الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / الثمر المستطاب في فرضية الحجاب
الثمر المستطاب في فرضية الحجاب
|
||||
الثمر المستطاب
في
فرضية الحجاب
تأليف:
الشيخة أم عبدالرحمن الجودر الأثرية
حفظها الله
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
في
وجوب تغطية الوجه واليدين للمرأة المسلمة
قالت: (إن الأدلة التي جاءت دالة على جواز كشف الوجه، واليدين كانت دالة على الأصل قبل نزول الأدلة القرآنية، ومجيء الأدلة من السنة الدالة على الأمر بالتستر، وبهذا يعلم أن الأدلة الدالة على وجوب ستر الوجه، واليدين ناسخة لما دل على جواز ذلك).([1]) اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
إلماعة
الخلاف بين العلماء ليس من أدلة التشريع بالإجماع، وعنده طلب الدليل من الكتاب، أو السنة، أو الآثار
اعلم رحمك الله أن الاحتجاج بالخلاف على الأدلة ممنوع شرعا بالإجماع؛ لأن الخلاف ناشئ من أقوال الرجال، وهم: يصيبون، ويخطئون في الفتاوى.
وأقوال الرجال يستدل لها بالأدلة الشرعية، ولا يستدل بها على الأدلة الشرعية؛ كما هو مقرر في الأصول.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج4 ص131): (والاختلاف ليس بحجة، إنما الحجة في الإجماع). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922): (الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة؛ إلا من لا بصر له، ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس: على الأصول على الصواب منها، وذلك لا يعدم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص210): (واتفقوا كلهم: على أنه ليس أحد معصوما في كل ما يأمر به، وينهى عنه؛ إلا رسول الله r، ولهذا قال غير واحد من الأئمة: كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا رسول الله r). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (26/202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة: النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقدر مقدماته بالأدلة الشرعية، لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ
وقال الحافظ الخطابي / في «أعلام الحديث» (3/2092): (وليس الاختلاف حجة، وبيان السنة حجة على المختلفين من الأولين والآخرين). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «فتح المجيد» (2/624): (وحينئذ فلا عذر لمن استفتي أن ينظر في مذاهب العلماء، وما استدل به كل إمام، ويأخذ من أقوالهم ما دل عليه الدليل إذا كان له ملكة يقتدر بها على ذلك. كما قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[؛ وما زال العلماء يجتهدون في الوقائع، فمن أصاب منهم فله أجران، ومن أخطأ فله أجر؛ لكن إذا استبان لهم الدليل أخذوا به وتركوا اجتهادهم). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (3/300): (والمسائل التي اختلف فيها السلف والخلف، وقد تيقنا صحة: أحد القولين فيها كثير). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
جوهرة نادرة
أحكام الأصول والفروع الأدلة فيها واضحة لجميع الناس([2])، فعليهم أن يسئلوا عنها، ويجتهدوا في معرفتها، ولا تخفى إلا على الجاهل المعرض عن العلم،
ولا يعذر بجهله هذا
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإستقامة» (1/56): (من المعلوم أن الظنون غالبا إنما تكون في مسائل الاجتهاد والنزاع، فأما مسائل الإيمان والإجماع؛ فالعلم فيها أكثر قطعا).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (13/118): (جمهور مسائل الفقه التي يحتاج إليها الناس، ويفتون بها هي ثابتة بالنص، أو الإجماع، وإنما يقع الظن([3])، والنزاع في قليل مما يحتاج إليه الناس، وهذا موجود في سائر العلوم.
وكثير مسائل الخلاف، هي في أمور قليلة الوقوع ومقدرة، وأما ما لا بد للناس منه من العلم مما يجب عليهم، ويحرم، ويباح، فهو معلوم مقطوع به).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإستقامة» (1/56): (ومن المعلوم لمن تدبر الشريعة: أن أحكام عامة أفعال العباد معلومة لا مظنونة، وأن الظن فيها إنما هو قليل جدا في بعض الحوادث لبعض المجتهدين، فأما غالب الأفعال مفادها، وأحداثها فغالب أحكامها معلومة، ولله الحمد.
وأعني بكونها معلومة: أن العلم بها ممكن، وهو حاصل لمن اجتهد، واستدل بالأدلة الشرعية عليها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (19/274): (وهكذا الفقه: إنما وقع فيه الاختلاف لما خفي عليهم بيان صاحب الشرع، ولكن هذا إنما يقع النزاع في الدقيق منه، وأما الجليل فلا يتنازعون([4]) فيه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (13/64): (لكن هذا، وهذا: قد يقعان في خفي الأمور ودقيقها؛ باجتهاد من أصحابها، استفرغوا فيه وسعهم في طلب الحق، ويكون لهم من الصواب، والاتباع ما يغمر ذلك... وهم معتصمون بحبل الله تعالى: يحكمون الرسول r فيما شجر بينهم، لا يتقدمون بين يدي الله تعالى، ورسوله r). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (2/653): (إنه من المعلوم أن الصحابة سمعوا القرآن والسنة من النبي r وقرأوه وأقرأوه من بعدهم، وتكلم العلماء في معانيه وتفسيره، ومعاني الحديث وتفسيره، وما يتعلق بالأحكام، ومالا يتعلق بها، وهم مجمعون على غالب معاني القرآن والحديث، ولم يتنازعوا؛ إلا في قليل من كثير، لا سيما القرون الأولى؛ فإن النزاع بينهم كان قليلا جدا بالنسبة إلى ما اتفقوا عليه، وكان النزاع في التابعين أكثر، وكلما تأخر الزمان كثر النزاع، وحدث من الاختلاف بين المتأخرين ما لم يكن في الذين قبلهم؛ فإن القرآن تضمن الأمر بأوامر ظاهرة وباطنة، والنهي عن مناه ظاهرة وباطنة).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
الحذر من العمل بالفتاوى المخالفة للشريعة المطهرة في أحكام الأصول والفروع، وهي التي أخطأ فيها عدد من العلماء في الدين، فإنها لا تنفعك؛ بل تضرك في الدنيا، وفي الآخرة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (32/239): (وليس لأحد أن يتبع زلات العلماء).اهـ
وقال الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «الحوار» (ص20) عن كيفية معاملة العلماء: (الشيخ محمد بن إبراهيم ليس بمعصوم: فهو عالم من العلماء، يخطيء ويصيب، عالم من العلماء وليس بنبي ولا رسول، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، وغيرهم من العلماء، والأئمة الأربعة؛ كلهم: يخطئون ويصيبون، ويؤخذ من قولهم ما وافق الحق، وما خالف الحق يرد على قائله ولو كان كبيرا).اهـ
وقال الإمام سليمان التيمي /: (لو أخذت برخصة كل عالم، أو زلة كل عالم؛ اجتمع فيك الشر كله). ([5])
وقال الشيخ العلامة ناصر الدين الألباني /: (إخواننا طلبة العلم، اقتداء بالأئمة، واتباعا منا لهم، ألا تقلدونا، ونحن نتبرأ من كل إنسان يقلدنا؛ تقليدا أعمى، فإذا بدا له أن الصواب مع غيرنا، فنحن نحرم عليه أن يقلدنا) ([6]).اهـ
* ومن أجل هذا كله: ترى فتاوى الراسخين في العلم وطلبتهم المقتفين لآثار الصحابة y، والتابعين لهم: مطابقة للقرآن الكريم، والسنة النبوية، يتحرون ذلك غاية التحري، فحصلت لهم السلامة، ومن حاد عن سبيلهم؛ حصل له الخطأ والزلل، والتناقض والاضطراب، ولابد. ([7])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
وقال تعالى: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون[ [الأنعام: 112].
وقال تعالى: ]تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون[ [الحشر: 14].
وقال تعالى: ]واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة[ [الأنفال: 25].
وقال تعالى: ]ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم[ [آل عمران: 105].
وقال تعالى: ]فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون[ [يونس: 32].
وقال تعالى: ]ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].
قلت: فالحق عند الله تعالى في الأصول والفروع: واحد لا يتعدد أبدا، وما عداه فخطأ، ولابد.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
في
فرضية الحجاب على المرأة المسلمة
بموافقة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t
لرب العالمين عز وجل
1) عن أنس بن مالك t قال: قال عمر بن الخطاب t: (وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله، لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت: ]واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى[ [البقرة: 125]؛ وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن، فإنه يكلمهن البر والفاجر؟ فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي r في الغيرة عليه، فقلت لهن: ]عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن[ [التحريم: 5]، فنزلت هذه الآية).
وعن أنس بن مالك t قال: قال عمر بن الخطاب t: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله لو اتخذت مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب، قال: وبلغني معاتبة النبي r بعض نسائه، فدخلت عليهن، قلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله r خيرا منكن، حتى أتيت إحدى نسائه، قالت: يا عمر، أما في رسول الله r ما يعظ نساءه، حتى تعظهن أنت؟ فأنزل الله: ]عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن[ [التحريم: 5]، الآية).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (402)، و(4483)، و(4790)، و(4916)، والترمذي في «سننه» (2959)، و(2960)، والنسائي في «تفسير القرآن» (18)، و(438)، و(631)، وابن ماجه في «سننه» (1009)، والدارمي في «المسند» (1856)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص23 و24)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص77)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص42)، و(ج4 ص145)، وفي «فضائل الخلفاء الأربعة» (ص58)، والطبري في «جامع البيان» (ج1 ص421)، وفي «تهذيب الآثار» (ج1 ص404 و405 و406)، وابن أبي داود في «المصاحف» (ص98)، والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص188)، وابن حبان في «صحيحه» (6896)، والطبراني في «المعجم الصغير» (ج2 ص38)، والبغوي في «شرح السنة» (3887)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص113)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج2 ص609 و610)، والفاكهي في «أخبار مكة» (ج1 ص441)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج4 ص825)، والثعلبي في «الكشف والبيان» تعليقا (ج1 ص270)، والجصاص في «أحكام القرآن» تعليقا (ج1 ص91)، وابن وهب في «تفسير القرآن» (ج2 ص20 و21)، والبزار في «المسند» (ج1 ص339)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج2 ص586)، والمحاملي في «المحامليات» (221)، و(222)، والقطيعي في «زوائده على فضائل الصحابة» (493)، و(494)، و(495)، و(682)، وابن المديني في «المسند» (ج2 ص474 –مسند الفاروق)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج4 ص230)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص73)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص190 و191)، وفي «جامع المسانيد» (ج6 ص262)، والآجري في «الشريعة» (ج4 ص1895)، واللالكائي في «أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج7 ص1386)، وابن شاهين في «شرح مذاهب أهل السنة» (105)، والمخلص في «المخلصيات» (204)، و(2189)، و(2405)، و(2406)، و(2407)، و(2410) من طريق هشيم بن بشير، ويحيى بن أيوب، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويحيى بن سعيد القطان، وخالد بن الحارث، وإسماعيل بن علية، ويزيد بن زريع، ويزيد بن هارون، وقرة بن خالد، وحماد بن سلمة، وغيرهم؛ كلهم: عن حميد الطويل قال: سمعت أنس بن مالك t به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وهو المحفوظ.
وأخرجه المخلص في «المخلصيات» (2408) من طريق موسى بن حبيب البصري عن ثابت عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب t به.
وأخرجه المخلص في «المخلصيات» (2409) من طريق هشيم حدثنا عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك قال: قال عمر بن الخطاب t به.
وأخرجه المخلص في «المخلصيات» (2410) من طريق محمد بن عبدالله بن مسلم عن عمه الزهري عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب t به.وأخرجه السمرقندي في «بحر العلوم» (ج1 ص118) من طريق سفيان عن زكريا بن أبي زائدة، عمن حدثه، عن عمر بن الخطاب t به.
وأخرجه سفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص49) من طريق عبدالملك بن أبي سليمان عن مجاهد قال: قال عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذه الأسانيد التي سبقت كلها معلولة؛ لا تصح، وليست بمحفوظة.
والصحيح: رواية الجماعة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب t.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المسند» (ج4 ص92 –المطالب العالية)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص145)، والدارقطني في «الأفراد» (ج1 ص156-الغرائب) من طريق زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن أبي ميسرة قال: قال عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذا سنده فيه انقطاع، لأن أبا ميسرة لم يشهد القصة. ([8])
قال الدارقطني: (غريب من حديث أبي إسحاق عن أبي ميسرة: عمرو بن شرحبيل عن عمر تفرد به زكريا بن أبي زائدة عنه).وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص291).
وقوله t: (وافقت ربي)، ما أحسن هذه العبارة، وما ألطفها؛ حيث راعى t فيها: الأدب الحسن، ولم يقل: وافقني ربي، مع أن الآيات؛ إنما نزلت موافقة: لرأيه، واجتهاده، فراعى الأدب؛ فأسند الموافقة إلى نفسه، لا إلى الرب سبحانه.
وقوله t: (في ثلاث)؛ ليس في تخصيص الثلاث ما ينفي الزيادة، لأنه حصلت له الموافقة له في أشياء غير هذه الثلاث، لأن التخصيص بالعدد، لا يدل على نفي الزائد. ([9])
قال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص73): (وافقت ربي في ثلاث؛ أي: وافقني ربي فيما أردت أن يكون شرعا، فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، لكن لرعاية الأدب أسند الموافقة إلى نفسه). اهـ
2) وعن ابن عمر t: عن عمر بن الخطاب t قال: (وافقت ربي في ثلاث: في الحجاب، وفي أسارى بدر، وفي مقام إبراهيم عليه السلام). ([10])
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2399)، وابن أبي داود في «المصاحف» (ص242)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص193)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج44 ص111)، والقدوري في «جزئه» (ص86)، والآجري في «الشريعة» (1336)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (5896)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج2 ص586)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص42)، وفي «تثبيت الإمامة» (ص108)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص223)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج12 ص281-إتحاف المهرة)، وابن البختري في «الأمالي» (ص187 و188) من طريق محمد بن يحيى الأزدي، وشعيب بن عبدالحميد الواسطي، وعقبة بن مكرم؛ كلهم: عن سعيد بن عامر عن جويرية بن أسماء أخبرنا نافع عن ابن عمر ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج12 ص400)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج7 ص175) من طريق جعفر بن محمد بن جعفر المدائني ثنا أبي ثنا هارون بن موسى النحوي عن أبان بن تغلب عن الحكم عن مجاهد عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب t به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج6 ص316)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه جعفر بن محمد بن جعفر المدائني، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وقال الحافظ الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج7 ص175): (قال محمد بن غالب: وحدثنا به؛ جعفر مرة أخرى، فقال عن مجاهد، ولم يذكر ابن عمر).
قلت: فهو معلول بهذا الإسناد بالإرسال عن مجاهد عن عمر بن الخطاب t، فلا يصح.
قلت: والمقصود بالحجاب في هذا الحديث؛ ستر أمهات المؤمنين رضي الله عنهن عن أعين الرجال الأجانب: من وراء حجاب، كالستر، والجدار، والأبواب، وعدم الدخول عليهن.
قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم[ [الأحزاب:53].
وقال تعالى: ]وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن[ [الأحزاب:53].
وكذلك المقصود به الحجاب الذي يستر بدن المرأة المسلمة.
وهذا مبني على أن الأصل في النساء المكث، والقرار في بيوتهن، ولا يخرجن؛ إلا لحاجتهن، لقوله تعالى: ]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا[ [الأحزاب:33].
فمن أراد من الرجال الأجانب حاجة، سألهن من وراء حجاب؛ تطهيرا للقلوب، وسدا للذرائع، واتقاءا للذنوب.
قلت: ولئن كان هذا خطابا؛ لأمهات المؤمنين اللاتي يحرم الزواج منهن، واللاتي هن أطهر، وأتقى النساء، وأبعدهن عن مظنة الاقتراب من الذنب، أو مقارفة الإثم.
قال الآلوسي المفسر / في «روح المعاني» (22/6): (والمراد على جميع القراءات: أمرهن([11]) رضي الله تعالى عنهن بملازمة البيوت، وهو أمر مطلوب من سائر النساء). اهـ
وقال المراغي المفسر / في «تفسير القرآن» (22/10): (أي: الزمن بيوتكن، فلا تخرجن لغير حاجة، وهو: أمر لهن، ولسائر النساء). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الحجاب والسفور» (ص9): (وأمرهن بلزوم البيوت، ونهاهن عن تبرج الجاهلية، وهو: إظهار الزينة، والمحاسن، كالرأس، والوجه، والعنق، والصدر، والذراع، والساق، ونحو ذلك من الزينة؛ لما في ذلك من الفساد العظيم، والفتنة الكبيرة). اهـ
قال تعالى: ]يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا[ [الأحزاب:30].
وقال تعالى: ]يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا[ [الأحزاب:32].
فكيف بغيرهن من النساء، حيث الفتنة متوفرة، وقلة التقوى، والورع أظهر؛ خاصة في هذه الأزمان.
فأين هؤلاء الذين تركوا هذه القدوة الحسنة في الاتباع، بل صاروا يزينون خروج المرأة، ومساواتها بالرجل، تحت شعارات زائفة، وكلمات منمقة زائغة.
بل إن بعضهم أنكر شرعية الحجاب، وقال إنه بدعة، وتنطع في الدين!.
قلت: فالذي لا نشك فيه أن الحجاب واجب، وهو محمود، ومشروع في الإسلام.
قال تعالى: ]واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا[ [الأحزاب:34].
وقال تعالى: ]إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما[ [الأحزاب:35].
قلت: بل لا يختلف العلماء المعتد بهم في وجوب الحجاب على المرأة المسلمة؛ منهم: الصحابة y، والتابعون، وتابعو التابعين، والمتقدمون، ومن وافقهم من المتأخرين([12])، في أن ستر المرأة لوجهها، وبدنها له أصل في الكتاب، والسنة، والآثار.
وقد كان معهودا في زمنه r، وزمن الصحابة y، ومن بعدهم، وأنه الأفضل، والأكمل للنساء كلهن. ([13])
قال تعالى: ]ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما[ [الأحزاب:59].
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن وسهل
مقدمة
الحمد لله الذي من على عباده بالإيمان، والتقوى، والفطرة السليمة، والعقل الرشيد.
الحمد لله الذي من على عباده بالستر، والحياء، والطهارة، والالتزام بشرعه، والامتثال بأمره.
الحمد لله الذي من على المسلمات المؤمنات التقيات بالطهارة، والستر، والحياء، والعفة، والعفاف، أحمده حمدا، كثيرا، طيبا، مباركا فيه؛ كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه.
أما بعد..
فهذا جزء لطيف حديثي في وجوب الحجاب على المرأة المسلمة أضعه بين أيدي أخواتي المسلمات الفاضلات، وإخواني المسلمين الأفاضل، ذاكرة فيه الأدلة البينة، والبراهين القاطعة على وجوب تغطية المرأة المسلمة لوجهها، سالكة بذلك بمسلك أهل الأثر، أهل الحديث في الوقوف على الحجج القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار الصحابية، والأقوال السلفية من التابعين، وتابعي التابعين: من أهل العلم الأفاضل الذين بينوا، وأوضحوا صفة حجاب المرأة المسلمة في العصور الفاضلة.
* فأدعو الأخوات المسلمات أن يقفن على الأدلة وقفة تأمل، وتفكر لألفاظ القرآن الكريم، والسنة الصحيحة، والآثار الواردة في صفة الحجاب الشرعي الذي أمرنا الله تعالى به؛ حيث فيه الهداية، والرشاد، والعقل، والسداد، لكل من عملت بفطرتها السليمة، وعقلها الرشيد، ودينها الحنيف، ووقفت على حال المرأة([14]) المرير في هذه العصور المتأخرة التي أصبحت فيه المرأة لا ستر، ولا عفاف، ولا حياء، لها ولا وقار؛ فهي منقادة وراء كل ناعق من أهل الأهواء، والزيغ، والضلالة من أهل الشرك والبدع والمعاصي، وما علمت المسكينة، أن سعادتها في حالتها النفسية، والجسمية، والإيمانية، والاجتماعية؛ بل حتى الاقتصادية في الانقياد لأمر مولاها جل في علاه، والاستجابة لأمر رسولها ﷺ، والاقتداء بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، والصحابيات المرحومات اللاتي:
قالت عنهن أم المؤمنين عائشة ڤ: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن [ شققن مروطهن فاختمرن بها).([15])
* فهي تمدح ڤ وأرضاها: استجابتهن لله تعالى، لما دعاهن لما يحييهن الحياة الطيبة الطاهرة السعيدة، فنعم النساء، ونعم القدوات على مر العصور، وكر الدهور، المتمسكات بأمر الله تعالى عندما أمر الله نبيه r بأن يأمر زوجاته، وبناته، ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن.([16])
قال تعالى: ]يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما[ [الأحزاب:59].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (4/429): (وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها، ويديها.([17])
وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها؛ لأنه يجوز لها إظهاره.
ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب؛ بقوله: ]يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب: 56] حجب النساء عن الرجال، وإنما دل ذلك السن المطلوب منها إذا خرجت). اهـ
وقال القرطبي المفسر / في «الجامع لأحكام القرآن» (3/372)؛ عن الجلباب: (والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (3/212): (هو ما غطى جميع الجسم، لا بعضه). اهـ
* والجلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب تشتمل به المرأة، فيغطي جميع بدنها، أو الخمار الذي تغطي به المرأة رأسها، ووجهها.
وقال الفقيه ابن العربي / في «أحكام القرآن» (3/1574): (اختلف الناس في الجلباب على ألفاظ متقاربة، عمادها أنه الثوب الذي يستر به البدن). اهـ
وقال العلامة الشيخ الألباني / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص46): (الجلباب: الذي يتضمن حجب الوجه، فكل جلباب: حجاب). اهـ بتصرف.
وقال العلامة الشيخ الألباني / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص47): (ليعلم أن ستر الوجه، والكفين له: أصل في السنة، وقد كان ذلك معهودا في زمنه r).اهـ
وقال العلامة الشيخ الألباني / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص48): (والنصوص متضافرة على أن نساء النبي r: كن يحتجبن حتى في وجوههن). اهـ
قلت: فالجلباب: هو الذي تستر به المرأة تسترا كاملا من فوق الرأس إلى أسفل القدم، فلا يرى أي: شيء منها.([18])
* فالمرأة كلها عورة، كما بين ذلك الرسول ﷺ.
فعن عبد الله بن مسعود t عن النبي r قال: (المرأة عورة؛ فإذا خرجت استشرفها الشيطان).([19])
وقال الحافظ ابن رجب / في «القواعد الفقهية» (ص5)؛ عن شعر المرأة: (وتحريم نظره على الأجنبي، فلما يتعلق به من الافتتان بالمرأة). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (2/329): (والخبر المروي: في أن المرأة عورة بالإجماع). اهـ
* وهي مأمورة بعدم إظهار زينتها حتى لا يفتتن بها الرجال.
قال تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن[ [النور:31].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «دقائق التفسير» (4/429): (وإنما ضرب الحجاب على النساء، لئلا ترى وجوههن وأيديهن). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص44): (والأصل: أن كل ما كان سببا للفتنة، فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة). اهـ
وقال الفقيه السرخسي / في «المبسوط» (10/152): (ولأن حرمة النظر لخوف الفتنة وعامة محاسنها في وجهها؛ فخوف الفتنة في النظر إلى وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء). اهـ
* وهي مأمورة بسدل جلبابها من فوق رأسها على وجهها.
فعن الأسود قال: قالت عائشة ڤ: (تسدل المحرمة جلبابها من فوق رأسها على وجهها). ([20])
* وأن كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها.
فعن الإمام أحمد / قال: (كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها).([21])
وقال العلامة الصنعاني / في «سبل السلام» (1/219): (وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها، فكلها عورة). اهـ
وقال القرطبي المفسر / في «الجامع لأحكام القرآن» (14/227): (وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة). اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (4/298): (والنساء كلهن عورة). اهـ
وقال العلامة محمد الأمين / في «أضواء البيان» (6/603): (أن المرأة كلها عورة يجب عليها أن تحتجب). اهـ
وقال الفقيه أبو حامد الغزالي / في «إحياء علوم الدين» (1/728): (إن وجه المرأة عورة في حق الرجل الأجنبي). اهـ
قلت: فالنساء مأمورات: بالاستتار، والاحتجاب، دون التبرج، والظهور.([22])
يقال: تبرجت المرأة، إذا أبدت محاسنها من وجهها، وجسدها.([23])
* وأن الرجال إذا أردوا أن يسألوا النساء، أن يسألوهن من وراء حجاب، من أجل أن لا يفتتنوا بها.
وقال تعالى: ]وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن[ [الأحزاب:53].
قلت: ولهذا أمر الله تعالى النساء بستر وجوههن عن الرجال، فإن ظهور الوجه يسفر عن صفات المحاسن، فيقع الافتتان.([24])
قال الواحدي المفسر / في «الوجيز في تفسير القرآن العزيز» (2/188): (كانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال، فلما نزلت هذه الآية: ضرب عليهن الحجاب، فكانت هذا آية الحجاب بينهن، وبين الرجال: ]ذلكم[؛ أي: الحجاب: ]أطهر لقلوبكم وقلوبهن[). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (22/117): (وأما وجهها، ويداها، وقدماها؛ فهي إنما نهيت عن إبداء ذلك للأجانب لم تنه عن إبدائه للنساء، ولا لذوي المحارم ... وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز).اهـ
قلت: فيجب على المرأة المسلمة: ستر وجهها، ويدها، وقدمها إذا خرجت من البيت، ذلك أطهر لقلبها.
* والمرأة المحرمة وإن اضطرت للخروج للحج مع محرمها، إلا أنها مأمورة بتغطية وجهها، كما أخبرت بذلك أسماء بنت أبي بكر ﭭ قالت: (كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام).([25])
* ومن المعلوم أن الوجه: هو المظهر الأكبر للجمال الخلقي، وهو الذي يجذب الأنظار.
وقد أمرت المرأة إن هي أرادت الخروج لصلاة العيد، ولم يكن لديها جلباب، أن تلبسها صاحبتها من جلبابها.
فعن أم عطية ڤ قالت: قال رسول الله r في خروج النساء في العيدين: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها). ([26])
* ولنهي النبي ﷺ المرأة المحرمة عن لبس النقاب والقفازين، لهما دليل واضح أنهما كانا مفروضين على النساء في عهد النبي ﷺ، وهذا دليل على كمال سترهن.
فعن ابن عمر ﭭ؛ أن النبي r قال: (لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين). ([27])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص14): (وهذا مما يدل على أن النقاب، والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن). هـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «تفسير سورة النور» (ص56): (وهذا مما يدل على أن النقاب، والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن). اهـ
قلت: وهذا دليل على ما وقع من التغير، والتطور في ألبسة النساء بعد نزول الحجاب، والأمر بإدناء الجلباب من الرأس على الوجه لستره، ولم يكن يخرجن إلا بالحجاب.
ثم ليس المعنى النهي عن الانتقاب للمحرمة أنها لا تستر وجهها؛ وإنما المراد أنها لا تتخذ النقاب لباسا مستقلا، وإنما تستر وجهها بجزء من لباسها غير ملاصق لوجهها.([28])
والنقاب: هو نقاب المرأة، وهو القناع على مارن الأنف، فتجعله على مارن أنفها تستر به وجهها.
يقال: تنقبت المرأة؛ أي: شدت على وجهها، وغطت وجهها.
والنقاب: هو غطاء لوجه المرأة، ولا يبدو منه؛ إلا العينان.([29])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (4/53): (والنقاب الخمار الذي يشد على الأنف، أو تحت المحاجر). اهـ
وقال العلامة السندي / في «حاشيته على سنن النسائي» (5/133): (النقاب معروف للنساء، لا يبدو منه؛ إلا العينان). اهـ
والقفاز: شيء تلبسه نساء العرب: في أيديهن يغطي الأصابع، والكف، والساعد.
قال العلامة الشيخ الألباني / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص47): (القفاز: ما تلبسه المرأة في يدها، فيغطي أصابعها، وكفها، والساعد أحيانا). اهـ
قلت: فتلبسه النساء في عصرنا؛ لستر أيديهن عن نظر الرجال في الغالب.
* وكون المسلمات اللاتي يشهدن صلاة الفجر مع رسول الله ﷺ، وهن متلفعات بمروطهن، لهو أكبر شاهد على كمال سترهن، فلا يعرفهن أحد من الغلس.
فعن عائشة ڤ قالت: (كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي r صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ما يعرفهن أحد من الغلس). وفي رواية: (وما يعرف بعضنا وجوه بعض)، وفي رواية: (ولا يعرف بعضهن بعضا).([30])
قلت: ومن أعظم الأدلة التي ترد على المخالفين لوجوب ستر المرأة المسلمة بالحجاب الكامل الذي يستر وجهها، وجميع مفاتنها، وهي رد أيضا على من استدل بأدلة قبل فرض الحجاب، حديث حادثة الإفك الطويل، الذي قالت فيه أم المؤمنين عائشة ڤ: (فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآن، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي). وفي رواية: (فسترت وجهي عنه بجلبابي).([31])
* والشاهد في الحديث: هو قولها: (وكان رآني قبل الحجاب)، (خمرت وجهي بجلبابي)([32])، فبهذين الشاهدين هما من أعظم الأدلة على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها، وسائر بدنها عن أنظار الرجال.
* فثبت عن عائشة ڤ: أنها خمرت وجهها لما سمعت صوت: صفوان بن المعطل t، وقالت ڤ: أنه كان يعرفها قبل الحجاب.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (4/462): (فعرفني حين رآني: هذا يشعر بأن وجهها انكشف لما نامت؛ لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت.
فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها، قوله: وكان يراني قبل الحجاب؛ أي: قبل نزول آية الحجاب). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (17/105): (قولها (خمرت وجهي)؛ أي: غطيته). اهـ
قلت: فأمر الله تعالى النساء بالحجاب، ولم يؤمر الرجال بالحجاب، وذلك لعدم الافتتان بهم.
وبوب الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج8 ص61)؛ باب ما جاء في احتجاب النساء من الرجال.
وقال الإمام ابن خزيمة / في «صحيحه» (4/203): (إذ الخمار الذي تستر به وجهها). اهـ
* وأما حديث أنس بن مالك t الدال على وجوب ستر النساء عن أنظار الرجال، وضرب الستر بينهن، وبين الرجال، لهو أكبر شاهد على أن النساء عورة، وعلى أنهن مأمورات بالستر التام إنهن أردن الخروج لحوائجهن خارج البيت.
فعن أنس بن مالك t، قال: (لما تزوج رسول الله r زينب بنت جحش، دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون، وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام، فلما قام قام من قام، وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي r ليدخل فإذا القوم جلوس، ثم إنهم قاموا، فانطلقت فجئت فأخبرت النبي r أنهم قد انطلقوا، فجاء حتى دخل فذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، فأنزل الله: ]يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي[ [الأحزاب: 53] الآية).([33])
* وأما حادثة أم المؤمنين سودة ڤ، التي تبين شدة حرص عمر بن الخطاب t على حجب نساء النبي r عن أنظار الرجال، مع أنهن متغطيات في الأصل، لهو من الأدلة الواضحة على كمال ستر المرأة.
فعن عائشة ڤ، قالت: (خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها، وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة، أما والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين).([34])
* والشاهد: (يا سودة، والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين)، ففي هذا الحديث دلالة واضحة على أن وجه أم المؤمنين سودة كان مستورا، وعلى أن عمر بن الخطاب t: كان يعرفها قبل الحجاب، ولم يعرفها إلا لجسامتها، وأراد أن يبالغ في سترها، ولكن رسول الله r أنزل عليه الوحي بأن الله تعالى قد أذن لهن أن يخرجن لحاجتهن شريطة لبس الحجاب الكامل الساتر لجميع البدن مع الوجه.
وعن عروة بن الزبير، عن عائشة ڤ: (أن أفلح، أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها، وهو عمها من الرضاعة، بعد أن نزل الحجاب، فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله r أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له). وفي رواية: (لا تحجبي منه).([35])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (9/150): (وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب). اهـ
وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (20/98): (قوله: (بعد أن نزل الحجاب)؛ فيه أنه لا يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمحرم لها في الدخول عليها، ويجب عليها الاحتجاب منه بالإجماع، وما ورد من بروز النساء؛ فإنما كان قبل نزول الحجاب، وكانت قصة أفلح t مع عائشة ڤ بعد نزول الحجاب، كما صرح به هنا). اهـ
* وهناك غيرها من الأدلة الواضحة الصريحة الصحيحة التي تدل على أن الحجاب هو الستر الكامل للمرأة المسلمة.
قلت: فالقول بجواز كشف الوجه للمرأة، لا يقاوم للأدلة الدالة على حظره على من يجب عليها الحجاب منه من الرجال.
* وليعلم أخواتي أن صلاح الظاهر يدل على صلاح الباطن، كما أن صلاح الباطن يدل على صلاح الظاهر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (أن صلاح القلب مستلزم لصلاح سائر الجسد، وفساده مستلزم لفساده، فإذا رأى ظاهر الجسد فاسدا غير صالح، علم أن القلب ليس بصالح بل فاسد، ويمتنع فساد الظاهر مع صلاح الباطن كما يمتنع صلاح الظاهر مع فساد الباطن؛ إذ كان صلاح الظاهر، وفساده ملازما لصلاح الباطن وفساده).([36]) اهـ
* كما أنبه أخواتي المسلمات أن يتفطن لأكبر، وأعظم واعظ لهن: وهو حرمانهن من دخول الجنة، وهو مسيرة: كذا، وكذا إذا لم يلتزمن بالدين.
فعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله r: (صنفان من أهل النار لم أرهما، -وذكر منهما- ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).([37])
وعن أسامة بن زيد ﭭ، عن النبي r قال: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء).([38])
فلا تؤخرن أنفسكن عن ركب أهل الجنة، وأنتن من أهل الإسلام.. فتفطن لذلك تسلمن وتسعدن.
فالله أسأل أن ينفع بهذا الجزء اللطيف، ويكون سببا من أسباب التمسك بالحجاب الشرعي الصحيح، وأن تكن قدوات يحتذى بكن على ممر الأجيال .. إنه سميع مجيب الدعاء.
أختكن المحبة لكن في الله
أم عبد الرحمن الأثرية
حرر بتاريخ: 1 رمضان 1441هـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
عونك يا رب يسر
ذكر الدليل من الكتاب، والسنة على وجوب تغطية المرأة لوجهها، وكفيها، وجميع بدنها عن الرجال؛ لأنها كلها عورة، وهذا الحكم بإجماع الصحابة([39])، والتابعين، ومن تابعهم، وقد قال به جمع من العلماء المتقدمين، وجمع من العلماء المتأخرين
* فإن لهذه الأمة: أن تفخر بأنها خير أمة أخرجت للناس.
قال تعالى: ]كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله[ [آل عمران: 110].
قلت: وقد امتن الله تعالى عليها بهذه الشريعة الخالدة التي نزل بها الكتاب الحكيم، وبينها للخلق الرسول r الأمين.
فجاءت بينة في أصولها، وفي فروعها، واضحة في أحكامها([40])، لم تدع حكما دون بيان.
* لذلك جعل الله تعالى الفقه في الدين منهج حياة الخلق؛ بل الفقه من مفاخر هذه الأمة في الأصول والفروع، وهو سعادة حياتها، تدوم في سعادتها ما دام هذا الفقه، وتنعدم سعادتها ما انعدم، اللهم سلم سلم.
* وقد كان من جملة ما امتن الله تعالى به على هذه الأمة، وبينه تعالى لها: اللباس الذي يستر جميع بدن المرأة([41])، وعورتها، ويواريها عن الرجال.
قال تعالى: ]يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون[ [الأعراف: 26].
قلت: وحين امتن الله تعالى على المرأة المسلمة بهذا الستر، لم يترك الأحكام المتعلقة به بدون بيان واضح للمسلمين.
* بل جاءت نصوص الكتاب، والسنة، والآثار: كاشفة عن أحكامه مبينة لمسائله، ولله الحمد.
وإليك الدليل:
* تعريف العورة في اللغة: تطلق على عدة معان، وهي:
1) النقص.
2) الخلل الذي يتخوف منه.
3) السوأة.
4) الشيء المستقبح.
5) العيب.
وكل ما يحرم كشفه.
والجمع: عورات، وهي: كل ما يستحيا منه إذا ظهر، وهي من المرأة جميع جسدها، حتى الوجه، واليدين منها.
* وأصل العورة: من العار، وذلك لما يلحقه في ظهورها من العار بكاشفها؛ أي: من المذمة.
وذلك؛ سميت: المرأة عورة.
قال تعالى: ]إن بيوتنا عورة وما هي بعورة[ [الأحزاب: 13]؛ يعني: ليست بمستورة، وليست بحصينة.
* وسميت: العورة بذلك لقبح ظهورها، وغض الأبصار عنها، مأخوذة من العور، وهو: النقص، والعيب، والقبح.([42])
* تعريف العورة في الشرع: هي كل ما حرم الله تعالى كشفه من الجسد أمام من لا يحل له النظر إليه.([43])
* والستر في اللغة: مصدر قولهم: سترت الشيء، أستره، وأستره: إذا غطيته.
وهذا المصدر: مأخوذ من مادة: «س، ت، ر» التي تدل على التغطية، أو الغطاء.
قال ابن فارس اللغوي / في «مقاييس اللغة» (3/132): (السين، والتاء، والراء: كلمة تدل على الغطاء). اهـ
وقال الراغب اللغوي / في «المفردات» (ص229): (الستر: تغطية الشيء، يقال: سترت الشيء، فاستتر؛ أي: غطيته، فتغطى، كما يقال: تستر؛ أي: تغطى، ويقال: ستر الشيء سترا، وسترا: أخفاه). اهـ
قلت: والستر، والسترة: ما يستتر به.
قال تعالى: ]لم نجعل لهم من دونها سترا[ [الكهف: 90].
وجمع؛ الستر: أستار، وستور، وستر.
ويقال: امرأة ستيرة، أي: ذات ستارة.
وجارية مسترة؛ أي: مخدرة.
* وقول الله تعالى: ]وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا[ [الإسراء: 45]؛ أي: حجابا على حجاب، والأول مستور: بالثاني، ويراد بذلك كثافة الحجاب.([44])
قلت: فجاء الإسلام، وكرم الجنس البشري في مجالات متعددة: كان من أبرزها، أن كرم الإنسان، وأمره بستر عورته.
وسمى ذلك: زينة، ونهاه عن كشفها، وسماه فتنة.
* ولذلك نظرا لشدة اهتمام الإسلام بستر العورات، ونهيه عن التعري؛ وحتى يتم ذلك على أتم الوجوه، وأكملها، فقد شرع الله تعالى طرقا عديدة للمحافظة على العورات، أمرا، وإرشادا، وتوجيها، ومن أبرز تلك الطرق والوسائل:
أولا: إنزال اللباس بنوعيه؛ لباس الجسد، ولباس القلب والروح، وشرعيته، الامتنان به.
ثانيا: تحريم النظر إلى العورات، والأمر بغض البصر عند بدوها لعارض أو غفلة.([45])
ثالثا: الاستئذان عند دخول البيوت، وتحريم النظر فيها، والاطلاع إليها من غير إذن، أو علم من صاحبها.
رابعا: التحذير من الجلوس في الطرقات؛ إلا لمن تأدب بآدابها؛ لأنها مظنة لانكشاف العورات، ومكان خروج النساء، فإذا اضطر إلى الجلوس فيها، فليتأدب بآدابها التي بينها النبي r.([46])([47])
قال تعالى: ]يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون[ [الأعراف: 27].
وقال تعالى: ]يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين[ [الأعراف: 31].
وقال تعالى: ]يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون[ [الأعراف: 26].
وقال تعالى: ]قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون (30) وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 30، 31].
* وما هذا الحرص العظيم على غض البصر عن النظر إلى المحرمات، إلا لما لإطلاق البصر من المفاسد، والمخاطر على الإنسان؛ لأن النظر بريد الزنا، والسهم المسموم من سهام إبليس القاتلة، التي توقع في المحظور، وتفسد القلب، وتجلب الآهات، والحسرات.([48])
قلت: فلا يجوز إخراج العورات، لا العورات التي مغلظة، ولا العورات التي مخففة بين الناس.
وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون[ [النور: 27].
* وما هذه العناية من الإسلام بشدة المحافظة على العورات، والأمر بحفظها، والنهي عن كشفها، إلا لما في حفظ العورات، والابتعاد عن النظر إلى الفروج التي لا تحل من الاحتشام، وصيانة العرض، وقمع الفاحشة، وصلاح الأخلاق.
قلت: فهناك تلازم بين شرع الله تعالى في اللباس لستر العورات، والزينة، وبين التقوى؛ فكلاهما: لباس.([49])
فهذا يستر عورات القلب، ويزينه بزينة الإيمان والحياء، وذاك يستر عورات الجسم، ويزينه ويجمله بين الناس، وهما متلازمان.
* وللباس تأثيره البالغ على الإنسان في حيائه، ومروءته، وأخلاقه؛ بل له تعلق كبير بعبادته لربه سبحانه، وارتباط وثيق بوجود الجنس البشري في الأرض.
والصراع بين الحق والباطل، والفضيلة والرذيلة؛ وقصة آدم، وحواء: مع عدو الله إبليس في الجنة ثابتة معلومة مشهورة.
مما قصه الله تعالى علينا في كتابه العزيز من خبرهما مع الشجرة التي نهينا عن الأكل منها، فوسوس لها الشيطان حتى أكلا منها، فبدت لهما سوأتهما، وانكشف عليهما حياؤهما، وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة حتى يسترا عورتيهما.
* ثم ختم الله تعالى تلك القصة بتحذير بني آدم من إغراءات الشيطان، وألاعيبه، ووجههم إلى أهمية اللباس، وأنه فطرة بشرية، وزينة إنسانية، يتجمل بها الإنسان، ويستر بها عورته الجسدية، كما أن التقوى لباس، وستر لعورته النفسية.
قال تعالى: ]يابني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون[ [الأعراف: 27].
ولأهمية اللباس: وأثره على البشر، فقد سعى دعاة الرذيلة، وأهل الفساد يترأسهم: عدو الله إبليس إلى كشف الستر الحسي، والمعنوي، ونشر العري والتفسخ([50])، والمخالفة في اللباس الشرعي الذي أمر به الناس، وهدوا إليه.
وكان ذلك في جانب المرأة: أكبر وأعظم؛ لأثرها الخطير في الفاحشة التي يريدون إيقاع الناس فيها.
قال تعالى: ]إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النور: 19].
مما دعا أهل العلم في توضيح أحكام لباس المرأة في الشريعة المطهرة، وبيان ما يحرم عليها، وما يحل لها من اللباس، ودعوتها إلى التمسك بهدي الإسلام في اللباس عن طريق الكتب العلمية، والفتاوى المتنوعة في ذلك، من مقل ومستكثر، ومختصر ومطول، مما شفى بإذن الله وكفى.
* ولكن الصراع بين الحق والباطل ماض إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
قال تعالى: ]ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز(40) الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور[ [الحج: 40، 41].
* فإن لباس المرأة المسلمة: هو الصورة الواضحة التي تميزها عن غيرها من الفاسقات، فباللباس تعرف المهتدية من الضالة([51])، وبه يقاس مدى احتشام المرأة واستقامتها، وحبها للستر، والحياء.([52])
فقد حارب الإسلام العري، وجعله فطرة بهيمية تفتح الشر، والفساد الذي يقوض أركان المجتمع، ويزعزع بنيانه.
وامتن الله سبحانه على عباده بإنزال اللباس الذي يستر به العورات، ويواري به السوآت، فقال تعالى: ]يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون[ [الأعراف: 26].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (2/232): (يمتن تبارك وتعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش؛ فاللباس: ما ستر العورات وهي السوآت، والرياش والريش: هو ما يتجمل به ظاهرا، فالأول من الضروريات، والريش من التكملات والزيادات). اهـ
قلت: فنهى الإسلام عن التعري، وأمر بستر العورة، وجعل المحافظة على العورات من الحياء، والحشمة.([53])
وليس هذا فحسب؛ بل كان الإسلام يجعل ستر العورة، والمحافظة عليها من ثمرات الإيمان الصحيح: بالله تعالى، وباليوم الآخر، والحياء من الله تعالى.
وقد كان النبي r يطبق، لهذا الأدب الإسلامي الرفيع في حياته، وهو الأسوة للمسلمين.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (1/566): (أنه r كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها، وفيه:([54]) النهي عن التعري بحضرة الناس). اهـ
وقال الحافظ ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (2/27): (ففيه أنه لا ينبغي التعري للمرء بحيث تبدو عورته لعين الناظر إليها). اهـ
* وما هذه العناية من الإسلام بشدة المحافظة على العورات، والأمر بحفظها، والنهي عن كشفها؛ إلا لما في حفظ العورات من درء المفاسد العظيمة المترتبة على التفريط في ذلك.([55])
قال العلامة الشيخ الألباني / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص73): (فالفارقة بين لباس الرجال، والنساء: يعود إلى ما يصلح للرجال، وما يصلح للنساء، وهو ما ناسب ما يؤمر به الرجال، وما يؤمر به النساء، فالنساء مأمورات بالاستتار، والاحتجاب دون التبرج والظهور). اهـ
* فعند شعور التقوى لله تعالى، والحياء منه ينبثق الشعور، باستقباح عري الجسد، والحياء منه.([56])
ومن لا يستحي من الله تعالى، ولا يتقيه: لا يهمه أن يتعرى، وأن يدعو إلى العري!، وهذا من العري: من الحياء، والتقوى، ومن العري: من اللباس، وكشف السوأة.([57])
فعن أبي مسعود الأنصاري t قال: قال النبي r: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت).([58])
* فإذا استشعر العبد التقوى لله تعالى، واستحيى منه الحياء المطلوب شرعا تولد لديه الشعور، والإحساس باستقباح عري الجسد، والحياء من كشفه أمام الناس، وإذا ضعف الحياء عند العبد، وفسدت التقوى لم يبال بالعري النفسي، والجسدي تطبيقا في واقع حياته، وفيمن حوله، وتحته من البشر.
قلت: والإسلام حين أمر بستر العورة، وحذر من كشفها: إنما أراد أن يقطع طرف الشبهات، ونزغات الشيطان، أن تطوف بقلوب الرجال والنساء.
* فاهتم القرآن الكريم: بستر العورة، وحذر من إبدائها، واهتمت السنة النبوية بهذا الحكم، وحثت على ستر العورات المستلزم للمحافظة على العرض، كي لا تشيع الفاحشة، وتفسد الأخلاق، وتضيع الأنساب.([59])
* وحد عورة المرأة: أن جميع بدن المرأة عورة في الدين، وقد أجمع الصحابة والتابعون على ذلك، وإليه ذهب جمع من العلماء المتقدمين، ومن العلماء المتأخرين.([60])
قلت: وممن ذهب إلى أن المرأة: كلها عورة؛ فيجب عليها أن تغطي وجهها، وممن ذكر اسمه من الصحابة؛ منهم: عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وغيرهم.
* وكذلك ممن ذكر اسمه من التابعين؛ منهم: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو الأحوص، وعبيدة السلماني، ومجاهد، وغيرهم.
وهو قول الإمام أحمد.
والراجح: عند الحنفية أن وجهها، وقدميها، وكفيها: عورة في باب النظر.
وهذا وجه للمالكية، وكذلك الشافعية، ووجه للحنابلة.
* واختار هذا القول: الإمام ابن قدامة، والإمام القرطبي، وأبو حامد الغزالي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام ابن القيم، والفقيه المناوي، والعلامة الشوكاني، والعلامة محمد بن الأمين الشنقيطي، والعلامة ابن باز، وشيخنا ابن عثيمين، وغيرهم.([61])
قال الإمام ابن القيم / في «تهذيب السنن» (2/351): (ولا يترك له الحديث الصحيح([62]): الدال على أن وجهها([63])؛ كبدنها). اهـ
قلت: فالمرأة عورة في ميزان الشرع، فلا يجوز لها كشف وجهها، وكفيها: بنص القرآن، والسنة، والآثار.
* والعورة: من الرجل ما بين سرته إلى ركبته، والمرأة كلها عورة.([64])
فعن عبدالله بن عمرو ﭭ قال: قال رسول الله r: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع، وإذا زوج أحدكم عبده، أو أجيره، فلا ينظرن إلى شيء من عورته؛ فإن ما أسفل من سرته إلى ركبتيه من عورته).([65])
وعن عبد الله بن مسعود t عن النبي r قال: (المرأة عورة؛ فإذا خرجت استشرفها الشيطان).([66])
قلت: فجعل النبي r المرأة نفسها عورة؛ أي: كلها عورة، لأنها إذا ظهرت يستحي منها؛ كما يستحي من العورة إذا ظهرت، إذا فنعت السنة النبوية أن المرأة كلها عورة، ومن العورة كشف الوجه والكفين.
والعورة: السوأة، وكل ما يستحى منه إذا ظهر، فيجب ستر الوجه والكفين للمرأة لأن ذلك من العورة، والعورة يجب سترها.
قلت: فإذا خرجت استشرفها الشيطان؛ أي: زينها في نظر الرجال... ليغويها، ويغوي بها، فيوقعها في الفتنة، ويوقع الرجال في الفتنة.([67])
قلت: والعجيب أن الشيخ الألباني / في «الصحيحة» (6/424)؛ يقول: (استدلوا بهذا الحديث على أن وجه المرأة عورة على الأجانب، ولا دليل فيه البتة).اهـ
* ثم أوله على غير تأويله، بتقليده للحافظ ابن الأثير / في «النهاية» (4/205)؛ بقوله: (المرأة عورة: جعلها نفسها عورة، لأنها إذا ظهرت يستحيى منها، كما يستحيى من العورةإذا ظهرت). اهـ
وهذا التأويل: ليس بصحيح، وهو بعيد جدا.
* وذلك أن النبي r قال: (المرأة عورة)، ولم يستثن شيئا من المرأة حتى الوجه عورة.
ثم رجع الشيخ الألباني /: مرة ثانية في «الصحيحة» (6/425)، يقر أنها عورة؛ بقوله: (فهي عورة على كل حال عند خروجها). اهـ
هذا أمر.
والأمر الثاني: عزوه لجمهور العلماء، أن المرأة ليست بعورة؛ كما في «الصحيحة» (6/ 42).
وهذا ليس بصحيح أيضا؛ لأن إجماع الصحابة، والتابعين: أن المرأة كلها عورة.
وقد قال بذلك: جمع من العلماء المتقدمين، وجمع من العلماء المتأخرين.
فهؤلاء أكثر بلا شك، من بعض المتأخرين الذين يجوزن كشف الوجه للمرأة، وقد أخطئوا في ذلك، لمخالفتهم للكتاب، والسنة، والإجماع.
* لذلك لا ينبغي: أن نقول هذا قول الجمهور، حتى نتأكد أن هذا قول الجمهور فعلا.([68])
فهذا الحديث: ظاهره أن المرأة كلها عورة، ولا يخفى عليهم تأويله إذا كان له تأويل؛ لذلك لا يعتد بتأويل الحافظ ابن الأثير لهذا الحديث.
* فهذا التأويل لا أصل له، ولا يعرف لتأويله أصلا، ولا تقوم به حجة، ولا يترك لهث تصريح النبي r: (أن المرأة كلها عورة) الذي لا يتوجه إليه تأويل.
قال عبدالله بن أحمد في «مسائله» (1/210): (قلت: الفخذ ما حده؟؛ قال – يعني الإمام أحمد-: فوق الركبة، وأشار، وقال: سألت أبي عن السرة من العورة؟؛ قال: لا).
قلت: فنص الإمام أحمد / على أن السرة، والركبة للرجل ليست من العورة.
وقال الفقيه العدوي / في «حاشيته» (1/246): (عورة الرجل مع مثله ما بين السرة والركبة).
قلت: وقد أجمع العلماء من الصحابة، والتابعين على أنه يجب على المرأة ستر جميع بدنها حتى الوجه والكفين، لأن ذلك من العورة، واختلفوا([69]) في الوجه والكفين، والصحيح: وجوب سترهما عن الرجال الأجانب، كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة والآثار، لأنهما من العورة للمرأة، مع اتفاقهم على أنه يجب سترهما مع سائر البدن عند عدم أمن الفتنة.
قلت: فجميع بدن المرأة عورة، وبهذا قال المالكية في إحدى الروايتين عن الإمام مالك، والشافعية في أحد القولين، وصححه الفقيه الرملي في «نهاية المحتاج» (6/184)، وهو الصحيح من المذهب عند الحنابلة.([70])
قال الإمام ابن العربي المالكي / في «أحكام القرآن» (2/18)؛ عند قوله تعالى: ]وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب[ [الأحزاب:53]: (وهذا يدل على أن الله تعالى أذن في مساءلتهن من وراء حجاب: في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتى فيها؛ والمرأة كلها عورة؛ بدنها، وصوتها، فلا يجوز كشف؛ ذلك إلا لضرورة، أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها). اهـ
وقال الفقيه الرملي الشافعي / في «نهاية المحتاج» (6/184): (ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة أجنبية، وهي ما عدا وجهها، وكفيها بلا خلاف... وكذا وجهها، وكفها عند خوف فتنة إجماعا، وكذا عند الأمن من الفتنة على الصحيح، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، وبأن النظر مظنة الفتنة، ومحرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب، والإعراض عن تفاصيل الأحوال؛ كالخلوة بالأجنبية، وبه اندفع القول بأنه غير عورة... على أن السبكي قال: الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها، وكفيها عورة في النظر). اهـ
قلت: وكشف المرأة وجهها من الفتنة على مدار خروجها من بيتها إلى أن ترجع؛ كما هو مشاهد في هذا الزمان، فثبت الإجماع على وجوب ستر المرأة وجهها، وكفيها، ومن خالف الإجماع، فقد شذ ولابد، فلا يعتبر قوله في الشرع.
وقال الفقيه البهوتي الحنبلي / في «كشاف القناع» (1/266): (الكفان، والوجه من الحرة البالغة عورة، خارج الصلاة باعتبار النظر، كبقية بدنها!).اهـ
وإليك الدليل:
قال تعالى: ]يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما[ [الأحزاب:59].
قلت: والجلباب: هو الثوب الذي يستر جميع البدن بمنزلة العباءة السوداء للنساء في هذا الزمان.([71])
قال اللغوي ابن منظور / في «لسان العرب» (1/273): (ويدنين عليهن: شامل لجميع أجسادهن بما في ذلك الوجه، لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه، يقال إذا زال الثوب عن الوجه: أدني ثوبك على وجهك). اهـ
وقال تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن[ [النور:31].
فعن ابن مسعود t قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ قال: الثياب).([72])
قلت: وليس المراد: إلا ما ظهر منها، كشف الوجه والكفين، فإن ذلك أبعد ما يكون عن المرأة أن تكشف وجهها، وكفيها أمام الرجال الأجانب!.([73])
قال الإمام أبو عبيد / في «غريب الحديث» (4/317): (والذي عليه العمل عندنا في هذا قول عبدالله بن مسعود t: «هي الثياب»؛ يعني: أن لا يبدين من زينتهن؛ إلا الثياب). اهـ
قلت: ولا يوجد لابن مسعود t؛ أي مخالف من الصحابة y في تفسير: «الزينة: بالثياب»، حتى ابن عباس([74]) ﭭ قد وافق ابن مسعود t على هذا التأويل في رواية له، لأنه لا يمكن للصحابة tأن يخالفوا السنة في أمرها المرأة بستر وجهها وكفها. ([75])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (20/14): (وأما أقوال الصحابة؛ فإن انتشرت ولم تنكر في زمانهم؛ فهي حجة عند جماهير العلماء، وإن تنازعوا رد ما تنازعوا فيه إلى الله تعالى، والرسول r ولم يكن قول بعضهم حجة مع مخالفة بعضهم له باتفاق العلماء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «العقيدة الواسطية» (ص128): (والإجماع: هو الأصل الثالث؛ الذي يعتمد عليه في العلم والدين.
وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين.
والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة الواسطية» (2/327): (فجمهور الأمة أن الإجماع دليل مستقل، وأننا إذا وجدنا مسألة فيها إجماع؛ أثبتناها بهذا الإجماع.
وكأن المؤلف / يريد من هذه الجملة إثبات أن إجماع أهل السنة حجة.
* قوله: (وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين).
* (الأصول الثلاثة): هي الكتاب والسنة والإجماع.
يعني: أن أهل السنة والجماعة يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من قول أو عمل، باطن أو ظاهر، لا يعرفون أنه حق؛ إلا إذا وزنوه بالكتاب والسنة والإجماع؛ فإن وجد له دليل منها؛ فهو حق، وإن كان على خلافه؛ فهو باطل.
* قوله: (والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة).
يعني: أن الإجماع الذي يمكن ضبطه، والإحاطة به: هو ما كان عليه السلف الصالح، وهم: القرون الثلاثة، الصحابة، والتابعون، وتابعوهم.
* ثم علل المؤلف ذلك بقوله: (إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة)؛ يعني: أنه كثر الاختلاف ككثرة الأهواء؛ لأن الناس تفرقوا طوائف، ولم يكونوا كلهم يريدون الحق، فاختلفت الآراء، وتنوعت الأقوال.
* (وانتشرت الأمة): فصارت الإحاطة بهم من أصعب الأمور.
* فشيخ الإسلام / كأنه يقول: من ادعى الإجماع بعد السلف الصالح، وهم القرون الثلاثة، فإنه لا يصح دعواه الإجماع، لأن الإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح، وهل يمكن أن يوجد إجماع بعد الخلاف؛ فنقول: لا إجماع مع وجود خلاف سابق، ولا عبرة بخلاف بعد تحقق الإجماع). اهـ
وقال العلامة محمد الهراس / في «شرح العقيدة الواسطية» (ص256): (قوله: «ثم من طريقة أهل السنة ...» إلخ؛ هذا بيان المنهج لأهل السنة والجماعة في استنباط الأحكام الدينية كلها، أصولها وفروعها، بعد طريقتهم في مسائل الأصول، وهذا المنهج يقوم على أصول ثلاثة:
أولها: كتاب الله عز وجل، الذي هو خير الكلام وأصدقه، فهم لا يقدمون على كلام الله كلام أحد من الناس.
وثانيها: سنة رسول الله r، وما أثر عنه من هدي وطريقة، لا يقدمون على ذلك هدي أحد من الناس.
وثالثها: ما وقع عليه إجماع الصدر الأول من هذه الأمة قبل التفرق والانتشار وظهور البدعة والمقالات، وما جاءهم بعد ذلك مما قاله الناس وذهبوا إليه من المقالات وزنوها بهذه الأصول الثلاثة التي هي الكتاب، والسنة، والإجماع، فإن وافقها؛ قبلوه، وإن خالفها ردوه؛ أيا كان قائله.
* وهذا هو المنهج الوسط، والصراط المستقيم، الذي لا يضل سالكه، ولا يشقى من اتبعه، وسط بين من يتلاعب بالنصوص، فيتأول الكتاب، وينكر الأحاديث الصحيحة، ولا يعبأ بإجماع السلف، وبين من يخبط خبط عشواء، فيتقبل كل رأي، ويأخذ بكل قول، لا يفرق في ذلك بين غث وسمين، وصحيح وسقيم). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح العقيدة الواسطية» (ص213): (فمن صفات أهل السنة الاجتماع على الأخذ بالكتاب، والسنة، والاتفاق على الحق، والتعاون على البر، والتقوى، وقد أثمر هذا وجود الإجماع: (والإجماع هو الأصل الثالث: الذي يعتمد عليه في العلم والدين)، وقد عرف الأصوليون الإجماع بأنه: اتفاق علماء العصر على أمر ديني، وهو حجة قاطعة يجب العمل به، وقوله: (وهو الأصل الثالث)؛ أي: بعد الأصلين الأولين: وهما الكتاب والسنة.
* من صفات أهل السنة أنهم: (يزنون بهذه الأصول الثلاثة)؛ وهي الكتاب، والسنة، والإجماع: (جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين)؛ فهم يجعلون هذه الأصول الثلاثة ميزانا لبيان الحق من الباطل، والهدى من الضلال، فيما يصدر من الناس من تصرفات قولية، أو فعلية اعتقادية، أو عملية: (مما له تعلق بالدين)؛ من أعمال الناس كالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والمعاملات وغيرها، أما ما ليس له تعلق بالدين من الأمور العادية، والأمور الدنيوية فالأصل فيه الإباحة.
* ثم بين الشيخ / حقيقة الإجماع الذي يجعل أصلا في الاستدلال فقال: (والإجماع الذي ينضبط)؛ أي: يجزم بحصوله ووقوعه: (هو ما كان عليه السلف الصالح)؛ لما كانوا قليلين مجتمعين في الحجاز يمكن ضبطهم، ومعرفة رأيهم في القضية: (وبعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة)؛ أي: بعد السلف الصالح صار الإجماع لا ينضبط لأمرين:
أولا: كثرة الاختلاف بحيث لا يمكن الإحاطة بأقوالهم.
ثانيا: انتشار الأمة في أقطار الأرض بعد الفتوح بحيث لا يمكن عادة بلوغ الحادثة لكل واحد منهم، ووقوفه عليها، ثم لا يمكن الجزم بأنهم أطبقوا على قول واحد فيها). اهـ
وعن الإمام أحمد / قال: (الزينة الظاهرة: الثياب، وكل شيء منها عورة، حتى الظفر).([76])
وعن الإمام أحمد / قال: (كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها).([77])
وعن الإمام أحمد / قال: (ظفر المرأة عورة، وإذا خرجت فلا تبين منها لا يدها، ولا ظفرها، ولا خفها).([78])
وعن عبد الله بن مسعود t قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن[؛ قال الزينة: السوار، والدملج([79])، والخلخال([80])، والقلادة([81])، و ]إلا ما ظهر منها[؛ قال: من الثياب، والجلباب). ([82])
قلت: فالمراد من الزينة الظاهرة؛ ما يظهر في العادة شيء من الثياب بدون تعمد المرأة في الخارج، أو ظهور الثياب نفسها من جلباب، وغيره، وهي ساترة للمرأة كلها، وهذا خارج عن أصل خلقتها في البدن، وظهور جزء من الثياب، أو الجلباب بحكم الاضطرار، والعادة بدون اختيار المرأة؛ كما ترى.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (الزينة زينتان: زينة ظاهرة، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج، فأما الزينة الظاهرة؛ فالثياب، وأما الزينة الباطنة؛ فالكحل، والسوار، والخاتم). ([83])
قلت: فالزينة الظاهرة: الثياب، وما خفي منها الحلي وغيرها، فهذه لا يراها إلا الزوج، وبنحوه من الأقارب.
قلت: والوجه والكفان من الزينة الباطنة، لأن الوجه فيه الكحل، وبقربه القلادة وغيرها، والسوار والخاتم في الكفين، واليدين، وهذه الأمور لا تظهر إلا للزوج، وغيره من الأقارب. ([84])
وهذا يدل على أن المرأة يجب عليها أن تستر كل بدنها، إلا ما ظهر منها، وهي الثياب التي تخرج في العادة بدون قصد منها.
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (3/504): (لما أمر الله تعالى النساء بالحجاب عن الأجانب، بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم، كما استثناهم في سورة النور، عند قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن[ إلى آخرها، [النور: 31]). اهـ
قلت: والحجاب يحجب البصر عن رؤية المرأة تماما، ويمنع من وصول البصر إلى رؤية شيء من بدنها.
قال الراغب المفسر / في «المفردات في غريب القرآن» (1/141): (الحجب، والحجاب: المنع من الوصول.
يقال: حجبه حجبا، وحجابا... وقوله تعالى: ]حتى توارت بالحجاب[ [ص: 32]؛ يعني: الشمس إذا استترت بالمغيب). اهـ
وقال الخليل الفراهيدي اللغوي / في «العين» (1/347): (الحجب: كل شيء منع شيئا من شيء؛ فقد حجبه حجبا). اهـ
وقال الأزهري اللغوي / في «معجم تهذيب اللغة» (6/743): (الحجاب: اسم ما حجبت به بين شيئين، وكل شيء منع شيئا: فقد حجبه... والحجاب: الستر، وامرأة محجوبة قد سترت بستر). اهـ
قال الحافظ ابن الجوزي / في «تفسير الغريب» (2/24): (ولا يبدين زينتهن: وزينتهن على ضربين: خفية؛ كالسوارين، والقرطين([85])، والدملج([86])، والقلادة([87]).
وظاهرة: وهي المشار إليها؛ بقوله تعالى: ]إلا ما ظهر منها[، وهي الثياب: و(الخمر): جمع خمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها([88])،]ولا يبدين زينتهن[؛ يعني: الخفية). اهـ
وعن أبي الأحوص / قال: في قوله تعالى: ]إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الثياب). ([89])
وعن عبيدة السلماني / قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الثياب). ([90])
وقال تعالى: ]والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة[ [النور: 60].
وعن ابن عمر ﭭ وكان يقول: في قوله تعالى: ]والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة[ [النور: 60]؛ (تضع الجلباب). ([91])
وعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة[ [النور: 60]؛ قال: (هي: الجلباب). ([92])
قلت: والثياب هنا: الجلباب، وما كان في معناه، وهذا المعنى يتناسب مع قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ يعني: الثياب.
وعن الأسود قال: قالت عائشة ڤ: (تسدل المحرمة جلبابها من فوق رأسها على وجهها). ([93])
وعن أبي الشعثاء: أن ابن عباس ﭭ قال: (تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به). ([94])
يعني: وهو مسدول على وجهها.
وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]أن يضعن ثيابهن[ [النور: 60]؛ قال: (جلابيبهن). ([95])
وعن إسماعيل بن إبراهيم قال: سألت ابن أبي نجيح: عن قوله تعالى: ]فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن[ [النور: 60]؛ قال: (الجلباب). ([96])
وعن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام – ثقة فقيه عابد من الطبقة الثالثة([97]) – قال: (كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها). ([98])
قلت: والمراد بالخمر في الآية ما يخمر به الرأس، والوجه؛ أي: يغطي الرأس مع الوجه، فتضع المرأة الخمار على رأسها، وتسدله على وجهها عن الرجال الأجانب.
والمراد بالجيوب في الآية: النحور، والصدور، فالمراد بضرب النساء بخمرهن على جيوبهن: أن يغطين رؤوسهن، ووجوههن، وأعناقهن، وصدورهن بكل ما فيها من زينة وحلي.([99])
وقال تعالى: ]وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب[ [الأحزاب:53].
قلت: وهذا الحكم عام لجميع المؤمنات، دون تخصيص أمهات المؤمنين به، يدل على ذلك تعليله تعالى لهذا الحكم، الذي هو إيجاب الحجاب لكونه أطهر لقلوب الرجال، والنساء من الزينة.([100])
وعن عبد الله بن مسعود t عن النبي r قال: (المرأة عورة؛ فإذا خرجت استشرفها الشيطان).([101])
قلت: وهذا الحديث يدل على أن الوجه والكف من العورة للعموم.
وعن أسماء بنت أبي بكر ﭭ قالت: (كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام).([102])
وعن عائشة ڤ قالت: (لما نزلت هذه الآية: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن [ [النور:31]؛ أخذن أزرهن، فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها).([103])([104])
وفي رواية: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن [ شققن مروطهن فاختمرن بها). الجمع مرط: بكسر الميم، وهو الإزار من القماش. ([105])
قلت: فأمر الله تعالى المؤمنات بضرب الخمار على رؤوسهن، وهذا نص على اختمارهن.
قال اللغوي الأزهري / في «الزاهر» (ص149): (المروط: هي أكسية من صوف، أو خز، كن النساء يتجلببن بها إذا برزن، واحدها: مرط). اهـ
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (8/490): شارحا هذا الحديث: (قولها: «فاختمرن بها»؛ أي غطين وجوههن). اهـ
قلت: انظر إلى امتثال الصحابيات لأمر الله تعالى مباشرة بدون أي مقدمات في الكلام، فلم يقلن مثلا: لقد كان الأمر من قبل على الجواز، فلماذا كذا، ولماذا كذا، ولعلنا ننظر في الأمر، ولم يقلن: المسألة فيها اختلاف، ولا غير ذلك([106])؛ مما يدل على صدقهن في تلقي أحكام الله تعالى، وأحكام رسوله r بالسمع والطاعة: ]وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير [[البقرة:285].
قلت: فالوجه هو المظهر الأكبر للجمال الخلقي، والطبيعي في المرأة، جذبا للأنظار، واستهواء للنزعات، ولفهم هذه الحقيقة لا نحتاج إلى التعمق في هذا الباب.([107])
فهذا القول هو الراجح، وأبعد عن أسباب الفتنة، ذلك أن الشريعة المطهرة جاءت بجلب المصالح، ودرء المفاسد، وكشف المرأة لوجهها، ويديها إن كان فيه مصلحة، فهي يسيرة بجانب المفاسد الناشئة عنه، ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الإفتتان بها.([108])
وعن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: (كنا نخمر وجوهنا، ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق).([109])
قال العلامة الشيخ الألباني / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص51): (ففي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة: على أن حجاب الوجه قد كان معروفا في عهده r، وأن نساؤه كن يفعلن ذلك، وقد استن بهن فضليات النساء بعدهن). اهـ
وعن عائشة ڤ قالت: (كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله r محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه).([110])
قال العلامة الساعاتي / في «بلوغ الأماني» (11/215) معلقا على أثر عائشة ڤ: (والمعنى: أنهن كن يسترن وجوههن إذا مر عليهن الرجال بجلابيبهن، الجمع جلباب: وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة إذا خرجت لحاجة، فإذا أبعدوا عنهن كشفن وجوههن). اهـ
وعن أم عطية ڤ قالت: قال رسول الله r في خروج النساء في العيدين: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها). ([111])
يعني: من لحافها، وهذا يدل على أن الجلباب كبير يكفي اثنتين، وهو الثوب الواسع الذي يشتمل به النائم، فيغطي جسده كله.
ففي الحديث دلالة على أن المعتاد عن نساء الصحابة؛ ألا تخرج إلا بجلباب ولم يأذن لهن الرسول r بالخروج بغير جلباب.
والجلباب: ثوب واسع يلبس فوق الملابس، وهو ثوب مشتمل على الجسد كله.
فتشتمل به المرأة على جسدها كله، تغطي به رأسها، وظهرها، وصدرها، ووجهها، وكفيها. ([112])
قال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (2/138): («الجلباب»: قال ابن مسعود ومجاهد وغيرهما: هو الرداء، ومعنى ذلك: أنه للمرأة؛ كالرداء للرجل، يستر أعلاها، إلا أنه يقنعها فوق رأسها، كما يضع الرجل رداءه على منكبيه.
وقد فسر عبيدة السلماني: قول الله عز وجل: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب:59]؛ بأنها تدنيه من فوق رأسها، فلا تظهر إلا عينها، وهذا كان بعد نزول الحجاب، وقد كن قبل الحجاب يظهرن بغير جلباب، ويرى من المرأة وجهها وكفاها، وكان ذلك ما ظهر منها من الزينة؛ في قوله عز وجل: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور:31].
ثم أمرت بستر وجهها وكفيها، وكان الأمر بذلك مختصا بالحرائر دون الإماء، ولهذا قال تعالى: ]ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين[ [الأحزاب:59] ، يعني: حتى تعرف الحرة فلا يتعرض لها الفساق، فصارت المرأة الحرة لا تخرج بين الناس؛ إلا بالجلباب، فلهذا سئل النبي r لما أمر النساء بالخروج في العيدين، وقيل له: المرأة منا ليس لها جلباب؟ فقال r: «لتلبسها صاحبتها من جلبابها» ([113])؛ يعني: تعيرها جلبابها تخرج فيه.
وإذا علم هذا المعنى، ففي إدخال هذا الحديث في «باب: اللباس في الصلاة» نظر؟ فإن الجلباب إنما أمر به للخروج بين الناس؛ لا للصلاة، ويدل عليه: أن الأمر بالخروج دخل فيه الحيض وغيرهن، وقد تكون فاقدة الجلباب حائضا، فعلم أن الأمر بإعارة الجلباب: إنما هو للخروج بين الرجال، وليس من باب أخذ الزينة للصلاة؛ فإن المرأة تصلي في بيتها بغير جلباب بغير خلاف، وإنما تؤمر بالخمار).([114])اهـ
قلت: وهذا يدل على أن أخذ المرأة الجلباب في صلاة العيدين ليس هو لأجل الصلاة، بل هو للخروج بين الرجال، ولو كانت المرأة حائضا لا تصلي؛ فإنها لا تخرج بدون جلباب. ([115])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (1/505): (وفيه –يعني: الحديث – امتناع خروج المرأة بغير جلباب).اهـ
وقال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (3/305): (ومنها – يعني: الفوائد- امتناع خروج النساء بدون الجلاليب).اهـ
قلت: فالجلباب من أكيسة الرأس والوجه، والصدر، وهذا يتناسب مع قوله تعالى: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب:59].
وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «مسائل السفور والحجاب) (ص6): (والجلابيب: جمع جلباب، والجلباب: هو ما تضعه المرأة على رأسها للتحجب، والتستر به.
وقد أمر الله تعالى جميع النساء بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور، والوجه، وغير ذلك حتى لا يعرفن بالعفة؛ فلا يفتتن، ولا يفتن غيرهن فيؤذيهن). اهـ
وقال الفقيه الشربيني / في «السراج المنير» (3/271): (قوله تعالى: ]يدنين[ أي: يقربن، ]عليهن[ أي: على وجوههن، وجميع أبدانهن، فلا يدعن شيئا منها مكشوفا). اهـ
وقال العلامة الشيخ الشنقيطي / في «أضواء البيان» (6/602): (وبالجملة: فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب، مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو: أعظم مثير للغريزة البشرية، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي).اهـ
وعن أنس بن مالك t، قال: (صليت أنا ويتيم، في بيتنا خلف النبي r، وأمي أم سليم خلفنا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (727) من طريق سفيان بن عيينة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك t به.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (2/417)؛ باب: المرأة وحدها تكون صفا.
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (2/417): (المراد: أنها وقفت وحدها غير مختلطة بالرجال، تكون في حكم الصف). اهـ
وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (2/418): (استنبط منه: أن المرأة لا تصف مع الرجال لما يخشى من الافتتان بها). اهـ
قلت: فالمرأة في حد ذاتها فتنة للرجال، فعليها بالحجاب، وعدم اختلاطها بالرجال على قدر استطاعتها([116])، لتسلم من الإثم.
وعن ابن عمر ﭭ؛ أن النبي r قال: (لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين). ([117])
قلت: فدل الحديث على أن النقاب كان معروفا في النساء في عهد النبي r، وعهد الصحابة y.
ودل أيضا على أن القفازين كانا معروفين في النساء في عهد النبي r، وعهد الصحابة y.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (15/370): (وهذا مما يدل على أن النقاب، والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن). اهـ
وقال الإمام ابن العربي المالكي / في «عارضة الأحوذي» (4/56): (قوله r: «ولا تنتقب المرأة»؛ وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج؛ فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال، ويعرضون عنها). اهـ
قلت: وقد أجمع العلماء على أن المرأة المحرمة يجب عليها أن تغطي وجهها عن الرجال الأجانب، وهي محرمة، فمن باب أولى أن تغطي وجهها عن الرجال الأجانب وهي غير محرمة في بلدتها.
قال الحافظ ابن عبدالبر / في «الاستذكار» (1/28): (وأجمعوا أن إحرام المرأة في وجهها، وأن لها أن تغطي رأسها، وتستر شعرها وهي محرمة.
وأن لها أن تسدل ([118]) الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا، تستتر به عن نظر الرجال إليها). اهـ
وقال الإمام ابن القطان / في «الإقناع» (1/262): (وأجمعوا أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا، تستتر به عن نظر الرجال إليها). اهـ
وقال الإمام ابن الملقن / في «التوضيح بشرح الجامع الصحيح» (11/140): (قام الإجماع على أن المرأة تلبس المخيط كله، والخمر، والخفاف، وأن إحرامها في وجهها، وأن لها أن تغطي رأسها، وتستر شعرها، وتسدل الثوب على وجهها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (5/154): (فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها، لمرور الرجال قريبا منها؛ فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها).اهـ
وقال الإمام ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (4/187): (وأجمع العلماء أن المرأة تلبس المخيط كله، والخمر، والخفاف، وأن إحرامها في وجهها، وأن لها أن تغطي رأسها، وتستر شعرها، وتسدل الثوب على وجهها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال). اهـ
وقال الحافظ ابن عبدالبر / في «التمهيد» (1/28): (وأجمعوا أن إحرامها في وجهها دون رأسها، وأنها تخمر رأسها، وتستر شعرها وهي محرمة.
وأجمعوا أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال إليها).اهـ
وقال العلامة ابن الضويان في «منار السبيل» (1/318): (فإن احتاجت لتغطيته؛ يعني: وجهها، لمرور الرجال قريبا منها سدلت الثوب من فوق رأسها، لا نعلم فيه خلافا). اهـ
وعن عائشة ڤ قالت: (كن نساء المؤمنات يشهدن مع النبي r صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ما يعرفهن أحد من الغلس). وفي رواية: (وما يعرف بعضنا وجوه بعض)، وفي رواية: (ولا يعرف بعضهن بعضا). ([119])
متلفعات: متلحفات.
والتلفع: هو الالتحاف مع تغطية الرأس والوجه.
وهذا يعني: الحرص على التستر للمرأة في حال خروجها من البيت.
وهذا الحديث يدل على أن النساء في عهد النبي r كن يشهدن صلاة الفجر مغطيات للوجوه، وملتحفات بالثياب على الأجسام والوجوه بمروطهن؛ أي: مسترات لوجوههن، وأبدانهن بمروطهن. ([120])
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (1/482): (إن الحديث يعين أحد الاحتمالين: هل عدم المعرفة بهن لبقاء الظلمة، أو لمبالغتهن في التغطية). اهـ
وكذا قال الحافظ العيني / في «عمدة القاري» (4/90): (يحتمل أن يكون لبقاء ظلمة من الليل، أو لتغطيتهن بالمروط غاية التغطي). اهـ
قلت: وعلى الاحتمالين؛ فالاستتار حاصل؛ إما بالظلمة، وشدة الغلس، أو بالتغطية للوجوه.
وقولها: «متلفعات»؛ حال. أي : ملتحفات من التلفع، وهو شدة اللفاع، وهو ما يغطي الوجه، ويلتحف به.
قلت: والتلفع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك، بل التلفع لا يكون؛ إلا بتغطية الرأس أيضا.([121])
قال الأزهري اللغوي / في «الزاهر» (ص149): (المتلفعات: النساء اللواتي قد اشتملن بجلابيبهن حتى لا يظهر منهن شيء غير عيونهن.
وقد تلفع بثوبه، والتفع بثوبه: إذا اشتمل به، أي: تغطى به). اهـ
قلت: وهذا يدل على وجوب تغطية الوجه للمرأة.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (9/324): (ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (15/372): (وإنما ضرب الحجاب على النساء؛ لئلا ترى وجوههن، وأيديهن، والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (9/337): (استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد، والأسواق، والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال).اهـ
قلت: وهذا يدل على أن ستر جميع بدن المرأة بما في ذلك وجهها، وكفيها هو الحال الذي كان على عهد النبي r، وكانت عليه النساء الصحابيات في عهده، وفي هؤلاء الأسوة الحسنة فهم خير الناس للناس. ([122])
وعن عائشة ڤ قالت: (المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت، إلا ثوبا مسه ورس، أو زعفران، ولا تتبرقع، ولا تلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت).([123])
قولها: «ولا تتبرقع»؛ فهذا يدل على أن التبرقع كان معروفا في النساء على عهد النبي r، وعهد الصحابة y.
قلت: وهذه الآثار تدل على أن المرأة المسلمة غير منهية عن تغطية وجهها حال الإحرام، وإنما نهيت عن تغطيته بالنقاب، وما عدا ذلك فيجب لها في الإحرام لبسه على وجهها خشية الفتنة، فإذا كانت في حال الإحرام تغطي وجهها عن الرجال الأجانب، فمن باب أولى في غير الإحرام أن تغطي وجهها عنهم، لأن المرأة كلها عورة.
فعن عبد الله بن مسعود t عن النبي r قال: (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من ربها، إذا هي في قعر بيتها).([124])
وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (5/231): (وقد أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها، وأنه عورة يجب عليها ستره، إلا من ذي محرم). اهـ
وقال العلامة الشيخ بكر أبو زيد / في «حراسة الفضيلة» (5/231): (واتفق المسلمون على عدم خروج نساء المؤمنين أمام الرجال؛ إلا متحجبات، غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة). اهـ
وقال الإمام ابن الملقن / في «التوضيح بشرح الجامع الصحيح» (25/163): (وإجماع الأمة أنه غير جائز للمرأة أن تظهر شيئا من عورتها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (26/112): (أما المرأة؛ فإنها عورة). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (2/329): (والخبر المروي: في أن المرأة عورة بالإجماع). اهـ
وقال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (6/266): (المرأة عورة: أي: هي موصوفة بهذه الصفة، ومن هذه صفته فحقه أن يستر، والمعنى: أنه يستقبح تبرزها، وظهورها للرجل.
والعورة: سوءة الإنسان، وكل ما يستحيي منه، كنى بها عن وجوب الاستتار في حقها) ([125]). اهـ
قلت: هذا هو السبيل لمن أراد الالتزام بالسنة المحضة، فالطريق إلى معرفة ما جاء به الرسول r هو أن تعرف ألفاظه الصحيحة، وما فسرها به الذين تلقوا عنه اللفظ والمعنى، ومعرفة لغتهم التي كانوا يتخاطبون بها([126]) على المعنى الصحيح، والله ولي التوفيق.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (إنما النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها، وما بها من بأس، فيستشرف لها الشيطان، فيقول: إنك لا تمرين بأحد إلا أعجبتيه، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضا، أو أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وما عبدت امرأة ربها؛ مثل: أن تعبده في بيتها).
أثر صحيح
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 185 و195)، و(8914)، و(9480)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (17710)، وابن خزيمة في «التوحيد» (27) من طريق شعبة([127]) بن الحجاج، وشريك([128]) بن عبدالله النخعي، وأبي الأحوص سلام([129]) بن سليم الحنفي؛ كلهم: عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود t به موقوفا.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ الدارقطني في «العلل» (5/314): «والموقوف هو الصحيح من حديث أبي إسحاق».
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/35)؛ ثم قال: «رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله ثقات».
وعن عبدالله بن مسعود t قال: (صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في حجرتها أفضل من صلاتها في دارها، وصلاتها في دارها أفضل من صلاتها فيما سواه، ثم قال: إن المرأة إذا خرجت تشرف لها الشيطان). وفي رواية: (المرأة عورة، وأقرب ما تكون من ربها إذا كانت في قعر بيتها، فإذا خرجت تشرف لها الشيطان).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (7616)، وعبدالرزاق في «المصنف» (5116)، والطبراني في «المعجم الكبير» (9/295)، (9481)، و(9482) من طريق أبي هلال، وأيوب عن حميد بن هلال العدوي –ثقة عالم-، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود t به موقوفا.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ الدارقطني في «العلل» (5/314): «والموقوف هو الصحيح من حديث حميد بن هلال».
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (2/35)؛ ثم قال: «رواه الطبراني في «الكبير»، ورجاله موثوقون».
وأورده الهيثمي أيضا في «مجمع الزوائد» (2/34)؛ ثم قال: «ورجاله رجال الصحيح».
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (ما صنعت امرأة خيرا من أن تقعد في قعر بيتها تعبد ربها، تقول إحداهن: أذهب إلى أهلي، فيستشرفها الشيطان حتى تقول: ما رآني أحد إلا أعجبته).
أثر حسن لغيره
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (9/295)، (9478)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (3/131) من طريق زائدة([130])، وجعفر([131]) بن عون، عن إبراهيم([132]) الهجري، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود t به موقوفا.
قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك - إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في وجوب تغطية الوجه واليدين للمرأة المسلمة.............................................................. |
5 |
2) |
إلماعة: الخلاف بين العلماء ليس من أدلة التشريع بالإجماع، وعنده طلب الدليل من الكتاب، أو السنة، أو الآثار............................ |
6 |
3) |
جوهرة نادرة: أحكام الأصول والفروع الأدلة فيها واضحة لجميع الناس، فعليهم أن يسئلوا عنها، ويجتهدوا في معرفتها، ولا تخفى إلا على الجاهل المعرض عن العلم، ولا يعذر بجهله هذا............................................................................................................ |
8 |
4) |
درة نادرة: الحذر من العمل بالفتاوى المخالفة للشريعة المطهرة في أحكام الأصول والفروع، وهي التي أخطأ فيها عدد من العلماء في الدين، فإنها لا تنفعك؛ بل تضرك في الدنيا، وفي الآخرة...................................................................................................... |
11 |
5) |
درة نادرة: في فرضية الحجاب على المرأة المسلمة بموافقة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لرب العالمين عز وجل............................ |
14 |
6) |
مقدمة........................................................................................................ |
24 |
7) |
ذكر الدليل من الكتاب، والسنة على وجوب تغطية المرأة لوجهها، وكفيها، وجميع بدنها عن الرجال؛ لأنها كلها عورة، وهذا الحكم بإجماع الصحابة، والتابعين، ومن تابعهم، وقد قال به جمع من العلماء المتقدمين، وجمع من العلماء المتأخرين.............................. |
40 |
([1]) «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية» بالمملكة العربية السعودية، برآسة الشيخ ابن باز (ج1 ص150-المجموعة الأولى).
([2]) فمسائل الأحكام بما يعلم من الدين ضرورة، فهي أضعاف مضاعفة في الدين: ]ففهمناها سليمان[ [الأنبياء: 79].
([6]) «قناة أهل الحديث» بعنوان: «العلامة الألباني يتبرأ من الذين يقلدوه في تصحيح وتضعيف الأحاديث، وفي الأحكام في الأصول والفروع» في سنة: «1441هـ».
([8]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص174)، و«مسند الفاروق» له (ج2 ص473)، و«علل الأحاديث الواردة في الأحاديث» للدارقطني (ج2 ص186).
([9]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص169)، و«عمدة القاري» للعيني (ج4 ص144)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج9 ص3904).
([12]) قلت: ولا يلتفت إلى اختلاف عدد من المتأخرين في عدم وجوب تغطية وجه المرأة؛ بعد إجماع الصحابة، والسلف، y، فتنبه.
وقال الإمام الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج3 ص2092): (وليس الاختلاف حجة، وبيان السنة حجة على المختلفين: من الأولين، والآخرين).اهـ
([13]) وهناك من ينكر الحجاب، والنقاب، من أهل الأهواء، وقد شنوا حملتهم العشواء على الحجاب للمرأة، بل ويردون النصوص في فرض الحجاب، وذلك لأنها تخالف عقولهم القاصرة، وفهمهم السقيم، دون محاولة الجمع بينها.
قال تعالى: ]لا ينال عهدي الظالمين[ [البقرة:124]؛ أي: لا يقتدى بهم، ولن يصلوا إلى مرادهم.
وإن أمثال: هؤلاء وغيرهم ممن يصدون عن سبيل الله، ويحرفون الكلم عن مواضعه؛ إنما غرتهم الشبهات، والشهوات، والأماني، فوجد فيهم إبليس: ضالته المنشودة، فصال بهم، وجال، وشنوا حملتهم المسعورة على الإسلام، وأهله، فلنصبر، ولنحتسب مصيبتنا في أمثال هؤلاء البغاة على الإسلام وأهله، والله المستعان.
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال تعالى: ]لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا * ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا * سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا[ [الأحزاب:60-62].
([15]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (8/489).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «حجاب المرأة المسلمة» (ص71): (الخمر: التي تغطي الرأس، والوجه، والعنق). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (10/48): (ومنه خمار المرأة؛ لأنه يستر وجهها).اهـ
قلت: وهذا يدل على أن من أهم وظائف الخمار غطاء الوجه.
فالخمار: عام لغطاء الرأس، والوجه في اللغة، وفي الشرع.
([17]) وكذلك هذه كانت المرأة في الجاهلية تكشف عن وجهها.
قال الآلوسي المفسر / في «روح المعاني» (11/264): (إن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه). اهـ
قلت: فعلى المرأة المسلمة، أن لا تتشبه بالمرأة الجاهلية، فتكشف عن وجهها.
قال تعالى: ]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية[ [الأحزاب: 33].
([18]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (1/283)، و«معالم التنزيل» للبغوي (2/754)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (14/243)، و«فتح الباري» لابن حجر (1/424)، و«فيض الباري» للكشميري (1/288)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (6/106)، و«روح المعاني» للآلوسي (11/264)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (13/4908).
أخرجه الترمذي في «سننه» (1173)، وابن خزيمة في «صحيحه» (3/95)، والطبراني في «المعجم الكبير» (10115)، وابن حبان في «صحيحه» (5598) و(5599).
وإسناده صحيح.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
([23]) وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (7/230).
والتبرج: هو التكشف من المرأة، وإظهار زينتها، وإبراز محاسنها للرجال.
وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (12/309)، و«لسان العرب» لابن منظور (2/212).
([28]) وانظر: «حجاب المرأة المسلمة» لابن تيمية (ص14)، و«إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب» للمباركفوري (ص50).
([29]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (1/768)، و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (4/421)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (3/312)، و«شرح الموطأ» للزرقاني (2/233)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص237)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (3/89)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (2/440).
([32]) ومعنى: فخمرت وجهي: أي: غطيت وجهي، وسترته بجلبابي.
وانظر: «جلباب المرأة المسلمة» لابن تيمية (ص107)، و«فتح الباري» لابن حجر (8/463)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (17/105)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (12/230).
([39]) قلت: والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه الصحابة y، ومن تابعهم في الإجماع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «العقيدة الواسطية» (ص128): (والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه «السلف الصالح»؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة). اهـ
([40]) والحق واضح، وسهل: لمن يطلبه بحسن قصد، والله المستعان.
قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر: 22].
يعني: سهلنا لفظه، ويسرنا فهمه، ووضحنا معناه.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (4/264)، و«مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم (1/57).
([42]) وانظر: «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (2/97)، و«لسان العرب» لابن منظور (4/416)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص193)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (4/205)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص437)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب الأصبهاني (ص595)، و«المجموع» للنووي (3/171)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (12/237).
([43]) وانظر: «نهاية المحتاج» للرملي (2/5)، و«النظر في أحكام النظر» لابن القطان (ص118)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (7/182)، و«مغني المحتاج» للشربيني (1/397)، و«كشاف القناع عن متن الإقناع» للبهوتي (1/264)، و«حاشية الشرح الصغير» للصاوي (1/283).
([44]) وانظر: «مفردات غريب القرآن» للراغب (ص229)، و«الصحاح» للجوهري (2/677)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (3/132)، و«لسان العرب» لابن منظور (4/323)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (2/241 و344).
([45]) وغض البصر المأمور به شرعا، هو: كفه عن الاسترسال، فلا ينظر إلى الشيء بملء العين، وهو أدب لطيف عظيم من الله تعالى لعباده المؤمنين: أن يغضوا من أبصارهم عما حرم الله تعالى عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما يباح لهم النظر إليه.
وانظر: «أحكام القرآن» لابن العربي (3/377)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (3/310)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (4/26)، و«النظر في أحكام النظر» لابن القطان (ص111 و112).
([46]) لقوله r: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (6229) من حديث أبي سعيد الخدري t.
([49]) وهذا يدل على أن ستر العورة: عبادة، ووقاية.
* فستر العورة: هو عبادة لأمر الله تعالى.
* وستر العورة: وقاية؛ لأنه يساعد على غض البصر الذي أمر الله تعالى به.
قال تعالى: ]أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء[ [النور: 31].
([50]) وسبب هذا بالدرجة الأولى: الجهل بأحكام اللباس، وآدابه، وضوابطه، وشروطه.
مما يترجمه الكثير منهم في لباسه، وهيئته، إفراطا، أو تفريطا.
* ولا ريب في ذلك؛ فأكثر الناس إنما يؤتون من الجهل بأحكام شريعة الإسلام الغراء، وما ينتج عن ذلك من المفاهيم الخاطئة في كيفية اللباس والستر؛ فيعتقدون أنهم أحرار فيما يلبسون كيفا، ونوعا، وصفة، وجنسا، ومن هنا يأتي الخلل والخطأ، وارتكاب المخالفات في اللباس.
قلت: والإغراء باللباس الخادش للحياء، الفاضح للعورة.
([51]) فأهمية اللباس عموما، ولباس المرأة خصوصا؛ في حياة الناس، وأثره الواضح على الأخلاق، والمروءة، والحياء، وما يستلزمه التفريط في جوانبه من الخوارم المهلكة في المجتمع المسلم.
([52]) والتهاون البين الواضح من المسلمين في قضية اللباس، والتقليل من شأن المحافظة، والعناية بأحكامه، وضوابطه الشرعية.
([53]) وقد كان العرب في الجاهلية يطوفون بالبيت عراة، الرجال والنساء: زاعمين أن الله تعالى أمرهم بذلك، وأنهم وجدوا آباءهم عليها، فتبرأ الله تعالى منهم، ورد عليهم فريتهم، وسمى فعلهم ذلك فاحشة وسوءا.
فقال تعالى: ]وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف: 28].
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (2/233)، و«جامع البيان» للطبري (12/389)، و«الدر المنثور» للسيوطي (3/439).
([54]) يعني: حديث جابر t قال: عند نقله r حجارة الكعبة: (فما رئي بعد ذلك عريانا r).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (364).
([55]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (3/310 و311)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (4/26)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (3/377)، و«الجواب الكافي» لابن القيم (ص306)، و«فتح الباري» لابن رجب (2/381).
([56]) فالملابس، والزينة: مظهران من مظاهر المدنية، والحضارة الصحيحة، والتجرد عنها: إنما هو: رجوع إلى الحيوانية، وعودة الحياة البهيمية.
* فأعز ما يملكه الإنسان هو الحياء، والعفاف، والشرف، والمحافظة على هذه الفضائل، هي محافظة على إنسانيته في أسمى صورها.
([57]) وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (7/189)، و«أحكام العورة والنظر» للفالح (ص20 و21)، و«فقه السنة» للسيد سابق (2/181).
([58]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6/515)، وفي «الأدب المفرد» (ص206)، وأبو داود في «سننه» (4/252)، وابن ماجه في «سننه» (2/1400)، وأحمد في «المسند» (4/121 و122).
([60]) قلت: ولا يلتفت إلى اختلاف عدد من العلماء في جوازهم: كشف المرأة لوجهها، وكفها، لما سبق من إجماع السلف على خلاف ما ذهبوا إليه.
قال الإمام الخطابي / في «غريب الحديث» (ج2 ص304): (ولا أعلم خلافا في أن الوتر ليس بفرض؛ إلا أن بعض الفقهاء قد علق فيه القول، وقد سبقه الإجماع بخلافه!). اهـ
([61]) وانظر: «بداية المجتهد» لابن رشد (1/111)، و«المبسوط» للسرخسي (1/152)، و«البحر الرائق» لابن نجيم (1/285)، و«مغني المحتاج» للشربيني (3/129)، و«المغني» لابن قدامة (2/327)، و«الاختيار في تعليل المختار» لابن مودود (1/46)، و«النظر في أحكام النظر» لابن القطان (ص139 و144)، و«تهذيب السنن» لابن القيم (2/352)، و«رد المحتار على درر المختار» لابن عابدين (1/271)، و(2/189).
([64]) وانظر: «الكافي» لابن عبد البر (1/238)، و«المجموع بشرح المهذب» للنووي (3/168)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (7/182)، و«عقد الجواهر» لابن شاش (1/157)، و«حاشية الخرشي على مختصر خليل» (1/246)، و«الـمغني» لابن قدامة (2/284)، و«الإنصاف» للمرداوي (1/449).
أخرجه أحمد في «الـمسند» (2/187)، وفي «العلل» (1/149)، وأبو داود في «سننه» (495)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/94)، والبغوي في «شرح السنة» (505)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (4/168)، والحاكم في «المـستدرك» (1/197)، والدارقطني في «السنن» (887)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (2/167)، وأبو نعيم في «الحلية» (10/26)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (2/278)، والدولابي في «الكنى» (1/159)، وابن أبي شيبة في «الـمصنف» (1/347).
وإسناده حسن.
وجود إسناده ابن كثير في «إرشاد الفقيه» (1/108)، وصححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (1/266).
أخرجه الترمذي في «سننه» (1173)، وابن خزيمة في «صحيحه» (3/95)، والطبراني في «المعجم الكبير» (10115)، وابن حبان في «صحيحه» (5598) و(5599).
وإسناده صحيح.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
([68]) وهذا لابد منه من جمع أقوال العلماء من المتقدمين، ومن المتأخرين، حتى يتبين أنه قول الجمهور فعلا.
([69]) يعني: من العلماء المتأخرين، ولا يلتفت إلى خلافهم بعد ثبوت النص من القرآن، والسنة، وإجماع الصحابة y.
([70]) وانظر: «الفروع» لابن مفلح (5/154)، و«المغني» لابن قدامة (6/558)، و«الإنصاف» للمرداوي (8/28)، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (3/453).
([71]) وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (7/250)، و«جامع البيان» للطبري (22/29)، و«أحكام القرآن» للجصاص (3/372)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (6/586).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (17/256)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1569)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (14400)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (4/318).
وإسناده صحيح.
([74]) وأما تفسير ابن عباس ﭭ: بالزينة الظاهرة: «بالوجه والكفين»؛ فهو أثر ضعيف لا يصح عن ابن عباس، لاختلاف طرقه ومتونه، فقد وقع الاضطراب فيه.
انظر: «جزء فيه: ضعف تفسير ابن عباس ﭭ؛ لقوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ بكشف المرأة للوجه والكفين» لزوجي الشيخ فوزي الأثري حفظه الله.
وكذلك أثر ابن عمر ﭭ لا يصح في تفسير: «الزينة الظاهرة: بالوجه والكفين».
انظر أيضا: «جزء فيه: ضعف تفسير ابن عمر ﭭ؛ أن الزينة الظاهرة: بالوجه والكفين» لزوجي الشيخ فوزي الأثري حفظه الله.
([75]) وانظر: «محاسن التأويل» للقاسمي (13/308)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (7/240)، و«تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي» للمباركفوري (8/62)، و«عمدة القاري بشرح صحيح البخاري» للعيني (20/217)، و«بلوغ الأماني» للساعاتي (11/215).
أخرجه الخلال في «أحكام النساء» (ص50).
وإسناده صحيح.
ونقله عنه ابن الجوزي في «زاد المسير» (6/31).
قلت: رحم الله الإمام أحمد، يقول هذا الكلام في عصر الأوائل، فما بالكم لو رأى الإمام أحمد ما أحدثته المحجبات المتبرجات من إظهار اليد، ونصف الساعد، والعين، والحاجب، وبعض أجزاء من الوجه، ألا يعلمن أنهن مبعوثات، وعن هذا مسئولات، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
([79]) الدملج: سوار يحيط بالذراع من أعلى، وهو المعضد من الحلي.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (3/1425).
([80]) الخلخال: حلية؛ كالسوار تلبسها النساء في أرجلهن، والجمع: خلاخيل.
انظر: «المعجم الوسيط» (ص249).
([81]) القلادة: هي التي تعلق في عنق المرأة من الذهب وغيره.
انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص229)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص265).
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (4/284)، وابن جرير في «جامع البيان» (17/256)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (11/22 – الدر المنثور)، وعبدالرزاق في «تفسير القرآن» (2/56)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (14400)، وابن أبي الدنيا في «العيال» (404)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (5/348)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1569)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (4/332)، والحاكم في «المستدرك» (2/397).
وإسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (4/284)، وابن جرير في «جامع البيان» (17/256)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (11/22 – الدر المنثور)، وابن وهب في «تفسير القرآن» (1/10).
وإسناده صحيح.
([87]) القلادة: هي التي تعلق في عنق المرأة من ذهب، وغيره.
وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (3/1425)، و«المعجم الوسيط» (ص249)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص221 و229)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص265).
([88]) قلت: ويطلق على الخمار ما تغطي به المرأة رأسها ووجهها أيضا، فهو أعم؛ كما ثبت ذلك في الآثار، وجمعه: أخمرة، وخمر، وخمر.
قلت: ولأن الخمار، يسمى الغطاء مطلقا، وكل شيء غطيته، فقد خمرته، فتخمر الرأس، كما تخمر الوجه؛ أي: تغطيه، فافطن لهذا.
والخمر: ما واراك من شيء، ويقال: يخمر خمرا: إذا خفي، وتوارى، وسميت الخمرة التي يسجد عليها بذلك، لأنها تستر الوجه عن الأرض.
وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (2/1260)، و«تفسير غريب القرآن» للصنعاني (ص158)، و«معجم تهذيب اللغة» للأزهري (1/1100)، و«فتح الباري» لابن حجر (10/48 و49)، و«رسالة الحجاب» لشيخنا العلامة ابن عثيمين (ص7)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص96).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (14847)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1616)، والبيهقي في «السنن الكبرى» تعليقا (7/93)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (11/110 - الدر المنثور).
وإسناده صحيح.
أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن»(ص179)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (7/93)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (11/110 - الدر المنثور).
وإسناده صحيح.
أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1617)، والطبري في «جامع البيان» (17/363)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير القرآن» (1106).
وإسناده صحيح.
أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1617)، والطبري في «جامع البيان» (17/363).
وإسناده صحيح.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (17712).
وإسناده حسن.
وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج2 ص139).
أخرجه الترمذي في «سننه» (1173)، وابن خزيمة في «صحيحه» (3/95)، وفي «التوحيد» (23)، والطبراني في «المعجم الكبير» (10115)، وفي «المعجم الأوسط» (2081)، وابن حبان في «صحيحه» (5598) و(5599)، والطيوري في «الطيوريات» (904)، والبزار في «المسند» (5/427)، وابن المنذر في «الأوسط» (4/229)، وابن عدي في «الكامل» (3/1259)، وابن المقرئ في «الفوائد» (7)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (4/201).
وإسناده صحيح.
وقال الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (1/203): «وهذا إسناد صحيح».
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الدارقطني في «العلل» (5/315): «ورفعه صحيح من حديث قتادة».
وقال ابن رجب في «فتح الباري» (5/318): «صححه الترمذي، وإسناده كلهم ثقات».
والحديث صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (1/343).
وانظر: «المغني عن حمل الأسفار» للعراقي (1/412)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (1/142)، و«نصب الراية» للزيلعي (1/298).
([103]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (8/489).
يرحم الله نساء المهاجرات الأول؛ أي: السابقات من المهاجرات، حيث بادرن إلى تغطية وجوههن بمجرد سماع كلام الله تعالى.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (8/490).
([106]) قلت: أما في هذا الزمان؛ فترى المرأة الكاشفة تتكلم بكلام في أحكام الحجاب هو من صميم أهواء النفوس، والحرية المزعومة، فتحتج المرأة باختلاف العلماء، والفتاوى العصرية في جواز كشف الوجه، والكفين، وغير ذلك، بل تحتج بالمتشابه من الأقوال، ولم تسمع، وتطع لله تعالى، ولرسوله r؛ كالمرأة الصحابية، ولم تنظر إلى إجماع الصحابة والتابعين في عدم كشف الوجه والكفين، والله المستعان.
قال تعالى: ]ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا[ [النور:51]، وقال تعالى: ]قالوا سمعنا وهم لا يسمعون[ [الأنفال:21]، وقال تعالى: ]واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا[ [البقرة:93].
([107]) كذلك فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والكفين، والتجول سافرة هكذا، لم يحصل منها حياء، ولا خجل يردعها عن المحرمات، وهذا الأمر فيه هلاكها في الحياة الدنيا والآخرة.
أخرجه مالك في «الموطأ» (1/328)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (1/415)، والقعنبي في «الموطأ» (ص367)، والحدثاني في «الموطأ» (ص441).
وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (4/212).
أخرجه أبو داود في «سننه» (1833)، وفي «المسائل» (ص110)، وأحمد في «المسند» (6/30)، والدارقطني في «السنن» (286)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (5/148)، وابن ماجه في «سننه» (2935).
وإسناده حسن في المتابعات، من أجل يزيد بن أبي زياد القرشي، وهو وإن كان من رجال مسلم، إلا أنه فيه ضعف، لكنه يصلح شاهدا للآثار السابقة.
قلت: وذكره البخاري في «صحيحه» (7/195) في كتاب «اللباس» في حديثه: عن «القسية – وهي ثياب-» من طريق جرير عن يزيد بن أبي زياد. وروى له في كتاب «رفع اليدين» وفي كتاب «الأدب المفرد»، وروى له مسلم مقرونا بغيره، واحتج به الباقون، وقال عنه أبو زرعة: لين، يكتب حديثه، وقال أبو داود: لا أعلم أحدا ترك حديثه، وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه، وهذا يدل على أن حديثه من قبل الحسن في المتابعات، وهذا الأثر من ذلك.
قال الشيخ الألباني في «حجاب المرأة» (ص50): وسنده حسن في الشواهد، ثم ساق له شاهدا.
وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (32/139).
قال الحافظ ابن حجر / في «تلخيص الحبير» (2/292): (أخرجه ابن خزيمة، وقال: في القلب من يزيد بن أبي زياد، ولكن ورد من وجه آخر، ثم أخرج من طريق فاطمة بنت المنذر... وصححه الحاكم). اهـ
([112]) فيلبس الجلباب فوق الملابس للمرأة، وهو الثوب الذي يستر جميع البدن، وهو ثوب أوسع من الخمار، بمثل: الملحفة تلبسه المرأة، فتغطي به الملابس.
([118]) يقال: سدلت المرأة الحجاب على وجهها: أرخته عليه.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص142)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص123).
([120]) وانظر: «عمدة القاري» للعيني (4/90)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (1/19)، و«بذل المجهود» للسهارنفوري (3/220)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (6/127).
([121]) وانظر: «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» لابن حجر (1/482)، و«عمدة القاري بشرح صحيح البخاري» للعيني (5/74).
([122]) أي: ثبوت العمل المتوارث عند نساء المؤمنين؛ باحتجابهن عن الرجال الأجانب منذ نزل فرض الحجاب إلى يومنا هذا، نقله الثقات الأثبات من أئمة المسلمين.
وانظر: «عمدة القاري» للعيني (20/217)، و«حجاب المرأة» لابن تيمية (ص17)، و«أضواء البيان» للشيخ الشنقيطي (6/198)، و«الصارم المشهور» للشيخ التويجري (ص258).
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (5/47).
وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (4/212).
أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (1685)، وفي «التوحيد» (23)، والترمذي في «سننه» (1173)، والطبراني في «المعجم الكبير» (10115)، وفي «المعجم الأوسط» (8092)، وابن حبان في «صحيحه» (5599)، والبزار في «المسند» (5/427)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (2/175)، والطيوري في «الطيوريات» (904)، وابن عدي في «الكامل» (3/1259)، وابن المقرئ في «الفوائد» (7)،.
وإسناده صحيح.
وقال الشيخ الألباني في «تعليقه على صحيح ابن خزيمة» (3/93): «إسناده صحيح».
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال الدارقطني في «العلل» (5/315): «ورفعه صحيح من حديث قتادة».
والحديث صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (1/203).
([125]) قلت: فالعورة؛ كل خلل يتخوف منه، وأصلها من العار، وهو المذمة.
انظر: «فيض القدير» للمناوي (6/266).