الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء في ضعف أثر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عدم الترخص في الصلاة على الراحلة
جزء في ضعف أثر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في عدم الترخص في الصلاة على الراحلة
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
36 |
جزء
في
ضعف أثر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
في عدم الترخص في الصلاة على الراحلة
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على ضعف أثر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
في عدم الترخص في الصلاة على الراحلة
عن عطاء بن أبي رباح أنه سأل عائشة رضي الله عنها: هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب؟ قالت: (لم يرخص لهن في ذلك، في شدة ولا رخاء).
حديث ضعيف مضطرب
أخرجه أبو داود في «سننه» (1228)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص7) من طريق محمود بن خالد، حدثنا محمد بن شعيب، عن النعمان بن المنذر، عن عطاء بن أبي رباح به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، لانقطاعه بين النعمان بن المنذر، وبين عطاء بن أبي رباح، فإنه لم يسمع منه، والنعمان بن المنذر يغرب في الحديث ليس بذاك. ([1])
فخالفه محمد بن هاشم بن سعيد البعلبكي، وزاد في الإسناد رجلا: بين النعمان، وعطاء.
فأخرجه الدارقطني في «الأفراد» (ج2 ص438 -الأطراف)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج49 ص128 و129) من طريق محمد بن هاشم البعلبكي قال: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور عن النعمان بن المنذر عن سليمان بن موسى أخبرني عطاء؛ أنه سأل عائشة رضي الله عنها: هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب؟ قالت: (لم يرخص لهن في ذلك، في شدة ولا رخاء).
قال الدارقطني: (تفرد به النعمان بن المنذر عن سليمان بن موسى عن عطاء).
قلت: وهذا يدل على اضطراب الإسناد أيضا، وهو الصواب. ([2])
وسليمان بن موسى له مناكير. ([3])
وقد روي من وجه آخر بإسناد ضعيف عن النعمان بن المنذر بإثبات سماعه من عطاء بن أبي رباح، وهو خطأ بلا شك، لأن زيادة الرجل في الإسناد: وهو سليمان بن موسى أشبه بالصواب.
فأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ج2 ص236) من طريق بكر بن سهل ثنا عبدالله بن يوسف التنيسي ثنا يحيى بن حمزة عن النعمان بن المنذر؛ أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول: سألت عائشة رضي الله عنها: هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب؟ فقالت: (لم يرخص لهن في شدة ولا رخاء).
قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه بكر بن سهل الدمياطي وهو منكر الحديث. ([4])
قال العلامة المعلمي / في «تعليقه على الفوائد المجموعة» (ص135 و226 و244): (ضعفه النسائي، وله زلات تثبت وهنه).اهـ
وقال العلامة المعلمي / في «تعليقه على الفوائد المجموعة» (ص467 و481): (ضعفه النسائي، وهو أهل ذلك، فإن له أوابد). اهـ
ثم أخرجه الطبراني مرة أخرى في «المعجم الأوسط» (ج3 ص308)؛ بنفس إسناده ومتنه عن بكر بن سهل، وهو مضطرب الحديث.
قال الطبراني في «المعجم الأوسط» (3245)؛ حدثنا بكر بن سهل قال: نا عبد الله بن يوسف قال: نا يحيى بن حمزة، عن النعمان بن المنذر، أنه سأل عطاء بن أبي رباح: هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب؟ فقال: (لم يرخص لهن في ذلك، في شدة ولا رخاء).
فأرسله، فلم يذكر عائشة رضي الله عنها، وجعل السؤال والجواب بين النعمان، وعطاء، وهذا يدل على اضطراب الحديث، وضعفه، فلا يحتج به.
وقال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن النعمان؛ إلا يحيى).
وهذا ظاهر الاختلاف في الحديث، فمرة جعله عن عائشة، ومرة جعله عن عطاء بن أبي رباح.
وقد خولف في إسناده: فقد رواه مقدام قال: أخبرنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا الهيثم بن حميد: حدثنا النعمان بن المنذر عن عطاء بن أبي رباح قال: سألت عائشة رضي الله عنها: هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب؟ فقالت: (لم يرخص لهن في ذلك، في شدة ولا رخاء).
أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج9 ص8).
وقال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن النعمان بن المنذر؛ إلا الهيثم بن حميد، ويحيى بن حمزة).
وهذا يدل على الانقطاع بين النعمان، وعطاء، ولم يثبت فيه السماع، لضعف بكر بن سهل، كما سبق.
والمقدام بن داود الرعيني؛ ضعيف الحديث ([5])، فلا يصح الإسناد.
ورواه حمزة بن محمد الكاتب قال: حدثنا نعيم بن حماد حدثنا يحيى بن حمزة، ومحمد بن يزيد الواسطي عن النعمان بن المنذر الدمشقي عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت: لعائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين: هل رخص للنساء الصلاة على الدواب؟ فقالت: (ما رخص لهن في ذلك في هزل ولا جد)، وفي رواية: (في شدة ولا رخاء).
أخرجه البيهقي في «معرفة السنن» (ج1 ص488)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج62 ص132).
ونعيم بن حماد له مناكير ([6])،فلا يصح الإسناد.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج7 ص43) من طريق محمد بن هارون الدمشقي ثنا عمر بن عبدالواحد السلمي عن النعمان بن المنذر عن مكحول عن عطاء بن أبي رباح أنه سأل عائشة رضي الله عنها: هل رخص للنساء أن يصلين على الدواب؟ فقالت: (لم يرخص لهن في ذلك، في شدة ولا رخاء).
وهذا التخليط من محمد بن هارون الدمشقي في ذكره لمكحول الشامي في الإسناد، وهذا يدل على ثبوت الاختلاف في الإسناد.
ومحمد بن هارون الدمشقي: منكر الحديث، وهو متهم. ([7])
وقال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن مكحول؛ إلا النعمان بن المنذر).
والخلاصة:
فاختلف عن النعمان بن المنذر الدمشقي، فمنهم: من جعله عن النعمان عن عطاء بلا واسطة، ومنهم: من أدخل بينهما سليمان بن موسى، ومنهم: من جعل الواسطة مكحولا، ومنهم: من جعله مرسلا عن عطاء.
وهذا الاضطراب من الرواة، والنعمان بن المنذر([8])؛ فإنه يخالف الثقات ويغرب([9])، وقد روى كثير من أصحاب عطاء بن أبي رباح، ولم يذكروا هذا الحديث، إلا النعمان بن المنذر فانفرد به، وهذا يعد من غرائبه، فضلا عن اضطرابه في إسناده، فهو حديث منكر.
قلت: فتصحيح الشيخ الألباني لهذا الحديث في «صحيح سنن أبي داود» (ج4 ص388)؛ ليس بصواب؛ فإنه لم يقع له إلا سند أبي داود في «سننه» (1228)، فوهم في ظاهره، وظن بصحة الإسناد، فانتبه.
وهذا الحديث معارض لما ثبت في الأحاديث الصحيحة في ثبوت صلاة النبي r الفريضة من عذر على الراحلة، وما نقل الرواة الأثبات في ذلك.
وبناء على ذلك: فهو حديث منكر.
ﭑ ﭑ ﭑ