الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه تخريج؛ حديث: «إنما المرأة عورة»
جزء فيه تخريج؛ حديث: «إنما المرأة عورة»
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
14 |
جزء
فيه تخريج؛ حديث:
«إنما المرأة عورة»
تخريج:
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا جزء حديثي من سلسلتي العلمية: «سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار)) رقم (14)، التي أسأل الله أن يعظم النفع بها، وأن ييسر قبولها بين العلماء وطلبتهم قبولا حسنا.
ولقد سقت في ديباجة هذا الجزء أن المرأة كلها عورة، فيجب عليها ستر بدنها كله، مع تغطية وجهها وكفيها، وأسأل الله السداد والتوفيق، أنه سميع مجيب.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن برحمتك يا كريم
ذكر الدليل على أن المرأة كلها عورة، فيجب عليها ستر بدنها كله، مع تغطية وجهها وكفيها
عن عبد الله بن مسعود t، أن رسول الله r قال: (إن المرأة عورة؛ فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان؛ فأقرب ما تكون من وجه ربها، وهي في قعر بيتها)، وفي رواية: (وإنها أقرب ما تكون إلى الله، وهي في قعر بيتها). وفي رواية: (المرأة عورة).
حديث صحيح
وليس عند الترمذي في «السنن» (1173)؛ قوله r: (وإنها أقرب ما تكون إلى الله، وهي في قعر بيتها).
* واختلف في هذا الحديث.
* فرواه همام بن يحيى العوذي، وسويد بن إبراهيم أبو حاتم الجحدري، وسعيد بن بشير عن قتادة عن مورق العجلي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود به.
أخرجه الترمذي في «سننه» (1173)، والبزار في «المسند» (2061)، وابن عدي في «الكامل»([1]) (ج3 ص1259)، وابن حبان في «صحيحه» (5599)، وابن المنذر في «الأوسط» (2081)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1685)، وفي «التوحيد» (14)، والطبراني في «المعجم الكبير» (10115)، وفي «المعجم الأوسط» (8092)، والطيوري في «الطيوريات» (904)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج2 ص175)، و(ج3 ص116)، وموسى بن هارون الحمال في «الفوائد» (ص340 و343)، وابن المقرئ في «الفوائد» (7)، وابن الجوزي في «أحكام النساء» (ص211).
وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج10 ص417 و418)، بهذا الإسناد.
قلت: وهذا سنده صحيح، وعنعنة قتادة هنا تحمل على الاتصال، لأنها من رواية: همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة ثبت، وهو من الأثبات في قتادة، فلا تضر عنعنته في الإسناد([2])، وقد صححه الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج5 ص315).
وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل» (ج7 ص129): (وأحاديثه مستقيمة عن قتادة).
وعن الإمام أحمد قال: (همام ثبت في كل المشايخ). ([3])
وعن الإمام أحمد قال: (ما أصح حديث: همام بن يحيى عندي). ([4])
وعن الإمام يزيد بن هارون قال: (كان همام قويا في الحديث). ([5])
وعن الإمام يحيى بن معين قال: عن همام: (ثقة صالح، وهو في قتادة أحب إلي من حماد بن سلمة، وأحسنهما حديثا عن قتادة). ([6])
وعن الإمام عمرو بن علي قال: (الأثبات من أصحاب قتادة: ابن أبي عروبة، وهشام، وشعبة، وهمام). ([7])
وعن الإمام عبد الله بن المبارك قال: (همام ثبت في قتادة). ([8])
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: وهذا أقرب للصواب في ثبوت التصحيح عن الحافظ الترمذي، لهذا الحديث.
وكذا نقله: أبو حامد الغزالي في «إحياء علوم الدين» (ج2 ص58)، والحافظ العراقي في «المغني عن حمل الأسفار» (ج1 ص412)، والإمام ابن قدامة في «المغني» (ج1 ص349)، والحافظ ابن حجر في «الدراية» (ج1 ص123).
ونقله عنه: الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (ج7 ص131)؛ أن الترمذي قال: «هذا حديث حسن غريب»، وكذا نقله عنه المناوي الفقيه في «التيسير» (ج2 ص455)، وفي «فيض القدير» (ج6 ص267).
ونقله عنه: الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص227)، أنه قال: «هذا حديث حسن صحيح غريب»، وكذا نقله عنه الإمام الزيلعي في «نصب الراية» (ج1 ص298)، والمباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج4 ص283).
وقال صدر الدين المناوي في «كشف المناهج» (ج3 ص15): (وقال الترمذي: حديث غريب).
* وهذا الحديث لم يستخرجه عليه أبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (ج5 ص312).
وقال الشيخ الألباني في «تعليقاته على صحيح ابن خزيمة» (ج3 ص93): (إسناده صحيح).
وقال الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص203): (وهذا إسناد صحيح).
وقال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج5 ص315): (ورفعه صحيح من حديث قتادة).
وقال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص318): (صححه الترمذي، وإسناده ثقات).
وأورده الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص226)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الأوسط»، ورجاله رجال الصحيح.
والحديث صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (ج1 ص343).
* والحديث شكك في صحته: الحافظ ابن خزيمة في «صحيحه» (ج4 ص94)؛ فقال: (وإنما شككت أيضا في صحته، لأني لا أقف على سماع قتادة في هذا الخبر من مورق).
وهذا الإعلال بالتشكيك فيه نظر لأمرين:
الأول: أن قتادة تدليسه نادر، وأكثر ما ذكروا عنه الإرسال، فالأصل تمشية عنعنته، فتحمل على الاتصال، ما لم يثبت الانقطاع في السند بالدليل.
الثاني: أني لم أجد أحدا من أئمة الحديث رد حديث همام عن قتادة؛ كما هي عادتهم في مثل هذا.
قلت: وقتادة بن دعامة السدوسي، ثقة ثبت. ([9])
وقد ذكره الحافظ ابن حجر في «تعريف التقديس» (ص43)، في الطبقة الثالثة من المدلسين.
* ولكن يظهر من ترجمته في: «جامع التحصيل» للعلائي (ص254)؛ أن أكثر ما وقع منه في هذا الباب: هو من الإرسال ([10])، وليس من التدليس.
وأما التدليس: فهو قليل، ولهذا نقل الحافظ ابن حجر في «مقدمة فتح الباري» (ص512)؛ عن الحافظ الخليلي أنه قال: (كان ربما دلس).
ولذلك لم يذكره ابن حجر في «التقريب» (ص798)، أنه يدلس، كعادته فيمن دلس.
فالأصل تمشية عنعنته اعتبارا بالغالب، وأما القليل النادر، فلا يصار إليه، إلا بقرينة واضحة.
ولوجود القرينة، فلا يشترط تصريحه بالسماع حتى يقبل حديثه.
* وهنا قد ذكر سويد بن إبراهيم الجحدري: أن ما رواه عن أبي الأحوص، فهو: عن مورق عنه، وكذا سعيد بن بشير عن قتادة، فهي متابعة منهما لهمام بن يحيى العوذي.
* فلا مجال للتشكيك بوجود واسطة أخرى بينه، وبين مورق أيضا.
قلت: والرفع زيادة من ثقة يتعين الأخذ بها، على أن الوقف لا يعارض الرفع من كل وجه.
إذ لا مانع أن ينشط الراوي أحيانا فيرفع الحديث، ولا ينشط أحيانا أخرى، فيوقفه.
ولهذا صحح الوجهين: الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج5 ص314)؛ فقال: (يرويه قتادة؛ واختلف عنه:
فرواه همام، وسعيد بن بشير، وسويد بن إبراهيم، عن قتادة، عن مورق العجلي، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، عن النبي r...
ووقفه غيره من أصحاب شعبة، وكذلك: رواه إسرائيل، وغيره، عن أبي إسحاق موقوفا، والموقوف هو الصحيح، من حديث أبي إسحاق، وحميد بن هلال، ورفعه صحيح: من حديث قتادة). اهـ
* وتابع هماما عليه:
سعيد بن بشير، وسويد بن إبراهيم الجحدري: فروياه عن قتادة عن مورق العجلي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود: أن النبي r قال: (المرأة عورة، وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وإنها أقرب ما تكون إلى الله، وهي في قعر بيتها).
أخرجه موسى بن هارون الحمال في «الفوائد» (ص342 و343)، وابن المقرئ في «الفوائد» (7)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج8 ص101)، وفي «المعجم الأوسط» (ج10 ص108)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1687)، وابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1206).
* وسعيد بن بشير الأزدي، يهم في الحديث ويغلط، ويروي عن قتادة أحيانا، لا يتابع عليه([11])، وفي حديث الباب هذا قد توبع عليه([12])، فصح الإسناد.
قال الإمام شعبة بن الحجاج: (سعيد بن بشير صدوق الحديث). وفي رواية: (صدوق اللسان في الحديث). ([13])
وعن حيوة بن شريح، وموسى بن أيوب عن بقية: سألت شعبة عن سعيد بن بشير، فقال: «صدوق»، وقال: أحدهما: «ثقة»، قال بقية: فذكرت ذلك، لسعيد بن عبد العزيز، فقال: (انشر هذا الكلام، فإن الناس قد تكلموا فيه). ([14])
وقال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» (ج3 ص460): (يتكلمون في حفظه، وهو يحتمل).
وقال الإمام ابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1206): (ولا أرى بما يروي عن سعيد بن بشير بأسا، ولعله يهم في الشيء بعد الشيء ويغلط، والغالب على حديثه الاستقامة، والغالب عليه الصدق).
قلت: فهو شيخ يكتب حديثه في المتابعات، ويعتبر به. ([15])
قال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص7): (سمعت: أبي، ينكر على من أدخله في كتاب: «الضعفاء»، وقال: يحول منه). اهـ
* وسويد بن إبراهيم الجحدري أبو حاتم، حديثه عن قتادة ليس بذاك، روى عنه مالم يتابع عليه([16])، ولا بأس به إذا توبع، كما هنا.
قال الحافظ البزار في «المسند» (ج10 ص423): (سويد بن إبراهيم أبو حاتم: شيخ من أهل البصرة، لا بأس به).
وقال عثمان بن سعيد الدارمي في «التاريخ» (ص50 و128): (قلت ليحيى بن معين: سويد أبو حاتم ما حاله في قتادة؟، قال: أرجو أن لا يكون به بأس).
وقال الإمام يحيى بن معين، عن سويد الجحدري: (صالح). ([17])
وقال الإمام أبو زرعة؛ عن سويد الجحدري: (ليس بالقوي، يشبه حديثه حديث أهل الصدق). ([18])
قلت: وحديث الباب وافق سويد بن إبراهيم فيه أهل الصدق، فصح الإسناد هنا.
وقال الإمام ابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1259): (ولسويد: غير ما ذكرت من الحديث، عن قتادة، وعن غيره بعضها مستقيمة، وبعضها لا يتابعه أحد عليها).
وذكره الإمام ابن شاهين في «تاريخ أسماء الثقات» (ص161).
وبسويد الجحدري([19]) ضعف الحديث: الحافظ ابن طاهر في «ذخيرة الحفاظ» (ج4 ص2459)؛ بقوله: (رواه سويد بن إبراهيم أبو حاتم: عن قتادة عن أبي الأحوص عن عبد الله. وسويد ضعيف).
قلت: وقد علمت أن سويدا، وبشيرا، تابعهما: همام بن يحيى على الحديث، فالحديث: صحيح.
لذلك قال الحافظ ابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1259)؛ عن سويد بن إبراهيم الجحدري عن قتادة: (ولسويد: غير ما ذكرت من الحديث، عن قتادة، وعن غيره بعضها مستقيمة، وبعضها لا يتابعه أحد عليها).
وقال الحافظ الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج8 ص101): (لم يرو هذا الحديث عن قتادة؛ إلا سويد أبو حاتم، وهمام، وسعيد بن بشير، تفرد به عن همام: عمرو بن عاصم، وتفرد به عن سعيد، أبو الجماهير).
* ولم ينفرد به أبو الجماهير محمد بن عثمان التنوخي، وهو ثقة، بل تابعه عليه: الوليد بن مسلم؛ عند ابن المقرئ في «الفوائد» (7).
وقال الحافظ البزار في «المسند» (ج5 ص428): (وحديث: مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله: «أن المرأة عورة»، لا نعلم رواه عن قتادة؛ إلا همام).
وقال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج5 ص315): (ورفعه صحيح من حديث قتادة).
قلت: وقد تفرد به عن همام بن يحيى: عمرو بن عاصم الكلابي، وهو صدوق في حفظه شيء، وهذا الحديث قد حفظه عن همام بن يحيى.
فلم يخالفه: أحد من الرواة في هذا الحديث عن همام بن يحيى، بل توبع عليه متابعة قاصرة، فمتابعة سعيد بن بشير، وأبي حاتم الحناط، بزيادة: «مورق العجلي» في الإسناد، فهو ثابت عن همام.
وقد أخرج البخاري في «صحيحه» (575)، و(3464)، و(5046)؛ لعمرو بن عاصم الكلابي عن همام، فيما توبع عليه، وعلى أصله.
وكذلك أخرج مسلم في «صحيحه» (635)، و(2455)، و(2465)، لعمرو بن عاصم الكلابي عن همام، فيما توبع عليه.
وقال الحافظ ابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص177): (وإنما قلت: ولا هل سمع قتادة: هذا الخبر عن أبي الأحوص؛ لرواية: سليمان التيمي: هذا الخبر عن قتادة عن أبي الأحوص؛ لأنه أسقط: «مورقا» من الإسناد، وهمام، وسعيد بن بشير؛ أدخلا في الإسناد: «مورقا».). اهـ
* فخالف: همام بن يحيى، وسويد بن إبراهيم، وسعيد بن بشير: المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يحدث عن قتادة عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود t عن رسول الله r: (المرأة عورة، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لاتكون إلى وجه الله أقرب منها في قعر بيتها).
فأسقط منه ذكر: «مورق العجلي» من الإسناد.
* فرواه سليمان بن طرخان التيمي: تابعي ثقة عن قتادة عن أبي الأحوص، ولم يذكر: «مورق بن عبد الله العجلي» في الإسناد.
وهو حديث منكر بهذا الإسناد
أخرجه الدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج4 ص141-الأطراف)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1686)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج8 ص451)، والبزار في «المسند» (ج5 ص428)، وابن حبان في «صحيحه» (5598).
قلت: وسليمان بن طرخان التيمي ليس هو من أصحاب قتادة الحفاظ، وأحيانا ينفرد عنه بما لا يتابع عليه، وفي بعض حديثه عنه اضطراب. ([20])
وقال الحافظ الدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج4 ص141): (تفرد به المعتمر عن أبيه عنه).
فهو إسناد منكر.
* فحديث همام بن يحيى مقدم على حديث سليمان التيمي، وذلك لأسباب:
الأول: أن هماما أعلم بحديث قتادة من كل من روى هذا الحديث عن قتادة، وهو أعلى بكثير من سليمان التيمي في قتادة.
والثاني: أنه قد أنكر على سليمان التيمي في حديث قتادة أكثر مما أنكر على همام بن يحيى في حديث قتادة.
والثالث: أن هماما قد توبع عليه.
والرابع: أن هماما، وسعيد بن بشير، وأبا حاتم الحناط، قد زادوا في الإسناد: «مورقا» بين قتادة، وبين أبي الأحوص، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
لذا قال الإمام أبو حاتم في «المراسيل» (ص142): (قتادة عن أبي الأحوص: مرسل، بينهما مورق).
وقال الحافظ الدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج4 ص141): (تفرد به المعتمر عن أبيه عن قتادة عنه).
وقال الحافظ البزار في «المسند» (ج5 ص428): (وحديث: مورق عن أبي الأحوص عن عبد الله: «أن المرأة عورة»، لا نعلم رواه عن قتادة، إلا همام).
قلت: فوهم سليمان التيمي([21]) على قتادة، بعدم ذكره «لمورق العجلي» في الإسناد.
فهو حديث منكر: بهذا الإسناد.
والراوي هذا خالفوه الثقات في قتادة، فإن قولهم مقدم على قوله، وذلك لمزيد ضبطهم. ([22])
لذلك قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص1024)؛ عن همام بن يحيى العوذي: (ثقة ربما وهم).
* وهنا وافقوه الرواة، وهذا يزيد الحديث صحة.
وخالفهم: عاصم بن النضر: أنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن قتادة عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن رسول الله r قال: (المرأة عورة، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها).
أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (2890).
وهذا وهم من عاصم بن النضر على المعتمر بن سليمان، فقد جعله عن قتادة عن سالم بن عبد الله عن أبيه.
والصواب: حديث عبد الله بن مسعود.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج4 ص314)؛ عن ابن عمر، ثم قال: (رواه الطبراني في «الأوسط»، ورجاله رجال الصحيح).
* وعاصم بن النضر البصري هذا: لا يحتج فيما تفرد به([23])، وقد تفرد بنكارة الإسناد هذا، حيث جعله من مسند عبد الله بن عمر، وهو: من مسند عبد الله بن مسعود.
* وهذا يدل على أنه يخالف، ويهم في الحديث، فهو إسناد منكر.
وعاصم هذا ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج6 ص351):؛ ولم يذكر فيه جرحا، ولا تعديلا.
وذكره ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص506).
وقال عنه ابن حجر في «التقريب» (ص474): «صدوق».
وكذلك يدل أيضا على وهم: سليمان التيمي في حديث: قتادة هذا.
* ورواه بهز بن أسد عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود عن النبي r قال: (النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها بلباس يستشرفها الشيطان يقول: ما مررت بأحد؛ إلا أعجبته، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال لها: أين تريدين، فتقول: أعود مريضا، أشهد جنازة، أصلي في مسجد، وما عبدت امرأة ربها بمثل أن تعبد في بيتها).
حديث شاذ مرفوعا
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج6 ص172).
قال الحافظ الدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج4 ص141): (غريب من حديثه عن شعبة مرفوعا).
وقال الحافظ الدارقطني في «الأفراد والغرائب» (ج4 ص141): (ورواه: ورقاء، ومغيرة عن أبي إسحاق، وتفرد به شبابة عنهما).
* ورواه عمرو بن مرزوق الباهلي عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود t أنه قال: (إنما النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها، وما بها من بأس، فيستشرف لها الشيطان، فيقول: إنك لا تمرين بأحد، إلا أعجبته، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين؟ فتقول: أعود مريضا، أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وما عبدت امرأة ربها بمثل: أن تعبده في بيتها).
أثر صحيح موقوفا، له حكم الرفع
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص2306 و2402)، وابن الجوزي في «أحكام النساء» (ص211).
وإسناده صحيح.
وقال الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص229): (وإسناده حسن).
والموقوف أصح من المرفوع، بهذا الإسناد.
قال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج5 ص314): (والموقوف: هو الصحيح من حديث أبي إسحاق، وحميد بن هلال).
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج2 ص35)؛ موقوفا على ابن مسعود، ثم قال: (رواه الطبراني في «الكبير» ورجاله ثقات).
* وتابع شعبة بن الحجاج على وقفه على ابن مسعود t:
أبو الأحوص سلام بن سليم، وهو ثقة متقن، وشريك بن عبد الله النخعي([24])، وهو صدوق: روياه عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود t قال: (إذا لبست المرأة ثيابها ثم خرجت، قيل: أين تذهبين؟، فتقول: أعود مريضا، أو أصلي على جنازة، أو أصلي في مسجد، فقيل: وما تريدين بذلك؟، فتقول: وجه الله، والذي لا إله غيره ما التمست المرأة وجه الله بمثل أن تقر في بيتها، وتعبد ربها).
أخرجه ابن خزيمة في «التوحيد» (ج1 ص44)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص53).
وإسناده صحيح.
وهذه الرواية الموقوفة أرجح من الرواية المرفوعة.
* ورواه حميد بن هلال، وهو ثقة تابعي، عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود t قال: (إن المرأة عورة، وإنها إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان فتقول: ما رآني أحد إلا أعجبته، وأقرب ما تكون إلى الله إذا كانت في قعر بيتها).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص157)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص150)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص2402).
وإسناده صحيح.
وعلى هذا، فالموقوف: هو المحفوظ من حديث أبي إسحاق السبيعي.
قال الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج5 ص314): (والموقوف: هو الصحيح، من حديث: أبي إسحاق، وحميد بن هلال).
* ورواه زائدة بن قدامة، وجعفر بن عون عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن ابن مسعود t به، موقوفا.
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص2402)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص131).
وإسناده ضعيف فيه إبراهيم بن مسلم الهجري، وهو لين الحديث. ([25])
قلت: هكذا اختلف على أبي الأحوص: في رفع هذا الحديث، ووقفه.
فرفعه: مورق بن مشمرج العجلي، وهو تابعي ثقة، ووقفه أبو إسحاق السبيعي، وحميد بن هلال.
والموقوف قد سبق:
فأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص2402)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (17710)، وابن خزيمة في «التوحيد» (27)، وعبد الرزاق في «المصنف» (5116)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص131).
وعلقه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج23 ص402)، وفي «الاستذكار» (ج7 ص254)؛ موقوفا: برواية الثوري، بقوله: قال الثوري: قال عبد الله بن مسعود: (المرأة عورة وأقرب ما تكون إلى الله في قعر بيتها؛ فإذا خرجت استشرفها الشيطان).
قلت:وقد اجتهد الشيخ الألباني / في تأويل لفظ هذا الحديث([26])، ولم يصب، لأنه على ظاهره: (إن المرأة كلها عورة).
وهذا لفظ النبي r: يبين كيفية هيئة المرأة إذا خرجت من بيتها لحاجاتها.
* ولهذا فنحن لسنا بحاجة بمثل هذه التأويلات لنصوص السنة، لأنها من التكلف في الدين.
وقوله r: (استشرفها الشيطان)؛ أي: زينها في نظر الرجال، ليغويها، ويغوي بها، فتقع في فتنة الشيطان، ثم توقع الرجال في فتنتها. ([27])
قال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج6 ص346): (قوله r: «استشرفها الشيطان»؛ يعني: رفع البصر إليها ليغويها، أو يغوي بها، فيوقع أحدهما، أو كلاهما: في الفتنة).اهـ
والمعنى: أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها، وفي إغواء الناس.
فإذا خرجت طمع، وأطمع، لأنها حبائله، وأعظم فخوخه.
وأصل: الاستشراف، وضع الكف فوق الحاجب، ورفع الرأس للنظر. ([28])
قلت: فجعل النبي r المرأة نفسها عورة؛ أي: كلها عورة، لأنها إذا ظهرت يستحي منها؛ كما يستحي من العورة إذا ظهرت، إذا فنعت السنة النبوية أن المرأة كلها عورة، ومن العورة كشف الوجه والكفين.
قال الإمام ابن القيم / في «تهذيب السنن» (ج2 ص351): (ولا يترك له الحديث الصحيح([29]): الدال على أن وجهها([30])؛ كبدنها). اهـ
قلت: فالمرأة عورة في ميزان الشرع، فلا يجوز لها كشف وجهها، وكفيها: بنص القرآن، والسنة، والآثار.
* والعورة: من الرجل ما بين سرته إلى ركبته، والمرأة كلها عورة.([31])
قلت: وقد أجمع العلماء من الصحابة، والتابعين على أنه يجب على المرأة ستر جميع بدنها حتى الوجه والكفين، لأن ذلك من العورة.
قلت: فجميع بدن المرأة عورة، وبهذا قال المالكية في إحدى الروايتين عن الإمام مالك، والشافعية في أحد القولين، وصححه الفقيه الرملي في «نهاية المحتاج» (ج6 ص184)، وهو الصحيح من المذهب عند الحنابلة.([32])
قال الإمام ابن العربي المالكي / في «أحكام القرآن» (ج2 ص18)؛ عند قوله تعالى: ]وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب[ [الأحزاب:53]: (وهذا يدل على أن الله تعالى أذن في مساءلتهن من وراء حجاب: في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتى فيها؛ والمرأة كلها عورة؛ بدنها، وصوتها، فلا يجوز كشف؛ ذلك إلا لضرورة، أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها). اهـ
وقال الفقيه الرملي الشافعي / في «نهاية المحتاج» (ج6 ص184): (ويحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرةأجنبية، وهي ما عدا وجهها، وكفيها بلا خلاف... وكذا وجهها، وكفها عند خوف فتنة إجماعا، وكذا عند الأمن من الفتنة على الصحيح، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، وبأن النظر مظنة الفتنة، ومحرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب، والإعراض عن تفاصيل الأحوال؛ كالخلوة بالأجنبية، وبه اندفع القول بأنه غير عورة... على أن السبكي قال: الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها، وكفيها عورة في النظر). اهـ
وعن الإمام أحمد / قال: (الزينة الظاهرة: الثياب، وكل شيء منها عورة، حتى الظفر).([33])
وعن الإمام أحمد / قال: (كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها).([34])
وعن الإمام أحمد / قال: (ظفر المرأة عورة، وإذا خرجت فلا تبين منها لا يدها، ولا ظفرها، ولا خفها).([35])
وعن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام – ثقة فقيه عابد من الطبقة الثالثة([36]) – قال: (كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها). ([37])
وقال العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج5 ص231): (وقد أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها، وأنه عورة يجب عليها ستره، إلا من ذي محرم). اهـ
وقال العلامة الشيخ بكر أبو زيد / في «حراسة الفضيلة» (ج5 ص231): (واتفق المسلمون على عدم خروج نساء المؤمنين أمام الرجال؛ إلا متحجبات، غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة). اهـ
وقال الإمام ابن الملقن / في «التوضيح بشرح الجامع الصحيح» (ج25 ص163): (وإجماع الأمة أنه غير جائز للمرأة أن تظهر شيئا من عورتها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص112): (أما المرأة؛ فإنها عورة). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج2 ص329): (والخبر المروي: في أن المرأة عورة بالإجماع). اهـ
وقال الفقيه المناوي / في «فيض القدير» (ج6 ص266): (المرأة عورة: أي: هي موصوفة بهذه الصفة، ومن هذه صفته فحقه أن يستر، والمعنى: أنه يستقبح تبرزها، وظهورها للرجل.
والعورة: سوءة الإنسان، وكل ما يستحيي منه، كنى بها عن وجوب الاستتار في حقها) ([38]). اهـ
قلت: هذا هو السبيل لمن أراد الالتزام بالسنة المحضة، فالطريق إلى معرفة ما جاء به الرسول r هو أن تعرف ألفاظه الصحيحة، وما فسرها به الذين تلقوا عنه اللفظ والمعنى، ومعرفة لغتهم التي كانوا يتخاطبون بها([39]) على المعنى الصحيح، والله ولي التوفيق.
والعورة: السوأة، وكل ما يستحى منه إذا ظهر، فيجب ستر الوجه والكفين للمرأة لأن ذلك من العورة، والعورة يجب سترها.
قلت: فإذا خرجت استشرفها الشيطان؛ أي: زينها في نظر الرجال... ليغويها، ويغوي بها، فيوقعها في الفتنة، ويوقع الرجال في الفتنة.([40])
قلت: والعجيب أن الشيخ الألباني / في «الصحيحة» (ج6 ص424)؛ يقول: (استدلوا بهذا الحديث على أن وجه المرأة عورة على الأجانب، ولا دليل فيه البتة).اهـ
* ثم أوله على غير تأويله، بتقليده للحافظ ابن الأثير / في «النهاية» (ج4 ص205)؛ بقوله: (المرأة عورة: جعلها نفسها عورة، لأنها إذا ظهرت يستحيى منها، كما يستحيى من العورة إذا ظهرت). اهـ
وهذا التأويل: ليس بصحيح، وهو بعيد جدا.
* وذلك أن النبي r قال: (المرأة عورة)، ولم يستثن شيئا من المرأة حتى الوجه عورة.
ثم رجع الشيخ الألباني /: مرة ثانية في «الصحيحة» (ج6 ص425)، يقر أنها عورة؛ بقوله: (فهي عورة على كل حال عند خروجها). اهـ
هذا أمر.
قلت: وقد بينت أم المؤمنين عائشة ڤ التشديد في منع فتنة النساء إذا خرجن.
فعن عائشة ڤ، قالت: (لو أدرك رسول الله r ما أحدث النساء بعد لمنعهن المسجد، كما منعت نساء بني إسرائيل). وفي رواية: (لو رأى رسول الله r من النساء ما نرى لمنعن المساجد، كما منعت نساء بني إسرائيل).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (869)، ومسلم في «صحيحه» (445)، وأبو داود في «سننه» (569)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص91 و93)، ومالك في «الموطأ» (533)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (7610)، وإسحاق ابن راهويه في «المسند» (ج2 ص148 و426)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص429)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص149)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص397)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1698)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج12 ص141)، وفي «أحكام القرآن» (ج1 ص465)، وابن الجوزي في «الحدائق» تعليقا (ج2 ص71)، وفي «أحكام النساء» (ص215)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص262)، والحدثاني في «الموطأ» (176)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص65)، وفي «حلية الأولياء» (ج7 ص333)، والبغوي في «شرح السنة» (ج3 ص440)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (543)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص603)، وتمام الرازي في «الفوائد» (983)، والسراج في «المسند» (804)، و(806)، وفي «حديثه» (253)، و(255)، والدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج14 ص420)، وفي «المؤتلف والمختلف» (ج1 ص165 و166)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج13 ص51)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص133)، وفي «الآداب» (904)، وأبو علي الطوسي في «مختصر الأحكام» (507)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج7 ص48)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص292)، وابن الحميري في «جزئه» (55)، وابن القاسم في «الموطأ» (496)، والحسن بن علي في «الأمالي والقراءة» (21)، وأبو يعلى في «المسند» (ج7 ص466)، وابن البختري في «حديثه» (356)، والبزار في «المسند» (ج18 ص255)، والجوهري في «مسند الموطأ» (791)، وإسماعيل بن إسحاق في «مسند حديث مالك بن أنس» (ص53)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج3 ص516)، وعبد الحق الإشيبلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص44)، من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله بن عمر، وإسماعيل بن أمية، كلهم: عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة ڤ زوج النبي r قال: فذكرته.
قلت: وتمسك عدد من أهل العلم، بقول عائشة ڤ: في منع النساء من الخروج إذا ترتب منهن تغير في الزمان، ويخشى منهن الفتنة على الرجال في خروجهن إلى المساجد؛ أن يمنعن من الذهاب لها، درءا للفتنة.
فيخرجن على قدر حاجتهن لمصالحهن في الخارج، مع إلتزامهن بالحجاب الشرعي لكامل جسمها.
ويمنعن على قدر ما يخشى منهن الفساد، فيتعين منعهن إذا ظهر الفساد منهن، وانتشر في البلد.
وكلام عائشة ڤ يشعر بأنها كانت ترى منع النساء من الخروج إذا يسببن فتنة خروجهن إلى المساجد. ([41])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج29 ص296): (فإن عائشة ڤ: كانت أتقى لله تعالى من أن تسوغ رفع الشريعة بعد موته r، وإنما أرادت: أن النبي r لو رأى ما في خروج بعض النساء من الفساد، لمنعهن الخروج.
تريد بذلك: أن قوله r: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله»، وإن كان مخرجه على العموم؛ فهو مخصوص بالخروج الذي فيه فساد.
كما قال أكثر الفقهاء: إن الشواب التي في خروجهن فساد يمنعن، فقصدت بذلك تخصيص اللفظ الذي ظاهره، أنها علمت من حال النبي r: أنه لا يأذن في مثل هذا الخروج، لا أنها قصدت منع النساء مطلقا؛ فإنه ليس كل النساء أحدثن، وإنما قصدت منع المحدثات).اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج7 ص252): (وفي هذا الحديث: بيان شهود النساء المساجد على عهد رسول الله r ومعه، ... وفيه أن أحوال الناس تغيرت بعد رسول الله r نساء ورجالا). اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «أحكام النساء» (ص215)؛ في ذكر أنه إذا خيف من المرأة الفتنة نهيت عن الخروج.
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «أحكام النساء» (ص216)؛ في نهي المرأة إذا تطيبت أن تخرج.
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «أحكام النساء» (ص207): (وقد بينا أن خروج النساء مباح، لكن إذا خيفت الفتنة بهن أو منهن، فالامتناع من الخروج أفضل، لأن نساء الصدر الأول كن على غير ما نشأ نساء هذا الزمان عليه، وكذلك الرجال).اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «أحكام النساء» (ص209): (تحذير النساء من الخروج: ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها، فإنها إن سلمت في نفسها لم يسلم الناس منها.
فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت بإذن زوجها في هيئة رثة، وجعلت طريقها في المواضع الخالية، دون الشوارع والأسواق، واحترزت من سماع صوتها، ومشت في جانب الطريق لا في وسطه). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
([1]) وسقط عند ابن عدي في «الكامل» ذكر مورق بن عبد الله العجلي، فتنبه.
وهو: ثقة عابد من كبار الطبقة الثالثة، توفي في سنة: «105هـ».
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص799)، و«الكاشف» للذهبي (ج3 ص159).
قال الإمام ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص213): (كان ثقة عابدا).
وقال الحافظ الذهبي في «الكاشف» (ج3 ص159): (ثقة عابد مجاهد بار).
([2]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج30 ص305 و306)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص61)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج9 ص107).
([9]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص798)، و«مجمع الأحباب، وتذكرة أولي الألباب» للواسطي (ج1 ص704).
([12]) وسعيد بن بشير الأزدي، لا يحتج بما انفرد به عن قتادة، وغيره، لأنهم نقموا عليه في حفظه.
وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص10).
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج21 ص26 و27)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص399)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص6)، والآجري في «سؤالاته» (ص261)، وابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1206).
وإسناده صحيح.
وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج10 ص251)، وابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج4 ص10)، والمقريزي في «مختصر الكامل» (ص384).
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص6)، والآجري في «سؤالاته» (ص261)، وابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1206)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج21 ص26 و27)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص399).
وإسناده صحيح.
وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج10 ص351)، وابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج4 ص10)، والمقريزي في «مختصر الكامل» (ص384).
([15]) انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج4 ص7)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج21 ص29)، و«مختصر الكامل» للمقريزي (ص384).
([16]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج12 ص242)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص270)، و«مختصر الكامل» للمقريزي (ص398).
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص237)، والآجري في «سؤالاته» (ص261)، وابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1206)، وابن شاهين في «تاريخ أسماء الثقات» (ص161).
وإسناده صحيح.
وذكره المقريزي في «مختصر الكامل» (ص398).
([31]) وانظر: «الكافي» لابن عبد البر (ج1 ص238)، و«المجموع بشرح المهذب» للنووي (ج3 ص168)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج7 ص182)، و«عقد الجواهر» لابن شاش (ج1 ص157)، و«حاشية الخرشي على مختصر خليل» (ج1 ص246)، و«الـمغني» لابن قدامة (ج2 ص284)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص449).
([32]) وانظر: «الفروع» لابن مفلح (ج5 ص154)، و«المغني» لابن قدامة (ج6 ص558)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج8 ص28)، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (ج3 ص453).
أخرجه الخلال في «أحكام النساء» (ص50).
وإسناده صحيح.
ونقله عنه ابن الجوزي في «زاد المسير» (ج6 ص31).
قلت: رحم الله الإمام أحمد، يقول هذا الكلام في عصر الأوائل، فما بالكم لو رأى الإمام أحمد ما أحدثته المحجبات المتبرجات من إظهار اليد، ونصف الساعد، والعين، والحاجب، وبعض أجزاء من الوجه، ألا يعلمن أنهن مبعوثات، وعن هذا مسئولات، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (17712).
وإسناده حسن.
وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج2 ص139).
([38]) قلت: فالعورة؛ كل خلل يتخوف منه، وأصلها من العار، وهو المذمة.
انظر: «فيض القدير» للمناوي (ج6 ص266).
([39]) وبالمقابل فقد خالف كثير من الناس هذا السبيل، وأوردوا أنفسهم المهالك من جهة استعمال المعاني المتشابهة، ووقوع الاشتباه، والإجمال في ألفاظها، والله المستعان.