القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / جزء فيه: تخريج أثر سعيد بن المسيب في: أن الصحابة رضي الله عنهم إذا أراد المضحي أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره، وهو أثر منكر لا يحتج به في الأحكام

2023-12-08

صورة 1
جزء فيه: تخريج أثر سعيد بن المسيب في: أن الصحابة رضي الله عنهم إذا أراد المضحي أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره، وهو أثر منكر لا يحتج به في الأحكام

       
 

                سلسلة

      ينابيع الآبار في تخريج الآثار

 

 
 
    شكل بيضاوي: 32

 

 

 

 

 

 

 

 

جزء فيه:

تخريج أثر سعيد بن المسيب في: أن الصحابة رضي الله عنهم إذا أراد المضحي أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره))، وهو أثر منكر لا يحتج به في الأحكام

 

 

تخريج:

العلامة المحدث الفقيه فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة مثواه

    

ذكر الدليل على شذوذ متن: أن الصحابة رضي الله عنهم إذا أراد الـمضحي أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره

 

عن قتادة: أن كثير بن أبي كثير سأل سعيد بن المسيب: أن يحيى بن يعمر يفتي بخراسان يعني: كان يقول -: (إذا دخل عشر ذي الحجة، واشترى الرجل أضحيته، فسماها, لا يأخذ من شعره وأظفاره، فقال سعيد: قد أحسن، كان أصحاب رسول الله r يفعلون ذلك, أو يقولون ذلك).

هكذا على الشك: بالفعل، أو القول!.

أثر منكر

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج14 ص142) من طريق وهب بن جرير، حدثنا هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه كثير بن أبي كثير البصري مولى عبدالرحمن بن سمرة ([1])، وهو مجهول، ويخالف الثقات، لذلك لم يوثقه إلا العجلي في «معرفة الثقات» (ج2 ص226)، وابن حبان في «الثقات» (ج5 ص332).

فهذا إسناد ضعيف، والأثر منكر.

لذلك قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص809): «مقبول»؛ أي: حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، ولا يوجد له أي متابع في هذا الأثر، فالإسناد ضعيف.

وكذلك خالف من هو أوثق منه، وأحفظ منه في ذكره أن الصحابة رضي الله عنهم يرون خلاف ما ذكرنا عنهم أنهم لم يمنعوا المضحي إذا أراد أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره، كما سبقت الروايات في ذلك.

فهو أثر منكر.

قال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج13 ص300): (كثير مولى ابن سمرة: مجهول، ولو كان مشهورا بالثقة، والحفظ لما خالفنا هذا الخبر، وقد أوقفه بعض رواته على أبي هريرة t) ([2]). اهـ

وتجريح ابن حزم هذا نقله الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص410)؛ وأقره، حيث قال: (قال ابن حزم: مجهول).

وقال الحافظ عبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (ج3 ص196): (كثير مولى بني سمرة مجهول، قاله: علي بن أحمد) ([3])؛ يعني: ابن حزم.

لذلك ذكره الحافظ العقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج 4 ص1175)؛ لضعفه في الحديث.

وقد أعل الحافظ البخاري، كما في «السنن» للترمذي (ج3 ص481)؛ حديثا، لكثير بن أبي كثير هذا بالوقف، وهذا يدل على ضعفه عنده في الحديث. ([4])

لذلك ذكره الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص211)؛ ولم يذكر فيه جرحا وتعديلا، فهو مجهول عنده.

ويؤكد على هذا أن الحافظ ابن أبي حاتم ذكره في «الجرح والتعديل» (ج7 ص156)؛ ولم يذكر فيه جرحا وتعديلا أيضا، مما يدل على جهالته.

وكثير بن أبي كثير البصري هذا: لم يوثقه الحافظ يحيى بن معين في «التاريخ» (ج2 ص495).

وتابعه سعيد بن أبي عروبة حدثنا قتادة عن كثير بن أبي كثير: (أن يحيى بن يعمر كان يفتي بخراسان: أن الرجل إذا اشترى أضحيته وسماها، ودخل العشر أن يكف عن شعره وأظفاره حتى يضحي. قال قتادة: فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: نعم، قلت: عمن يا أبا محمد؟ قال: عن أصحاب محمد r).

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج14 ص143) من طريق مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة به.

قلت: وهذا سنده منكر كسابقه فيه كثير بن أبي كثير البصري مولى عبدالرحمن بن سمرة، وهو مجهول، منكر الحديث لا يحتج به في الحديث. ([5])

والخبر مرسل أيضا بإسناد ضعيف، وليس بمحفوظ.

قلت: وهذا خلاف ما عليه آثار الصحابة رضي الله عنهم في عدم منع المضحي من الإمساك عن الشعر والأظفار إذا أراد أن يضحي، لأنه ليس بمحرم، ولا يشبه المحرم، ولو كان يشبه المحرم لكان أولى أن يمسك عن الجماع، والطيب، والنكاح، وغير ذلك من محظورات الإحرام.

فهو أثر منكر لا يصح عن الصحابة رضي الله عنهم.

قلت: والخبر المنكر: هو الخبر الذي يرويه الضعيف مخالفا للثقة. ([6])

وذكره الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج10 ص445) عن مسدد حدثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة، في الإسناد هذا خطأ هنا، وقد تصحف عنده من طريق مسدد به، إلا أنه جعل «شعبة بن الحجاج»، بدل: «سعيد بن أبي عروبة»، وهذا غلط، وصوابه: سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وهو عند مسدد في «مسنده» على الوجه الصحيح.

أخرجه مسدد في «مسنده» (ج7 ص63 إتحاف الخيرة) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به؛ وهو الصواب.

ومن هذا الوجه ذكره البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج7 ص63).

وأخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج4 ص221) من طريق شعبة قال: سمعت قتادة يحدث قال: جاء رجل من العتك فحدث سعيد بن المسيب أن يحيى بن يعمر يقول: (من اشترى أضحية في العشر؛ فلا يأخذ من شعره، وأظفاره؛ قال سعيد: نعم، فقلت: عن من يا أبا محمد؟؛ قال: عن أصحاب رسول الله r).

قلت: وهذا سنده ضعيف فيه رجل لم يسم، وهو الرجل من العتك، فبين قتادة، وبين سعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر: رجل مبهم، وهو مرسل من قبل قتادة فإنه مكثر من الإرسال عن مثل: «سعيد بن المسيب»، و«يحيى بن يعمر»، وغيرهما.([7])

لذلك ذكره ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج16 ص459) في «المبهمات» من أجل هذا الرجل المبهم. ([8])

فقال الحافظ ابن حجر: (حديث: «جاء رجل من العتيك، فحدث سعيد بن المسيب، أن يحيى بن يعمر يقول: من اشترى أضحية في العشر، فلا يأخذ من شعره وأظفاره، قال سعيد: نعم، فقلت: عمن يا أبا محمد؟ قال: عن أصحاب محمد r» ).

وإسناده فيه رجل لم يسم، وهو قوله: «جاء رجل من العتيك». ([9])

وقال أحمد بن محمد الأثرم: قلت؛ لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: قتادة سمع يحيى بن يعمر قال: لا أدري، قد روى عنه، وقد روى عن رجل عن يحيى بن يعمر).([10])

وقال أبوداود في «سؤالاته» (ص411): سمعت أحمد يقول: (أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب ما أدري كيف هي؟، قد أدخل بينه، وبين سعيد بن المسيب نحوا من عشرة رجال لا يعرفون!).

وقال عبدالله بن أحمد في «العلل» (ج3 ص322): سمعت أبي يقول: (هؤلاء الرجال ما أدخل قتادة بينه، وبين سعيد بن المسيب، ثم ذكرهم).

وقال حرب بن إسماعيل الكرماني في «مسائله» (ص465): (قال أحمد: قد عددت عشرة رجال بين قتادة، وبين سعيد بن المسيب، يروي عنهم قتادة عن سعيد أحاديث).

قلت: قتادة بن دعامة السدوسي قد أرسل عن سعيد بن المسيب في كثير من الأحاديث، ولم يسمع منه، فينبغي التأكد هل سمع منه أولا، والتأكد من نقله عن سعيد بن المسيب.

قال أبو داود في «سؤالاته» (ص227): سمعت: أحمد سأله رجل عن حديث لسعيد بن المسيب، فقال أحمد: (يحيى عن سعيد أصح من قتادة عن سعيد، أي شيء يصنع بقتادة).

وقال إسماعيل القاضي في «أحكام القرآن» (ج1 ص319 - التهذيب):؛ سمعت: علي بن المديني: يضعف أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب تضعيفا شديدا، وقال: أحسب أن أكثرها بين قتادة، وسعيد بن المسيب فيها رجال).

قلت: وهذا الخبر لم يوافق قتادة لأحد من الثقات فلا يقبل منه.

فعن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه قال: سمعت سعيد بن المسيب / يقول: (كل حديث حدثكموه - يعني: قتادة - فلا يوافقه عليه غيره لا تقبلوه منه).([11])

وهذا الأثر: قد اضطرب فيه قتادة بن دعامة، فمرة يقول: «أن كثير بن أبي كثير سأل سعيد بن المسيب: أن يحيى بن يعمر يفتي بخراسان»، ومرة يقول: «عن كثير بن أبي كثير: أن يحيى بن يعمر كان يفتي بخراسان»، ومرة يقول: «جاء رجل من العتك فحدث سعيد بن المسيب: أن يحيى بن يعمر يقول»، ومرة: «فقلت: يعني الرجل المبهم عمن يا أبا محمد،قال: عن أصحاب رسول الله r»، ومرة: «قال قتادة: عمن يا أبا محمد، قال: عن أصحاب رسول الله r»، ومرة يقول: «قال سعيد بن المسيب: كان أصحاب رسول الله r يفعلون ذلك, أو يقولون ذلك» على الشك.

قلت: وهذا يدل على اضطراب قتادة في الأثر من جهة إسناده ومتنه، مع أنه لم يسمعه من سعيد بن المسيب، مع ضعف إسناده.

ثم أن قتادة خالف: ما رواه هو نفسه عن سعيد بن المسيب في فتاواه الصحيحة التي وافقت الصحابة رضي الله عنهم.

فعن سعيد بن المسيب / أنه قال: (لا يمسك عما يمسك عنه المحرم).

أثر صحيح

أخرجه سعيد بن أبي عروبة في «المناسك» (ص99)؛ ومن طريقه: ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص87) من طريق غندر، عن سعيد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب به.

قلت: وهذا سنده صحيح متصل.

وهذا أصح من الإسناد الآخر، لأن قتادة أتى به على وجهه الصحيح، فهو المحفوظ عن سعيد بن المسيب.

وقد رواه عن قتادة: سعيد بن أبي عروبة، وهو ثبت في قتادة، وقد روى السند الموصول عنه. ([12])

قال أبو داود الطيالسي: (كان سعيد بن أبي عروبة أحفظ أصحاب قتادة). ([13])

وقال أبو حاتم: (وكان أعلم الناس بحديث قتادة). ([14])      

وغندر ثقة ثبت، قد روى عن سعيد بن أبي عروبة قبل أن يستحكم في الاختلاط، ولم يطبق به.

فإن عامة الرواة عن سعيد بن أبي عروبة: سمعوا منه قبل استحكام اختلاطه، فما كان من صحيح حديثه أخذوه، وما لم يكن صحيحا طرحوه. ([15])

ويؤيد ذلك: أن سعيد بن أبي عروبة أثبت الناس في قتادة، وقد رواه هذا الأثر.

وهذه قرينة أن غندرا سمع منه هذا الأثر قبل اختلاطه المستحكم فيه، ومما تميز لديه.

قال ابن الجنيد في «سؤالاته» (ص290): (قلت: ليحيى بن معين: غندر سمع من سعيد بن أبي عروبة في الاختلاط أو قبل؟ فقال لي يحيى: زعموا أنه لم يسمع منه إلا في الصحة، وأن أول من عرف اختلاط سعيد بن أبي عروبة: غندر). اهـ

وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل» (ج1 ص201): (سمعت عبدان الأهوازي يقول: سمعت عمرو بن العباس يقول: كتبت عن غندر حديثه كله؛ إلا حديث سعيد بن أبي عروبة، كان عبد الرحمن بن مهدي نهاني أن أكتبه، وقال: سمع سعيدا بعد الاختلاط، ذكرت هذه الحكاية لابن مكرم بالبصرة وكأنه أنكره، وقال: سمعت عمرو بن علي يقول: سمعت غندر يقول: ما أتيت شعبة حتى فرغت من سعيد بن أبي عروبة).اهـ

وكل ما تقدم تبين لنا صحة رواية: غندر عن سعيد بن أبي عروبة.

وقد روى له مسلم في «صحيحه» (2279) من طريق غندر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس t به.

وقد ذكر له متابعات مما يدل أنه وافق الثقات في الحديث، ولم يخالف.

وبذلك لا يبقى أدنى شك في إثبات صحة رواية غندر عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.

 قلت: ومن خلال ما تقدم من الكلام تبين لنا أن هذا الأثر لا غبار على صحته، وذلك لأن غندرا قد وافق الثقات: «في أن المضحي لا يمسك عما يمسك عنه المحرم»، كما سبق ذلك.

فقتادة قد اضطرب في سنده ومتنه: اضطرابا شديدا([16])، كما سبق، وهذا من دلائل ضعفه.

وقد زاد فيه ماليس منه، فأدرج في الأثر عن سعيد بن المسيب، ووهم في ذلك.

وهذا الخطأ؛ إذ وقفه على الصحابة رضي الله عنهم، وهو وهم، والمحفوظ عنهم خلاف ذلك: «وأن المضحي لا يمسك عما يمسك عنه المحرم»، كما سبق.

وقد ذكر الحافظ الدارقطني في «العلل الواردة في الأحاديث» (ج9 ص463) هذا الاضطراب؛ فمرة: عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، ومرة: عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة موقوفا، ومرة: عن قتادة عن سعيد بن المسيب من قوله، ومرة: عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن يحيى بن يعمر من قوله، ومرة: روي مرسلا.([17])

وكذلك خالف قتادة: ما قاله سعيد بن المسيب عن حديث أم سلمة رضي الله عنها: (هذا حديث قد نسي وترك) ([18])

قلت: وكان سعيد بن المسيب /، أحيانا ينكر على أصحابه الذين يحدثون عنه الأحاديث بالغلط.

مثل: إنكاره على عطاء الخرساني.

فعن القاسم بن عاصم قال: قلت لسعيد بن المسيب: إن عطاء الخراساني حدثني عنك: (أن النبي r أمر الذي وقع على امرأته في رمضان بكفارة الظهار؛ فقال سعيد بن المسيب: كذب علي عطاء، ما حدثته، إنما بلغني أن النبي r قال له: تصدق تصدق). ([19])

قال الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (ج2 ص705): (وبعض أصحاب سعيد بن المسيب يقول: سألت سعيدا عن هذا الحديث فقال: كذب علي عطاء الخرساني. لم أحدث هكذا).

قلت: ولا ينظر فقط في عنعنة قتادة عن سعيد بن المسيب وغيره، بل لابد من النظر فيما غلط فيه من المتن على سعيد بن المسيب، لأنه قد يروي قتادة عنه خلاف ذلك، كما في حديثنا هذا، فإن قتادة غلط في نقله عن سعيد بن المسيب، وقد روي خلاف ذلك.

فقد روى قتادة عن سعيد بن المسيب / أنه قال: (إذا أقام أربعا صلى أربعا). يعني: في السفر. ([20])

فإن قتادة لم يسمعه منه، أخذه عن عطاء الخرساني.

فعن عطاء بن عبدالله الخرساني عن ابن المسيب قال: (إذا أقمت بأرض أربعا، فصل أربعا). ([21])

قال الترمذي في «العلل الكبير» (ج2 ص706): (روى عطاء الخرساني, عن سعيد بن المسيب / قال: «إذا أقام أربعا صلى أربعا».

وروى داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب خلاف هذا.

فعن داود بن أبي هند عن ابن المسيب قال: (إذا أزمعت بقيام خمس عشرة ليلة فأتم).

قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج2 ص95): (وروى عنه داود بن أبي هند خلاف هذا). ([22])

قلت: فإن قتادة روى عن سعيد بن المسيب / قال: «إذا أقام أربعا صلى أربعا»؛ مثل: ما روى عطاء.

قال محمد البخاري: أرى قتادة أخذه عن عطاء).اهـ

قلت: ولم يسمع قتادة من سعيد بن المسيب؛ إلا عددا من الأحاديث، والباقي يرسلها؛ يعني: أحيانا يروي مرسلا عنه.

لذلك؛ قال الإمام أحمد /: (أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب ما أدري كيف هي؟ قد أدخل بينه، وبين سعيد بن المسيب نحوا من عشرة رجال لا يعرفون).([23])

قلت: كما هو هنا، فإن قتادة يروي عن رجل مبهم لايعرف.

وقد استنكر الإمام البخاري / أحاديث رواها قتادة عن سعيد بن المسيب، لم يسمعها منه. ([24])

قلت: قتادة لم يسمع من سعيد بن المسيب مطلقا، إلا بعض الأحاديث كما سوف يأتي ذكرها.

فلعله بلغه عن سعيد بن المسيب، فاشتبه أن يكون بلغه عنه فرواه عنه.

قال الحافظ الباجي / في «التعديل والتجريح» (ج1 ص295): (وقد ينقل الحديث ثقة عن ثقة، وهو ضعيف؛ أي: والحديث ضعيف إما: لإرسال دخله، لأن الناقل لم يأخذ عن المنقول عنه، وإن كان عاصره... وقد يكون الحديث: يرويه الثقة عن الثقة، ولا يكون صحيحا؛ لعلة دخلته من جهة غلط الثقة فيه([25])، وهذه الوجوه كلها لا يعرفها إلا من كان من أهل العلم بهذا الشأن، وتتبع طرق الحديث، واختلاف الرواة فيه، وعرف الأسماء والكنى). اهـ

قلت: الحافظ البخاري لم يرو عن قتادة عن سعيد بن المسيب([26])، إلا ثلاثة أحاديث وهي([27]):

الأول: فقد روى شعبة بن الحجاج عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن جابر t به في: (بيعة النبي r في الحديبية).

أخرجه البخاري في «صحيحه»؛ في كتاب: «المغازي»؛ باب: «غزوة الحديبية» (ج7 ص507)؛ الحديث رقم: (4153).

الثاني: روى شعبة بن الحجاج عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر رضي الله عنهما به حديث: (الميت يعذب في قبره).

أخرجه البخاري في «صحيحه»؛ في كتاب: «الجنائز»؛ باب: «ما يكره من النياحة» (ج3 ص191)؛ الحديث رقم: (1292).

الثالث: روى شعبة بن الحجاج عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: (لقد رأيت الشجرة، ثم أتيتها بعد فلم أعرفها).

أخرجه البخاري في «صحيحه»؛ في كتاب: «المغازي»؛ باب: «غزوة الحديبية» (ج7 ص512)؛ الحديث رقم: (4162).

الرابع: روى هشام، وشعبة، قالا: حدثنا قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي r: (العائد في هبته كالعائد في قيئه).

أخرجه البخاري في «صحيحه»؛ في كتاب: «الهبة»؛ باب: «لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته» (ج3 ص924) والحديث رقم: (2478).

وقال قتادة: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طب، أو: يؤخذ عن امرأته، أيحل عنه أو ينشر؟ قال: «لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع الناس فلم ينه عنه».([28])

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا؛ في كتاب: «الطب»؛ باب: «هل يستخرج السحر» (ج5 ص2175).

قلت: والحافظ مسلم / لم يرو عن قتادة عن سعيد بن المسيب؛ إلا أربعة أحاديث، وهي:

الأول: روى شعبة بن الحجاج عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب عن النبي r: (الميت يعذب في قبره بما نيح عليه).

أخرجه مسلم في «صحيحه»؛ في كتاب: «الجنائز» (ج2 ص639)؛ الحديث رقم: (17).

الثاني: روى شعبة بن الحجاج عن سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها حديث: (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم).

أخرجه مسلم في «صحيحه»؛ في كتاب: «الحج» (ج2 ص856)؛ الحديث رقم: (67).

الثالث: روى شعبة بن الحجاج عن قتادة عن سعيد  بن المسيب عن أبيه: (لقد رأيت الشجرة، ثم أتيتها بعد فلم أعرفها).

أخرجه مسلم في «صحيحه»؛ في كتاب: «الإمارة» (ج3 ص1486)؛ الحديث رقم: (79).

الرابع: عن قتادة عن سعيد بن المسيب: أن معاوية t قال: (ذات يوم إنكم قد أحدثتم زي سوء، وإن النبي r نهى عن الزور).

أخرجه مسلم في «صحيحه»؛ في كتاب: «اللباس والزينة» (ج3 ص1680)؛ الحديث رقم: (124).

قلت: ورواية شعبة عن قتادة محمولة على السماع، وإن عنعن في الإسناد.

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

ذكر الدليل على شذوذ متن: أن الصحابة رضي الله عنهم إذا أراد الـمضحي أن يضحي أن يمسك عن شعره وأظفاره....................................................................................................

2

2)

قتادة قد اضطرب في سنده ومتنه......................................................

12

 



([1]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج24 ص152)، و«الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج4 ص1175)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج8 ص427)، و«بيان الوهم والإيهام» لابن القطان (ج5 ص 390 و526).

([2]) وهذا يدل أن كثير بن أبي كثير البصري هذا يخالف الثقات الأثبات في الأحاديث.

     وحديث أبي هريرة t مرفوعا: (في الطلاق).

     من رواية: كثير بن أبي كثير البصري، والعهدة عليه.

     والصحيح أنه موقوف، كما ذكر الحافظ البخاري، كما في «السنن» للترمذي (ج3 ص481).

     أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج5 ص256)، ثم قال: حديث منكر، لأن فيه كثير بن أبي كثير البصري.

     وهذا يدل أنه منكر الحديث.

([3]) لذلك لم يصب الحافظ ابن القطان / في «بيان الوهم والإيهام» (ج5 ص390)؛ تعجبه على الحافظ عبدالحق الإشبيلي في «الأحكام الوسطى» (ج3 ص196)؛ لاعتماده على توثيق الحافظ العجلي في «معرفة الثقات» (ج2 ص226) لكثير بن أبي كثير البصري.

([4]) وانظر: «الأحكام الوسطى» لعبدالحق الإشبيلي (ج3 ص196).

([5]) انظر: «الضعفاء الكبير» للعقيلي (ج4 ص1175)، و«السنن الكبرى» للنسائي (ج5 ص256)، و«الأحكام الوسطى» لعبدالحق الإشبيلي (ج3 ص196)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج7 ص211)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم (ج13 ص300).

([6]) وانظر: «تيسير علوم الحديث» لأبي عبدالرحمن عمرو سليم (ص73 و74 و75).

([7]) انظر: «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» للعراقي (ص263 و264 و265).

([8]) وهذا الأثر قد اضطرب في إسناده، كما هو ظاهر، وهذا يوجب ضعفه أيضا.

([9]) فأخطأ الشيخ الألباني / في «تصحيحه» لإسناد هذا الأثر في «إرواء الغليل» (ج4 ص378)، من أجل الرجل المبهم، والاختلاف في إسناده.

([10]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص140).

    وإسناده صحيح.

([11]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص131).

    وإسناده صحيح.

([12]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج11 ص9)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص110)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج6 ص413).

([13]) أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص65).

([14]) أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص66).

([15])وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج11 ص10)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج4 ص110)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج6 ص413).

([16]) وهي رواية شاذة مضطربة، وقد اضطرب قتادة في إسناده، ووهم فيه، ولم يقمه، مع جهالة إسناده.

     وما يرويه: سعيد بن أبي عروبة أصح، فسلك فيه الجادة، وهو أشبه بالصواب.

([17]) وانظر: «اللطائف من دقائق المعارف» لابن أبي عيسى (ص123).

([18]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1566)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج5 ص1566)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص266)، وأبو داود في «سننه» (2791)، وابن حبان في «صحيحه» (ج13 ص240).

([19]) أثر صحيح.

     أخرجه البخاري في «الضعفاء» (ص90)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج3 ص145).

    وإسناده صحيح.

([20]) أخرجه الترمذي في «السنن» (ج2 ص95)، وعبدالرزاق في «المصنف» (4346)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص455) من طريق هشام، ومعمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب به.

([21]) أخرجه مالك في «الموطأ» (ج1 ص164)، وعبدالرزاق في «المصنف» (4347) من طريق مالك عن عطاء الخرساني عن سعيد بن المسيب به.

([22]) أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (4348)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص454) من طريق الثوري، وعبدالله بن إدريس عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيب به.

([23]) نقله عنه الحافظ العراقي في «تحفة التحصيل» (ص265)، وأبو داود في «سؤالاته» (ص411).

([24]) نقله عنه الحافظ الترمذي في «العلل الكبير» (ج2 ص706).

([25]) مثل: الحديث المعل؛ كحديث أم سلمة هذا في الأضحية، وهو حديث ضعيف.

([26]) قلت: وأعرض الحافظ البخاري عن كثير من أحاديث قتادة عن سعيد بن المسيب لما فيها من إرسال، وانقطاع، لم يسمعها منه.

([27]) وهي يسيرة.

([28]) طب: سحر.

     يؤخذ: يحبس عن مباشرتها، ولا يصل إلى جماعها.

     يحل عنه: يرقى، ويعوذ، ويعالج حتى يذهب ما به من سحر.

     وينشر: من النشرة، وهي الرقية والتعوذ.

     لا بأس: لا مانع من معالجته، حيث إن في ذلك إصلاحا له ونفعا.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan