القائمة الرئيسة
الرئيسية / ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار / مسك الختام في صحيح أذكار الصلاة بعد السلام (مختصر المختصر)

2023-12-11

صورة 1
مسك الختام في صحيح أذكار الصلاة بعد السلام (مختصر المختصر)

« وملجأي إلى الله»

ذكر الدليل

على أذكار الصلاة الصحيحة بعد السلام

فهذه جملة من الأذكار النبوية قد جاء ذكرها بعد الانصراف من الصلوات المفروضة؛ ذكرتها مرتبة على ما جاء في السنة النبوية، فعلى المسلم الكريم أن يجتهد على قدر استطاعته في ترتيب هذه الأذكار ترتيبا متقاربا؛ كما دل عليه الاستقراء الصحيح من خلال عموم الأدلة الشرعية، وما تجري عليه القواعد الحديثية، والقواعد الفقهية في الشريعة المطهرة، وعليه فقد جاء ترتيب هذه الأذكار عندنا على الوجه التالي:

أولا: أن يقول المسلم: «أستغفر الله» ثلاث مرات، بعد السلام مباشرة، ثم يقول بعدها أيضا مباشرة: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام».

قلت: ويقول الإمام الذكر الأول هذا، وهو متجه إلى القبلة؛ أي: قبل أن ينصرف بوجهه إلى المصلين، ثم ينصرف عن القبلة، ويستقبل المصلين بوجهه، ويذكر الله تعالى، لما ثبت في السنة النبوية.

فعن ثوباناقال: «كان رسول اللهه إذا انصرف من صلاته، استغفر ثلاثا، وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص414)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص84)، والترمذي في «سننه» (ج2 ص98(.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي ه إذا سلم، لم يقعد، إلا مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص414)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص176)، والترمذي في «سننه» (ج2 ص96).

وعن سمرة بن جندب ا قال: «كان النبي ه إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه»([1]).يعني على المصلين.

ثانيا: ثم يأتي بأذكار التسبيح، والتحميد، والتكبير، وهناك صفات منفردة لهذا الذكر، لذا كان على المسلم الكريم أن يختار واحدة من هذه الصفات بعد كل صلاة مفروضة، ولا يجمع بينها بحال ؛ أي: يأتي بكل صفة لوحدها عند ذكره.

وهاك هذه الصفات:

الصفة الأولى: أن يقول المسلم: «سبحان الله» ثلاثا وثلاثين مرة، و«الحمد لله» ثلاثا وثلاثين مرة، و«الله أكبر» ثلاثا وثلاثين مرة، ويقول تمام المائة: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».

فعن أبي هريرة ا قال: قال رسول الله ه: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص418)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص371)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (ص202)، والبيهقي في «الدعوات الكبير» (ص77).

الصفة الثانية: أو يقول المسلم: «سبحان الله» ثلاثا وثلاثين مرة، و«الحمد لله» ثلاثا وثلاثين مرة، و«الله أكبر» أربعا وثلاثين مرة.

فعن كعب بن عجرة ا عن رسول الله ه قال: «معقبات لا يخيب قائلهن «أو فاعلهن» دبر كل صلاة مكتوبة: ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص418)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص479)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص401)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص75).

الصفة الثالثة: أو يقول المسلم: «سبحان الله» ثلاثا وثلاثين مرة، و«الحمد لله» ثلاثا وثلاثين مرة، و«الله أكبر» ثلاثا وثلاثين مرة، فيكون المجموع؛ تسعا وتسعين مرة.

فعن أبي هريرة ا قال: جاء الفقراء إلى النبي ه؛ فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون، ويتصدقون، قاله: «ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه؛ إلا من عمل مثله؛ تسبحون، وتحمدون، وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص325)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج6 ص43)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج1 ص368).

الصفة الرابعة: أو يقول المسلم: «سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر» ثلاثا وثلاثين مرة ؛ أي: يقولها: ثلاثا وثلاثين مرة مجموعة إلى بعض دون تفريق.

الصفة الخامسة: أو يقول المسلم: «سبحان الله» خمسا وعشرين مرة، و«الحمد لله» خمسا وعشرين مرة، و«الله أكبر» خمسا وعشرين مرة، و«لا إله إلا الله» خمسا وعشرين مرة.

فعن زيد بن ثابت ا أنه قال: «أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، ونحمد ثلاثا وثلاثين، ونكبر أربعا وثلاثين، فأتي رجل([2]) من الأنصار في نومه فقيل له: أمركم رسول الله ه أن تسبحوا في دبر كل صلاة كذا وكذا؟ قال: نعم. قال: فاجعلوها خمسا وعشرين، واجعلوا فيها التهليل([3]). فلما أصبح أتى النبي ه فأخبره، فقال رسول الله ه فافعلوا».

حديث صحيح.

أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص402)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص76)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص184)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص479) بإسناد صحيح.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رجلا رأى فيما يرى النائم، قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم ه قال: أمرنا أن نسبح ثلاثا وثلاثين، ونحمد ثلاثا وثلاثين، ونكبر أربعا وثلاثين؛ فتلك مائة، قال: سبحوا خمسا وعشرين، واحمدوا خمسا وعشرين، وكبروا خمسا وعشرين، وهللوا خمسا وعشرين، فتلك مائة، فلما أصبح ذكر ذلك للنبيه، فقال رسول الله ه: افعلوا كما قال الأنصاري».

حديث حسن. أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص402)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص76)، والسراج في «المسند» (ق81/ط)، والطبراني في «الدعاء» (ج2 ص1134 و1135) بإسناد حسن.

قلت: ويعقد المسلم الكريم أذكار: «التسبيح» و«التحميد» و«التكبير» بأنامل يده اليمنى، أو بأصابع يده اليمنى، وهو الأفضل لظاهر السنة النبوية.

وإليك الدليل:

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: «رأيت رسول اللهه يعقد التسبيح بيمينه»، وفي رواية: «يعقد التسبيح بيده»، وفي رواية: «يعقد التسبيح». حديث صحيح بهذا اللفظ المختصر ([4]).

أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص316)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص547)، والبغوي في «شرح السنة» (ج5 ص47). وإسناده صحيح.

ثالثا: أن يقول المسلم الكريم: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد»، مرة واحدة.

فعن وراد مولى المغيرة بن شعبة؛ قال: كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية بن أبي سفيان؛ أن رسول الله ه كان إذا فرغ من الصلاة، وسلم قال: «لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد»، وفي رواية: «أن النبي ه كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة... ».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص414)، ومسلم في «صحيحه» (593)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص82)، والبغوي في «شرح السنة» (ج3 ص225).

رابعا: أن يقول المسلم الكريم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون». مرة واحدة.

فعن أبي الزبير المكي قال: سمعت عبدالله بن الزبير ا يخطب على هذا المنبر، وهو يقول: كان رسول الله ه، يقول: إذا سلم في دبر صلاة، أو الصلوات: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون». وفي رواية: «كان رسول الله ه يهلل بهن([5]) دبر كل صلاة».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص416)، والشافعي في «المسند» (ج1 ص99)، وأبو داود في «سننه» (ج1 ص82)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص225(.

خامسا: أن يقرأ المسلم الكريم: «آية الكرسي»، مرة واحدة، وتكون القراءة سرا.

ﭧ ﭨ ﮋ              ﮩﮪ          ﮯﮰ                 ﯘﯙ  ﯚ ﯛ           ﯠﯡ             ﯧﯨ                    ﯰﯱ                 ﯵﯶ            ﯹﯺ        . [البقرة:255].

فعن أبي أمامة الباهلي ا، قال: قال رسول الله ه : «من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت».

حديث صحيح.

أخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» (ص182)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج8 ص134)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (ص65). بإسناد صحيح.

قلت: ولا يجهر المسلم الكريم بآية الكرسي، ولا بسورة الفلق، ولا سورة الناس، ولا غيرها من القرآن بعد الصلاة، لأنه لم يكن النبيه، وأصحابه الكرام يجهرون بعد الصلاة بشيء من القرآن، فجهر الإمام، والمأموم بذلك، والمداومة عليها بدعة في الدين بلا ريب.

سادسا: أن يقرأ المسلم الكريم: سورة «الفلق»، وسورة «الناس»، مرة واحدة، وتكون القراءة سرا([6]).

ﭧ ﭨ ﮋ                                                             ﭿ   ].الفلق:1-5].

وﭧ ﭨ ﮋ              ﮆ ﮇ                                          .]الناس:1-6].

وإليك الدليل:

فعن عقبة بن عامر الجهني ا، قال: «أمرني رسول الله هأن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة». وفي رواية: «أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة».

حديث صحيح. أخرجه الترمذي في «سننه» (ج5 ص171) وأبو داود في «سننه» (ج2 ص86)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص201)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص397) بإسناد صحيح.

 

 

 

[

 

                                               

 

 

 

 

 

 



[1] ) أخرجه البخاري في «صحيحه» (845).

[2] ) يعني: فرأى رجل من الأنصار في المنام، كما في رواية.

[3] ) يعني: لا إله إلا الله.

انظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (ج4 ص3786).

     قال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في «تمام المنة» (ص228): (فقوله «التهليل» لا يتبادر منه إلا قوله «لا إله إلا الله»؛ فإنه المراد من اللغة؛ كما في لسان العرب، والزيادة عليه تحتاج إلى نص هنا، وهو مفقود).اهـ

[4] ) قلت: ولا يصح هذا الحديث إلا بهذا اللفظ المختصر ومن طريق الاعمش فقط، وروي مطولا؛ ولا يصح للاختلاف في سنده، ولفظه، وموطن تخريجه في موطن آخر.

وانظر: «السنن» للترمذي (ج5 ص487).

[5] ) يهلل بهن، أي: يرفع صوته بتلك الكلمات، كما في رواية.

[6] ) قلت: ولا يصح حديث: قراءة «قل هو الله أحد» بعد السلام، وكذلك لا يصح حديث: «التهليل عشرا»؛ بعد صلاة الفجر، وصلاة المغرب.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan