الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه تحرير رواية: أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل، وأنه لم يسمع منه شيئا
جزء فيه تحرير رواية: أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل، وأنه لم يسمع منه شيئا
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
41 |
تحرير رواية: أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل، وأنه لم يسمع منه شيئا
ومعه:
تخريج؛ حديث: معاذ بن جبل: في ((ظل العرش))، وأنه حديث منكر
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد،
فهذا جزء لطيف في تحرير رواية: أبي إدريس الخولاني، عن معاذ بن جبل t، نقدمه لطلبة الحديث، ونرجو من الله تعالى أن ينفع به، وهو ولي التوفيق.
كتبـــه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن: أبا إدريس الخولاني، لم يسمع من معاذ بن جبل t الأحاديث، التي رواها عن معاذ بن جبل t
* على سبيل المثال:
عن معاذ بن جبل t قال: سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظله).
حديث منكر مضطرب
* وهذا الحديث: اختلف فيه الرواة، في سنده، ومتنه، اختلافا شديدا، واضطربوا فيه: ([1])
* فرواه صدقة بن خالد، وبشر بن بكر التنيسي ([2])؛ كلاهما: عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطاء بن عبد الله الخراساني قال: سمعت أبا إدريس الخولاني يقول: دخلت مسجد حمص فجلست في حلقة كلهم يحدث عن رسول الله r، وفيهم فتى شاب إذا تكلم أنصت القوم، وإذا حدث رجل منهم أنصت له، قال: فتفرقوا ولم أعلم من ذلك الفتى، فانصرفت إلى منزلي فما قرتني نفسي حتى رجعت إلى المسجد فجلست فيه فإذا أنا به فقمت معه حتى أتى عمودا من عمد المسجد وركع ركعات حسان، ثم جلس فاستقبلته فطال سكونه لا يتكلم، فقلت: حدثني رحمك الله، فوالله إني لأحبك، وأحب حديثك، فقال لي: آلله؟ قلت: آلله، فدنا مني حتى لصقت ركبتي بركبتيه، ثم قال، فيما أظن: الحمد لله، سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون بجلال الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله)، قلت: من أنت يرحمك الله؟، قال: أنا معاذ بن جبل. فقمت من عنده، فإذا أنا بعبادة بن الصامت، فقلت: يا أبا الوليد، إن معاذا حدثني حديثا، قال: وما الذي حدثك؟ قال: سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون في جلال الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله) فقال لي عبادة: تعال أحدثك ما سمعت من رسول الله r يروي عن ربه قال: فأتيته فقال: سمعت رسول r يقول: قال ربك تعالى: (حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي للمتجالسين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي على المتباذلين في).
حديث منكر
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص191)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص206)، والذهبي في «جزء فيه أهل المائة» (ص72 و73)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3893)، والطبراني في «مسند الشاميين» (625)، وفي «المعجم الكبير» (ج20 ص79)، والشاشي في «المسند» (ج3 ص158 و278 و279).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عطاء بن عبد الله الخراساني، وهو صاحب أوهام كثيرة. ([3])
قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص679): (عطاء بن عبد الله الخراساني: صدوق؛ يهم كثيرا، ويرسل، ويدلس).
وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص3): (وعطاء الخراساني، أحد العلماء الفضلاء، وربما كان في حفظه شيء).
وقال الحافظ ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص130 و131): (كان من خيار عباد الله، غير أنه رديء الحفظ، كثير الوهم، يخطئ، ولا يعلم فحمل عنه، فلما كثر ذلك في روايته: بطل الاحتجاج به).
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص64): (عطاء الخراساني: ليس بالقوي).
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص264): (عطاء الخراساني: غير قوي).
قلت: ومن أجل ذلك، أدخله الحافظ البخاري في كتاب: «الضعفاء والمتروكين» (ص286).
وأورده الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج3 ص1100)، والحافظ ابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكين» (ج2 ص178).
* ورمز لعطاء الخراساني: الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص679)؛ بـ«م،4»، ثم قال: «لم يصح، أن البخاري: أخرج له».
* وأما الحافظ المزي في «تهذيب الكمال» (ج20 ص106)، فرمز له، رمز الستة: «ع»، فهو يرى أن البخاري([4])، روى عنه، في موضعين، أثرين: عن ابن عباس ﭭ.
الأول: في كتاب «التفسير» (ج6 ص199)، رقم: (4920).
والثاني: في كتاب «الطلاق» (ج7 ص62)، رقم: (5286).
* فروى الحافظ البخاري؛ لعطاء الخراساني؛ حديثين، لم ينسبه في واحد منهما.
والظاهر أنه اعتقد أنه عطاء بن أبي رباح، وهو كان: عطاء بن عبد الله الخراساني، ولم يعلم به، فوهم في ذلك.
قال الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص199)؛ حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام، عن ابن جريج قال: وقال عطاء عن ابن عباس ﭭ: (صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد... الحديث)، بطوله: هو موقوف.
أخرجه البخاري في كتاب: «التفسير»، من «سورة نوح»، في باب: (ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق). [نوح: 23]، رقم: (4920).
وقال الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج7 ص62)؛ حدثنا إبراهيم بن موسى: أنبأنا هشام، عن ابن جريج قال: وقال عطاء عن ابن عباس ﭭ: (كان المشركون على منزلتين من النبي r والمؤمنين... الحديث). ([5])
أخرجه البخاري في كتاب: «الطلاق»، من «سورة نوح»، في باب: (نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن)، رقم: (5286).
قال الحافظ ابن مسعود الدمشقي رحمه الله في «الأطراف» (ج20 ص115-التهذيب)؛ عقب الحديثين المتقدمين: (هذان الحديثان: ثبتا من تفسير: ابن جريج، عن عطاء الخراساني عن ابن عباس ﭭ.
* وابن جريج: لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، إنما أخذ الكتاب من ابنه: ونظر فيه). اهـ
قلت: وهذا يدل أن الحافظ البخاري، ظنه: عطاء بن أبي رباح، وهو الصحيح: أنه عطاء بن عبد الله الخراساني.
والذين ترجموا: لرجال البخاري، ترجموا؛ لعطاء بن أبي رباح، متابعة منهم له.
وهذا يعني: أن المذكور في هذين الحديثين، هو عطاء بن عبد الله الخراساني، فوهم البخاري فيه.
وقد اعتذر الحافظ ابن حجر، للبخاري في زياداته على «التهذيب» (ج7 ص214)؛ بقوله: (أراد المؤلف من سياق هذا، أن عطاء المذكور، في الحديثين: هو الخراساني، وأن الوهم تم على البخاري في تخريجهما، لأن عطاء الخراساني، لم يسمع من ابن عباس ﭭ، وابن جريج: لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، فيكون الحديثان: منقطعين في موضعين.
* والبخاري: أخرجهما، لظنه أنه: ابن أبي رباح، وليس ذلك بقاطع في أن البخاري: أخرج لعطاء الخراساني، بل هو أمر مظنون.
* ثم أنه ما المانع، أن: يكون ابن جريج؛ سمع هذين الحديثين: من عطاء بن أبي رباح، خاصة في موضع آخر، غير التفسير، دون ما عداهما من التفسير.
* فإن ثبوتهما في تفسير عطاء الخراساني، لا يمنع أن يكونا عند عطاء بن أبي رباح أيضا، هذا أمر واضح، بل هو المتعين، ولا ينبغي الحكم على البخاري بالوهم بمجرد هذا الاحتمال، لا سيما والعلة في هذا محكية، عن شيخه علي بن المديني.
* فالأظهر، بل المحقق، أنه كان مطلعا على هذه العلة، ولولا ذلك لأخرج في التفسير جملة من هذه النسخة، ولم يقتصر على هذين الحديثين خاصة، والله أعلم.
* ولا سيما أن البخاري، قد ذكر عطاء الخراساني في «الضعفاء»، وذكر حديثه عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة t؛ أن النبي r؛ «أمر الذي واقع في شهر رمضان بكفارة الظهار»، وقال: لا يتابع عليه.
ثم ساق بإسناد له: عن سعيد بن المسيب؛ أنه قال: «كذب علي عطاء، ما حدثته هكذا».
* ومما يؤيد أن البخاري، لم يخرج له شيئا، أن الدارقطني، والحبال، والحاكم، واللالكائي، والكلاباذي، وغيرهم؛ لم يذكروه في رجاله). اهـ
فما ذكره الحافظ ابن حجر: يؤيد أن البخاري، ظنه: ابن أبي رباح، والذين ترجموا، لرجال البخاري: ترجموا، لابن أبي رباح، متابعة منهم له.
وهذا كله لا يعني، بل لا يثبت، أن المذكور في هذين الحديثين، ليس عطاء الخراساني.
قلت: فقد جعل الحافظ ابن حجر، بعدم وهم الحافظ البخاري في الحديثين، بغير دليل قاطع. ([6])
* والأظهر: ما ذكره الحافظ المزي، أنه عطاء بن عبد الله الخراساني.
وقد أثبت الحافظ ابن المديني في «العلل» (ج20 ص116-التهذيب)؛ أنه: عطاء الخراساني، فقال: (سمعت هشام بن يوسف قال: قال لي ابن جريج: سألت عطاء عن التفسير من البقرة، وآل عمران، فقال: اعفني من هذا،
* قال هشام: فكان بعد إذا قال: عطاء عن ابن عباس، قال: الخراساني.
* قال هشام: فكتبنا حينا، ثم مللنا، قال علي بن المديني: يعني؛ كتبنا، أنه: عطاء الخراساني.
* قال علي بن المديني: وإنما كتبت هذه القصة؛ لأن محمد بن ثور: كان يجعلها، عن عطاء عن ابن عباس، فيظن من حملها عنه، أنه عطاء بن أبي رباح).اهـ
ويؤيده: فقد أخرج عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج8 ص667-الفتح)؛ هذا الحديث؛ عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء الخراساني عن ابن عباس t به.
قلت: وهذا يدل أنه: عطاء بن عبد الله الخراساني.
وذكر صالح بن أحمد بن حنبل في «العلل» (ج8 ص667-الفتح)؛ عن علي بن المديني قال: (سألت يحيى القطان؛ عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني، فقال: ضعيف).
قلت: وهذا يدل على أن الحافظ البخاري على تشدده في شرط اتصال الإسناد، إلا أنه هنا خفي عليه الانقطاع في أثر ابن عباس t، مع أنه في الغالب يعتمد في العلل على شيخه: علي بن المديني، وهو الذي نبه على هذه القصة بالانقطاع، وهذا يدل على أن العالم يخطئ ويصيب كائنا من كان. ([7])
قال ابن طهمان في «السؤالات» (ص85): (قال ابن معين: عطاء الخراساني، لم يسمع من ابن عباس).
وقال الإمام أحمد: (عطاء الخراساني، لم يسمع من ابن عباس شيئا). ([8])
وكذا ذكر الحافظ عبد الغني المقدسي في «الكمال» (ج7 ص309)؛ عن ابن عباس؛ مرسلا.
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص263): (عطاء الخراساني: لم يدرك ابن عباس، ولم يره).
قلت: ثم إن أبا إدريس الخولاني، لا يصح سماعه من معاذ بن جبل، وهو الصواب.
وإليك الدليل:
فعن الزهري عن أبي إدريس الخولاني، أنه قال: (أدركت: أبا الدرداء، ووعيت عنه، وعبادة بن الصامت، ووعيت عنه، وشداد بن أوس، ووعيت عنه، وفاتني معاذ بن جبل، فأخبرني: فلان عنه).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص73)، وفي «التاريخ الأوسط» (215)، ومعمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (20749)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص340)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص125)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج26 ص155) من طريق سفيان بن عيينة، ومعمر، كلاهما: عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الدارقطني في «العلل» (ج6 ص71)؛ ثم قال: (وخالفهم محمد بن مسلم الزهري، وهو أحفظ من جميعهم، فرواه عن أبي إدريس الخولاني... فذكره).
قلت: وهذا أبو إدريس الخولاني، يحكي عن نفسه، أنه لم يدرك معاذ بن جبل، ولم يسمع منه، فالقول: هو قوله، وهو مقدم على غيره في هذا.
* ويؤكد ذلك، أن أبا إدريس الخولاني كان قد ولد في «غزوة حنين»، وهي في أواخر؛ سنة: «ثمان»، ومات معاذ بن جبل، في سنة: «ثمان عشرة».
* فيكون سن أبي إدريس الخولاني حين مات معاذ بن جبل، «تسع سنوات»، ونصفا، أو نحو ذلك.
فيبعد في العادة، أن يجاري معاذا، في المسجد، هذه المجاراة، ويخاطبه: هذه المخاطبة. ([9])
إذا فإن أبا إدريس الخولاني، لا يصح سماعه من معاذ بن جبل t([10])، وهو الصواب.
قال الحافظ يحيى بن معين في «التاريخ» (ج4 ص432): (قال أبو إدريس الخولاني: فاتني معاذ، فحدثني عنه: يزيد بن عميرة).
وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص83): (قال ابن عيينة، ومعمر عن الزهري عن أبي إدريس، يعني: الخولاني، قال: «أدركت عبادة بن الصامت: وعيت عنه، وأدركت أبا الدرداء: ووعيت عنه، وأدركت شداد بن أوس: ووعيت عنه، وفاتني: معاذ بن جبل»).
وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص126): (قلت: لأبي؛ سمع أبو إدريس الخولاني، من معاذ بن جبل؟، قال: يختلفون فيه، فأما الذي عندي، فلم يسمع منه).
وكذا قال الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج6 ص71) في عدم سماع أبي إدريس من معاذ بن جبل.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله في «أحكام القرآن» (ص187): (ونحن لا نقبل الحديث المنقطع؛ عمن: هو أحفظ، من عمرو بن شعيب، إذا كان منقطعا). اهـ
وأما الحافظ ابن عبد البر في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (ج11 ص114)، فقد ذهب إلى صحة سماع أبي إدريس الخولاني من معاذ بن جبل، بقوله: (واختلف في سماعه من معاذ بن جبل، والصحيح: أنه أدركه، وروى عنه، وسمع منه([11])، وقد يحتمل، أن تكون رواية من روى عنه: «فاتني معاذ»؛ أي: فاتني في معنى كذا، أو خبر كذا ([12])، لأن أبا حازم، وغيره، روى عنه، أنه رأى معاذ بن جبل، وسمع منه([13])، ومن أدرك أبا عبيدة، فقد أدرك معاذا، لأنه مات قبله، في طاعون عمواس وقد سئل: الوليد بن مسلم -وكان من العلماء بأخبار الشام- هل لقي: أبو إدريس الخولاني، معاذ بن جبل؟ فقال: نعم، أدركهما ([14])، وهو ابن عشر سنين، لأنه: ولد عام «حنين»).اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص126): (وإذا صح عن أبي إدريس: أنه؛ لقي معاذ بن جبل، فيحتمل ما حكاه: ابن شهاب عنه من قوله: «فاتني معاذ» يريد فوت لزوم، وطول مجالسة، أو فاتني في حديث: كذا، أو معنى كذا، والله أعلم). اهـ
وتعقبه في ذلك الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (ج5 ص75): (إذا كان قد ولد في «غزوة حنين»، وهي في أواخر سنة: «ثمان»، ومات معاذ بن جبل، سنة: «ثمان عشرة»([15])، فيكون سنه -يعني: الخولاني- حين مات: معاذ بن جبل: «تسع سنوات»، ونصفا، أو نحو ذلك، ويبعد في العادة أن يجاري معاذا، في المسجد هذه المجاراة، ويخاطبه هذه المخاطبة، على ما اشتهر من عادتهم، أنهم لا يطلبون العلم، إلا بعد البلوغ). اهـ
قلت: والجمع الذي جمع به الحافظ ابن عبد البر، قد سبقه إليه الحافظ الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38 و39)، وساقه من طرق على أبي إدريس، أنه سمع معاذ بن جبل، بالقصة المذكورة، ولم يصب، لما ذكرنا من ضعف هذه الطرق كلها.
قال الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (ج5 ص75): (والزهري: يحفظ عن أبي إدريس، أنه لم يسمع من معاذ بن جبل). اهـ
وأخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص37)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص79)، وفي «مسند الشاميين» (2433)، و(2434) من طريق عروة بن مروان الرقي قال: حدثنا شعيب بن رزيق عن عطاء الخراساني عن أبي إدريس عائذ الله قال: (أتيت مسجد حمص([16])، فجلست إلى حلقة، فيها ثلاثون رجلا من أصحاب رسول الله r، وفيهم شاب آدم خفيف العارضين، براق الثنايا، فقلت: من هذا، فقالوا: هذا معاذ بن جبل، فلما تفرقوا، دنوت منه، فقلت: والله إني لأحبك في الله عز وجل، فضرب بيده إلى حبوتي، فاجرني حتى ألصق ركبتي، وقال: أبشر إن كنت صداقا، فإني سمعت رسول الله r يقول: المتحابون بجلال الله تحت ظل العرش يوم لا ظل؛ إلا ظله).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عروة بن مروان الرقي، وهو ضعيف لا يحتج به، قال عنه الحافظ الدارقطني: «كان أميا، ليس بالقوي في الحديث».([17])
* وعطاء بن عبد الله الخراساني، كثير الأوهام([18])، والوهم([19]) بذكر زيادة: «تحت ظل العرش» منه، ومن عروة بن مروان أيضا.
قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص64): (عطاء الخراساني: ليس بالقوي).
وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص264): (عطاء الخراساني: غير قوي).
وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص127) من طريق ضمرة عن ابن عطاء عن أبيه عطاء الخراساني عن أبي إدريس الخولاني، قال: (دخلت مسجد حمص، فإذا فيه ثلاثون، رجلا، أو نحو ذلك، في حلقة من أصحاب النبي r، كلهم يحدث عن النبي r، وإذا فيهم رجل وضيء الوجه، أكحل العينين، براق الثنايا، وإذا هم يسندون حديثهم إليه، فإذا هو: معاذ بن جبل). وليس فيه: «في ظل عرشه».
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عثمان بن عطاء الخراساني، وهو ضعيف، كما في «التقريب» لابن حجر (ص666)، وعطاء الخراساني، له أوهام، لا يحتج به.
* ورواه كثير بن عبيد بن نمير المذحجي حدثنا بقية بن الوليد ثنا عتبة بن أبي حكيم حدثني عطاء بن أبي مسلم الخراساني قال: حدثني أبو إدريس الخولاني قال: (جئت إلى حمص في طلب حاجة أردتها، قال: فدخلت المسجد مع العشاء، فنظرت، فإذا الحلقة فيها ثلاثون رجلا، أو أقل، أو أكثر يتحدثون، كلهم يقول: سمعت رسول الله r... قال معاذ بن جبل t سمعت رسول الله r يقول: «إن المتحابين في الله في ظل العرش»، فقال عبادة بن صامت t: صدق معاذ، سمعت رسول الله r، يروي عن ربه تبارك وتعالى يقول: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتصافين في، وحقت محبتي للمتباذلين في).
حديث منكر
أخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في «تاريخ داريا» (ص68 و69)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص79)، وفي «مسند الشاميين» (843).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عتبة بن أبي حكيم الهمداني، وهو كثير الخطأ، والأوهام، وضعفه ابن معين، والنسائي، وغيرهما. ([20])
قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص657): (عتبة بن أبي حكيم الهمداني: صدوق، يخطئ كثيرا).
قلت: فأخطأ في ذكره، لزيادة: «في ظل العرش».
فهو حديث منكر.
* وعطاء الخراساني، له أوهام في الحديث، وقد سبق ذكره.
* ورواه شعبة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن أبي إدريس الخولاني قال: (جلست مجلسا فيه عشرون من أصحاب محمد r، فإذا فيهم شاب حسن الوجه، حسن السن، أدعج العينين، أغر الثنايا، فإذا اختلفوا في شيء، أو قالوا قولا انتهوا إلى قوله، فإذا هو معاذ بن جبل t، فلما كان من الغد جئت فإذا هو يصلي عند سارية، فحذف صلاته ثم احتبى فسكت، فقلت: إني لأحبك من جلال الله، فقال: آلله؟، فقلت: آلله، فقال: فإن المتحابين في الله - قال: أحسب أنه قال: في ظل الله يوم لا ظل؛ إلا ظله. ثم ليس في بقيته شك - يوضع لهم كراسي من نور، يغبطهم بمجلسهم من الرب تبارك وتعالى النبيون والصديقون والشهداء. قال: فحدثت به عبادة بن الصامت، فقال: لا أحدثك إلا ما سمعت على لسان رسول الله r؛ أنه قال: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، وحقت محبتي للمتصافين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتواصلين في). شك شعبة في المتواصلين والمتزاورين.
حديث منكر
ولم يذكر: «في ظل العرش».
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص190 و191)، والشاشي في «المسند» (ج3 ص157)، والطيالسي في «المسند» (573)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص229)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص126 و127)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص307)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص233)، وفي «شعب الإيمان» (8993)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص324).
قلت: وهذا سنده اختلف فيه، واضطرب فيه الرواة([21])، فلا يحتج به، وهو غير محفوظ، بهذا اللفظ، وليس فيه موضع الشاهد: «في ظل عرشه».
ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.
فمرة لا تذكر، ومرة تذكر، ومرة مطولا، ومرة مختصرا.
وأورده ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج13 ص249).
وأخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص37 و38)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص306) من طريق شعبة عن يعلى بن عطاء قال: سمعت الوليد بن عبد الرحمن يحدث عن أبي إدريس العائذي قال: (ذكرت لعبادة بن الصامت t، حديث: معاذ بن جبل t، في المتحابين، فقال: لا أحدثكم؛ إلا ما سمعت على لسان محمد r: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتصافين في، أو المتلاقين في).
وليس فيه موضع الشاهد، وشعبة بن الحجاج، لم يذكر: «في ظل عرشه».
* ورواه العباس بن الوليد بن مزيد، أخبرني أبي، حدثني الأوزاعي، عن ابن حلبس([22])، عن أبي إدريس عائذ الله، قال: مر رجل، فقمت إليه فقلت: إن هذا حدثني بحديث رسول الله r، فهل سمعته؟ يعني معاذا. قال: ما كان يحدثك إلا حقا، فأخبرته، فقال: قد سمعت هذا من رسول الله r؛ يعني المتحابين في الله يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وما هو أفضل منه. قلت: إي رحمك الله، وما هو أفضل منه؟ قال: سمعت رسول الله r يأثر عن الله عز وجل قال: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، ولا أدري بأيتهما بدأ. قلت: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت).
حديث منكر
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص190).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، وهو صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص489).
وقد خالف من هو أوثق منه، وأحفظ، وأشهر؛ في ذكره زيادته: لـ«ظل عرشه»، وهي زيادة منكرة، والعباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، لا يحتمل؛ بمثل: هذه الأحاديث، وهذه الرواية وقع: فيها وهم، وأنها ليست محفوظة.
وعليه؛ فهو: حديث منكر غريب، بهذا اللفظ، والمحفوظ ما تقدم من حديث أبي هريرة t، وفيه: «ظل الله تعالى».
والحاصل: أنه لا يصح في هذا الباب شيء مرفوع عن النبي r.
* فقول الحاكم: هذا إسناد على شرط الشيخين، فيه نظر، لأن العباس بن الوليد البيروتي، ليس من رجال الشيخين، وكذلك: أبوه الوليد البيروتي. ([23])
قلت: وأيضا وقد وقع هذا الوهم من الأوزاعي أيضا، فإنه أنكرت عليه أحاديث في بعض مشيخته([24])، فزيادته هذا، تدل على وهمه، وقد خالف الجماعة في ذلك.
وقد خالفه: مالك بن أنس، وهو أحفظ منه، وأثبت في الحفظ، فلم يذكر: «المتحابون في الله عز وجل، يظلهم الله عز وجل بظل عرشه يوم لا ظل؛ إلا ظله».
فأخرجه مالك بن أنس في «الموطأ» (ج2 ص953 و954)، ومن طريق مالك، أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص233)، والحاكم في «المستدرك» (ج9 ص189)، والجوهري في «مسند الموطأ» (422)، وابن حبان في «صحيحه» (575)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1449)، و(1450)، والطبراني في «المعجم الكبير» (150)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص430 و431)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص33)، والشاشي في «المسند» (ج3 ص277)، والحدثاني في «الموطأ» (655)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (125)، وابن القاسم في «الموطأ» (414)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8992)، وفي «الأربعين الصغرى» (101)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج2 ص182)، و(ج28 ص108 و109)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص127 و128)، والبغوي في «شرح السنة» (3463)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (2007)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص126)، والكلاباذي في «بحر الفوائد» (832)، والبوشنجي في «المنظوم والمنثور» (36)، وعبد الله بن وهب في «الجامع في الحديث» (234)، وفي «الموطأ» (ص523 و524)، جميعهم: عن مالك بن أنس عن أبي حازم بن دينار عن أبي إدريس الخولاني؛ أنه قال: (دخلت مسجد دمشق، فإذا فتى شاب براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه، وصدروا عن قوله، فسألت عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجرت، فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي. قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه، ثم قلت: والله إني لأحبك لله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله. قال: فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه، وقال: أبشر، فإني سمعت رسول الله r يقول: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في).
قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ، من طريق مالك بن أنس عن أبي حازم سلمة بن دينار عن أبي إدريس الخولاني به، دون ذكر: «في ظل عرشه»، والقصة في «مسجد دمشق»، ليس في «مسجد حمص» فتنبه.
* وهو لا يصح أيضا، للاختلاف الذي فيه، وهو مرسل. ([25])
قال الحافظ أبو حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص111): (منهم: من يقول؛ بدل: أبي إدريس الخولاني، أبي مسلم الخولاني).
* يعني: في هذا الحديث. ([26])
قلت: ومن أثبت السماع؛ لأبي إدريس، من معاذ بن جبل، فمن أجل هذا الحديث، وغيره، وهو حديث ضعيف، لا يصح.
* ومن نفاه احتج؛ بما رواه معمر، وسفيان بن عيينة عن الزهري قال: سمعت أبا إدريس الخولاني، يقول: فذكره، وفيه: (وفاتني معاذ بن جبل، فحدثني أصحاب معاذ بن جبل، عن معاذ بن جبل). ([27])
وذكر أئمة الجرح والتعديل، أن أبا حازم، وهم فيه، وغلط، في قوله: عن أبي إدريس الخولاني، أنه لقي معاذ بن جبل. ([28])
فهذا الحديث: خطأ.
ثم إن الحديث اضطرب فيه أبو إدريس الخولاني، فمرة: يرويه عن عبادة بن الصامت وحده، ومرة: يرويه عن معاذ بن جبل وحده، ومرة: يرويه: عنهما جميعا، في قصة واحدة!. ([29])
قال الحافظ الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص189): (وقد جمع أبو إدريس؛ بإسناد صحيح([30])، بين معاذ، وعبادة بن الصامت في هذه المتن).
** ورواه محمد بن كثير المصيصي، ثنا الأوزاعي، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني، قال: (دخلت مسجد حمص، فإذا حلقة فيها نيف وثلاثون رجل من أصحاب رسول الله r فجعل الرجل يقول: سمعت رسول الله r يقول كذا وكذا، وينصت له الآخرون، وفيهم فتى أدعج براق الثنايا، فإذا اختلفوا في شيء انتهوا إلى قوله، فلما انصرفت إلى منزلي بت بأطول ليلة. قلت: جلست في مجلس فيه كذا وكذا من أصحاب النبي عليه السلام لا أعرف منازلهم ولا أسماءهم. فلما أصبحت غدوت إلى المسجد، فإذا الفتى الأدعج قاعد إلى سارية، فجلست إليه، فقلت: إني أحبك لله تعالى، قال: فأخذ بحبوتي، ثم قال: آلله إنك لتحبني في الله؟ قلت: آلله إني لأحبك في الله تبارك وتعالى، قال: أفلا أحدثك بما سمعت من رسول الله r؟ قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله r يقول: المتحابون في الله يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله. فبينا نحن كذلك إذ مر رجل ممن كان في الحلقة فقمت إليه، فقلت: إن هذا حدثني حديثا عن رسول الله r فهل سمعته؟ قال: ما كان ليحدثك إلا حقا فما هو؟ فأخبرته، فقال: سمعت هذا من رسول الله r وما هو أفضل منه، قلت: يرحمك الله وما الذي أفضل منه؟ قال: سمعت رسول الله r يأثر عن الله تعالى: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت، قلت: فمن الفتى؟ قال: معاذ بن جبل).
حديث منكر
أخرجه ضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص308 و309)،
والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج10 ص34 و35)، والبزار في «المسند» (ج7 ص143).
وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي: «محمد بن كثير المصيصي، أخرجناه اعتبارا».
قلت: يشير الحافظ المقدسي على ضعف الإسناد، لأن فيه محمد بن كثير المصيصي، وهو كثير الغلط، والخطأ والوهم في الحديث، وذكره زيادة: «في ظل عرشه»، يدل على ذلك، وقد خالف للثقات الأثبات في هذه الزيادة.
فهي: زيادة منكرة.
قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص891): (محمد بن كثير المصيصي: صدوق، كثير الغلط).
وقال أحمد: محمد بن كثير، «هو منكر الحديث، وقال: يروي أشياء منكرة»، وقال مرة: «ليس بشيء، يحدث بأحاديث مناكير، ليس لها أصل»، وقال البخاري: «لين جدا»، وقال أبو داود: «لم يكن يفهم الحديث»، وقال ابن حبان: «يخطئ ويغرب»، وقال النسائي: «ليس بالقوي، كثير الخطأ». ([31])
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ج3 ص265) من طريق محمد بن كثير المصيصي ثنا الأوزاعي عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل عن عبادة بن الصامت t قال: سمعنا رسول الله r يقول: (إن المتحابين لجلال الله في ظل الله يوم لا ظل؛ إلا ظله).
ولم يذكر زيادة: «في ظل عرشه»، بل ذكر: «في ظل الله».
* ثم جعل الحديث، من مسند عبادة بن الصامت، من رواية: معاذ بن جبل، عنه، وهذا التخليط من محمد بن كثير المصيصي، فإنه كثير الأوهام. ([32])
* ورواه محمد بن كثير حدثنا الأوزاعي حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، قالا: سمعنا رسول الله r يقول: (إن المتحابين بجلال الله في ظل الله يوم لا ظل؛ إلا ظله).
أخرجه الخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج2 ص304)، وفيه محمد بن كثير المصيصي، منكر الحديث، وقد سبق.
وليس فيه: «في ظل عرشه»، فهذا من الاختلاف في الحديث.
فحديث: الأوزاعي؛ مرة: لا يذكر فيه لفظ: «في ظل عرشه»، ومرة: يذكر فيه: «في ظل عرشه».
وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ج3 ص265) من طريق أحمد بن عنتر، ثنا الأوزاعي، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس، عن عبادة بن الصامت t، قال: سمعت رسول الله r، يأثر عن الله عز وجل: (قال حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه أحمد بن عنتر لا يعرف، وليس فيه موضع الشاهد، وقد وقع في الإسناد هذا اختلاف، واضطراب، لا يحتج به.