الرئيسية / ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار / سرور النفس بفطر الصائم بغروب الشمس
سرور النفس بفطر الصائم بغروب الشمس
|
سرور النفس
بفطر الصائم بغروب الشمس
تأليف
العلامة أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
شعارنا: أمن و أمان في الأوطان
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أعن وسهل
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، سيدنا محمد البشير النذير، والسراج المنير، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود وعلى وآله وصحابته والتابعين.
أما بعد:
فإن الاشتغال بالسنة النبوية المطهرة من أجل وأعظم القرب إلى الله تعالى، إذ أن الدين الإسلامي هو القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة؛ التي أوضحها الرسول صلى الله عليه وسلم مبينا للناس بها ما نزل إليهم من ربهم، وقد وفق الله لحفظ السنة والعمل بها والذود عن حياضها رجالا أفذاذا عباقرة حرسوا سنته حفظا ونقلا حتى تبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها، فهم الحفاظ لأركانها، والقوامون بأمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون، وهم عدول هذه الأمة، والكاشفون عن كل غمة.([1])
قال الإمام أبو المظفر السمعاني رحمه الله في ((الانتصار لأصحاب الحديث)) (ص44): (غير أن الله تعالى أبى أن يكون الحق، والعقيدة الصحيحة إلا مع أهل الحديث والآثار لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفا عن سلف، وقرنا عن قرن إلى أن انتهوا إلى التابعين، وأخذه التابعون عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس من الدين المستقيم، والصراط القويم إلا هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث.
وأما سائر الفرق فطلبوا الدين لا بطريقه لأنهم رجعوا إلى معقولهم، وخواطرهم، وآرائهم، فطلبوا الدين من قبله؛ فإذا سمعوا شيئا من الكتاب والسنة عرضوه على معيار عقولهم فإن استقام قبلوه وإن لم يستقم في ميزان عقولهم ردوه، فإن اضطروا إلى قبوله حرفوه بالتأويلات البعيدة، والمعاني المستنكرة، فحادوا عن الحق، وزاغوا عنه ونبذوا الدين وراء ظهورهم، وجعلوا السنة تحت أقدامهم تعالى الله عما يصفون). اهـ
لذلك أقدم كتابي هذا الذي بين أيدينا المسمى بــ((سرور النفس بفطر الصائم بغروب الشمس))، وهو يحتوى على فقه أهل الحديث بتعجيل الفطر بغروب الشمس، وما وردت فيه من الآيات والأحاديث، والآثار والأقوال في الدين.
هذا؛ وندعو الله تعالى أن يوفقنا لمزيد من خدمة الكتاب والسنة والآثار، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
أبوعبد الرحمن الأثري
بسم الله الرحمن الرحيم
من تمسك بالسنة نجا
ذكر الدليل
على تعيين غروب الشمس الذي يسن للصائم تعجيل فطره عنده، وتعجيل فطره بمغيب قرص الشمس كله، وله تعجيل فطره أحيانا قبل مغيب قرص الشمس بيسير، وذلك عند تقارب غروبها، لأن الأمر فيه سعة؛ بل هذا يسمى غروبا في الدين فلا نحجر واسعا([2])
(1) قال تعالى: ]أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون[ [البقرة: 187].
والشاهد:
قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].
قلت: ويتعين دخول اليل من غروب الشمس، ويتحقق للصائم الإفطار([3])، لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187].
قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((التمهيد)) (ج21 ص98): (والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ وأول الليل مغيب الشمس كلها في الأفق عن أعين الناظرين). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((الاستذكار)) (ج10 ص42): (أجمع العلماء على أنه إذا حلت صلاة المغرب فقد حل الفطر للصائم فرضا وتطوعا، وأجمعوا أن صلاة المغرب من صلاة الليل، والله تعالى يقول: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]).اهـ
(2) وعن عبد الكريم بن أبي المخارق رحمه الله قال: ((من عمل النبوة: تعجيل الفطر، والاستيناء([4]) بالسحور)).
أثر صحيح
أخرجه أبو مصعب الزهري في ((الموطأ)) (ج1 ص299)، والبغوي في ((شرح السنة)) تعليقا (ج6 ص254)، والقعنبي في ((الموطأ)) (ص321)، والحدثاني في ((الموطأ)) (ص412) من طريق مالك –وهو في ((الموطأ)) (ج1 ص158) رواية يحيى- قال: سمعت عبد الكريم بن أبي المخارق به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج2 ص290).
(3) وعن محمد بن كعب قال: ((أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر، وقد رحلت دابته، ولبس ثياب السفر، وقد تقارب غروب الشمس، فدعا بطعام فأكل منه ثم ركب، فقلت له: سنة؛ قال: نعم)).
أثر صحيح
أخرجه الترمذي في ((سننه)) (ج2 ص318)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج4 ص247)، والدارقطني في ((السنن)) (ج2 ص188) من طريق سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا محمد بن جعفر حدثني زيد بن أسلم، أخبرني محمد بن المنكدر، عن محمد بن كعب به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في ((حديث إفطار الصائم ...)) (ص22).
وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
فقوله: ((وقد تقارب غروب الشمس))؛ يدل على أن الشمس لم تغرب بالكلية، بل يرى قرصها بقرب الأرض، وهذا يسمى غروبا؛ كما يدل عليه الأثر.([5])
قلت: فلا عبرة بهذا المستوى من الشمس، فإن النهار قد انتهى عند العرب، فيجوز للصائم أن يفطر، وإن كان قرص الشمس لم يغب عن الناظرين، وحلت صلاة المغرب، لأن المغرب في الأصل: موضع الغروب، فإذا وصلت الشمس جهة المغرب، وفي هذا المستوى من موضع الغروب، فهذا يسمى غروبا عند الصحابة رضي الله عنهم، لأن الشمس بعدت، ودخلت في الغروب.([6])
قال الفقيه البهوتي رحمه الله في ((كشاف القناع)) (ج1 ص235): (وقت المغرب: وهو في الأصل: مصدر غربت الشمس؛ بـ((فتح الراء وضمها)) غروبا، ومغربا، ويطلق في اللغة: على وقت الغروب ومكانه). اهـ
قلت: فالمغرب سمي بذلك لفعلها وقت الغروب؛ إذ الغروب في اللغة البعد، أو وقته، أو مكانه فإذا كانت الشمس بعيدة في مستوى الغروب، فهي قد غربت، وإن كان قرصها لم يغب([7])، لأن هذا يسمى غروبا.([8])
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في ((شرح عمدة الأحكام)) (ص331): (الصيام هو: الإمساك عن أشياء مخصوصة، وهي المفطرات من الأكل والشرب والجماع، وتوابعها، في وقت مخصوص، وهو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس). اهـ
ومنه؛ قول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((التمهيد)) (ج10 ص62): (والعرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((التمهيد)) (ج10 ص63): (فدل على أن قرب الشيء قد يعبر به عنه، والمراد مفهوم). اهـ
قلت: فهذا قرب قرص الشمس من الأرض، يعتبر هذا القرب غروبا، لأن العرب تسمي الشيء باسم ما قرب منه.([9])
وهذا يدل على أن بقية النهار بعد غروب الشمس يسمى ليلا، مع أن النهار لم يغب بالكلية، أي: أنه لا عبرة بوجود شيء من آخر النهار([10])، وذلك لأن العرب تسمي ذلك ليلا؛ حتى مع وجود النهار([11])، فافهم لهذا.
(4) وعن أبي العالية رحمه الله؛ أنه قال في الوصال في الصيام، قال: ((قال الله تبارك وتعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187] وإذا جاء الليل فهو مفطر، ثم إن شاء صام وإن شاء ترك)).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص134)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج3 ص264).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن تيمية في ((شرح العمدة)) (ج3 ص134).
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في ((فتح القدير)) (ج1 ص165): (قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]؛ فيه التصريح بأن للصوم غاية هي الليل، فعند إقبال الليل من المشرق، وإدبار النهار من المغرب، يفطر الصائم ويحل له الأكل والشرب، وغيرهما). اهـ
(5) وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم)).
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (1954)، ومسلم في ((صحيحه)) (1100)، وأبو داود في ((سننه)) (7351)، والترمذي في ((سننه)) (ج2 ص38)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص252)، وأحمد في ((المسند)) (ج1 ص35)، وعبدالرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص227)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (393)، والفريابي في ((الصيام)) (ص52)، وابن حبان في ((صحيحه)) (3504)، والجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص284)، والحميدي في ((المسند)) (20)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (2058)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1735)، وفي ((معالم التنزيل)) (ج1 ص215)، والقسطلاني في ((إرشاد الساري)) (ج4 ص590)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج21 ص98)، وفي ((الاستذكار)) (ج10 ص42) من طريق هشام بن عروه عن أبيه عن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه عمر رضي الله عنه به.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((التعليق على صحيح مسلم)) (ج5 ص290): (قال تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبل الليل من هاهنا –وأشار إلى المشرق- وأدبر النهار من هاهنا –وأشار إلى المغرب- وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم))، فمن المعلوم أن قوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]، يعني: من غابت عليه الشمس انتهى وقت صومه؛ وأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وغربت الشمس))، وأن من غربت عليه الشمس فقد انتهى صومه). اهـ
وقال الإمام الخطابي رحمه الله في ((معالم السنن)) (ج2 ص160): (قوله صلى الله عليه وسلم: ((فقد أفطر الصائم))؛ معناه: أنه قد صار في حكم المفطر، وإن لم يأكل، وقيل: معناه؛ أنه قد دخل في وقت الفطر، وحان له أن يفطر، كما قيل: أصبح الرجل إذا دخل في وقت الصبح، وأمسى، وأظهر كذلك). اهـ
(6) وعن سهيل بن عمرو رضي الله عنه قال: ((لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر في شهر رمضان، ويخيل إلى الشمس لم تغرب من تعجيل فطره)).
حديث حسن
أخرجه أبو أحمد الحاكم في ((الأسامي والكنى)) (ج3 ص171) من طريقين عن محمد بن عمر العامري عن ابن مرسا قال: سمعت سهيل بن عمرو رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده حسن.
فقوله: ((ويخيل إلى الشمس لم تغرب))؛ فهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يفطر، وقرص الشمس لم يغب بالكلية، وهذا في حكم الغروب المعروف بين العرب، فانتبه.
(7) وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهو صائم، فلما غربت الشمس، قال لبعض القوم: يا فلان، قم فاجدح لنا، فقال: يا رسول الله، لو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: يا رسول الله، فلو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: إن عليك نهارا، قال: انزل فاجدح لنا، فنزل فجدح لهم، فشرب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: ((إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم)). وفي رواية: ((إذا غابت الشمس من هاهنا، وجاء الليل من هاهنا([12]) فقد أفطر الصائم))، وفي رواية: ((وأمر بلالا))، وفي رواية: ((قال: يا رسول الله الشمس، قال: انزل فاجدح لي))، وفي رواية: ((لو انتظرت حتى تمسي، قال انزل فاجدح لنا)).
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (1955 و1958 و2941)، ومسلم في ((صحيحه)) (1101)، وأحمد في ((المسند)) (19395)، و(19399)، أبو داود في ((سننه)) (2352)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3297)، وابن حبان في ((صحيحه)) (3511)، و(3512)، والحميدي في ((المسند)) (ج2 ص312)، والقسطلاني في ((إرشاد الساري)) (ج4 ص590) من طرق عن سليمان الشيباني قال: سمعت عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه فذكره.
قلت: فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينظر إلى وجود قرص الشمس نظرا تاما، لذلك أعرض صلى الله عليه وسلم عن قول بلال رضي الله عنه حين قال: ((يا رسول الله الشمس))، واعتبر صلى الله عليه وسلم غيبوبة الشمس، مع أنها لم تغب كلها في الأرض([13])، والله المستعان.
قال الفقيه ابن العربي رحمه الله في ((القبس)) (ج2 ص479)؛ معلقا على الحديث: (فأنكر الرجل سرعة الفطر، فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك هو الحق!). اهـ
قلت: وهذا كله يدل على شدة تعجيل النبي صلى الله عليه وسلم للإفطار.
وقال الحافظ السيوطي رحمه الله في ((الديباج)) (ج3 ص200): (قوله: ((إن عليك نهارا)): إنما قال ذلك؛ لأنه رأى آثار الضياء، والحمرة التي بعد غروب الشمس، فظن أن الفطر لا يحل إلا بعد ذهاب ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج4 ص197): (وموضع الدلالة منه ما يشعر به سياقه من مراجعة الرجل له بكون الشمس لم تغرب في جواب طلبه لما يشير به فهو ظاهر في أنه كان صلى الله عليه وسلم صائما). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن حصول الغروب لا يلزم منه أن يتحقق غروب قرص الشمس بالكلية، أي: أن قرص الشمس لم يغب بالكلية، بل يرى عيانا، وهذا يسمى غروبا عند العرب، لأن لا عبرة بنهاية الشمس، فافطن لهذا.
قال العلامة أبو عبدالرحمن العظيم آبادي رحمه الله في ((عون المعبود)) (ج6 ص478): (قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء الليل من هاهنا)): أي: من جهة المشرق، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وذهب النهار من هاهنا))؛ أي: من جهة المغرب). اهـ
قلت: ووجه الدلالة أن النبي لما تحقق عنده غروب الشمس، أي: نهايتها، _ وإن كان قرص الشمس يرى _ لم يطلب مزيدا على ذلك، ولا التفت إلى موافقة من عنده من الصحابة الكرام على ذلك؛ بقوله: ((يا رسول الله الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم له: انزل فاجدح لي، فنزل فجدح له([14]) فشرب!))، فلو كان يجب الإمساك حين غياب قرص الشمس بالكلية لفعل ذلك، فعتبر صلى الله عليه وسلم أن ذلك غروبا، بقوله صلى الله عليه وسلم: ((وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم))؛ أي: دخل في وقت الفطر.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج4 ص197): (وفي الحديث استحباب تعجيل الفطر، وأنه لا يجب إمساك جزء من الليل مطلقا، بل متى تحقق غروب الشمس حل الفطر). اهـ
(8) وعن عبد الله بن أبي أوفى، قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال لرجل من القوم: انزل فاجدح لي بشيء وهو صائم، فقال: الشمس يا رسول الله ! قال: انزل فاجدح لي، قال: فنزل فجدح له فشرب، وقال: ولو ترآها([15]) أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس، ثم أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى المشرق، قال: إذا رأيتم الليل أقبل من هاهنا، فقد أفطر الصائم)).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص226) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق الشيباني عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في ((مختصر صحيح البخاري)) (ج1 ص571): (زاد عبد الرزاق (4/226/7594): ((ولوترآها أحد على بعيره لرآها، يعني: الشمس))، وسنده صحيح على شرط الشيخين).
وذكره ابن تيمية في ((شرح العمدة)) (ج3 ص412) وأقره؛ برواية ابن عيينة عن الشيباني عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه وفيه: (قال: فلو نزا أحد على بعيره لرآها؛ (يعني: الشمس)، ثم أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده قبل المشرق).
قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر مع وجود قرص الشمس لم يغيب كله، وشدة ضيائها، لقوله: ((يا رسول الله الشمس))، وقوله: (إن عليك نهارا)، وقوله: ((ولو تراآها احد على بعيره لرآها؛ يعني الشمس!))، مع أنه قال: ((فلما غابت الشمس))، فهذا يسمى عند العرب غروبا، وهو نهاية الشمس([16])، فافطن لهذا ترشد.
قلت: والعبرة بغروب الشمس، أو قرب الغروب، ولا حاجة إلى أن يزول النور القوي، أو الحمرة، بل بمجرد ما يغيب قرص الشمس، أو قارب يفطر الصائم، كما فعل الصحابة الكرام.([17])
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((زاد المعاد)) (ج2 ص50): (وكان يعجل الفطر ويحض عليه، ... وكان يحض على الفطر بالتمر، فإن لم يجد فعلى الماء، هذا من كمال شفقته على أمته ونصحهم ... وكان صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي).اهـ
وقال الإمام أحمد رحمه الله: (تعجيل الفطر يستحب).([18])
(9) وعن أيمن المكي قال: ((دخلت على أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فأفطر على عرق([19])، وأنا أرى أن الشمس لم تغرب)). وفي رواية: ((فرآه يفطر قبل مغيب القرص!)).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص22)، وابن حجر في ((تغليق التعليق)) (ج3 ص195) من طريق وكيع.
وأخرجه سعيد بن منصور في ((السنن)) (ج4 ص196- فتح الباري)، وابن حجر في ((تغليق التعليق)) (ج3 ص195) من طريق سفيان؛ كلاهما عن عبدالواحد بن أيمن أبيه به.
قلت: وهذا سنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات.
عبدالواحد بن أيمن القرشي، قال ابن معين عنه: ((ثقة))، وقال أبو حاتم: ((ثقة))، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (ج7 ص24)، وقال الذهبي في ((الكاشف)) (ج2 ص191): ((ثقة))، وروى له البخاري في ((صحيحه))، ومسلم في ((صحيحه))، وقال البزار: ((مشهور ليس به بأس))، وقال النسائي: ((ليس به بأس)).([20])
وأيمن المكي القرشي، والد عبدالواحد بن أيمن، قال أبو زرعة: ((ثقة))، ووافقه الذهبي، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) (ج1 ص47)، وروى له البخاري في ((صحيحه))، ([21]) وقال ابن حجر في ((التقريب)) (ص157): ((ثقة)).
وقال العلامة الشيخ الألباني رحمه الله في ((مختصر صحيح البخاري)) (ج1 ص571): (وصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة (3/ 12)؛ بسند صحيح). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في ((فتح الباري)) (ج4 ص196): (وصله سعيد بن منصور، وأبو بكر بن أبي شيبة من طريق عبد الواحد بن أيمن عن أبيه، وقال: ((دخلنا على أبي سعيد، فأفطر، ونحن نرى أن الشمس لم تغرب)).
وذكره العيني في ((عمدة القاري)) (ج9 ص130)، والقسطلاني في ((إرشاد الساري)) (ج4 ص589).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((شرح العمدة)) (ج3 ص416): (وعن أيمن المكي: ((أنه نزل على أبي سعيد الخدري، فرآه يفطر قبل مغيب القرص)). رواه سعيد بن منصور). اهـ
قلت: أفطر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، وقرص الشمس لم يغيب([22])، بل لم يلتفت إلى موافقة من عنده على ذلك، بل طبق السنة في تعجيل الإفطار، وهذا هو الإتباع الذي يجب أن يتمسك به كل مسلم.([23])
قال الفقيه العيني رحمه الله في ((عمدة القاري)) (ج9 ص130)؛ بعدما ذكر أثر أبي سعيد الخدري: (وجه ذلك أن أبا سعيد لما تحقق غروب الشمس لم يطلب مزيدا على ذلك، ولا التفت إلى موافقة من عنده على ذلك، فلو كان يجب عنده إمساك جزء من الليل لاشترك الجميع في معرفة ذلك). اهـ
(10) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: ((أنه أفطر حين غاب قرص الشمس)).
أثر صحيح
أخرجه البخاري تعليقا في ((صحيحه)) (ج4 ص196)، وذكره ابن حجر في ((تغليق التعليق)) (ج3 ص194)، وابن بطال في ((شرح صحيح البخاري)) (ج4 ص101).
وبوب البخاري في ((صحيحه)) (ج4 ص196)؛ باب: متى يحل فطر الصائم.
قلت: فمرة أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه أفطر قبل غياب قرص الشمس، ومرة أفطر حين غاب قرص الشمس([24])، وهذا الأمر واسع، فمن أفطر قبل غياب قرص الشمس بقليل، فلا ينكر عليه، ومن أفطر حين غاب قرص الشمس، فلا ينكر عليه؛ فهذا، وهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه يسمى غروبا في عهدهم، فلا نحجر واسعا.
قال ابن عبد البر رحمه الله في ((التمهيد)) (ج21 ص67): (من السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس).اهـ
وقال الفقيه ابن بلبان رحمه الله في ((أخصر المختصرات)) (ص147): (وسن تعجيل فطر، وتأخير سحور). اهـ
وقال الفقيه الحجاوي رحمه الله في ((زاد المستقنع)) (ص83): (وسن تأخير سحور، وتعجيل فطر على رطب؛ فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء). اهـ
قلت: فيسن تعجيل فطره إذا تحقق غروب الشمس على رطب، أو تمر، أو ماء، أو غير ذلك، لما ثبت في السنة النبوية، والآثار السلفية.([25])
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((المقنع)) (ص65): (ويستحب تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، وأن يفطر على التمر، إن لم يجد فعلى الماء). اهـ
وقال الحافظ النووي رحمه الله في ((المنهاج)) (ج3 ص150): (ويسن تعجيل الفطر على تمر، وإلا فماء). اهـ
قلت: فتعجيل الفطر بعد تيقن غروب الشمس بتمر، أو ماء، أو غير ذلك مستحب في الشريعة المطهرة.([26])
قلت: ويجوز الفطر بناء على غلبة الظن بغروب الشمس؛ ودليل ذلك: ما أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (1823) عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قالت: ((أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم غيم، ثم طلعت الشمس))، فأنهم لم يفطروا على علم؛ لكن أفطروا على غلبة الظن، وأنهم لو أفطروا على علم ما طلعت الشمس.
قال الفقيه الشيخ البسام رحمه الله في ((توضيح الأحكام)) (ج3 ص153): (قال تعالى: ((ثم أتموا الصيام إلى الليل)) [البقرة: 187]، فهذا يقتضي أن الإفطار عند غروب الشمس، فقد أجمعوا على أن الصوم ينقضي، ويتم بتمام الغروب، وأن السنة أن يفطر إذا تحقق الغروب، وأن له الفطر بغلبة الظن اتفاقا، إقامة له مقام اليقين). اهـ
قلت: وهذه قاعدة شرعية عظيمة في تعيين الغروب الذي يفطر عليه الصائم حتى بغلبة الظن، لأن الأصل هنا دخول الليل بغروب الشمس، ولو بالظن وذهاب النهار، ولا عبرة بالنور الباقي، والصفرة في السماء، فافهم لهذا ترشد.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((التعليق على صحيح مسلم)) (ج5 ص322): (هذا الحديث فيه تعجيل الإفطار، لكن قال العلماء رحمهم الله: بشرط أن يتيقن، أو يغلب على ظنه غروب الشمس؛ فـــ((يتيقن)) إذا أمكنه المشاهدة؛ أو يغلب على ظنه إذا لم يمكنه المشاهدة؛ كما لو كان هناك غيم، أو حال بينه وبينها جبل، أو ما أشبه ذلك). اهـ
قلت: فإذا تيقن أن الشمس غربت، فيفطر، وإذا غلب على ظنه أنها غربت، فيفطر.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((التعليق على صحيح مسلم)) (ج5 ص324): (ومعلوم أن من وافق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الأصوب لا شك). اهـ
قال الفقيه ابن النقيب رحمه الله في ((عمدة السالك)) (ص109): (والأفضل تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب، ويفطر على تمرات وترا؛ فإن لم يجد فالماء أفضل). اهـ
وقال الفقيه المعبري رحمه الله في ((فتح المعين)) (ص273): (وسن تعجيل فطر، إذا تيقن الغروب). اهـ
(11) وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)). وفي رواية: ((ما عجلوا الإفطار)). وفي رواية: ((لا تزال هذه الأمة بخير ما عجلوا الإفطار)).
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج2 ص241)، ومسلم في ((صحيحه)) (ج2 ص711)، والترمذي في ((سننه)) (ج3 ص82)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (3298)، وفي ((الإغراب)) (ص300 و301)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص541)، وابن القاسم في ((الموطأ)) (ص422)، وأحمد في ((المسند)) (ج5 ص336 و337 و339)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج6 ص254)، وفي ((مصابيح السنة)) (ج2 ص72)، والحدثاني في ((الموطأ)) (ص413)، والفريابي في ((الصيام)) (ص50 و51)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج5 ص207 و208)، ومالك في ((الموطأ)) (ج1 ص288)، والشافعي في ((السنن المأثور)) (ص323)، وفي ((المسند)) (614)، وفي ((الأم)) (ج1 ص97)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج4 ص237)، وفي ((السنن الصغرى)) (649)، وفي ((معرفة السنن)) (2182)، وفي ((فضائل الأوقات)) (138)، وفي ((شعب الإيمان)) (ج7 ص489)، والقعنبي في ((الموطأ)) (ص321)، والمخلص في ((المخلصيات)) (ج2 ص368)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج6 ص170 و230)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج3 ص274)، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (ج1 ص415)، وأبو مصعب الزهري في ((الموطأ)) (ج1 ص300)، وأبو يعلى في ((المسند)) (7511)، وعبد الغني المقدسي في ((فضائل رمضان)) (ص80)، والسمعاني في ((معجم الشيوخ)) (ج1 ص461)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص226)، والسلفي في ((المشيخة البغدادية)) (2439)، وضياء الدين المقدسي في ((فضائل الأعمال)) (ص254)، والدارمي في ((المسند)) (1699)، وابن الأبار في ((المعجم)) (ص391)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (2239)، وفي ((حلية الأولياء)) (ج7 ص136)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج20 ص24)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (9037)، وفي ((المسند)) (91)، وسفيان الثوري في ((حديثه)) (ص155)، والخلعي في ((الخلعيات)) (ص329)، والروياني في ((مسند الصحابة)) (ج2 ص124)، والجوهري في ((مسند الموطأ)) (ص371)، وابن الجوزي في ((جامع المسانيد)) (ج3 ص304)، وفي ((الحدائق)) (ج2 ص247)، والطائي في ((الأربعين الطائية)) (ص145)، وأبو الحسن الإسكندراني في ((الأربعين)) (ص153)، وأبو سعد النيسابوري في ((الأربعين)) (ق/23/ط)، وابن أبي مريم في ((جزء مما أسند سفيان الثوري من حديثه)) (ص155)، والشجري في ((الأمالي)) (ج1 ص269)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج52 ص299)، والعلائي في ((إثارة الفوائد)) (ج2 ص472)، والخطيب في ((الفصل للوصل)) (ج2 ص693 و694 و695)، وفي ((تاريخ بغداد)) (ج4 ص422)، وفخر الدين ابن البخاري في ((مشيخته)) (ق/512/ط)، والذهبي في ((معجم الشيوخ)) (ج1 ص158 و351)، وأبو عبد الله الرازي في ((مشيخته)) (ص160)، وابن جماعة في ((رباعيات مسلم بن الحجاج)) (ص158)، وابن عبد الهادي الحنبلي في ((النهاية في اتصال الرواية)) (ص210)، والحربي في ((غريب الحديث)) (ج2 ص557)، والقسطلاني في ((إرشاد الساري)) (ج4 ص593)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج3 ص119)، والطوسي في ((مختصر الأحكام)) (590)، و(591)، والمحاملي في ((الأمالي)) (ص41)، ومحمد بن الحسن في ((الموطأ)) (ص128) من طريق أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه به.
قال أبو الفتوح الطائي رحمه الله في ((الأربعين)) (ص146): (وفي الحديث: دلالة على استحباب تعجيل الفطر، والإشارة فيه إلى إزالة ما لحق الصائم من كلفة العبادة، ليكون وقوفه على بساط النجوى في صلاة المغرب التي تؤدى في وقت الإفطار على فراغ من مطالبات النفس، فيجد القلب في المناجاة كمال الروح والأنس، وعلى هذا يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا حضر العشاء، فابدءوا بالعشاء))([27])). اهـ
وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله في ((إحكام الأحكام)) (ص566): (تعجيل الفطر بعد تيقن الغروب: مستحب باتفاق، ودليله: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر))، وفيه دليل على المتشيعة، الذين يؤخرون إلى ظهور النجم. ولعل هذا هو السبب في كون الناس لا يزالون بخير ما عجلوا الفطر؛ لأنهم إذا أخروه كانوا داخلين في فعل خلاف السنة. ولا يزالون بخير ما فعلوا السنة). اهـ
وقال الحافظ القسطلاني رحمه الله في ((إرشاد الساري)) (ج4 ص592): (قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) أي: إذا تحققوا الغروب بالرؤية، أو بإخبار عدلين، أو عدل على الأرجح، وما ظرفية؛ أي: مدة فعلهم ذلك امتثالا للسنة واقفين عند حدودها غير متنطعين بعقولهم ما يغير قواعدها). اهـ
وقال الحافظ الترمذي رحمه الله في ((السنن)) (ج2 ص237): (وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: استحبوا تعجيل الفطر، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق). اهـ
وقال العلامة الصنعاني رحمه الله في ((التنوير)) (ج11 ص184): (قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الناس بخير))؛ في دينهم: ((ما عجلوا الفطر))؛ لأنه تقدم أنه من سنن المرسلين وطرائقهم). اهـ
قلت: فالأفضل هو تقديم الفطر على الصلاة؛ لأنه موافق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام.
قلت: فلا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، ولم يؤخروه تأخير أهل الكفر في الخارج، وأهل البدع في الداخل، اللهم غفرا.
(12) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر([28])، إن اليهود والنصارى يؤخرون)). وفي رواية: ((لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا الناس الإفطار، فإن اليهود والنصارى يؤخرون)).
حديث حسن
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (ج2 ص763)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2313)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص541)، وأحمد في ((المسند)) (ج2 ص450)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص431)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج5 ص207)، وابن الأعرابي في ((المعجم)) (ج1 ص76)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج20 ص23)، وضياء الدين المقدسي في ((فضائل الأعمال)) (ص257)، البيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج4 ص237)، وفي ((شعب الإيمان)) (ج7 ص492)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج3 ص285)، والفريابي في ((الصيام)) (ص48 و49)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج3 ص12)، والسلفي في ((المشيخة البغدادية)) (1089)، والخلال في ((المجالس العشرة من أماليه)) (53)، والسمسار في ((مسند أبي هريرة)) (ص48) من طرق عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في ((صحيح الجامع)) (ج5 ص231).
وقال الحاكم:هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وأورده البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (ج2 ص20)، ثم قال: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
قلت: بل إسناده حسن، قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (ج3 ص673): محمد بن عمرو؛ شيخ مشهور، ((حسن الحديث)) أخرج له الشيخان متابعة.
وذكره ابن حجر في ((فتح الباري)) (ج5 ص101)، وفي ((إتحاف المهرة)) (ج16 ص121).
والحديث حسنه الشيخ الألباني في ((صحيح الترغيب والترهيب)) (ج1 ص622).
وأخرجه ابن أبي صقر في ((مشيخته)) (ص92) من طريق خالد بن يزيد حدثنا حريث بن أبي مطر عن عامر عن مسروق، وأبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا بالإفطار إن اليهود والنصارى يؤخرون)).
وإسناده ضعيف.
قلت: فلا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، ولم يؤخروا تأخير أهل الكتاب من اليهود والنصارى.([29])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الإمداد)) (ج2 ص381): (((وتعجيل فطر))؛ أي: يستحب للصائم تعجيل الفطر, إذا غربت الشمس فإنه يبادر بالفطر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبل الليل من هاهنا, وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم))([30]), ولأن الله سبحانه تعالى حدد الإفطار ببداية الليل, قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون[ [البقرة: 187].
والليل يبدأ بغروب الشمس، فيستحب له المبادرة بالإفطار امتثالا لأمر الله سبحانه تعالى؛ ولئلا يزيد في العبادة شيئا ليس منها, وفي هذا رد على الذين يؤخرون الافطار, ويزعمون أن هذا من محبة الخير ومن الورع, فهذا من فعل المبتدعة الذين لا يفطرون إلا حين تشتبك النجوم، وهذا من علامات الضلال, ومخالفة السنة، أحب العباد إلى الله سبحانه و تعالى أعجلهم فطرا). اهـ
قال الفقيه الشيخ البسام رحمه الله في ((توضيح الأحكام)) (ج3 ص153): (ما يؤخذ من الحديثين:
1) استحباب تعجيل الفطر، وقد اتفق العلماء على استحباب تعجيل الفطر، إذا تحقق غروب الشمس برؤية، أو بخبر ثقة، أو غلب على ظنه الغروب.
2) أن تعجيل الفطر دليل على بقاء الخير عند من عجله، وزوال الخير عمن أخره.
3) الخير المشار إليه هو اتباع السنة، ولا شك أنه سبب خيري الدنيا والآخرة ... فالشارع الحكيم يطلب من المسلمين ألا يشابهوا أهل الكتاب في عباداتهم، فتعجيل الفطر شعار يفرق بين صيام أهل الإسلام، وأهل الكتاب، وبين سوء المخالفة، وحسن الاتباع، والاقتداء.
4) هذا الحديث من المعجزات النبوية؛ فإن تأخير الإفطار هو طريقة بعض الفرق الضالة). اهـ
وقال العلامة الصنعاني رحمه الله في ((سبل السلام)) (ج2 ص304): (والحديث دليل على استحباب تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو بإخبار من يجوز العمل بقوله، وقد ذكر العلة وهي مخالفة اليهود والنصارى). اهـ
قلت: وتأخير الفطر عن غروب الشمس صار شعارا لأهل البدع المخالفين، وسمة لهم([31])، والعياذ بالله.
قال الفقيه الطيبي رحمه الله في ((الكاشف)) (ج4 ص179): (ويدخل في معناه: حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الذي يتلوه ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر))؛ لأن فيه مخالفة أهل الكتاب، وكانوا يؤخرون الإفطار إلى اشتباك النجوم، ثم صار في ملتنا شعارا لأهل البدع، وهذه هي الخصلة التي لم يرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم). اهـ
وقال العلامة اللكنوي رحمه الله في ((التعليق الممجد)) (ج2 ص204): (قوله: ((والعامة))؛ أي: جمهور علماء أهل السنة خلافا؛ للشيعة المبتدعة حيث لم يفطروا حتى تشتبك النجوم). اهـ
وقال العلامة السندي رحمه الله في ((كفاية الحاجة)) (ص673): (قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما عجلوا الإفطار))؛ أي: مدة تعجيلهم، فما ظرفية، والمراد: مالم يؤخروا عن أول وقته بعد تحقق الوقت). اهـ
وقال الفقيه ابن العربي رحمه الله في ((عارضة الأحوذي)) (ج3 ص218): (من دخل في وقت الفطر فقد خرج عن وقت الصوم، ففعله فيه لا معنى له). اهـ
قلت: فتعجيل الفطور سنة متبعة فيها التمييز الصريح بين أهل السنة، وبين أهل الكفر في الخارج، وأهل البدعة في الداخل؛ لأن الله تعالى يأمر بمثل هذه السنن لما فيها من مخالفة الديانات الكفرية، والديانات البدعية، فيتفرد الدين الإسلام بهذه السنن العظيمة، وبهذا التميز العظيم في أحكامه، ونظامه للعباد في الحياة الدنيا.
وقال العلامة السندي رحمه الله في ((كفاية الحاجة)) (ص673): (قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإن اليهود يؤخرون))؛ تعليل لما ذكر بأن فيه مخالفة لأعداء الله تعالى، فما دام الناس يراعون مخالفة أعداء الله تعالى ينصرهم الله، ويظهر دينهم). اهـ
وقال الفقيه المناوي رحمه الله في ((فيض القدير)) (ج2 ص1424): (تعجيل الصائم بالإفطار بعد تحقق الغروب، ولا يؤخر لاشتباك النجوم، كما يفعله أهل الكتاب). اهـ
قلت: فتعجيل الفطر، وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة، لأنها تخالف الكفرة، والمبتدعة الذين يزعمون أن تأخير الفطر بعد غروب الشمس، أو لاشتباك النجوم([32])، هو الأفضل.
قال الفقيه الطيبي رحمه الله في ((الكاشف)) (ج4 ص185): (في هذا التعليل دليل على أن قوام الدين الحنيفي على مخالفة الأعداء من أهل الكتابين، وأن في موافقتهم ثلما للدين، قال الله تعالى: ]يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم[ [المائدة: 51]). اهـ
وقال المفسر البيضاوي رحمه الله في ((تحفة الأبرار)) (ج1 ص515): (لما اشتمل تعجيل الفطر على مخالفة أهل الكتاب؛ فإنهم يؤخرونه إلى اشتباك النجوم). اهـ
وقال العلامة القاري رحمه الله في ((مرقاة المفاتيح)) (ج4 ص478): (قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال الناس بخير))؛ أي: موصوفين بخير كثير، أو المراد بالخير ضد الشر والفساد، ((ما عجلوا الفطر))؛ أي: ما داموا على هذه السنة، ويسن تقديمه على الصلاة للخبر الصحيح به). اهـ
قلت: فالتعجيل للفطر بغروب الشمس فيه مخالفة لأهل الكتاب؛ فإنهم يؤخرون الفطر، ثم صار ذلك عادة أهل البدع في الإسلام.
وقال الفقيه الشربيني رحمه الله في ((مغني المحتاج)) (ج1 ص635): (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس لخبر الصحيحين: ((لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر))، ولما في ذلك من مخالفة اليهود والنصارى؛ ويكره أن يؤخره). اهـ
(13) وعن أبي عطية الوادعي قال: دخلت أنا ومسروق، على عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال: قلنا عبد الله؛ يعني: ابن مسعود قالت: كذلك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم). والآخر: أبو موسى رضي الله عنه وفي رواية: ((رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كلاهما لا يألوا عن الخير)).
أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1099)، وابن أبي مريم في ((مما أسند سفيان الثوري من حديثه)) (280)، وأبو داود في ((سننه)) (2354)، والترمذي في ((سننه)) (702)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2471)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج4 ص144)، والفريابي في ((الصيام)) (ص60 و61)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج6 ص254)، وأحمد في ((المسند)) (ج6 ص48)، وابن راهويه في ((المسند)) (1480)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج3 ص119)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج4 ص273) من طريق الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي عطية الوادعي به.
قال الفقيه المحلي رحمه الله في ((كنز الراغبين)) (ج2 ص98): (ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس على التمر، وإلا فماء). اهـ
وقال الإمام القيرواني رحمه الله في ((رسالته)) (ص176): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور). اهـ
قلت: فإذا غربت الشمس، فأفطر؛ لأن تعجيل الفطر بالغروب من الفضائل، وهو من السنة النبوية.([33])
قلت: والحكمة في تعجيل الفطر لأمور منها:
1) أن الله تعالى كريم، والكريم يحب أن يتمتع الناس بكرمه.
2) أن في ذلك مخالفة لأعداء الله تعالى في الخارج من اليهود والنصارى.
3) أن في ذلك مخالفة لأعداء الله تعالى في الداخل من الرافضة، والإباضية، والصوفية، والحزبية.
4) أن ذلك يقوي العبد على الطاعة، وعلى حاجاته، وأرحم به.
5) أن ذلك فيه اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، والتأسي به صلى الله عليه وسلم.
6) أن في ذلك ظهور الدين وعلوه.
7) أن في ذلك ظهور الخيرية في المسلمين.
8) أن في ذلك ظهور الخيرية في الفرد.
قال الفقيه ابن الصواف رحمه الله في ((الخصال الصغير)) (ص50): (وفضائل الصوم: تقديم الإفطار، وتأخير السحور). اهـ
وقال الفقيه النفراوي رحمه الله في ((الفواكة الدواني)) (ج1 ص468): (ومن السنة تعجيل الفطر بعد تحقق الغروب بغروب جميع قرص الشمس لمن ينظره، أو دخول الظلمة، وغلبة الظن بالغروب لمن لم ينظر قرص الشمس). اهـ
قلت: والمراعى في ذلك غيبوبة جرمها، وقرصها المستدير، دون أثرها وشعاعها، ... ولا عبرة بمغيب الحمرة في السماء عمن في الأرض، ولو غابت في خلف الجبال، فينظر إلى جهة المشرق، فإذا طلعت الظلمة كان دليلا على مغيب الشمس، ولا عبرة بطلوع الحمرة في رؤوس الجبال، فالمراعى غييوبة قرص الشمس في الجبال والسهول، لأن الغروب الشرعي هو غروب جميع قرص الشمس.([34])
(14) وعن حميد الطويل قال: ((كنا عند أنس بن مالك رضي الله عنه وكان صائما فدعا بعشائه، فالتفت ثابت البناني ينظر إلى الشمس، وهو يرى أن الشمس لم تغب، فقال أنس لثابت: لو كنت عند عمر رضي الله عنه لأحفظك)). يعني: لغضب عليك.
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في ((الصيام)) (ص56) من طريق محمد بن عبد الأعلى، حدثنا معتمر بن سليمان التيمي قال سمعت حميد الطويل([35]) به.
قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
(15) وعن قيس بن أبي حازم قال: ((أتي عمر بن الخطاب بإناء فيه شراب عند الفطر، فقال لرجل: اشرب لعلك من المسوفين، تقول سوف سوف([36]))).
أثر حسن
أخرجه الفريابي في ((الصيام)) (ص56)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص23) من طريق عبد الواحد بن غياث، حدثنا أبو عوانة، عن بيان بن بشر الأحمسي، عن قيس بن أبي حازم به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فلا تكونوا من المسوفين بفطركم، ولا تنتظروا الأذان بفطركم، فإذا غربت الشمس فأفطروا، فإن ذلك من السنة، اللهم غفرا.
(16) وعن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: ((كنت جالسا عند عمر، إذ جاءه راكب من أهل الشام، فطفق عمر يستخبره عن حالهم، فقال: هل يعجل أهل الشام الإفطار؟ قال: نعم، قال: لن يزالوا بخير ما فعلوا ذلك، ولم ينتظروا النجوم انتظار أهل العراق)). وفي رواية: ((ولم يتنطعوا تنطع أهل العراق)).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص225)، والفريابي في ((الصيام)) (ص54 و55)، والجوهري في ((أماليه)) (ج8 ص613 –كنز العمال) من طرق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكر هذا الأثر ابن الأثير في ((النهاية)) (ج5 ص74)؛ ثم قال: ((لم يتنطعوا))؛ أي: يتكلفوا القول والعمل ... ويستحب للصائم أن يعجل الفطر بتناول القليل من الفطور).
قلت: وترى ممن ينتسب إلى العلم يفتي أن المعتبر في الفطر غروب الشمس لا الأذان، ثم تراه يفطر على الأذان الحالي الذي هو على ((التقويم الفلكي))!، فخالف السنة، وتنطع في الدين ووافق الكفرة، والمبتدعة!، ولابد والله المستعان.
قال الحافظ القسطلاني رحمه الله في ((إرشاد الساري)) (ج4 ص593): (وأما ما يفعله الفلكيون، أو بعضهم من التمكين بعد الغروب بدرجة، فمخالف للسنة، فلذا قل الخير، والله يوفقنا إلى سواء السبيل). اهـ
(17) وعن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أنه لم يكن ينتظر المؤذن في الإفطار، وكان يعجل الفطر)).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في ((الصيام)) (ص57) من طريق وهب بن بقية، أخبرنا خالد، عن حميد الطويل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: وتأخير الإفطار عن غروب الشمس؛ إنما يفعل ذلك الكفرة: من اليهود والنصارى في الخارج، والمبتدعة: من الرافضة والإباضية في الداخل.([37])
قال الفقيه الكلوذاني رحمه الله في ((الهداية)) (ص101): (ويستحب له تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس). اهـ
وقال الفقيه ابن أبي القاسم رحمه الله في ((الواضح)) (ج1 ص597): (بغروب الشمس قد انتهى صومه؛ وتم). اهـ
قلت: فمذهب أهل السنة من أهل العلم استحباب تعجيل الإفطار بغروب الشمس([38])، والله المستعان.
قال الفقيه الصاوي رحمه الله في ((بلغة السالك)) (ج1 ص182): (غروب الشمس؛ أي: من غروب؛ أي مغيب جميع قرصها، وهذا هو الغروب الشرعي الذي يترتب عليه جواز الدخول في الصلاة، وجواز الفطر للصائم). اهـ
وقال الإمام الشافعي رحمه الله: (وأحب تعجيل الفطر، وتأخير السحور اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم).([39]) اهـ
(18) وعن أبي رجاء قال: ((كان ابن عباس يبعث مرتقبا يرقب الشمس، فإذا غابت أفطر،وكان يفطر قبل الصلاة([40]))).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في ((الصيام)) (ص58)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص227)، وابن حجر في ((تغليق التعليق)) (ج3 ص387) من طريقين عن عوف بن أبي جميلة حدثنا أبو رجاء به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن بطال في ((شرح صحيح البخاري)) (ج4 ص104).
وأخرجه البخاري في ((صحيحه)) تعليقا (ج5 ص363).
وأخرجه الفريابي في ((الصيام)) (ص58) من طريق إسحاق بن يوسف، حدثنا عوف بن أبي جميلة، عن أبي رجاء قال: ((كنت أشهد ابن عباس عند الإفطار في رمضان فيضع طعامه، ثم يبعث مرتقبا يرقب الشمس، فإذا قال: قد وجبت قال: كلوا. قال: وكنا نفطر قبل الصلاة عند ابن عباس في رمضان)).
وإسناده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص21) من طريق زياد بن الربيع عن أبي جمرة الضبعي: ((أنه كان يفطر مع ابن عباس في رمضان، فكان إذا أمسى، بعث ربيبا له يصعد ظهر الدار، فلما غربت الشمس أذن فيأكل، ونأكل فإذا فرغ أقيمت الصلاة فيقوم يصلي، ونصلي معه)).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن حجر في ((فتح الباري)) (ج6 ص365).
قال ابن عبد البر رحمه الله في ((الاستذكار)) (ج10 ص41): (وقد روي عن ابن عباس، وطائفة أنهم كانوا يفطرون قبل الصلاة). اهـ
وقال العيني رحمه الله في ((عمدة القاري)) (ج13 ص219): (وكان ابن عباس يبعث رجلا إذا غابت الشمس أفطر ويسأل عن الفجر فإذا قيل له طلع صلى ركعتين أي: كان عبد الله بن عباس يبعث رجلا يتفحص عن غيبوبة الشمس للإفطار، فإذا أخبره بالغيبوبة أفطر). اهـ
وقال الكرماني رحمه الله في ((الكواكب الدراري)) (ج11 ص176): (قوله: (أكنت ترده)؛ يعني: لا يرده مع أن ابن عباس رضي الله عنه كان أعمى، وكان ابن عباس رضي الله عنه يبعث رجلا يتفحص عن غيبوبة الشمس؛ فإذا أخبره بالغيبوبة أفطر). اهـ
قلت: فلا تفطروا حين يبدو الظلام، فإن ذلك فعل اليهود والنصارى في الخارج، وفعل الرافضة والحزبية في الداخل([41])، اللهم سلم سلم.
(19) وعن علقمة، قال: ((أتي عبد الله بجفنة، فقال للقوم: «ادنوا فكلوا» فاعتزل رجل منهم، فقال له عبد الله: ما لك؟ قال: إني صائم، فقال عبد الله: «هذا، والذي لا إله غيره، حين حل الطعام لآكل)).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(20) وعن مجاهد، قال: ((إني كنت لآتي ابن عمر بفطره، فأغطيه استحياء من الناس أن يروه([42]))).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص22) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الفريابي في ((الصيام)) (ص58) من طريق جرير، عن منصور، عن مجاهد قال: ((كنت آتي ابن عمر بشرابه، وإني لأخفيه من الناس من تعجيله إفطاره)).
وإسناده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص226) من طريق ابن عيينة، عن منصور، أو ليث، عن مجاهد قال: ((إن كنت لآتي ابن عمر بالقدح عند فطره فأستره من الناس، وما به إلا الحياء يقول: من سرعة ما يفطر)).
وإسناده صحيح.
قلت: فمن السنة التبكير في الإفطار([43])، والله المستعان.
(21) وعن عمرو بن ميمون رحمه الله، وهو من أكبر التابعين قال: ((كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا)).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص226)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج4 ص398)، والفريابي في ((الصيام)) (ص59)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج3 ص154-الزوائد)، والخلعي في ((الخلعيات)) (ص329) من طريق سفيان الثوري، وإسرائيل عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في ((فتح الباري)) (ج4 ص199)، والنووي في((المجموع)) (ج6 ص326)، واللكنوي في ((التعليق الممجد)) (ج2 ص204).
وذكره الهيثمي في ((الزوائد)) (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في ((الكبير))، ورجاله رجال الصحيح.
وذكره ابن بطال في ((شرح صحيح البخاري)) (ج4 ص104)، واللكنوي في ((التعليق الممجد)) (ج2 ص204).
وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص118)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج3 ص154-الزوائد) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حريث، قال: ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا)).
وإسناده لا بأس به في المتابعات.
وذكره الهيثمي في ((الزوائد)) (ج3 ص154) ثم قال: رواه الطبراني في ((الكبير))، ورجاله رجال الصحيح.
قلت: فإذا ابتدع الناس بدعة تأخير الفطر عن غروب الشمس، فقل لهم هل أنتم أهدى، وأفضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا إنكم لمتمسكون بطرف ضلالة، لأنكم خالفتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا يعجلون الإفطار، وأنتم تؤخرون الإفطار؛ فوافقتم اليهود، والنصارى، والرافضة فوقعتم في الشر: ]فسوف يلقون غيا[ [مريم: 59]، اللهم غفرا.
قال تعالى: ]فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم[ [البقرة: 59].
قلت: فعلى الناس أن يتحروا رؤية غروب الشمس، فإذا غربت أفطروا مباشرة، ولم ينتظروا الأذان الحالي الذي يؤذن على ((التقويم الفلكي))، لأنه متأخر عن غروب الشمس، لأن للفطر وقتا كوقت الصلاة تماما، وإلا وقعوا في البدعة التي وقع فيها اليهود والنصارى، والرافضة والحزبية، وهي تأخير الإفطار عن غروب الشمس، اللهم سلم سلم.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ((كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنة)).([44])
قلت: وهؤلاء يصلون ولكن لم ينتفعوا بصلاتهم من الناحية التأثر بها، وطلب الزيادة بمعرفة السنة جملة وتفصيلا، والله المستعان؟!.
(22) وعن عبد الرحمن بن يزيد، قال: ((كنا مع عبد الله في طريق مكة، فلما غربت الشمس قال: هذا غسق الليل، ثم أذن، ثم قال: هذا والله الذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة)).([45])
قال الحافظ البيهقي في ((فضائل الأوقات)) (ص294): ما يستحب من تعجيل الفطر وتأخير السحور.
(23) وعن عبد الله بن يزيد، قال: ((لم أر أحدا كان أعجل إفطارا من سعيد بن المسيب، كان لا ينتظر مؤذنا، ويؤتى بقدح من ماء؛ فيشربه بنفس واحد، لا يقطعه حتى يفرغ منه)).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج8 ص158)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج1 ص395) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن يزيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال ابن عبد البر: وهذا أصح عن سعيد بن المسيب.
(24) وعن إبراهيم النخعي رحمه الله قال: ((إن من السنة تعجيل الإفطار)).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج4 ص23) من طريق وكيع، عن أبي العنبس عمرو بن مروان، قال: سمعت إبراهيم النخعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الفقيه السمرقندي في ((تحفة الفقهاء)) (ص52): (وأما أول وقت المغرب فحين تغرب الشمس بلا خلاف). اهـ
قلت: فدل هذا على إجماع العلماء على أن إذا غربت الشمس دخل وقت صلاة المغرب، ودخل فطر الصائم([46])، والله المستعان.
قال العلامة الشوكاني رحمه الله في ((الدر البهية)) (ج1 ص454): (ويندب تعجيل الفطر، وتأخير السحور). اهـ
وقال الحافظ أبو العباس القرطبي رحمه الله في ((المفهم)) (ج3 ص157): (التعجيل احفظ للقوة، وارفع للمشقة وأوفق للسنة، وأبعد عن الغلو والبدعة). اهـ
قلت: ويظهر الفرق هنا بين أهل السنة، وبين أهل البدعة.
قال القاضي عياض رحمه الله في ((إكمال المعلم)) (ج4 ص37): (بقايا شعاع الشمس، وما بعد مغيبها لا يلتفت إليه، ولا يستحقه أمد الصوم، وأن مغيب قرصها أوجب الفطر ودخل الليل، أو أن التعجيل بالإفطار أولى وأحق). اهـ
قلت: فتعجيل الفطر من خصائص هذه الأمة، ولا تزال بخير ما دامت تحافظ على هذه السنة.([47])
قال الفقيه العيني رحمه الله في ((شرح سنن أبي داود)) (ج2 ص285): (أن التأخير لما كان سببا لزوال الخير كان التعجيل سببا لاستجلابه). اهـ
(25) وعن عروة بن عياض، يخبر عبد العزيز بن عبد الله أنه: ((يؤمر أن يفطر الإنسان قبل أن يصلي، ولو على حسوة)).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج4 ص227) من طريق ابن جريج قال: سمعت عروة بن عياض، يخبر عبد العزيز بن عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن بطال في ((شرح صحيح البخاري)) (ج4 ص104).
قلت: وهذه الآثار موافقة لما ثبت في السنة النبوية من الأمر بتعجيل الإفطار بغروب الشمس، ولا ينتظر الأذان، والله ولي التوفيق.
قال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((المحلى بالآثار)) (ج6 ص240): (ومن السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، وإنما هو مغيب الشمس عن أفق الصائم، ولا مزيد). اهـ
وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((المحلى بالآثار)) (ج6 ص241): (وتعجيل الفطر قبل الصلاة، والأذان أفضل). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((الاستذكار)) (ج10 ص40): (وفي هذا فضل تعجيل الفطر، وكراهة تأخيره). اهـ
قلت: فمن سنن الصوم تعجيل الفطر عند غروب الشمس، وقبل الصلاة.([48])
قلت: وهذا يدل على أن إجماع الصحابة رضي الله عنهم على تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب، ولم يتأخروا عن ذلك.([49])
قال الفقيه الدمياطي رحمه الله في ((إعانة الطالبين)) (ج2 ص384): (ولما صح أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أعجل الناس إفطارا، وأبطأهم سحورا، وإنما كان الناس بخير ما عجلوه، لأنهم لو أخروه لكانوا مخالفين السنة، والخير ليس إلا في اتباعها:
وكل خير في اتباع من سلف، * * وكل شر في ابتداع من خلف). اهـ
(26) وعن ابن عوسجة قال: ((كان علي يأمرنا أن نفطر قبل الصلاة، ويقول: إنه أحسن لصلاتكم)).([50])
(27) وعن حاجب بن عمر قال: كنت أسمع الحكم بن الأعرج يسأل: درهما أبا هند؟([51]) فيقول درهم: ((كنت أقبل من السوق فيتلقاني الناس منصرفين، قد صلى بهم معقل بن يسار رضي الله عنه؛ فأتمارى غربت الشمس، أو لم تغرب)).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص329) من طريق معاذ بن معاذ، عن حاجب بن عمر به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وهذا الصحابي معقل بن يسار المزني رضي الله عنه([52]) يصلي بالناس، ولم تغرب الشمس بالكلية، مما يدل على أن وجود قرص الشمس، أو بعضه يسمى غروبا عند السلف.
(28) وعن عبد الرحمن بن يزيد، قال: ((كان عبد الله رضي الله عنه، يصلي المغرب، ونحن نرى أن الشمس طالعة قال: فنظرنا يوما إلى ذلك فقال: ما تنظرون؟ قالوا: إلى الشمس، قال عبد الله: هذا والذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة، ثم قال: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]، فهذا دلوك الشمس)).
أثر صحيح
أخرجه الحاكم في ((المستدرك)) (ج4 ص274)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص489) من طريق جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد صححه العيني في ((نخب الأفكار)) (ج3 ص23)، والدارقطني في ((العلل)) (ج5 ص214).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، بهذه السياقة، ووافقه الذهبي.
وبهذا الوجه ذكره ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (12856).
وأخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص154 و155) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش قال: ثنا إبراهيم النخعي عن عبد الرحمن بن يزيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وفي آخره ذكر حفص بن غياث: (أنه قيل للأعمش: قيل حدثكم عمارة أيضا؟ قال: نعم). وهذا تصريح بالتحديث من الأعمش من إبراهيم، وعمارة، ثم عنعنة الأعمش عن شيوخ أكثر عنهم تحمل على السماع، مثل: إبراهيم النخعي، وغيره، وهذه الرواية منها([53])، فتفطن لذلك.
قال الذهبي رحمه الله في ((الميزان)) (ج2 ص224)؛ عن الأعمش: (وهو يدلس، وربما دلس عن ضعيف، ولا يدري به، فمتى قال: حدثنا فلا كلام، ومتى قال: ((عن)) تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وأبي وائل، وأبي صالح السمان؛ فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال). اهـ
وأخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9131) من طريق زائدة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: ((صلى عبد الله المغرب، فلما انصرف جعلنا نلتفت، فقال: ما لكم تلتفتون؟ قلنا: نرى أن الشمس طالعة، فقال: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة، ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل)).
وإسناده صحيح.
وأورده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (ج7 ص50)؛ ثم قال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه المخلص في ((المخلصيات)) (1594) من طريق ابن نمير قال: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن عبدالرحمن بن يزيد قال: ((صلينا مع عبد الله رضي الله عنه المغرب، فجعلنا نلتفت ننظر نرى أن الشمس طالعة، فقال عبد الله رضي الله عنه: ما تنظرون؟ قالوا: نرى أن الشمس طالعة، فقال: هذا والذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة، ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] وقال: هذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل)).
وإسناده صحيح.
قلت: فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يرى أن الشمس قد غربت، وهي لم تغب بالكلية، وهذا الغروب عند العرب من وجه.
واحتج عليهم ابن مسعود رضي الله عنه بقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ والدلوك: الميل، وهذه الشمس قد مالت جهة المغرب، وكادت أن تغيب، ولم تغب فهذا يسمى غروبا أيضا عند العرب.
فالشاهد: ((ونحن نرى أن الشمس طالعة))؛ فهذا يسمى غروبا عند العرب، ولذلك اعتبر ابن مسعود رضي الله عنه أن هذا المستوى للشمس من الأرض دخول وقت صلاة المغرب؛ لأنها مالت جهة الغروب، وأوشكت أن تلامس الأرض، فصلى صلاة المغرب؛ لأن وقتها دخل شرعا، وصلى خلفه أصحابه، وهم فقهاء الأمة من التابعين، ولم ينكر أحد منهم عليه، ولم يتخلفوا عن الصلاة خلف ابن مسعود رضي الله عنه، فافهم لهذا ترشد.
وقد تبين في لفظ قال: ((صلى ابن مسعود بأصحابه المغرب حين غربت الشمس))؛ مع أنها كانت طالعة في اللفظ الأول.
أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص155) من طريق أبي الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: قال: عبد الرحمن بن يزيد: ((صلى ابن مسعود بأصحابه المغرب حين غربت الشمس, ثم قال: هذا، والذي لا إله إلا هو، وقت هذه الصلاة)).
وإسناده صحيح، وهذا الحديث؛ هو الحديث الأول سواء بسواء كلاهما من رواية عبد الرحمن بن يزيد، فافطن لهذا.
وأخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص154 و155) من طريق عمر بن حفص، قال: ثنا أبي، عن الأعمش، قال: ثنا إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: ((صلى عبد الله بأصحابه صلاة المغرب, فقام أصحابه يتراءون الشمس؛ فقال: ما تنظرون؟ قالوا ننظر, أغابت الشمس([54]). فقال عبد الله: هذا, والله الذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة , ثم قرأ عبد الله ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] وأشار بيده إلى المغرب فقال: هذا غسق الليل، وأشار بيده إلى المطلع, فقال: هذا دلوك الشمس).
وإسناده صحيح.
وأخرجه سعيد بن منصور في ((تفسير القرآن)) (ج6 ص136)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (9132) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: ((صلى عبد الله ذات يوم، وجعل رجل ينظر هل غابت الشمس؟ فقال عبد الله: ما تنظرون هذا؟ والله الذي لا إله غيره ميقات هذه الصلاة؛ يقول الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل)).
وإسناده صحيح، وليس اختلافا على الأعمش بل للأعمش فيه شيخان: وهما: عمارة بن عمير، وإبراهيم النخعي، وكلاهما يرويه عن عبد الرحمن بن يزيد.
وذكر لفظه الدارقطني في ((العلل)) (ج5 ص213 و214)؛ من حديث عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله رضي الله عنه: ((أنه صلى المغرب فلما انصرف جعلنا نتلفت فقال ما لكم، قلنا نرى أن الشمس طالعة؛ فقال: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة؛ ثم قرأ: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]؛ ثم قال: يرويه الأعمش واختلف عنه؛
فرواه زائدة، وجرير، وابن مسهر، والثوري، وأبو شهاب، وأبو معاوية ومندل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله.
وخالفهم شعبة: فرواه عن الأعمش، عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد.
ورواه حفص بن غياث، عن الأعمش بتصحيح القولين جميعا؛ فقال: عن إبراهيم وعمارة عن عبد الرحمن بن يزيد؛ فصحت الأقاويل كلها.
ورواه سلمة بن كهيل، وإبراهيم بن مهاجر عن عبد الرحمن بن يزيد، وهو صحيح عنه). اهـ
وأخرجه الدارقطني في ((العلل)) (ج5 ص215) من طريق زفر، عن أشعث عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: ((كنت مع عبد الله بن مسعود فلما غربت الشمس قال هذا والذي لا إله إلا غيره حين حل لكل أكل ثم نزل فصلى المغرب ثم أقسم أن هذا وقتها)).
قال الدارقطني: ورواه سلمة بن كهيل، وإبراهيم بن مهاجر عن عبد الرحمن بن يزيد وهو صحيح عنه.
وأخرجه سعيد بن منصور في ((تفسير القرآن)) (ج6 ص136)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (9134)، و(9137) من طريقين عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد به.
وأخرجه سعيد بن منصور في ((تفسير القرآن)) (ج6 ص135)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (9133) من طريق هشيم عن الشيباني سليمان بن أبي سلميان عن عبد الرحمن بن الأسود عن عمه عبد الرحمن بن يزيد به.
قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (ج1 ص311): وإسناده صحيح.
قال العيني رحمه الله في ((نخب الأفكار)) (ج3 ص213): (أي قد روي ما ذكرنا من أن وقت المغرب عقب غروب الشمس أيضا عن الصحابة، فأخرج ذلك عن أربعة منهم، وهم: عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم ... وأماأثر عبد الله بن مسعود؛ فأخرجه من أربع طرق صحاح:
الأول: عن فهد بن سليمان، عن عمر بن حفص أحد مشايخ البخاري ومسلم، عن أبيه حفص بن غياث بن طلق، عن سليمان الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعي.
وأخرجه البيهقي في سننه بإسناده: عن الأعمش، عن إبراهيم وعمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: ((كان ابن مسعود يصلي المغرب، ونحن نرى أن الشمس طالعة، قال: فنظرنا يوما إلى ذلك، فقال: ما تنظرون؟ قالوا: إلى الشمس، فقال عبد الله: هذا والله الذي لا إله إلا هو ميقات هذه الصلاة، ثم قال: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ فهذا دلوك الشمس)).
قوله: ((هل حدثكم عمارة أيضا؟ قال: نعم))؛ أراد أنهم سألوا الأعمش أن أثر ابن مسعود هذا حدثكم به عمارة أيضا؟ قال: نعم.
وأخرجه الطبراني بهذا الإسناد: ثنا محمد بن علي الصائغ، ثنا سعيد بن منصور، ثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: ((صلى عبد الله ذات يوم، فجعل رجل ينظر، هل غابت الشمس؟ فقال: ما تنتظرون؟! هذا والذي لا إلا غيره ميقات هذه الصلاة، فيقول الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[؛ فهذا دلوك الشمس، وهذا غسق الليل). اهـ
قلت: ولا شك أن تفسير ابن مسعود رضي الله عنه مقدم على تفسير غيره من الصحابة في هذا الباب، بالإضافة إلى موافقته لتفسير السنة النبوية أيضا، وآثار الصحابة الكرام في غروب الشمس في هذا المستوى من الأرض بطلوعها؛ أي: بارتفاعها عن الأرض من جهة الغروب.([55])
قلت: ولنترك ابن مسعود رضي الله عنه يتحدث عن نفسه في مجال التفسير.
فعن مسروق، قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل لركبت إليه)).([56])
وعن شقيق بن سلمة، قال: قال ابن مسعود رضي الله عنه فقال: ((والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة، والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم)).
قال شقيق: ((فجلست في الحلق أسمع ما يقولون، فما سمعت رادا يقول غير ذلك)).([57])
وعن أبي الأحوص، قال: ((كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله، وهم ينظرون في مصحف، فقام عبد الله، فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم، -يعني: ابن مسعود- فقال أبو موسى: أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غبنا، ويؤذن له إذا حجبنا)).([58])
قلت: فمثل هذا حري أن يقدم تفسيره للآية الكريمة، وهي ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78].
إذا: فتبين أن مراد الآية الكريمة: بأن ((الدلوك: الميل))؛ أي: ميل الشمس جهة الغروب.
قلت: فمجرد ميل الشمس جهة الغروب يشعر بغروبها؛ أي: عقب الميل يسمى غروبا، وإن لم تغب بالكلية.
قلت: فهذا تفسير ابن مسعود رضي الله عنه للآية: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78]، فإن الدلوك في الآية يسمى زوالا.
ولا يتنافى هذا التفسير مع زوال الشمس في الظهيرة؛ لأن الآية تعني: أيضا زوال الشمس في وقت الظهر، وذلك لأن معنى الدلوك هو: الميل، فعند زوال الشمس يسمى ميلا، وعند غروب الشمس يسمى ميلا، فانتبه.(
وهذا من اختلاف التنويع، فيكون معنى الدلوك: الزوال، والغروب، فافهم لهذا ترشد.([60])
(29) وعن الأسود بن يزيد النخعي قال: ((كنت جالسا مع عبد الله رضي الله عنه في بيته، فوجبت الشمس، فقال عبد الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78] ثم قال: هذا والله الذي لا إله غيره، حين أفطر الصائم، وبلغ وقت هذه الصلاة)).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج3 ص136) من طريق علي بن مسهر، عن الشيباني، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج2 ص226)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج3 ص252) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الأسود قال: ((كان عبد الله رضي الله عنه يصلي المغرب حين تغرب الشمس، ويقول: هذا والذي لا إله إلا هو وقت هذه الصلاة)).
وإسناده صحيح.
وأخرجه الحربي في ((غريب الحديث)) (ج2 ص879) من طريق أبي السائب, حدثنا وكيع, عن عمرو بن حسان, أخبرني عبد الرحمن بن الأسود, عن أبيه: (أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه نظر إلى الشمس حين غربت ونشأ الليل فقال: هذا وقت المغرب).
وإسناده صحيح.
(30) وعن أبي عبيدة بن عبد الله، يقول: ((كان ابن مسعود يصلي المغرب إذا غاب حاجب الشمس([61]) ويحلف: والذي لا إله غيره إنه للوقت الذي قال الله عز وجل ]أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل[ [الإسراء: 78]))، وفي رواية: ((إن عبد الله بن مسعود: يصلي المغرب حين يغرب حاجب الشمس)).
أثر ضعيف
أخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج1 ص553)، وسعيد بن منصور في ((تفسير القرآن)) (ج6 ص137)، والبيهقي في ((معرفة السنن)) (ج2 ص196)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج9 ص230)، ومسدد في ((المسند)) (ج2 ص65-إتحاف الخيرة)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج15 ص24) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع أبا عبيدة بن عبد الله به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا، وكان يوم توفى أبوه ابن سبع سنين، فلم يدركه أيضا للتحديث عن أفعاله([62])، فنتبه.
لذلك قال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (ج2 ص65): هذا إسناد رجاله ثقات.
وأخرجه مجاعة بن الزبير في ((حديثه)) (ص95)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج15 ص24) من طريق قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود به.
قلت: وهذا سنده ضعيف كسابقه.
وأخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج15 ص24) من طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال: قد ذكر لنا أن ابن مسعود رضي الله عنه ... فذكره.
قلت: وهذا من باب الاختلاف على ابن مسعود رضي الله عنه.
وأخرجه عبد الرزاق في ((المصنف)) (ج1 ص553) من طريق معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن بعض أصحاب ابن مسعود به.
قلت: وهذا سنده ضعيف لجهالة أصحاب ابن مسعود، فهو منقطع.
وأخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9138) من طريق عمرو بن مرة.
وأخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (9942) من طريق يحيى بن أبي كثير؛ كلاهما عن أبي عبيدة بن عبد الله به.
وإسناده ضعيف كما سبق.
قال ابن رشد رحمه الله في ((بداية المجتهد)) (ج2 ص51): (وأما التي تتعلق بزمان الإمساك: فإنهم اتفقوا على أن آخره غيبوبة الشمس؛ لقوله تعالى: ]ثم أتموا الصيام إلى الليل [ [البقرة: 187]). اهـ
وقال الشنقيطي رحمه الله في ((أضواء البيان)) (ج1 ص454): (وأول وقت صلاة المغرب غروب الشمس، أي: غيبوبة قرصها بإجماع المسلمين، وفي حديث جابر، وابن عباس في إمامة جبريل: ((فصلى المغرب حين وجبت الشمس))، وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب)). أخرجه الشيخان، والإمام أحمد، وأصحاب السنن الأربع إلا النسائي، والأحاديث بذلك كثيرة). اهـ
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في ((الصحيحة)) (ج5 ص300): (وهذه من السنن المتروكة في بلاد الشام، ومنها عمان، فإن داري في جبل هملان من جبالها، أرى بعيني طلوع الشمس وغروبها، وأسمعهم يؤذنون للمغرب بعد غروب الشمس بنحو عشر دقائق، علما بأن الشمس تغرب عمن كان في وسط عمان، ووديانها قبل أن تغرب عنا! وعلى العكس من ذلك، فإنهم يؤذنون لصلاة الفجر قبل دخول وقتها بنحو نصف ساعة. فإنا لله وإنا إليه راجعون). اهـ
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في ((الصحيحة)) (ج7 ص1303): (فالفجر: عند سطوع النور الأبيض وانتشاره في الأفق، والظهر: عند زوال الشمس عن وسط السماء، والعصر: عند صيرورة ظل الشيء مثله، بالإضافة إلى ظل الزوال، والمغرب: عند غروب الشمس وسقوطها وراء الأفق، والعشاء: عند غروب الشفق الأحمر). اهـ
(31) وعن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: ((دلوك الشمس: غروبها، تقول العرب إذا غربت الشمس: دلكت الشمس)). وفي رواية: ((دلوك الشمس حين تغيب)).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص384)، وفي ((المصنف)) (2096)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج2 ص235 و236)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج2 ص323)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج2 ص363)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج15 ص22)، وابن وهب في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص137)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (9128)، و(2129) و(9130)، و(9136)، و(9137)، و(9138)، وابن أبي حاتم في ((تفسير القرآن)) (ج7 ص2341)، وسعيد بن منصور في ((تفسير القرآن)) (ج6 ص135 و136)، وابن مردويه في ((تفسير القرآن)) (ج9 ص410-الدر المنثور)، والبغوي في ((الجعديات)) (2313)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص155)، والدارقطني في ((العلل)) (ج5 ص214)، والبيهقي في ((معرفة السنن)) (2356)، و(2357) من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأورده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (ج1 ص311)؛ ثم قال: وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج9 ص410)، وابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (282)، والثعلبي في ((الكشف والبيان)) (ج6 ص120)، والواحدي في ((الوسيط)) (ج3 ص120).
قال الثعلبي رحمه الله في ((تفسيره)) (ج6 ص120): (ودليل هذا التأويل: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إنه كان إذا غربت الشمس صلى المغرب، وأفطر إن كان صائما)، ويحلف بالله الذي لا إله إلا هو أن هذه الساعة لميقات هذه الصلاة؛ وهي التي قال الله: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78]). اهـ
(32) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((دلوكها: غروبها)).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص384 و385)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (6328)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج15 ص23) من طريق سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الواحدي في ((الوسيط)) (ج3 ص120)، والبغوي في ((معالم التنزيل)) (ج3 ص128).
وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (6336) من طريق سعيد بن جبير عن عبد الله، وابن عباس رضي الله عنهما قالا: (دلوكها حين تغرب).
وإسناده صحيح، وسعيد بن جبير لم يدرك ابن مسعود، لكن الأثر الذي قبله يشهد له.
قال ابن المنذر في ((الأوسط)) (ج1 ص14): وقد روينا عن علي، وابن مسعود، وجماعة أنهم قالوا: دلوكها: غروبها.
(33) وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: ((دلوكها: غروبها)).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج2 ص336)، وابن أبي حاتم في ((تفسير القرآن)) (ج7 ص2342)، وابن المنذر في ((تفسير القرآن)) (ج9 ص411-الدر المنثور)، وفي ((الأوسط)) (ج1 ص14) من طريقين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج9 ص411)، والواحدي في ((الوسيط)) (ج3 ص120).
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (دلوكها: زوالها).
أثر صحيح
أخرجه سعيد بن منصور في ((تفسير القرآن)) (ج6 ص183)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (937)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص364)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج15 ص25)، وابن وهب في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص137)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (1371)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (6334) من طريق حصين، وأبي كدينة، وهشيم، وشعبة، وأبي عوانة، وخالد بن عبد الله عن مغيرة عن الشعبي عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج9 ص412)، والثعلبي في ((الكشف والبيان)) (ج6 ص120).
وأخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج5 ص27) من طريق الزهري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (دلوك الشمس: زيغها بعد نصف النهار).
وهذا إسناد منقطع؛ لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس.
انظر: ((التمهيد)) لابن عبد البر (ج1 ص23).
وأخرجه مالك في ((الموطأ)) (ج1 ص11)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج2 ص235)، وأبو مصعب الزهري في ((الموطأ)) (ج1 ص10)، ومحمد بن الحسن في ((الموطأ)) (ص345)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص358)، والقعنبي في ((الموطأ)) (ص88)، والحدثاني في ((الموطأ)) (ص62) من طريق داود بن حصين قال: أخبرني مخبر أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول: ((دلوك الشمس، إذا فاء الفيء)).
قال ابن عبد البر في ((الاستذكار)) (ج1 ص271): (المخبر ههنا عكرمة ... وكان مالك يكتم اسمه لكلام سعيد ابن المسيب فيه).
فإن كان المخبر هو: ((عكرمة مولى ابن عباس))؛ فإن رواية داود بن الحصين عن عكرمة متكلم فيها.
انظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج8 ص380 و380).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((دلوك الشمس: زوالها)). وفي رواية: ((دلوك الشمس: زياغها بعد نصف النهار)). وفي رواية: ((دلوك الشمس: ميلها)). أي: وقت الزوال.
أثر صحيح
أخرجه مالك في ((الموطأ)) (ج1 ص11)، وعبد الرزاق في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص384)، وفي ((المصنف)) (ج1 ص534)، وأبو مصعب الزهري في ((الموطأ)) (ج1 ص10)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج2 ص236)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج2 ص322)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج15 ص25)، والقعنبي في ((الموطأ)) (ص87)، وأبو الجهم في ((جزئه)) (ص42)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص364)، وابن بكار في ((حديثه)) (ص170)، والحدثاني في ((الموطأ)) (ج92)، ومحمد بن الحسن في ((الموطأ)) (ص345) من طريق نافع، وسالم بن عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.
وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج9 ص412).
وقال البزار في ((المسند)) (ج12 ص257): وهذا الحديث إنما يروى موقوفا عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وعن مجاهد رحمه الله قال: ((دلوكها: زيغها حين تزيغ)).
أثر صحيح
أخرجه آدم بن أبي إياس في ((التفسير)) (ص440) من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الثعلبي في ((الكشف والبيان)) (ج6 ص120).
وعن الحسن البصري رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [ [الإسراء: 78]، قال: ((دلوك الشمس إذا زالت عن بطن السماء، وكان لها فيء في الأرض)).
أثر حسن لغيره
أخرجه ابن وهب في ((تفسير القرآن)) (ج2 ص120) من طريق الليث بن سعد أن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به.
وذكره الثعلبي في ((الكشف والبيان)) (ج6 ص120).
قال الواحدي رحمه الله في ((الوسيط)) (ج3 ص120): (قوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس [؛ دلوك الشمس زوالها، وميلها في وقت الظهر، وكذلك ميلها للغروب هو دلوكها أيضا، قال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها عند العرب). اهـ
قلت: فمعنى الدلوك في كلام العرب الزوال والميل عند الظهيرة، وعند الغروب.([63])
(34) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس أن تغرب، فلم يبق منها إلا شيء يسير وفي راوية: [إلا شف يسير]، فقال: والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما، مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه، وما نرى من الشمس إلا يسيرا)).([64])
والشاهد: ((إلا شيء يسير ... وما نرى من الشمس إلا يسيرا))؛ وهذا بمعنى الغروب عند العرب.([65])
والشف: بقية النهار لما يرى من يسير من الشمس، لقوله: ((وما نرى من الشمس إلا يسيرا))؛ أي: قد بقيت منها بقية، وهذا في حكم الغروب عند العرب.
وشفا كل شيء حرفه، قال تعالى: ]وكنتم على شفا حفرة[ [آل عمران: 103].
قال ابن الأثير رحمه الله في ((النهاية)) (ج2 ص271): (وفي حديث أنس رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب أصحابه يوما، وقد كادت الشمس تغرب ولم يبق منها إلا شف))؛ أي شىء قليل. الشف والشفا والشفافة: بقية النهار).اهـ
وقال الرازي رحمه الله في ((مختار الصحاح)) (ص145): (يقال للرجل عند موته، وللقمر عند امحاقه، وللشمس عند غروبها ما بقي منه إلا شفا؛ أي: قليل). اهـ
وقال الحربي رحمه الله في ((غريب الحديث)) (ج2 ص818): (قال أبو نصر: يقال: بقي من الشمس شفا: أي شيء([66])). اهـ
وقال الحربي رحمه الله في ((غريب الحديث)) (ج2 ص819): (سمعت ابن الأعرابي يقول: أشفت الشمس على الغيوب, وشفت وضرعت, وضجعت, ودلكت).اهـ
وقال ابن منظور رحمه الله في ((لسان العرب)) (ج19 ص166): (شفت الشمس تشفو: قاربت الغروب). اهـ
قلت: وهذا يعني أنها غربت، ودخل وقت صلاة المغرب، ووقت إفطار الصائم.
قال القلقشندي رحمه الله في ((صبح الأعشى)) (ج2 ص367): (أما الطبيعي: فالليل من لدن غروب الشمس، واستتارها بحدبة الأرض إلى طلوعها، وظهورها من الأفق، والنهار من طلوع نصف قرص الشمس من المشرق إلى غيبوبة نصفها في الأفق في المغرب، وسائر الأمم يستعملونه كذلك.
وأما الشرعي: فالليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، وهو المراد بالخيط الأبيض من قوله تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [ [البقرة: 187]، والنهار من الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وبذلك تتعلق الأحكام الشرعية من الصوم، والصلاة، وغيرهما). اهـ
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الجزء النافع المبارك -إن شاء الله - سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
([2]) قلت: وتنطع الفلكيون، ومن تابعهم ممن ينتسب إلى العلم في تأخير الفطر للصائم إلى الأذان على حسب ((التقويم الفلكي!))، الذي يكون معه بعض سواد الليل، فخالفوا السنة!، وهم يظنون على السنة!، اللهم غفرا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج4 ص199): (تنبيه؛ من البدع المنكرة: ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان ... وقد جرهم ذلك إلى أن صاروا لا يؤذنون إلا بعد الغروب بدرجة لتمكين الوقت زعموا فأخروا الفطر وعجلوا السحور وخالفوا السنة، فلذلك قل عنهم الخير وكثر فيهم الشر). اهـ
([3]) وانظر: ((الإشراف على مذاهب العلماء)) لابن المنذر (ج3 ص156).
والفطر: ابتداء بالأول، واستئناف حال أخرى غير الصوم، وكل شيء ابتدائه فقد فطرته، وموضوعه هنا: قطع الصوم الشرعي بالأكل والشرب.
انظر: ((الاقتضاب في غريب الموطأ)) لليفرني (ج1 ص325).
([5]) قلت: وهذا كله واسع؛ فمن شاء أفطر قبل الصلاة على وجود قرص الشمس بيسير من الأرض أحيانا، ومن شاء أفطر بمغيب قرص الشمس كله، وكل ذلك من تحقق غروب الشمس، ولا بأس من فعل هذا، وهذا، والله ولي التوفيق.
انظر منه؛ ((الموطأ)) للإمام محمد بن الحسن (ج2 ص205).
([6]) وانظر: ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (ج4 ص246)، و((المصباح المنير)) للفيومي (ص230)، و((لسان العرب)) لابن منظور (ج6 ص3225).
([11]) ومثله: غروب الشمس عند الصحابة الكرام يطلق عليه غروبا مع وجود قرص الشمس بيسير في آخر النهار، والله المستعان.
([14]) قوله صلى الله عليه وسلم: ((فاجدح))؛ بالجيم ثم حاء المهملة، والجدح تحريك السويق بالماء، ويحرك حتى يستوي بالعود يقال له: المجدح، مجنح الرأس يخاض به الأشربة وتستوي، والجدح: خلط الشئ بغيره، والمجدحة: الملعقة.
انظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (ج4 ص197)، و((عون المعبود)) لأبي عبدالرحمن العظيم آبادي (ج6 ص479)، و((معالم السنن)) للخطابي (ج2 ص161)، و((النهاية في غريب الحديث)) لأبن الأثير (ج1 ص239)، و((المعلم بفوائد مسلم)) للمازري (ج2 ص33)، و((المفصح)) لابن هشام (ص87).
([16]) قلت: ولا يلتفت إلى من لم يفقه هذا الحكم في تعجيل الإفطار على هذه الطريقة في هذا العصر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر ولم يلتفت إلى قول بلال رضي الله عنه، والله المستعان.
([17]) ممن يدعي أنه صاحب علم، فيفتي جماهير العامة بخلاف السنة، وهو يظن أنه على السنة، فوقع في الجهل المركب، وهو لا يشعر، اللهم غفرا.
لذلك يجب على العبد أن يبحث عن الآثار الصحيحة التي تبين له الحكم الصحيح في الدين.
([20]) انظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج18 ص447)، و((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (ج6 ص343)، و((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (ج6 ص19)، و((التاريخ)) للدوري (ج2 ص376).
([21]) انظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج3 ص451)، و((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (ج1 ص318)، و((ميزان الاعتدال)) للذهبي (ج1 ص284)، و((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (ج1 ص345).
([22]) قلت: ولا يستطيع أحد ممن يزعم أنه يعجل الفطر في هذا الزمان ممن ينتسب إلى العلم؛ أن يفطر وقرص الشمس لم يغيب، لأن يصيبه وسواس في نفسه، هل صومه صحيح، أو لا؟!، بل هؤلاء لم يفطروا بغروب الشمس بالكلية؛ لأنهم يفطرون مع الأذان الذي هو متأخر عن غروب الشمس، اللهم غفرا.
([24]) قلت: والعجب ممن ينتسب إلى العلم يفتي الناس أن يفطروا على غروب الشمس، فإذا هو يفطر على الأذان الحالي، وهو متأخر عن غروب الشمس بزمن ليس باليسير، فخالف السنة، ووافق المبتدعة، لأنه يفطر على ((التقويم الفلكي))، والله المستعان.
([25]) وانظر: ((غاية المطلب)) لأبي بكر الجراعي (ص178)، و((هداية الراغب)) لابن قائد (ص298)، و((الروض المربع)) للبهوتي (ص236)، و((كشاف القناع)) له (ج2 ص153)، و((الذخيرة)) للقرافي (ج2 ص332)، و((الكافي)) لابن قدامة (ج1 ص360)، و((الإحكام شرح أصول الأحكام)) لابن القاسم (ج2 ص249)، و((الحاشية على كنز الراغبين)) للقليوبي (ج2 ص98)، و((منهاج الطالبين)) للنووي (ج2 ص98)، و((المختصر)) لخليل (ج1 ص204)، و((كفاية الطالب الرباني)) للمنوفي (ج1 ص555).
([26]) وانظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (ج3 ص150)، و((الوسيط)) للغزالي (ج1 ص424)، و((كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار)) للحصني (ص189)، و((غاية الاختصار)) لأبي شجاع (ص189)، و((المنهج القويم)) للهيتمي (ج2 ص364)، و((الحاشية)) للجرهزي (ج2 ص364)، و((فتح المعين)) للمعبري (ص273)، و((الحاشية على منهج الطلاب)) للجمل (ج3 ص532)، و((بلغة السالك)) للصاوي (ج1 ص517)، و((فتح الوهاب)) للأنصاري (ج1 ص210)، و((تجريد العناية)) لابن اللحام (ص83)، و((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (ج1 ص455)، و((الذخيرة)) للقرافي (ج1 ص393)، و((المختصر)) للخرقي (ج1 ص613)، و((الحاشية على كفاية الطالب)) للعدوي (ج1 ص555)، و((الحاشية على منهج الطلاب)) للجمل (ج3 ص532)، و((بلغة السالك)) للصاوي (ج1 ص517).
([29]) وانظر: ((الحاشية على شرح الخرشي)) للعدوي (ج3 ص18)، و((مرقاة المفاتيح)) للقاري (ج4 ص478)، و((المنتقى في شرح الموطأ)) للباجي (ج2 ص42)، و((القبس)) لابن العربي (ج2 ص478).
([30]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج3 ص46)، ومسلم في ((صحيحه)) (ج3 ص132) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
([33]) وانظر: ((الثمر الداني)) للآبي (ص176)، و((شرح مختصر خليل)) للخرشي (ج3 ص17)، و((الحاشية على شرح الخرشي)) للعدوي (ج3 ص17)، و((تبيين الحقائق)) للزيلعي (ج2 ص211)، و((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص1416)، و((رمز الحقائق)) للعيني (ج1 ص135)، و((النهر الفائق)) لابن نجيم (ج2 ص5)، و((الحاشية على منهج الطلاب)) للجمل (ج3 ص432).
([34]) وانظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (ج2 ص24)، و((فتح الباري)) لابن رجب (ج3 ص661)، و((عقد الجواهر الثمينة)) لابن شاس (ج1 ص80)، و((منهاج الطالبين)) للنووي (ج1 ص167)، و((المبدع في شرح المقنع)) لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص343)، و((الحاشية على كفاية الطالب)) للعدوي (ج1 ص315)، و((كفاية الطالب الرباني)) للمنوفي (ج1 ص315)، و((الثمر الداني)) للآبي (ص57)، و((أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري)) للخطابي (ج1 ص445)، و((شرح سنن النسائي)) للسيوطي (ج2 ص258)، و((الحاشية على سنن النسائي)) للسندي (ج2 ص258).
([35]) وتصحف: ((الطويل)) إلى ((الحارث))؛ ولعل الناسخ أخطأ في نسبته، لأن من شيوخ المعتمر؛ حميد الطويل، ولا يوجد من شيوخه حميد الحارث.
انظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج28 ص250).
([38]) وانظر: ((الواضح في شرح مختصر الخرقي)) لابن أبي القاسم (ج1 ص61).
ولأن في تعجيل الفطر، وتأخير السحور قوة لجسده، ومعونة لأداء عبادته.
انظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (ج3 ص444).
([41]) وانظر: ((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص1427)، و((التعليق الممجد)) للكنوي (ج2 ص204)، و((سبل السلام)) للصنعاني (ج2 ص304)، و((الكاشف)) للطيبي (ج4 ص179)، و((الإمداد)) للشيخ الفوزان (ج2 ص381)، و((القبس)) لابن العربي (ج2 ص478)، و((إكمال إكمال المعلم)) للآبي (ج4 ص32)، و((المنتقى شرح الموطأ)) للباجي (ج2 ص42).
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (126)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (205)، والمروزي في ((السنة)) (836)، والبيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (191).
وإسناده صحيح.
أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج9 ص264 و365) من وجهين.
وأورده الهيثمي في ((الزوائد)) (ج1 ص311)؛ ثم قال: وإسناده صحيح.
وأورده الهيثمي في ((الزوائد)) (ج1 ص311)؛ ثم قال: وإسناده حسن.
([46]) وانظر: ((المخلص الفقهي)) للشيخ الفوزان (ج1 ص105)، و((فتح ذي الجلال والإكرام)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص23)، و((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص794 و795)، و((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملن (ج5 ص309)، و((إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص566).
([47]) وانظر: ((إكمال إكمال المعلم)) للأبي (ج4 ص32)، و((مكمل إكمال الإكمال)) للسنوسي (ج4 ص32)، و((المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)) للقرطبي (ج3 ص157)، و((مختصر سنن أبي داود)) للمنذري (ج3 ص235)، و((نيل الأوطار)) للشوكاني (ج4 ص217).
([48]) وانظر: ((كنز الراغبين)) للمحلي (ج2 ص98)، و((نيل الأوطار)) للشوكاني (ج4 ص217)، و((مشكاة المصابيح)) للتبريزي (ج4 ص791)، و((الحاشية على كنز الراغبين)) للقليوبي (ج2 ص98)، و((الغرر البهية)) للأنصاري (ج3 ص584)، و((جواهر الإكليل)) للآبي (ج1 ص204)، و((كفاية الطالب الرباني)) للمنوفي (ج1 ص555)، و((مرقاة المفاتيح)) للقاري (ج4 ص478)، و((سبل السلام)) للصنعاني (ج2 ص305)، و((التنوير)) له (ج11 ص98)، و((الحاشية على مراقي الفلاح)) للطحطاوي (ج14 ص631)، و((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص138)، و((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص1424).
([55]) وانظر: ((الكاشف والبيان)) للثعلبي (ج6 ص120)، و((تفسير القرآن)) لابن كثير (ج7 ص81)، و((تفسير القرآن)) لابن أبي حاتم (ج7 ص2342)، و((جامع البيان)) للطبري (ج5 ص22)، و((معالم التنزيل)) للبغوي (ج3 ص128)، و((تفسير القرآن)) لابن وهب (ج1 ص137)، و((تفسير القرآن)) لسعيد بن منصور (ج6 ص135).
([59]) فلما مالت الشمس جهة الغروب، وزالت وأصحبت بالقرب من الأرض، فهذا يسمى غروبا عند العرب، وإن كانت طالعة لم تغب بالكلية.
([60]) فهذه الآية تعني دخول وقت صلاة الظهر، ودخول وقت صلاة المغرب، والله ولي التوفيق.
وانظر: ((تفسير القرآن)) لابن أبي زمنين (ج3 ص34)، و((الكشف والبيان)) للثعلبي (ج6 ص120)، و((لسان العرب)) لابن منظور (ج2 ص1412)، و((الصحاح)) للجوهري (ج4 ص1584)، و((الوسيط)) للواحدي (ج3 ص120)، و((التفسير الكبير)) للرازي (ج21 ص21)، و((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج10 ص196)، و((البحر المحيط)) لأبي حيان (ج6 ص70).
([61]) فقوله: ((إذا غاب حاجب الشمس ... حين يغرب حاجب الشمس))؛ رواية شاذة، لأن جميع الروايات الثابتة عن ابن مسعود كان يصلي وقد غربت الشمس، وهي طالعة، فالشمس غربت، أو وهي طالعة بمعنى واحد بالنسبة للغروب، فانتبه.
([62]) وانظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص1174)، و((تهذيب التهذيب)) له (ج5 ص76)، و((تهذيب الكمال)) للمزي (ج14 ص61)، و((التاريخ)) للدوري (ج2 ص288).
([63]) وانظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (ج2 ص1412)، و((الصحاح)) للجوهري (ج4 ص1584)، و((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج10 ص191) و((البحر المحيط)) لأبي حيان (ج6 ص70)، و((التفسير الكبير)) للرازي (ج21 ص21)، و((الدر المنثور)) للسيوطي (ج4 ص195)، و((معالم التنزيل)) للبغوي (ج3 ص128).
أخرجه البزار في ((المسند)) (ج7 ص81-تفسير ابن كثير)، وسمويه في ((فوائده)) (ص77)، وضياء الدين المقدسي في ((الأحاديث المختارة)) (ج7 ص121).
وذكره السيوطي في ((الجامع الكبير)) (ج10 ص616).
وأورده ابن كثير في ((تفسير القرآن)) (ج7 ص81) ثم قال: (هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العمي عن أبيه، وقد ذكره ابن حبان في ((الثقات))، وقال: ربما أخطأ). اهـ
وأورده الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (ج10 ص311)، ثم قال: رواه البزار عن طريق خلف بن موسى عن أبيه، وقد وثقا، وبقية رجاله رجال الصحيح.