الرئيسية / سلسلة من النقد العلمي المنهجي / الكشف الجلي عن حقيقة توبة ربيع المدخلي
الكشف الجلي عن حقيقة توبة ربيع المدخلي
|
||||
الكشف الجلي
عن
حقيقة توبة ربيع المدخلي
بيان
تلاعب ربيع في رجوعه عن أخطائه في منهجه الباطل
تأليف
فضيلة الشيخ فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
بسم الله الرحمن الرحيم
رب زدني علما
درة سلفية
عن عبدالله بن مسعود t قال: (اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا؛ فقد كفتم، وكل بدعة ضلالة).
أثر صحيح.
أخرجه وكيع في الزهد (ج2 ص590) وابن بطة في الإبانة الكبرى (175) وأحمد في الزهد (162) وابن وضاح في البدع (10) والدارمي في المسند (ج1 ص288) وابن أبي زمنين في أصول السنة (11) وأبو خيثمة في العلم (54) والمروزي في السنة (ص23) وبحشل في تاريخ واسط (ص198) وأبو شامة في الباعث (24) والطبراني في المعجم الكبير (ج9 ص168) والأصبهاني في الترغيب والترهيب (460) واللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص86) وابن الجوزي في تلبيس إبليس (16) والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (204) والداني في علوم الحديث (ص290).
وإسناده صحيح.
قلت: فعليكم باتباع السلف الصالح، وطبقوا آثارهم في دعوتكم، لأنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأقومها هديا ﴿رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون﴾ [المجادلة:22]. فمن اتبعهم دخل في هذه الآية، وكان من أهلها والسلام يا أنام.
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في الفتاوى (ج1 ص227): (والمسلمون مأمورون بالاتباع لا بالابتداع لكمال الدين الإسلامي، واغتنائه بما شرعه الله ورسوله r، وتلقاه أهل السنة والجماعة، بالقبول من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ومن نهج منهجهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض (ج5 ص7): (والمقصود هنا أن صفوة أولياء الله تعالى الذين لهم في الأمة لسان صدق، من سلف الأمة وخلفها، هم على مذهب أهل السنة والجماعة). اهـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عونك يا رب يسر
المقدمة
الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، وصلواته على النبي محمد خير خلقه، وعلى الطاهرين الأخيار من آله.
أما بعد،
أطال الله بقاء منهج السلف، وأدام أيامهم لأهل الأثر يحرسون بثاقب رأيهم من نظامه، وعلم يحيي ما درس من مراسمه، وأدب ينشر ما طمس من معالمه، وجماعة يفيض العدل فيهم، ويميطون الجور عن رباعهم([1]) ومغانيهم([2])، وزادوه قدرة وقوة وعلوا وبسطة([3]) وسموا، ليجذبوا بضبع([4]) من يواليه، ويكتبوا كل من يعانده، ويناوئه، ويبروا المسلمين بكرم مساعيهم ومعاليهم.
فتتبعوا ما جمعه أهل البدع، فوجدوا كثيرا منه يمجه السمع، وينفر عنه الطبع، فإنهم استغرقوا كل ما عقد عليه منهجهم، فجمعوا فيه الغث والسمين، والمستعمل والغريب، والفصيح والركيك، والسنة والبدعة، والحق والباطل.
فردوا عليهم بالأدلة القطعية، ولم يكن الرد خارجا عن استعمال الفصحاء، والعلماء الأذكياء، والكتاب البلغاء، فبينوا المستشنع والضعيف، وأثبتوا العذب الصحيح حتى خلص المنهج من الغثاثة، وصفى من الشناعة، وأبرزوه دررا مسجعا مرصعا.
فأصلحوا الفاسد، وحصدوا المعاند، ولموا الشعث، ورمو ما شذ، وضموا النشر، وجانبوا الشر، ووصلوا ما قطع، وجمعوا الشتات، وهجروا الظلم والإعنات([5])، ورموا الثلمة([6])، وكشفوا الغمة، وسدوا الفرج([7])، وسكنوا الوهج([8])، وأقاموا الأود([9])، وأزالوا العند.
فاستقام المائل، وأمن السائل، وزالت الغوائل، وسكن النقع، وهدأ الروع، واستفاض الأمن، وذهب الحزن، وانحسم([10]) الداء، وانكشف البلاء، واعتدل الميل، وذهب الوجل، وثقف القاسط([11])، وأرضي الساخط، وهدأت الفتنة، وزالت المحنة، وسكنت الدهماء([12])، وخبت نار الهيجاء، ووضعت الحرب
أوزارها، وأخمدت البأساء أوارها([13])، وركدت ريح البلاء، والفتنة الظلماء.
وذلك لأن أهل البدع أكثروا الفساد، وأظهروا العناد، فليس لهم إلا الأوتاد.
لأن في انتصابهم عوج، وفي دينهم عوج([14])، وفي أرجلهم عرج وفي عنقهم وقص([15])، وفي قوتهم عقص([16]).
فأهل البدع جاروا في حكمهم، وحافوا([17]) في قضائهم، وجنفوا([18]) فيوصيتهم، وزاغوا([19]) في دينهم... فصافوا([20]) السهم عن الرمية، وضافوا وطاشوا.
فليس بيننا وبينهم نسبة، ولا تجمعنا قربة، ولا تشتمل علينا قبيلة، ولا تؤوينا فصيلة، وليس بيننا وبينهم مجاورة، ولا جمعتنا معاشرة، ولا اتفقنا في مكان، ولا جمعنا زمان، ولا ضمتنا دار، ولا قرب منا مزار.
فبعدت الدار، وتقاذف المزار، وشحطت النية، وغربت الطية([21]) إلى مكان سحيق، وفج عميق، ومحل شاطب([22])، وكلأ عازب([23])، وبلد نائي المنزع،
لأن أهل الأثر حجتهم واضحة، وبراهينهم لائحة، وشواهدهم ساطعة، وعلاماتهم ناصعة، وأماراتهم صحيحة، ودلائلهم مشروحة، ومقالتهم صادقة، ودعاويهم موافقة... بهم ظهر الأمر واشتهر، وبدا السر وباح، ووضح الصبح ولاح، لأنهم لزموا واضح الطريق ومستقيمه، وأخذوا شديد المذهب وقويمه... فسلكوا طريقهم، وذهبوا مذهبهم، وركبوا مركبهم، وقفوا آثارهم، فشيدوا ما أسسوا، وثمروا ما غرسوا...
فأشرق السراج وزهر، وصدع الفجر وأسفر، ووضحت الطرق ولحبت.([26])
وكان ذلك جهارا، وصراحا، ونهارا، وجاهرين غير مساترين، ومظهرين غير مضمرين،وحاسرين غير مقنعين، وسافرين غير مبرقعين في دين رب العالمين.
قلت: وأما أهل البدع فإنهم من المتسترين المضمرين المقنعين المبرقعين في دين رب العالمين.
فأهل الأثر كشفوا غطاءهم، ونحيوا خفاءهم، وحسروا لثامهم، وحططوا نقابهم، واخترقوا حجابهم، وسفروا قناعهم، وحدروا لفاعهم([27])... فظهر الأمر وباح، ووضح الصبح ولاح.
فبرح الخفاء، وانكشف الغطاء، وانهتك الستار، وسفر الخمار.
فلما سقطوا صرحوا بما في صدورهم، وباحوا بمكتوم سرهم، ودلوا على ضمائرهم، وكشفوا عن سرائرهم، وأخبروا عن نيتهم، ونشروا عن طويتهم، وأظهروا عقيدتهم، وأبرزوا سريرتهم، وأذاعوا وأشاعوا.
هذا جزاء من كتم سره، وأخفى أمره، وقنع وجهه، ولغم([28]) أنفه، ولثم فاه، وقنع رأسه.
فالذنب يظهر مهما أخفيته، وعميته، وأسررته، وسترته، وغطيته، وغشيته.
إذا فعليك بالمذهب الأثري، وقل هو لي إمام وقدوة ومنار وأسوة، وهو العروة الوثقى، والعصمة الكبرى، والقبلة الوسطى للأمة العظمى.
فمن فعل رشد واهتدى، وأمن واتقى، وتاب من ذنبه، وأناب من حربه، وفاء واعترف، وأقلع عما اقترف، واستوى بعد ما التوى، وأمر بالحسنى، وأسرع إلى الاستجابة، ورجع إلى التوبة والإنابة، وندم على ما جنى واجترح([29])، ونزع عما بغى واكتدح([30])، وأقصر عن الاجترام([31])، وكف عن ارتكاب الآثام، وانتهى عن الجرم، وارعوى عن تعاطي الظلم.
فرحضت([32]) توبته مساويء العيوب، ومحت إنابته معرة([33]) الذنوب،
وعفت منأته([34]) حبار([35]) إجرامه، ودملت([36]) تقيته آثار آثامه، وأذهبت حسناته سيئاته، وتغمدت صلواته هفواته، وكفر صلاحه جناحه، وطمس متابه كبائره، ونفى مثابه جرائره.
وأما المبتدع، قد أقام على ضلالته، وثبت على جهالته، وانهمك في غوايته، وتهور في عمايته، وتمسك بشقاوته، وتعته([37]) في باطله، ولج في طغيانه، وتبجح بعدوانه، ودام على إصراره، وتمادى في اغتراره وغيه.
واستحوذ عليه شيطانه، وأرداه طغيانه، ومرن([38]) على عتوه، وأخلد إلى غلوه.
فأراه على غيه مصرا، وفي ضلالته مستمرا.
فأشرك وتاه وتهوك([39])، وقد مرن على عدوانه وفسقه وعصيانه وعنوده وشقاقه وكنوده ونفاقه وتمرده وإلحاده وصدوده.
فصد عن السبيل، وغفل عن فعل الجميل، وزاغ عن الطريقة المثلى، وفارق العروة الوثقى، وجاز عن سواء السراط، وذهب في الغلو والإفراط، وترك سبيل الهدى والرشاد، وسلك طريق الردى والعناد، وتنكب مناهج الهدى، وركب سنن الضلالة والردى، وتعلق بحبائل الشيطان، وترك الحق والقرآن، وتولى الشيطان والله المستعان.
فالمبتدع جنى وبغى، وجر واجتر([40])، وجرم واجترم([41])، وجرح واجترح([42])، وقارف واقترف، وأذنب وهفا، وعثر وكبا، وزل وسها.
ونعشته([43]) من السقطة، وانتشته([44]) من الورطة، وأنهضته من الكبوة، وأنقذته من الهفوة، واخرجته من الفتنة، وخلصته من المحنة.
وللأسف فغض بصره على أمر من الصبر، وطوى قلبه على أحر من الجمر، وأطبق عليه أجفانه، وأسبل عليه أرادانه.
فالمبتدع ولى على أدباره، وارتكس على آثاره.([45])
ولو تاب المبتدع من ذنبه، وأقلع عن ظلمه... فلا اقتراف مع الاعتراف، ولا إصرار مع الاستعطاف، ولا اجترار مع الإقرار، ولا جناح مع الانتصاح، ولا تثريب مع العود إلى الصلاح، ولا جناية مع الإنابة، ولا تأنيب مع الاستجابة، ولا عتاب مع التنصل([46])، ولا عقاب بعد التفضل.
فالعفو أقرب للتقوى، والصفح أكرم للعقبى، وترك المؤخذة أحسن من الذكرى، والمن أفضل في الآخرة والأولى.
والتغابي مع إمكان السطوة أجمل، والتغافل مع تهيؤ القدرة أفضل، والتغاضي مع علو القدر أنبل.
والحلم مع القدرة أكمل، والمسامحة مع نفاد الأمر أكرم، والصفح مع انبساط التمكن أعظم.
ومع هذا كله من السني، اقتص المبتدع من السني وانتصر، وانتقم منه وأثأر، فهو شديد الانتقام، قوي السطوة والاصطلام([47])، هائل التدبير، والسني في الأخير هو القاضي على التدبير لأنه هو الخبير بالمبتدع المرير.
لأن السني عذابه زاجر، وعذابه ناجر([48])، وترهيبه وازع، وتخويفه رادع، وبطشه شديد، وسطوه مبيد.
والسني كريم الخلاق ماجد الأعراف، بارع السؤدد، فاضل المحتد، كثير الصواب، حميد الجواب، فصيح اللسان، فسيح اللباب، ماضي الجنان، يأبى الدنية، ويولي السنية، ويجزل العطية، لا يخيب آمله، ولا يعدم نائله، ولا يحرم سائله، كريم الخليقة، مستقيم الطريقة، وأثوابه نقية، ونفسه أبية، وعطيته هنية.
فجعله مثلا مضروبا، ونكالا([49]) مرهوبا، وأحدوثة سائرة، وعبرة ظاهرة، وعظة زاجرة، وحديثا للغابرين، ومثلا للسائرين... فهتك ستره، وكشف أمره، ومزق منهجه، ورماه بما هو أشد من وقع الجندل، وأمر من نقيع الحنظل.
فالمبتدع هو خسيس لئيم، ومهين زنيم([50])، خامل([51]) نذل، وساقط
رذل([52])، وفعل ذلك لشؤمه، وشدة لؤمه، وضعة([53]) قدره، وسقوط جاهه وذكره، وقلة عقله وحماقته، وفرط طيشه وسفاهته، وهو لئيم إذا حقر، سيء الملكة إذا قدر، دنيء التمكن والاقتدار، نذل الظفر والانتصار.
هو عدو مشاحن، وذو إحن مضاغن([54])، وقد أثرت حقده الكامن، وحركت غله الساكن.
فأهل السنة وأهل البدعة تشاحنوا، وتضاغنوا([55])، وتدابروا، وتشاجروا... بينهم بغضاء وإحنة([56])، وشحناء ودمنة([57])، وسخيمة([58]) ووحر([59])، وضغينة([60]) ووغر.([61])
فالموافق لأهل السنة أحسن مدحهم، وأكثر حمدهم، ووصف مجدهم، وشكر فعلهم، ونشر فضلهم، وأثنى عليهم، وأهدى المدح إليهم، وجللهم حبر المديح، وأثنى عليهم بقول فصيح، وقال فيهم أحسن مقال، ونسبهم إلى أجمل فعال، كأنهم وشيء منشور، وروض([62]) ممطور، ودر منثور... ودر منظوم... ودر منضود([63])، وروض معهود.
فأهل السنة رسا طودهم([64])، وهطل([65]) جودهم، وزخر بحرهم، وفاض نهرهم، وطلع سعدهم، وارتفع حدهم، وصلح أمرهم، وعلا ذكرهم، وكبرت دولتهم، واشتدت صولتهم.([66])
فهؤلاء هم مصابيح الدجى، ومنارات الحق في الظلمات والمحن، والفتن العظمى.
وأما أهل البدع فقد فاض ضرهم، وفشا شرهم، واضطرمت([67]) البلاد بظلمهم، واستعر الصقع([68]) بفسادهم، وتلظى شباب الأمة بجورهم، والتهبت الآفاق بمجحف([69]) غائلتهم([70]) وشدة بائقتهم.([71])
وقد دامت فتنتهم، وعظمت محنتهم، وفسد سعيهم، وانتشر بغيهم، وقد غشي الناس أمواج جهالتهم، وأظلتهم سحابة ضلالتهم، وغلت عليهم مراجل غوايتهم، قيومهم منهم عصيب، وأمرهم معهم عجيب، والله على كل شيء رقيب.
فاستنفذوا ما عندهم من البضاعة، واستفرغوا الجهد والاستطاعة، وركبوا فيه الصعب والذلول وخاضوا له الغمر([72]) والضحول([73])، وقاموا له وقعدوا، وهبطوا وصعدوا، وجاءوا فيه وذهبوا، وسعوا له واضطربوا.
قلت: فتسايل الهمج والرعاع إليهم، وأنثالوا([74]) عليهم، وجاؤوهم إرسالا([75])، وأقبلوا إليهم إقبالا.
فتابعت بدعتهم بين سهمين، وواترت بين رسولين، وواكبت بين كتابين، وواصلت بين أمرين.
فهم في عمتهم ولبسهم، وظلمتهم والتباسهم، وضلالتهم وحيرتهم وجهالتهم، وهم في ضلال مبين، وشك مريب، وأمر مريج([76])، ولبس شديد، لا تعرف موارده، ولا تبين مصادره، ولا تهتدى لمسالكه، ولا يتخلص من مهالكه، طريقه مظلم، وبابه مبهم.
قد اعتاص([77]) بهم الأمر، وتوعر، والتوى، وتعسر، وامتنع، وتعذر، فأشكل عليهم الأمر واستعجم، وغم عليهم واستبهم... فجاروا وحاروا.
رغم أن منهج أهل السنة... سهل المرام، ممكن الاغتنام، هين المطلب، سلس المجنب، قريب المتناول، سهل المناهل، حسن الانقياد، ممكن الارتياد.
فكتبنا تواظب عليهم، وتواكب إليهم، وتتصل إليهم مواظبة، وترد عليهم مواكبة، وغادية، ورائحة، وغابقة([78])، وصابحة([79])، وباكرة، وطارقة([80])، وسائرة سابقة، وواردة ناسقة([81])... فذلك من الجهاد الأكبر، والله أكبر.
فكتبنا يتصل ورودها، ويقترن وفودها، وتتصل ولا تنفصل.
فهي كغرة الأحباب والشباب، وكزهرة الرياض ونضرة الغياض([82])، وكنور وزهر الحدائق، وكنضرة الرياض المحدقة([83])، وزهرة الغياض المونقة.
فهي مديح عطر أرج([84])، أذكى من العنبر، والمسك الأذفر([85])، كمسكة معنبرة، وحلة محبرة.
أطيب من أري([86]) منشور، وأذكى من نفح العبير، وألذ من العسل
المصفى، وأحسن من نفيس الجواهر، وأحسن من زجل المزاهر.([87])
فهذه كتب أهل السنة في ردودهم على أهل البدع، كثرت محاسنهم، وحلت فضائلهم، وعلت مناقبهم، وحسنت مكارمهم، وحمدت مآثرهم، وعظمت مفاخرهم، وعلت مبانيهم، وسمت معانيهم، وطابت ممادحهم، وزكت مساعهم.
فتقصوا لأهل البدع الغاية، وبلغوا النهاية، ووفروا العناية، وركبوا الرعاية.
فأهل السنة اقتصروا فيما أعطاهم الله عز وجل، وظلفوا([88]) عما لا يرضي الله تعالى، وقد جعلوا القناعة مركبا، والقصد مذهبا، والاقتصاد سبيلا، والعفاف دليلا، والورع شعارا، والنزاهة دثارا([89])، والزهد قرينا، والستر حزينا، والحق جنة، والصدق سنة، والتقوى زادا، والبر عتادا، والعلم سراجا، والحلم منهاجا، والرفق ظهيرا، والصبر وزيرا، والتواضع قائدا، والاستكانة رائدا.
فقد أحسنوا وأجملوا، وأكرموا وفضلوا وأفضلوا، وبذلوا وأنهلوا.
فقمعوا البدع، وأظهروا السنة، وجاهدوا التأويل، ورفعوا التنزيل.
فهذه علامات النصر، وإمارات الخير، ومخايل([90]) الإصلاح، وأوائل النجاح، ودلائل الفلاح.
آياتهم واضحة، وتباشيرهم لائحة، وآثارهم لامعة، ومناهجهم ساطعة، وشواهدهم ناصعة، وبروقهم تلوح وتلمع، وطريقتهم تبوح وتسطع.
فنصبوا للخير علما لا ينكتم، وبنوا له منارا لا تنهدم، ونهجو له طريقا لا يلتبس، وفتحوا له بابا لا يندرس، وأقاموا له إماما لا يضل، وقيض له دليلا لا يزل، وأوضحوا له سبيلا لا يخفى، وبينوا له منهجا لا يبلى.
وبعد ذلك لم يستطع أهل البدع بعد محاولات كثيرة أن يدرسوا آثار الدين، ويطمسوا أعلام المهتدين، ويعفوا سنة الصالحين، ويعموا مناهج المتقين، ويهدموا منار الراشدين، ويردموا شرائع العابدين، ويهدوا أركان الديانة، ويصكوا آذان الأمانة، ويمسخوا شرائع الإسلام، وينسوا مواعظ الذكرى، وينسلوا لباس التقوى، ويخبوا مصابيح القرآن، ويطفئوا سراج الإيمان قال تعالى: ﴿ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون﴾ [التوبة:32].
لله در أهل الحديث والأثر والسنة صححوا مفاهيم الناس بالحجج الواضحة، والبراهين اللائحة، والشواهد الصادقة، والدلائل الناطقة، والأعلام الخافقة، والآثار الموافقة.
فإني أحمد الله تعالى الذي أعاذ أهل السنة من مقالات ربيع المدخلي الفاسدة، والإعتقادات الواهية، ووهب لهم الاعتصام بحبله المتين وكتابه المبين، وسنن رسوله r النيرة الواضحة، وجنبهم الأقوال الفظيعة الفاضحة، فأقوالهم في المرجئة الخامسة مسموعة، وأقوال المرجئة الخامسة فيهم؛ فبالحق مدفوعة ومدموغة.
فنحن لآثارهم مقتفون، ولمنهجهم متبعون، ولفضلهم معترفون.
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبـــه
أبو عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد
الحميدي الأثري
بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله
إلماعة
للإمام ابن قدامة رحمه الله في كشف
بدع ابن عقيل رحمه الله بعد ما تاب منها
لأنها انتشرت بين المسلمين
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في تحريم النظر في كتب الكلام (ص35): (فإنني وقفت على (فضيحة)([91]) ابن عقيل، التي سماها (نصيحة!)، وتأملت ما اشتملت عليه من البدع القبيحة، والشناعة([92]) على سالكي الطريق الواضحة الصحيحة، فوجدتها فضيحة لقائلها قد هتك الله تعالى بها ستره، وأبدى بها عورته([93])، ولولا أنه قد تاب إلى الله تعالى منها، وتنصل ورجع عنها، واستغفر([94]) الله تعالى من جميع ما تكلم به من البدع([95])، أو كتبه بخطه، أو صنفه، أو نسب إليه لعددناه في جملة الزنادقة، وألحقناه بالمبتدعة المارقة، ولكنه لما تاب وأناب وجب أن تحمل منه هذه البدعة والضلالة على أنها كانت قبل توبته في حال بدعته وزندقته، ثم قد عاد بعد توبته إلى نص السنة، والرد على من قال بمقالته الأولى بأحسن كلام، وأبلغ نظام، وأجاب على الشبه التي ذكرت بأحسن جواب، وكلامه في ذلك كثير في كتب كبار وصغار وأجزاء مفردة، وعندنا من ذلك كثير.
فلعل إحسانه يمحو إساءته، وتوبته تمحو بدعته، فإن الله تعالى يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات... فهذه الفضيحة من جملة ما تاب منه إلى الله تعالى، وأقر بأنه ضلال وبدعة... وما عادتي ذكر معائب أصحابنا، وإنني لأحب ستر عوراتهم، ولكن وجب بيان حال هذا الرجل حين اغتر بمقالته قوم واقتدى ببدعته طائفة من أصحابنا، وشككهم في اعتقادهم حسن ظنهم فيه، واعتقادهم أنه من جملة دعاة السنة، فوجب حينئذ كشف حاله([96])، وإزالة حسن ظنهم فيه ليزول عنهم اغترارهم بقوله، وينحسم الداء بحسم سببه، فإن الشيء يزول من حيث ثبت وبالله التوفيق والمعونة، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإسلام والسنة). اهـ
قلت: ونحن على طريقة سنة نبينا r وسلفنا وأئمتنا، ما أحدثنا قولا، ولا زدنا زيادة، بل آمنا بما جاء في الكتاب والسنة، وقلنا بما قال سلفنا، وسكتنا عما سكتوا عنه، وسلكنا حيث سلكوا.
وإنما تكلم المدخلي على حال نفسه في حال بدعته، حيث أحدث في دين الله تعالى، وخالف سلفه، وأئمته، وسادة أهل مذهبه، واتبع أهل البدع والأهواء، وفارق أهل السنة والجماعة، إلى أهل البدعة والشناعة، فأهدر منهجه، فصار ذليلا حقيرا.
وكذلك حزبه (السحابية) فإذا ذكروا تطرق إليهم الذم والتحذير منهم، والتنفير من مجالستهم، والأمر بمباينتهم وهجرانهم، وترك النظر في مقالتهم الشنيعة، فلا يفلح منهم أحد([97])، ولا يوفق لاتباع رشد!!!.
قال ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم (ج2 ص95): (أجمع أهل الفقه والآثار من جميع أهل الأمصار، أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ لا يعدون عند الجميع في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الأثر والمتفقه فيه). اهـ
ثم لم يزل أئمتنا وعلماؤنا يحثوننا على التمسك بهدي السلف الصالح، والسير بسيرتهم، فجاء ربيع المسكين يحذرنا من هديهم([98]) – يشعر أو لا يشعر – ويريد منا أن نسيء الظن بمنهجهم، ونهجر طريقتهم، ونصير إلى اتباع أهل الإرجاء والاقتداء بهم([99])، وهذا من أدل الأشياء على ضلاله، وقبح مقالاته القبيحة، وكتبه الشنيعة.
قلت: فالله الله الزموا طريقة السلف جملة وتفصيلا.
قال تعالى: ﴿والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه﴾ [التوبة:100].
وعن عبدالله بن مسعود t عن النبي r قال: (خير الناس فرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).([100])
قلت: وهذا يدل على فضل الصحابة الكرام ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم.
قال ابن قدامة رحمه الله في تحريم النظر في كتب الكلام (ص60): (فمن أحدث في الدين خلاف ما أتى عن رسول الله r، وخالف أصحابه y، وترك قول الأئمة والفقهاء في الدين، ورجع إلى قول المتكلمين، ودعا إلى خلاف السنة فقد ابتدع). اهـ
وقال ابن قدامة رحمه الله في تحريم النظر في كتب الكلام (ص47): (فإذا اجتمعت الصحابة y على أمر ثم اتبعهم عليه أئمة التابعين، واقتدى بهم من بعدهم من الأئمة في كل عصر وزمان، وحث بعضهم بعضا على التمسك به، وحذروا أصحابهم من مخالفته... قال الله تعالى: ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾ [النساء:115]. اهـ
فلنشرع الآن في المقصود بحول الله تعالى وقوته فنقول:
فإن الصراع بين الحق والباطل باق إلى يوم القيامة، وإن الطامة كل الطامة أن يلتبس الحق بالباطل على ربيع، والسنة بالبدعة، حتى يظن سنة ما ليس بسنة، ويظن سنة ما هو بدعة فلبس الحق بالباطل، مع علمه بالباطل، ويزعم بأن ذلك من الدين، وهو ليس من الدين([101])، فوقع في خطر عظيم، وضلال مبين، والويل له يوم الدين.([102])
قال تعالى: ﴿ فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس:32].
وقال تعالى: ﴿ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون﴾ [الأنبياء:18].
وقال تعالى: ﴿ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾ [البقرة:42].
وقال تعالى: ﴿ لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون﴾ [آل عمران:71].
وقال تعالى: ﴿ ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته﴾ [الشورى:24].
وقال تعالى: ﴿ وقل جاء الحق وزهق الباطل﴾ [الإسراء:81].
وقال تعالى: ﴿ بل الظالمون في ضلال مبين﴾ [لقمان:11].
وقال تعالى: ﴿ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون﴾ [آل عمران:78].
وإن من المعلوم لدى كل مسلم عنده فرقان([103]) بين الحق والباطل، والسنة والبدعة، والخطأ والصواب أن الإسلام دين واحد، ومنهج واحد، وصراط واحد، وشريعة واحدة.
قال تعالى: ﴿إن الدين عند الله الإسلام﴾ [آل عمران:19].
وقال تعالى: ﴿وأن هـذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾ [الأنعام:153].
وقال تعالى: ﴿لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا﴾ [المائدة:48].
وقال تعالى: ﴿ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها﴾ [الجاثية:18].
وقال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا﴾ [الأنفال:29].
وعن ابن مسعود t قال: (خط لنا رسول الله r خطا، ثم قال: هذا سبيل الله. ثم خط خطوطا عن يمينه، وعن شماله، وقال: هذا سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ: وأن هـذا صراطي مستقيما فاتبعوه).
حديث حسن.
أخرجه أحمد في المسند (ج1 ص435) والحاكم في المستدرك (ج2 ص318) والبغوي في شرح السنة (ج1 ص196) وابن نصر في السنة (ص5) والنسائي في السنن الكبرى (ج6 ص343) من طريق عاصم بن بهدلة عن زر عن عبدالله بن مسعود به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: وهذا الحديث يدل ويؤكد أن الحق واحد.([104])
قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (ج1 ص258): (إن الاختلاف سبب اشتباه الحق وخفائه، وهذا لعدم العلم الذي يميز بين الحق والباطل). اهـ
وقد كان سلفنا الصالح متمسكين بالمنهج القويم أصولا وفروعا، يرجعون فيما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة بعيدا عن التعصب للآراء الساقطة من أفواه الرجال.([105])
قال تعالى: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ [النساء:59].
عن ميمون بن مهران رحمه الله قال: (في قوله ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ إلى كتاب الله، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).([106])
وقال ابن الماجشون: أنه سمع مالكا يقول: التثويب ضلال([107]). قال مالك: (ومن أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفها؛ فقد زعم أن رسول الله r خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ [المائدة:3]، فما لم يكن يومئذ دينا؛ لا يكون اليوم دينا).([108])
قلت: فمن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم النقص في الرسالة المحمدية.([109])
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص60): (أن الشريعة جاءت كاملة تامة لا تحتمل الزيادة والنقصان: لأن الله تعالى قال فيها: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ [المائدة:3]... وثبت أن النبي r لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا، وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة.
فإذا كان كذلك؛ فالمبتدع إنما محصول قوله بلسان حاله، أو مقاله: إن الشريعة لم تتم، وإنه بقي منها أشياء يجب أو يستحب استدراكها؛ لأنه لو كان معتقدا لكمالها وتمامها من كل وجه؛ لم يبتدع، ولا استدرك عليها، وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم). اهـ
قلت: فالمبتدع معاند للشرع، ومشاق له.([110])
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص195): (أن المستحسن للبدع تلزمه عادة إن يكون الشرع عنده لم يكمل بعد، فلا يكون لقوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ [المائدة:3]، معنى يعتبر به عندهم، ومحسن الظن منهم يتأولها حتى يخرجها عن ظاهرها). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص47): (فإن صاحب البدعة إنما يخترعها ليضاهي بها السنة حتى يكون ملبسا بها على الغير، أو تكون هي مما تلتبس عليه بالسنة، إذا الانسان لا يقصد الاستنان بأمر لا يشابه المشروع... ولذلك تجد المبتدع ينتصر لبدعته بأمور تخيل التشريع، ولو بدعوى الاقتتداء بفلان المعروف منصبه في أهل الخير).([111]) اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في الإبداع في كمال الشرع وخطر الابتداع (ص4): (أيها المسلم فاعلم أن كل من ابتدع شريعة في دين الله ولو بقصد حسن، فإن بدعته هذه مع كونها ضلالة تعتبر طعنا في دين الله عز وجل، تعتبر تكذيبا لله تعالى في قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ [المائدة:3]، لأن هذا المبتدع الذي ابتدع شريعة في دين الله تعالى، وليست في دين الله تعالى كأنه يقول بلسان الحال إن الدين لم يكمل، لأنه قد بقي عليه هذه الشريعة التي ابتدعها يتقرب بها إلى الله عز وجل). اهـ
قلت: ويؤيد ما سبق: ما أخرجه البخاري في صحيحه (6604) ومسلم في صحيحه (2891) عن حذيفة t قال: (قام فينا رسول الله r مقاما، ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة، إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه).
فثبت من هذا الحديث أن النبي r لم يمت حتى أتى ببيان جميع ما يحتاج إليه في أمر الدين والدنيا([112])، وهذا لا مخالف عليه من أهل السنة والجماعة.
قلت: فالمبتدع يخالف هذا الأصل، ويستدرك على الشارع أنه علم ما لم يعلمه الشارع، وهذا إن كان مقصودا للمبتدع؛ فهو كفر بالشريعة والشارع، وإن كان غير مقصود، فهو ضلال مبين.([113])
قلت: فعليك بلزوم السنة؛ فإنها لك بإذن الله عصمة، وأعلم أن الناس لم يحدثوا بدعة إلا وقد مضى قبلها ما هو دليل عليها وعبرة فيها، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في اختلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق.
فأرض لنفسك ما رضي به السلف لأنفسهم، فإنهم السابقون، وإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا، ولهم كانوا على كشف الأمور أقوى.([114])
قال الإمام مالك رحمه الله:
وخير أمور الدين ما كان سنة |
|
|
وشر الأمور المحدثات البدائع([115]) |
ثم إن اغتر مغتر أحمق بمقالات ربيع هذا، ولم يقنع باتباع سلفه، ولا يرضى باتباع أئمته، ولم يجوز تقليدهم في مثل أصول الدين، فكيف يصنع؟! فهل له سبيل إلى معرفة الصحيح من ذلك باجتهاد نفسه، ونظر عقله؟!، ومتى ينتهي إلى حد يمكنه التمييز بين صحيح الدليل، وبين فاسده؟!، فهذا ربيع الذي زعم أنه استفرغ وسعه في علم في مجاهدة البدعة وأهلها يزعم ذلك في طول زمانه ما أفلح ولا وفق لرشد، بل أفضى أمره إلى ارتكاب البدع والأهواء المضلة، ومفارقة الصواب حتى استتيب من مقالاته من قبل علماء الحرمين، وقد أقر على نفسه في بعض أخطائه، ورجع عنها مع مماطلة طويلة والله المستعان.
قلت: فأنت أيها المغتر تب عن مقالات ربيع، وعليك بعلم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة والسلام.
العلم للرجل اللبيب زيادة |
|
|
ونقيصة للأحمق الطياش |
مثل النهار يزيد أبصار الورى |
|
|
نورا ويعمي أعين الخفاش([116]) |
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص246): (أن كل راسخ لا يبتدع أبدا، وإنما يقع الابتداع ممن لم يتمكن من العلم الذي ابتدع فيه([117])... فإنما يؤتى الناس من قبل جهالهم الذين يحسبون أنهم علماء). اهـ
وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).([118])
قلت: وقوله r: (إلا واحدة) يؤخذ منه أن الحق والهدى واحد لا يتعدد، ولا يختلف.
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج2 ص755): (إن قوله عليه السلام: (إلا واحدة) قد أعطى بنصه أن الحق واحد لا يختلف، إذ لو كان للحق فرق أيضا لم يقل: (إلا واحدة) ولأن الختلاف منفي عن الشريعة بإطلاق، لأنها الحاكمة بين المختلفين لقوله تعالى: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ [النساء:59]. إذ رد التنازع إلى الشريعة، فلو كانت الشريعة تقتضي الخلاف لم يكن في الرد إليها فائدة، وقوله: ﴿في شيء﴾ نكرة في سياق الشرط، فهي صيغة من صيغ العموم، فالرد فيها لا يكون إلا أمر واحد، فلا يسع أن يكون أهل الحق فرقا، وقال تعالى: ﴿ أن هـذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل﴾ [الأنعام:153]. وهو نص فيما نحن فيه، فإن السبيل الواحد لا يقتضي الافتراق، بخلاف السبل المختلفة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج19 ص174): (وقال تعالى: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول﴾ [النساء:59]. وهو الرد إلى كتاب الله، أو سنة الرسول بعد موته، وقوله: ﴿فإن تنازعتم﴾ شرط، والفعل نكرة في سياق الشرط، فأي شيء تنازعوا فيه ردوه إلى الله، والرسول، ولو لم يكن بيان الله، والرسول فاصلا([119]) للنـزاع لم يؤمروا بالرد إليه). اهـ
قلت: ثم خلف من بعد ذلك خلف استبدلوا البدعة بالسنة، والباطل بالحق، واتبعوا غير سبيل المؤمنين، فخرجت المرجئة وغيرها، وتفرق الناس إلى شيع كل شيعة بما لديها فرحة([120])، ولقد حذرهم الشرع عن ذلك.
قال تعالى: ﴿ولا تكونوا من المشركين* من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون﴾ [الروم:31 و32].
وقال تعالى: ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾ [النساء:115].
وقال تعالى: ﴿ وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد﴾ [البقرة:176].
وعن العرباض بن سارية t قال: (وعظنا رسول الله r موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: (أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليه بالنواجد، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)([121]).
وقوله r: (وكل بدعة ضلالة) من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين، وهو شبيه بقوله r: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) فكل من أحدث شيئا – من الإرجاء وغيره – ونسبه إلى الدين، ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه، فهو ضلالة، والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة.([122])
قلت: ومع خروج المخالفين صغارهم وكبارهم([123]) لا تزال طائفة من الأمة ظاهرة، ومنصورة، لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم إلى قيام الساعة.
عن ثوبان t قال: قال رسول الله r: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله).([124])
قلت: فهذا الحديث يؤكد وجود طائفة منصورة ظاهرة على مر الأزمان والعصور، وهذه الفرقة – أهل الحديث – تنجو من التفرق والاختلاف في الدنيا، والخسران، والنار التي هي مصير الإثنين والسبعين فرقة، لأنها جميعها جانبت الصواب، وحادت عن الحق فضلت وأضلت.
وهذا من معجزات الرسول r أنه أخبر عن مستقبل هذه الأمة من قيام الساعة وأخبر أنه لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرة منتصرة لا يضرها من ناصبها العداء، أو خذلها من الأدعياء حتى يأتيها أمر الله تعالى وهي على ذلك.([125])
والمسلم يرى جماعات شتى، وأحزابا متفرقة، كلها تدعي أنها على الحق، كما قال الشاعر:
إذا اشتكت دموع على خدود |
|
تبين من بكى ممـن تباكى |
وكـل يـدعي وصلا بليلى |
|
وليلى لا تقر لهم بـذاكا |
ولذلك اختلط الحابل بالنابل، وأصبح المرء كحاطب ليل لا يستطيع أن يميز الحق من الباطل، فكان لزاما على أهل الحديث أن يبينوا للناس الحق في مناهج هذه الجماعات ولا يكتمونه.
قال تعالى: ﴿لتبيننه للناس ولا تكتمونه﴾ [آل عمران:187].
قلت: ولا ريب أن الزمن الذي نعيش فيه الآن اجتمع الجهل، وفشو الأفكار المنحرفة فيه، فواجب أهل الحديث من علماء وطلبة علم الالتزام بالميثاق الذي أخذه الله تعالى عليهم.
قال ابن شاهين رحمه الله في شرح مذاهب أهل السنة (ص38): (وهذا فيه معنى لأهل العلم؛ لأن الحق لا يحقه إلا من عرفه، ولا يبطل الباطل إلا من عرفه، ولا يعرف الحق من الباطل إلا أهل العلم، فمعونة أهل الحق على حقهم، ودفع أهل الباطل عن باطلهم من أفضل الأعمال، وهو عمل بالقرآن؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه﴾ [الأنبياء:18]. وقال تعالى: ﴿ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون﴾ [الأنبياء: 8]). اهـ
قلت: ولابد هنا من معرفة العدل في الأمر والنهي، ومن فقده، لم يحسن أن يطلب الحق، ولم يعرفه، فغلب هواه على عقله فهلك.([126])
لكن لا يزال الله تعالى يغرز في الإسلام غرزا يعملون بطاعته على الكتاب والسنة.
اللهم أرنا الحق حقا وألهمنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وألهمنا اجتنابه.
قال الحاكم رحمه الله في معرفة علوم الحديث (ص2): (فلقد أحسن أحمد بن حنبل في تفسير هذا الخبر أن الطائفة المنصورة التي يرفع الخذلان عنهم إلى قيام الساعة هم (أصحاب الحديث) ومن أحق بهذا التأويل من قوم سلكوا محجة الصالحين، واتبعوا آثار السلف من الماضين، ودمغوا أهل البدع من المخالفين لسنة رسول الله r وآله أجمعين). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة (ص46): (ولا تزال إلى عصرنا هذا تتطور – يعني الفرق – وتزيد، وينشأ عنها مذاهب أخرى، وتنشق عنها أفكار جديدة([127]) منبثقة عن أصل الفكرة، ولم يبق على الحق إلا أهل السنة والجماعة، في كل زمان ومكان هم على الحق إلى أن تقوم الساعة). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة (ص51): (وأما الجماعات المعاصرة([128]) الآن المخالفة لجماعة أهل السنة؛ إلا امتداد لهذه الفرق وفروع عنها). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة (ص42) عن أهل الأهواء: (وهكذا دعاة الضلال في كل وقت، لابد أن ينحاز إليهم كثير من الناس، هذه حكمة من الله... ولهم أشباه في زماننا، يتركون علماء أهل السنة والجماعة، وينحازون إلى أصحاب الفكر المنحرف).([129]) اهـ
كما أن هناك طائفة أخرى، وهي المرجئة العصرية تشبه هذه في تنكب الطريق الصحيح، وتسبح مثلها في تلك المياه العكرة المنتنة، وإن كانت أقل لائمة من سابقتها وأخف غائلة في مسائل الإيمان فاحذروها.
قلت: فكلما ظهرت جماعة منحرفة عن منهج السلف الصالح، قيض الله لها علماء السنة وطلبتهم، يقولون بالحق وبه يعدلون، ينفون عن السنة تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، منهم: (سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله([130])، والفقيه المفسر الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، والمفتي العام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله، والفقيه الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله، والمجاهد الشيخ فالح الحربي حفظه الله، والفقيه الشيخ عبدالله الغديان حفظه الله، والفقيه الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله، والفقيه الشيخ محمد السبيل حفظه الله)([131]) وغيرهم.
قال تعالى: ﴿ بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق﴾ [الأنبياء:18].
قال الإمام أحمد رحمه الله في الرد على الجهمية (ص85): (الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عقال الفتنة فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فتعوذ بالله من فتنة الضالين). اهـ
قلت: إلا أن الله تعالى بفضله، ورحمته ناصر دينه، ومؤيد عباده المؤمنين... وأن هذا الدين بشرائعه، وتعاليمه، وأحكامه باق إلى قيام الساعة، تحمله طائفة إثر طائفة، وتطبقه عقيدة ومنهجا، وتدعو إليه، وتدافع عنه، وتحميه من كيد أعدائه، وتفضح مؤامراتهم ومخططاتهم الفكرية، وهذه الطائفة هم أهل الحديث الذين يسيرون على هدي النبي r، ولا يحكمون عقولهم وآرائهم في نصوص الكتاب والسنة.([132])
قلت: ففي هذا العصر – كما سبق – ظهرت جماعة جديدة تتبنى مذهب أهل الإرجاء، وتلبسه بمذهب أهل السنة على طريقة الجماعات الأخرى في الدعوة إلى الله تعالى.([133])
وإمام هذا المذهب الإرجائي، والذي يحمل وزره يوم القيامة هو ربيع المدخلي الذي تولى كبره في نشر الإرجاء في بلد الحرمين، ودفاعه عن المرجئة الخامسة، وهو أمر لم يسبق إليه، تحت تأثير المنهج المميع الضيق المبني على الموالاة والمعاداة في سبيل آراء ربيع، ولو كان على حساب تضييع أصول الدين([134])([135]) والله المستعان.
فالقول عندهم ما قاله ربيع([136]) مهما كانت مخالفته للحق، وهذا جهل بأصول الشريعة يقتضي من هؤلاء أن هناك وجود آراء مختلفة في الاعتقاد اللهم غفرا.
قلت: والتعصب لآراء الرجال هو سبب لظهور البدع في الناس، لأنه يحول بين المرء، وبين اتباع الدليل ومعرفة الحق، قال تعالى: ﴿وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا﴾ [البقرة:170]، وهذا هو شأن المتعصبين في كل زمان والله المستعان.
وعلى ذلك لابد للمرء أن يتبع الهوى، فمن أعرض عن الكتاب والسنة اتبع هواه، كما قال تعالى: ﴿فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله﴾ [القصص:50]، والبدع إنما هي نسيج الهوى المتبع.
ومن هنا يقع المرء في الضلالة، كما قال تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس:32].
قلت: ومبدأ هذا من أقوال الذين يعارضون النصوص بآراءهم، أي أن مبدأ أنواع كل الضلالات هو من تقديم الرأي على النص، واختيار الهوى على الشرع.([137])
قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج3 ص323): (عندما بين حقيقة الاعتصام بالكتاب: (وهو تحكميه دون آراء الرجال ومقاييسهم، ومعقولاتهم، وأذواقهم، وكشوفاتهم، ومواجيدهم، فمن لم يكن كذلك فهو منسل من هذا الاعتصام.
فالدين كله في الاعتصام به، وبحبله علما، وعملا، وإخلاصا، وإستعانة، ومتابعة، واستمرارا على ذلك إلى يوم القيامة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج16 ص528): (فالحذر الحذر أيها الرجل من أن تكره شيئا مما جاء به الرسول r، أو ترده لأجل هواك، أو انتصارا لمذهبك، أو لشيخك، أو لأجل اشتغالك بالشهوات، أو الدنيا، فإن الله لم يوجب على أحد اشتغالك بالشهوات، أو الدنيا، فإن الله لم يوجب على أحد طاعة أحد إلا طاعة رسوله، والأخذ بما جاء به، بحيث لو خاف العبد جميع الخلق واتبع الرسول ما سأله الله عن مخالفة أحد فإن من يطيع، أو يطاع إنما يطاع تبعا للرسول، وإلا لو أمر بخلاف ما أمر به الرسول ما أطيع فاعلم واسمع وأطع واتبع ولا تبتدع، تكن أبتر مردودا عليك عملك بل لا خير في عمل أبتر من الإتباع ولا خير في عامله). اهـ
وهذا بسبب عدم تمييز الحق من الباطل، وكذلك بسبب الفتور عن محاربة أهل البدع، ومكافحتهم لأن ذلك يؤدي إلى اختلاط ذلك على الإتباع، ويتلبس بعضهم بالبدع أو أكثرهم جهلا بالكتاب والسنة، ويحدث عن ذلك التفرق في الجماعة، كما هو مشاهد.
قلت: فالتحذير من البدع وأهلها أمر مطلوب لنصر السنة، ولا يكون ذلك إلا لأهل السنة فتنبه.
وهذه الجماعة المقلدة([138]) لو كان ما تدعيه صحيحا من أنها على الحق لما وقعت في مذهب الإرجاء، وخالفت أهل السنة والجماعة -الأحياء والأموات- في مسائل الإيمان وغيرها فافهم هذا ترشد.
وإن المتتبع للمرجئة الخامسة([139]) التي ظهرت علينا، وما هي عليه من منهج منحرف في أصول الدين([140])، يمكنه أن يلخص أقوالهم المنحرفة فيما يلي:
(1) التنازل عن الأصول لمصلحة الدعوة إلى الله!.([141])
(2) الموافقة لمذهب المرجئة في مسائل الإيمان.([142])
(3) الإطلاق بألفاظ في حق الله تعالى لا تليق بجلاله، وهذا فيه قلة التأدب مع الله سبحانه!.([143])
(4) الإطلاق بألفاظ في حق الرسول r لا تليق به r!.([144])
(5) الإطلاق بألفاظ في حق الرسل عليهم السلام لا تليق بهم!.([145])
(6) الاعتقاد الفاسد في صفات الله تعالى!.([146])
(7) الطعن في صحابة النبي r على طريقة سيد قطب!.([147])
(8) الطعن في سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله بأنه: (طعن في السلفية طعنة شديدة!).([148])
(9) الطعن في الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بقولهم: (نحن نترك أهل البدع، علشان فلان – يعني ابن عثيمين – ما قرأ، وفلان ما قرأ!)([149]) يقصدون علماء الحرمين.
(10) الطعن في المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله بأن (سلفيتهم أفضل من سلفتيه!)([150]) يعني الشيخ الألباني عندهم ليس على السلفية الصحيحة!.
(11) تفضيل الصغار من أصحاب النجمي على هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في الدعوة إلى الله تعالى!، وأنهم لم يفهموا!.([151])
(12) تفضيل ربيع على هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في الدين!.([152])
(13) تصويب علي الحلبي في مسائل الإيمان، وتخطئة اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية في المملكة العربية السعودية!.([153])([154])
(14) الغلو في إطلاق الألفاظ البدعية.([155])
(15) البراءة البدعية من المسلمين.([156])
(16) تحريض الصغار أن ينصحوا علماء السنة في بلد الحرمين.([157])
(17) عدم احترام علماء السنة وطلبتهم.([158])
(18) عدم هجر أهل البدع، بل الدخول معهم ونصحهم.([159])
(19) الطعن في حكام المسلمين على طريقة الخوارج.([160])
(20) التحريض على حكام المسلمين على طريقة الخوارج القعدة.([161])
(21) اللين مع سلمان العودة، وسفر الحوالي، وعائض القرني.([162])
(22) الإقرار بالتجمع والتكتل بدون التربية العلمية، والتصفية الشرعية.([163])
(23) تفضيل أهل البدع الكبار القدماء، على أهل البدع الصغار.([164])
(24) إطلاق الألفاظ على المخالفين في غير محلها، مما نتج حدوث فوضى في منهج القوم.([165])
(25) توقيع ربيع مع رؤوس أهل البدع في التحريض على خادم الحرمين الملك فهد رحمه الله([166]) وهذا هو منهج الخوارج القعدة.
(26) جعل هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية من أهل الدنيا، وأنهم مشغولون عن المبتدعة.([167]) ([168])
(27) ادعاء ربيع بأنه هو الذي يرد على المبتدعة دون بقية العلماء.([169])
(28) الطعن في الإمام الذهبي رحمه الله بقوله: (أنه متساهل).([170])
(29) التنازل عن الواجبات لمصلحة الدعوة.([171])
(30) التناقض في الأحكام العقدية، في الصفات وغيرها.([172])
(31) تمييع المنهج على حسب تصرفاتهم المشينة.([173])
(32) عدم سؤال علماء السنة في المنهج والعقيدة والدعوة إلى الله تعالى، لذلك وقعوا في خبط وخلط في دين الله تعالى.([174])
(33) عدم التكفير بترك جنس العمل، واضطراب ربيع في جنس العمل اضطرابا شديدا.([175])
(34) محاربة علماء السنة لقولهم بجنس العمل.([176])
(35) محاربة علماء السنة بتكفيرهم بترك جنس العمل.([177])
(36) إثبات الإيمان لتارك جنس العمل.([178])
(37) الكذب على العلماء في الأحكام العقدية.([179])
(38) الموافقة على البحوث الباطلة لكتاب شبكة سحاب الحزبية.([180])
(39) الموافقة على تجميع المتعالمين والحزبيين في شبكة سحاب الحزبية([181]) لذلك لا ترى تصفية وتربية من القوم لأتباعهم.
(40) العلاقات الحزبية بين أتباع ربيع وبين أتباع الأحزاب في شبكة سحاب الحزبية وغيرها.([182])
(41) التعاون مع أي شخص يضم إليهم ويلقي الدروس للاتباع، ولو لم يعرف بطلب العلم، وهذا هو التمييع والله المستعان.([183])
(42) تفضيل الخوارج على المخالفين في هذا العصر.([184])
(43) مسائل الأسماء والصفات يعتبرها ربيع من المشكل في الدين والمتشابهات.([185])
(44) النصح بحضور دورات المخالفين مع العلم بهم.([186])
(45) التعاون مع المخالفين الذين كانوا هؤلاء يردون عليهم في شبكة سحاب الحزبية.([187])
(46) تمييع الدعوة إلى الله تعالى.([188])
(47) تشتت المميعة في الجماعات والجمعيات الحزبية.([189])
(48) رمي أهل السنة والجماعة بالحدادية وغيرها.([190])
(49) رمي بعض علماء هيئة كبار العلماء بالحدادية.([191])
(50) تطبيق الفكر الإرهابي في الذي يخالفهم، وإرهاب الأتباع إن هم خالفوا.([192])([193])
(51) الدعوى العريضة في رؤية الله بالقلب.([194])
(52) التشكيك في منهج الطائفة المنصورة، بأنها غير معصومة.([195])
(53) الكذب بأنهم لم يبدعوا سلمان العودة وسفر الحوالي.
والكذب بأنهم لم يبدعوا الجماعات الحزبية.([196])
(54) الوقوع في مذهب الحدادية، ونشره بين شباب الأمة.([197])
(55) تكفير الشعوب مطلقا، ورميها بالشرك مطلقا، وتفسيقها مطلقا.([198])
قال ربيع في منهج الأنبياء (ص 148): (قد تكون هي من الأسباب وإلى جانبها أسباب أخر هي كفر الشعوب بالله، وشركها به، وفسوقها عن هداية الأنبياء). اهـ
(56) الغلو في الردود على الجماعات، وأن الجعد بن درهم أحسن منها بألف مرة!!!.([199])
فهذه ظلمات بعضها فوق بعض، بل هي من الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة.
قال تعالى: ﴿ومن يتعد حدود الله فأولـئك هم الظالمون﴾ [البقرة:229].
والظالم([200]) مهما أوتي من بيان لا يفلح، وليس له من أنصار، فهو دائما في ظلال مبين.
قال تعالى: ﴿وما للظالمين من أنصار﴾ [البقرة:270].
والمراد أن الله تعالى حد حدودا، ونهى عن تعديها، فمن تعدها فقد ظلم نفسه، وخرج عن الصراط المستقيم الذي أمر بالثبوت عليه.([201])([202])
قال تعالى: ﴿وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه﴾ [الطلاق:1].
وقال تعالى: ﴿تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولـئك هم الظالمون ﴾ [البقرة:229].
فنهى الله تعالى عن تعدي حدوده، لأن تعديها بهذا المعنى محرم.
قلت: ومن حفظ الحدود: المحافظة على الأصول وعدم التنازل عنها بأي وجه من الوجوه، والمحافظة على الواجبات بدون تنازل عنها، والمحافظة على المستحبات على قدر المستطاع، والانتهاء عن المحرمات بخلاف منهج ربيع المدخلي الذي ينص على التنازل عنها لمصلحة الدعوة زعم!!!، فرتكب الشبهات إلى ارتكاب البدع، فوقع في المحرمات والله المستعان.([203])
قلت: وهذا الرجل قد تعد حدود الله تعالى، وظلم نفسه.
فقال تعالى: ﴿وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون﴾ [البقرة:230].
وقد مدح الله الحافظين لحدوده.
فقال تعالى: ﴿والحافظون لحدود الله﴾ [التوبة:112].
قلت: وغير الحافظين لحدوده ليس لهم إلا الذم.
وعن عبدالله بن مسعود t قال: (لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد r، ومن أكابرهم، فإذا جاء العلم من قبل أصاغرهم هلكوا).([204])
قلت: وهذا الأثر فيه أصل عظيم من أصول أهل السنة والجماعة، وهو وجوب أخذ العلم من علماء السنة، وترك أخذ العلم من علماء البدعة.([205])
وعن عبدالله بن مسعود t قال: (الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة).([206])
وعن حسان بن عطية رحمه الله قال: (ما أحدث قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة).([207])
قلت: فعلى العبد أن يتبع سنة نبيه r، وأن يترك ما ابتدعه المبتدعون.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة).([208])
وعن أبي وائل قال: لما قدم سهل بن حنيف t من صفين أتيناه نستخبره، قال: فقال: (اتهموا الرأي على الدين).([209])
قال ابن رجب رحمه الله: (فمن استقام على هذا الصراط حصل له سعادة الدنيا والآخرة، واستقام سيره على الصراط يوم القيامة، ومن خرج عنه فهو إما مغضوب عليه، وهو من يعرف طريق الهدى ولا يتبعه كاليهود، أو ضال عن طريق الهدى كالنصارى ونحوهم من المشركين).([210]) اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله: (يا عبد الله، هذا الطريق، هلم إلى الطريق، فاعتصموا بحبل الله، فإن حبل الله هو القرآن، وهذا كما أن الكتب المنزلة، والرسل المرسلة وأتباعهم يدعون إلى اتباع الصراط المستقيم، فالشيطان وأعوانه واتباعه من الجن والإنس يدعون إلى بقية الطرق الخارجة عن الصراط المستقيم).([211]) اهـ
قال تعالى: ﴿وعلى الله قصد السبيل ومنها جآئر ولو شاء لهداكم أجمعين﴾ [النحل:9].
قال ابن رجب رحمه الله: (فأخبر أن قصد السبيل - وهو الطريق القاصد-، يعني: أنه يوصل إليه، وأن من السبيل ما هو جائر عن القصد غير موصل.
فالسبيل القاصد: هو الصراط المستقيم، والسبيل الجائر: هو سبيل الشيطان الرجيم.
وقد وحد طريقه في أكثر المواضع، وجمع طرق الضلال؛ لأن طريق الحق أصله شيء واحد، ودين الاسلام العام – كما سبق – وهو توحيد الله وطاعته، وطرق الضلالة كثيرة متنوعة، وإن جمعها الشرك والمعصية).([212]) اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله: (يقال: إن البدع أحب إلى ابليس من المعاصي؛ لأن المعاصي يتاب منها، والبدع يعتقدها صاحبها دينا فلا يتوب منها).([213]) اهـ
قلت: إذا فالمرجئة المميعة عن الصراط لناكبون. فمن صبر نفسه على الاستقامة على الصراط المستقيم، ولم يعرج عنه يمنة ويسرة، ولا كشف شيئا من الستور المرخاة على جانبيه – مما تهواه النفوس من الشهوات، أو الشبهات، بل سار على الصراط المستقيم حتى أتى ربه فقد نجى والله ولي التوفيق.
من كان يرغب في النجاة فما له |
|
غير إتباع المصطفى فيما أتى |
ذاك السبيل المستقيم |
|
وغيره سبل الضلالة والغواية والردى |
قلت: ومن أعظم الأسباب الداعية إلى البدع... إدخال ذلك العقل الضعيف في نصوص الوحي... والمحاولة الجادة البائسة لتكييف اعتقاد السلف باعتقاد المرجئة وتطبيقه في الواقع، فتأمل وانظر وتفكر!!!.
قلت: والتبدع ليس من صفات الراسخين في العلم وسماته، بل من صفات وسمات أهل الأهواء، لأنهم لهم الباع العريض في إثارة الفتن، وإظهار الشبه ﴿يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا﴾ [النساء:120]، ﴿يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا﴾ [الأنعام:112].
ونهى النبي r عن إثارة الفتن، وإظهار الشبه، لأنها قد تكون سببا لفتنة بعض الناس في دينهم، وانحرافهم عن فطرتهم السليمة والله المستعان.
قلت: والأصول والفروع في الدين أمانة في عنق العبد لا يجوز له التنازل عنها بأي وجه من الوجوه، ومن أدى الأمانة، وحفظ حدود الله تعالى ومنع نفسه من الهوى فإن الجنة هي المأوى.
فلذلك يحتاج العبد في هذه الدنيا إلى مجاهدة عظيمة، يجاهد نفسه على عدم التنازل عن الأصول والفروع في دين الله تعالى.
قلت: ومن لم يزجره علمه عن البدع، صارت البدع عادة عنده، ولم يؤثر فيه علمه شيئا... ولا يرتدع عن البدع بوعظ ولا زجر ولا غيره... فإن فعل البدع يصير عادة، ولا ينزجر عنه بوعظ ولا رد... بل هو متبع للهوى على كل حال... فهذا كل من اتبع هواه، ولم ينزجر عنه بوعظ ولا غيره.
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص206): (ثم يليهم كل من ابتدع بدعة، فإن من شأنهم أن يثبطوا الناس عن اتباع أهل الشريعة، ويذمنهم).اهـ
قال ابن رجب رحمه الله: (وأشد ذلك: حال من اتبع هواه في شبهة مضلة، ثم من اتبع هواه في غضب وكبر وحقد وحسد، ثم من اتبع هواه في شهوة حسية).([214]) اهـ
قلت: وأهل السنة([215]) لم يوافقوا المرجئة على منهجها هذا؛ بل أرجعوا الأمور إلى نصابها الصحيح، ووزنوا أمورها بميزان الكتاب والسنة ومنهاج السلف الصالح، لأن النبي r ترك أمته على البيضاء([216]) ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة (ص39): (فمن ترك الحق يبتلى بالباطل والزيغ والتفرق، ولا ينتهي إلى نتيجة بل إلى الخسارة).([217]) اهـ
قلت: وما ابتدع أحد بدعة إلا غل صدره على المسلمين، ونصب العداوة لهم اللهم غفرا.
قال عنبسة بن سعيد الكلاعي رحمه الله: (ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره على المسلمين، واختلجت منه الأمانة).([218])
لأن إذا حدث الرجل بالبدعة – بدعة الإرجاء وغيرها – وتمكنت من قلبه ودعى إليها سلب ورعه وأمانته، وحمل غلا وحقدا على الإسلام والمسلمين فافهم هذا ترشد.
قلت: وما حدث من أهل الإرجاء في هذا العصر من عداوتهم مع أهل السنة والجماعة من العلماء وطلبتهم لهو واضح، كل ذلك بسبب بدعة الإرجاء والعياذ بالله.
قال سفيان الثوري رحمه الله: (دين محدث دين الإرجاء).([219])
وقد أجمع السلف في كتبهم على بدعة الإرجاء جملة وتفصيلا. ([220])
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في لمحة عن الفرق الضالة (ص20): (فالأمر يحتاج إلى اهتمام شديد، لأنه كلما تأخر الزمان كثرت الفرق، وكثرت الدعايات، كثرت النحل والمذاهب الباطلة، كثرت الجماعات المتفرقة.
لكن الواجب على المسلم أن ينظر، فما وافق كتاب الله وسنة رسوله r أخذ به، ممن جاء به، كائنا من كان؛ لأن الحق ضالة المؤمن.
أما من خالف ما كان عليه الرسول r تركه، ولو كان مع جماعته، أو مع من ينتمي إليهم، ما دام أنه مخالف للكتاب والسنة؛ لأن الإنسان يريد النجاة، لا يريد الهلاك لنفسه.([221])
والمجاملة لا تنفع في هذا، المسألة مسألة جنة أو نار، والإنسان لا تأخذه المجاملة، أو يأخذه التعصب، أو يأخذه الهوى في أن ينحاز مع غير أهل السنة والجماعة، لأنه بذلك يضر نفسه([222])، ويخرج نفسه من طريق النجاة إلى طريق الهلاك.
وأهل السنة و الجماعة، لا يضرهم من خالفهم([223]) سواءا كنت معهم، أو خالفتهم. إن كنت معهم فالحمد لله، وهم يفرحون بهذا، لأنهم يريدون الخير للناس، وإن خالفتهم فأنت لا تضرهم... فالمخالف([224]) لا يضر إلا نفسه.([225])
وليست العبرة بالكثرة، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من الناس، حتى ولو لم يكن في بعض الأزمان إلا واحد من الناس؛ فهو على الحق، وهو الجماعة، فلا يلزم من الجماعة الكثرة، بل الجماعة من وافق الحق، ووافق الكتاب والسنة، ولو كان الذي عليه قليل.
أما إذا اجتمع كثرة وحق، فالحمد لله هذا قوة، أما إذا خالفته الكثرة، فنحن ننحاز مع الحق، ولو لم يكن معه إلا القليل.
وكما أخبر به r من حصول التفرق والاختلاف قد وقع، ويتطور كلما تأخر الزمان، يتطور التفرق والاختلاف إلى أن تقوم الساعة، حكمة من الله تعالى ليبتلي([226]) عباده فيتميز من كان يطلب الحق، ممن يؤثر([227]) الهوى والعصبية: ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين﴾ [العنكبوت:2-3]. وما زال علماء الأمة في كل زمان ومكان ينهون عن هذا الاختلاف، ويوصون بالتمسك بكتاب الله، وسنة رسوله r في كتبهم التي بقيت بعدهم([228])...
لا نجاة من هذ الخطر إلا بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله r، ولا تحسبن هذا الأمر يحصل بسهولة، لابد أن يكون فيه مشقة. لكن يحتاج إلى صبر وثبات، وإلا فإن المتمسك بالحق – خصوصا في آخر الزمان – سيعاني من المشاق، ويكون القابض على دينه كالقابض على الجمر... فهذا يحتاج إلى العلم أولا بكتاب الله وسنة رسوله r، والعلم بمنهج السلف الصالح وما كانوا عليه([229])، ويحتاج التمسك بهذا إلى صبر على ما يلحق الإنسان من الأذى في ذلك، ولذلك يقول تعالى: ﴿والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر﴾ [العصر:1-3]). اهـ
قال ابن القيم رحمه الله في مسألة السماع (ص145): (إنه ما من أحد بعد رسول الله r، إلا ومأخوذ من قوله ومتروك، ولا يقتدى بأحد في أقواله وأفعاله وأحواله كلها، إلا رسول الله r، فمن نزل غيره في هذه المنزلة، فقد شرح بالضلالة والبدعة صدرا، ولا يغني عنه ذلك الغير من الله شيئا، بل يتبرأ منه أحوج ما يكون إليه، قال تعالى: ﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب* وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار﴾ [البقرة:166-167].
وكل من بعد رسول الله يجب عرض أقواله وأفعاله وأحواله على ما جاء به الرسول r، فإن كانت مقبولة لديه قبلت وإلا ردت.
فأبى الظالمون المفتونون إلا عرض ما جاء به الرسول r على أقوال الشيوخ وطريقتهم، فأضلهم فعم بذلك المصاب، وعظمت المحنة، وأشتدت الرزية، وأشتدت غربة الدين وأهله، وظن بهم الجاهلون أنهم هم أهل البدع، وأصحاب الطرائق والآراء هم أهل السنة، ويأبى الله إلا أن يقيم دينه، ويتم نوره، ويعلي كلماته، وكلمات رسوله r، وينصر حزبه ولو كره المبطلون). اهـ
وقال ابن الجوزي رحمه الله في تلبيس إبليس (ص45): (فأما إذا كانت البدعة كالمتمم فقد اعتقد نقص الشريعة، وإن كانت مضادة فهي أعظم، فقد بان بما ذكرنا أن أهل السنة هم المتبعون، وأن أهل البدع هم المظهرون شيئا لم يكن قبل، ولا مستند له، ولهذا استتروا ببدعتهم، ولم يكتم أهل السنة مذهبهم؛ فكلمتهم ظاهرة، ومذهبهم مشهور والعافية لهم). اهـ
و
عن عبدالله بن مسعود t قال: (فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئا فهو عند الله سيئ).([230])
هذا وأمر التوبة إلى الله تعالى من البدع من أهم الأمور، وذلك لحاجة العباد إليها، فالله تعالى خلق الخلق، ويعلم أنهم ستمر بهم لحظات ضعف يحتاجون بعدها إلى عون إلهي يتغلبون به على النفس الأمارة بالسوء، والشيطان، والشهوات، والأهواء، والبدع، والضلالة.
وقد أمر الله تعالى عباده بالتوبة، فقال تعالى: ﴿وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾ [النور:31].
قلت: ولا يكون العبد التائب مفلحا إلا من فعل ما أمر من الطاعة، والإعتقاد الصحيح، والمنهج السليم، وترك ما نهي عنه من المعاصي، والبدع، وإلا كان من الظالمين.([231])
قال تعالى: ﴿ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون﴾ [الحجرات:11].
قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف (ص569): (فمن أصبح، أو أمسى على غير توبة، فهو على خطر، لأنه يخشى أن يلقى الله غير تائب، فيحشر في زمرة الظالمين، قال تعالى: ﴿ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون﴾ [الحجرات:11].
وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم و الحكم (ج1 ص446): (ومن جملة ذلك التوبة النصوح، فمن لم يتب، فهو ظالم، غير متقن). اهـ
وقال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر (ص104): (فكل ظالم معاقب في العاجل على ظلمه قبل الآجل، وكذلك كل مذنب ذنبا، وهي معني قوله تعالى: ﴿من يعمل سوءا يجز به﴾ [النساء:123].
قلت: وتارك المأمور -كالاعتقاد الصحيح، وغيره - ظالم، كما أن فاعل المحظور - كالإرجاء وغيره - ظالم.
وزوال اسم الظلم عنه إنما يكون بالتوبة الجامعة للأمرين.([232])
قال ابن القيم رحمه الله في مدراج السالكين (ج1 ص305): (لا يكون من العبد بمجرد الإقلاع والعزم والندم تائبا، حتى يوجد منه العزم الجازم علي فعل المأمور، والإتيان به، وهذا حقيقة التوبة، وهي اسم لمجموع الأمرين). اهـ
قلت: فالتوبة لابد فيها من ترك المنهي عنه، وفعل المأمور به.([233])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (التوبة العامة تتضمن عزما علي فعل المأمور، وترك المحظور، وكذلك تتضمن ندما على كل محظور).([234]) اهـ
قلت: والتوبة لابد أن تكون من أجل الله تعالي، وحياء منه، لا خوفا من نفرة الاتباع، أو على رأسة، أو مصلحة، أو غير ذلك.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (ج4 ص392): (التوبة النصوح هو أن يقلع عن الذنب في الحاضر، ويندم على ما سلف منه في الماضي، ويعزم على أن لا يفعل في المستقبل).اهـ
قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا﴾([235]) [التحريم:8].
وكذلك وردت التوبة في السنة النبوية لأهميتها.
فعن الأغر المزني t قال: قال رسول الله r: (يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة).([236])
قلت: والتوبة واجبة من كل ذنب من المعاصي والبدع صغيرها وكبيرها.
قال القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن (ج5 ص90): (واتفقت الأمة على أن التوبة فرض على المؤمنين). اهـ
وقال القرطبي رحمه الله في الجامع لأحكام القرآن (ج18 ص197): (وهي فرض على الأعين في كل الأحوال، وكل الأزمان). اهـ
والتوبة لا تحصل إلا بترك ما لا ينبغي، ويفعل كل ما ينبغي.([237])
والتوبة: مصدر الفعل تاب، وأصل هذه المادة: التاء والواو والباء (توب).
وهي تدور حول معاني الرجوع، والعودة، والأنابة، والندم.([238])
قلت: وهل فعل ذلك ربيع ؟!!!. كلا، كيف يفعل ذلك، وقد جند نفسه للدفاع عن مذهب المرجئة اللهم سلم سلم.
قال النووي رحمه الله في المنهاج (ج17 ص59): (التوبة من جميع المعاصي واجبة، إنها واجبة على الفور، لا يجوز تأخيرها، سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة، والتوبة من مهمات الأسلام، وقواعده المتأكدة، ووجوبها عند أهل السنة بالشرع). اهـ
وقال شيخ الأسلام ابن تيمية رحمه الله في الفرقان (ص195):(فليس لأحد أن يظن استغناه من التوبة إلى الله، والإستغفار من الذنوب، بل كل أحد محتاج الى ذلك دائما). اهـ
قلت: ولا تصح التوبة من معصية، أو بدعة مع الإصرار، فلابد من الإقلاع عن ذلك، والإقلاع([239]) عن الذنب من معصية، أو بدعة هو الشرط الاساسي للتوبة المقبولة، فالذي يرجع عن معصية، أو بدعة، وهو مقيم على الذنب لا يعد تائبا.
قال تعالى: ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا([240]) على ما فعلوا وهم يعلمون﴾ [آل عمران:135].
قال ابن رجب رحمه الله: (فوصفهم الله عند الذنوب والاستغفار، وعدم الإصرار، وهو حقيقة التوبة النصوح).([241]) اهـ
وعن النعمان بن بشير t قال: سمعت عمر قال في قوله تعالى: (توبة نصوحا) [التحريم:8] قال: (يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه).
أثر حسن.
أخرجه الطبري في تفسيره (ج28 ص107) والحاكم في المستدرك (ج2 ص495) وأبو داود في الزهد (ص77) والبيهقي في شعب الإيمان (ج5 ص7034) من طريق سفيان عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (ج2 ص154) وهناد في الزهد (901) والطبري في تفسيره (ج28 ص107) من طريق أبي الأحوص عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير به.
قلت: وهذا سنده حسن أيضا.
وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج1 ص199): (فحقيقة التوبة هي الندم على ما سلف منه في الماضي، والأقلاع عنه في حال، والعزم على ألايعاوده في المستقبل). اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج1 ص275): (وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لاتعلق له به، ولا هو من نوعه فتصح، كما إذا تاب من الربا، ولم يتب من شرب الخمر مثلا، فإن توبته من الربا صحيحة وأما إذا تاب من ربا الفضل، ولم يتب من ربا النسيئة، وأصر عليه، أو العكس، أو تاب من تناول الحشيشة، وأصر على شرب الخمر([242])، أو بالعكس فهذا لا تصح توبته... ومن تاب من قتل النفس وسرقة المعصومين... ولم يتب من شرب الخمر والفاحشة صحت توبته مما تاب منه، ولم يؤاخذ به، ويبقى مؤاخذا([243]) بما هو مصر عليه). اهـ
قلت: فقد فصل ابن القيم رحمه الله في المسألة وبين أن التوبة تصح من الذنب الواحد، ولا تصح من ذنب مع الأصرار على آخر.
واصرار العبد على المعصية، أو البدعة يترتب على ذلك الإنغماس في المعاصي، أو البدع، ويؤدى إلى التسويف، وكثرة الأخطاء، وتتجارى به الأهواء شيئا فشيئا ، وهذا مما يكون سببا في الطبع على القلب، وتكوين الران عليه والعياذ بالله.
قال تعالى: ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ [المطففين:14].
قلت: وران: أي صار كذلك، كالصدأ على جلاء قلوبهم فعمى عليهم معرفة السنه من البدعة، والصواب من الخطأ، والخير من الشر.([244])
قال ابن القيم رحمه الله في الداء والدواء (ص153): (وللمعاصي([245]) من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله:
فمنها: حرمان العلم([246])، فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور...
ومنها: الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس، ولاسيما أهل الخير([247]) منهم، فإنه يجد وحشة بينه وبينهم، وكلما قويت تلك الوحشة، بعد منهم ومن مجالستهم، وحرم بركة الإنتفاع بهم، وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن، وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم...
ويالله العجب! كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه وطرقها معسرة عليه، وهو لا يعلم ومن أين أتى؟!.
ومنها: ظلمة يجدها في قلبه حقيقة، يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا ادلهم، فتصير ظلمة المعصية وكذلك البدعة – لقلبه كالظلمة الحسية لبصره؛ فإن الطاعة نور، والمعصية ظلمة، وكلما قويت الظلمة، ازدادت حيرته، حين يقع في البدع والضلالات([248])، والأمور المهلكة وهولا يشعر، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده.
وتقوى هذه الظلمة حين تظهر في العين، ثم تقوى حين تعلو الوجه وتصير سوادا فيه يراه كل أحد).([249]) اهـ
قلت: والبدعة تجر البدعة، فالبدع تزرع أمثالها، ويولد بعضها بعضا، حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، وهذا من العقوبة([250]) والعياذ بالله.
قال ابن القيم رحمه الله في الداء والدواء (ص160): (ولا يزال يألف المعاصي- وكذلك البدع - ويحبها ويؤثرها، من يرسل الله عليه الشياطين([251])، فتؤزه إليها أزا)!!!؟. اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج8 ص425): (فالبدع تكون أولها شبرا ثم تكثر في الأتباع، حتى تصير ذراعا وأميالا وفراسخ).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج13 ص67): (وكل من خالف الرسول لا يخرج عن الظن، وما تهوى الأنفس، فإن كان ممن يعتقد ما قاله، وله فيه حجة يستدل به، كان غايته الظن الذي لا يغني من الحق شيئا، كاحتجاجهم بقياس فاسد، أو نقل كاذب، أو خطاب ألقي إليهم اعتقدوا أنه من الله، وكان من إلقاء الشيطان.([252])
وهذه الثلاثة هي عمدة من يخالف السنه بما يراه حجة ودليلا، أما أن يحتج بأدلة عقلية ويظنها برهانا وأدلة قطعية، وتكون شبهات فاسدة مركبة من ألفاظ مجملة، ومعان متشابهة لم يميز بين حقها وباطلها، كما يوجد مثل ذلك في جميع ما يحتج به من خالف الكتاب والسنه، إنما يركب حججه من ألفاظ متشابهة، فإذا وقع الاستفسار والتفصيل تبين الحق والباطل). اهـ
قلت: والتأويل أخطر سلاح استعمله أهل الإرجاء في تقرير أصولهم الفاسدة، وأهم ما يعتمدون عليه في الإستدلال على مقولاتهم الفاسدة فتنبه لهذا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج17 ص415):
(أهل البدع([253]) يتأولون النصوص بتأويلات تخالف مراد الله ورسوله، ويدعون أن هذا التأويل الذي يعلمه الراسخون، وهم مبطلون في ذلك). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الإعتصام (ج1 ص134): (فصاحب البدعة -من الإرجاء وغيره– لما غلب عليه الهوى مع الجهل بطريقة السنه –من مسائل الإيمان وغيرها– توهم أن ما ظهر له بعقله هو الطريق القويم دون غيره، فمضى عليه فعاد بسببه عن الطريق المستقيم، فهو ضال من حيث ظن إنه راكب للجادة، كالمار بالليل على الجادة وليس له دليل يهديه، يوشك أن يضل عنها فيقع في متابعة، وإن كان بزعمه يتحرى قصدها، فالمبتدع من هذه الأمة إنما ضل في أدلتها حيث أخذ مأخذ الهوى والشهوة لا مأخذ الإنقياد تحت أحكام الله، وهذا هو الفرق بين المبتدع وغيره، لأن المبتدع جعل الهوى أول مطالبه، وأخذ الأدلة بالتبع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (ج5 ص383): (وأصل وقوع أهل الضلال في مثل هذا التحريف، الإعراض عن فهم كتاب الله تعالى، كما فهمه الصحابة والتابعون، ومعارضة ما دل عليه بما ينقاضه، وهذا هو من أعظم المحادة لله ولرسوله، ولكن على وجه النفاق والخداع). اهـ
فالأعراض عن آثار السلف، وتفسيرهم للنصوص الشرعية وتقريراتهم للدين، اتباع لغير سبيل المؤمنين، وإعراض عن الهدى، وإتباع للأهواء، ومفارقة للحق وأهله، وهو سمة عامة لسائر أهل البدع والأهواء.([254])([255])
قال الشاطبي رحمه الله في الإعتصام(ج1 ص169)- في دعاة البدع-: (وأما الداعي إذا دعا إليها فمظنه الأقتداء أقوى وأظهر، ولا سيما المبتدع اللسن الفصيح الآخذ بمجامع القلوب، إذا أخذ في الترغيب والترهيب، أدلى بشبهته الى تداخل القلوب بزخرفها).([256]) اهـ
قلت: وهذا من أعظم الأمراض، وأقربها إلى الهلاك.
فالعبد لا يزال يرتكب البدعة حتى تهون عليه صغرها في قلبه، وذلك علامة الهلاك، فإن البدعة كلما صغرت في عين العبد، عظمت عند الله
تعالى([257]) اللهم سلم سلم.
وقد ذكر البخاري في صحيحه(6308) في كتاب الدعوات، باب التوبة عن ابن مسعود t أنه قال: (إن المؤمن يرى ذنوبه كأنها في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وأن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه، فقال به هكذا، فطار).
قلت: والقلب يصدأ من البدعة، فإذا زاد غلب الصدأ حتى يصير رانا، ثم يغلب حتى يصير طبعا وقفلا وختما، فيصير القلب في غشاوة وغلاف، فإذا حصل له ذلك بعد الهدى والبصيرة، انتكس، فحينئذ يتولاه عدوه([258]) ويسوقه حيث أراد اللهم سلم سلم.
قال تعالى: ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ [المطففين:14].
قلت: فلما كثرت بدعهم ومعاصيهم، أحاطت بقلوبهم والعياذ بالله.
وفي ذلك يقول حذيفة t: (كنا عند عمر فقال: أيكم سمع رسول الله يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه. فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل. قال: تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي r يذكر الفتنة أن تموج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكت القوم.
فقلت: أنا. قال: أنت، لله أبوك، قال حذيفة: سمعت رسول الله r يقول: تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها، نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها، نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، إلا من أشرب من هواه).([259])
قلت: فالبدع تفسد العقل وتذهب بنوره وتورث الطبع في القلب.([260])
فعن أبي هريرة t عن رسول الله r قال: (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران([261]) الذي ذكره الله ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾).([262])
وعن حذيفة بن اليمان t قال: (إن الفتنة لتعرض على القلوب؛ فأي قلب أشربها نقط على قلبه نقط سود، وأي قلب أنكرها نقط على قلبه نقطة بيضاء، فمن أحب منكم أن يعلم أصابته الفتنة أم لا، فلينظر؛ فإن رأى حراما ما كان يراه حلالا، أو يرى حلالا ما كان يراه حراما فقد أصابته).([263])
قلت: وقد أنكر ربيع أشياء في الجديد، وقد كان يأمر بها في القديم، فقد أصابته الفتنة بلا شك والله المستعان.
قال أبو الأسود:
يا أيها الرجل المعلم غيره |
|
|
هلا لنفسك كان ذا التعليم |
أتراك تلقح بالرشاد عقولنا |
|
|
صفة وأنت من الرشاد عديم |
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
إبدأ بنفسك فانهها عن غيها |
|
|
فإذا انتهت عنه فأنت حكيم |
فهناك ينفع إن وعظت وتقتدى |
|
|
بالقول منك وينفع التعليم([264]) |
وقال أبو العتاهية:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما |
|
|
إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها([265]) |
وقال أبو العتاهية:
وصفت التقى حتى كأنك ذو تقى |
|
|
وريح الخطايا من ثيابك يسطع([266]) |
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص246): (أن كل راسخ لا يبتدع أبدا، وإنما يقع الابتداع ممن لم يتمكن من العلم الذي ابتدع فيه... فإنما يؤتى الناس من قبل جهالهم الذين يحسبون أنهم علماء). اهـ
قلت: والبدعة تذهب بالحياء، الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير.
فعن عمران بن حصين t عن النبي r قال: (الحياء خير كله).([267])
وعن أبي مسعود t عن النبي r قال: (إن مم أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت).([268])
قلت: فمعلوم أن البدع تعمي بصيرة القلب، فلا يدرك الحق كما ينبغي، وتضعف قوته وعزيمته، فلا يصبر عليه، بل قد تتوارد على القلب حين ينعكس إدراكه، فيدرك الباطل حقا، والحق باطلا اللهم غفرا.
فالدعاوى والقول بلا حجة أوسع من المشرق إلى المغرب، يمكن كل مبطل أن يقول في خصمه ما شاء، إن لم يمنعه مانع، أو يزعه وازع من سنة، أو قرآن، أو رهبة وسلطان، وإذا خلا الرجل من ذلك وخلع ربقة الحياء والدين ليصنع ما شاء.
قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله في إتمام المنة والنعمة (ص21): (وإلا فمجرد الدعوى لا يفيد ولا يجدي، ولو فتح هذا الباب وأعطي الناس بدعواهم، لذهبت أحكام هذه الشريعة، وادعى كل مخالف ما ينصر دعواه). اهـ
قلت: فهذا الرجل مولع بمسبة أهل السنة، وعيبهم وتجهيلهم، كل ذلك من أجل أن يظهر باطله في قالب الحق!!!.
قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله في إتمام المنة والنعمة (ص59): (ومن عادة أهل البدع إذا أفلسوا من الحجة، وضاقت عليهم السبل: تروحوا إلى عيب أهل السنه وذمهم، ومدح أنفسهم([269]).
والواجب أن يتكلم الإنسان بعلم وعدل، قال تعالى: ﴿ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط﴾ [المائدة:8]). اهـ
قلت: والبدعة تصد عن التوبة، لأنها تضعف القلب عن إرادته، فتقوى إرادة البدعة، وتضعف إرادة التوبة شيئا فشيئا، إلى أن تتسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية، فلو هلك في البدع ورأى ذلك لما تاب إلى الله تعالى، فيأتي من توبة الكذابين باللسان بشيء كثير، وقلبه معقود بالبدعة، ومصر عليها والعياذ بالله.
والتوبة تأتي بالهداية إلى الصراط المستقيم، وهي فرض على الفور.
قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج1 ص179): (إن الهداية التامة إلى الصراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذنوب، ولا مع الأصرار عليها، فإن الأول جهل ينافي معرفة الهدى، والثاني لا ينافي قصده وإرادته، فلذلك لا تصح التوبة إلا من بعد معرفة الذنب، والإعتراف به، وطلب التخلص من سوء عواقبه أولا وآخرا). اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج1 ص272): (إن المبادرة إلى التوبة من الذنب فرض على الفور، لا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير). اهـ
قلت: فيا ربيع لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة.
قال تعالى: ﴿وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولـئك أعتدنا لهم عذابا أليما﴾ [النساء:18].
قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر (ص502): (فالحذر الحذر من عواقب الخطايا، والبدار البدار إلى محوها بالإنابة، فإن لها تأثيرات قبيحة إن أسرعت وإلا اجتمعت وجاءت). اهـ
قلت: ولا تصح التوبة الشرعية إلا بالإخلاص، ومن ترك الذنب لغير الله تعالى لا يكون تائبا اتفاقا.([270])
قال تعالى: ﴿إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولـئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما﴾ [النساء:146].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العبودية (ص140) عن القلب الذي لم يخلص لله: (وتارة يجتذبه الشرف والرئاسة، فترضيه الكلمة، وتغضبه الكلمة ويستعبده من يثني عليه ولو بالباطل، ويعادي من يذمه ولو بالحق).اهـ
وقد حذر الله تعالى عباده من ذلك في كتابه، ليستعدوا للموت قبل نزوله، بالتوبة والعمل الصالح، فقال تعالى: ﴿وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون* واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون* أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين﴾ [الزمر:54-56].
وقال تعالى: ﴿حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون* لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها﴾ [المؤمنون:99-100].
وقال تعالى: ﴿وحيل بينهم وبين ما يشتهون﴾ [سبأ:54].
وفسر طائفة من السلف: بأنهم طلبوا التوبة حين حيل بينهم وبينها.([271])
قلت: وقد مات كثير من المصرين على البدع على أقبح أحوالهم، وهم
مباشرون للبدع، فكان ذلك خزيا لهم في الدنيا والآخرة.([272])
قال ابن رجب رحمه الله عن قوله: ﴿بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيـئته﴾ [البقرة:81]: (فكأن ذنوبه أحاطت به من جميع جهاته، فلم يبق له مخلص منها، فالخطايا تحيط بصاحبها حتى تهلكه، وقد ضرب النبي r مثل الخطايا التي يتلبس بها العبد بمثل درع ضيقة يلبسها، فتضيق عليه حتى تخنقه، ولا تنفك عنه إلا بعمل الحسنات من توبة، أو غيرها من الأعمال الصالحة...فلا يخلص العبد من ضيق الذنوب عليه وإحاطتها به، إلا بالتوبة والعمل الصالح).([273])اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (ج2ص448): (والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح). اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (ج2ص453): (فأفضل الاستغفار ما اقترن به ترك الإصرار، وهو حينئذ توبة نصوح... وهذا حق، فإن التوبة لا تكون مع الإصرار). اهـ
قلت: وأفضل أوقات التوبة، هو أن يبادر العبد بالتوبة في صحته قبل نزول المرض به حتى يتمكن حينئذ من العمل الصالح والعلم النافع.([274])
قلت: وربيع فيه هذه الخصال من التعمد وغيره، فيظهر في الظاهر قولا، أو فعلا، وهو في الصورة التي ظهر عليها حسن في الظاهر، ومقصوده بذلك التوصل إلى غرض فاسد في الباطن من إظهار الإرجاء وغيره، فيفرح اتباعه على ما ظهر لهم، فيتوصل في الباطن إلى غرضه السيئ، فتتم له الفائدة الباطلة، وتنفذ له الحيلة بهذا الخداع للناس!!!.
ولذلك يظهر ربيع التنقص من علماء السنه لينفر الناس عنهم من إيذائهم وعداوتهم وغير ذلك من الأمور المذمومة، فلا يتوصل إلى ذلك إلا بإظهار الطعن فيهم بسبب ديني، أو غيره.([275])
قلت: وكل من عصى الله تعالى بالمعاصي والبدع فهو جاهل وإن ادعى العلم وكل من أطاعه فهو جاهل، وبيانه من وجهين:
أحدهما: أن من كان عالما بالله تعالى وعظمته، وكبريائه، وجلاله، فإنه يهابه ويخشاه، فلا يقع منه العصيان والتبدع.
والثاني: أن من آثر المعصية والبدعة على الطاعة، فإنما حمله على ذلك جهله، خاصة إذا أصر على ذلك اللهم غفرا.([276])
قلت: فتبين بهذا أن إيثار المعصية، أو البدعة إنما يحمل عليه الجهل وإن ادعى العلم والله المستعان.
ومن كان هذا حاله لا يوفق لتوبة صادقة، بل ييسر له عمل السيئات فتتجارى به الأهواء والعياذ بالله.
قلت: وتأخير التوبة في حال الشباب قبيح، ففي حال المشيب أقبح وأقبح.
قلت: وهذا الأمر السيئ فيه فقدان للرشد، والرشد: هو طاعة الله تعالى ورسوله r.([277])
قال تعالى: ﴿ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون﴾ [الحجرات:7].
قال ابن رجب رحمه الله: (والرشد ضد الغي.
قال تعالى: ﴿قد تبين الرشد من الغي﴾ [البقرة:256].
فمن لم يكن رشيدا فهو غاو، وإما ضال، كما قال تعالى: ﴿ما ضل صاحبكم وما غوى﴾ [النجم:2].
فالغاوي: من تعمد خلاف الحق، والضال: من لم يتعمد).([278]) اهـ
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه (ج1 ص177): (وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة لقول الله تعالى: ﴿ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون﴾ [آل عمران:135].
قال ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (ج1 ص177): (فمراده - البخاري - أن الإصرار على المعاصي وشعب النفاق من غير توبة؛ يخشى منها أن يعاقب صاحبها بسلب الإيمان بالكلية، وبالوصول الى النفاق الخالص، وإلى سوء الخاتمة، نعوذ بالله من ذلك، كما يقال: إن المعاصي بريد الكفر... وقد وصف الله اهل النار بالإصرار على الكبائر، فقال تعالى: ﴿وكانوا يصرون على الحنث العظيم﴾ [الواقعة:46].
والمراد بالحنث: الذنب الموقع في الحنث، وهو الإثم). اهـ
وقلت: وكلما أحدث العبد من المخالفات الشرعية خفي عليه بعض دينه عقابا له.
قال ابن رجب رحمه الله في فتح البارري (ج1 ص177): (الذنوب قد تكون سببا لخفاء بعض معرفة ما يحتاج إليه في الدين... فكلما أحدث الناس ذنوبا أوجب ذلك خفاء بعض أمور دينهم عليهم).([279]) اهـ
قلت: والمخطئ التائب بعد أن يخلص في توبته، ويقر بذنوبه نادما عليها، لابد أن يسلك درب الاستقامة على منهج الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح.([280])
قال تعالى: ﴿فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير﴾ [هود:112].
فهذا النص يدل على أن الراجع عليه الاعتدال والتوسط في الدين، فلا يفرط، ولا يغالي.
قلت: والمخالفات الشرعية تؤثر على مرتكبها تأثيرا كبيرا من ذلك:
(1) إضعاف الإرادة، فيصبح أسير هواه، وهذا مرض يبتلي به مرتكبها المخالفة، فيقدم هواه على المصلحة الشرعية.
قال ابن القيم رحمه الله في الجواب الكافي (ص37): (الذنوب تضعف القلب عن إرادته، فتقوى إرادة المعصية، وتضعف إرادة التوبة شيئا فشيئا إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية، فلو مات نصفه لما تاب إلى الله). اهـ
(2) صعوبة التخلص من المخالفة، بل تراه يستمر بها ومستخفا بآثارها، وخطرها عليه، فلا يرى أن ما يفعله من المخالفات من الأمور السيئة، لذلك تراه يجاهر أكثر في كل فترة، غافلا عن نهاية السوء التي تنتظره.
(3) الطبع على القلب وتغطيته، وقد أخبر الله تعالى بذلك في قوله تعالى: ﴿كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون﴾ [المطففين:14].
والران: هو الذنب تلو الذنب حتى يغلف القلب ويغطيه، حتى يحول بينه وبين التوبة إلى الله تعالى.
قلت: وكيف يفيق ربيع المدخلي وهو واقع في الضلالات، وعنده من يوسوس له ويزين له المخالفات في شبكة سحاب الحزبية، فأنى له أن يتذكر، وهو واقع تحت تأثير هؤلاء اللهم غفرا.
(4) الاضطراب والتناقض في الكلام فهذه المخالفات تجعله قلقا متوتر الأعصاب ذا نفسية مضطربة متناقضة يشعر بالضيق فلا يلتزم في آرائه فتراه يتخبط في دين الله تعالى لانقطاع الصلة بينه وبين منهج الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح.
قلت: بل مخالفات ربيع المدخلي لها آثار سيئة، وعواقب وخيمة على أتباعه المتعصبة كما هو ظاهر منهم.
وفيما يلي ذكر لبعض الآثار السيئة والعواقب الوخيمة لأتباع ربيع المدخلي بسبب تعصبهم لضلالاته.
(1) انقسام أتباعه إلى شيع منخرطة في الأحزاب، وذلك بسبب إعراضهم عن الكتاب والسنة ﴿ وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون﴾ [العنكبوت:40].
قلت: وهذا سنة الله تعالى جارية في الكون لكل من ابتعد عن منهج الله تعالى وشرعه، وتعصب لآراء الرجال، إن الله يبتليه بالتفرق والتناحر والاختلاف.
قال تعالى: ﴿ قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض﴾ [الأنعام:65].
فترى أتباعه في خصومات ونزاعات، ويتربص بعضهم ببعض في شبكة سحاب وغيرها.
(2) إصابة أتباعه بالخوف من ترك بعض أتباعهم لهم ونفرتهم منهم لما عرفوا من ضلالات القوم ﴿ولنبلونكم بشيء من الخوف﴾ [البقرة:155].
(3) تسلط الأعداء على أتباع ربيع لظلمهم للمسلمين، ومحاربتهم في قعر دارهم في (شبكة سحاب) على أنهم كتاب فيها!!!.
قلت: فسلط الله تعالى عليهم عدوا من غيرهم فأحدثوا فيها الفوضى والبلبلة لأتباع ربيع فجعل الله بأسهم بينهم والله المستعان.
(4) إصابة أتباعه بالفتن: والله تعالى حذر الناس من مخالفة أمره أن يفتنهم.
قال تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم﴾ [النور:63].
قلت: وهذه الفتنة عامة في إصابتها القوم، فتفسد أمور الجماعة ودعوتهم اللهم غفرا.
وكان السلف أبعد الناس عن المخالفات ما دق منها وما عظم.
فعن أنس بن مالك t قال: (إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا نعدها على عهد النبي r من الموبقات).([281])
قال ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (ج11 ص330): (معناه إنكم تعملون أعمالا تحسبونها هينة وهي عظيمة، أو تؤول إلى العظم).اهـ
قلت: بل هؤلاء يفرحون ويتبجحون بأقوال ربيع المخالفة لمنهج السلف ويجاهرون بها في شبكة سحاب الحزبية والله يقول: ﴿لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم﴾ [النساء:148]. والنبي r يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرون). [أخرجه البخاري في صحيحه (ج7 ص89) من حديث أبي هريرة t].
قال ابن بطال رحمه الله في شرح صحيح البخاري (ج9 ص263): (وفي المجاهرة بالمعاصي استخفاف بحق الله تعالى، وحق ورسوله وضرب من العناد لهما). اهـ
قلت: فالجهر بالبدعة والمعصية استخفاف بحق الله تعالى، ورسوله r، وبصالحي المؤمنين والله المستعان.
قلت: فما دام هذا حالهم فيجب هجرهم للحذر من شرهم، لأن مما لا شك فيه أن الصديق له تأثير كبير على صديقه في الشر، لكثرة مخالطته، ولشدة ملازمته، ولمعرفة مداخله ومخارجه، ومواضع الضعف فيه.
ومما هو مقرر أن التأثير في الشر أكثر وأسرع من التأثير بالخير، وكم من صديق أوقع صديقه في مزالق الشر، وأورده موارد الهلكة، والكتاب بين لنا عاقبة اتخاذ أصدقاء السوء، وأن هذه الصداقة شؤما على صاحبها لأنه ظالم لنفسه والعياذ بالله.([282])
قال تعالى: ﴿ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا* يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا* لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا﴾ [الفرقان:27-29].
يخبر الله عن ندم المختلط مع الإشرار بدون تثبت فيهم. ([283])
وقال تعالى: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة واعلموا أن الله شديد العقاب﴾ [الأنفال:25].
وعن أبي موسى الأشعري عن النبي r: (إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة).([284])
قلت: فرفقة السوء تحسن القبيح، وتقبح الحسن، وتجر إلى المخالفات الشرعية والله المستعان.
فرفيق السوء يفسد على المرء دينه، ويخفي على صاحبه عيوبه، ويصله بالأشرار، ويقطعه عن الأخيار.
ثم إن المرء يتأثر بعادات جليسه، فالصاحب ساحب .
فالرجوع إلى الحق متعين على كل مخالف للكتاب والسنة ومنهج السلف، والتمادي في الباطل باطل اللهم غفرا.
ولو أننا أخذنا بدعاوي الرجوع والتوبة عند ربيع المدخلي، بعين الاعتبار لفتحنا من أبواب الفساد ما لا يعلمه إلا الله، لأنه يمكن أن يقول مخالف تراجعت عن كذا، وعن كذا، مع بقاء مخالفات في الاعتقاد، وكذلك في رجوعه لف ودوران فماذا ينفعه هذا الرجوع.
قلت: إن للرجوع علامات واضحة، تظهر من المخطئ، ولو فعل ربيع لظهرت هذه العلامات([285]) لكن هيهات هيهات.
فهذا الحق ليس به خفاء |
|
فدعني عن بنيات الطريق |
قال الحسن بن شقيق: (كنا عند ابن مبارك إذ جاءه رجل، فقال له: أنت ذاك الجهمي، قال: إذا خرجت من عندي فلا تعد إلي، قال الرجل: فأنا تائب، قال: لا حتى تظهر من توبتك مثل الذي ظهر من بدعتك).([286])
قلت: وهذا اشتراط السلف في الذي يظهر البدعة، ثم يزعم أنه تائب، فلا بد عليه أن يظهر السنة بمثل ما ظهر من البدعة.([287])
قلت: ولم يفعل ربيع ذلك لأنه اشتغل بمذهب الإرجاء ولم يستطع أن يتخلص منه، فأظلم عليه قلبه، وبقي وقتا طويلا إلى الآن لا يقدر على الاشتغال بشئ آخر والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء (ص 217): (ولهذا عظمت الشريعة النكير على من أحدث البدع، وحذرت منها، لأن البدع لو خرج رجل منها كفافا – لا عليه ولا له - لكان الأمر خفيفا، بل لا بد أن توجب له فسادا في قلبه ودينه، ينشأ من نقص منفعة الشريعة في حقه، إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه). اهـ
قلت: وبهذا يتبين لك ضرر البدع على الفرد والمجتمع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاقتضاء (ص218): (فيبقى اغتذاء قلبه من هذه الأعمال المبتدعة مانعا من الاغتذاء، أو من كمال الاغتذاء، بتلك الأعمال النافعة الشرعية، فيفسد عليه حاله من حيث لا يعلم، كما يفسد جسد المغتذي بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر). اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في القول المفيد (ج1 ص214): (وهذا صحيح، فالإنسان المنتقل من شئ سواء باطلا، أو لا([288])، لا يؤمن أن يكون في قلبه بقية منه([289])، وهذه البقية لا تزول إلا بعد مدة). اهـ
ولذلك لا يعتبر ربيعا مجتهدا في الدين لتقلبه واضطرابه وتناقضه في الأحكام بدون علم بالحق فلا يعذر، لذلك فهو آثم فافهم هذا ترشد.
قال الخطابي رحمه الله في معالم السنة (ج5 ص1205): (فأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهو متكلف، لا يعذر بالخطأ في الحكم، بل يخاف عليه أعظم الوزر). اهـ
وقال البيهقي رحمه الله في السنن الكبرى (ج10 ص117): (اجتهاده بغير علم لا يهديه إلى الحق إلا اتفاقا فلم يكن مأذونا له فيه). اهـ
فأين العلماء الذين شهدوا لربيع بصحة أقواله في الإرجاء، وفي أصوله
الفاسدة الأخرى، واجتهاده في ذلك.([290])
فاتق الله يا ربيع، وأقصر عن هذه التدليسات([291]) والتلبيسات على أتباعك، فإنها مفاتيح شر عليك وعليهم، ولا تغتر بنفسك أكثر من ذلك، فإنها تصريحات وافتراءات خادعة ولعبة منك عندما ضاقت عليك الأرض بما رحبت.
قلت: فلا تلبس الحق بالباطل مع علمك به، ولا تخلطه بغيره لأن علماء أهل السنة والجماعة ميزوا بين آرائك الباطلة المخالفة للكتاب والسنة ومنهج السلف، فلا تكن فتانا.([292])
والله تعالى يقول: ﴿ ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾ [البقرة:42].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (ج5 ص167): (ولهذا سمي أهل البدع أهل الشبهات، وقيل فيهم: إنهم يلبسون الحق بالباطل).اهـ
قلت: وهذا الكلام كان يقوله: لعبدالرحمن عبدالخالق، وعدنان عرعور، وأبي الحسن المأربي وغيرهم، فإذا به يقوله وأشد والله المستعان.
والله تعالى يقول: ﴿أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون﴾ [البقرة:44].
قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فتنبه.([293])
قلت: فالواجب اتباع الدليل من الشرع وتعظيمه، وأن يستشعر سامعه أن قائله قد خاطبه به لأنه من الشرع، فتكون الهيبة في قلبه للشرع وأدلته، لا للرجال وآرائهم المخالفة للشرع([294]) اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج15 ص115): (من أصول الإسلام أن تميز ما بعث الله به محمد r من الكتاب والحكمة، ولا تخلطه بغيره، ولا تلبس الحق بالباطل، كفعل أهل الكتاب، فإن الله سبحانه أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا، وقد قال النبي r: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)). اهـ
ثم قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج15 ص115): (وجماع ذلك بحفظ أصلين:
أحدهما : تحقيق ما جاء به الرسول r، فلا يخلط بما ليس منه من المنقولات الضعيفة، والتفسيرات الباطلة بل يعطي حقه من معرفة نقله، ودلالته.
والثاني: أن لا يعارض ذلك بالشبهات، لا رأيا، ولا رواية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في درء التعارض (ج1 ص73): (وبذلك يتبين أن الشارع عليه الصلاة والسلام نص على كل ما يعصم من المهالك نصا قاطعا للعذر، وقال تعالى: ﴿وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون﴾ [التوبة:115].
وقال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ [المائدة:3]). اهـ
وقال تعالى: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات﴾ [الحديد:25].
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى في الصواعق المرسلة (ج4 ص1263): (إن أئمة الإسلام وملوك السنة، لما عرفوا أن طرق المتكلمين إنما تنتهي إلى هذا- يعني الشك والحيرة والتناقض- وما هو شر منه - كـ (الإرجاء) -، تنوعوا في ذمها والطعن فيها وعيب أهلها والحكم بعقوبتهم، وإشهارهم والتحذير منهم).([295]) اهـ
قلت: وما أراده ربيع في مسائل الإيمان وغيرها من الأصول كلها باطلة بلا شك، فعليه أن يمتنع من إلقائها لمفاسد تنجر من ورائها اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (ج1 ص297): (فقد يكون المعنى صحيحا، ويمتنع من إطلاق اللفظ لما فيه من مفسدة، وقد يكون اللفظ مشروعا، ولكن المعنى الذي أراده المؤلف باطل!!!).اهـ
قلت: فالمتكلم في الأصول لا بد عليه من التفصيل الدقيق الذي يعرف به الحق من الباطل كما قال تعالى: ﴿قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون﴾ [الأنعام:97].
وقال تعالى: ﴿وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين﴾ [الأنعام:55].
والمخاطب إذا لم يفصل في الأصول سوف يقع في المتشابه والضلالة كما فعل ربيع فوقع في المتشابهات والضلالات في الأصول- وهكذا كلما تكلم في الأصول وقع في المتشابهات مرة بعد أخرى- فاكتسب زيغا وضلالا لا تنزع عنه إلا بالتوبة الصادقة النصوحة اللهم غفرا.
قال تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس:32].
ولقد حذر الكتاب، وكذلك السنة من أصحاب أتباع المتشابه في دين الله تعالى، لأنه زيغ في القلب والعياذ بالله.
قال تعالى: ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم([296]) يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب﴾ [آل عمران:7].
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (تلا رسول الله r في الآية ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾ قالت: قال رسول الله r: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم).([297])
وبوب عليه النووي في شرح صحيح مسلم (ج16 ص216): باب النهي عن إتباع متشابه([298]) القرآن، والتحذير من متبعيه.
واعلم يا ربيع أن ورود المتشابهات صارت من شعار الخوارج قديما وحديثا كما هو معروف عندهم منهم في هذا العصر: كـ (سلمان العودة، وسفر الحوالي، وعائض القرني، وعدنان عرعور، وعبدالرحمن عبدالخالق) وغيرهم.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (يؤمنون بمحكمه، ويضلون عند متشابهه).([299])
قال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة (ج3 ص926): (إن هؤلاء المعارضين للكتاب والسنة بعقلياتهم التي هي في الحقيقة جهليات، إنما يبنون أمرهم في ذلك على أقوال مشتبهة محتملة، تحتمل معاني متعددة، ويكون ما فيها من الاشتباه في المعنى والإجمال في اللفظ، ما يوجب تناولها بحق وباطل، فيما فيها من حق يقبل، وما فيها من الباطل لأجل الاشتباه والالتباس، ثم يعارضون بما فيها من الباطل نصوص الأنبياء، وهذا منشأ ضلال من ضل من الأمم قبلنا، وهو منشأ البدع كلها.
فإن البدعة لو كانت باطلا([300]) محضا لما قبلت، ولبادر كل أحد إلى ردها وإنكارها، ولو كانت حقا محضا لم تكن بدعة، وكانت موافقة للسنة، ولكنها تشتمل على حق وباطل، ويلتبس فيها الحق بالباطل، كما قال تعالى: ﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون﴾ [البقرة:42].
فنهى عن لبس الحق بالباطل وكتمانه، ولبسه به: خلطه به حتى يلتبس أحدهما بالآخر، ومنه التلبيس، وهو التدليس والغش الذي يكون باطنه خلاف ظاهره، فكذلك الحق إذا لبس بالباطل، يكون فاعله على قد أظهر الباطل في صورة الحق، وتكلم بلفظ له معنيان: معنى صحيح، ومعنى باطل، فيتوهم السامع أنه أراد المعنى الصحيح، ومراده الباطل، فهذا من الإجمال في اللفظ.
وأما الاشتباه في المعنى فيكون له وجهان، هو حق من أحدهما، وباطل من الآخر، فيوهم إرادة الوجه الصحيح، ويكون مراده الباطل.
فأصل ضلال بني آدم من الألفاظ المجملة، والمعاني المشتبهه، ولا سيما إذا صادفت أذهانا مخبطة([301])، فكيف إذا انضاف إلى ذلك هوى وتعصب، فسل مثبت القلوب أن يثبت قلبك على دينه، وأن لا يوقعك في هذه الظلمات).اهـ
عن مجاهد رحمه الله قال: (ولا تتبعوا السبل) قال: (البدع والشبهات).([302])
إذا فلا تكن يا المدخلي معول هدم يستعمل لضرب بلد الحرمين، الذي تميز بالمسائل السلفية الصافية، فتستبدله بالمسائل المرجئية الفاضحة، وتطعن فيهم لأجل هواك.
لقد ميعت المنهج السلفي، ومرغته في عقلك، وجعلته خدمة لأهل الأهواء، وتظن نفسك إنك تحسن صنعا.([303])
وأقول هذه التصريحات من ربيع لأصوله الفاسدة موجة إلى السلفيين من علماء وطلبة علم وأتباعهم في مشارق الأرض ومغاربها.
إذا أيها المسلمون كيف تختلفون بسبب بدع ربيع ويعادي بعضكم بعضا من أجل رجل أثار نقع الفتنة واقتدح نارها، واكتوى بها، وتضرر من حرها كثيرا، وانتهى من مذهب أهل السنة والجماعة، فليس لنا حاجة به كما قال علماء السنة في بلد الحرمين.([304])
لأنه وصل به الأمر رمي أهل السنة بألفاظ هي تكفير لهم بلا شك، لا لشيء إلا أنهم خالفوه في بدعه الأخيرة من إرجاء وغيره.([305])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (ج1 ص271): (ومعلوم أن الخوارج هم مبتدعة مارقون كما ثبت في النصوص المستفيضة عن النبي r، وإجماع الصحابة ذمهم، والطعن عليهم، وهم إنما تأولوا آيات من القرآن على ما اعتقدوه، وجعلوا من خالف ذلك كافرا، لاعتقادهم أنه خالف القرآن.
فمن ابتدع أقوالا ليس لها أصل في القرآن، وجعل من خالفها كافرا كان قوله شرا من قول الخوارج).([306]) اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة (ج3 ص988): (إن هؤلاء المعارضين للوحي بعقولهم ارتكبوا أربع عظائم: ... وذكرها... الرابعة: تكفيرهم، أو تبديعهم وتضليلهم لمن خالفهم في أصولهم التي اخترعوها، وأقوالهم التي ابتدعوها، مع أنها مخالفة للعقل والنقل!!!). اهـ
بل وصل به الأمر الآن إلى رد الآثار السلفية وتضعيفها التي جرت غير الموافقة لمذهبه، ويدعي أنها مخالفة لمنهج السلف، وغير جارية على مقتضى الدليل، اللهم غفرا.([307])
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص232): (وربما ردوا فتاويهم – يعني الصحابة والتابعين – وقبحوها في أسماع العامة، لينفروا الأمة عن اتباع السنة وأهلها ...). اهـ
قلت: فنجد أن رد الآثار من أصول أهل الاهواء، ومناهجهم، وسماتهم الثابتة اللهم غفرا.
قال البربهاري رحمه الله في شرح السنة (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن على الآثار، ولا يقبلها، أو ينكر شيئا من أخبار رسول الله r فاتهمه على الإسلام، فإنه رجل رديء المذهب والقول).([308]) اهـ
قلت: فربيع لا يتورع في رد الآثار... وفي هذا مشاقة لمنهج السلف.
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص49): (أن المبتدع معاند للشرع، ومشاق له). اهـ
قلت: وهذه السمة عند أهل الأهواء يلجؤون إليها عندما تتصادم أصولهم الفاسدة مع الآثار السلفية والله المستعان.
قال البربهاري رحمه الله في شرح السنة (ص54): (إذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده، ويريد القرآن([309]) فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة، فقم من عنده ودعه). اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر أن كل طائفة تتأول ما يخالف نحلتها ومذهبها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (ج5 ص256): (وصاحب الهوى يعميه ويصمه الهوى، فلا يستحضر ما لله ورسوله في ذلك، ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه، ويكون مع ذلك معه شبهة دين: أن الذي يرضى له ويغضب له أنه السنة وهو الحق وهو الدين!!!). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج2 ص63): (وأما غير العالم، وهو الواضع لها – يعني البدع – فإنه لا يمكن أن يعتقدها بدعة، بل هي عنده مما يلحق بالمشروعات!!!). اهـ
قلت: ومن منهج أهل السنة والجماعة اتباع الآثار ما أمكن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج3 ص157) مبينا ذلك: (ثم من طريقة أهل السنة والجماعة اتباع آثار رسول الله r باطنا وظاهرا، واتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، واتباع وصية رسول الله r حيث قال: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)). اهـ
قلت: ومذهبهم قديم، لا ينسب إلى جماعة، أو فرد([310]) فافهم هذا ترشد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (ج2 ص482): (ومذهب أهل السنة والجماعة قديم معروف قبل أن يخلق الله أبا حنيفة ومالكا والشافعي وأحمد، فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة!!!).([311]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في خلاف الأمة في العبادات (ص35): (ولهذا كان امتياز أهل النجاة عن أهل العذاب من هذه الأمة بالسنة والجماعة). اهـ
قلت: وهؤلاء الأئمة لم ينفردوا بقول، أو ابتدعوا قولا في الدين([312])، بل لأن السنة التي كانت موجودة معروفة قبلهم علموها ودعوا إليها، وصبروا عليها ولم يفارقوها.
قال تعالى: ﴿وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون﴾ [السجدة:24].
وقال تعالى: ﴿ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم﴾ [آل عمران:101].
وقال تعالى: ﴿واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير﴾ [الحج:78].
وقال تعالى: ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا﴾ [النساء:115].
وقال تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون﴾ [يونس:32].
وقال ابن مسعودt : (من كان متأسيا فليتأس بأصحاب رسول الله r، فإنهم كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، وأقومها هديا، وأحسنها حالا قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم
فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم).([313])
وعن عبدالله بن مسعود t قال: (عليكم بالعلم قبل أن يقبض، وقبضه بذهاب أهله ... فعليكم بالعلم، وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتيق).([314])
قلت: أي إياكم والشذوذ، فمن شذ لم يبال الله تعالى بشذوذه.
وعن أبي مسعود الأنصاري t قال: (عليكم بتقوى الله، ولزوم
الجماعة... وإياكم والتلون في دين الله تعالى).([315])
قلت: فعليكم بلزوم الجماعة، واتباع السنة.
وقال الأوزاعي رحمه الله: (عليكم بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك ورأي الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت منه على طريق مستقيم).([316])
وعن عبدالله بن مسعود t أنه قال: (يأيها الناس؛ عليكم بالطاعة والجماعة؛ فإنها حبل الله الذي أمر به، وأن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة).([317])
وعن الشافعي رحمه الله أنه قال: (إذا وجدت متقدمي المدينة على شيء، فلا يدخل قلبك منه شك أنه الحق، وكلما جاءك من غير ذلك فلا
تلتفت إليه، ولا تعبأ به، فقد وقعت في اللجج، يعني في البحار).([318])
وعن حذيفة بن اليمان t أنه قال: (يا معشر القراء! استقيموا، فقد سبقتم سبقا بعيدا، وإن أخذتم يمينا وشمالا؛ لقد ضللتم ضلالا بعيدا).([319])
قوله: (يا معشر القراء): المراد بهم: العلماء بالقرآن والسنة.
وقوله: (استقيموا) أي: اسلكوا طريق الاستقامة.
وقوله: (فإن أخذتم يمينا وشمالا) أي: خالفتم الكتاب والسنة.
وقال تعالى: ﴿وأن هـذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله﴾ [الأنعام:153].
وقال الأوزاعي رحمه الله: (فاصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل فيما قالوا: وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح،
فإنه يسعك ما وسعهم).([320])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج4 450): (فعلينا أن نؤمن بكل ما جاء من عند الله ونقر بالحق كله، ولا يكون لنا هوى، ولا نتكلم بغير علم، بل نسلك سبل العلم والعدل، وذلك هو اتباع الكتاب والسنة، فأما من تمسك ببعض الحق دون بعض فهذا منشأ الفرقة والاختلاف). اهـ
إذا فلا ننخدع بدعاوى المخالفين الذين لا يلتزمون طريق أئمة الهدى، ولا يدينون للمشايخ بفضل ولا قدوة، فإنهم في سبيل الهوى والشذوذ والهلكة ولو بعد حين، فإن الأمر لا بد أن ينجلي عن الحق، فاصبر على السنة ولو شعرت بالغربة.
قلت: فعليك بالصبر على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، ومجالسة أهل السنة والجماعة، لأنهم هم الدعاة إلى الله تعالى حقيقة.
قال تعالى: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا﴾ [الكهف:28].
قلت: وعلى طلبة العلم ألا يجالسوا، أو يكتبوا عن مرجئ حتى يتبرأ من الإرجاء.
فعن علي بن حرب الموصلي رحمه الله قال: (من قدر ألا يكتب الحديث إلا عن صاحب سنة، فإنهم يكذبون – يعني أهل الأهواء – كل صاحب هوى يكذب ولا يبالي).([321])
وقال المعلمي رحمه الله في التنكيل (ج1 ص44): (يريد – والله أعلم – أنهم مظنة ذلك، فيحترس من أحدهم حتى يتبين براءته). اهـ
وعن أبي بكر بن عياش رحمة الله قال: (ما تركت الرواية عن (فطر
المخزومي) إلا لمذهبه).([322]) كان يتشيع.
وقال حرب الكرماني رحمه الله في المسائل (ص376): (قال أحمد: لا يعجبني للرجل أن يخالط المرجئة). اهـ
وقال أيوب السختياني قال لي سعيد بن جبير: (ألم أرك مع طلق بن حبيب؛ قال: قلت: بلى فماله؟ قال: لا تجالسه فإنه مرجئ).([323])
قال أيوب السختياني رحمه الله تعالى: (وما شاورته في ذلك، ويحق للمسلم إذا رأى من أخيه ما يكره أن يأمره وينهاه!).([324])
وقال الإمام أحمد رحمه الله – عن شبابة - : (تركته للإرجاء) وقال: (كان داعية للإرجاء).([325])
قلت: وربيع من مبتدعة المرجئة لأنه يدعو إلى مذهب المرجئة، ويخاصم فيه([326])، ويجاهد ويكافح في الإرجاء، ولا يريد أن يرجع عن مذهبه مع نصح أهل السنة والجماعة له.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله في الفتاوى (ج20 ص104): (ولو كان معهم أصل من السنة لما وقعوا في البدعة). اهـ
فاتق الله تعالى يا طالب العلم، وانظر ممن تأخذ دينك.
قال محمد بن سيرين رحمه الله: (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذونه).([327])
وقال خالد خداش: (لما ودعت مالك بن أنس قال لي: اتق الله وانظر
ممن تأخذ هذا الشأن).([328]) أي الحديث والعلم.
وقال ابن عون رحمه الله: (لا تأخذوا العلم إلا ممن يشهد له بالطلب)([329]) يعني طلب العلم من علماء السنة.
وعن مصعب بن سعد رحمه الله قال: (لا تجالس مفتونا؛ فإنه لن يخطئك منه إحدى خصلتين: إما أن يفتنك فتتابعه، أو يؤذيك قبل أن تفارقه).([330])
قلت: إياكم أن تكتبوا عن أحد من المرجئة, عليكم بأهل الآثار.
قال البربهاري رحمه الله في شرح السنة (ص123): (إذا ظهر لك من إنسان شيء من البدع فاحذره فإن الذي أخفى عنك أكثر مما أظهر). اهـ
فعلى طلبة العلم تجنب المحدثات في دين الله تعالى ولا يخوضوا فيها، ولا تأخذهم العصبية والعواطف المهلكة.
قال تعالى: ﴿وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ [الأنعام:68].
قال ابن خويز منداد المالكي رحمه الله – في تفسير هذه الآية - : (من خاض في آيات الله تعالى تركت مجالسته وهجر، مؤمنا كان أو كافرا).([331]) اهـ
وقال الشوكاني رحمه الله في فتح القدير (ج2 ص381): (وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتمسح بمجالسة المبتدعة، الذين يحرفون كلام الله، ويتلعبون بكتابه، وسنة رسوله r، ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة، وبدعهم الفاسدة، فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه، فأقل الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسير عليه غير عسير، وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة، فيكون من حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر....). اهـ
وقال الإسماعيلي رحمه الله في اعتقاد أئمة الحديث (ص78): (ويرون –أهل الحديث – مجانبة البدعة والآثام، وترك الغيبة إلا لمن أظهر بدعه، وهو يدعو إليها، فالقول فيه ليس بغيبة عندهم). اهـ
وقال الصابوني رحمه الله في عقيدة السلف (ص99): (ويتجانبون أهل البدع والضلالات، ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات ... ويبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم، ولا يصحبونهم، ولا يسمعون كلامهم، ولا يجالسونهم). اهـ
قلت: ولقد أسقط الإمام أحمد رحمه الله (الكرابيسي) على سعة علمه([332]) ببدعة واحدة ابتدعها، فما بالك بربيع([333]) الذي جمع فأوعى في الأصول البدعية!!!.
سئل الإمام أحمد رحمه الله عن الكرابيسي، فقال: (مبتدع).([334])
قلت: فأين ربيع من الكرابيسي – وهو صاحب علم وفضل – بمجرد أنه تكلم في مسألة اللفظ بالقرآن، فلم يمنع الإمام أحمد من تضليله وتبديعه، ولم يذكر شيئا من حسناته والموازنة والملاطفة لأن الأمر دين فافهم هذا ترشد.
قال محمد بن عبدالله الشافعي: (اعتبروا بهذين: حسين الكرابيسي، وأبو ثور، والحسين في علمه وحفظه، وأبو ثور لا يعشره في علمه، فتكلم فيه أحمد بن حنبل في باب اللفظ فسقط([335])، وأثنى على أبي ثور فارتفع للزومه السنة).([336])
قلت: فالمؤاخذة بالزلات في الأصول هو منهج السلف الصالح فتنبه.
والمبتدع بالإرجاء قد بدعه السلف وضللوه، فإن دعا إليه أسقطوا روايته وشهادته وعلمه، فإذا اشتد أمره قتلوه([337]) والله المستعان.
قلت: ومقالات ربيع التي كتبها في الآونة الأخيرة تنضح من الإرجاء والبدع في المنهج، وأنها أضر على شباب الأمة من المعاصي، فعلينا أن ننظف عقولنا من أفكاره البدعية، وإتلافها من الوجود، ولا يجوز طبعها، ولا بيعها،
ولا نشرها، ومن فعل أثم والويل يوم القيامة.([338])([339])
قال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية (ص282) بمثل هذه الكتب البدعية: (والمقصود أن هذه الكتب المشتملة على الكذب والبدعة يجب إتلافها وإعدامها، وهي أولى بذلك من إتلاف آلات اللهو والمعازف، وإتلاف آنية الخمر، فإن ضررها أعظم من ضرر هذه، ولا ضمان فيها، كما لا ضمان في كسر أواني الخمر وشق الزقاق). اهـ
وعلماء السنة قالوا كلمتهم في كتب (سيد قطب)، وأنها يجب أن تجتنب، ولا تنشر، ولا تباع، ولا تطبع لما فيها من ضلالات عظيمة التي تلبس على شباب الأمة.
ولذلك قال الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله في بعضها عندما سئل: ألا ينهى عن هذه الكتب؟ قال: (ينبغي أن تمزق!).([340]) اهـ
وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (يحرم بيع الكتب المضلة الداعية إلى البدع إلا إذا اشتراها ليعرف ما فيها من بدع ثم يرد عليها، فهذا لا بأس به إذا كان لا يتوصل إلى ذلك إلا بالشراء).([341]) اهـ
وقال ابن قدامة رحمه الله في تحريم النظر في كتب الكلام (ص41) – عن أهل البدع -: (ذمهم والتحذير منهم، والتنفير من مجالستهم، والأمر بمباينتهم وهجرانهم، وترك النظر في كتبهم، لا يثبت لأحد منهم قدم في الولاية، ولا يقوم لهم في الصالحين راية، ولا يكون لأحد منهم كرامة). اهـ
وسئل أبو زرعة عن الحارث المحاسبي وكتبه، فقال للسائل: (إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر).([342]) اهـ
قلت: وقد تلقى بعض الشباب([343]) كتب ربيع الأخيرة بالقبول فانحرفوا بسببها إلى الإرجاء وغيره، وهي كتب مشبوهة منحرفة، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير فضلوا وأضلوا والله المستعان.
قال ابن قدامة رحمه الله في تحريم النظر في كتب الكلام (ص71): (فاتقوا الله تعالى، وخافوا على أنفسكم فإن الأمر صعب، وما بعد الجنة إلا النار، وما بعد الحق إلا الضلال، ولا بعد السنة إلا البدعة، وقد علمتم أن كل محدثة بدعة فلا تتكلموا في محدثة). اهـ
ثبتنا الله تعالى على السنة، وأعاذنا من البدع والفتنة.
قلت: والناظر في الكتب الغير عارف بدسائس ربيع فلا يحل له أن ينظر فيها، لأنه لا يأمن من الغفلة فتسبق إليه تلك الدسائس، وهو لا يشعر فيحمل الجاهل شرا بنظره هذا وهو لا يدري فيصير مرجئا مميعا في الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح حلة طالب العلم (ص172): (احذر أن تضم مكتبتك الكتب التي ليس فيها خير، ولا أقول التي فيها ضرر، بل أقول التي ليس فيها خير). اهـ
قلت: فهناك كتب تضر في العقيدة، ككتب المبتدعة، وكتب تضر في المنهج كالكتب الثورية الحزبية، فهذه لا تدخل مكتبتك، لأنها ضارة للمسلم، فتشوش عليه فكره وعقله.([344])
قال النيسابوري رحمه الله في المسائل (ج2 ص164): (سمعت أبا عبدالله يقول: لا يعجبني شيء من وضع الكتب، ومن وضع شيئا من الكتب([345]) فهو مبتدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (ج5 ص353): (وكثيرا ما يرى الإنسان صورة اعتقاده، فيكون ما يحصل له بمكاشفته ومشاهدته هو ما اعتقده من الضلال). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل (ج5 ص5): (وأئمة السنة ليسوا مثل أئمة البدعة، فإن أئمة السنة تضاف السنة إليهم لأنهم مظاهر بهم ظهرت، وأئمة البدعة تضاف إليهم؛ لأنهم مصادر عنهم صدرت). اهـ
قلت: والانتساب إلى أهل الإرجاء يعني ذلك الانتساب إلى رؤوس المرجئة وعقائدهم.
إذا فلا بد من قذف هؤلاء([346]) بالحجج لاستئصال شبههم.
قال تعالى: ﴿بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون﴾ [الأنبياء:18].
قلت: فالحق إذا قذفه أهل الحق دمغ الباطل، وأنار منهج الحق للمسلمين حتى لا يسلكوا سبيل أهل الباطل.([347])
لأن ربيعا يرى نفسه – على ما عنده من باطل – أنه ليس بحاجة إلى أن يسوق الأدلة من الكتاب والسنة لإثبات أصوله الباطلة مع أنه يدعو إليها، وينصب لها أتباعه ليلزموا الناس بها، وهذا هو الهدم لمنهج أهل السنة والجماعة في بلد الحرمين.
ولذلك تراه هو وأشياعه قد تفلتوا من المنهج السلفي إلى منهج مميع، اخترعه لهم ربيع فيتسنى لهم الولوج في الجماعات الحزبية كما هو مشاهد منهم.
فالإلزام هذا هو منهج ربيع الذي سار عليه في خصومه لأهل السنة والجماعة من علماء وطلبة علم، وليتها لوازم صحيحة، بل لوازم باطلة، وقد سرى هذا الداء الخبيث إلى أشياعه فيلزمون الناس في شبكة سحاب الحزبية بما لم يلزمهم الله تعالى، ولا رسوله r، ولا الصحابة الكرام، وهذا من الظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة اللهم سلم سلم.([348])
قلت: فليتق الله المرجئون السحابيون الذين يقيمون علاقاتهم –ولاء وبراء– وفق لوائح حزبهم، وقواعد تنظيمهم!!!، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج20 ص164): (وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصا يدعو إلى طريقته، ويوالي ويعادي عليها غير النبي r، ولا ينصب لهم كلاما – في الإرجاء وغيره – يوالي عليه، ويعادي غير كلام الله ورسوله، وما اجتمعت عليه الأمة.
بل هذا فعل أهل البدع([349])، الذين ينصبون لهم شخصا، أو كلاما يفرقون به بين الأمة، يوالون به على ذلك الكلام، أو تلك النسبة ويعادون). اهـ
قلت: وهذه حال السحابيين في شبكة سحاب الحزبية.([350])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج20 ص164): (ومن هنا يعرف ضلال من ابتدع طريقا، أو اعتقادا زعم أن الإيمان لا يتم إلا به.
مع العلم بأن الرسول r لم يذكره، وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج20 ص166): (وأهل السنة جزموا بالنجاة لكل من اتقى الله تعالى؛ كما نطق به القرآن، وإنما توقفوا في شخص معين: لعدم العلم بدخوله في المتقين، وحال سائر أهل الأقوال الضعيفة الذين يحتجون بظاهر القرآن على ما يخالف السنة إذا خفي الأمر عليهم، مع أنه لم يوجد في ظاهر القرآن ما يخالف السنة). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج2 ص228): (حين تكون فرقة تدعو إلى ضلالها، وتزينها في قلوب العوام، ومن لا علم عنده، فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس، وهم من شياطين، فلابد من التصريح بأنهم من أهل البدع والضلالة، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم.
فمثل هؤلاء لابد من ذكرهم، والتشريد بهم، لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم). اهـ
وقال ابن القيم رحمه الله في الداء والدواء (ص249): (في اللسان آفتان عظيمتان، إن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى، آفته الكلام، وآفته السكوت، وقد يكون كل منهما أعظم إثما من الأخرى في وقتها، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، عاص لله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق، عاص لله).([351]) اهـ
وهؤلاء المتظاهرون بمنهج السلف، كذلك يتظاهرون باحترام العلماء، فإذا جاءهم هؤلاء العلماء([352]) بما يوافق الكتاب والسنة ومنهج السلف، ويخالف هواهم – في الإرجاء وغيره – وما تشربوه من الباطل رفضوه، وضربوا به عرض الحائط، وصاحوا عليهم بأنهم حدادية!!!.([353])
فعلى ربيع الإنابة والرجوع إلى الله تعالى بالتوبة قبل الموت، لأنه قد أشرف على القبر اللهم غفرا.([354])
قال ابن منظور رحمه الله في لسان العرب (ج1 ص775): (الإنابة: الرجوع إلى الله بالتوبة). اهـ
وقال الراغب رحمه الله في المفردات (ص508): (الإنابة إلى الله تعالى: الرجوع إليه بالتوبة، وإخلاص العمل له). اهـ
قلت: والنفس بطبيعتها تكره تخطئتها، وإظهار معايبها، لكن صاحب الفطرة السليمة، والنفس النقية يحب الحق، وإن كان فيما خالفه، بل يفرح لمعرفته بالصواب، ويعلن عودته إلى الحق دون النظر إلى أقوال الناس، وهكذا كان حال سلفنا الصالح.([355])([356])
فعن عمر بن الخطاب t قال - في كتابه إلى أبي موسى الأشعري t-: (لا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك، وهديت فيه لرشدك أن ترجع فيه إلى الحق، فإن الحق قديم، والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل).([357])
وعن الفضيل بن عياض قال- عن التواضع- : (تخضع للحق، وتنقاد له، وتقبل الحق من كل من تسمعه منه).([358])
قلت: فأين ربيع عن هذا التواضع، وعن منهج السلف في ذلك.
وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (ج2 ص337): (لا تصح لك درجة التواضع حتى تقبل الحق ممن تحب وممن تبغض، فتقبله من عدوك كما تقبله من وليك). اهـ
وقال ابن رجب رحمه الله في الفرق بين النصيحة والتعيير (ص10)-وهو يصف أئمة السلف- : (كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده عليهم وإن كان صغيرا، ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر من غير قولهم). اهـ
وقال الآجري رحمه الله في أخلاق العلماء (ص37)- وهو يصف العلماء- : (إن أفتى بمسألة فعلم أنه أخطأ لم يستنكف أن يرجع عنها، وإن قال قولا فرده عليه غيره ممن هو أعلم منه، أو مثله، أو دونه، فعلم أن القول كذلك رجع عن قوله، وحمده على ذلك، وجزاه خيرا). اهـ
قلت: لأن الرجوع إلى الحق فضيلة.
قال أبو العتاهية:
إذا اتضح الصواب فلا تدعه |
|
فإنك كلما ذقت الصوابا |
وجدت له على اللهوات بردا |
|
كبرد الماء حين صفا وطابا |
وليت بحاكم من لا يبالي |
|
أأخطأ في الحكومة أم أصابا([359]) |
وقال سفيان الثوري: (كانت القضاة لا تستغني أن يجلس إليهم بعض العلماء يقومهم إذا أخطأوا).([360])
قلت: هكذا يكون الإنصاف ... فما لنا لا نقتدي بهم عند الختلاف.
قال الإمام الشافعي رحمه الله: (كل ما قلت، فكان عن النبي r خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي r أولى، ولا تقلدني).([361])
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله r، فقولوا بها، ودعوا ما قلته).([362])
قلت: والأمر عن السحابيين المقلدين لأخطاء ربيع بخلاف ما نص به الأئمة كما هو ظاهر.([363])
قلت: ويدرك ربيع أن كلمة (رجع فلان) أصبحت كلمة مطاطة دبلوماسية سياسية، ولها رنة خاصة عند الشباب السطحي، وإذا ذكرها المخالف، تبادر إلى ذهن العاطفيين توبة صادقة! المستلزمة صدق التائب حتى لو لم يطبق ذلك فعليا كما سبق ذكره، والواقع في التائبين أكبر شاهد كـ (حال عبدالرحمن عبدالخالق، وعدنان عرعور، وأبي الحسن المأربي، والمغراوي، وسلمان العودة، وعائض القرني) وغيرهم.
قلت: والسلفية بأصلها تنفي أن تكون امتدادا لفرقة المرجئة، بل لأي فرقة بدعية تجعل تجمع الأتباع غاية لا وسيلة تعمل لذلك بكل حيلة ومكر، فتلج في هذه الجماعات كما تلج الحزبية لتحقيق أهدافها، وتتخذ السنة شعارا، حتى إذا تبين مخالفاتها بالأدلة والبراهين خضعت للمراوغة واللف والدوران في المحاورات من التأويل الفاسد لنصوص الكتاب والسنة وآثار السلف.([364])
قلت: وهذا هو التمييع للمنهج وخديعة لعامة المسلمين، ولقد رأينا أولئك يتغيرون لا يغيرون، وهذا بسبب الجهل المركب، بل المركز واتباع لبنيات الطريق ولا حول ولا قوة إلا بالله.([365])
فأعداؤنا من الحزبية يشغلون الناس في أمور، والمميعة يخططون لغيرها بين الجماعات فتلك بتلك.
قلت: فهم مذبذبون، يتبعون كل ناعق مميع، فيعيشون في ظلمات متنوعة ومتعددة ظلمات بعضها فوق بعض.
فكانت ثمارهم المرة فتنا متلاحقة بشباب الأمة، كقطع الليل المظلم والله المستعان.
وعليه أن ينقل ربيع لنا الأدلة على ما نسبه من الأصول الباطلة([366]) لشرع الله تعالى، وما نسبه إلى منهج السلف، وما نسبه إلى السلفيين من ألفاظ بدعية، فإن عجز- ولابد - أن يعجز، فليعلم أهل السنة أن هذا ليس بغريب من ربيع فكم له من المجازفات، وكم له من الطوام في قذف الأبرياء من أهل السنة، وفي الطعون الظالمة لاسيما في علماء السنة وطلابهم، وكم له من الغلو الشنيع في كتاب سحاب المتعالمين، فهو يتأرجح بين الإفراط والتفريط، والإفراط في السحابيين والذب عنهم وعن باطلهم، والتفريط في علماء السنة وطلابهم ورميهم بالعظائم والله المستعان.
قلت: فالخلاف إذا بين ربيع وبين أهل السنة والجماعة في العالم أجمع، بل هو يخالف أحياءهم وأمواتهم، وتعدى عليهم، وقذفهم بأن سلفيته أفضل من سلفيتهم، وأنهم ضربوا السلفية ضربة شديدة، وفضل الصغار عليهم، وسلط عليهم الصغار ينصحونهم، واتهمهم بالتقصير مع أهل البدع، وأنهم أصحاب نعرات وغير ذلك من القذائف الربيعية البدعية.([367])
قلت: وهذا الكلام السفيه لا يصدر إلا من متكبر مغرور لأنه باطل من أساسه.
قلت: ويتبين من إصرار ربيع على ذلك بأنه لم يوفق للتوبة الخالصة، والرجوع السلفي، وعرفنا ذلك من خلال الاستقراء والتتبع لمقالاته اللهم سلم سلم.
لأن نجد أهل الأهواء، إذا تأصلت فيهم البدعة لا يرجعون عنها إلا إلى شر منها، ولا يهتدون للحق، ولا يوفقون للتوبة – إلا نادرا – والنادر لا حكم له.([368])
قال تعالى: ﴿ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة﴾ [الأنعام:110].
قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فتنبه.([369])
والمتأمل لحال أهل البدع أنهم لا يهتدون للرجوع للسنة، بل يتقلبون في البدع، وكلما أسسوا أصولا انحرفوا عن السنة أكثر، أو تحولوا إلى بدعة أخرى!!!.([370])
فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (ما أخشى عليكم بعدي الفقر، ولكني أخشى عليكم التكاثر، وما أخشى عليكم الخطأ، ولكني أخشى عليكم العمد).
حديث صحيح
أخرجه ابن حبان في صحيحه (ج8 ص16) وأحمد في المسند (ج2 ص308) والحاكم في المستدرك (ج2 ص534) والبيهقي في شعب الإيمان (ج7 ص282) من طريق جعفر بن برقان قال سمعت يزيد بن الأصم يحدث عن أبي هريرة به.
قلت: وهذا سنده صحيح رجاله كلهم ثقات.
وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في المجمع (ج1 ص236): (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح).
والحديث صححه الشيخ الألباني في الصحيحة (ج5 ص250).
وقد وصفهم النبي r بذلك.
فعن معاوية رضي الله عنه عن النبي r قال: (تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه).([371])
قلت: فنبغت نابغة المرجئة، معلنة انتقاص هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، ورفعت راية الكلام والإرجاء في بلد الحرمين، واتهام العلماء وأتباعهم، ورميهم بالألقاب المشينة والألفاظ المقذعة مثل: حدادية، وباطنية، ورافضية، وغير ذلك([372]) تتجارى بهم الأهواء شيئا فشيئا، لذلك لا يوفقون للتوبة اللهم غفرا.
فعن أيوب السختياني رحمه الله قال: (كان رجل يرى رأيا فرجع عنه فأتيت محمدا – يعني ابن سيرين - فرحا بذلك أخبره، فقلت: أشعرت أن فلانا ترك رأيه الذي كان يرى، فقال: انظروا إلى ما يتحول!!!).([373])
قلت: فيتحول من بدعة إلى أخرى!!!.([374])
فعن الأوزاعي رحمه الله قال عن أهل البدع: (إنكم لا ترجعون عن بدعة إلا تعلقتم بأخرى، هي أضر عليكم منها).([375])
قلت: والكلب داء عضال، لا يرجى شفاؤه، وكذلك البدع، وهو خبيث معد، وكذلك البدع.
فالبدع تتجارى بأهلها، فتحول بينهم، وبين التوبة على الغالب، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
لذلك ينبغي التفريق بين من أخطأ بعد تحري الحق، وبذل الجهد، ولم يعاند ويخالف، ومن تتجارى به الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه فلا يدع عنادا، ولا خلافا إلا دخله.
فهذا هو المبتدع، فإذا خالف دليل الشرع هواه تأوله، فإن استعصى عليه رده، بل تراه يتبع شبهة وافقت هواه ويبتغي فتنه وافقت غرضه.([376])
قال تعالى: ﴿هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾ [آل عمران:7].
فالمبتدع يزيغ قلبه أولا، ثم يتبع المتشابه من القرآن والسنة.([377])
قلت: ثم بعد هذا يجعل ذلك عمدته في دين الله تعالى، وهذا يقع ممن لم يتمكن من العلم، فهو الحري باستنباط ما خالف الشرع دائما وأبدا، فيجري منه مجرى الكلب من صاحبه، فهذا هو المبتدع المذموم الآثم.([378])
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ظاهرة التبديع (ص20): (أما الذي زاد في العبادة شيئا لم يشرعه الرسول r فهذا مبتدع وليس محسنا). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ظاهرة التبديع (ص20): (إذن المبتدع([379]) هو الذي أحدث في دين الله ما ليس منه بحيث يأتي بدين لم يدل عليه دليل من القرآن، أو من السنة). اهـ
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في الفتاوى (ج4 ص372): (فالبدع كلها ضلالة). اهـ
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في الفتاوى (ج4 ص838): (وبذلك يعلم أن كل ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله، فإنه يسمى بدعة، وهي بدعة ضلالة). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ظاهرة التبديع (ص41): (فالبدعة هي إحداث شيء جديد في الدين، لا دليل عليه من كتاب الله، ولا سنة رسول الله r، هذه هي البدعة، وإذا ثبت أن شخصا ابتدع بدعة في الدين، وأبى أن يرجع؛ فإن منهج السلف أنهم يهجرونه، ويبتعدون عنه، ولم يكونوا يجالسونه). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ظاهرة التبديع (ص40): (قاعدة الدين: (إن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) وفي معاداة المبتدع درأ مفسدة عن الأمة ترجح على ما عنده من المصلحة المزعومة إن كانت). اهـ
قلت: ومن الحماقة أن ينظر في مقالات وكتب ربيع في الإرجاء وغيره، التي ضل فيها عن الصراط المستقيم، والتي تتضمن إشارة قدح، ودلالة تنقص لهذا الدين العظيم واتهام له بعدم الكمال، وأنه بحاجة إلى مزيد والله المستعان.
فهي تحمل انحرافات متعددة، وفلسفات متباينة على طريقة أهل الزيغ والضلال، بل اتفقت كتبه فيما تضمنته من ضلال وانحراف في الأصول، وإفساد للفطر السليمة، وتدمير الشباب.
قلت: ما يكفي ويشفي يا ربيع كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r وآثار السلف، وأقوال أهل السنة.
فعلينا النظر في مقالاته المحرقة نظر تأمل وتفكر اللهم غفرا.([380])
قلت: فلماذا يستبدل الداء القاتل والسم الزعاف، بالدواء الشافي والعسل المصفى!!!.
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ح1 ص679): (أن يعتقد الإنسان في نفسه أنه من أهل العلم والاجتهاد في الدين – ولم يبلغ تلك الدرجة – فيعمل على ذلك، ويعد رأيه رأيا، وخلافه خلافا.
ولكن يكون ذلك في جزئي، وفروع من الفروع، يكون فيه كلي، وأصل من أصول الدين، فتراه آخذا ببعض جزئيات الشريعة في هدم كلياتها، حتى يصير منها إلى ما ظهر له بادئ رأيه من غير إحاطة بمعانيها، ولا رسوخ في فهم مقاصدها، وهذا هو المبتدع). اهـ
قلت: وهذا المبتدع هو الذي تحجب عنه التوبة، بمعنى أنه قلما أن يرجع عن البدعة.
قلت: فالمبتدع يرى أن بدعته هذه دين، ويحسب أنه على هدى، ويظن أن رجوعه عن هذه البدعة هو رجوع عن الحق والدين، ولهذا قل أن يتوب منها بخلاف صاحب المعصية الذي يعلم أنه على خطأ ومعصية، وأن فعله هذا مخالف للدين، فرجوعه وتوبته أقرب.([381])([382])
وإليك آثار السلف:
فعن يحيى ابن أبي عمرو الشيباني رحمه الله: (كان يقال: يأبى الله لصاحب بدعة توبة، وما ينتقل صاحب بدعة إلا إلى شر منها).([383])
وعن عبدالله بن القاسم رحمه الله قال: (ما كان عبد على هوى فتركه إلا إلى ما هو شر منه).([384])
قلت: لأن الهوى([385]) يصد عن الحق اللهم سلم سلم.
وعن عطاء الخراساني رحمه الله قال: (ما يكاد الله أن يأذن لصاحب بدعة بتوبة).([386])
وعن الحسن بن أبي الحسن رحمه الله قال: (أبى الله تبارك وتعالى أن يأذن لصاحب هوى بتوبة).([387])
قلت: فإذا غلب الهوى على القلب استحسن الرجل ما كان يستقبحه والله المستعان.
قلت: فالبدعة أحب إلى الشيطان من المعصية، وذلك أن المبتدع يعتقد أنه على حق، وأن الحق في جانبه، ولذلك لا يرجع عما هو عليه، ولو أتيته بكل آية ما اقتنع بما تدعو إليه.([388])
لذا كانت البدعة أحب إلى الشيطان من المعاصي، ومن كبائر الذنوب، لأن المعاصي يمكن التوبة منها، فيمكن أن يعرف صاحبها بأنه مذنب، ويأمل التوبة ويبدؤها، وقد يوفق، وقد لا يوفق.
أما المبتدع فإن الشيطان يحسن له بدعته، ويبين له أن من خالفه فهو ضال، وأن من كان على غير طريقته فهو باطل، وأن الحق بجانبه هو!!!.([389])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج11 ص684): (ولهذا قال بعض السلف: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها، وهذا معنى ما روي عن طائفة أنهم قالوا: إن الله حجز التوبة على كل صاحب بدعة، بمعنى أنه لا يتوب منها، لأنه يحسب أنه على هدى). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص124): (وسبب بعده عن التوبة أن الدخول تحت تكاليف الشريعة صعب على النفس، لأنه أمر مخالف للهوى، وصاد عن سبيل الشهوات، فيثقل عليها جدا، لأن الحق ثقيل، والنفس إنما تنشط بما يوافق هواها لا بما يخالفه.
وكل بدعة فللهوى فيها مدخل، لأنها راجعة إلى نظر مخترعها لا إلى نظر الشارع، فإن أدخل فيها نظر الشارع، فعلى حكم التبع لا بحكم الأصل مع ضميمة أخرى وهي أن المبتدع لابد له من تعلق بشبهة دليل ينسبها إلى الشارع، ويدعي أن ما ذكره هو مقصود الشارع فصار هواه مقصودا بدليل شرعي في زعمه، فكيف يمكنه الخروج عن ذلك([390])، وداعي الهوى مستمسك بجنس ما يستمسك به؟ وهو الدليل الشرعي في الجملة). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص123): (وحاصلها أنه لا توبة لصاحب البدعة عن بدعته، فإن خرج عنها فإنه يخرج إلى ما هو شر منها، أو يكون ممن يظهر الخروج عنها([391])، وهو مصر عليها بعد!!!). اهـ
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (الذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزيغ، وإنما الأمور في التسليم والانتهاء إلى ما كان في كتاب الله، أو سنة رسول الله، لا في الجلوس مع أهل البدع والزيغ؛ لترد عليهم، فإنهم يلبسون عليك، ولا هم يرجعون).([392])
وقال أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في الحجة (ج1 ص100): (قال علماء السلف: ما وجدنا أحدا من المتكلمين في ماضي الأزمان إلى يومنا هذا رجع إلى قول خصمه، ولا انتقل عن مذهبه إلى مذهب مناظره، فدل: أنهم اشتغلوا بما تركه خير من الاشتغال به). اهـ
وقال الشوكاني رحمه الله في أدب الطلب (ص66): (وأنه لا يرجع المبطل إلى الحق إلا في أندر الأحوال). اهـ
وقال أيوب السختياني رحمه الله: (إن المبتدع لا يرجع).([393])
قال البيهقي رحمه الله في مناقب الشافعي (ج1 ص175): (وهذا لأن المقيم على البدعة قلما يرجع بالمناظرة، وإنما يناظر من يرجو رجوعه إلى الحق إذا بينه له). اهـ
قلت: والله تعالى احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته ويرجع عنها حقيقة.
لأن قلما يوفق صاحب البدعة إلى توبة، وذلك لأن صاحب البدعة التي انتحلها اعتقادا، واتخذها سنة يحسب أنه يحسن صنعا، فكيف ينزع عن بدعته.
ولذلك فالبدعة أخطر من المعصية، وأضر على الدين وأشد فتكا بالمجتمع المسلم.
قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: (البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، فإن المعصية يتاب منها، والبدعة لا يتاب منها).([394])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج10 ص9): (ومعنى قولهم: (إن البدعة لا يتاب منها): أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله ولا رسوله، قد زين له سوء عمله، فرآه حسنا، فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا، لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه، أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب، أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنا، وهو سيئ في نفس الأمر، فإنه لا يتوب.
ولكن التوبة ممكنة وواقعه([395])، بأن يهديه الله ويرشده، حتى يتبين له الحق، كما هدى من الكفار والمنافقين وطوائف أهل البدع والضلال، وهذا يكون بأن يتبع من الحق ما علمه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج20 ص103): (إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع... ثم إن أهل المعاصي ذنوبهم: فعل بعض ما نهوا عنه، من سرقة، أو زنى، أو شرب خمر، أو أكل مال بالباطل.
وأهل البدع ذنوبهم: ترك ما أمروا به من إتباع السنة وجماعة المؤمنين).اهـ
وعن سفيان الثوري رحمه الله قال: (البدعة أحب الى إبليس من المعصية)، زاد أبوسعيد الأشج: (لأن المعصية يتاب منها، والبدعة لايتاب منها).
أثر صحيح.
أخرجه البغوي في زوائده على مسند ابن الجعد (1809) واللالكائي في الاعتقاد (238) وأبو نعيم في الحلية (ج7 ص26) والهروي في ذم الكلام (ج5 ص121) وابن الجوزي في تلبيس أبلس (ص39) من طرق عن أبي سعيد الأشج قال: سمعت يحي بن اليمان يقول: قال سفيان الثوري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وتابعه بشر بن الحارث قال: سمعت يحي بن اليمان به.
أخرجه الهروي ذم الكلام (ج7ص121).
وأورده أبو القاسم الأصبهاني في الحجة (ج2 ص381) والبغوي في شرح السنة (ج1 ص216).
قلت: ومراد سفيان الثوري بهذا أن المبتدع قلما يوفق للتوبة من بدعته، إذكيف يتوب من عمل يعتقد جازما أنه يقربه إلى الله تعالى زلفى، ويؤمل عليه الثواب الجزيل والأجر العظيم، فيتفانى تفانيا عظيمافي هذه البدعة،أو البدع، ويبذل في سبيلها النفس والنفيس، ويجهد جسده، وماله، وولده في سبيل تلك البدع، ولوكان ذلك على حساب فرائض شرعية، وأمور واجبة حتمية.
فرجل بهذه المثابة قل أن يقلع عن تلك البدع، ويتوب منها، ويعقدالعزم على عدم العودة إليها، إلا أن يشرح الله تعالى صدره للسنة، وما ذلك على الله بعزيز، فهو تعالى مقلب القلوب.
قلت: وليس مراد سفيان رحمه الله أن المبتدع لا تقبل توبته، كما قد يفهم ذلك، أو يستشكل.([396])
قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات (ج3 ص72): (فلهذا كله يجب على كل ناظرفي الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج2 ص634): (وبذلك كله يعلم من قصد الشارع أنه لم يكن شيئا من التعبدات إلى آراء العباد فلم يبق إلا الوقوف عند ما حده). اهـ
قلت: ومن لم يتب عن البدعة، وأصر عليها واستمر فيها، فلابد أن يقع في الغلو، والمغالي في النقد والرد في الأشخاص معرض عن هذا المقصد العظيم، لأن قيام الغلو على التشديد على الخصم بدون برهان والعياذ بالله.([397])
ومن منهج ربيع تشدده على الآخرين أيضا فيلزمهم بمالم يلزمهم به تعالى، أو يحكم عليهم بمالا ينطبق عليهم في الشرع.
فيلزم الآخرين بالأخذ بردوده –المخالفة للكتاب والسنة- على خصمه واستخدامه الإرهاب معهم ليكونوا معه، أويحكم عليهم بألفاظ شنيعة فهو بهذا مخالف لكتاب تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من الغلو في الدين.
ويظهر من هذا الكلام لكل من نال قدرا من الفقه بهذا الدين أن يعرف غلو ربيع في المنهج النقدي([398])، ولذلك لا يقتدى به في الشريعة.
قال الشاطبي رحمه الله في الإعتصام (ج2 ص860): (فعلى كل تقدير لا يتبع أحد من العلماء إلا من حيث هو متوجه نحو الشريعة قائم بحجتها, حاكم بأحكامها جملة وتفصيلا.
وأنه متى وجد متوجها غير تلك الوجهة في جزئية من الجزئيات، أو فرع من الفروع لم يكن حاكما، ولا أستقام أن يكون مقتدى به فيما حاد فيه عن صوب الشريعة البتة). اهـ
قلت: فحاد ربيع عن صواب الشريعة وهذا يعتبر إعراضا عن منهج السلف الصالح، وهذا بسبب وقوعه في الغلو.([399])
وهذا الذي أوقعه في التأويل الفاسد، وهو صرف اللفظ عن الإحتمال الراجح إلى إحتمال المرجوح لدليل يقترن به.
وهذا الاستعمال استعمله ربيع في تأويل النصوص إلى القول بالتنازل عن الأصول، وموافقته للمرجئة في مسائل الإيمان، وانحرافه في الصفات وغير ذلك مما بين عنه.
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله في شرح العقيدة الطحاوية (ج1 ص225): (فالتأويل الصحيح هو الذي يوافق ما جاءت به السنة، والفاسد المخالف له). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص312): (من اتباع المتشابهات الأخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها، أو في العمومات من غير تأمل هل لها مخصصات أم لا؟.
وكذلك العكس بأن يكون النص مقيدا فيطلق، أو خاصا فيعم بالرأي من غير دليل سواه، فإن هذا المسلك رمي في عماية، واتباع للهوى في الدليل([400])، وذلك أن المطلق المنصوص على تقييده مشتبه إذا لم يقيد، فإذا قيد صار واضحا). اهـ
وهذا الذي جر المدخلي إلى التعصب لآرائه المخالفة للكتاب والسنة كما هو مشاهد منه.
وقد استخدم أعداء السنة التأويل لهدم الدين من داخله فهم (قوم أرادوا إبطال الشريعة جملة وتفصيلا).([401])
ولذلك لو طبق منهج ربيع الحالي في الأصول والفروع لهدم الدين!!!.
ولذلك أخذ ربيع بالمتشابهات لعل تكون حجة له!!!، ومن هنا أخذ بالمطلقات من الأدلة دون النظر فيها، وقيدها بالعمومات من غير تأمل فقرر الآراء المذمومة من غير دليل.
وهذا المسلك رمي في عماية، واتباع للهوى في الشريعة.([402])
فاشتبه عليه الأمر في دين الله تعالى، فاتبع المتشابه من آرائه المخالفة للكتاب والسنة، حتى أنه استشكلت والعياذ بالله عليه بعض المسائل في الصفات فزاغ عن الطريق المستقيم، وهذا بسبب تقصيره عن سؤال أهل العلم الذين أعلم منه بالعقيدة السلفية!!!.
قال تعالى: ﴿فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه﴾ [آل عمران:7].
قال الشاطبي رحمه الله في الموافقات (ج3 ص92): (إنه لم يصير متشابها من حيث وضع في الشريعة، من جهة أنه قد حصل بيانه في نفس الأمر ولكن الناظر([403]) قصر في الاجتهاد، أو زاغ عن طريق البيان اتباعا للهوى). اهـ
إن هذا التعصب([404]) جره إلى بلايا عظيمة في المعتقد... وغلبت الأهواء
على نفسه حتى امتنع عن قبول الحق من علماء أهل السنة والجماعة الذين ردوا عليه.
قال الشوكاني رحمه الله في أدب الطلب (ص92): (واعلم أنه كما يتسبب عن التعصب محق بركة العلم، وذهاب رونقه، وزوال ما يترتب عليه من الثواب كذلك يترتب عليه من الفتن...). اهـ
قلت: ويزيد المدخلي بتعصبه وبحماسه في الدفاع عن المرجئة الخامسة فيمن يتعرض لها بنقد، ويحذر منها، بل يزيد في مدح نفسه تكبرا على الحق وأهله أيضا اللهم غفرا.([405])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (... ولو لم يكن المستكبر يعبد غير الله فإنه يعبد نفسه ولا بد، فيكون مختالا فخورا متكبرا، فيكون قد أشرك بنفسه إن لم يشرك بغيره.
وأبليس هو أول المستكبرين، قال تعالى: ﴿إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين﴾ [البقرة:34].
ومن بطر الحق فجحده فإنه يضطر إلى أن يقربالباطل،ومن غمط الناس فاحتقرهم وازدراهم بغير الحق فإنه يضطر إلى أن يعظم آخرين بالباطل، وهذا من الشرك.
فمن غمط الناس جحد حقهم ليعظم نفسه بذلك، وهذا هو الأستكبار والأختيال، فلا بد له ممن يعيينه على استكباره واختياله للشرك به، وهو يفرح بمن يحمده ويثني عليه ويعظمه، ويشنأ من يذمه ويبغظه ويعيبه، فيكون من أعظم الناس شركا ورياء وسمعة.
وإبليس هو الذي يزين كل شرك وكل كبر لبني آدم، وينفخ في أحدهم حتى يتعاظم...).([406]) اهـ
وقال شيخ الأسلام ابن تيمية رحمه الله في الاستقامة (ج2ص224): (ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من المنسوبين إلى العلماء والعباد يجعل من أهل الأهواء، كما كان السلف يسمونهم أهل الأهواء.
وذلك أن كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه،والعلم بالدين لا يكون إلا بهدي الله الذي بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم). اهـ
قلت: فكل من لم يتبع العلم والحق فهو صاحب هوى.
قال تعالى: ﴿وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم﴾ [الأنعام:119].
وقال تعالى: ﴿ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله﴾ [القصص:50].
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1ص51): (إنه اتباع الهوى، لأن العقل إذا لم يكن متبعا للشرع لم يبق له إلا الهوى والشهوة، وأنت تعلم ما في اتباع الهوى، وأنه ضلال مبين... وهذا شأن المبتدع، فإنه أتبع هواه بغير هدى من الله، وهدى الله هو القرآن). اهـ
وقد سئل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: (هل يجوز ذكر أسماء الأشخاص والتعرض لهم حينما يريد الإنسان أن ينقدهم، وينقد فكرهم؟.
فأجاب سماحته: إذا كان الشخص قد كتب([407]) شيئا يخالف الشرع المطهر، ونشره بين الناس، أو أعلن في وسائل الإعلام، وجب الرد عليه، وبيان بطلان ما قال، ولا مانع من ذكر أسمه ليحذره الناس، كدعاة البدع، والشرك، وكالدعاة إلى ما حرم الله من المعاصي، ولم يزل أهل العلم والإيمان من دعاة الحق، وحملة الشريعة يقومون بهذا الواجب نصحا لله، ولعباده،وإنكارا للمنكر، ودعوة إلى الحق، وتحذيرا للناس من أن يغتروا بدعاة الباطل، والأفكار الهدامة).([408]) اهـ
قلت: والتكلف والتبدع في أي باب من أبواب الدين، لهو الخطوة القوية لولادة البدع ونشأتها، وهو الأرض الخصبة، والميدان الفسيح لترعرعها، وشيوعها، وانتشارها، ورواج سوقها، وبالتالي هو السهم الصائب تقتل السنن ووأدها، وقد أحدث المبتدعون أمورا كثيرة في دين الله، وهم مع كل ذلك يحسبون أنهم يحسنون صنعا.([409])
وهذا من أشد أنواع المجادلة بالباطل، وأعظمها فتكا بالسنة... فيتخذ منها ستارا لنشر الضلال، وزخرفة الباطل، وتزيين الشر([410])، وذلك إما بصرف النص عن معناه الصحيح إلى معنى باطل لا يؤيده إلا الهوى، وإما باتباع المتشابه والله المستعان.
ولذلك هناك من الجهود المباركة لأهل السنة - وما أعظمها - لإظهار عوار تلك الطوائف الضالة، المخالفة لمنهج الكتاب والسنة، ولبيان زيغ تلك المذاهب المذمومة الشاذة عن مذهب السلف الصالح أهل السنة والجماعة، والتي انحرفت بسبب تسلل هذا الجرثوم الخطير إلى جسدها، ألا وهو علم الكلام، فأعمل فيه فتكا وتدميرا، فحاد بها عن فطرتها السليمة، وطمس على بصيرتها، وشل تفكيرها، فكان من نتائج هذا أن ردت، أو أولت([411]) بكل صراحة نصوصا كثيرة من الكتاب والسنة، لأنها لا تتناسب مع فكرها السقيم، وعقليتها المريضة.([412])
وإن من المعلوم أن هذا الدين قد كمل من كل وجه، سواء من حيث الإعتقاد، أو من حيث العبادات، أو من حيث المعاملات، أو من حيث الأخلاق، أوغير ذلك.
فقال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ [المائدة:3].
وقد تكفل الله تعالى بحفظ هذا الدين، فحفظ هذا القرآن العظيم من أي تحريف، أو تصحيف، ومن أي زيادة، أونقص.
فقال تعالى: ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحج:9].
وإن من حفظ القرآن حفظ ما يبينه ويوضحه وهو السنة، ذلك الوحي الثاني، إذ بدونها لا يمكن لأحد أن يعرف جملة كبيرة من مسائل الإعتقاد، وبدونها لا يمكن معرفة أمور كثيرة من الحلال والحرام، بل بدونها لا يمكن لأحد أن يعرف كيف يتعبد ربه بالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وغير ذلك.
قلت: وإذا أراد الله تعالى أمرا هيأ له أسبابه، فهيأ الله لحفظ القرآن الكريم، و السنة النبوية أسبابا، فاختار تعالى هذا الجيل المبارك، جيل السلف الصالح لنشر دينه ﴿وربك يخلق ما يشاء ويختار﴾ [القصص:68].
فقام أولئك بحمل هذه الأمانة العظيمة على أكمل وجه، وأدوا هذه المهمة خير أداء، وبذلوا في سبيل ذلك جهودا عظيمة مشكورة، وقدموا أعمالا جبارة مذكورة، يدفعهم الطمع في مرضاة الله تعالى، وجنته، والخوف من سخطه وناره.
ولما انقرض عصر السلف الصالح، وإذا بالأمانة الجهادية ينتظر حملها جيل آخر،قد اصطفاه الله تعالى، وهيأه لحملها، وهم أتباع هؤلاء، فقاموا بذلك خير قيام، وهكذا لا ينقرض جيل حتى يظهر جيل آخر، قد رزق إيمانا قويا، وعلما نافعا، وعملا صالحا، فيحمل هذه الأمانة العظيمة الجهادية بكل إخلاص وجد، ويدفعها لمن بعده.
وهكذا كلما ظهرت الأهواء، والمذاهب المذمومة، والفرق الضالة([413])، مع الكذب والافتراء في دين الله تعالى، ازداد حمل الأمانة ثقلا، واشتدت المسؤولية صعوبة.
ولكن الله تعالى قد هيأ برحمته وحكمته عند ظهور تلك المصائب والفتن من وقف لها بالمرصاد، فإذا بأهل السنة والجماعة قد استعدوا لحمل هذه الأمانة بكل قوة، وبكل اخلاص وجد واجتهاد، فاهتموا بهذا الدين اهتماما عظيما، وقعدوا له القواعد العلمية المبرأة من كل هوى لنشر هذا الدين وحفظه والذب عنه، وحمايته من كل شائبة ودخيل، وهذا داخل في عموم الآية السابقة ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾ [الحجر:9].
قلت: بل إن هذا الأمر مستمر إلى قبيل قيام الساعة، وهذا عظيم فضل الله تعالى على هذه الأمة، ومن حكمته البالغة، لأن نبينا([414]) محمدا r من آخر الأنبياء، فلا نبي بعده، ولا كتاب منزل بعد هذا القرآن المجيد، فأمته r باقية إلى يوم القيامة، لأنها آخر الأمم، فاقتضت رحمة الله تعالى الواسعة، أن هيأ في كل عصر من يحمل هذا الدين كتابا وسنة، ويبلغه للناس ﴿لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل﴾ [النساء:165]، إذ هو الدين الصالح لكل زمان ومكان.
فعن ابن مسعود t قال: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم).([415])
قال البغوي رحمه الله في شرح السنة (ج1 ص223): (قد أخبر النبي r عن افتراق هذه الأمة، وظهور الأهواء والبدع فيهم، وحكم بالنجاة لمن اتبع سنته، وسنة أصحابه رضي الله عنهم، فعلى المرء المسلم إذا رأى رجلا يتعاطى شيئا من الأهواء والبدع معتقدا، أو يتهاون بشيء من السنة أن يهجره، يتبرأ منه، ويتركه حيا وميتا). اهـ
قلت: إذا فحقيقة توبة ربيع المدخلي، فالأمر فيها أنه نصح مرات كتابة، ومشافهة، وسرا وعلانية فلم يرجع عن منهجه وأصوله و دعوته إلا عن بعض الأخطاء مع روغانه روغان الثعلب المكار!!!.([416])
ولقد انتقده علماء السنة فما زاد إلا تماديا في باطله، بل بطش في بعضهم و صنفهم في الحدادية!!!.
وأفتى فيه علماء من هيئة كبار العلماء في الملكة العربية السعودية فلما سمع نقدهم له لم يعتبر، ولم يرعو ويعالج الأمور بعقل وحكمة، بل شرع في تصعيد الأمور، وإشعال نيران فتنته تكذيبا واتهاما وطعنا وتشويها وتشويشا وتحريشا وتحريضا، فوسع دائرة فتنته فشمل كل من ينصحه في أصوله الفاسدة ويذب عن السنة، ويدافع عنها، ويذب عن منهج السلف،ويدافع عنه لأن الأمرالدين.([417])
قلت: ولقد أصر على وصفهم بهذه الصفات المشينة وغيرها.
لذلك يجب عليه أن لا يخرج عنهم، بل المتعين عليه الرجوع إليهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج35ص372): (وليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الشرع الذي يجب على ولاة الأمر إلزام الناس به، ويجب على المجاهدين الجهاد عليه، ويجب على كل واحد اتباعه ونصره). اهـ
قلت: وإذا صرح المسلم بعقيدته على رؤوس الأشهاد نظر أهل السنة فيها، فإن كانت صحيحة شهدوا له بهاعند الله تعالى ثم عند المسلمين، وإن كانت فاسدة بينوا له فسادها ليتوب منها، فإن تاب توبة صادقة شهدوا له بذلك، وإن لم يتب أنكروا عليه، وبينوا فسادها جملة و تفصيلا على رؤوس الأشهاد ولله الحمد والمنة.([418])
قال أبو بكر المكي رحمه الله في ((ما لابد منه في أمور الدين)): (ملتمسا تأييد أهل الحق والحقائق لما فيه... فقد قال بعضهم: ينبغي لكل مؤمن أن يصرح بعقيدته على رؤوس الأشهاد فإن كانت صحيحة شهدوا له بها عند الله، وإن كانت غير ذلك بينوا له فسادها ليتوب منها).([419]) اهـ
قلت: فمن أظهر لنا سوءا لم نأمنه، ولم نصدقه وإن قال: إن سريرته طيبة حسنة والله المستعان.
فعن عبدالله بن عتبة بن مسعود قال: سمعت عمر بن الخطاب t يقول: (إن ناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله r، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الأن بماظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرا، أمناه، وقربناه وليس لنا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا، لم نأمنه، ولم نصدقه وإن قال: إن سريرته حسنة).([420])
فقوله (يؤخذون بالوحي): أي ينزل الوحي فيهم، فيكشف عن حقائق حالهم، وذلك في عهد رسول الله r.
وقوله (أمناه): أي صيرناه عندنا أمينا.
وقوله (سريرته): ما أسره وأخفاه.
قلت: فأخبر عمر بن الخطاب t، عما كان عليه الناس في عهد رسول الله r، وعما صار بعده... فإجراء الأحكام على ظواهر الناس([421])، وما يصدر منهم من أعمال.([422])
والحساب يوم الجزاء الأكبر يكون على ما أخفى العبد من سريرته، فإن كانت حسنة فحسن، وإن كانت شرا فجزاؤه من جنس عمله.
قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ج5 ص323): (باب إجراء أحكام الناس على الظاهر، وسرائرهم إلى الله تعالى). اهـ
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (ج5 ص325): (اعلم أن العبرة في الدنيا بما في الظواهر؛ اللسان والجوارح، وإن العبرة في الآخرة بما في السرائر بالقلب.
فالإنسان يوم القيامة يحاسب على ما في قلبه، وفي الدنيا على ما في لسانه وجوارحه، قال الله تبارك وتعالى: ﴿إنه على رجعه لقادر* يوم تبلى السرائر﴾ [الطارق:8-9]، تختبر السرائر والقلوب.
وقال تعالى: ﴿ أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور* وحصل ما في الصدور* إن ربهم بهم يومئذ لخبير﴾ [العاديات:9-11].
فاحرص يا أخي على طهارة قلبك قبل طهارة جوارحك، كم من إنسان يصلي، ويصوم، ويتصدق، ويحج، لكن قلبه فاسد.
وهاهم الخوارج حدث عنهم النبي عليه الصلاة والسلام أنهم يصلون، ويصومون، ويتصدقون، ويقرأون القرآن، ويقومون الليل، ويبكون، ويتهجدون، ويحقر الصحابي صلاته عند صلاتهم، لكن قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم)([423]) لا يدخل الإيمان قلوبهم.
مع أنهم صالحو الظاهر، لكن ما نفعهم، فلا تغتر بصلاح جوارحك، وانظر قبل كل شيء إلى قلبك). اهـ
إذا علينا أن نحمل الناس في الدنيا على ظواهرهم، أما ما في قلوبهم فموعده يوم القيامة، تنكشف السرائر، ويحصل ما في الضمائر، ولهذا علينا أيها الإخوة أن نطهر قلوبنا قبل كل شيء ثم جوارحنا.([424])
وأما بالنسبة لمعاملتنا لغيرنا، فعلينا أن نعامل غيرنا بالظاهر. أي بما يظهر لنا من حاله، وأمره إلى الله تعالى في باطنه.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (ج5 ص331): (أن عمر بن الخطاب t قال: إنا نعلم يعني عمن أسر سريرة باطلة في وقت الوحي بما ينزل من الوحي لأن أناسا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا منافقين، يظهرون الخير، ويبطنون الشر، ولكن الله تعالى كان يفضحهم بما ينزل من الوحي على رسوله r، يفضحهم لا بأسمائهم، ولكن بأوصافهم التي تحدد أعيانهم... لكن لما أنقطع الوحي صار الناس لا يعلمون من المنافق، لأن النفاق في القلب والعياذ بالله.
يقول t: من أظهر لنا خيرا أخذناه بما أظهر لنا، وإن أسر سريرة يعني سيئة، ومن أظهر لنا شرا، فإننا نأخذه بشره، ولو أضمر ضميرة طيبة لأننا نحن لا نكلف إلا بالظاهر، وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى علينا ألا نحكم إلا بالظاهر لأن الحكم على الباطن من الأمور الشاقة، والله عز وجل لا يكلف نفسا إلا وسعها فمن أبدى خيرا عاملناه بخيره الذي أبداه لنا، ومن أبدى شرا عاملناه بشره الذي أبداه لنا، وليس لنا من نيته مسؤلية، النية موكولة إلى رب العالمين عز وجل الذي يعلم ما توسوس به نفس الإنسان). اهـ
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في النصيحة (ص105): (فالسؤال الذي يطرح نفسه – كما يقال -: ما حال من نشر ذاك الهدى هناك؛ ثم نشر هذا الضلال هنا؟ هل هي النكسة عن السلفية، أم أن الغاية تبرر الوسيلة؟! أحدهما مر!). اهـ
قلت: إذا يا ربيع إن كنت تنتسب([425]) إلى أهل السنة والجماعة صدقا فوافقهم على منهجهم المؤصل على الكتاب والسنة، وإلا إذا كنت تريد أن تجمع بين منهجهم، ومنهج المرجئة، فهذا من التناقض، ومن الجهل نسأل الله السلامة والعافية.
فهذا الرجل فقد التوازن تماما، فلا يستقر على خط، ولا يستمر على حفظ وضبط، تحمله رجل وتخونه أخرى... وهكذا([426]) ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولذلك على ربيع أن يلزم السكوت في دين الله تعالى، ولا يتكلم فيه بلا علم، فإن فعل أثم اللهم غفرا.
فعن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).([427])
وعن ميمون رحمه الله قال: (أدركت من لم يكن يتكلم إلا بحق، أو يسكت).([428])
قال الشافعي رحمه الله في الرسالة (ص41): (فالواجب على العالمين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله). اهـ
قلت: فربيع يعتبر هو أول من أظهر الخلاف بدون إنصاف، وركب العناد، وسار به في البلاد، والفرق بينه وبين المخالفين السابقين([429]) أن ربيعا أحدث خلافا ظنيا بدون برهان، ولم يكن هناك أي خلاف بين السلفيين في الأوطان، بل لم يظهر من أي سلفي أي خلاف معتبر من بدعة وعصيان، فلما أحدث ربيع الخلاف طلبوا منه بسؤالهم الإيضاح والبيان، إن كان هناك بدعة وعصيان، فأفتى ربيع بدون مشورة لكبار العلماء وطلبتهم في الأوطان، ودل في مسائله بمفرده بغير برهان، فانقطع في المناقشة وخسر في كرته وبيان فساد تعليله، وإزاغته عن الصواب في تأويله، فعارض الآثار بالآراء، وهذا فساد في الاعتبار، وعدم استبصار فلا انتصار، لأن العمل بالآثار مقدم على الآراء، ولأن سهام الآراء تصيب مرة وتخطئ أخرى، والنص معصوم، وإجماع السلف، وأهل السنة المنزه عن الغلط والزلل بالأدلة الكبرى.
وأما المخالفون السابقون أظهروا خلافا معتبرا ببدعة وعصيان، فبين السلفيون بدعهم وعصيانهم بالبيان، وهذا هو الفرق بين خلاف ربيع الجبان، وبين أهل الخذلان.
قلت: ومع هذا فإن ربيعا يدعي الاصلاح لا الفساد في البلاد، وهذا شأن المفسدين في كل زمان، والله المستعان.
قال ابن الحنبلي رحمه الله في استخراج الجدال (ص69): (سؤال المنع: ﴿وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون﴾ [البقرة:11] معناه: لا نسلم إنا مفسدون!، لأن الإصلاح ضد الإفساد، فإذا ادعوا الإصلاح فقد أنكروا الإفساد ثم منعوا هذه الدعوى، بقوله تعالى: ﴿ألا إنهم هم المفسدون ولـكن لا يشعرون﴾ [البقرة:12]، وفي هذا دليل على جواز المنع من طريق المعنى). اهـ
قلت: والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما سبق.
قلت: فربيع يريد أن يجعل الخلاف الذي أحدثه من الإصلاح، وهو من الإفساد في البلاد، وذلك بسبب جهله بقاعدة: النظر إلى المصالح والمفاسد.
والعجب من أمره بجعله سبب الخلاف من بعض السلفيين لا منه ومن شيعته.
وهذا مثل قول الله تعالى عن قوم عيسى عليه السلام حيث قالوا لرسل عيسى بن مريم عليه السلام: ﴿إنا تطيرنا بكم﴾ [يس:18]، قالوا لهم: ﴿طائركم معكم﴾ [يس:19]. [أي أنتم الذين أحدثكم الخلاف لا نحن، فخلافكم منكم لا منا!!!].
قلت: وهذا فيه النقض الوارد على معنى كلامهم، وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا﴾ [البقرة:17]، وقولهم هذا منقوض بقوله تعالى: ﴿أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون﴾ [البقرة:17].
فدل على جواز إيراد ما يهدم كلام الخصم على أي وجه كان.([430])
فعلى هذا فالمدخلي خلع الطاعة، وفارق الجماعة، واستحب العمى على الهدى، وجمح من النجوة إلى الردى، واستبدل بالرشد غواية، وبالهدى عمامة، وبالنور غياية([431])، وبالحق ضلالة، وبالعلم جهالة، وبالرشد غيا، وبالإبانة كيا، وبالتوبة إصرارا، وبالانقياد استكبارا، وآثر الشر على الخير، والإلحاد على السداد، والبدعة على السنة، والإساءة على الإحسان، والهوى على الكرامة، والهلاك على السلامة!!!.
ذكر الدليل
على رجوع السلف الصالح عن فتواهم
المخالفة للكتاب والسنة وعـدم إصرارهم عليهـا([432])
فإن رجوع السلف الصالح بعضهم إلى بعض، ورد بعضهم على بعض دليل واضح على أن اختلافهم عندهم خطأ وصواب، وعنده طلب الدليل من الكتاب والسنة، ولو كان الصواب في قولين متدافعين ما خطأ السلف بعضهم بعضا ولا رجع بعضهم إلى بعض، ومن تدبر رجوع السلف عن فتواهم المخالفة للكتاب والسنة علم صحة ما قلناه وإليك الدليل:
(1) عن أبي وائل قال: (جلست إلى شيبة في هذا المسجد قال: جلس إلي عمر في مجلسك هذا فقال: هممت أن لا أدع صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين، قلت: ما أنت بفاعل. قال: لم؟ قلت: لم يفعله صاحباك. قال: هما المرآن يقتدى بهما).
أخرجه البخاري في صحيحه (ج13 ص249) من طريق سفيان عن واصل عن أبي وائل به.
قلت: فأنكر شيبة t على عمر t عزمه هذا على توزيع مال الكعبة، حيث لم يفعله الرسول r ولا خليفته أبو بكر t بعده، فلم يكن من عمر t إلا الرجوع عن رأيه.
قال ابن بطال: (أراد عمر قسمة المال في مصالح المسلمين، فلما ذكره شيبة أن النبي وأبا بكر بعده لم يتعرضا له، لم يسعه خلافهما، ورأى أن الاقتداء بهما واجب).([433]) اهـ
(2) وعن عكرمة قال: (أتى علي بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله: لا تعذبوا بعذاب الله، ولقتلتهم لقول رسول الله r من بدل دينه فاقتلوه).
أخرجه البخاري في صحيحه (ج6 ص149) وأبو داود في سننه (ج4 ص520) والترمذي في سننه (ج4 ص59).
وفي رواية عند الترمذي: (فبلغ ذلك عليا فقال: صدق ابن عباس).
قال العلامة السندي تعليقا على القصة في حاشيته على سنن النسائي (ج7 ص105): (قالوا: كان ذلك منه عن رأي واجتهاد لا عن توقيف، ولهذا لما بلغه قول ابن عباس t استحسنه ورجع إليه كما تدل عليه الروايات). اهـ
(3) وعن ابن عباس أنه طاف مع معاوية بالبيت، فجعل يستلم الأركان كلها([434]) فقال له ابن عباس: (لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله يستلمهما، فقال معاوية: ليس شيء من هذا البيت مهجورا. فقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقال معاوية: صدقت).
حديث حسن.
أخرجه أحمد في المسند (ج12 ص41-البلوغ) من طريق مروان بن شجاع حدثني خصيف عن مجاهد عن ابن عباس به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه البخاري في صحيحه (ج3 ص473) من طريق جريج أخبرني عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء به.
وأخرجه الترمذي في سننه (ج3 ص204) من طريق عبدالرزاق أخبرنا سفيان ومعمر عن ابن خثيم عن أبي الطفيل قال: كنت مع ابن عباس ومعاوية به.
وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح).
قلت: فأنكر ابن عباس رضي الله عنهما على معاوية t فعله هذا محتجا بمعارضته سنة النبي r، ولم يكن من معاوية t إلا تأييد موقف ابن عباس t والاعتراف بخطئه.([435])
قال العلامة أحمد البنا رحمه الله تعليقا على القصة في بلوغ الأماني (ج12 ص41): (فرجع معاوية إلى قول ابن عباس حينما ظهر له الدليل، وقال: (صدقت)، وهذا شأن المؤمن إذا ظهر له الحق، وكان مخالفا لرأيه، طرح رأيه واتبع الحق، والرجوع إلى الحق فضيلة). اهـ
(4) وعن عبدالرحمن بن يزيد الأنصاري: (أن أنس بن مالك قدم من العراق، فدخل عليه أبو طلحة وأبي بن كعب فقرب لهما طعاما قد مسته النار، فأكلوا منه، فقام أنس فتوضأ، فقال أبو طلحة وأبي بن كعب: ما هذا يا أنس؟ أعراقية؟([436]). فقال أنس: ليتني لم أفعل، وقام أبو طلحة وأبي بن كعب، فصليا ولم يتوضئا).
حديث صحيح.
أخرجه مالك في الموطأ (ج1 ص28) من طريق موسى عن عبدالرحمن به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فهذا أنس بن مالك يتوضأ بعد ما أكل مما قد مسته النار، فأنكر عليه أبو طلحة وأبي بن كعب، وليس له إلا التسليم.
(5) وعن حيان العدوي قال: (سئل لاحق بن حميد أبو مجلز، وأنا شاهد عن الصرف، فقال: كان ابن عباس لا يرى بأسا زمانا من عمره، حتى لقيه أبو سعيد الخدري، فقال له: يا ابن عباس ألا تتقي الله! حتى متى توكل الناس؟ أما بلغك أن رسول الله قال ذات يوم وهو عند أم سلمة زوجته: إني أشتهيه تمر العجوة. وأنها بعثت بصاعين من تمر عتيق إلى منزل رجل من الأنصار، فأوتيت بدلهما تمرة عجوة، فقدمته إلى رسول الله فأعجبه، فتناول تمرة ثم أمسك فقال: من أين لكم هذا؟ قالت: بعثت بصاعين من تمر عتيق إلى منزل فلان، فأتينا بدلهما من هذا الصاع الواحد، فألقى التمرة من يده، وقال: ردوه ردوه، لا حاجة فيه، التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والذهب بالذهب، والفضة بالفضة، يدا بيد مثلا بمثل ليس فيه زيادة ولا نقصان، فمن زاد أو نقص فقد أربا، فكل ما يكال أو يوزن. فقال: ذكرتني يا أبا سعيد أمرا نسيته، أستغفر الله وأتوب إليه، وكان ينهى بعد ذلك أشد النهي).
حديث حسن.
أخرجه الحاكم في المستدرك (ج2 ص142) وابن عدي في الكامل (ج2 ص831) والبيهقي في السنن الكبرى (ج5 ص281) والمروزي في السنة (ص55) والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1 ص372) من طرق عن حيان به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: والمراد مناقشة الآراء المخالفة للنصوص، وبيان وجه مخالفتها ثم إرجاعها على صاحبها، والله ولي التوفيق.
(6) وعن عبدالله بن عمر كان يكري أرض آل عمر فسأل رافع بن خديج فأخبره: (أن رسول الله نهى عن كراء الأرض، فترك ذلك ابن عمر).
وفي رواية: (كنا نخابر([437]) ولا نرى بذلك بأسا حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله r نهى عنها، فتركناها من أجل ذلك).
أخرجه مسلم في صحيحه (ج3 ص1179) والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1 ص368) وأبو داود في سننه (ج3 ص682) وابن ماجة في سننه (ج2 ص819) وأحمد في المسند (ج1 ص234).
قال الإمام الشافعي في الرسالة (ص445): (فابن عمر قد كان ينتفع بالمخابرة ويراها حلالا، ولم يتوسع، إذ أخبره واحد لا يتهمه عن رسول الله أنه نهى عنها أن يخابر بعد خبره، ولا يستعمل رأيه مع ما جاء عن رسول الله، ولا يقول ما عاب هذا علينا أحد ونحن نعمل به إلى اليوم). اهـ
(7) وعن ابن عباس أن زيد بن ثابت قال له: (أتفتي أن تصدر([438]) الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ فقال ابن عباس: فأسأل فلانة الأنصارية([439]) هل أمرها بذلك رسول الله؟ فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك وهو يقول: ما أراك إلا قد صدقت).
أخرجه مسلم في صحيحه (ج2 ص963) وأحمد في المسند (ج3 ص307) والشافعي في الأم (ج2 ص181) وفي الرسالة (ص440).
قال الإمام الشافعي في الرسالة (ص441): (سمع زيد النهي أن يصدر أحد من الحاج حتى يكون آخر عهده بالبيت، وكانت الحائض عنده من الحاج الداخلين في ذلك النهي، فلما أفتاها ابن عباس بالصدر إذا كانت قد زارت بعد النحر أنكر عليه زيد، فلما أخبره عن المرأة أن رسول الله أمرها بذلك، فسألها فأخبرته فصدق المرأة ورأى عليه حقا لأن يرجع عن خلاف ابن عباس، وما لابن عباس حجة غير خبر المرأة). اهـ
(8) عن الخولاني: (أنه قدم العراق فجلس إلى رفقة فيها ابن مسعود، فتذاكروا الإيمان، فقلت: أنا مؤمن، فقال ابن مسعود: أتشهد أنك في الجنة؟ فقلت: لا أدري مما يحدث الليل والنهار، فقال ابن مسعود: لو شهدت أني مؤمن لشهدت أني في الجنة، قال أبو مسلم: فقلت يا ابن مسعود ألم تعلم أن الناس كانوا على عهد رسول الله r على ثلاثة أصناف: مؤمن السريرة مؤمن العلانية، كافر السريرة كافر العلانية، مؤمن العلانية كافر السريرة؟ قال: نعم، قلت: فمن أيهم أنت؟ قال: أنا مؤمن السريرة مؤمن العلانية. قال أبو مسلم: قلت وقد أنزل الله عز وجل: ﴿هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾ [التغابن:2]، فمن أي الصنفين أنت؟ قال: أنا مؤمن. قلت: صلى الله على معاذ، قال: وما له؟ قلت: كان يقول: (اتقوا زلة الحكيم)، وهذه منك زلة يا ابن مسعود!! فقال: أستغفر الله).
أثر حسن.
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (ج2 ص333) من طريق هشام بن عمار ثنا صدقة بن خالد ثنا محمد بن عبدالله الشعيثي عن حرام بن حكيم ويونس بن ميسرة بن حلبس عن أبي مسلم الخولاني به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: والأصل الرجوع في الوقائع إلى علم آثار النبي r.
عن سفيان الثوري قال: (إنما العلم بالآثار).
أثر صحيح.
أخرجه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (ص200) وأبو نعيم في الحلية (ج6 ص367) و(ج7 ص57) وابن عبد البر في جامع بيان العلم (ج2 ص34) من طريق عبدالعزيز بن أبي رزمة يقول: سمعت عبدالله بن المبارك يقول: سمعت سفيان به.
قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
(9) وعن عبدالله بن كعب: (أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينـزل، فقال زيد: يغتسل. فقال له محمود: إن أبي بن كعب، كان لا يرى الغسل. فقال له زيد بن ثابت: إن أبي بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت).
أثر صحيح.
أخرجه مالك في الموطأ (ج1 ص47) من طريق يحيى بن سعيد عن عبدالله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الشافعي في اختلاف الحديث (ص91) والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1 ص366) من طريق خارجة بن يزيد بن ثابت عن أبيه عن أبي بن كعب به.
(10) وعن البويطي قال: سمعت الشافعي يقول: (لقد ألفت هذه الكتب، ولم آل فيها، ولابد أن يوجد فيها الخطأ، لأن الله تعالى يقول: ﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ [النساء:82]، فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب والسنة فقد رجعت عنه).
أثر صحيح.
أخرجه ابن حجر في توالي التأسيس (ص106) من طريق أحمد بن عثمان ثنا محمد بن الحسن ثنا يحيى بن عبدالباقي ثنا محمد بن عامر عن البويطي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(11) وعن أبي ثور قال: (لما ورد الشافعي العراق وجاء الحسين بن علي الكرابيسي وكان يختلف معي إلى أهل الرأي فقال لي: (ورد رجل من أصحاب الحديث يتفقه، فقم بنا نسخر منه)، فذهبنا إليه فسأله الحسين عن مسألة فلم يزل يقول: (قال الله)، (قال رسول الله)، حتى أظلم علينا البيت فتركنا بدعتنا واتبعناه).([440])
أثر صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي (ص66) من طريق أبي عبدالله الفسوي عن أبي ثور به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقوله: (فتركنا بدعتنا) أي سخريتنا بأهل الحديث والاستخفاف بهم، والتعنت معهم أو التغالي في الرأي، والتمادي فيه.
وقوله: (واتبعناه) أي اتبعنا ما عند الشافعي من كتاب الله وسنة رسوله r.
(12) وعن أنس بن مالك قال:(كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب شرابا من فضيح([441]) وتمر فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت. فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، قال أنس: فقمت إلى مهراس([442]) لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت).
أخرجه البخاري في صحيحه (ج10 ص36) ومسلم في صحيحه (ج3 ص1572) ومالك في الموطأ (ج2 ص846) والشافعي في الرسالة (ص409) والبيهقي في السنن الكبرى (ج8 ص286) وفي المعرفة (ج13 ص8) من طريق إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة عن أنس به.
الله أكبر هذا هو الاتباع حقا، والصدق في حب الله وحب رسوله r، والرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل.
فوجب على الناس أن يسلكوا سبيل السنة المحمدية، وآثار السلف أخذا بالكتاب والسنة والآثار، وأما أن نخالف حديثا عن رسول الله r ثابتا عنه، وآثارا عن السلف ثابتة عنهم بالتقليد والتعصب هذا هو المحرم بعينه.
هذا لو تتبعنا أقوال الصحابة والتابعين لطال المقال، واتسع نطاق الأقوال، على أنه معلوم من آرائهم أنهم لا يقدمون على سنته r قول أحد من الرجال.([443])
فعن خالد بن عبدالرحمن قال: (كنا في عسكر سليمان بن عبدالملك، فسمع غناء من الليل، فأرسل إليهم بكوة فجيء بهم، فقال: إن الفرس ليصهل فتستودق له الرمكة، وإن الفحل ليحظر فتضبح له الناقة، وإن التيس ليثب فتستحرم له العنز، وإن والرجل ليغني فتشتاق إليه المرأة. ثم قال: اخصوهم، فقال عمر بن عبدالعزيز: هذا مثلة ولا يحل، فخلا سبيلهم).
أثر حسن.
أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (ص52) والحكيم في المنهيات (ص107) والبيهقي في شعب الإيمان (ج9 ص332) من طريق الفضل بن موسى عن داود بن عبدالرحمن عن خالد به.
قلت: وهذا سنه حسن.
قال الأثري: فهؤلاء أعقل الأمة كلها إجماع علمائها، (أولئك الذين هدى الله فبهدام اقتده).
قال ابن عبدالبر في جامع بيان العلم (ج2 ص919): (هذا كثير في كتب العلماء، وكذلك اختلاف أصحاب رسول الله r والتابعين ومن بعدهم من الخالفين، وما رد فيه بعضهم على بعض لا يكاد أن يحيط به كتاب فضلا أن يجمع في كتاب، وفيما ذكرنا منه دليل على ما عنه سكتنا، وفي رجوع أصحاب رسول الله r بعضهم إلى بعض، ورد بعضهم على بعض دليل واضح على أن اختلافهم عندهم خطأ وصواب ولولا ذلك كان يقول كل واحد منهم جائز ما قلت أنت، وجائز ما قلت أنا، وكلانا نجم يهتدى به، فلا علينا شيء من اختلافنا.
ثم قال ابن عبدالبر: والصواب مما اختلف فيه وتدافع وجه واحد، ولو كان الصواب في وجهين متدافعين ما خطأ السلف بعضهم بعضا في اجتهادهم وقضاياهم وفتواهم، والنظر يأبى أن يكون الشيء وضده صوابا، ولقد أحسن القائل:
إثبات ضدين معا في حال |
|
أقبح ما يأتي من المحال |
وتدبر رجوع عمر t إلى قول معاذ في المرأة الحامل، وقوله: (لولا معاذ هلك عمر) اعلم صحة ما قلنا). اهـ
قلت: وهذا القول نفيس جدا من الحافظ ابن عبدالبر رحمه الله، تقر به عين المؤمن المنصف الحق، فعلى الذي ابتلي بمعصية المكابرة على الحق وعدم رجوعه عن الخطأ والغلط أن يراجع الصواب من قريب ويتوب إلى الله ويقلع بدلا من أن يظل مستمرا على المخالفة، ﴿فهل من مدكر﴾.
وقال الإمام المزني رحمه الله صاحب الإمام الشافعي في الحديث: ((أصحابي كالنجوم). قال: (إن صح هذا الخبر فمعناه: فيما نقلوا وشهدوا به عليه فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به، لا يجوز عندي غير هذا، وأما ما قالوا فيه برأيهم، فلو كانوا عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضا، ولا أنكر بعضهم على بعض، ولا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه فتدبر).([444]) اهـ
وقال الشيخ عبدالله المحمود في الحكم الشرعي (ص4): (وحسبنا سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين وسائر علماء المسلمين من الرد من بعضهم على بعض في أصول الدين وفروعه، ولا يجدون غضاضة ولا هضما، وما من الناس إلا راد ومردود عليه إلا رسول الله r). اهـ
وقال الذهبي في السير (ج19 ص327): (ما زال العلماء يختلفون ويتكلم العالم في العالم باجتهاده وكل منهم معذور مأجور ومن عاند أو خرق الإجماع، فهو مأزور وإلى الله ترجع الأمور). اهـ
وقال الشافعي: (وصنع ذلك الذين بعد التابعين والذين لقيناهم، كلهم يثبت الأخبار ويجعلها سنة، يحمد من تبعها ويعاب من خالفها، فمن فارق هذا المذهب كان عندنا مفارق سبيل أصحاب رسول الله r وأهل العلم بعدهم إلى اليوم وكان من أهل الجهالة).([445]) اهـ
وقال الشافعي أيضا: (ولا أعلم من الصحابة ولا من التابعين أحدا أخبر عن رسول الله r إلا قبل خبره وانتهى إليه وأثبت إليه ذلك سنة).([446]) اهـ
الله أكبر فنأتي إلى زمان إذا تمسك المسلم بالأثر والسنة عابوه!، وإذا خالف حمدوه!.
فالمتمسك بالسنة حق التمسك في هذا الزمان غريب بين الناس يشار إليه بالأصابع لتباين منهجه مع مناهجهم، وطريقته مع طريقتهم، وسبيله مع سبيلهم.
قال ابن القيم في مدارج السالكين (ج3 ص209): (فإذا أراد المؤمن، الذي رزقه الله بصيرة في دينه، وفقها في سنة رسوله، وفهما في كتابه، وآراه ما الناس فيه من الأهواء والبدع والضلالات وتنكبهم عن الصراط المستقيم، الذي كان عليه رسول الله r وأصحابه، فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه قدح الجهال، وأهل البدع فيه وطعنهم عليه، وإزرائهم به، وتنفير الناس عنه، وتحذيرهم منه.... إن دعاهم إلى ذلك – إلى تحكيم الكتاب والسنة وآثار السلف -، وقدح فيما هم عليه – من الهوى – فهنالك تقوم قيامتهم، ويبغون له الغوائل، وينصبون له الحبائل،.... فهو غريب في دينه، لفساد أديانهم، غريب في تمسكه بالسنة، لتمسكهم بالبدع، غريب في اعتقاده، لفساد عقائدهم، غريب في صلاته، لسوء صلاتهم، غريب في طريقه، لضلال وفساد طرقهم، غريب في نسبه، لمخالفة نسبهم، غريب في معاشرته لهم، لأنه يعاشرهم على ما لا تهوى أنفسهم.
وبالجملة: فهو غريب في أمور دنياه وآخرته لا يجد من العامة مساعدا، ولا معينا، فهو عالم بين جهال صاحب سنة بين أهل البدع، داع إلى الله ورسوله بين دعاة إلى الأهواء والبدع، آمر بالمعروف ناه عن المنكر بين قوم المعروف لديهم منكر والمنكر معروف). اهـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
جوهـرية أثـرية سلفيـة
في ذكر الأسباب التي تمنع المدخلي المرجئ
من التوبة من الباطل، ومن اتباع الحق
قد ذكر العلامة الشيخ المعلمي رحمه الله في القائد إلى تصحيح العقائد (ص12) أسبابا كثيرة تمنع الإنسان من اتباع الحق، ومخالفة الهوى منها:
(1) أن يرى الإنسان أن اعترافه بالحق يستلزم اعترافه بأنه كان على باطل فيشق عليه أن يعترف ذلك.
(2) أن يكون قد صار له في الباطل جاه، وشهرة، ومعيشة فيشق عليه أن يعترف بأنه باطل فتذهب تلك الفوائد.
(3) الكبر، فيرى أن اعترافه بالحق يعني اعترافه بأنه كان ناقصا، - بعدما بين له صاحب الحجة - وأن هذا الرجل هو الذي هداه.
(4) أن يكون عاجزا عن تقبل الصدمة، وتضعف إرادته عن اتخاذ القرار، فإنه يتبين له أن آباءه وأجداده وشيوخه وعلماءه الذين كان يطريهم ويعظمهم، ويذب عنهم كانوا على خلاف الحق، وأن الذين يحقرهم، ويسخر منهم، وينسبهم إلى الجهل والضلال والكفر هم المحقون والله المستعان.
قلت: وعلاج هذا أن يجعل الإنسان نصب عينيه الأمور التالية:
(1) أن يفكر في شرف الحق، وضعة الباطل.
(2) أن يقارن بين نعيم الدنيا الزائل، ورضوان رب العالمين، ونعيم الآخرة.
(3) أن يأخذ نفسه بخلاف هواها فيما يتبين له.
(4) أن يسعى في التمييز بين معدن الحجج، ومعدن الشبهات.
(5) أن يوطن نفسه على أن لا يكون إمعة إن أحسن الناس أحسن، وإن أساؤا أساء، بل إن أحسن الناس أحسن، وأن أساؤا لا يسيء.
(6) أن يكثر من دعاء الله، أن يريه الحق حقا ويرزقه اتباعه، وأن يريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه.([447])
قال العلامة الشيخ عبدالرحمن المعلمي رحمه الله:
ما كان ما كان عن حب لمحمـدة |
|
|
ولم يزد سمعة بالبحـث والجــدل |
لكنمـا الحـق أولـى أن نعظمــه |
|
|
من الخـداع بقـول غيـر معتـدل |
ولا أحـب لكم إلا الصـواب كمـا |
|
|
أحبـه وهو من خير المقاصـد لـي |
فظن خيرا كظنـي فيـك محتمـلا |
|
|
ما كان أثناء نصر الحق مـن خطـل |
فإنما غضبـي للحـق حيـث أرى |
|
|
إعراضكـم عنه تعليـلا بـلا علـل |
وقد علمتم صوابي فـي محاورتـي |
|
|
والحمد لله رب السهـل والجبـل([448]) |
قال ابن قتيبة رحمه الله في الاختلاف في اللفظ (ص20): (... ورجلا تطمع به عزة الرئاسة، وطاعة الإخوان، وحب الشهوة، فليس يرد شهوته... لأن في رجوعه إقراره بالغلط، واعترافه بالجهل، وتأبى عليه الأنفة). اهـ
وقال الآجري رحمه الله في أخلاق العلماء (ص146): (إن علم أنه قال قولا فتوبع عليه وصارت له به رتبة عند من جهله، ثم علم أنه أخطأ أنف أن يرجع عن خطئه فثبت ينصر الخطأ لئلا تسقط رتبته عند المخلوقين). اهـ
قال ابن القيم رحمه الله في الروح (ج2 ص752): (والفرق بين الاقتصاد والتقصير أن الاقتصاد هو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وله طرفان هما ضدان له: تقصير ومجاوزة، فالمقتصد قد أخذ بالوسط وعدل عن الطرفين... والدين كله بين هذين الطرفين، بل الإسلام قصد بين الملل، والسنة قصد بين البدع، ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه... وما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان: فإما إلى غلو ومجاوزة، وإما إلى تفريط وتقصير، وهما آفتان لا يخلص منهما في الاعتقاد والقصد والعمل إلا من مشى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترك أقوال الناس وآراءهم لما جاء به ، لا من ترك ما جاء به لأقوالهم وآرائهم، وهذان المرضان الخطران قد استوليا على أكثر بني آدم ولهذا حذر السلف منهما أشد التحذير، وخوفوا من بلي بأحدهما بالهلاك، وقد يجتمعان في الشخص الواحد كما هو حال أكثر الخلق: يكون مقصرا مفرطا في بعض دينه، غاليا متجاوزا في بعضه والمهدي من هداه الله). اهـ
وكل هذا، ليتنبه أهل السنة، فيتنكبوا الدعاة إلى البدعة، وما كتبوا، وينصرفوا عنهم، ويولوهم الأدبار، ويعدوهم في حيز العوام، فلا يلتفت إلى أقوالهم بالقبول، ولا يعتني بتحصيل كتبهم، ولا يدل عليها، ولا عليهم، ويواجهون: (من أكل ثوما، أو بصلا فليعتزلنا) وإذا كان النهي عن السماع من أهل الأهواء، والمذاهب التي تخالف الحق – وإن عرفوا بالطلب – وترك سماع من فحش غلطه، وكثر وهمه لأنها مظنة لما لا يصح، فإن محرفي النصوص– وهم مئنة التلبيس، والتضليل– أولى بأن يهجروا وما كتبوا.([449])
قال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة (ج1 ص17): (فالتأويل الباطل، هو إلحاد، وتحريف، وإن سماه أصحابه تحقيقا، وعرفانا وتأويلا).([450]) اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج7 ص172): (ومن كتم الحق احتاج أن يقيم موضعه باطلا، فليس الحق بالباطل ولهذا كان كل من كتم من أهل الكتاب ما أنزل الله فلابد أن يظهر باطلا، وهكذا أهل البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى (ج19 ص161): (فلا نجد قط مبتدعا إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه، ويبغضها، ويبغض إظهارها، وروايتها، والتحدث عنها). اهـ
قلت: فالآن أتاك نبأ المرجئيين المحرفين، إذ تسوروا كتب السلف فاحذر مكرهم ﴿wur ß,Ïts ãõ3yJø9$# à×Äh¡¡9$# wÎ) ¾Ï&Î#÷dr'Î/ ﴾ [فاطر:43].
وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال في الفتاوى (ج8 ص425): (فالبدع تكون أولها شبرا ثم تكثر في الأتباع، حتى تصير ذراعا، وأميالا، وفراسخ). اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرح مسائل الجاهلية (ص126): (فهذا من العقوبات أن الإنسان إذا ترك الحق يبتلى بالباطل، وهذه سنة لا تتبدل ولا تتغير، فبعض المسلمين تركوا كتاب الله وسنة رسوله، وأخذوا بأقوال الناس، وأخذوا علم المنطق، وأخذوا علم الكلام، هم من هذا القبيل، لما تركوا كتاب الله وسنة رسوله وأخذوا غيرهما لأنهم لما أعرضوا عن كتاب الله وسنة رسوله، ولم يأخذوا عقيدتهم من الكتاب والسنة، ابتلوا بأخذ العقيدة من علوم الكفرة والملاحدة، فما أشبه الليلة بالبارحة!
وهكذا كل من ترك الحق فإنه يبتلى بالباطل، ومن ترك مذهب أهل السنة والجماعة، فإنه يبتلى بمذاهب الفرق الضالة – كالمرجئة -، والذي يتحزب مع الجماعات الضالة المخالفة للكتاب والسنة ومنهج أهل السنة والجماعة، يبتلى بأن يكون مع الفرق الضالة.
هذه سنة الله سبحانه وتعالى، فهذا مما يحذر المسلم من أن يترك الحق لأنه إذا ترك الحق ابتلى بالباطل، وإذا ترك اتباع أهل الحق اتبع أهل الباطل، دائما وأبدا). اهـ
وقال الشيخ صالح فوزان الفوزان حفظه الله في شرح مسائل الجاهلية (ص128): (والواجب على المسلم أن يقبل الحق ممن جاء به لأن الحق ضالة المؤمن أينما وجده أخذه، مع صديقه، أو مع عدوه لأنه يطلب الحق.
أما إذا كان يعتبر الاشخاص فقط، فهذا دين أهل الجاهلية... والحاصل: أن الواجب على المسلم تجنب سنة اليهود والنصارى، وهي الكفر بالحق إذا كان مع من لا يحبه، فلا يحملك بغض الشخص على أن ترفض ما معه من الحق.
ومثل هذا ما هو موجود الآن: إذا كانت طائفة، أو جماعة تبغض أحد العلماء، فإنهم يرفضون ما معه من الحق، فيحملهم بغضهم لهذا العالم على أن يرفضوا ما معه من الحق، وأن يعتموا عليه، ويزهدوا فيه ويحذوا من مؤلفاته، ومن أشرطته، ولو كانت حقا.. لماذا؟ لا لشيء إلا لأنهم لا يحبون هذا الشخص.
والواجب عليك أيها المسلم أن تقبل الحق، وإن كان مع من لا تحب، ولا تكون العداوات الشخصية والأهواء النفسية مانعة من قبول الحق).([451]) اهـ
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرح مسائل الجاهلية (ص122): (وهذه عقوبة لهم لأن الإنسان إذا فرح بالباطل فإنه لا يتركه، أما إذا لم يفرح به وكان عنده تشكك منه، فهذا حري أنه يتوب ويرجع عنه، لكن إذا اطمأن إليه وفرح به، فإنه لا يتحول عنه، وهذه عقوبة من الله جل وعلا لأن من ترك الحق يبتلى بالباطل، ومن نرك الاجتماع فإنه يبتلى بالتفرق والتشتت...). اهـ
قلت: والذي ينتسب إلى الحق فيجب أن يقول به، ولا يقول بخلاف الحق.
فالانتساب الصحيح: هو أن ينتسب إلى الشيء ويكون موافقا له، فالذي ينتسب إلى مذهب السلف الصالح يوافق ما جاءوا به من سلامة المنهج، وصحة المعتقد، والبراءة من مذاهب الفرق الضالة.([452])
إذا يا ربيع إن كنت تنتسب إلى أهل السنة والجماعة صدقا فوافقهم على منهجهم، وإلا إن كنت تريد أن تجمع بين منهجهم ومنهج المرجئة فهذا من التناقض ومن الجهل نسأل الله السلامة والعافية.
قال المبرد: أنشدني المازني؛ لصالح بن عبد القدوس:
وإن عناء أن تفهم جاهلا |
|
|
فيحسب جهلا أنه منك أفهم |
متى بلغ البنيان يوما تمامه |
|
|
إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم |
متى يرعوي عن سيء من أتى به
|
|
|
إذا لم يكن منه عليه تندم([453]) |
خـاتـمــة
دعوة ربيع المدخلي الحدادي ومنهجيته
وثمرها المر أخيرا
﴿وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا* ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا* هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا وخير عقبا﴾ [الكهف:42-44].
ولذلك لا تصاحب صاحب منهج فاسد وسيء الخلق لأنه لا يأتي إلا بشر.
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: (لا تخالط إلا حسن الخلق فإنه لا يأتي إلا بخير، ولا تخالط سيء الخلق فإنه لا يأتي إلا بشر).
أثر صحيح.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (ج8 ص96) والخرائطي في مساوئ الأخلاق (14) بإسناد صحيح.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
انظر ((مختار الصحاح)) للرازي (ص2 و97 و202) و((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (ج1 ص257) و((معجم تهذيب اللغة)) للأزهري (ج3 ص2089) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج4 ص2550).
([13]) الأوار: حرارة النار والشمس.
انظر ((المصباح المنير)) للفيومي (ص74 و223 و241 و260) و((مختار الصحاح)) للرازي (ص297) و((المعجم الوسيط)) (ص32) و((الرائد)) لجبران (ص361) و((معجم تهذيب اللغة)) للأزهري (ج3 ص2959) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج6 ص3370) و((القاموس المحيط)) لفيروز آبادي (ص1121).
([14]) فالمبتدع شديد الانحراف في دينه: إذا قومته انثنى، وإذا ثقفته التوى، وإذا عدلته انحنى، وإذا نشرته انطوى، وإذا بسطته انزوى، وإذا أقمته على نهج الطريق، فضل عن سواء السبيل، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
([20]) صاف السهم عن الهدف، ويصيف أي عدل عنه ومثله ضاف أي عدل.
انظر ((المصباح المنير)) للفيومي (ص62 و136 و344) و((الرائد)) لجبران (ص309) و((المعجم الوسيط)) (ص185) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج5 ص3040) و((القاموس المحيط)) لفيروز آبادي (ص814).
([27]) اللفاع: ما يتلفع به، ويتغطى به.
انظر ((المصباح المنير)) للفيومي (ص286) و((الرائد)) لجبران (ص472 و528 و548 و801) و((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (ج2 ص128) و((معجم تهذيب اللغة)) للأزهري (ج4 ص3549) و((القاموس المحيط)) لفيروز آبادي (ص160).
انظر ((المعجم الوسيط)) (ص830) و((الرائد)) لجبران (ص21 و112 و365 و751) و((معجم تهذيب اللغة)) للأزهري (ج4 ص3420) و((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (ج5 ص174).
انظر ((مختار الصحاح)) للرازي (ص51 و260 و292) و((المصباح المنير)) للفيومي (ص117) و((الرائد)) لجبران (ص21 و221) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج7 ص4187).
([46]) التنصل: التبرؤ من المعصية، أو البدعة، والخروج منها.
انظر ((الرائد)) لجبران (246 و794 و812) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج7 ص4473) و((معجم تهذيب اللغة)) للأزهري (ج4 ص3611) و((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (ج1 ص125).
انظر ((المصباح المنير)) للفيومي (ص106 و321) و((المعجم الوسيط)) (ص8 و1017) و((الرائد)) لجبران (ص821) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج3 ص1776) و((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (ج2 ص586).
([71]) البائقة: المصيبة والشر.
انظر ((مختار الصحاح)) للرازي (ص168 و290) و((الرائد)) لجبران (ص85 و407 و774 و503 و570) و((المعجم الوسيط)) (ص518 و608).
انظر ((الرائد)) لجبران (ص508 و584) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج7 ص4168) و((معجم تهذيب اللغة)) للأزهري (ج4 ص3370) و((القاموس المحيط)) لفيروز آبادي (ص476).
([82]) الغياض: جمع الغيضة وهي مغيض الماء يجتمع فينبت في الشجر.
انظر ((مختار الصحاح)) للرازي (ص203 و196) و((المصباح المنير)) للفيومي (ص173 و193) و((المعجم الوسيط)) (ص918) و((الرائد)) لجبران (ص90 و29) ((القاموس المحيط)) لفيروز آبادي (ص43 و938).
انظر ((الرائد)) لجبران (ص530 و354 و720) و((لسان العرب)) لابن منظور (ج3 ص1327) و((معجم تهذيب اللغة)) للأزهري (ج2 ص1147) و((القاموس المحيط)) لفيروز آبادي (ص415).
([96]) قال ابن قدامة رحمه الله في تحريم النظر (ص60) عن ابن عقيل: (فإننا لا نسوغ لأحد مخالفة السنة كائنا من كان، وإن كان من أصحابنا – يعني الحنابلة – فنحن عليه أشد إنكارا من غيره!). اهـ
قال أبو عبدالرحمن الأثري: ونحن كذلك لا نسوغ لأحد مخالفة السنة كائنا من كان، وإن كان من السلفيين فنحن عليه أشد إنكارا من غيره فافهم لهذا ترشد.
قلت: كذلك أنكرنا على ربيع المدخلي وركزنا عليه أكثر من غيره على ما قاله ابن قدامة رحمه الله اللهم سدد سدد.
([97]) قلت: وإن الأحمق منهم من أغتر بمقالات ربيع بتقليده من غير بحث عن مقالاته، فهذا الأحمق مسموم رديء المنهج والله المستعان.
قال ابن قدامة رحمه الله في تحريم النظر (ص47): (إنما الأحمق المغتر المخطئ المبتدع هو المخالف). اهـ
([101]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (ج5 ص95): (ولكن من شأن أهل البدع أنهم يبتدعون أقوالا يجعلونها واجبة في الدين، بل يجعلونها من الإيمان الذي لابد منه). اهـ
([102]) وهذه المواقف التلبيسية تعتبر من التناقضات الشنيعة من ربيع، لبس بها الحق بالباطل، وهو يدعي أنه على منهج السلف في ذلك، ويتمسح بالإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والإمام محمد بن عبدالوهاب وغيرهم من علماء السنة والله المستعان.
وهذا منه يقتضي القول في مسائل الإيمان وغيرها على طريقتهم، وأنه ينقد الإرجاء ويحذر منه، وفعله خلاف ذلك، بل خلافه تخبط وتناقض منه، ومخالفة واضحة لمواقف أهل السنة والجماعة في أصول الشريعة.
قلت: فإن كان ربيعا صادقا في مذهب الإرجاء، فليعلن عن أسماء علماء الحرمين الذين وافقوه على هذا المذهب والله المستعان.
([103]) والذي لا يميز بين الخير والشر، فلابد أن يقع في الشر.
والشاعر الحكيم يقول:
عرفت الشر لا للشـ |
|
ـر لكـن لتوقيه |
ومن لا يعرف الشـر |
|
مـن الخير يقع فيه |
([105]) وربيع بمذهب الإرجاء الباطل يفسد الشباب، ويسلك بهم مسالك أهل الأهواء في التبعية التقليدية العمياء دون رد آراء الرجال إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، وآثار السلف الصالح وأقوال أهل السنة والجماعة والله المستعان.
أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (ج1 ص474) والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1 ص144) والهروي في ذم الكلام (ج2 ص67) بإسناد صحيح.
([107]) والتثويب البدعي: أن المؤذن إذا أذن، فأبطأ الناس؛ قال بين الأذان والإقامة: (قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح). وهذا هو التثويب المحدث.
انظر سنن الترمذي (198) والاعتصام للشاطبي (ج2 ص368).
قلت: فإذا هذا التثويب ضلال، فما بالك بالإرجاء الذي أحدثه ربيع والتنازل عن الأصول، والمخالفات الأخرى اللهم غفرا.
([108]) أورده الشاطبي في الاعتصام (ج2 ص368) من طريق ابن حبيب قال: أخبرني ابن الماجشون فذكره.
وذكره لحمر في ((الإمام مالك مفسرا)) (ص168).
([112]) ثم يأتي ربيع ويقعد أصولا فاسدة على الشرع، فتعدى الشرع فشذ عن أهل السنة والجماعة فهلك.
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص62): (المبتدع معاند للشرع، ومشاق له، لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقا خاصة على وجوه خاصة، وقصر الخلق عليها بالأمر والنهي، والوعد والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، وأن الشر في تعديها إلى غيرها، لأن الله يعلم ونحن لا نعلم، وأنه إنما أرسل الرسول r رحمة للعالمين، فالمبتدع راد لهذا كله، فإنه يزعم أن ثم طرقا أخر، وليس ما حصره الشارع بمحصور، ولا ما عينه بمتعين، وأن الشارع يعلم ونحن أيضا نعلم!!!). اهـ
([114]) انظر الاعتصام للشاطبي (ج1 ص63) والبدع لابن وضاح (74) وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى (ج1 ص70).
([117]) فربيع ما ابتدع هذه البدع، إلا لأنه غير متمكن من علم الكتاب والسنة، فلابد أن يعرف هذا الأمر مقلدوه المميعة.
أخرجه الترمذي في سنته (ج5 ص26) والحاكم في المستدرك (ج1 ص128) والآجري في الشريعة (ص15) وفي الأربعين (ص143) واللالكائي في الإعتقاد (ج1 ص100) وابن وضاح في البدع (ص92) وغيرهم.
([119]) قلت: والخلاف الذي وقع بين ربيع، وبين علماء الحرمين من الأموات والأحياء في مسائل الإيمان وغيرها رد إلى الكتاب والسنة وآثار السلف وأقوال أهل السنة والجماعة، فتبين بأن ربيعا على باطل، فكان ذلك فاصلا للنـزاع ولله الحمد والمنة.
قلت: ولما عجز عن تقديم أي دليل على هذه الدعاوى العريضة لجأ إلى الخيانة والتدليس والتلبيس ليوهم القراء بأن أهل العلم ظلموه، وأفتروا عليه والله المستعان.
أخرجه أبو داود في سننه (ج4 ص200) وأحمد في المسند (ج4 ص126) وابن ماجة في سننه (ج1 ص67) والترمذي في سننه (ج5 ص45) بإسناد صحيح.
([126]) قلت: واعلم أن البدعة إذا أحدثت من أي شخص في الإسلام، فهي تعتبر كيدا للإسلام وأهله... وأن لله تعالى لكل بدعة كيد بها الإسلام وأهله ولي من أهل العلم يذب عنه.
قال ابن شاهين رحمه الله في شرح المذاهب (ص41): (فيجعل الله بحذاء ذلك قوما متمسكين بالسنة، رادين للبدع، فيردون باطل كلامهم بالكتاب والسنة). اهـ
([127]) كـ (الأفكار الجديدة) التي خرجت على يد المرجئة الخامسة، والناطق الرسمي والذي يحمل وزرها هو ربيع المرجئ.
قلت: ويزيد المدخلي بحماسه في الدفاع عن المرجئة الخامسة فيمن يتعرض لها بنقد، ويحذر منها، بل يزيد في مدح نفسه أيضا والله المستعان.
([129]) فالمرجئة الخامسة تركوا كتب وأشرطة أهل السنة في مسائل الإيمان وغيرها، وانحازوا إلى كتب وأشرطة ربيع الضال المضل.
فتجدهم يقتنون كتبه وأشرطته، ويحرصون عليها على ما فيها من إرجاء مهلك.
قلت: وإذا قلت لهم: إن في هذه الكتب والأشرطة ما يخالف معتقد أهل السنة والجماعة من القول بالتنازل عن الأصول، وتأويل للصفات، والإرجاء وغير ذلك، قالوا: هذه أخطاء يسيرة، لا تمنع من قراءتها مع أن في كتب علمائنا – سلفا وخلفا – الغنية عنها، وهكذا يضللون كل من سمعها ﴿ ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون﴾ [النحل:25].
قلت: وليعلم أن من سلفنا الصالح من هجر من قال ببدعة واحدة، أو أول صفة واحدة فقط فتنبه.
فكيف بأخطاء ربيع والتي لا تجمع أخطاءه، ولا تحصيها إلا الكتب؟!!! (ظلمات بعضها فوق بعض)!!!.
([130]) وأدرك الشيخ ابن باز رحمه الله جماعة المرجئة الخامسة العصرية، وسئل عنها، فرد عليهم وصنفهم في الإرجاء فتنبه.
انظر ((التحذير من الإرجاء وبعض الكتب الداعية إليه)) من كتابي ((القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة)) (ص254 و255 و258).
([131]) فوقع ربيع على أم رأسه عندما خالف هؤلاء الأفاضل من أهل العلم الذين رفعوا لواء السنة فشكوا صدور أعدائها بالأسنة.
فلا تعجبنكم طنطنة الرجل والله المستعان.
قلت: وإذا كنت تدعي بأنك تتمسك بمنهج هؤلاء العلماء، فما الذي حملك على الدعوة إلى الإلزام بكتبك الإرجائية قراءة ودراسة على ما فيها من إرجاء، وغيره، وما الذي دفعك إلى اعتبار علم علماء الحرمين في مسائل الإيمان نعرة.
إذا فهذا الرجل يدعو إلى الانخراط في المذهب الإرجائي والعياذ بالله.
([132]) فأقام الله تعالى لحفظ السنة أقواما ميزوا ما دخل فيها من التحريف والكذب والتأويل الفاسد، وضبطوا ذلك غاية الضبط ولله الحمد والمنة.
([133]) وهذا بسبب الفتور عن محاربة البدع وأهلها، وذلك يؤدي إلى اختلاط ذلك على كثير من الأتباع، فلم يميزوا الحق من الباطل.
قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين (ج1 ص258): (إن الاختلاف سبب اشتباه الحق وخفائه، وهذا لعدم العلم، الذي يميز الحق والباطل). اهـ
([134]) قلت: ومنهج السلف يمقت ذلك، ومهما ادعى المرجئة من حسن النية، والمقصد في الدين، فما أقوالهم إلا تنميق العبارات، وحذلقة في الأساليب التي لا تعدوا أن تكون جعجعة كطحن القرون للأنعام والله المستعان.
([135]) ولذلك وجدنا أن اللجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله حذرت من بعض الكتب، وأنها تدعو إلى مذهب الإرجاء، مع تبينها أن الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، لأنها جعلت العمل شرطا كماليا لا ركنا حقيقيا كما فعل ربيع ومن تابعه والله المستعان.
([136]) وهذا الرجل لم يتمكن من العقيدة جملة وتفصيلا، ولم يرسخ فيها، ولا شك أن مسائل الإيمان من المسائل المهمة، وهو ليس أهلا لها... وليس من أهل التحقيق في هذه المسائل... كما هو مشاهد من مقالاته في الإيمان اللهم غفرا.
قلت: فمن كان هذا حاله فيجب عليه الرجوع إلى أهل العلم الراسخين في العقيدة السلفية.
قال تعالى: ﴿وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا﴾ [النساء:83].
والرجوع في العقيدة السلفية إلى أهل العلم الراسخين... لا يكفي فيها الرجوع إلى الكتب فقط، فإن ذلك يضل من خاض فيه اللهم سلم سلم.
([138]) قلت: واعلم أن التقليد هو قبول قول القائل من غير معرفة لدليله، ولا خلاف بين العلماء أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم.
وانظر إعلام الموقعين لابن القيم (ج1 ص45).
قال تعالى: ﴿اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون﴾ [الأعراف:3].
([140]) ومن ديدن أهل البدع أنهم يذكرون ما لهم، ويكتمون ما عليهم، فترى أحدهم إذا أراد أن يؤلف، أو يرد لجأ إلى أسلوب التحريف الذي يفسد الحق في مقالات أهل العلم، وهذا إجحاف، واعتساف، وبعد عن الإنصاف.
ولذلك ترى ربيعا يلفت النظر بإشارات ماكرة أن هناك من العلماء من وافقوه على الإرجاء وغيره من أصوله الفاسد!!!.
فيذكر بزعمه علماء اليمن، وعلماء المدينة، وعلماء الشام، وعلماء مكة وهكذا، وهم في الحقيقة من الجماعة الإرجائية، ومن الخصوم، وأكثرهم من المتعالمين والله المستعان.
فيا ربيع اتق الله تعالى، وكن صادقا في نقلك، ولا تلبس على أتباعك أكثر من التلبيسات القديمة، فتحمل وزرهم يوم القيامة.
قلت: فبهذا الأسلوب الماكر يفسد أتباعه شيئا فشيئا اللهم غفرا.
([141]) انظر (المجموع الفاضح) لربيع (ص372) و(حكم التقليد) لربيع (ص13 و14 و15) و(أقوال ربيع في التنازل والتسامح في أصول الدين – مذكرة).
([142])انظر كتابي (القاصمة الخافضة) (ص47 و48) باب: ذكر جملة أقوال ربيع الموافقة لمذهب المرجئة و(شرح عقيدة السلف) لربيع (ص174 و175) و(البيان) له أيضا الحلقة الأولى والثانية.
([143]) انظر (القواصم في العقيدة والمنهج) الجزء الأول (إطلاقه بعبارات في حق الله تعالى لا تليق بجلاله).
([146]) انظر (القواصم في العقيدة والمنهج) الجزء الثامن (انحراف ربيع في الصفات) وشريط مسجل بصوته في سؤاله عن (حديث الصورة) وشريط مسجل بصوته في سؤاله عن (حديث الهرولة)، وكتابي: (قهر الخناس) (ص120).
([147]) شريط مسجل بصوت ربيع بعنوان (الشباب ومشكلاته) وجه (ب)، وشريط مسجل له بعنوان (العلم والدفاع عن الشيخ جميل) وجه (ب)، و(التعصب الذميم وآثاره) له أيضا (ص31 – ط دار السلف) وشريط مسجل بصوته بعنوان (مرحبا يا طالب العلم) وجه (ب)، وكتابي: (انقضاض أسد الغابة).
([148]) شريط مسجل بصوته ربيع بعنوان (مناقشة مع فريد المالكي) الوجه (أ) و(انتقاد عقدي ومنهجي لكتاب السراج الوهاج) له (ص7)، وكتابي: (السيف البتار).
([150]) شريط مسجل بصوت ربيع في (الأنترنت) بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثاني، و(بيان حال ربيع المدخلي) (ص5 – مذكرة)، وكتابي: (السيف البتار).
([154]) واعلموا أيها المسلمون لعظم الجناية على علماء السنة والحديث والأثر، صار من المعقود في أصول الاعتقاد السلفي: ومن ذكر العلماء بسوء فهو على غير سبيل المؤمنين فافهم هذا ترشد.
قلت: ومن ذكر هؤلاء بسوء فاتهمه على الإسلام كائنا من كان.
= وقال ابن عساكر رحمه الله في تبيين كذب المفتري (ص29): (وأعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم، والاختلاق على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم). اهـ
قلت: وللعلم فهي فتنة مضلة، والقائم بها مفتون، ومنشق عن أهل السنة والجماعة، ويبني أقواله على ظنون منهارة مرجوعة فتنبهوا يا قوم.
([155]) انظر كتابي: (الرعود الصواعقية لصعق ألفاظ ربيع المدخلي البدعية) (ص26)، و(المجموع الفاضح) لربيع (ص479 و480 و484 و485 و488) و(شرح عقيدة السلف) لربيع (ص69 و68 و169 و71 و90 و172 و175) و(كشفه البالي) (ص11 و12 و15)، و(المنهج الثابت) لربيع، و(البيان) له أيضا.
([156]) مقالات في شبكة سحاب الحزبية، في البراءة من المسلمين الذين على السنة الصحيحة ينقلها ويكتبها المدعو الظفيري المميع الحزبي المتستر!!!.
قلت: وهذه البراءة بدعة كما بين السلف ونقلت عنهم في كتابي (القاصمة الخافضة) (ص9 و10).
([159]) انظر (بيان حال ربيع المدخلي (ص1 – مذكرة) وكتابي (تحذير المتبع في عدم الجلوس مع المبتدع) و(الحث على المودة والائتلاف) لربيع نفسه (ص43 و44).
([163]) ويؤخذ هذا من ذهاب القوم هنا وهناك لإلقاء الدروس – بزعمهم – بدون تأصيل مع أناس مجهولين في السلفية، بل يعتبرونهم من الأتباع! وهم من طوائف شتى! (دورة الجابري) في مسجد الحزبيين في مملكة البحرين! وغير ذلك من الدورات والله المستعان.
([165]) انظر إلى (الرعود الصواعقية لصعق ألفاظ ربيع البدعية) (ص26) و(بيان حال ربيع المدخلي) (ص2-5 – مذكرة) و(القواصم في العقيدة والمنهج) الجزء الرابع، و(البيان) لربيع الحلقة الأولى والثانية.
([168]) هذه من الإشارة إلى الآثار السيئة للمنشقين عن أهل السنة، فهي وساوس باطلة، وأوهام منهارة، وهذا من تلبيس إبليس وتلاعبه بهؤلاء والله والمستعان.
قلت: والأصل في هؤلاء التفريط والإفراط معا في الغيرة على الحق!!!.
إذا يجب العمل لمواجهتها، وكف بأسها عن أهل السنة. =
= لأنه حمل شرا عليهم، وسبهم واحتقرهم، وأطلق عليهم ألفاظا حقدية!!!.
قلت: فأين الرفق واللين الذي تدعيه يا ربيع تجاه أهل السنة من علماء وطلبة علم، الذين أوسعتهم سبا واحتقارا وسخرية بقلب – في الحقيقة – لا يعرف إلا القسوة والشدة والعنف والحقد والغلو في الألفاظ البدعية.
وقد ردد هذا مرات عديدة،وهذا من جرأته على الاتهامات الشنيعة على أهل السنة، فأين أدلتك على ذلك؟!!!.
قلت: فالرفق واللين فقط لم يوافقك على باطلك حتى لو لم يعرف بالسنة اللهم غفرا.
([171]) انظر (حكم التنازل عن الواجبات) لربيع – مذكرة)، و(هل يجوز التنازل عن الواجبات مراعاة المصالح والمفاسد) له – مذكرة)، و(المجموع الفاضح) له أيضا (ص351).
([172]) انظر (القواصم في العقيدة والمنهج) الجزء السابع، (أخطاء ربيع في العقيدة والمنهج) و(القواصم في العقيدة والمنهج) الجزء الثامن، وكتابي (فتح الإله).
([173]) يؤخذ من ذلك تعاونهم الآن مع الحزبيين وعملهم في جمعياتهم ومساجدهم، ومراكزهم، ودروسهم وغير ذلك، من أجل المكافأة الشهرية، خاصة اليمنية المميعة منهم والله المستعان.
وكذلك كتاب شبكة سحاب من الحزبيين والله المستعان.
([174]) وهذا ظاهر من ربيع وجماعته لم يرجعوا إلى كبار العلماء إلى الآن في الدعوة إلى الله تعالى، وسؤالهم عن دينهم، وهذا هو الذي أسقطهم في المخالفات الأصولية والمنهجية والدعوية.
([175]) شريط مسجل بصوت ربيع (شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري) سنة 1426هـ و(المجموع الفاضح) لربيع (ص415 و420) و(شرح عقيدة السلف) له أيضا (ص66 و67) وكلمة له (حول جنس العمل) رسالة نصيحة أخوية (ص54) وكتابي (القاصمة الخافضة) (ص47 و131).
([176]) انظر كتابي (القاصمة الخافضة) (ص131) باب: ذكر الدليل على تفنيد دعاوى ربيع المدخلي في تشنيعه على أهل السنة والجماعة في مسألة ذكرهم جنس العمل، ولتكفيرهم بتركه، و(المجموع الفاضح) لربيع (ص415 و420) و(شرح عقيدة السلف) له أيضا (ص66 و67).
([177]) انظر كتابي (القاصمة الخافضة) و(المجموع الفاضح) لربيع (ص415 و420) و(شرح عقيدة السلف) له أيضا (ص66 و67).
([178]) انظر كتابي (القاصمة الخافضة) و(بيان حال ربيع المدخلي) (ص4 – مذكرة) و(المجموع الفاضح) لربيع (ص415 و420) و(شرح عقيدة السلف) له أيضا (ص66 و67).
([184]) شريط مسجل بصوت ربيع بعنوان (لقاء مفتوح في جدة)، وشريط مسجل بعنوان (مخيم الكويت الجلسة الخامسة).
([188]) وهذا ظاهر من الجماعة المميعة.
وانظر (بيان حال ربيع المدخلي) (ص1 – مذكرة) في ثناء ربيع على سلمان العودة، وسفر الحوالي، وناصر العمر، وعائض القرني وغيرهم.
ومقاله البالي بعنوان (نصيحة ورجاء إلى الأخوة السلفيين) ثناؤه على مميعة الأردن، وكان من قبل يذمهم!!!، ورجع الآن يذمهم مرة أخرى، كما في (شبكة سحاب الحزبية) اللهم غفرا.
([193]) قلت: وهذا كله من اتباع الهوى، ولهذا حكم الله تعالى أنه لا أحد أضل ممن اتبع هواه فقال تعالى: ﴿ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين﴾ [القصص:50]. وقال تعالى: ﴿فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل﴾ [ص:26]. ونهى الله تعالى معاشرة صاحب الهوى الظالم، فقال تعالى: ﴿ فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين﴾ [الأنعام:68].
([198]) انظر (منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله) لربيع (ص 141).
وهذا هو المنهج التكفيري لسيد قطب والقطبية!!!.
([199]) شريط مسجل بصوت ربيع (مخيم الربيع) بالكويت، الجلسة الثانية، و(بيان حال ربيع المدخلي) (ص2 – مذكرة ).
علما بأن الأمثلة على ضلالات ربيع وشيعته كثيرة جدا يرجع إليها في (بيان حال ربيع المدخلي – مذكرة)، و(القواصم في المنهج والعقيدة) الجزء (1-9)، وأشرطة (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء (1-5)، و(الشواهد الواضحة في فتنة ربيع - مذكرة)، وكتابي (القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة)، وكتابي(الرعود الصواعقية لصق ألفاظ ربيع المدخلي البدعية)، و(البيان) لربيع الحلقة الأولى والثانية، و(المجموع الفاضح) لربيع، وغير ذلك من المراجع التي جمعت ضلالات ربيع في الأصول.
([200]) قلت: والظلم هذا حقيقة ربيع المتولي كبر فتنة المرجئة الخامسة العصرية.
ولا نقول، إلا كما قال تعالى: ﴿ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين﴾ [الأعراف:47]. وقال تعالى: ﴿رب فلا تجعلني في القوم الظالمين﴾ [المؤمنون:94]. وقال تعالى: ﴿رب نجني من القوم الظالمين﴾ [القصص:21].
([201]) وهل ربيع ظلم عندما ناقشه علماء السنة، وحاربوه لأنه يدعوا الناس في مسائل الإيمان وغيرها على طريقة أهل السنة والجماعة، أم حاربوه على أنه خالف ذلك.
([203]) قلت: وهذه الأمور المشتبهات التي وقع فيها ربيع منها: ما يقوى شبهه بالشبهات، ومنها: ما يقوى شبهه بالبدع، ومنها: ما يقوى شبهه بالحرام لتردده بالأمور المشتبهة لاشتباه الحكم عليه فيها كحاطب الليل والله المستعان.
وعن النعمان بن بشير t عن النبي r قال: (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام... الحديث).
أخرجه البخاري في صحيحه (ج1 ص36) ومسلم في صحيحه (ج5 ص50).
أخرجه عبدالرزاق في المصنف (ج11 ص249) وأبو نعيم في الحلية (ج8 ص49) والهروي في ذم الكلام (ج5 ص77) وابن المبارك في الزهد (815) وابن عبدالبر في جامع بيان العلم (ج1 ص616) بإسناد صحيح.
أخرجه الدارمي في المسند (ج1 ص83) والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (ج1 ص383) والحاكم في المستدرك (ج1 ص103) واللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص61) وأحمد في المسند (869) بإسناد صحيح.
أخرجه الدارمي في المسند (ج1 ص931) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج12 ص440) ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (ج3 ص386) وابن وضاح في البدع (90) بإسناد صحيح.
أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (205) واللالكائي في الاعتقاد (126) والبيهقي في المدخل (191) بإسناد صحيح.
([215]) وأن يتذكروا ثقل الواجب الملقى عليهم، وأن يبذلوا كل ما يستطيعون بشتى الوسائل، والأساليب المشروعة من نشر كتب السلف الصالح، وتأصيل العقيدة الصحيحة في عموم الأمة الإسلامية، والرد على جميع أهل البدع، وفضحهم وبيان ضلالهم.
([217]) قلت: فأي عبد أعجب برأيه المخالف للكتاب والسنة، ومنهج السلف فقد تمت خسارته كائنا من كان والله المستعان.
قال الأوزاعي: سمعت بلال بن سعد رحمه الله يقول: (إذا رأيت الرجل مماريا معجبا برأيه فقد تمت خسارته).
أثر صحيح.
أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص524) بإسناد صحيح.
أخرجه الهروي في ذم الكلام (ج5 ص126) والأصبهاني في الحجة (ج1 ص304) وابن بطة في الإبانة الصغرى تعليقا (ص55) بإسناد صحيح.
أخرجه الخلال في السنة (ج3 ص563) والآجري في الشريعة (ج2 ص682) وابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص785) وعبدالله بن أحمد في السنة (ج1 ص311) بإسناد صحيح.
([220]) وهذكله يؤكد وجوب ترك قول المرجئة الخامسة العصرية هذا، وهجره لأن من المعلوم عند أهل السنة والجماعة: أن كل قول لم يقله السلف، وأحدث خلافا وافتراقا في الأمة، فإنه ليس هو من الدين، ويتحتم تركه حتى تجتمع الكلمة وتأتلف القلوب.
([221]) قلت: فإذا سمع الجاهل قول ربيع في مسائل الإيمان يظن أنه من أشد الناس تمسكا بمنهج أهل السنة في ذلك، ولا يعلم أنه إنما يعود قوله إلى ضلالة المرجئة!!!.
([224]) قلت: واعلم أخي المسلم أن اتباع السنة يحفظ العبد من شر البدع والأهواء، دون لزوم اتباع البدعة، فإن أصحابها يقعون في البدع والأهواء المهلكة لزاما، وإن كانوا متأولين فلابد من اتباع الهوى والتعصب لآرائهم المخالفة للكتاب والسنة.
فالمبتدع كـ (ربيع) يقذف أهل السنة بما عنده من زيغ وضلال، ويرميهم بدائه العضال.
لهذا كله، صار من الواجب على أهل السنة، الذب عن منهج السنة بكلمة تجلوا صدأ ما ألصقه المميعون المنشقون عنهم من الباطل، وإيضاح الحق.
([226]) وقد ابتلي السحابية الحزبية في فتنة ربيع، فآثروا الهوى والتعصب لآرائه المنحرفة اللهم غفرا.
قلت: والله تعالى يبتلي عباده ليعلم الصادق المستحق للبشارة من الكاذب الجازع.
([227]) فالسحابية الحزبية آثروا التعصب لربيع فسعوا سعاة الفتنة من أجله بالوقيعة في أعراض أهل السنة، وإلصاق التهم المشينة بهم، والافتراء عليهم بالباطل، وطمس منهجهم والتشهير بهم اللهم سلم سلم.
وهؤلاء السحابيون يدافعون حمية والعياذ بالله.
قلت: وإذا نصحوا، أو وجهوا إلى هذه الأخطاء، قابلوا ذلك بصيحات الاستهجان، ولمزوا الناصح بأنه لا يحسن كذا، ولا يحسن كذا والله المستعان.
قلت: لذلك فانتصر لأهل السنة حسبة لله تعالى، أهل العلم وطلبتهم، لا دفاعا عن شخصهم، بل لما يحملونه من معتقد سلفي صحيح، ومنهج قويم موافق للكتاب والسنة ومنهج السلف.
([228]) واعلم أنه لا يجوز لأي أحد من الناس أن يوجب على العباد إلا ما أوجبه الله تعالى ورسوله r، أو يحرم إلا ما حرمه الله تعالى ورسوله r، فمن أوجب شيئا لم يوجبه الله تعالى ورسوله r، أو حرم شيئا لم يحرمه الله تعالى ورسوله r، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله تعالى، ولا تجوز طاعته في هذه الحالة لأنه يأمر بمعصية الله تعالى ورسوله r، وقد دل الكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى ورسوله r.
قلت: وكان السلف – رضوان الله عليهم – يشتد نكيرهم على من خالف الأحاديث بالآراء، والتعسفات المريضة، وربما هجروه تعظيما للسنة وتوقيرا لها.
([229]) إذ أن الكثيرين من الهوج يجمحون بعيدا عن براهين الشرع، ويجنحون نائين عن حجج السنة، مستسلمين لعواطفهم وحماساتهم وتعصباتهم، يريدون أن يغيروا، فيغيروا، ويريدون أن يصلحوا، فيفسدوا والله المستعان.
قلت: وما زال الفكر الإرجائي يمضي بقوة في أوساط أتباع ربيع، منذ أن اختلقه لهم، ففسد وأفسد، وضل، وأضل وما هذا إلا ثمرة بشعة من ثمرات الفكر الإرجائي والعياذ بالله.
ومما يأخذ بالمرء في شعاب الهموم، ما يراه من بعض المنتسبين لأهل السنة من تسرب مسائل هذا الفكر الإرجائي إليهم، بل صاروا يؤلفون فيه، ويدعون إليه والله المستعان.
أخرجه أحمد في المسند (ج1ص379) والطيالسي في المسند (ص246) والقطيعي في زوائده على فضائل الصحابة (ص541) والبزار في المسند (ج5ص262) واالطبراني في المعجم الكبير(ص8582) والحاكم في المستدرك (ج3ص78) بإسناد حسن.
([231]) قلت: ولابد أن تكون التوبة شاملة لكل زلات المخالف، ما تظاهر بالرجوع عنه، وما لم يتظاهر بالرجوع عنه، وما ظهر للناس بعد ذلك .
([233]) ولابد من تدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال الصالحة، والبراءة من الإعتقاد الفاسد من إرجاء وغيره.
([235]) والتوبة النصوح: هي الخالصة، الصادقة الخالية من الشوائب، والمخالفات، والبدع، والعلل، والمعاصي.
وانظر مدارج السالكين لابن القيم (ج1 ص316) وفتح الباري لابن حجر (ج11 ص105).
([238]) انظر معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ج1 ص357) ولسان العرب لابن منظور (ج1 ص233) وفتح الباري لابن حجر (ج11 ص106).
([239]) والاقلاع عن الامر، الكف عنه، يقال: أقلع فلان عما كان فيه أي كف عنه.
انظر لسان العرب لابن منظور (ج8 ص292).
([240]) قال ابن الأثير رحمه الله في النهاية (ج3 ص22): (أصر على الشيء يصر إصرارا إذا لزمه، وداوم وثبت عليه). اهـ
([243]) وربيع في توبته عن طعنه في بعض الصحابة الكرام يراوغ روغان الثعلب في رجوعه، وهو مصر على طعنه في باقي الصحابة الكرام، ويراوغ في مسألة التكفير بترك جنس العمل وبعض المخالفات، وهو مصر إلى الآن على الأرجاء ولم يتب منه، وكذلك هو مصر في بقية المخالفات والضلالات لم يتب منها، وطعنه في علماء الحرمين، وشن الحرب عليهم عندما خالفوه ولم يتب من ذلك، ولم يعتذر لأهل السنة إلى الآن بسبب تكبره، فلم تصح هذه التوبة فيبقى مؤخذا بما هو مصر عليه، بل يقول ما قلت: هكذا، وهو قائل بذلك، ويقول ليس مرادي كذا، وهو مراده، بل يحاول إن يؤول النصوص والآثار حسب عناده وفهمه السقيم، وهذا بلا شك يؤاخذ به اللهم غفرا.
قال ابن رجب رحمه الله: (ولهذا يقال: إن من كانت معصيته في شهوة فإنه يرجى له، ومن كانت معصيته في كبر لم يرج!). اهـ
تفسير ابن رجب (ج1 ص89).
([244]) وكذلك البدع لها الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والأخرة مالا يعلمه الا الله تعالى.
([246]) وهذه الوحشة حصلت لربيع الآن بينه وبين علماء الحرمين فلم يجالسهم، ولم ينتفع منهم، فبعد من حزب الرحمن، وقرب من حزب الشيطان فاستحكمت الوحشة منه بينه وبين أهل السنه.
قلت: وكان ذلك بسب اتباع الظن، والميل إلى الهوى، وهذا من التوهم !.
قال تعالى: ﴿ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل﴾ [المائدة:77].
قال الشاطبي رحمه الله في الإعتصام(ج2 ص268): (فكذلك صاحب الهوى إذا ضل قلبه، وأشرب حبه، لا تعمل فيه الموعظة، ولا يقبل البرهان، ولا يكترث بمن خالفه!!!). اهـ
قلت: وهذا ظاهر في ربيع والعياذ بالله.
([249]) وهذا ظاهر من ربيع فتراه دائما في غضب، بل دائما في ثورة، وعينه محمرة، ومن كتاباته تعلم ذلك والله المستعان.
قلت: فالبدع سوادا في الوجه، وظلمة في القلب، وحمرة في العين اللهم سلم سلم.
([252]) قال ابن بطة رحمه الله في الإبانة الكبرى (ج1 ص390): (اعلموا إخواني أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواما من السنه والجماعة، واضطرهم إلى البدعة والشناعة، وفتح باب البلية على أفئدتهم، وحجب نور الحق عن بصيرتهم، فوجدت ذلك من وجهين:
أحدهما: البحث والتنقير، وكثرة السؤال عما لا يغني ولا يضر العاقل جهله، ولا ينفع المؤمن فهمه.
والآخر: مجالسة من لا تؤمن فتنته، وتفسد القلوب صحبته). اهـ
قلت: يا أخي هذه موعظة بليغة فانتصح بها حفظك الله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الصفدية (ج1 ص293): (وإنما جماع الشر تفريط في حق، أو تعدي الى باطل، وهو تقصير في السنه، أو دخول في البدعة). اهـ
([253]) قلت: وربيع فضل طريقة الخلف المرجئة على طريقة السلف في مسائل الإيمان، فجمع بين الجهل بطريقة السلف، والكذب عليهم، وبين الجهل والضلالة لتصويب طريقة الخلف المرجئة والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الصفدية (ج1 ص88): (والإنسان قد يعتقد صحة قضية من القضايا وهي فاسدة، فيحتاج أن يعتقد لوازمها، فتكثر اعتقاداته الفاسدة). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في الإعتصام (ج1 ص145): (أن كل راسخ لا يبتدع أبدا، وإنما يقع الإبتداع فيمن لم يتمكن من العلم الذي ابتدع فيه). اهـ
([255]) والمتأمل لحال أهل الأهواء يجد أنهم يتميزون بالتكلف في الدعوة إلى أهوائهم، ونشرها وطلب كثرة الإتباع والمؤيدين، وهذا من تزيين أهوائهم لهم، ومن خذلان الله لهم، وشبكة سحاب الحزبية أكبر دليل والله المستعان.
قال تعالى: ﴿أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون﴾ [فاطر:8].
([257]) قلت: والبدعة تغيب عقل العبد، لأن للعقل نورا،والبدعة تطفئ نور العقل ولابد، وإذا طفئ نوره ضعف ونقص ولابد، فلا يميز بعد ذلك بين الحق والباطل اللهم غفرا. وهذا ظاهر، فإنه لو حضره عقله لحجزه عن البدعة والله المستعان.
([258]) من المميعة المتسترين المتلونين الذين دخلوا على ربيع بألوان مختلفة فصرعوه أرضا، وساقوه حيث أرادوا اللهم غفرا.
([260]) فالبدع لها آثار وخيمة على العبد في دينه ودنياه وآخرته والله المستعان.
قلت: أيها الناس فمن ابتدع في دين الله تعالى فاعدوه من الأموات!!!.
أخرجه الترمذي في سننه (ج5 ص343) وابن ماجه في سننه (ج2 ص1418) وأحمد في المسند (ج2 ص297) والحاكم في المستدرك (ج2 ص567) من طريق ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة من به.
قلت: وهذا سنده حسن، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي (ج3 ص127).
وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح).
أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (130) وابن أبي شيبة في المصنف (ج15 ص88) والحاكم في المستدرك (ج4 ص467) والداني في السنن الواردة في الفتن (26) وأبو نعيم في حلية الأولياء (ج1 ص272) بإسناد صحيح.
([268]) أخرجه البخاري في صحيحه (3483).
قلت: أيها المسلم الكريم إذا تفهمت هذا الأمر أدركت بأن ربيعا لا يستحي وهو يدافع عن باطله مع علمه بخطئه، كل ذلك بسبب وقوعه في البدع التي تذهب الحياء من القلوب والعياذ بالله.
قلت: وهذا على التهديد والوعيد، والمعنى: من لم يستح، فإنه يصنع ما شاء من البدع والمعاصي، إذ الحامل على تركها الحياء، فإذا لم يكن هناك حياء يردعه عن البدع والمعاصي، فإنه يواقعها والله المستعان.
والبدع تخرج صاحبها من دائرة السنه، فلا يصلح للإمامة في الدين، بل يصلح للإمامة في الضلالة فافطن لهذا.
قال تعالى: ﴿وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون﴾ [القصص:41].
([272]) قلت: وهذا يقع للمصرين على البدع.
أتأمن أيها المبتدع جهلا |
|
بأن تفجأك في البدعة المنـية |
فتضحي عبرة للناس طرا |
|
وتلقى الله من شر البريــة |
([275]) قلت: مثل أن يكون قد رد قولا ضعيفا من أقوال عالم مشهور فيشيع بين من يعظم ذلك العالم، أن فلانا يبغض هذا العالم ويذمه ويطعن عليه فيغر بذلك كل من يعظمه ... وقد يكون إنما أراد به النصح للمؤمنين، وإظهار ما لا يحل له كتمانه من العلم.
قلت: فيظهر الطعن عليه ليتوصل بذلك إلى هواه، وغرضه الفاسد في قالب النصح، والذب عن علماء السنه، ويمثل هذه المكيدة كان ظلم ربيع المدخلي لأهل السنه، فيستميل الشباب إليه وينفر قلوبهم عن علماء السنه!!!.
([279]) قلت: وخفاء المنهج الصحيح على ربيع فهو من ارتكابه المنهج الباطل من المعاصي والبدع من الكذب والغش والخديعة والإرجاء وغير ذلك كما هو ظاهر.
([280]) وانظر روح المعاني للآلوسي (ج28 ص158) وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (ج4 ص191) ومدارج السالكين لابن القيم (ج1 ص309).
([285]) وربيع ما زال يكتب في الإرجاء وغيره ولا يريد الرجوع عنه مع علمه بمخالفة علماء أهل السنة والجماعة، فينطبق عليهم وعلى ما كتبوه وحكموا به قول الله تعالى: ﴿إن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا﴾ [النساء:59].
([288]) قلت: فهل يظن ربيع بأن السحابيين يعتبرون بقوله (أهل السنة) بتزكيته لهم، وذكره لمنهجهم، وهم غارقون في الإرجاء وغيره من البدع، وقد امتلأت كتاباتهم في شبكة سحاب من المخالفات، فهو بذلك يفسد حاله وحالهم ولا حول ولا قوة إلا بالله إذا فكلام ربيع للسحابيين كسراب بقيعة اللهم غفرا.
([289]) كما بقى المنهج الإخواني في ربيع لم يزول منه إلى الآن، وطبقه باسم المنهج السلفي ثم أظهره في الآونة الأخيرة، والله المستعان.
([290]) بل انفرد بأقوال في الإرجاء البدعي ولم يسبق إليها.
قلت: وإذا كان ربيع لا يسلك الطريق المستقيم، فإنه خالف علماء الأمة مخالفة شنيعة، لأن العلماء درسوا المرجئة دراسة دقيقة، وألفوا فيها كتبا موثقة، وأفتوا فيها، وأدانوها بالبدعة في ضوء الكتاب والسنة منهم: (الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ محمد السبيل، والشيخ صالح اللحيدان) وغيرهم، فينطبق عليهم وعلى ما كتبوه وحكموا به قول الله تعالى: ﴿فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا﴾ [النساء:59].
([291]) والمسلمون ليسوا بحاجة إلى شئ مما ابتدعته أنت، فعلى علماء السنة أن يميزوا السنة عن باقي آرائك المشينة والله المستعان.
([293]) وربيع يدعي أننا ننزل كلام الله تعالى وكلام رسوله r وكلام أهل العلم في غير محله، وهذه القاعدة ترد عليه وتقصم ظهره فافطن لهذا ترشد.
([295]) فعلى المسلم العاقل أن يجتنب مقالات ربيع، وذلك أنه تنتهي بالمسلم إلى الشك في الدين والحيرة والتناقض بسبب كثرة تخبطه وتخلطه في أحكام الأصول والله المستعان.
([296]) قلت: ولو رجع ربيع إلى الراسخين في العلم في أصول الدين لما وقع في المتشابه من إرجاء وغيره والله المستعان.
([300]) قلت: كالإرجاء فلو كان باطلا محضا لما قبل، ولبادر كل أحد إلى رده وإنكاره والله المستعان.
قلت: ولذلك لا ترى ربيعا له المواقف المشرفة الآن في تبيين الأصول السلفية في الآونة الأخيرة غير التناقضات البينة اللهم غفرا.
بل وصل به الأمر رمي علماء السلفية، وهذا هو الذي جعل أتباعه يتطاولون على علماء السلفية بالطعن فيهم كـ (الشيخ عبدالله الغديان والشيخ صالح الفوزان) وغيرهما، بل وصل بهم الأمر أنهم هموا بالنصح للشيخ صالح الفوزان عندما رد على ربيع في خطئه في الإرجاء وغيره.
كل هذا بسبب رمي ربيع الكلام جزافا دون ضوابط سلفية، وهذا هو الذي جعله أيضا يتطاول على علماء الحرمين كـ (هيئة كبار العلماء) و (اللجنة الدائمة للإفتاء) ويرميهم بالتهم أنهم لم يجاهدوا أهل البدع وغير ذلك، بل فضل الصغار عند (النجمي) عليهم!!!.
قلت: فكيف طاوعته نفسه مخاطبته أتباعه بهذه التراهات، واتهامه العلماء بالتقصير في الدين، حتى أنه يدعي أن مشاكل الأمة كلها على رأسه!!! اللهم غفرا.
([301]) قلت: ولذلك يجب نصح المسلمين جملة وتفصيلا.
قال البربهاري رحمه الله في شرح السنة (ص93): (ولا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين- برهم وفاجرهم- في أمر الدين، فمن كتم فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين). اهـ
أخرجه الدارمي في المسند (ج1 ص386) وابن جرير في تفسيره (ج8 ص88) والبيهقي في المدخل (201) وابن أبي حاتم في تفسيره (ج5 ص1422) والمروزي في السنة (20) وابن بطة في الإبانة الكبرى (134) وأبو الفتح المقدسي في الحجة (ج1 ص59) والهروي في ذم الكلام (145) بإسناد صحيح.
وذكره السيوطي في الدر المنثور (ج3 ص386) وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد وأبي الشيخ.
([303]) قلت: وهو يدعي نفسه أنه يجمع شمل المسلمين!!!.
إن كنت حقا تسعى إلى جمع شمل المسلمين... فكان حقيقا بك أن ترجع عن بدعة الإرجاء وغيرها، ومن ثم تبين للمسلمين الأصول التي اتفقوا عليها في مسائل الإيمان وغيرها على ما في كتاب الله تعالى وسنة نبيه رسوله r بفهم سلف الأمة، فهذا هو طريق العلم، ولم الشمل وإلا فلا ﴿ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا﴾ [النساء:88].
([304]) ولذلك ترى أتباعه يلبس بعضهم على بعض في شبكة سحاب الحزبية، وهم بعضهم بعضا في الوقيعة والنميمة انتقاما منهم لعلهم يرون غليلهم لما سقط ربيع على أم رأسه فلا تقوم له قائمة إلى أن يموت اللهم غفرا.
ولذلك ترى العلماء الآن لا يزكون ربيعا ولا كتبه ولا منهجه ولا مقالاته، لأن مخالفاته الشرعية صارت حديث الساعة، وقضية العصر لكثرتها والله المستعان.
([305]) قلت: وقال هذا الكلام بعد أن انتقدوه في أصولة الفاسدة لقد لمس السلفيون في العالم لمسا واضحا أن ربيعا لم يكن صادقا في تراجعه، فهو لا يبالي في التوبة أمام الله تعالى، ثم أمام علماء الحرمين والله المستعان.
([306]) فليكن طلاب العلم على بينة من أمر ربيع الآن، ولا يمشوا وراءه بعواطفهم وجهلهم، ولا يغتروا بشقاشقه، وبزبالات فكره في الإرجاء وغيره، فإن نهايتهم قريبة ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس:32].
([307]) وانظر الاعتصام للشاطبي (ج1 ص231) ومنهاج السنة لابن تيمية (ج3 ص79) والصفدية (ج1 ص294).
قلت: وهذه سمة مشتركة لعامة أهل الاهواء أنهم يردون النصوص والآثار إذا خالفت أهواءهم، أو عارضت أصولهم الفاسدة، وقواعدهم الباطلة.
مع أن السلف أعلم من أهل الأهواء – بالضرورة – بمراد الله تعالى ورسوله r، وأفقه لدين الله تعالى، ومنهجهم في الدين أعلم وأسلم وأحكم. لكن أهل الأهواء لا يفقهون.
([308]) فربيع رديء المذهب والقول، فهو مرجئ مضطرب في آرائه والعياذ بالله.
قال الشاطبي رحمه الله في الاعتصام (ج1 ص144): (ولذلك تراهم – المبتدعة – يرتضون اليوم مذهبا، ويرجعون عنه غدا، ثم يصيرون بعد غد إلى رأي ثالث). اهـ
([309]) ولذلك المدخلي الآن إذا أتيت له باعتقاد من اعتقاد السلف، يقول لم يثبت ذلك في القرآن!، سبحان الله إذا ثبت ذلك في آثار السلف، فاعلم أنه يثبت في القرآن، أما عن طريق لغة العرب، أو السنة، أو إجماع السلف أهل الحديث، فافهم هذا ترشد.
([312]) خلافا لربيع وبدعته في الإرجاء اللهم غفرا.
قلت: فعلم أن شعار أهل البدع: هو ترك انتحال اتباع السلف.
أخرجه الهروي في ذم الكلام (ص188) وابن عبدالبر في جامع بيان العلم (ج2 ص97) بإسناد لا بأس به.
وذكره التبريزي في مشكاة المصابيح (ج1 ص67) وعزاه لرزين.
وأورده ابن القيم في إعلام الموقعين (ج3 ص477) وابن قدامة في تحريم النظر (ص44) والسيوطي في صون المنطق (ص138).
أخرجه عبدالرزاق في المصنف (ج11 ص252) والطبراني في المعجم الكبير (8845) والمروزي في السنة (86) وابن حبان في روضة العقلاء (ص37) والدارمي في المسند (ج1 ص251) واللالكائي في الاعتقاد (108) وابن وضاح في البدع (60) والبيهقي في المدخل (388) بإسناد صحيح.
أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (85) والحاكم في المستدرك (ج4 ص506) واللالكائي في الاعتقاد (162) والفسوي في المعرفة والتاريخ (ج3 ص244) والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج11 ص423) والطبراني في المعجم الكبير (665) وابن حجر في موافقة الخبر الخبر (ج1 ص114) بإسناد صحيح.
أخرجه البيهقي في المدخل (ص199) وأبو الفتح المقدسي في الحجة (ج2 ص602) وابن قدامة في ذم التأويل (ص80) والآجري في الشريعة (ص85) والخطيب في شرف أصحاب الحديث (ص7) وابن عبدالبر في جامع بيان العلم (ج2 ص1071) بإسناد صحيح.
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (ج3 ص723) والطبري في جامع البيان (ج7 ص75) والحاكم في المستدرك (ج4 ص555) واللالكائي في الاعتقاد (158) وابن بطة في الإبانة الكبرى (133) والآجري في الشريعة (ج1 ص123) بإسناد صحيح.
أخرجه أبو نعيم في الحلية (ج9 ص128) والبيهقي في مناقب الشافعي (ج2 ص24) وأبو الفتح المقدسي في الحجة (ج2 ص604) بإسناد صحيح.
قلت: فلا تلتفت إلى مقالات ربيع البالية، ولا تعبأ بها، فإنها ليست على طريقة السلف.
أخرجه البخاري في صحيحه (7282) والمروزي في السنة (88) والهروي في ذم الكلام (ج2 ص387) وأبو داود في الزهد (273) وابن المبارك في الزهد (47) وابن أبي شيبة في المصنف (ج13 ص379) والبزار في المسند (ج7 ص359) وابن وضاح في البدع (13).
أخرجه الأصبهاني في الحجة (ج1 ص102) واللالكائي في الاعتقاد (ج1 154) وعبدالغني المقدسي في الإقتصاد تعليقا (ص217) وابن قدامة في تحريم النظر تعليقا (ص46) بإسناد صحيح.
قال ابن عبدالبر رحمه الله في جامع بيان العلم (ج2 ص97): (فمن لم يسعه ما وسعهم فقد خاب وخسر!). اهـ
أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير (ج3 ص364) والخطيب في الكفاية (ص115) بإسناد صحيح.
قلت: فمن كان مذهبه يخالف السنة، فلا يكتبوا عن صاحبه فافطن لهذا ترشد.
أخرجه عبدالله بن أحمد في السنة (ج1 ص314) وأبوعبيد في الإيمان (ص83) وابن بطة الإبانة الكبرى (ج2 ص773) والآجري في الشريعة (ج2 ص681) بإسناد صحيح.
([324]) وهكذا شأن المؤمن إذا ظهر له الحق، وكان مخالفا لرأيه، طرح رأيه واتبع الحق، والرجوع إلى الحق فضيلة.
ذكره الذهبي في السير (ج9 ص514).
وانظر كتابي: (القاصمة الخافضة لفرقة المرجئة الخامسة داحضة)، باب ذكر الدليل على درر السلف في المرجئة ورؤوسها والمهتمين بها، وأنهم من أهل البدع.
([326]) قلت: وقد أمر السلف ألا يجالس أحد شقيقا الضبي – وهو من الخوارج – كما في الإبانة الكبرى (ج2 ص474).
قال ابن بطة رحمه الله: (لأنه كان يخاصم!).
قلت: وربيع كذلك يخاصم.
أخرجه الهروي في ذم الكلام (ج5 ص60) وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (ج1 ص313) والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج2 ص191) وفي الكفاية (ص114) وابن حبان في المجروحين (ج1 ص21) بإسناد صحيح.
أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ص393) والبيهقي في شعب الإيمان (ج7 ص61) وفي الاعتقاد (ص320) والهروي في ذم الكلام (ج5 ص16) وابن أبي زمنين في أصول السنة (ص235) بإسناد صحيح.
وأورده ابن بطة في الإبانة الصغرى (ص141) والأصبهاني في الحجة (ج2 ص486).
([332]) قال الخطيب رحمه الله في تاريخ بغداد (ج8 ص64) عن الكرابيسي: (كان فهما عالما فقيها، وله تصانيف كثيرة في الفقه، وفي الأصول تدل على حسن فهمه، وغزارة علمه). اهـ
([335]) قلت: ومع سقوط ربيع وتلطخه بالإرجاء إلى الآن يتبجح برده على أهل البدع!!!.
فنقول لربيع لا يمكن الرد على أهل البدع إلا مع اتباع السنة جملة وتفصيلا، وأنت متلطخ ببدع الإرجاء، والأصول الفاسدة فكيف تدعي نصر السنة، ودحض البدعة؟!!! اللهم غفرا.
قال ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة (ج4 ص1254): (ولا يمكن الرد على أهل الباطل إلا مع اتباع السنة من كل وجه). اهـ
قلت: فافهم هذا يا ربيع والتزم بالسنة، وتب من البدعة، ثم رد على أهل البدعة والله ولي التوفيق.
([337]) وانظر الفتاوى لابن تيمية (ج7 ص507) والسير للذهبي (ج9 ص435) وتذكرة الحفاظ (ج1 ص294) له وتهذيب التهذيب لابن حجر (ج9 ص137) والاستذكار لابن عبدالبر (ج1 ص89).
قلت: ونحن وصفنا ربيعا بما وصف السلف غيره ممن وقع في الإرجاء، ونحذره ونحذر منه، بل نحذر من كل البدع، ومن كل داع إليها والله المستعان.
([338]) وانظر لسان الميزان لابن حجر (ج6 ص651) وتحريم النظر في كتب أهل الكلام لابن قدامة (ص41) وميزان الاعتدال للذهبي (ج1 ص431) والأجوبة المفيدة للشيخ الفوزان (ص90).
([339]) قلت: وإذا كان يعيب انتقادنا له في أصوله الإرجائية، فليوجه لومه إلى علماء الحرمين – إن استطاع – الذين انتقدوه في الإرجاء، وحذروا ممن وقع في بدعة الإرجاء في هذا العصركـ (الشيخ ابن باز، والشيخ العثيمين، والشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ محمد السبيل، والشيخ صالح اللحيدان) وغيرهم.
([340]) ((شرح رياض الصالحين)) لسماحته بتاريخ 18/7/1416هـ في يوم الأحد. نقلا عن (براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدعة) (ص34) للسناني.
([341]) ((شرح بلوغ المرام)) عند حديث: (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام). نقلا عن (براءة علماء الأمة من تزكية أهل البدعة) (ص34) للسناني.
([343]) قلت: وهؤلاء الشباب لو شموا رائحة العلم المؤصل من الكتاب والسنة لما وقعوا في شبهات ربيع اللهم سلم سلم.
([345]) قلت: ويقصد الإمام أحمد رحمه الله كتابة الكتب البدعية.
ولذلك يجب الحذر من قراءة كتب أهل البدع، وسماع كلامهم.
فعن مغيرة قال: قال محمد بن السائب: (قوموا بنا إلى المرجئة نسمع كلامهم، قال: فما رجع حتى علقه) يعني الإرجاء!.
أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (ج2 ص462).
([347]) قلت: وليعلم ربيع أن التوبة خير له من الاستمرار في الباطل والروغان والله المستعان.
وإن لم يفعل فلا ريب أن ذلك نقص في إيمانه، بل إن ذلك نقص في عقله وعلمه وأمانته.
قلت: لأن من مقتضى الدين والأمانة أن يصدع ربيع بما استبان له من الحق، وأن لا يمنعه من الجهر بذلك أن ينسب إلى سوء النظر فيما رآه سالفا، فما هو إلا بشر، وما كان لبشر أن يبرأ نفسه من الخطأ، ويثني على نفسه، ويدعي أنه لم يقل كذا، ولن يقول في حياته إلا صوابا اللهم غفرا.
([348]) قلت: حتى أنه وجه اللوم إلى علماء الحرمين أنهم لم يقفوا معه في آرائه الإرجائية، ظلمات بعضها فوق بعض والله المستعان.
([350]) قلت: حتى وصل بربيع وأتباعه إخفاء الآثار التي لم توافقهم، وحذف فتاوى علماء الحرمين في ذم الإرجاء في شبكة سحاب الإرجائية، وإظهار التأويل الفاسد لها، أو كتمانها والعياذ بالله.
قلت: فماذا إذا وافق ربيع المرجئ لعلماء الحرمين في مسائل الإيمان، إذا فهو على خطر عظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (ج20 ص161): (فلا تجد مبتدعا إلا وهو يحب كتمان النصوص التي تخالفه ويبغضها، ويبغض إظهارها، وروايتها والتحدث بها، ويبغض من يفعل ذلك!!!). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (ج20 ص163): (ولهذا تجد قوما كثيرين يحبون قوما ويبغضون قوما لأجل أهواء، لا يعرفون معناها ولا دليلها). اهـ
([351]) قلت: وأهل التحزب من التراثية وغيرهم أقل ضررا على شباب أهل السنة من السحابية المميعة، لأن الحزبية قد أظهروا منهجهم ولم تموه، وهؤلاء خالطوا أهل الحق وأهل الباطل، مع إظهارهم نقد باطل الحزبية، فبلي أهل السنة بهؤلاء الذين يدعون أهل الاتباع، فضررهم أكبر من ضرر الحزبية اللهم سلم سلم .
قلت: ومخالفات ربيع لا شك في كونها قبيحة، ولكن بعضها أعظم من بعض.
([353]) قلت: فيا ربيع احترم فتاوى علماء السنة، ولا تستخف بها إلى هذه الدرجة، هذا عندما لم تجد لآرائه أي دليل من الكتاب والسنة وآثار السلف، فلجأ إلى قلب الحقائق بآرائه الباطلة ظانا أن هذه الآراء الفاسدة ستدحض الأدلة في زعمه، وهي بالعكس لا تزيده إلا سقوطا عند أهل السنة والجماعة.
قلت: ولا يغني عنك شيئا إن تعلق بها غثاء كتاب شبكة سحاب الحزبية فإنك سوف تحمل وزرك، وأوزارهم سابقا ولاحقا.
([354]) فقد يكون للعبد شهرة علمية... فكلما هم بالرجوع عن بعض آرائه المخالفة للشريعة، أقصر عن ذلك مخافة ذهاب الشهرة والرئاسة والإمارة، وحرصا على أن يبقى احترامه في نفوس اتباعه غير منقوص، وهذا لا ريب أن ذلك نقص في علمه، ثم إن الشهرة والرئاسة عرض زائل، ينتهي بنهاية العبد والله المستعان.
([355]) وانظر معالم السنن للخطابي (ج4 ص260) والفقيه والمتفقه للخطيب (ص200) وجامع بيان العلم لابن عبدالبر (ج2 ص1141).
أخرجه أبو نعيم في الحلية (ج8 ص91) والبيهقي في شعب الإيمان (ج6 ص301) والسلمي في طبقات الصوفية (ص11) والقشيري في الرسالة (ص25) بإسناد حسن.
أخرجه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي (ص68) وابن عساكر في تاريخ دمشق (ج15 ص9) وأبونعيم في الحلية (ج9 ص 106) بإسناد صحيح.
أخرجه الهروي في ذم الكلام (ج ص) والخطيب في الفقيه والمتفقه (ج1 ص150) والاحتجاج بالشافعي (ص72) والبيهقي في مناقب الشافعي (ج1 ص472) والمدخل (249) والفلاني في إيقاظ همم أولي الأبصار (ص100) بإسناد صحيح.
([364]) قلت: ومن لم يضيع الأدلة في محلها ضلت راحلته في بيداء الأهواء والبدع، وعمي عن طريق الهدى والرشاد، فتراه يشرق مرة، ويغرب أخرى، ويخبط خبط الوحش في البرية والله المستعان.
([365]) وهذه إشارات للذين أصيبوا بعمى الألوان، ففقدوا القدرة على التمييز، وظنوا أن الخطوط كلها مستقيمة اللهم غفرا.
قال تعالى: ﴿إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ [الحج: 46].
([366]) والعجيب في مقالات ربيع يذكر لنا حسناته، ويمدح نفسه دائما ومن كلامه أيضا يريد منا عند نقدنا له أن نذكر حسناته، وهذا هو منهج الموازنات الذي ينكره ربيع المتناقض على عبدالرحمن عبدالخالق وسلمان العودة وأحمد الصاوي وغيرهم والله المستعان.
([367]) قلت: فانتقدنا ربيعا عندما استفحل شره، واشتد خطره على شباب الأمة، وإلا لو كان له بعض السقطات في ذلك، ولا يشكل خطرا على الدين فلا ننشغل بالرد عليه طوال هذه المدة اللهم سدد سدد!!!.
([369]) انظر هدية السلطان للمعصومي (ص83) والقواعد الحسان بتفسير القرآن للسعدي (ص7) القاعدة الثانية: العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
([370]) أنهم كثيرا ما يتحولون من مذهب إلى نقيضه، إلا أنهم لا يوفقون للسنة، ولا يهتدون لها، ولا يتحولون إليها، فلا يعرف في التاريخ أن فرقة تركت بدعها إلى السنة، بل تتحول إلى ما هو أسوأ تتجارى بهم الأهواء والعياذ بالله.
أخرجه أبو داود في سننه (4597) وأحمد في المسند (ج4 ص102) والبغوي في مصابيح السنة (ج1 ص161) وابن أبي عاصم في السنة (ص7و8) بإسناد صحيح.
والحديث صححه الشيخ الألباني في ظلال الجنة (ص7).
([372]) فقد تطورت المرجئة الخامسة إلى أن زادت على أصولها الباطلة، حتى قالت بأقوال أهل البدع تتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكلب بصاحبه.
أخرجه ابن وضاح في البدع (ص118) بإسناد لا بأس به.
وذكره الشاطبي في الاعتصام (ج1 ص123).
([374]) قلت: ومن أضرار ربيع الرائحة النتنة التي تفوح من فيه وعقله، والتي يشمها كل ذي قلب سليم، وهذا الرجل يفسد على المرء عقيدته السلفية فتنبه.
قلت: والانحراف الناشئ عن زيغ العقيدة أشد من انحراف عن طغيان المعصية، وأصعب علاجا فتنبه.
أخرجه الدارمي في الرد على بشر المريسي (ص77) والهروي في ذم الكلام (ج5 ص119) بإسناد حسن.
([378]) قلت: أما العالم الراسخ الذي يتحرى مواقع الحق، ولكنه يزل عنها أحيانا لعارض فهو مغفور له، لأنه لم يقصد إتباع المتشابه، ولم يتبع هواه، ولا جعله عمدة في دين الله تعالى، بل إن ظهر له الحق أذعن له وترك فهمه ورأيه.
([379]) وللمبتدع علامات من ذلك: أنه يتعصب لآرائه، فلا يرجع إلى الحق، وإن تبين له والله المستعان.
قلت: ورأي المبتدع: هو ما قيل بمجرد الرأي من غير استناد إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله r.
وانظر الفتاوى لشيخنا العثيمين (ج5 ص23).
([380]) قلت: وما في كبته ما يضل ويشقى، وإن كان فيها شئ من الصواب – وهو قليل – بجانب فسادها العظيم وشرها المستطير.
([381]) وكما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن أول التوبة هو العلم بأن الفعل سيء، وهذا ما لا يدركه المخالف لمعتقد السلف.
أخرجه اللالكائي في الاعتقاد (ج1 ص141) بإسناد حسن.
ومعناه: ما دام مبتدعا يراها حسنة لا يتوب منها.
انظر الفتاوى لابن تيمية (ج1 ص68).
([388]) قلت: ولو أتيت لربيع بكل دليل ما اقتنع بما يدعو إليه من الباطل، لأن يعتقد أنه على حق، وأن الحق في جانبه من دون علماء أهل السنة والجماعة، ولذلك لن يرجع عما هو عليه من باطل وإن خالفه كل من في الأرض بالدليل من الكتاب والسنة!!!.
([389]) قلت: فهذه البدع ليست من الدين في شيء، ولو كانت من الدين ما قبض رسول الله r إلا بعد أن يبلغها، وهذا ما شهد به الصحابة الكرام للرسول r إذ شهدوا له بالبلاغ والبيان.
([390]) قلت: فكيف يمكنه الخروج من الإرجاء، وداعي الهوى متمسك بجنس ما يتمسك به والله المستعان.
وربيع ترك التوبة، خوفا من لمز أتباعه، وعيبهم إياه، ومخافة سقوط المنزلة أمام أتباعه فلا تطاوعه نفسه على إفساد ذلك بالتوبة اللهم غفرا.
كما قال أبو نواس، لأبي العتاهية، وقد لامه على تهتكه في المعاصي:
أتراني يا عتاهي |
|
تاركا تلك الملاهي |
أتراني مفسدا بالنسك |
|
عند القوم جاهي |
انظر مدارج السالكين لابن القيم (ج1 ص286).
قلت: ولا يستحق ربيع اسم التائب حتى يتخلص من المخالفات البدعية.
أخرجه البغوي في الجعديات (1885) واللالكائي في الاعتقاد (1885) وأبونعيم في الحلية (ج7 ص26) بإسناد صحيح.
([395]) وهذا بالنسبة لحديث العهد بالبدعة، والمقيم عليها والداعية إليها، فهذا يطمع في توبته، وبخاصة إن كان فيه إنصاف وخشية لله تعالى.
وأما الآخر، فلا مطمع في توبته، ولا رجاء في عودته، ولا أمل في رجوعه.
فعدم رجوع المقيم على البدعة عن بدعته هو الغالب، ولكن ربما رجع، ولكنه شاذ، والشاذ لا حكم له.
قلت: وهذا الفرق يبين المبتدع الأول والمبتدع الثاني فتنبه.
([396]) وانظر الفتاوى لابن تيمية (ج10 ص9 و10) و(ج11 ص684 و685) و(ج16 ص23 و24) والآداب الشرعية لابن مفلح (ج1 ص109 و110) والمغني لابن قدامة (ج12 ص271) وغذاء الألباب للسفاريني (ج2 ص581).
قلت: وهذا الفرق يبين المبتدع الأول والمبتدع الثاني فتنبه.
([397]) وربيع كذلك خصص الردود على فئة دون أخرى ، وذلك أن الأولى ليست من شيعته، والثانية من شيعته!!!.
وهذا من الظلم، وعدم الإنصاف ...و هذا الأمر يأباه الفهم السليم لنصوص الوحيين.
([398]) فهذا أصل ينبغي معرفته، فإنه مهم في هذا الباب لكشف من يتظاهر بالحق هو خلافه، فهذا لا يقتدى به في ديننا فافطن لهذا.
([399]) ولقد كان سبب إنحراف الخوارج غلوهم في الدين، واعتدادهم بأهوائهم في مقابل منهج السلف الصالح y.
وبهذا أخرجهم إلى التأويل الفاسد كما هو مشاهد من الخوارج.
([400]) كما يفعل ربيع في الأدلة في الآونة الأخيرة بسبب فهمه السقيم لنصوص الكتاب والسنة وآثار السلف وأقوال العلماء، حتى أنه قام يكذب على ابن تيمية وغيره!!!.
([401]) انظر الاعتصام للشاطبي (ج1 ص321) والصواعق المرسلة لابن القيم (ج1 ص358) والفتاوى لابن تيمية (ج5 ص35) و(ج13 ص288) وتفسير ابن كثير (ج3 ص177).
([404]) والتعصب لربيع المدخلي. كانت النتيجة لشيعته التخبط في مسائل الإيمان وغيرها من أصول الدين، والحيرة والشك نعوذ بالله من ذلك، والمقصود من التعصب أيضا الذي يكون معه رد ما عند الشخص ولو كان حقا، بل يكون معه طرح الأدلة، وعدم الأعتداد بها، والاعتداد بما يصدر عن شخص من الآراء المخالفة للكتاب والسنة. ولقد كان التعصب للاشخاص، والإعراض عن الحجة والدليل سببا لضلال كثير من الناس والله المستعان.
([405]) قلت: ومن المصائب الكبرى التي ابتلي بها المدخلي في إضاعة كثير من وقته في حياته في الدفاع عن نفسه، ورد التهم عن شخصه التي لصقت به، حتى هرم وشاب وكثرت أمراضه في ذلك، وقد أشرف على القبر، وهو يعتبر ذلك من جهاد أهل البدع، بل اعتبر نفسه هو الوحيد الذي يجاهد أهل البدع من دون علماء السنة!!!.
ولذلك لم تر له كتبا في التوحيد والعقيدة والفقه والتفسير والآداب، وشروح الاحاديث النبوية من كتب السنة، إلا بعض التحقيقات الجامعية!!!.
وقد خالف في ذلك السلف والخلف،فإنهم كانوا لهم السبق في تعليم الناس علم الأصول والفروع، وهي مدونه في كتبهم الكثيرة.
ومن هذا يتبين ضعف المدخلي في العلوم الشرعية، وأكبر دليل عندما خاض في شرح مسائل الايمان وقع في الإرجاء وغيره، بل أفسد كتاب (عقيدة السلف) للإمام الصابوني عندما شرحه، وسوف يأتي الرد عليه لما فيه من مخالفات شرعية كثيرة تخالف الكتاب والسنة والسلف.
([407]) كما كتب ربيع في الإرجاء الخبيث وغيره فيما خالف الشرع المطهر، ونشره بين الناس، وأعلن ذلك بلا حياء من الله تعالى، ولا من العلماء، ولا من طلبة العلم، ولا من خلقه، لذلك وجب الرد عليه، وبيان بطلان ما قال، ولا مانع من ذكر أسمه ليحذره الناس، ولم يزل علماء السنة على هذا الأصل السلفي والله المستعان.
([409]) وجاءت الآثار الكثيرة للتحذير من البدع لخطرها على الفرد والمجتمع، والتخويف من عواقها السيئة في الدنيا والآخرة.
بل نبين أن العمل المبتدع مردود على صاحبه، بل ومعاقب عليه، في الوقت الذي كان يؤمل أن ينال عليه أجرا عظيما، ليس هذا فحسب، بل إن على المبتدع مثل أوزار من تبعه، واقتدى به في بدعته، حتى وإن كان قصد التابع، أو المتبوع – على زعمه - سليما والنية حسنة، فالغاية لا تبرر الوسيلة المحرمة وتحلها، والدين لا يبنى على البدع والأهواء.
قلت: والعمل المبتدع وإن كثر، قد شغل فيه المبتدع عامة الساعات والأيام، بل الشهور والأعوام، فهو جهد ضائع، قد ذهب سعيه ووقته، وماله هباء منثورا، بل صار وبالا عليه.
([410]) قلت: وفي المقابل تشويه الحق وأهله، كما يفعل ربيع وشيعته اللهم سدد سدد.
والخصم إذا جادل سيورد ما يقدر عليه من شبه وإشكالات قد تحير السامع وتؤثر عليه اللهم سلم سلم.
قلت: إذا فلا بد أن يحمل أهل الحق على أيديهم أقلام النصرة لإبطال شبهات دعاة الباطل.
([412]) قلت: والانحراف عن منهج السلف، برد النصوص، وتحكيم ذلك العقل في تلك النصوص... فإن ذلك سبب للضلالة والشقاوة في الدنيا والآخرة.
([413]) قلت: والأفكار المنحرفة لا تقتصر غالبا على فترة زمنية محدودة، تندرس بانقضائها، بل تظل الأجيال تتناقلها جيل بعد جيل، إذ أن لكل قوم وارث، وهذا مما يجعل خطرهم عظيما، وشرهم مستطيرا، ألا ترى إلى الديانات الضالة، والملل المنحرفة، والفرق البدعية التي اخترعت منذ آلاف السنين كاليهودية والنصرانية والبوذية وغيرها... وكذلك الجهمية والمعتزلة والرافضة والمرجئة وغيرها... ألا ترى كيف هي باقية إلى الآن... فلا بد من حمل هذه الأمانة لإظهار عوار تلك الفرق الضالة المخالفة لمنهج الكتاب والسنة.
قلت: والمرجئة ورثها في هذا العصر ربيع وشيعته، بأسم السلفية !!!... إذا فضرر هؤلاء بالغ الخطورة... لأنهم يريدون أن ينشطوا في ميدان الاعتقاد لنشر الإرجاء المذموم... فيسعون بكل طاقة وجهد لإثارة الشبه، والتشكيك في إعتقاد السلف الصالح في مسائل الإيمان فتنبه.
([414]) قلت: وكان النبي r يخاف على أمته خوفا عظيما من أصحاب الأهواء والسلوك الشاذ، وهذا من عظيم حرصه عليها، ورأفته ورحمته بالمؤمنين، لأن ضرر هؤلاء بالغ الخطورة فتنبه.
وسبحان الله!، كم من البون الشاسع والفرق العظيم، يبين موقف أولئك أصحاب الأهواء من السنة، و موقف السلف الصالح ومن بعدهم منها، فإن أولئك نبذوها ورائهم ظهريا، ولم يقيموا لها وزنا، أما هؤلاء فقد حفظوها وحافظوا عليها قولا وعملا ودعوة، وعظموا شأنها.
أخرجه وكيع في الزهد (315) وأحمد في الزهد (ج2 ص110) والطبراني في المعجم الكبير (8770) واللالكائي في الإعتقاد (104) وابن وضاح في البدع (14) والدارمي في المسند (211) والبيهقي في المدخل (203) وأبو خيثمة في العلم (54) بإسناد صحيح.
([416]) والعجيب من ربيع ينتقد في التوبة عبد الرحمن عبد الخالق، وعدنان عرعور، والمأربي، وسلمان العودة، وعائض القرني، وسفر الحوالي، والمغراوي وغيرهم، ثم يقع فيما وقعوا فيه!!!.
وهؤلاء في التوبة أفضل من ربيع المدخلي، فهؤلاء أعلنوا توبتهم أمام علماء الحرمين مع التستر بها، وأما ربيع فلم يعلن توبته أمام علماء الحرمين، إذا فهؤلاء أفضل من ربيع في ذلك اللهم غفرا!!!.
([417]) ولقد حفت تراجعه قرائن قوية - كما في مقالاته البالية - من الطعن والتكذيب والافتراء فيمن نصحوه على عدم الخوض في الإرجاء وغيره، فسبهم سبا لم يسبق إلى مثله، إلى جانب البدع التي ضمنتها كتبه الأخيرة، وإيهام الناس أن كتبه وأشرطته لم يوجد فيها إلا بضعة أخطاء في الأصول - أي أن كل ما في كتبه صحيح وحق- مع أنه لم يخل كتاب، أو شريط من الأخطاء في الأصول، وخاصة الأخيرة منها.
قلت: ولقد أدرك علماء السنة توبته المريبة هذه أنها ليست بتوبة صادقة، لأنها أسست على أساس باطل في الأصول اللهم سلم سلم.
([418]) قلت: ولذلك فتوبة ربيع، توبة مزعومة شبيهة بتوبة عبدالرحمن عبدالخالق، وعدنان عرعور، والمأربي، والمغراوي وغيرهم.
([419]) نقلا من كتاب: (التحقيق السديد في الاجتهاد والاتباع والتقليد) للشيخ فالح الحربي (ص8) وهو رد على ربيع المدخلي في مسألة التقليد والاتباع.
([422]) انظر فتح الباري لابن حجر (ج5 ص252) وإرشاد الساري للقسطلاني (ج6 ص89) وعمدة القاري للعيني (ج11 ص109) وشرح صحيح البخاري لابن بطال (ج8 ص23).
([425]) قلت: وإلا كنت متناقضا في الانتساب، فالتناقض في الانتساب هو: أن ينتسب إلى شيء وهو مخالف له، وهذا انتساب باطل وكذب.
وانظر شرح مسائل الجاهلية للشيخ الفوزان (ص98).
([426]) له انحراف خطير، وأسلوب بالسوء جهير، يود أن يسوق الناس وفق ما يريد، لا وفق منهج السلف السديد.
([429]) كـ (عبدالرحمن عبدالخالق، وعدنان عرعور، وسلمان العودة، وسفر الحوالي، والمأربي، ومحمد المغراوي) وغيرهم.
وهؤلاء من أهل السنة في الظاهر، ولذلك الخلاف الذي حصل بين هؤلاء وبين السلفيين لم يكن بين السلفيين بعضهم بعضا، بل كان بين أهل السنة وأهل البدعة فتنبه.
([432]) قلت: والذي يدعي أنه ينتسب إلى السلف فعليه أن يتبع منهجهم جملة وتفصيلا وإلا كان متناقضا في الانتساب، فالتناقض في الانتساب هو: أن ينتسب إلى شيء وهو مخالف له، وهذا انتساب باطل وكذب.
وانظر شرح مسائل الجاهلية للشيخ الفوزان (ص98).
([440]) لأن أبا ثور أولا كان يتفقه بالرأي ويذهب إلى قول أهل العراق حتى قدم الشافعي بغداد فاختلف إليه ورجع عن الرأي إلى الحديث.
قال أبو حاتم: (هو رجل يتكلم بالرأي فيخطئ ويصيب).
انظر حاشية تذكرة السامع لابن جماعة (116).
([450]) قلت: ولما أصلت المرجئة: أن الإيمان هو التصديق، أولوا ما خالف أصولهم.
وانظر الصواعق المرسلة لابن القيم (ج1 ص230).
([451]) فالمسلم يجب عليه أن يقبل الحق، ولا ينظر إلى العداوة الشخصية، والأغراض النفسية، والإشاعات التي تشاع على أهل الحق، ولا تحمله هذه الأمور على رفض ما يقوله أهل الحق بل ينتفع به... هذا هو الواجب.
قلت: فيجب على طلبة العلم أن ينهجوا هذا المنهج الرباني، قبول الحق ممن جاء به.
وانظر شرح مسائل الجاهلية للشيخ الفوزان (ص130).