الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه: ضعف حديث: «إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا»
جزء فيه: ضعف حديث: «إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا»
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
54 |
جزء فيه:
ضعف حديث: «إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا»
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على ضعف؛ حديث:
«إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا»([1])
عن أبي بن كعب t: أن رجلا اعتزى بعزاء الجاهلية، فأعضه، ولم يكنه، فنظر القوم إليه، فقال للقوم: إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلا أن أقول هذا، إن رسول الله r أمرنا: (إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية، فأعضوه، ولا تكنوا).
حديث منكر
اختلف في هذا الحديث:
* فرواه محمد بن جعفر، وعثمان المؤذن، كلاهما: عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب t: أن رجلا اعتزى بعزاء الجاهلية، فأعضه، ولم يكنه، فنظر القوم إليه، فقال للقوم: إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلا أن أقول هذا، إن رسول الله r أمرنا: (إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية، فأعضوه، ولا تكنوا).
حديث منكر
أخرجه أحمد في «المسند» (21233)، والبخاري في «الأدب المفرد» (963)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (976)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج1 ص300 و301)، والبغوي في «شرح السنة» (3541)، والطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (3204)، و(3207)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (756)، والشاشي في «المسند» (1499)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (1244)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج1 ص167)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج19 ص329 و330)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج1 ص27).
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: الحسن البصري، مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث. ([2])
* والحسن بن أبي الحسن البصري، هو: مدلس، وقد وصفه بتدليس الإسناد، النسائي، والذهبي، والعلائي، وابن حبان، وغيرهم. ([3])
قال الحافظ ابن حبان الله في «الثقات» (ج4 ص123): (الحسن البصري: كان يدلس).
قلت: والحسن البصري؛ يأخذ عن كل ضرب، فلا يعتمد عليه إذا عنعن، إلا إذا صرح بالتحديث.
قال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ص549): (والذي تختاره من هذه الجملة، سقوط فرض العمل بالمراسيل، وأن المرسل غير مقبول، والذي يدل على ذلك، أن إرسال الحديث يؤدي إلى الجهل بعين راويه، ويستحيل العلم بعدالته مع الجهل بعينه، وقد بينا من قبل أنه لا يجوز قبول خبر؛ إلا ممن عرفت عدالته، فوجب لذلك كونه: غير مقبول).
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (ج4 ص473): (بخلاف: تدليس الحسن البصري، فإنه كان يأخذ عن كل ضرب، ثم يسقطهم، كعلي بن زيد تلميذه([4])).
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (ج4 ص572): (الحسن مع جلالته، فهو مدلس، ومراسيله ليست بذاك).
وقال الحافظ ابن حجر في «تعريف أهل التقديس» (ص102): (الحسن بن أبي الحسن البصري: وكان مكثرا من الحديث، ويرسل كثيرا عن كل أحد).
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (ج9 ص549): (وهو صاحب تدليس).
وقال الحافظ الذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج7 ص49)؛ عن الحسن البصري: (وكان يدلس، ويرسل، ويحدث بالمعاني).
قلت: فما أرسل من الحديث، عن الثقة، فليس بحجة.
وقال الحافظ الذهبي في «السير» (ج4 ص588): (وقال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح، عن كثير مما يقول فيه الحسن البصري: «عن فلان»، وإن كان مما ثبت لقيه فيه: «لفلان المعين»؛ لأن الحسن البصري: معروف بالتدليس، ويدلس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك، فإننا: وإن ثبتنا سماعه من سمرة t، يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة، التي عن: سمرة t).
وقال الحافظ ابن حبان في «مشاهير علماء الأمصار» (ص143): (الحسن بن أبي الحسن: على تدليس كان منه في الروايات).
وقال الحافظ العلائي في «جامع التحصيل» (ص105): (الحسن بن أبي الحسن البصري: من المشهورين بالتدليس).
قلت: فحكم عنعنة الحسن البصري، فليس لها قاعدة مطردة تنطبق على جميع الأحاديث.
الثانية: عتي بن ضمرة السعدي، وهو مجهول، وليس بمشهور في الحديث، لا يصح حديثه.
قال عنه ابن المديني: «عتي بن ضمرة السعدي مجهول، سمع من أبي بن كعب أحاديث، لا نحفظها؛ إلا من طريق الحسن، وحديثه يشبه حديث أهل الصدق، وإن كان لا يعرف».([5])
وقال الزبيدي في «تاج العروس» (ج38 ص535): «وعتي بن ضمرة السعدي، كسمي، تابعي».
وقال ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج9 ص147): «روى عن أبي، وغيره، وكان ثقة، قليل الحديث». وفيه نظر.
وأورده ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص286)، على قاعدته في توثيق المجاهيل.
قال الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص538): «وهذا إسناد رجاله ثقات؛ فهو: صحيح، إن كان الحسن البصري: سمعه من عتي بن ضمرة؛ فإنه كان مدلسا، وقد عنعنه».
* فالإسناد ضعيف؛ لأن الحسن البصري، قد دلس، وقد عنعن في جميع الطرق التي أخرجت الحديث.
فحديث أبي بن كعب، حديث غريب، وليس إسناده بالقوي.
* ورواه عثمان المؤذن: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب t به.
أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (963)، والشاشي في «المسند» (1500).
قلت: وهذا سنده منكر، وله ثلاث علل:
الأولى: المبارك بن فضالة البصري، فيه ضعف، ويخطئ في الحديث، وهو شديد التدليس، لا يحتج به. ([6])
قال السجزي في «السؤالات» (ص95): «قال الحاكم: لم يخرجاه في الصحيحين؛ لسوء حفظه».
يعني: لم يخرجا له في الأصول.
الثانية: الحسن البصري، مدلس، وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث. ([7])
الثالثة: عتي بن ضمرة السعدي، وهو مجهول، لا يحتج به. ([8])
فهو: حديث منكر.
* ورواه يحيى بن سعيد القطان: حدثنا عوف بن أبي جميلة، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب t قال: رأيت رجلا تعزى عند أبي بعزاء الجاهلية، افتخر بأبيه، فأعضه بأبيه، ولم يكنه، ثم قال لهم: أما إني قد أرى الذي في أنفسكم، إني لم أستطع إلا ذلك، سمعت رسول الله r يقول: (من تعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه، ولا تكنوا).
حديث منكر
أخرجه أحمد في «المسند» (21234)، والنسائي في «السنن الكبرى» (8864)، وابن حبان في «صحيحه» (3153)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (1242).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه الحسن البصري، وهو مدلس، وقد عنعنه في جميع الطرق، ولم يصرح بالتحديث. ([9])
* وعتي بن ضمرة، فيه جهالة، وهو معلول أيضا، فقد اختلف على الحسن البصري، كما هو مبين أثناء التخريج.
وأورده المزي في «تحفة الأشراف» (ج1 ص35).
* ورواه عيسى بن يونس: عن عوف بن أبي جميلة، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب t عن النبي r به.
أخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (21235)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص33).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه الحسن البصري، وهو مدلس. ([10])
* وعتي بن ضمرة، مجهول، لا يحتج به. ([11])
* ورواه يزيد بن زريع: حدثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عتي قال: قال أبي: (كنا نؤمر: إذا اعتزى رجل، فذكره).
حديث منكر
أخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (21237)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (1243)، ومحمد بن مخلد العطار في «الفوائد» (6)، و(ق/3/ط)، والروياني في «مسند الصحابة» (ج3 ص29 و30).
قلت: وهذا سنده كسابقه، لا يصح.
* ورواه إسماعيل بن علية: عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، عن عتي: أن رجلا تعزى بعزاء الجاهلية، فذكر الحديث، قال أبي بن كعب t: (كنا نؤمر: إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية، فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا).
حديث منكر
أخرجه أحمد في «المسند» (31236).
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: الحسن البصري، وهو مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث. ([12])
الثانية: جهالة عتي بن ضمرة التميمي. ([13])
* ورواه معاوية بن حفص: عن السري بن يحيى، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب t به.
أخرجه النسائي في «عمل اليوم والليلة» (975)، والطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (3205).
قلت: وهذا سنده كسابقه: منكر، فيه الحسن البصري، وهو مدلس، وعتي بن ضمرة التميمي فيه جهالة. ([14])
فهو: حديث منكر.
* ورواه كهمس بن الحسن، وأشعث بن عبد الملك الحمراني؛ كلاهما: عن الحسن البصري، عن أبي بن كعب t به.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص32 و33)، والنسائي في «السنن الكبرى» (8865)، وفي «عمل اليوم والليلة» (974).
هكذا: ليس فيه عتي بن ضمرة، والحسن البصري، لم يسمع من أبي بن كعب. ([15])
* ورواه عمرو بن أبي سلمة: عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن البصري، عن مكحول، عن عجرد بن مدراع التميمي قال: (يا آل تميم -وكان من بني تميم-، فقال: وهو عند أبي بن كعب، فقال أبي: أعضك الله بهن أبيك).
حديث منكر
أخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (2674)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (433)؛ وليس في إسناد الطبراني: مكحول الشامي.
قلت: وإسناده منكر، فيه عمرو بن أبي سلمة، له أوهام([16]) في الحديث، وهذه منها.
* وسعيد بن بشير الأزدي، وهو ضعيف. ([17])
* وعجرد التميمي، لم نقف له على ترجمة، فهو: مجهول.
* وقتادة، والحسن البصري؛ مدلسان، وقد عنعنا. ([18])
فهو: حديث مضطرب.
* وقد أعله الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص538)؛ بقوله: «فهذا خلال السند الأول، وذاك أصح؛ لأن هذا فيه سعيد بن بشير، وفيه ضعف، ولعله: وهم فيه، وإلا فيكون للحسن فيه إسنادان عن أبي بن كعب».
* ورواه محمد بن عمرو بن العباس الباهلي: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن أبي بن كعب t؛ أن رجلا اعتزى فأعضه أبي بهن أبيه، فقالوا: (ما كنت فحاشا، قال: إنا أمرنا بذلك).
حديث منكر
أخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (21218)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج1 ص405).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ([19])، وهو مجهول.
وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج9 ص107)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل.
* وأبو عثمان الكندي، لم يسمع هذا الحديث، من أبي بن كعب.
لذلك، لم يصب الشيخ الألباني في تصحيحه، للحديث، في «الصحيحة» (ج1 ص538).
* فيتحصل من هذا التفصيل، أن الحديث، قد اضطرب فيه:
فمرة: عن عوف بن أبي جميلة، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب، مرفوعا.
ومرة: عن عثمان المؤذن، عن المبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب مرفوعا.
ومرة: عن يزيد بن زريع، وإسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب موقوفا، من قوله.
ومرة: عن معاوية بن حفص، عن السري بن يحيى، عن الحسن البصري، عن عتي بن ضمرة، عن أبي بن كعب.
ومرة: عن كهمس بن الحسن، وأشعث بن عبد الملك الحمراني، عن الحسن البصري، عن أبي بن كعب.
* ليس فيه: عتي بن ضمرة.
ومرة: عن عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن الحسن البصري، عن مكحول، عن عجرد بن مدراع التميمي، عن أبي بن كعب.
ومرة: عن الحسن البصري، عن عجرد بن مدراع التميمي، عن أبي بن كعب.
ومرة: عن محمد بن عمرو الباهلي، عن سفيان بن عيينة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن أبي بن كعب، موقوفا، من قوله.
فهذا اضطراب شديد في الحديث، يدل على ضعفه.
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
ذكر الدليل على ضعف؛ حديث: إذا الرجل تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه، ولا تكنوا....................................................... |
5 |
([1]) تعزى بعزاء الجاهلية: التعزي، الانتماء، والانتساب إلى قوم.
* فأعضوه: العض أخذ الشيء بالأسنان، والمراد هنا شتمه صريحا.
* والمعنى: من انتسب، وانتمى إلى الجاهلية بإحياء سنة أهلها، واتباعهم في الشتم والطعن.
* فاذكروا له قبائح أبيه، وقومه صريحة، لا كناية، تنكيلا له، وتأديبا، كي يرتدع عن التعرض، لأعراض الناس.
وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص333)، و«جامع المسانيد» لابن الجوزي (ج1 ص27).
([3]) وانظر: «الثقات» لابن حبان (ج4 ص123)، و«تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص102)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص105)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج1 ص80).
([4]) وانظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج7 ص164)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج6 ص122)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج1 ص57).
([6]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص537 و538 و539)، و«تقريب التهذيب» له (ص918)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص190)، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد (ج2 ص38)، و(ج3 ص10)، و«السؤالات» للبرقاني (ص64)، و«السؤالات» للسجزي (ص95)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج15 ص283)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص339)، و«السؤالات» للآجري (ج1 ص390)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص229)، و«الثقات» لابن حبان (ج7 ص502)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج8 ص23).
([7]) وانظر: «الثقات» لابن حبان (ج4 ص123)، و«تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص102)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص105)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج1 ص80)، و(ج4 ص473 و572).
([9]) وانظر: «جامع التحصيل» للعلائي (ص105)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج1 ص80)، و(ج4 ص473 و572)، و«تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص102).