الرئيسية / ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار / مكنون المرجان في وجوب العمل بالقرآن
مكنون المرجان في وجوب العمل بالقرآن
|
||||||
مكنون المرجان
في
وجوب العمل بالقرآن
تأليف:
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
شعارنا:
أمن وأمان في الأوطان
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر
حلية نادرة
قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في (((اقتضاء العلم العمل)) (ص16): (لا تنفع العلوم إلا لمن عمل بها، وراعى واجباتها، فلينظر امرؤ لنفسه، وليغتنم وقته، فإن الثواء([1]) قليل، والرحيل قريب، والطريق مخوف، والاغترار غالب، والخطر عظيم، والناقد بصير، والله تعالى بالمرصاد، وإليه المرجع والمعاد: ]فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ((7)) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره[ [الزلزلة:7 و8]). اهـ
%%%%%%%
بسم الله الرحمن الرحيم
وملجأي إلى الله تعالى
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين.
أما بعد،
فالقرآن الكريم لم ينزل لمجرد حفظه في الصدور، وتلاوته في الدهور!، والتسابق الأكاديمي بحفظه وتجويده([2]) في العصور!، بل نزل القرآن من أجل الإيمان به، وحبه وتدبره، وفهمه وتعلمه، والعمل به في واقع الحياة جملة وتفصيلا.
قال تعالى: ]كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب[ [ص:29].
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((أحكام القرآن)) (ص6): (فالقرآن الكريم لم ينزل لمجرد التلاوة اللفظية، تلاوة الآيات الحرفية، بل نزل من أجل هذا، ومن أجل ما هو أتم وأكمل، وهو تدبر الآيات، وتفهم معانيها، ثم التذكر بما فيها من القصص والأخبار، والمواعظ والأحكام.
ولهذا كان الصحابة الكرام لا يتجاوزون عشر آيات من القرآن حتى يتعلموها، وما فيها من العلم والعمل، فتعلموا القرآن، والعلم، والعمل، جميعا.
وكثير من الناس اليوم لا يهتم بهذا الجانب، أعني جانب المعنى، وجانب التدبر، وما تتضمنه الآيات من الفوائد والأحكام، ولا يعنون به، وهذا قصور بلا شك من الإنسان، وتقصير به.
ومن الناس من يتجرأ، ويتكلم في القرآن بما لا يعلم فيكون شاهدا على الله تعالى بما لا يعلم وهذا محرم ([3])، قال تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف:33]). اهـ
لذلك فالواجب على كل مسلم مؤمن بالقرآن الكريم أن يتقي الله تعالى في نفسه، ويعمل بالقرآن الكريم كله إلى أن يموت.
قال تعالى: ]واعبد ربك حتى يأتيك اليقين[ [الحجر:99]؛ يعني: يأتيك الموت.
وقال تعالى: ]وإنه لحق اليقين[ [الحاقة:51]؛ يعني: القرآن الكريم.
اللهم فلك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا، ونعم الوكيل.
أبو عبدالرحمن الأثري
بسم الله الرحمن الرحيم
من اعتصم بالقرآن نجا
إلماعة أثرية
ذكر الدليل على أن السلف
الصالح تعلموا القرآن، والعلم، والعمل جميعا
1) عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات، لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج1 ص80) من طريق الحسين بن واقد قال: حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وهذا الحديث موقوف على ابن مسعود رضي الله عنه، ولكنه مرفوع معنى؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه إنما تعلم القرآن من رسول الله r، فهو يحكي ما كان في ذلك العهد النبوي المنير.([4])
2) وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: (كنا نتعلم من رسول الله r عشر آيات، فما نعلم العشر التي بعدهن، حتى نتعلم ما أنزل في هذه العشر من العمل).
أثر حسن لغيره
أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار)) (ج4 ص82)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص557)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج3 ص119)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج39 ص93) من طريق عبدالله بن صالح قال: حدثني شريك عن عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده ضعيف فيه عبدالله بن صالح، وشريك النخعي، وهما سيئا الحفظ.([5])
وعطاء بن السائب قد اختلط، وشريك النخعي روى عنه بعد الاختلاط.([6])
قلت: لكن متنه صح من طرق أخرى.
3) وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: أخبرنا أصحابنا الذين كانوا يعلمونا، قالوا: (كنا نعلم عشر آيات، فما نتجاوزهن حتى نعلم ما فيهن من عمل).
أثر صحيح
أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار)) (ج4 ص82) من طريق خالد بن عبدالرحمن الخراساني قال: حدثنا سفيان الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وسفيان الثوري حدث عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط.([7])
وأبو عبدالرحمن السلمي: اسمه عبدالله بن حبيب، يعد في كبار التابعين، وقد صرح بأنه حدثه الذين كانوا يقرئونه من الصحابة الكرام، ولا يضر إيهام الصحابي، فالحديث مسند متصل صحيح.([8])
4) وعن أبي عبدالرحمن السلمي قال: (إنما أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الآخر حتى يتعلموا ما فيهن من العمل، قال: فتعلمنا العلم، والعمل جميعا، وأنه سيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز هذا، وأشار بيده إلى حنكه).
أثر صحيح
أخرجه أبو الفضل الرازي في ((فضائل القرآن)) (ص127)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (ج6 ص172)، والفريابي في ((فضائل القرآن)) (169) من طريقين عن حماد بن زيد حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وحماد بن زيد روى عن عطاء بن السائب قبل الاختلاط.([9])
وبوب عليه أبو الفضل الرازي رحمه الله في ((فضائل القرآن)) (ص127): باب في صورة أخذهم القرآن في السلف.
5) وعن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: (حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي r أنهم كانوا يقترئون من رسول الله r عشر آيات، فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل).
أثر حسن
أخرجه أحمد في ((المسند)) (ج5 ص410)، والمستغفري في ((فضائل القرآن)) (ج1 ص322)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج10 ص460) من طريق محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي به.
قلت: وهذا سنده حسن فيه عطاء بن السائب، وهو مختلط وقد روى عنه محمد بن فضيل بعد الاختلاط، وهذه ليست بعلة هنا، فقد رواه سفيان الثوري، وحماد بن زيد عنه، وهما ممن سمع منه قبل الاختلاط.([10])
قلت: وممكن أن يقال أن المخالفة لابن فضيل في هذا الأثر، هو مخالف لما روى الثقات عن أبي عبدالرحمن السلمي، ولم يذكروا فيه رسول الله r، وقد وافقه همام بن يحيى على ذكر الرسول r، وليس بشئ، كما سوف يأتي ذكر روايته.
وتابعه ورقاء بن عمر عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي بلفظ: (حدثنا أصحاب رسول الله r، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله r، فلا يجاوزون العشر حتى يعلموا ما فيه من العلم، والعمل، قال: فتعلمنا القرآن، والعلم، والعمل جميعا).
أخرجه آدم بن أبي إياس في ((التفسير)) (ص193) من طريق ورقاء ومحمد بن الفضيل عن عطاء بن السائب به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج1 ص36) من طريق ابن حميد عن جرير بن عبدالحميد عن عطاء بن السائب به.
وإسناده حسن في المتابعات.
6) وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: ((كنا إذا تعلمنا العشر من القرآن، لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نتعلم حلالها، وحرامها، وأمرها، ونهيها)).
أثر صحيح
أخرجه عبدالرزاق في ((المصنف)) (6027)، والمستغفري في ((فضائل القرآن)) (ج1 ص322) من طريق معمر عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي به.
قلت: وهذا سنده صحيح، ورواية معمر بن راشد الأزدي عن عطاء بن السائب جيدة، وهي موافقة للثقات.([11])
7)وعن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: (كان أصحابنا يقرئونا ويعلمونا ويخبرونا، أن النبي r كان يقرئ أحدهم عشر آيات فما يجاوزها حتى يتعلم العمل فيها. قال: وقالوا: علمنا القرآن والعمل جميعا).
أثر حسن
أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار)) (ج4 ص84) من طريق الخصيب بن ناصح الحارثي قال: حدثنا همام بن يحيى عن عطاء بن السائب عن أبي عبدالرحمن السلمي به.
قلت: وهذا سنده حسن، وهمام بن يحيى سمع من عطاء بن السائب بعد الاختلاط ([12])، وهو مخالف لما روى الثقات عن أبي عبدالرحمن السلمي، لم يذكروا فيه رسول الله r.
وأورده الدارقطني في ((العلل)) (ج3 ص60) من طريق صالح بن عبد الله الترمذي عن يحيى بن كثير أبي النضر عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: (حدثني الذين كانوا يقرئونا عثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب).
وقال الإمام الدارقطني رحمه الله في ((العلل)) (ج3 ص60) عقبه: (فسمى هؤلاء الثلاثة، ولم يسمهم سواه، والأول أشبه بالصواب). يعني: بدون ذكر أسماء الصحابة الكرام.
وقال الإمام الدارقطني رحمه الله في ((العلل)) (ج3 ص60): (رواه جرير بن عبدالحميد، وعلي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن قال: ((حدثنا الذين كانوا يقرؤونا أنهم كانوا يستقرؤون من رسول الله r)) ولم يسميا أحدا).
8) وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: (إنما نزل القرآن ليعمل به؛ فاتخذ الناس قراءته عملا، قال: قيل كيف العمل به؛ قال: أي: ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في ((اقتضاء العلم العمل)) (ص76) من طريق أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، وأحمد بن علي بن المثنى قالا: ثنا عبد الصمد بن يزيد قال: سمعت الفضيل به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
9) وعن أبي رزين رحمه الله في قوله تعالى: ]يتلونه حق تلاوته[ [البقرة:121]، قال: (يتبعونه حق اتباعه، يعملون به حق عمله).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في ((اقتضاء العلم العمل)) (ص76) والطبري في ((جامع البيان)) (ج1 ص567)، وسفيان الثوري في ((تفسيره)) (ص48) من طريق منصور بن المعتمر عن أبي رزين مسعود بن مالك الأسدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فهكذا كان أهل القرآن يقرؤون القرآن الكريم، ويحفظوا ما فيه من الآيات، كلما حفظوا شيئا من القرآن تعلموه، وفهموا معناه، وفقهوا أحكامه، وتدبروا قصصه، فإذا تعلموا القرآن عملوا بما فيه من العمل، فتعلموا القرآن والعمل جميعا، وهذا هو الإسلام الصحيح، لمن أراد أن ينتسب إليه.([13])
قلت: وهذه الآثار تدل على حرص السلف الصالح على العمل بالقرآن الكريم، ويتبين ذلك من أفعالهم، وأقوالهم.
والذي يعمل بالقرآن وعلمه مخلصا النية لله تعالى؛ فإن الله يزيده علما، وهدى.
قال تعالى: ]ويزيد الله الذين اهتدوا هدى [ [مريم: 76].
قال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في ((أهمية العلم)) (ص31): (والجدير بطالب العلم، أينما كان أن يقبل على كتاب الله تعالى، وأن يجعل تدبره، وتعقله من أكبر همه، ومن أعظم شواغله، وأن تكون له العناية الكاملة بقراءته، وتدبر ما فيه من المعاني العظيمة، والبراهين الساطعة). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في ((اقتضاء العلم العمل)) (ص15): (وهل أدرك من أدرك من السلف الماضين الدرجات العلى إلا بإخلاص المعتقد، والعمل الصالح، والزهد الغالب في كل ما راق من الدنيا). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي في ((اقتضاء العلم العمل)) (ص15): (والعلم يراد للعمل؛ كما العمل يراد للنجاة، فإذا كان العمل قاصرا عن العلم؛ كان العلم كلا على العالم، ونعوذ بالله من علم عاد كلا، وأورث ذلا، وصار في رقية صاحبه غلا). اهـ
قلت: وهؤلاء القراء يحملون القرآن تلاوة لا يجاوز تراقيهم يخالف علمهم؛ عملهم، ويخالف سريرتهم علانيتهم، يجلسون حلقا حلقا؛ فيباهي بعضهم بعضا، حتى إن الرجل منهم ليغضب على جليسه إذا جلس إلى غيره، وللأسف هذا في مركز تعليم قرآن، وهذا في مركز آخر، والله المستعان.([14])
قال تعالى: ]وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون [ [التوبة:127].
وقال تعالى: ]كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون [ [المطففين:14].
وقال تعالى: ]ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار [ [إبراهيم: 42].
قلت: فويل لمن قرأ([15]) القرآن، ولم يعمل به.([16])
قال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في ((أهمية العلم)) (ص3): (فلا ريب أن العلم هو مفتاح كل خير، وهو الوسلية إلى أداء ما أوجب الله، وترك ما حرم الله، فإن العمل نتيجة العلم لمن وفقه الله، وهو مما يؤكد العزم على كل خير). اهـ
قال تعالى: ]كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب [ [ص:29].
قلت: احفظوا ما شئتم من القرآن الكريم؛ فلن يأجركم الله حتى تعملوا به.
بل احفظوا ما شئتم من القرآن الكريم؛ فلن ينفعكم الله تعالى حتى تعملوا بما تحفظون من القرآن، اللهم غفرا.([17])
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (اعملوا ما شئتم بعد أن تعلموا، فلن يأجركم الله تعالى بالعلم حتى تعملوا).
أثر حسن
أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (62)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (ج1 ص236)، والدارمي في ((المسند)) (266) من طريق سعيد بن عبدالعزيز عن يزيد بن جابر الأزدي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قال الحافظ الخطيب البغدادي في ((اقتضاء العلم العمل)) (ص69): باب ما جاء من الوعيد، والتهديد، والتشديد لمن قرأ القرآن للصيت، والذكر، ولم يقرأه للعمل به، واكتساب الأجر.
وعن أيوب السختياني رحمه الله قال: (لا خبيث أخبث من قارئ فاجر).
أثر حسن
أخرجه الخطيب البغدادي في ((اقتضاء العلم العمل)) (ص75) من طريق أبي حاتم الرازي ثنا هدبة ثنا سلام بن أبي مطيع قال: سمعت أيوب السختياني به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: أما مجرد الانتساب إلى الإسلام دون العمل به، فهذا لا يكفي في الإسلام، والسلام.([18])
قال تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران:19].
وقال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران:85].
وقال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا [ [المائدة:3].
وقال تعالى: ]ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى[ [لقمان:22].
وقال تعالى: ]بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه[ [البقرة:112].
وقال تعالى: ]ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن[ [النساء:125].
وقال تعالى: ]أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض[ [آل عمران:83].
قلت: ولقد رأينا في هذا الزمان قراءا للقرآن يؤتى أحدهم القرآن قبل العلم، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ولا يدري ما أمره، ولا نهيه، ينثره عند القراءة نثرا، ولا يعمل بما فيه من الحلال والحرام، ولا يدعو بما فيه من التوحيد، ولا يقتدي به في حياته، فهذا لا يكفي في الانتساب إلى الإسلام، اللهم سلم سلم.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (لقد عشنا برهة من دهر، وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن،وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها، وأمرها وزاجرها،وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجالا([19]) يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته، ولا يدري ما أمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه، وينتثره نثر الدقل([20])!).
أثر حسن
أخرجه الطحاوي في ((مشكل الآثار)) (ج4 ص85)، وابن منده في ((الإيمان)) (ج1 ص369)، والمستغفري في ((فضائل القرآن)) (ج1 ص275)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج31 ص160)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص135)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج3 ص120)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (ج1 ص202- مجمع البحرين) من طريق عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن القاسم بن عوف قال: سمعت عبدالله بن عمر رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده حسن على شرط مسلم.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين!، ولا أعرف له علة، ووافقه الذهبي.
وأورده الهيثمي في ((الزوائد)) (ج1 ص165)، ثم قال: رواه الطبراني في ((الأوسط))، ورجاله رجال الصحيح.
قال الإمام الطحاوي رحمه الله في ((مشكل الآثار)) (ج4 ص82): (ذلك عندنا على تعليم كتابه، وعلى النصح لمن يعلمونه إياه في تعليمهم ما يحتاجون إلى علمه، من محكمه، ومن متشابهه، وما يعملون به منه، وما يقفون عنده منه، لأن الناس كانوا كذلك في أول الإسلام يتعلمون القرآن). اهـ
قال الإمام الطحاوي رحمه الله في ((مشكل الآثار)) (ج4 ص85): ( فكان فيما روينا كيفية تعليم الناس كان القرآن، وكيفية أخذهم كان إياه، وفي ذلك من المشقة على من كان يعلمه، وعلى من كان يتعلمه ما لا خفاء به على سامعي هذه الآثار). اهـ
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،
وأن يجعله لي عنده يوم القيامة دخرا... وصلى الله وسلم وبارك
على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
([2]) فإن القوم فتنوا في هذه المظهرية الجوفاء، اللهم سلم سلم.
وانظر: ((أحكام القرآن الكريم)) لشيخنا ابن عثيمين (ص7).
([3]) قلت: وهذا أمر خطير على هذا العبد سيسأل عنه يوم القيامة.
وانظر: ((أحكام القرآن الكريم)) لشيخنا ابن عثيمين (ص7).
([6]) وانظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص678)، و((تهذيب التهذيب)) له (ج7 ص203)، و((الكواكب النيرات)) لابن الكيال (ص191)، و((ميزان الاعتدال)) للذهبي (ج3 ص70)، و((المختلطين)) للعلائي (ص82).
([7]) وانظر: ((الكواكب النيرات)) لابن الكيال (ص331)، و((المختلطين)) للعلائي (ص82)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج1 ص80).
([9]) انظر: ((الكواكب النيرات)) لابن الكيال (ص324)، و((تهذيب التهذيب)) لابن حجر (ج7 ص203)، و((ميزان الاعتدال)) للذهبي (ج3 ص70).
([11]) وانظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج28 ص305) في ترجمة معمر بن راشد الأزدي رحمه الله.
قلت: والعجيب أنهم لم يذكروا رواية له عن عطاء بن السائب، والله المستعان.
([14]) وانظر: شرح حديث: ((ماذئبان جائعان)) لابن رجب (ص42)، و((صيد الخاطر)) لابن الجوزي (ص66)، و((تفسير القرآن)) لابن كثير (ج2 ص264).
([16]) وربما يحصل لقارئ القرآن، الذي لم يعمل به عقوبة من الله تعالى في الدنيا، والعياذ بالله.
لذلك فالواجب على المسلم إذا قرأ القرآن أن يعمل به لوجه الله تعالى.
([17]) قلت: فمن أشر الناس عند الله تعالى في الدنيا، قارئ لا يعمل بالقرآن، إلا من أجل الدنيا.
وانظر: ((المسند)) للدارمي (ج1 ص316)؛ باب: العمل بالعلم، وحسن النية فيه.
([18]) قلت: كذلك الذين يعملون ببعض الإسلام، ويتركون بعضه، أو يعملون ببعض الأحكام، ويتركون بعضها، أو يعملون ببعض السنة، ويتركون بعضها فهذا أيضا لا يكفي في الإسلام، والسلام.
قال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة[ [البقرة:208]؛ أي: خذوا جميع أحكام الإسلام، واعملوا بها، فهذا هو الإسلام الصحيح الذي يجب الانتساب إليه.