الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه: ضعف تفسير ابن عمر رضي الله عنهما؛ لقوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31]: «الوجه والكفان»
جزء فيه: ضعف تفسير ابن عمر رضي الله عنهما؛ لقوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31]: «الوجه والكفان»
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
16 |
لقوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]:
«الوجه والكفان»
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ويليه:
جزء فيه: ضعف تفسير عائشة ڤ؛ لقوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]:
«الوجه والكفان»
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على قمع شبهة من نسب لابن عمر ﭭ؛
أنه فسر قوله تعالى: ]إلا ما ظهر منها[ [النور:31]؛
بكشف المرأة: للوجه والكفين، وأنه t فسر بتفسير صحيح، لتغطية المرأة لوجهها وكفيها
عن ابن عمر ﭭ قال: (الزينة الظاهرة: الوجه، والكفان).
أثر منكر
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص207)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج11 ص23-الدر المنثور) وابن عبد البر في «التمهيد» تعليقا (ج6 ص368)، والسمرقندي في «بحر العلوم» تعليقا (ق/ 297 /ط)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص226) من طريق شبابة بن سوار قال: نا هشام بن الغاز قال: نا نافع عن ابن عمر ﭭ به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه شبابة بن سوار الفزاري، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أنه يخطيء أحيانا من حفظه([1])، وهنا أخطأ بلا شك على ابن عمر ﭭ.
قال الحافظ ابن عدي / في «الكامل في الضعفاء» (ج3 ص1366)؛ عن شبابة الفزاري: (والذي أنكر عليه الخطأ، ولعل حدث به حفظا).اهـ
وقال الحافظ أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص1715): (صدوق: يكتب حديثه، ولا يحتج به)؛ يعني: إذا حدث من حفظه.
وقد أنكرت عليه أحاديث أخطأ فيها. ([2])
لذلك ذكره الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج2 ص577)، وابن الجوزي في «الضعفاء» (ج2 ص37).
* وهشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي، يخالف ويخطيء إذا انفرد، فلا يحتج به هنا، فالإسناد ضعيف.
لذلك قال الإمام أحمد في «العلل» (ج2 ص506 و507)؛ عنه: (صالح الحديث).
* واستشهد به الحافظ البخاري؛ تعليقا، ولم يرو عنه عند التفرد مطلقا، ولم يحتج به في «صحيحه» ([3])، فافهم لهذا.
والأثر علقه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص2574).
وعلقه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص222)؛ وصححه، ولم يصب لضعف الإسناد.
وذكره الجصاص في «أحكام القرآن» (ج3 ص315)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج4 ص23).
ولذلك أخطأ الشيخ الألباني في «الرد المفحم» (ص129)، بقوله: (أثر ابن عمر، بلفظ: «الزينة الظاهرة: الوجه والكفان». أخرجه ابن أبي شيبة (4/284)؛ بسند صحيح عنه).
وقد بينا ضعف إسناده، فلا يصح.
قلت: ويؤيد على ما في هذا الأثر من خطأ من الرواة كما سبق ذكره، وقوع خطأ من الرواة أيضا، في وجه آخر.
فنسبة هذا التفسير إلى ابن عمر t من العجائب!.
فأخرج يحيى بن معين في «حديثه» (ص89) من طريق يحيى بن يمان ثنا هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر ﭭ قال: (الكف، والوجه). هكذا بدون ذكر الزينة الظاهرة!.
قلت: وهذا سنده ضعيف كسابقه، فيه يحيى بن يمان العجلي يخطيء كثيرا، وليس بحجة إذا خالف، وقد تغير حفظه([4])؛ فيأتي في التفسير بالعجائب، وهذا التفسير الذي نقله عن ابن عمر من عجائبه!.
قال الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص1540): (لا يتابع على حديثه).
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «تاريخ بغداد» (ج14 ص124): (قال زكريا بن يحيى الساجي: ضعفه أحمد بن حنبل، وقال: حدث عن الثوري بعجائب لا أدري لم يزل هكذا، أو تغير حين لقيناه، أو لم يزل الخطأ في كتبه، وروى من التفسير عن الثوري عجائب!).اهـ
قلت: وهذا التفسير الذي نقله عن ابن عمر ﭭ من عجائبه بلا شك، لأنه يمتنع من ابن عمر ﭭ أن: يفسر: «الزينة الظاهرة»، ببعض بدن المرأة، ذلك خلاف ظاهر الآية التي تدل على أن الزينة للمرأة تكون خارجة عن أصل خلقتها؛ كـ«الحلي»، و«الحلل»؛ فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة من «الوجه»، و«الكفين» خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل على ذلك إلا بدليل يجب الرجوع إليه من الكتاب والسنة. ([5])
قال الآجري في «سؤالاته» (ص69): (سمعت أبا داود، وذكر يحيى بن يمان، فقال: يخطيء في الأحاديث ويقلبها!).
وقال الإمام النسائي / في «السنن» (ج8 ص325)؛ عن يحيى بن يمان: (لا يحتج بحديثه لسوء حفظه، وكثرة خطئه).
وقال الحافظ ابن حجر / في «التقريب» (ص598): (يخطيء كثيرا، وقد تغير).
قلت: فأنكر عليه كثرة الغلط، والوهم في النقل، فإنه يتوهم الشيء فيحدث به، فليس بحجة إذا خولف. ([6])
قال الإمام أحمد / في «العلل» (ج1 ص247): (حديث: يحيى بن يمان العجلي عن سفيان عن قيس بن مسلم عن إبراهيم النخعي: ]ولا يبدين زينتهن[. [النور:31]؛ قال: أخطأ يحيى بن يمان([7])!، إنما هو عن علقمة بن مرثد عن إبراهيم)([8]).
قلت: كذلك أخطأ هشام بن الغاز هنا في هذا التفسير للزينة الظاهرة، كما سبق ذكره.
* وسكت عنه الشيخ الألباني في «الرد المفحم» (ص103)، وهو ضعيف، وقد أشار إلى تصحيح ابن حزم له، وليس بشيء، ولا يحتج بتصحيحه، لأنه لا يصح.
قلت: وتفسير الزينة الظاهرة ببعض بدن المرأة خلاف ظاهر الآية، وتفسير الصحابة الكرام لها، فيمتنع أن صحابيا مثل ابن عمر ﭭ أن يفسر الزينة بما يخالف ظاهرها.
* وهذه قرينة على عدم صحة هذا الأثر من ابن عمر ﭭ، والرواة الذين رووا عنه هذا التفسير اخطئوا عليه، كما بينا، وذلك أن الزينة في لغة العرب: هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها، كـ«الحلي»، وغيرها. ([9])
قلت: فهذا التفسير مخالف لأصل الكتاب، والسنة، والآثار، واللغة، فلا يعتد به في التأويل، فافهم لهذا ترشد.
ولقد بينا أن معنى: (ما ظهر من الزينة)؛ هو: ما فوق بدن المرأة، وليس فيها، أي: هو خارج عن أصل خلقتها، اللهم غفرا.
* وهذه قرينة قوية تدل على عدم صحة هذا التأويل لكتاب الله تعالى، فلا يجوز الحمل عليه إلا بدليل مفصل من الكتاب، أو السنة، أو الإجماع يجب الرجوع إليه، ولا يوجد، وأين يوجد؟!.
قلت: وقد ثبت عن ابن عمر ﭭ بخلاف ذلك، في تغطية المرأة وجهها، وكفها، وجميع بدنها إذا خرجت من البيت.
فعن ابن عمر ﭭ وكان يقول: في قوله تعالى: ]والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة[ [النور:60]؛ (تضع الجلباب). ([10])
قلت: والثياب هنا: الجلباب، وما كان في معناه، وهذا المعنى يتناسب مع قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ يعني: الثياب.
قال العلامة الساعاتي / في «بلوغ الأماني» (ج11 ص215)؛ معلقا على أثر عائشة ڤ: (والمعنى: أنهن كن يسترن وجوههن إذا مر عليهن الرجال بجلابيبهن، الجمع جلباب: وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة إذا خرجت لحاجة، فإذا أبعدوا عنهن كشفن وجوههن). اهـ
وعن أم عطية ڤ قالت: قال رسول الله r في خروج النساء في العيدين: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها). ([11])
يعني: من لحافها، وهذا يدل على أن الجلباب كبير يكفي اثنتين، وهو الثوب الواسع الذي يشتمل به النائم، فيغطي جسده كله.
ففي الحديث دلالة على أن المعتاد عن نساء الصحابة؛ ألا تخرج إلا بجلباب ولم ياذن لهن الرسول r بالخروج بغير جلباب.
والجلباب: ثوب واسع يلبس فوق الملابس، وهو ثوب مشتمل على الجسد كله.
فتشتمل به المرأة على جسدها كله، تغطي به راسها، وظهرها، وصدرها، ووجهها، وكفيها. ([12])
قال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص138): («الجلباب»: قال ابن مسعود ومجاهد وغيرهما: هو الرداء، ومعنى ذلك: أنه للمرأة؛ كالرداء للرجل، يستر أعلاها، إلا أنه يقنعها فوق راسها، كما يضع الرجل رداءه على منكبيه).اهـ
قلت: فالجلباب من أكيسة الراس والوجه، والصدر، وهذا يتناسب مع قوله تعالى: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب:59].
وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «مسائل السفور والحجاب» (ص6): (والجلابيب: جمع جلباب، والجلباب: هو ما تضعه المرأة على راسها للتحجب، والتستر به).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على قمع شبهة من نسب لعائشة ڤ؛
أنها فسرت قوله تعالى: ]إلا ما ظهر منها[ [النور:31]؛
بكشف المرأة للوجه والكفين
عن عائشة ڤ قالت: (ما ظهر منها: الوجه، والكفان).
أثر منكر
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص226) من طريق آدم بن أبي إياس ثنا عقبة بن الأصم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عقبة بن عبد الله الأصم منكر الحديث([13])، قال عنه البيهقي نفسه في «السنن الكبرى» (ج6 ص137): «ضعيف لا يحتج به!».
وقد تعقب العلامة ابن التركماني / في «الجوهر النقي» (ج2 ص225)؛ البيهقي على سكوته عن تبيين حال عقبة بن الأصم في هذا الموضع؛ بقوله: (سكت عن عقبة، وهو متكلم فيه؛ قال ابن معين: «ليس بثقة»، وعنه قال: «ليس بشيء»، وقال الذهبي: «ضعفه الفلاس، وغيره»... وقد ذكر البيهقي عقبة بن الأصم([14]) هذا؛ في باب: «من زرع أرض غيره بغير إذنه»، فلم يسكت عنه؛ بل قال: «ضعيف لا يحتج به»!).
* فعقبة بن الأصم هذا، قال عنه ابن معين: «ليس بشيء»، وقال مرة: «ليس بثقة»، وقال أبو داود: «ضعيف»، وقال النسائي: «ليس بثقة»، وقال عمرو بن علي: «وكان ضعيفا واهي الحديث ليس بالحافظ»، وقال أبو حاتم: «لين الحديث ليس بقوي». ([15])
وعن عائشة ڤ قالت: (في القلب([16])، والفتخة) ([17]).
أثر منكر
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص207)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص24-الدر المنثور)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص76)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج11 ص24-الدر المنثور)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص2575) من طريق وكيع، وروح، ويحيى بن يمان عن حماد بن سلمة عن أم شبيب عن عائشة ڤ به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه أم شبيب، وهي مجهولة لا يحتج بها، وقد ذكرها البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص233)؛ في ترجمة: «شبيب بن شبيب»، وهي: جدته أم شبيب بنت عامر العامرية([18])، سمعت عائشة ڤ.
وحماد بن سلمة تغير في آخره، وساء حفظه، وهذا ظاهر هنا لروايته عن أم شبيب وهي لا تعرف. ([19])
وذكره الجصاص في «أحكام القرآن» (ج3 ص315).
وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص119) من طريق ابن جريج قال: قالت عائشة ڤ: (القلب، والفتخة).
قلت: وهذا سنده ضعيف جدا، ابن جريج ([20]) وهو عبد العزيز بن جريج القرشي؛ لم يسمع من عائشة ڤ، ثم الطبري علقه بدون إسناد.
قال الإمام أحمد: (لم يلق عائشة). ([21])
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص114): (روى عن عائشة، ولم يسمع منها). ([22])
وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج6 ص1564): (لا يتابع في حديثه).
وذكره الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص251)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج3 ص775).
قلت: احتج به الشيخ الألباني في «الرد المفحم» (ص103)، وفي «جلباب المرأة المسلمة» (ص59)؛ وسكت عنه، وهو ضعيف صريح؛ لا يحتج به في الاستدلال.
والخلاصة: أن هذا الأثر اختلف فيه على عائشة ڤ:
* فرواه عقبة بن الأصم عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة.
ورواه حماد بن سلمة عن أم شبيب عن عائشة.
ورواه الطبري عن ابن جريج عن عائشة.
* وكذلك اضطرب في متنه:
فمرة يقال: (الوجه، والكفان).
ومرة يقال: (القلب، والفتخة).
قلت: وأثر عائشة ڤ، هذا مخالف للآية التي فيها أمر الله تعالى بفرض الحجاب على أمهات المؤمنين.
قال تعالى: ]ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب: 59].
والجلباب: وهو ما يكون من لباس فضفاض فوق الخمار يستوعب أعلى البدن، ووسطه، وهو دون الرداء، ويسدل: فيغطى به الوجه والصدر. ([23])
فعن عائشة ڤ قالت: (فخمرت وجهي بجلبابي). ([24])
والجلباب: قريب من العباءة اليوم، لكنها غير مفصلة، ويسمى: القناع، أو الملاءة.
قال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج3 ص212): (هو ما غطى جميع الجسم لا بعضه). اهـ
قلت: فالجلباب: هو رداء ساتر من الرأس إلى القدم، يعني: من الأعلى إلى الأسفل.
قال الإمام القرطبي / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج3 ص372): «الصحيح: أنه الثوب الذي يستر جميع البدن).اهـ
فالجلباب: هو ثوب تشتمل به المرأة، فيغطي جميع بدنها، حتى الوجه والكف.
* وكذلك مخالف لما روت عائشة ڤ من الآثار في تغطية الوجه، والكفين.
* وهي مأمورة بسدل جلبابها من فوق رأسها على وجهها.
فعن الأسود قال: قالت عائشة ڤ: (تسدل المحرمة جلبابها من فوق راسها على وجهها). ([25])
وعن عائشة ڤ قالت: (فبينما أنا جالسة في منزلي، غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي) وفي رواية: (فسترت وجهي عنه بجلبابي). ([26])
* والشاهد في الحديث: هو قولها: (وكان رآني قبل الحجاب)، و(خمرت وجهي بجلبابي) ([27])، فبهذين الشاهدين هما من أعظم الأدلة على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها، وسائر بدنها عن أنظار الرجال.
* فثبت عن عائشة ڤ: أنها خمرت وجهها لما سمعت صوت: صفوان بن المعطل t، وقالت ڤ: أنه كان يعرفها قبل الحجاب.
قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج4 ص462): (فعرفني حين رآني: هذا يشعر بأن وجهها انكشف لما نامت؛ لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت.
فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها، قوله: وكان يراني قبل الحجاب؛ أي: قبل نزول آية الحجاب). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص105): (قولها: (خمرت وجهي)؛ أي: غطيته). اهـ
وقال الإمام ابن خزيمة / في «صحيحه» (ج4 ص203): (إذ الخمار الذي تستر به وجهها).اهـ
وعن عائشة ڤ قالت: (كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله r محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من راسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه). ([28])
قال العلامة الساعاتي / في «بلوغ الأماني» (ج11 ص215) معلقا على أثر عائشة ڤ: (والمعنى: أنهن كن يسترن وجوههن إذا مر عليهن الرجال بجلابيبهن، الجمع جلباب: وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة إذا خرجت لحاجة، فإذا أبعدوا عنهن كشفن وجوههن). اهـ
وعن أم عطية ڤ قالت: قال رسول الله r في خروج النساء في العيدين: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها). ([29])
يعني: من لحافها، وهذا يدل على أن الجلباب كبير يكفي اثنتين، وهو الثوب الواسع الذي يشتمل به النائم، فيغطي جسده كله.
ففي الحديث دلالة على أن المعتاد عن نساء الصحابة؛ ألا تخرج إلا بجلباب ولم ياذن لهن الرسول r بالخروج بغير جلباب.
والجلباب: ثوب واسع يلبس فوق الملابس، وهو ثوب مشتمل على الجسد كله.
فتشتمل به المرأة على جسدها كله، تغطي به راسها، وظهرها، وصدرها، ووجهها، وكفيها. ([30])
قال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص138): («الجلباب»: قال ابن مسعود ومجاهد وغيرهما: هو الرداء، ومعنى ذلك: أنه للمرأة؛ كالرداء للرجل، يستر أعلاها، إلا أنه يقنعها فوق راسها، كما يضع الرجل رداءه على منكبيه).اهـ
وعن عائشة ڤ قالت: (المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت، إلا ثوبا مسه ورس، أو زعفران، ولا تتبرقع، ولا تلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت).([31])
قولها: «ولا تتبرقع»؛ فهذا يدل على أن التبرقع كان معروفا في النساء على عهد النبي r، وعهد الصحابة y.
ﭑ ﭑ ﭑ
([1]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج12 ص348).
شبابة: بفتح المعجمة، وخفة الموحدة، بعد الألف موحدة أخرى.
سوار: بفتح المهملة، وشدة الواو، وآخره راء.
وانظر: «الأنساب» للسمعاني (ج4 ص370).
([4]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص598)، و«تهذيب التهذيب» له (ج11 ص306)، و«الكواكب النيرات فيمن اختلط من الرواة» لابن الكيال (ص436)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج2 ص746)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج4 ص1540)، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج6 ص391)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج32 ص55 و58).
([8]) رواية علقمة؛ أخرجها الطبري في «جامع البيان» (ج18 ص193) عن إبراهيم النخعي؛ في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]، قال: (الثياب).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (14847)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1616)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص93)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص110-الدر المنثور).
وإسناده صحيح.
([12]) فيلبس الجلباب فوق الملابس للمرأة، وهو الثوب الذي يستر جميع البدن، وهو ثوب أوسع من الخمار، بمثل: الملحفة تلبسه المرأة، فتغطي به الملابس.
([13]) انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص90)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص261)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج5 ص1910).
([14]) قلت: وسكت عنه الشيخ الألباني /، ولم يبين حاله عندما احتج بأثر عائشة ڤ: هذا على: «كشف الوجه والكفين» للمرأة، كما في «جلباب المرأة المسلمة» له (ص59)، وضعفه في «الرد المفحم» (ص129).
([15]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج20 ص206 و207)، و«الضعفاء» للنسائي (442)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (2853)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج2 ص181)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص244)، و«الضعفاء» للدارقطني (422)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص353).
([17]) والفتخة: خاتم كبير يكون في اليد، والرجل.
والقلب، والفتخة من حلي المرأة.
انظر: «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص163 و328)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص408)، و(ج4 ص98).
([18]) وقد أخطأ من قال أنها: امرأة الضحاك بن سفيان t، لأنها ليس لها أي سماع من عائشة ڤ، ولا لغيرها.
وانظر: «الإصابة في تمييز الصحابة» لابنحجر (ج4 ص464)، و«معرفة الصحابة» لأبي نعيم (ج6 ص3520).
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص611)، و«جامع التحصيل في أحكام المراسيل» للعلائي (ص228)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج18 ص118).
([22]) وهو: والد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أحد الأعلام.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج18 ص338).
([23]) انظر: «المسند المستخرج» لأبي نعيم (ج2 ص474)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج3 ص372)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص754)، و«فيض الباري» للكشميري (ج1 ص388)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج3 ص212)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص424)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص824)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (ج6 ص106)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج3 ص1574)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج13 ص4908).
([27]) ومعنى: فخمرت وجهي: أي: غطيت وجهي، وسترته بجلبابي.
وانظر: «جلباب المرأة المسلمة» لابن تيمية (ص107)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص463)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج17 ص105)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج12 ص230).
أخرجه أبو داود في «سننه» (1833)، وفي «المسائل» (ص110)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص30)، والدارقطني في «السنن» (286)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص148)، وابن ماجه في «سننه» (2935).
وإسناده حسن في المتابعات، من أجل يزيد بن أبي زياد القرشي، وهو وإن كان من رجال مسلم، إلا أنه فيه ضعف، لكنه يصلح شاهدا للآثار السابقة.
قلت: وذكره البخاري في «صحيحه» (ج7 ص195) في كتاب «اللباس» في حديثه: عن «القسية - وهي ثياب-» من طريق جرير عن يزيد بن أبي زياد. وروى له في كتاب «رفع اليدين» وفي كتاب «الأدب المفرد»، وروى له مسلم مقرونا بغيره، واحتج به الباقون، وقال عنه أبو زرعة: لين، يكتب حديثه، وقال أبو داود: لا أعلم أحدا ترك حديثه، وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديثه، وهذا يدل على أن حديثه من قبل الحسن في المتابعات، وهذا الأثر من ذلك.
قال الشيخ الألباني في «حجاب المرأة» (ص50): وسنده حسن في الشواهد، ثم ساق له شاهدا.
وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج32 ص139).
قال الحافظ ابن حجر / في «تلخيص الحبير» (ج2 ص292): (أخرجه ابن خزيمة، وقال: في القلب من يزيد بن أبي زياد، ولكن ورد من وجه آخر، ثم أخرج من طريق فاطمة بنت المنذر ... وصححه الحاكم). اهـ