الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / بريق اللمعة في سنية قراءة سورة ((ق)) يوم الجمعة
بريق اللمعة في سنية قراءة سورة ((ق)) يوم الجمعة
|
بريق اللمعة
في
سنية قراءة سورة ((ق)) يوم الجمعة
اعداد:
أبي حسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله له ، ولشيخه، وللمسلمين
شعارنا:
أمن وأمان في الأوطان
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم سهل
ذكر الدليل على استحباب قراءة سورة ((ق)) يوم الجمعة
1) عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن أخت لعمرة، قالت: (أخذت ((ق))، والقرآن المجيد من في رسول الله يوم الجمعة، وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة).([1])
2) وعن عبد الله بن محمد بن معن، عن بنت لحارثة بن النعمان، قالت: (ما حفظت ((ق)) إلا من في رسول الله يخطب بها كل جمعة)، قالت: (وكان تنورنا وتنور رسول الله واحدا).([2])
3) وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: (لقد كان تنورنا وتنور رسول الله واحدا سنتين أو سنة وبعض سنة، وما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر، إذا خطب الناس).([3])
قال العلامة الصنعاني رحمه الله في ((سبل السلام)) (ج1 ص404)؛ معلقا على حديث أم هشام رضي الله عنها: (فيه دليل على مشروعية قراءة سورة (ق) في الخطبة كل جمعة قال العلماء: وسبب اختياره - صلى الله عليه وسلم - هذه السورة لما اشتملت عليه من ذكر البعث، والموت، والمواعظ الشديدة، والزواجر الأكيدة.
وفيه دلالة لقراءة شيء من القرآن في الخطبة كما سبق، وقد قام الإجماع على عدم وجوب قراءة السورة المذكورة، ولا بعضها في الخطبة، وكانت محافظته على هذه السورة اختيارا منه لما هو الأحسن في الوعظ والتذكير، وفيه دلالة على ترديد الوعظ في الخطبة). اهـ
وقال الحافظ السيوطي رحمه الله في ((حاشيته على سنن النسائي)) (ج3 ص105): (قال العلماء: سبب اختيار ((ق)) أنها مشتملة على الموت والبعث والمواعظ الشديدة، والزواجر). اهـ
وقال الحافظ النووي رحمه الله في ((المنهاج)) (ج6 ص161): (وفيه: استحباب قراءة (ق)، أو بعضها في كل خطبة). اهـ
وقال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في ((تسهيل الألمام)) (ج2 ص523 و524): (وأما اختيار الرسول r لهذه السورة بالذات لما تشتمل عليه من المعاني العظيمة:
أولا: إثبات رسالة الرسول r: ]بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب [[ق:2].
وفيها إثبات البعث: ]أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد (3) قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ[ [ق:3-4]، وأن الله يعيد هذه الأجسام بعدما تفتت، وتحللت في التربة، ويعيدها كما كانت.
وفيها التذكير بالموت: ]وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد [ [ق:19].
وفيها التذكير: بأن الإنسان عليه حفظة يحصون عليه أعماله: ]ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ [ق:18].
وفيها التذكير: بقيام الساعة، وبعث الموتى من القبور وبالحشر: ]واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب (41) يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج (42) إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير (43) [ [ق:41-43].
وفيها الحث: على صلاة الفجر، وصلاة العصر: ]وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب [ [ق:39].
هذا وجه اختيار الرسول لقراءة هذه السورة العظيمة في خطبة الجمعة، فينبغي للخطيب أن يختار آية، أو آيات، أو سورة مناسبة لموضوعه الذي يخطب به، يكون فيها تذكير للناس، وموعظة لهم حتى ينتفعوا بذلك، ولا تخلو خطبته من القرآن). اهـ
قلت: وهذه سنة قل العالمون عنها، وندر العاملون بها، وهي قراءة سورة ((ق))، في خطبة الجمعة، ولكن في زماننا هذا قل من خطباء المساجد من يطبق هذه السنة، ويقرأ سورة ((ق))، فوق المنبر، وقد أمرنا باتباع النبي r، والتأسي به، فيلزم اتباعه مطلقا ([4])، والله المستعان.
قال تعالى: ]لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا[ [الأحزاب:21].
وقال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه[ [الحشر:7].
فائدة فقهية نادرة:
من المعلوم أن النبي r كان يقرأ سورة ((ق)) على الصحابة الكرام، وهم يعرفون معناها؛ لأنهم عرب فلا يحتاجون إلى تفسيرها، لأن القرآن نزل بلغتهم، فيستفدون من قراءتها لفهمهم لمعانيها.
أما الآن؛ فلو أراد أحد من الخطباء أن يقرأها في الخطبة، وينصرف بدون تفسيرها للمصلين، فإنهم لن يستفيدوا إلا القليل منهم؛ أي: الذين يفقهون التفسير، أو بعضه.
ولهذا؛ إذا أراد الخطيب أن يقتدي بالرسول r في قراءة ((ق)) في يوم الجمعة، أن يأخذ هذه السورة أجزاء، ويقرأ ما تيسر منها، ثم يفسره للمصلين حتى يخرجوا من الجامع وهم مستفدون من تفسير سورة ((ق))([5])، والله ولي التوفيق.
%%%%%%%
([1]) رواه مسلم في ((صحيحه)) (ص391 ح2009)، وأبو داود في ((سننه)) (1102)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج3 ص211).
([2]) رواه مسلم في ((صحيحه)) (ص391 ح2011)، وأبو داود في ((سننه)) (1100)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (1786)، وأحمد في ((المسند))(27628).