الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه: بيان علة حديث أم سلمة رضي الله عنها: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، وأظفاره)
جزء فيه: بيان علة حديث أم سلمة رضي الله عنها: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، وأظفاره)
19 |
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
بيان علة حديث أم سلمة ڤ:
(إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، وأظفاره)
تخريج:
العلامة المحدث الفقيه فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن فإنك نعم المعين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران :102].
]يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].
]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا «70» يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].
أما بعد...
فإن الله تعالى حينما تكفل بحفظ كتابه الكريم؛ كما قال تعالى: ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر:9]، تكفل أيضا بحفظ سنة نبيه r؛ بأن خلق لها رجالا يذبون عنها، ويكشفون ما أدخل فيها، وذلك بتدوينها في الكتب، سواء كانت تلك الكتب للأئمة على حسب المسانيد، أو على حسب الأبواب الفقهية.
وقد اتبع كل إمام بمنهج في الـتأليف؛ فمنهم من اشترط الصحة في أحاديثه على ما تبين عنده؛ كما فعل الإمام البخاري، والإمام مسلم؛ دون أن يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة، ومنهم من لم يشترط الصحة، بل أورد كل ما عن له، وحكم على ما رأى أنه لازم، كما فعل الإمام الترمذي، والإمام أبو داود.
قلت: وأهل الحديث من خصائصهم الجليلة أن علومهم بينة، وكتبهم منتشرة، وذكرهم للأحاديث منوطة بالإسناد الصحيح من رواية الثقات، والمثبت من الأثبات، لا يأخذون بالحديث الضعيف، ويفتشون عن الرجال في أحوالهم تفتيش الصيارفة النقاد، فلا يروج عليهم مغشوش، ولا يجوزهم منحول مصنوع، رائدهم الحق المحض، وسائقهم الدليل الصادق، والإسناد الناطق.
فما اتفقوا عليه؛ فهو الصحيح الثابت، وما طرحوه؛ فهو الساقط، وما اختلفوا فيه؛ فالأقرب إلى الحق، والصواب الأسعد منهم بالدليل ... فانظر في حجج الفريقين، ثم رجح الراجح من المرجوح، مع العلم أن المقلد المتعصب لا يترك من قلده، ولو جاءته كل آية، وأن طالب الدليل لا يأتم بسواه، ولا يحكم إلا إياه، ولقد عذر من حمل ما انتهى إليه إجتهاده، وسعى إلى حيث انتهى إليه علمه.([1])
قلت: والمسائل العلمية، والمباحث الحديثية، التي اختلفت فيها أنظار السابقين، واضطربت فيها أقوال اللاحقين؛ ليس سبيل حلها، وطريق توضيحها هو اتباع الكثرة، أو تقليد رأى، أو التأثر بالأجواء المحيطة بالمرء، أو بعادة بلد، أو شهرة حكم بين الناس، أو غير ذلك من سبل ليس لها في المنهجية وجه في العلم.([2])
وهذه الرسالة التي أضعها بين يدي القارئ الكريم تكشف القناع عن ضعف إسناد حديث أم سلمة ڤ: (إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، وأظفاره)، الذي نسب إلى النبي r!، وذلك في ضوء قواعد علم الحديث، تلك القواعد الرضية، والأصول المتينة التي أرساها حاملو ألوية السنة النبوية، فمن أتقنها، وتمرس عليها أمكنه معرفة درجة، أي: حديث، ولو لم ينصوا عليها، وحسبهم أنهم نقلوا وسيلة ذلك، لأن من ذكر الإسناد فقد برئت عهدته؛ فمن أسند فقد أحال.
قلت: ومناهج أهل الأهواء قامت على الباطل، وقد يكون عندهم شيء من الحق على تفاوت بينهم، لكن الحق الذي عندهم قليل، وملتبس بالباطل، ولا ينفردون به على أهل السنة، بل يكون عند أهل الحق مثله وأفضل منه، ولا لبس فيه.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (دعـاء الضـلال في وقتنا
الحاضر أكثر من دعاة الهدى فلا يغتر بهم).([3]) اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص348): (فإذا أعرض عن سمع الحق، وأبغض قائله بحيث لا يحب رؤيته امتنع وصول الهدى الى القلب).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج2 ص518): (ومن أراد أن ينقل مقالة عن طائفة؛ فليسم القائل والناقل، وإلا فكل أحد يقدر على الكذب!). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين /: (علينا أن لا نيأس لكثرة الأعداء، وقوة من يقاوم الحق، فإن الحق منصور ممتحن).([4]) اهـ
فالأصل في أهل الأهواء؛ الباطل، والشر، والابتداع، وإن وجد بين أفرادهم من هو على الاستقامة في الجملة، لكنه قليل([5])، ولا يعد قدوة فيهم، وكل من سوى أهل الحق فلا ينفرد عنهم بحق، ولا قول صحيح، فكل حق، أو قول صحيح هم فيه أفضل وأسبق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص167): (وكل من سوى أهل السنة والحديث من الفرق، فلا ينفرد عن أئمة الحديث بقول صحيح، بل لا بد أن يكون مـعه مـن دين الإسـلام ما هـو حـق، وبـسـبـب ذلك وقعت الشبهة، وإلا فالباطل المحض لا يشتبه على أحد، ولهذا سمي أهل البدع أهل الشبهات، وقيل فيهم: إنهم يلبسون الحق بالباطل). اهـ
قلت: فكثير ممن تصدر للوعظ عرف عنه بعدم المبالاة بالنقل للأحاديث، فما وقعت عليه عيناه من شيء من الأحاديث في الكتب، أو سمعه من الأشرطة أخذ به على وجه الصحة من غير أن يعرف بصحة هذه الأحاديث، أو ضعفها!.([6])
ثم إن كثيرا ما يختلف العلماء في الحكم على بعض الأحاديث، وقد يزداد الخلاف بينهم على حديث ما حتى إنك لتجد منهم من يصحح الحديث، ومنهم من يضعفه... ويقف المسلم أمام هذا الاختلاف عاجزا عن معرفة الصواب في حكم هذا الحديث، لا سيما إذا لم يكن ذا علم بتحقيق الأحاديث ونقدها، اللهم غفرا.
قلت: ومن الأحاديث التي وقع فيها اختلاف؛ هو حديث: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره)، لذا عزمت على تخريج هذا الحديث، ونقده ملتزما بقواعد مصطلح الحديث، ومقتديا بأقوال أئمتنا الفحول، والله ولي التوفيق.
قلت: وعلم تخريج الحديث من أدق العلوم الحديثية وأصعبها، وهو علم لا يخوض غماره إلا من عرف السنة وأصولها... وهذا الجزء الحديثي في بيان حال حديث؛ (منع المضحي أن يأخذ من شعره وأظفاره)؛ جمعت فيه تخريجه، مع الكلام على إسناده جرحا وتعديلا، وبيان علته والحكم عليه، وذلك لما كان كثير من الناس اليوم لا يعرفون صحيح الحديث من ضعيفه... وذلك لأن علم العلل هو أدق علوم الحديث، وأغمض أنواع الحديث، ولا يقوم به إلا من فهمه الله تعالى هذا العلم الثاقب.
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، وإطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد من أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ج2 ص662): (اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقيمه؛ يحصل من وجهين:
أحدهما: معرفة رجاله، وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين؛ لأن الثقات، والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التآليف.
الوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف، والرفع، ونحو ذلك.
وهذا هو الذي يحصل من معرفته واتقانه، وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل» (ج2 ص662): (ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به، فليكثر طلبة المطالعة في كلام الأئمة العارفين به؛ كيحيى بن سعيد القطان، ومن تلقى عنه؛ كأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهما، فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه، وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة، صلح له أن يتكلم فيه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم في «الفروسية» (ص44): (وربما يظن الغالط الذي ليس له ذوق القوم، ونقدهم أن هذا تناقض منهم، فإنهم يحتجون بالرجل، ويوثقونه في موضع، ثم يضعفونه بعينه، ولا يحتجون به في موضع آخر، ويقولون: إن كان ثقة وجب قبول روايته جملة، وإن لم يكن ثقة وجب ترك الاحتجاج به جملة. وهذه طريقة فاسدة مجمع بين أهل الحديث على فسادها، فإنهم يحتجون من حديث الرجل بما تابعه غيره عليه، وقامت شهوده من طرق، ومتون أخرى، ويتركون حديثه بعينه إذا روى ما يخالف الناس، أو انفرد عنهم بما لا يتابعونه عليه. إذ الغلط في موضع، لا يوجب الغلط في كل موضع، والإصابة فيبعض الحديث، أو في غالبه لا توجب العصمة من الخطأ في بعضه، ولا سيما إذا علم من مثل هذا أغلاط عديدة، ثم روى ما يخالف الناس، ولا يتابعونه عليه، فإنه يغلب على الظن، أو يجزم بغلطه.
وهنا يعرض -لمن قصر نقده وذوقه هنا عن نقد الأئمة، وذوقهم في هذا الشأن؛ نوعان من الغلط ننبه عليهما لعظيم فائدة الاحتراز منهما:
1) أحدهما: أن يرى مثل هذا الرجل قد وثق، وشهد له بالصدق، والعدالة، أو خرج حديثه في الصحيح، فيجعل كل ما رواه على شرط الصحيح، وهذا غلط ظاهر؛ فإنه إنما يكون على شرط الصحيح إذا انتفت عنه العلل، والشذوذ، والنكارة، وتوبع عليه؛ فأما مع وجود ذلك، أو بعضه فإنه لا يكون صحيحا، ولا على شرط الصحيح، ومن تأمل كلام البخاري، ونظرائه في تعليله أحاديث جماعة أخرج حديثهم في صحيحه، علم إمامته، وموقعه من هذا الشأن، وتبين به حقيقة ما ذكرنا.
2) النوع الثاني من الغلط: أن يرى الرجل قد تكلم في بعض حديثه، وضعف في شيخ، أو في حديث؛ فيجعل ذلك سببا لتعليل حديثه، وتضعيفه أين وجد، كما يفعله بعض المتأخرين من أهل الظاهر وغيرهم، وهذا أيضا غلط؛ فإن تضعيفه في رجل، أو في حديث ظهر فيه غلطه لا يوجب التضعيف كحديثه مطلقا، وأئمة الحديث على التفصيل، والنقد، واعتبار حديث الرجل بغيره، والفرق بين ما انفرد به، أو وافق فيه الثقات، وهذه كلمات نافعة في هذا الموضع، تبين كيف يكون نقد الحديث، ومعرفة صحيحه من سقيمه، ومعلوله من سليمه ]ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور:40]). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج2 ص105): (وإنما تحمل مثل هذه الأحاديث -على تقدير صحتها- على معرفة أئمة أهل الحديث الجهابذة النقاد، الذين كثرت ممارستهم لكلام النبي r، ولكلام غيره، ولحال رواة الأحاديث، ونقلة الأخبار، ومعرفتهم بصدقهم وكذبهم وحفظهم وضبطهم، فإن هؤلاء لهم نقد خاص في الحديث يختصون بمعرفته، كما يختص الصيرفي الحاذق بمعرفة النقود جيدها ورديئها، وخالصها ومشوبها، والجوهري الحاذق في معرفة الجوهر بانتقاد الجواهر، وكل من هؤلاء لا يمكن أن يعبر عن سبب معرفته، ولا يقيم عليه دليلا لغيره، وآية ذلك أنه يعرض الحديث الواحد على جماعة ممن يعلم هذا العلم، فيتفقون على الجواب فيه من غير مواطأة... وبكل حال، فالجهابذة النقاد العارفون بعلل الحديث أفراد قليل من أهل الحديث جدا). اهـ
وقال الحافظ الحاكم / في «معرفة علوم الحديث» (ص140): (ذكر النوع السابع والعشرين من علوم الحديث؛ هذا النوع منه معرفة علل الحديث، وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم، والجرح والتعديل... فإن معرفة علل الحديث من أجل هذه العلوم). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص294): (مـعرفة العلل أجل أنواع علم الحديث)، وقال أيضا: (فمن الأحاديث ما
تخفى علته فلا يوقف عليها إلا بعد النظر الشديد ومضي الزمن البعيد). اهـ
وقال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص81): (اعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث، وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة، والفهم الثاقب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352)؛ عن أهل الحديث أنهم: (يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا «علم علل الحديث» وهو من أشرف علومهم؛ بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط، وغلط فيه). اهـ
وقال الحافظ العلائي /: (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله فهما غايصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة. ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن، وحذاقهم؛ كابن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأمثالهم).([7]) اهـ
قلت: ولذلك على المسلم الحق أن يطلب العلم، ويسلك سبيله، ويعمل بحقه لكي يضبط أصول الكتاب الكريم، والسنة النبوية.([8])
فيعمل جادا في البحث([9]) عما يستنبط منهما من معاني وأحكام فقهية لكي يتعبد الله تعالى بما شرعه في دينه، وفيما ثبت وصح عن النبي r، لأن لا يجوز لأحد كائنا من كان أن يتعبد الله إلا بما شرعه في دينه.
قلت: ولذلك يحرم على المسلم أن يتعبد الله بالأحاديث الضعيفة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة» (ص162): (لا يجوز أن يعتمد في الشريعة على الأحاديث الضعيفة التي ليست صحيحة، ولا حسنة).اهـ
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص48): (الضعيف الذي يبلغ ضعفه إلى حد لا يحصل معه الظن لا يثبت به الحكم، ولا يجوز الاحتجاج به في إثبات شرع عام، وإنما يثبت الحكم بالصحيح، والحسن لذاته، أو لغيره، لحصول الظن بصدق ذلك، وثبوته عن الشارع). اهـ
قلت: والتعبد لله بغير ما شرعه من أخطر الأمور على العبد؛ لما يجعله يحاد الله تعالى، ورسوله r.([10])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج7 ص367): (الحق ما قام عليه الدليل، وليس الحق فيما عمله الناس). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج6 ص302): (وصاحب الهوى يقبل ما وافق هواه بلا حجة توجب صدقه ويرد ما خالف هواه بلا حجة توجب رده). اهـ
وقال الحافظ المزي / في «تهذيب الكمال» (ج2 ص326): (لو سكت من لا يدري لاستراح وأراح، وقل الخطأ، وكثر الصواب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (هدفنا هو اتباع الحق لا الانتصار للآراء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص449): (ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبا، وإن كان لا يتعمد الكذب). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (الذي يريد الحق، يفرح بالنصيحة، ويفرح بالتنبيه على الخطأ).([11]) اهـ
وقال العلامة اللكنوي الهندي / في «الأجوبة الفاضلة» (ص140): (لا يجوز الاحتجاج في الأحكام بكل ما في الكتب المذكورة وأمثالها من غير تعمق يرشد إلى التمييز لما مر أنها مشتملة على الصحاح، والحسان، والضعاف، فلابد من التمييز بين الصحيح لذاته، أو لغيره، أو الحسن لذاته، أو لغيره، فيحتج به، وبين الضعيف بأقسامه، فلا يحتج به، فيأخذ الحسن من مظانه، والصحيح من مظانه، ويرجع إلى تصريحات النقاد الذين عليهم الاعتماد وينتقد بنفسه إن كان أهلا لذلك، فإن لم يوجد شيء من ذلك توقف فيما هنالك).([12]) اهـ
قلت: إذا فيحرم الاعتراض على السنن النبوية بالفهم السقيم سواء بنصوص، أو آثار.([13])
قال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج3 ص72): (فلهذا كله يجب على كل ناظر في الدليل الشرعي مراعاة ما فهم منه الأولون، وما كانوا عليه في العمل به، فهو أحرى بالصواب، وأقوم في العلم والعمل). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص80): (فالسبيل القصد هو طريق الـحق، ومـا سـواه مـن الـطـرق جـائـر عـن الـحـق أي: عـادل عـنـه، وهـي طـرق الـبـدع
والضلالات، وكفى بالجائر أن يحذر منه، فالمساق يدل على التحذير والنهي). اهـ
قلت: فالمتعصب والمقلد لآراء الرجال ليس من زمرة أهل العلم، وإن ادعى ذلك.
قال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا[ [الإسراء:36].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد – يعني: من تقليد– فإنه آثم وإن كان قد صادف الحق!!!).اهـ
وقـال الحافظ ابن حزم / في «المـحلى» (ج1 ص69): (والمـجتهد المخـطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب). اهـ
وقال المفسر أبو حيان / في «البحر المحيط» (ج4 ص367): (التقليد باطل إذ ليس طريقا للعلم). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص140)- عن الذي يتكلم بلا علم-: (فالواجب على العاملين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به، وأقرب من السلامة له إن شاء الله). اهـ
وقد تكلم أئمة أفاضل في بعض أحاديث صحيح الحافظ مسلم / على قواعد أهل الحديث لحفظ السنة النبوية.
وإليك أسماءهم مرتبة على تاريخ وفياتهم:
1) الحافظ البخاري / نفسه (المتوفى سنة:256هـ).
2) الحافظ أبو داود / (المتوفى سنة:275هـ).
3) الحافظ ابن خزيمة / (المتوفى سنة:311هـ).
4) الحافظ أبو الفضل بن عمار الشهيد / (المتوفى سنة:317هـ).
5) الحافظ ابن حبان / (المتوفى سنة:354هـ).
6) الحافظ الدارقطني / (المتوفى سنة:385هـ).
7) الحافظ الخطابي / (المتوفى سنة: 388هـ).
8) الحافظ البيهقي / (المتوفى سنة:458هـ).
9) الحافظ ابن عبد البر / (المتوفى سنة:465هـ).
10) الحافظ أبو علي الغساني / (المتوفى سنة:498هـ).
11) الحافظ القاضي عياض / (المتوفى سنة:544هـ).
12) الحافظ عبد الحق الإشبيلي / (المتوفى سنة:581هـ).
13) الحافظ ابن الجوزي / (المتوفى سنة:597هـ).
14) الحافظ ابن الصلاح / (المتوفى سنة:643هـ).
15) الحافظ المنذري / (المتوفى سنة:656هـ).
16) الحافظ النووي / (المتوفى سنة:676هـ).
17) الحافظ شيخ الإسلام ابن تيمية / (المتوفى سنة:728هـ).
18) الحافظ ابن عبد الهادي / (المتوفى سنة:744هـ).
19) الحافظ الذهبي / (المتوفى سنة:748هـ).
20) الحافظ ابن القيم / (المتوفى سنة:751هـ).
21) الحافظ البلقيني / (المتوفى سنة:805هـ).
22) الحافظ ابن حجر / (المتوفى سنة:852هـ).
فهذا الجم الغفير من الأئمة الكبار، ممن تكلموا في بعض أحاديث صحيح الحافظ مسلم /، فهل كل هؤلاء لا يعتد بقولهم في الشريعة المطهرة؟.([14])
وهناك بعض الأحاديث في الصحيحين خاصة في «صحيح مسلم» عرض لها بعض الأئمة بالنقد والتعليل، إما لأسانيدها، وإما لمتونها، وإما لهما معا، فهي من المختلف فيه مما يسوغ فيه الانتقاد، ويتعارض فيه الاجتهاد، وهذا مما يدل على فضائل أهل الحديث، وصفاء مصادرهم، وكتبهم.([15])
وقـد انـتـقـد الأئـمـة، والـحفاظ أحـاديـث؛ أخـرجها مسلم في «صحيحه»، وبينوا
عللها وأنكروها، وطعنوا فيها، وأقاموا الحجج، والبينات على ضعفها، بل ونكارتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج1 ص256): (ولهذا كان جمهور ما أنكر على البخاري مما صححه يكون قوله فيه راجحا على قول من نازعه، بخلاف مسلم بن الحجاج فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها وكان الصواب فيها مع من نازعه). اهـ
وبهذا يتبين بأن أحاديث صحيح الحافظ مسلم / لم يجمع على صحتها، وليس فيه أن كل الأحاديث التي فيه متلقاة بالقبول.([16])
إذا لم يحصل الإجـماع على صـحة أسانيد صحيح الحافظ مسلم /، وذلك
لنقد أئمة أهل الحديث لها؛ كما سبق القول في ذكر أسمائهم، وهذا صنيع أئمة أهل الحديث، الذي يدل على إمامتهم وفهمهم لهذا العلم. ([17])
قال الحافظ مسلم / في «التمييز» (ص218): (صناعة الحديث ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم؛ إنما هي لأهل الحديث خاصة). اهـ
قلت: فلا يـجـوز لأحـد كـائـنـا من كان أن يـأتي محاكما لهم، مرجحا بينهم بلا
معرفة لعلم الحديث وعلله، لأن أمور العلل من دقائق علم الحديث.
وهذا العمل سار عليه عمل أئمة هذا الشأن من غير نكير من أحدهم بحيث إنك إذا تصفحت أي كتاب من كتبهم في نقد أسانيد صحيح الحافظ مسلم /، وغيره لوجدت في ذلك الشيء الكثير.([18])
فقد خلف لنا هؤلاء الأئمة الحفاظ ثروة([19]) علمية زاخرة، من تأمل في فنونها، وعلمومها المختلفة علم الجهد الشاق، والصبر الطويل، الذي بذله سلفنا، وعلماؤنا في جمعها، وبيانها والاستنباط منها، وتمييز ضعيفها من صحيحها، وبذل الغالي، والنفيس في سبيل ذلك، وعلم أيضا مقدار ما حظي به السلف من تأييد رباني، وفضل إلهي، وتوفيق من الله لما صدقوا في الطلب، والعلم، والعمل، والدعوة، وصبروا على ذلك([20]) ]ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم[ [الجمعة:4].
قال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة:3].
قلت: فإذا تقرر ذلك فإنه لا يجوز لمسلم أن يزيد في دين الله تعالى ما ليس منه، ولا أن يعبد الله تعالى إلا بما شرع الله تعالى، ورسوله r، بل يجب على المسلمين جميعا أن يخضعوا لأمر الله تعالى، ورسوله r، وأن لا يتبعوا في الدين ما لم يأذن به الله تعالى، ولم يشرعه رسوله r مهما رأوه حسنا؛ لأن الدين قد كمل.
فعن ابن عمر ﭭ قال: «كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسنا».
أثر صحيح
أخرجه المروزي في «السنة» (83)، والبيهقي في «المدخل» (191)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (205)، واللالكائي في «الاعتقاد» (126) منطريق هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر ﭭ به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ الزيلعي / في «نصب الراية» (ج1 ص355): (وما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف، وترك التعصب). اهـ
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة الإسلامية، وأن يتقبل مني هذا الجهد، وأن يجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه ورعايته، إنه نعم المولى، ونعم النصير، وصلى الله على عبده، ورسوله محمد، وعلى آله، وصحبه وسلم.
أبوعبد الرحمن فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي
|
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
قال تعالى: ]خلق الإنسان «3» علمه البيان[ [الرحمن: 3 و4].
ذكر الدليل على ضعف حديث أم سلمة ڤ في: أن المضحي لا يأخذ من شعره وظفره، وجلده! في العشر الأول من ذي الحجة إلى أن يذبح أضحيته في يوم العيد
عن أم سلمة ڤ أن النبي r قال: «إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره ولا بشره شيئا». وفي رواية: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره».
حديث ضعيف شاذ
وهذا الحديث: روي مرفوعا، وموقوفا من رواية سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ.
والمرفوع: عن سعيد بن المسيب له طريقان:
الأولى: عن عبد الرحمن بن حميد بن عوف سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة ڤ ؛ أن النبي r قال: «إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره ولا بشره([21]) شيئا».
وهذا إسناد ضعيف، والخبر منكر، وهو غير محفوظ.
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1565)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص336)، وفي «المجتبى» (ج7 ص212)، وابن ماجه في «سننه» (3149)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص289)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص266)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج14 ص132)، والحميدي في «المسند» (293)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص76)، والطبراني في « المعجم الكبير» (565)، والشافعي في «اختلاف الحديث» (ص122)، وفي «المسند» (ج1 ص160)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص206)، والبغوي في «شرح السنة» (1127)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج1 ص335) من طرق عن سفيان بن عيينة عن عبدالرحمن بن حميد عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ به.
وعند الحميدي في «المسند» (293)، وإحدى روايتي مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1565): قيل لسفيان بن عيينة: فإن بعضهم لا يرفعه، قال: لكني أرفعه.([22])
وأخرجه المخلص في «المخلصيات» (ج3 ص351) من طريق عبدالله بن أحمد بن أبي مسرة حدثنا إبراهيم بن عمرو حدثنا مسلم بن خالد عن عبد الرحيم بن عمر عن عبد الرحمن بن حميد عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي r به.
وهذا سنده منكر، وهو من أوهام مسلم بن خالد الزنجي، فمرة: يرويه من طريق عبد الرحمن بن حميد، ومرة: من طريق الزهري؛ كذلك فيه مجهول.
وأخرجه أبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص207)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج6 ص2312)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص351) من طريق مسلم بن خالد عن ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب به مرفوعا.
ومسلم بن خالد الزنجي ضعيف الحديث، وكثير الأوهام([23])، قال البخاري عنه: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث لا يحتج به.
وقال ابن عدي: (وهذا من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب، لا أعرفه إلا من هذا الوجه).
وذكره الدارقطني في «العلل» (ج9 ص463)؛ أن مسلم بن خالد الزنجي رواه: عن ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال فذكره؛ يعني: من قوله وهو مقطوع عليه.
وهذا أيضا يؤكد أوهام الزنجي في هذا الإسناد.
قلت: والذي يظهر لي: أن مسلم بن خالد الزنجي قد اضطرب في هذا الحديث، ولم يضبطه، وهذا ظاهر.
والثانية: عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ، أن النبي r قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره».
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1565)، وأبو داود في «سننه» (2791)، والترمذي في «سننه» (1523)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص335)، وفي «المجتبى» (ج7 ص211)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (857)، وابن ماجه في «سننه» (2150)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص301و311)، والحاكم([24]) في «المستدرك» (ج3 ص220)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج22 ص242)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج8 ص363) وفي «مثير العزم الساكن» (175)، وفي «التحقيق» (ج6 ص307)، وابن المنذر في «الإقناع» (ج1 ص375)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص204)، والشحامي في «تحفة عيد الأضحى» (ص38)، وابن أبي عيسى في «اللطائف» (ص123)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص349 و350)، وابن شاذان في «المشيخة الصغرى» (ص16)، والذهبي في «السير» (ج8 ص118)، وفي «المعجم المختص بالمحدثين» (ص148)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص305)، وفي «مشكل الآثار» (ج14 ص128)، وابن حبان في «صحيحه» (5916)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص266)، وفي «فضائل الأوقات» (214)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص223)، وابن رشيد في «ملء العيبة» (ج5 ص148)، والخلعي في «الخلعيات» (ص147)، وابن طولون في «الأحاديث المئة» (ص64)، وابن مخلد في «ما رواه الأكابر عن مالك» (17) و(18) و(19)، والخطيب في «تالي التلخيص» (260)، والدارقطني في «السنن» (ج4 ص278)، وأبو يعلى في «المسند» (6911) ، والطيوري في «الطيوريات» (ج1 ص4)، والطبراني في «المعجم الكبير» (562و564) من طرق عن مالك بن أنس عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ به.
قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج8 ص118): (هذا غريب، وليس ذا في الموطأ).([25])
فالإسناد منكر من طريق مالك بن أنس في رفعه، لأنه ليس من حديثه، فهو خطأ عليه؛ كما ذكر الحافظ الذهبي.
واختلف في عمر بن مسلم؛ فمرة يقال: عمر بن مسلم، ومرة يقال: عمرو بن مسلم، ومرة يقال: ابن مسلم، ومرة يقال: عمرو بن مسلم أو عمر على الشك، ومرة يقال: عمرو بلا شك!.([26])
قال الحافظ المزي / في «تحفة الأشراف» (ج13 ص6): (عن أحمد بن عبد الله بن الحكم الهاشمي، عن غندر، عن شعبة، عن مالك، عن عمر أو عمرو بن مسلم به... عن سليمان بن سلم البلخي، عن النضر بن شميل، عن شعبة، عن مالك، عن ابن مسلم به ولم يسمه!). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «النكت الظراف» (ج13 ص6): (عمر بن مسلم كذا ذكر أبو مسعود، وفي كتاب خلف: عمرو بن مسلم، كنا في رواية: أبي داود، أخرجه أبو نعيم في «المستخرج» من طريق غندر وغيره، فقال: «عمرو بن مسلم»، أو «عمر» على الشك، ومن حديث: معاذ عن «عمرو» بلا شك). اهـ
ووقع عند مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1566)، والبيهقي في «السنن الصغرى» (1816): «عمر بن مسلم».
ووقع عند النسائي في «السنن الكبرى» (4451)، وفي «المجتبى» (ج7 ص211)، وابن ماجه في «سننه» (3150)، وأبي يعلى في «المسند» (6911)، وغيرهم: «عمرو بن مسلم».
ووقع عند الترمذي في «سننه» (1602)، وغيره: «عن عمرو أو عمر» على الشك.
وقد سماه المزي في «تهذيب الكمال» (ج22 ص240): «عمرو ابن مسلم»، وذكر أنه يقال له: «عمر بن مسلم».
ووقع في مطبوعي النسائي من «السنن الكبرى» (4451)، و«المجتبى» (ج7 ص211): عن «أبي مسلم»، وهو خطأ، صوابه: عن «ابن مسلم».
قلت: فهذا اضطراب في إسناد هذا الحديث في اسم الراوي.([27])
وقال الحافظ أبو داود / في «السنن» (ج4 ص419): (اختلفوا على مالك، وعلى محمد بن عمرو في: عمرو بن مسلم، قال بعضهم «عمر»، وأكثرهم قال: «عمرو»، وهو عمرو بن مسلم بن أكيمة الليثي الجندعي).
وقال الحافظ ابن حجر / في «إتحاف المهرة» (ج18 ص110): (قال أحمد: قال محمد بن عمرو - يعني: ابن علقمة - عن عمر بن مسلم ابن عمار بن أكيمة، وعن محمد بن جعفر عن شعبة عن مالك، وعن إسماعيل ابن محمد عن معاذ بن معاذ عن محمد بن عمرو، كلاهما عن عمر بن مسلم به، قال مالك في حديثه: عن عمر أو عمرو بن مسلم، وقال معاذ: عن عمر بن مسلم بن عمار بن أكيمة، ولم يشك). اهـ
وقال الحافظ ابن حبان / في «الثقات» (ج5 ص170): (عمرو بن مسلم بن عمارة بن أكيمة، روى عنه الزهري، وأخوه عمرو بن مسلم بن عمارة يروي عن سعيد بن المسيب... روى عنه مالك، وقال: عمرو بن مسلم، وإنما هو عمر بن مسلم، لا عمرو؛ لأن مالكا لم يدرك عمرا). اهـ
وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج13 ص238)؛ (وهم فيه مالك حيث قال: عمرو بن مسلم، وإنما هو عمر بن مسلم([28]) بن عمار بن أكيمة، وأخوه عمرو بن مسلم لم يدركه مالك، وهو تابعي، روى عنه الزهري). اهـ
قلت: وقيل إنهما واحد، وقد جزم بذلك الخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج2 ص320).
ورد ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج8 ص104)؛ قول ابن حبان هذا؛ وقال: (لم يوافقه أحد علمته على ذلك). اهـ
وعلى كل حال، فالإسناد في أصله خطأ، وهو معلول بالوقف أيضا.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1566)، والترمذي في «سننه» (1602)، والنسائي في «السنن الكبرى» (4451)، وفي «المجتبى» (ج7 ص211)، وابن ماجه في «سننه» (2150)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص489)، وابن عبد البر في «الاستذكار» (ج11ص185)، والبيهقي في «السنن الصغرى» (ج2 ص223)، وفي «معرفة السنن» (18922)، والطيوري في «الطيوريات» (ج1 ص4)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص206)، وابن الجوزي في «التحقيق» (ج6 ص307)، والخلعي في «الخلعيات» (ص147)، والذهبي في «المعجم المختص بالمحدثين» (ص148)، وابن طولون في «الأحاديث المئة» (ص64)، وأبو يعلى في «المسند» (6911)، والحاكم في «المستدرك»([29]) (ج4 ص220)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج2 ص320)، والدارقطني في «السنن» (ج4 ص278)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص181)، وفي «مشكل الآثار» (5506)، وابن حبان في «صحيحه» (5916)، والطبراني في «المعجم الكبير» (564)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص349 و350) من طريق شعبة عن مالك بن أنس عن عمرو بن مسلم بهذا الإسناد؛ مرفوعا.
قال عمران بن أبان([30]) راوي الحديث: (سألت مالك بن أنس عنه فقال: ليس من حديثي!).
قلت: وعلى هذا فالحديث غير محفوظ من رواية مالك بن أنس.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج17ص237): (وقد ذكر عمران بن أنس أنه سأل مالكا عن حديث أم سلمة هذا فقال ليس من حديثي قال فقلت لجلسائه قد رواه عنه شعبة، وحدث به عنه، وهو يقول: ليس من حديثي، فقالوا لي: إنه إذا لم يأخذ بالحديث، قال فيه: ليس من حديثي). اهـ
وقال الإمام ابن العربي / في «عارضة الأحوذي» (ج6 ص312)؛ عن حديث أم سلمة: (هذا حديث غريب: يرويه شعبة عن مالك لم يحدث به مالك في «المدونة»؛ لأنه كان لا يراه، ولا رآه أحد من أهلها). اهـ
وقال الشافعي ومالك: إلى أنه متروك.([31])
وتابع شعبة بن الحجاج على هذا الإسناد: القعنبي، وعبد الله بن يوسف؛ فروياه: فيما أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (562) عن مالك عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب.
وخالفهم عبد الله بن وهب، وعثمان بن فارس؛ فروياه موقوفا: فيما أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص182)، وفي «مشكل الآثار» (5508) و(5509)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص350) عن مالك عن عمر بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة زوج النبي r أنها قالت: (من أراد أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من أظفاره إذا استهل ذو الحجة).
وهو موقوف على أم سلمة ڤ.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1566)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (857)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص205)، والشحامي في «تحفة عيد الأضحى» (5)، وابن رشيد في «ملء العيبة» (ج5 ص149)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (6949) من طريق معاذ العنبري حدثنا محمد بن عمرو الليثي عن عمر بن مسلم بن عمار بن أكيمة الليثي قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة زوج النبي r تقول: قال رسول الله r: (من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة، فلا يأخذن من شعره، ولا من أظفاره شيئا، حتى يضحي).
قال الإمام يحيى بن معين /: مازال الناس يتقون حديث محمد بن عمرو.([32])
وقال الحافظ النسائي / في «السنن الكبرى» (ج4 ص335): (عمرو بن مسلم بن عمار بن أكيمة وقد اختلف في اسمه فقيل «عمر»، وقيل: «عمرو»، وهو مدني).
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1566)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص335)، وفي «المجتبى» (ج3 ص212)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص1240)، والطبراني في «المعجم الكبير» (563) وابن حبان في «صحيحه» (5897)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص301)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص181)، وفي «مشكل الآثار» (ج14 ص131)، وابن منده في «الأمالي» (ص93)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص680)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (ج3 ص1683)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص350)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص206) من طرق عن سعيد بن أبي هلال عن عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ مرفوعا به.
قال الإمام الليث بن سعد /: قد جاء هذا. يعني: يستنكر الإسناد في رفعه.
وأخرجه المخلص في «المخلصيات» (ج3 ص351)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص206)، وابن عدي في «الكامل» (ج6 ص310) من طريق عبد الله بن أحمد بن أبي مسرة حدثنا إبراهيم بن عمرو بن أبي صالح أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ أن النبي r فذكره.
قلت: وهذا من أوهام مسلم بن خالد الزنجي، وهو إسناد منكر.
والحاصل: أن هذا الحديث لا يصح عن النبي r؛ يعني: رفعه.
ورواه عبد الغني بن أبي عقيل حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد بن عبدالرحمن عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ قالت: (إذا دخل العشر الأول، فأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا).
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج14 ص131)، وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج18 ص109).
وإسناده صحيح موقوف، رجاله ثقات رجال الشيخين.
قال الإمام الطحاوي: (هكذا وجدنا هذا الحديث عن ابن أبي عقيل بهذا اللفظ).
قلت: وهو شاذ بزيادة: (ولا من بشره شيئا).
ورواه موقوفا؛ أنس بن عياض - وهو ثقة من رجال الشيخين([33]) -: فيما أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (5512)؛ عقب الحديث؛ عن عبد الرحمن بن حميد قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: قالت أم سلمة ڤ وذكره موقوفا، ولم يرفعه.
قلت: وهذا سنده صحيح موقوف على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص546)، والطبراني في «المعجم الكبير» (557)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص220) من طريق الحارث بن عبدالرحمن المدني عن أبي سلمة عن أم سلمة ڤ به موقوفا عليها.([34])
قلت: وهذا سنده صحيح، وهذا يؤيد حديث سعيد بن المسيب الموقوف.
ورواه ابن وهب أخبرني مالك بن أنس عن عمر بن مسلم الجندعي عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ موقوفا به.
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج14 ص129)، وفي «معاني الآثار» (ج4 ص181)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص350).
وإسناده صحيح موقوف على شرط مسلم.
وتابعه عثمان بن عمر بن فارس أخبرنا مالك بن أنس عن عمر بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ، ولم يرفعه.
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج14 ص130)، وفي «شرح معاني الآثار» (ج4 ص181)، والطبراني في «المعجم الكبير» (562).
وإسناده صحيح موقوف كسابقه.
ومن هذا الوجه ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج18 ص109)؛ ثم قال: «موقوف».
وقال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج9 ص266): (ورواه ابن وهب، وعثمان بن عمر، وغيرهما عن مالك بن مسلم موقوفا على أم سلمة ڤ). اهـ
وقال الإمام الطحاوي / في «مشكل الآثار» (ج14 ص129): (هكذا روى شعبة هذا الحديث عن مالك، وقد رواه غيره عن مالك، فخالفه في ابن مسلم الذي رواه مالك عنه، فقال فيه: عمر بن مسلم، وأوقفه على أم سلمة، ولم يتجاوزها به إلى رسول الله r!). اهـ
وعلى هذا فالمحفوظ هو الموقوف؛ يعني: عن أم سلمة من قولها.
قلت: وانفرد الإمام مسلم في تخريج حديث أم سلمة ڤ، ولم يخرجه الإمام البخاري لضعفه عنده، وخرج حديث عائشة ڤ، لأنه يعله، فافهم لهذا.
قلت: وخفيت علة الوقف على الإمام مسلم / ([35])؛ حيث إن الرواة الثقات كلهم رووه موقوفا؛ كما خفيت عليه بعض العلل في أحاديث أخرى. ([36])
والحديث روي مرفوعا وموقوفا.
والإمام مسلم / رواه مرفوعا فأخطأ.
والحفاظ رووه موقوفا.
والأشبه بالصواب الموقوف.
والحديث أعله الحافظ الدارقطني /؛ بالوقف في «العلل» (ج9 ص463)، بقوله: (وهو الصحيح عندي أنه موقوف!). ([37])
وأقره الحافظ ابن حجر / في «تلخيص الحبير» (ج4 ص1485)؛ بعلة الوقف.
وكذا صوب الوقف الحافظ أبو مسعود الدمشقي في «أجوبته» (17).
وذكر الرواية المرفوعة من حديث أم سلمة ڤ: عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (ج4 ص125)، ثم قال: (هذا الحديث قد روي موقوفا، قال الدارقطني: وهو الصحيح عندي أنه موقوف!). اهـ
وذكره الحافظ عبد الحق الإشبيلي / في «الأحكام الشرعية الصغرى» (ج2 ص775) أيضا.
قال الإمام ابن أبي عيسى / في «اللطائف» (ص123): (ورواه عثمان بن عمرو بن وهب عن مالك موقوفا). اهـ
وذكره الإمام ابن عبد الهادي / في «المحرر في الحديث» (ج2 ص820)؛ مرفوعا، وعزاه إلى مسلم في «صحيحه»، ثم قال: (وقد روي موقوفا).اهـ
فالحديث المرفوع غير محفوظ، ولم يعرف عند السلف، بل المحفوظ هو الموقوف، فوردت فتوى في المنع من الأخذ من الشعر، والظفر لمن أراد أن يضحي باجتهاد، ثم لما ورد خلاف ذلك عن النبي r ترك الناس هذه الفتوى بعد أن روت عائشة ڤ عن النبي r ذلك.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (557) من طريق سهل بن عثمان عن جنادة بن سلم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة ڤ به مرفوعا.
قلت: وهذا سنده منكر فيه جنادة بن سلم السوائي، وهو ضعيف الحديث، وله أغلاط؛ لا يحتج به.([38])
قال الحافظ الأزدي: منكر الحديث.
قال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج9 ص463) : (يرويه عمرو بن مسلم بن عمار بن أكيمة الجندعي عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة، واختلف عنه في رفعه:
فرواه سعيد بن أبي هلال عن عمرو عن ابن المسيب عن أم سلمة عن النبيr.
وتابعه محمد بن عمرو بن علقمة، رواه أيضا عنه مرفوعا.
ورواه مالك بن أنس عن عمرو بن مسلم، واختلف عنه في رفعه:
فرواه شعبة عن مالك مرفوعا، واختلف عن ابن وهب:
فرواه عثمان بن صالح عن ابن وهب عن مالك موقوفا.
وكذلك رواه عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمرو بن مسلم موقوفا.
ورواه عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن سعيد بن المسيب، واختلف عنه في رفعه:
فرواه ابن عيينة عنه مرفوعا.
وتابعه عبد الرحيم بن عمر؛ من رواية مسلم بن خالد الزنجي عنه.
ورواه يحيى القطان، وأبو ضمرة أنس بن عياض عن عبد الرحمن بن حميد موقوفا.
وروي عن الزهري عن سعيد بن المسيب، واختلف عنه:
فرواه مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب من قوله.
ورواه يزيد بن عبد الله بن قسيط عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة من قولها.
ورواه عمار بن عبد الله مرسلا.
ورواه عبد الرحمن بن حرملة، وقتادة، وصالح بن حسان عن سعيد بن المسيب من قوله.
ورواه ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة من قولها.
وأحمد بن حنبل / يذهب إلى هذا الحديث، والصحيح عندي قول من وقفه). اهـ
ويؤيده: ما رواه الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة ڤ قالت: «إذا دخل عشر ذي الحجة، فلا تأخذن من شعرك، ولا من أظفارك، حتى تذبح أضحيتك».
أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج4 ص220) من طريق آدم بن أبي إياس ثنا ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة ڤ موقوفا به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد تابع أبو سلمة؛ سعيد بن المسيب على الموقوف، وقد سبق.
قال الحافظ الحاكم: (هذا شاهد صحيح لحديث مالك، وإن كان موقوفا)، ووافقه الذهبي.
قلت: فالمحفوظ هو الموقوف.
ومن هذا الوجه ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج18 ص184).
وقال الإمام ابن أبي عيسى / في «اللطائف من دقائق المعارف» (ص123): (وروي عن غندر عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن يحيى بن يعمر من قوله!).
قلت: وهذا من الاختلاف في الإسناد.
وقال الإمام ابن أبي عيسى / في «اللطائف من دقائق المعارف» (ص123): (هذا الحديث مشهور من حديث شعبة عن مالك، رواه عنه أصحابه كذلك، غير أن غندرا قال عنه: عمرو أو عمر بن مسلم.
وقال ابن وهب عن مالك: عمر بن مسلم، وكذلك: رواه سعيد بن أبي هلال عن عمر بن مسلم نفسه.
ورواه محمد بن عمرو بن علقمة عن عمرو بن مسلم نفسه.
ورواه عثمان بن عمرو بن وهب عن مالك موقوفا.
ورفعه عثمان بن صالح عن ابن وهب.
وروي عن غندر أيضا عن شعبة([39]) عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن يحيى بن يعمر من قوله.
وأورده مسلم في الصحيح من حديث شعبة عن مالك، ومن طرق سواه).اهـ
وأخرجه أبو نعيم في «ذكر من اسمه شعبة» (ص57): من طريق سعيد بن أبي أيوب حدثني شعبة المدني قال: أرسلني عامر بن عبد الله بن عمر إلى سعيد بن المسيب أسأله عن النورة في عشر ذي الحجة فقال: «لقد كان يكره أخذ الشعر وتقليم الأظفار في العشر، ولا أحسب النورة إلا كما مثل هذه».
وإسناده ضعيف فيه شعبة بن عبدالرحمن المدني ذكره ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص369)، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول.
قلت: وقد ترك الناس الفتوى بمنع المضحي من الأخذ من الشعر والظفر إلى السنة، وترك حديث أم سلمة ڤ.
فعن عمرو بن مسلم بن عمار الليثي قال: (كنا في الحمام قبيل الأضحى، فاطلى فيه ناس([40])، فقال: بعض أهل الحمام إن سعيد بن المسيب يكره هذا، أو ينهى عنه، فلقيت سعيد بن المسيب فذكرت ذلك له، فقال يا ابن أخي: هذا حديث قد نسي وترك([41]). حدثتني أم سلمة زوج النبيr قالت: قال رسول الله rبمعنى حديث معاذ عن محمد بن عمرو).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1566)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج5 ص205)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص266)، وابن حبان في «صحيحه» (ج13 ص240)، وأبو داود في «سننه» (2791) من طريق محمد بن عمرو حدثنا عمرو بن مسلم به.
قلت: وقول ابن المسيب: (هذا حديث قد نسي وترك)، فهذا تصريح من ابن المسيب أن الناس في القرون المفضلة نسوا هذه الفتوى الموقوفة وتركوها عندما علموا أنها مخالفة للسنة المرفوعة، فتأمل.
وأخرجه هشام بن عمار في «حديثه» (ص278) من طريق سعيد بن يحيى اللخمي ثنا محمد بن عمرو قال: دخلنا الحمام قبل الأضحى، فاطلى ناس في الحمام، فقال بعض القوم: إن سعيد بن المسيب يكره هذا، وينهى عنه، فلقيت سعيد بن المسيب فذكرت ذلك له فقال: يا ابن أخي، إن هذا حديث قد نسي وترك، حدثتني أم سلمة ڤ أن النبي r قال:)من كان له ذبح يريد أن يذبحه، فأهل هلال ذي الحجة، فلا يمس من شعره، ولا من أظفاره شيئا حتى يذبح). ([42])
قلت: فلم يلتفت علماء السلف إلى حديث أم سلمة ڤ هذا لشذوذه، وردوه بحديث عائشة ڤ لتواتر طرقه عنها وصحته، وما يصحبه من جهة النظر والمعنى. ([43])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج17 ص233): (وفي حديث عائشة ڤ أيضا من الفقه: ما يرد الحديث الذي؛ رواه شعبة عن مالك بن أنس عن عمر بن مسلم بن أكيمة عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ؛ أن رسول الله rقال: «إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره ولا بشره([44]) شيئا»، ففي هذا الحديث أنه لا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يحلق شعرا ولا يقص ظفرا.
وفي حديث عائشة ڤ أن رسول الله r: (لم يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم حين قلد هديه، وبعث به)، وهو يرد حديث أم سلمة ڤ ويدفعه، ومما يدل على ضعفه ووهنه أن مالك روى عن عمارة بن عبد الله عن سعيد بن المسيب قال: (لا بأس بالإطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة)، فترك سعيد لاستعمال هذا الحديث - وهو راويه - دليل على أنه عنده غير ثابت، أو منسوخ.
وقد أجمع العلماء على أن الجماع مباح في أيام العشر لمن أراد أن يضحي فما دونه أحرى أن يكون مباحا، ومذهب مالك: أنه لا بأس بحلق الرأس، وتقليم الأظفار، وقص الشارب في عشر ذي الحجة، وهو مذهب سائر الفقهاء بالمدينة، والكوفة). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج17 ص226): (ج17 ص235): (وردوه بحديث عائشة ڤ لتواتر طرقه عنها وصحته وما يصحبه من جهة النظر إلى ثبوته من طرق الأثر). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج17 ص266): (ج17 ص235): (رواه مسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد عن عائشة ڤ.
وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ڤ وابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة ڤ.
وعبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ڤ وأفلح بن حميد عن القاسم عن عائشة ڤ.
ذكر معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ڤ، وذكر ابن وهب، عن الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، وعمرة، عن عائشة). اهـ
ورواه حماد بن سلمة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب؛ أن رسول الله r قال: (إذا دخل الرجل في العشر، وابتاع أضحيته، فليمسك عن شعره وأظفاره، قلت: النساء؟ قال: أما النساء فلا). ولم يذكر ابن عقيل في حديثه أم سلمة. ([45])
أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج17 ص237 و238)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ص308).
قال الفقيه ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج17 ص238): (لم يذكر ابن عقيل في حديثه أم سلمة ڤ). اهـ
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (4453)، وفي «المجتبى» (ج7 ص212) من طريق شريك بن عبد الله النخعي عن عثمان بن حكيم بن عباد الأحلافي عن سعيد بن المسيب، قال: (من أراد أن يضحي فدخلت أيام العشر، فلا يأخذ من شعره، ولا أظفاره؛ فذكرته لعكرمة، فقال: ألا يعتزل النساء، والطيب!).
وهو مقطوع على ابن المسيب.
وشريك بن عبد الله النخعي سيئ الحفظ.([46])
قلت: لو كان المقصود التشبيه بالمحرم، لكان اللائق حينئذ ترك النساء والطيب، والنكاح، وهذا أولى للمحرم، لا ترك الشعر والظفر([47]): قال تعالى: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
وقال الفقيه ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص186): (من الاختلاف في حديث أم سلمة، أن ابن عيينة رواه عن عبد الرحمن بن حميد عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي r.
ورواه يحيى بن سعيد القطان عن عبد الرحمن بن حميد عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة موقوفا عليها.
وكذلك رواه ابن وهب قال: أنس بن عياض عن الليث عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن قال: سمعت سعيد بن المسيب قال: قالت أم سلمة... فذكره موقوفا على أم سلمة). اهـ
وقال الفقيه ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص185): (ترك مالك أن يحدث بهذا الحديث في آخر عمره، وقاله عنه عمران بن أنس، فقال: ليس من حديثي([48])!). اهـ
قلت: فبين العلماء أن حديث أم سلمة ڤ لا يصح رفعه، وإنما هو موقوف عليها.
ووقفه عبد الله بن عامر الأسلمي، ويحيى القطان، وأبو ضمرة عن عبد الرحمن بن حميد عن سعيد بن المسيب. ([49])
ووقفه ابن عقيل على سعيد بن المسيب من قوله.
ووقفه يزيد بن عبد الله بن قسيط عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة ڤ من قولها.
ووقفه ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أم سلمة ڤ من قولها.
ووقفه عبد الرحمن بن حرملة، وقتادة، وصالح بن حسان عن سعيد بن المسيب من قوله... وغيرهم من الذين أوقفوه.
قال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج9 ص461): (والمحفوظ عن مالك موقوف... والصحيح عندي قول من وقفه). اهـ
قلت: فاضطرب الرواة في هذا الحديث؛ فمرة يروى مرفوعا، ومرة موقوفا، ومرة مرسلا، ومرة مقطوعا، كما مر علينا في تخريج الحديث، وهذا الاضطراب يوجب ضعفه أيضا.
قلت: كذلك متون الحديث غير مستقيمة، وذلك بسبب عدم ضبط الرواة للحديث، فمثل: (من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة)، فهذا اللفظ يخالف لفظ: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي)، ولفظ: (من رأى منكم هلال ذي الحجة فأراد أن يضحي)، ولفظ: (ولا من بشره شيئا).
قال الإمام الطحاوي / في «مشكل الآثار» (ج14 ص133): (وكان في متن حديث محمد بن عمرو ما يخالف ما في متون الآثار التي رويناها قبله في هذا الباب). اهـ
قلت: ولا يقبل الحديث إذا كانت أسانيده مضادة، ومختلفة، وكذلك متونه لم ينتف عنها التضاد والاختلاف.
قلت: وقد كشف الناس علة حديث أم سلمة ڤ في عهد الصحابة y.
(1) فعن شعيب بن أبي حمزة قال: قال الزهري /: (أول من كشف العمي عن الناس، وبين لهم السنة في ذلك عائشة زوج النبي r).
قال الزهري: فأخبرني عروة بن الزبير ، وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أن عائشة زوج النبي r قالت : (إن كنت أفتل قلائد الهدي هدي رسول الله، فيبعث بهديه مقلدا وهو مقيم بالمدينة، ثم لا يجتنب شيئا حتى ينحر هديه، فلما بلغ الناس قول عائشة ڤ هذا أخذوا بقولها، وتركوا فتوى ابن عباس ﭭ ([50])!).
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج 5 ص234) من طريق أبي يحيى عبد الكريم بن الهيثم ثنا أبو اليمان الحمصي أنا شعيب بن أبي حمزة قال: قال الزهري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج5 ص234): (وروي في هذا المعنى: مسروق، والأسود عن عائشة). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج3ص546): (نعم جاء عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقر على خلاف ما قال ابن عباس ﭭ ([51])، ففي نسخة أبي اليمان عن شعيب عنه: وأخرجه البيهقي من طريقه قال: (أول من كشف العمي عن الناس، وبين لهم السنة في ذلك عائشة ڤ، فذكر الحديث عن عروة، وعمرة عنها، قال: (فلما بلغ الناس قول عائشة أخذوا به، وتركوا فتوى ابن عباس ﭭ). اهـ
وقال الإمام ابن التين /: (خالف ابن عباس في هذا جميع الفقهاء).([52])اهـ
قلت: فما احتجت عائشة ڤ بفعل النبي r، وما روته في ذلك يجب أن يصار إليه. ([53])
قال الفقيه الزركشي / في «الإجابة» (ص77): (استدراكها على عبد الله بن عباس ﭭ: ثم ذكر حديث عائشة ڤ، وقال: فلما بلغ الناس قول عائشة ڤ هذا أخذوا به، وتركوا فتوى ابن عباس ﭭ، وحديث عائشة إسناد صحيح، بلا خلاف بين أهل العلم، ومعه النظر، والمعنى). اهـ
وقال العلامة اللكنوي / في «التعليق الممجد» (ج2ص268): (وأما قول ابن عباس ﭭ فقد خالفه: ابن مسعود، وعائشة، وأنس بن مالك، وعبد الله ابن الزبير، وغيرهم y.
بل جاء عن الزهري: ما يدل على أن الأمر استقر على خلاف ما قاله، ففي نسخة أبي اليمان عن شعيب بن أبي حمزة عنه.
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» من طريقه عنه قال: (أول من كشف العمي عن الناس، وبين لهم السنة في ذلك عائشة ڤ ... فذكر الحديث عن عروة وعمرة عنها.
وقال: (لما بلغ الناس قول عائشة ڤ أخذوا به، وتركوا فتوى ابن عباس ﭭ)، وفيه دلالة على أن قوله كان مهجورا، ومن ثم لم يأخذ أحد من أئمة الأمصار المعروفين به). اهـ
وقال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج5 ص339): (إنما قالته – يعني: عائشة - ردا لما بلغها من فتيا ابن عباس ﭭ، فيمن بعث هديا إلى مكة أنه يحرم عليه ما يحرم على المحرم([54])،حتى يبلغ الهدي محله وينحر). اهـ
وقال العلامة القاري / في «مرقاة المصابيح» (ج5 ص520): (سبب هذا القول عائشة ڤ، أنه بلغها فتيا ابن عباس ﭭ، فيمن بعث هديا إلى مكة، أنه يحرم عليه ما يحرم على الحاج من لبس المخيط وغيره حتى ينحر هديه بمكة، فقالت ذلك ردا عليه). اهـ
وقال الإمام العيني / في «عمدة القاري» (ج8 ص202): (وردوا قول ابن عباس ﭭ؛ فإنه كان يرى أن من بعث بهدي إلى الكعبة لزمه إذا قلده الإحرام، ويجتنب كل ما يجتنب الحاج حتى ينحر هديه). اهـ
وقال الفقيه الزركشي / في «الإجابة» (ص 77): (وأخرج البيهقي في «سننه» عن شعيب بن أبي حمزة قال: قال الزهري: (أول من كشف العمي([55])عن الناس، وبين لهم السنة في ذلك عائشة ڤ([56])، فأخبرني عروة، وعمرة أن عائشة ڤ فذكر الحديث، فلما بلغ الناس قول عائشة ڤ هذا أخذوا به، وتركوا فتوى ابن عباس ﭭ). اهـ
(2) وعن الليث بن سعد عن خالد بن زيد عن سعيد بن أبي هلال عن عمرو بن مسلم أنه قال: أخبرني سعيد بن المسيب أن أم سلمة ڤ زوج النبي r عن النبي r قال: (من رأى منكم هلال ذي الحجة، فأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي).
قال الإمام الليث بن سعد /: (قد جاء هذا، وأكثر الناس على غيره).([57])
أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص181).
وإسناده صحيح.
وذكره القرطبي في «المفهم» (ج5 ص382).
(3) وعن أبي صالح قال الليث بن سعد قال يونس قال نافع قال عروة بن الزبير؛ أن عائشة زوج النبي r كانت تقول: (كنت أفتل قلائد هدي رسول الله r وهو مقيم بالمدينة ولم يكن يجتنب شيئا ما يجتنب المحرم؛ لا نساء ولا غيرهن، فأخذ الناس بحديث عائشة ڤ).
أخرجه ابن بشران في «الأمالي» (477).
وإسناده حسن.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (وقال الليث بن سعد، وقد ذكر له حديث سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي r قال: (من أهل عليه منكم هلال ذي الحجة، وأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي؛ فقال الليث بن سعد: قد روي([58]) هذا والناس على غير هذا!). اهـ
وقال الإمام القرطبي / في «المفهم» (ج5 ص382): (وقال الليث: قد جاء هذا الحديث – يعني: حديث أم سلمة -، وأكثر الناس([59]) على خلافه). اهـ
قلت: وحديث عائشة ڤ يوهن حديث أم سلمة ڤ، ويعلله، لثبوته عن رسول الله r بأسانيد صحيحة متواترة، وقد عمل به السلف في القرون المفضلة.
فعن عائشة ڤ قالت: «كان رسول الله rيهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه، ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم». وفي رواية: «فتلت قلائد بدن رسول الله r بيدي، ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حلا». وفي رواية: «ثم أقام بالمدينة، فما حرم عليه شيء». وفي رواية: «ثم ما يحرم عليه شيء مما يحل للرجل من أهله حتى يرجع الناس».
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1696)، و(1698)، و(1699)، و(1705)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص957 و958)، وأبو داود في «سننه» (1757)، و(1758)، والترمذي في «سننه» (908)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص64)، وفي «المجتبى» (ج5 ص171)، وابن ماجه في «سننه» (3094)، و(3098)، وسفيان الثوري في «حديثه» (ص93)، وسعيد بن أبي عروبة في «المناسك» (ص100)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص36 و78)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص73)، وابن حبان في «صحيحه» (4009)، و(4013)، وضياء الدين المقدسي في «بلغة الطالب الحثيث في صحيح عوالي الحديث» (ص337)، وابن وهب في «الموطأ» (ص68)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص232)، وفي «معرفة السنن» (ج7 ص517)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص214)، والبغوي في «شرح السنة» (ج7 ص93 و93) وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص264)، وابن خزيمة في «صحيحه» (6208)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص335)، وابن راهويه في «المسند» (ج2 ص191)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص266) وفي «مشكل الآثار» (ج14 ص138)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج4 ص229)، وأبو مصعب في «الموطأ» (ج1 ص434)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص395)، وفي «المسند المستخرج على صحيح البخاري» (ص158)، وفي «معرفة الصحابة» (ج6 ص3211 و3212)، وأبوبكر السجستاني في «مسند عائشة» (ص94)، وابن الجارود في «المنتقى» (423)، وابن الجوزي في «التحقيق» (ج6 ص291)، وفي «جامع المسانيد» (ج8 ص148)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (ج4 ص161)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح» (ج2 ص178 و179)، والطيالسي في «المسند» (1441)، ومالك في «الموطأ» (ج1ص340)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (ح2 ص766 و768)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ص155)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج17 ص228)، وابن جماعة في «مشيخته» (ج2 ص525)، وابن خلاد النصيبي في «الفوائد» (ص110)، والحميدي في «المسند» (ج1 ص104)، وأبو يعلى في «المسند» (4852) و(4658)، والقعنبي في «الموطأ» (ص381 و382)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (901)، والمراغي في «مشيخته» (ص257) و(258)، وأبو بكر العكري في «الفوائد» (52)، وأبو العباس الأصم في «حديثه» (150)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (49)، والحدثاني في «الموطأ» (ص453)، والجوهري في «مسند الموطأ» (499)، والقطيعي في «جزء الألف دينار» (ص159) من طرق عن عائشة ڤ به.
قال الإمام مالك / في «الموطأ» (ج1 ص435)؛ فيما اختلف الناس فيه من الإحرام ممن لا يريد الحج، ولا العمرة، فقال: الأمر عندنا الذي نأخذ به في ذلك: قول عائشة أم المؤمنين ڤ أن «رسول الله r بعث بهديه، ثم أقام؛ فلم يحرم([60]) عليه شيء مما أحله الله له حتى نحر هديه»). اهـ
وقال الإمام الشافعي /: (فإن قال قائل ما دل على أنه اختيار لا واجب؛ يعني: الأخذ من الشعر، والظفر، قيل له روى مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة ڤ قالت: «أنا فتلت قلائد هدي رسول الله r بيدي ثم قلدها رسول الله r بيده، ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله r شيء أحل الله له حتى نحر الهدي»، قال الشافعي: وفي هذه دلالة على ما وصفت، وعلى أن المرء لا يحرم بالبعثة بهديه، يقول: البعثة بالهدي أكثر من إرادة الضحية).([61])
وذكر الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج4 ص182) حديث أم سلمة مرفوعا، ثم ذكره موقوفا ورجحه، ثم قال: (فهذا هو أصل الحديث عن أم سلمة ڤ، فهذا حكم هذا الباب، من طريق الآثار.
وأما النظر في ذلك فإنا قد رأينا الإحرام ينحظر به أشياء، مما قد كانت كلها قبله حلالا، منها: الجماع، والقبلة، وقص الأظفار، وحلق الشعر، وقتل الصيد، فكل هذه الأشياء تحرم بالإحرام، وأحكام ذلك مختلفة.
فأما الجماع فمن أصابه في إحرامه، فسد إحرامه، وما سوى ذلك لا يفسد إصابته الإحرام فكان الجماع أغلظ الأشياء التي يحرمها الإحرام.
ثم رأينا من دخلت عليه أيام العشر، وهو يريد أن يضحي أن ذلك لا يمنعه من الجماع، فلما كان ذلك لا يمنعه من الجماع، وهو أغلظ ما يحرم بالإحرام، كان أحرى أن لا يمنع مما دون ذلك.
فهذا هو النظر في هذا الباب أيضا، وهو قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهم أجمعين، وقد روي ذلك أيضا عن جماعة من المتقدمين). اهـ
قلت: أن الإحرام مبناه على مفارقة العادات في الترفه، وترك أنواع الاستمتاعات، فلا يلبس المحرم اللباس المعتاد، ولا يتطيب، ولا يتزين، ولا يتزوج، ولا يجامع، فلما أبيح للمضحي المقيم هذه الأمور المعتادة، فقد جاز له الأخذ من الشعر، والظفر من باب أولى؛ أي: فلما لم يكن مقصوده الإحرام في الحج، أو العمرة فلم يمنع من ذلك. ([62])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص186): (وهو أترك... – يعني: سعيد بن المسيب - لما رواه عن أم سلمة؛ وقد أجمعوا على أنه لا بأس بالجماع في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي، وأن ذلك مباح فحلق الشعر والأظفار أحرى أن يكون مباحا). اهـ
قلت: فاستقر الأمر على سعيد بن المسيب / ترك حديث أم سلمة ڤ، وقال: لا بأس بالأخذ من الشعر والظفر في عشر ذي الحجة. ([63])
فكان النبي r يضحي، ولم ينقل عنه أنه كان يمتنع من الأخذ من شعره، وأظفاره، أو بشرته، ولو ثبت ذلك لنقل إلينا عن طريق صحابته y.
وكذلك الصحابة الكرام كانوا يضحون، ولم ينقل عنهم أنهم امتنعوا أن يأخذوا من شعورهم، وأظفارهم، وأبشارهم، بل ثبت عنهم النكير على من امتنع أن لا يأخذ من شعره، وظفره شيئا.
فالصواب: أن الذي يضحي لا يحرم عليه أن يأخذ شيئا من شعره، أو ظفره، أو غير ذلك.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص183): (وفي حديث عائشة أيضا من الفقه ما يرد حديث أم سلمة عن النبي r أنه قال: «إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره»؛ لأن في هذا الحديث النهي من أن يأخذ في العشر من ذي الحجة من ظفره، أو من شعره كل من أراد أن يضحي والهدي في حكم الضحية.
وفي حديث عائشة ڤ؛ أن رسول الله r بعد تقليده الهدي لم يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم، فهو معارض لأم سلمة، وهو أثبت منه وأصح.
لأن طائفة من أهل العلم بالنقل تقول: إن عمر بن مسلم شيخ مالك مجهول، يقول فيه شعبة، وبعض أصحاب مالك عن مالك: عمرو بن مسلم وكذلك قال فيه سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي r.
وقال فيه ابن وهب عن مالك عن عمرو بن مسلم، وتابعه جماعة من أصحاب مالك.
وكذلك قال فيه محمد بن عمر عن عمر بن مسلم بن عمارة بن أكيمة). اهـ
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص185): (فقال مالك: لا بأس بحلق الرأس، وقص الأظفار، والشارب، وحلق العانة في عشر ذي الحجة، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، والثوري). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج17 ص221): (تقليد الهدي لا يوجب على صاحبه الإحرام، وهذا المعنى الذي سبق له الحديث، وهو الحجة عند التنازع). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص186): عن مذهب الشافعي الصحيح: (قال الشافعي: فإن أخذ من شعره، أو أظفاره شيئا فلا بأس لحديث عائشة ڤ: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله r... الحديث).اهـ
قلت: فصح أنه r كان يضحي، ويحض على الضحية، ولم يصح عنه r أنه كان يمتنع من الأخذ من الشعر والظفر، ولم ينقل عنه r ذلك بنقل صحيح الإسناد!.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص183): (وعلى القول بحديث عائشة ڤ... جمهور أهل العلم([64])، وأئمة الفتوى بالأمصار). اهـ
قلت: فما شاع في البلدان الإسلامية في هذا الزمان على ألسنة المقلدة، والعامة([65])من قولهم: أن من أراد أن يضحي وجب عليه أن يحرم، ولو بترك الأخذ من الشعر، والظفر، والجلد!.
فهذا مما لا صحة له إطلاقا، إذ لا إحرام إلا لمن أراد الحج، أو العمرة.
قلت: لهذا يجوز في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي أن يفعل سائر المباحات من الطيب، والجماع، واللباس، وإن احتاج إلى حلق شعره، أو تقليم ظفره فعل ذلك ولا فدية عليه، ولا كراهة فيه.
قلت: فلا يلزم العمل بحديث أم سلمة ڤ لضعفه، ويجب العمل بحديث عائشة لصحته، والعمل به في الأمصار.
فلا يمنع الأخذ من الشعر والظفر([66])،فإذا منع ذلك فالأولى المنع من الوطء وهو أغلظ من الشعر والظفر، وكذلك الأحرى من منع لبس الثياب، والطيب، والزينة، فإذا لم يمنع ذلك، فأحرى أن لا يمنع من الأخذ من الشعر والظفر([67])، واللهم غفرا. ([68])
قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج13 ص139): (قال أصحابنا([69]) هذا غلط، لأنه لا يعتزل النساء، ولا يترك الطيب واللباس، وغير ذلك مما يتركه المحرم). اهـ
وقال العلامة أبو يحيى الأنصاري / في «تحفة الباري» (ج2 ص415): (من أرسل الهدي إلى مكة لا يحرم بذلك على المحرم، وهو مذهب جمهور العلماء؛ خلافا لابن عباس). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج9 ص70): (من بعث هديه لا يصير محرما، ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم، وهذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافة). اهـ
وقال الإمام المازري / في «المعلم» (ج3 ص60): (مذهبنا أن الحديث – يعني: حديث أم سلمة - لا يلزم العمل به، واحتج أصحابنا([70]) بقول عائشة ڤ: «كان النبي r يهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم»، وظاهر هذا الإطلاق أنه لا يحرم تقليم الأظفار ولا قص الشعر).اهـ
وقال الإمام الطيبي / في «الكاشف» (ج5 ص338): (وهذا مذهب الجمهور). اهـ
قلت: كيف وأن تحريم النساء، والطيب، واللباس أمر يختص بالإحرام لا يتعلق بالأضحية، فمن باب أولى أن أخذ الشعر، وتقليم الظفر لا علاقة له بالأضحية.([71])
قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص343): (وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباس والطيب، كما يحرمان على المحرم، فدل ذلك على سبيل الندب والاستحباب، دون الحتم والإيجاب). اهـ
قلت: حتى أن المتأخرين من الحنفية، والمالكية، والشافعية، قالوا هو مكروه كراهة تنزيه، وليس بحرام، فلا بأس عندهم أن يأخذ المضحي من شعره وأظفاره إذا أراد أن يضحي. ([72])
قلت: وقد شاع عند المقلدة، والعامة في البلدان الإسلامية أن من أراد أن يضحي، فإنه ينبغي له أن يمسك عن الأخذ من الشعر، والظفر في العشر من ذي الحجة الأولى.
وهذا القول ليس بصحيح، فلا إحرام إلا لمن أراد أن يحج، أو يعتمر.
قلت: وعائشة ڤ أفقه وأعلم بالسنة النبوية من أم سلمة ڤ؛ كما قال أهل العلم، ورسول الله r كان يضحي في كل سنة، وعن أهل بيته، ولم ينقل عنه r أنه كان يمسك عن شعره أو ظفره، أو غير ذلك، وهذا لا يخفى.
قلت: وفي العلم عند التعارض يقدم من الأدلة منها ما هو أقوى، وأصح، وأصرح، وليس فيه خطأ من الرواة.
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
ذكر الدليل على ضعف حديث أم سلمة ڤ في: أن المضحي لا يأخذ من شعره وظفره، وجلده! في العشر الأول من ذي الحجة إلى أن يذبح أضحيته في يوم العيد............................................................... |
21 |
([2]) قلت: ولا يبادر أحدكم يجده في نفسه بمجرد سماعه من «شيخ»، أو لمجرد قراءته من «كتاب»، أو نحو ذلك، فهذا ليس طريق العلم، بل هذا طريق المقلد للمذاهب الفقهية، بل عليه بالمطالعة في الآراء، والنظر في الأدلة، ثم الحكم بالراجح في الدين.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «رسالة الحجاب» (ص34): (وليحذر الكاتب، والمؤلف من التقصير في طلب الأدلة، وتمحيصها، والتسرع إلى القول بغير علم!). اهـ
([6]) قلت: والواقع الذي نعيشه اليوم، قد اندفع فيه المقلدة في الفقه دون بحث دقيق فيما هم قائلون، أو نظر عميق فيما هم فاعلون، والله المستعان.
([8]) ومن هنا يظهر للمسلم الحق مدى الفرق الشاسع بين أهل العلم، وبين أهل الجهل؛ لأنهم أبعد ما يكونوا عن تفقه هذا العلم الثاقب، وعن معرفة أصوله. اللهم غفرا.
انظر: «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص257).
([9]) ولا ينظر إلى شهرة الأحاديث والأحكام بين المسلمين بدون نظر في هذه الأحاديث هل هي صحيحة، أو غير صحيحة، وإن صدرت من العلماء رحمهم الله تعالى، لأن هم بشر، ومن طبيعة البشر يخطئون ويصيبون، فافهم هذا ترشد.
قال العلامة الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج1 ص15): (ما وقع التصريح ـ يعني: عن الحديث بصحته أو حسنه جاز العمل به، وما وقع التصريح بضعفه لم يجز العمل به، وما أطلقوه ولم يتكلموا عليه، ولا تكلم عليه غيرهم؛ لم يجز العمل به إلا بعد البحث عن حاله إن كان الباحث أهلا لذلك). اهـ
([10]) وهؤلاء المقلدة المتعصبة أكثرهم مقلدون لا يعرفون من الحديث إلا على أقله، ولا يكادون يميزون بين صحيحه من سقيمه، ولا يعرفون جيده من رديئه، ولا يعبئون بما يبلغهم منه أن يحتجوا به، والله المستعان.
قلت: وعلى هذا عادة أهل التقليد في كل زمان ومكان، ليس لهم إلا أراء الرجال أصابوا أم أخطئوا، إلا أن عذر العالم ليس عذرا لغيره إن تبين، أو بين له الحق، وقد وردت أقوال العلماء تؤكد هذا الشيء، وتبين موقفهم من تقليدهم ، وأنهم تبرءوا من ذلك جملة، وهذا من كمال علمهم، وتقواهم حيث أشاروا بذلك إلى أنهم لم يحيطوا بالسنة كلها.
انظر: «هداية السلطان» للمعصومي (ص19)، وكتابي «الجوهر الفريد في نهي الأئمة الأربعة عن التقليد». والله ولي التوفيق.
([13]) ولا يلام ولا يؤاخذ من أظهر السنن بالبيان، والإيضاح، وأعطاها ما تستحقه من العناية.
والعبد إذا لم يعلم أسند العلم إلى أهله، أو يقول لا أدري... وهذا الأمر يغالط به أصحاب المراء فينزلوا فيه بلا علم فيهيج بذلك الشر والفتنة، لأنهم يعلمون في دين الله بدون دراسة متأنية.
([17]) ومن يخدم السنة بهذه الطريقة العلمية لا يكون متعديا، ولا مشوشا عليها، بل هذا عين العدل، والإنصاف، والتحقيق العلمي.
وانظر: «الضعيفة» للشيخ الألباني (ج3 ص465).
([19]) ومن هذه الثروة العلمية، وجوانبها جانب العناية بعلل الحديث وبيانها، فإن لعلم علل الحديث دورا كبيرا ودقيقا في حفظ السنة النبوية، والله المستعان.
([21]) هذه الرواية قال فيها: (لا يمس من بشره)، يعني: لا يمس من جلده شيئا، وهذه الزيادة منكرة، لأن كيف لا يأخذ من جلده!، لأن البشرة: ظاهر جلد الإنسان.
انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص59).
([22]) يعني: هكذا وجدته في كتابي مرفوعا، فرويته مرفوعا على ما وجدته في كتابي، ولا يلزم من ذلك أنه محفوظ، فتنبه.
([26]) قلت: وهذا الاضطراب من الرواة في تعيين اسمه يدل على ضعف الإسناد، للوهم فيه أيضا.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص183): (لأن طائفة من أهل العلم بالنقل تقول: إن عمر بن مسلم شيخ مالك مجهول!). اهـ
([27]) قلت: ومهما يكون فالاختلاف قائم في اسمه، كما أشار إلى ذلك الأئمة.
وانظر: «الاستذكار» لابن عبد البر (ج11 ص183).
([28]) وقيل فيه أيضا: «عمارة»، و«عمرو»، و«عامر»، كذا في ترجمة جد: «عمرو بن مسلم»، وهو «عمارة بن أكيمة».
انظر : «تهذيب الكمال» للمزي (ج21 ص228)، و(ج22 ص240 و241).
([29]) قال الحافظ ابن حجر / في «الدراية» (ج1 ص212): (ووهم الحاكم؛ فاستدركه). اهـ
يعني: أنه أخرجه مسلم في «صحيحه».
([35]) والحديث المعل: هو الحديث الذي به علة، وهي سبب خفي غامض يقدح في صحة الحديث مع ظهور السلامة منه.
وانظر: «التقريب والتيسير» للنووي (ص44)، و«المجموع» له (ج1 ص55)، و«الملخص في معرفة علم الحديث» لأبي إسحاق المكي (ص57).
([42]) لكن هل المقلدة ينسوا الفتوى ويتركوها، لأنها مخالفة للسنة النبوية، ويقتدوا بالسلف في القرون المفضلة في تركهم ما خالف الكتاب والسنة والآثار. هيهات... هيهات!.
([43]) وهنا في زيادة في «التمهيد» (ج17 ص274- الحاشية): وحديث أم سلمة ڤ لم يدخله مالك في موطئه، ولو كان عنده صحيحا لأدخله في موطئه، كما أدخل فيه ما يعارضه ويدفعه.
([44]) هذه الرواية قال فيها: (لا يمس من بشره)، يعني: لا يمس من جلده شيئا، وهذه الزيادة منكرة، لأن كيف لا يأخذ من جلده!، لأن البشرة: ظاهر جلد الإنسان.
انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص59).
([47]) وانظر: «الحاشية على سنن النسائي» للسندي (ج7 ص212).
قلت: ثم إن ترك الظفر ليس من محظورات الإحرام، ولم يثبت عن النبي r المنع، ولا عن أصحابه y.
([52]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص546).
قلت: وكذلك حديث أم سلمة ڤ أجمع الصحابة ﭫ على خلافه، وأنه لا مانع من الأخذ من الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي.
وانظر: «التعليق الممجد» للكنوي (ج2 ص268).
([56]) فكشفت عائشة ڤ عن الأمة الغمة، لأن لا دخل لغير المحرم في الامتناع من محظورات الإحرام، ولا دخل له في الامتناع عن الأخذ من الشعر والظفر، لما في ذلك من المشقة على الناس.
قال تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة: 185].
([57]) يعني: لا يرون هذا الحكم في حديث أم سلمة ڤ ، بل يرون قص الشعر، والظفر لمن أراد أن يضحي، أي: هم لم يعملوا بهذا الحديث المرفوع، لأنه غلط على النبي r.
([59]) يعني: أئمة الحديث في القرون المفضلة، وهم: الصحابة، والتابعون، وأتباعهم بإحسان. اللهم غفرا.
وانظر: «إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج4 ص386)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج4 ص386).
([62]) قلت: فالإحرام يمنع المحرم الاستمتاع بكل حال منعا مؤكدا في طول المدة المحددة في الحج، أو العمرة، ولم يمنع المضحي من الاستمتاع وهو مقيم في بلده.
ويستحيل أن النبي r يمنع المضحي من أخذه من شعره وظفره، ولا يمنعه من الجماع، وغيره الذي هو أشد في المنع!.
والشارع الحكيم لا يمكن أن يجزئ محظورات الإحرام، فيحل بعضها، ويحرم بعضها على المضحي.
فمحظورات الإحرام لا تتجزأ، فأما أن تحرم على المضحي كلها، أو تحل له كلها، فافهم لهذا ترشد.
([64]) يعني: أكثر العلماء من المتقدمين والمتأخرين على أن المضحي لا يمتنع من الأخذ من شعره، وظفره في عشر ذي الحجة الأولى.
([65]) قلت: أن الذي جعل العامة يصل لهم هذا الجهل في الدين حتى تركوا الطيب والزينة في أثناء عشر ذي الحجة... هو كون الخطباء، والوعاظ وغيرهم يفتون لهم في عشر ذي الحجة بالتحريم من الأخذ من الشعر والظفر.
فالبدعة تجر إلى بدعة أخرى، ولابد.
ولم يجدوا من يبين لهم طريق التيسير، لكي يسلكوه في هذا الحكم، وأنه لا تحريم، ولا كراهة في حلق الشعر، وقلم الظفر لمن أراد أن يضحي.