز التنازل عن أصول الدين، ويستدل على قوله بأن النبي r تنازل عن كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) في صلح الحديبية، وتنازل عن اتجاه القبلة في الصلاة على الدابة، فما صحة هذا القول، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (ما أدري هذه الفكرة سمعتها منذ أيام، وسؤلنا عنها مرة، أو مرتين، ومن قال هذا أظن المتكلم بها، أخشى أن يكون في قلبه زيغ، أي تنازل في شرع الله تعالى، شرع الله تعالى ليس لنا حقا بالتنازل عنه، شرع الله شرعا شرعه، وأوجبه علينا شرعه من الدين ووصى به محمدا r.
كما قال تعالى: ﴿وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب﴾ [الشورى:13]. فالشرع ليس بهوائنا، وعقولنا، هذه أوامر من رب العالمين، وواجبات أوجبها الله تعالى علينا، والنبي r ما تنازل هو رسوله الله، لكن المشركين لما أنكروا، قال: أنا رسول الله، وإن أبيتم، هذا ليس تنازل، ما قال أنا ما قلت إني رسول الله حاشى وكلا قال: (أنا رسول الله وإن كذبوني)، هل يكون هذا تنازل عن المبادئ... فهذه أقوال خاطئة كاذبة، لا يمكن لهم دليل، هذا الأقوال يأتي بها من يروج الباطل، ويدعو إلى الباطل، الرسول r ما تنازل إنما هو رسول الله، وقال: (أنا رسول الله وإن كذبتموني). لم يقل لست برسول الله لم يقله على لسانه حاشى وكلا، وإنما أرادوا أن يمحوا لفظ الرسول r من الكتابة، فهذه الفكرة عن التنازل، هذه أقوال سيئة كاذبة يتقولها ويفتريها من لا علم له في شريعة الله).([652]) اهـ
ثانيا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
1) سئل فضيلة الشيخ: أحسن الله إليكم، يقول السائل: بعضهم يقول بأنه يجوز التنازل عن أصول الدين، ويستدل على قوله أن النبي r تنازل عن كتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) في صلح الحديبية، وقال: (اكتب بسمك اللهم)، وتنازل عن: (الاتجاه إلى القبلة في الصلاة على الدابة)([653])، ما صحة هذا الكلام، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا كلام باطل وضلال – والعياذ بالله – الرسول r لم يتنازل عن الرسالة لما قال: (اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله)، وهو محمد بن عبدالله، وهو رسول الله r، وليس من لازم ثبوت رسالته أن يكتب على الورق، بل هو رسول الله r، وهذا من ارتكاب أخف الضررين يدفع أعلاهما، وهذا من درء المفاسد، و(درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، هذه قاعدة شرعية، لكن ليس معناها أن الرسول r قال: أتنازل لست برسول الله r، هل قال هذا حاشى وكلا، قال: (والله إني رسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبدالله).
وأما الصلاة النافلة على الراحلة إلى حيث توجهت به فهذا ليس تنازلا عن القبلة، لكن قبلة الراكب في النافلة حيث ما توجهت به راحلته، وأما قبلة غير الراكب وفي الفريضة فلابد أن تكون إلى الكعبة، لأن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة في الفريضة، وأما النافلة فأمرها أوسع، والله جل وعلا يقول: ﴿ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ [البقرة:115]. قال بعض المفسرين: هذه الآية نزلت في التنفل على الراحلة في السفر)([654]). اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: هناك رجل يدعي بجواز التسامح والتنازل عن الواجبات الشرعية بدعوى مراعاة المصالح والمفاسد، ويستدل على ذلك بترك المرأة الحائض للصلاة والصيام مع إنهما ركنا الإسلام، ومع ذلك يستدل لذلك بترك النبي r لكتابة (بسم الله الرحمن الرحيم) وعدم كتابة (محمد رسول الله)، وكذلك ترك الوضوء على من لم يجد الماء، ما صحة هذه الاستدلالات، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا الاستدلال باطل، وإلحاد في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وهذا الرجل يجب عليه أن يتوب إلى الله، ويعلن توبته عن هذا الخوض في أحكام الله عزوجل بغير علم، وبغير بصيرة وبهوى.
ولا يجوز له أن يقول بمثل هذا الكلام، ولو طبق كلامه هذا لتغير الدين كله، ومن قال أن المصلحة تقتضي هذا، فلا تصلون لأن المصلحة تقتضي، فلا تصلون حتى لا يعيركم الكفار، لا تدفعون الزكاة، وفي المسلمين فقراء يحتاجون إلى الزكاة، فهذا الأمر لا يجوز أبدا.
فهذا يجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، ويرجع للحق والصواب، ويجب الإنكار عليه.
وأما الرسول r ترك الكتابة، ولم يتنازل عن الأصول، وما منع (الرحمن)، وأنه لا يقال (الرحمن الرحيم) ما منع هذا، ومحى الاسم من أصله، بل ترك الكتابة فقط، وتركه للكتابة لا يدل على ترك الاسم (اسم الله) عز وجل).([655]) اهـ
ثالثا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
1) سئل فضيلة الشيخ: بالنسبة يا شيخ لمسألة الصلح في الحديبية، وأن النبي r لم يكتب (محمد رسول الله)، وكتب (محمد بن عبدالله)، هل في ذلك تنازل عن أصل، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (لا... هذا الأمر من السياسة الشرعية، كما ترك النبي r الأعرابي يبول في المسجد، وكما ترك النصارى في نجران يصلون إلى مسجد القدس بعد فرض الصلاة إلى المسجد الحرام، وهم في المدينة، تركهم يصلون، هذا من باب السياسة، لا... ما تنازل النبي r، هذه من الناحية السياسية).([656]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: بعضهم يقول يجوز التنازل عن أصول الدين، ويستدل بقوله أن النبي r تنازل عن كتابة (محمد رسول الله) في صلح الحديبية، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (نتنازل عن أصول الدين، هذا لا يجوز... هذا لا يجوز ما هذا الكلام).([657]) اهـ
رابعا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ فالح بن نافع الحربي([658]) حفظه الله مدير المعهد بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا.
1) سئل فضيلة الشيخ: هناك من يقول: بالتنازل عن أصول الدين، ويستدل بحديث في (صلح الحديبية) في أن النبي
فأجاب فضيلته: (هذا القول ليس صحيحا، وقد أجاب عنه العلماء، ورد على قائله، منهم: مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح اللحيدان، وكذلك الشيخ صالح الفوزان، وهؤلاء علماء كبار ردوا على هذه المقالة، فينبغي الرجوع إلى ردهم وكلامهم، ونحن إن شاء الله تعالى سنبين هذا في كتابنا (الغرر الجليات في الرد على المدخلي ومؤيديه بالعمومات والكليات) ونذكر أيضا كلام العلماء هناك، ولا شك أن القول بالتنازل عن الأصول هو قول باطل، وفاسد، ويرد على قائله).([659]) اهـ
خامسا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا.
1) سئل فضيلة الشيخ: بعضهم يقول يجوز التنازل عن أصول الدين، ويستدل على قوله أن النبي r تنازل عن كتابة: (بسم الله الرحمن الرحيم) و(رسول الله r) في صلح الحديبية، وقال: (اكتب باسمك اللهم)، وتنازل عن (الاتجاه إلى القبلة في الصلاة على الدابة)، فما صحة هذا الكلام، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (أتعرف ما هي أصول الدين؟!، أصول الدين هي الإيمان، هل يصح لإنسان أن يتنازل عن الصلاة، ويقول: لا.. يكفيني أداء الزكاة؟!، هل يصلح أن يقول الإنسان أتنازل عن الأمور البدنية، وأكتفي بمايستقر في قلبي من الإيمان؟!.
والنبي r عندما قال للكاتب (اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم) وقال له سهيل: (لا نعرف اكتب ما تكتب أنت وآباؤك)، (باسمك اللهم) فرفض الكاتب أن يكتب فقال: (آتني إياه) ومحاها هو سيتعاقد بغض الطرف من يقول: (باسم هبل) أو (بسم الله)...
لكن كلمة (باسمك اللهم) المقصود عند الطرفين الله جل وعلا، فالقول أنه ترك أصلا لإبرام عقد من المصلحة، الله أراد إبرامه، ما يعد تنازلا عن أصول الدين، ولو قلنا أن الإنسان من حقه أن يتنازل عن ما يقدر على عمله، وأن يتركه لقلنا نترك الإيمان والإسلام، وهذا تناقض، فإن هذا التخريج وقوله، إنما يأتي على الأمر الديني بالقضاء، ينبغي على الإنسان أن يتمسك بدينه، ولا يتخلى عن شيء يجب أن يقوم به إلا في حدود ما أذن الله جل وعلا به، وعند الخطر النهائي إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، لكن لو ثبت على الحق لا يلام، لأن النبي r ذكر أن من كان قبلنا يؤتى الرجل بالمنشار فيوضع في حفرة وينشر في منشار الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصده ذلك عن دينه).([660])اهـ
سادسا: ذكر فتاوى العلامة الشيخ محمد بن عبدالله السبيل حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، وإمام وخطيب المسجد الحرام والرئيس العام لشؤون المسجالحرام والمسجد النبوي سابقا.
سئل فضيلة الشيخ: بعضهم يقول، يجوز التنازل عن أصول الدين، ويستدل على قوله بأن النبي r تنازل عن كتابة: (بسم الله الرحمن الرحيم) في (صلح الحديبية)، وقال: (اكتب باسمك اللهم)، وتنازل عن (الاتجاه إلى القبلة في الصلاة على الدابة)، فما صحة هذا الكلام، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. هذا الكلام غير صحيح، وهذه الساعة مجبر على ذلك، ووقع مع المشركين، والنبي r التزم بالصلح، وبعد أشهر فتح مكة، فهذا الكلام لا يجوز، لأنهم كانوا مضطرين على هذا الصلح، وبعد فتح مكة كان الأمر غير ذلك).([661])اهـ
فائدة: فتوى العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله محدث الديار اليمنية، وهي في مسألة ربيع بعينها في التنازل عن الواجبات، أو المستحبات من أجل المصلحة.
سئل فضيلة الشيخ: هل يجوز ترك بعض الواجبات، أو المستحبات، أو فعل بعض المحرمات والمبتدعات تحت ذريعة مصلحة الدعوة، أو لا؟.
فأجاب فضيلته: (إن كنت من الإخوان المسلمين([662]) فقد أجاز لك شيخك ترك ما تراه في مصلحة الدعوة، وإن كنت من أهل السنة، قلت: لست مفوضا في دين الله، ويقول الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد r: ]ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا* إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا[ [الإسراء:74 و75]، ويقول سبحانه وتعالى بيان إنك لست مفوضا في هذا الدين، ]ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون[ [آل عمران:128]، ويقول لنبيه محمد r: ]فاستقم كما أمرت[ [هود:112]، ويقول تعالى: ]فاستقيموا إليه[ [فصلت:6]. فنحن مأمورون بالاستقامة، وما يدرينا أن يكون هذا التنازل سببا للهزيمة النفسية([663])، وقد وضح الله المستعان.
إذا فلا نترك واجبا من أجل مصلحة الدعوة فالله أغير على دينه، ولا ترتكب محرم، ولا تحلق لحيتك من أجل مصلحة الدعوة، أي نعم لا تلبس البنطلون من أجل مصلحة الدعوة، لا تترك الترتيبات من أجل مصلحة الدعوة، لا تلبس الكرفته من أجل مصلحة الدعوة، نعم لا تدخل في الديمقراطية من أجل مصلحة الدعوة، لا تدخل وهكذا، الله أغير على دينه منا، والله يقول لنبيه محمد r: ]فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ[ [الشورى:48]).([664])اهـ
قلت: فأي حجة لربيع إذا في ردود أهل العلم عليه بقوله بالتنازل عن الأصول([665]).([666])
بل كذب ربيع أن العلماء لم يردوا عليه نعوذ بالله من الكذبات، والخيانات، والتلبيسات.
فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص70): (وكذبت أنت في قولك عن أهل العلم والتوحيد والعقيدة أنهم قد ردوا علي!!!) ([667]).([668])اهـ
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك،وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
df
[1]) أثر صحيح.
أخرجه البرذعي في أصول السنة (ص134) واللالكائي في الاعتقاد(ج1 ص 179) وابن الطبري في السنة (ص321) والعطار في الإعتقاد (ص93) بإسناد صحيح.
[2]) انظر (الرد على الجهمية والزنادقة) لإمام أحمد (ص58).
[3]) حديث صحيح.
أخرجه الترمذي في سننه (2229) بإسناد صحيح.
[4]) حديث حسن.
أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه(15) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، بإسناد حسن.
[5]) حديث حسن.
أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (15) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، بإسناد حسن.
[6]) وانظر (الاعتصام) للشاطبي (ج3 ص 231).
[7]) قلت: وهذا جزء من الصراع بين الحق والباطل.
[8]) والزيغ: هو الميل عن الحق اتباعا للهوى.
فقال تعالى : ]ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله[ [القصص:50].
[9]) أخرجه البخاري في صحيحه (ج8 ص 209)ومسلم في صحيحه (ج4 ص2053).
[10]) فكل ما سناه في شرحه للإيمان وغيره فهو باطل.
قلت: ومن هذا يتبين بأن ربيعا المدخلي ليس عنده علم بعقيدة السلف جملة وتفصيلا؛ لإبتداعه في الدين.
والعالم لا يبتدع في الدين، وإنما يبتدع من ادعى لنفسه العلم وليس هو كذلك.
إذا البدع لا تقع من راسخ في العلم، وإنما تقع ممن لم يبلغ مبلغ أهل العلم الراسخين، فانتبه.
قال الشاطبي رحمه الله في (الإعتصام)( ج3 ص 304): (ولا يدخل فيهم-يعني العلماء- أحد من المبتدعين؛ لأن العالم أولا لا يبتدع ، وإنما يبتدع من ادعى لنفسه العلم وليس كذلك ، ولأن البدعة قد أخرجته عن نمط من يعتد بأقواله). اهـ
قلت: و لايعتد الآن بأقوال المدخلي في كتبه لأنه ليس بعالم بل هو جامعي مثقف فتنبه.
[11]) الكلب: داء يصيب الإنسان من عض الكلب المسعور، فيصيبه شبه الجنون، ويلحق به حتى يموت.
وتتجارى بهم الأهواء : أي تواقعون فيها ويتداعون ويتهافتون في الأهواء الفاسدة.
انظر: (لسان العرب) لابن منظور (ج1 ص 723) و (ج14 ص 141).
[12]) وهذا الأمر هو الذي ظهر من المدخلي حتى أغرق في بدعة الإرجاء، وإعترض على كتاب الله تعالى، وسنة نبيه r، وآثار السلف الصالح، فخالف اعتقاد أهل السنة والجماعة، والله المستعان.
وانظر (الاعتصام) للشاطبي ( ج3 ص 324 و 325).
[13]) قلت: فإذا بلغت البدعة بصاحبها أن يناصب هذه المناصبة في العداوة والبغضاء، فهو مشرب حبها في قلبه، ومن أشربها ناصب عليها بالدعوة المقترنة بالخروج عن مذهب أهل السنة والجماعة.
قلت: وهذه نتيجة العداوة والبغضاء لأهل السنة.
[14]) وهذا الذي وقع فيه أتباع المدخلي بسبب سماعهم لآرائه المضللة، ومجالسته، والسلف الصالح نهوا عن مجالسة رؤوس البدع، ومكالمتهم، و سماع كلامهم، وأغلظوا في ذلك.
[15]) انظر (الاعتصام) للشاطبي ( ج3 ص 333).
[16]) وذلك أن الإحداث في الشريعة إنما يقع: إما من جهة الجهل، وإما من جهة تحسين الظن بالعقل، وإما من جهة اتباع الهوى في طلب الحق، وهذا الحصر بحسب الاستقراء من الكتاب والسنة، وسبب ذلك كله القول في دين الله تعالى بالرأي.
وانظر (فتاوى) ابن تيمية ( ج28 ص 58)، و(الاعتصام) للشاطبي ( ج3 ص 355).
قال الشاطبي في (الاعتصام)( ج3 ص 368) : (فإذا كان الأمر على هذا؛ لزم كل من أراد أن ينظر في الكتاب والسنة أن يتعلم الكلام الذي به أديت ، وأن لا يحسن ظنه بنفسه قبل الشهادة له من أهل علم العربية بأنه ممن يستحق النظر ، وأن لا يستقل بنفسه في المسائل المشكلة التي لم يحط بها علمه دون أن يسأل عنها من هو من أهلها ، فإذا ثبت على هذه الوصاة كان - إن شاء الله - موافقا لما كان عليه رسول الله r وأصحابه الكرام) اهـ.
[17]) انظر (الاعتصام للشاطبي) ( ج3 ص 408).
[18]) أخرجه البخاري في صحيحه (ج11 ص 102) والترمذي في سننه (ج9 ص 308) وابن المبارك في الزهد (ج1 ص 149) و هناد في الزهد (900) وأبو نعيم في الحلية (ج4 ص 129).
[19]) انظر: ( فتح الباري) لابن حجر ( ج11 ص 105).
[20]) انظر ( فتح الباري) لابن حجر (ج11ص105) و(عمدة القاري) للعيني ( ج18 ص 341).
[21]) انظر (فتح الباري) لابن حجر (ج11ص105) و(عمدة القاري) للعيني ( ج18 ص 341).
[22]) انظر (فتح الباري) لابن حجر (ج11ص105) .
[23]) انظر (فتح الباري) لابن حجر (ج11ص105) وعمدة القاري للعيني ( ج18 ص 341).
[24]) قلت: وهذا ظاهر في ربيع على كثرة ذنوبه وبدعه لا يرها شيئا اللهم غفرا.
[25]) أخرجه البخاري في صحيحه (ج11 ص329)، وأبو داود في الزهد (379).
[26]) قلت: ومحقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه، لأنه و ثق بها، وتهاون بها، و ينسى المحقرات فلا يلبث إلا وقد أحاطت به، فأهلكته وهو لا يشعر، ولا حول ولاقوة إلا بالله.
قال ابن بطال في (شرح صحيح البخاري) (ج10 ص 202) : ( والمحقرات إذا كثرت صارت كبائر بالإصرار عليها والتمادي فيها ). أهـ
[27]) أخرجه الطيالسي في المسند (ص193) و أحمد في المسند (ج5 ص 79) و ابن المبارك في الزهد (60) و أبوداود في الزهد (ص 318) و البيهقي في شعب الإيمان (7259) والبخاري في التاريخ الكبير (ج 6 ص 94) بإسناد صحيح.
[28]) قلت: إنكم لن تلقوا الله تعالى بشيء خير لكم من قلة الذنوب، فمن سره أن يدرك أهل العبادة، فليكف نفسه عن الذنوب.
[29]) قلت: إياكم ومحقرات الذنوب.
[30]) أثر حسن.
أخرجه الحسين المروزي في زياداته على زهد ابن المبارك (357) و الدراقطني في العلل (ج2 ص 148) والبيهقي في شعب الإيمان (ج4 ص 4888) و أبو داود في الزهد (ص80) بإسناد حسن.
وأخرجه البيهقي في الزهد الكبير (867) وأبو نعيم في الحلية (ج3 ص27) عن أبي قلابة عن عمر بن الخطاب به.
[31]) انظر الزهد لأبي داود ( ص80).
[32]) قلت: ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء به الظن.
[33]) أخرجه البخاري في صحيحه تعليقا جازما به (ج11 ص 235) والبغوي في شرح السنة تعليقا (ج14 ص 243) و المعافى الموصلي في الزهد (ص 304) الخطيب في المتفق والمفترق (ج2 ص 1167) وابن الجوزي في المصباح المضيء (ج1 ص 262) و الأصبهاني في الترغيب والترهيب (ج 1 ص 151) وابن أبي دنيا في قصر الأمل (ص 50) وابن المبارك في الزهد (86) ووكيع في الزهد (191) و ابن أبي شيبة في المصنف (ج8 ص 155) وهناد في الزهد (509) وأبو نعيم في الحلية (ج1 ص 76) والبيهقي في شعب الإيمان (ج7 ص 10613) وفي الزهد الكبير (ص 193) و أحمد في فضائل الصحابة (881)وفي الزهد (162) وأبو داود في الزهد (ص 116).
[34]) أثر صحيح.
أخرجه أبو داود في الزهد(ص 116) ووكيع في الزهد (191) و هناد في الزهد (509) و البيهقي في شعب الإيمان (ج7 ص 1613) و في الزهد الكبير (ص 193) والمعافي الموصلي في الزهد (ص 304) وابن أبي الدنيا في قصر الأمل (ص50) وأبو نعيم في الحلية (ج1 ص 76) والخطيب في المتفق والمفترق (ج2 ص 1167) و أحمد في الزهد (162) وابن أبي شيبة في المصنف (ج 8 ص 155) بإسناد صحيح.
[35]) أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في الزهد(ص80) بإسناد صحيح.
[36]) أثر حسن.
أخرجه ابن أبي حاتم في الزهد(ص55) بإسناد حسن.
[37]) أثر صحيح.
أخرجه البيهقي في الزهد الكبير (ص 151 و 165) وأبو نعيم في الحلية (ج1 ص 244) والخطيب في الجامع لأخلاق الراوي (ج1 ص 145) بإسناد صحيح.
[38]) أثر حسن.
أخرجه البيهقي في الزهد الكبير (ص 152) وأبو نعيم في الحلية (ج2 ص 18) بإسناد حسن.
[39]) أثر حسن.
أخرجه البيهقي في الزهد الكبير (ص 152) وأبو نعيم في الحلية (ج2 ص 18) بإسناد حسن.
[40]) والمغبون: المنقوص، وهو ضعيف الرأي، ومن قلت فطنته وذكاؤه.
انظر مختار الصحاح للرازي (ص 196) والمصباح المنير للفيومي (ص 229).
[41]) أثر صحيح.
أخرجه الخطيب في الزهد والرقائق (ص 131) و البيهقي في الزهد الكبير (ص 294) وابن الجوزي في ذم الهوى (ص 174) بإسناد صحيح.
[42]) أثر صحيح.
أخرجه ابن حمكان في الفوائد والأخبار والحكايات (ص 131) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج51 ص 383) بإسناد صحيح.
[43]) يعني من العلماء الذين هم أعلم منه في الدين.
[44]) أثر صحيح.
أخرجه ابن حمكان في الفوائد والأخبار والحكايات (ص 138) بإسناد صحيح.
[45]) قلت: وربيع لم يصن نفسه فلم ينفعه علمه المخلط والله المستعان.
[46]) أثر صحيح.
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج51 ص 409) والخطيب في تاريخ بعداد (ج7 ص 276) وابن عبد البر في جامع بيان العلم (ج1 ص 511) وابن حمكان في الفوائد والأخبار (ص 141) والبيهقي في مناقب الشافعي (ج1 ص 282) بإسناد صحيح.
[47]) أثر حسن.
أخرجه ابن حمكان في الفوائد والأخبار والحكايات (ص 145) بإسناد حسن.
[48]) أي ما يفسدونه من الحديث.
[50]) قلت: وكذب ربيع على الله تعالى، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى السلف في مسائل الإيمان لهو واضح في كتبه، وأشرطته، وهل تخفى النعامة إذا دست رأسها في التراب؟!!! اللهم غفرا.
[51]) قلت: وكذب إخوان ربيع المرجئة! في مسائل الإيمان في (شبكة سحاب المرجئية) على الله تعالى، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى السلف لهو واضح أنهم يكذبون والله المستعان.
[52]) على سبيل المثال: قول ربيع في (كشفه البالي) (ص126) : (وهو والحدادية! ينسبون إلي أني أقول: أن العمل شرط كمال، أي أني أخرجه من حقيقة الإيمان، وهذا من أعظم الإفتراءات والبهت، أنا أدين الله بأن العمل من الإيمان!!!).اهـ
قلت: فهنا يكذب على أتباعه السحابية، أنه لم يقل بخروج الأعمال عن مسمى الإيمان، وكتبه وأشرطته تنضح من ذلك، نعوذ بالله من الكذب.
فعلى ربيع أن لايلبس أكثر من ذلك على نفسه وعلى أتباعه، وعليه بالتوبة، والرجوع عن مذهب المرجئة جملة وتفصيلا، بل والرجوع عن هذه التلبيسات، والكذبات، والخيانات التي لا طائل تحتها اللهم غفرا.
[53]) انظر (بيانه البالي) (ص8) الحلقة الثالثة، و (المجموع الفاضح) لربيع (ص367)، ومقاله البالي: (هل يجوز أن يرمى بالإرجاء من يقول أن الإيمان أصل والعمل كمال) لربيع في (شبكة سحاب) بتاريخ 2|11|2006، و (نصيحة للسلفيين حول منزلة العمل من الإيمان) لربيع في (شبكة سحاب)، و (كشفه البالي) (ص232)، وشريط مسجل بعنوان: (ضلالات ربيع في أصول الدين) وجه (ب) الجزء الثاني، وشريط مسجل بعنوان (كلمة في التوحيد) في (شبكة الأثري).
[54]) بل ربيع أول من كذب على الأئمة من أهل السنة أنهم قالوا: العمل فرع، وكمال للإيمان.
فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص237): (تحريفه لكلام الأئمة الذين صرحوا بأن الإيمان أصل، والعمل فرع!!!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص237): (ابن منده هو الذي اعتبر العمل فرعا، وكمالا للإيمان، ونسب ذلك إلى أهل السنة!!!).اهـ
وقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص237): (تصريحات ابن تيمية بأن الإيمان أصل، والعمل فرع).اهـ
[55]) قلت: وهنا ينكر أنه قال: العمل شرط كمال، وهو قال ذلك في مواضع من كتبه، وأشرطته كما سوف يأتي ذكر إرجائه.
[56]) قلت: يعني عند ربيع لو قال شخص: الإيمان أصل، والعمل كمال لا يعتبر مرجئا عنده، وهذا مخالف لفتاوى أهل العلم من أهل السنة والجماعة الذين قالوا بأنه مرجئ.
[57]) قلت: فهذا من تلبيساته التي يستر بها سوأة جهله بمعتقد السلف الصالح، والحمد لله الذي فضحه وإخوانه المرجئة بهذا البحث وغيره.
[58]) قلت: ومن الأهوال التي أصابت المدخلي بسبب ردود أهل السنة عليه، وكشف أفكاره الإرجائية قام يستغيث بالمجهولين من كتاب (شبكة سحاب الحزبية) ويحتج بمقالاتهم نعوذ بالله من الخذلان، وانظر (كشفه البالي) (ص83).
[59]) كذا يفتري على الأئمة.
[60]) بل هذا قولك، وقول المرجئة في كل زمان والله المستعان.
[61]) (هل يجوز أن يرمى بالإرجاء من يقول إن الإيمان أصل، والعمل كمال) وهو مقال لربيع في(شبكة سحاب) بتاريخ (2/11/2006).
[62]) (المصدر السابق).
[63]) (المصدر السابق).
[64]) (المصدر السابق)
قلت: بل أجمع السلف على تكفير من يترك الأعمال كلها.
[65]) (نصيحة للسلفيين حول منزلة العمل من الإيمان) وهو مقال لربيع في (شبكة سحاب).
[66]) (المصدر السابق).
[67]) وهذا من افتراءات ربيع المرجئ على الكتاب والسنة، والله المستعان.
[68]) وهذا من افتراءات ربيع المرجئ على الأئمة، والله المستعان.
[69]) نعوذ بالله من الغرور.
[70]) وهذا يدل على أنني لست لوحدي من رد على ربيع في مسائل الإرجاء الفاضحة!!!.
[71]) وهؤلاء العلماء الأفاضل أدانوه بمثل قولي، فأنا وافقت أهل العلم في ردودي على إرجاء ربيع. فلماذا هذه التلبيسات ياربيع؟!!!.
[72]) انظر كتاب (الإنتصار فيما دار من المعارك بين أهل السنة والجماعة، وبين ربيع المدخلي وأتباعه لمخالفتهم في المسائل الكبار) (ص74، 84، 99، 104) إعداد: أبي معاذ السلفي.
[73]) وقد رددت عليه في كتابي: (القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة) (ص131) باب: ذكر الدليل على تفنيد دعاوى ربيع المدخلي في تشنيعه على أهل السنة والجماعة في ذكرهم جنس العمل، ولتكفيرهم بتركه.
[74]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص75)، و(شريط مسجل) بصوت الشيخ بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[75]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص76)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[76]) والعجيب من أمر ربيع أنه ينكر قوله هذا أن العمل شرط كمال في الإيمان، بل قال: فرع، أو فروع، ولا ركن فيه، ولا جزء منه!.
[77]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص77)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[78]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص78)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[79]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص78)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[80]) ولقد رددت عليه في كتابي (القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة) (ص51) باب: ذكر الدليل على تفنيد دعاوى ربيع المدخلي في قوله: أن العمل شرط كمال في الإيمان.
[81]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص80)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ).
[82]) تعليق الشيخ على محاضرة بعنوان: (حقيقة الإيمان، وبدع الإرجاء في القديم والحديث).
[83]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص82)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[84]) وهنا أنكر الشيخ المفتي حفظه الله على ربيع المدخلي لموافقته لمذهب المرجئة.
[85]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص83)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[86]) ((شريط مسجل)) بصوت ربيع، في (شبكة الأثري)، و(بيان حال ربيع) (ص8 – مذكرة).
[87]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص86)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[88]) وانظر كتابي: (القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة) (ص51) باب: ذكر جملة أقوال ربيع المدخلي الموافقة لمذهب المرجئة.
[89]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص87)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[90]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص87)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[91]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص89)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[92]) انظر (هل يجوز أن يرمى بالإرجاء من يقول أن الإيمان أصل والعمل كمال) وهو مقال لربيع في (شبكة سحاب) بتاريخ (2/11/2006)، و(بيان حال ربيع المدخلي) (ص8 – مذكرة) و((شريط مسجل)) بصوت ربيع بعنوان (كلمة في التوحيد)، في (شبكة الأثري).
[93]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص91)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ).
[94]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص100)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثاني، وجه (أ).
[95]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص101)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[96]) وهذا يدل بأن ربيعا لا يكفر بترك الأعمال كما هو واضح من اعتراضه على السائل بحديث الشفاعة، وأنه يشفع له، ولو لم يعمل أي عمل، لأنه يبقى في قلبه أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، وهذا يبين بأنه لا يقول بانتهاء الإيمان بالكلية، وهذا قول المرجئة كما قال الشيخ عبدالله الغديان حفظه الله.
[97]) يعني إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه، هذا إذا بقي أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان بما قام من عمل فتنبه.
أما إذا ترك العمل بالكلية، فهذا ليس في قلبه شيء من الإيمان، فهو كافر عند أهل السنة والجماعة.
[98]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص102)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[99]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص102)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[100]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص103)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[101]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص103)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[102]) وهو من علماء أهل السنة والجماعة كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله، والشيخ عبدالعزيز آل شيخ، والشيخ صالح الفوزان، وغيرهم.
[103]) وانظر كتابي: (القناعة في تبيين شذوذ زيادة "لم يعملوا خيرا قط" في حديث الشفاعة) (ص60).
[104]) أخرجه مسلم في صحيحه (ج1/ص70) من حديث أبي سعيد الخدري t.
[105]) فالأخذ بالمتشابه من أصول أهل البدع.
[106]) قال أيوب السختياني: (ولا أعلم أحدا من أهل الأهواء يجادل إلا بالمتشابه).
أخرجه ابن المنذر في (التفسير) (ج1/ص124) بإسناد صحيح.
[107]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص106)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[108]) ومراد الشيخ أن العمل جزء من الإيمان فتنبه.
[109]) وهذا فيه رد على ربيع الذي لا يكفر بترك جنس العمل والله المستعان.
[110]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص127)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[111]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص130)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء السادس، وجه (أ).
([112]) قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح العقيدة الواسطية) (ج2 ص328): (قوله: والإجماع الذي ينضبط هو ما كان عليه السلف الصالح إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة.
يعني: أن الإجماع الذي يمكن ضبطه والإحاطة به هو ما كان عليه السلف الصالح، وهم القرون الثلاثة، الصحابة والتابعون وتابعوهم... وهل يمكن أن يوجد إجماع بعد الخلاف؟ فنقول: لا إجماع مع وجود خلاف سابق، ولا عبرة بخلاف بعد تحقق الإجماع). اهـ
أخرجه الخلال في السنة (ج3 ص580) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص813) وابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد (ص153) بإسناد صحيح.
أخرجه الخلال في السنة (ج3 ص580) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص806) وحرب الكرماني في المسائل (ص374) بإسناد صحيح.
أخرجه الآجري في الشريعة (ج2 ص641) والجوهري في مسند الموطأ (ص111) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص813) واللالكائي في الاعتقاد (ج2 ص814) وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (ص33) بإسناد صحيح.
وذكره ابن عبدالبر المالكي في الانتقاء (ص34) والذهبي في السير (ج8 ص108).
أخرجه الآجري في الشريعة (ج2 ص640) والصابوني في عقيدة السلف (ص270) وابن أبي عمر في الإيمان (ص94) واللالكائي في الاعتقاد (ج2 ص817) بإسناد صحيح.
أخرجه ابن أبي زمنين في أصول السنة (ص209) والآجري في الشريعة (ج2 ص640) واللالكائي في الاعتقاد (ج2 ص815) وعبدالله بن أحمد في السنة (ج1 ص310) بإسناد صحيح.
أخرجه الداني في الرسالة الوافية (ص85) والخلال في السنة (ج1 ص40) والجوهري في مسند الموطأ (ص111) وأبو نعيم في الحلية (ج6 ص327) وأحمد في العلل (1248) والآجري في الشريعة (ج2 ص608) وحرب الكرماني في المسائل (ص368) وأبو داود في المسائل (ص273) وعبدالله بن أحمد في السنة (ج1 ص310) بإسناد صحيح.
أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (ج2 ص818) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص812) وعبدالله بن أحمد في السنة (ج1 ص316) وأبو داود في المسائل (ص273) والآجري في الشريعة (ج2 ص643) بإسناد صحيح.
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (ج1 ص315) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص811) واللالكائي في الاعتقاد (ج2 ص817) بإسناد صحيح.
([131]) انظر ((الاعتقاد)) للالكائي (ج2 ص814-820) و((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلى (ج1 ص130) و((تعظيم قدر الصلاة)) للمروزي (ج1 ص394) و((الشريعة)) للآجري (ج2 ص643) و((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (ج2 ص805-826) و((شعب الإيمان)) للبيهقي (ج1 ص76) و((الإيمان)) لأبي عبيد (ص53 و54) و((الإيمان)) لابن منده (ج1 ص362) و((مناقب الإمام أحمد)) لابن الجوزي (ص166).
([132]) وانظر ((الإيمان)) لابن منده (ج1 ص362) (ج1 ص362) و((نكت القرآن)) للقصاب (ج1 ص302 و303) و((الإيمان بين السلف والمتكلمين)) للغامدي (ص27) و((الإيمان)) للأثري (ص82) و((تعليم أصول الإيمان)) للسعدي (ص22) و((أسئلة وأجوبة في الإيمان والكفر)) للشيخ الراجحي (ص10 و11) و((مناقب الإمام أحمد)) لابن الجوزي (ص166) و((الفتوى الحموية الكبرى)) لابن تيمية (ص430).
([133]) وانظر ((التنكيل)) للمعلمي (ج2 ص365) و((التوحيد)) لابن خزيمة (ج2 ص702) و((ذكر الاعتقاد)) لابن العطار (ص30).
([135]) قلت: وعلى هذا فالخارجون من مفهوم الجماعة هم: المبتدعة وأصحاب الأهواء والبدع لأنهم على ضلال، ولا شك أن أهل الزيغ والضلال لا يكونون من أهل السنة والجماعة.
قلت: فالجماعة شرعا هم: أهل السنة والاتباع، أهل الحق، والفرقة الناجية، وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان... ومن اقتدى بهم واتبع سبيلهم من المؤمنين إلى قيام الساعة.
وانظر (الاعتصام) للشاطبي (ج2 ص770).
أخرجه الجوهري في (مسند الموطأ) (ص584) وابن عبدالبر في (التمهيد) (ج23 ص10) بإسناد صحيح.
وذكره ابن خلفون في (أسماء شيوخ مالك) (ص33).
([137]) فجمع هؤلاء بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب مرجئة الفقهاء حين نصوا على إدخال العمل في حقيقة الإيمان كما هو قول أهل السنة، ثم تناقضوا بإخراجه حين أثبتوا إمكان وجود إيمان في القلب، ولو لم يظهر أي عمل على الجوارح!!!.
([138]) ومما زاد في البلاء أن ربيعا المدخلي في هذه المسألة أخذ يتتبع عبارات أهل العلم في مسائل الإيمان ويفهمها بفهمه السقيم انتصارا لمذهبه الباطل والله المستعان.
([139]) وهؤلاء المرجئة خالفوا السلف لتتبعهم متشابه الأقوال والأدلة، بل سعوا لتأييد رأيهم بذلك اللهم غفرا.
([142]) وذلك لنقص فهمه عن مذهب السلف في مسائل الإيمان وغير ذلك.
قلت: ولمن أعجب العجب أن يتهم ربيع علماء السنة بقلة الفهم في هذه المسائل والله المستعان.
بل وينازعهم في فهم عقيدة السلف، وهو لا يحسن العقيدة، فيأثم لتعمده المخالفة.
([144]) وهذا كله تكرار منه في كتبه المأشورة، وتضليلاته المنثورة!!!.
فالرجل غير مؤتمن في علمه، بل يستعمل في ذلك أنواعا من التدليس والخيانة والتلبيس.
فالحمد لله الذي كفانا شره، وأبعد عنا ضره.!!!.
[145])حتى أنه يقر بذلك أحيانا في خفاء محض مع تدليس، وتلبيس، وخيانة، وبكذب في هذا الاعتقاد السلفي في الإيمان: ينقص ينقص حتى لا يبقى منه شيء، فيقول مرة يشترطون، ومرة يزيدون، ومرة يوجبون، ومرة يذكرون، لكي لا يظهر إقراره به مطلقا، فيفتضح أمام إخوانه المرجئة في (شبكة سحاب الحزبية)، نعوذ بالله من الخذلان.
وانظر (شرحه البالي لعقيدة السلف) لربيع (ص173 و174)، و(كشفه البالي) (ص79 و80 و86).
[146]) قلت:بل أجمع السلف على الاعتقاد في مسائل الإيمان، ومن ذلك (أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء) ذكروا هذه الزيادة في كتبهم منهم: الآجري في (الشريعة)، واللالكائي في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة)، وابن بطة في (الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة)، والخلال في (السنة)، وعبدالله بن أحمد في (السنة)، والبربهاري في (شرح السنة)، والصابوني في (عقيدة السلف وأصحاب الحديث)، فهؤلاء ذكروا إجماع السلف على اعتقاد أهل السنة والجماعة، ومن ذلك الزيادة المذكورة، ولم ينكروها.
قال الإمام الصابوني رحمه الله في (عقيدة السلف وأصحاب الحديث) (ص315): (وهذه الجمل التي أثبتها في هذا الجزء كانت معتقد جميعهم، لم يخالف فيها بعضهم، بل أجمعوا عليها كلها).اهـ
قلت: ومن الجمل التي ذكرها الإمام الصابوني رحمه الله: بـ(أن الإيمان ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
والمدخلي شذ عن هذا الإجماع فهلك وأهلك أتباعه، والعياذ بالله.
[147]) قلت: فالسلف جميعا يعبرون أحيانا بأنالإيمان: يزيد وينقص، وأحيانا يقولون: (الإيمان قول وعمل)، وأحيانا يقولون: (الإيمان ينقص ينقص حتى لايبقى منه شيء)، وأحيانا يقولون: (الإيمان قول وعمل ونية صادقة)، وأحيانا يقولون: (الإيمان المعرفة والإقرار والعمل)، وأحيانا يقولون: (الإيمان قول وعمل ونية وإصابة السنة)، وهكذا ولم ينكر الأئمة هذه العبارات كلها، إلا هذا المرجئ الجاهل باعتقاد السلف ومصطلحاتهم، والله المستعان.
[148]) قلت: ومن يتأمل هذا الكلام يدرك أن ربيعا يلبس، ويخون، ويدلس في مراوغته في كلامه على أن الإيمان: (ينقص ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ليستر عورته في إرجافه على الآثار التي ذكرت هذه الزيادة السلفية.
قلت: وهذه المراوغات لا تفيده شيئا، والله المستعان.
([149]) وكذلك أتباعه المرجئة في (شبكة سحاب) كانوا ينكرون هذا المعتقد السلفي إنكارا شديدا، وذلك بسبب جهلهم بمعتقد السلف في مسائل الإيمان، والله المستعان.
أخرجه إسحاق بن منصور في المسائل (ج2 ص589) ومن طريقه الخلال في السنة (ج3 ص582) قال: قال إسحاق بن راهويه فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه الحميدي في أصول السنة (ص41) والصابوني في الاعتقاد (ص270) واللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1032) والعدني في الإيمان (ص94) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص854) والآجري في الشريعة (ج2 ص607) من طريقين عن سفيان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه الخلال في السنة (ج3 ص583) من طريق أبي بكر المروذي أن أبا عبدالله قيل له فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
ذكره ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (ج2 ص210)، وابن مفلح في المقصد الأرشد (ج2 ص325)، والعليمي في المنهج الأحمد (ج2 ص154) في ترجمة القاسم بن عبدالله البغدادي فيما نقله عن الإمام أحمد.
أخرجه حرب الكرماني في المسائل (ص370) قال: سمعت بشار بن موسى به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه الأصم في حديثه (ص153) ومن طريقه اللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1030) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) من طريق العباس بن الوليد البيروتي حدثنا أبو قدامة الجبيلي قال: سمعت عقبة بن علقمة يقول: سألت الأوزاعي فذكره.
قلت: وهذا سنده فيه أبو قدامة الجبيلي تمام بن كثير، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وله ذكر في (تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص212)، فهو لا بأس به في المتابعات، لأن اعتقاد السلف يتبع بعضه بعضا كما ذكرنا، فافهم لهذا ترشد.
قلت: ويشهد له ما قبله من الآثار السلفية.
([157]) أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج11 ص42)، و الأصم في ((حديثه)) (ص153)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص1030).
ذكره الثعلبي في ((تفسيره)) (ج3 ص213) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت على بن عبدالله المديني فذكره.
([163]) ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.
([166]) قلت: لذلك فإن ربيعا عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة.
([167]) قلت: والعلماء يعبرون في ذلك بعبارات متنوعة، وألفاظ مختلفة... مع سلامة كلامهم من الاضطراب والتناقض، فانتبه.
([169]) اضمحل: ذهب وانحل وفني.
وانظر: ( القاموس المحيط) للفيروزآبادي (ج 3 ص 124)، و(مختار الصحاح) للرازي (ج 1 ص 179)، و(المصباح المنير) للفيومي (ص 317).
([171]) وقلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد.
[173]) ولقد أقر ربيع بقول الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله كما في (كشفه البالي) (ص80) بهذا المعتقد السلفي الذي لو بحث فيه طول عمره، وفي دنياه كلها لم يجده، ولم يعرفه لجهله باعتقاد السلف في فقه الإيمان، ومع ذلك لم يرجع، ولم يتب صراحة عن إنكاره لهذا المعتقد السلفي، بل ماطل كعادته، وادعى أن الإمام سفيان بن عيينة قال ذلك في حال غضبه عندما اضطره أخوه إلى ذلك، نعوذ بالله من العناد.
قلت: ومعتقد سفيان بن عيينة رحمه الله هذا نقله عنه الإمام الصابوني في (عقيدة السلف، وأصحاب الحديث) (ص271) على أنه معتقد السلف، والمجمع عليه عندهم اللهم غفرا.
([174]) قلت: فالسحابي المبتدع الضال من الحزب، لذلك نصب ربيعا إماما له ليدافع على بدعة الإرجاء في شبكة سحاب.
([175]) قلت: وأهل السنة إذا تقابلوا هم وأهل الإرجاء، فلهم نصيب من تقابل المسلمين والكافرين اللهم سدد سدد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الاستقامة) (ج2 ص293): (وأهل السنة إذا تقابلوا هم وأهل البدع؛ فلهم نصيب من تقابل المؤمنين والكفار).اهـ
([176]) وكذا لكشف حال السحابيين الجاهلين بأمور المدخلي.
قلت: ولقد بني (كشفه البالي) على زخم مهول من التلبيس، والتدليس في تحريف النقول وبترها، وهذه جادة مطروقة لدى من تشربت نفوسهم بالهوى والبدعة!!!.
([177]) قلت: فانظروا إلى هذا التلاعب البين، والكذب الجلي، وكأن هذا المدخلي يتلاعب بعقول قرائه، ويظنهم مستسلمين لكلامه هذا، مسلمين برأيه ومرامه اللهم غفرا.
([178]) وهذا جهل بعلم الحديث، ومعرفة علله، لأنه كيف يجزم المدخلي بعدم ثبوته مع أنه لم يبحث في تخريجه جيدا، فراج عليه ما حذر منه!!!.
([182])وهو من شيوخ الإمام الخلال رحمه الله، يروي عن الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله مسائله، وهو تلميذه.
وانظر (أحكام أهل الملل) من كتاب (الجامع) للخلال (ج1 ص31).
([184]) ومن هنا تعرف بطلان قول مرجئة المدينة الذين يشيعون في (الجامعة الإسلامية) أمام الطلبة أن راوي (مسائل الكوسج) لا يعرف، واسمه (محمد بن حازم!)، وهذا القول يتناقلونه فيما بينهم، وقول المدخلي هذا أكبر دليل والله المستعان.
([185]) وانظر على سبيل المثال (أحكام أهل الملل) لشيخ الخلال، (أحمد بن محمد بن حازم)، وهو تلميذ الكوسج، يروي (المسائل) عنه في (ج1 ص127 و143 و173 و177 و182 و186 و190 و191 و192 و193 و195 و198 و206 و211 و218 و225 و226 و233 و234 و244 و246 و256 و257 و268 و286 و282 و283 و288 و301 و303 و308 و310).
([187]) وانظر على سبيل المثال (أحكام أهل الملل) للخلال (ج2 ص343 و346 و360 و368 و378 و391 و392 و395 و408 و416 و424 و431 و437 و438 و439 و440 و441 و442 و450 و464 و467 و478 و481 و482 و492 و501 و504 و506 و512 و513 و514 و516 و517 و524 و547).
([189]) قلت: كذلك هو من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله ترجم له ابن أبي يعلى الفراء في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص492)، والعليمي الحنبلي في (الدر المنضد في ذكر أصحاب الإمام أحمد) (ج1 ص147).
([191]) له ترجمة في (ميزان الاعتدال) للذهبي (ج1 ص139)، و(لسان الميزان) لابن حجر(ج1 ص251).
قلت: فكيف يجزم المدخلي أنه ليست له ترجمة، نعوذ بالله من ربع محدث؟!!!.
([194]) قلت: ومن هنا تعرف خطأ محقق (السنة) للخلال، بقوله عنه مجهول الحال (ج3 ص502) رقم(802)، وفي موضع آخر (ج3 ص593) قال: وفي إسناده من لا يعرف حاله!.
([195]) قلت: وهذا لون آخر مما هو متلبس به، ويتهم به غيره!، ألا يدل هذا التصرف أن ربيعا من أهل الأهواء، يأخذ ما يوافق هواه ويخفي ما يخالف هواه، ولو قام عليه إجماع السلف الصالح، وأهل السنة والجماعة.
([196]) قلت: كلما تأملت كلام هذا المدخلي؛ ازددت يقينا بتفننه في التدليس، وتلونه في التلبيس، فكأنه لا أحد عنده يراجع وينقد ويبحث في طاماته اللهم غفرا.
([198]) انظر في ترجمة الكوسج، (الثقات) لابن شاهين (ص35)، و (تاريخ بغداد) (ج6 ص362)، و (طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج1 ص113)، و(سير أعلام النبلاء) للذهبي (ج12 ص258)، و(تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص474).
([201]) قلت: وممن اعتمد على هذا الكتاب، الإمام الترمذي في (سننه)، والإمام الخلال في (السنة)، وفي (الجامع)، والإمام محمد بن نصر المروزي في (اختلاف الفقهاء)، والإمام ابن المنذر في (الأشراف)، والإمام ابن عبد البر في (التمهيد)، والإمام ابن تيمية في (الفتاوى)، والإمام ابن القيم في (إعلام الموقعين)، وغير ذلك.
([202]) لأنها توافرت عن ثلاثة أئمة من كبار علماء الإسلام في وصفهم: الإمام إسحاق بن منصور الكوسج بحسن سؤاله، وإيراده، ونقله، والإمام أحمد، والإمام إسحاق بأجوبتهما التي جاءت بلغة العلماء الراسخين في الأصول والفروع.
قلت: وللعلم قد قبل أهل العلم بعض كتب العلماء، ولم ينظروا في رواتها، وذلك لشهرتها عندهم، فتنبه.
([203]) قلت: وهذه (المسائل) كانت متداولة بين العلماء؛ فلم ينكروا فيها أي مسألة، ولم يضعفوا فيها أي مسألة؛ لا في الأصول ، ولا في الفروع!.
([205]) قلت: فتشكيك ربيع في هذه (المسائل)، أو في بعضها وخاصة في الاعتقاد، فهذا قول لا يوثق به على الإطلاق، لأنه صادر من مشكك، وملبس، إذ لا يوجد عالم من العلماء قال بما ذكره ربيع المدخلي اللهم غفرا.
([206]) وانظر (السنة) للخلال (ج3 ص593)، و(ج7 ص61)، و (الجامع) له (ج1 ص67 و84) و (ج2 ص322 وص328)، و(شرح العلل الكبير) لابن رجب (ج1 ص31)، و (سنن الترمذي) (ج3 ص526)، و(بدائع الفوائد) (ج4 ص80 و92 و103)، و(طبقات الحنابلة) لابن أبي يعلى (ج1 ص114)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج6 ص363).
([207]) ولذلك لا يجوز تضعيف أي مسألة في (مسائل) الكوسج بحجة أن الراوي عنه غير مترجم له، أو ما شابه ذلك، لأن أصل الكتاب ألفه المؤلف بنفسه، فلا حاجة لنا في البحث عن الرواة عنه، وعلى هذا كثير من الكتب السلفية، فافهم لهذا ترشد.
([208]) قلت: ولم أجد في ترجمة الإمام الكوسج رحمه الله من ضمن تلاميذه من اسمه (محمد بن حازم)، كما يذكر المدخلي في (كشفه البالي) (ص87)، وانظر (السير) للذهبي (ج2 258)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج6 ص 362)، و(تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص474)، و(تهذيب التهذيب) لابن حجر(ج1 ص249).
([211]) كيف يجرؤ ربيع في القدح الصريح في (مسائل) الإمام إسحاق بن منصور الكوسج رحمه الله، لأن على حد زعمه تعتبر المسائل ليست صحيحة، فلا يحتج بها، لأن الراوي لها لا يعرف، وهذا هو الفساد العريض لأصول السلف.
قلت: فأسقط كتابا كاملا، أو بعضه، لنصرة باطله، وهذا فيه قدح صريح لمسائل الكوسج رحمه الله، وهذه طريقة المبتدعة في كل زمان، فإذا أرادوا نصرة باطلهم غمزوا رجال الإسناد وهم ثقات، أو المؤلفين، أو كتبهم اللهم غفرا، فافطن لهذا.
([213]) لكن المدخلي لهواه لجأ إلى الخيانة في تضعيف الأثر، ليلبس على إخوانه المرجئة!!!.
قلت: فإذا وضح لك ما سلف؛ ظهر لك بطلان قول المدخلي في تضعيف أثر الإمام ابن راهويه رحمه الله.
([216]) قلت: وهذا يعتبر من طوام ربيع في علم الحديث، وإلا أهل الحديث يعرفون ذلك، وقد احتجوا بأقوال الأئمة في الاعتقاد مع أنهم ضعفوا في الأحاديث النبوية، مثل (الإمام في السنة نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله)، فقد احتجوا به في الاعتقاد، وضعفوه في الحديث، وغيره على هذا الأمر، والله المستعان.
وانظر: (الاعتقاد) للالكائي (ج1 ص47)، و (تاريخ بغداد) للخطيب (ج13 ص306)، و(العلو) للذهبي (ص171)، و(العرش) له (ج2 ص237)، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة (ج3 ص146 – الرد على الجهمية).
قلت: وحمل المدخلي على هذه الخيانة لكي يطعن على اعتقاد السلف في أن الإيمان: (ينقص، ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ولا يقر بخطئه هذا.
فتأمل الهوى والتضليل، والقول العليل!.
([217]) قلت: وهذا مما هو معروف عند صغار طلبة علم الحديث، فما بالك بمن يدعي أنه إمام أهل الحديث في العالم!.
([218]) قلت: فليتأمل هذا مناصرو المدخلي ومريدوه حتى يعرفوا الحق من الباطل!. وإلا {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}[الرعد:17].
([219]) انظر: (بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم) لابن عبدالهادي (ص81)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج7 ص122).
([220]) انظر: (تاريخ بغداد) للخطيب (ج7 ص119)، و (تهذيب الكمال) للمزي (ج4 ص86)، و(تهذيب التهذيب) لابن حجر (ج1 ص441).
([225]) قلت: وربيع يعتبر متعديا على الأئمة في الاعتقاد، وهم حجة فيه، كما تعدى الكوثري الضال وأتباعه الهمج عليهم اللهم غفرا.
([226]) قلت: والخفاف في اعتقاده صدوق، كما بين الإمام أحمد رحمه الله، والإمام علي بن المديني رحمه الله، وغيرهما.
([227]) قلت: والخلاف مع ربيع في روايته عن نفسه في آثار الاعتقاد، لا في روايته للأحاديث النبوية، فالرجل قد زاد اختلاطه، وكثرت أخلاطه، وتضاعفت أغلاطه فتنبه.
قلت: وهذا مما هو معروف عند صغار طلبة علم الحديث، فضلا ممن يدعي الإمامة في الحديث!.
([228]) ويدل ذلك قول المقريزي رحمه الله في (مختصر الكامل) (ص87): (وقال الدارمي: بلغني أن ابن المديني كان(يحسن) القول فيه -يعني الخفاف-).اهـ.
([229]) حتى قال ربيع: (فالله أعلم أي النقلين أصح!). نعوذ بالله من ربع محدث.
قلت: فأين افتخاره بأنه حامل راية الجرح والتعديل!، وهو لا يعرف مبادئ الجرح والتعديل!!، إذن هو حامل راية التبديل والتضليل!!!، والجهل العليل!!!.
([230]) قلت: وسقطت كلمة (عثمان الدارمي) من النسخة المطبوعة من (السير) للذهبي (ج10 ص581) وذلك لنقل ابن عدي ذلك في (الكامل) (ج2 ص457) عن عثمان الدارمي ونقله لسؤال عثمان الدارمي لابن معين، فتنبه.
([231]) انظر: (بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم) لابن عبدالهادي (ص81)، و(تاريخ بغداد) للخطيب (ج7 ص122).
([232]) ومن هنا تعلم كذب ربيع بقوله في (كشفه البالي) (ص97): (وما نقل عن ابن المديني لا يثبت إسناده!).اهـ
([233]) وكذلك تعلم كذب ربيع بقوله في (كشفه البالي) (ص97): (وقد أجرينا على أسانيد من قال بهذه الزيادة (ينقص حتى لا يبقى منه شيء) الدراسة قبل سنين فلم يصح منها إلا قول سفيان بن عيينة، والإمام أحمد، والبربهاري!).اهـ
قلت: وهذا لون آخر مما هو متلبس به، ويتهم به غيره!، فهذا الرجل كان ينكر هذه الزيادة مطلقا؛ لأنه لم يعرف أن ذلك من معتقد السلف، ثم أظهرنا الآثار له في هذا المعتقد؛ فكانت المفاجأة أن تضاربت أقوال ربيع خلطا وخبطا، فكيف يقول وقد أجرينا دراسة على أسانيد هذه الآثار من سنين؟!!!، نعوذ بالله من الكذب!.
([234]) قلت: ومن عظيم أمر الله تعالى أنه فضح هذا المدخلي بما تكلم به لسانه، وجرى به بنانه، لما اعتنق من البدع الفكرية، بقلب طافح ببغض أهل السنة، ودفاعه عن أهل البدعة، حتى وصل به الأمر في شتم أهل السنة بأقذر الشتائم، ولو أردنا قلبها عليه للبسته لبوسا لا انفكاك له منها؛ إلا بالتوبة الصادقة، والرجوع عنها اللهم غفرا.
([235]) قلت: فلما رأيت هذه الكتابات الواهيات، والتحريرات النابيات، رأيت لزاما علي أن أرد على المدخلي الضال، وأن أخرج هذه الشبه التي يلقيها على المسلمين، حتى يكونوا على بينة من أمرهم، وعلى احتياط في دينهم.
([236]) قلت: ففيها ما تفرح به نفوس أهل السنة، وتتحرق نفوس أهل البدع أمثال هذا المرجئ وإخوانه المرجئة!!!.
([237]) وقد عاقب الله الكاذبين في دينه بما جعلهم به نكالا وعبرة؛ حفظا لوحيه ودينه.
قلت: ما ستر الله تعالى أحدا يكذب في الدين.
([238]) قلت: ولما عجز ربيع عن نقد الآثار السلفية عن الأئمة المرضية في اعتقادهم أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء لجأ إلى التحريف، والتلبيس، والتدليس في أسانيد الآثار ومتونها اللهم غفرا.
وفي هذا إظهار لتلاعب المدخلي بآثار السلف، ورميه إياها بالضعف، والشذوذ اللهم سلم سلم.
([239]) وانظر (إعلام الموقعين) لابن القيم (ج3 ص300) و(ج4 ص304)، و(فتح الباري) لابن حجر (ج2 ص248)، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة (ج1 ص259)، و(شرح صحيح مسلم) للنووي (ج15 ص137).
([240]) قلت: وربيع خالف هذا الإجماع، بل أنكره، كما في (كشفه البالي) (ص78)، وفي (بيانه البالي) (ص115)، وفي (شرحه البالي لمعتقد السلف وأصحاب الحديث) (ص 173و174).
([241]) قلت: وقول الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله نقله عنه الإمام الصابوني رحمه الله في (معتقد السلف)(ص271) على أنه معتقد السلف، المجمع عليه!!!.
([243]) قلت: وللعلم نحن تعلمنا اعتقاد السلف جملة وتفصيلا واتبعناهم -وقد كان المدخلي إخوانيا اسروريا عاملا!- وذلك على يد شيخنا العلامة السلفي الأثري الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فانتبه.
قلت: وقد كنت انتقد الرجال وأفكارهم المنحرفة قبل أن أعرف المدخلي هذا، وهو كان يتنقل من فكر إلى آخر في هذا الوقت، وقد ناقشته في ذلك في كتابي (تاريخ ربيع المدخلي) ولله الحمد والمنة.
([246]) كـ(ربيع) الذي عاب على السلفيين الذين وافقوا السلف في مسائل الإيمان، ويعيبهم بـ(الحدادية!) وغير ذلك.
([248]) قلت: فمن أخذ في مثل هذه المحجة أمن في دينه، وتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها... ومن أعرض عنها، وابتغى في غيرها مما يهواه، فقد سلك سبيل الضلالة، وسقط في مهاوي الهلكة.
وانظر: (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة) للالكائي (ج1 ص10)
([249]) فالمدخلي هذا يقلد ويرمي غيره به، ويحرف ويتهم مخالفه، وهو فوق هذا كله يفتخر ويتعالم في كتبه وأشرطته بما يوهم إخوانه المرجئة أنه فريد عصره، ووحيد دهره!.
قلت: ولو أردت في هذا الكتاب تعقب المدخلي بغروره وفخره في نفسه لتضاعف الكتاب، وخرجت عن المقصود، ولكن الإشارات السلفية التي أذكرها تكفي اللبيب، وتنبه المرجئ الغريب، لتعصبه العجيب!.
([250]) قلت: وخرق المدخلي الإجماع في مسائل الإيمان، وغيرها، فهو مأزور، وإلى الله ترجع الأمور، اللهم سلم سلم.
([252]) قلت: وهذا الكلام فيه قدح صريح بعدالة الإمام ابن عيينة رحمه الله، وإلا كيف يجزم المدخلي أنه قال ذلك بسبب الغضب؟!، وهل يليق بهذا الإمام أن يعتقد اعتقادا في حالة غضب؟!، وهل هذا خاف على المدخلي أم هو الهوى والزيغ عن الحق؟!.
([253]) قلت: وربيع هنا ينقل إجماع السلف على أن الإيمان قول وعمل، ويزيد وينقص، لكي يسقط زيادة: الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء، فتنبه.
فهو يذكر الإجماع لأمر خفي فانتبه له.
([254]) كما فعل ربيع فلما لم يجد أي دليل على اعتقاده في الإرجاء، ادعى إجماع السلف على كلامه، وأن أهل السنة خالفوا هذا الإجماع، حتى يروج باطله على أتباعه المرجئة، وهذا الإعتزاء إلى الإجماع لا ينفعه، لأن أهل السنة بينوا بأن إجماع السلف على خلاف معتقده الإرجائي اللهم غفرا.
([257]) والحق واضح، وإذا عرض الحق على ما هو عليه، وزالت معارضات الباطل، فإن أصحاب النفوس الزكية لا يؤثرون سواه.
([259]) انظروا إلى هذا التلاعب البين، والتناقض الجلي، وكأن هذا المدخلي يتلاعب بعقول قرائه، ويظنهم مستسلمين لكلامه، مسلمين برأيه ومرامه!.
فهذه التنبيهات وحدها كافية لنقض رسائله من أسها اللهم غفرا.
([262]) وربيع هذا كلما أراد أن يضعف أثرا طعن فيه بجهل في رواته مع أنهم ثقات، فهل يقال أن ربيعا حامل راية الجرح والتعديل، ومحدث زمانه؟!، بل حامل الكهل العليل، والجهل والتضليل!.
([264]) قلت: فهو من ثقات أصحاب الإمام أحمد رحمه الله، ومن المعتبرين.
ومن هنا يتبين لك بطلان قول المدخلي في (كشفه البالي) (ص90): (أن رواة مسائل الإمام أحمد المعتبرين لم ينقلوا هذا النص الذي يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه!).اهـ
([267]) كما ادعى المدخلي بقوله في (كشفه البالي) (ص90): (يعتبر غريبا على الإمام أحمد وأساليبه!).
قلت: بل يعتبر غريبا عليك أنت لجهلك بألفاظ الأئمة في الاعتقاد، نعوذ بالله من العناد.
([269]) وألفاظ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، إما صريحة في الحكم بما لا يحتمل غيره، أو ظاهرة فيه مع احتمال غيره، أو محتملة لشيئين فأكثر على السواء والله ولي التوفيق.
([270]) قلت: ألا يسعك اعتقاد الإمام أحمد في ذلك، فهو الذي سلك في اجتهاده طريقة الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، فمن تدبر مذهبه في الأصول والفروع وجده مترسما لخطاهم لا يتجاوز طريقتهم إلى غيرها، ولهذا كانت أصوله سليمة موافقة لما كانوا عليه.
وانظر (المسودة في أصول الفقه) لآل تيمية (ص336).
([272]) قلت: ألا يسعك ياربيع قول هؤلاء الأئمة لكي ترجع عن قولك هذا، وتترك المماطلة والمخاصمة في الدين.
([274]) انظر: (السنة) للخلال (ج7 ص107).
قلت: وكان الإمام أحمد رحمه الله يبدع من لم يأتي بزيادة (غير مخلوق)، فهو مبتدع، وكذلك زيادة (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، وقد فصلت ذلك جملة وتفصيلا في (ص150).
([275]) قلت: تأمل حفظك الله كيف أن آخر كلامه يهدم أوله، وأن أوله يناقض آخره، فهو يذكر أن ابن أبي يعلى ترجم له في (طبقات الحنابلة) (ج2 ص210) ثم يناقض هذا، ويقول: (هات لنا ترجمة القاسم!)
فأنت ترى كيف يتناقض هذا الرجل التناقض تلو الآخر، حتى إنه يقع فيما لا يخفى على صغار طلبة هذا العلم الشريف!.
([276]) قلت: فربيع لا يدري ما يخرج من رأسه!، وهذا عجب يدل على مدى معرفة المدخلي بعلم الجرح والتعديل، وهو يقر على نفسه: أنه حامل راية الجرح والتعديل!.
وللعلم أن الشيخ الألباني رحمه الله الذي قال هذه الكلمة لم يعلم بخوافيه هذه التي خرجت منه بعد وفاته رحمه الله، وإلا لبين جهله في علم الحديث كما بين جهل الذين من قبله، فافهم لهذا ترشد.
([279]) وفي موضع من (كشفه البالي) (ص66) ضعفه بـ(أبي قدامة الجبيلي) هذا، فمرة يضعفه بـ(أبي قدامة)، ومرة ضعفه بـ(فديك)!!!.
بل ضعفه أيضا بـ(عقبة بن علقمة) وهو صدوق، كما في (التقريب) لابن حجر (ص 684)، و(الكاشف) للذهبي (ج2 ص238)، ثم هو السائل فتنبه لتلبيس المدخلي.
أما لك عقل يامدخلي، أم هو الجهل الجلي!.
([280]) فكيف يتجرؤ المدخلي أن يكذب هذا الكذب الواضح الفاضح!.
قلت: وخوافيه العلمية الحديثية؛ فهي أكثر من أن تحصر، وقد بدأت بتجميعها في كتاب مستقل على نسق ما كتبه أهل السنة والجماعة في (الكوثري الضال) وغيره من أهل البدع، سائلا الله تعالى أن يوفقني في كشف حقيقة (المدخلي الضال) الذي لا زال عدد ممن ينتسبون إلى العلم مغرورين به اللهم سدد سدد.
([291]) وهو من أصحاب الإمام الأوزاعي رحمه الله، نقل الاعتقاد السلفي: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء).
([292]) فهل يقال بعد ذلك أن ربيعا حامل راية الجرح والتعديل؟!، أم حامل راية التبديل والتضليل، والجهل العليل!.
قلت: وللعلم أن علم الجرح والتعديل له رجاله، فتنبه.
([293]) قلت: ألا يدرك القارئ الكريم أن ربيعا على طريق أهل البدع؛ يأخذ ما يزعم أنه له، ويترك ما يدينه..
([296]) خاصة إذا كانت هذه الآثار السلفية بمعنى واحد في معتقد واحد، فلا مانع في العلم أن يستشهد بعضها ببعض في الدين، لاتفاق الأئمة عليه، وأضف إلى ذلك نقل أصحاب الحديث لهذا المعتقد في كتبهم بحجة أنه من معتقد السلف.
([297]) وانظر على سبيل المثال: (جلباب المرأة المسلمة) للشيخ الألباني رحمه الله (ص107 و108) رقم الأثر: (4 و5 و6).
([298]) وقد ضعف الإسناد المدخلي بـ(فديك بن سليمان!) مع أنه لا يوجد له أي ذكر في الإسناد! كما سبق، نعوذ بالله من ربع محدث!.
([301]) أخرجه الأصم في حديثه (ص153)، واللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1030)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41).
([302]) وهو ليس حكما على الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي يذكرها الثعلبي في تفسيره كما يزعم المدخلي في (كشفه البالي) (ص98).
([305]) قلت: كما يتبين لك أيضا أن بحوث المدخلي ليس فيها أي تدقيق، ولا تحقيق!.
بل نكص فيها على عقبيه؛ كحال أهل البدع في كل عصر، ومصر؛ يعدون ولا يوفون، ويتكلمون فلا يصدقون، ويكتبون ويحرفون، ويضللون ولا يتقون!!!.
([306]) قلت: فهل ترجع وتتوب ياربيع من الإرجاء، وإلا أنت دائما وأبدا تناقض قولك.
قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص94): (ومتى خالفت السلف في هذه المسألة وفي غيرها!، أثبت هذا بالنقول عني من كتبي وأشرطتي!؛ وناقشني بأقوال السلف وأدلتهم!).اهـ
([308]) قلت: كما فعل المدخلي، فإنه أحدث فتنة باطلة، سماها نصيحة للشيخ فالح الحربي حفظه الله، وهي فضيحة، وأراد إلزام العلماء وطلبتهم بها، وإكراههم عليها بفكره الإرهابي!، عن طريق الاتصالات بنفسه، أو عن طريق اتباعه المتعصبة الذين يرسلهم إلى البلدان، وبواسطة مقالاته في شبكة سحاب الحزبية، بل ويوالي عليها، ويعادي، فأهلك وهلك!!!.
([309]) وانظر: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) لابن تيمية (ص11)، و(إعلام الموقعين) لابن القيم (ج1 ص46)، و(المجموع) للنووي (ج1 ص65).
([311]) قلت: وهو الاجتهاد المحرم، والاجتهاد غير المعتد به: وهو الاجتهاد الصادر عن فرد، أو جماعة لا توجد فيهم أهلية الاجتهاد، ويصدق هذا على الاجتهاد الصادر عن الجماعات الإسلامية الحزبية، أو مثقف ثقافة عامة في أمر شرعي، وإنما كان هذا الاجتهاد غير معتبر، لعدم توفر أدوات الاجتهاد في هؤلاء، ولغلبة الظن ملازمة الأخطاء لاجتهادهم.
وانظر: (الاجتهاد) للشيخ صالح الفوزان (ص25 و26)، و(معجم مصطلحات أصول الفقه) لسانو (ص32)، و(المستصفى) للغزالي (ج2 ص350)، و(الاجتهاد الجماعي) لشعبان (ص15)، و(الاجتهاد وفهم النص) لسوسوه (ص44).
([312]) قلت: وهذا الذي وقع فيه المدخلي المتعالم، وقد تبين لي من كتاباته هذه أنه من المثقفين المتعالمين، ليس من أهل العلم المعتبرين في الدين، وذلك بسبب اعتماده على العلم الجامعي!، مما جعله يعتمد على الكتب لا على الشيوخ، فارتكز بسبب ذلك في كثير من المخالفات الشرعية التي تقدح فيه وفي علمه، والله المستعان.
قلت: ولذلك انتقدته في كتابي الكبير (الانتصار في المسائل الكبار)، وقد بينت مخالفاته الشرعية عن طريق الحديث، والتوحيد، والعقيدة، والمنهج، وأصول الفقه، واللغة، والفقه، والتفسير، اللهم سدد سدد.
([313]) قلت: ويكون المجتهد معذورا ومثابا على اجتهاده الخاطئ، إذا اجتهد في الأحكام التي هي محل للاجتهاد، وكان ممن تتوفر فيه مؤهلات الاجتهاد.
قلت: والأحكام الأصولية ليست هي محل للاجتهاد فتنبه.
وانظر: (الاجتهاد) للشيخ الفوزان (ص26).
([315]) الحديث: أخرجه الدارمي في (سننه) باب: الفتيا وما فيه من الشدة (ج1 ص57) من حديث عبيدالله بن أبي جعفر مرسلا.
([317]) قلت: ولا ريب أن الأخذ من الصحف يقع فيه خلل، ولا سيما في هذا العصر، حيث كثر الجهال في الدين، لذلك لا يقبل الدين من صحيفة، ولا يروى عن صحفي. فانتبه.
وانظر: (الفقيه والمتفقه) للخطيب البغدادي (ج2 ص194)، و(طبقات فحول الشعراء) للجمحي (ج1 ص4).
([318]) والصحفي: هو من يأخذ العلم من بطون الكتب لا عن شيخ متمكن، فمعناه: يأخذ العلم من الصحيفة دون المشايخ والله المستعان.
وانظر (المعجم الوسيط) (ص508)، و(مصباح المنير) للفيومي (ص174).
([322]) فربيع لم يسمع نصائح العلماء له في ألفاظه هذه البذيئة، فهو سيء الخلق، بل في ألفاظه هذه تعدى إلى الله تعالى، ورسولهe، والرسل عليهم السلام ، وجبريل، والصحابة، والعلماء، وطلبة العلم اللهم غفرا.
أخرجه ابن شاهين في (شرح مذاهب أهل السنة) (ص27)، بإسناد حسن.
قلت: وأبوحمزة الأعور، هو ميمون القصاب، وهو راوي الأثر مباشرة، فلا يضر هنا ضعفه، فتنبه.
([328]) والمرجئة يسبون أهل الحديث حتى على مسائل فقهية!!!، كما في (شبكة سحاب المرجئية) نعوذ بالله من الخذلان.
أخرجه ابن شاهين في (شرح مذاهب أهل السنة) (ص27)، بإسناد حسن.
قلت: وأبو حمزة الأعور، هو ميمون القصاب، وهو راوي الأثر مباشرة، فلا يضر هنا ضعفه، فتنبه.
([331]) قلت: وهذا الأمر يعرفه صغار طلبة العلم، فإن العلماء في شروحهم لكتب العلماء يذكرون ألفاظا إن ذكرت في أصل الكتاب المشروح، وإن لم تذكر لا يذكرونها، فمرة يذكرونها، ومرة لا يذكرونها بحسب ما يذكر في أثناء الكتاب المشروح.
([333]) قلت: ولقد عرف ربيع الآن لماذا انتقده، لأنني لا انتقد إلا من استفحل شره، واشتد خطره، أما من له سقطة؛ أو بعض السقطات من البدع وغيرها، ولا يشكل خطرا على الأمة الإسلامية، فلا أتشاغل بالرد عليه، وكم على وجه الأرض من أهل البدع لم أتعرض لهم، وإذا كان يعيب انتقادي له في أصوله البدعية، فليوجه لومه لعلماء السنة أمثال: (الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ محمد السبيل) وغيرهم الذين أوجبوا التحذير من الإرجاء وغيره مما وقع فيه، والله المستعان.
([334]) وانظر: (السنة) للخلال (ج3 ص580)، و(الاعتقاد) للالكائي (ج2 ص818)، و(الإبانة الكبرى) لابن بطة (ج3 ص813)، و(المسائل) للكرماني (ص374)، و(الشريعة) للآجري (ج2 ص1641)، و(الإيمان) لابن أبي شيبة (ص146)، و(المسائل) للكوسج (ج9 ص4847)، و(الرسالة الوافية) للداني (ص81)، و(شرح السنة) للبربهاري (ص67)، و(عقيدة السلف) للصابوني (264).
([336]) قلت: ويقتضي ذلك أن هذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأنه لا يرى زوال الإيمان جميعه، أو بالكلية على مذهب المدخلي!.
وانظر: (كشفه البالي) (ص230).
([339]) وربيع هذا نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في (كشفه البالي) (ص325) ولم يفهمه كعادته في نقل نصوص الأئمة بدون فهم لكلامهم، والله المستعان.
([343]) فالخوارج ذهبوا إلى كفر مرتكب الكبيرة، وخلوده في النار، وأنه يعذب فيها عذاب الكفار.
وانظر: (مقالات الإسلاميين) للأشعري (ج1 ص168)، و(الملل والنحل) للشهرستاني (ج1 ص107).
([344]) قلت: ولم يكن مراد شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر مسألة تارك الأعمال بالكلية، لكي يقال: ولم يقل بذهاب الإيمان كله؟!.
([346]) قلت: فهذا فهم ربيع السقيم للموضع الذي اعتمد عليه، وظن أنه له، مستدلا على ما ذهب إليه من القول الباطل.
([348]) قلت: وهل في كلامهم أنه لو اكتفى بالأصل ممتنعا عن العمل بالكلية أنه لا يذهب إيمانه جميعه... هذا ما لا ذكر له في كلامهم، ومن ادعاه عليهم فهو محض افتراء، والله المستعان.
([349]) مثل العبارة التي ذكرها المدخلي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولا يزول جميعه)، فإنه مراده بذكر هذه العبارة في رده على الخوارج الذين لا يرون تبعيض الإيمان، والله المستعان.
([350]) وقوله: (ولا حكم للنادر) يريد بذلك إبطال معتقد السلف أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء، فانتبه.
قلت: ومحل التفصيل في تلبيس المدخلي وإخوانه في كتابي (الانتصار في مسائل الكبار) والله ولي التوفيق.
([351]) بل ادعى المدخلي في (كشفه البالي) (ص227، و230) أيضا أن أئمة الدعوة لم يقولوا في الإيمان ينقص حتى لايبقى منه شيء!.
([355]) انظر: (التوضيح عن توحيد الخلاق) لأئمة الدعوة وهم: الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب، والشيخ محمد بن علي بن غريب، والشيخ حمد بن معمر، فهؤلاء ثلاثة من أئمة الدعوة اشتركوا فيه، وهم يقولون: بـ(زوال الإيمان بالكلية)، فهل يقال بعد ذلك أنهم لم يقولوا: بزوال الإيمان بالكلية!.
([357]) قلت: وهؤلاء أئمة نجد يقولون: بـ(أن الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء) فماذا يقول ربيع؟!. هل يتوب ويرجع عن الإرجاء المهلك؟!، وإلا يستمر فيه ويهلك!.
([358]) قلت: لذلك فإن ربيعا عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة.
([362]) وانظر: (التوضيح عن توحيد الخلاق) للشيخ سليمان بن عبدالله (ص105)، و(أعلام الحديث) للخطابي (ج1 ص160)، و(جامع العلوم والحكم) لابن رجب (ص27).
([364])قلت: لأن الحرص على المال بهذه الدرجة ينقص الإيمان لفعل المعاصي، وهذه المعاصي لا تزيل الإيمان جميعه، كما بين ذلك أهل السنة والجماعة.
وانظر: (العقيدة الأصفهانية) لابن تيمية (ص181)
([366]) (شريط مسجل) بصوت الشيخ محمد أمان الجامي رحمه الله بعنوان: (أفعال العباد).
وانظر: (العقيدة الأصفهانية) لابن تيمية (ص181)
([367]) وانظر: (التوضيح عن توحيد الخلاق) للشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (ص105).
([368]) اضمحل: ذهب وانحل وفني.
وانظر: ( القاموس المحيط) للفيروزآبادي (ج 3 ص 124)، و(مختار الصحاح) للرازي (ج 1 ص 179)، و(المصباح المنير) للفيومي (ج 5 ص 317).
([370]) قلت: والعلماء يعبرون في ذلك بعبارات متنوعة، وألفاظ مختلفة... مع سلامة كلامهم من الاضطراب والتناقض، فانتبه.
قلت: والمدخلي لخبثه في إرجائه يريد أن يلصق به السلف والعلماء، ليشوش على أهل السنة، ويظهر مذهبه الباطل هو الصحيح!، ولذلك تراه يعبر بعبارة خبيثة للتشويش والتحريش والتهويش فيقول المدخلي مثلا إذا قلت عن قوله هذا إرجاء، أو وافق المرجئة، أو هو مرجئ، يقول: الصحابة والسلف على هذا مرجئة!، أو ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن باز وابن عثيمين وأئمة الدعوة هؤلاء كلهم مرجئة!.
فيلزم المدخلي الناس بذلك، والله المستعان.
وانظر (كشفه البالي) (ص59 و62 و162 و230).
([373]) قلت: إذا عرفت هذا، عرفت لماذا المدخلي شنع على زيادة: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، والله المستعان.
وهذا القول فاسد شرعا وعقلا.
([374]) انتبه هذه مراوغة مكشوفة، ومماطلة مفضوحة، تدل على أن ربيعا يهذي أمام فارغين من أتباعه بسطاء في العلم.
([375]) قلت: ومنهج السلف هنا التفصيل كما ذكرنا، حتى يصلون إلى أن الإيمان لا يبقى منه شيء، وهذا يدل على فقه السلف.
([377]) ونفور المدخلي من النقصان واضح وضوح الشمس في الظهيرة، وهذا يعرفك لماذا المدخلي شن الحرب على نقص الإيمان بالكلية.
([378]) ولا يفهم من كلامي هذا أني أقول إن المرجئة الخامسة قد وافقوا المرجئة الخالصة الأوائل في جميع مسائل الإيمان، وإنما أقول إن القوم بينهم، وبين المرجئة الأوائل توافق أدى إلى اتحاد الأدلة المشتبهة، والقول في حكم تارك جنس العمل الذي ظاهره قول السلف، وباطنه قول الخلف!!!، وغير ذلك من مسائل الإيمان.
أخرجه الفريابي في (صفة المنافق) (93) ومن طريقه الذهبي في (السير) (ج11 ص162) بإسناد حسن.
([383]) كـ(المدخلي) الذي لا يميز بين مذهب السلف، وبين مذهب المرجئة في مسائل الإيمان، لاختلاط هذا بهذا عليه، وهو يدعي أنه معظم للسلف، وأهل الحديث، والله المستعان.
([384]) قلت: فلا يبرؤ المدخلي من الإرجاء بذلك، لأنه وافق السلف في المقولة لفظا، وخالفهم في حقيقة المذهب معنى، فلم تتحقق فيه شروط البراءة من الإرجاء، فافطن لهذا.
([385]) ويقال أيضا لهذا المرجئ: أما الحجج التي تذكرها على إرجائك، فما نراك تحتج في جميع ما تدعي إلا بكل أعرج مكسور، بالإرجاء مشهور، وفي أهل السنة مغمور.
وأما حججك من المعقول التي تدعيها من كلامك فقد أنبأناك أنها عند العلماء غير مقبولة، وعند العرب مجهولة.
فانظر أيها الجاهل أن توردك هذه الحجج من المهالك، وماذا تجر إليه من الجهل والضلال، فتشهد عليك بأقبح المحال، والله المستعان.
فويلك أيها الحيران.
([388]) والحاصل أن المدخلي المخالف لم يسق حجة صحيحة على ما ادعاه، وإنما اعتقد ثم تكلف في فهم كلام السلف، وتأويله، ثم تضعيفه اللهم غفرا.
([389]) قلت: وربيع هذا راج عليه الباطل بسبب فساد فطرته في الاعتقاد، وعدم علمه ومعرفته بنصوص الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، والميل إلى اتباع الآراء المختلفة.
وانظر: (ستة أصول عظيمة) للشيخ محمد بن عبدالوهاب (ص26)، و(درء تعارض العقل والنقل) لابن تيمية (ج8 ص463)، و (إتحاف الخيرة المهرة) لزوجتي الفاضلة أم عبدالرحمن الجودر (ص36).
([391])قلت: فأين فطرتك ياربيع السليمة؟!، التي توجب ترجيح الحق على الباطل في الأصول، فهي تطبعت على ترجيح الباطل على الحق والعياذ بالله.
وانظر: (مختصر الصواعق) (ج2 ص566)، و (درء تعارض العقل والنقل) لابن تيمية (ج8 ص463).
([393]) انظر: (تيسير الكريم الرحمن) للشيخ السعدي (ص379)، و (إتحاف الخيرة المهرة) لزوجتي الفاضلة أم عبدالرحمن الجودر (ص36و37).
قلت: ولو كانت فطرة المدخلي سليمة لأقبل على الحق، وترك الباطل، وذلك لأن القلب السليم يحب الحق، ويريده، ويطلبه، اللهم غفرا.
وانظر: (الشرح الممتع) لشيخنا الشيخ ابن عثيمين (ج6 ص193).
([394]) قلت: والواجب على المدخلي أن يلزم الفطرة السليمة في الاعتقاد، ويحذر الأسباب التي تصده عن الحق، وتصرفه عنه، وعليه بعلماء الحرمين ليلزم الحق وأهله، ويجتنب الباطل وأهله.
والله تعالى بحكمته يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، مع قيام الحجة على الخلق، وإرسال الرسل، وظهور الحق.
وانظر: (توضيح الكافية الشافية) للشيخ السعدي (ص79).
([395]) انظر: (الصوارف عن الحق) للدكتور حمد العثمان (ص5).
قلت: والله تعالى بحكمته يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، مع قيام الحجة على الخلائق، وإرسال الرسل، وظهور الحق.
([396]) وانظر: (جامع العلوم والحكم) لابن رجب (ص72)، و (شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العز (ج2 ص787)، و(توضيح الكافية الشافية) للشيخ السعدي (ص79).
([399])قلت: والمدخلي هذا لو طلب الحق بصدق لعرفه، وهذا الحق واضح سهل لمن يطلبه بحسن قصد، وهو ظاهر غاية الظهور، لكنه أعرض عنه، وصد عنه والعياذ بالله.
قلت: وهذا بسبب ميله إلى أقواله الباطلة، وهي صد عن الحق، ومن أسباب لزوم الحق هو معرفة ما يصد عنه، والله المستعان.
وانظر: (شرح العقيدة الطحاوية) لابن أبي العز (ج2 ص787).
([400]) أخرجه البخاري في (صحيحه) (ج1 ص28)، ومسلم في (صحيحه) (ج3 ص1219).
قلت: والاشتباه هذا إنما هو بالنسبة لمن لم يعرفها، وليست مشتبه في نفس الأمر، فانتبه.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في (جامع العلوم والحكم) (ص72): (وإنما هي مشتبه على من لم يعلمها، وليست مشتبه في نفس الأمر).اهـ
([402]) قلت: فمن فرط في رفع الجهل عن نفسه، فمثل هذا لا يقبل اعتذاره بالجهل، فتنبه.
وقد وقع في شبهة إبليسية شيطانية في عدم النظر، والتحري للحق والعلم، لاشتباه الحق عليه وغموضه، والله المستعان.
([403]) قلت: والمصيبة العظمى مع تبين ضعف ربيع في العلم كما في كتبه، وأشرطته، رضا عن نفسه بذلك، واقتناعه بعلمه واغتراره به، فتراه لايبحث في العلم، ولا يحقق، ولا يدقق، ولا ينظر إلى كلام أهل العلم ليصل إلى الحق الذي بينوه له في الأصول، ولم يباحث علماء الحرمين ليبينوا له خطأه اللهم غفرا.
وانظر: (صيد الخاطر) لابن الجوزي (ص374).
([404]) قلت: وغموض الحق على المدخلي جعله أن لا يدركه، وزاد ذلك رسوخه في اعتقاد الإرجاء، واستفحاله فيه وذلك لتفريطه في طلبه، وترك النظر، والتدقيق في البحث، حتى في كتبه لاترى تحقيقا لا في أقوال العلماء، ولا في تخريج الأحاديث، ولا الآثار، ولا في ذكر المراجع التفصيلية، ولا في ترتيب المادة العلمية، بل الضعف في كتبه أوضح من الشمس في الظهيرة اللهم سلم سلم.
وانظر: (الاعتصام) للشاطبي (ج2 ص344)، و(درء تعارض العقل والنقل) لابن تيمية (ج1 ص54).
([406]) قلت: فأخذ القول على علاته، وفرط فيما يجب عليه من بذل الوسع في تبين الصواب، وهذا يقع غالبا من خامد الذهن، اللهم سلم سلم.
وانظر: (قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر) للشيخ صديق حسن خان (ص175).
أخرجه إسحاق بن منصور في المسائل (ج2 ص589) ومن طريقه الخلال في السنة (ج3 ص582) قال: قال إسحاق بن راهويه فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه الحميدي في أصول السنة (ص41) والصابوني في الاعتقاد (ص270) واللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1032) والعدني في الإيمان (ص94) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص854) والآجري في الشريعة (ج2 ص607) من طريقين عن سفيان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه الخلال في السنة (ج3 ص583) من طريق أبي بكر المروذي أن أبا عبدالله قيل له فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
ذكره ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (ج2 ص210)، وابن مفلح في المقصد الأرشد (ج2 ص325)، والعليمي في المنهج الأحمد (ج2 ص154) في ترجمة القاسم بن عبدالله البغدادي فيما نقله عن الإمام أحمد.
أخرجه حرب الكرماني في المسائل (ص370) قال: سمعت بشار بن موسى به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أخرجه الأصم في حديثه (ص153) ومن طريقه اللالكائي في الاعتقاد (ج5 ص1030) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) من طريق العباس بن الوليد البيروتي حدثنا أبو قدامة الجبيلي قال: سمعت عقبة بن علقمة يقول: سألت الأوزاعي فذكره.
قلت: وهذا سنده فيه أبو قدامة الجبيلي تمام بن كثير، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (ج11 ص41) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وله ذكر في (تهذيب الكمال) للمزي (ج2 ص212)، فهو لا بأس به في المتابعات، لأن اعتقاد السلف يتبع بعضه بعضا كما ذكرنا، فافهم لهذا ترشد.
قلت: ويشهد له ما قبله من الآثار السلفية.
([414]) أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج11 ص42)، و الأصم في ((حديثه)) (ص153)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص1030).
ذكره الثعلبي في ((تفسيره)) (ج3 ص213) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت على بن عبدالله المديني فذكره.
([420]) ومع هذا فإنك ترى المدخلي المخالف معرضا عن صريح كلامه، متعلقا ببعض العبارات التي يمكن أن يقال: إنها مجملة.
([423]) قلت: لذلك فإن ربيعا عهد إلى أسلوب خطير قد يروج على ضعاف الإيمان والعلم، وعلى من لم يتمكنوا من فهم عقيدة السلف المستمدة من الكتاب والسنة.
([424]) قلت: والعلماء يعبرون في ذلك بعبارات متنوعة، وألفاظ مختلفة... مع سلامة كلامهم من الاضطراب والتناقض، فانتبه.
([426]) اضمحل: ذهب وانحل وفني.
وانظر: ( القاموس المحيط) للفيروزآبادي (ج 3 ص 124)، و(مختار الصحاح) للرازي (ج 1 ص 179)، و(المصباح المنير) للفيومي (ص 317).
([428]) وقلنا للمدخلي لو تجمع أقوال العالم لتبين لك اعتقاده في مسائل الإيمان جملة وتفصيلا، لكنه أبى إلا الاستمرار في ذكر مجمل قول العالم!، من دون التفصيل في اعتقاده، نعوذ بالله من العناد.
([430]) يعني في أمر القرآن، وهو كلام الله غير مخلوق منه بدأ، وإليه يعود، أي أن الله تكلم به ابتداء، وهو الذي أنزله من لدنه، وتعود صفة الكلام بالقرآن إلى الله تعالى، لأنه هو المتكلم به.
وانظر: (السنة) للخلال (1859)، و(مجموعة الرسائل والمسائل) لابن تيمية (ج1 ص419).
أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص24)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص32)، بإسناد حسن.
وذكره ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص76).
([433]) قلت: أيضا كنا نأمر بالسكوت، ونترك الخوض في الكلام في الإيمان والإرجاء، فلما دعينا إلى أمر كان بدا لنا من أن ندفع ذاك، ونبين من أمره ما ينبغي، فمن قال: العمل شرط كمال، أو قال: الإيمان ينقص إلى أدنى ذرة ويسكت، أو لايقول: بذهاب الإيمان بالكلية، ونحو ذلك، فهذا الكلام كلام سوء، زدنا لفظ: (الإيمان ينقص حتى لا يبقى منه شيء)، ولقد بينت من هذا الأمر ما قد كان تلبس على الناس، والله ولي التوفيق.
أخرجه عبدالله بن أحمد في (السنة) (ص24)، والخلال في (السنة) (ج6 ص91)، والبيهقي في (الأسماء والصفات) (ص248)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص62)، والدارمي في (الرد على الجهمية) (ص164) بإسناد صحيح.
أخرجه الخلال في (السنة)(ج7 ص39)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص13)، والدارمي في (الرد على الجهمية) (ص164) بإسناد صحيح.
أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص90)، وأبودود في (المسائل) (ص265)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص9) بإسناد حسن.
أخرجه عبدالله بن أحمد في (السنة)(ج1 ص275)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى)(ج2 ص15)، والخلال في (السنة)(ج7 ص28) بإسناد صحيح.
أخرجه الدارمي في (الرد على الجهمية) (ص165)، وفي (الرد على بشر المريسي) (ص117)، وعبدالله بن أحمد في (السنة) (ج1 ص274)، والخلال في (السنة) (ج7 ص27) بإسناد صحيح.
أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص29)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص69) بإسناد صحيح.
([445]) الواقفة: هم الذين لا يقولون : القرآن مخلوق، ولا غير مخلوق.
قال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على الجهمية) (ص102): (ثم إن ناسا -يعني الواقفة- ممن كتبوا العلم، وادعوا معرفته، وقفوا في القرآن؛ فقالوا: لا نقول مخلوق هو، ولا غير مخلوق).اهـ
قلت: وقد كفرهم جماعة من السلف، ونسبهم إلى الجهمية، وهم شر من الجهمية، وممن كفرهم الإمام أحمد رحمه الله، والإمام ابن راهويه رحمه الله، وغيرهما.
وانظر: (مسائل الإمام أحمد) لأبي داود (ص270)، و(السنة) لعبدالله بن أحمد (ج1 ص179)، و(الفتاوى) لابن تيمية (ج12 ص420).
([446]) التمويه: هو التلبيس، ومنه قيل للمخادع مموه، وقد موه فلان باطله إذا زينه وأراه في صورة الحق.
انظر: (لسان العرب) لابن منظور (ج3 ص551).
أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص140)، والآجري في (الشريعة) (ص88) بإسناد صحيح.
أخرجه أبو داود في (المسائل) (ص270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص140)، والآجري في (الشريعة) (ص88) بإسناد صحيح.
أخرجه أبو داود في (المسائل) (270)، والخلال في (السنة) (ج5 ص140)، والآجري في (الشريعة) (ص88) بإسناد صحيح.
([463]) ولم يقل أحد من الأئمة أن الصحابة والتابعين لم يقولوا (غير مخلوق)، ولم يزيدوا على القول أن (القرآن كلام الله)، بل جعلوا هذه الزيادة (غير مخلوق) من الواجب في الاعتقاد، لأن استعمال هذا الأسلوب لإفحام الخصم وهو واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والله ولي التوفيق.
وانظر: (شرح القواعد المثلى) للشيخ محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله عند قول المؤلف (ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاث أوجه).
أخرجه الدارمي في (الرد على الجهمية) (ص163)، والبيهقي في (السنن الكبرى) (ج10 ص205)، وفي (الأسماء والصفات) (ص245)، وفي (الاعتقاد) (ص105)، واللالكائي في (الاعتقاد) (ج1 ص212)، والبخاري في (خلق أفعال العباد) (117)، والخلال في (السنة) (ج6 ص26)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص7) بإسناد صحيح.
أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص23)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص36) بإسناد صحيح.
وذكره ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص63).
أخرجه الخلال في (السنة) (ج6 ص26)، وابن بطة في (الإبانة الكبرى) (ج2 ص36) بإسناد حسن.
وذكره ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى) (ج5 ص64).
([467]) قلت: وهذه الزيادات السلفية التي يذكرها الأئمة في الاعتقاد سواء في الإيمان، أو القرآن، أو الصفات وغير ذلك، تدل على فقه الأئمة في دين الله، وهي تكشف لك الصادق من الكاذب في حبه لمنهج السلف، بل تكشف المبتدع المتستر في المواقف التي تدور بين أهل السنة، وبين أهل البدعة الظاهرين، فافهم لهذا.
قال الإمام الدارمي رحمه الله في (الرد على بشر المريسي) (ج2 ص534) عن الواقفة: (فاستتروا بالوقف من محض التجهم).اهـ
([468]) فعن عيسى بن يونس رحمه الله قال: (لا تجالسوا الجهمية، وبينوا للناس أمرهم، كي يعرفوهم فيحذروهم).
أخرجه الدارمي في (الرد على بشر المريسي) (ج1 ص537) بإسناد صحيح.
([469]) قلت: فكيف يسكت أهل السنة عن الإنكار على المرجئة الخامسة العصرية، وقد روجوا الإرجاء بين الناس عن طريق (شبكة سحاب)، فيروج على الناس ضلالهم.
بل ولم يكتفوا بذلك حتى نصبوا ربيعا إماما لهم يقتدى به في الإرجاء، ولكي يلبس على الجهلة منهم فلا يكشفوهم اللهم غفرا.
([472]) قلت: وهذا قبل أن يعلنوا كلامهم في الإرجاء، فلما أعلنوه أنكروا عليهم، وعابوهم في ذلك.
أو طمعتم معشر المرجئة أن تنصبوا الإرجاء للناس إماما تدعونهم إليه، ويسكت أهل السنة عن الإنكار عليكم، حتى يروج على الناس ضلالكم بما حكيتم عن الأئمة زورا وبهتانا بدعواكم، حتى تضمحل السلفية، وتستفيض المرجئية في العامة، لقد أسأتم بأهل السنة الظن، ونسبتموهم إلى عدم الفهم، فهلكتم.
([474]) قلت: ولم يلزم سلفنا الصالح الصمت إزاء هذه البدع العقائدية المنكرة، بل أنكروها، وبذلوا كل السبل لوقف سيلها،ولله الحمد والمنة.
([476]) وهؤلاء المعطلة إنما أتوا من حيث ظنوا: أن طريقة السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه لذلك، والله المستعان.
وانظر: (الفتاوى) لابن تيمية (ج5 ص6-12).
([478]) قلت: فكذلك لا يكتفى بالقول في الإيمان: هو قول وعمل، يزيد وينقص فقط، بل لا بد من ذكر الزيادة: (حتى لا يبقى منه شيء)، لاحتمال قوله بالنقصان دون زوال الإيمان بالكلية، كما فعل ربيع المدخلي وغيره من المرجئة، فافطن لهذا.
لذلك المرجئة تنفر من النقصان أعظم من نفورها من الزيادة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة).اهـ
([479]) قلت: وهذه القاعدة الفاسدة، يسميها المدخلي الآن: (التنازل عن الأصول لأجل المصلحة) اللهم غفرا.
ولذلك أتباعه الآن يطبقون هذه القاعدة، وقد تنازلوا في الدين، وانخرطوا مع الحزبية من التراثية والسرورية وغيرهم، يتعاونون معهم في الدروس، والخطب، والإمامة في المساجد، ويشاركونهم في حملات الحج والعمرة، والوظائف في جمعياتهم الحزبية لكسب المال، خاصة اليمنية المبتدعة منهم، رغم أنهم في القديم لم يشاركوا الحزبية في شيء اللهم سلم سلم.
قلت: بل الآن يلصقون إعلانات محاضرات أهل البدع في مساجدهم، ومن قبل كانوا يخلعونها، ويمزقونها نعوذ بالله من الخذلان.
[480]) قلت: وقد اضطرب وتناقض المدخلي في مسائل الإيمان عندما رأى الردود عليه من علماء السنة، وأدرك خطأه يقينا، فمرة ينفي، ومرة يثبت، ومرة بين النفي، وبين الإثبات، نعوذ بالله من الخيانات والتلبيسات والتحريفات.
[481]) قلت:انظر أخي ماذا ارتكب هذا الرجل من شنائع في كلامه هذا من التدليس، والتلبيس، والمراوغة.
فكلامه هذا لايفيده شيئا، إلا الخذلان، والله المستعان.
قلت: ومن تلبيس هذا الرجل إدخال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في إنكاره واستعماله لفظ (جنس العمل)، ومعروف ومشهور عنه رحمه الله عدم إنكاره واستعماله لفظ (جنس العمل)، وقد تلفظ به رحمه الله كما سوف يأتي.
قلت: وشيخنا رحمه الله أنكر على من يستعمل الألفاظ هذه مطلقا بدون ضوابط شرعية، وبدون فهم العلماء لها، فيسفك الدماء ويستحل الأموال، وتكفير المسلمين، أما إذا استعمل هذه الألفاظ بالضوابط الشرعية فلا بأس، وقد قال بها العلماء، إذا فتشبث المدخلي بقول شيخنا رحمه الله عليه لا له، اللهم سدد سدد.
[482]) وربيع ينكر أنه قال بذلك والله المستعان.
[483]) وربيع ينكر أنه قال ذلك، نعوذ بالله من الاستكبار والعناد.
وانظر ((شرح عقيدة السلف)) لربيع (ص67).
[484]) رغم أن الشيخ ابن باز رحمه الله فسر كلامه في أقوال أخرى، وأنكر أن يكون العمل شرط صحة في الإيمان، أو شرط كمال، ويقول فيه: (إن العمل جزء من الإيمان).
وقد نقله المدخلي ولم يلتزم به، ولم يرجع عن قوله، فأبى إلا المراوغة والتدليس، والكر والفر كعادته والله المستعان.
وانظر ((أقوال ذوي العرفان)) للسناني (ص144 و145).
[485]) وقد رددت عليه في كتابي: (القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة) (ص131) باب: ذكر الدليل على تفنيد دعاوى ربيع المدخلي في تشنيعه على أهل السنة والجماعة في ذكرهم جنس العمل، ولتكفيرهم بتركه.
وانظر أيضا كتابي: (رسوخ الجبل في ثبوت كلمة جنس العمل).
[486]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص81)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[487]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص82)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[488]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص84)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[489]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص89)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[490]) وهنا أنكر الشيخ المفتي حفظه الله على ربيع المدخلي لموافقته لمذهب المرجئة.
[491]) ((شريط مسجل)) بصوت ربيع، في (شبكة الأثري)، و(بيان حال ربيع) (ص8 – مذكرة)، وغير ذلك من مراجعه التي سبقت.
[492]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص93)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[493]) بل ويطعن في العلماء الذين يقولون بـ (جنس العمل) ويحاربهم، ويقول عنهم (أهل نعرة وفتنة).
[494]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص97)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[495]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص110)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[496]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص111)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[497]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص112)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[498]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص112)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[499]) وانظر: كتابي (القناعة في تبيين شذوذ زيادة "لم يعملوا خيرا قط" في حديث الشفاعة).
[500]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص114)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[501]) مما يتبين كذب ربيع أنه لم يخطئ في مسائل الإيمان: قال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص71): (لم أخطئ في مسائل الإيمان، وإن الذين أشار إليهم من أهل التوحيد والسنة لم يبينوا لي خطأ !!!).اهـ
[502]) وانظر: (المجموع الفاضح) مقالات في جنس العمل لربيع (ص402 و441 و443).
[503]) وانظر: (المجموع الفاضح) لربيع (ص402 و426 و443).
[504]) وانظر: (المجموع الفاضح) لربيع (ص402 و426 و443).
[505]) وانظر: (المجموع الفاضح) لربيع (ص426 و443).
[506]) وانظر: (المجموع الفاضح) لربيع (ص18).
[507]) وانظر: (المجموع الفاضح) لربيع (ص426).
[508]) قلت: وهؤلاء المميعة الحزبية يظهرون لك الود، والصفاء بلسانهم، ويضمرون لك العداوة والبغضاء، فأصمهم الله تعالى، وأعمى قلوبهم: (إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين) [الأنبياء: 106].
قلت: فمن عرف حقيقة المميعة المرجئة استراح، ولا طاح.
وإذا أراد الله تعالى لعبد خيرا وفق له رجلا صالحا سلفيا على الجادة.
[509]) قلت: وهذا المرجئ المبتدع أضاف إلى أهل السنة وأهل الحديث المحالات في اعتقادهم، ووضع أشياء مختلفة من الضلالات قد أعاذنا الله تعالى منها.
[510]) فهؤلاء اتبعوا أهواءهم في دين الله تعالى بمؤازرة إبليس لمحاربة أهل السنة والأثر بعلم منهم لكن هيهات هيهات.
[511]) حديث حسن.
أخرجه أحمد في (المسند) (ج1 ص435)، والطبري في (تفسيره) (ج8 ص88)، والحاكم في (المستدرك) (ج2 ص318) بإسناد حسن.
[512]) يسمي علماء السنة أهل جنس العمل!!!، وهو وجماعته أحق بهذا الوصف فتنبه.
[513]) أهل السنة أدخلوه - أي العمل- في الإيمان لأنه جزء منه.
[514]) ما أهلكت بعض أهل السنة إلا أنت وضللتهم، فتحمل وزرهم يوم القيامة.
[515]) سلفهم إجماع السلف الصالح، أن الأعمال جزء من الإيمان، وقد بينا ذلك في كتابنا (القاصمة الخافضة) ولله الحمد والمنة، وأنت من سلفك في هذا الإرجاء!.
[516]) بل هذه سنة، بل أنت من سبقك إلى هذه الفتنة، فتنة الإرجاء!.
[517]) وهذا يبين أن ربيعا لا يدخل الأعمال في تعريف الإيمان، ولم يجعلها ركنا في الإيمان، ولا يكفر بترك (جنس العمل)، فالرجل مضطرب في هذه المسألة اضطرابا شديدا اللهم سلم سلم.
[518]) الذين قالوا (بجنس العمل) هم علماء الحرمين، فهم كذابون عند ربيع والعياذ بالله.
[519]) هكذا يصف علماء الحرمين بكل وقاحة.
[520]) قلت: وقد ثبت ذلك من أقوالهم، في الرد على ربيع المرجئ.
[521]) قلت: وقد ثبت ذلك في اللغة العربية كما سوف يأتي ذكر ذلك.
وانظر كتب اللغة في كلمة (جنس): (لسان العرب) لابن منظور (ج6 ص43)، و(معجم مقاييس اللغة) لابن فارس (ج1 ص486)، و(مختار الصحاح) للرازي (ص 48)، و(المصباح المنير) للفيومي (ص62)، و(القاموس المحيط) للفيروزآبادي (ص 560)، و(الرائد) لجبران (ص283)، و(معجم تهذيب اللغة) للأزهري (ج1 ص669).
[522]) فهو هنا يقول: (بأن تارك جنس العمل ناقص الإيمان) كما يأتي ذكر ذلك أيضا من قوله في (نصيحة أخوية) (ص 45- مذكرة).
قلت: وفي موضع آخر يناقض قوله هذا والله المستعان
[523]) قلت: فالرجل ظهر منه أنه يجازف في أحكام الدين عن غير علم وبرهان، بل بالظنون والتهور المفرط والله المستعان.
[524]) قلت: وهذا الاضطراب والتناقض يدل على فساد معتقده ومنهجه في مسائل الإيمان، لأن معتقد أهل السنة والجماعة ليس فيه أي اضطراب وتناقض.
[525]) وانظر مقالاته في ((نصيحة أخوية)) (ص45 - مذكرة) لربيع، و((شرحه البالي)) (ص66)، و((هل يجوز أن يرمى بالإرجاء من يقول أن الإيمان أصل والعمل كمال)) (مذكرة) لربيع، و ((شريط مسجل، شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري)) سنة ( 1426هـ)، و ((بيان حال ربيع المدخلي - مذكرة))، و ((كشفه البالي)) الأخير، مذكرة في سنة (1429هـ) في (شبكة سحاب المرجئية).
[526]) وقد نصح من قبل علماء الحرمين، ولم يرجع، ولم يتب، بل زاد في عناده وغيه إلى أن يهلك والعياذ بالله.
[527]) كـ(الظفيري) العراقي المرجئ، وهذا الذي أفسد (شبكة سحاب) مع ربيع المرجئ، وأدخل فيها ما هب ودب من أهل البدع والأهواء، ومن المجهولين والمتعالمين، وسوف يأتي دوره عن قريب إن شاء الله، وأنه مدسوس بين أهل السنة اللهم سدد سدد.
[528]) فهنا يأمر بعدم الخوض في كلمة (جنس العمل) يعني ينكر كلمة (جنس العمل) فتنبه.
[529]) وهنا يخوض ويتلفظ بكلمة (جنس العمل)، فهو هنا يأمر، ويترك هناك والله المستعان. وانظر مقاله البالي (البيان) (ص2) الحلقة الثانية، الأخير.
بل يدعي أن لفظ (جنس) من إدخال الفلاسفة على الإسلام!!!، هكذا يروي من رأسه دائما بدون تثبت، بل ادعى أيضا بأن الأصمعي هو الذي قال بذلك!، وأسند ذلك إلى ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (ج1ص486).
ورجعنا إلى الأصل فلم يقل ابن فارس بذلك، وهو من كذب ربيع كعادته، فهو دائما يريد أن يتعلق بخيوط العنكبوت ليستدل بها على أقواله الشاذة، وهذا الأمر عادة هذا المفلس عن الدليل، فيتعلق بأي شيء ليثبت باطله أمام السحابيين كعادة (عبدالرحمن عبدالخالق والمأربي والعودة وسفر) وغيرهم.
قلت: والجنس: كل ضرب من الشيء، ويقال عنه (أصل الشيء) و (نوع الشيء) فيقال مثلا: (جنس الإبل) و (جنس الحبوب) و (جنس العمل) وهكذا، وهذا ثابت في اللغة.
قال إمام اللغة الأزهري في (تهذيب اللغة) (ج1ص669) : (قال الليث: الجنس: كل ضرب من الشيء، ومن الناس ومن الطير، ومن حدود النحو والعروض والأشياء: جملة، والجمع: الأجناس). اهـ
[530]) وهذا من الكذب، بل أهل اللغة فسروه بتفسيرات عدة، لأن هذه التفاسير صحيحة في معنى (جنس)، وذلك لأن الكلمات العربية تتردد تحت تفاسير كثيرة كما هو معروف عند أهل اللغة، وليس هذا من الاضطراب الذي يدعيه ربيع الكذاب!!!.
[531]) وهذا من الكذب الفاضح الواضح لربيع، وللعلم فأن الأصمعي وغيره من أهل اللغة أثبتوا كلمة (جنس) في لغة العرب، ولم ينكروا في ذلك إلا كلمة (مجانس).
وانظر ((لسان العرب)) لابن منظور (ج6 ص43)، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس (ج1ص486)، وغيرها من كتب أهل اللغة.
([534]) نقلا من مجهول عن الشيخ ابن باز رحمه الله إن صح عنه ذلك، وإلا لايوجد أي دليل عندنا من كتبه وأشرطته قال ذلك، وإن صح عنه على الفرض فعلى التأويل الذي سبق ذكره.
قلت: وعليك باعتقاد الشيخ ابن باز رحمه الله في تفصيله في مسائل الإيمان ليتبين لك صدق ما قلنا، أما أخذ الإجمال من قوله، وترك التفصيل من قوله، فهذا هو الضلال المبين.
([535]) أي وغير ذلك من الأعمال من زكاة، وحج...
قلت: وهذا يقطع الطريق أمام المدخلي في احتجاجه بالمشتبه من أقوال الشيخ ابن باز رحمه الله.
([538]) علق العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله على هذا الموضع منبها وقائلا: (لكن (جنس العمل) هو من حقيقة الإيمان، وليس شرطا فقط).اهـ
انظر: (هامش) كتاب: (أقوال ذوي العرفان) للسناني (ص146).
([539]) وهذا فيه رد على المدخلي الذي يدعي أن (جنس العمل) ليس العمل كله، بل الصلاة هي (جنس العمل) عنده، كما في (مجموعه الفاضح) (ص446)، و(كشفه البالي) (ص217).
قلت: بل الصلاة عمل من الأعمال ليست (جنس العمل) كله، بل هي من (جنس العمل)، وهي حد (جنس العمل) في الجملة، وإنما خصوا الصلاة من بين سائر الأعمال لأدلة خاصة في هذا الباب، ولأن تركها يحبط الأعمال كلها، إذ أن قبول الأعمال الصالحة متوقف على فعلها.
وقد أجمع السلف على ذلك كما بين الشيخ ابن باز رحمه الله.
وانظر: (مسائل في الإيمان) للشيخ الفوزان (ص34).
([541]) قلت: فما وجه إنكار المدخلي على الشيخ فالح حفظه الله على أنه قال عن (جنس العمل)، العمل كله، كما في (مجموعه الفاضح) (ص435).
([542]) (شريط مسجل) بصوت الشيخ، بعنوان (تعليقات على فتح المجيد) رقم (2)، وجه (ب)، إصدار تسجيلات (البردين).
([543]) ولا نريد هنا أن نبين هل يكفر من ترك الزكاة لوحدها مثلا، أو الصوم، أو الحج، أو لا يكفر، فهذا له موضع آخر، والله ولي التوفيق.
وانظر: (السنة) للخلال (ج3 ص576)، و(الاعتقاد) للالكائي (ج5 ص788).
([545]) قال العلامة الشيخ ابن سحمان رحمه الله في (كشف الشبهات) (ص12): (اعلم أن من ترك الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، فهو كافر بإجماع المسلمين).اهـ
([547]) وانظر: (التحفة العراقية) لابن تيمية (ص67)، وهي في ( مجموع الفتاوى) له (ج10 ص7)، و(معارج القبول) للحكمي(ج2 ص30).
([548]) قلت: ومن أعظم أسباب دخول الشبه على المرجئة الخامسة، أن هؤلاء لم يدرسوا (مسائل الإيمان) من كتب العقيدة السلفية، ويفهموها على مرادها، وإنما بحثوا مسألة ترك (الصلاة) بحثا فقهيا خلافيا!، فترجح لهم أحد القولين، وعن طريقه نظروا في مسائل الإيمان، فسحب الخلاف من مسألة فقهية إلى مسألة عقدية، وزاد الاشتباه أن الصلاة أعظم الأعمال.
قلت: ولو تأمل هؤلاء ما قام به أهل الحديث على مرجئة الفقهاء من النكير، والتبديع، والهجر دون مهادنة، ولا محاباة، وفيهم من هو في العلم وجلالة القدر، والفضل في منزلة عالية، لعلم أن (مسائل الإيمان) لا يمكن أن تكون هي مسألة الصلاة، فتنبه.
([549]) قلت: فهؤلاء العلماء ذكروا أن (جنس العمل) العمل كله، فلماذا التشنيع على الشيخ فالح الحربي حفظه الله بقوله بذلك؟!.
قلت: وهذا يدل أن ربيعا ينفر من نقصان الإيمان كـ(المرجئة) الخالصة (تشابهت قلوبهم).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (الفتاوى) (ج7 ص404): (ولهذا كانت المرجئة تنفر من لفظ النقص أعظم من نفورها من لفظ الزيادة!).اهـ
قلت: لأنه إذا نقص فقد يصل إلى ذهاب الإيمان بالكلية، ويكفر بذلك، والمرجئة لا يكفرون أحدا، لأنهم لا يرون ذهاب الإيمان كله بل يبقى فيه أدنى أدنى مثقال ذرة.
([550]) (شريط مسجل) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه(أ).
([551]) (شريط مسجل) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه(ب).
([552]) قلت: فيكون المراد من الاشتراط بـ(جنس العمل) يعني أن يوجد منه عمل صالح ظاهرا بأركانه وجوارحه، يدل على أن تصديقه الباطن، وعمل القلب الباطن، على أنه استسلم به ظاهرا، وهذا متصل بمسألة الإيمان والإسلام.
وعلى هذا فإنه لا يصح إسلام إنسان إلا ببعض إيمان يصحح إسلامه، كما أنه لا يصح إيمانه إلا ببعض إسلام يصحح إيمانه، فلا يتصور مسلم ليس بمؤمن البتة، ولا مؤمن ليس بمسلم البتة.
قلت: وقول أهل السنة (إن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا)، لا يعنون به أن المسلم لا يكون معه شيء من الإيمان أصلا، بل لا بد أن يكون معه مطلق الإيمان الذي به يصح إسلامه، كما أن المؤمن لا بد أن يكون معه مطلق الإسلام الذي به يصح إيمانه، وهذا معنى (جنس العمل) فافهم لهذا ترشد.
([562]) قلت: والمدخلي في إنكاره هذا شابه أهل البدع كعادته كـ(حسن السقاف الجهمي) في إنكاره تقسيم التوحيد في كتابه البالي (التنديد بمن عدد التوحيد. إبطال محاولة التثليث في التوحيد)، وكـ(صلاح الصاوي القطبي) في كتابه (الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمل الإسلامي المعاصر). (تشابهت قلوبهم).
([563]) قلت: فيتمكن طالب العلم بهذا التدوين لأصول الفقه من استخراج الأحكام الشرعية من أدلتها على وجه سليم، فهذا التقريب للعلم في الألفاظ، فهو مهم جدا، فافهم لهذا.
([566]) قلت: وهذا لا يكابر فيه إلا ضال منحرف لوضوحه وجلائه، بل يعرف ذلك من لديه أدنى إلمام بنصوص أهل العلم.
[567]) قلت:انظر أخي ماذا ارتكب هذا الرجل من شنائع في كلامه هذا من التدليس، والتلبيس، والمراوغة.
فكلامه هذا لايفيده شيئا، إلا الخذلان، والله المستعان.
قلت: ومن تلبيس هذا الرجل إدخال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في إنكاره واستعماله لفظ (جنس العمل)، ومعروف ومشهور عنه رحمه الله عدم إنكاره واستعماله لفظ (جنس العمل)، وقد تلفظ به رحمه الله كما سوف يأتي.
قلت: وشيخنا رحمه الله أنكر على من يستعمل الألفاظ هذه مطلقا بدون ضوابط شرعية، وبدون فهم العلماء لها، فيسفك الدماء ويستحل الأموال، وتكفير المسلمين، أما إذا استعمل هذه الألفاظ بالضوابط الشرعية فلا بأس، وقد قال بها العلماء، إذا فتشبث المدخلي بقول شيخنا رحمه الله عليه لا له، اللهم سدد سدد.
[568]) وربيع ينكر أنه قال بذلك والله المستعان.
[569]) وربيع ينكر أنه قال ذلك، نعوذ بالله من الاستكبار والعناد.
وانظر ((شرح عقيدة السلف)) لربيع (ص67).
[570]) قلت: فمثلا لا نجد في عهد الصحابة رضي الله عنهم شروط الصلاة، شروط الوضوء، شروط الغسل... وهكذا، لكن العلماء بتيسير الله تعالى، وتوفيقه تتبعوا هذه الأمور، وصنفوا المصنفات فيها من أجل أن يسهل العلم على الناس والفهم، ولله الحمد والمنة.
وانظر: (شرح نظم الورقات) لشيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (ص24).
[571]) ولذلك يقول بزيادة (لم يعملوا خيرا قط) ليرجف بعدم تكفير تارك الأعمال بالكلية!!!، فتنه لإرجافه - البالي- والسلام.
انظر (بيانه) البالي (ص18) الأخير الحلقة الأولى.
[572]) انظر مقالات ربيع البالية (البيان)(ص 5 و 6 و7). الأخير الحلقة الثانية، و(هل يجوز أن يرمي...) بتاريخ (2/11/2006)، وشريط (شرح كتاب الإيمان) من صحيح البخاري في سنة (1426هـ).
[573]) قلت: استدعاني أن أكتب هذا التعقيب الذي لا أقصد من وراءه إلا بيان الحقيقة، وإزالة اللبس بعون الله تعالى وقوته.
قلت: وربيع كتب مقالات كثيرة تنضح بالإرجاء، ومع ذلك يدعي إلى الآن بأنه لم يقل بها، أو يحرف ويلبس على أتباعه فيها بأنه لم يقصد بذلك. وللعلم بأن هذا الرجل نقل كلامه هذا من كتبه، ومقالاته، وأشرطته، ومع هذا ينكر والعياذ بالله.
[574]) قلت: وقد اتبعه في الإنكار جماعته السحابية أهل جنس العمل (الجماعة الجنسية)!!!، فهؤلاء هكذا يصنفون، لإنكارهم كلمة (جنس العمل)، كما صنف السلف الذين أنكروا (القدر) قدرية، والنسبة إليهم قدريا.
[575]) وهذا يبين بأن الأصمعي لا ينكر كلمة (جنس)، بل ينكر كلمة (مجانس)، مما يبين كذب ربيع المرجيء.
[576]) وهذا يدل على كذب ربيع على الأصمعي وعلى أهل اللغة.
[577]) وهذا يدل على أنه من كلام أهل اللغة.
([579]) قلت: ولم ينكر أحد من العلماء كلمة (جنس العمل) على هؤلاء العلماء عندما ذكروا ذلك فما وجه تشنيع ربيع إذن اللهم غفرا.
([582]) قلت: فمن أدخل العمل في الإيمان ثم زعم أن تارك عمل الجوارح بالكلية باق على إيمانه لأن العمل شرط كمال عنده، فهو متناقض يلزمه بهذا القول المحدث قول المرجئة.
([583]) يعني الإيمان في القلب كما أوضحه ابن رجب رحمه الله بعد ذلك فتنبه.
قلت: ولكن الشاهد من هذا الكلام بأنه ذكر لفظ (جنس العمل).
وانظر ((فتح الباري)) لابن رجب (ج1 ص6 و30 و111 و156).
[584]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص81)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[585]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص82)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[586]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص84)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[587]) انظر (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص89)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[588]) وهنا أنكر الشيخ المفتي حفظه الله على ربيع المدخلي لموافقته لمذهب المرجئة.
[589]) ((شريط مسجل)) بصوت ربيع، في (شبكة الأثري)، و(بيان حال ربيع) (ص8 – مذكرة)، وغير ذلك من مراجعه التي سبقت.
[590]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص93)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[591]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص97)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[592]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص110)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[593]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص111)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[594]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص112)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[595]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص112)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (الأسئلة الجزائرية في مسائل الإيمان).
[596]) وانظر: كتابي (القناعة في تبيين شذوذ زيادة "لم يعملوا خيرا قط" في حديث الشفاعة).
[597]) وانظر: (الإنتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي (ص114)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
([605]) فمن بدع المرجئة أن الأعمال عندهم لا تدخل في مسمى الإيمان، لأنهم يعتقدون أن الأعمال شرط كمال في الإيمان فهي شيء زائد عندهم عن الإيمان والله المستعان.
وانظر ((التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية)) للشيخ الفوزان (ص145).
([606]) كذلك هؤلاء مخالفون في الإيمان لأهل السنة والجماعة لأنهم قالوا: لو زالت جميع الأعمال سوى الشهادتين لم يخرج بذلك من الإسلام.
قلت: وهذه المقولة الحادثة انتشرت بين أتباع ربيع المدخلي في شبكة سحاب وغير ذلك والله المستعان.
([612]) ومن خطأ بعض المرجئة في هذه المسألة من المعاصرين المنتسبين للسلف أنهم يصفون المخالفين من أهل السنة والجماعة بالخوارج، وهذا فيه تجن على السلف من جهتين.
الأولى: أنهم نسبوا إلى السلف ما ليس من مذهبهم.
الثانية: أنه يلزم على ذلك الطعن في السلف الصالح. لان ما زال السلف يدخلون العمل في مسمى الإيمان والمرجئة لا يدخلون العمل في مسمى الإيمان.
([614]) إذا فالمتقرر عند أهل السنة والجماعة هو تلازم الجوارح الظاهرة وأعمال القلوب الباطنة، لا يمكن تصور وجود أحدهما دون الآخر.
([625]) وقد فصلت القول في ذلك في كتابي (القناعة في شذوذ زيادة « لم يعملوا خيرا قط » في حديث الشفاعة)، ولله الحمد والمنة.
([626]) قلت: لأن أقوال هؤلاء بعيدة عن التأصيل العلمي، بل بعيدة كل البعد عن منهج السلف، عصمنا الله وإياكم من الهوى.
([627]) قلت: فوجب درء فتنة فكر الإرجاء المعاصر، بوقفة صادقة حيال ذلك، مع عدم إغفال الطرف الآخر وهو فكر الخوارج.
قلت: وللأسف فإن الأجيال القادمة ستدفع ضريبة باهظة حين تستشري تلك الأفكار، وتجد من يروج لها في بلاد الإسلام اللهم سلم سلم.
([628]) وانظر ((الصلاة وحكم تاركها)) لابن القيم (ص41- 42) و((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (ج2 ص836) و((معارج القبول)) للحكمي (ج3 ص1016) و((التعليقات المختصرة على العقيدة الطحاوية)) للشيخ الفوزان (ص149) و((فتح الباري)) لابن حجر (ج1 ص72) و((المفهم)) للقرطبي (ج1 ص317).
([630]) كما أخذ ربيع المدخلي عقيدة المرجئة من كتب أهل الكلام كقوله عن الخلاف الذي وقع بين أهل السنة وبين أهل الإرجاء بإنه لفظي صوري !
قلت: وهذا القول قول أهل الكلام من الماتريدية وغيرهم يزعمون فيها أن الخلاف في هذه المسألة لفظي وليس حقيقيا.
انظر إلى كتب أهل الكلام في هذه المسألة منها: (( حاشية الكستلي على النسفية )) (ص158) و((قواعد في علوم الحديث)) للتهانوي (ص235) و((فيض الباري)) للكشميري (ج1ص59) و((النبراس شرح العقائد)) للفرهاري (ص405) و((المسامرة شرح المسابرة)) لابن أبي شريف (ص373).
([632]) وكذلك المرجئة العصرية يعيبون أهل السنة في تكفير تارك جنس العمل، فهؤلاء قوم سوء والعياذ بالله.
([634]) قلت: لأن من أرتكب كبيرة فقد خرج من الإيمان، ودخل في الكفر عند الخوارج، فلا يجتمع عندهم في الشخص الواحد ثواب وعقاب، وحسنات وسيئات والله المستعان.
وأما عند السلف والسنة فإنه يجتمع عندهم في الشخص الواحد الحسنات المقتضية للثواب، والسيئات المقتضية للعقاب، ولذلك فهم يرون التكفير بترك جنس الأعمال على الإطلاق، لأن جنس الأعمال ركن في الإيمان.
وأما الخوارج يرون التكفير بترك آحاد العمل على الإطلاق، كما سبق.
قلت: وهذا هو الفارق بين السلف والسنة، وبين الخوارج الوعيدية!.
([636])وانظر: (قواعد في بيان حقيقة الإيمان) للشيخان، و(أصول السنة) للإمام أحمد (ص74)، و(وفتاوى إسلامية) فتوى: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (ج1 ص21).
([638]) وهذا مثل قول الحكمي رحمه الله في (معارج القبول) (ج2 ص30) عندما كان يرد على الخوارج: (والفرق بين هذا، وبين قول السلف الصالح أن السلف لم يجعلوا كل الأعمال شرطا في الصحة، بل جعلوا كثيرا منها شرطا في الكمال).اهـ
([639]) أي: بكل ذنب، لأن من الذنوب ما يكون كفرا كما بين أهل العلم.
وقد شرح الفرق بين الاطلاقين ابن أبي العز الحنفي رحمه الله، فقال في (شرح العقيدة الطحاوية) (ص251): (امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحدا بذنب، بل يقال: لا نكفرهم بكل ذنب، كما تفعله الخوارج، وفرق بين النفي العام، ونفي العموم، والواجب إنما هو نفي العموم مناقضة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب).اهـ
قلت: ومما يؤيد هذا، ما رواه إسحاق النيسابوري في (مسائل أحمد) (1876): (حضرت رجلا عند أبي عبدالله، وهو يسأله: فجعل الرجل يقول: وأن لا يكفر أحدا بذنب؟ قال أبو عبدالله: اسكت!، من ترك الصلاة فقد كفر).
([642]) قلت: وربيع لم يفرق بين هذا وذاك، فوصف أهل السنة بالخوارج إذا كفروا تارك جنس العمل، والله المستعان.
([644]) وهذه بدعة قديمة،فإن أهل البدع في القديم يعيبون أهل السنة في تكفيرهم بالدليل من الكتاب والسنة، والله المستعان.
([647])قلت: فهو لم يفرق بين مذهب أهل السنة، وبين مذهب الخوارج في مسألة التكفير، فهو يرمي أي جماعة بالتكفيريين أو الخوارج إذا كفرت تارك جنس العمل، حتى لو بالضوابط الشرعية اللهم غفرا.
([648]) وهو دائما وأبدا ينكر أنه قال: كذا، أو قال: كذا، وكتبه وأشرطته تدينه بضلالاته هذه اللهم غفرا.
[649]) هكذا قال العلماء منهم: (الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ فالح الحربي والشيخ محمد السبيل) وغيرهم.
[650]) وربيع ينكر أنه قال ذلك، نعوذ بالله من الكذب.
قال ربيع في (شرحه البالي لعقيدة السلف) (ص69): (أنا قلت: رسول الله r تنازل عن كتابة بل تسامح في كتابة (رسول الله) في صلح الحديبية مراعاة للمصالح ودرءا للمفاسد). اهـ
[651]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص74)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[652]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص76)، و((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[653]) والعجيب من ربيع أنه ينكر قوله بالتنازل عن الأصول للمصلحة.
[654]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص85)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[655]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص93)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ).
[656]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص99)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع) الجزء الأول، وجه (أ).
[657]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص100)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[658]) وهو من علماء أهل السنة والجماعة كما قال (الشيخ ابن باز رحمه الله، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان) وغيرهم.
[659]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص104)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ).
[660]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص128)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب).
[661]) انظر (الانتصار في فتاوى العلماء الكبار) جمع: أبي معاذ السلفي، (ص133)، و ((شريط مسجل)) بصوت الشيخ، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ).
[662]) وهل المدخلي إلا كذلك والله المستعان.
[663]) صدق الشيخ رحمه الله في ذلك، فالمدخلي مهزوم بين الأحزاب الآن، فرجع إلى إخوانيته القديمة، فقال بالتنازل عن الأصول لمصلحة الدعوة زعم.
[664]) ((شريط مسجل)) بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي)، الجزء الأول، وجه (ب)، تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).
[665]) وربيع يدرك أن الحق من أهل السنة والجماعة، ولكنه يجحد ما عندهم من الحق، ويعاند ويكابر، ويراوغ في ردوده روغان الثعلب المكار، نعوذ بالله من الخذلان.
[666]) قلت: وإذا أردت أن تعرف أيضا بطلان استدلال ربيع على التنازل عن الأصول انظر: (شرح صحيح مسلم) للنووي (ج6 ص383)، و(شرح صحيح البخاري) لابن بطال (ج8 ص88)، و(فتح الباري) لابن حجر (ج5 ص352).
[667]) قلت: رغم المدخلي يزعم أنهم من أهل التوحيد والعقيدة ويسلم لعلمهم، ولم يرجع، ولم يتب على أيديهم والله المستعان .
[668]) فقال ربيع المرجئ في (كشفه البالي) (ص70): (ونحن نسلم بعلمهم، وأنهم أهل التوحيد والعقيدة).اهـ
إذا فلماذا لم تسلم لهم، وتتوب على أيديهم؟!!!.