القائمة الرئيسة
الرئيسية / ينابيع الأنهار في فقه الكتاب والسنة والآثار / الضياء في فضل الصلاة ركعتين في مسجد قباء

2023-12-11

صورة 1
الضياء في فضل الصلاة ركعتين في مسجد قباء

  ﭒ ﭓ ﭔ          

«رب يسر يا كريم»

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،

فهذا جزء حديثي لطيف من سلسلتنا العلمية الأثرية؛ التي أسأل الله سبحانه أن يعظم النفع بها، وأن ييسر قبولها بين أهل العلم، وطلبته قبولا حسنا.

ولقد سقت في هذا الجزء فضل الصلاة ركعتين في مسجد قباء بأدلة من السنة النبوية للعمل بأوامر النبي r وتطبيقها، وهذا هو منهج أهل الأثر قديما وحديثا.

هذا وأسأل الله تعالى السداد والتوفيق، إنه سميع مجيب.

أبو عبدالرحمن الأثري

  ﭒ ﭓ ﭔ          

«وهو حسبي»

ذكر الدليل على فضل

الصلاة ركعتين في مسجد قباء

 

1) عن أسيد بن ظهير الأنصاري رضي الله عنه عن النبي ه أنه قال: «الصلاة في مسجد قباء كعمرة». وفي رواية: «صلاة في مسجد قباء كعمرة».

حديث حسن لغيره

أخرجه الترمذي في «سننه» (324)، وابن ماجه في «سننه» (1411)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص363) و(ج11 ص241)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص487)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج2 ص215)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج1 ص119)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج1 ص77)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج4 ص281 و282)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص245)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1989)، وعمر بن شبة في «تاريخ المدنية» (ج1 ص41)، والطبراني في «المعجم الكبير» (570)، وأبو يعلى في «المسند» (7172)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص248)، وفي «السنن الصغرى» (1776)، وفي «شعب الإيمان» (4190)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص47)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج9 ص528)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج1 ص263)، والبغوي في «شرح السنة» (459)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج1 ص114)، وأبو أحمد الحاكم في «الأسامي والكنى» (ج2 ص418)، والديلمي في «فردوس الأخبار» (ج2 ص545) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة عن عبدالحميد بن جعفر قال: حدثنا أبو الأبرد مولى بني خطمة أنه سمع أسيد بن ظهير الأنصاري رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده فيه أبو الأبرد، وهو مقبول؛ كما في «التقريب» لابن حجر (ص249)؛ أي: حيث يتابع، والإ فلين الحديث، وقد توبع.

وقد روى عنه عبدالحميد بن جعفر، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص580)، وترجم له البخاري في «التاريخ الكبير» (ج9 ص8)، ولم يذكر فيه جرحا، ولا تعديلا، وتبعه على ذلك ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج9 ص336).

وذكره مسلم في «الكنى» (ص86)، ولم يورد فيه شيئا.

وقال الذهبي في «الكاشف» (ج1 ص263) عنه (وثق)، فهو حسن في المتابعات والشواهد.

وقال الترمذي في «السنن» (ج2 ص146): هذا حديث حسن غريب ([1])، ولا نعرف لأسيد بن ظهير شيئا يصح غير هذا الحديث، ولا نعرفه إلا من حديث أبي أسامة عن عبدالحميد بن جعفر.

ونقل الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (ج1 ص75) عنه أنه قال: (حسن صحيح).

قال الشيخ أحمد شاكر في «تعليقه على سنن الترمذي» (ج2 ص146): (وكل نسخ سنن الترمذي التي بين يدي ليس فيها التصحيح، بل التحسين فقط).

2) وعن سهل بن حنيف t قال: قال رسول الله ه: (من توضأ فأحسن الوضوء؛ ثم صلى في مسجد قباء ركعتين كانت له عمرة ). وفي رواية: (من خرج حتى يأتي هذا المسجد -يعني: مسجد قباء- فيصلي فيه، كان كعدل عمرة»([2]).

حديث حسن

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج6 ص75)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص258)، وفي «المجتبى» (ج2 ص37)، وابن ماجه في «سننه» (1412)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص487)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص12)، وعمر بن شبة في «تاريخ المدينة» (ج1 ص40)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج2 ص130)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص96)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (4191)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج13 ص265)، وابن الجوزي في «مثير العزم الساكن» (ص243)، وابن النجار في «أخبار المدينة» (ص285) من طرق عن محمد بن سليمان الكرماني قال: سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يقول: قال: أبي سهل بن حنيف t به.

قلت: وهذا سنده حسن فيه محمد بن سليمان الكرماني روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص372)، وقال عنه ابن حجر في «التقريب» (ص850): «مقبول»؛ أي حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، وقد توبع، فالإسناد حسن.

وذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص96)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج7 ص267)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد، ووافقه الذهبي.

وقال العراقي في «المغني» (ج1 ص260): (أخرجه النسائي، وابن ماجه من حديث سهل بن حنيف بإسناد صحيح).

والحديث صححه الشيخ الألباني في «الثمر المستطاب» (ج2 ص570).

وبوب عليه الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص258): فضل مسجد قباء والصلاة فيه.

ويؤيده؛ حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان النبي ه يأتي قباء راكبا وماشيا؛ فيصلي فيه ركعتين». وفي رواية: «كان النبي ه يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيا وراكبا». وفي رواية: «كان النبي ه يزور مسجد قباء».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص69)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص1016)، وأبو داود في «سننه» (ج2 ص533)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص373)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص57)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص238)، وفي «شعب الإيمان» (3890) و(3891)، وابن حبان في «صحيحه» (1628)، والطيالسي في «المسند» (1840) من طريق نافع، وعبدالله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما به.

وعن نافع قال: «كان ابن عمر t يأتي مسجد قباء كل سبت، فإذا دخل المسجد كره أن يخرج منه حتى يصلي فيه».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص68)، واللفظ له، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص1017) من طريق نافع، وعبدالله بن دينار به.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (ج3 ص69): (وفي الحديث دلالة على فضل قباء، وفضل المسجد الذي بها، وفضل الصلاة فيه). اهـ

وبوب عليه الحافظ النووي رحمه الله في «المنهاج» (ج9 ص169): باب فضل مسجد قباء، وفضل الصلاة فيه، وزيارته.

وبوب عليه الحافظ البخاري رحمه الله في «صحيحه» (ج3 ص69): باب من أتى مسجد قباء كل سبت.

وبوب عليه الحافظ البخاري رحمه الله في «صحيحه» (ج3 ص69): باب إتيان مسجد قباء ماشيا وراكبا.

وعن سعد بن أبي وقاص t قال: «والله لأن أصلي في مسجد قباء ركعتين أحب إلي من أن آتي إلى بيت المقدس مرتين، ولو يعلمون ما فيه لضربوا إليه أكباد الإبل».

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص1149)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص13)، وابن شبه في «تاريخ المدينة» (ج1 ص42)، وابن النجار في «أخبار المدينة» (ص285) من طريق هاشم بن هاشم عن عامر بن سعد، وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص t.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج3 ص69)، والشيخ الألباني في «الثمر المستطاب» (ج2 ص573).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين، وأصحاب النبي ه في مسجد قباء؛ فيهم أبو بكر، وعمر، وأبو سلمة، وزيد، وعامر بن ربيعة».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص167) من طريق عبدالله بن وهب أخبرني ابن جريج أن نافعا أخبره أن ابن عمر t به.

قلت: وهذه الأحاديث تدل على فضل الصلاة في مسجد قباء، وهي أن يصلي فيه ركعتين، وله أجر عمرة تامة، والله ولي التوفيق([3]).

قال الحافظ النووي رحمه الله في «المنهاج» (ج9 ص170): (وفي هذه الأحاديث بيان فضله، وفضل مسجده، والصلاة فيه، وفضيلة زيارته، وأنه تجوز زيارته راكبا وماشيا). اهـ

وقال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج3 ص233): (زيارة مسجد قباء سنة... وجاء أن زيارته، والصلاة فيه ركعتين كعمرة). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في «شرح صحيح مسلم» (ج3 ص573): (في هذا: دليل على أن الرسول ه يزور قباء، وفيه: بيان الزمان، والعمل، والهيئة: أما الزمان: فهو يوم السبت، وأما العمل: فإنه يصلي فيه ركعتين، وأما الهيئة: فإنه يكون راكبا تارة، وماشيا تارة، وفيه: استحباب زيارة هذا المسجد، وأن يصلي الإنسان فيه ركعتين، وينبغي أن يخرج متطهرا). اهـ

قلت: ولا تشد الرحال إلى مسجد قباء؛ أي: لا يسافر إليه مباشرة، ويقصد بذاته، بل إذا أتى العبد المدينة النبوية، يستحب له أن يزور مسجد قباء، ويصلي فيه ركعتين، لأنه لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام وهو أفضلها، ومسجد النبي في المدينة وهو الذي يليه، والثالث المسجد الأقصى([4]).

وإليك الدليل:

فعن أبي سعيد الخدري t عن النبي ه قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي».

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص70) من طريق شعبة عن عبدالملك سمعت قزعة مولى زياد قال: سمعت أبا سعيد الخدريt به.

والله ولي التوفيق

 

[

 

 

 

 



([1]) وانظر: «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (ج2 ص280).

([2]) قال السندي رحمه الله في «حاشيته على سنن النسائي» (ج1 ص37): (قوله ه: (كان كعدل)؛ أي: كان أجره؛ كأجر العمرة). اهـ 

([3]) وانظر: «شرح صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج3 ص574)، و«أخبار المدينة» لابن النجار (ص285)، و«مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن» لابن الجوزي (ص243).

([4]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج3 ص235)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص67).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan