الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه: ضعف تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31] «بكشف المرأة للوجه والكفين»
جزء فيه: ضعف تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور: 31] «بكشف المرأة للوجه والكفين»
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
17 |
لقوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]
«بكشف المرأة للوجه والكفين»
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد...
فإن التنقية للآثار الضعيفة التي وردت عن الصحابة رضي الله عنهم في «تفسير القرآن»، ونخلها من كتب التفسير، بذكر عللها في أسانيدها ومتونها؛ من أجل العلوم النافعة التي يتقرب بها إلى الله تعالى، وتعويضها بالآثار الصحيحة، وذلك لحفظ الشريعة المطهرة، وصونها على أن لا يدخل فيها ما ليس منها من الأحكام الدخيلة في الدين، من ذلك: تفسير ابن عباس ﭭ؛ لقوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ (الوجه والكف)، وهو تفسير لا يصح عن ابن عباس ﭭ، وأنه معلول بالاضطراب، والاختلاف في أسانيده ومتونه جملة وتفصيلا، كما سوف يأتي.
* وهذا يسمى بـ«علل الحديث»؛ وهو من أشرف العلوم عند أئمة الجرح والتعديل.
قال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص140): (ذكر النوع السابع والعشرين من علوم الحديث؛ هذا النوع منه معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل... فإن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص294): (مـعرفة العلل أجل أنواع علم الحديث)، وقال أيضا: (فمن الأحاديث ما
تخفى علته فلا يوقف عليها إلا بعد النظر الشديد ومضي الزمن البعيد). اهـ
وقال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص81): (اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث، وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة، والفهم الثاقب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352)؛ عن أهل الحديث أنهم: (يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا «علم علل الحديث» وهو من أشرف علومهم؛ بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط، وغلط فيه). اهـ
وقال الحافظ العلائي /: (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهما غايصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة. ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن، وحذاقهم؛ كابن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأمثالهم).([1]) اهـ
قلت: ولذلك على المسلم الحق أن يطلب العلم، ويسلك سبيله، ويعمل بحقه لكي يضبط أصول الكتاب الكريم، والسنة النبوية.([2])
فيعمل جادا في البحث([3]) عما يستنبط منهما من معاني وأحكام فقهية لكي يتعبد الله تعالى بما شرعه في دينه، وفيما ثبت وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتعبد الله إلا بما شرعه في دينه.
قلت: ولذلك يحرم على المسلم أن يتعبد الله بالأحاديث الضعيفة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة» (ص162): (لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة، ولا حسنة).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص48): (الضعيف الذي يبلغ ضعفه إلى حد لا يحصل معه الظن لا يثبت به الحكم، ولا يجوز الاحتجاج به في إثبات شرع عام، وإنما يثبت الحكم بالصحيح، والحسن لذاته، أو لغيره، لحصول الظن بصدق ذلك، وثبوته عن الشارع). اهـ
قلت: والتعبد لله بغير ما شرعه من أخطر الأمور على العبد؛ لما يجعله يحاد الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم.([4])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج7 ص367): (الحق ما قام عليه الدليل، وليس الحق فيما عمله الناس). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج6 ص302): (وصاحب الهوى يقبل ما وافق هواه بلا حجة توجب صدقه ويرد ما خالف هواه بلا حجة توجب رده). اهـ
وقال الحافظ المزي / في «تهذيب الكمال» (ج2 ص326): (لو سكت من لا يدري لاستراح وأراح، وقل الخطأ، وكثر الصواب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (هدفنا هو اتباع الحق لا الانتصار للآراء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص449): (ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبا، وإن كان لا يتعمد الكذب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (الذي يريد الحق، يفرح بالنصيحة، ويفرح بالتنبيه على الخطأ).([5]) اهـ
وقال العلامة اللكنوي الهندي / في «الأجوبة الفاضلة» (ص140): (لا يجوز الاحتجاج في الأحكام بكل ما في الكتب المذكورة وأمثالها من غير تعمق يرشد إلى التمييز لما مر أنها مشتملة على الصحاح، والحسان، والضعاف، فلابد من التمييز بين الصحيح لذاته، أو لغيره، أو الحسن لذاته، أو لغيره، فيحتج به، وبين الضعيف بأقسامه، فلا يحتج به، فيأخذ الحسن من مظانه، والصحيح من مظانه، ويرجع إلى تصريحات النقاد الذين عليهم الاعتماد وينتقد بنفسه إن كان أهلا لذلك، فإن لم يوجد شيء من ذلك توقف فيما هنالك).([6]) اهـ
قلت: فلا يجوز الاحتجاج في الدين بجميع ما في الكتب من أحاديث من غير وقفة، ونظر.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري / في «فتح الباقي» (ج1 ص107): (من أراد الاحتجاج بحديث من السنن، أو من المسانيد إن كان متأهلا لمعرفة ما يحتج به من غيره، فلا يحتج به حتى ينظر في اتصال إسناده وأحوال رواته، وإلا فإن وجد أحدا من الأئمة صححه، أو حسنه، فله تقليده، وإلا فلا يحتج به). اهـ
أبوعبد الرحمن فوزي بن عبد اللهبن محمد الحميدي
|
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة الإسلامية، وأن يتقبل مني هذا الجهد، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه ورعايته، إنه نعم المولى، ونعم النصير، وصلى الله على عبده، ورسوله محمد، وعلى آله، وصحبه وسلم.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني /
في براءته من مقلديه في الدنيا والآخرة، في تصحيح، وتضعيف الأحاديث وغير ذلك؛ بمثل: قول المقلد الجاهل: «هذا الحديث صححه الشيخ الألباني» أو «ضعفه» بغير دراية، ولا رواية؛ بل بالتقليد الأعمى، وهو حديث ضعيف معلول، إذا فلا ينفع المقلد الهالك هذا التقليد المذموم؛ بل يضره في الدنيا، لأنه يعبد الله تعالى بهذا التقليد على غلط، ويأثم به، وله وعيد شديد في الآخرة.
قال الشيخ العلامة الألباني /: (إخواننا طلبة العلم، اقتداء بالأئمة، واتباعا منا لهم، ألا تقلدونا، ونحن نتبرأ من كل إنسان يقلدنا؛ تقليدا أعمى، فإذا بدا له أن الصواب مع غيرنا، فنحن نحرم عليه أن يقلدنا)([7]).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
والله تعالى الموفق والهادي
ذكر الدليل على قمع شبهة من ينسب لابن عباس ﭭ؛
أنه فسر: ]إلا ما ظهر منها[؛ بكشف المرأة للوجه والكفين
عن ابن عباس ﭭ؛ قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (وجهها، وكفاها، والخاتم).
أثر منكر
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص2574)، ويحيى بن معين في «حديثه» (8)، والأزهري في «تهذيب اللغة» (ج6 ص244)، وابن عبد البر في «التمهيد» تعليقا (ج6 ص368)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج11 ص24-الدر المنثور)، وأبو الليث السمرقندي في «بحر العلوم» تعليقا (ق/297/ط) من طريق عبد الله بن نمير عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه سليمان بن مهران الأعمش، وهو مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث، فالإسناد ضعيف لا يحتج به. ([8])
وعلقه ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص221) وصححه، ولم يصب، لعلة تدليس الأعمش في الإسناد.([9])
قلت: وعامة ما يروي الأعمش عن سعيد بن جبير مدلس.
قال الإمام علي بن المديني /: (إنما سمع الأعمش من سعيد بن جبير أربعة أحاديث!). ([10])
قلت: وعلى هذا يكون الأعمش دلس في هذا السند.
ويوضح هذا أنه يروى هذا الأثر عن مسلم بن كيسان الملائي عن سعيد بن جبير.
والأعمش يروي عن مسلم بن كيسان الملائي([11])، وهو ضعيف لا يحتج به، كما في «التقريب» لابن حجر (ص940).
قال الحافظ ابن حبان / في «المجروحين» (ج2 ص341)؛ عن مسلم بن كيسان: (اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به، فجعل يأتي بما لا أصل له عن الثقات؛ فاختلط حديثه ولم يتميز، تركه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين).
وعن عمرو بن علي قال: (كان يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان، عن مسلم الأعور) ([12])؛ لضعفه في الحديث.
قلت: وعلى هذا يكون الأعمش دلس في هذا السند، فأسقط مسلم بن كيسان، وهذا واضح من عنعنته في السند، ولم يصرح بالتحديث. ([13])
قال الإمام أبو حاتم / في «الجرح والتعديل» (ج8 ص178) لابنه: (الأعمش حافظ يخلط، ويدلس).
قلت: والسند المعنعن غير متصل حتى يثبت السماع.
وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي /: (ولا نقبل من الأعمش تدليسه، لأنه يحيل على غير ملئ) ([14]). يعني: على غير ثقة.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج1 ص29): (قالوا: لا يقبل تدليس الأعمش، لأنه إذا أوقف أحال إلى غير ملئ -يعنون: على غير ثقة-).اهـ
وقال الحافظ ابن عمار الشهيد / في «علل الحديث» (ص138): (الأعمش كان صاحب تدليس، فربما أخذ عن غير الثقات).
وقال الحافظ الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج2 ص224): (سليمان بن مهران الأعمش أحد الأئمة الثقات، عداده في صغار التابعين، ما نقموا عليه إلا التدليس).
ووصفه بالتدليس يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص633).
وقال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج4 ص302): (سليمان بن مهران الأعمش... وكان مدلسا).
وقال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج4 ص939): (كان الأعمش يدلس).
قلت: ورواه عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير، واختلف عليه:
فأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (17181)، وابن المنذر في «الأوسط» (2404)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص225) من طريق حفص بن غياث عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ قال:في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (وجهها، وكفها).
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (17182)، وإسحاق بن إبراهيم البستي في «تفسير القرآن» (ق/66/ط)، والطبري في «جامع البيان» (ج10 ص118) من طريق مروان بن معاوية؛ كلاهما: «الثوري»، و«مروان» عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير من قوله: (كفها، ووجهها). ولم يذكرا ابن عباس ﭭ!.
قلت: هذا الاختلاف علة أخرى في الإسناد، وهو مطعن في الحديث، وعبد الله بن مسلم بن هرمز هذا ضعيف الحديث، ولا يحتج به في الحديث. ([15])
قال عنه أحمد: «ضعيف، ليس بشيء»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال أبو داود: «ضعيف»، وقال يحيىبن معين: «ضعيف»، وقال أبو حاتم: «ليس بالقوي». ([16])
وهذا الإسناد أعله الشيخ الألباني في «الإرواء» (ج6 ص200)؛ بقوله: «وابن هرمز هذا ضعيف».
قلت: ومن تأمل هذه الألفاظ في أثر ابن عباس ﭭ، علم أنها ليست من قول ابن عباس ﭭ، لا سيما، وأنها تخالف الأصول من القرآن، والسنة، والآثار.
قال الحافظ الخطيب في «الكفاية» (ص464): (ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل، وحكم القرآن الثابت المحكم، والسنة، المعلومة، والفعل الجاري مجرى السنة، وكل دليل مقطوع به). اهـ
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص225)، و(ج7 ص85)، والطبري في «جامع البيان» (ج10 ص118)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص421)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص332)، وابن وهب في «الجامع في تفسير القرآن» (ج2 ص13) من طريق مسلم الملائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الكحل، والخاتم).
قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه مسلم بن كيسان الملائي وهو ضعيف، لا يحتج به في الحديث، كما في «التقريب» لابن حجر (ص940).
وذكره ابن أبي زمنين في «تفسير القرآن» (ج3 ص230).
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «العيال» (406) من طريق عمرو بن عثمان عن مسلم الملائي عن سعيد بن جبير قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الكحل، والخاتم). ولم يذكر ابن عباس ﭭ!.
قلت: وهذا الاختلاف علة أخرى في الأثر.
وإسناده منكر، فيه مسلم بن كيسان الملائي، قال عنه أحمد: «ضعيف»، وقال يحيى بن معين: «إنه اختلط»، وقال أبو زرعة: «ضعيف الحديث»، وقال أبو حاتم: «ضعيف الحديث»، وقال أبو داود: «ليس بشيء»، وقال البخاري: «ضعيف، ذاهب الحديث». ([17])
* ورواه مروان بن معاوية عن مسلم الملائي، واختلف عليه:
فأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص118) ويحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج2 ص440) من طريق مروان بن معاوية عن مسلم الملائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الكحل، والخاتم).
وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص118) من طريق عمرو بن عبد الحميد عن مروان بن معاوية عن مسلم الملائي عن سعيد بن جبير من قوله: ولم يذكر ابن عباس ﭭ!.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه مسلم بن كيسان الملائي، وهو منكر الحديث.
قلت: وهذا الاختلاف يقدح في الأثر، فاختلف على ابن عباس ﭭ: في هذا الأثر، كما ترى، وهذا الاختلاف يوجب ضعفه، وأنه غير محفوظ، فلا تتكلف اعتباره.
* واختلف فيه أيضا:
فأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص283)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص2574)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج11 ص24- الدر المنثور) من طريق زياد بن الربيع عن صالح الدهان عن جابر بن زيد عن ابن عباس ﭭ في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الكف، ورقعة الوجه).
قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه صالح بن إبراهيم الدهان البصري، وهو لين الحديث غير معروف بالحديث، لا يحتج به. ([18])
قال يحيى بن معين: (صالح الدهان قدري،وكان يرضى بقول الخوارج). ([19])
* وهذا الأثر يعرف عن سعيد بن جبير، وقد رواه عنه أكثر الرواة، لا عن جابر بن زيد، فإنه لا يعرف عنه، وهذا التخليط من صالح بن إبراهيم الدهان، وقد تفرد به، ولا يحتمل التفرد، فالإسناد غير محفوظ بهذا الإسناد.
قال الإمام الجعبري / في «رسوم التحديث في علوم الحديث» (ص132)؛ عن المعلل: (ما فيه قادح خفي؛ كتفرد، ومخالفة، وإرسال، ووقف، وتداخل).اهـ
لذلك قال الحافظ ابن عدي / في «الكامل في الضعفاء» (ج4 ص1389): (وصالح الدهان هذا؛ لم يحضرني له حديث، فأذكره وليس هو معروف).
قلت: لذلك قال الإمام أحمد /، كما نقل عنه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص393) أنه قال: (صالح الدهان ليس به بأس) ([20]). يعني: إذا وافق الثقات، وإلا لا يحتج به كما هنا.
وقال الإمام أحمد / في «العلل» (ج2 ص484): (ليس به بأس). ([21])
لذلك فتوثيق الإمام يحيى بن معين له، كما في «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج4 ص393)؛ ليس بشيء!، وهو القائل عنه؛ إنه قدري، وكان يرضى بقول الخوارج، وهذا يشعر بضعفه، وعدم الاحتجاج به في الدين.
قلت: فلا يتحمل نقل الحديث، ولا يعرف به، لذلك ذكره الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج4 ص1389)، وأقره الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (ج3 ص178).
وقال الشيخ الألباني / في «إرواء الغليل» (ج6 ص200): «وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات».
وليس هو كما قال: لحال صالح بن إبراهيم الدهان، فقد لينه أحمد، وابن عدي، فليس بالقوي في الحديث، لكي يتفرد بذكر جابر بن زيد الأزدي عن ابن عباس ﭭ، والأثر معروف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ.
وقال الشيخ الألباني في «الرد المفحم» (ص133): «وهذا إسناد صحيح، وصالح الدهان ثقة».
قلت: وهذا الإسناد غير محفوظ، ولا يعرف به جابر بن زيد الأزدي عن ابن عباس ﭭ.
وهذا مطعن في إسناده، وهو غير محفوظ.
وصالح بن إبراهيم الدهان ([22]) هذا: روى الأثر، ولم يتابعه على هذا الإسناد الثقات الأثبات.
* ورواه زياد بن الربيع اليحمدي قال: نا صالح الدهان عن جابر بن زيد: أن ابن عباس ﭭ: كان يقول في هذه الآية: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ رفعه إلى النبي r قال: (الوجه والكفان).
أخرجه إسماعيل بن إسحاق القاضي في «أحكام القرآن» (ص203-إحكام النظر).
قلت: فرفعه منكر، وهذا من الاضطراب في سنده.
فمرة: عن زياد بن الربيع اليحمدي عن صالح الدهان عن جابر بن زيد عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن زياد بن الربيع اليحمدي عن صالح الدهان عن جابر بن زيد عن ابن عباس ﭭ عن النبي r.
وهذا يدل على أن صالحا الدهان، لم يضبط الأثر.
فهو راوي لا يعرف بعدالة في الحديث، ولا يعرف بضبط، ولم يشتهر بحمل الحديث الصحيح.
وإذا انفرد هذا الراوي القليل الرواية؛ بمثل: هذا الإسناد المنكر([23])، علم أنه
راوي لا يحل الإحتجاج بخبره، ولا يجوز الاعتماد على روايته. ([24])
قلت: وهنا جزمنا بخطأ الشيخ الألباني في تصحيح هذا الإسناد، باجتهاد منه، وسبب ذلك أنه لم يجمع كل الطرق حتى يتبين له خطأ الحديث، بل اكتفى على طريق، أو طريقين، في الظاهر([25])، ثم حكم عليه بالصحة بناء على ذلك، فوقع في الخطأ، ولا بد.
قال الحافظ النووي / في «التقريب والتيسير» (ص44): (والعلة عبارة عن سبب غامض خفي؛ قادح، مع أن الظاهر السلامة منه). اهـ
وهذه العلة من الأسباب الخفية المضعفة؛ لحديث الراوي؛ لأنها لا تظهر إلا بجمع الطرق والأسانيد، ومعرفة الاختلاف على الراوي الذي عليه مدار الرواية في كل سند، حتى يتعين موضوع الاضطراب، والاختلاف في السند، أو المتن، وممن هو. ([26])
قلت: ولا يظهر هذا الاضطراب؛ إلا بعد جمع طرق الحديث، فجمعناها فوجدنا الاضطراب فيه واضحا.
إذا من ذا الذي لا يخطئ، ومن ذا يسلم من الوهم. ([27])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352): (وكما أنهم يستشهدون، ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ؛ فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها، بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا: علم علل الحديث). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص42): (وقد يترك من حديث الثقة ما علم أنه أخطأ فيه). اهـ
وعن الإمام يحيى بن معين / قال: (لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها، ما عقلناه).([28])
وعن الإمام أحمد / قال: (الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه) ([29]).([30])
قلت: وهذا يدل على أن الحديث لا بد أن تجمع طرقه، لكي يتبين اضطرابه، وشذوذه، والخطأ في أسانيده.
قال الإمام ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علوم الحديث» (ص193): (والاضطراب موجب ضعف الحديث؛ لإشعاره بأنه لم يضبط).اهـ
وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج9 ص161): (الغلط لا يسلم منه أحد).اهـ
وقال الإمام ابن طاهر / في «المؤتلف والمختلف» (ص2): (فليس يسلم أحد من سهو، وخطأ) ([31]).اهـ
* ورواية: صالح الدهان عن جابر بن زيد عن ابن عباس ﭭ، ذكرها الشيخ الألباني أيضا في «جلباب المرأة المسلمة» (ص59 و60)؛ ثم قال: «وهذا سنده صحيح».
وهذا ذهول من الشيخ الألباني، في الإسناد، فإنه معلول، بالاختلاف، والاضطراب، وبضعف الدهان هذا.
وهذا الإسناد أيضا، قد وهم فيه: صالح بن إبراهيم الدهان في ذكره: لجابر بن زيد.
وأسانيد الرواة الذين اجتمعوا على سعيد بن جبير، أولى بالصواب. ([32])
قلت: وقد بينا عوار هذه الرواية، وأنها غير محفوظة، والمحفوظ: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ.
فظهر بذلك أن الحديث: إنما هو حديث: سعيد بن جبير، وقد وهم صالح بن إبراهيم الدهان فيه، فرواه عن جابر بن زيد الأزدي عن ابن عباس ﭭ.
فهو أثر مضطرب الإسناد، والاضطراب دليل على أن الراوي لم يضبط الحديث، ولم يحفظه جيدا.
قلت: وبهذا يتبين أن هذا الإسناد غير صالح للاعتبار، فهو جزما من أوهام صالح بن إبراهيم الدهان.
وهذا الخبر لا يضعف فقط، لضعف أسانيده، بل من أجل اختلاف الرواة في متنه، وفي إسناده، واضطرابهم فيها.
فهو أثر منكر.
قلت: وقد اضطرب صالح الدهان في إسناده، فرواه عن جابر بن زيد عن ابن عباس ﭭ؛ في تفسير، قوله تعالى: ]إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ وقد سبق.
ورواه زياد بن الربيع عن صالح الدهان عن جابر بن زيد: (أنه كان يكره أن تظهر المرأة خفها، ويقول: إنه يصف قدمها).
أخرجه أحمد في «أحكام النساء» (ص32) من طريق محمد بن أبي بكر قال: حدثنا زياد بن الربيع، عن صالح الدهان، عن جابر بن زيد من قوله.
وهذا الاختلاف يوجب ضعفه، فمرة: عن جابر بن زيد عن ابن عباس، ومرة: عن جابر بن زيد قوله.
وهذا يدل على ضعف صالح الدهان هذا.
* ثم كيف لجابر بن زيد، يكره ([33]) أن تظهر المرأة خفها، لأنه يصف قدمها، وهو الخوف من الفتنة، ثم يروي بعد ذلك: أنه يجوز للمرأة أن تكشف عن وجهها وكفها: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
* وكذلك فيه علة أخرى، فيه زياد بن الربيع اليحمدي، ولم يتابع على إسناده، فهو غير محفوظ، من رواية: جابر بن زيد.
لذلك قال الحافظ البخاري؛ عن زياد بن الربيع: (في إسناده نظر) ([34]).([35])
ولهذه العلة ذكره أئمة الجرح والتعديل في: «الضعفاء».
قال الحافظ مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (ج5 ص104): (زياد بن الربيع اليحمدي... ذكره أبو العرب القيرواني في «جملة: الضعفاء»، وكذلك: أبو بشر الدولابي، والعقيلي، والبلخي، وابن السكن).
وقال الحافظ ابن شاهين في «تاريخ أسماء الثقات» (ص 92): (زياد بن الربيع: كان شيخا صدوقا، وليس بحجة؛ قاله عثمان).
وقال الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص 147): (زياد بن الربيع: قال البخاري: «في إسناد حديثه نظر»).
قلت: وهذا يدل على أنه يخطيء في الحديث، ويهم، ولا يتابع.
لذلك لا يسلم للشيخ الألباني بأن زياد بن الربيع: أخرج له البخاري في «صحيحه».
* وذلك لأن الحافظ البخاري: إنما أخرج له أثرا واحدا عن أنس بن مالك t في؛ كتاب: «المغازي» في «لباس الطيالسة»، وليس له إلا هذا الأثر.
فعن أبي عمران قال: (نظر أنس بن مالك t إلى الناس يوم الجمعة، فرأى طيالسة([36])، فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج7 ص475)؛ في كتاب: «المغازي»، في باب: «غزوة خيبر» (38)؛ من طريق محمد بن سعيد الخزاعي، حدثنا زياد بن الربيع، عن أبي عمران به.
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج7 ص475)؛ عن زياد بن الربيع: (وليس له في البخاري، سوى هذا الحديث).
وهذا يعني: أنه لم يخرج له في الأصول، وذلك لعدم ضبطه لها.
والطيالسة: هي نوع من الثياب الأعجمية، كان يلبسها اليهود.
ولعلها نوع من الأوسمة توضع على الكتف، وهي بدون خياطة.
والساعة: هذا الوقت، على حالهم هذه يشبهون يهود خيبر.
وهذا يعني: أن الحافظ البخاري، لم يقبل منه الأحاديث المرفوعة، ولا الآثار التي في الأصول، والأحكام، لأنه لا يحتمل ذلك.
والحافظ البخاري يسهل في مثل: هذا الأثر عن أنس بن مالك t، وعن مثل هؤلاء الذين قال: فيهم نظر، فيما ليس من الأصول، ولا في الأحكام، وهذا واضح في فعله عن زياد بن الربيع.
قال الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص403): (زياد بن الربيع اليحمدي البصري، يكنى: أبا خداش... عن الدولابي عن البخاري أنه قال: «في إسناده نظر»، قد روى له البخاري في «الصحيح» حديثا واحدا في «المغازي» من روايته عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك t: «أنه نظر إلى الناس وعليهم الطيالسة»؛ الحديث، ما له عنده غيره).اهـ
* وقد أعل الحافظ البيهقي له حديثا تفرد به.
فقال في «شعب الإيمان» (ج11 ص489): (الإسنادان الأولان: أصح من رواية: «زياد بن الربيع»، وفيهما دلالة على خطإ؛ رواية: «ابن الربيع»، وقد قال البخاري: فيه نظر).
وهذا الحديث الذي أعله الحافظ البيهقي بتفرد زياد بن الربيع، في العطاس.
وقد أعله به الحافظ السيوطي في «الجامع الكبير» (ج21 ص203).
وقد أعل الحافظ الذهبي في «السير» (ج11 ص419)؛ أثرا من رواية: زياد بن الربيع، هذا.
وقد أعلت أحاديث: بتفرد زياد بن الربيع بها. ([37])
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص384 و403)؛ تحت: الفصل التاسع: في سياق أسماء من طعن فيه: وهو من رجال هذا الكتاب؛ فذكر منهم: «زياد بن الربيع» هذا.
قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص384): (الفصل التاسع: في سياق أسماء من طعن فيه من رجال هذا الكتاب، مرتبا لهم على حروف المعجم، والجواب: عن الاعتراضات موضعا، موضعا، وتمييز من أخرج له منهم: في الأصول، أو في المتابعات، والاستشهادات: مفصلا لذلك جميعه). اهـ
قلت: فهذا يتفاوت درجات من أخرج له الإمام البخاري في «صحيحه»، فمنهم: من أخرج له في الأصول، ومنهم: في المتابعات، ومنهم: في الاستشهاد، ومنهم: في التعليق، ومنهم: في الآثار.
* وزياد بن الربيع هذا: لم يخرج له الإمام البخاري في الأصول، بل في الآثار، وذلك لعدم ضبطه للأحاديث المرفوعة في الأصول، فافهم لهذا.
قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص384): (وهذا معنى: لم يحصل لغير من خرج عنه في «الصحيح»، فهو بمثابة: إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما؛ هذا إذا خرج له في الأصول.
فإما إن خرج له في المتابعات، والشواهد، والتعاليق، فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم: في الضبط، وغيره مع حصول اسم الصدق لهم). اهـ
وقال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ج2 ص561): (فإن كان اختلافا يؤدي إلى اختلاف معنى الخبر، فهو آكد وأظهر في اضطرابه، وأجدر أن يكون راويه ضعيفا قليل الضبط لما سمعه، أو كثير التساهل في تغيير لفظ الحديث).اهـ
قلت: ولا يعرف هذا الأثر؛ إلا من وجه سعيد بن جبير.
وأخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص56)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج11 ص23-الدر المنثور) من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس ﭭ: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (هو الكف، والخضاب، والخاتم).
أثر واه
قلت: وهذا سنده تالف، فيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف جدا.
قال عنه أحمد: (لم يسمع من أبيه، ليس بشيء ضعيف الحديث)، وقال سفيان الثوري: (كذاب)، وضعفه ابن معين، وأبو حاتم. ([38])
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص23).
وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص118) من طريق ابن حميد قال: حدثنا هارون عن أبي عبد الله نهشل عن الضحاك عن ابن عباس ﭭ قال: (الظاهر منها: الكحل، والخدان).
قلت: وهذا إسناده ساقط، وله ثلاث علل:
الأولى: محمد بن حميد بن حيان الرازي، وهو ضعيف لا يحتج به. ([39])
الثانية: نهشل بن سعيد الورداني، وهو متروك. ([40])
الثالثة: الضحاك بن مزاحم الهلالي: صاحب التفسير؛ لم يسمع من ابن عباس ﭭ. ([41])
فعن شعبة بن الحجاج، قال: قلت؛ لمشاش المروزي: (سمع الضحاك عن ابن عباس؟ قال: لا، ولا رآه قط). ([42])
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص225) من طريق أحمد بن عبد الجبار، ثنا حفص بن غياث عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (ما في الكف، والوجه).
قلت: وهذا سنده ضعيف جدا، وله علتان:
الأولى: أحمد بن عبد الجبار العطاردي ضعفوه. ([43])
الثانية: عبد الله بن مسلم بن هرمز، وهو ضعيف.
وقد ضعفه ابن معين، وأبو حاتم، وابن المديني، والنسائي، وغيرهم. ([44])
وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص118) من طريق الحسين بن داود سنيد قال: ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: قال ابن عباس ﭭ: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الخاتم، والمسكة).
قلت: وهذا سنده واه، وله ثلاث علل:
الأولى: الحسين، وهو الملقب بسنيد بن داود المصيصي، وهو ضعيف([45])، لكونه كان يلقن حجاج بن محمد شيخه، وهذا من روايته عنه.
الثانية: ابن جريج لم يسمع من ابن عباس ﭭ، فهو مرسل ضعيف.([46])
الثالثة: حجاج بن محمد روى عنه سنيد المصيصي بعد تغيره في آخر عمره. ([47])
وأخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص418) من طريق عتاب بن بشر، نا خصيف عن عكرمة عن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (الكحل، والخاتم، والزينة الأخرى).
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: عتاب بن بشر الجزري لا بأس به؛ إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة([48])، وهذه منها.
فعن الإمام أحمد / قال: (أحاديث عتاب عن خصيف: منكرة). ([49])
الثانية: خصيف بن عبد الرحمن الجزري وهو سيء الحفظ. ([50])
قال الإمام أحمد: «شديد الاضطراب».
وأخرجه أبو عبيد في «غريب الحديث» (ج5 ص347)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص225) من طريق خصيف عن عكرمة عن ابن عباس ﭭ قال: (الكحل، والخاتم).
وقال أبو عبيد: «عن عكرمة، أو غيره عن ابن عباس ﭭ».
قلت: وهذا سنده كسابقه منكر، فيه خصيف بن عبد الرحمن وهو سيء الحفظ([51])، والشك في الإسناد علة أخرى: «عن عكرمة، أو غيره»، وهذا التخليط من خصيف الجزري.
* وقد تتبع عدد من العلماء طرق ما نسب إلى ابن عباس ﭭ من التفسير: «بالوجه، والكفين» في الآية: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ فرأوا أنها أسانيد ضعيفة لا تقوم بها حجة.
قال العلامة السندي / في «الحجاب» (ص21 و22): (وبذلك يمكن أن يقال: إن هذه النسبة غير صحيحة إلى عبد الله بن عباس ﭭ). اهـ
* والحاصل: فإن أثر ابن عباس ﭭ، هذا: شاذ، سندا، ومتنا.
قلت: فيتحصل من هذا التفصيل في ذكر علل أثر ابن عباس ﭭ، أن الحديث ضعيف مضطرب.
* وقد اضطرب في إسناده، وفي متنه.
* أما في الإسناد:
فمرة: عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن الأعمش عن مسلم بن كيسان عن سعيد بن جبير عن ابن عباسﭭ.
ومرة: عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن عمرو بن عثمان عن مسلم الملائي عن سعيدبن جبير من قوله، ولم يذكر ابن عباس ﭭ!.
ومرة: عن مروان بن معاوية عن مسلم الملائي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن مروان بن معاوية عن مسلم الملائي عن سعيد بن جبير، من قوله، ولم يذكر ابن عباس ﭭ!.
ومرة: عن مسلم الملائي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن زياد بن الربيع عن صالح الدهان عن جابر بن زيد عن ابن عباسﭭ.
ومرة: عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن نهشل عن الضحاك عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس ﭭ.
ومرة: عن خصيف عن عكرمة أو غيره عن ابن عباس ﭭ.
قلت: فهذا اضطراب شديد من الرواة في إسناد الأثر، وهذا يدل على أن الأثر لم يثبت عن ابن عباس ﭭ.
فهذا ما وقفت عليه من أسانيد ما نسب إلى ابن عباس ﭭ من القول بأنه فسر آية النور: ]ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ (بالوجه والكفين)، وهي كما رأيت أسانيد ضعيفة، لا يصح الاحتجاج بها البتة في الشريعة المطهرة؛ لضعف أسانيدها.
* وكذلك نكارة واضطراب متونها؛ فمرة يقال: (وجهها، وكفها، والخاتم!)، ومرة يقال: (الكحل، والخاتم!)، ومرة يقال: (الكف، ورقعة الوجه!)، ومرة يقال: (الكف، والخضاب، والخاتم!)، ومرة يقال: (الكحل، والخدان!)، ومرة يقال: (الخاتم، والمسكة!)، ومرة يقال: (الوجه، وخضاب الكف!)، فهذه الروايات للأثر فيها اختلاف شديد في الألفاظ.
قلت: وتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف ظاهر الآية، فيمتنع أن صحابيا؛ مثل: ابن عباس ﭭ دعا له النبي r: (أن يفقهه الله بالدين، ويعلمه التأويل)؛ أن يفسر الزينة بما يخالف ظاهرها، بل يمتنع منه t أن يفسر الزينة من أصل خلقتها، لأن ما تتزين به المرأة هو خارج عن أصل خلقتها؛ كـ«الحلي»، و«الثياب»، وغيرها، وهذا في لغة العرب.
قلت: ولا يجوز تفسير الزينة في عرف الناس قديما وحديثا ببعض بدن المرأة، لأن هذا خلاف الظاهر، بل هو قول أهل الأهواء خاصة في هذا الزمان الحاضر.
* لذلك تعلم أن تفسير الزينة بـ«الوجه»، و«الكفين» فيه نظر، لأن المراد بالزينة في القرآن والسنة ما يتزين به مما هو خارج عن أصل الخلقة. ([52])
قال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص150): (ومن جهل أهل الكلام: أنهم يفسرون القرآن بمذاهبهم، ويتأولونه عن مقالبهم). اهـ
وقال العلامة الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج6 ص198): (اعلم أننا قدمنا في ترجمة: هذا الكتاب المبارك: أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولا، وتكون في نفس الآية قرينة دالة على عدم صحة ذلك القول، وقدمنا أيضا في ترجمته أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يكون الغالب في القرآن إرادة معنى معين في اللفظ، مع تكرر ذلك اللفظ في القرآن، فكون ذلك المعنى هو المراد من اللفظ في الغالب، يدل على أنه هو المراد في محل النزاع ; لدلالة غلبة إرادته في القرآن بذلك اللفظ، وذكرنا له بعض الأمثلة في الترجمة.
* وإذا عرفت ذلك، فاعلم أن هذين النوعين من أنواع البيان للذين ذكرناهما في ترجمة هذا الكتاب المبارك، ومثلنا لهما بأمثلة متعددة كلاهما موجود في هذه الآية، التي نحن بصددها.
أما الأول منهما: فبيانه أن قول من قال في معنى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[؛ أن المراد بالزينة: الوجه والكفان مثلا، توجد في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول، وهي أن الزينة في لغة العرب: هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها؛ كالحلي، والحلل. فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه، وبه تعلم أن قول من قال: «الزينة الظاهرة»: الوجه، والكفان خلاف ظاهر معنى لفظ الآية، وذلك قرينة على عدم صحة هذا القول، فلا يجوز الحمل عليه إلا بدليل منفصل يجب الرجوع إليه.
وأما نوع البيان الثاني المذكور، فإيضاحه: أن لفظ الزينة يكثر تكرره في القرآن العظيم مرادا به الزينة الخارجة عن أصل المزين بها، ولا يراد بها بعض أجزاء ذلك الشيء المزين بها; كقوله تعالى: ]يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد[ [الأعراف: 31]، وقوله تعالى: ]قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده[ [الأعراف: 32]، وقوله تعالى: ]إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها[ [الكهف: 7]، وقوله تعالى: ]وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها[ [القصص: 60]، وقوله تعالى: ]إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب[ [الصافات: 6]، وقوله تعالى: ]فخرج على قومه في زينته[ [القصص: 79]، وقوله تعالى: ]المال والبنون زينة الحياة الدنيا[ [الكهف 46]، وقوله تعالى: ]أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة[ [الحديد:20]، وقوله تعالى: ]قال موعدكم يوم الزينة[ [طه:59]، وقوله تعالى عن قوم موسى: ]ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم[ [طه:87]، وقوله تعالى: ]ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن[ [النور:31].
فلفظ الزينة في هذه الآيات كلها يراد به ما يزين به الشيء، وهو ليس من أصل خلقته -كما ترى- وكون هذا المعنى هو الغالب في لفظ الزينة في القرآن، يدل على أن لفظ الزينة في محل النزاع يراد به هذا المعنى، الذي غلبت إرادته في القرآن العظيم، وهو المعروف في كلام العرب ; كقول الشاعر:
يأخذن زينتهن أحسن ما ترى ... وإذا عطلن فهن خير عواطل
وبه تعلم أن تفسير «الزينة» في الآية: «بالوجه، والكفين»، فيه نظر.
وإذا علمت أن المراد بالزينة في القرآن ما يتزين به مما هو خارج عن أصل الخلقة، وأن من فسروها من العلماء بهذا اختلفوا على قولين:
فقال بعضهم: هي زينة لا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدن المرأة كظاهر الثياب.
وقال بعضهم: هي زينة يستلزم النظر إليها رؤية موضعها من بدن المرأة؛ كالكحل، والخضاب، ونحو ذلك.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين المذكورين عندي قول ابن مسعود t: «أن الزينة الظاهرة»: هي ما لا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدن المرأة الأجنبية، وإنما قلنا: إن هذا القول هو الأظهر ; لأنه هو أحوط الأقوال، وأبعدها عن أسباب الفتنة، وأطهرها لقلوب الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها، كما هو معلوم، والجاري على قواعد الشرع الكريم، هو تمام المحافظة، والابتعاد من الوقوع فيما لا ينبغي).اهـ
قلت: ولا يجوز للمرأة أن تبدي الزينة الظاهرة: كـ«الحلي»، وغيرها للرجال الأجانب، بل تبديها لذوي المحارم، والنساء، وبنحوهم. ([53])
قلت: ويدل على ضعف هذا التفسير من ابن عباس ﭭ أيضا، أنه ثبت عنه بأسانيد صحيحة في تفسير؛ قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ بتغطية الوجه.
فأخرج أبو داود في «مسائله» (ص108-110)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص149)، وفي «المسند» (855)، والبيهقي في «معرفة السنن» (2822) من طريق يحيى، وسعيد بن سالم، وروح عن ابن جريج قال: أخبرنا عطاء بن أبي رباح قال: أخبرني أبو الشعثاء([54])؛ أن ابن عباس ﭭ قال: (تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به)؛ قال روح في حديثه: (قلت: وما «لا تضرب به»؟، فأشار لي، كما تجلبب المرأة)؛ ثم أشار لي: (ما على خدها من الجلباب، قال: تعطفه، وتضرب به على وجهها، كما هو مسدول على وجهها).
وفي رواية: (ولكن تسدله على وجهها، كما هو مسدولا).
وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
قلت: ثم على فرض صحته: عن ابن عباس ﭭ، أنه قال عن الزينة: «الوجه، والكف».
* فإن ذلك ليس مطلقا، وإنما هو مقيد في بيتها، لمن دخل عليها في بيتها من محارمها، كما هو العادة في دخولهم عليها، ولكن عددا من الفقهاء ينقلون: عن ابن عباس ﭭ، أنه يقول: «الوجه، والكف»، وهذا غلط بلا شك، فما نسب إلى ابن عباس ﭭ، فليس مطلقا.
وإليك الدليل:
فعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ قال: (والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم، فهذه تظهره في بيتها لمن دخل من الناس عليها). ([55])
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص118)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص94) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة([56]) عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
والتفسير الذي: رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهو ما يعرف بصحيفة علي بن أبي طلحة([57])؛ هو من تدوين ابن عباس، وقد رواه علي بن أبي طلحة عنه بطريق الوجادة.
فيكون علي بن أبي طلحة قد أخذ هذه الصحيفة ورواها عن ابن عباس من غير أن يلقاه، أو يسمعها منه، وهذا ما يسمى في علم مصطلح الحديث: بالوجادة.
قال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص292): (ومثال الوجادة أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه ولم يلقه، أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجد بخطه، ولا له من إجازة ولا نحوها، فله أن يقول وجدت بخط فلان، أو قرأت بخط فلان، أو في كتاب فلان بخطه، أخبرنا فلان بن فلان، ويذكر شيوخه، ويسوق سائر الإسناد والمتن). اهـ
وقال الإمام ابن جماعة / في «المنهل الروي» (ص381): (وهو أن يقف على كتاب بخط شخص فيه أحاديث يرويها ذلك الشخص، ولم يسمعها منه الواجد، ولا له منه إجازة، أو نحوها.
فله أن يقول: «وجدت بخط فلان»، أو «قرأت»، وما أشبهه، وعلى هذا العمل، وهو من باب المرسل، ويشوبه شيء من الإتصال بقوله: «وجدت بخط فلان»). ([58]) اهـ
ورواية: علي بن أبي طلحة لهذه الصحيفة عن ابن عباس؛ بواسطة بينهما، فتارة يذكرون أن بينهما مجاهدا، وعكرمة.
فسلسلة الرواية هي: علي بن أبي طلحة عن مجاهد عن ابن عباس؛ أحيانا.
وعلي بن أبي طلحة عن عكرمة عن ابن عباس؛ أحيانا.
وأحيانا يجعل الواسطة بينهما: مجاهدا، وأحيانا: سعيد بن جبير.
يعني: علي بن أبي طلحة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
فما دام عرفنا الواسطة بين علي بن أبي طلحة، وابن عباس، وهم ثقات([59])، فلا يضر الانقطاع بينهما، فيعتبر الإسناد صحيحا. ([60])
وذكر الحافظ المزي / في «تهذيب الكمال» (ج20 ص490)؛ أن بين علي بن أبي طلحة، وابن عباس: مجاهد بن جبر التابعي.
يعني: إنما يروي عن مجاهد عن ابن عباس.
وكذا قال الحافظ العراقي في «تحفة التحصيل» (ص234).
قلت: فإذا عرفت الواسطة، فلا تضر الرواية، وهي مرسلة. ([61])
قال الإمام ابن أبي حاتم / في «الجرح والتعديل» (ج1 ص188): (حدثنا عبدالله بن يوسف عن عبدالله بن سالم عن علي بن أبي طلحة عن مجاهد).
قال الحافظ ابن حجر /؛ معلقا بقوله: (بعد أن عرفت الواسطة، وهو ثقة، فلا ضير في ذلك). ([62])
وقال الإمام ابن النحاس / في «الناسخ والمنسوخ» (ج1 ص13): (والذي يطعن في إسناده يقول: إن ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس التفسير، وإنما أخذ عن مجاهد، وعكرمة... وهذا القول لا يوجب طعنا؛ لأنه أخذه عن رجلين ثقتين، وهو في نفسه صدوق). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج7 ص298): (روى عن ابن عباس، ولم يسمع منه بينهما مجاهد). اهـ
عن مجاهد / قال: (عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته، أوقفته عند كل آية منه، وأسأله عنها).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (108)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص279 و280)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص706)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج16 ص252) من طريق محمد بن إسحاق، حدثنا أبان بن صالح، عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وقال الذهبي: «هذا حديث حسن الإسناد».
وأخرجه أحمد في «فضائل الصحابة» (1866)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص559) من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص10).
وأخرجه الطبري في «جامع البيان» (107) من طريق طلق بن غنام، عن عثمان المكي، عن ابن أبي مليكة، قال: (رأيت مجاهدا يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن، ومعه الواحه؛ قال: فيقول له ابن عباس: اكتب، حتى سأله عن التفسير كله).
وإسناده حسن.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص10).
ولهذا كان سفيان الثوري يقول: (إذا جاءك التفسير عن مجاهد، فحسبك به). ([63])
وقال الإمام السيوطي / في «الدر المنثور» (ج6 ص423): (ومن طريق معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وعلي صدوق، ولم يلق ابن عباس؛ لكنه إنما حمل عن ثقات أصحابه، فلذلك كان البخاري، وأبو حاتم، وغيرهما يعتمدون على هذه النسخة). اهـ
والخلاصة: أن علي بن أبي طلحة لم يسمع التفسير عن ابن عباس مباشرة، ولكن هناك وسائط بينهما؛ مثل: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وهم من تلاميذ ابن عباس الموثوق بهم. ([64])
فهذه الصحيفة هي أجود الطرق عن ابن عباس ﭭ.
وعن الإمام أحمد / قال: (بمصر كتاب التأويل([65]) عن معاوية بن صالح، لو أن رجلا رحل إلى مصر: فكتبه ثم انصرف به، ما كانت رحلته عندي ذهبت باطلا). ([66])
قلت: فنقل الإمام أحمد / أن بمصر صحيفة في التفسير: رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا. ([67])
وهذا يدل أن الإمام أحمد / يرى صحة كتاب علي بن أبي طلحة في التفسير عن ابن عباس، وهو الصواب.
وهذا التفسير([68]) من أقدم الروايات التي دونت عن ابن عباس ﭭ.
وقد اعتمد هذا التفسير عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الإمام البخاري في «صحيحه» ([69]) (ج8 ص206 و255 و295 و348)، والإمام ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص49)، و(ج2 ص230)، و(ج4 ص370)،والإمام الطبري في «جامع البيان» (ج1 ص98 و207 و234)، والإمام ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص289 و290)، والإمام ابن عطية في «المحرر الوجيز» (ج1 ص148)، والإمام السيوطي في «الإتقان في علوم القرآن» (ج1 ص115)، وغيرهم من علماء التفسير.
قال الإمام الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص134): (روى معاوية بن صالح عنه [يعني: علي بن أبي طلحة] عن ابن عباس تفسيرا كبيرا ممتعا). اهـ
وقال الإمام ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج1 ص148): (ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى: عدول كل خلف، وألف الناس فيه، كعبدالرزاق، والمفضل، وعلي بن أبي طلحة، والبخاري، وغيرهم). اهـ
وقد روى الإمام مسلم؛ لعلي بن أبي طلحة في «صحيحه» (ج10 ص12)؛ في كتاب «النكاح».
وأخذ معاوية بن صالح الحضرمي: هذه الصحيفة عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
وعبدالله بن صالح المصري، كاتب الإمام الليث بن سعد، وكان صاحب حديث وعلم.
روى عن معاوية بن صالح: هذه الصحيفة، وأصبح واحدا ممن يملكون حق رواية هذه الصحيفة عن طريق الكتاب، وهذا الكتاب صحيح.
قال الحافظ ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج7 ص299): (ونقل البخاري من تفسيره رواية: معاوية عنه([70]) عن ابن عباس شيئا كثيرا في التراجم وغيرها). اهـ
وقد استفاد من هذه الصحيفة: الإمام أبو حاتم الرازي، فروى عن عبدالله بن صالح كثيرا منها، ورواها عنه ابنه: عبدالرحمن بن أبي حاتم في «تفسير القرآن».
وهناك كثير من العلماء: استفادوا من هذه: «الصحيفة»، فنقلوا منها.
وإن تفاوت حظهم في هذا النقل بين مقل ومكثر؛ منهم: الإمام ابن النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ج1 ص5 و13 و16 و19)، وفي «القطع والائتناف» (ص90 و95 و199)، والإمام البيهقي في «الأسماء والصفات» (ص311 و343 و355)، والإمام البغوي في «معالم التنزيل» (ج2 ص186)، والإمام البلاذري في «أنساب الأشراف» (ج1 ص127 و177)، والإمام الآجري في «الشريعة» (ص6 و102 و449)، وغيرهم من علماء التفسير.
قلت: فنستطيع أن نستخلص من هذا كله: أن تفسير ابن عباس رضي الله عنهما؛ الذي رواه علي بن أبي طلحة: هو من التفاسير القديمة المدونة لجامع آيات القرآن، وهو مرتب على وفق ترتيب المصحف، وهو كتاب صحيح في التفسير بالمأثور. ([71])
لذلك لا يمنع من قبول هذا التفسير ونقله، والاحتجاج به في الدين.
قال الإمام السيوطي / في «الإتقان» (ج1 ص151): (وأولى ما يرجع إليه في ذلك ما ثبت عن ابن عباس، وأصحابه الآخذين عنه، فإنه ورد عنهم ما يستوعب تفسير غريب القرآن بالأسانيد الثابتة الصحيحة.
وها أنا أسوق هنا ما ورد من ذلك: عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة خاصة؛ فإنها من أصح الطرق عنه وعليها اعتمد البخاري في «صحيحه» مرتبا على السور). اهـ
فرواية: عبدالله بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، هي من أجود الطرق، وأصحها عن ابن عباس، وهي صحيفة صحيحة.
فالله تعالى نهى عن إظهار الزينة للمرأة؛ بقوله تعالى: ]ولا يبدين زينتهن[ [النور: 31].
ثم استثنى، فقال تعالى: ]إلا ما ظهر منها[ [النور: 31].
ثم أراد تعالى أن يبين المعنيين بإظهار المرأة الزينة لهم، مفصلا لمراتبهم بحسب قربهم للمرأة من المحارم.
فقال تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن[ [النور: 31].
* وقد ذكر الزوج مع غيره من المحارم من باب حصر المعنيين حتى لا يظن: أن الخطاب للأجانب الأبعدين.
قلت: ولذا بدأ الله تعالى بالزوج للخصوصية. ([72])
فعن عبد الرحمن بن زيد / قال: (والزوج له فضل، والآباء من وراء الرجل لهم فضل، قال: والآخرون يتفاضلون، وهذا كله يجمعه ما ظهر من الزينة).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج19 ص173 و174) من طريق يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
* فقوله: (وهذا يجمعه ما ظهر من الزينة)؛ يعني: أن المذكورين، هم: المحارم، وهم: المعنيون، بقوله: قبل ذلك: ]ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها[ [النور: 31]؛ وليس الأجانب من الرجال، فذكروا للبيان والإيضاح، والزوج له فضل على الجميع وخصوصية.
* فمراد الصحابة y، بكشف الزينة الظاهرة([73])، للمحارم لا الأجانب، فنصوصهم تدل على ذلك.
وقد نص على هذا الحافظ ابن عبد البر /؛ فجعل كشف الزينة، وإظهارها للمحارم، لا للأجانب.
فقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج8 ص236): (أن ذوي المحارم من النسب والرضاع لا يحتجب منهم ولا يستتر عنهم، إلا العورات، والمرأة في ما عدا وجهها وكفيها عورة) ([74]). اهـ
* ومما يؤكد هذا: تفسير ابن عباس ﭭ؛ لقوله تعالى: ]ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما [ [الأحزاب: 59].
فعن ابن عباس ﭭ قال: (أمر الله تعالى نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج22 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (411) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص471)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج5 ص221).
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ص486): (قوله تعالى: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب: 59]؛ جمع: جلباب، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة؛ أي: يرخين بعضها على الوجوه: إذا خرجن لحاجتهن، إلا عينا واحدة، لضرورة النظر.
جمع جلباب، وهي الملاءة: وهي تشبه العباءة عندنا).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ص485): (فأمر الله عز وجل: أن يدنين عليهن من جلابيبهن، أي: على هذا المكشوف الذي يكشف عادة، وهو الوجه والنحر، كما قال ذلك: ابن عباس ﭭ، وغيره: بأن تغطي وجهها، ولا تبد إلا عينا واحدة، تنظر بها للضرورة... فلا حاجة إلى إبداء العين؛ لأن إبداء العين إنما هو للضرورة؛ بدليل أن الصحابة؛ كابن عباس ﭭ، وغيره: رخصوا في إبداء العين الواحدة؛ لأنها بقدر الضرورة، وإلا لكانوا يقولون: تخرج العينين جميعا).اهـ
ويؤيد ذلك: الرواية الثانية لابن عباس ﭭ، وفيها أن الزينة التي تبديها، من قرطها، وقلادتها، وسوارها، وأما الخلخال، والنحر، والشعر، فلا تبديه، إلا لزوجها، وأقاربها المحارم في البيت. ([75])
فعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال[ [النور: 31]؛ قال: (فهذا الرجل يتبع القوم، وهو مغفل في عقله، لا يكترث للنساء، ولا يشتهيهن، فالزينة: التي تبديها، لهؤلاء: قرطاها، وقلادتها، وسواراها، وأما خلخالاها([76])، ومعضداها([77])، ونحرها([78])، وشعرها، فإنها لا تبديه؛ إلا لزوجها). وفي رواية: (لا تبدي خلاخلها، ومعضداتها، ونحرها، وشعرها، إلا لزوجها).
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص120 و122)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (394)، و(395)، و(412)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص94 و96)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص24 –الدر المنثور) من طرق عن عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره الخازن في «لباب التأويل» (ج5 ص57)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج4 ص26)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص24).
فهذه الحلي من الزينة: تظهرها في بيتها لمن دخل عليها من المحارم، لا الأجانب.
قلت: فقد صح عن ابن عباس ﭭ، كما ترى ما يؤيد حمل تفسيره على تخصيصه للمحارم صريحا، أو قرينة قوية في هذا الموضع.
فعلى هذا اتسق جميع تفسير ابن عباس ﭭ على أن مراده من إبداء الزينة الظاهرة للمحارم من الرجال، لا الأجانب من الرجال في خارج البيت، فافهم لهذا ترشد.
وعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن[ [النور:60]؛ قال: (وهي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار، وتضع عنها الجلباب([79])، مالم تتبرج لما يكره الله).
وفي رواية: (الثياب: الجلباب).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص2641)، وأبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص307)، وابن الأنباري في «المصاحف» (ج11 ص110-الدر المنثور)، والطبري في «جامع البيان» (ج10 ص165)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص93)، والبستي في «تفسير القرآن» (ص487)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص110-الدر المنثور) من طريق عكرمة، وعمرو بن دينار، وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (ج12 ص309)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص110).
* واتفق المفسرون من الصحابة، والتابعين، أن الثياب التي رخص الله تعالى بوضعها للعجوز: هي الجلابيب. ([80])
والجلابيب: هي ما تختص بستر الوجه من بشرة الجسم، وتكون فوق بقية الثياب؛ ثوبا على ثوب.
فالجلباب: فوق الخمار.
فعن بكير بن الأشج: أن عبد الله بن عمر ﭭ: كان يقول: في قوله تعالى: ]والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة[ [النور:60]؛ قال: تضع الجلباب).
قال بكير بن الأشج: وقال سليمان بن يسار: (تضع خمارها إن شاءت).
أثر صحيح
أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1616)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص110-الدر المنثور) من طريق عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وهذا هو المحفوظ.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص91)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص111)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج4 ص55).
* وخالف في ذلك ابن لهيعة، وهو مختلط، فرواه عن بكير بن الأشج عن نافع عن ابن عمر ﭭ به.
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (14847).
وعلقه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص93).
* وقد زاد ابن لهيعة نافعا في الإسناد، وهذا غلط، وهو غير محفوظ لاختلاط ابن لهيعة، والصحيح: رواية: بكير بن الأشج عن ابن عمر، لأن عمرو بن الحارث ثقة حافظ.
وعن عاصم الأحول قال: (كنا ندخل على حفصة بنت سيرين ([81])، وقد جعلت: الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمك الله، قال الله تعالى: ]والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة[ [النور: 60]؛ وهو الجلباب ([82])، قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: ]وأن يستعففن خير لهن[ [النور: 60]؛ فتقول: هو إثبات الجلباب). وفي رواية: (دخلنا على حفصة بنت سيرين، وقد ألقت عليها ثيابها... قالت: اقرأ ما بعده؛ ]وأن يستعففن خير لهن[ [النور: 60]).
أثر صحيح
أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (1618)، وسعدان بن نصر في «جزءه» (60)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص93)، والبستي في «تفسير القرآن» (ق/72/ط)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص112-الدر المنثور) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عاصم الأحول به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «جلباب المرأة المسلمة» (ص110).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص112).
* وإذا اتفق الصحابة y على رخصة النساء العجائز بوضع الجلابيب، وكشف الوجه من غير زينة، فماذا يحلون للمرأة الشابة أمام الأجانب؟!.([83])
وبوب عليه الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص94)؛ باب: ما تبدي المرأة من زينتها للمذكورين في الآية من محارمها.
قال العلامة المباركفوري / في «تحفة الأحوذي» (ج4 ص337): (زينها في نظر الرجال، وقيل؛ أي: نظر إليها ليغويها، ويغوي بها، والأصل في الاستشراف: رفع البصر للنظر إلى الشيء). اهـ
وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]ولا يضربن بأرجلهن[ [النور: 31]؛ قال: (هو الخلخال، لا تضرب امرأة برجلها ليسمع صوت خلخالها).
أثر صحيح
أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص58)، والطبري في «جامع البيان» (ج10 ص124) من طريق معمر عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص37).
* فنهيت المرأة أن تضرب برجلها؛ ليسمع صوت الجلاجل فيها. ([84])
وقد بين ابن عباس ﭭ: أن المرأة لو قرعت الخلخان برجلها أمام الرجال، فإن ذلك من المحرم في الدين، وأنه فتنة، وهو من عمل الشيطان، فكيف يجوز كشف الوجه، واليدين للمرأة أمام الرجال في خارج البيت، وهما أشد فتنة للرجال من صوت الخلخان أمامهم: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص:5].
فعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن[ [النور:31]؛ قال: (فهو أن تقرع الخلخال بالآخر عند الرجال، ويكون في رجليها خلاخل، فتحركهن عند الرجال، فنهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك، لأنه من عمل الشيطان). ([85])
أثر صحيح
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج10 ص124)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (430)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج11 ص24-الدر المنثور) من طرق عن عبد الله بن صالح كاتب الليث حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره البغوي في «معالم التنزيل» (ج3 ص327)، وابن الجوزي في «زاد المسير» (ج6 ص34)، وأبو الليث السمرقندي في «بحر العلوم» (ق/298/ط)، وابن العربي في «أحكام القرآن» (ج3 ص1376).
* وقد نهى الله تعالى عن كشف الوجه واليدين للمرأة أمام الرجال، لأن خروج المرأة من بيتها، وهي كاشفة عن وجهها، ويديها، أمام الرجال؛ فإن ذلك من عمل الشيطان بلا شك.
قال تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن([86]) أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون[ [النور:31].
وقال تعالى: ]ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما[ [الأحزاب: 59].
وعن صفية بنت شيبة، أن عائشة ڤ؛ كانت تقول: (لما نزلت هذه الآية: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن[ [النور:31]؛ أخذن أزرهن([87]) فشققنها من قبل الحواشي([88])، فاختمرن بها). وفي رواية: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن[ [النور:31]؛ شققن مروطهن([89])، فاختمرن به).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج8 ص347) في كتاب: «التفسير»، لسورة النور، باب: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) [النور:31]، والنسائي في «تفسير القرآن» (ج2 ص121)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج10 ص119)، وأبو داود في «سننه» (4102) من طريق إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة به.
ومن طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة ڤ به.
قلت: فعائشة ڤ، تفسر آية الحجاب، وتبين أن المراد منها: تغطية الوجه للمرأة([90])، وقد فعلن الصحابيات ذلك، وهذا التفسير لآية الحجاب، قد فسره جميع الصحابة y، بأنه تغطية الوجه للمرأة.
وعن الأسود قال: قالت عائشة ڤ: (تسدل المحرمة جلبابها من فوق رأسها على وجهها).
أثر صحيح
أخرجه أبو داود في «مسائله» (ص109)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج3 ص406-فتح الباري) من طريق هشيم قال: أخبرنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج3 ص406)، والعيني في «عمدة القاري» (ج9 ص166).
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ص487): (فإن كل ما يخشى منه الفتنة، فإنه يجب البعد عنه؛ لهذا: قال تعالى: ]ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن[ [النور:31]؛ لأن الخلخال الذي يسمع إذا ضربت المرأة برجلها يخشى منه الفتنة.
وخشية الفتنة بمخفي عند ضرب المرأة برجلها أقل بكثير من أن تخرج المرأة وجهها، ذلك الوجه الجميل المجمل بالكحل، والتحمير، وغير ذلك.
وكل يعلم: أن هذا أعظم فتنة من خلخال مستور يسمع صوته عند الضرب بالرجل.
وتأتي حكمة الله تعالى: أن ينهى عن ضرب المرأة برجلها؛ لئلا يسمع خلخالها، ثم يرخص لامرأة من أجمل النساء أن يظهر وجهها وكفيها!، فهذا تأباه حكمة الله تعالى).اهـ
وعن أم سلمة ڤ قالت: (لما نزلت هذه الآية: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب: 59] ([91])؛ خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها).
أثر حسن
أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج3 ص52)، وأبو داود في «سننه» (4101)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (407) من طريقين عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة ڤ به.
قلت: وسنده حسن.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص48).
والأثر صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3456).
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ص485): (والجلباب: هو الرداء، أو الملاءة، أو الملحفة، يعني: الشيء الواسع الذي يشمل جميع البدن، أو أكثره). اهـ
قال صفي الرحمن المباركفوري / في «إبراز الحق» (ص49): (وهذا الحديث أيضا صريح في شمول الحجاب للوجوه، ويفيد أن تغطية الوجوه كان هو المقصود بأمر الحجاب.
وحكم هذا الحديث عام لجميع نساء المؤمنين؛ لأن المراد بخمائر، جمع ليست أمهات المؤمنين فحسب، كما يزعمه الزاعمون.
والدليل في ذلك: أن عائشة ڤ، هي التي روت هذا الحديث، وهي كانت تفتي: «بأن المرأة المحرمة تسدل جلبابها من فوق رأسها على وجهها».
* وقد روى مالك في «الموطأ» ما أن تغطية الوجوه في الإحرام كانت عامة في النساء، لا في زمن الصحابة y فقط، بل فيما بعدهم أيضا.
* فقد روى عن فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا نخمر وجوهنا، ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق، فلا تنكره علينا».). اهـ
قلت: والجلباب قريب من العباءة اليوم، لكنها غير مفصلة، وهو القناع والملاءة.
والجلباب ليس غطاء خاصا بالوجه وحده، ولكنه للوجه وغيره.
ولذا قال تعالى: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب: 59]؛ يعني: تأخذ شيئا من جلبابها، وتنزله على وجهها.
والإدناء: من الدنو، وهو القرب، ويكون من مكان عال، أو مواز.
والدنو: نزول، فيسمى أسفل الشيء وأقربه: أدناه.
ويقال: للنازل الهابط بالنسبة للعالي: أدنى، ودان، كما في قوله تعالى: ]في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون[ [الروم: 3].
قلت: ويدل على أن الإدناء في الآية: يتضمن القرب من علو.
والإدناء: هو الإدلاء، والإدلاء يكون من الشيء العالي.
ومنه قوله تعالى: ]علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى[ [النجم: 5-8].
* وهو قرب جبريل عليه السلام: من النبي r، فكان عاليا ثم دنى، فتدلى إليه، ومنه يسمى الدلو دلوا؛ لأنه يدلى به من علو إلى أسفل البئر.
وقد فسر إدناء الجلابيب بتغطية الوجه في هذه الآية، وغيرها من السنة، والأثر: جماعة من الصحابة، والتابعين.
* وقد أجمع الصحابة y على هذا التفسير للآية، ولا يوجد أي خلاف بينهم، بخلاف هذا المعنى. ([92])
قلت: ومن تتبع حال الصحابيات، والتابعيات، وجد أن حجابهن، وسترهن لا يختلف في الستر العام للمرأة، وأن عملهن كلهن على تغطية الوجوه، ولا يعلم عن أي صحابية، ولا تابعية حرة شابة معروفة الحال تكشف وجهها، وقد كان عملهن على تغطية الوجه.
قلت: ويذهب عدد من المفسرين إلى أن الحجاب، لم يفرض جملة واحدة -كما هو في الأحكام الأخرى- وإنما جاء متدرجا.
فأول ما نزل، وذكر فيه عمومالمؤمنات: آيات النور، وثم آيات سورة الأحزاب، وقد استقر الحكم بفرض تغطية المرأة لوجهها، وكفها إلى آخر الدنيا.
وكثير ممن ينظر في كتب المفسرين، ينظر في سورة النور، فيراهم ينقلون تفسير الصحابة y، وينصون على فرض الحجاب.
ولو نظروا في تفسيرهم لسورة الأحزاب لوجدوا أنهم يمنعون المرأة أن تخرج بدون الحجاب، خاصة من منعهم لكشف وجهها، وكفيها، غاية المنع.
قلت: ومن جهل تفسير السلف لسورة النور، وسورة الأحزاب، وفرض الحجاب على المرأة بتغطية وجهها، وكفيها، وأنها كلها عورة، فهذا لم يفهم مقاصد القرآن، وأحكام المفسرين من السلف.
قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج22 ص33)؛ في تفسير سورة الأحزاب: (لا يتشبهن بالإماء في لباسهن: إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن، ووجوههن، ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن). اهـ
ثم ذكر الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج22 ص33)؛ لتفسير السلف لتغطية المرأة لوجهها، بالجلابيب، فحكى المفسرون فرض الحجاب في سورة النور في المرحلة الأولى، ثم استقرار الحكم في فرض الحجاب في سورة الأحزاب بعدها، بأن المرأة كلها عورة، حتى وجهها، وكفيها.
* وهكذا كثير من المفسرين، يفسرون آية النور على حال سابقة في فرض الحجاب على المرأة، ثم ينصون صراحة على منع المرأة من كشف وجهها عند آية الأحزاب، منهم: الإمام الطبري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وأبو الليث السمرقندي الحنفي، والإمام الجصاص، والإمام البيضاوي، والإمام الثعلبي، والإمام العز بن عبد السلام، والإمام ابن أبي زمنين، وغيرهم. ([93])
قلت: وسواء قيل: إن الحجاب نزل متدرجا، أم نزل مرة واحدة، وتنوعت نصوص القرآن، ونصوص السنة في الخطاب، ونصوص الآثار في النقل، فالغاية واحدة، وهو ما ظهر في جميع النصوص، وتجلى صريحا على فرض الحجاب على المرأة، وبتغطية وجهها، وكفها، وأنها كلها عورة إذا خرجت من بيتها، هكذا استقر الحكم في الأخير إلى قيام الساعة.
* ومن تتبع حال الصحابيات، والتابعيات، وجد أن حجابهن وسترهن لا يختلف في الستر العام للمرأة، وأن عملهن كلهن على تغطية الوجوه، والأيدي، والبدن.
قال أبو حامد الغزالي / في «إحياء علوم الدين» (ج2 ص47): (لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء: يخرجن متنقبات). اهـ
وقال الفقيه الجويني / في «نهاية المطلب» (ج62 ص31): (اتفق المسلمون على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه، لأن النظر مظنة الفتنة). اهـ
* لذلك لا يقبل أي: تفسير بعد تفسير الصحابة y لآية الحجاب، وأنها نزلت في وجوب تغطية النساء لوجوههن، وأيديهن عن الرجال إذا خرجن من بيوتهن، لأن النساء كلهن عورة.
قال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج4 ص298): (والنساء كلهن عورات).اهـ
وقال العلامة الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج6 ص594): (وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيات المذكورات فيه فهمن: أن معنى قوله تعالى: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن[ [النور: 31]؛ يقتضي: ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن؛ أي: سترن وجوههن بها امتثالا لأمر الله تعالى، في قوله تعالى: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن[ [النور: 31]؛ المقتضي: ستر وجوههن.
وبهذا يتحقق المنصف: أن احتجاب المرأة عن الرجال، وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى.
* وقد أثنت عائشة ڤ على تلك النساء بمسارعتهن، لامتثال أوامر الله في كتابه، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه: من قوله تعالى: ]وليضربن بخمرهن على جيوبهن[ [النور: 31]؛ إلا من النبي r لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن.
والله جل وعلا يقول: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النمل:44]؛ فلا يمكن أن يفسرنها من تلقاء أنفسهن).اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج8 ص490): (قوله: «مروطهن»، جمع مرط، وهو الإزار، وفي الرواية الثانية: «أزرهن»، وزاد: «شققنها من قبل الحواشي».
قوله: «فاختمرن»؛ أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك: أن تضع الخمار على رأسها، وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو: التقنع([94]) ). اهـ
قلت: وكان أمير المؤمنين: عمر بن الخطاب t يشدد على الحرائر لبس الحجاب مع تغطية الوجه واليدين، لتطبيقه العمل بآيات الحجاب على النساء، وهذا يدل على أن الصحابة y قد أجمعوا على ستر النساء من أعين الرجال.
فعن أنس بن مالك t: (أن عمر بن الخطاب t: رأى أمة عليها قناع، فضربها بالدرة، وقال: اكشفي عن رأسك، ولا تشبهي بالحرائر). وفي رواية: (رأى جارية متنقبة). وفي رواية: (وعليها جلباب متقنعة به).
أثر صحيح
أخرجه يحيى بن سلام في «تفسير القرآن» (ج3 ص230)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص230 و231)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص136)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص236) من طريق سعيد، وعثمان، ومعمر، وشعبة، عن قتادة، والزهري، والمختار بن فلفل عن صفية بنت أبي عبيد، وأنس بن مالك عن عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص237): «والآثار عن عمر بن الخطاب t في ذلك صحيحة».
وذكره ابن منظور في «لسان العرب» (ج6 ص3755)، وابن الأثير في «النهاية» (ج4 ص114)، وابن حجر في «الدراية» (ج1 ص124)، والزيلعي في «نصب الراية» (ج4 ص250).
قوله: (منتقبة)؛ يعني: متغطية في وجهها.
وقوله: (متقنعة)؛ يعني: ساترة وجهها.
قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج9 ص501): (وهذا دليل على أن عدم حجب الإماء كان مستفيضا بينهم مشهورا، وأن الحجب لغيرهن كان معلوما).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ص487): (فلا يؤذين: بالتعرض لهن بخلاف الإماء، فلا يغطين وجوههن([95])، فكان المنافقون: يتعرضون لهن.
* وهكذا كانت الإماء في عهد رسول الله r، وفي عهد الخلفاء، لا يحتجبن، لأنهن مملوكات، ولا يتعلق بهن، إلا ردئ النفس). اهـ
قلت: فكان عمر بن الخطاب t لا يدع أمة تتقنع، وتتغطى في وجهها، لكي تعرف أنها أمة، ويحصل التفريق بينها، وبين الحرة، لأن الحرة تغطي وجهها، ورأسها، فتعرف أنها حرة، فلا تؤذى، حتى قال عمر بن الخطاب t: «إنما القناع([96]) للحرائر، لكيلا يؤذين».
والقناع: ما تغطي به المرأة وجهها، ورأسها.
يقال: تقنعت المرأة: لبست القناع، وهو ما تقنع به المرأة من ثوب يغطي رأسها، ومحاسنها.
يقال: ألقى عن وجهه قناع الحياء.
المقنع: المستور الوجه.
فالتقنع: يطلق على تغطية الوجه.
ويقال: اختمرت النساء؛ أي: تقنعن بمروطهن، يعني: غطين وجوههن.
وصفة ذلك: أن تضع الخمار على رأسها، وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنع.
وعن عائشة ڤ: (أنها سدلت طرف، قناعها على وجهها، وهي محرمة)؛ يعني: أسبلته.
فالقناع: ما يستر به الوجه، ويطلق على الخمار.
والخمر: المقانع.([97])
قال الفيروزآبادي اللغوي / في «بصائر ذوي التمييز» (ج1 ص79): (سفرت المرأة: كشفت قناعها عن وجهها). اهـ
وقال الآلوسي المفسر / في «روح المعاني» (ج11 ص264): (قوله تعالى: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب: 59]؛ وإدناء ذلك عليهن: أن يتقنعن فيسترن الرأس والوجه، بجزء من الجلباب مع إرخاء الباقي على بقية البدن).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «تفسير القرآن» (ص485): (قوله تعالى: ]يدنين عليهن من جلابيبهن[ [الأحزاب: 59]؛ لم يقل: «على وجوههن»، ولا «على نحورهن»، ولا «على صدورهن»، فيكون شاملا لجميع البدن، فقال تعالى: ]يدنين عليهن[؛ أي: على جميع البدن). اهـ
وقال أبو حامد الغزالي / في «إحياء علوم الدين» (ج2 ص47): (لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء: يخرجن متنقبات). اهـ
قلت: وهذا التخريج، لم تراه في أي: كتاب؛ بذكر الأسانيد والمتون، والاضطراب فيها، والاختلاف.
وهذا لم يتوصل إليه الشيخ الألباني /، ولم يقع عليه بمثله، وقد فاته هذا التخريج في حياته.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
فتوى العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني في براءته من مقلديه في الدنيا والآخرة، في تصحيح، وتضعيف الأحاديث وغير ذلك؛ بمثل: قول المقلد الجاهل: «هذا الحديث صححه الشيخ الألباني» أو «ضعفه» بغير دراية، ولا رواية؛ بل بالتقليد الأعمى، وهو حديث ضعيف معلول، إذا فلا ينفع المقلد الهالك هذا التقليد المذموم؛ بل يضره في الدنيا، لأنه يعبد الله تعالى بهذا التقليد على غلط، ويأثم به، وله وعيد شديد في الآخرة............................................................... |
8 |
3) |
ذكر الدليل على قمع شبهة من ينسب لابن عباس ﭭ؛ أنه فسر: {إلا ما ظهر منها}؛ بكشف المرأة للوجه والكفين.............................. |
9 |
([2]) ومن هنا يظهر للمسلم الحق مدى الفرق الشاسع بين أهل العلم، وبين أهل الجهل؛ لأنهم أبعد ما يكونوا عن تفقه هذا العلم الثاقب، وعن معرفة أصوله. اللهم غفرا.
انظر: «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص257).
([3]) ولا ينظر إلى شهرة الأحاديث والأحكام بين المسلمين بدون نظر في هذه الأحاديث هل هي صحيحة، أو غير صحيحة، وإن صدرت من العلماء رحمهم الله تعالى، لأنهم بشر، ومن طبيعة البشر يخطئون ويصيبون، فافهم هذا ترشد.
قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص15): (ما وقع التصريح ـ يعني: عن الحديث بصحته أو حسنه جاز العمل به، وما وقع التصريح بضعفه لم يجز العمل به، وما أطلقوه ولم يتكلموا عليه، ولا تكلم عليه غيرهم؛ لم يجز العمل به إلا بعد البحث عن حاله إن كان الباحث أهلا لذلك). اهـ
([4]) وهؤلاء المقلدة المتعصبة أكثرهم مقلدون لا يعرفون من الحديث إلا على أقله، ولا يكادون يميزون بين صحيحه من سقيمه، ولا يعرفون جيده من رديئه، ولا يعبئون بما يبلغهم منه أن يحتجوا به، والله المستعان.
قلت: وعلى هذا عادة أهل التقليد في كل زمان ومكان، ليس لهم إلا أراء الرجال أصابوا أم أخطئوا، إلا أن عذر العالم ليس عذرا لغيره إن تبين، أو بين له الحق، وقد وردت أقوال العلماء تؤكد هذا الشيء، وتبين موقفهم من تقليدهم، وأنهم تبرءوا من ذلك جملة، وهذا من كمال علمهم، وتقواهم حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنة كلها.
انظر: «هداية السلطان» للمعصومي (ص19)، وكتابي «الجوهر الفريد في نهي الأئمة الأربعة عن التقليد»، والله ولي التوفيق.
([7]) «قناة أهل الحديث» بعنوان: «العلامة الألباني يتبرأ من الذين يقلدوه في تصحيح وتضعيف الأحاديث، وفي الأحكام في الأصول والفروع» في سنة: «1441هـ».
([8]) وانظر: «العلل» لابن أبي حاتم (ج1 ص13)، و«التاريخ» للدارمي (ص243)، و«السؤالات» لأبي داود (ص199)، و«تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس» لابن حجر (ص118).
([9]) وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص47)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج4 ص23)، والثعالبي في «الجواهر الحسان في تفسير القرآن» (ج3 ص117)، وابن الحيري في «الكفاية في التفسير» (ج5 ص244).
([11]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص531)، و«الضعفاء» للبخاري (343)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (596)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج4 ص153)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (2312).
أخرجه ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص341)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص192)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص154).
وإسناده صحيح.
([13]) وانظر: «النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص638)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص113)، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد (ج1 ص442).
([15]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص132)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص26)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص29).
([16]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص132)، و«السؤالات» لابن الجنيد (110)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج2 ص122)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (2311)، و«ميزان الاعتدال» له (4602).
([17]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص533)، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد (ج1 ص167)، و(ج2 ص31 و54 و131)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص135 و136)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (4109)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (568) .
([24]) وانظر: «العلل الصغير» للترمذي (ص50)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص521)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج2 ص894)، و«الضعيفة» للشيخ الألباني (ج3 ص135)، و«آفة أصحاب الحديث» لابن الجوزي (ص320)، و«الجامع لأخلاق الراوي» للخطيب (ج2 ص315)، و«الكفاية» له (ج1 ص421).
([25]) كما هي عادة الشيخ الألباني / في عدد من كتبه، وفي عدد من الأحاديث، فإنه يصحح الحديث بالنظر في إسناد، أو إسنادين في الحديث، أي: بمجرد ظاهر الإسناد دون جمعه لطرقه، والنظر في اختلافها، واضطرابها، بل لا ينظر في عدد من الأحاديث إلى أوهام الثقات، وخطئهم في هذه الأحاديث، اللهم سلم سلم.
([26]) وانظر: «شرح التقريب والتيسير» للسخاوي (ص158 و159)، و«فتح المغيث بشرح ألفية الحديث» له (ج1 ص31)، و«معرفة أنواع علوم الحديث» لابن الصلاح (ص93)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج2 ص843)، و«اختصار علوم الحديث» لابن كثير (ص177)، و«المقنع في علوم الحديث» لابن الملقن (ج1 ص221)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص113 و114).
([27]) وانظر: «شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج1 ص436)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج1 ص264)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج1 ص364 و366).
أخرجه الخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي» (1700)، وابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص33)، والخليلي في «الإرشاد» (ج2 ص595).
وإسناده صحيح.
([31]) وهذا يدلك على أن العالم يخطيء، ويصيب، فلا حاجة لنا أن يأتي مقلد فيقول، هذا الحديث صححه فلان، فإن الخطأ لا يسلم منه أحد، فتنبه.
أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (ج2 ص431)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج3 ص1052).
وإسناده صحيح.
وذكره المقريزي في «المختصر» (ص346).
([36]) فرأى طيالسة: أي: عليهم، والطيالسة: جمع طيلسان، وهو نوع من الثياب الأعجمية.
فرأى أنس بن مالك t أناسا يلبسون الطيالسة، وهي ثياب تلبس، فشبههم بيهود خيبر في لباسهم هذا، وما أشبه الليلة بالبارحة.
وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج7 ص476).
([37]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج11 ص419)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص307)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج3 ص1052)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج2 ص76)، و«ذخيرة الحفاظ» لابن طاهر (ج3 ص592 و1649)، و«إحكام النظر» لابن القطان (ص203)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص365).
([41]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص85)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص199)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص155)، و«الإرشاد في معرفة علماء الحديث» للخليلي (ج1 ص389)، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج6 ص300).
أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص143)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج4 ص1414).
وإسناده صحيح.
([48]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج19 ص288)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (2748)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص90).
([50]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص297)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج8 ص259)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (1269).
([55]) هكذا تمام تفسير ابن عباس ﭭ، ولكن عددا من المفسرين ينقلون عنه: الشق الأول، وهذا خطأ، فتنبه.
قلت: لمن دخل من الناس عليها: يعني: الناس من المحارم.
([56]) وصحيفة: علي بن أبي طلحة، قواها: الإمام أحمد /، واحتج بها البخاري /.
فهي صحيحة الإسناد في التفسير فقط، لثبوت التثبت من رواتها في الإسناد، لتفسير ابن عباس ﭭ، وحفظه.
وتفسير معاوية بن صالح قاضي الأندلس عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: رواه الكبار عن أبي صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح، وهذا أجود الطرق عن ابن عباس، وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث، رواها عن معاوية بن صالح، وهي عند الحافظ البخاري عن أبي صالح، وقد اعتمد عليها في «صحيحه» فيما يعلقه عن ابن عباس.
وانظر: «الإرشاد في معرفة علماء الحديث» للخليلي (ج1 ص393).
([57]) وهذه الصحيفة صحيحة، وهي مثل الكتاب الصحيح الذي يرويه الراوي عن شيخه، ولم يلقاه، أو يسمع منه مباشرة.
إلا فيما أخطأ في هذا الكتاب، وخالف الثقات، فإنه يعتبر شاذا لا يحتج به.
قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص698): (علي بن أبي طلحة؛ صدوق قد يخطئ)
([59]) وانظر: «الناسخ والمنسوخ» لابن النحاس (ص13 و14)، و«الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ج2 ص188)، و«الثقات» لابن حبان (ج7 ص1981)، و«تقييد العلم» للخطيب (ص136).
([60]) وكان ابن عباس يكثر من الكتابة من التفسير، وكان يملي على تلاميذه التفسير، فيدونونه، ثم يروونه عن ابن عباس.
([61]) وانظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص118)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص240)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج20 ص490)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص299).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (109).
وإسناده حسن.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص10).
([64]) فابن عباس قد كتب تفسيره بنفسه، ثم رواه عنه علي بن أبي طلحة.
وهناك كتب في التفسير: رواها تلاميذ ابن عباس عنه بعد أن كتبها بنفسه.
وهناك تفاسير أخرى دونها تلاميذه عنه مباشرة بالسماع.
وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج1 ص90)، و«الناسخ والمنسوخ» لابن النحاس (ج1 ص13)، و«الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (ج1 ص115)، و«الدر المنثور» له (ج6 ص423)، و«التفسير المقرون» للذهبي (ج1 ص277)، و«التعليق على تفسير الطبري» للشيخ أحمد شاكر (ج2 ص528).
أخرجه ابن النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص14).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص188).
([68]) وهذا يدل أن ابن عباس ﭭ كتب هذا التفسير في كتاب، وأخذه عنه علي بن أبي طلحة ورواه، وهو كتاب صحيح.
قلت: ولو ضربنا على هذا الكتاب، وتركناه، فقد تركنا علما كثيرا في تفسير القرآن، لابن عباس، وهذا هو الخسران المبين، فافطن لهذا.
([69]) فروى الإمام البخاري الكثير منها في «صحيحه»، ولم ينقل كل مافي الصحيفة، فانتبه.
ما روى البخاري في «صحيحه» عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة ذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص26 و254 و394 و430)، و(ج3 ص7 و60 و430 و434 و508)، و(ج4 ص 8 و9 و23 و25 و31 و33 و186 و209 و215 و242 و249 و256 و270 و271 و281 و285 و292 و296 و303 و304 و305 و312 و354 و406 و516 و526)، و(ج5 ص107 و180 و190 و265 و380) وغيرها.
([71]) وانظر: «التحبير في علم التفسير» للسيوطي (ص332)، و«الدعاء» للطبراني (ج2 ص1263)، و(ج3 ص1497)، و«التوبيخ والتنبيه» لأبي الشيخ (ص82 و107)، و«تاريخ جرجان» للسهمي (ص467)، و«المكتفى» للداني (ص406 و407).
([75]) ومسألة جواز كشف الوجه، واليدين نسبها عدد من العلماء باجتهاد منهم، لابن عباس ﭭ على اطلاقها، وهذا غلط، فهذه الأشياء لا تبديها إلا في البيت لأقاربها المحارم، فتنبه.
قال تعالى: ]ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون[ [النور:31].
([79]) فتفسير ابن عباس: «الثياب» بالجلابيب للقواعد من النساء من كبار السن، وهي الجلابيب التي تكون على المرأة الشابة، فالعجوز تضع جلبابها، والجلباب: ما على الوجه.
فالله تعالى رخص للعجوز بوضع جلبابها، وهذه خصيصة العجوز عنده عن الشابة.
وانظر: «فضائل القرآن» لأبي عبيد (ص307)، و«جامع البيان» للطبري (ج10 ص165).
([80]) وانظر: «تفسير القرآن» لعبد الرزاق (ج2 ص63)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج8 ص2639 و2642)، و«جامع البيان» للطبري (ج17 ص360).
([83]) قلت: فليس للمرأة الشابة أن تكشف وجهها أمام الأجانب عند السلف، لأنه إذا قلنا أنها تكشف عن الوجه والكفين أمام الأجانب، فما الفائدة من نزول آية القواعد، والترخيص لهن بوضع الجلباب، للتفريق بين المرأة الشابة، وبين المرأة العجوز، فافهم لهذا ترشد.
([84]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن سلام (ج1 ص444)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج8 ص2579 و2580)، و«جامع البيان» للطبري (ج10 ص118).
([85]) قلت: وكشف الوجه أمام الرجال، أشد فتنة من صوت الخلخال، وهو من عمل الشيطان، وكذلك: يد المرأة، فافهم لهذا ترشد.
([89]) المرط: بكسر الميم، وسكون الراء: كساء المرأة، ويكون من الصوف، أو غيره.
انظر: «النهاية» لابن الأثير (ج4 ص319)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص490).
([91]) قلت: والأمر في الآية: هو لتغطية المرأة وجهها.
فالجلباب: في الأعلى، فأمرت أن تنزله على وجهها، وترخيه عليه.
ويقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة، أدني ثوبك على وجهك.
وانظر: «تفسير القرآن» لشيخنا ابن عثيمين (ص49)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج6 ص594).
([92]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص438 و439)، و«معرفة السنن» للبيهقي (ج7 ص141 و142)، و«جامع البيان» للطبري (ج10 ص118 و119).
([93]) وانظر: «أحكام القرآن» للجصاص (ج4 ص312 و350)، و«تفسير القرآن» لابن أبي زمنين (ج3 ص230 و412)، و«حجاب المرأة المسلمة» لابن تيمية (ص13)، و«الفتاوى» له (ج22 ص115)، و«جامع البيان» للطبري (ج22 ص33)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج7 ص87)، و(ج8 ص64)، و«تفسير القرآن» للعز بن عبد السلام (ج2 ص398 و590)، و«تفسير القرآن» لابن جزي (ج2 ص67 و159)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج6 ص170)، و(ج7 ص115)، و«بحر العلوم» للسمرقندي (ج2 ص508)، و(ج3 ص69)، و«أنوار التنزيل» للبيضاوي (ج4 ص104 و238).
([95]) وبين شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج15 ص373): (إن هذا في الإماء اللاتي لا يخشى منهن فتنة.
وأما الإماء الجميلات اللاتي يفتن، فإنه يجب عليهن: أن يغطين وجوههن؛ وذلك لخوف الفتنة، لا لإلحاقهن بالحرائر).
وهذا هو الصحيح، فإن كل ما يخشى منه الفتنة، فإنه يجب البعد عنه.
([96]) والقناع: هو الذي يغطي الوجه؛ يعني: ما تغطي به المرأة وجهها، ورأسها، وغشاء القلب، وما يستر به الوجه، ويقال: تقنعت المرأة: لبست القناع.
وانظر: «الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج3 ص94).
([97]) وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص197)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص114)، و«جامع البيان» للطبري (ج22 ص46)، و«المعجم الوسيط» (ج2 ص763)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص490)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (ج6 ص108)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج6 ص3755)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج12 ص123)، و«البناية على الهداية» للعيني (ج4 ص474)، و«محاسن التأويل» للقاسمي (ج13 ص4909)، و«الآداب الشرعية» لابن مفلح (ج3 ص94).