الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه ضعف حديث: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»
جزء فيه ضعف حديث: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»
سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار
|
12 |
جزء
فيه ضعف حديث:
«أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر».
تخريج:
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد،
هذا جزء حديثي في بيان حال حديث؛ أبي سعيد الخدري: (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر، أو أمير جائر)، وأنه حديث منكر.
جمعت فيه طرق، وروايات هذا الحديث، مع الكلام عليها جرحا وتعديلا، وبيان عللها والحكم عليها، وذلك لما كان كثير من الناس اليوم لا يعرفون صحيح الحديث من ضعيفه.
أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الجزء جميع الأمة، وأن يتقبل مني هذا الجهد، ويجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه، ورعايته إنه نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو عبدالرحمن
فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على إبطال حجة الخوارج في هذا العصر في جوازهم الخروج على ولي الأمر بالكلمة، بقولهم: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان ظالم
عن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: (أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر، أو أمير جائر).
حديث منكر
أخرجه أبو داود في «سننه» (4344)، والترمذي في «سننه» (2315)، وابن ماجه في «سننه» (4011)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج7 ص238 و239)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج3 ص217)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج17 ص405) من طريق إسرائيل بن يونس، حدثنا محمد بن جحادة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري t به.
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عطية بن سعد العوفي، وقد ضعفوه، وهو مدلس، فلا يحل الاحتجاج به في الحديث.
قال عنه أحمد: «ضعيف الحديث»، وقال ابن معين: «كان ضعيفا في القضاء، ضعيفا في الحديث»، وقال أبو حاتم: «ضعيف»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال أبو داود: «ليس بالذي يعتمد عليه»، وقال الدارقطني: «مضطرب الحديث»، وقال الساجي: «ليس بحجة»، وقال ابن حجر: «يخطئ كثيرا». ([1])
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
قلت: عطية العوفي، ضعيف الحديث، ليس بحجة.
وبه أعله الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص887).
وزيادة: (أو أمير جائر)؛ زيادة منكرة، وهي شك من الراوي.
قال الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص888): (فهي ضعيفة منكرة، لتفرد عطية العوفي بها).
* ورواه حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، ويحيى بن سعيد، وشعبة بن الحجاج، جميعهم: عن علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري t قال: (خطبنا رسول الله r خطبة بعد العصر إلى مغيربان الشمس، حفظها منا من حفظها، ونسيها من نسي، فحمد الله. - قال عفان، وقال حماد: وأكثر حفظي أنه قال: بما هو كائن إلى يوم القيامة -، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، منهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا، ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا، ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا، ألا إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك فالأرض الأرض، ألا إن خير الرجال من كان بطيء الغضب سريع الرضا، وشر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا، فإذا كان الرجل بطيء الغضب بطيء الفيء، وسريع الغضب سريع الفيء فإنها بها، ألا إن خير التجار من كان حسن القضاء حسن الطلب، وشر التجار من كان سيئ القضاء سيئ الطلب، فإذا كان الرجل حسن القضاء سيئ الطلب، أو كان سيئ القضاء حسن الطلب، فإنها بها، ألا إن لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته، ألا وأكبر الغدر غدر أمير عامة، ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه، ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر)، فلما كان عند مغيربان الشمس قال: (ألا إن مثل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقي من يومكم هذا، فيما مضى منه).
حديث منكر
أخرجه أحمد في «المسند» (11143)، والحميدي في «المسند» (752)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص505 و506)، والطيالسي في «المسند» (2156)، والترمذي في «سننه» (2191)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8289)، والبغوي في «شرح السنة» (4039)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج10 ص237 و238)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1146).
قلت: وهذا سنده منكر، فيه علي بن زيد بن جدعان، وهو سيء الحفظ في الحديث، لا يحتج به.
قال عنه أحمد: «ليس بشيء، وهو ضعيف الحديث»، وقال يحيى بن معين: «ضعيف في كل شيء»، وقال مرة: «ليس بحجة»، وقال العجلي: «ليس بالقوي»، وقال الجوزجاني: «واهي الحديث، ضعيف، لا يحتج بحديثه»، وقال أبو زرعة: «ليس بقوي»، وقال أبو حاتم: «ليس بقوي، ولا يحتج به»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال ابن خزيمة: «لا احتج به لسوء حفظه». ([2])
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قلت: ابن جدعان ضعيف، وقد اختلط، فلا يصح حديثه.
وبه أعله الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص887).
قال ابن الجنيد في «سؤالاته» (ص75)؛ عن يحيى بن معين: «لم يكن بالحافظ».
وقد أعله الحاكم بتفرد ابن جدعان.
فقال الحاكم: (هذا حديث تفرد بهذه السياقة: علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، والشيخان: لم يحتجا بعلي بن زيد).
حيث روى له البخاري في «الأدب المفرد»، ومسلم في «صحيحه» مقرونا بثابت البناني.
قال الحافظ ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص103)؛ عن ابن جدعان: (وكان يهم في الأخبار، ويخطئ في الآثار، حتى كثر ذلك في أخباره، وتبين فيها المناكير التي يرويها عن المشاهير، فاستحق ترك الاحتجاج به).
وذكر الحافظ البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ج3 ص196)؛ حديثا: لابن جدعان، وضعفه.
وقد أعل الإمام أحمد /، كما في «العلل» للخلال (ص169 و170)؛ أحاديث بمجاهدة: ولاة الأمر، لأن أحاديث الصبر على ولاة الأمر أصح منها. ([3])
* وله شاهد: من حديث أبي أمامة، وطارق بن شهاب، وجابر بن عبد الله، وعمير بن قتادة y.
1) أما حديث أبي أمامة t.
فأخرجه أحمد في «المسند» (22158) من طريق معلى بن زياد، وحماد بن سلمة، كلاهما: عن أبي غالب، عن أبي أمامة t قال: (أتى رجل رسول الله r، وهو يرمي الجمرة، فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أحب إلى الله؟ قال: فسكت عنه حتى إذا رمى الثانية، عرض له، فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أحب إلى الله؟ قال: فسكت عنه، ثم مضى رسول الله r حتى إذا اعترض في الجمرة الثالثة، عرض له([4])، فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أحب إلى الله؟ قال: كلمة حق تقال لإمام جائر).
حديث منكر
قلت: وإسناده منكر، فيه أبو غالب البصري، نزيل أصبهان، يخطئ ويخالف، لا يحتج به إذا تفرد.
قال عنه ابن سعد: «منكر الحديث»، وقال أبو حاتم: «ليس بالقوي»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال الدارقطني: «لا يعتبر به»، وقال ابن حبان: «منكر الحديث: على قلته لا يجوز الاحتجاج به؛ إلا فيما يوافق الثقات». ([5])
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (8080)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص91) من طرق عن جعفر بن سليمان , عن المعلى بن زياد , عن أبي غالب , عن أبي أمامة t قال: سئل رسول الله r حين رمى الجمرة، قيل: يا رسول الله, أي الجهاد أحب إلى الله؟ قال: (كلمة حق تقال لإمام جائر).
حديث منكر
ولم يذكر في روايتهما القصة للرجل السائل في أول الحديث.
وهذا من الاختلاف في اللفظ، وهذا التخليط من أبي غالب، فإنه يضطرب في الحديث.
قلت: وإسناده كسابقه، فيه أبو غالب، هو منكر الحديث إذا تفرد.
قال الحافظ النسائي في «الضعفاء» (ص253): (أبو غالب: يروي عن أبي أمامة، ضعيف).
وأخرجه أحمد في «المسند» (22207)، وابن أبي عمر في «المسند» (ج3 ص243-مصباح الزجاجة) من طريق وكيع، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة t قال: جاء رجل إلى النبي r، وهو عند الجمرة الأولى، فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أفضل؟ قال: فسكت عنه ولم يجبه، ثم سأله عند الجمرة الثانية، فقال له مثل ذلك، قال: فلما رمى النبي r جمرة العقبة، ووضع رجله في الغرز ([6]) قال: أين السائل؟، قال: (كلمة عدل عند إمام جائر).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده كسابقه، لا يصح.
وقال الحافظ البوصيري في «مصباح الزجاجة» (ج3 ص243): «هذا إسناد فيه مقال».
وأخرجه ابن ماجه في «سننه» (4012)، وابن الجعد في «حديثه» (3449)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص860 و861)، والبغوي في «شرح السنة» (2473)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8081)، وفي «المعجم الأوسط» (1619)، و(6820)، والمخلص في «المخلصيات» (ق/260/ط)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1288)، وأبو بكر بن سليمان الفقيه في «المنتقى من حديثه» (ق/96/ط)، وابن منيع في «المسند» (ج3 ص243-مصباح الزجاجة)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (7581)، وأبو القاسم السمرقندي في «الفوائد المنتقاة» (ق/112/ط)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج3 ص217)، والروياني في «المسند» (ج2 ص181 و182) من طرق عن حماد بن سلمة، عن أبي غالب، عن أبي أمامة t به.
قلت: وهذا سنده منكر، وقد سبق ذكر علته.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (151) من طريق عمرو بن عاصم، عن قريب بن عبد الملك الأصمعي، عن أبي غالب، عن أبي أمامة t قال: سئل النبي r وهو عند الجمرة الوسطى: أي الأعمال أفضل؟ فقال r: (كلمة حق عند سلطان جائر).
حديث منكر
قلت: وهذا إسناده كسابقه، فيه أبو غالب، وهو منكر الحديث. ([7])
قال الحافظ ابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص329): (أبو غالب: منكر الحديث على قلته؛ لا يجوز الاحتجاج به، إلا فيما يوافق الثقات).
وقريب بن عبد الملك الأصمعي، قال عنه الأزدي: «منكر الحديث». ([8])
وقال الطبراني: (لم يروه عن قريب بن عبد الملك، إلا عمرو بن عاصم).
وذكره السيوطي في «الفتح الكبير» (ج1 ص208).
قال محمد بن الحسن بن أتش([9])، وهو الصنعاني في رواية: أحمد في «المسند» (ج36 ص484)؛ في حديثه: وكان الحسن يقول: (لإمام ظالم).
والذي كان يقول ذلك: هو معلى بن زياد القردوسي، كما جاء في «السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص91).
وهذا من الاختلاف أيضا.
* قوله: (اعترض)؛ بمعنى: ركب الناقة، أو الدابة، فقد جاء في بعض: روايات الحديث: (فلما رمى جمرة العقبة، وضع رجله في الغرز ليركب).
2) وأما حديث طارق بن شهاب البجلي:
أخرجه أحمد في «المسند» (18828)، و(18830)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7786)، وفي «المجتبى» (ج7 ص161)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (7582)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص78)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج3 ص282)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص422)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص110) من طريق سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد الحضرمي، عن طارق بن شهاب قال: (جاء رجل إلى النبي r، فقال: أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند إمام جائر).
حديث منكر
وذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص343).
قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:
الأولى: علقمة بن مرثد الحضرمي، فإنه لم يسمع هذا الحديث من طارق بن شهاب، لأنه أحيانا يرسل، فيروي بواسطة، ونكارة الحديث تدل على ذلك. ([10])
الثانية: إرسال طارق بن شهاب، فإنه لم يسمع من النبي r شيئا.
وبه أعله الحافظ أبو حاتم؛ بالإرسال. ([11])
قال الحافظ ابن أبي حاتم عن أبيه: (ليست له صحبة، والحديث الذي رواه: «أي الجهاد أفضل»؛ مرسل). ([12])
3) وأما حديث جابر بن عبد الله t.
فأخرجه العقيلي في «الضعفاء» (ج3 ص1036) من طريق عمار بن إسحاق، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله t قال: (خرج رسول الله r من رمي الجمار ماشيا، فأمر بناقته، فأنيخت، فلما أخذ بشعبتي الرحل، جاء رجل، وأخذ بجديل الناقة، فقال: يا رسول الله؛ أي الفضل، أفضل؟ قال: كلمة عند إمام جائر، حل سبيل الناقة).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، فيه عمار بن إسحاق([13])، وهو منكر الحديث. ([14])
قال العقيلي: عمار بن إسحاق عن محمد بن المنكدر، ولا يتابع على حديثه، وليس مشهورا بالنقل.
وبه أعله الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص889).
والحديث ضعفه: الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج3 ص1036).
4) وأما حديث عمير بن قتادة الليثي t.
فأخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج3 ص636)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص29) من طريق بكر بن خنيس، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن جده قال: (كانت في نفسي مسألة قد أحزنني أني لم أسأل رسول الله r عنها، ولم أسمع أحدا يسأله عنها، فكنت أتحينه، فدخلت عليه ذات يوم وهو يتوضأ فوافقته على حالتين كنت أحب أن أوافقه عليهما؛ وجدته فارغا وطيب النفس، فقلت: يا رسول الله، أتأذن لي أن أسألك؟ قال: نعم، سل عما بدا لك، قلت: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال: السماحة والصبر. قلت: فأي المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال: أحسنهم خلقا. قلت: فأي المسلمين أفضلهم إسلاما؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. قلت: فأي الجهاد أفضل؟ فطأطأ رأسه، فصمت طويلا حتى خفت أن أكون قد شققت عليه، وتمنيت إن لم أكن سألته، وقد سمعته بالأمس، يقول: إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما لمن سأل عن شيء لم يحرم عليهم فحرم عليهم من أجل مسألته. فقلت: أعوذ بالله من غضب الله، وغضب رسوله r، فرفع رأسه، فقال: كيف قلت؟. قلت: أي الجهاد أفضل؟ فقال: كلمة عدل عند إمام جائر).
حديث منكر
قلت: وهذا سنده منكر، فيه بكر بن خنيس الكوفي، وهو منكر الحديث.
قال عنه ابن معين: «ليس بشيء»، وقال الدارقطني: «متروك»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال أبو حاتم: «ليس بقوي في الحديث»، وقال أبو داود: «ليس بشيء»، وقال الجوزجاني: «كان يروي كل منكر»، وقال ابن عدي: «يحدث بأحاديث مناكير». ([15])
قلت: فحديثه في مجمله حديث: الضعفاء، وليس ممن يحتج بحديثه.
وبه أعله الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج1 ص889).
والحديث ضعفه الحافظ الذهبي في «التلخيص» (ج3 ص636).
وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج5 ص231)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه بكر بن خنيس، وهو ضعيف.
* وعبد الله بن عبيد الليثي، لم يسمع من أبيه، فالإسناد منقطع من هذه الجهة.([16])
قال ابن محرز في «معرفة الرجال» (ص189)؛ عن يحيى بن معين قال: (لم يسمع من أبيه في بعض حديثه).
وقال ابن جريج /: (لم يسمع من أبيه شيئا، ولا يذكره). ([17])
قلت: وهذه الأحاديث، مخالفة للأحاديث الصحيحة التي نصت بأمر من النبي r على الصبر على ولاة الأمر، ولم يأمر النبي r بجهادهم لا بالسلاح، ولا بالكلمة، درءا للفتنة. ([18])
قلت: من هذه الأحاديث:
1) حديث عبادة بن الصامت t، وفيه: (فكان فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله). ([19])
2) وحديث عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: (إنها ستكون بعدي أثرة، وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله، كيف تأمرنا؟، قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم). ([20])
قلت: فأمر النبي r بالصبر عليهم، ولم يأمر بجهادهم، لا بالسيف، ولا بالكلمة.
3) وحديث أم سلمة ڤ قالت: قال رسول الله r: (ستكون بعدي أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال r: لا، ما صلوا). ([21])
وفي رواية: من حديث عوف بن مالك t: (قيل: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال r: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه، فاكرهوا عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة). ([22])
قلت: فأمر النبي r بالصبر عليهم، وعدم الخروج عليهم. ([23])
4) وحديث الزبير بن عدي قال: أتينا أنس بن مالك t؛ فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج، فقال: (اصبروا، فإنه لا ياتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم r). ([24])
وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة، التي تأمر بالصبر على ولاة أمر المسلمين.
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
ذكر الدليل على إبطال حجة الخوارج في هذا العصر في جوازهم الخروج على ولي الأمر بالكلمة، بقولهم: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان ظالم..................................................................................... |
3 |
([1]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج20 ص147 و148)، و«التاريخ» لابن معين (ج2 ص407)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص359)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج5 ص2007)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (ج2 ص180)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (2843)، و«ميزان الاعتدال» له (ج3 ص79)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج6 ص382)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص185)، و«السؤالات» للآجري (ص81)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص176)، و«العلل» للدارقطني (ج4 ص6)، و«السنن» له (ج2 ص39)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ج2 ص24).
([2]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج20 ص437 و438)، و«العلل ومعرفة الرجال» لأحمد (ج1 ص227)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج6 ص102)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج5 ص1840)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص229)، و«أحوال الرجال» للجوزجاني (ص114)، و«السنن» للدارقطني (ج1 ص77)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص322)، و«تقريب التهذيب» له (ج2 ص37)، و«ديوان الضعفاء» للذهبي (2926)، و«ميزان الاعتدال» له (ج3 ص127)، و«المجروحين» لابن حبان (ج2 ص103).
([4]) يستحيل لأي: صحابي أن يفعل مع رسول الله r ذلك، لما في قلوبهم من احترام عظيم لرسول الله r، يفوق كل شيء.
فهو حديث منكر، لا يصح.
([5]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج34 ص171 و172)، و«الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج7 ص238)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج3 ص315)، و«الضعفاء والمتروكين» للنسائي (ص253)، و«السؤالات» للبرقاني (ص69)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص267)، و«تقريب التهذيب» لابن حجر (ص1188)، و«تهذيب التهذيب» له (ج6 ص430)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج1 ص476)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج3 ص134).
([6]) الغرز: بغين معجمة مفتوحة، وراء ساكنة، ثم زاي: هو ركاب كور، أي: رحل الحمار إذا كان من جلد، أو خشب.
انظر: «تهذيب اللغة» للأزهري (ج3 ص2653).
([9]) ومحمد بن الحسن الصنعاني هذا، شيخ أحمد في «المسند» في هذا الحديث.
وهو لين الحديث.
وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص836).
([10]) وانظر: «العلل ومعرفة الرجال» للإمام أحمد (ج2 ص320 و321)، و«جامع التحصيل في أحكام المراسيل» للعلائي (ص240).
قلت: وهذه هي مشكلة الحفاظ الثقات: «الإرسال» في الإسناد، ليس كما زعم المقلدة الجهلة، أن علتهم التدليس، فإذا انتفى عندهم التدليس، حكموا باتصال الإسناد!.
([15]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج4 ص210 و211)، و«التاريخ» لابن معين (ج3 ص280)، و«الضعفاء» للعقيلي (182)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص195)، و«أحوال الرجال» للجوزجاني (ص108)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج1 ص384)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج1 ص148)، و«الضعفاء» للنسائي (286)، و«الضعفاء» للدارقطني (ص66)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج1 ص113)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج2 ص458).
([16]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج15 ص259)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص692)، و«تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» لابن العراقي (ص181).
أخرجه البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج1 ص293).
وإسناده صحيح.
وذكر الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص143)؛ أنه سمع من أبيه، لكن ذكر حديثا له، ثم نقل، أنه لم يسمعه من أبيه!.
([18]) وانظر: «كتابي: الورد المقطوف في وجوب طاعة ولاة أمر المسلمين بالمعروف» (ص85 و86 و87 و88 و117).
وانظر أيضا: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص10)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج12 ص222 و229)، و«شرح السنة» للبربهاري (ص78)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج28 ص179)، و«المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم» للشيخ ابن باز (ص22).