الرئيسية / كتب المراجعات مفرغة / إرشاد الساجد إلى جواز تخلف الرجل الأعمى عن صلاة الجماعة في المساجد
إرشاد الساجد إلى جواز تخلف الرجل الأعمى عن صلاة الجماعة في المساجد
|
||||
إرشاد الساجد
إلى
جواز تخلف الرجل الأعمى عن
صلاة الجماعة في المساجد
تأليف:
أبي يوســف إبـــراهـيــم بن عــلي الـحمري الأثري
وأبـي صـالـح أيـمـن بن صـالـح بن أحـمـد الأثــــري
وأبي الحسن علي بن حسن بن علي العريفي الأثري
غفر الله لهم، ولشيخهم، وللمسلمين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
إن الحمد للـه نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده اللـه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﮊ [آل عمران: ١٠٢].
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﮊ [النساء: ١ ].
ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﮊ [الأحزاب: ٧٠].
أما بعد،
فإن أصدق الحديث كتاب اللـه، وخير الهدي هدي محمد ه، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فهذا كتابنا: (إرشاد الساجد إلى جواز تخلف الرجل الأعمى عن صلاة الجماعة في المساجد) فيه مشروعية تخلف الرجل الأعمى عن صلاة الجمعة، وصلاة الجماعة في المسجد.
وختاما: لا يفوتنا في هذا المقام أن نتقدم بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري حفظه الله، الذي تفضل مشكورا بقراءة هذا الكتاب، ومراجعته، ونسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناته، وأن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء، إنه سميع مجيب.
هذا؛ والله تعالى نسأل التوفيق؛ ]إنه هو السميع العليم[ [يوسف:34].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
كتبه: الإخوة في الله تعالى
أبو يوسف الأثري، وأبو صالح الأثري، وأبو الحسن الأثري
من
مملكة البحرين الحبيبة
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
ذكر الدليل على مشروعية تخلف الرجل الأعمى
عن صلاة الجمعة، وصلاة الجماعة في المسجد
عن محمود بن الربيع الأنصاري: (أن عتبان بن مالك، أنه أتى رسول الله r، فقال: يا رسول الله، إني أنكرت بصري([1])، وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي([2]) الذي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي لهم، فوددت يا رسول الله، أنك تأتي فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى، فقال: سأفعل إن شاء الله.
قال عتبان: فغدا رسول الله r وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن النبي r فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال لي: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فأشرت إلى ناحية من البيت، فقام النبي r فكبر فصففنا، فصلى ركعتين ثم سلم).
وفي لفظ أنس بن مالك: (أن عتبان بن مالك، كان يؤم قومه وهو أعمى([3])، وأنه قال لرسول الله r: يا رسول الله، إنها تكون الظلمة والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى، فجاءه رسول الله r فقال: أين تحب أن أصلي؟ فأشار إلى مكان من البيت، فصلى فيه رسول الله r).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (424)، و(425)، و(668)، و(686)، و(4010)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص61 و62)، والنسائي في «السنن الكبرى» (865)، و(920)، و(1251)، وفي «المجتبى» (ج2 ص80 و105)، وابن ماجه في «سننه» (754)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص244)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص322 و323)، وفي «السنن المأثورة» (155)، و(156)، وفي «المسند» (53)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص449)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص253)، وفي «معرفة الصحابة» (ج4 ص2225)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج2 ص232)، وفي «التوحيد» (501)، و(502)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص457)، و(ج4 ص491)، وابن المبارك في «الرقائق» (1134)، وفي «المسند» (43)، وفي «الزهد» (920)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص550)، وابن شبة في «أخبار المدينة» (226)، و(228)، والطيالسي في «المسند» (1241)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص502)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص263)، وفي «المسند» (567)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج3 ص470)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص172)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج9 ص240)، والقعنبي في «الموطأ» (ص256)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص142)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص28 و34)، وفي «مسند الشاميين» (ج3 ص13)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص271)، والجوهري في «مسند الموطأ» (128)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص81)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص61)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص171)، و(ج3 ص53)، وفي «معرفة السنن» (ج2 ص348)، وفي «الأسماء والصفات» (180)، و(181)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص196)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص394)، والدارقطني في «السنن» (ج2 ص80)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج1 ص223)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج4 ص204)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج24 ص463)، وابن طرخان في «مشيخته» (ص212)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص22 و23)، والحدثاني في «الموطأ» (ص199)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج3 ص558)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص22)، وابن فيل في «جزئه» (63)، والسراج في «حديثه» (957)، و(958)، و(960)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص92)، والمهلب بن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج1 ص220 و496) من طرق عن الزهري قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري: أن عتبان بن مالك t فذكره بألفاظ عندهم.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (54)، و(55)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص174)، و(ج5 ص449)، والنسائي في «السنن الكبرى» (10878)، و(10880)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (1686)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص23 و24)، وابن خزيمة في «التوحيد» (503)، و(508)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج1 ص126)، وفي «معرفة الصحابة» (ج4 ص2226)، وأبو يعلى في «المسند» (ج3 ص74 و77)، و(ج6 ص184)، وفي «المفاريد» (17)، و(19)، وابن المبارك في «المسند» (232)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (182)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص25)، والروياني في «المسند» (1375)، وابن حجر في «عوالي مسلم» (ص168) من طريق ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك t قال: قدمت المدينة، فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك.
فالمحفوظ هو: حديث عتبان بن مالك t؛ لأنه لم يختلف عليه بين الرواة، وليس يصح حديث ابن أم مكتوم t لما فيه من الاختلاف الكثير، والغلط الكبير، والوهم الشديد، والوهم الصريح، والكمال لله تعالى، والعصمة به.
قال الإمام البخاري في «صحيحه» (667): حدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع الأنصاري: (أن عتبان بن مالك، كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله r: يا رسول الله، إنها تكون الظلمة والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى، فجاءه رسول الله r فقال: أين تحب أن أصلي؟ فأشار إلى مكان من البيت، فصلى فيه رسول الله r).
وأخرج الحافظ البخاري هذا الحديث من أحد عشر طريقا:
(1) في كتاب: «الصلاة»؛ باب: «إذا دخل بيتا يصلي حيث شاء أو حيث أمر ولا يتجسس» (424)؛ يرويه: عن عبد الله بن مسلمة، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك.
(2) وفي كتاب: «الصلاة»؛ باب: «المساجد في البيوت» (425)؛ يرويه: عن سعيد بن عفير، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري، أن عتبان بن مالك.
(3) وفي كتاب: «الأذان»؛ باب: «الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله» (667)؛ يرويه: عن إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع الأنصاري، أن عتبان بن مالك.
(4) وفي كتاب: «الأذان»؛ باب: «إذا زار الإمام قوما فأمهم» (686)؛ يرويه: عن معاذ بن أسد، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني محمود بن الربيع، قال: سمعت عتبان بن مالك الأنصاري.
(5) وفي كتاب: «الأذان»؛ باب: «من لم ير رد السلام على الإمام واكتفى بتسليم الصلاة» (839)؛ يرويه: عن عبدان الأزدي، قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك.
(6) وفي كتاب: «الأذان»؛ باب: «يسلم حين يسلم الإمام» (838)؛ يرويه: عن حبان بن موسى، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك.
(7) وفي كتاب: «التجهد»؛ باب: «صلاة النوافل جماعة» (1185)؛ يرويه: عن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري عن عتبان بن مالك.
(8) وفي كتاب: «المغازي»؛ باب: «شهود الملائكة بدرا» (4009)؛ يرويه: عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبرني محمود بن الربيع، أن عتبان بن مالك.
(9) وفي كتاب: «الأطعمة»؛ باب: «الخزيرة([4]») (5401)؛ يرويه: عن يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري، أن عتبان بن مالك.
(10) وفي كتاب: «الرقاق»؛ باب: «العمل الذي يبتغى به وجه الله» (6422)؛ يرويه: عن معاذ بن أسد، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك.
(11) وفي كتاب: «استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم»؛ باب: ما جاء في المتأولين» (6938)؛ يرويه: عن عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزهري، أخبرني محمود بن الربيع، قال: سمعت عتبان بن مالك.
* وكذلك رواه أنس بن مالك t سمعه من محمود بن الربيع، ثم سمعه من عتبان بن مالك.
قال الإمام مسلم في «صحيحه» (33): حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان يعني ابن المغيرة، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: حدثني محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، قال: (قدمت المدينة، فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك، قال: أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله r أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي، فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي r، ومن شاء الله من أصحابه، فدخل وهو يصلي في منزلي وأصحابه يتحدثون بينهم).
وأخرج الحافظ مسلم / هذا الحديث من خمسة أسانيد:
(1) في كتاب: «الإيمان» (54)؛ يرويه: عن شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان يعني ابن المغيرة، قال: حدثنا ثابت، عن أنس بن مالك، قال: حدثني محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك.
(2) وفي كتاب: «الإيمان» (55)؛ يرويه: عن أبي بكر بن نافع العبدي، حدثنا بهز، حدثنا حماد، حدثنا ثابت، عن أنس، قال: حدثني عتبان بن مالك.
* وأخرج ثلاثة أسانيد متتالية؛ في كتاب: «المساجد ومواضع الصلاة» (363)، و(264)، و(265):
(1) عن حرملة بن يحيى التجيبي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن محمود بن الربيع الأنصاري، حدثه أن عتبان بن مالك.
(2) وعن محمد بن رافع، وعبد بن حميد، كلاهما: عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، قال: حدثني محمود بن ربيع، عن عتبان بن مالك.
(3) وعن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، قال: حدثني الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك.
قلنا: فهذه الروايات لحديث عتبان بن مالك t لقوتها تقدم على روايات حديث ابن أم مكتوم، وحديث الأعمى، لضعفها.
وبوب الحافظ الخطيب البغدادي في «الكفاية» (ج2 ص560)؛ باب: القول في ترجيح الأخبار.
قلنا: لذلك يصح الترجيح في الخبرين؛ لأن لا يمكن الجمع بينهما في الاستعمال؛ لتعارضهما في الظاهر.
وإنما صح دخول الترجيح فيهما لتعارضهما في الحكم، فقد اختلف النقلة في الحديث؛ فمنهم: من روى الحديث في إثبات حكم النبي صلى الله عليه سلم، ومنهم: من يرويه عن النبي r في نفي ذلك الحكم.
فصح بذلك: تقوية أحد الخبرين على الآخر، فنقدم خبر: «عتبان بن مالك» على خبر: «الرجل الأعمى» لوجوه:
(1) لكثرة الرواة، وعدالتهم، وشدة ضبطهم؛ لحديث: «عتبان بن مالك».
(2) ما يعضد حديث: «عتبان بن مالك» من الترجيحات الصحيحة، والقرائن الواضحة على ثبوت صحته.
(3) اتفاق الأئمة على ثبوت صحته.
(4) لأن عتبان بن مالك هو صاحب القصة في الترخص عن الجماعة في المسجد.
(5) سلامة إسناده من الاضطراب والاختلاف.
(6) سلامة متنه من الاضطراب والاختلاف.
(7) لم يختلف الأئمة في حديث: «عتبان بن مالك».
(8) دل عليه العقل السليم.
(9) قوة حفظ الرواة الثقات على سلامة إسناده ومتنه، ولم يختلفوا عليه في نفي ترخص الأعمى عن الجماعة.
(10) لم يدخل عليه التحريف في الإسناد والمتن، والغلط فيهما.
(11) عدم دخول العقل السليم في حديث: «الرجل الأعمى» في عدم الترخص له بترك الجماعة على ما فيه الأمر من المخاطر المحققة له في اليوم والليلة، ومع هذا لم يرخص له النبي r: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
قال الحافظ الخطيب البغدادي في «الكفاية» (ج2 ص560): (فصح بذلك تقوية أحد الخبرين على الآخر بوجه من الوجوه:
فتارة بكثرة الرواة, وتارة بعدالتهم، وشدة ضبطهم, وتارة بما يعضد أحد الخبرين من الترجيحات التي نذكرها بعد إن شاء الله, وكل خبر واحد دل العقل، أو نص الكتاب، أو الثابت من الأخبار، أو الإجماع، أو الأدلة الثابتة المعلومة على صحته, وجد آخر يعارضه, فإنه يجب اطراح ذلك المعارض والعمل بالثابت الصحيح لازم؛ لأن العمل بالمعلوم واجب على كل حال). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي في «الكفاية» (ج2 ص561): (فإن كان اختلافا يؤدي إلى اختلاف معنى الخبر, فهو آكد وأظهر في اضطرابه, وأجدر أن يكون راويه ضعيفا قليل الضبط لما سمعه, أو كثير التساهل في تغيير لفظ الحديث). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي في «الكفاية» (ج2 ص563): (ويرجح بكثرة الرواة لأحد الخبرين, لأن الغلط عنهم والسهو أبعد, وهو إلى الأقل أقرب). اهـ؛ يعني: السهو في القلة.
وقال الحافظ الخطيب البغدادي في «الكفاية» (ج2 ص562): (ويرجح بأن يكون راوي أحد الخبرين هو صاحب القصة, والآخر ليس كذلك, وهذا نحو؛ رواية: ميمونة بنت الحارث قالت: (تزوجني رسول الله r ونحن حلالان)؛ فوجب تقديم خبرها على خبر ابن عباس: (أن رسول الله r تزوجها وهو محرم)؛ لأنها أعرف بالقصة). اهـ
وقال الإمام الهمداني في «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار» (ص11): (أن يكون أحد الراويين صاحب القصة فيرجح حديثه؛ لأن صاحب القصة أعرف بحاله من غيره، وأكثر اهتماما). اهـ
وقال العلامة القصاب في «النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام» (ج1 ص267): (وأما احتجاجه بحديث: «ابن أم مكتوم»؛ فإن عاصما رواه عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم، وفيهم من يرسله، فيقول: إن ابن أم مكتوم سأل رسول الله r، ومع ذلك فقد عارضه حديث عتبان بن مالك، وهو أصح إسنادا منه لا محالة). اهـ
قلنا: إذا صح بذلك ضعف خبر: «الرجل الأعمى» بجميع أسانيده ومتونه، وذلك من وجوه، وهي:
(1) ضعف الرواة، وعدم ضبطهم للحديث.
(2) عدم سلامة إسناده من الاضطراب.
(3) عدم سلامة متنه من الاضطراب.
(4) عدم العاضد لخبر: «الرجل الأعمى» من الترجيحات الصحيحة.
(5) اختلاف العلماء في صحة حديث: «الرجل الأعمى».
(6) قلة ضبط الرواة لما سمعوه من الحديث، وتساهلهم في تغيير ألفاظه، وكثرة غلطهم.
(7) تبين أن: «ابن أم مكتوم» ليس هو صاحب القصة.
(8) الاختلاف عليه؛ فتارة يروى: «مرفوعا»، وتارة: «موقوفا»، وتارة: «مرسلا»، وتارة: «مقطوعا»؛ لأن ما كان مختلفا فيه هكذا أمكن ألا يكون مرفوعا، ولا يمكن مثل ذلك.
(9) دخول التحريف على أسانيده ومتونه، والغلط فيها.
(10) عدم دخول العقل السليم فيه على ما ذكر من المخاطر له.
قلنا: والشريعة الإسلامية لا تعارض فيها.
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص341): (أن كل من تحقق بأصول الشريعة؛ فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض، كما أن كل من حقق مناط المسائل؛ فلا يكاد يقف في متشابه؛ لأن الشريعة لا تعارض فيها ألبتة، فالمتحقق بها متحقق بما في نفس الأمر؛ فيلزم أن لا يكون عنده تعارض، ولذلك لا تجد ألبتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف). اهـ
فهذا الحديث: اعتذر فيه عتبان بن مالك t عن حضور الجماعة في المسجد، وصلاته بقومه للنبي r، إذ كان إمامهم بكونه لا يبصر، فاعتذر بالعمى؛ بقوله: (وأنا رجل ضرير البصر)، والعمى ملازمه في طول حياته.
فمن ذا الذي يقول بوجوب الجماعة عليه في المسجد والحال هذه، مع تحقق الضرر عليه، وخشية الهلكة خاصة في الليل.
وهذا الضرر يلاحقه على الدوام أثناء خروجه إلى المسجد لتأديته الصلاة.
وما دام لا يزال العذر المبيح له بترك شهود الجماعة في المسجد، فالنبي r رخص له في ترك الصلاة في الجماعة، وأن يصلي في بيته بكل حال بمجرد أنه رجل أعمى، وأنه بخروجه إلى الصلاة في المسجد يتضرر لوجود السيل أحيانا([5])، والمطر أحيانا، والظلمة([6])، وغير ذلك من الاضرار التي تلحقه في اليوم والليلة.
والظلمة وجودها على الدوام في الليل، والأعمى لا يستطيع شهود الجماعة في المسجد فيرخص له.
فإذا انضاف إلى ذلك وجود السيل، والمطر، والسباع، والسراق، وغير ذلك تحقق الضرر، وخشية الهلكة، فتعذر حينئذ شهود الجماعة في المسجد.([7])
قال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص386)؛ بعدما ذكر أن بعض أهل العلم جمع بين حديث: «ابن أم مكتوم([8])»، وحديث: «عتبان بن مالك»: (وفي هذا ضعف؛ فإن السيول لا تدوم، وقد رخص له في الصلاة في بيته بكل حال، ولم يخصه بحالة وجود السيل). اهـ
وقال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص386): (ومن الناس -يعني: العلماء- من أشار إلى نسخ حديث: «ابن أم مكتوم» بحديث: «عتبان»، فإن الأعذار التي ذكرها ابن أم مكتوم يكفي بعضها في سقوط حضور المسجد). اهـ
فالشارع اعتبر هذا الوصف، وهو العمى الذي فيه التأثير في الحكم في هذا الموضع، وعليه فالعمى هو العذر المانع من حضور الجماعة في المسجد لإقرار النبي r له، وبأمره لصلاته في بيته وإجابته r له.
وهذا ظاهر في عدم إلغاء ذلك الوصف([9])، وهو العمى بالنسبة لترك شهود الجماعة في المسجد، والصلاة في بيته في حياته كلها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن النبي r رخص له أن لا يأتي إلى المسجد مطلقا؛ صيفا وشتائا مع علمه r أن السيول لا تدوم، فهي تتوقف كثيرا بتوقف المطر، ومع هذا رخص له r عدم شهود الجماعة في المسجد.
وهذا يدل على أن العمى هو العذر الحقيقي الذي أدى به إلى عدم شهوده الجماعة، وليس فقد السيل.([10])
وبوب عليه الحافظ النووي في «المنهاج» (ص157)؛ باب: الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج1 ص92)؛ باب: المساجد في البيوت.
يعني: اتخاذ المساجد في البيوت، والصلاة فيها للفرض والنفل.
وبوب عليه الإمام ابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص142)؛ ذكر: الرخصة للعميان في ترك الجماعة.
وبوب عليه الإمام ابن خزيمة في «صحيحه» (ج2 ص798)؛ باب: الرخصة في ترك العميان الجماعة في الأمطار، والسيول.
وقال الإمام ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج2 ص77): (فيه من الفقه: التخلف عن الصلاة في الجماعة للعذر). اهـ
* وقد أجمع الصحابة على جواز تخلف الأعمى عن صلاة الجمعة والجماعة؛ لإقرار النبي r لعتبان بن مالك، وحضر أبو بكر، وعمر والصحابة y، مع النبي r، وقد أقروه على أن يصلي في بيته بعد وفاة النبي r، ولم يأمره أحد من الصحابة بأن يشهد صلاة الجمعة، وصلاة الجماعة في المسجد، وقد أقره أنس بن مالك t عندما أخبره عن القصة في تخلفه عن صلاة الجماعة في المسجد، ولم يأمره بشيء، فافطن لهذا.
فعن أنس بن مالك، قال: حدثني محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، قال: (قدمت المدينة، فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك، قال: أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله r أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي، فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي r، ومن شاء الله من أصحابه، فدخل وهو يصلي في منزلي وأصحابه يتحدثون بينهم). وفي رواية: (فغدا رسول الله r وأبو بكر حين ارتفع النهار). وفي رواية: (فأقبل رسول الله r ومن شاء من أصحابه). وفي رواية: (فجاء هو وأبو بكر وعمر).([11])
قلنا: وهذا الحديث يدل على إقرار جميع الصحابة y في تخلف عتبان بن مالك t عن صلاة الجماعة.
قال الإمام ابن المنذر / في «الأوسط» (ج5 ص556)؛ عن فقه الصحابة: (ولأنه الذي عليه أصحاب رسول الله r، وهم أعلم بالسنة من غيرهم؛ ولأنهم الذين حضروا صلاة رسول الله r، وحفظوا عنه). اهـ
قلنا: فالعمى عذر لترك الجمعة والجماعة.
وعن نعيم بن حماد قال: (سألت ابن المبارك عن الحديثين المثبتين يجيئان عن النبي r يحل أحدهما ويحرم الآخر قال أؤمن بهما وأسلم لهما وأختار قال نعيم يعني وأختار من إجماع الصحابة رضي الله عنهم مع أحد قولي النبي r إذا لم أعرف الأول منهما).
أثر حسن
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص186 و187) من طريق محمد بن إسحاق، حدثنا عثمان بن سعيد سمعت نعيم بن حماد به.
قلنا: وهذا سنده حسن.
وقد صرح الحافظ النووي بأن العمى عذر لترك الجمعة؛ فقال / في «المجموع» (ج9 ص304): (الأعمى يخالف البصير في مسائل كثيرة: ... الرابعة لا جمعة عليه إذا لم يجد قائدا). اهـ
قلنا: والعذر لترك الجمعة عذر لترك الجماعة فتنبه.
بل إن عتبان t لم يكن أعمى تماما، ولكنه قد قارب من العمى، ومع ذلك رخص له رسول الله، ولم يرخص لمن هو أعمى حقيقة لفاقد البصر كما زعموا، وهذا مما يبين ضعف الحديث.
قال الإمام الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج3 ص192): (قوله: (وأنا رجل ضرير البصر)؛ في رواية للبخاري: (جعل بصري يكل)؛ وفي أخرى: (قد أنكرت بصري)؛ ولمسلم: (أصابني في بصري بعض الشيء)، واللفظ الذي ذكره المصنف أخرجه البخاري في باب الرخصة في المطر، وهو يدل على أنه قد كان أعمى. وبقية الروايات تدل على أنه لم يكن قد بلغ إلى حد العمى، وفي رواية لمسلم بلفظ: (إنه عمي فأرسل)؛ وقد جمع بين الروايات بأنه أطلق عليه العمى؛ لقربه منه ومشاركته له في فوات بعض البصر المعهود في حال الصحة).اهـ
قلنا: ومن نكارة الحديث القول بأنه: «ابن أم مكتوم»، وهذا لا يمكن، كيف لا وهو مؤذن مسجد الرسول r، وهذا مما يدل أنه يحضر المسجد، فلو كان أراد أن يترخص لترخص عن الأذان لا عن الصلاة.
فعن عائشة رضي الله عنها؛ أن بلالا كان يؤذن بليل، فقال رسول الله r: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر».([12])
فكيف رسول الله r يقول له: (أيبلغك النداء؟)، وهو مؤذن لرسول الله r مع بلال.([13])
فكان من الأولى أن يقول للرسول r أني أريد الترخص عن الأذان لا عن الصلاة، فافهم لهذا ترشد.
وورد في بعض الألفاظ أنه يريد الترخص عن صلاة الصبح!!، وهذا لا يمكن، مع كونه يؤذن في الصباح، فدل على نكارة المتن.
وقد صرح الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج1 ص9)؛ أن هذا الحديث من الأحاديث التي لم يعمل العلماء بها؛ بل قال بعضهم: (لا يعلم أحدا أخذ بها)؛ تحت «فصل: في سرد أحاديث اتفق العلماء على عدم العمل بها»، وهذا يدل على أن متنها مخالف للأصول من الكتاب والسنة.
قال الحافظ ابن رجب / في «شرح علل الترمذي» (ج1 ص9): (فصل: في سرد أحاديث اتفق العلماء على عدم العمل بها: وقد وردت أحاديث أخر قد ادعى بعضهم أنه لم يعمل بها أيضا، وقد ذكرنا غالبها في هذا الكتاب: ... ومنها: «حديث ابن أم مكتوم»، وأن النبي r لم يرخص له في ترك الجماعة؛ مع ما ذكره من ضرره، وعدم قائد والسيول، وقد ذكر بعضهم أنه لا يعلم أحدا أخذ بذلك). اهـ
قلنا: نعم لم يعمل به أهل العلم، ولذلك اتفق العلماء رحمهم الله على أن الأعمى الذي لم يجد قائدا لم تجب عليه صلاة الجماعة، مما يدل على عدم عملهم في الحديث، وهو قول الحنابلة، والمالكية، والشافعية، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن من الحنفية.([14])
قال الحافظ النووي / في «المجموع شرح المهذب» (ج4 ص486): (وممن قال بوجوب الجمعة على الأعمى الذي يجد قائدا: مالك، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد، وداود، وقال أبو حنيفة: لا تجب). اهـ
وقال الإمام ابن هبيرة / في «اختلاف الأئمة العلماء» (ج1 ص152): (واتفقوا على أن الأعمى إذا لم يجد قائدا لم تجب عليه، ثم اختلفوا فيه إذا وجد قائدا). اهـ
وقال الفقيه الكاساني / في «بدائع الصنائع» (ج1 ص156): (وأما الأعمى فأجمعوا على أنه إذا لم يجد قائدا لا تجب عليه). اهـ
وقال الفقيه المواق / في «التاج والإكليل لمختصر خليل» (ج2 ص560): (تقدم نص اللخمي أن الأعمى الذي لا يجد قائدا، ولا يهتدي للوصول بانفراده يباح له التخلف). اهـ
فدل ذلك على أن أهل العلم لم يعملوا بالحديث، فافهم لهذا ترشد.
فالأئمة المجتهدون؛ فما منهم من قال بهذا الحديث؛ فكثير من أهل العلم ينكره.
والصواب في ذلك أن الأعمى يجوز له التخلف عن صلاة الجماعة مطلقا، سواء كان عنده قائد أم لا، وهو القول الراجح من أقوال العلماء، وهو قول أبي حنيفة /؛ خلافا للجمهور إذ اشترطوا عدم وجود القائد.([15])
قلنا: والإفتاء للأعمى بوجوب صلاة الجماعة بلا شك فيه مشقة عليه، وقد يتعرض إلى مخاطر كثيرة لا سيما في زماننا هذا من وجود السيارات والطرق، وغير ذلك، وهذا بلا شك تكليف النفس أكثر من وسعها.
قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].
قال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج2 ص136): (فاعلم أن الحرج مرفوع عن المكلف). اهـ
ومن القواعد الخمس الكبرى: (المشقة تجلب التيسير)([16])، وقد دل عليها الكتاب، والسنة، والإجماع.
قال الإمام ابن جماعة / في«تذكرة السامع» (ص91)؛ من آداب طالب العلم: (ينبغي له أن يستعمل الرخص في مواضعها عند الحاجة إليها ووجود سببها ليقتدى به فيها؛ فإن الله تعالى الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه([17]».اهـ
وقال شيخ شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج1 ص193)؛ وهو يضعف ألفاظ حديث: «ابن أم مكتوم»؛ لأنها أعذار واضحة يستحيل أن لا يعذر الرسول بها من هو أعمى، فهي تخالف الأصول من الكتاب والسنة فقال: (يستفاد من هذا الحديث أن الإنسان يعذر بترك الجماعة إذا شق عليه ذلك، لكف بصره، أو مرضه، أو ما أشبه ذلك.
فإن قيل: كيف نجمع بين هذا الحديث، وبين حديث: «ابن أم مكتوم»، الذي لم يأذن له النبي r، مع أنه قال: «إن المدينة كثيرة الهوام، وليس لي قائد يقودني»؟
فالجواب: أن في صحة هذه الألفاظ؛ «إن المدينة كثيرة الهوام، وليس لي قائد يقودني»؛ في صحتها نظر، ويقال أيضا: إن الرسول صلى الله عليه وعلى وسلم علم أن عتبان بن مالك له عذر واضح، بخلاف الأعمى الذي لم يأذن له). اهـ
قلنا: فيتبين أن عدم وجود قائد للأعمى له عذر في ترك الجماعة، بل أن العمى هو عذر واضح لترك الجماعة.([18])
قال تعالى: ]ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج[ [الفتح: 17].
وقال تعالى: ]ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج[ [النور: 61].
قلنا: وفي الآية دليل على أن الأعمى، والمريض تسقط عنهما صلاة الجماعة والجمعة.([19])
* والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.([20])
قال الإمام الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج3 ص151): (ولا بد من التأويل؛ لقوله تعالى ]ليس على الأعمى حرج[ [النور: 61]، وفي أمر الأعمى بحضور الجماعة مع عدم القائد ومع شكايته من كثرة السباع والهوام في طريقه؛ كما في مسلم غاية الحرج، ولا يقال الآية في الجهاد؛ لأنا نقول هو من القصر على السبب، وقد تقرر في الأصول أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).اهـ
وقد عد الحافظ أبو عوانة / حديث: «عتبان» ناسخا لحديث: «ابن أم مكتوم» لما في ظاهر الحديثين من التعارض؛ فقال / في «المستخرج» (ج1 ص355): (باب الدليل على أن من صلى المكتوبة وحده ليس عليه إعادتها، وهو تارك لفضيلتها، وبيان الخبر المعارض لحديث يزيد بن الأصم([21]) هو الآخر الناسخ له) ثم ذكر حديث: «عتبان بن مالك» تحت هذا الباب.
قلنا: وترك الترخص بمثل هذه الرخص يؤدي إلى ضرر المسلم، وتنفيره من الدخول في العبادات، أو الانقطاع عنها.([22])
وربما ساء ظنه بما تدل عليه دلائل رفع الحرج، خاصة وقد قال تعالى: ]واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم[ [الحجرات: 7]؛ فيكون تجنب العنت مرجحا للترخص.
قلنا: فالدين نفى العنت؛ لما في ذلك من المشقة الغالبة.
عن سفيان بن عيينة، أنه كان يقول: (إن رسول الله r: هو الميزان الأكبر، فعليه تعرض الأشياء، على خلقه وسيرته وهديه، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها فهو الباطل).([23])
قلنا: وهذا من حسن التأسي بالنبي r، الذي أمرنا الله عز وجل أن نقتدي به في قوله تعالى: ]لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا[ [الأحزاب: 21].
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ربنا أتمم بخير
ذكر الدليل
على ضعف حديث الأعمى في وجوب حضوره لصلاة الجماعة في المسجد
عن أبي هريرة t، قال: أتى النبي r رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله r أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى، دعاه، فقال: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) قال: نعم، قال: (فأجب).
حديث منكر
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص263 ح653)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص447 ح925)، وفي «المجتبى» (ص141 ج850)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص57)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج1 ص352 ح1261)، وإسحاق بن راهويه في «المسند» (ج1 ص327 ح313)، والسراج في «حديثه» (ج2 ص242 ح998)، والسخاوي في «البلدانيات» (ص270 ح47)، والبزار في «المسند» (ج16 ص226)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص21)، والخطيب البغدادي في «الأسماء المبهمة» (ج3 ص213)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص249)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص133)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص104) من طريق مروان الفزاري، وعبد الواحد بن زياد كلاهما عن عبيد الله بن الأصم([24])، قال: حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة t به.
قلنا: وهذا إسناد ضعيف من أجل عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، وهو مجهول.([25])
وذكره الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج5 ص385)، والحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص387)؛ ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا؛ فهو مجهول عندهما.
وذكره الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص142)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل.([26])
وقد أبهم الصحابي ولم يسمه.
لذلك قال الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب» (ص640): (مقبول)؛ أي: عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث([27])، ولم يوجد له أي متابع؛ فالإسناد ضعيف، بل والإسناد غير محفوظ.
وهذا مطعن في إسناد هذا الحديث، وهو غير محفوظ أيضا، ولذلك أعرض عنه الحافظ البخاري ولم يذكره في «صحيحه» لجهالة عبيد الله بن عبد الله عنده([28])، كما في كتابه «التاريخ الكبير» (ج5 ص387).
فعبيد الله بن الأصم هذا: روى الحديث، ولم يتابعه عليه الثقات الأثبات.
فالحديث: ضعيف الإسناد، منكر المتن؛ لا يصلح الاحتجاج به، ولا يجوز الاعتماد على مثله.
فهو راوي مجهول لا يعرف بعدالة([29])، ولا بضبط، ولم يشتهر بحمل الحديث الصحيح.
وإذا انفرد هذا الراوي المجهول القليل الرواية؛ بمثل: هذا الحديث المنكر، علم أنه راوي لا يحل الاحتجاج بخبره، ولا يجوز الاعتماد على روايته.
وعلى هذا :فإن حديثه هذا منكر؛ فقد خالف في إسناده، ومتنه من هو أثبت منه في الحديث.
ونرى تسامح فيه الإمام مسلم /.
وجزمنا بخطأ من صححه، أو حسنه من أهل العلم بغلط منه، أو باجتهاد فيه.
ويؤكد ذلك: فإن الحافظ البخاري ذكر بدله في «صحيحه» حديث عتبان بن مالك t؛ فهو أصح إسنادا من حديث أبي هريرة t في الرجل الأعمى، وقد رخص له النبي r أن يصلي في بيته من أجل البصر، لأن بذلك يتضرر في الظلمة والمخاطر، وغيرها.([30])
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
والعجيب من أحد المتعالمة الذي لا ناقة له ولا جمل في علم الحديث قال: بأنه: «ثقة»، مستدلا بأن: «ابن حبان»، و«ابن خلفون» ذكراه في «الثقات».
أما بالنسبة: للحافظ «ابن حبان» فهو متساهل في توثيق المجاهيل وهذا مما لا يفهمه هذا المتعالم، وأشكاله لجهلهم البالغ في «علم الحديث».
قال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (ج1 ص14): (وهذا الذي ذهب إليه: «ابن حبان» من أن الرجل إذا انتفت جهالة عينه كان على العدالة إلى أن يتبين جرحه مذهب عجيب، والجمهور على خلافه، وهذا هو مسلك: «ابن حبان» في كتاب: «الثقات» الذي ألفه؛ فإنه يذكر خلقا من نص عليهم: «أبو حاتم»، وغيره على أنهم مجهولون، وكان عند «ابن حبان» أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور، وهو مذهب شيخه «ابن خزيمة»، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره وقد أفصح: «ابن حبان» بقاعدته؛ فقال: العدل من لم يعرف فيه الجرح إذ التجريح ضد التعديل فمن لم يجرح فهو عدل حتى يتبين جرحه إذ لم يكلف الناس ما غاب عنهم، وقال في ضابط الحديث الذي يحتج به إذا تعرى راويه من أن يكون مجروحا، أو فوقه مجروح، أو دونه مجروح، أو كان سنده مرسلا، أو منقطعا، أو كان المتن منكرا هكذا نقله: «الحافظ شمس الدين ابن عبد الهادي» في «الصارم المنكي» من تصنيفه، وقد تصرف في عبارة: «ابن حبان» لكنه أتى بمقصده). اهـ
وقال الإمام ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص103): (وقد علم أن: «ابن حبان» ذكر في هذا الكتاب -يعني: الثقات- الذي جمعه في الثقات عددا كبيرا، وخلقا عظيما من المجهولين الذين لا يعرف هو ولا غيره أحوالهم). اهـ
وقال الإمام ابن عبد الهادي في «الصارم المنكي» (ص104): (وقد ذكر: «ابن حبان» في هذا الكتاب -يعني: الثقات- خلقا كثيرا من هذا النمط، وطريقته فيه أنه يذكر من لم يعرفه بجرح([31])، وإن كان مجهولا لم يعرف حاله). اهـ
قلنا: وهذه القاعدة: «لابن حبان» في كتابه: «الثقات» في توثيق المجهولين؛ انتقدها أهل العلم؛ مثل: الإمام عبد ابن الهادي، والحافظ ابن حجر، والعلامة الألباني، وغيرهم.
وأما الحافظ ابن خلفون؛ فالمتتبع له فيمن يذكره في: «ثقاته»([32]) يجد أنهم مجاهيل، نص أئمة الحديث على جهالتهم.
وكذلك كثيرا ما ينقل الحافظ ابن حجر عن: «ابن خلفون» توثيقه ثم يقول في الراوي نفسه في «التقريب» أنه «مقبول»، فلم يعتمد الحافظ ابن حجر / على توثيق: «ابن خلفون».
وكثيرا ما نجد بأن الراوي يكون مجهولا، ومع ذلك يذكره: «ابن خلفون» في «الثقات»، وكذا: «العجلي»، و«ابن حبان»، فيعلم من ذلك أنه قريب منهم في التساهل.
وقد علم ذلك بالاستقراء والتتبع، فلا يغتر بكلام المتعالمين في «علم الحديث»؛ فإنه خبط وخلط في عماية وغواية، فانتبه.
قال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج1 ص590)؛ عن عبيد الله: (لا يعرف). اهـ
ومما يدل على ذلك أيضا: أن مروان بن معاوية الفزاري تكثر روايته عن المجاهيل.
قال الحافظ أبو حاتم الرازي؛ كما في «الجرح والتعديل» لابنه (ج8 ص311)؛ عن مروان: (صدوق، لا يدفع عن صدق، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين). اهـ
وقال عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه: (ثقة فيما روى عن المعروفين، وضعفه فيما روى عن المجهولين).([33])
وقال الحافظ العجلي في «الثقات» (ج2 ص270): (مروان بن معاوية الفزاري كوفي ثقة ثبت، وما حدث عن الرجال المجهولين فليس حديثه بشيء، وهو من فزارة من ولد عيينة بن بدر من أصحاب النبي r ما يروي عن عيينة شيء ما حدث عن المعروفين فصحيح، وما روى عن المجهولين ففيه ما فيه وليس بشيء).اهـ
وقال الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج4 ص316): (مروان بن معاوية الفزاري، ثقة، عالم، صاحب حديث، لكن يروي عمن دب ودرج، فيستأنى في شيوخه). اهـ
وقال الإمام ابن نمير: (كان يلتقط الشيوخ من السكك).([34])
وقال الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ج1 ص443): (مروان بن معاوية الفزاري من شيوخ أحمد ثقة مشهور تكلم فيه بعضهم لكثرة روايته عن الضعفاء والمجهولين). اهـ
وقال الحافظ ابن القيسراني المقدسي في «ذخيرة الحفاظ» (ج1 ص510): (ومروان مثل بقية، يروي عن قوم مجاهيل). اهـ
ومما سبق ذكره عن أئمة الجرح والتعديل يؤكد على أن عبيد الله بن الأصم من المجهولين في هذا الحديث؛ لأن مروان الفزاري يكثر عن الرواة المجهولين في حديثه.
* وتابع يزيد بن الأصم؛ أبو رزين عليه:
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص304)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص87 ح5089)، و(ج15 ص108 ح5876)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص147 ح219)، والبزار في «المسند» (ج17 ص115 ح9688)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج3 ص1200) من طريق إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، عن عمرو بن مرة قال: حدثني أبو رزين، عن أبي هريرة t قال: (جاء ابن أم مكتوم إلى النبي r، فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير شاسع الدار، وليس لي قائد يلازمني([35])، فلي رخصة أن لا آتي المسجد؟، أو كما قال، قال: (لا). وفي رواية: (وليس لي قائد يداومني). وفي رواية: (ولي قائد لا يلاومني). وفي رواية: (وليس لي قائد يلائمني).
حديث منكر
قلنا: وهذا سنده منكر؛ فيه سعيد بن سنان البرجمي، وهو له أوهام في الحديث؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص291)؛ وقال الإمام أحمد: (ولم يكن يقيم الحديث)([36])؛ يعني: يخالف ويتفرد عن الثقات، وهو منكر الحديث، وقال الإمام أحمد في «العلل» (ج1 ص520-رواية ابنه): (أبو سنان سعيد بن سنان ليس بالقوي في الحديث)، وسماه هنا بـ(ابن أم مكتوم)، وذكره الحافظ مسلم في «صحيحه»، ولم يسمه، وهذا الاختلاف يعل الحديث، ويطعن فيه.
وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج3 ص1200): (وأبو سنان هذا له غير ما ذكرت من الحديث أحاديث غرائب وأفراد). اهـ
واختلف فيه على أبي رزين:
(1) فرواه عمرو بن مرة قال: حدثني أبو رزين، عن أبي هريرة t به.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص304)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص87 ح5089)، و(ج15 ص108 ح5876)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص147 ح219)، والبزار في «المسند» (ج17 ص115 ح9688)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج3 ص1200).
(2) ورواه عاصم بن بهدلة، واختلف عليه:
* فرواه زائدة بن قدامة، وحماد بن زيد، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، وعلي بن صالح، وأبو عوانة، وحماد بن سلمة وأبو حمزة السكري، وسفيان الثوري، عن عاصم، عن أبي رزين([37])، عن ابن أم مكتوم، قال: قلت للنبي r: (إني كبير، ضرير، شاسع الدار، وليس لي قائد يلاومني([38])، فهل تجد من رخصة؟ قال: (هل تسمع النداء؟) قلت: نعم. قال: (ما أجد لك رخصة). وفي رواية: (ولي قائد لا يلائمني([39]». وفي رواية: (ولي قائد لا يلايمني). وفي رواية: (ولا قائد لي).
حديث منكر
أخرجه أبو داود في «السنن» (ص94 ح552)، وابن ماجه في «السنن» (ص123 ح792)، وأحمد في «المسند» (ج24 ص243 ح15490)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص717 ح1480)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص57)، وابن أبي شيبة في «المسند» (ج2 ص309 ح808)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص179 ح495)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (ج3 ص214)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ج4 ص36)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج5 ص148 ح4914)، وفي «المعجم الصغير» (732)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص375 ح903)، وأبو محمد البغوي في «شرح السنة» (ج3 ص348 ح796)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص391 ح756)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج4 ص8 ح1548)، و(ج4 ص8 ح1549)، و(ج4 ص9 ح1550)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص133)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج22 ص29)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص371)، وفي «التحقيق» (ج3 ص259)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص21)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج3 ص1659)، وابن القيسراني المقدسي في «صفوة التصوف» (ص183).
قلنا: وهذا إسناده منكر، وله علتان:
الأولى: أبو رزين لم يسمع من ابن أم مكتوم.
قال ابن معين: (أبو رزين عن عمرو بن أم مكتوم مرسل).([40]) ([41])
وقال العلامة المحدث مقبل الوادعي في «أحاديث معلة ظاهرها الصحة» (ص335): (الحديث ظاهره الحسن، ولكن في «تهذيب التهذيب» أن ابن القطان أنكر سماع أبي رزين من ابن أم مكتوم، وفي «جامع التحصيل»: وقال يحيى بن معين: أبو رزين عن عمرو بن أم مكتوم مرسل). اهـ
وقال الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج3 ص71-الأم): (وأبو رزين: اسمه مسعود بن مالك الأسدي الكوفي، وقد أنكر ابن القطان سماعه من ابن أم مكتوم؛ كما في «التهذيب» ... فإن ثبت([42]) فالإسناد منقطع). اهـ
لذلك شك الحافظ النووي في «المجموع» (ج4 ص191)؛ بقوله: (إسناده صحيح أو حسن)، وفيه نظر.
وقال الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج10 ص572)؛ بأن أبا رزين لم يسمع من ابن أم مكتوم، فالإسناد منقطع.([43])
وقال الإمام ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (ج2 ص551): (وابن أم مكتوم، قتل بالقادسية أيام عمر، وانقطاع ما بينهما إن لم يكن معلوما؛ لأنا لا نعرف سنه؛ فإن اتصال ما بينهما ليس معلوما أيضا، فهو مشكوك فيه). اهـ
الثانية: عاصم بن أبي النجود الأسدي، له أوهام في الحديث، وقد روى الإمام مسلم في «صحيحه» لعاصم مقرونا بغيره؛ لأنه يخالف ويهم، وقد أخطأ ووهم في هذا الحديث.([44])
قال ابن سعد عنه: (كان كثير الخطأ في حديثه)، وقال يعقوب بن سفيان: (في حديثه اضطراب)، وقال أبو حاتم: (لم يكن بذاك الحافظ)، وقال ابن خراش: (في حديثه نكرة)، وقال العقيلي: (لم يكن فيه إلا سوء الحفظ)، وقال الدارقطني: (في حفظه شيء).([45])
** ورواه إبراهيم بن طهمان، واختلف عليه:
(1) فرواه أزهر بن سليمان، نا إبراهيم بن طهمان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن عمرو بن أم مكتوم به.
أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص204).
قلنا: وهذا سنده منكر، وله ثلاث علل:
الأولى: أزهر بن سليمان الكاتب، ضعفه الحافظ الأزدي.([46])
وذكره الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص132)!.
الثانية: أبو رزين لم يسمع من ابن أم مكتوم.
الثالثة: عاصم بن أبي النجود الأسدي، له أوهام في الحديث، وقد روى مسلم في «صحيحه» لعاصم مقرونا بغيره؛ لأنه يخالف ويهم، وقد أخطأ ووهم في هذا الحديث.
(2) ورواه يعقوب بن أبي عباد القلزمي، وحفص بن عبد الله السلمي كلاهما عن إبراهيم بن طهمان، عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن عمرو ابن أم مكتوم، قال: (أتيت النبي r، فقلت: يا رسول الله، إني شيخ كبير ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، وبيني وبين المسجد شجر وأنهار،فهل لي من عذر أن أصلي في بيتي؟ فقال: (هل تسمع النداء؟)، قلت: نعم، قال: (ائتها).
حديث منكر
أخرجه أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج4 ص1999)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص83 ح5086)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص635).
قلنا: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: عاصم بن أبي النجود الأسدي، له أوهام في الحديث.
الثانية: مخالفة إبراهيم بن طهمان للثقات.
قال الحافظ الحاكم: (لا أعلم أحدا، قال: في هذا الإسناد، عن عاصم، عن زر غير إبراهيم بن طهمان، وقد رواه زائدة، وشيبان النحوي، وحماد بن سلمة، وأبو عوانة وغيرهم، عن عاصم، عن أبي رزين غير ابن أم مكتوم).
وهذا الاختلاف مطعن في الحديث، وقد أشار إلى ذلك الحافظ الذهبي.
فقال الحافظ الذهبي في «تنقيح التحقيق» (ج3 ص259): (رواه أبو داود، وابن ماجه من حديث زائدة وغيره، عن عاصم بن أبي النجود.
ورواه النسائي من حديث الثوري، عن عبد الرحمن بن عابس، عن ابن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم). اهـ
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص27): (إبراهيم بن طهمان: أبو سعيد من أهل هذه الطبقة، ولكن أمره مشتبه له مدخل في الثقات، ومدخل في الضعفاء، وقد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات، وقد تفرد عن الثقات بأشياء معضلات). اهـ
وهذا الإسناد من أفراده.
وقال الحافظ أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج4 ص1999): (كذا قال إبراهيم، عن زر بن حبيش، ورواه شيبان، وأكثر أصحاب عاصم، عن أبي رزين، عن ابن أم مكتوم تقدم ذكر اختلافه). اهـ
ومن كان كذلك وجب أن يكون ما روى مما قد خالف فيه يحمل على الوهم منه فيما روى، فلم تقم الحجة به ما دام خالف.
ولعله دخل على إبراهيم بن طهمان حديث في حديث، فإنه يروي حديث حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شداد عن ابن أم مكتوم، وهذا سياقه.
فأخطأ فيه ابن طهمان مرتين، مرة في إسناده بتفرده بذكر: «زر بن حبيش»، وإنما هو: «أبو رزين»؛ كما سبق.
ومرة في متنه فركب متن حديث حصين على إسناد حديث عاصم بن أبي النجود!.
*** ورواه معمر، عن عاصم بن أبي النجود، عن صالح([47]) قال: (أتى ابن أم مكتوم إلى النبي r: وقد أصابه ضرر في عينيه فقال: هل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: له النبي r: (هل تسمع النداء؟) قال: نعم قال: (ما أجد لك رخصة). قال معمر: وسمعت رجلا من أهل الجزيرة يقول: فقال النبي r: (أتسمع الفلاح؟) قال: نعم قال: (فأجب).
حديث منكر
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج1 ص497 ح1913).
قلنا: وهذا إسناده منكر، وله علتان:
الأولى: عاصم بن أبي النجود الأسدي، له أوهام في الحديث.
الثانية: مخالفة معمر؛ لرواية الجماعة؛ فالسند هذا شاذ، بل منكر.
**** ورواه زيد بن أبي أنيسة، واختلف عليه:
(1) فرواه هلال بن العلاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: (أتى ابن أم مكتوم الأعمى، فقال: يا رسول الله، إني ضرير البصر، شاسع الدار، وليس لي قائد يلائمني فهل تجد لي من رخصة؟ قال: (أيبلغك النداء؟) قال: نعم. قال: (ما أجد لك من رخصة).
حديث منكر
أخرجه الخطيب البغدادي في «الأسماء المبهمة» (ج3 ص214)، وأبو بكر النجاد في «جزء من حديثه» (14).
قلنا: وهذا سنده منكر، وله علل:
الأولى: زيد بن أبي أنيسة، له أفراد؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص350)، وهذا الإسناد من أفراده.
الثانية: عاصم بن أبي النجود الأسدي، له أوهام في الحديث.
الثالثة: العلاء بن هلال بن عمر الباهلي، منكر الحديث.([48])
قال الحافظ النسائي في «الضعفاء» (ص172): (روى عنه ابنه هلال غير حديث منكر). اهـ
الرابعة: هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الباهلي، روى أحاديث منكرة.([49])
فهذا إسناد منكر.
(2) ورواه أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد الحراني، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: (أتى ابن أم مكتوم الأعمى، فقال: يا رسول الله، إني ضرير البصر، شاسع الدار، وليس لي قائد يلائمني فهل تجد لي من رخصة؟ قال: (أيبلغك النداء؟) قال: نعم. قال: (ما أجد لك من رخصة).
حديث منكر
أخرجه السراج في «حديثه» (ج2 ص243 ح1003).
وهذا إسناد غريب، وهو وهم، والوهم من خالد بن أبي يزيد الحراني، وعاصم بن أبي النجود.
والحاصل: أن المحفوظ في هذا الحديث ما رواه جماعة الحفاظ: عن عاصمبن أبي النجود، عن أبي رزين، عن ابن أم مكتوم، بالنسبة للأسانيد التي سبقت، وهو حديث منكر لا يصح؛ كما سبق ذكره.
وسماه هنا بـ«ابن أم مكتوم»، وذكره مسلم في «صحيحه» ولم يسمه، وهذا الاختلاف يعل الحديث، ويطعن فيه، فهو حديث منكر.
وإسناده غريب، وهو وهم، والمحفوظ في هذا الحديث: ما رواه جماعة الحفاظ: عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عن ابن أم مكتوم، وما عداه أوهام ومناكير.
قال الإمام أبو نعيم الأصبهاني في «معرفة الصحابة» (ج3 ص1660): (وكل ذلك أوهام)، يعني: عدا رواية الجماعة.
والجماعة: أولى أن يسلم لها؛ يعني: الرواة الثقات.([50])
وقال الحافظ ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (ج2 ص551)؛ متعقبا عبد الحق الإشبيلي في «أحكامه الوسطى»: (وذكر أيضا من طريق أبي داود حديث ابن أم مكتوم: (لا أجد لك رخصة) وفي رواية أخرى: (إن المدينة كثيرة الهوام والسباع)؛ وكلتا الروايتين مشكوك في اتصالهما:
أما الأولى: فيرويها عاصم بن بهدلة عن أبي رزين، عن ابن أم مكتوم، وأبو رزين: مسعود بن مالك الأسدي: أعلى ما له، الرواية عن علي، ويقال: إنه حضر معه بصفين.
وابن أم مكتوم، قتل بالقادسية أيام عمر، وانقطاع ما بينهما إن لم يكن معلوما -لأنا لا نعرف سنه- فإن اتصال ما بينهما ليس معلوما أيضا، فهو مشكوك فيه.
وأما الرواية الأخرى: فيرويها عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم، وسنه لا تقتضي له السماع منه، فإنه ولد لست بقين من خلافة عمر). اهـ
وقال الحافظ ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (ج5 ص677): (وكلتاهما لا تصح). اهـ
(3) ورواه يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي، حدثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عجرة به.
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص139 ح305) من طريق عبد الله بن سعيد بن يحيى الرقي، ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي([51])، حدثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عجرة، قال: (جاء رجل أعمى إلى رسول الله r، فقال: إني أسمع النداء، فلعلي لا أجد قائدا ويشق علي، أفأتخذ مسجدا في داري؟، فقال النبي r: (أيبلغك النداء؟)، قال: نعم، قال النبي r: (فإذا سمعت النداء فاخرج).
حديث منكر
قلنا: وهذا إسناده مظلم، وله ثلاث علل:
الأولى: عبد الله بن سعيد بن يحيى الرقي، وهو مجهول، لم نجد له ترجمة.
الثانية: محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي ليس بالقوي روى عن أبيه مناكير؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (573)، و«تهذيب التهذيب» له (ج3 ص734).
الثالثة: يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، وهو متروك الحديث.
قال عنه ابن حجر، وأحمد، وعلي بن المديني، والدارقطني: (ضعيف)، وقال يحيى بن معين: (ليس بشيء)، وقال مرة: (ليس بثقة)، وقال النسائي، والأزدي: (متروك الحديث)، وقال البخاري: (مقارب الحديث إلا أن ابنه محمدا يروي عنه مناكير)، وقال ابن حبان: (كان ممن يخطىء كثيرا، حتى يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا وافق الثقات، فكيف إذا انفرد بالمعضلات).([52])
(4) ورواه أبو عبد الرحيم خالد بن يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة به.
أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج7 ص255 ح7431) من طريق محمد بن أبان، نا الشاذكوني، ثنا محمد بن سلمة الحراني، ثنا أبو عبد الرحيم خالد بن يزيد به.
قلنا: وهذا إسناده واه، من أجل الشاذكوني وهو: سليمان بن داود بن بشر، أبو أيوب المنقري، وهو متروك، ورماه الأئمة بالكذب؛ كما في «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص1315)، و«لسان الميزان» له (ج4 ص142).
قال الحافظ الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن عدي بن ثابت إلا زيد بن أبي أنيسة.
(5) ورواه عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عجرة به.
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص57 و58) من طريق بشر بن حاتم الرقي، ثنا عبيد الله بن عمرو به.
قلنا: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: بشر بن حاتم الرقي، وهو مجهول، وهو قليل الرواية جدا.
وذكره الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص355)، والحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص72) ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا؛ ففيه جهالة.
وذكره الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص142)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل.
الثانية: أبو إسحاق عمرو بن عبدالله السبيعي مدلس من «الطبقة الثالثة»([53])، ولم يصرح بالتحديث.([54])
قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص58): (خالفه أبو عبد الرحيم فرواه عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن معقل).اهـ
وهذه الرواية أخرجها: أبو بكر النجاد في «جزء من حديثه» (15) من طريق هلال بن العلاء، نا سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني، نا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عجرة t به.
قلنا: وإسناده لا يصح فيه هلال بن العلاء، روى أحاديث منكرة، وسعيد بن عبد الملك الحراني، وهو ضعيف الحديث.
قال الحافظ البخاري عن سعيد بن عبد الملك الحراني في «التاريخ الكبير» (ج2 ص30): (يتكلمون فيه).
وقال الحافظ الدارقطني: (ضعيف، لا يحتج به).([55])
ورواه جعفر بن محمد بن فضيل([56]), ثنا محمد بن سليمان بن أبي داود, حدثني أبي, عن عبد الكريم الجزري، عن زياد بن أبي مريم, عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عجرة: (أن أعمى, أتى النبي r, فقال: يا رسول الله إني أسمع النداء ولعلي لا أجد قائدا, قال: (إذا سمعت النداء فأجب داعي الله عز وجل).
حديث منكر
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص138)، والدارقطني في «سننه» (ج2 ص87)، وفي «الأفراد» (ج4 ص270)، وأبو نعيم في «تاريخ أصبهان» (ج2 ص85).
قلنا: وإسناده منكر فيه محمد بن سليمان الحراني، وهو منكر الحديث، وأبوه: سليمان بن أبي داود الحراني ضعيف جدا.([57])
قال الإمام أبو حاتم؛ كما في «العلل» لابنه (ج2 ص375): (هذا حديث منكر؛ ومحمد بن سليمان؛ منكر الحديث، وأبوه ضعيف جدا). اهـ
ونقل قوله: الحافظ مغلطاي الحنفي في «شرح ابن ماجه» (ج4 ص1327)، وأقره.
وقال الحافظ الدارقطني في «الأفراد» (ج4 ص270): (غريب من حديثه عنه، تفرد به زياد بن أبي مريم عنه، وتفرد به عبد الكريم بن مالك الجزري عن زياد، وتفرد به سليمان بن أبي داود الحراني عن عبد الكريم). اهـ
فلا يصح هذا من حديث كعب بن عجرة, ولا يصلح مثله في الشواهد.
قال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري» (ج3 ص187): (لكن في «سنن البيهقي» من حديث كعب بن عجرة، أن رجلا أعمى أتى رسول الله r فقال: إني أسمع النداء ولعلي لا أجد قائدا، أفأتخذ مسجدا في داري؟ فقال له رسول الله r: (تسمع النداء؟) قال: نعم قال: (إذا سمعت النداء فاخرج).
وفي إسناده اختلاف، وقد قال أبو حاتم فيه: أنه منكر([58]». اهـ
**** ورواه حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: (أن رجلا من الأنصار أرسل إلى رسول الله r أن تعال فخط لي مسجدا في داري أصلي فيه، وذلك بعد ما عمي، فجاء، ففعل).
حديث منكر
أخرجه ابن ماجه في «سننه» (755).
قلنا: فقد تبين أن هذا الحديث الذي تفرد؛ بإخراجه الإمام مسلم في «صحيحه»: (في الرجل الأعمى)؛ لم يصححه أحد من الأئمة المتقدمين المعتمد على قولهم في هذا الشأن, بل تكلموا فيه, وأنكروه؛ مثل: الإمام الشافعي, والإمام البخاري, والإمام أبو حاتم, والإمام البيهقي, وغيرهم.
فهذا الخبر ضعف ليس فقط لنكارته, وجهالة إسناده, واضطرابه, بل من أجل اختلاف الرواة في متنه وفي إسناده, واضطرابهم فيهما.
فهو حديث منكر.
ولحديث ابن أم مكتوم طرق أخرى:
فعن ابن أم مكتوم، قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي r: (أتسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ فحي هلا).([59])
حديث منكر
أخرجه أبو داود في «السنن» (ص94 ح553)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص447 ح926)، وفي «المجتبى» (ص141 ح851)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص716 ح1478)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص58)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص205)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج22 ص28) من عدة طرق عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم به.
قلنا: وهذا سنده فيه انقطاع؛ عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من ابن أم مكتوم، فالإسناد ضعيف.
قال الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج1 ص365)؛ في ترجمة ابن أم مكتوم: (حدث عنه: عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسل). اهـ
وقال الحافظ ابن القطان / في «بيان الوهم والإيهام» (ج2 ص552): (وأما الرواية الأخرى، فيرويها عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم، وسنه لا تقتضي له السماع منه، فإنه ولد لست بقين من خلافة عمر). اهـ
وقال الحافظ العراقي / في «تحفة التحصيل» (ص199): (ففي سماع ابن أبي ليلى من ابن أم مكتوم نظر). اهـ
فعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك ابن أم مكتوم.
وقال الحافظ النسائي: قد اختلف على ابن أبي ليلى في هذا الحديث، فرواه بعضهم عنه مرسلا.([60])
انظر: «تحفة الأشراف» للمزي (ج8 ص171)، و«التنقيح» لابن عبد الهادي (ج2 ص455).
وقال الحافظ ابن خزيمة: أخبرنا علي بن سهل الرملي بخبر غريب غريب، وساقه بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج1 ص247) من طريق ابن خزيمة، لكن سقط من إسناد الحاكم: «ابن أبي ليلى».
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، إن كان ابن عابس سمع من ابن أم مكتوم.
وقال الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج1 ص572)؛ منبها: (قلت: لم يسمع منه ابن عابس، ولا ابن أبي ليلى، ولا أبو رزين؛ قاله ابن معين، والمعتمد في اتصال هذا الإسناد([61]) رواية عبد الله بن شداد عنه). اهـ
وأخرجه أبو داود في «سننه» (ص94 ح553)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص447 ح926)، وفي «المجتبى» (ص141 ح851)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص58) من طريق هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، حدثنا أبي، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم t به.
قلنا: هكذا رواه هارون بن زيد عن أبيه.
* وتابعه عليه:
علي بن سهل الرملي قال: ثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، عن ابن أبي ليلى، عن ابن أم مكتوم به.
أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (ج2 ص367)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص247).
وقال الحافظ ابن خزيمة: أخبرنا علي بن سهل الرملي بخبر غريب غريب...، وساقه بهذا الإسناد.
* وتابع ابن أبي الزرقاء عليه: قاسم بن يزيد الجرمي، فرواه عن الثوري به مثله.
أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص447)، وفي «المجتبى» (ج2 ص110)، وابن قانع في «معجم الصحابة([62]») (ج2 ص205)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج22 ص28).
وخالفهما: أبو أسامة حماد بن أسامة:
فرواه عن سفيان، عن عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: جاء ابن أم مكتوم إلى النبي r فذكره.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص303)؛ هكذا مرسلا.
والرواية المرسلة: هي المحفوظة والتي رواها أبو أسامة وهو ثقة ثبت.([63])
ورواية ابن أبي الزرقاء، والقاسم بن يزيد الموهمة للاتصال غلط.
فرواية أبي أسامة هي الصواب، فهو أحفظ الثلاثة، وهي الموافقة لحقيقة الحال.([64])
وانظر: «بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (ج2 ص551).
ومما يؤكد كون الرواية المرسلة هي المحفوظة:
رواية عمرو بن مرة، فقد روى أبو داود، وعلي بن الجعد، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، سمعت ابن أبي ليلى يقول: (كان منا رجل ضرير البصر، فقال: يا رسول الله إن بيني وبين المسجد نخلا، فقال رسول الله r: (أتسمع النداء؟) قال: نعم. قال: (فإذا سمعت النداء فأجبه).
أخرجه أبو القاسم البغوي في «الجعديات» (73)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص88)، و(ج15 ص109)، وفي «أحكام القرآن» (220).
فالحديث إنما هو عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مرسل.
وقد وهم في هذا الحديث أبو سنان سعيد بن سنان الكوفي؛ فرواه عن عمرو بن مرة قال: حدثني أبو رزين، عن أبي هريرة، قال: جاء ابن أم مكتوم إلى النبي r ... فذكره.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص304)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص87)، و(ج15 ص108)، وفي «أحكام القرآن» (219)، والبزار في «المسند» (ج17 ص115)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج3 ص1200).
وإسناده ضعيف؛ تقدم.
قال الإمام الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص109): هكذا روى أبو سنان هذا الحديث، عن عمرو بن مرة، ورواه شعبة، عن عمرو بن مرة، فخالفه في إسناده.
والصواب: رواية شعبة الحافظ الإمام، ورواية أبي سنان الكوفي: رواية منكرة؛ فإنه كان لا يقيم الحديث، وله غرائب، وإفرادات.([65])
فدل ذلك أن أصل هذا الحديث، إنما هو عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى منقطعا، لا عن عمرو، عن أبي رزين، عن أبي هريرة t.
ورواه شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: (كان رجل منا ضرير البصر، فقال: يا رسول الله، إن بيني وبين المسجد نخلا، فقال رسول الله: (أتسمع النداء؟)، فقال: نعم، قال: فإذا سمعت النداء، فآذنه).
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص88) من طريق بكار بن قتيبة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة به.
فرواه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، ولم يتجاوزه به.
ورواه عبد الله بن شداد، عن ابن أم مكتوم، وهو وهم:
أخرجه أحمد في «المسند» (ج24 ص245 ح15419)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص370 ح1415)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص374 ح902)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص717 ح1479)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص85 ح5087)، و(ج15 ص110 ح5878)، وفي «أحكام القرآن» (221)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص132)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص371)، وفي «التحقيق» (ج3 ص260)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص427)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص205) من طريق عبد العزيز بن مسلم القسملي، وإبراهيم بن طهمان، وأبي جعفر الرازي جميعهم عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد، عن ابن أم مكتوم، أن رسول الله r استقبل الناس في صلاة العشاء، فقال: (لقد هممت أن آتي هؤلاء الذين يتخلفون عن هذه الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم) فقام ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله لقد علمت ما بي وليس لي قائد، قال: (أتسمع الإقامة؟) قال: نعم، قال: (فاحضرها) قال: يا رسول الله إن بيني وبينها نخلا، وشجرا، وليس لي قائد، قال: (أتسمع الإقامة؟) قال: نعم، قال: (فاحضرها) ولم يرخص له.
حديث منكر
ولم يذكر عبد الرحمن بن أبي ليلى في الإسناد!.
قلنا: وإسناده منكر، فيه عبد العزيز بن مسلم القسملي، يهم في الحديث، وهذا من أوهامه.([66])
قال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج3 ص331)؛ بعدما ساق له حديثا من أوهامه: (وعبد العزيز بن مسلم القسملي ربما أوهم، فأفحش). اهـ
قال ذلك في «قسم الصحابة» من «الثقات» (ج3 ص331)؛ في ترجمة: «فروة بن نوفل الأشجعي».
وقال الحافظ العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج3 ص17): (عبد العزيز بن مسلم القسملي في حديثه بعض الوهم). اهـ، وساق له حديثا من أوهامه.
وإبراهيم بن طهمان الهروي يخالف ويغرب في الحديث، ويتفرد عن الثقات الأثبات بأحاديث منكرة، وهذا من مخالفته.
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج6 ص27): (إبراهيم بن طهمان: أبو سعيد من أهل هذه الطبقة، ولكن أمره مشتبه له مدخل في الثقات، ومدخل في الضعفاء، وقد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات، وقد تفرد عن الثقات بأشياء معضلات). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص109): (ثقة يغرب). يعني: يتفرد في الحديث.
وعيسى بن ماهان الرازي سيء الحفظ.([67])
قال الإمام أبو زرعة: (شيخ يهم كثيرا)، وقال الإمام ابن معين: (يكتب حديثه، ولكنه يخطئ).
وعبد الله بن شداد الليثي لم يسمع من ابن أم مكتوم، ولم نقف له على سماع منه([68])، فالإسناد منقطع أيضا.
والسند المعنعن غير متصل حتى يثبت اللقاء، والسماع بين التلميذ وشيخه، وهذا الذي عليه جمهور «أهل الحديث»؛ كما هو معروف، وهو الصحيح.([69])
وفي رواية: عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن ابن أم مكتوم قال: (يا رسول الله، إن بيني وبين المسجد نخلا، وشجرا، ولا أقدر على قائد كل ساعة، أيسعني أن أصلي في بيتي؟ قال: (أتسمع الإقامة؟) قال: نعم، قال: (فأتها).
فمرة يذكر في السند: «عن ابن أم مكتوم»، ومرة: «عن عبد الله بن أم مكتوم»، وفي المتن مرة: «أتسمع الأذان»، ومرة: «أتسمع الإقامة»، وهذا يدل على أن الرواة وهموا في السند والمتن جميعا، وأنهم غير ضابطين لهما، وهذا يوجب ضعف الحديث من هذا الوجه أيضا.([70])
لذلك لم يصب الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص168)؛ بقوله: (وإسناد هذه جيد). اهـ
واختلف على حصين في إرساله:
* فرواه أبو جعفر الرازي، وعبد العزيز بن مسلم، وإبراهيم بن طهمان جميعهم عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد، عن ابن أم مكتوم به.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج24 ص245 ح15419)، والدارقطني في «السنن» (ج1 ص370 ح1415)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص374 ح902)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص717 ح1479)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص85 ح5087)، و(ج15 ص110 ح5878)، وفي «أحكام القرآن» (221)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج4 ص132)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص371)، وفي «التحقيق» (ج3 ص260)، والسهمي في «تاريخ جرجان» (ص427)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج2 ص205).
قلنا: وهذا سنده منكر، وله أربع علل:
الأولى: أبو جعفر الرازي وهو عيسى بن ماهان الرازي؛ سيء الحفظ.
الثانية: عبد العزيز بن مسلم القسملي، وهو له أوهام.
قال الحافظ العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج3 ص17): (عبد العزيز بن مسلم القسملي في حديثه بعض الوهم). اهـ، وساق له حديثا من أوهامه.
الثالثة: إبراهيم بن طهمان الهروي، وهو يغرب، ويخالف
الرابعة: لم نقف لعبد الله بن شداد على سماع من ابن أم مكتوم.
** ورواه شعبة، عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شداد بن الهاد: أن ابن أم مكتوم فذكره.
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص86 ح5088)، و(ج15 ص111 ح5879)، وفي «أحكام القرآن» (222).
وهذا شعبة بن الحجاج إنما روى هذا الحديث عن حصين؛ فقال فيه: (إن ابن أم مكتوم)، ولم يقل فيه؛ كما قال عبد العزيز بن مسلم: (عن ابن أم مكتوم)، فنفى أن يكون سماعا لعبد الله بن شداد من ابن أم مكتوم.([71])
وهذا طعن في إسناد الحديث في أن شعبة بن الحجاج قد رواه عن حصين بن عبد الرحمن، فخالف عبد العزيز بن مسلم فيه.
وهذا من اختلاف الإسناد في الحديث.
قال الإمام الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص111): وقد روى شعبة، عن حصين هذا الحديث، فأوقفه على عبد الله بن شداد.
ولم ينفرد بذلك شعبة([72])، فقد تابعه عليه: هشيم بن بشير([73])، فرواه عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد قال: (استقل النبي r ذات ليلة في العشاء) ... فذكره.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص303).
وهذا مرسل.
قال الإمام أحمد: عبد الله بن شداد بن الهاد لم يسمع من النبي r شيئا.([74])
وعليه: فهو ثابت عن شعبة؛ بدليل متابعة هشيم له عن حصين بن عبد الرحمن.
وقول شعبة، وهشيم هو الصواب؛ فإنهما من أثبت أصحاب حصين بن عبد الرحمن، وسماعهما منه قديم، فتنبه.
فالمحفوظ: من الحديث إنما هو مرسل، كما رواه شعبة، وهشيم كلاهما عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد مرسلا.
والحاصل: أن هذه الأسانيد الثلاثة:
1) عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عمرو بن أم مكتوم.
2) وعن عمرو بن مرة، وعبد الرحمن بن عابس، عن ابن أبي ليلى مرسلا.
3) وعن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد مرسلا.
*** ورواه يعقوب بن يوسف المطوعي، ثنا أبو داود المباركي، ثنا أبو شهاب الحناط، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن ابن أم مكتوم t قال: قلت: (يا رسول الله، إن لي قائدا لا يلاومني في هاتين الصلاتين، قال: أي الصلاتين؟ قلت: العشاء والصبح، فقال النبي r: لو يعلم القاعد عنهما ما فيهما لأتاهما ولو حبوا).
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص58).
قلنا: وإسناده منقطع وضعيف، ومتنه غريب من حديث ابن أم مكتوم.
والمسيب بن رافع: روايته عن ابن أم مكتوم مرسلة، قال ابن معين: (لم يسمع المسيب بن رافع من أحد من أصحاب النبي r إلا البراء بن عازب).([75])
وأبو شهاب الحناط: عبد ربه بن نافع الكناني يخالف في الحديث ويهم فيه.([76])
قال الحافظ يحيى بن سعيد القطان: (لم يكن أبو شهاب الحناط بالحافظ)، وقال الحافظ يعقوب بن شيبة: (لم يكن بالمتين، وقد تكملوا في حفظه)، وقال الحافظ الذهبي: (ليس بذاك الحافظ).
*** ورواه عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل, عن زياد بن فياض، عن إبراهيم النخعي قال: (أتى عمرو بن أم مكتوم رسول الله , فشكا قائده , وقال: إن بيني وبين المسجد شجرا , فقال له رسول الله r: (تسمع الإقامة؟) قال: نعم، فلم يرخص له).
أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج4 ص208).
قلنا: وهذا مرسل.([77])
وهذه مراسيل كلها، فلا يحتج بها؛ وهي: مرسل: «ابن أبي ليلى»، ومرسل: «عبد الله بن شداد»، ومرسل: «إبراهيم النخعي».
قال الحافظ ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص15): (سمعت أبي وأبا زرعة يقولان لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة؛ إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة وكذا أقول أنا). اهـ
وبوب الحافظ ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص13)؛ باب ما ذكر في الأسانيد المرسلة أنها لا تثبت بها الحجة.
وقال الإمام مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص30)؛ حكاية عن غيره مقرا له: (والمرسل من الروايات في أصل قولنا، وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة).اهـ
وقال الإمام الشافعي /: (وإذا اتصل الحديث عن رسول الله r وصح الإسناد به فهو سنة وليس المنقطع بشيء ... ).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الإمام الشافعي» (ص232)، وفي «المراسيل» (ص6).
وإسناده صحيح.
وقال الإمام ابن الجوزي في «آفة أصحاب الحديث» (ص434): (والمراسيل لا يرى الاحتجاج بها أكثر العلماء). اهـ
ولم يثبت أن الرجل الأعمى المبهم في حديث أبي هريرة t عند مسلم في «صحيحه» (653)، أنه كان ابن أم مكتوم.
وقد نقل الإمام الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص85)؛ أن رواية عبدالله بن شداد مرسلة عن ابن أم مكتوم من طريق شعبة وهو حجة، وخالفه عبدالعزيز وهو له أوهام؛ كما ذكر ابن حجر في «التقريب» (ص616).
قلنا: ولكن لا يوافق على ما قاله في عبد العزيز بن مسلم من أنه يقارن بشعبة بن الحجاج وأن طريق عبد العزيز بن مسلم يقبل بل مردود؛ لأنه له أوهام؛ كما بين أهل الحديث.
ومما يوضح أن رواية عبد الله بن شداد مرسلة، وأنها موقوفة عليه: قول الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص111): (وقد روى شعبة، عن حصين هذا الحديث، فأوقفه على عبد الله بن شداد) ثم ذكرها.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج1 ص303) من طريق هشيم عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن شداد مرسلا به.
وهذا الاختلاف في إسناد الحديث، هو مطعن في الحديث.
فهذا الحديث ليس بصحيح لنكارته, وجهالة إسناده, واضطرابه, ولأجل اختلاف الرواة في إسناده, واضطرابهم فيه.
فهذا الحديث وقع فيه اضطراب في المتن، وهذا يوجب ضعفه، فذكر فيه مرة: (رجل أعمى)، ومرة: (عمرو بن أم مكتوم)، ومرة يقال: (ابن أم مكتوم)، ومرة يقال: (عبد الله بن أم مكتوم).
وذكر فيه مرة: (إني رجل ضرير شاسع الدار)، ومرة: (إني كبير، ضرير، شاسع الدار)، ومرة: (إني شيخ كبير ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، وبيني وبين المسجد شجر وأنهار)، ومرة: (وقد أصابه ضرر في عينيه)، ومرة: (إني أسمع النداء، فلعلي لا أجد قائدا ويشق علي)، ومرة: (إن المدينة كثيرة الهوام والسباع)، ومرة: (إن لي قائدا لا يلاومني في هاتين الصلاتين، قال: (أي الصلاتين؟) قلت: العشاء والصبح)، ومرة: (إن بيني وبينك أشياء).
وذكر فيه مرة: (أيبلغك النداء؟)، ومرة: (أتسمع الإقامة؟).
وذكر فيه مرة: (فرخص له، فلما ولى، دعاه)
قلنا: وهذا يوجب ضعف الحديث؛ فما بالك مع ضعف الأسانيد واضطرابها كذلك، كما مر علينا.
فلا نشك في نكارة أسانيد هذا الحديث وشواهده، واضطراب ألفاظها، وقد جمعت من قبل الضعفاء، والمجهولين، والمتروكين؛ لا يكاد يقبلها أهل العقل، وأهل الصنعة، فمن تأملها علم أنها ليست من قول النبي r، لا سيما وأنها تخالف الأصول من القرآن والسنة في رفع الحرج.
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (إن الدين يسر).([78])
قلنا: ومما يدل على نكارة المتن أيضا أن في الحديث قد جمعت أعذارا كثيرة، ومع ذلك النبي r لم يرخص له!!، وهي: فقد البصر، وعدم وجود قائد يقوده للمسجد، أو بوجوده ولكنه غير ملائم، وبعد داره عن المسجد، ووجود الحوائل بينه وبين المسجد كالشجر والنخيل، وجود الهوام والسباع، وهذا بلا شك أنه يشق عليه، وكما في رواية يقول: (ويشق علي).
والنبي r قد رخص في أمور أخف من هذه بكثير([79])، فكيف لا يرخص لمن عنده هذه الأعذار.
هذا آخر ما وفقنا الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة...................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل على مشروعية تخلف الرجل الأعمى عن صلاة الجمعة، وصلاة الجماعة في المسجد................................................ |
7 |
3) |
ذكر الدليل على ضعف حديث الأعمى في وجوب حضوره لصلاة الجماعة في المسجد................................................................ |
31 |
([1]) وفي رواية: (جعل بصري يكل)، وفي رواية: (أصابني في بصري بعض الشيء)، وفي رواية: (لما ساء بصري).
قلنا: فهذه الروايات تبين أن عتبان بن مالك t أنه لم يكن بلغ العمى، وإنما ضعف بصره.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص520).
([3]) قال النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج1 ص243): (قوله: (أصابني في بصري بعض الشيء)، وقال في الرواية الأخرى: (عمي)؛ يحتمل أنه أراد ببعض الشيء العمى، وهو ذهاب البصر جميعه، ويحتمل أنه أراد به ضعف البصر وذهاب معظمه، وسماه عمى في الرواية الأخرى لقربه منه ومشاركته إياه في فوات بعض ما كان حاصلا في حال السلامة). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص520): (والأولى: أن يقال أطلق عليه عمى لقربه منه ومشاركته له في فوات بعض ما كان يعهده في حال الصحة، وبهذا تأتلف الروايات). اهـ
([5]) فلم يخصه بحالة وجود السيل؛ لأن السيول لا تدوم، ومع هذا رخص له النبي r في الصلاة في بيته بكل حال، ولم يخصه بحالة وجود السيل.
وانظر: «فتح الباري» لابن رجب (ج2 ص386).
([9]) وقد كان نفس هذا الوصف، وهو العمى مؤثر معتبر شرعا في مواضع أخرى؛ مثل: إسقاط وجوب الجهاد بالنفس عليه.
([11]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (424)، و(425)، و(668)، و(686)، و(4010)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص61 و62)، والنسائي في «السنن الكبرى» (865)، و(920)، و(1251)، وفي «المجتبى» (ج2 ص80 و105)، وابن ماجه في «سننه» (754)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص449).
([15]) وانظر: «اختلاف الأئمة العلماء» لابن هبيرة (ج1 ص153)، و«المبسوط» للسرخسي (ج2 ص22) و«الكافي في فقه الإمام أحمد» لابن قدامة (ج1 ص289)، و«كشاف القناع» للبهوتي (ج1 ص497)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص156)، و«الذخيرة» للقرافي (ج3 ص176)، و«التاج والإكليل لمختصر خليل» للمواق (ج2 ص560)، و«المجموع شرح المهذب» للنووي (ج4 ص486)،و«روضة الطالبين» له (ج2 ص36)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج1 ص82)، و«البناية شرح الهداية» للعيني (ج2 ص324)، و(ج3 ص41 و71)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص205).
([16]) وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص7 و76)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص64)، و«إرشاد أولي البصائر والألباب» للعلامة السعدي (ص113)، و«رسالة القواعد الفقهية» له (ص49)، و«الشرح الممتع» للشيخ ابن عثيمين (ج4 ص310)، و«العلم» له (ص67)، و«شرح صحيح البخاري» له أيضا (ج2 ص292).
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (354)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج3 ص403)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص140)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص323).
وإسناده حسن.
([18]) وقد استشكل العلامة ابن عثيمين / عدم عذر الأعمى الذي لم يأذن له الرسول r.
وأجاب /: عن هذا الاستشكال بأنه حادثة أعيان لا يؤخذ منها: الحكم عام.
فالحكم العام أن العمى: هو عذر لترك الجماعة.
هذا القول: مسجل بصوته في «التواصل المرئي» بعنوان: (استشكال حديث ابن أم مكتوم)، وهو من دروس: «شرح صحيح البخاري».
([22]) قلت: وهذا من العسر الذي فيه إجهاد للنفس، وضرر الجسم، وفيه مشقة.
والدين جاء للمحافظة على الضرورات الخمس: وهي النفس، والمال، والعرض، والعقل، والدين.
أخرجه الخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (ج1 ص120).
وإسناده صحيح.
([28]) فالإسناد معلول عند الحافظ البخاري لجهالة: «عبيد الله بن عبد الله»، ولذلك اختار حديث: «عتبان بن مالك» t، وأخرجه في «صحيحه» بناء على صحة إسناده، فافهم لهذا ترشد.
([30]) فإن النبي r رخص: «لعتبان بن مالك» t، وهو أعمى أن يصلي في بيته، ولم يرخص كما قيل: «لابن أم مكتوم» t، وهذا الحديث معلول بحديث: «عتبان بن مالك» t، فهو أصح إسنادا منه ولا يعارضه؛ كما سوف يأتي ذلك.
([32]) اسمه: «المنتقى في أسماء الأئمة المرضيين، والثقات المحدثين، والرواة المشتهرين من التابعين فمن بعدهم».
انظر: «البرنامج» للرعيني (ص54)، و«ملء العيبة» لابن رشيد (ج2 ص143).
قلنا: والكتاب مفقود لم نقف عليه؛ إلا أن الحافظ مغلطاي يكثر من النقل عنه في «إكمال تهذيب الكمال».
([33]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص409)، و«تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (ج15 ص191)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج9 ص53).
([34]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص409)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص311)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج8 ص1204)، و«ميزان الاعتدال» له (ج4 ص316).
([35]) هكذا بالزاي، والظاهر أنها محرفة من: «يلاومني»؛ بالواو، فقد ذكر شراح سنن أبي داود، «كالمنذري»، و«الخطابي» أن الرواية هكذا بالواو، وجزموا بخطئها، وأن الصواب: (يلائمني) من الملاءمة، وهي المساعدة والموافقة.
أما بالواو فمن اللوم، وليس هذا موضعه.
وانظر: «مختصر سنن أبي داود» للمنذري (520)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص138)، و«غريب الحديث» لابن قتيبة (ج2 ص658)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج15 ص287)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج12 ص531 و558)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج3 ص393 و445)، و«شرح سنن أبي داود» للعيني (ج3 ص26)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص265).
([36]) انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج4 ص27)، و«بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم» لابن عبد الهادي (ص62)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص321).
([37]) ووقع عند الخطيب في «الأسماء المبهمة» (ج3 ص214): «ابن رزق»، وهو خطأ.
وأبو رزين اسمه: مسعود بن مالك الأسدي.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص 118)، و«بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (ج2 ص551).
([38]) قال الإمام الخطابي في «إصلاح غلظ المحدثين» (ص26): (ولي قائد لا يلاومني)؛ هكذا يرويه المحدثون، وهو غلط، والصواب: لا يلائمني، أي لا يوافقني، ولا يساعدني على حضور الجماعة ... فأما الملاومة فإنها مفاعلة من اللوم وليس هذا موضعه). اهـ
وانظر: «غريب الحديث» للخطابي (ج3 ص225).
وقال الإمام ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث» (ج4 ص221): (ويروى (يلاومني) بالواو، ولا أصل له، وهو تحريف من الرواة، لأن الملاومة مفاعلة من اللوم). اهـ
([39]) وهناك رواية: «لا يلازمني»؛ هكذا بالزاي، والظاهر أنها محرفة من: «يلاومني»؛ بالواو، فقد ذكر شراح: «سنن أبي داود»، «كالمنذري»، و«الخطابي» أن الرواية هكذا بالواو، وجزموا بخطئها، وأن الصواب: (يلائمني) من الملاءمة، وهي المساعدة والموافقة، أما بالواو فمن اللوم، وليس هذا موضعه.
وانظر: «مختصر سنن أبي داود» للمنذري (520)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص138)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج12 ص531 و558)، و«غريب الحديث» لابن قتيبة (ج2 ص658)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج15 ص287)، و«تاج العروس» للزبيدي (ج3 ص393 و445)، و«شرح سنن أبي داود» للعيني (ج3 ص26)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص265).
([40]) انظر: «تحفة التحصيل» للعراقي (ص301)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص278)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص118).
([41]) وقد أعله الحافظ ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (ج2 ص551)؛ بالانقطاع بين أبي رزين، وبين ابن أم مكتوم.
([42]) وقد ثبت أن أبا رزين لم يسمع من ابن أم مكتوم، وقيل أنه أدركه بغير حجة، وإدراكه لا يلزم منه السماع عند الأئمة.
وكذلك الاكتفاء بالمعاصرة بين الراوي وشيخه ليس هذا قول الجمهور، وكذلك ليس قول الحافظ مسلم؛ بل هذا قول المعاصرين المقلدين، فانتبه.
([44]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج13 ص473)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص38)، و«تقريب التهذيب» له (ص369).
([46]) وانظر: «الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج1 ص94)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص182)، و«ديوان الضعفاء» له (ص25)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج2 ص21).
([47]) كذا وقع في المطبوع: «صالح»، ولم نجد من ضمن شيوخ: «عاصم بن أبي النجود» من اسمه: «صالح» بل روايته عن «أبي صالح ذكوان».
وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج13 ص474).
([48]) انظر: «الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج5 ص223)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص349)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص184)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص106)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج6 ص510)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج6 ص361).
([50]) وانظر: «نزهة النظر» لابن حجر (ص110)، و«النكت» له (ج2 ص606 و607)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص222)، و«توضيح الأفكار» للصنعاني (ج1 ص340)، و«علوم الحديث» لابن الصلاح (ص51)، و«فتح المغيث» للسخاوي (ج1 ص166)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج1 ص189).
([51]) قال الحافظ الذهبي / في «سير أعلام النبلاء» (ج12 ص555): (يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، المحدث، أبو فروة الرهاوي). اهـ
([52]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج32 ص155)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص335)، و«تقريب التهذيب» له (ص857)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج3 ص209)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص111)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج4 ص382)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج9 ص328)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج2 ص750)، و«ميزان الاعتدال» له (ج5 ص158)، و«ديوان الضعفاء» له أيضا (ص442)، و«بحر الدم» لابن عبد الهادي (ص176)، و«الكامل» لابن عدي (ج9 ص152)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص457).
([53]) قلنا: والمرتبة الثالثة: من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا بالسماع.
وانظر: «مقدمة تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص23).
([54]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص58 و95)، و«تعريف أهل التقديس» له (ص101)، و«المدلسين» لابن العجمي (ص44)، و«المدلسين» لأبي زرعة ابن العراقي (ص77)، و«أسماء المدلسين» للسيوطي (ص77)، و«مذكرة في دروس علل المدلسين» لشيخنا فوزي الأثري (ج2 ص4).
([56]) ووقع في طريق الطبراني «الجزري» وهو جعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني كنيته أبو الفضل، ويقال له الرأسي أيضا، وقد روى عن محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، وروى عنه علي بن سعيد بن عبد الله العسكري، ومحمد بن العباس الأخرم الأصبهاني.
وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج5 ص99)، و«الأنساب» للسمعاني (ج6 ص39)، و«التقريب» لابن حجر (ص200).
([57]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص579)، و«لسان الميزان» له (ج4 ص150)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص569)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج2 ص17)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج4 ص11).
([59]) قال الحافظ أبو داود في «سننه» (ص94 ح553): وكذا رواه القاسم الجرمي، عن سفيان ليس في حديثه (حي هلا).
وقال الإمام الخطابي في «معالم السنن» (ج1 ص138): (قوله r: (حي هلا)؛ كلمة حث واستعجال). اهـ
وانظر: «فتح الودود في شرح سنن أبي داود» للسندي (ج1 ص 361).
([61]) وإسناده ضعيف للاختلاف الذي فيه، وهو غير محفوظ، وعبد الله بن شداد لم يسمع من ابن أم مكتوم أيضا، ولم نقف له على سماع من ابن أم مكتوم، وقد قيل ممكن، وفيه نظر.
وقد قال الإمام الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص85): وقد روى شعبة، عن حصين هذا الحديث، فأوقفه على عبد الله بن شداد.
([63]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج7 ص253)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ص203)، و«تهذيب التهذيب» له (ج3 ص11).
([64]) وانظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (450)، و«جامع التحصيل» للعلائي (452)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (204).
([65]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص25)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص143)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج3 ص1200).
([67]) انظر: «الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج3 ص17)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ص109 و616 و1126)، و«تهذيب التهذيب» له (ج1 ص113)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج2 ص108)، و(ج22 ص194)، و«الثقات» لابن حبان (ج6 ص27).
([68]) انظر: «مشكل الآثار» للطحاوي (ج13 ص85)، و(ج15 ص110).
فقول الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج1 ص572): (والمعتمد في اتصال هذا الإسناد رواية عبد الله بن شداد عنه). اهـ وقوله هذا فيه نظر.
([69]) انظر: «اختصار علوم الحديث» لابن كثير (ص18)، و«النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص77)، و«شرح علل الترمذي الصغير» لابن رجب (ص214)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص125)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص128).
([70]) بل مرة يقال: «رجل أعمى»، ومرة يقال: «عمرو بن أم مكتوم»، ومرة يقال: «ابن أم مكتوم»، ومرة يقال: «رجل ضرير البصر»، ومرة يقال: «عبد الله بن أم مكتوم»، وهذا اضطراب في راوي الحديث، وهو يوجب ضعف الحديث.
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص735)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج3 ص58).
([72]) وهو الثبت في حصين بن عبد الرحمن، قديم السماع منه.
انظر: «شرح العلل» لابن رجب (ج2 ص739)، و«الكواكب النيرات» لابن الكيال (14).
([73]) ثقة ثبت أثبت الناس في حصين بن عبد الرحمن، وأصحهم عنه حديثا.
وانظر: «شرح العلل» لابن رجب (ج2 ص739).
([74]) انظر: «المسائل» لصالح (705)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (178)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص212)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج7 ص400).
([75]) وانظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (207)، و«جامع التحصيل» للعلائي (280)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (304)، و«تاريخ ابن معين» (ج4 ص19-رواية الدوري)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج3 ص 167).