القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه: ضعف آثار الصحابة رضي الله عنهم: في التبرك برمانة منبر الرسول صلى الله عليه وسلم

2023-12-08

صورة 1
جزء فيه: ضعف آثار الصحابة رضي الله عنهم: في التبرك برمانة منبر الرسول صلى الله عليه وسلم

59

سلسلة

      ينابيع الآبار في تخريج الآثار

 

 

 

 

 

 

جزء فيه:

ضعف آثار الصحابة y: في التبرك برمانة منبر الرسول r

 

 

تخريج:

العلامة المحدث الفقيه فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة مثواه.

ومعه:

ضعف رواية: الإمام أحمد رحمه الله في التبرك برمانة منبر الرسول r، والتبرك بقبره r، وقد أنكرها الحنابلة رحمهم الله

     

رب يسر

المقدمة

 

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

وبعد،

هذا جزء حديثي في بيان ضعف آثار الصحابة y: في التبرك برمانة منبر الرسول.

* جمعت فيه طرق، وروايات هذا الحديث، مع الكلام عليها جرحا وتعديلا، وبيان عللها والحكم عليها، وذلك لما كان كثير من الناس اليوم لا يعرفون صحيح الحديث من ضعيفه.

أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الجزء جميع الأمة، وأن يتقبل مني هذا الجهد، ويجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه، ورعايته إنه نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.     

 أبو عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري

    

ذكر الدليل

على ضعف آثار الصحابة رضي الله عنهم في تبركهم برمانة منبر النبي r

 

اعلم رحمك الله أن: مثل هذه الآثار، هي من العوامل المعينة على وجود التبرك الممنوع، أي: أن التمسك بالآثار الضعيفة، من آثار النبي r، وآثار الصحابة y، وآثار السلف، يفضي إلى التبرك المحرم، بل يفضي إلى شرور خطيرة كبيرة في الاعتقادات الباطلة في الدين.

* وهذا يدل على عدم شرعية التبرك بمنبر الرسول r، لا في عهد الصحابة y، ولا في عهد غيرهم.

* والآثار التي ذكرت في الكتب كلها ضعيفة، لا تصح عن الصحابة y، ولا عن غيرهم.

وإليك نقضها:

1) عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: (رأيت نفرا من أصحاب النبي r، إذا خلا لهم المسجد قاموا إلى رمانة المنبر القرعاء فمسحوها، ودعوا).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص685) من طريق زيد بن الحباب قال: حدثني أبو مودود قال: حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو مودود، وهو عبد العزيز بن أبي سليمان، وهو يهم ويخالف الثقات. ([1])

قال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص323): (أبو مودود المدني، اسمه: عبد العزيز بن أبي سليمان، وكان ممن يخطئ).

* فأخطأ: أبو مودود في هذه الرواية.

لذلك: قال الحافظ البرقي؛ عن أبي مودود الهذلي: «وممن يضعف في روايته».([2])

* وهذه منها.

فقوله في روايته هذه: «قاموا إلى رمانة المنبر فمسحوها ودعوا»، فهي رواية منكرة، يستحيل من الصحابة y، أن يتمسحوا بخشبة، ويدعون أمامها، ويتبركون بها، وهم يعلمون أن هذا الفعل يقدح في التوحيد، وهو من الشرك.

* فهذا يستحيل أن يقع من صحابة رسول الله r.

فهو: أثر منكر، لا يصح.

وأخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص195) من طريق عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي، وخالد بن مخلد البجلي قال: أخبرنا أبو مودود عبد العزيز مولى لهذيل، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال: (رأيت ناسا من أصحاب النبي r، إذا خلا المسجد أخذوا برمانة المنبر الصلعاء التي تلي القبر بميامنهم، ثم استقبلوا القبلة يدعون).

أثر منكر

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو مودود المدني، وهو يهم ويخطئ في الحديث.([3])

* وذكر عبد الله بن مسلمة: «الصلعاء»، ولم يذكرها خالد بن مخلد.

وهذا من الاختلاف في الأثر.

2) وعن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارئ: (أنه نظر إلى ابن عمر وضع يده على مقعد النبي r من المنبر، ثم وضعها على وجهه).

أثر منكر

أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج1 ص195 و196) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، قال: أخبرني ابن أبي ذئب، عن حمزة بن أبي جعفر، عن إبراهيم بن عبد الرحمن به.

قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:

الأولى: حمزة بن أبي جعفر، وهو مجهول.

ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص51)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص209)، ولم يذكرا فيه جرحا، ولا تعديلا، فهو: مجهول.

الثانية: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارئ، وهو مجهول.

ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص297)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص111)، ولم يذكرا فيه جرحا، ولا تعديلا، فهو: مجهول أيضا.

وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج4 ص9)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل.

3) وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال: (رأيت سعد بن أبي وقاص، وابن عمر: يأخذان برمانة المنبر، ثم ينصرفان).

أثر منكر

أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج1 ص192) من طريق محمد بن عمر، ثنا موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده واه، فيه محمد بن عمر بن واقد الواقدي، وهو متروك، قال الساجي: «الواقدي: في حديثه نظر، واختلاف».

قال عنه البخاري: «متروك الحديث»، وقال أحمد: «كذاب»، وقال الشافعي: «كتب الواقدي كلها كذب»، وقال يحيى بن معين: «ضعيف، ليس بشيء»، وقال مسلم بن الحجاج: «متروك الحديث»، وقال النسائي: «ليس بثقة»، وقال أبو أحمد الحاكم «ذاهب الحديث»، وقال أبو زرعة: «(متروك الحديث».([4])

وقال الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج4 ص321): (استقر الاجماع على وهن: «الواقدي»).

وقال الحافظ النووي في «المجموع» (ج5 ص129): (الواقدي: ضعيف باتفاقهم).

وقال الحافظ النووي في «المجموع» (ج1 ص114): (الواقدي: ضعيف عند أهل الحديث وغيرهم، لا يحتج برواياته المتصلة، فكيف بما يرسله، أو يقوله عن نفسه).

وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج7 ص484)، عن الواقدي: (متون أخبار الواقدي، غير محفوظة، وهو بين الضعف).

4) وعن محمد بن زيد بن عبد الله المدني قال: (كان أبو هريرة t يقوم يوم الجمعة إلى جانب المنبر، فيطرح أعقاب نعليه في ذراعيه، ثم يقبض على رمانة المنبر، يقول: قال أبو القاسم r، قال محمد r، قال رسول الله r، قال الصادق المصدوق r، ثم يقول في بعض ذلك: ويل للعرب من شر قد اقترب، فإذا سمع حركة باب المقصورة بخروج الإمام، جلس).

أثر منكر

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج1 ص108) من طريق أحمد بن يونس، ثنا عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده منكر، لانقطاعه بين محمد بن زيد بن عبد الله المدني، وبين أبي هريرة، فإنه لم يسمع منه، ولم يدركه، فهو: مرسل. ([5])

وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه».

وتعقبه الذهبي بقوله: «فيه انقطاع».

* والحديث المرفوع منه: أيضا، منكر رفعه، وهو: مرسل.

5) وعن مالك بن أنس / قال: (رأيت عطاء بن أبي رباح دخل المسجد، وأخذ برمانة المنبر، ثم استقبل القبلة).

أثر منكر

ذكره الذهبي في «السير»، معضلا: (ج8 ص54) من طريق مصعب الزبيري قال: سمعت ابن أبي الزبير، حدثنا مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده معضل.

وابن أبي الزبير، لم أعرفه، وأشار إليه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص208)، ولا يصح.

* وهذا مخالف لما صح عن الإمام مالك / بخلافه.

* فكره الإمام مالك بن أنس / التمسح بـ«المنبر»([6])، وهو: الصحيح عنه.

قلت: وقول الإمام مالك /، أصح، لأن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم من الصحابة، لم يكونوا يتمسحون بـ«المنبر»، ولا غيره.

* والتمسح بـ«المنبر»، فيه نوع من عمل أهل الجاهلية في تبركها بآثار المخلوقات، واتخاذها: أوثانا، تعبد من دون الله تعالى.

* وكان السلف لا يتبركون بمنبر رسول الله r، لأنهم يعلمون أن ذلك من الشرك، لأنه مخلوق، ولا يجوز التبرك بالمخلوق. ([7])

وقد أنكر العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص109)؛ على من يستلم المنبر، أو يتبرك به.

وعن سعيد بن المسيب /: (أنه كره أن يضع يده على المنبر).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص685) من طريق الفضل بن دكين، عن سفيان، عن عبد الله بن يزيد الليثي، عن سعيد بن المسيب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام الطرطوشي المالكي / في «الحوادث والبدع» (ص156): (لا يتمسح بقبر النبي r، ولا يمسح كذلك: المنبر). اهـ.

قلت: فالتبرك بمسح منبر النبي r، وجدران الحجرة، وغير ذلك، فهذا من البدع المحدثة، بل هو شرك جلي، لا شك فيه، لأنه عبادة لغير الله تعالى. ([8])

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص108)؛ تعليقا على حديث: «استلام الحجر الأسود»: (وبذلك يعلم أن استلام بقية أركان الكعبة، وبقية الجدران، والأعمدة غير مشروع؛ لأن النبي r: لم يفعله، ولم يرشد إليه؛ ولأن ذلك من وسائل الشرك.

* وهكذا الجدران، والأعمدة، والشبابيك، وجدران الحجرة النبوية ([9]): من باب أولى؛ لأن النبي r: لم يشرع ذلك، ولم يرشد إليه، ولم يفعله أصحابه y). اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص107): (والجواب: أن يقال: ما ذكرتم فيه تفصيل:

* فأما التبرك بما مس جسده r من وضوء، أو عرق، أو شعر، ونحو ذلك، فهذا أمر معروف، وجائز عند الصحابة y، وأتباعهم بإحسان، لما في ذلك من الخير والبركة، وهذا أقرهم النبي r عليه.

* فأما التمسح بالأبواب، والجدران، والشبابيك، ونحوها في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، فبدعة لا أصل لها، والواجب تركها لأن العبادات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما أقره الشرع، لقول النبي r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»([10])؛ متفق على صحته). اهـ.

قلت: فلا وجه للتبرك بما يسمى بـ«الرمانة» في منبر النبي r، وبما مسه r في هذا المنبر، لأن ذلك لا أصل له في الشرع.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج9 ص107): (فأما التمسح بالأبواب، والجدران، والشبابيك، ونحوها في المسجد الحرام، أو المسجد النبوي، فبدعة لا أصل لها.

* والواجب تركها لأن العبادات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما أقره الشرع، لقول النبي r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»([11])؛ متفق على صحته). اهـ.

قلت: فالتبرك بـ«المنبر»، فهذا لا شك أنه حرام، وهو نوع من الشرك، لأن التبرك بالمنبر، ليس سببا للبركة، والشفاء، وغير ذلك، بل هذا حرام، وهو نوع من الشرك.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص108)؛ بمثل: هذا التبرك المحرم: (فإنه حرام، ونوع من الشرك، وذلك لأن كل ما أثبت لشيء سببا، غير شرعي، ولا حسي، فإنه قد أتى نوعا من الشرك). اهـ.

 * فإن ذلك بدعة؛ فقد كان المهاجرون، والأنصار، على عهد أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي y، يجيئون إلى مسجد رسول الله r، كل يوم خمس مرات يصلون، ولم يكونوا يأتون مع ذلك إلى: «المنبر»، ويتمسحون به، ويدعون عند: «الرمانة» المزعومة، لعلمهم y بما كان رسول الله r: يكرهه من ذلك، وما نهاهم عنه في الدين.

* وقد أجمع الصحابة والتابعون على تحريم التبرك بقبر النبي r، وتحريم التبرك بمنبره r، لأن ذلك من الشرك بالله تعالى.

قلت: فالزيادة على ما كان عليه الرسول r من الهدي، في مثل هذه الأمور، والتبرك بها، يدخل في باب: «كل بدعة ضلالة».

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص107): (لا أحد يتبرك بآثاره؛ إلا محمد r، أما غيره فلا يتبرك بآثاره: فالنبي r، يتبرك بآثاره في حياته، وكذلك بعد مماته؛ إذا بقيت تلك الآثار). اهـ.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص108): (وثبوت الأسباب لمسبباتها إنما يتلقى من قبل الشرع؛ فلذلك كل من تمسك بسبب لم يجعله الله تعالى سببا؛ لا حسا، ولا شرعا، فإنه قد أتى نوعا من الشرك). اهـ.

قلت: فالتبرك بآثار النبي r، بما مس جسده r، من ثياب، وشعر، ونحوهما. ([12])

قلت: وكان حجم منبر النبي r، ثلاث درجات، فهذا الحجم للمنبر الطبيعي الذي اعتاد r أن يعتليه.

فعن سهل بن سعد t قال: (أرسل رسول الله r إلى امرأة من الأنصار، انظري غلامك النجار، يعمل لي أعوادا، أكلم الناس عليها، فعمل هذه الثلاث درجات). ([13]) وهو مصنوع من الخشب.

قلت: فصنع له منبرا له ثلاث درجات، ويقعد على الدرجة الثالثة. ([14])

* فالمنبر على عهد النبي r، يتكون من درجتين، ومقعد فقط، دون حافتين عن يمين المنبر، وعن يساره، ولا وجود للرمانة المزعومة.

وعن ابن عباس قال: (كان منبر النبي r قصيرا، إنما هو ثلاث درجات). ([15])

وعن جرير بن عبد الله t قال: (فصلى الظهر -يعني: النبي r- ثم صعد منبرا صغيرا). ([16])

قلت: وهذه الآثار تبين صفة منبر النبي r، ولم يذكر فيها بما تسمى بـ«الرمانة»، ولا غيرها في حافتيه.

قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج5 ص33): (قال العلماء: كان المنبر الكريم ثلاث درجات، كما صرح به مسلم في روايته). اهـ.

* فعلم بما تقدم من الأحاديث الصحيحة أن منبر النبي r كان صغيرا، قصيرا، متواضعا، مصنوعا من الخشب، يتكون من ثلاث درجات، وكان يخطب r على الدرجة الثانية، ويجلس على الدرجة الثالثة، ولا زخارف، ولا نقوش، ولا رمانة، ولا شيء زائد على الحد في حافتيه.([17])

* والقول بهذا النوع من التبرك، يترتب عليه من الأمور الخطيرة على الناس، وذلك ما يلي:

1) أن التبرك بـ«المنبر»، و«الرمانة»، و«ذوات الصالحين»، و«الحجر الأسود»([18])، هذا يجر العامة إلى تعظيمها، وهذا نوع من الشرك.

2) أن التبرك بهذه الأشياء، يقع العامة، في التقبيل، والتمسح، والتوسل بها، وهذا من الشرك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص79): (ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها، إلا الحجر الأسود). اهـ.

3) ومن المظاهر التي يقع العامة فيها، بسبب التبرك الممنوع، العكوف عند هذه الأشياء، والقصد إليها، وتعليق الخرق عليها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص818): (فأما العكوف، والمجاورة عند شجرة، أو حجر، أو تمثال، أو غير تمثال، أو العكوف، والمجاورة عند قبر: نبي، أو غير نبي، أو مقام نبي، أو غير نبي، فليس هذا من دين المسلمين، بل هو من جنس دين المشركين). اهـ.

قلت: ولا شك أن هذه المظاهر ونحوها، من البدع المحدثة المحرمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص802)؛ عن مثل هذا التبرك الممنوع: (تبين لنا أن هذا كله من البدع المحدثة، التي لا أصل لها في الشريعة، وأن السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، لم يفعلوا شيئـا من ذلك، وأن أئمة العلم والهدى ينهون عن ذلك). اهـ.

6) وعن أبي بكر الأثرم عن الإمام أحمد / قال: (أما المنبر، فنعم قد جاء فيه، قال أبو عبد الله: شيء يروونه([19]) عن ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن عمر : «أنه مسح على المنبر»، قال: ويروونه عن سعيد بن المسيب في: الرمانة).

أثر منكر

أورده ابن تيمية في «الاقتضاء» (ج2 ص726)؛ برواية: أبي بكر الأثرم.

* وهو مرسل، فإن ابن أبي ذئب، لم يدرك ابن عمر، ولم يسمع منه. ([20])

* وعن سعيد بن المسيب، معلقا، وروي عنه خلافه.

* فحاشى الإمام أحمد / أن يقول بمثل هذا الاعتقاد في التبرك بقبر الرسول r، وبمنبره، والله المستعان.

تنبيه:

وأما ما نقله عبد الله بن أحمد / في «العلل ومعرفة الرجال» (ج2 ص492)؛ عن الإمام أحمد /، بقوله: (سألته عن الرجل يمس: «منبر» النبي r، ويتبرك بمسه، ويقبله، ويفعل بـ«القبر»، مثل ذلك، أو نحو هذا، يريد بذلك التقرب إلى الله تعالى، فقال: لا بأس بذلك). ([21])

* فهذا القول: غريب جدا، من الإمام أحمد /؛ في مس منبر النبي r، والتبرك به، وكذا في جواز مس قبره r، والتبرك به!.

* لم أجد أحدا نقله عن الإمام أحمد /، وقد استنكره أصحابه، وأنه لا يصح عنه. ([22])

قلت: وهذا لم يثبت عن الإمام أحمد /، وقد أخطأ الراوي في هذه الرواية، وقد روي عن الإمام أحمد / خلافه.

* ففي رواية: أبي بكر الأثرم (ج2 ص726): (قلت لأبي عبد الله -يعني: أحمد- قبر النبي r يمس ويتمسح به؟، فقال: ما أعرف هذا).

* فلم يعرف الإمام أحمد / في الشرع، أن قبر النبي r، يتبرك به، ولم يثبت ذلك عنده في الدين، وهذا يدل على شذوذ الرواية السابقة.

* فذكر التبرك بقبر النبي r، والتبرك بـ«المنبر»([23])، في هذه الرواية، من المشكل: لأسباب وهي:

1) أن قبر النبي r ليس باديا للزائرين، وإنما دونه حائط، فكيف يمسح، أو يقبل.

2) أن أثر ابن عمر : «أنه مسح على المنبر»، لم يثبت عنه، وهو: مرسل.

3) أن لفظ سؤال عبد الله بن أحمد /، فيه غرابة، فذكر مس، وتقبيل قبر النبي r، ومنبره r، بالتقرب إلى الله تعالى، فهذا مستغرب منه، لأنه يعرف أن هذا التبرك: من المحرمات في الشرع، فلا حاجة إلى السؤال عن مثل هذا التبرك.

* إذا: هذه العبادات ليست معهودة في أسئلة عبد الله بن أحمد /، لأبيه، أو نحو هذا. 

فالراوي عنه أخطأ عليه في ذلك.

4) قد استبعد الحنابلة صحة ذلك عن الإمام أحمد /، في تجويزه بالتبرك بقبر النبي r، وبمنبره r.

* إذا هذا النقل عن الإمام أحمد /، ليس بصحيح. ([24])

وجاء في رواية: أبي بكر الأثرم (ج2 ص726)؛ عن الإمام أحمد /: (قيل لأبي عبد الله: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر، وقلت له: رأيت أهل العلم من أهل المدينة، لا يمسونه، ويقومون ناحية فيسلمون، فقال أبو عبد الله: نعم، وهكذا كان ابن عمر يفعل).

* فهذه الرواية: أصح عن الإمام أحمد.

ويؤيده: أن الروايات هذه متناقضة لا تجتمع، بل الصحيح منها: قول واحد فقط؛

ما قال الحافظ ابن حجر الهيتمي / في «حاشيته على شرح الإيضاح في مناسك الحج للنووي» «ص501»؛ حيث قال: (فقول الإمام أحمد: «لا بأس به»... وما في: «مغني»، الحنابلة من أنه: «لا يستحب التمسح بحائط القبر، ولا تقبيله»، وقال أحمد: «ما أعرف هذا»؛ فتعارضت الروايتان عن أحمد، وظاهر كلام الأثرم، وهو من أجل أصحابه، أن ميل أحمد إلى المنع، فإنه قال: «رأيت أهل العلم بالمدينة لا يمسون القبر»، قال أحمد: «وهكذا كان يفعل ابن عمر» انتهى). اهـ.  

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني / في «فتح الباري» (ج3 ص475): (نقل عن الإمام أحمد: «أنه سئل عن تقبيل منبر النبي r، وتقبيل قبره، فلم ير به بأسا»؛ واستبعد بعض أتباعه صحة ذلك). اهـ.

* وعبارة الحافظ ابن حجر العسقلاني / بصيغة التمريض: «نقل»؛ تدل: على تضعيفه للنقل هذا، مع علمه بموضعه، فهو الخبير بالعلل، ولكان أثبته بصيغة الجزم لو كان ثابتـا عنده، ولقال بعبارة الجزم: «قد روى عبد الله عن أبيه»، أو «نقل ذلك عبد الله عن أبيه»، أو «قال عبد الله بن أحمد سألت أبي كذا وكذا»، كما هو منثور في مواضعه من «فتح الباري»، ولكن أعرض عن ذلك لمعرفته بأن الثابت عن الإمام أحمد بما يضاد هذا النقل.

كذلك يؤيده: ما جاء في رواية صالح ابنه، ما يبين مخالفة رواية ابنه عبد الله.

فقال صالح بن أحمد في «المسائل» (1340)؛ وقال الإمام أحمد في الذي يدخل المدينة النبوية: (ولا يمس الحائط -يعني:حائط قبر النبي r-، ويضع يده على الرمانة([25])، وموضع الذي جلس فيه النبي r، ولا يقبل الحائط، وكان ابن عمر يمسح([26]) النبي r، وكان يتبع آثار النبي r، ولا يمر بموضع صلى فيه النبي r إلا صلى، حتى مر بشجرة صب النبي r في أصلها ماء، فصب في أصلها الماء). اهـ.

ففي هذه الرواية: يصرح بعدم مس حائط القبر، وبعدم تقبيله، فكيف يروى عنه أنه يجوز مس القبر وتقبيله، فهذا مناف تمامـا لما جاء في هذه الرواية الشاذة.

ويؤيد ذلك: أن ما ورد عن الإمام أحمد / في مسح  المنبر، وتتبع آثار النبي r، إنما من باب تتبع آثار النبي r، وليس من باب: «التبرك» بهذه الآثار، حيث صرح أنه يجوز ذلك لأن ابن عمر كان حريصا أشد الحرص على تتبع آثار النبي r، فيفعل ما فعله النبي r تمامـا، وفي نفس المكان الذي فعل ذلك فيه  النبي r، حتى صب الماء في أصل الشجرة، ونعلم أن صب الماء للشجرة ليس هو من باب: «التبرك» بها، أو: «التبرك بالماء» المصبوب، وإنما يتبين منه تتبعه لفعل النبي r، وحرصه الشديد على فعل كل ما فعله النبي r وفي المواضع التي فعل فيها ذلك، ويصلي في الموضع الذي صلى فيه النبي r، كذلك اتباعا لفعل النبي r، وليس: «تبركا» بهذا الموضع، وكذلك هو بالنسبة لـ«المنبر»؛ فإنما يمسه لأن النبي r قد مسه، تتبعا للمواضع التي مسها النبي r، ومشى فيها، وسقى الزرع فيها، وصلى فيها، كل ذلك ليست: «تبركا» فيها، مع أن ابن عمر لم يصح عنه مسألة مس المنبر، ولكن الإمام أحمد استشهد بها، وبصب الماء على الشجرة، وبالصلاة، مما يتبين منه بوضوح مقصده، هو الحرص على تتبع فعل النبي r؛ ليس إلا ذلك، دون الإفراط في هذه الأمور، فكيف: بـ«التبرك» بها لا شك أنه ينكره.

ويؤيد ذلك أيضا:

ما قاله ابن الخواتيمي البغدادي([27]) / في «المسائل» (ج2 ص636-الاقتضاء): (سألنا أبا عبد الله: عن الرجل يأتي هذه المشاهد، ويذهب إليها: ترى ذلك؟، قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي r: أن يصلي في بيته حتى يتخذ ذلك مصلى، وعلى ما كان يفعله: ابن عمر ، يتتبع مواضع النبي r وأثره؛ فليس بذلك بأس أن يأتي الرجل المشاهد، إلا أن الناس قد أفرطوا في هذا جدا وأكثروا فيه).

وقال أحمد بن القاسم([28]) / في «المسائل» (ج2 ص636-الاقتضاء)؛ ولفظه: (سئل عن الرجل يأتي هذه المشاهد التي بالمدينة وغيرها: يذهب إليها؟، قال: أما على حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي r أن يأتيه، فيصلي في بيته حتى يتخذه مسجدا، وعلى ما كان يفعل: ابن عمر يتتبع مواضع سير النبي r، وفعله، حتى إنه رئي يصب في موضع الماء، فسئل عن ذلك؛ فقال: رأيت رسول الله r يصب هاهنا ماء، قال: أما على هذا فلا بأس، قال: ورخص فيه، ثم قال: ولكن قد أفرط الناس جدا وأكثروا في هذا المعنى).

قلت: ففي هذه الروايات: يصرح الإمام أحمد بأنه جوز الأمر اليسير من تتبع آثار النبي r، بفعل ما فعله r وفي الموضع الذي فعل ذلك، وصرح أن الناس قد أفرطوا وأكثروا، مما يدل أنه ينكر الإفراط في هذا التتبع، فكيف: بـ«التبرك» بها. ([29])

وكذلك: نقل عبد الله بن أحمد عن أبيه: (قال حدثني أبي قال: سمعت أبا زيد حماد بن دليل قال لسفيان بن عيينة قال: «كان أحد يتمسح بالقبر؟، قال: لا، ولا يلتزم القبر، ولكن يدنو». قال أبي: يعني: الإعظام لرسول الله r) ([30]). اهـ.

* وروى عبد الله عن أبيه أيضا: (عن النوح بن يزيد قال: أخبرنا أبو إسحاق -يعني: إبراهيم بن سعد- قال: ما رأيت أبي قط يأتي قبر النبي r، وكان يكره إتيانه). اهـ.

نقلها شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الإخنائية» (ص 416)، وفيها أن عبد الله بن أحمد يروي عن أبيه عن الأئمة: عدم إتيان قبر النبي r، وعدم التزامه، والتمسح به، بل كراهة الأئمة لذلك، فكيف يسأل أباه عن التبرك بها، والتمسح بها، وهو يعلم منهج السلف فيها!.

وقال الفقيه ابن أبي يعلى / في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص228): (علي بن عبد الله الطيالسي نقل: عن إمامنا أشياء؛ منها قال: مسحت يدي على أحمد بن حنبل، ثم مسحت يدي على بدني، وهو ينظر، فغضب غضبا شديدا، وجعل ينفض نفسه، ويقول: عمن أخذتم هذا، وأنكره إنكارا شديدا). اهـ.

* فالإمام أحمد / ينكر التبرك بالصالحين، وينكر أن يكون لهم سلف في ذلك.

قلت: فمثل هذه الروايات التي تنقل عن الإمام أحمد /؛ فاعلم أنها نقلت بالغلط من الرواة، ولا تصح عنه، وذلك لمعرفتنا بصحة اعتقاد الإمام أحمد / في هذه الأمور، وأن الروايات التي تخالف ذلك: أصح عن الإمام أحمد /.

* فالمقلد: حاطب ليل في نقل العلم، فينقل أي رواية عن الإمام أحمد /، ولا يدري بصحتها، لأنه ينقل بدون تحقيق، ولا تدقيق. ([31])

* بل ينقل عن أهل العلم، لأقوالهم، ولا يعلم بصحتها.

* فما نقل عن الإمام أحمد /، في مس رمانة المنبر، ومس قبر النبي r، ولا بأس بتقبيلهما، و: «التبرك» بهما([32])، فقد استبعد الحنابلة صحة ذلك عنه، كما نقل عنهم الزرقاني في «شرح الموطإ» (ج2 ص458)، والشوكاني في «نيل الأوطار» (ج5 ص51)، والسمهودي في «وفاء الوفا» (ج4 ص218)، وغيرهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص79)؛ عن وضع اليد على منبر رسول الله r: (فكرهه مالك، وغيره، لأنه بدعة). اهـ.

قلت: فأهل السنة، نهوا عن التمسح بمنبر النبي r، وتقبيله، والتبرك به، وذلك أنهم: علموا ما قصده النبي r من حسم مادة الشرك، وتحقيق التوحيد، وإخلاص الدين لله تعالى.

قال تعالى: ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء[ [البينة: 5].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص798)؛ مبينا بدعية، بمثل: هذا التبرك: (ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعا مستحبا يثيب الله تعالى عليه، لكان النبي r أعلم الناس بذلك.

* ولكان يعلم أصحابه ذلك، ولكان الصحابة أعلم بذلك، وأرغب فيه ممن بعدهم.

* فلما لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك علم أنه من البدع المحدثة، التي لم يكونوا يعدونها عبادة، وقربة وطاعة، فمن جعلها عبادة، وقربة، وطاعة: فقد اتبع غير سبيلهم، وشرع من الدين ما لم يأذن به الله تعالى). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص644): (من قصد بقعة: يرجو الخير بقصدها، ولم تستحب الشريعة ذلك، فهو من المنكرات، وبعضه أشد من بعض، سواء كانت البقعة شجرة، أو عين ماء، أو قناة جارية، أو جبلا، أو مغارة...). اهـ.

قلت: فهذا التبرك، بهذه الطريقة: فإنه مخالف لما كان عليه الرسول r، وصحابته y، ثم من بعدهم من السلف، فلم ينقل عنهم شيء من هذا: «التبرك» المزعوم.

* وإنما يفعله الجهلة من العامة، بدون دليل شرعي. ([33])

قال رسول الله r: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد). ([34])

* فكل ما أحدث في دين الله تعالى، فهو من البدع، المردودة المذمومة، كهذا: «التبرك» المزعوم، الذي قال به: «المقلد» هذا.

* فما تتضمنه أقوال المقلد هذا، من مظاهر التبرك المبتدع، من المفاسد، والقبائح، منها ما يلي:

1) فتح باب الفتنة بالصالحين، والحجر، والخشب، والشرك مع الله تعالى، والمنكرات المترتبة على ذلك: التبرك، كما حصل من: «الصوفية»، المشركين.

2) السفر إلى مسجد النبي r، بقصد التبرك بقبره، وبالمنبر، والرمانة، والجدران، والأبواب، وغير ذلك، ومشابهة المشركين.

3) اتخاذ الحجر الأسود، والمنبر، والصالحين، مزارات، وما يتضمنه ذلك من المفاسد العظيمة، وقد حصل ذلك من العامة.

4) صرف الأموال الباهظة المحرمة من أجل هذه المزارات المنكرة.

قلت: وهذه المنكرات من أبرز مظاهر هذا: «التبرك» الممنوع.

* ثم إنه لم يثبت عن أحد من صحابة رسول الله r، فعله، ولو كان فضيلة، أو سنة، أو مباحا، لنصب المهاجرون، والأنصار قبره الشريف: علما لذلك، ودعوا عنده، وسنوا ذلك لمن بعدهم، وحاشاهم أن يفعلوا ذلك، لأن النبي r بين لهم خطورة الشرك بالله تعالى في الدين.

* وقد أجمع أهل العلم على ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الجواب الباهر، لزوار المقابر» (ص31): (واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي r، ولا يقبله، وهذا كله محافظة على التوحيد، فإن من أصول الشرك بالله تعالى، اتخاذ القبور مساجد). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاقتضاء» (ج2 ص727): (ولم يرخصوا في التمسح بقبره). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص10): (وزاد بعض جهال العامة ما هو محرم، أو كفر؛ بإجماع المسلمين؛ بالسجود للحجرة النبوية، والطواف بها، وأمثال ذلك). اهـ.

وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص380): (وإخلاص الدين لله تعالى: هو أصل العبادة، ونبينا نهى عن الشرك: دقه وجله، وجليله وخفيه، وصغيره وكبيره). اهـ.

قلت: حتى إنه r قد تواتر عنه r النهي عن الشرك في أحاديث كثيرة.

قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص623): (وأهل العلم يطلقونه على المتابعة، والأخذ بالسنة، فيتوسلون إلى الله تعالى بما شرعه لهم من العبادات، وبما جاء به عبده ورسوله محمد r، وهذا هو التوسل في عرف القرآن والسنة). اهـ.

قلت: النبي r، حسم مادة الشرك، وقطع وسائله.

ومنه: قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص193): (وأما من قصد التبرك بالصلاة عندها، فهذا عين المحادة لله تعالى، ولرسوله r). اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص399): (عبادة الله وحده لا شريك له: هي أصل الدين، وهي التوحيد الذي بعث الله تعالى به الرسل عليهم السلام، وأنزل الكتب، قال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[ [النحل: 36]، وقال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25]). اهـ.

 

 

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك  ـ إن شاء الله ـ سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عــنـي به وزرا،

وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسـلـم

وبارك على نبينا محمد وعلى آله

وصحبه أجمعين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة...................................................................................................

2

2)

ذكر الدليل على ضعف آثار الصحابة رضي الله عنهم في تبركهم برمانة منبر النبي......................................................................................

3

 

 

 

 



([1]) انظر: «الثقات» لابن حبان (ج7 ص323)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص199).

([2]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص199).

([3]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص199).

([4]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج12 ص154 و155)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج4 ص1265 و1267)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج1 ص178)، و«الكنى والأسماء» لمسلم (ج1 ص499)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص217)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج4 ص5 و6)، و«مناقب الشافعي» للبيهقي (ج1 ص548)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج10 ص290)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج8 ص21)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج3 ص88)، و«الضعفاء والمتروكين» للدارقطني (ص347)، و«الشجرة في أحوال الرجال» للجوزجاني (ص230).

([5]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج25 ص227)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص539).

([6]) نقله عنه ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص727).

([7]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج9 ص106 و107 و108).

([8]) وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج9 ص106 و107 و108 و109).

([9]) وكذا: المنبر لا يجوز التبرك به، لأن النبي r: لم يشرع ذلك، ولم يرشد إليه، ولم يفعله أصحابه y.

([10]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (2242)، من حديث عائشة ڤ.

([11]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (2242)، من حديث عائشة ڤ.

([12]) ولم ينقل عن الصحابة y كانوا يتبركون بالمنبر، وغيره.

     * ولم تصح الآثار كلها في تبرك الصحابة y بالمنبر، وغيره، مما هو منفصل عن النبي r مطلقـا.

     * وقد كره الإمام مالك /، التمسح بالمنبر.

     نقله عنه ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص727).

([13]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (917)، ومسلم في «صحيحه» (544).

([14]) انظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص173)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج8 ص242)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص399)، و«المجموع» للنووي (ج4 ص527).

([15]) أثر حسن.

     أخرجه أحمد في «المسند» (2415) (ج4 ص242).

     وإسناده حسن.

     وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج2 ص386)؛ ثم قال: «رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح».

([16]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1017).

([17]) ومن العوامل المعينة على وجود التبرك الممنوع: قياس الممنوع من التبرك على المشروع منه، بسبب الفهم السقيم، والتعصب للرأي، والهوى المهلك.

([18]) فلا يمسح غير الحجر الأسود، لكن لا يتبرك به كحجر، فافطن لهذا.

([19]) ولم يجزم هنا الإمام أحمد /، بالتبرك بالمنبر، لقوله: «شيء يروونه» عن ابن عمر، وكذا عن ابن المسيب في: «الرمانة»، ولا يصح، وروي عنه خلافه.

([20]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج25 ص630)، و«السير» للذهبي (ج7 ص139).

([21]) فمثل هذه الروايات التي تنقل عن الإمام أحمد، فاعلم أنها نقلت بالغلط من الرواة، ولا تصح عنه.

     * وهذه الرواية عن الإمام أحمد أنكرها الحنابلة، وأنها لا تصح.

([22]) انظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (ج5 ص51)، و«وفاء الوفا» للسمهودي (ج4 ص218)، و«شرح الموطإ» للزرقاني (ج2 ص458).

([23]) وعلى فرض صحته عن الإمام أحمد /، فإنه لم يفعل ذلك على سبيل التبرك الممنوع بـ«القبر»، أو: «التبرك بالرمانة»، أو: «التبرك بالمنبر»، فإن ذلك من باب التتبع فقط.

     * ثم اليوم ما بقي شيء من آثار منبر النبي r، لا خشبة صغيرة، ولا خشبة كبيرة، فلا حاجة للكلام بمثل هذه الأمور.

([24]) ولو صح عن الإمام أحمد / في جواز التبرك بقبر النبي r، وبمنبره، فهذا اجتهاد منه،  لم يوافقه عليه أهل العلم، لأنه في مقابلة النص في الدين.

     وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج9 ص109).

([25]) هذه حدثت في الأزمنة المتأخرة، ليست في زمن النبي r.

([26]) يمسح «منبر النبي r» كما في رواية الأثرم السالفة، وقد تقدم أنها لا تصح عن ابن عمر .

([27]) هو: سندي أبو بكر الخواتيمي البغدادي، سمع من الإمام أحمد: مسائل صالحة.

     انظر: «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج1 ص170 و171)، و«المقصد الأرشد» لابن مفلح (ج1 ص432)، و«المنهج الأحمد» للعليمي (ج2 ص108).

([28]) هو: أحمد بن القاسم، حدث عن الإمام أحمد، بمسائل كثيرة.

     انظر: «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج1 ص55 و56)، و«المقصد الأرشد» لابن مفلح (ج1 ص155)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج4 ص349).

([29]) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص636)، و«الفروع» لابن مفلح (ج2 ص168).

([30]) قال ابن القزويني: قرأت على عبيد الله الزهري، قلت له: حدثك أبوك، قال: حدثني عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: سمعت أبا زيد حماد بن دليل قال لسفيان -يعني: ابن عيينة- قال: كان أحد يتمسح بالقبر؟، قال: لا، ولا يلتزم القبر، ولكن يدنو، قال أبي: يعني الإعظام لرسول الله r) .

     * ابن القزويني: هو علي بن عمر بن محمد البغدادي، أبو الحسن الحربي، قال عنه ابن سبعون: «ثقة ثبت»، توفي في سنة: «442هـ»، انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج17 ص609 613).

     * عبيد الله الزهري: هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن صاحب النبي r عبد الرحمن بن عوف القرشي، أبو الفضل الزهري، العوفي، البغدادي: «ثقة»، توفي في سنة: «381هـ»، انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج16 ص392 - 394).

     * وأبوه: هو عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد الزهري، العوفي، أبو محمد البغدادي، وثقه: الخطيب، توفي في سنة: «306هـ»، انظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي (ج7 ص700).

     * عبد الله بن أحمد: هو ابن الإمام أحمد، ثقة، وأبوه: هو إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل /.

     * أبو زيد حماد بن دليل: هو المدائني، قاضي المدائن، «صدوق»، نقموا عليه الرأي، توفي بين سنة: «191هـ»، و«200هـ»، انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر(ص267)، و«تاريخ الإسلام» للذهبي (ج4 ص1099).

     * «أمالي القزويني»: وهو مفقود، إلا أجزاء منه لا تزال مخطوطة، وقد أورد شيخ الإسلام ابن تيمية / هذا الأثر بسنده في: «رده على الأخنائي» (ص415 - 416)، وإسناده صحيح.

     وانظر: «الآثار الواردة عن الإمام سفيان بن عيينة في العقيدة» لسندر بون  (ص273).

     قال الكاتب سندر بون في «الآثار الواردة عن الإمامسفيان بن عيينة في العقيدة» (ص273): (في الأثر نفى ابن عيينة أن أحدا ممن سلفه من التابعين والصحابة كان يتمسح بقبر رسول الله r طلبا للبركة، وهذا يفيد الإجماع على عدم جواز ذلك، وما يقال في التمسح بقبر النبي r يقال في التزامه، فإن ذلك لا يشرع؛ لأنه من وسائل الشرك، ومن البدع التي ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، ولم يفعله أحد من السلف قط، ولذا نهى عنه الإمام ابن عيينة، وقول ابن عيينة : «ولكن يدنو» فيه أنهم كانوا لا يتجاوزون السنة في زيارة القبور، فيزورونها ويدنون منها يقفون عندها فحسب، ولا يغالون في تعظيم قبر النبي r بشيء، ليس في السنة كالتمسح والالتزام به، وإنما هو الدنو والوقوف على القبر والسلام على صاحبه). اهـ.

([31]) لذلك: لا ينبغي نقل بمثل هذه الأقوال عن العالم، للعامة، إلا ما صح عن العالم.

([32]) ولم ينقل عنه ابنه صالح هذه الرواية في «المسائل» (ج3 ص61)، مما يدل على عدم صحتها.

     وانظر: «الرد على الأخنائي» لابن تيمية (ص416)، و«المغني» لابن قدامة (ج3 ص479).

([33]) والسلف الصالح، من الصحابة، والتابعين، وأتباعهم، لم يفعلوا ذلك التبرك المبتدع، بالصالحين.

([34]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2499)، ومسلم في «صحيحه» (2242)، من حديث عائشة ڤ.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan