القائمة الرئيسة
الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / اللآلئ المكللة في تخريج حديث لا وتران في ليلة

2023-12-11

صورة 1
اللآلئ المكللة في تخريج حديث لا وتران في ليلة

 

 

    

لؤلؤة نادرة

في

أن الحجة في الآثار

 

عن الربيع بن سليمان، قال: سألت الشافعي عن الوتر: أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء؟ قال: نعم، والذي أختار أن أصلي عشر ركعات، ثم أوتر بواحدة، فقلت للشافعي: فما الحجة في أن الوتر يجوز بواحدة ؟، فقال الشافعي: «الحجة فيه: السنة والآثار».

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «معرفة السنن» (ج4 ص53)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص280) من طريقين عن أبي العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع بن سليمان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

والأثر في كتاب «الأم» للشافعي (ج1 ص14).

    

عـــــــونك يا رب يســــر

 

المقدمـة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد،

فهذا جزء حديثي لطيف فيه تخريج حديث: «لا وتران في ليلة» جمعت فيه أسانيد الحديث، الثابت منها، والضعيف، وذكرت فقه الحديث لكي يعم النفع به بين المسلمين.

هذا وأسأل الله العظيم أن ينفع بهذا الجزء عامة المسلمين، وأن يتقبل مني هذا الجهد المتواضع، ويجعله في موازين حسناتي يوم لا ينفع مال ولابنون.

وفي الختام لا أنسى الشكر والتقدير لفضيلة شيخنا العلامة الوالد فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري، الذي تفضل مشكورا بمراجعة هذا التخريج والتعليق عليه، وأسأل الله العظيم أن يجعله في موازين حسناته، وأن يرفع منزلته في الدنيا والآخرة، على تعليمه لنا السنة النبوية الصحيحة، ولما أظهره من منهج السلف الصالح رضي الله عنهم، فجزاه الله خيرا.

وصلى اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

                                                                                                               

كتبه الفقير إلى الله تعالى

علي بن حسن بن علي العريفي الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

من اعتصم بالله نجا

 

عن قيس بن طلق، قال: «زارنا طلق بن علي -يعني أبيه- في يوم من رمضان، وأمسى عندنا وأفطر، ثم قام بنا تلك الليلة وأوتر بنا، ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه حتى إذا بقي الوتر قدم رجلا، فقال: أوتر بأصحابك، فإني سمعت النبي ه يقول: لا وتران([1])في ليلة».

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (ح1439)، والترمذي في «سننه» (ح474)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص227)، وفي «السنن الصغرى» (ح1679)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص109)، وابن حبان في «صحيحه» (ح2449)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص218)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص547)، وعبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص254)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» تعليقا (ج2 ص435)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص36)، وفي «معرفة السنن» تعليقا (ج4 ص85)، وابن عبد البر في «الاستذكار» (ج5 ص280)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص156)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص342)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج5 ص201)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص444) من عدة طرق عن ملازم بن عمرو قال: حدثني عبدالله بن بدر عن قيس بن طلق بن علي عنه به.

قلت: وهذا سنده حسن فيه ملازم بن عمرو وهو صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص791)، وقال عنه أبو حاتم: (لا بأس به، صدوق)، وقال أبو داود: (ليس به بأس)، وقال أحمد: (ثقة)،([2]) ونقل الدارمي في «التاريخ» (ص202)؛ عن ابن معين أنه قال: (في ملازم ثقة)، وفيه أيضا قيس بن طلق وهو صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص639).

وذكر ابن أبي حاتم في «العلل» (554)؛ هذا الحديث الموصول، وذكر أن الحديث الموصول أصح.

وقال الترمذي في «السنن» (ص358): (هذا حديث حسن غريب).

وقال ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص481): (حديث حسن).

وهذا الإسناد صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج5 ص184)، ونقل ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج2 ص17) عن الترمذي تحسينه.

وذكره عبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (ج2 ص47): ثم قال: (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وغيره يصحح الحديث).([3])

وتابع عبد الله بن بدر عليه:

1)    أيوب بن عتبة عنه.

 أخرجه أحمد في «المسند»؛ كما في «أطراف المسند» لابن حجر (2940)، و«إتحاف المهرة» له (6667)، وعزاه له ضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص157)، وهو بهذا الإسناد غير موجود في المطبوع من «المسند»، والطيالسي في «المسند» (1192)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج5 ص552)، والمروزي في «الوتر» (ص132)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص342)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج8 ص400 و401) من عدة طرق عن أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده ضعيف فيه: أيوب بن عتبة اليمامي، وهو ضعيف الحديث.

قال عنه أحمد بن حنبل: (ضعيف)، وقال يحيى بن معين: (ليس بالقوي)، وفي موضع آخر: (ليس بشئ)، وقال أيضا: (ضعيف)، وقال أبو داود: (منكر الحديث).([4])

قال ابن أبي حاتم في «العلل» (544): (ووجدت أيوب بن عتبة؛ قد وافق ملازم بن عمرو في توصيل هذا الحديث عن قيس بن طلق نفسه فقال: عن أبيه، عن النبيه؛ فدل أن الحديث موصل أصح).اهـ

2) سراج بن عقبة بن طلق بن علي الحنفي عنه.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص109 ح16405)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص444) من طريق عفان عن سراج بن عقبة عن قيس بن طلق عن أبيه طلق به.

قلت: وهذا إسناده حسن، فيه سراج بن عقبة لم أجد له ترجمة، غير يحيى بن معين قال فيه: (ليس به بأس ثقة)، كما في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج4 ص291).

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص840) من طريق محمد بن جابر عن عبدالله بن بدر عن طلق بن علي به.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه محمد بن جابر بن سيار بن طلق الحنفي، ذهبت كتبه فساء حفظه، وخلط كثيرا، وعمي فصار يلقن، وهو ضعيف.

قال عنه يحيى بن معين: (كان أعمى واختلط عليه حديثه، كان كوفيا، فانتقل إلى اليمامة، وهو ضعيف)، وقال عنه أبو حاتم الرازي: (ساء حفظه، وكان يلقن) ([5]).

واختلف على محمد بن جابر:

1) فرواه محمد بن يزيد الضبي عن محمد بن جابر عن عبدالله بن بدر عن طلق بن علي عن النبي ه.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص840).

قلت: وهذا إسناده ضعيف فيه محمد بن جابر، وهو ضعيف، كما سبق.

2) ورواه موسى بن داود عن محمد بن جابر عن عبدالله بن بدر عن طلق بن علي عن أبيه علي بن طلق بن المنذر عن النبي ه.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص109).

قلت: وهذا سنده ضعيف، وله علتان:

العلة الأولى: موسى بن داود الضبي، صدوق له أوهام؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص783).

العلة الثانية: محمد بن جابر، وهو ضعيف تقدم.

3) والحديث المرسل: رواه محمد بن جابر عن عبدالله بن بدر عن قيس بن طلق عن النبي ه ؛ ولم يقل عن أبيه.

أخرجه أحمد في «المسند»؛ كما في «أطراف المسند» لابن حجر (2940)، و«إتحاف المهرة» له (6667) من طريق محمد بن يزيد عن محمد بن جابر به.

وذكره ابن أبي حاتم في «العلل» (554).

ولم نجده في «المسند»؛ فهو بهذا الإسناد غير موجود في المطبوع من «المسند».([6])

قلت: والحديث الموصول أصح، كما سبق ذكره والله ولي التوفيق.

فائدة: عبدالله بن بدر روى هذا الحديث عن طلق بن عليا، ورواه عن ابنه قيس عن طلق، وقد ثبت سماعه من طلق، وابنه قيس؛ كما في «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» للمزي (ج10 ص33).   

 

 

 

%%%

 

 

 

فائدة الحديث الفقهية:

هذا الحديث يدل على أن العبد إذا أوتر من أول الليل ثم نام، ثم قام من آخر الليل؛ فإنه يصلي ما بدا له، ولا ينقض وتره، ويدع وتره على ما كان؛ أي: لا يوتر مرة ثانية، بل يكتفي بوتر واحد، وهو قول الإمام سفيان الثوري، والإمام مالك بن أنس، والإمام عبدالله بن المبارك، والإمام أحمد، وغيرهم ([7])، وهو الراجح.

قال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين : في «الفتاوى» (ج14 ص287): (قوله: «لا وتران في ليلة»؛ بل وتر واحد، وعلى هذا فنقول: إذا أوترت في أول الليل، وهي تخشى أن لا تقوم من آخره، ثم يسر لها القيام في أخر الليل؛ فإنها تصلي مثنى، مثنى ولا تعيد الوتر مرة أخرى، ولكن إذا كانت تطمع أن تقوم من آخر الليل؛ فإن الأفضل أن تؤخر الوتر إلى آخر الليل عند قيامها). اهـ

وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين : في «الشرح الممتع» (ج4 ص156): (فإنه لا وتران في ليلة، فكذلك لا وتران في يوم). اهـ  

وسئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الشيخ العلامة ابن باز :، عن الوتر مرة واحدة فكان كتالي:

س: في وقت شهر رمضان، وفي دخول العشر الأواخر، إذ صلينا بالجماعة نوتر بعد التروايح، وذلك مراعاة لمن لم يحضر صلاة القيام، ونوتر بعد صلاة القيام، وسمعنا أنه لا يوتر إلا مرة واحدة في الليلة الواحدة؛ فهل هذا الكلام صحيح؟

ج: حكم الوتر واحد في رمضان في العشر الأول، وفي العشر الأواخر، وفي غير رمضان، والإمام والمأموم والمنفرد في ذلك سواء، فمن أوتر أول الليل؛ فإنه يصلي ما شاء آخر  الليل شفعا شفعا، ولا يوتر بعدها، ومن أخر الوتر إلى آخر الليل صلاة بعد صلاة الليل).([8])

وقال فضيلة الشيخ صالح بن صالح الفوزان حفظه الله في «تسهيل الإلمام» (ج2 ص384): («لا وتران في ليلة» «لا» هذه نافية، ومعناها النهي، و«وتران»: اسم فاعل لفعل محذوف تقديره (يكون)؛ كما هو في إحدى روايات الإمام أحمد في مسنده، فهذا نهي منه عن أن يوتر المسلم في الليلة مرتين، بل يكتفي بوتر واحد، فمن أوتر في أول الليل؛ فإنه لا يوتر في آخره، بل يصلي ما تيسر له، ويبقى على وتره في أول الليل).اهـ

وبوب الإمام النسائي : في «المجتبى» (ص275): (باب نهي النبي عن الوترين في ليلة). اهـ

فائدة: صلاة الوتر أوصى النبي ه بها:

وإليك الدليل:

فعن أبي هريرة ا، قال: «أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت، صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر».([9])

وعن أبي الدرداءا، قال: «أوصاني حبيبي بثلاث، لن أدعهن ما عشت، بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر».([10])

وعن أبي ذرا، قال: «أوصاني حبي بثلاث لا أدعهن إن شاء الله أبدا أوصاني بصلاة الضحى، وبالوتر قبل النوم، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر».([11])

 

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه سائلا ربي جل وعلا أن يغفر لي خطاياي، وينفعني يوم لا ينفع مال ولا بنون، وصلى الله وسلم

وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

وآخر دعوانا أن الحمد الله

رب العالمين

 

 

 

 

 

 

 



([1]) قال أبو عبدالرحمن الأثري: قوله ه: «لا وتران»؛ هكذا بالألف على الأصل، وهي لغة على أن: «وتران»: فاعل لفعل مقدر؛ أي: «لا يجتمع وتران في ليلة»، أو «لا يجوز وتران في ليلة»؛ بمعنى: لا ينبغي لكم أن تجمعوهما.

     ذكره السندي رحمه الله في «حاشية سنن النسائي» (ج2 ص230).

     ويجوز أن تقول: «لا وترين في ليلة»، وهي لغة، لأن اسم «لا» النافية للجنس إذا كان مفردا: يبنى على ما ينصب به، وهو المشهور في اللغة العربية.

     وانظر: «شرح سنن النسائي» للسيوطي (ج3 ص230)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج6 ص238)، و«معجم القراءات القرآنية» للخطيب (ج5 ص448)، و«عون المعبود» للآبادي (ج4 ص314)، و«التيسير بشرح الجامع الصغير» للمناوي (ج2 ص503).

     قال العلامة الصنعاني رحمه الله في «التنوير» (ج11 ص168): (لا وتران: كأن الظاهر «لا وترين» إلا أنه ورد على لغة من يقصر المثنى بالألف؛ كقراءة: ]إن هذان لساحران[ [طه:63]. «في ليلة»؛ أي لم يشرع الله تعالى في الليلة؛ إلا وترا واحدا، فمن أوتر أول الليل فلا يوتر آخره). اهـ

([2]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج18 ص533)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج5 ص435).

([3]) وانظر: «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (ج4 ص145).

([4]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج2 ص422)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص409)، و«التقريب» له (ص106).

([5]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص161 و162)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج3 ص45 و46)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج4 ص1207 و1208)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج2 ص274)، و«ميزان الإعتدال» له (ج3 ص496)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص217)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج7 ص294 و295)، و«الكامل في ضعفاء الرجال» لابن عدي (ج7 ص328 و329)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص511 و512 و513)، و«تقريب التهذيب» له (ص660).

([6]) وانظر: «أطراف مسند الإمام أحمد» لابن حجر (ج2 ص622 و623)، و«إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة» له (ج6 ص375).

([7]) انظر: «السنن» للترمذي (ج2 ص21).

([8]) وانظر: «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء» (ج2 ص176 و177 و178).

([9]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1178)، و(1981).

([10]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص80).

([11]) حديث صحيح.

     أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج2 ص227) من طريق علي بن حجر، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا محمد -وهو ابن أبي حرملة-، عن عطاء بن يسار، عن أبي ذر به.

     قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan