الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه: آثار الصحابة والتابعين في أن الحلف بغير الله تعالى من «الشرك الأكبر»
جزء فيه: آثار الصحابة والتابعين في أن الحلف بغير الله تعالى من «الشرك الأكبر»
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
48 |
آثار الصحابة والتابعين في أن الحلف بغير الله تعالى من «الشرك الأكبر»
تخريج:
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
هو حسبي وكفى
المقدمة
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمة، وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته، ويزكينا، ويعلمنا الكتاب والحكمة؛ نحمده تعالى على نعمه المتتالية الوافرة الجمة.
أما بعد،
فهذا جزء لطيف شريف في أصل من أصول السلف الصالح، وهو حكم الحلف بغير الله تعالى عند السلف، وكيف أنهم تلقوا أخبار الحلف بغير الله تعالى، واثبتوا ما جاء فيها من الأحاديث.
ولهذا فإن العناية بفهم هذا العلم وضبطه، وعدم الغلط فيه أمر متأكد على كل مسلم، وقد كان أئمة المسلمين، من الصحابة ومن تبعهم بإحسان على نهج واحد في هذا العلم وعلى طريقة واحدة، ليس بينهم في ذلك نزاع ولا خلاف، بل كلهم بحمد الله على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمة واحدة، من أولهم إلى آخرهم.
قلت: ولهذا فإن دراسة آثار السلف، وأقوالهم المنقولة عنهم في نصر السنة، وتقرير الاعتقاد، والرد على أهل الأهواء يعد من أنفع ما يكون لطالب العلم، للتمييز بين الحق والباطل، والسنة والبدعة، والهدى والضلال؛ لأن هؤلاء الأئمة قد مضوا في معتقدهم على ما كان عليه رسول الله r فهم بنبيهم محمد r مقتدون، وعلى منهاجه سالكون، ولطريقته مقتفون، وعن الأهواء والبدع المضلة معرضون، وعلى الصراط المستقيم والمحجة البيضاء سائرون، يوصي بذلك أولهم آخرهم، ويقتدي اللاحق بالسابق.
قلت: فهذا نحن نروي عن أئمة المسلمين من أهل الحديث بأسانيد صحيحة هذه الآثار.
وها أنا ذا الآن شارع فيما قصدت من التبيين؛ فالله أسأل أن يقوي حجتي، وأن يسدد قلمي، وأن يرزقني هديا قاصدا، إن ربي لسميع الدعاء.
والحمد لله تعالى على السنة.
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن الحلف بغير الله تعالى من: «الشرك الأكبر»
1) عن جبلة بن سحيم قال: (أقبلت مع زياد بن حدير الأسدي من الكناسة([1])، فقلت؛ في كلامي: لا والأمانة، فجعل: زياد بن حدير يبكي ويبكي، حتى ظننت أني أتيت أمرا عظيما، فقلت: أكان يكره ما قلت؟، قال: نعم، كان عمر t: ينهى عن الحلف بالأمانة أشد النهي). ([2])
أثر حسن
أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (141)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (635)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص156) من طريق شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق الشيباني عن جبلة بن سحيم به.
قلت: وهذا سنده حسن، وشريك بن عبد الله النخعي، صدوق في ذلك.
* وجبلة بن سحيم الكوفي: «ثقة»، من الطبقة الثالثة. ([3])
* وزياد بن حدير الأسدي: وهو «ثقة»، له إدراك، وكان كاتبا، لعمر بن الخطاب t.([4])
2) وعن مطرف بن الشخير / قال: (ليعظم جلال الله في صدوركم).
أثر صحيح
أخرجه ابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص93)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص179)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (63)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص209)، وأبو الفضل الرازي في «أحاديث في ذم الكلام» (761) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن مطرف بن الشخير به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
4) وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22]؛ أن الله خلقكم، وخلق السموات والأرض، ثم أنتم تجعلون له أندادا([5])).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص96)، والزجاج في «معاني القرآن» (ج1 ص99)، والطبري في «جامع البيان» (ج1 ص164) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
أندادا: أي: عدلاء، شركاء([6])، ومنه الحلف بغير الله تعالى، من المخلوقين، وهؤلاء من الأنداد، وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم إلا الله.
* وقد علمتم الذي يدعوكم إليه الرسول r، من توحيد الله تعالى لا شريك له، وهو الحق لا يشك فيه.
4) وعن كعب الأحبار / قال: (إنكم تشركون([7])، قالوا: وكيف يا أبا إسحاق؟، قال: يحلف الرجل، لا وأبي، لا وأبيك، لا ولعمري، لا وحياتك، لا وحرمة المسجد، لا والإسلام، وأشباهه من القول).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص29) من طريق ابن فضيل عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال كعب الأحبار به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
5) وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق / قال: (لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالطواغي([8])).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص29) من طريق يزيد بن هارون عن ابن عون عن القاسم بن محمد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
6) وعن القاسم بن مخيمرة / قال: (ما أبالي حلفت بحياة رجل، أو بالصليب). ([9])
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص29) من طريق ابن مهدي عن أبي عوانة عن إسماعيل بن هشام عن القاسم بن مخيمرة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
7) وعن إبراهيم النخعي /: (أنه كره أن يقول: لا وحياتك).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص30) من طريق حفص عن الأعمش عن إبراهيم النخعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
8) وعن عبد الواحد بن زيد قال: قلت؛ للحسن البصري: (أخبرني عن الرياء، أشرك([10]) هو؟، قال: نعم، يابني: أوما تقرأ: ]فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110]).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج10 ص446) من طريق عبد الواحد بن زيد عن الحسن البصري به.
قلت: وهذا سنده حسن، وعبد الواحد بن زيد، هو السائل، والمتن: موافق للأصول.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص698).
9) وعن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي / يقول: (من حلف باسم: من أسماء الله تعالى فحنث؛ فعليه الكفارة: لأن اسم الله تعالى غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة، وبالصفا والمروة، فليس عليه كفارة، لأنه مخلوق، وذاك غير مخلوق).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص403)، وفيه زيادة؛ وهي: (وكل يمين بغير الله تعالى، فهي مكروهة، منهي عنها، من قبل قول رسول الله r: «إن الله عز وجل ينهاكم، أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا؛ فليحلف بالله، أو ليسكت»).
وأخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص193)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص28)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص113)، وفي «الأسماء والصفات» (ج2 ص664)، واللالكائي في «الاعتقاد» (343)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص113)؛ بعدة ألفاظ عندهم.
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص19).
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
ذكر الدليل على أن الحلف بغير الله تعالى من: «الشرك الأكبر»........ |
4 |
([5]) قال العلامة السندي / في «حاشيته على سنن النسائي» (ج7 ص5): (الأنداد: الأصنام، ونحوها، كانوا يعتقدونها آلهة في الجاهلية). اهـ
([6]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص87)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج1 ص94)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص164).
قلت: وعطف القاسم بن محمد /، الحلف بالآباء، على الحلف بالطواغيت، وهذا يدل على أنه مراده بالحلف بغير الله تعالى من: «الشرك الأكبر».