الرئيسية / ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار / البدور السافرة في كيفية زواج المرأة المهاجرة
البدور السافرة في كيفية زواج المرأة المهاجرة
|
البدور السافرة
في
كيفية زواج المرأة المهاجرة
تأليف
العلامة أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
شعارنا: أمن و أمان في الأوطان
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب زدني علما وحفظا وفهما
المقدمة
إن الحمد للـه نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده اللـه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ﮋ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯﮊ [آل عمران: ١٠٢].
ﮋ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮﮊ [النساء: ١ ].
ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﮊ [الأحزاب: ٧٠].
أما بعد،
فإن أصدق الحديث كتاب اللـه، وخير الهدي هدي محمد ه، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فإذا عرض للمكلف ما يجعل العمل بالحكم الكلي ضررا شاقا، أو متعذرا؛ فإن الشارع يعتبرها ضرورة تبيح مخالفة الأحكام الكلية، ويستبدل بها أحكاما استثنائية، بها يتمكن المكلف من تأدية ما وجب عليه ولو في الجملة، وتزول هذه الأحكام الاستثنائية بزوال أسبابها، فيرخص الله تعالى للمكلف أن يترك الحكم المطالب به، إلى حكم طارئ تيسيرا، ورفعا للحرج، والمشقة بالرخصة دفعا للضرر مثل: تزويج المرأة المهاجرة لوحدها بنفسها في دار هجرتها دون وليها لتعذر وجود وليها([1]) معها دفعا للضرر عنها في حياتها.([2])([3])
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].
قلت: وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء([4]) قاعدة هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وهي تعد من فروع القاعدتين الكليتين: «إذا ضاق الأمر اتسع»، و«الضرر يزال»([5])، وقد فرعوا على هذه القاعدة، وما يتصل بها فروعا كثيرة.([6])
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
قلت: وهذه الآيات تدل على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.([7])
قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون –بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ
وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]([8])، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ
وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.
وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ
قلت: فالدين أسس على اليسر([9]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([10])
قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]؛ والمراد بالوسع هو: الطاقة والاستطاعة.
قلت: والذي رجحه المفسرون: عموم التخفيف في الشريعة، بناء على ضعف الانسان أمام رغباته، وأمام مغريات الحياة وشهواتها، بالرحمة واليسر، ورفع المشقة، وإزالة الضرر.([11])
قال الإمام الزركشي / في «المنثور» (ج3 ص396): (الأخذ بالرخص والعزائم في محلها مطلوب راجح؛ فإذا قصد بالرخصة([12]) قبول فضل الله تعالى كان أفضل، وفي الحديث الصحيح: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)؛ إذا ثبت هذا فمطلوب الشرع الوفاق، ورد الخلاف إليه). اهـ
قلت: ومن القواعد الكلية في التشريع الإسلامي: «المشقة تجلب التيسير».
وهي قاعدة متأصلة في أحكام الشرع الإسلامي يدل على تأصيلها([13])، كقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر: 17]؛ أي: سهلناه للناس في أحكامه.
وعن أبي هريرة t، عن النبي ه قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).([14])
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج1 ص101): (سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم). اهـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ه قال: (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة).([15])
وبوب البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الدين يسر.
قلت: ووجدنا هذا التيسير في التطبيق العملي لدى النبي ه، وصحابته y في منهج التيسير على أنفسهم وعلى غيرهم، ومن ذلك في جواز أن تزوج المرأة نفسها بدون وليها في دار الهجرة.([16])
وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ]وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم[ [النور: 32].
قلت: فأمر الله تعالى بالزواج من المسلمين الصالحين.
2) وقال تعالى: ]فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها[ [الأحزاب: 37].
قلت: وهذه الآية تدل على أن النبي ه تزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها بأمر الله تعالى له، وقد تزوجها النبي ه بدون ولي للضرورة الشرعية، وهذا يدل على الجواز للحاجة الماسة لمثل هذا الزواج لرفع الحرج عن الزوجين في الإسلام.
فعن أنس بن مالك t قال: (لما انقضت عدة زينب رضي الله عنها ... جاء رسول الله ه، فدخل عليها بغير إذن ... الحديث).([17])
وعن أنس بن مالك t قال: (إن زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت تقول: زوجني الله تعالى من فوق سبع سموات). أي: بدون ولي.([18])
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج6 ص198): (قوله تعالى: ]فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها[ [الأحزاب: 37]؛ الوطر: هو الحاجة والأرب، أي: لما فرغ منها، وفارقها، زوجناكها، وكان الذي ولي تزويجها منه هو الله، عز وجل، بمعنى: أنه أوحى إليه أن يدخل عليها بلا ولي([19])، ولا مهر، ولا عقد، ولا شهود من البشر). اهـ
3) وقال تعالى: ]يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة([20]) مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما[ [الأحزاب: 50].
4) وعن سهل بن سعد الساعدي t: أن امرأة عرضت نفسها على النبي ه. فذكر الحديث، والرجل الذي خطبها، فقال له رسول الله ه: (أملكناكها بما معك من القرآن). وفي رواية: (فقد ملكتكها بما معك من القرآن). وفي رواية: (فعلمها من القرآن). وفي رواية: (قد أنكحتكها). وفي رواية: (فقد زوجتكها).([21])
قال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج12 ص424): (فصح أنها ألفاظ كلها قالها عليه الصلاة والسلام معلما لنا ما ينعقد به النكاح). اهـ
قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي ه هو الذي ولي تزويجها من الرجل، وأنه يدخل عليها بلا ولي من أهلها، ولا شهود، وتم الزواج هكذا، مما يدل الجواز للضرورة الشرعية لرفع الحرج بين الرجل والمرأة عند الصحابة y.([22])
5) وعن أم سلمة، زوج النبي ه، تقول: سمعت رسول الله ه ، يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156]، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها، قالت: فلما توفي أبو سلمة، قلت: كما أمرني رسول الله ه، فأخلف الله لي خيرا منه، رسول الله ه، قالت: فتزوجت رسول الله ه). وفي رواية: (فجاء رسول الله ه فخطبني، فتزوجته). ([23])
قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي ه تزوج أم سلمة رضي الله عنها بدون ولي، لأن لم يكن لها ولي حاضرها، وابنها عمر بن أبي سلمة رضي الله عنها ليس بولي لها، لأنه كان طفلا لا يعتبر به، وهو غير بالغ في الإسلام، وهذا الزواج على هذه الطريقة يدل على الجواز للضرورة الشرعية، ولرفع الحرج عن الزوجين في الدين.([24])
6) وعن يزيد بن الأصم، حدثتني ميمونة بنت الحارث، (أن رسول الله ه تزوجها وهو حلال). وفي رواية: (تزوجني رسول الله ه بسرف ونحن حلالان).([25])
قلت: فهذا يدل على أن النبي ه قبل زواج ميمونة رضي الله عنها بدون ولي لها، ولم يكن أحد من أوليائها حاضرا، وهذا يدل على الجواز للضرورة.([26])
7) وعن جابر بن عبد الله t عن النبي ه قال: (عليكم برخصة الله الذي رخص لكم).([27])
قال الإمام ابن دقيق العيد / في «إحكام الأحكام» (ج2 ص225): (وقوله ه: (عليكم برخصة الله التي رخص لكم)؛ دليل على أنه يستحب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها. ولا تترك على وجه التشديد على النفس والتنطع والتعمق). اهـ
8) وعن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: (هاجر عبيد الله بن جحش بأم حبيبة بنت أبي سفيان، وهي امرأته، إلى أرض الحبشة، فلما قدم أرض الحبشة مرض، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى رسول الله، عليه الصلاة والسلام، فتزوج رسول الله، عليه الصلاة والسلام، أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبعث معها النجاشي شرحبيل ابن حسنة، فأهداها إلى رسول الله، عليه الصلاة والسلام).
أثر حسن
أخرجه أبو بكر النيسابوري في «الزيادات على كتاب المزني» (ص476)، وابن حبان في «صحيحه» (6027) من طريق ابن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه معمر، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها به.
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص59)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص234) من طريق موسى بن إسماعيل عن عبد الله بن المبارك عن معمر بهذا الإسناد.
قلت: وهذا سنده حسن.
والحديث صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص407).
وأخرجه البيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص54)، وفي «السنن الكبرى» (ج7 ص232)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص357)، وأبو بكر النيسابوري في «الزيادات على كتاب المزني» (ص477)، وأحمد في «المسند» (27408)، والنسائي في «السنن الكبرى» (5486)، وأبو داود في «سننه» (2086)، و(2107)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص60)، والطبراني في «المعجم الكبير» (402) من عدة طرق عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أم حبيبة: (أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فهلك عنها، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، فزوجها النجاشي إلى رسول الله، عليه الصلاة والسلام، وهي عندهم).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وذكره ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص406 و407).
قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي ه تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان بغير ولي؛ لأن الولي وهو أبو سفيان كان كافرا([28]) في ذلك الوقت، وهذه ضرورة للمرأة المهاجرة؛ لأن أم حبيبة رضي الله عنها كانت من المهاجرات.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص42): (معنى قوله: (زوجها النجاشي)؛ أي: ساق إليها المهر، فأضيف عقد النكاح إليه لوجود سببه منه، وهو المهر). اهـ
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص30): (إنما ساق النجاشي المهر عن رسول الله ه ؛ فأضيف التزويج إليه).اهـ
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص30): (كان أبوها أبو سفيان كافرا لا ولاية له على مسلمة). اهـ
9) وعن القاسم بن محمد: (أن عائشة أنكحت حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر؛ المنذر بن الزبير، وعبد الرحمن غائب، فلما قدم عبد الرحمن غضب وقال: أي عباد الله، أمثلي يفتات عليه في بناته؟، فغضبت عائشة، وقالت: أترغب عن المنذر!). وفي رواية: (فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمرا قضيته، فقرت حفصة عند المنذر).([29])
قلت: فأمضى عبد الرحمن بن أبي بكر النكاح الذي عقدته عائشة رضي الله عنها الذي بدونه، ولم يبطله؛ فدل على جواز نكاح المرأة بغير ولي عند غياب الولي، وسواء رضي بهذا الزواج، أو لم يرض، وذلك للضرورة الشرعية، فلم تر عائشة رضي الله عنها أن ذلك مبطلا لذلك النكاح.([30])
وبوب الحافظ ابن أبي شيبة / في «المصنف» (ج6 ص13)؛ من أجازه بغير ولي ولم يفرق.
قلت: فصح عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت بنت أخيها: عبد الرحمن بن أبي بكر، وهي بكر –وهو مسافر بالشام- بغير أمره، فلم يمضه أولا، بل أنكر ذلك إذ بلغه.
قلت: فلم تر عائشة رضي الله عنها أن ذلك مبطلا ذلك النكاح، بل قالت للذي تزوج، وهو المنذر بن الزبير: اجعل أمرها إليه، ففعل، فأنفذه عبد الرحمن بن أبي بكر.([31])
قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج3 ص11): (فلما كانت عائشة رضي الله عنها قد رأت أن تزويجها بنت عبد الرحمن بغيره جائز , ورأت ذلك العقد مستقيما حتى أجازت فيه التمليك الذي لا يكون إلا عن صحة النكاح وثبوته). اهـ
قلت: فلا يعترض على هذا إلا جاهل، أو مدافع للحق بالباطل.
10) وعن هزيل بن شرحبيل: (أن امرأة زوجتها أمها وخالها، فأجاز علي نكاحها). وفي رواية: (أليس قد دخل بها ؟ فالنكاح جائز). وفي رواية: (فجاء أولياؤها فخاصموا زوجها إلى علي بن أبي طالب، فأجاز النكاح).([32])
قال الحافظ البيهقي / في «الخلافيات» (ج6 ص37): (وهذا إن صح فكأن السلطان زوجها بمسألة الكتاب وأبوها غائب ، وذلك جائز عندنا). اهـ
قلت: فجوز علي بن أبي طالب t زواج المرأة بغير ولي لغيابه، وذلك للضرورة الشرعية، والحاجة الماسة لها.
قال الإمام ابن المنذر / في «الأوسط» (ج8 ص256): (وفيه قول ثان وهو أن الولي أو السلطان إذا أجازه جاز، وإن عقد بغير ولي، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن سيرين، والقاسم بن محمد). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج16 ص42): (ورووا عن علي أنه كان يجيز النكاح بغير ولي). اهـ
قلت: فإذا رفع إلى القاضي تزويج امرأة بغير ولي خاصة إذا الزوج دخل بها أمضاه لرفع الحرج عن الزوجين؛ لأن يجوز للمرأة أن تزوج نفسها للضرورة في دار هجرتها.
11) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد، أو سلطان).([33])
قلت: فإذا فقدت المرأة المهاجرة الولي زوجها السلطان أو القاضي.([34])
وإذا كانت المرأة في منطقة لا سلطان فيها فلا بأس إذا كان هكذا أن تستخلف على نفسها من يزوجها من المسلمين ويجوز ذلك للضرورة الشرعية.([35])
قال الإمام محمد بن الحسن /: (وإذا تزوجته المرأة فولت أمرها رجلا من المسلمين، فزوجها كفؤا فهو جائز، وذلك بمنزلة تزويجها نفسها، وكذلك لو زوجها امرأة، أو عبد فأجازت ذلك كان جائزا).([36])
قلت: وهذا يكون للضرورة القصوى للمرأة المهاجرة، أو المحتاجة لذلك الزواج.
قال أبو سليمان داود الظاهري /: (وأما الثيب فتولي أمرها من شاءت من المسلمين ويزوجها([37])، وليس للولي في ذلك اعتراض).([38])
قلت: بشرط أن يكون الزوج من أهل الكفاءة، وكون هذا الزواج بهذه الكيفية؛ يعني: بغير إذن الولي عند الضرورة كما بينا فيما سبق.
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص910): باب الأكفاء في الدين
قلت: وإذا استأذنت المرأة المهاجرة وليها في الزواج من رجل كفؤ وهو في بلد آخر، فرفض الزواج، فيجوز لها أن تزوج نفسها بدون إذنه ضرورة لها؛ أي: لما يلحقها من الأضرار في دار هجرتها بغير زوج، ويزوجها السلطان أو القاضي في بلد هجرتها.
قال الإمام ابن حزم / في «المحلى» (ج12 ص392): (ومعنى ذلك: أن يأذن لها في الزواج، فإن أبى أولياؤها من الإذن لها: زوجها السلطان). اهـ
قلت: فيجوز للمرأة أن تنكح في هذه الحالة بغير إذن وليها لحاجتها الماسة لهذا الزواج.([39])
فعن معمر أنه قال له: سألت الزهري عن الرجل يتزوج بغير ولي؟ فقال: (إن كان كفؤا لها لم يفرق بينهما).([40])
وقال الإمام أبو يوسف /: (إن تزوجت بغير ولي فأجازه الولي جاز، فإن أبى أن يجيز والزوج كفؤ أجازه القاضي).([41])
وقال الإمام محمد بن الحسن /: (إن لم يجزه الولي استأنف القاضي فيه عقدا جديدا).([42]) اهـ
قلت: فعند الضرورة لا يجوز للولي أن يعترض على الزواج، فإن اعترض، فيجوز للقاضي أو غيره أن يزوج المرأة بغير إذنه؛ للقاعدة الفقهية: (الضرر يزال).
قال الإمام أبو حنيفة /، والإمام زفر /: (جائز للمرأة أن تزوج نفسها كفؤا، ولا اعتراض لوليها في ذلك).([43]) اهـ
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص918): باب: السلطان ولي.
قال الفقيه علاء الدين السمرقندي / في «تحفة الفقهاء» (ص290): (وكذلك المرأة إذا طلبت من الولي التزويج من كفء([44])؛ فامتنع الولي؛ فإنه يصير عاضلا وتثبت الولاية للسلطان). اهـ
وقال الفقيه علاء الدين السمرقندي / في «تحفة الفقهاء» (ص290): (حتى إن المرأة العاقلة إذا زوجت نفسها من كفء بمهر وافر فإنه يجوز). اهـ
12) وعن عبد الرحمن بن عوف t أنه قال، لأم حكيم بنت قارظ: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم، فقال: قد زوجتك).([45])
قلت: فزوجت نفسها لعبد الرحمن بن عوف t بدون ولي للضرورة الشرعية، وهذا واضح في قصة زواجهما.
13) وعن المغيرة بن شعبة t: (أراد أن يتزوج امرأة وهو وليها فجعل أمرها إلى رجل المغيرة أولى منه فزوجه).([46])
قلت: وهذا يدل أن المغيرة بن شعبة t تزوج المرأة بدون ولي للضرورة والحاجة.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج9 ص188): باب: إذا كان الولي هو الخاطب.
14) وعن معمر، قال: (سألت الزهري عن الرجل يتزوج بغير ولي قال: إن كان كفوا لم يفرق بينهما). ([47])
قلت: وأمضى الإمام الزهري / نكاح المرأة بغير ولي للضرورة الشرعية، بشرط أن يكون صالحا في نفسه.
والقاعدة: «الضرر مدفوع بقدر الإمكان»، وفي لفظ: «الضرر يدفع بقدر
الإمكان» وفي لفظ: «الضرر مدفوع في الشرع».([48])
قلت: الضرر باعتباره مفسدة يجب رفعه وإزالته إذا وقع، كما يجب دفعه قبل وقوعه؛ لأن إبقاء الضرر إبقاء للمفسدة، والشرع اعتنى بإزالة المفاسد أشد من اعتنائه بفعل المصالح.
ومفاد القاعدة: أن دفع الضرر ورفعه إنما يكون بقدر الإمكان، فإن أمكن إزالته كليا وجب، وإلا فبالقدر الممكن.
قلت: فيجب إزالة الضرر بعد وقوعه، كما يجب دفعه قبل وقوعه ... لذلك يحرم إضرار النفس، أو الغير.([49])
فيجوز للمرأة المهاجرة أن تتزوج بدون وليها حفاظا على حياتها من الآفات والمضرات التي تلحق بها، لأن الضرر يزال، أو مزال عن الإنسان، والضرر مدفوع في الشرع على قدر الإمكان.
وتوضح هذا الأمر قاعدة: «الضرورات تبيح المحظورات».([50])
قلت: إن الممنوع شرعا يباح عند الحاجة الشديدة، وهي الضرورة، مثل: جواز النطق بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب للإيمان في حالة الإكراه، وجواز أن تزوج المرأة المهاجرة نفسها بدون وليها للضرورة الشديدة لها، فاللجوء إلى محظور عند الإضطرار مما عفا الله تعالى العباد عنه.
قال تعالى: ]من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان[ [النحل: 106].
وقال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173].
وقال تعالى: ]وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه[ [الأنعام: 119].
قلت: ففي حالة الاضطرار الشديد تبيح ارتكاب المنهي عن فعله شرعا بقدر دفع الضرورة، ودون تجاوزها، فالحاجة الشديدة، والاضطرار مشقة تتطلب التيسير، والتخفيف، ورفع الحرج.
والقاعدة: «الأمر إذا ضاق اتسع».
فإن المقصود بضيق الأمر هو المشقة، والمقصود بالاتساع هو التيسير؛ أي: إذا ضاقت المسالك على المكلف اتسعت له فسحة التيسير، والتسهيل.([51])
قال تعالى: ]إن مع العسر يسرا[ [الشرح: 6].
قال الفقيه العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص113): (هذه الشريعة مبنية على أن الأشياء إذا ضاقت اتسعت). اهـ
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن المرأة المهاجرة عند زواجها تزوج نفسها بدون وليها للضرورة القصوى لها في بلد الهجرة؛ لما يلحقها من المشقات والمضرات في عدم زواجها بشرط أن يكون الزوج من المسلمين الصالحين الذي يقوم بأمرها ومصالحها الدينية والدنيوية، فيزوجها القاضي، أو الخطيب، أو الإمام، أو غير ذلك على حسب البلد في القوانين، وحسب المصلحة لها تيسيرا لها لأمور حياتها في دار هجرتها
اعلم رحمك الله أنه لما كانت الرخصة من الأحكام الشرعية كان من المناسب أن نتعرض بإيجاز لبيان الحكم الشرعي في كيفية زواج المرأة المهاجرة لوحدها بنفسها من دون إذن ولي أمرها، إذ ما من حكم من الأحكام الشرعية إلا وروح التيسير، ورفع الحرج، وجانب الرخصة الشرعية، واضح فيها لما ثبت أمر: «الرخصة»، و«رفع الحرج»، و«التيسير» في الكتاب والسنة والآثار.([52])
قال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
وقال تعالى: ]ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا[ [البقرة: 286]
وقال تعالى: ]ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم[ [الأعراف: 157] .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([53])
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته). وفي رواية: (كما يحب أن تؤتى عزائمه، أو كما يكره أن تؤتى معصيته).([54])
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (إن الله يحب أن تقبل رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)، وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه).([55])
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه). وفي رواية: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره).([56])
وذكر الحافظ البوصيري / هذه الآثار في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص508)؛ تحت: باب في المسح على الخفين.
ولا يخفى أن المسح على الخفين رخصة من الله تعالى للأمة.
وعن مسروق / قال: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه).([57])
وبوب الإمام ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.
وعن إبراهيم التيمي، قال: (إن الله يحب أن تؤتى مياسيره، كما يحب أن تطاع عزائمه).([58])
وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (إذا تنازعك أمران، فاحمل المسلمين على أيسرهما).([59])
قلت: فهذه الأدلة تدل على رفع الحرج والإثم عن مخالفة التكاليف، وذلك بالعمل بالرخصة، وترك العزيمة، أو تقرر مغفرة ما يترتب على المخالفة من إثم وذنب؛ لأن الرخصة أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه، حتى يكون من ثقل التكاليف في سعة، واختيار الأولى للمكلف.([60])
والشاطبي / في «الموفقات» (ج1 ص210)؛ يقتصر على إباحة مخالفة الحكم الكلي العام، وهو العزيمة، ويرفع الحرج والإثم عن هذه المخالفة، أو يقرر العفو، والمغفرة عن المخالف.
قلت: فالأصل الكلي في هذا الحكم يقتضي منع المرأة أن تتزوج بدون وليها، والرخصة خالفت هذا الأصل الكلي، وأجازت للمرأة أن تتزوج بدون وليها للضرورة في دار الهجرة.
فالرخص سببها الضرورة؛ لأن قد يطرأ على المكلف في حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة تجعله يخاف من حدوث أذى بالنفس، أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال، أو بتوابعها.([61])
فيتعين عليه عندئذ، أو يباح له ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب أو تأخيره، أو فعل مصلحة، أو غير ذلك دفعا للضرر عنه في غالب الظن ضمن قيود الشرع. ([62])
قال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (الرخصة: أصلها التخفيف عن المكلف، ورفع الحرج عنه؛ حتى يكون من ثقل التكليف في سعة واختيار، بين الأخذ بالعزيمة، والأخذ بالرخصة). اهـ
وقال الفقيه الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص309): (إن مقصود الشارع من مشروعية الرخصة الرفق بالمكلف عن تحمل المشاق؛ فالأخذ بها مطلقا موافقة لقصده). اهـ؛ أي: لقصد الشارع.
قلت: لذلك فترك الرخصة مع ظن سببها قد تؤدي إلى الانقطاع عن الاستباق إلى الخير، وإلى السآمة والملل، وترك الدوام، وكراهية العمل. ([63])([64])
فالرخصة منحة من الله تعالى، شرعت لدفع المشقة عن العباد.
قال الفقيه ابن رشد / في «بداية المجتهد» (ج1 ص200)؛ عن المفهوم من قصر الصلاة: (وهذا كله يدل على التخفيف، والرخصة، ورفع الحرج). اهـ
والرخصة: الإذن في الأمر بعد النهي عنه؛ يقال: رخص له في الأمر، وأرخص له فيه: إذا أذن له فيه بعد النهي عنه.
قال الفيومي اللغوي / في «المصباح المنير» (ص118): (والرخصة التسهيل في الأمر والتيسير، يقال: رخص الشرع لنا في كذا ترخيصا, وأرخص إرخاصا إذا يسره وسهله وفلان يترخص في الأمر أي لم يستقص، ورخص له في الأمر إذا أذن له فيه، قال النبي ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته». اهـ
وقال الفقيه علاء الدين السمرقندي / في «ميزان الأصول» (ص55): (الرخصة فهي اسم لما تغير عن الأمر الأصلي؛ لعارض إلى تخفيف وتيسير([65])، ترفيها وتوسعة على أصحاب الأعذار، سواء كان التغيير في وصفه، أو في حكمه). اهـ
وقال الفقيه الأزهري / في «معجم تهذيب اللغة» (ج2 ص1385): (والرخصة: ترخيص الله للعبد في أشياء خففها عنه). اهـ
قلت: فمفهوم الرخصة؛ ما ثبت على خلاف دليل شرعي؛ لمعارض راجح، فليزم الوقف على حصول الراجح تيسيرا للمكلف في دينه.
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج1 ص204): (الرخصة؛ فما شرع لعذر شاق، استثناء من أصل كلي يقتضي المنع، مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه). اهـ
وهذا من خصائص الرخص: أنها أحكام جزئية خاصة، شرعت على أحكام، فجواز الفطر للمريض، والمسافر، وإباحة الميتة للمضطر، والنطق بكلمة الكفر للمكره وغير ذلك؛ كلها أحكام جزئية خاصة؛ لأنها تطبق في شأن بعض المكلفين في بعض الحالات، وهي حالات السفر، والمرض، والإكراه، والضرورة، وهذه الأحكام الجزئية الخاصة تعد استثناء من أحكام كلية عامة تمنع الفطر في رمضان، وأكل الميتة، والنطق بكلمة الكفر، وتطبق على وجه العموم والإطلاق.([66])
قلت: وهذه الأحكام وغيرها يقتصر فيها على موضع الحاجة والضرورة؛ ذلك أنها أحكام جزئية خاصة، فهي أحكام تخص بعض المكلفين دون بعض، وتطبق في حالات خاصة.([67])
وبذلك كانت دائرة مع أسبابها وجودا وعدما، فإذا وجدت أسباب الترخيص جازت مخالفة التكليف الكلي العام.
وإذا انتفت هذه الأسباب وجب الرجوع إلى هذه الأحكام، فأسباب الترخيص تمنع من التكليف ببعض الأحكام الكلية العامة، أو تجيز مخالفته مع قيامه، وتمنع من العقاب على هذه المخالفة.([68])
والرخصة: باعتبار متعلقها الذي هو فعل المكلف، تكون واجبة، ومندوبة، ومباحة، وخلاف الأولى، وهو رأي جمهور الأصوليين الذين يقولون: إن الرخصة قد تكون مطلوبة الفعل على وجه اللزوم، أو على وجه الندب والاستحباب.([69])
1) فتكون واجبة كأكل المضطر مما حرم الله من المأكولات، وشربه مما حرم من المشروبات، فإن هذا الحكم ثبت بدليل، وهو قوله تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195] مع قوله تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173] وأصل حكمها الحرمة؛ لقوله تعالى: ]حرمت عليكم الميتة[ [المائدة: 3].
قلت: فوجوب أكل الميتة للمضطر رخصة؛ لأنه ثبت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر، وهو الاضطرار إلى الأكل لحفظ الحياة، والحكم هنا وإن تغير من صعوبة، وهي الحرمة، إلى صعوبة وهي الوجوب، إلا أن وجوب الأكل موافق لغرض النفس في بقائها، ففيه سهولة من هذه الناحية، وسبب الحكم الأصلي: الخبث، ولذلك كان حراما.
2) وتكون الرخصة مندوبة؛ كالقصر في الصلاة الرباعية في السفر.
3) وتكون الرخصة مباحة؛ مثل: إباحة العرايا، والعرايا: بيع الرطب على رؤوس الأشجار خرصا بالتمر القديم، والخرص: التقدير.
قلت: فيشتري رطبها منه بتمر يابس، فإباحة العرايا حكم ثبت بقوله ه: (رخص في العرايا بخرصها) ([70])، وهذا الدليل مخالف للدليل على حرمة الربا، وهذه المخالفة جوزت للحاجة إليها، استثناء من شرط التماثل أو المساوة في البيوع الربوية، والتمر مال ربوي، والرطب ينتقص إذا جف فلم تتحقق المماثلة المطلوبة شرعا.
4) وتكون الرخصة خلاف الأولى وتركها أفضل؛ كفطر المسافر في نهار رمضان الذي لا يشق عليه الصوم مشقة قوية.([71])
قلت: فإذا عرض للمكلف ما يجعل العمل بالحكم الكلي ضررا شاقا، أو متعذرا؛ فإن الشارع يعتبرها ضرورة تبيح مخالفة الأحكام الكلية، ويستبدل بها أحكاما استثنائية، بها يتمكن المكلف من تأدية ما وجب عليه ولو في الجملة، وتزول هذه الأحكام الاستثنائية بزوال أسبابها، فيرخص الله تعالى للمكلف أن يترك الحكم المطالب به، إلى حكم طارئ تيسيرا، ورفعا للحرج، والمشقة بالرخصة دفعا للضرر مثل: تزويج المرأة المهاجرة لوحدها بنفسها في دار هجرتها دون وليها لتعذر وجود وليها([72]) معها دفعا للضرر عنها في حياتها.([73])([74])
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة: 195].
قلت: وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء([75]) قاعدة هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وهي تعد من فروع القاعدتين الكليتين: «إذا ضاق الأمر اتسع»، و«الضرر يزال»([76])، وقد فرعوا على هذه القاعدة، وما يتصل بها فروعا كثيرة.([77])
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[ [المائدة: 6] .
قلت: وهذه الآيات تدل على عدم وقوع المشقة غير المألوفة في التكاليف الشرعية.([78])
قال الفقيه الطبري / في «جامع البيان» (ج2 ص91): (يريد ربكم أيها المؤمنون –بما شرع لكم- التخفيف، والتسهيل عليكم، ولا يريد بكم الشدة، والمشقة عليكم).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج3 ص470): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي: من ضيق وشدة، ما جعل عـليـهم حرجا بتكليـف ما يشق عليهم، ولكن كلـفهم بما يقدرون عليه، ورفع عنهم التكاليف التي فيها حرج). اهـ
وقال الفقيه ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج7 ص115): (الله تعالى يقول: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78]([79])، وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] ولا حرج، ولا عسر، ولا تكليف ما ليس في الوسع). اهـ
وقال الفقيه العز بن عبد السلام / في «شجرة المعارف» (ص401): (أخبرنا ربنا أنه يريد بنا اليسر؛ أي: التخفيف والتسهيل، ولا يريد بنا العسر؛ أي: الشدة والمشقة، وأنه ربنا رحيم، تواب حكيم.
وليس من آثار اللطف والرحمة، واليسر والحكمة أن يكلف عباده المشاق بغير فائدة عاجلة، ولا آجلة). اهـ
قلت: فالدين أسس على اليسر([80]) والرفق، والعطف والتخفيف، والعذر هو الأصل في ذلك.([81])
قال تعالى: ]فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم[ [البقرة: 173] .
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28] .
وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286]؛ والمراد بالوسع هو: الطاقة والاستطاعة.
قلت: والذي رجحه المفسرون: عموم التخفيف في الشريعة، بناء على ضعف الانسان أمام رغباته، وأمام مغريات الحياة وشهواتها، بالرحمة واليسر، ورفع المشقة، وإزالة الضرر.([82])
قال الإمام الزركشي / في «المنثور» (ج3 ص396): (الأخذ بالرخص والعزائم في محلها مطلوب راجح؛ فإذا قصد بالرخصة([83]) قبول فضل الله تعالى كان أفضل، وفي الحديث الصحيح: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يحب أن تؤتى عزائمه)؛ إذا ثبت هذا فمطلوب الشرع الوفاق، ورد الخلاف إليه). اهـ
قلت: ومن القواعد الكلية في التشريع الإسلامي: «المشقة تجلب التيسير».
وهي قاعدة متأصلة في أحكام الشرع الإسلامي يدل على تأصيلها([84])، كقوله تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185]، وقوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78].
قال الفقيه ابن نجيم / في «الأشباه والنظائر» (ص75): (قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته). اهـ
قلت: فكل مأمور يشق على العباد فعله سقط الأمر به، وكل منهي شق عليه اجتنابه سقط النهي عنه.([85])([86])
فهذا الأمر يقع في الحرج، والحرج منفي في الشريعة المطهرة، لأن رفع الحرج من مقاصد الشريعة، وإن الشرع لم يأت بما يشق أو يعنت، بل شرع من الأحكام الأصلية، والرخص ما يتناسب مع أحوال المكلفين.
قلت: وإذا انتفت هذه الأسباب وجب الرجوع إلى هذه الأحكام، فأسباب الترخيص تمنع من التكليف ببعض الأحكام الكلية العامة، أو تجيز مخالفته مع قيامه، وتمنع من العقاب على هذه المخالفة، لأن ذلك ضرورة.([87])
قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر: 17]؛ أي: سهلناه للناس في أحكامه.
وعن أبي هريرة t، عن النبي ه قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).([88])
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج1 ص101): (سمى الدين يسرا مبالغة بالنسبة إلى الأديان قبله، لأن الله رفع عن هذه الأمة الإصر الذي كان على من قبلهم). اهـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ه قال: (أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة).([89])
وبوب البخاري / في «صحيحه» (ج1 ص23)؛ باب: الدين يسر.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خير رسول الله ه بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر؛ إلا اختار أيسرهما).([90])
قال الفقيه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83): (وما خير رسول الله ه بين أمرين، إلا اختار أيسرهما)؛ فيه استحباب الأخذ بالأيسر، والأرفق). اهـ
وبوب عليه النووي / في «المنهاج» (ج15 ص83)؛ باب: مباعدته ه للآثام واختياره من المباح أسهله.
وقال الفقيه القرطبي / في «المفهم» (ج6 ص118): (قولها: «وما خير رسول الله ه بين أمرين، إلا اختار أيسرهما»؛ تعني: أنه كان إذا خيره أحد في شيئين يجوز له فعل كل واحد منهما، أو عرضت عليه مصلحتان؛ مال للأيسر منهما، وترك الأثقل أخذا بالسهولة لنفسه، وتعليما لأمته). اهـ
وعن ابن عباس ط قال: (خذ بأيسرهما عليك)، قال الله تبارك وتعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185] .([91])
وعن مجاهد / قال: (خذ بأيسرهما عليك فإن الله لم يرد إلا اليسر).([92])
وعن النبي ه قال: لمعاذ بن جبل، وأبي موسى الأشعري، لما بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا).([93])
قلت: فمن كان يفتي الناس؛ فينبغي أن يكون شعاره التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، اتباعا لوصية النبي ه لمعاذ، وأبي موسى رضي الله عنهما.
وهذا يجعل العالم يستحضر الرخص، فإن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه، ويقدر الأعذار والضرورات، ويبحث عن التيسير، ورفع الجرح، والتخفيف على العامة([94]): ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
قلت: وقد رخص الشارع في النطق بالقول الكذب عند الضرورة والحاجة.
فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وكانت من المهاجرات الأول، اللاتي بايعن النبي ه، أخبرته، أنها سمعت رسول الله ه ، وهو يقول: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرا وينمي خيرا). قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.([95])
قلت: رغم أن الكذب من قبائح الذنوب، وفواحش القلوب، وآفات اللسان، ومن علامات عدم الإيمان، بشهادة القرآن نفسه: ]إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله[ [النحل: 105]، وبتأكيد من النبي ه نفسه، فقد رخص الشارع الحكيم في الحالات الثلاث التي نص عليها الحديث، لما فيها من جلب مصلحة، أو درء مفسدة.([96])
قلت: ووجدنا هذا التيسير في التطبيق العملي لدى النبي ه ، وصحابته y في منهج التيسير على أنفسهم وعلى غيرهم، ومن ذلك في جواز أن تزوج المرأة نفسها بدون وليها في دار الهجرة.([97])
وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ]وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم[ [النور: 32].
قلت: فأمر الله تعالى بالزواج من المسلمين الصالحين.
2) وقال تعالى: ]فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها[ [الأحزاب: 37].
قلت: وهذه الآية تدل أن النبي ه تزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها بأمر الله تعالى له، وقد تزوجها النبي ه بدون ولي للضرورة الشرعية، وهذا يدل على الجواز للحاجة الماسة لمثل هذا الزواج لرفع الحرج عن الزوجين في الإسلام.
فعن أنس بن مالك t قال: (لما انقضت عدة زينب رضي الله عنها ... جاء رسول الله ه ، فدخل عليها بغير إذن ... الحديث).([98])
وعن أنس بن مالك t قال: (إن زينب بنت جحش رضي الله عنها كانت تقول: زوجني الله تعالى من فوق سبع سموات). أي: بدون ولي.([99])
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج6 ص198): (قوله تعالى: ]فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها[ [الأحزاب: 37]؛ الوطر: هو الحاجة والأرب، أي: لما فرغ منها، وفارقها، زوجناكها، وكان الذي ولي تزويجها منه هو الله، عز وجل، بمعنى: أنه أوحى إليه أن يدخل عليها بلا ولي([100])، ولا مهر، ولا عقد، ولا شهود من البشر). اهـ
3) وقال تعالى: ]يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة([101]) مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما[ [الأحزاب: 50].
4) وعن سهل بن سعد الساعدي t: أن امرأة عرضت نفسها على النبي ه. فذكر الحديث، والرجل الذي خطبها، فقال له رسول الله ه: (أملكناكها بما معك من القرآن). وفي رواية: (فقد ملكتكها بما معك من القرآن). وفي رواية: (فعلمها من القرآن). وفي رواية: (قد أنكحتكها). وفي رواية: (فقد زوجتكها).([102])
قال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج12 ص424): (فصح أنها ألفاظ كلها قالها عليه الصلاة والسلام معلما لنا ما ينعقد به النكاح). اهـ
قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي ه هو الذي ولي تزويجها من الرجل، وأنه يدخل عليها بلا ولي من أهلها، ولا شهود، وتم الزواج هكذا، مما يدل الجواز للضرورة الشرعية لرفع الحرج بين الرجل والمرأة عند الصحابة y.([103])
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص915): باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح.
5) وعن أم سلمة، زوج النبي ه، تقول: سمعت رسول الله ه، يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} [البقرة: 156]، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها، قالت: فلما توفي أبو سلمة، قلت: كما أمرني رسول الله ه، فأخلف الله لي خيرا منه، رسول الله ه، قالت: فتزوجت رسول الله ه). وفي رواية: (فجاء رسول الله ه فخطبني، فتزوجته). ([104])
قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي ه تزوج أم سلمة رضي الله عنها بدون ولي، لأن لم يكن لها ولي حاضرها، وابنها عمر بن أبي سلمة رضي الله عنها ليس بولي لها، لأنه كان طفلا لا يعتبر به، وهو غير بالغ في الإسلام، وهذا الزواج على هذه الطريقة يدل على الجواز للضرورة الشرعية، ولرفع الحرج عن الزوجين في الدين.([105])
6) وعن يزيد بن الأصم، حدثتني ميمونة بنت الحارث، (أن رسول الله ه تزوجها وهو حلال). وفي رواية: (تزوجني رسول الله ه بسرف ونحن حلالان).([106])
قلت: فهذا يدل على أن النبي ه قبل زواج ميمونة رضي الله عنها بدون ولي لها، ولم يكن أحد من أوليائها حاضرا، وهذا يدل على الجواز للضرورة.([107])
7) وعن جابر بن عبد الله t عن النبي ه قال: (عليكم برخصة الله الذي رخص لكم).([108])
قال الإمام ابن دقيق العيد / في «إحكام الأحكام» (ج2 ص225): (وقوله ه: (عليكم برخصة الله التي رخص لكم)؛ دليل على أنه يستحب التمسك بالرخصة إذا دعت الحاجة إليها. ولا تترك على وجه التشديد على النفس والتنطع والتعمق). اهـ
8) وعن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: (هاجر عبيد الله بن جحش بأم حبيبة بنت أبي سفيان، وهي امرأته، إلى أرض الحبشة، فلما قدم أرض الحبشة مرض، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى رسول الله، عليه الصلاة والسلام، فتزوج رسول الله، عليه الصلاة والسلام، أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبعث معها النجاشي شرحبيل ابن حسنة، فأهداها إلى رسول الله، عليه الصلاة والسلام).
أثر حسن
أخرجه أبو بكر النيسابوري في «الزيادات على كتاب المزني» (ص476)، وابن حبان في «صحيحه» (6027) من طريق ابن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعه معمر، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها به.
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص59)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص234) من طريق موسى بن إسماعيل عن عبد الله بن المبارك عن معمر بهذا الإسناد.
قلت: وهذا سنده حسن.
والحديث صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص407).
وأخرجه البيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص54)، وفي «السنن الكبرى» (ج7 ص232)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص357)، وأبو بكر النيسابوري في «الزيادات على كتاب المزني» (ص477)، وأحمد في «المسند» (27408)، والنسائي في «السنن الكبرى» (5486)، وأبو داود في «سننه» (2086)، و(2107)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج13 ص60)، والطبراني في «المعجم الكبير» (402) من عدة طرق عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أم حبيبة: (أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فهلك عنها، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة، فزوجها النجاشي إلى رسول الله، عليه الصلاة والسلام، وهي عندهم).
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وذكره ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص406 و407).
قلت: وهذا الحديث يدل على أن النبي ه تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان بغير ولي؛ لأن الولي وهو أبو سفيان كان كافرا([109]) في ذلك الوقت، وهذه ضرورة للمرأة المهاجرة؛ لأن أم حبيبة رضي الله عنها كانت من المهاجرات.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص42): (معنى قوله: (زوجها النجاشي)؛ أي: ساق إليها المهر، فأضيف عقد النكاح إليه لوجود سببه منه، وهو المهر). اهـ
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص30): (إنما ساق النجاشي المهر عن رسول الله ه ؛ فأضيف التزويج إليه).اهـ
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص30): (كان أبوها أبو سفيان كافرا لا ولاية له على مسلمة). اهـ
9) وعن القاسم بن محمد: (أن عائشة أنكحت حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر؛ المنذر بن الزبير، وعبد الرحمن غائب، فلما قدم عبد الرحمن غضب وقال: أي عباد الله، أمثلي يفتات عليه في بناته؟، فغضبت عائشة، وقالت: أترغب عن المنذر!). وفي رواية: (فقال عبد الرحمن: ما كنت لأرد أمرا قضيته، فقرت حفصة عند المنذر).([110])
قلت: فأمضى عبد الرحمن بن أبي بكر النكاح الذي عقدته عائشة رضي الله عنها الذي بدونه، ولم يبطله؛ فدل على جواز نكاح المرأة بغير ولي عند غياب الولي، وسواء رضي بهذا الزواج، أو لم يرض، وذلك للضرورة الشرعية، فلم تر عائشة رضي الله عنها أن ذلك مبطلا لذلك النكاح.([111])
وبوب الحافظ ابن أبي شيبة / في «المصنف» (ج6 ص13)؛ من أجازه بغير ولي ولم يفرق.
قلت: فصح عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكحت بنت أخيها: عبد الرحمن بن أبي بكر، وهي بكر –وهو مسافر بالشام- بغير أمره، فلم يمضه أولا، بل أنكر ذلك إذ بلغه.
قلت: فلم تر عائشة رضي الله عنها أن ذلك مبطلا ذلك النكاح، بل قالت للذي تزوج، وهو المنذر بن الزبير: اجعل أمرها إليه، ففعل، فأنفذه عبد الرحمن بن أبي بكر.([112])
قال الإمام الطحاوي / في «شرح معاني الآثار» (ج3 ص11): (فلما كانت عائشة رضي الله عنها قد رأت أن تزويجها بنت عبد الرحمن بغيره جائز , ورأت ذلك العقد مستقيما حتى أجازت فيه التمليك الذي لا يكون إلا عن صحة النكاح وثبوته). اهـ
قلت: فلا يعترض على هذا إلا جاهل، أو مدافع للحق بالباطل.
10) وعن هزيل بن شرحبيل: (أن امرأة زوجتها أمها وخالها، فأجاز علي نكاحها). وفي رواية: (أليس قد دخل بها ؟ فالنكاح جائز). وفي رواية: (فجاء أولياؤها فخاصموا زوجها إلى علي بن أبي طالب، فأجاز النكاح).([113])
قال الحافظ البيهقي / في «الخلافيات» (ج6 ص37): (وهذا إن صح فكأن السلطان زوجها بمسألة الكتاب وأبوها غائب ، وذلك جائز عندنا). اهـ
قلت: فجوز علي بن أبي طالب t زواج المرأة بغير ولي لغيابه، وذلك للضرورة الشرعية، والحاجة الماسة لها.
قال الإمام ابن المنذر / في «الأوسط» (ج8 ص256): (وفيه قول ثان وهو أن الولي أو السلطان إذا أجازه جاز، وإن عقد بغير ولي، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب، وابن سيرين، والقاسم بن محمد). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج16 ص42): (ورووا عن علي أنه كان يجيز النكاح بغير ولي). اهـ
قلت: فإذا رفع إلى القاضي تزويج امرأة بغير ولي خاصة إذا الزوج دخل بها أمضاه لرفع الحرج عن الزوجين؛ لأن يجوز للمرأة أن تزوج نفسها للضرورة في دار هجرتها.
11) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد، أو سلطان).([114])
قلت: فإذا فقدت المرأة المهاجرة الولي زوجها السلطان أو القاضي.([115])
وإذا كانت المرأة في منطقة لا سلطان فيها فلا بأس إذا كان هكذا أن تستخلف على نفسها من يزوجها من المسلمين ويجوز ذلك للضرورة الشرعية.([116])
قال الإمام محمد بن الحسن /: (وإذا تزوجته المرأة فولت أمرها رجلا من المسلمين، فزوجها كفؤا فهو جائز، وذلك بمنزلة تزويجها نفسها، وكذلك لو زوجها امرأة، أو عبد فأجازت ذلك كان جائزا).([117])
قلت: وهذا يكون للضرورة القصوى للمرأة المهاجرة، أو المحتاجة لذلك الزواج.
قال أبو سليمان داود الظاهري /: (وأما الثيب فتولي أمرها من شاءت من المسلمين ويزوجها([118])، وليس للولي في ذلك اعتراض).([119])
قلت: بشرط أن يكون الزوج من أهل الكفاءة، وكون هذا الزواج بهذه الكيفية؛ يعني: بغير إذن الولي عند الضرورة كما بينا فيما سبق.
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص910): باب الأكفاء في الدين
قلت: وإذا استأذنت المرأة المهاجرة وليها في الزواج من رجل كفؤ وهو في بلد آخر، فرفض الزواج، فيجوز لها أن تزوج نفسها بدون إذنه ضرورة لها؛ أي: لما يلحقها من الأضرار في دار هجرتها بغير زوج، ويزوجها السلطان أو القاضي في بلد هجرتها.
قال الإمام ابن حزم / في «المحلى» (ج12 ص392): (ومعنى ذلك: أن يأذن لها في الزواج، فإن أبى أولياؤها من الإذن لها: زوجها السلطان). اهـ
قلت: فيجوز للمرأة أن تنكح في هذه الحالة بغير إذن وليها لحاجتها الماسة لهذا الزواج.([120])
فعن معمر أنه قال له: سألت الزهري عن الرجل يتزوج بغير ولي؟ فقال: (إن كان كفؤا لها لم يفرق بينهما).([121])
وقال الإمام أبو يوسف /: (إن تزوجت بغير ولي فأجازه الولي جاز، فإن أبى أن يجيز والزوج كفؤ أجازه القاضي).([122])
وقال الإمام محمد بن الحسن /: (إن لم يجزه الولي استأنف القاضي فيه عقدا جديدا).([123]) اهـ
قلت: فعند الضرورة لا يجوز للولي أن يعترض على الزواج، فإن اعترض، فيجوز للقاضي أو غيره أن يزوج المرأة بغير إذنه؛ للقاعدة الفقهية: (الضرر يزال).
قال الإمام أبو حنيفة /، والإمام زفر /: (جائز للمرأة أن تزوج نفسها كفؤا، ولا اعتراض لوليها في ذلك).([124]) اهـ
وبوب الحافظ البخاري / في «صحيحه» (ص918): باب: السلطان ولي.
قال الفقيه علاء الدين السمرقندي / في «تحفة الفقهاء» (ص290): (وكذلك المرأة إذا طلبت من الولي التزويج من كفء([125])؛ فامتنع الولي؛ فإنه يصير عاضلا وتثبت الولاية للسلطان). اهـ
وقال الفقيه علاء الدين السمرقندي / في «تحفة الفقهاء» (ص290): (حتى إن المرأة العاقلة إذا زوجت نفسها من كفء بمهر وافر فإنه يجوز). اهـ
12) وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه قال، لأم حكيم بنت قارظ: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم، فقال: قد زوجتك).([126])
قلت: فزوجت نفسها لعبد الرحمن بن عوف t بدون ولي للضرورة الشرعية، وهذا واضح في قصة زواجهما.
13) وعن المغيرة بن شعبة t: (أراد أن يتزوج امرأة وهو وليها فجعل أمرها إلى رجل المغيرة أولى منه فزوجه).([127])
قلت: وهذا يدل أن المغيرة بن شعبة t تزوج المرأة بدون ولي للضرورة والحاجة.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج9 ص188): باب: إذا كان الولي هو الخاطب.
14) وعن معمر، قال: (سألت الزهري عن الرجل يتزوج بغير ولي قال: إن كان كفوا لم يفرق بينهما). ([128])
قلت: وأمضى الإمام الزهري / نكاح المرأة بغير ولي للضرورة الشرعية، بشرط أن يكون صالحا في نفسه.
15) وعن معمر، قال: (سألت الزهري عن امرأة تزوج بغير ولي، فقال: إن كان كفؤا جاز).([129])
قلت: فإن كان كفؤا هذا الزوج، فيجوز أن يتزوجها بدون ولي، من أجل الضرورة.
16) وعن عامر الشعبي /، قال: (إذا كان كفؤا جاز).([130]) يعني: بغير ولي.
قال الإمام ابن المنذر / في «الأوسط» (ج8 ص266): (وفيه قول ثالث: وهو أنها إذا تزوجت بغير إذن وليها كفؤا فهو جائز، كذلك قال الشعبي، والزهري). اهـ
قلت: إن كان الزوج كفؤا، ولها من أمرها نصيب، فيجوز للمرأة أن تزوج نفسها بغير ولي للضرورة الشرعية، ورفع الحرج عنها، ودفع المشقة عنها في حياتها في دار هجرتها.([131])
قال الإمام أبو حنيفة /، والإمام زفر /: (جائز للمرأة أن تزوج نفسها كفؤا، ولا اعتراض لوليها في ذلك).([132]) اهـ
قلت: وهذا الحكم يكون أفضل للضرورة الشديدة للمرأة لزواجها في دار هجرتها.
17) وعن مصعب، قال: سألت مولى ابن عبد الله بن يزيد، فقال: (يجوز في المرأة تزويج بغير ولي).([133])
قلت: وهذا الحكم للضرورة الشرعية.
قال الفقيه ابن مودود / في «المختار» (ج3 ص102): (وعبارة النساء معتبرة في النكاح حتى لو زوجت الحرة العاقلة البالغة نفسها جاز). اهـ
وقال الفقيه المرغيناني / في «الهداية» (ج2 ص474): (وينعقد نكاح الحرة العاقلة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي بكرا كانت أو ثيبا عند أبي حنيفة وأبي يوسف). اهـ
18) وعن أيوب السختياني؛ في امرأة لا ولي لها ولت رجلا أمرها فزوجها قال: (كان ابن سيرين يقول: لا بأس به، المؤمنون بعضهم أولياء بعض).([134])
19) وعن ابن جريج قال: (قلت لعطاء: امرأة نكحت رجلا بغير إذن الولاة، وهم حاضرون، فبنى بها قال: وأشهدت؟ قال: نعم قال: أيما امرأة مالكة لأمرها، إذا كان شهداء فإنه جائز دون الولاة، ولو أنكحها الولي كان أحب إلي، ونكاحها جائز).([135])
20) وعن المطرف بن طريف عن عامر الشعبي /: (أنه سئل عن رجل تزوجت ابنته، وهو غائب فجاء فأنكر، فقال: عامر الشعبي: أدخل بها؟، قال: نعم، قال: فليسكت). وفي رواية: (امرأة، تزوجت وأبوها غائب، فدخل بها زوجها، فقال الشعبي: أما إذا كان دخل بها زوجها فليسكت).([136]) أي: أبوها.
قلت: فأمضى الإمام عامر الشعبي / الزواج بدون ولي في غيابه، وأمر الولي بالسكوت، وعدم اعتراضه على زواج ابنته، لأن النكاح يعتبر صحيحا في الشرع.
قال الإمام محمد بن الحسن / في «الحجة» (ج3 ص115): (وقد جاءت الآثار في تزويج المرأة نفسها من غير واحد من أصحاب رسول الله ه عن علي t، وغيره). اهـ
قلت: ولا يجوز النكاح إلا باسم الزواج، أو النكاح، أو التمليك.([137])
وإليك الدليل:
قال تعالى: ]فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها[ [الأحزاب: 37].
وعن سهل بن سعد الساعدي t: أن امرأة عرضت نفسها على النبي ه. فذكر الحديث، والرجل الذي خطبها، فقال له رسول الله ه: (أملكناكها بما معك من القرآن). وفي رواية: (فقد ملكتكها بما معك من القرآن). وفي رواية: (فقد زوجتكها، فعلمها من القرآن). وفي رواية: (قد أنكحتكها).([138])
قال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج12 ص424): (فصح أنها ألفاظ كلها قالها عليه الصلاة والسلام معلما لنا ما ينعقد به النكاح). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج12 ص424): (ولا يجوز النكاح إلا باسم الزواج أو النكاح، أو التمليك، أو الإمكان). اهـ
وقال الفقيه ابن مودود / في «الاختيار» (ج3 ص95): (وركنه الإيجاب والقبول؛ لأن العقد يوجد بهما، وركن الشيء ما يوجد به كأركان البيت، وينعقد بلفظين ماضيين كقوله: زوجتك، وقول الآخر: تزوجت، أو قبلت ; لأن هذا اللفظ يستعمل للإنشاء شرعا؛ للحاجة، ولا خلاف فيه. أو بلفظين: أحدهما ماض، والآخر مستقبل، كقوله: زوجني، فيقول: زوجتك؛ لأن قوله: زوجني توكيل، والوكيل يتولى طرفي النكاح على ما نبينهنه، وينعقد بلفظ النكاح والتزويج؛ لأنهما صريح فيه([139]». اهـ
قلت: فحق المرأة في المطالبة بالزواج إذا بلغت مبلغ النكاح([140])، وتقدم لها خاطب، ولم يرض وليها بسبب من الأسباب، وكان كفؤا لها دينا ذا خلق حسن([141])، فإن للمرأة أن تطالب وليها([142]) بالزواج الحلال تعف نفسها بالطريقة الشرعية([143])، لذا ينبغي لكل امرأة أحست بالحاجة إلى الزواج، والرغبة فيه أن تطلب من وليها ذلك([144])، وأن تصارحه ولا تكتم عليه شيئا.([145])
قلت: والزواج من سنن المصطفى ه ([146])، ولذلك تزوج ه، وزوج بناته رضي الله عنهن، ومن سنن الأنبياء عليهم السلام قبله([147])؛ منذ خلق الله تعالى البشر إلى يوم الدين.([148])
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،
وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك
على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة...................................................................................................... |
05 |
2) |
ذكر الدليل على أن المرأة المهاجرة عند زواجها تزوج نفسها بدون وليها للضرورة القصوى لها في بلد الهجرة؛ لما يلحقها من المشقات والمضرات في عدم زواجها بشرط أن يكون الزوج من المسلمين الصالحين الذي يقوم بأمرها ومصالحها الدينية والدنيوية، فيزوجها القاضي، أو الخطيب، أو الإمام، أو غير ذلك على حسب البلد في القوانين، وحسب المصلحة لها تيسيرا لها لأمور حياتها في دار هجرتها................................................................. |
30 |
3) |
ذكر الدليل على تيسير الله تعالى الدين لجميع الخلق....................................................................................................... |
30و31 |
4) |
ذكر الدليل على أن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه في الدين ................................................................................................................... |
31 و32 و33 |
5) |
ذكر الدليل على أن الرخصة أصلها التخفيف عن المكلف.......... |
34 |
6) |
ذكر الدليل على أن الرخصة قد تكون واجبة، ومندوبة، ومباحة.................................................................................................... |
39 و40 |
7) |
قاعدة هامة من قواعد الأصول، وهي: «الضرورات تبيح المحظورات»............................................................................................. |
41 |
8) |
ذكر الدليل على أن الدين أسس على اليسر، والتخفيف والرفق...................................................................................................... |
43 |
9) |
الدليل الأول............................................................................................ |
49 |
10) |
الدليل الثاني......................................................................................... |
49 |
11) |
الدليل الثالث......................................................................................... |
51 |
12) |
الدليل الرابع......................................................................................... |
51 |
13) |
الدليل الخامس...................................................................................... |
52 |
14) |
الدليل السادس....................................................................................... |
53 |
15) |
الدليل السابع........................................................................................ |
54 |
16) |
الدليل الثامن........................................................................................ |
54 |
17) |
الدليل التاسع......................................................................................... |
56 |
18) |
الدليل العاشر........................................................................................ |
58 |
19) |
الدليل الحادي عشر............................................................................. |
59 |
20) |
الدليل الثاني عشر ............................................................................... |
63 |
21) |
الدليل الثالث عشر.............................................................................. |
63 |
22) |
الدليل الرابع عشر................................................................................. |
64 |
23) |
الدليل الخامس عشر.......................................................................... |
64 |
24) |
الدليل السادس عشر............................................................................. |
65 |
25) |
الدليل السابع عشر............................................................................... |
66 |
26) |
الدليل الثامن عشر............................................................................... |
66 |
27) |
الدليل التاسع عشر............................................................................. |
66 |
28) |
الدليل العشرون...................................................................................... |
67 |
([1]) أما لأن وليها ليس بمسلم فليس له ولاية، أو ميت، أو بعيد عنها في بلد آخر، أو مبتدع ليس له ولاية، أو غير ذلك.
([2]) فهذا الحكم تغير إلى سهولة للعذر الطارئ للمرأة المهاجرة، لأن لم يبق لها إلا الإباحة في تزويج نفسها من دون الولي لتعذر وجوده في البلد، وهذا الحكم يختص فقط بالمرأة المهاجرة، والمرأة المحتاجة إليه، فنتبه.
([5]) وهي الرخص العارضة للأفراد في حالة الضرورة أو عند المشقة، وأو عند الحاجة، وهي الرخص التي اعتنى بها الفقهاء، بل اقتصروا عليها في تمثيل الرخصة اعتمادا على الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173]، في إباحة أكل الميتة للمضطر.
([6]) وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص84)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص85)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص263)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج1 ص45).
قال القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج6 ص108): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي من ضيق في الدين). اهـ
([9]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة، فجعل الله تعالى الدين واسعا حين رخص في أحكامه.
انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).
([10]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص250)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص108)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص498).
([12]) فالإنسان عابد لله تعالى بالرخصة، وما يكون محققا لهذه العبودية في استمرار وإحسان، ومتابعة لسنة النبي ه، ومنها التوازن، واختيار الأيسر حفاظا على النفس، وأداء في حدود الطاقة، فهو الأولى بالاتباع.
([13]) فتكليف النفس أكثر من وسعها خارج عن المعتاد؛ أي: هذه المشقة خارجة عن المعتاد.
قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].
ويترتب عليها سقوط الواجب، أو تأخيره إلى أن تزول المشقة، طبقا للقاعدة: (المشقة تجلب التيسير).
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ص12)، ووصله في «الأدب المفرد» (387)، وأخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص236)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص227)، وفي «المعجم الأوسط» (1006)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (569)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص291)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (4098)، و(4099)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص293) من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند ابن المنذر في «تفسيره» (ج1 ص293).
وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص127): إسناده حسن.
وكذا حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج1 ص94).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص724).
([16]) وهذا التفويت للحكم في بعض الوقت لما يجر من منفعة أكبر للمكلف ... فهو من باب الإقدام على الفعل الممنوع ضرورة؛ لتخفيف مقصد شرعي فيه نفع أكبر للمكلف، ويعتبر توسعة للناس ورحمة لهم.
قال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
([17]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1428)، والنسائي في «السنن الكبرى» (6908)، وأحمد في «المسند» (ج19 ص80)، و(ج20 ص326)، و(ج21 ص195)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج8 ص105)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج24 ص49)، وأبو يعلى في «المسند» (3332).
([18]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (7420)، والترمذي في «سننه» (3213)، وأحمد في «المسند» (ج19 ص492)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص417)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1205)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص57).
([19]) قلت: وليس هذا خاص بالرسول ه ، لأن الرسول ه تزوج بدون ولي مرارا، وتزوج صحابته كذلك بدون ولي مرارا للضرورة الشرعية، وهذا مما يدل على أن ذلك ليس بخاص بالرسول ه، فتنبه.
([20]) قلت: والمرأة هذه مهاجرة عرضت نفسها للزواج للضرورة الشرعية لها، فرخص لها في الزواج بدون ولي، وشهود لحاجتها الماسة لمثل هذا الزواج، وهي: «خولة بنت حكيم» رضي الله عنها.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص212 و213)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج12 ص85)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج7 ص55).
([21]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5029)، و(5087)، و(5121)، و(5149)، ومسلم في «صحيحه» (1425)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص76)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص424 و425).
([23]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (918)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص309)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص236)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5755)، والطيالسي في «المسند» (809)، والطبراني في «المعجم الكبير» (550)، و(692)، و(957)، وفي «الدعاء» (1231)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص178) من طرق عن أم سلمة رضي الله عنها به.
قلت: ولا يصح إلا هذا اللفظ في حديث أم سلمة رضي الله عنها؛ لأن الألفاظ الأخرى فيها اختلاف في الأسانيد، فتنبه.
([24]) وانظر: «مشكل الآثار» للطحاوي (ج14 ص456 و457).
قلت: عمر بن أبي سلمة t كان صغيرا يوم عقد النبي ه على زواج أمه رضي الله عنها، فانتبه.
([25]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1461)، وأبو داود في «سننه» (843)، والترمذي في «سننه» (845)، والنسائي في «السنن الكبرى» (5383)، وابن ماجه في «سننه» (964)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص332).
([26]) وانظر: «مشكل الآثار» للطحاوي (ج14 ص450 و451).
قلت: ولا يصح حديث تزويج العباس t ميمونة رضي الله عنها لرسول الله ه مع أنه ليس بولي لها، فتنبه.
([28]) وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج8 ص292)، و«الإجماع» له (ص352)، و«المغني» لابن قدامة (ج9 ص377)، و«الأم» للشافعي (ج50 ص24)، و«الأموال» لأبي عبيد (ص228)، و«أحكام أهل الملل» للخلال (ص148)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص493)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص223).
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص15)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج3 ص112)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج3 ص11)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص38)، وفي «السنن الكبرى» (ج7 ص176)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص400)، ومالك في «الموطأ» (ق/154/ط)؛ رواية: ابن بكير.
وإسناده صحيح.
([30]) وانظر: «المحلى بالآثار» لابن حزم (ج12 ص393)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج8 ص292)، و«الإشراف» له (ج3 ص23)، و«المبسوط» للسرخسي (ج5 ص10).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص197)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص36)، وفي «السنن الكبرى» (ج7 ص112)، وابن حزم في «المحلى» (ج7 ص112)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص276)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج8 ص266)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج3 ص121)، وابن عبد البر في «الاستذكار» (ج16 ص42).
وإسناده حسن.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (10483)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج8 ص313)، والمزني في «حديثه» (ق/407/ط)، والدارقطني في «السنن» (3481)، وسعيد بن منصور في «السنن» (553)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص272)، والشافعي في «الأم» (ج6 ص57)، وفي «المسند» (ج1 ص40)، والبغوي في «شرح السنة» (2264)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص112).
وإسناده حسن.
وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج6 ص251)، وحسنه ابن حجر في «فتح الباري» (ج9 ص98).
وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج3 ص186)، والزيلعي في «نصب الراية» (ج3 ص188).
([36]) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج8 ص269)، و«الإشراف» له (ج3 ص23)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص247)، و«المبسوط» للسرخسي (ج5 ص10)، و«تحفة الفقهاء» للسمرقندي (ص290)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج3 ص95).
([37]) فيجوز في هذه الحالة أن تزوج المرأة نفسها بغير إذن وليها للحاجة الماسة، لأن ذلك من حقها، وليس من حق الولي في هذه الحالة، فافهم لهذا ترشد.
([39]) وانظر: «المنهاج» للنووي (ج9 ص205)، و«رد المحتار» لابن عابدين (ج3 ص55)، و«المبسوط» للسرخسي (ج5 ص2 و3)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص11)، و«معالم السنن» للخطابي (ج3 ص38)، و«الهداية» للمرغيناني (ج2 ص474)، و«البحر الرائق شرح كنز الدقائق» لابن نجيم (ج1 ص117)، و«البناية» للعيني (ج4 ص474).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص195)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص393).
وإسناده صحيح.
([43]) انظر: «المحلى بالآثار» لابن حزم (ج12 ص402)، و«المنهاج» للنووي (ج9 ص205)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص493)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص200)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج3 ص102).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص428) معلقا بصيغة الجزم.
ووصله: ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج8 ص346) من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد وقارظ بن شيبة: (أن أم حكيم بنت قارظ قالت لعبد الرحمن بن عوف: إنه قد خطبني غير واحد فزوجني أيهم رأيت. قال: وتجعلين ذلك إلي؟ فقالت: نعم. فقال: قد تزوجتك).
قال ابن أبي ذئب: فجاز نكاحه.
قلت: وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج6 ص256).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص428) معلقا، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص76)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص416)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص201)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج1 ص397) من طرق عن المغيرة بن شعبة t به.
وإسناده حسن.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج9 ص162).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص195)، (10472)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص393)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج8 ص260).
وإسناده صحيح.
([48]) انظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص83)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص89)، و«المبسوط» للسرخسي (ج2 ص210)، و(ج14 ص118)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص259).
([49]) انظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص83)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص85)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص261).
([50]) انظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص84)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص85)، و«المبسوط» للسرخسي (ج10 ص154)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج1 ص45)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص263).
([52]) ولو ذهبت أستعرض كل أبواب الأحكام الشرعية لرأينا ذلك بارزا جليا، وهذا من تيسير الدين على المسلمين في الدنيا والدين.
وانظر: «الفروق» للقرافي (ج4 ص205 و206)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5 و7)، و«شرح القواعد الفقهية» للزرقاء (ص159).
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (354)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص323)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص276)، وأبو الجهم في «جزئه» (ص55)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج12 ص278)، والواحدي في «التفسير الوسيط» (ج1 ص274)، والبزار في «المسند» (990-كشف الأستار).
وإسناده حسن.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج10 ص107 و112)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص200)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص398)، والبزار في «المسند» (ج12 ص250)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص1462)، وابن خزيمة في «صحيحه» (950)، والروياني في «المسند» (ج2 ص421)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص1040)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» تعليقا (ص320)، وابن حبان في «صحيحه» (2740)، و(3568)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص151)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص386)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص345)، وابن المديني في «حديثه» (ص177)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (5302)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج43 ص543).
وإسناده حسن.
وأورده البوصيري / في «إتحاف الخيرة» (ج3 ص462)؛ ثم قال: رواه أبو يعلى الموصلي، ورجاله ثقات.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (6522)، و(6523)، وفي «الآداب» (190)، و(191)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص103)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج4 ص207)، وابن المديني في «حديثه» (ص179)، ومسدد في «المسند» (ج1 ص510- إتحاف الخيرة).
وإسناده صحيح، وقد صححه ابن طاهر في كلامه على: «أحاديث الشهاب» كما في «تخريج أحاديث الكشاف» لابن حجر (ج3 ص72 و73).
وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص510): هذا إسناد رجاله ثقات.
أخرجه ابن المديني في «حديثه» (ص180)، وابن أبي شيبة في «الآداب» (ص227)، ومسدد في «المسند» (ج1 ص509-إتحاف الخيرة).
وإسناده صحيح.
وقال البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج1 ص509): هذا إسناد رجاله ثقات.
أخرجه ابن المديني في «حديثه» (ص180)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (2006)، وفي «الآداب» (ص227)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (4093).
وإسناده صحيح.
([60]) وبين الآمدي / في «الإحكام» (ج1 ص69)؛ أنه يجب تناول المحرمات في حالة الضرورة.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ه: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه؛ كما يكره أن تؤتى معصيته).
حديث حسن.
أخرجه أحمد في «المسند» (ج10 ص107 و112)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص200)، وفي «شعب الإيمان» (ج5 ص398)، والبزار في «المسند» (ج12 ص250)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص1462)، وابن خزيمة في «صحيحه» (950)، والروياني في «المسند» (ج2 ص421)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج3 ص1040)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» تعليقا (ص320)، وابن حبان في «صحيحه» (2740)، و(3568)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص151)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص386)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص345).
وإسناده حسن.
([61]) قلت: فاقتضت رخصة الفعل إباحة هذا الفعل للمرأة المهاجرة للحاجة الطارئة لها، لإزالة الضرر عنها، فسقط الحكم الكلي، وهو إذن الولي عنها من أجل الضرورة الشرعية، وعلى هذا الأساس قعد الفقهاء قاعدة فقهية هامة من قواعد الأصول نصها: «الضرورات تبيح المحظورات»، وقاعدة: «إذا ضاق الأمر اتسع»، وقاعدة: «الضرر يزال».
([62]) وانظر: «الرخص الشرعية» للدكتور عمر عبد الله (ص89)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج2 ص5)، و«الموافقات» للشاطبي (ج2 ص10 و11)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج2 ص225)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص55)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص414)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص216).
([64]) قلت: فإذا جهل المرء فقه الرخصة، فبسبب الجهل بذلك يقع غلط عظيم على الشريعة يوجب من الحرج، والمشقة، والتكليف مالا سبيل إليه.
وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج3 ص10)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص5).
([65]) وهذه الرخص تقع في مقابلة العزائم، وما يزال العمل بها جاريا عند الفقهاء؛ ليقام دليلها تخفيفا عن المكلف.
([66]) وانظر: «بدائع الصنائع» للكاساني (ج1 ص126)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص75)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص234)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج1 ص215)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص156)، و«شجرة المعارف» للعز بن عبد السلام (ص401)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج4 ص159).
([67]) وانظر: «الحاشية على كنز الراغبين» لعميرة (ج2 ص142)، و«قواعد الأحكام» للعز بن عبد السلام (ج1 ص79)، و«الفروق» للقرافي (ج4 ص205 و206).
([72]) أما لأن وليها ليس بمسلم فليس له ولاية، أو ميت، أو بعيد عنها في بلد آخر، أو مبتدع ليس له ولاية، أو غير ذلك.
([73]) فهذا الحكم تغير إلى سهولة للعذر الطارئ للمرأة المهاجرة، لأن لم يبق لها إلا الإباحة في تزويج نفسها من دون الولي لتعذر وجوده في البلد، وهذا الحكم يختص فقط بالمرأة المهاجرة، والمرأة المحتاجة إليه، فنتبه.
([76]) وهي الرخص العارضة للأفراد في حالة الضرورة أو عند المشقة، وأو عند الحاجة، وهي الرخص التي اعتنى بها الفقهاء، بل اقتصروا عليها في تمثيل الرخصة اعتمادا على الكتاب والسنة؛ كقوله تعالى: ]إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه[ [البقرة: 173]، في إباحة أكل الميتة للمضطر.
([77]) وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص84)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص85)، و«موسوعة القواعد الفقهية» للبورنو (ج6 ص263)، و«الأشباه والنظائر» لابن السبكي (ج1 ص45).
قال القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج6 ص108): (قوله تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[ [الحج: 78] أي من ضيق في الدين). اهـ
([80]) واليسر يأتي بمعنى: اللين والانقياد، والسهولة، فجعل الله تعالى الدين واسعا حين رخص في أحكامه.
انظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج6 ص155)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص261)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج2 ص304).
([81]) وانظر: «الإحكام» للآمدي (ج4 ص357)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج1 ص250)، و«الإشارة إلى الإيجاز» له (ص68)، و«قواعد الأحكام» له أيضا (ص363)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1305)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص108)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص498).
([83]) فالإنسان عابد لله تعالى بالرخصة، وما يكون محققا لهذه العبودية في استمرار وإحسان، ومتابعة لسنة النبي ه ، ومنها التوازن، واختيار الأيسر حفاظا على النفس، وأداء في حدود الطاقة، فهو الأولى بالاتباع.
([84]) فتكليف النفس أكثر من وسعها خارج عن المعتاد؛ أي: هذه المشقة خارجة عن المعتاد.
قال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[ [البقرة: 286].
ويترتب عليها سقوط الواجب، أو تأخيره إلى أن تزول المشقة، طبقا للقاعدة: (المشقة تجلب التيسير).
([86]) كذلك عموم البلوى، والمراد بها: شيوع البلاء بحيث يتعذر على الإنسان أن يتخلص منه، أو يبتعد عنه، فعفى الشرع عن ذلك في غالبها لما في اجتنابه من المشقة.
وعموم البلوى يكون في أمور العبادة، كما يكون في قضايا التعامل مع الناس، بحيث لو أخذ بأصل الحكم فيها، لأدى إلى المشقة والعسر، أو تعطيل المصالح، وهو نوع من المشقة، وعموم البلوى عذرا للناس في الدين.
وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص92).
([87]) انظر: «الأخذ بالرخصة» للتارزي (ص423 و424)، و«الموافقات» للشاطبي (ج1 ص204)، و«الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (ص68)، و«شرح الكوكب المنير» لابن النجار (ج1 ص477)، و«شرح تنقيح الفصول» للقرافي (ج1 ص309)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج3 ص470 و471).
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ص12)، ووصله في «الأدب المفرد» (387)، وأخرجه أحمد في «المسند» (ج1 ص236)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص227)، وفي «المعجم الأوسط» (1006)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (569)، والحربي في «غريب الحديث» (ج1 ص291)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (4098)، و(4099)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج1 ص293) من طريق محمد بن إسحاق قال: أخبرنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند ابن المنذر في «تفسيره» (ج1 ص293).
وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص127): إسناده حسن.
وكذا حسنه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج1 ص94).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص724).
([90]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص230)، و(ج8 ص198)، ومسلم في «صحيحه» (ج7 ص80)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص250)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص903)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (6530)، وفي «الآداب» (198).
قلت: فالأخذ بالرخص من طاعة الله تعالى.
وبوب عليه ابن أبي شيبة في «الآداب» (ص226): باب الأخذ بالرخص.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج2 ص571).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج2 ص254).
([94]) فإفتاء المقلدة على التقاليد والعادات في بلدانهم؛ فيما ظهر لهم عن طريقها بأن ليس هنا تيسير ولا تعسير، وإنما هو اتباع للدلالة بزعمهم.
فهذا قول مخالف لوصايا الرسول ه في يسر الدين، وهو مخالف أيضا لطبائع الناس، ووقائع الحياة.
([96]) فتناول الدين غالب أحكام التشريع بالتيسير بمختلف تصرفات الإنسان تحت حدود الشرع على حسب الحاجيات والضرورات في الحياة الدنيا.
([97]) وهذا التفويت للحكم في بعض الوقت لما يجر من منفعة أكبر للمكلف ... فهو من باب الإقدام على الفعل الممنوع ضرورة؛ لتخفيف مقصد شرعي فيه نفع أكبر للمكلف، ويعتبر توسعة للناس ورحمة لهم.
قال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[ [النساء: 28].
([98]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1428)، والنسائي في «السنن الكبرى» (6908)، وأحمد في «المسند» (ج19 ص80)، و(ج20 ص326)، و(ج21 ص195)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج8 ص105)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج24 ص49)، وأبو يعلى في «المسند» (3332).
([99]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (7420)، والترمذي في «سننه» (3213)، وأحمد في «المسند» (ج19 ص492)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص417)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1205)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص57).
([100]) قلت: وليس هذا خاص بالرسول ه، لأن الرسول ه تزوج بدون ولي مرارا، وتزوج صحابته كذلك بدون ولي مرارا للضرورة الشرعية، وهذا مما يدل على أن ذلك ليس بخاص بالرسول ه ، فتنبه.
([101]) قلت: والمرأة هذه مهاجرة عرضت نفسها للزواج للضرورة الشرعية لها، فرخص لها في الزواج بدون ولي، وشهود لحاجتها الماسة لمثل هذا الزواج، وهي: «خولة بنت حكيم» رضي الله عنها.
وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص212 و213)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج12 ص85)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج7 ص55).
([102]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5029)، و(5087)، و(5121)، و(5149)، ومسلم في «صحيحه» (1425)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص76)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص424 و425).
([104]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (918)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص309)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص236)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5755)، والطيالسي في «المسند» (809)، والطبراني في «المعجم الكبير» (550)، و(692)، و(957)، وفي «الدعاء» (1231)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص178) من طرق عن أم سلمة رضي الله عنها به.
قلت: ولا يصح إلا هذا اللفظ في حديث أم سلمة رضي الله عنها؛ لأن الألفاظ الأخرى فيها اختلاف في الأسانيد، فتنبه.
([105]) وانظر: «مشكل الآثار» للطحاوي (ج14 ص456 و457).
قلت: عمر بن أبي سلمة t كان صغيرا يوم عقد النبي ه على زواج أمه رضي الله عنها، فانتبه.
([106]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1461)، وأبو داود في «سننه» (843)، والترمذي في «سننه» (845)، والنسائي في «السنن الكبرى» (5383)، وابن ماجه في «سننه» (964)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص332).
([107]) وانظر: «مشكل الآثار» للطحاوي (ج14 ص450 و451).
قلت: ولا يصح حديث تزويج العباس t ميمونة رضي الله عنها لرسول الله ه مع أنه ليس بولي لها، فتنبه.
([109]) وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج8 ص292)، و«الإجماع» له (ص352)، و«المغني» لابن قدامة (ج9 ص377)، و«الأم» للشافعي (ج50 ص24)، و«الأموال» لأبي عبيد (ص228)، و«أحكام أهل الملل» للخلال (ص148)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص493)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص223).
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص15)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج3 ص112)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج3 ص11)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص38)، وفي «السنن الكبرى» (ج7 ص176)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص400)، ومالك في «الموطأ» (ق/154/ط)؛ رواية: ابن بكير.
وإسناده صحيح.
([111]) وانظر: «المحلى بالآثار» لابن حزم (ج12 ص393)، و«الأوسط» لابن المنذر (ج8 ص292)، و«الإشراف» له (ج3 ص23)، و«المبسوط» للسرخسي (ج5 ص10).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص197)، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص36)، وفي «السنن الكبرى» (ج7 ص112)، وابن حزم في «المحلى» (ج7 ص112)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص276)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج8 ص266)، ومحمد بن الحسن في «الحجة» (ج3 ص121)، وابن عبد البر في «الاستذكار» (ج16 ص42).
وإسناده حسن.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (10483)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج8 ص313)، والمزني في «حديثه» (ق/407/ط)، والدارقطني في «السنن» (3481)، وسعيد بن منصور في «السنن» (553)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص272)، والشافعي في «الأم» (ج6 ص57)، وفي «المسند» (ج1 ص40)، والبغوي في «شرح السنة» (2264)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص112).
وإسناده حسن.
وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج6 ص251)، وحسنه ابن حجر في «فتح الباري» (ج9 ص98).
وذكره ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج3 ص186)، والزيلعي في «نصب الراية» (ج3 ص188).
([117]) انظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج8 ص269)، و«الإشراف» له (ج3 ص23)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص247)، و«المبسوط» للسرخسي (ج5 ص10)، و«تحفة الفقهاء» للسمرقندي (ص290)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج3 ص95).
([118]) فيجوز في هذه الحالة أن تزوج المرأة نفسها بغير إذن وليها للحاجة الماسة، لأن ذلك من حقها، وليس من حق الولي في هذه الحالة، فافهم لهذا ترشد.
([120]) وانظر: «المنهاج» للنووي (ج9 ص205)، و«رد المحتار» لابن عابدين (ج3 ص55)، و«المبسوط» للسرخسي (ج5 ص2 و3)، و«بدائع الصنائع» للكاساني (ج2 ص11)، و«معالم السنن» للخطابي (ج3 ص38)، و«الهداية» للمرغيناني (ج2 ص474)، و«البحر الرائق شرح كنز الدقائق» لابن نجيم (ج1 ص117)، و«البناية» للعيني (ج4 ص474).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص195)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص393).
وإسناده صحيح.
([124]) انظر: «المحلى بالآثار» لابن حزم (ج12 ص402)، و«المنهاج» للنووي (ج9 ص205)، و«تبيين الحقائق» للزيلعي (ج2 ص493)، و«رمز الحقائق» للعيني (ج1 ص200)، و«الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج3 ص102).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص428) معلقا بصيغة الجزم.
ووصله: ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج8 ص346) من طريق ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد وقارظ بن شيبة: (أن أم حكيم بنت قارظ قالت لعبد الرحمن بن عوف: إنه قد خطبني غير واحد فزوجني أيهم رأيت. قال: وتجعلين ذلك إلي؟ فقالت: نعم. فقال: قد تزوجتك).
قال ابن أبي ذئب: فجاز نكاحه.
قلت: وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج6 ص256).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص428) معلقا، والبيهقي في «الخلافيات» (ج6 ص76)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص416)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص201)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج1 ص397) من طرق عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه به.
وإسناده حسن.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج9 ص162).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص195)، (10472)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص393)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج8 ص260).
وإسناده صحيح.
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص199)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص401)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص274).
وإسناده صحيح، وقد صححه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص404).
أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج6 ص199)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص401)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج4 ص416)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص274).
وإسناده صحيح.
أخرجه محمد بن الحسن في «الحجة» (ج3 ص121 و122)، وسعيد بن منصور في «السنن» (537).
وإسناده صحيح.
([137]) وانظر: «الأم» للشافعي (ج5 ص37)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج12 ص324)، و«روضة الطالبين» للنووي (ج7 ص36)، و«شرح السنة» للبغوي (ج9 ص53)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج21 ص111).
([138]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5029)، و(5087)، و(5121)، و(5149)، ومسلم في «صحيحه» (1425)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص76)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج12 ص424 و425).
([139]) ولو قال الخاطب للمرأة: أنا «أتزوجك»، فقالت قد فعلت: جاز ولزم؛ لأن قوله: «أتزوجك» بمعنى «تزوجتك» عرفا بدلالة الحال.
وانظر: «الاختيار لتعليل المختار» لابن مودود (ج3 ص95).
([140]) فعلى الأب الصالح تلبية رغبتها في هذا الزواج، والإسراع في الاستجابة لطلبها، وأن لا يؤجل موضوعها لغرض آخر.
([141]) فإذا جاء من يرضى دينه وخلقه، فإن على الأب أن يبادر بتزوجها، وأن يتعاون مع الخاطب في تسهيل أمره، وإن لم يفعل هذا الأب تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض، كما هو مشاهد في المجتمعات بين الرجال والنساء في العلاقات التي غير شرعية.
([142]) فإذا أصر الولي على عدم تزويج الخاطب، وتحققت للقاضي كفاءته، وأنه ذا دين وخلق، فإن يعتبر الولي عاضلا، ويزوجها القاضي رغم أنفه، فالسلطان ولي من لا ولي لها.
قال تعالى: ]فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف[ [البقرة: 232].
([143]) وما أحسن المرأة الصالحة التي إذا أحست بالحاجة إلى الزواج، ووجدت الكفء طلبته، فتكمل به دينها خشية الوقوع في المحذور، أو التفكير فيه.
وما أحسن الحلال، ففيه غض البصر، وإحصان الفرج، وسعادة الحياة الدنيا، وسعادة الآخرة مع العمل الصالح.
([144]) فالنساء شقائق الرجال، وما دام الرجل تحصل له الحاجة ويطلب أن يتزوج، فالمرأة كذلك.
والزواج فيه مصالح شتى، فلا ينبغي للمرأة العاقلة أن تحرم نفسها.
والمرأة إذا تزوجت بمن يصونها ويحفظها ويحصنها كان خيرا لها من أن تعيش وحيدة لا بعل لها يؤنس وحشتها!.
([145]) فينبغي للمرأة إذا تقدم لها من يخطبها أن لا تمتنع، وإذا امتنع وليها أن يزوجها الكفء، كان لها أن تبلغ أمرها إلى السلطان؛ لأن وليها حينئذ عاضل، فيزوجها السلطان، ولو لم يرض وليها.
وينبغي للمؤمنة أن تكون جريئة في الحق، وتجعل ابنة شعيب عليه السلام مثلا لها حينما قالت لأبيها: ]يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين[ [القصص: 26]، فقد صرحت برأيها، وإن لم تقل زوجه
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج9 ص174)، و«حقوق المرأة في الزواج» للعتين (ص27).