القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة التحف في تأصيل منهج السلف / العبر في الـمحو والإثبات في القضاء والقدر

2023-12-20

صورة 1
العبر في الـمحو والإثبات في القضاء والقدر

6

سلسلة

التحف في تأصيل منهج السلف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العبر

في

الـمحو والإثبات في القضاء والقدر

دراسة أثرية منهجية علمية في أن الله تعالى عنده: كتابان، فكتاب يمحو فيه ما يشاء، ويثبت فيه ما يشاء في الحياة الدنيا؛ فيزيد الله تعالى في عمر هذا، وينقص في عمر هذا، ويزيد في رزق هذا، ويثبت لرزق هذا، ويبدل شقاوة هذا إلى سعادة، وهذا من سعادة إلى شقاوة، وهكذا، فيمحو الله ما يشاء ويثبت ما يشاء بمشيئته سبحانه وتعالى, وكتاب ثان، وهو اللوح الـمحفوظ فيه جملة المقادير، لا يتغير، ولا يتبدل.

 

تأليف:

العلامة المحدث الفقيه

فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه

    

ذكر الدليل

على وجوب تقديم تفاسير الصحابة رضي الله عنهم

للقرآن والسنة على تفاسير العلماء الـمتأخرين

 

اعلم رحمك الله أن بيان الصحابة رضي الله عنهم أصل ضروري لسلامة التفسير وصحته، والتفسير بعيدا عن هذا الأصل من أسباب الخطأ ولا بد.

وإليك الدليل:

التفسير الذي له حكم المرفوع دون تصريح برفع، فهو أن يفسر الصحابي الآية بلفظه، فيما ليس فيه مجال اجتهاد، دون أن يصرح برفع التفسير إلى النبي r.

ومنه: ما أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص477)، عن عبد الله بن مسعود t، في تفسير: قوله تعالى: ]لقد رأى من آيات ربه الكبرى[ [النجم: 18]، قال: (رأى رفرفا أخضر سد أفق السماء).

قلت: رأى r جبريل عليه السلام على رفرف أخضر؛ أي: في حلة من رفرف، وهو الديباج الرقيق الحسن الصنعة.([1])

قلت: ولنترك ابن مسعود t يتحدث عن نفسه في مجال التفسير.

فعن مسروق، قال: قال عبد الله بن مسعود t: (والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه).([2])

وعن شقيق بن سلمة، قال: قال ابن مسعود t فقال: (والله لقد أخذت من في رسول الله r بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي r أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم).

قال شقيق: (فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك).([3])

وعن أبي الأحوص، قال: (كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله، وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله r ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم، -يعني: ابن مسعود- فقال أبو موسى: أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غبنا، ويؤذن له إذا حجبنا).([4])

قلت: فمثل هذا حري أن يقدم تفسيره للآية الكريمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص361): (فإن الصحابة، والتابعين، والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول، وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر؛ لأجل مذهب اعتقدوه... و في الجملة: من عدل عن مذاهب الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج2 ص675): (الصحابة هم أفقه الأمة، وأعلمهم بالمعاني المؤثرة في الأحكام). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص200): (وللصحابة فهم في القرآن يخفى على أكثر المتأخرين، كما أن لهم معرفة بأمور من السنة، وأحوال الرسول r، لا يعرفها أكثر المتأخرين؛ فإنهم شهدوا الرسول r، والتنزيل، وعاينوا الرسول r، وعرفوا من أقواله، وأفعاله، وأحواله مما يستدلون به على مرادهم، ما لم يعرفه أكثر المتأخرين الذين لم يعرفوا ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص200): (فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب.

* ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة، والتابعون، وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله r، فمن خالف قولهم، وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم، فقد أخطأ في الدليل([5])، والمدلول([6]) جميعا).اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص6): (والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده، فمن السنة... وإذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة؛ فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنهم... وإذا لم تجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، ولا وجدته عن الصحابة رضي الله عنهم، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص79): (ولسان العرب: أوسع الألسنة مذهبا، وأكثرها ألفاظا، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي... فالحجة فيه كتاب الله، قال تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه[ [إبراهيم: 4]. اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص79): (فأقام حجته بأن كتابه عربي في كل آية ذكرناها). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص249): (كل ما في القرآن والسنة يرجع إلى اللغة العربية؛ لأن القرآن نزل باللغة العربية، إلا ما نقله الشرع عن معناه، فيرجع إلى الحقيقة الشرعية.

* وهذا سواء كان في العقيدة، أو كان في الأحكام العملية؛ لأن هذا الشرع كله باللغة العربية، فكله يحمل على اللغة العربية، مالم يكن له تسمية شرعية، فيرجع إلى الشرع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص257): (أتدري من السلف؟، السلف: هم الرسول r، والخلفاء الراشدون، والصحابة رضي الله عنهم، والتابعون لهم بإحسان من أئمة الهدى والحق، فكيف تكون طريقة الخلف أهدى منهم!). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص285): (فوجب حمل كلام الله تعالى، ورسوله r على ظاهره المفهوم بذلك اللسان العربي). اهـ

قلت: والله تعالى خاطب الناس بلسان عربي مبين، ليعقلوا الكلام، ويفهموه على ما يقتضيه هذا اللسان العربي.

فتفسير القرآن باللغة العربية: أصل عند الصحابة رضي الله عنهم، فهي مصدر للتفسير؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين.

قال تعالى: ]وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا[ [الشورى: 7].

وقال تعالى: ]وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين[ [الأحقاف: 12].

وقال تعالى: ]قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون[ [الزمر: 28].

قلت: فأنزل الله تعالى القرآن بلسان عربي مبين: ليعقله المخاطبون، فيتبين لهم ما نزل إليهم، ولعلهم يتذكرون.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «فتح رب البرية» (ص49): (فإن القرآن نزل بلغة العرب، والصحابة رضي الله عنهم). اهـ

وقال الإمام القصاب / في «الفصول في الأصول» (ج6 ص401 – بيان تلبيس الجهمية): (إن كان السلف صحابيا، فتأويله مقبول متبع؛ لأنه شاهد الوحي والتنزيل، وعرف التفسير والتأويل). اهـ

وعن الإمام مسروق / قال: ( ما قال أصحاب محمد r عن شيء، إلا وعلمه في القرآن، ولكن علمنا قصر عنه)

أثر صحيح

أخرجه أبو خيثمة في «العلم» (ص50)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (195) من طريق أبي نعيم، ووكيع عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «الفتوى الحموية الكبرى» (ص298).

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (نعم الترجمان للقرآن ابن عباس).

أثر صحيح

أخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (1860)، و(1861)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج12 ص110 و111)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج6 ص193)، وأبو خيثمة في «العلم» (48)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص494 و495)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج1 ص174)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص366)، والطبري في «جامع البيان» (104)، و(105)، و(106)، وفي «تهذيب الآثار» (268)، و(271)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص537)، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (ج4 ص30) من طرق عن الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص8).

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص366) من طريق مالك بن مغول عن سلمة بن كهيل قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (نعم ترجمان القرآن ابن عباس).

وإسناده حسن.

قال ابن حجر / في «الإصابة» (ج4 ص146): (سنده حسن).

وعن مجاهد / قال: (عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفته عند كل آية منه، وأسأله عنها).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (108)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص279 و280)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص706)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج16 ص252) من طريق محمد بن إسحاق، حدثنا أبان بن صالح، عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وقال الذهبي: «هذا حديث حسن الإسناد».

وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (1866)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص559) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص10).

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (107) من طريق طلق بن غنام، عن عثمان المكي، عن ابن أبي مليكة، قال: (رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه ألواحه؛ قال: فيقول له ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله).

وإسناده حسن.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص10).

ولهذا كان سفيان الثوري يقول: (إذا جاءك التفسير عن مجاهد، فحسبك به). ([7])

* وجعله الله ميسرا ليبشر به المتقين، وينذر غيرهم فيحذروا.

وسبب تفسير القرآن بآثار الصحابة رضي الله عنهم:

1)    لأنهم المختارون لصحبة أشرف الخلق.

2)    لأنهم الطريق الوحيد للفهم الصحيح للقرآن، وذلك أن القرآن طبقه النبي r، والذي نقل سنة النبي r هم: الصحابة رضي الله عنهم.

3)    لأن الصحابة رضي الله عنهم اهتموا بمعرفة ما يتعلق بالآيات اهتمام التلاميذ النجباء بما يقوله r لهم.

4)    لأنهم تعلموا الكيفية الصحيحة لأحكام القرآن في الأصول والفروع.

5)    التمكن في معرفة اللسان العربي قبل فشو اللحن، معرفة فطرية.

قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج3 ص338): (فإنهم عرب فصحاء، لم تتغير ألسنتهم، ولم تنزل عن رتبتها العليا فصاحتهم؛ فهم أعرف في فهم الكتاب والسنة من غيرهم). اهـ

6)    مشاهدتهم لما نزل فيه الوحي من الوقائع، ومباشرتهم لسنة النبي r، ومعرفة عادات العرب، وأحوالها التي نزل القرآن ليبين علاجها.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح تقريب التدمرية» (ص49): (ولهذا لا يوجد شيء في القرآن غير معلوم لكل الناس وإن كان يخفى على بعض الناس؛ لقصور أو تقصير لكن بالنسبة لكل الناس لا يمكن أن يوجد في القرآن ما يخفى على الناس أبدا؛ لأن الله ذكر في القرآن أنه تبيان لكل شيء، قال تعالى: ]يريد الله ليبين لكم[ [النساء: 26]، والخفاء ليس فيه بيان). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج3 ص294): (ولقد قال الله تعالى: ]ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء[ [النحل: 89]؛ ومن المعلوم أن كثيرا من أمور الشريعة العلمية، والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج3 ص296): (والتدبر لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه، ليتذكر الإنسان بما فهمه منه.

* وكون القرآن عربيا ليعقله من يفهم العربية يدل على أن معناه معلوم، وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.

* وبيان النبي r القرآن للناس شامل لبيان لفظه، وبيان معناه). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص235): (فما دام أنه نزل باللسان العربي، وجعله الله قرآنا عربيا لنعقله، إذن: يجب أن نحمله على ما يقتضيه اللسان العربي حسب الظاهر([8])، إلا أن يمنع منه دليل شرعي، فإن منع منه دليل شرعي وجب حمله على ما يدل عليه الدليل). اهـ

قلت: فإذا اتفق الصحابة في هذا الاجتهاد: يكون حجة؛ لأنه إجماع. ([9])

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص319): (ولا سيما قول ابن عباس تفسيرا للقرآن، وهو ترجمانه). اهـ

قلت: ومما يدخل في المرفوع قول الصحابي: «أحل لنا»، و «حرم علينا»، و«أمرنا»، و«نهينا».

قال الحافظ ابن حجر / في «تلخيص الحبير» (ج1 ص26): (يحصل الاستدلال بهذه الرواية؛ لأنها في معنى المرفوع). اهـ

وتفسير الصحابي الذي يعود إلى البحث المحقق.

* فيصدر التفسير من الصحابة رضي الله عنهم بدون نكير؛ يعني: فيقر الصحابة هذا التفسير، لما يتعلق باستنباط صحيح في فهمهم الصحيح للآية، ولما له من تعلق باللغة العربية. ([10])

قلت: ومرجع تفسير الصحابة رضي الله عنهم إلى شيئين: إما نقل، وإما بحث.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على البكري» (ج2 ص729): (والعلم شيئان: إما نقل مصدق، وإما بحث محقق). اهـ

قلت: فتفسير الصحابة رضي الله عنهم لا يخرج عن هذين الأمرين: النقل، وهو الرواية، والعقل: وهو البحث والاجتهاد.

* فيصرح الصحابي بالنقل المصدق عن النبي r؛ أي: أن يصرح الصحابي بنسبته التفسير إلى النبي r، فهذا مرفوع قطعا.

* أو يفسر الصحابي الآية بما له حكم الرفع، فلا يتعلق برأي ارتآه الصحابي؛ فهذا له حكم الرفع.

* أو يقول الصحابي: «من السنة كذا»، و«سنة»، فذهب عدد من أهل العلم إلى أنه مرفوع.

* واعلم رحمك الله أنه برز من خلال الآثار في غروب الشمس: وهي طالعة التي ذكرتها عن السلف، أن اللغة العربية مصدر أصيل، وأنه لا بد من الاعتماد عليها في الأحكام، في الأصول والفروع.

* ويظهر أن اللغة من أوسع المصادر التي كان يعتمد عليها السلف، وذلك ظاهر بتتبع تفاسيرهم. ([11])

* ولقد كان في عمل مفسري السلف من الصحابة، والتابعين، وأتباعهم بالأخذ بلغة العرب في التفسير: إجماع فعلي منهم.

* وهذا العمل حجة في صحة الاستدلال للتفسير بشيء من كلام العرب.

* وقد نص الإمام أبو عبيد اللغوي / على الاحتجاج بلغة العرب في التفسير عند تعليقه على أثر أبي وائل شقيق بن سلمة في تفسيره: «دلوك الشمس».

قال أبو وائل: (دلوكوها: غروبها).

قال: (وهو في كلام العرب: دلكت براح).

قال الإمام أبو عبيد اللغوي / في «غريب الحديث» (ج5 ص410): (وفي هذا الحديث: حجة لمن ذهب بالقرآن إلى كلام العرب ... ألا تراه يقول: وهو في كلام العرب: «دلكت براح» ([12])).([13]) اهـ

* وقد روي مثل هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، كما سوف يأتي.

قلت: ويلاحظ أن هذا الاجتهاد في التفسير كان في طبقات السلف الثلاث: الصحابة، والتابعين، وأتباع التابعين.

* وفيما يتعلق بالأدلة على لغات العرب في القرآن والسنة، يلاحظ: أن الوارد عن السلف أكثر من غيرهم. ([14])

* فالسلف كانوا يجتهدون في اختيار المعنى اللغوي المناسب إذا كان للفظ المفسر أكثر من دلالة، وهذا ظاهر في الأدلة في مسألة غروب الشمس وهي طالعة.

* فالصحابة الكرام كانوا يسألون الرسول r ما يهمهم في أمر دينهم أو دنياهم.

والقرآن العظيم أس ذلك وأساسه، وكانوا يسكتون عما لا يعنيهم.

قال الفقيه السرخسي الحنفي / في «الأصول» (ج2 ص110): (ولا خلاف بين أصحابنا المتقدمين، والمتأخرين: أن قول الواحد من الصحابة([15]) حجة فيما لا  مدخل للقياس في معرفة الحكم فيه، وذلك المقادير التي لا تعرف بالرأي).([16]) اهـ

قلت: إن أصحاب رسول الله r قد عاصروا التشريع، وعاينوا التنزيل، وفهموا مقاصده، وقد كانت وقائعهم، وقضاياهم سببا لنزول بعض الآيات، ولا سيما التشريعية منها.

* كما أن القرآن الكريم نزل بلغتهم، وعلى معهودهم في الخطاب؛ لذلك كانت أقوالهم مرجعا أساسيا لفهم كثير من نصوص القرآن العظيم، ولا يمكن تجاوز أقوالهم؛ إذ لها أهمية خاصة لدراسة التفسير.

* فالمفسر إذا لم يجد في السنة بيانا رجع إلى أقوال الصحابة؛ فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن، والأحوال عند نزوله، ولما اختصوا به من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح. ([17])

أما المتأخرون؛ فإنهم مع سلوكهم هذا المنهج الوارد عن السلف.

* إلا أنهم توسعوا في حمل لكثير من ألفاظ النصوص على المحتملات اللغوية التي ظهرت لهم من خلال فتاويهم، والتي لم تكن واردة عن السلف.

* ولذا ظهرت عندهم بعض الأقوال الشاذة في التفسير لنصوص القرآن والسنة والآثار.

* وهذا يدل على أن هذا الإنكار من أصحاب الفضيلة في الفتوى؛ كما ترى لا دلالة عليه من نقل، وهو يدل على عدم فهم قائله.

* وعمل السلف، ونص حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من السلف حجة يستند إليها في مسألة غروب الشمس وهي طالعة. ([18])

* في جهة المغرب بيسير عن الأرض.

قلت: فكان الصحابة والتابعون في زمن الاحتجاج اللغوي؛ لذا فإن الأصل أن يحتج بكلامهم، وكذا تفسيرهم لألفاظهم التي يتداولونها، ويدخل في ذلك تفسيرهم لعربية القرآن الكريم. ([19])

* وهذا يبنى عليه أن تفسير السلف مقدم على تفسير غيرهم.

* وهذا الاحتجاج لأبي عبيد يدلل على صحة تفسير السلف في مسألة الغروب.

* فإذا تأملت النصوص في مسألة الغروب رأيتها متوافقة في الشرع غير ملتبسة، فهي من المتشابه الذي يشبه بعضه بعضا في دلالة اللفظ. ([20])

* وهذا فيه قصور من أهل العصر في الاستفادة من تفاسير السلف للقرآن والسنة.

* فأكثرهم لا يعتدون في نقل لغة العرب بما ورد في التفاسير.

قلت: فكل تفسير لغوي وارد عن السلف يحكم بعربيته، وهو مقدم على قول غيرهم ممن بعدهم.

* ثم إنهم يفسرون القرآن العربي، بالعربية، ولم يؤثر عنهم أنهم فسروه بغيرها.

* فأقل ما يقال فيهم أنهم ناقلون للغة العرب، وهم ثقة في ذلك.

* فقبول ما فسروا به على أنه لغة للقرآن والسنة. ([21])

 قلت: وكلام العرب منه ما يفهم من النص بمجرد النظر، والتدبر في الأدلة. ([22])

* ومنه ما لا يفهم المراد منه إلا بعد التأمل في الأدلة كلها، وفيما يؤول إليه النص بعد التدبر في جميع الأدلة.

* إذا ما ورد عن هؤلاء السلف الكرام من تفسير ألفاظ القرآن، أو فهمهم له، فإنه جار على لغة العرب، وهو حجة يجب الاحتكام إليه في الخلافيات، ولا يصح رده، والاعتراض عليه.

* والمقصود أن السلف بطبقاتهم الثلاث أقدر على تحديد المعنى العربي للقرآن ممن جاء بعدهم. ([23])

* ولذا فإن الرجوع إلى تفسيرهم، واعتباره في نقل اللغة مما لا بد منه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة في أصول التفسير» (ص129): (وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة؛ فإنهم أدرى بذلك لما شهدوه من القرائن والأحوال التي اختصوا لها، ولهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، لا سيما علماؤهم، وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين؛ منهم: عبدالله بن مسعود رضي الله عنه). اهـ

قلت: وانتقل الرسول r إلى الرفيق الأعلى، وفي صدور الصحابة الكرام الكثير من أقواله في التفسير، والتي نقلوها عنه في حياته.

* واشتغل كثير منهم بتفسير كتاب الله تعالى، واعتمدوا في ذلك على ما سمعوه من رسول الله r من تفسير بعض آيات الكتاب الحكيم في أثناء ملازمتهم له، وما شهدوه من مناسباته، وحوادث متفرقة أحاطت بنزول القرآن الكريم، وإن لم يجدوا بغيتهم في الكتاب والسنة أعملوا علمهم، ورجعوا إلى اجتهادهم معتمدين في ذلك على قوة فهمهم، وإدراكهم الصحيح، وفطرتهم السليمة، وصفاء نفوسهم. ([24])

قال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون[ [النحل: 44].

وقال تعالى: ]هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة[ [الجمعة: 2].

وعن الإمام إبراهيم الحربي / قال: (من تكلم في الفقه بغير لغة تكلم بلسان قصير). ([25])

وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «الفقيه والمتفقه» (ص467): (وأما اللغة: فبابها واسع، ونزل القرآن بلغة العرب؛ لأنها أوسع اللغات وأفصحها، وفي كتاب الله تعالى آيات مخرجها أمر، ومعانيها وجوه متغايرة؛ فمنها: تهدد، ومنها: إعجاز، ومنها: إيجاب، ومنها: إرشاد، ومنها: إطلاق، ولا تدرك معرفة ذلك، إلا من جهة اللغة).اهـ

وعن أبي حمزة قال: قيل للحسن البصري في قوم يتعلمون العربية، فقال: (أحسنوا، يتعلمون لغة نبيهم r). ([26])

وقال الإمام الزركشي / في «البرهان» (ج2 ص182): (والثاني ينظر في تفسير الصحابي، فإن فسره من حيث اللغة فهم: أهل اللسان، فلا شك في اعتمادهم.

وإن فسره بما شاهده من الأسباب، والقرائن فلا شك فيه). اهـ

قلت: ويرى الحاكم / أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي، والتنزيل حديث مسند. ([27])

قال الحافظ الحاكم / في «المستدرك» (ج2 ص258): (ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند).اهـ

ويوافقه الإمام الزركشي / في «البرهان» (ج2 ص157): (تفسير الصحابي بمنزلة المرفوع إلى النبي r؛ كما قاله الحاكم في تفسيره). اهـ

قلت: وهذا لا بد له من قيد، وهو ما كان متعلقا بأسباب النزول، أو مما لا مجال للرأي فيه، فله حكم المرفوع، أو وافق السنة، أو وافق لغة العرب، ولم يوجد له مخالف من الصحابة، أو وافقه عدد من الصحابة الكرام. ([28])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة في أصول التفسير» (ص25): (ولهذا كان النزاع بين الصحابة رضي الله عنهم في تفسير القرآن قليلا جدا). اهـ

فإذا كان كذلك: فالصواب في تفسيرهم للقرآن أكثر، وإجماعهم أكثر في التفسير، فلا بد من الرجوع إليهم في تفسير القرآن، في الأصول والفروع.

قلت: ويغلط الكثير فيعدون تفسير الصحابي من قبيل المرفوع، وهذا ليس على إطلاقه.

قال الحافظ السخاوي / في «فتح المغيث» (ج1 ص143): (وإنما كان كذلك; لأن من التفسير ما ينشأ عن معرفة طرق البلاغة واللغة، كتفسير مفرد بمفرد، أو يكون متعلقا بحكم شرعي، ونحو ذلك مما للرأي فيه مجال، فلا يحكم لما يكون من نحو هذا القبيل بالرفع، لعدم تحتم إضافته إلى الشارع). اهـ

قلت: فما كان من قبيل تفسير الغريب، أو بيان المعنى على ما يظهر للصحابي المجتهد، فلا يكون هذا من قبيل المرفوع، بل هو موقوف.

* وقد يوجد في تفاسير الصحابة رضي الله عنهم ما يجمع النوعين، فيكون بعضه له حكم الرفع، وبعضه من الموقوف.

* وهذا يعرفه المتمكن من تفسير آثار الصحابة رضي الله عنهم.

قلت: ووجه كون النزاع في التفسير بين الصحابة الكرام أقل؛ لسببين:

السبب الأول: أن القرآن نزل بلغتهم التي لم تتغير؛ فكانوا أفهم الناس لمعانيه، ثم تغيرت الألسن بعدهم، خاصة في هذا العصر.

السبب الثاني: سلامة قصدهم؛ فما تجد الرجل ينتصر لرأيه؛ لأنه كان الواحد منهم لا يقصد إلا الحق أينما وجده أخذه. ([29])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح مقدمة التفسير» (ص25): (فلهذين السببين كان الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في تفسير كلام الله تعالى أقل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة في أصول التفسير» (ص21): (فصل: في أن النبي r بين لأصحابه معاني القرآن: يجب أن يعلم أن النبي r بين لأصحابه معاني القرآن، كما بين لهم ألفاظه، كقوله تعالى: ]لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النحل: 44]، يتناول هذا، وهذا). اهـ

يعني: بيان لفظه، وبيان معناه.

قلت: وهذا يتضمن قواعد كلية تعين على فهم القرآن، ومعرفة تفسيره ومعانيه.([30])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة في أصول التفسير» (ص110): (والمقصود أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين، لا في رأيهم، ولا في تفسيرهم). اهـ

وهذا يؤكد لقاعدة: «تفسير السلف، وفهمهم لنصوص الوحي حجة على من بعدهم».

قلت: وهذه القاعدة ترد تفاسير المخالفين الذين خالفوا تفاسير الصحابة، وتابعيهم بإحسان.

* فحملوا القرآن على معان بفهمهم، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لا في فقههم، ولا في تفسيرهم للأصول والفروع.

* وترجح فهم، وتفسير السلف على فهم، وتفسير القوم.

وبالجملة: فأقوال السلف هي المعتمدة دون أقوال من خالفهم. ([31])

قلت: بما أن الصحابة رضي الله عنهم هم أعرف الناس في التفسير بعد النبي r فقد اعتمد الأئمة على تفاسيرهم، وأكثروا في النقل عنهم حتى بلغت النقول عنهم ألوف الروايات، ومن أوجه أهمية تفسير الصحابي:

1)    أن أقوالهم في أسباب النزول لها حكم الرفع، وكذلك أقوالهم في الأمور الغيبية غير الإسرائيليات لها حكم الرفع أيضا.

2)    أنهم من أعرق القبائل العربية، وقد نزل القرآن بلغتهم، فلهم قدرة على فهم القرآن، واستنباط الأحكام.

3)    حجية قول الصحابي في التفسير، وخصوصا إذا لم يعارضه صحابي آخر أعلم منه في التفسير، وهذه الحجية متفاوتة بتفاوت علمهم بالتفسير.

4)    خلو تفاسيرهم من التأويل المذموم.

قال الإمام الزركشي / في «البرهان» (ج2 ص172): (ينظر في تفسير الصحابي، فإن فسره من حيث اللغة، فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم، وإن فسره بما شاهده من الأسباب، والقرائن فلا شك فيه). اهـ

   وقال الإمام الشافعي / في «اختلاف الحديث» (ص29): (أبان الله جل ثناؤه لخلقه، أنه أنزل كتابه بلسان نبيه r، وهو لسان قومه العرب، فخاطبهم بلسانهم على ما يعرفون من معاني كلامهم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص123): (والاتباع في كل الأمور التي يأتي فيها الاتباع، في أصول الدين، وفي الشرائع). ([32]) اهـ

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).([33])

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص153): (لا ريب أن أقوالهم في التفسير أصوب من أقوال من بعدهم). اهـ

وبالجملة: فتقديم تفسير الصحابة على تفسير غيرهم مسألة معلومة مشتهرة قد سطرها أهل العلم في كتبهم، حيث جعلوا تفسير الصحابي بعد التفسير النبوي في الرتبة في أحسن طرق التفسير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة في أصول التفسير» (ص138): (ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح مقدمة التفسير» (ص140): (فصارت الآن الطرق لتفسير القرآن أربعة: القرآن، والسنة، وأقوال الصحابة، وأقوال التابعين). اهـ

وقد جعل الإمام الطبري مخالفة أقوال الصحابة، والتابعين شذوذا، فقال في «جامع البيان» (ج2 ص590): (ولا يعارض بالقول الشاذ ما استفاض به القول من الصحابة، والتابعين). اهـ

وفي الجملة: من عدل عن منهج الصحابة، والتابعين، وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في الحكم ولا بد!. ([34])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص140): (إن سكوتهم عن تفسيرها بما يخالف ظاهرها يدل على إجماعهم، إذ لو كان لهم رأي يخالف الظاهر لبينوه.

* فإجماعهم على السكوت عن تفسيرها بخلاف الظاهر يدل على إجماعهم بالقول بما تدل عليه، وهذه طريقة قل من يتفطن لها). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح مقدمة التفسير» (ص140): (ومن هنا نعرف أن الرجوع إلى قول من سلف أمر له أهميته.

* وأن غالب اجتهادات المتأخرين مما يحتاج إلى نظر؛ فإنها قد تكون بعيدة من الصواب). اهـ

قال تعالى: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100].

قلت: فالله تعالى أثنى على الصحابة رضي الله عنهم، وأثنى على من اتبعهم.

فإذا حكموا بحكم: فاتبعهم متبع عليه، فهو متبع للصحابة الكرام.

* فيجب أن يكون محمودا على أخذه بحكم الصحابة الكرام، وعليه يستحق الرضوان، وهذا دليل على أن اتباعهم صواب([35]) ليس بخطأ. ([36])

* فالنبي r قد يتكلم بكلام من كلام العرب، ويتلقى ذلك عنه r حملة شريعته من الصحابة رضي الله عنهم.

* ثم يتلقاه عنهم التابعون، ويتلقاه عنهم أئمة العلماء، فلا يجوز تفسير ماورد في الحديث المرفوع، أو الموقوف إلا بما قاله هؤلاء -أئمة العلماء- الذين تلقوا العلم عمن قبلهم.

* ولا يجوز الاعتراض على ذلك، والاعتماد على تفسير المتأخرين، أو تفسير المعاصرين الذين يأخذون ببعض الأدلة، ويتركون بعض الأدلة بمجرد ما يفهموها من اجتهادهم.

* فإن ذلك يوقع الناس في الخطأ في فهم النصوص، وحملها على غير محملها.([37])

وقال الإمام أبو الحسن الأشعري / في «رسالة إلى أهل الثغر» (ص306): (وأجمعوا على أنه لا يجوز لأحد أن يخرج عن أقاويل السلف: فيما أجمعوا عليه، وعما اختلفوا فيه، أو في تأويله؛ لأن الحق لا يجوز أن يخرج عن أقاويلهم). اهـ

قلت: ومما ينبغي التنبه له، أن تفسير الصحابي خصوصا مقدم على تفسير أي عالم كائنا من كان هذا العالم، وبهذا قال جمع من أهل العلم. ([38])

* وهذا المنهج الذي سلكه هؤلاء هو المنهج الصحيح، أي: أن كلام هؤلاء الصحابة، وتفسيرهم حجة يلزم قبولها، وهو مقدم على قول غيرهم.

* ولما اعترض ابن التين على تفسير ابن مسعود  رضي الله عنه في قوله: (ناسا من الجن).

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج8 ص249) بعدما تعقبه: (ويا ليت شعري، على من يعترض!). اهـ

قلت: وكون العالم المعاصر لم يعلم أن العرب تطلق على الغروب بوجود الشمس جهة المغرب.

فإن هذا لا يعني: عدم وجود هذه الدلالة في النصوص، إذ عدم العلم بالشيء، لا يعني العلم بالعدم. ([39])

* فإن كان هذا العالم قد خفي عليه بمثل هذا الغروب، فإن غيره من السلف عرف هذا المعنى من الغروب في ألفاظ النصوص.

* فهؤلاء هم الذين ورد عنهم هذا التفسير.

* إذا: فإذا ورد أكثر من معنى لغوي صحيح تحتمله الآية بلا تضاد جاز تفسير الآية بها.

* فترجع الأقوال إلى أكثر من معنى ليس بينها تضاد. ([40])

وأسلوب التفسير اللفظي: أن يكون اللفظ المفسر مطابقا للفظ المفسر في لغة العرب، فيحكم به؛ لأنه مفسر.

قال أبو جعفر النحاس / في «الناسخ والمنسوخ» (ص 424): (وإذا تكلم أحد من المتأخرين في معنى آية من القرآن قد تقدم كلام المتقدمين فيها؛ فخرج عن قولهم لم يلتفت إلى قوله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية» (ص 330): (وأما التفسير الثابت عن الصحابة والتابعين فذلك إنما قبلوه؛ لأنهم قد علموا أن الصحابة بلغوا عن النبي r لفظ القرآن ومعانيه جميعا؛ كما ثبت ذلك عنهم مع أن هذا مما يعلم بالضرورة عن عادتهم). اهـ

* وبهذا يتبين ضرورة أن يعتني طالب العلم بتفسير الصحابة رضي الله عنهم، ومن أخذ عنهم من التابعين. ([41])

قلت: وطريقة السلف في العلم أسلم([42])، وأعلم، وأحكم. ([43])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص249): (ثم إذا رجعنا إلى مذهب السلف، ومذهب الخلف: وجدنا أن مذهب السلف أسلم، وأعلم، وأحكم). اهـ

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (تفسير القرآن على أربعة وجوه:

1)    تفسير تعلمه العلماء.

2)    وتفسير تعرفه العرب بلغتها.

3)    وتفسير لا يعذر أحد بجهالته. وفي رواية: [وتفسير لا يعذر الناس بجهالته من حلال أو حرام].

4)    وتفسير لا يعلمه إلا الله، فمن ادعى علمه فهو كاذب. وفي رواية: [لا يعلم تأويله إلا الله].

أثر صحيح

أخرجه ابن الأنباري في «إيضاح الوقف والابتداء» (ص90) من طريق الفريابي قال: حدثنا سفيان الثوري عن ابن جابر عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص18).

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص75) من طريق مؤمل قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبي الزناد قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته([44])، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى ذكره).

وإسناده حسن في المتابعات.

وذكره ابن تيمية في «الفتوى الحموية الكبرى» (ص295).

وأخرجه ابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص131) من طريق عبدالله بن الوليد العدني عن سعيد عن محمد بن السائب الكلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (تفسير القرآن على أربعة وجوه: فتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعذر الناس بجهالته من حلال أو حرام، وتفسير تعرفه العرب بلغتها، وتفسير لا يعلم تأويله إلا الله، من ادعى علمه فهو كاذب).

وإسناده حسن في المتابعات.

وأخرجه ابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج3 ص461- الدر المنثور) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

وإسناده حسن في المتابعات.

وأخرجه عبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ص295 الفتوى الحموية).

وقال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مشكل القرآن» (ص118): (وهل يجوز لأحد أن يقول: إن رسول الله r لم يكن يعرف المتشابه؟!.

* وإذا جاز أن يعرفه مع قول الله تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7]؛ جاز أن يعرفه الربانيون من صحابته، فقد علم عليا التفسير، ودعا لابن عباس).اهـ

قلت: وهذا يدل أن الرسول r ما مات إلا وقد فسر جميع القرآن للصحابة الكرام. ([45])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مقدمة أصول التفسير» (ص 330): (يجب أن يعلم أن النبي r بين لأصحابه معاني القرآن؛ كما بين لهم ألفاظه؛ فقوله تعالى: ]لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النمل: 44]، يتناول هذا، وهذا). اهـ

قلت: إذا: القرآن الكريم فسره الرسول r، وبين معانيه ووضحه.

* وما مات r حتى بين للصحابة الكرام تفسير القرآن الكريم كله.

والبيان يكون على طرق: البيان المباشر لتفسيره r للقرآن، وبيانه للقرآن بالتطبيق العملي في حياة المسلمين في زمنه؛ فهو r حينما علم الناس الصلاة، فسر لهم معنى: قوله تعالى: ]وأقيموا الصلاة[ [البقرة: 43]، وهو r حينما بين للناس أحكام الزكاة، فسر لهم عمليا أحكام الزكاة، وحينما صلى بالناس في مواقيت الصلوات الخمس، بين لهم معنى: قوله تعالى: ]وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل[ [هود:114]، ومعنى: قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا[ [الإسراء: 78]، وما كان يتخلق بالقرآن r في نفسه، فهذا كله كان r مفسرا، ومطبقا للقرآن.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

                                                                                                                                                                                                       

    

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فهذا جزء لطيف فريد في تفسير قوله تعالى: ]يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39].

* شرحت فيه المحو والإثبات في الأعمال في القضاء والقدر.

* وقد تكلم أعلم الخلق برب العالمين r، فإن كلماته الجوامع، النوافع في هذا الباب، قد كفت، وشفت، وأوضحت، وبينت لما تضمنه القرآن الكريم.

* ثم تلاه أصحابه رضي الله عنهم من بعده على نهجه المستقيم، وطريقه القويم، فجاءت كلماتهم في هذا الباب: كافية، شافية، نافعة.

* ثم سلك آثارهم التابعون لهم بإحسان رحمهم الله، فاقتفوا طريقهم، واهتدوا بهداهم، ومضوا على ما كانوا عليه في هذا الباب.

قلت: والقدر: القضاء، والحكم، وهو: ما يقدره الله تعالى من القضاء، ويحكم به من الأمور. ([46])

قال تعالى:  ]والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء[ [غافر:20].

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص118): (والمراد: أن الله تعالى علم مقادير الأشياء، وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد ما سبق في علمه، أنه يوجد، فكل محدث صادر عن علمه، وقدرته، وإرادته.

* هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية، وعليه كان السلف: من الصحابة، وخيار التابعين، إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة رضي الله عنهم). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج1 ص174): (اعلم أن مذهب أهل الحق: إثبات القدر، ومعناه: أن الله تبارك وتعالى قدر الأشياء في القدم، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى، وعلى صفات مخصوصة، فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى). اهـ

وقال الحافظ الخطابي / في «معالم السنن» (ج4 ص322)؛ عن القدر: (معناه: الإخبار عن تقدم علم الله سبحانه وتعالى بما يكون من أفعال العباد، وأكسابهم، وصدورها عن تقدير منه، وخلق لها: خيرها وشرها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «جامع المسائل» (ج2 ص355): (القضاء والقدر: هو علم الله، وكتابه، وما طابق ذلك من مشيئته، وخلقه، فهو باعتبار الحقيقة الآجلة، فالأعمال بخواتيمها، والمنعم عليهم في الحقيقة: هم الذين يموتون على الإيمان). اهـ

قلت: فأسعد الناس بالصواب في هذا الباب من تلقى ذلك من مشكاة الوحي المبين، ورغب بفطرته وإيمانه عن إيراد المتهوكين، وتشكيكات المتشككين، وتكلفات المتنطعين. ([47])

* وقد وفق الله تعالى أهل الحديث لفهم هذا الباب؛ لاتباعهم ما جاء في الكتاب والسنة، ولاقتفائهم آثار السلف الصالح، إذ لا يمكن فهم هذا الباب فهما صحيحا على وجه التفصيل، إلا كما فهمه سلف هذه الأمة.

قلت: ولما كانت معرفة الصواب في مسائل القضاء والقدر واقعة في مرتبة الحاجة، وفي مرتبة الضرورة للناس، اجتهدت في تحقيق هذه المسألة عن طريق علم الآثار، فجاء هذا الكتاب فردا في معناه، وبديعا في مغزاه.

فالحمد لله على ما أنعم به، وتفضل علي من خدمة الآثار، فأسأل الله تعالى أن يتقبل مني عملي، وأن يرزقني الإخلاص والصدق في القول والعمل.

وصلى الله على محمد، وعلى آله، وعلى أصحابه وسلم.

                                                                      

                                                                                   كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

    

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على أن الله تعالى عنده كتابان، فكتاب: يمحو فيه ما يشاء، ويثبت فيه ما يشاء في الحياة الدنيا على التفصيل بالمشيئة، من أجل، وعمر، ورزق، وعمل، وشقاوة، وسعادة، وغير ذلك من القضاء والقدر، فيتبدل ويتغير ذلك على حسب مشيئة الله تعالى، وكتاب آخر: حوى القضاء والقدر في الجملة، فلا يدخله تبديل، ولا تغيير، وهو اللوح الـمحفوظ المعروف

 

1) قال تعالى: ]يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39].

فقوله تعالى: ]يمحوا الله ما يشاء ويثبت[؛ أي: يمحو من الأحكام وغيرها، ويثبت ما يشاء؛ فما محاه هو المنسوخ، وما أبقاه هو المحكم.

* فالله تعالى ذو إرادة، ومشيئة لا تخضعان لإرادة الناس، ومشيئاتهم، فهو تعالى يمحو ما يشاء من الشرائع، والأحكام بحسب حاجة عباده، ويثبت كذلك ما هو صالح لهم، وما هو نافع لهم في الدنيا والآخرة. ([48])

وقوله تعالى: ]وعنده أم الكتاب[؛ أي: الذي حوى كل المقادير، فلا يدخله تبديل، ولا تغيير، كالموت والحياة، والسعادة والشقاء.

 وهو: أصل الكتاب، وهو اللوح الـمحفوظ الذي لا يبدل، ولا يغير.

فهما كتابان: كتاب سوى كتاب اللوح الـمحفوظ.

فالكتاب الأول: يمحو منه ما يشاء، ويثبت فيه ما يشاء.

أما الكتاب الثاني: وهو أم الكتاب الذي لا يغير منه شيء، وهذا اللوح الـمحفوظ. ([49])

فدلت الآية على أمور:

الأول: أن أعمال البر من التوحيد، وبر الوالدين، واصطناع المعروف، وصلة الأرحام، وغير ذلك، يحول الشقاء سعادة، ويزيد في العمر، ويقي مصارع السوء، وهذا على الله يسير.

الثاني: يمحو من الرزق، ويزيد فيه، ويمحو من الأجل، ويزيد فيه.

الثالث: يمحو ما يشاء من الأجل، ويزيد فيه ما شاء. ([50])

2) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (في قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء[. [الرعد: 39]، من أحد الكتابين، هما كتابان يمحو الله ما يشاء من أحدهما، ويثبت، ]وعنده أم الكتاب[؛ أي: جملة الكتاب).

أثر صحيح

أخرجه الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (ج2 ص349)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (255)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص468 الدر المنثور) من طريق روح بن عبادة، حدثنا حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الحاكم: قد احتج مسلم بحماد، واحتج البخاري بعكرمة، وهو غريب صحيح من حديث سليمان التيمي، ووافقه الذهبي.

وذكره ابن حجر في «اتحاف المهرة» (8475)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص468)

قال الحافظ البيهقي / في «القضاء والقدر» (ص214): (والمعنى في هذا: أن الله تعالى قد كتب ما يصيب عبدا من عباده من البلاء، والحرمان، والموت، وغير ذلك.

وأنه إن دعا الله تعالى، أو أطاعه في صلة الرحم، وغيرها؛ لم يصبه ذلك البلاء، ورزقه كثيرا، وعمره طويلا، وكتب في أم الكتاب ما هو كائن من الأمرين؛ فالمحو، والإثبات، يرجع إلى أحد الكتابين، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما). اهـ

قلت: فالعبد يعمل الزمان بطاعة الله تعالى، ثم يعود لمعصية الله تعالى؛ فيموت على ضلالة، فهو الذي يمحو عنه الطاعة، والذي يثبت له المعصية والعذاب بسبب عدم إخلاصه في الدين.

وكذلك: العبد يعمل بطاعة الله تعالى، وقد كان سبق له خير حتى يموت، وهو في طاعة الله تعالى، فهو الذي يثبت.

قال الحافظ البيهقي / في «القضاء والقدر» (215): (وقد دل بعض ما مضى من السنن: أن الواحد منا قد يعمل زمانا بمعصية الله، ثم يختم له بعمل أهل الجنة.

* ويعمل الآخر زمانا بطاعة الله، ثم يختم له بعمل أهل النار.

* فيرجع كل واحد منهما إلى ما سبق من علم الله تعالى فيهما، فيحتمل أن يكون المحو، والإثبات راجعين إلى عملهما). اهـ

3) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في قوله تعالى: ]وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39]، قال: (وجملة ذلك عنده في أم الكتاب، الناسخ والمنسوخ، وما يبدل، وما يثبت، كل ذلك في كتاب).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص856)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج13 ص523 – فتح الباري)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص481) من طريق عبد الله بن صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص523)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص476).

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص850) من طريق الحجاج قال: حدثنا حماد، عن سليمان التيمي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كتابان: كتاب يمحو منه ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب).

وإسناده صحيح.

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص850) من طريق أبي عامر قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما بمثله.

وإسناده صحيح.

والتفسير الذي: رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهو ما يعرف بصحيفة علي بن أبي طلحة([51])، هو من تدوين ابن عباس، وقد رواه علي بن أبي طلحة عنه بطريق الوجادة.

* فيكون علي بن أبي طلحة قد أخذ هذه الصحيفة، ورواها عن ابن عباس من غير أن يلقاه، أو يسمعها منه، وهذا ما يسمى في علم مصطلح الحديث: بالوجادة.

قال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص292): (ومثال الوجادة أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم يلقه، أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجد بخطه، ولا له من إجازة ولا نحوها، فله أن يقول وجدت بخط فلان، أو قرأت بخط فلان، أو في كتاب فلان بخطه، أخبرنا فلان بن فلان، ويذكر شيوخه، ويسوق سائر الإسناد والمتن). اهـ

وقال الإمام ابن جماعة / في «المنهل الروي» (ص381): (وهو أن يقف على كتاب بخط شخص فيه أحاديث يرويها ذلك الشخص، ولم يسمعها منه الواجد، ولا له منه إجازة، أو نحوها.

فله أن يقول: «وجدت بخط فلان»، أو «قرأت»، وما أشبهه، وعلى هذا العمل، وهو من باب المرسل، ويشوبه شيء من الإتصال بقوله: «وجدت بخط فلان»). ([52]) اهـ

ورواية: علي بن أبي طلحة لهذه الصحيفة عن ابن عباس؛ بواسطة بينهما، فتارة يذكرون أن بينهما مجاهدا، وعكرمة.

فسلسلة الرواية هي: علي بن أبي طلحة عن مجاهد عن ابن عباس أحيانا.

وعلي بن أبي طلحة عن عكرمة عن ابن عباس أحيانا.

* وأحيانا يجعل الواسطة بينهما: مجاهدا، وأحيانا: سعيد بن جبير.

يعني: علي بن أبي طلحة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.

* فما دام عرفنا الواسطة بين علي بن أبي طلحة، وابن عباس، وهم ثقات([53])، فلا يضر الانقطاع بينهما، فيعتبر الإسناد صحيحا. ([54])

وذكر الحافظ المزي / في «تهذيب الكمال» (ج20 ص490)؛ أن بين علي بن أبي طلحة، وابن عباس: مجاهد بن جبر التابعي.

يعني: إنما يروي عن مجاهد عن ابن عباس.

وكذا قال الحافظ العراقي في «تحفة التحصيل» (ص234).

قلت: فإذا عرفت الواسطة؛ فلا تضر الرواية، وهي مرسلة. ([55])

قال الإمام ابن أبي حاتم / في «الجرح والتعديل» (ج1 ص188): (حدثنا عبدالله بن يوسف عن عبدالله بن سالم عن علي بن أبي طلحة عن مجاهد).

قال الحافظ ابن حجر / معلقا بقوله: (بعد أن عرفت الواسطة، وهو ثقة، فلا ضير في ذلك).

وقال الإمام ابن النحاس / في «الناسخ والمنسوخ» (ج1 ص13): (والذي يطعن في إسناده يقول: إن ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس التفسير، وإنما أخذ عن مجاهد، وعكرمة... وهذا القول لا يوجب طعنا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين، وهو في نفسه صدوق). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج7 ص298): (روى عن ابن عباس، ولم يسمع منه، بينهما مجاهد). اهـ

وقال الإمام السيوطي / في «الدر المنثور» (ج6 ص423): (ومن طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وعلي صدوق، ولم يلق ابن عباس، لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري، وأبو حاتم، وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة). اهـ

والخلاصة: أن علي بن أبي طلحة لم يسمع التفسير عن ابن عباس مباشرة، ولكن هناك وسائط بينهما، مثل: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وهم من تلاميذ ابن عباس الموثوق بهم. ([56])

* فهذه الصحيفة هي أجود الطرق عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وعن الإمام أحمد / قال: (بمصر كتاب التأويل([57]) عن معاوية بن صالح، لو أن رجلا رحل إلى مصر: فكتبه ثم انصرف به، ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلا). ([58])

قلت: فنقل الإمام أحمد / أن بمصر صحيفة في التفسير: رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا. ([59])

* وهذا يدل أن الإمام أحمد / يرى صحة كتاب علي بن أبي طلحة في التفسير عن ابن عباس، وهو الصواب.

* وهذا التفسير([60]) من أقدم الروايات التي دونت عن ابن عباس رضي الله عنهما.

* وقد اعتمد هذا التفسير عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإمام البخاري في «صحيحه» ([61]) (ج8 ص206 و255 و295 و348)، والإمام ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص49)، و(ج2 ص230)، و(ج4 ص370)،والإمام الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص98 و207 و234)، والإمام ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص289 و290)، والإمام ابن عطية في «المحرر الوجيز» (ج1 ص148)، والإمام السيوطي في «الإتقان في علوم القرآن» (ج1 ص115)، وغيرهم من علماء التفسير.

قال الإمام الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص134): (روى معاوية بن صالح عنه [يعني: علي بن أبي طلحة] عن ابن عباس تفسيرا كبيرا ممتعا). اهـ

وقال الإمام ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج1 ص148): (ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى: عدول كل خلف، وألف الناس فيه، كعبدالرزاق، والمفضل، وعلي بن أبي طلحة، والبخاري، وغيرهم). اهـ

* وقد روى الإمام مسلم، لعلي بن أبي طلحة في «صحيحه» (ج10 ص12)، في كتاب «النكاح».

وأخذ معاوية بن صالح الحضرمي: هذه الصحيفة عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.

وعبدالله بن صالح المصري، كاتب الإمام الليث بن سعد، وكان صاحب حديث وعلم.

روى عن معاوية بن صالح: هذه الصحيفة، وأصبح واحدا ممن يملكون حق رواية هذه الصحيفة عن طريق الكتاب، وهذا الكتاب صحيح.

قال الحافظ ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج7 ص299): (ونقل البخاري من تفسيره رواية: معاوية عنه([62]) عن ابن عباس شيئا كثيرا في التراجم وغيرها). اهـ

* وقد استفاد من هذه الصحيفة: الإمام أبو حاتم الرازي، فروى عن عبدالله بن صالح كثيرا منها، ورواها عنه ابنه: عبدالرحمن بن أبي حاتم في «تفسير القرآن».

وهناك كثير من العلماء: استفادوا من هذه: «الصحيفة»، فنقلوا منها.

* وإن تفاوت حظهم في هذا النقل بين مقل ومكثر؛ منهم: الإمام ابن النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ج1 ص5 و13 و16 و19)، وفي «القطع والائتناف» (ص90 و95 و199)، والإمام البيهقي في «الأسماء والصفات» (ص311 و343 و355)، والإمام البغوي في «معالم التنزيل» (ج2 ص186)، والإمام البلاذري في «أنساب الأشراف» (ج1 ص127 و177)، والإمام الآجري في «الشريعة» (ص6 و102 و449)، وغيرهم من علماء التفسير.

قلت: فنستطيع أن نستخلص من هذا كله: أن تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، الذي رواه علي بن أبي طلحة: هو من التفاسير القديمة المدونة لجامع آيات القرآن، وهو مرتب على وفق ترتيب المصحف، وهو كتاب صحيح في التفسير بالمأثور. ([63])

* لذلك لا يمنع من قبول هذا التفسير ونقله، والاحتجاج به في الدين.

قال الإمام السيوطي / في «الإتقان» (ج1 ص151): (وأولى ما يرجع إليه في ذلك ما ثبت عن ابن عباس، وأصحابه الآخذين عنه؛ فإنه ورد عنهم ما يستوعب تفسير غريب القرآن بالأسانيد الثابتة الصحيحة.

* وها أنا أسوق هنا ما ورد من ذلك: عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة خاصة؛ فإنها من أصح الطرق عنه وعليها اعتمد البخاري في «صحيحه» مرتبا على السور). اهـ

فرواية: عبدالله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، هي من أجود الطرق، وأصحها عن ابن عباس، وهي صحيفة صحيحة.

 

قلت: فينسخ الله ما يشاء، ويصنع من الأفعال ما يشاء، وإن شاء زاد فيها، وإن شاء نقص منها.

قال تعالى: ]إن الله يفعل ما يشاء[ [الحج: 18].

وقال تعالى: ] ولكن الله يفعل ما يريد[ [البقرة: 253].

تنبيه:

ولم يثبت أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: (أن الله يمحو ما يشاء إلا الحياة والموت، والشقاء والسعادة).

أثر ضعيف

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (20459)، و(20460)، و(20461)، و(20462)، و(20463)، و(20464)، وعبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص338)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص155).

وإسناده ضعيف؛ فيه محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ. ([64])

4) وعن عكرمة / قال: في قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39]؛ قال: (الكتاب: كتابان؛ كتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب). وفي رواية: (وعنده الأصل أم الكتاب).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص850) من طريق عمرو بن علي، قال: حدثنا سهل بن يوسف، قال: حدثنا سليمان التيمي، عن عكرمة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص477).

وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص850)، وعبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص338) من طريق محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن عكرمة / قال: (الكتاب كتابان: يمحو الله ما يشاء ويثبت، وعنده أم الكتاب).

وإسناده صحيح.      

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج6 ص856): (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: وعنده أصل الكتاب وجملته، وذلك أنه تعالى ذكره أخبر أنه يمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، ثم عقب ذلك بقوله: ]وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39]؛ فكان بينا أن معناه: وعنده أصل المثبت منه، والممحو، وجملته في كتاب لديه). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج8 ص165): (ومعنى هذه الأقوال: أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها، ويثبت منها ما يشاء). اهـ

قلت: يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجلا مثبتا في كتاب، فإذا أراد الله تعالى النقص في أجلهم بسبب فسادهم، وحان هلاكهم، أو هلاك أموالهم، قضى الله ذلك فيهم، فانقطعوا، وانقطع رزقهم؛ فذلك محوه أيضا.

قلت: ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه وأكله، فيتركه على ما هو عليه، فلا يمحوه في كتاب إلى أجل.

قال تعالى: ]وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب * يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 38 و39].

فقوله تعالى: ]لكل أجل كتاب[؛ أي: لكل مدة كتاب كتبت فيه المدة المحددة، فلكل وقت محدد يعطي الله تعالى فيه، أو يمنع، كتاب كتب فيه ذلك الأجل وعين.

وقال ابن عطية المفسر / في «المحرر الوجيز» (ج10 ص49): (والذي يتخلص من مشكلها: أن نعتقد أن الأشياء التي قدرها الله تعالى في الأزل، وعلمها بحال ما لا يصح فيها محو، ولا تبديل، وهي التي كتبت في أم الكتاب، وسبق بها القضاء.

* وأما الأشياء التي قد أخبر الله تعالى أنه يبدل فيها، وينقل، كعفو الذنوب بعد تقريرها، وكنسخ آية بعد تلاوتها، واستقرار حكمها، ففيها يقع المحو، والتثبيت فيما يقيده الحفظة ونحو ذلك.

* وأما إذا رد الأمر للقضاء والقدر فقد محا الله ما محا وثبت ما ثبت.

* وجاءت العبارة مستقلة بمجيء الحوادث، وهذه الأمور فيما يستأنف من الزمان؛ فينتظر البشر ما يمحو، أو ما يثبت، وبحسب ذلك خوفهم، ورجاؤهم، ودعاؤهم). اهـ

قلت: فالمحو والإثبات، هذا عام في كل ما أراد الله تعالى محوه، أو إثباته من رزق، وأجل، وسعادة، وشقاوة، وغير ذلك، ولا يخصص في أمر من الأمور؛ كما ذهب إليه بعض المتأخرين.

وقال ابن عطية المفسر / في «المحرر الوجيز» (ج10 ص49): (وهذا التخصيص في الآجال أو غيرها لا معنى له.

* وإنما يحسن من الأقوال هنا ما كان عاما في جميع الأشياء، فمن ذلك أن يكون معنى الآية: أن الله تعالى يغير الأمور على أحوالها، أعني: ما من شأنه أن يغير- على ما قدمناه-؛ فيمحوه من تلك الحالة، ويثبته في التي نقله إليها). اهـ

وقال ابن عطية المفسر / في «المحرر الوجيز» (ج10 ص50): (وقالت فرقة معناه: يمحو كل ما يشاء، ويثبت كل ما أراد). اهـ

وهو الصواب.

وهذا الذي أجمع عليه صحابة رسول الله r، كما هو ظاهر.([65])

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج6 ص850): (وقال آخرون: معنى ذلك: أن الله يمحو ما يشاء، ويثبت من كتاب سوى أم الكتاب الذي لا يغير منه شيء). اهـ

وقال الواحدي المفسر / في «الوسيط» (ج3 ص19): (قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء[ [الرعد: 39]، ذهب قوم إلى أن هذا عام في كل شيء، كما يقتضيه ظاهر اللفظ، وقالوا: إن الله يمحو من الرزق ويزيد فيه، ومن الأجل، ويمحو السعادة والشقاوة، وهو مذهب([66]) عمر، وابن مسعود، وأبي وائل، وقتادة، والضحاك، وابن جريج، قالوا: أم الكتاب عند الله، يمحو الله ما يشاء منه ويثبت). اهـ

وقال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج6 ص850): (وقال آخرون: بل معنى ذلك أنه يمحو كل ما يشاء، ويثبت كل ما أراد). اهـ

وقال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج4 ص324): (قوله تعالى: ]لكل أجل كتاب[، يقول: لكل أمر قضاه الله كتاب قد كتبه فيه، ووقت يقع فيه، وقيل: لكل آجل أجله الله تعالى كتاب أثبت فيه). اهـ

قلت: فيمحو الله تعالى ما يشاء، ويثبت ما يشاء.

قال تعالى: ]والله يحكم لا معقب لحكمه[ [الرعد: 41].

قلت: لا راد لقضائه، ولا ناقض لحكمه. ([67])

وقال ابن عطية المفسر / في «المحرر الوجيز» (ج10 ص51): (وأصوب ما يفسر به: ]أم الكتاب[؛ أنه كتاب الأمور المجزومة التي قد سبق القضاء فيها بما هو كائن، وسبق ألا تبدل، ويبقى المحو، والتثبيت في الأمور التي سبق في القضاء أن تبدل، وتمحى وتثبت). اهـ

وقال مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص383)؛ في قوله تعالى ]وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39]: (يعني: أصل الكتاب، يقول: الناسخ من الكتاب، والمنسوخ: فهو في أم الكتاب، يعني بأم الكتاب: وهو اللوح الـمحفوظ).اهـ

5) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن الحذر لا يغني من القدر، وإن الدعاء يدفع القدر، وهو إذا دفع القدر فهو من القدر).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «القضاء والقدر» (253)، والآجري في «الشريعة» (ص213) من طريق شجاع بن الوليد: حدثنا أبو سلمة عمرو بن الجون الدالاني عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده حسن.

6) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لا ينفع الحذر من القدر، ولكن الله تعالى يمحو بالدعاء ما شاء من القدر).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «القضاء والقدر» (254)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص62)، والفريابي في «القدر» (307)، والآجري في «الشريعة» (ص196) من طريق وكيع، وإسحاق بن سليمان الرازي عن حنظلة عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.

وذكره ابن حجر في «اتحاف المهرة» (7849).

قلت: محو الله تعالى بالدعاء ما شاء من القدر.

وعن عاصم بن بهدلة القارئ / قال: (كان أصحابنا([68]) يقولون: إن الله عز وجل يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص689) من طريق حجاج بن منهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا عاصم ابن بهدلة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

7) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء[ [الرعد: 39]، يقول: (يبدل الله ما يشاء من القرآن؛ فينسخه، ]ويثبت[، يقول: ويثبت ما يشاء، ولا يبدله: ]وعنده أم الكتاب[، يقول: جملة ذلك عنده في أم الكتاب الناسخ والمنسوخ، وما يبدل، وما يثبت كل ذلك في كتاب).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «القضاء والقدر» (260)، وفي «الأسماء والصفات» (ج2 ص444)، والطبري في «جامع البيان» (ج13 ص113) من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج2 ص520)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص83).

8) وعن قتادة / قال: (في قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء ويثبت[ [الرعد: 39]، هي: مثل قوله تعالى: ]ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها[ [البقرة: 106]، وقوله تعالى: ]وعنده أم الكتاب[؛ أي: جملة الكتاب وأصله).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص853 و856) من طريق بشر قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص476)

9) وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء ويثبت[ [الرعد: 39]، قال: ما يشاء، وهو الحكيم، وعنده أم الكتاب وأصله ).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص853 و856) من طريق محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.                                                       

قلت: فيكون المحو والإثبات يرجعان إلى عمل العبد.

فهذا أصح ما قيل في تأويل هذه الآية، وأجراه على الأصول.

قال تعالى: ]ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها[ [البقرة: 106].

وقال تعالى: ]والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون[ [البقرة: 221].

وقال تعالى: ]أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه[ [الزمر: 22].

وقال تعالى: ]إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون[ [الأنبياء: 101].

وقال تعالى: ]كذلك نفعل بالمجرمين[ [المرسلات: 18].

وقال تعالى: ]فمنهم شقي وسعيد[ [هود: 105].

وقال تعالى: ]فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة[ [الأعراف: 30].

وقال تعالى: ]إن المجرمين في ضلال وسعر * يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر[ [القمر: 47 و48].

وقال تعالى: ]فريق في الجنة وفريق في السعير[ [الشورى: 7].

وقال تعالى: ]كذلك سلكناه في قلوب المجرمين[ [الشعراء: 200].

وقال تعالى: ]من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون[ [الأعراف: 186].

وقال تعالى: ]أتريدون أن تهدوا من أضل الله[ [النساء: 88].

وقال تعالى: ]على قلوب أقفالها[ [محمد: 24].

وقال تعالى: ]كلا إن كتاب الفجار لفي سجين[ [المطففين: 7].

وقال تعالى: ]كتاب الأبرار لفي عليين[ [المطففين: 18].

وقال تعالى: ]وحيل بينهم وبين ما يشتهون[ [سبأ: 54].

وقال تعالى: ]فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى  [الليل: 5-10].

وقال تعالى: ]وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم[ [الزخرف: 4].

وقال تعالى: ]ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها[ [الحديد: 22].

10) وعن السائب بن مهجان، من أهل الشام من أهل إيلياء، وكان قد أدرك أصحاب رسول الله r في حديث ذكره، قال: (لما دخل عمر t الشام، حمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر ثم قال: إن رسول الله r قام فينا خطيبا كقيامي فيكم فأمر بتقوى الله وصلة الرحم وصلاح ذات البين وقال: عليكم بالجماعة؛ فإن يد الله على الجماعة، وإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما، ومن ساءته سيئته، وسرته حسنته فهو أمارة المسلم المؤمن، وأمارة المنافق الذي لا تسوءه سيئته ولا تسره حسنته، إن عمل خيرا لم يرج من الله في ذلك ثوابا، وإن عمل شرا لم يخف من الله في ذلك الشر عقوبة، وأجملوا في طلب الدنيا فإن الله قد تكفل بأرزاقكم، وكل ميسر له عمله الذي كان عاملا، استعينوا بالله على أعمالكم؛ فإنه يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب).

حديث حسن

أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج13 ص426)، وفي «القضاء والقدر» (232)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج20 ص102 و103) من طريق عباس الدوري، حدثنا هارون بن معروف، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثني سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، عن السائب بن مهجان الشامي -وكان قد أدرك الصحابة- قال: فذكره.

قلت: وهذا سنده حسن.

قال البيهقي: هذه خطبة عمر بن الخطاب على أهل الشام، أثرها عن رسول الله r.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص472).

11) وعن أبي عثمان النهدي: (أن عمر بن الخطاب t قال وهو يطوف بالبيت: اللهم، إن كنت كتبت علي شقوة، أو ذنبا فامحه؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادة ومغفرة).

وفي رواية: (اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبت علي الذنب والشقوة فامحني وأثبتني في أهل السعادة؛ فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب)

أثر حسن

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص851)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص614)، و(ج2 ص197)، والبغوي في «معالم التنزيل» تعليقا (ج4 ص324)، والبيهقي في «القضاء والقدر» معلقا (ص216) من طريق حماد بن سلمة، وهشام الدستوائي، وسليمان التيمي، وقرة بن خالد، عن أبي حكيمة قال: سمعت أبا عثمان النهدي، قال: سمعت عمر بن الخطاب t وهو يطوف بالكعبة، وذكره.

قلت: وهذا سنده حسن، من أجل أبي حكيمة عصمة العبدي محله الصدق، وبقية رجاله ثقات، وقد صححه البيهقي في «القضاء والقدر» (217).

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص38)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج4 ص390).

وقال الحافظ البيهقي / في «القضاء والقدر» (ص216): (هكذا رواه حماد بن سلمة عن أبي حكيمة وسمعناه. ورواه هشام الدستوائي، عن أبي حكيمة مختصرا، وقال: «فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب»). اهـ

قلت: ومعناه: اللهم إن كنت كتبتني أعمل عمل الأشقياء، فامح ذلك عني بإثبات عمل السعداء، واجعل خاتمة أمري سعيدا موفقا للخير، فإنك قلت في كتابك: ]يمحو الله ما يشاء[؛ أي: من عمل الأشقياء، و]يثبت[؛ أي: من عمل السعداء، فيبدل ما يشاء من حال إلى حال.

قال الحافظ البيهقي / في «القضاء والقدر» (ص216): (فمعناه يرجع إلى ما ذكرنا من محو العمل والحال، وتقدير قوله: اللهم إن كنت كتبتني أعمل عمل الأشقياء، وحالي حال الفقراء برهة من دهري فامح ذلك عني بإثبات عمل السعداء، وحال الأغنياء، واجعل خاتمة أمري سعيدا موفقا للخير، فإنك قلت في كتابك: ]يمحو الله ما يشاء[؛ أي: من عمل الأشقياء، و]يثبت[؛ أي: من عمل السعداء، ويبدل ما يشاء من حال الفقر، ويثبت ما يشاء من حال الغنى، ثم المحو والإثبات جميعا مسطوران في أم الكتاب). اهـ

12) وعن عبدالله بن مسعود t، أنه كان يقول: (اللهم إن كنت كتبتني في أهل الشقاء فامحني، وأثبتني في أهل السعادة، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب).

أثر حسن لغيره

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص851)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8847) من طريق الحجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن ابن مسعود t به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد والمتابعات.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص475)، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص185).

وتابع: أبا قلابة عبدالله بن عكيم عن عبدالله بن مسعود t به.

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص852) من طريق شريك، عن هلال بن حميد، عن عبد الله بن عكيم به.

قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات.

وتابعه القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود t قال: (إن كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا، فامح عني اسم الشقاء، وأثبتني عندك سعيدا موفقا للخير، فإنك تقول في كتابك ]يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39]).

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص331 و332) من طريق أبي معاوية، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن به.

وإسناده حسن في المتابعات.

قال الحافظ البغوي / في «معالم التنزيل» (ج4 ص324): (وعن عمر، وابن مسعود رضي الله عنهما، أنهما قالا: يمحو السعادة والشقاوة أيضا، ويمحو الرزق والأجل، ويثبت ما يشاء). اهـ

13) وعن شقيق أبي وائل /، أنه كان يقول: (اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء، فامحنا واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب). وفي رواية: (كان مما يكثر أن يدعو بهؤلاء الكلمات: اللهم إن كنت كتبتنا أشقياء فامحنا واكتبنا سعداء، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب).

أثر صحيح

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص850 و851) من طريق وكيع، وعثام، عن الأعمش، عن شقيق به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وهذه الآثار عن السلف تعرب عن مجال تغيير المصير بالأعمال الصالحة والطالحة، ومنها: الدعاء والسؤال.

* وأنه ليس كل تقدير حتميا لا يغير، ولا يبدل، وأنه لله تعالى لوحان: لوح المحو، والإثبات، ولوح: أم الكتاب، والذي لايتطرق التغيير إليه هو الثاني دون الأول. ([69])

قال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج5 ص329): (فتكون الآية عامة في جميع الأشياء، وهو الأظهر). اهـ

قلت: فيجب أن يتوقف عند هذا القول؛ لأنه ثبت بالتوقيف.

فالآية عامة في كل شيء؛ فإن الله يمحو من الرزق ويزيد فيه، وكذا القول في الأجل، والسعادة، والشقاوة، والإيمان، والكفر. ([70])

قال العلامة صديق حسن خان / في «فتح البيان» (ج5 ص171): (وظاهر النظم القرآني العموم في كل شيء مما في الكتاب، فيمحو ما يشاء محوه من شقاوة، أو سعادة، أو رزق، أو عمر، أو خير، أو شر، ويبدل هذا بهذا، ويجعل هذا مكان هذا؛ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون). اهـ

وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج9 ص372): (تمسك جماعة بظاهر: قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء ويثبت[ [الرعد: 39]، فقالوا: إنها عامة في كل شيء كما يقتضيه ظاهر اللفظ، قالوا: يمحو الله من الرزق ويزيد فيه؛ وكذا القول في الأجل، والسعادة، والشقاوة، والإيمان، والكفر). اهـ

قلت: فإذا أردت أخي المسلم أن يمحو الله تعالى سيئاتك، ويجعلها حسنات، فعليك بالدعاء الصحيح، والعلم النافع، والعمل الصالح، فاسع في العمل والتطبيق.

فقل: إن كنت كتبتني في أم الكتاب شقيا، فامح عني اسم الشقاء، وأثبتني عندك سعيدا، وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروما مقترا علي رزقي فامح حرماني، ويسر رزقي، وأثبتني عندك سعيدا موفقا للخير؛ فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت: ]يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب [ [الرعد: 39].

وقل: اللهم إن كنت كتبتني في السعداء، فأثبتني في السعداء، وإن كنت كتبتني في الأشقياء، فامحني من الأشقياء، وأثبتني في السعداء، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت، وعندك أم الكتاب.

وقل: اللهم إن كنت كتبت علي شقوة، أو ذنبا فامحه، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، فاجعله سعادة ومغفرة.

فادع الله تعالى، وقل: اللهم إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه منهم، واجعله في السعداء.

حتى كان مجاهد بن جبر / عندما سئل عن هذا الدعاء ابتداء، قال: (حسن). ([71])

قال تعالى: ]ومن يتق الله يجعل له مخرجا[ [الطلاق:2].

وقال تعالى: ]قد جعل الله لكل شيء قدرا[ [الطلاق:3].

وقال تعالى: ]وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم[ [الحجر: 21].

قلت: فمعاني المحو، والإثبات المذكورة في الآية هي: أنه عام في كل ما أراد الله محوه، أو إثباته: من رزق وأجل، وسعادة وشقاوة، ويمحو المنسوخ، ويثبت الناسخ، ويغفر ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره، ويمحو ما يشاء بالتوبة، ويثبت مكانها حسنات، ويهلك ما يشاء من الخلق، والأموال، وغير ذلك.

وهذا الذي أجمع عليه الصحابة([72])، والتابعون([73]).

وخالف في ذلك مجاهد بن جبر / في رواية([74])؛ فقال: في قوله تعالى: ]يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[ [الرعد: 39]، قال: (إلا الحياة والموت، والسعادة والشقاوة، فإنهما لا يتغيران). ([75])

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص849) من طريق سفيان، ومعاذ بن عقبة، عن منصور، عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص474).

قلت: ألستم قوما عربا، هل تكون النسخة إلا من كتاب.

قال تعالى: ]هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون[ [الجاثية: 29].

قلت: والدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء؛ لأنه:

1) لا يرد القدر إلا الدعاء.

2) ولا يزيد في العمر إلا البر.

3) وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. ([76])

وقال تعالى: ]لا يسأل عما يفعل وهم يسألون[ [الأنبياء: 33] .

14) وعن أنس بن مالك t، أن رسول الله r قال: (من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره([77])؛ فليصل رحمه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (2985)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1982)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (251)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص132)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص18)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص247) من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك t به.

وبوب عليه الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ج10 ص415)؛ باب: من بسط له في الرزق بصلة الرحم.

15) وعن أم سليم رضي الله عنها قالت: يا رسول الله r، خادمك أنس: ادع الله له، فقال: (اللهم أكثر ماله، وولده، وبارك له فيما أعطيته). ([78])

قال أنس t: (فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي، وولد ولدي ليتعادون على نحو المائة اليوم).

قلت: وهذا يدل على أن الله تعالى يزيد في المال، والولد بعدما كان هذه الأرزاق ناقصة في حد بمشيئته سبحانه.

* فأبدل الله تعالى هذه الأرزاق من حال إلى حال، فهذه بمشيئته، وهذه بمشيئته: ]يمحو الله ما يشاء ويثبت[ [الرعد: 39].

16) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره، فليصل رحمه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (5985) من طريق محمد بن معن، قال: حدثني أبي، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة t به.

قلت: فمن سره أن يمد الله تعالى في عمره، ويوسع له رزقه، ويدفع عنه السوء؛ فليتق الله تعالى، وليصل رحمه. ([79])

قال تعالى: ]وكان أمر الله قدرا مقدورا[  [الأحزاب: 38] .

17) وعن عمرو بن ميمون قال: سمعت عمر t لما طعن قال:  ]وكان أمر الله قدرا مقدورا[ [الأحزاب: 38].

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «القضاء والقدر» (375)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (892) من طريق شعبة، عن سليمان بن أبي المغيرة، عن عمرو بن ميمون به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: وهذا ليس من الفرار من قدر الله، أو عدم الإيمان بالقدر الذي قدره الله تعالى في اللوح الـمحفوظ، بل هذا فرار من قدر الله تعالى إلى قدر الله تعالى، فهذا في كتاب الله تعالى، وهذا في كتاب الله تعالى، أي: فهذا ثبته بقدر، وهذا محاه بقدر: ]كل من عند ربنا[ [آل عمران: 7].

قال تعالى: ]قد جعل الله لكل شيء قدرا[ [الطلاق: 3] .

18) وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (أن عمر بن الخطاب t، خرج إلى الشأم، حتى إذا كان بسرغ([80]) لقيه أمراء الأجناد -أبوعبيدة بن الجراح وأصحابه- فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشأم. وساق الحديث في استشارته إياهم واختلافهم عليه، إلى أن قال: فنادى عمر t في الناس: إني مصبح([81]) على ظهر([82]) فأصبحوا عليه. فقال أبوعبيدة بن الجراح t: أفرارا من قدر الله؟ قال عمر t: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان، إحداهما خصبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف t - وكان متغيبا في بعض حاجته - فقال: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله r يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. قال: فحمد الله عمر، ثم انصرف).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (7529)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1740)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص894)، وأبو داود في «سننه» (3103)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (267) من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: ويدخل في القدر الذي يمحى بقدر، ما في كتب الملائكة، فهذا هو الذي يقع فيه أيضا المحو والإثبات، وهذا يسمى بالقدر المعلق، أو المقيد. ([83])

قال العلامة الشيخ السعدي /في «تيسير الكريم الرحمن» (ج4 ص116): (قوله تعالى: ]وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله[، والله لا يأذن فيها إلا في وقتها الذي قدره وقضاه.

وقوله تعالى: ]لكل أجل كتاب[، لا يتقدم عليه، ولا يتأخر عنه.

* فليس استعجالهم بالآيات أو بالعذاب موجبا؛ لأن الله يقدم ما كتب أنه يؤخر مع أنه تعالى فعال لما يريد.

وقوله تعالى: ]يمحوا الله ما يشاء[؛ من الأقدار ]ويثبت[؛ ما يشاء منها، وهذا المحو والتغيير في غير ما سبق به علمه، وكتبه قلمه، فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير؛ لأن ذلك محال على الله، أن يقع في علمه نقص، أو خلل، ولهذا قال: ]وعنده أم الكتاب[؛ أي: اللوح المحفوظ الذي ترجع إليه سائر الأشياء، فهو أصلها، وهي فروع وشعب.

* فالتغيير والتبديل يقع في الفروع والشعب، كأعمال اليوم والليلة التي تكتبها الملائكة، ويجعل الله لثبوتها أسبابا، ولمحوها أسبابا، لا تتعدى تلك الأسباب، ما رسم في اللوح المحفوظ.

* كما جعل الله البر، والصلة، والإحسان، من أسباب طول العمر، وسعة الرزق.

* وكما جعل المعاصي سببا لمحق بركة الرزق والعمر.

* وكما جعل أسباب النجاة من المهالك والمعاطب سببا للسلامة.

* وجعل التعرض لذلك سببا للعطب.

* فهو الذي يدبر الأمور بحسب قدرته وإرادته.

* وما يدبره منها لا يخالف ما قد علمه وكتبه في اللوح المحفوظ). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج8 ص517): (والأجل أجلان: أجل مطلق يعلمه الله، وأجل مقيد، وبهذا يتبين معنى قوله r: «من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه»؛ فإن الله أمر الملك أن يكتب له أجلا وقال: «إن وصل رحمه زدته كذا وكذا»، والملك لا يعلم أيزداد أم لا، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر، فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج8 ص540) عندما سئل عن الرزق: هل يزيد وينقص؟، فقال: (الرزق نوعان: أحدهما: ما علمه الله أنه يرزقه فهذا لا يتغير، والثاني: ما كتبه، وأعلم به الملائكة([84])، فهذا يزيد وينقص بحسب الأسباب). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج8 ص 540 و541): (والأسباب التي يحصل بها الرزق هي من جملة ما قدره الله وكتبه، فإن كان قد تقدم بأنه يرزق العبد بسعيه، واكتسابه، ألهمه السعي، والاكتساب، وذلك الذي قدره له بالاكتساب لا يحصل بدون الاكتساب، وما قدره له بغير اكتساب؛ كموت موروثه يأتيه به بغير اكتساب). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج10 ص430): (كأن يقال للملك -مثلا- إن عمر فلان مائة -مثلا- إن وصل رحمه، وستون إن قطعها، وقد سبق في علم الله أنه يصل، أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر، والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص، وإليه الإشارة بقوله تعالى ]يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب[؛ فالمحو، والإثبات بالنسبة لما في علم الملك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى، فلا محو فيه البتة، ويقال له: القضاء المبرم([85])، ويقال للأول: القضاء المعلق). اهـ

قلت: فتكتب الملائكة كل ما يتلفظ به الإنسان، ثم يثبت الله من ذلك ماله، وما عليه، ويمحو ما عدا ذلك.

19) وعن عبد الله بن مسعود t قال: قالت أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها: (اللهم متعني بزوجي رسول الله r، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية، قال: فقال لها رسول الله r: سألت الله لآجال مضروبة، وآثار مبلوغة، وأرزاق مقسومة، لا يعجل شيئا منها قبل حله، ولا يؤخر منها شيئا بعد حله، فلو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، ومن عذاب في القبر لكان خيرا لك وأفضل).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2051)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (ص207)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (1254)، و(29749)، وابن أبي عاصم في «السنة» (262)،والفريابي في «القدر» (147) من طريق سفيان الثوري، ومسعر، عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبد الله اليشكري، عن معرور بن سويد، عن عبد الله بن مسعود t به.

قلت: ولا ينافي هذا ما بيناه فيما سبق، فتنبه.

20) وعن الحسن البصري / قال: (من كذب بالقدر؛ كذب بالقرآن).

أثر صحيح

أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص119)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص682)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص276 و277)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (934)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص44)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (427) من طريق معمر، وعاصم الأحول، عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج2 ص326).

قال تعالى: ]واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون[ [الأنفال: 24] .

معنى الآية؛ أن الله تعالى يحض على المراقبة له تعالى، والخوف منه؛ لأن الله تعالى هو المطلع على القلوب، والضمائر في الصدور.

ففي الآية: تحذير من ترك الاستجابة بالقلب، وإن استجاب بالجوارح، فلا تنفع الاستجابة بها دون الاستجابة بالقلب. ([86])

* فليحذر العبد أن يضمر شيئا في قلبه يخالف الكتاب والسنة؛ فإن الله تعالى يحول بينه وبين الدين الصحيح([87]):]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32] .

21) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في قوله تعالى: ]يحول بين المرء وقلبه[ [الأنفال: 24]، قال: (يحول بين المؤمن، وبين الكفر ومعاصي الله، ويحول بين الكافر، وبين الإيمان، وطاعة الله). ([88])

قلت: فيحول بين الكافر ، وبين أن يعي شيئا من الخير، أو يعمله، أو يهتدي له، أو يوفق فيه.

* وكذلك يحول بين المبتدع، وبين أن يعي شيئا من الخير، أو يعمله، أو يهتدي له، أو يوفق فيه([89]).

22) وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]يحول بين المرء وقلبه[ [الأنفال: 24]؛ قال: (يحول بين الكافر، وقلبه حتى يتركه لا يعقل) ([90])؛ يعني: يضله.

23) وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]يحول بين المرء وقلبه[ [الأنفال: 24]؛ قال: (يحول بين المرء المؤمن وبين الكفر([91])، ويحول بين الكافر والإيمان). ([92])

قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج11 ص112): (أن الحول بين الشيء والشيء، إنما هو الحجز بينهما، وإذا حجز تعالى بين عبد، وقلبه في شيء أن يدركه أو يفهمه، لم يكن للعبد إلى إدراك ما قد منع الله قلبه إدراكه سبيل). ([93]) اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص90): (الاستجابة أصلها بالقلب، فلا تنفع الاستجابة بالبدن دون القلب؛ فإن الله تعالى يحول بين العبد وبين قلبه، فيعلم هل استجاب له قلبه، وهل أضمر ذلك، أو أضمر خلافه... أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة، وأبطأتم عنها، فلا تأمنوا أن الله يحول بينكم، وبين قلوبكم، فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة؛ عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق، واستبانته؛ فيكون كقوله تعالى: ]ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة[ [الأنعام: 110]، وقوله تعالى: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم[ [الصف: 5]، وقوله تعالى: ]فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل[ [الأعراف: 101]، ففي الآية: تحذير من ترك الاستجابة بالقلب، وإن استجاب بالجوارح). اهـ

قلت: فبادروا بالطاعات؛ فإن فيها الحياة الحقيقية على وجه الأرض.

وقال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص87): (الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله تعالى، ورسوله r، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة، فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية، مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات.

* فالحياة الحقيقية الطيبة هي: حياة من استجاب لله تعالى، والرسول r ظاهرا وباطنا، فهؤلاء هم الأحياء، وإن ماتوا، وغيرهم أموات، وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول r، فإن كان ما دعا إليه ففيه الحياة.

* فمن فاته جزء منه، فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول r). اهـ

24) وعن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود t قال: حدثنا رسول الله r وهو الصادق المصدوق([94])، قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع([95])، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص1174 و1175 و1212)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص228)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص228)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص1446)، والنسائي في «السنن الكبرى» (266)، وابن ماجة في «سننه» (ج4 ص446)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص382)، وابن الغطريف في «جزء حديثه» (ص120)، ودانيال في «مشيخته» (ق/80/ط)، والجرجاني في «أحاديث منتخبة من حديثه» (ق/130/ط)، وابن هزارمرد في «مجلس من أماليه» (ق/173/ط)، والحنائي في «الحنائيات» (ق/123/ط)، والفريابي في «القدر» (124)، و(125)، و(126)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (77)، و(80)، و(81)، و(82)، وابن وهب في «القدر» (37)، و(39)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3870) من طرق عن الأعمش عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود t به.

25) وعن أبي عبد الرحمن، عن علي بن أبي طالب t، قال: (كنا في جنازة في بقيع الغرقد([96])، فأتانا رسول الله r، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة([97]) فنكس([98]) فجعل ينكت([99]) بمخصرته، ثم قال r: ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار، وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة. قال: فقال رجل: يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا([100])، وندع العمل؟ فقال r: من كان من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة. فقال r: اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: ]فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى، وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى[ [الليل: 6]).

وفي رواية: (ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار» قالوا: يا رسول الله فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال r: لا، اعملوا، فكل ميسر لما خلق له. ثم قرأ: ]فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى[، إلى قوله ]فسنيسره للعسرى[).

وفي رواية: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل؟ قال r: لا، اعملوا، ولا تتكلوا، فكل ميسر لما خلق له).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1362)، و(4948)، ومسلم في «صحيحه» (2647)، وأبو داود في «سننه» (4694)، والنسائي في «السنن الكبرى» (11614)، والفريابي في «القدر» (39)، و(40)، و(41)، و(42)، والآجري في «الشريعة» (328)، واللالكائي في «الاعتقاد» (930)، والدولابي في «الأسماء والكنى» (1484)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبيr» (435)، وابن ماجة في «سننه» (78)، والبزار في «المسند» (588)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص56)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (32)، و(33)، و(34) من طريق أبي عبدالرحمن السلمي، وعبدالله بن حبيب عن علي بن أبي طالب t به.

* فقالوا أفلا نتكل على كتابنا، وندع العمل؛ يعني: فمن كان منهم من أهل السعادة، فسيصير إلى عمل أهل السعادة.

* ومن كان منهم من أهل الشقاوة، فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة.

* فبين لهم النبي r بقوله: (لا، اعملوا، ولا تتكلوا، فكل ميسر لما خلق له)؛ أي: فلا بد من العمل؛ فمن عمل عملا صالحا كان من أهل الجنة، ومن عمل عملا طالحا كان من أهل النار، فسددوا، وقاربوا في العمل في الحياة الدنيا. ([101])

* فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة ،وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار.

قال تعالى: ]فريق في الجنة وفريق في السعير[ [الشورى: 7].

وقال تعالى: ] فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى [ [الليل: 5-10].

26) وعن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد t، يبلغ به النبي r، قال: (يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمسة وأربعين ليلة، فيقول: يا رب أشقي أو سعيد؟ فيكتبان، فيقول: أي رب أذكر أو أنثى؟ فيكتبان، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه، ثم تطوى الصحف، فلا يزاد فيها ولا ينقص).

وفي رواية: (وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله r، يقول: إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب أجله، فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب رزقه، فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2037)، والفريابي في «القدر» (133)، و(134)، (135)، والآجري في «الشريعة» (360)، والحميدي في «المسند» (848)، وابن أبي عاصم في «السنة» (180)، وفي «الآحاد والمثاني» (1011)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (423)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص324)، وابن أبي شيبة في «المسند» (818)، والطبراني في «المعجم الكبير» (3038)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1404)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج18 ص103)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (61)، وابن وهب في «القدر» (33)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2663) من طرق عن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري t به.

27) وعن سهل بن سعد الساعدي t قال: (أن رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين، في غزوة غزاها مع النبي r، فنظر النبي rفقال: من أحب أن ينظر إلى الرجل من أهل النار فلينظر إلى هذا، فاتبعه رجل من القوم، وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين، حتى جرح، فاستعجل الموت، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرجل إلى النبي r مسرعا، فقال: أشهد أنك رسول الله، فقال: وما ذاك؟ قال: قلت لفلان: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنه لا يموت على ذلك، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه، فقال النبي r عند ذلك: إن العبد ليعمل عمل أهل النار وإنه من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم).

وفي رواية: (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (6607)، ومسلم في «صحيحه» (2651)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص332)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج6 ص176)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (75)، وابن طرخان في «مشيخته» (ص167) من طريق أبي غسان محمد بن مطرف الليثي، ويعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد t به.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على مقدمة المجموع» (ص112): (وأما من عمل بعمل أهل الجنة مخلصا لله تعالى، موافقا لمرضاته، فلن يخذله الله تعالى؛ لأن الله تعالى أكرم من أن يخذل عبده المقبل إليه).اهـ

28) وعن جابر بن عبد الله t أنه قال: (يا رسول الله: العمل لأمر قد فرغ منه، أم لأمر نأتنفه([102])؟ قال  r: لأمر قد فرغ منه، قال سراقة بن مالك t: ففيم العمل إذن يا رسول الله؟ قال رسول الله r : كل عامل ميسر لعمله).

وفي رواية: (اعملوا فكل ميسر).

وفي رواية: (لا، بل شيء ثبت به الكتاب، وجرت به المقادير. فقال: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال r: اعملوا، فكل ميسر لعمله).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2648)، والفريابي في «القدر» (32)، و(48)، وابن وهب في «القدر» (18)، وأحمد في «المسند» (ج22 ص451)، وابن حبان في «صحيحه» (336)، وأبو يعلى في «المسند» (2054)، و(2110)، والبخاري في «خلق أفعال العباد» (214)، والآجري في «الشريعة» (335)، والنقاش في «فوائد العراقيين» (26)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (23)، و(24)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1356) من طريق عمرو بن الحارث، ومحمد بن أبي ليلى، وأبي خيثمة؛ كلهم: عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: فكل ميسر: أما من كان من أهل السعادة، فإنه يعمل للسعادة، وأما من كان من أهل الشقاء، فإنه يعمل للشقاوة([103]).

29) وعن عمران بن حصين t قال: (قيل: يا رسول الله r: أعلم أهل الجنة من أهل النار؟، قال: فقال r: نعم، قال قيل: ففيم يعمل العاملون؟ قال r: كل ميسر لما خلق له).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (6596)، و(7551)، ومسلم في «صحيحه» (2649)، والفريابي في «القدر» (49)، و(50)، وابن أبي عاصم في «السنة» (412)، والطبراني في «المعجم الكبير» (271)، وأحمد في «المسند» (ج33 ص103)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (900)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (37) من طريق يزيد الرشك، حدثنا مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين t به.

قلت: فاعمل أيها المسلم؛ لأن كلا لما يسر له من العمل.

* فأما من كان من أهل السعادة، فإنه يعمل للسعادة، ومن كان من أهل الشقاوة، فإنه يعمل للشقاوة.

قال الحافظ البيهقي / في «القضاء والقدر» (ج1 ص235): (باب ذكر البيان أن ليس أحد من بني آدم؛ إلا وقد كتب سعادته وشقاوته، وكتب مكانه من الجنة أو النار، وأن أهل كل واحد منهما ميسرون لأعمالها.

قال الله تعالى: ]فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى[ [الليل: 5-10]). اهـ

30) وعن عمر بن الخطاب t، عن النبي r قال: (وسأله رجل من مزينة أو جهينة فقال: يا رسول الله فيم نعمل؟ أنعمل في شيء قد خلا، أو مضى، أو شيء نستأنف الآن؟ قال r: في شيء خلا ومضى. فقال الرجل: ففيم العمل؟ قال r: إن أهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وإن أهل النار ميسرون لعمل أهل النار).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص151)، وأبو داود في «سننه» (4696)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص27)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (32) من طريق عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، وحميد بن عبد الرحمن به.

31) وعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا، فيقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال: قال الملك: أي رب ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (318)، و(3333)، و(6595)، ومسلم في «صحيحه» (2646)، والفريابي في «القدر» (144)، والآجري في «الشريعة» (346)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (62)، وابن أبي عاصم في «السنة» (187)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص116 و148)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (860) من طريق حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبي بكر، عن جده أنس بن مالك t به.

32) وعن أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: (إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2651)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص484)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (77) من طريق عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة t به.

قلت: والأجر لا ينال إلا بعمل صالح مما شرعه الله تعالى، وشرعه رسوله r؛ يعني: لا ينال ما عند الله تعالى من الثواب إلا بعمل صالح، فعليكم بالاجتهاد في الطاعة.

33) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله r، يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2653)، والفريابي في «القدر» (85)، وابن وهب في «القدر» (17)، وفي «الجامع» (80)، وابن أبي زمنين في «أصول السنة» (120)، والآجري في «الشريعة» (342)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1345)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (127)، و(128)، وفي «الأسماء والصفات» (798)، وابن منده في «التوحيد» (11)، وابن أبي أسامة في «العوالي» (62)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (436)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (343) من طريق أبي هانئ الخولاني، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما به.

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

ذكر الدليل على وجوب تقديم تفاسير الصحابة رضي الله عنهم للقرآن والسنة على تفاسير العلماء الـمتأخرين...................................

5

2)

المقدمة.....................................................................................................

38

3)

ذكر الدليل على أن الله تعالى عنده كتابان، فكتاب: يمحو فيه ما يشاء، ويثبت فيه ما يشاء في الحياة الدنيا على التـفـصيل بالمشيئة، من أجل، وعمر، ورزق، وعمل، وشقاوة، وسعادة، وغير ذلك من القضاء والقدر، فيتبدل ويتغير ذلك على حسب مشيئة الله تعالى، وكتاب آخر: حوى القضاء والقدر في الجملة، فلا يدخله تبديل، ولا تغيير، وهو اللوح الـمحفوظ المعروف.........................................

42

 

 

 

 

 

 

 



([1]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص477).

([2]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج9 ص47)، ومسلم في «صحيحه» (2463).

([3]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (4619)، ومسلم في «صحيحه» (2462).

([4]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2459).

([5]) أخطأ في الدليل؛ لأنه فسره بغير المراد به.

([6]) وأخطأ في المدلول؛ حيث أتى بمعنى مخالف لما كان عليه السلف.

     وانظر: «شرح مقدمة التفسير» لشيخنا ابن عثيمين (ص125).

([7]) أثر حسن.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (109).

     وإسناده حسن.

     وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص10).

([8]) وهنا قرينة تدل على أن المراد به الحقيقة اللغوية؛ بمثل: قوله تعالى: ]خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل[ [التوبة: 103]؛ فهنا الصلاة: بمعنى الدعاء في اللغة العربية، لا الصلاة الشرعية.

     قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى (ص234): (فالواجب إذا تلونا القرآن الكريم أن نحمل آياته على ما يدل عليه اللسان العربي، فإن لم نفعل فقد حرفنا الكلم عنمواضعه). اهـ

([9]) انظر: «التحرير والتنوير» لابن عاشور (ج1 ص10).

([10]) وانظر: «جامع بيان العلم» لابن عبدالبر (ج2 ص198)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص60)، و (ج7 ص257)، و«الموافقات» للشاطبي (ج3 ص338)، و«الصحيح» للبخاري (ج6 ص32)، و«الرد على البكري» لابن تيمية (ج2 ص729)، و«الفتاوى» له (ج20 ص14)، و«التحرير والتنوير» لابن عاشور (ج1 ص10)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص319)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص553)، و«تلخيص الحبير» له (ج1 ص26)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج1 ص66)، و«السنن» لأبي داود (ج1 ص406).

([11]) وإن لم يقل بالأخذ بلغة العرب في التفسير، فكيف سيفسر القرآن دون الرجوع إلى لغة العرب.

([12]) ودلكت براح: يعني: دلكت الشمس.

     فبراح: اسم من أسماء الشمس عند العرب.

     وانظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (ج5 ص410).

([13]) وفيما يتعلق بالنص على لغات العرب الواردة في القرآن، يلاحظ: أن الوارد عن السلف أكثر من الوارد عن اللغويين.

([14]) قلت: فالاعتماد عند السلف على اللغة في تفسير القرآن والسنة في الأصول والفروع.

     * فهذا أصل يجب التقيد به في تفسير القرآن والسنة.

([15]) فتفسير الصحابة الذي لا يدرك بالرأي والاجتهاد، فهذا يعد من قبيل الرواية؛ لأن الظاهر في مثل هذا أن يكون عن سماع من رسول الله r.

     قال الفقيه ابن الطيب / في «المعتمد في أصول الفقه» (ج2 ص174): (فأما إذا قال الصحابي قولا لا مجال للاجتهاد فيه، فحسن الظن به يقتضي أن يكون قاله عن طريق، فإذا لم يكن الاجتهاد، فليس إلا أنه سمعه عن النبي r). اهـ

([16]) كذلك تفسير الصحابة المعتمد على اللغة العربية: فهذا النوع يجب العمل به؛ لأنهم أهل اللسان الذين نزل إليهم الذكر الحكيم.

     * ولغتهم المرجع في فهمه، وأمثلة هذا النوع كثيرة جدا.

([17]) وانظر: «التحبير في علم التفسير» للسيوطي (ص324).

([18]) فإذا خفي على أحد التفسير الصحيح للنص، فاعلم أنه لم يرجع إلى لغة العرب عند تفسيره للنص، بل رجع إلى ما دون السلف، والله المستعان.

([19]) فإذا خفي عليكم شيء من تفسير القرآن، فاتبعوه في ذلك لغة العرب.

([20]) وهذه المسألة تدخل في علم الوجوه والنظائر، وهذا العلم يتناول مدلول ألفاظ النصوص من حيث ما اتفقت عليه في اللفظ أو في المعنى.

     * فهذا العلم يعمد إلى النص مباشرة لاستنباط المعنى من سياقه عن طريق التفسير، واللغة، وغير ذلك.

     وانظر: «نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر» لابن الجوزي (ص85 و86).

([21]) فيجب قبول تفسير الصحابة الكرام، والاحتجاج به في الأحكام في الأصول والفروع.

([22]) مثل: أدلة افطار الصائم والشمس طالعة، فبمجرد تدبرها تفهم منها الحكم؛ لأنها ظاهرة في النص، لا تخفى على الجميع.

     * لذلك لابد للمانع من الاحتجاج بهذه الأدلة في غروب الشمس في هذا المستوى من دليل من الكتاب، أو السنة، أو الأثر، أو اللغة؛ لأنه لا يوجد أي دليل للمنع.

([23]) فهل السلف يفسرون بغير لغة العرب، حتى نعترض على تفاسيرهم.

     * فهم عرب تنقل عن مثلهم اللغة.

([24]) وانظر: «المستدرك» للحاكم (ج2 ص258)، و«البرهان في علوم القرآن» للزركشي (ج2 ص157)، و«علوم الحديث» لابن الصلاح (ص128)، و«الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ج1 ص179).

([25]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (663).

     وإسناده صحيح.

([26]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن الأنباري في «إيضاح الوقف والابتداء» (ص57).

     وإسناده صحيح.

     وذكره القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج1 ص23).

([27]) وقد صرح الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص149)؛ بأن تفسير الصحابة من الموقوفات.

     وانظر: «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ج1 ص179)، و«تدريب الراوي» له (ج1 ص193).

([28]) وانظر: «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ج1 ص179)، و«علوم الحديث» لابن الصلاح (ص128)، و«البرهان في علوم القرآن» للزركشي (ج2 ص182)، و«شرح مقدمة التفسير» لشيخنا العثيمين (ص21)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص149).

([29]) وانظر: «شرح مقدمة التفسير» لشيخنا العثيمين (ص25).

([30]) وانظر: «مقدمة في أصول التفسير» لابن تيمية (ص6).

([31]) وانظر: «مقدمة في أصول التفسير» لابن تيمية (ص122 و125 و138)، و«الفتاوى» له (ج13 ص361)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج1 ص314)، و«لوامع الأنوار البهية» للسفاريني (ج1 ص20)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص123 و126)، و«البرهان في علوم القرآن» للزركشي (ج2 ص159)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص13)، و«جامع البيان» للطبري (ج9 ص43)، و(ج15 ص188)، و(ج26 ص12).

([32]) ومن ذلك تفسير كتاب الله تعالى.

([33]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج7 ص5)، ومسلم في «صحيحه» (210)، و(211).

([34]) وانظر: «مقدمة في أصول التفسير» لابن تيمية (ص122 و138)، و«الإقناع في مسائل الإجماع» لابن القطان (265).

([35]) وإذا كان صوابا وجب اتباعه.

([36]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص123 و126 و128)، و«الصواعق المرسلة» له (ج2 ص509)، و«التحبير في علم التفسير» للسيوطي (ص327)، و«الإتقان في علوم القرآن» له (ج4 ص181)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج1 ص7).

([37]) فيجب حمل النصوص على معانيها المعهودة عند السلف.

([38]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج15 ص134)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص12).

([39]) إذا هذا الإنكار لمثل هذا الغروب غير مقبول.

([40]) وتخفى على قوم هذه المعاني، فإذا لم توافق مذهبهم قالوا: هذا من المتشابه، وهذا اختلاف.

([41]) وانظر: «التحبير لقواعد التفسير» للدكتور حمد العثمان (ص85).

([42]) لذلك يجب سلوك طريقة السلف في الأصول والفروع، وترك كلام المتأخرين إذا خالفوا السالفين.

     * فلا نقول أن السلف أعلم، ثم إذا رأينا مذهبنا خالف السلف، تركنا مذهب السلف، ورجحنا مذهبنا، فإن هذا الفعل ليس على طريقة السلف في الإفتاء بالعلم.

([43]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج4 ص157)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج5 ص378)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص1133).

([44]) قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج1 ص76): (وإنما هو خبر عن أن من تأويله ما لا يجوز لأحد الجهل به). اهـ.

([45]) فلذلك نقول: أن رسول الله r فسر جميع القرآن، وذلك بقوله، وفعله، وتقريره.

    * فما مات r إلا وقد بين القرآن الكريم.

([46]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص74)، و«الصحاح» للجوهري  (ج1 ص1635)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (ج9 ص18)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص187 و188).

([47]) وانظر: «شفاء العليل» لابن القيم (ص5).

([48]) وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص324)، و«جامع البيان» للطبري (ج16 ص39 و40)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج5 ص397)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج9 ص327).

([49]) وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص324).

([50]) قلت: فهذا محوه، وهذا مكتوب، ويثبت ما يشاء ممن بقي أجله، ورزقه وأكله، فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه؛ لأنه غير مكتوب.

([51]) وهذه الصحيفة صحيحة، وهي مثل الكتاب الصحيح الذي يرويه الراوي عن شيخه، ولم يلقه، أو يسمع منه مباشرة.

     * إلا فيما أخطأ في هذا الكتاب، وخالف الثقات، فإنه يعتبر شاذا لا يحتج به.

     قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص698): (علي بن أبي طلحة صدوق قد يخطئ)

([52]) يعني: أن أئمة الحديث يعملون على صحة هذا الكتاب.

([53]) وانظر: «الناسخ والمنسوخ» لابن النحاس (ص13 و14)، و«الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ج2 ص188)، و«الثقات» لابن حبان (ج7 ص1981)، و«تقييد العلم» للخطيب (ص136).

([54]) وكان ابن عباس يكثر من الكتابة من التفسير، وكان يملي على تلاميذه التفسير، فيدونونه، ثم يروونه عن ابن عباس .

([55]) وانظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص118)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص240)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج20 ص490)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص299).

([56]) فابن عباس قد كتب تفسيره بنفسه، ثم رواه عنه علي بن أبي طلحة.

     وهناك كتب في التفسير: رواها تلاميذ ابن عباس عنه بعد أن كتبها بنفسه.

     وهناك تفاسير أخرى دونها تلاميذه عنه مباشرة بالسماع.

     وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج1 ص90)، و«الناسخ والمنسوخ» لابن النحاس (ج1 ص13)، و«الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ج1 ص115)، و«الدر المنثور» له (ج6 ص423)، و«التفسير المقرون» للذهبي (ج1 ص277)، و«التعليق على تفسير الطبري» للشيخ أحمد شاكر (ج2 ص528).

([57]) ويقصد هنا: بكتاب «التأويل» صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في التفسير.

([58]) أثر صحيح

     أخرجه ابن النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص14).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص188).

([59]) فهذا التفسير في هذه الصحيفة موضع تقدير عند الإمام أحمد /.

([60]) وهذا يدل على أن ابن عباس رضي الله عنهما كتب هذا التفسير في كتاب، وأخذه عنه علي بن أبي طلحة ورواه، وهو كتاب صحيح.

     قلت: ولو ضربنا على هذا الكتاب، وتركناه، فقد تركنا علما كثيرا في تفسير القرآن، لابن عباس، وهذا هو الخسران المبين، فافطن لهذا.

([61]) فروى الإمام البخاري الكثير منها في «صحيحه»، ولم ينقل كل مافي الصحيفة، فانتبه.

     ما روى البخاري في «صحيحه» عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة ذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص26 و254 و394 و430)، و(ج3 ص7 و60 و430 و434 و508)، و(ج4 ص 8 و9 و23 و25 و31 و33 و186 و209 و215 و242 و249 و256 و270 و271 و281 و285 و292 و296 و303 و304 و305 و312 و354 و406 و516 و526)، و(ج5 ص107 و180 و190 و265 و380) وغيرها.

([62]) يعني: عن علي بن أبي طلحة.

([63]) وانظر: «التحبير في علم التفسير» للسيوطي (ص332)، و«الدعاء» للطبراني (ج2 ص1263)، و(ج3 ص1497)، و«التوبيخ والتنبيه» لأبي الشيخ (ص82 و107)، و«تاريخ جرجان» للسهمي (ص467)، و«المكتفى» للداني (ص406 و407).

([64]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص280).

([65]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج16 ص39 و40)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج9 ص327)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج8 ص468)، و«القضاء والقدر» للبيهقي (ص214)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص523)، و«تفسير القرآن» لعبدالرزاق (ج2 ص338)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج8 ص165)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج5 ص312)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص324).

([66]) بل هو إجماع الصحابة والتابعين، كما بينت ذلك.

([67]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج4 ص328).

([68]) وهم: أئمة السلف من التابعين وغيرهم.

([69]) قلت: ومن نفى ذلك فقد قال بالرأي والاجتهاد، ولم يؤخذ توقيفا.

([70]) وانظر: «تفسير القرآن» للمراغي (ج5 ص155 و156)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج13 ص111)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص520)، و«التفسير الكبير» للرازي (ج10 ص64 و65)، و«جامع البيان» للطبري (ج13 ص112)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج15 ص329).

([71]) أثر صحيح.

     أخرجه البيهقي في «القضاء والقدر» (258)، والطبري في «جامع البيان» (ج25 ص65).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج2 ص519).

([72]) منهم: عمر بن الخطاب، وابن عباس، وابن مسعود رضي الله عنهم.

([73]) منهم: عكرمة، وأبو وائل، وقتادة.

([74]) وفي رواية: وافق فيها الصحابة الكرام، فهي الحجة عن مجاهد /.

([75]) فهذا اجتهاد من مجاهد /، فلا يحتج بقوله مع قول الصحابة رضي الله عنهم.

([76]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج8 ص165).

([77]) قوله r: (ينسأ له في أثره)؛ معناه: يؤخر له في أجله، يقال: نسأ الله في عمرك: آخر العمر، وسمي الأجل أثرا؛ لأنه يتبع العمر.

     وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص429)، و«المنهاج» للنووي (ج16 ص114)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي(ص68).

([78]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1982)، و(6334)، و(6379)، و(6387)، ومسلم في «صحيحه» (2480).

([79]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص416).

([80]) سرغ: قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز؛ بوادي تبوك.

([81]) أي: مسافر في الصباح راكبا.

([82]) أي: على ظهر الراحلة راجعا إلى المدينة.

     وانظر: «المنهاج» للنووي (ج14 ص208)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص189).

([83]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج8 ص517)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج16 ص114)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص430)، و«تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص89).

     ويسمى الآخر:  «القدر المثبت، أو المطلق».

([84]) قلت: فالمحو والإثبات هنا في هذا الكتاب بالنسبة لما في علم الملائكة.

([85]) المبرم: المحكم.

     انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص56)، و«المعجم الوسيط» (ص52).

([86]) وانظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (ج4 ص163)، و«جامع البيان» للطبري (ج11 ص112).

([87]) قلت: فلا بد لابن آدم أن يصيب الضلالات بسبب ذلك، فتدخل على قلبه الموبقات التي يستوجب بها دار الفاسقين.

([88]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج5 ص1680)، والحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (ج2 ص328)، والطبري في «جامع البيان» (ج11 ص108)، وخشيش بن أصرم في «الاستقامة» (ج7 ص83 الدر المنثور).

     وإسناده صحيح.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص83).

([89]) وانظر: «الدر المنثور» للسيوطي (ج8 ص83).

([90]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج9 ص143)، والبيهقي في «القضاء والقدر» (268)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص353)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج5 ص1681).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج2 ص298)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص85).

([91]) قلت: ويحول بين المبتدع وبين السنة، فلا يعقلها، ولا يحبها، بل هو عدوها.

([92]) أثر حسن.

     أخرجه البيهقي في «القضاء والقدر» (269).

     وإسناده حسن.

([93]) قلت: وفي الآية الحض على المبادرة بالطاعة التي دعاهم الله تعالى لها قبل أن يحول الله تعالى بين المرء وبين قلبه، فيقبضه فيموت على الضلالة والعياذ بالله.

     وانظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (ج4 ص163).

([94]) الصادق المصدوق؛ معناه: الصادق في قوله، المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم.

([95]) ذراع: المراد بالذراع التمثيل للقرب من موته ودخوله عقبه، وإن تلك الدار ما بقي بينه وبين أن يصلها إلا كمن بقي بينه وبين موضع من الأرض ذراع.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج16 ص46).

([96]) (بقيع الغرقد)؛ هو مدفن المدينة.

([97]) (مخصرة)؛ المخصرة: ما أخذه الإنسان بيده واختصره من عصا لطيفة وعكاز لطيف، وغيرهما.

([98]) (فنكس)؛ بتخفيف الكاف وتشديدها، لغتان فصيحتان. أي خفض رأسه وطأطأه إلى الأرض.

([99]) (ينكت)؛ أي: يخط بها خطا يسيرا مرة بعد مرة.

([100]) (أفلا نمكث على كتابنا)؛ يعني: إذا سبق القضاء بمكان كل نفس من الدارين، وما سبق به القضاء فلا بد من وقوعه، فأي فائدة في العمل، فندعه. وجوابه أن الله سبحانه غيب عنا المقادير. وجعل الأعمال أدلة على ما سبقت به مشيئته من ذلك؛ فأمرنا بالعمل، فلا بد من امتثال أمره.

     انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج16 ص47).

([101]) وانظر: «القدر» للفريابي (ص191 و192)، و«الشريعة» للآجري (ج1 ص746)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص53)، و«القضاء والقدر» للبيهقي (ص162)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص322)، و«السنن» للترمذي (ج4 ص445)، و«خلق أفعال العباد» للبخاري (ص113).

([102]) يعني: نستأنفه.

     يقال: استأنفت الشيء: إذا ابتدأته، وفعلت الشيء آنفا؛ أي: في أول وقت يقرب مني.

     وقولهم: «إنما الأمر أنف»؛ أي: مستأنفا استئنافا من غير أن يكون سبق به سابق قضاء وتقدير.

     وإنما هو مقصور على اختيارك، ودخولك فيه.

     وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص75 و76).

([103]) فمن سلك علم السعادة، فعل الخير، وجلس مع أهل الخير، ومن سلك علم الشقاوة، فعل الشر، وجلس مع أهل الشر، ولا بد.

     وانظر: «القدر» للفريابي (ص196)، و«الشريعة» للآجري (ج1 ص746).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan