الرئيسية / ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار / الإرشاد في أن العلم لا ينال إلا بالاجتهاد
الإرشاد في أن العلم لا ينال إلا بالاجتهاد
|
الإرشاد
في
أن العلم لا ينال إلا بالاجتهاد
اعداد:
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين
شعارنا: أمن و أمان في الأوطان
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم سهل
درة أصولية
õ((من لم يتقن الأصول حرم الوصول)).
|
|
|
õ((من فاته الأصول حرم الوصول)).
|
õ((من حرم الأصول حرم الوصول)).
|
|
((شرح حلية طالب العلم))
العلامة ابن عثيمين رحمه الله (ص77).
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم سهل وسلم
درة نادرة
ذكر الدليل من الآثار على أن العلم
لا ينال إلا بالاجتهاد المتواصل في الحياة الدنيا
(1) عن الإمام يحيى بن أبي كثير رحمه الله قال: (لا يستطاع العلم براحة الجسم).
أثر صحيح.
أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (ج1 ص428)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (ج3 ص66)، وابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم)) (553)، و(554)، والبيهقي في ((المدخل)) (ج1 ص361) من طريق عبدالله بن يحيى بن أبي كثير قال: سمعت أبي فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
(2) وعن الإمام يحيى بن أبي كثير رحمه الله قال: (لا يدرك العلم براحة الجسد).
أثر حسن لغيره
أخرجه الحمامي في ((جزء الاعتكاف)) (69)، وثعلب في ((مجلسه)) (ج1 ص141)، و(ج2 ص258) من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا أبو ضمرة: حدثني من سمع يحيى بن أبي كثير به.
قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات.
فالعلم لا ينال براحة الجسم، بل لابد من الجد، والصبر، والتعب، وفي هذا التنبيه على أن تحصيل العلم يحتاج إلى مثابرة وعناية، وحفظ وقت، مع الإخلاص لله تعالى في التفقه في الدين، والله ولي التوفيق.
(3) وعن الإمام يحيى بن أبي كثير رحمه الله قال: (ليس يطلب العلم براحة البدن).
أثر حسن بهذا الإسناد
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الفقيه والمتفقه)) (ج2 ص205) من طريق هشام بن عمار نا الوليد بن مسلم نا الأوزاعي قال: سمعت يحيى بن أبي كثير به.
قلت: وهذا سنده حسن.
(4) وعن الإمام يحيى بن أبي كثير رحمه الله قال: (لا يستطاع طلب العلم براحة الجسم).
أثر حسن لغيره
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الفقيه والمتفقه)) (ج2 ص205) من طريق يحيى بن أيوب نا علي بن ثابت نا أيوب بن عتبة قال: قال يحيى بن أبي كثير به.
قلت: وهذا سنده حسن في المتابعات.
قال القاضي عياض رحمه الله في ((المعلم)) (ج2 ص577) معلقا على ذكر الإمام مسلم أثر يحيى بن أبي كثير في ((صحيحه)): (قال بعض شيوخنا: إن مسلما رحمه الله أعجبه ما ذكر في الباب، وعرف مقدار ما تعب في تحصيله، وجمعه من ذلك ، فأدخل بينها الخبر تنبيها على هذا، وأنه لم يحصل ما ذكر، إلا بعد مشقة، وتعب في الطلب، وهو بين، والله أعلم). اهـ
وقال العلامة السنوسي رحمه الله في ((مكمل الإكمال)) (ج2 ص548): (قوله: ((لا يستطاع العلم براحة الجسم))؛ قيل: في وجه مناسبته لأحاديث الباب أن مسلما رحمه الله أعجبه حسن سياق هذه الطرق التي ذكرها لحديث عبدالله بن عمر، وكثرة فوائدها، وتلخيص فوائدها، وما اشتملت عليه من الفوائد في الأحكام وغيرها، فنبه على أن من له رغبة في تحصيل العلم بمثل هذا فليعانق التعب، وليهجر الراحة). اهـ
قلت: فمن أراد تحصيل الرتبة العالية التي ينال بها معرفة العلم الشرعي، فيكثر اشتغاله به، ويتعب جسمه في الاعتناء بتحصيله، فإن ذلك فيه الفوز في الدنيا والآخرة.([1])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((شرح صحيح مسلم)) (ج2 ص485) معلقا على الأثر: (هذا ينبغي أن يضاف إلى حلية طالب العلم، فلا يستطاع العلم براحة الجسم، فالإنسان الذي يريد أن يستريح، وينام، ويخرج إلى النزه، ويذهب مع إخوانه يقضي الوقت في غير فائدة، فإنه لا يستطيع العلم، فالعلم لابد في تحصيله من حرص، وجد، واجتهاد، ويقال: اعط العلم كلك تدرك بعضه، فإن أعطيته بعضك فاتك كله، وهذا صحيح، ولاسيما إذا عرف الإنسان من نفسه أنه يحتاج تعاهد العلم، لأن الناس يختلفون، فمن الناس من هو سريع الحفظ بطيء النسيان، ومن الناس من يكون بالعكس، ومن الناس من يتساوى حفظه ونسيانه، ومن الناس من هو سيء الحفظ سريع النسيان ، فالإنسان يعرف من نفسه ما لا يعرفه غيره، فمن عرف من نفسه أنه يحتاج إلى تعاهد فليتعاهد). اهـ
قلت: والمقصود من هذا كله الحث على طلب العلم، والاجتهاد فيه([2])، والصبر عليه . والله ولي التوفيق.
قال أبو هلال العسكري رحمه الله في ((الحث على طلب العلم، والاجتهاد في طلبه)) (ص45): ((والاجتهاد فيما يزيد في النباهة، والقدر راحة العاقل، والتواني عنه عادة الجاهل... ومثل العلو في المكارم، مثل الصعود في الثنايا والقلل، ولا يكون إلا بشق النفس، ومن ظن أنه ينعم في قصد الذرى، والتوقل في الغرفات العلا، فقد ظن باطلا، وتوهم محالا ورتبة الأديب من أعلى الرتب، ودرجة العلم أشرف الدرج، فمن أراد مداولتها بالدعة، وطلب البلوغ إليها بالراحة ،كان مخدوعا). اهـ
(5) وعن الإمام الشافعي قال: (والناس طبقات في العلم، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم فيه، فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله في إدراك علمه نصا واستنباطا، والرغبة إلى الله في العون عليه، فإنه لا يدرك خير إلا بعونه).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الفقيه والمتفقه)) (ج2 ص204) من طريق صالح بن أحمد التميمي نا محمد بن حمدان الطرائفي نا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن جماعة في ((تذكرة السامع)) (ص48).
قال ابن جماعة رحمه الله في ((تذكرة السامع)) (ص47): (دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد، والمواظبة على وظائف الأوراد من العبادة والاشتغال؛ والإشغال قراءة وإقراء، ومطالعة وفكرا، وتعليقا وحفظا، وتصنيفا وبحثا([3])، ولا يضيع شيئا من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل؛ إلا بقدر الضرورة؛ من أكل، أو شرب، أو نوم، أو استراحة لملل، أو أداء حق زوجة، أو زائر، أو تحصيل قوت، وغيره مما يحتاج إليه). اهـ
وكما قيل:
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله |
|
|
لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا([4]) |
قال تعالى: ]إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير[ [الحجرات:13].
قلت: لاشك أن من أراد تحصيل العلم الشرعي، والنبوغ فيه، وإتقان الأصول والفروع، فعليه بالتفرق لطلب العلم، والاجتهاد فيه ليلا ونهارا على حسب المستطاع([5])، والإخلاص في العلم، وأخذه على يد صاحب سنة في هديه وسمته، وصلاته ومنهجه، والله ولي التوفيق.
فعن الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله قال: ((إن كنت لأرحل الأيام
والليالي في طلب الحديث الواحد)).
أثر صحيح
أخرجه يعقوب بن سفيان في ((المعرفة والتاريخ)) (ج1 ص1468)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) تعليقا (ج11 ص71)، والخطيب في ((الرحلة في طلب الحديث)) (ص127 و128 و129)، وفي ((الجامع لأخلاق الراوي)) (1750)، وفي ((الكفاية)) تعليقا (ج2 ص469)، والذهبي في ((تذكرة الحفاظ)) تعليقا (ج1 ص55)، وفي ((السير)) تعليقا (ج4 ص222)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (ج2 ص381)، والرامهرمزي في ((المحدث الفاصل)) (111)، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (ج1 ص395 و396)، والحاكم في ((معرفة علوم الحديث)) (14)، والعسكري في ((الحث على طلب العلم)) تعليقا (ص66) من طرق عن سعيد بن المسيب به.
وإسناده صحيح.
قلت: وهذا يدل على أن معالي الأمور لا تنال إلا بالاجتهاد، وهذا جهاد في سبيل الله تعالى.
وقال أبو عمر الحسن بن علي بن محمد بن غسان البصري:
طلب الحديث طريقة الـ |
|
|
ماضين من أهل الرشاد |
فاسلك سبيلهم تنل |
|
|
درجاتهم يوم المعاد([6]) |
وقال أبو عمر الحسن بن علي بن محمد بن غسان البصري:
العلم أفضل شيء أنت كاسبه |
|
|
فكن له طالبا ما عشت مكتسبا |
فالجاهل الحي ميت حين تنسبه |
|
|
والعالم الميت حي كلما انتسبا([7]) |
قلت: وكل وعاء أفرغت فيه شيئا؛ فإنه يضيق عليه؛ إلا القلب؛ فإنه كلما أفرغ
فيه العلم اتسع له([8]). اللهم سهل.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((مفتاح دار السعادة)) (ج1 ص115): ( كل ما في القرآن من مدح للعبد؛ فهو من ثمرة العلم، وكل ما كان فيه من ذم للعبد، فهو من ثمرة الجهل). اهـ
وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((الأخلاق والسير)) (ص27): (لو لم يكن من فضل العلم؛ إلا أن الجهال يهابونك ويجلونك، وأن العلماء يحبونك ويكرمونك؛ لكان ذلك سببا إلى وجوب طلبه؛ فكيف بسائر فضائله في الدنيا والآخرة.
ولو لم يكن من نقص الجهل؛ إلا أن صاحبه يحسد العلماء، ويغبط نظراءه من الجهال؛ لكان ذلك سببا إلى وجوب الفرار عنه؛ فكيف بسائر رذائله في الدنيا والآخرة). اهـ
فالعلم: شيء لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك, وأنت إذا أعطيته كلك أعطاك, من إعطائه بعضه([9])، والله المستعان.
قلت: فالعلم عزيز الجانب.
فيا أيها المتعلم إنك إن لم تصبر على تعب العلم, صبرت على شقاء الجهل، رب سلم.
فعن عبدالملك الأصمعي رحمه الله قال: (من لم يحتمل ذل التعليم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) (ج1 ص363) من طريق
أبي الحسن محمد بن محمود الكارزي الفقيه ثنا أبو مضر محمد بن مضر الرباطي ثنا أبو داود سليمان بن معبد المروزي قال: سمعت الأصمعي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأورده ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (ج1 ص99) وابن كثير الدمشقي في ((طبقات الشافعيين)) (ج1 ص150) بدون إسناد.
وقال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله في ((الوسائل المفيدة)) (ص28): (وينبغي أن تتخير من الأعمال النافعة الأهم، فالأهم وميز بين ما تميل نفسك إليه، وتشتد رغبتك فيه، فإن ضده يحدث السآمة، والملل والكدر، واستعن على ذلك بالفكر الصحيح والمشاورة، فما ندم من استشار، وادرس ما تريد فعله درسا دقيقا، فإذا تحققت المصلحة؛ فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين). اهـ
قلت: وقد لا يتيسر لبعض طلبة العلم، طلب بعض أنواع العلوم لضعف فهمه، أو لعدم استطاعته؛ فينتفع على قدر استطاعته في تحصيل العلم.([10])
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج19 ص119): (فأكثر الخلق يكون المستحب لهم ما ليس هو الأفضل مطلقا؛ إذ أكثرهم لا يقدرون على الأفضل، ولا يصبرون عليه إذا قدروا عليه، وقد لا ينتفعون به، بل قد يتضررون إذا طلبوه، مثل من لا يمكنه فهم العلم الدقيق إذا طلب ذلك؛ فإنه قد يفسد عقله ودينه).اهـ
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج24 ص198): (وقد يكون العمل المفضول أفضل بحسب حال الشخص المعين، لكونه عاجزا عن الأفضل، أو لكون محبته ورغبته، واهتمامه وانتفاعه بالمفضول أكثر، فيكون أفضل في حقه لما يقترن به من مزيد عمله وحبه، وإرادته وانتفاعه). اهـ
قلت: ومما ينبغي التنبيه عليه لاسيما في حق المبتدئ في طلب العلم، فإنه ينصح بأن يقبل على ما تأنس به نفسه، لأن ذلك أدعى لاستمراره في طلب العلم، حتى إذا رسخت قدمه في طلب العلم سهلت عليه سائر العلوم النافعة.([11])
فعن الجنيد بن محمد البغدادي رحمه الله قال: (ما طلب أحد شيئا بجد، وصدق إلا ناله، فإن لم ينله كله نال بعضه).
أثر حسن
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (ج2 ص262) من طريق الحسن بن الحسين الفقيه قال: سمعت جعفرا الخلدي يقول: سمعت الجنيد بن محمد به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فمن غاب عن مجالس العلم، فقد خسر الدنيا والآخرة، اللهم سلم.
فعن الإمام يزيد بن هارون رحمه الله قال: (من غاب خاب، وأكل نصيبه الأصحاب).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في ((الجامع لأخلاق الراوي)) (1424)، و(1425)
وأبو هلال العسكري في ((الحث على طلب العلم)) (ص34) من طرق عن يزيد بن هارون به.
وقد أخذ يزيد بن هارون رحمه الله هذا القول من سفيان الثوري رحمه الله.
فعن الإمام سفيان الثوري رحمه الله قال: (من غاب خاب، وأكل نصيبه الأصحاب).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي عيسى المديني في ((اللطائف من دقائق المعارف)) (ص66) من طريق النقاش قال: سمعت إدريس بن عبد الكريم يقول: سمعت هارون بن عبد الله الحمال يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: سمعت سفيان الثوري به.
قلت: وهذا سنده حسن.
فالعلم بالله تعالى، وبرسوله r، والعلم بشرعه وأحكامه، ومعرفة حلاله، وحرامه غاية كبرى، وهدف أسمى، يسعى إليه الموفقون المجدون في هذه الحياة، كيف لا وهو ميراث النبوة.
فعن أبي الدرداء t عن النبي r قال: (من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة... وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم
يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر).([12])
قلت: وبالرغم من هذا الفضل العظيم لسالك العلم الشرعي، والذي لا يعرف قدره إلا عاقل؛ فقد فرط الأكثرون في طلبه، ولم يصبروا على تعلمه، وتحصيله كما ينبغي، وبقى كثير منهم مخلطا في العلم بسبب الدراسة الجامعية الآكاديمية، أو الدراسة التعالمية.
وشروط تحصيل العلم ستة:
قال الإمام الشافعي رحمه الله في ((الديوان)) (ص108):
أخي لن تنال العلم إلا بستة |
|
|
سأنبيك عن تفصيلها ببيان |
|
|
|
وصحبة أستاذ وطول زمان |
ومن هنا اهتم أهل الحديث بطلب العلم، والعناية به، والجد في طلبه وتحصيله، وتنافسوا في ذلك، فورثوا للأمة تراثا ضخما لا تجاريهم أمة من الأمم، ولله الحمد والمنة.
قلت: فالعلم يحتاج إلى مرونة وصبر، وثبات وتدرج على الأصول: ((ومن لم يتقن الأصول حرم الوصول))، فلابد من التأصيل، والتأسيس لكل فن تطلبه، بضبط أصله على شيخ متقن أثري؛ أي على شيخ متقن أمين؛ لأن الإتقان قوة، والقوة لابد فيها من أمانة.([15])
قال تعالى: ]إن خير من استأجرت القوي الأمين[ [القصص:26].
قلت: فربما يكون العالم متقنا واسع العلم، وعنده قدرة على التفريع، لكنه ليس عنده أمانة، فربما أضلك من حيث لا تشعر، اللهم سلم سلم.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((اللقاء المفتوح)) (ج1 ص29) عن التلقي عن العلماء والكتب: (والصواب: أن الطريقين صحيحان، التلقي من الكتب، والتلقي من أفواه العلماء، ولكن لابد من شرط أساسي في هذين الأمرين: وهو أن يكون المؤلف موثوقا في عقيدته، وفي علمه وأمانته، وكذلك نقول في المعلم لابد أن يكون موثوقا في عقيدته، وفي علمه وأمانته، ولكن تلقي العلم من أفواه العلماء أيسر، وأضبط، وأسرع... والذين اعتمدوا في علمهم على قراءة الكتب فقط نرى عندهم أحيانا شطحات بعيدة جدا عن الصواب؛ لأنهم لم يتلقوا عن علماء ناضجين، لكن إذا لم نجد العالم الذي نتلقى من فيه، فاقرأ الكتب؛ ثم إنه إذا قلنا أن التلقي من العالم أسرع، وأحفظ؛ فلا يعني ذلك ألا يرجع الطالب إلى الكتب، بل يرجع إلى الكتب، ولكن رجوعا مقيدا بتوجيه العالم الذي يقرأ عليه). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((العلم)) (ص201): (لابد أن يطلب العلم على شيخ متقن، وذي أمانة؛ لأن الإتقان قوة، والقوة لابد فيها من أمانة ]إن خير من استأجرت القوي الأمين [[القصص:26]، ربما يكون العالم عنده إتقان، وسعة علم، وقدرة على التفريع والتقسيم، ولكن ليس عنده أمانة فربما أضلك من حيث لا تشعر، كذلك لا تأخذ العلم بالتحصيل الذاتي؛ أي: أن تقرأ الكتب فقط دون أن يكون لك شيخ معتمد، ولهذا قيل: ((من كان دليله كتابه كان خطأه أكثر من صوابه))، فالأصل أن من اعتمد على التحصيل الذاتي وعلى مراجعة الكتب، أن يضل لأنه يجد بحرا لا ساحل له، ويجد عمقا لا يستطيع التخلص فيه، أما من أخذ من عالم شيخ فإنه يستفيد فوائد عظيمة:
الفائدة الأولى: قصر المدة.
الفائدة الثانية: قلة التكلفة.
الفائدة الثالثة: أن ذلك أحرى بالصواب. لأن هذا الشيخ قد علم وتعلم، ورجح وفهم، فيعطيك الشيء ناضجا). اهـ
والله ولي التوفيق
õõõõõõõ
([1]) وانظر: ((شرح صحيح مسلم)) للنووي (ج5 ص158)، و((فضل العلم الشريف)) لابن ظهيرة (ص19)، و((شرح صحيح مسلم)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص485)، و((قواعد منهجية في طلب العلم)) للدكتور فالح الصغير (ص5).
([2]) قلت: فيا طالب العلم: الاجتهاد يزيدك عند العقلاء قيمة، ويمنحك مزية، ويقصر عنها من يساميك، ويقع دونها من ينافسك ويناويك. أي: يعاديك.
([3]) قلت: لأن التصنيف في العلم يساعد على حفظ الأحكام الشرعية، والتفقه فيها، ومعرفتها.
قلت: وعلى طالب العلم أن يعرض مصنفاته على أهل العلم؛ لتصحيحها وتوجيهها؛ ليعم النفع بها.
([4]) وانظر: ((تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم))) لابن جماعة (ص43)، و((شرح حلية طالب العلم)) لشيخنا ابن عثيمين (ص77)، و((قواعد منهجية في طلب العلم)) للدكتور فالح الصغير (ص5).
([9]) وانظر: ((الفقيه والمتفقه)) للخطيب (ج2 ص205)، و((الحث على طلب العلم والاجتهاد في طلبه)) للعسكري (ص47).
أخرجه الترمذي في ((سننه)) (3535)، وأبو داود في ((سننه)) والنسائي في ((سننه)) (158)، وابن ماجه في ((سننه)) (226)، وأحمد في ((المسند)) (ج4 ص239)، والدارمي في ((المسند)) (375)، وابن حبان في ((صحيحه)) (85).
وإسناده حسن.