القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة ينابيع الآبار في تخريج الآثار / النقض الصريح على من زعم أن الإمام مسلما، قد أخرج حديث: «صوم يوم عرفة» على شرط الصحيح؛ بل ذكره في «المسند الصحيح»؛ ليعله: وصرح بذلك في كتابه، وفي بابه؛ فجعله من جملة الأحاديث المعلولة للتنقيح

2023-12-08

صورة 1
النقض الصريح على من زعم أن الإمام مسلما، قد أخرج حديث: «صوم يوم عرفة» على شرط الصحيح؛ بل ذكره في «المسند الصحيح»؛ ليعله: وصرح بذلك في كتابه، وفي بابه؛ فجعله من جملة الأحاديث المعلولة للتنقيح

                سلسلة

      ينابيع الآبار في تخريج الآثار

 

                                                                                              

 

 

                                                                               

 

النقض الصريح

على

من زعم أن الإمام مسلما، قد أخرج حديث: «صوم يوم عرفة» على شرط الصحيح؛ بل ذكره في «المسند الصحيح»؛ ليعله: وصرح بذلك في كتابه، وفي بابه؛ فجعله من جملة الأحاديث المعلولة للتنقيح

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

    

جوهرة نادرة

 

اعلم رحمك الله، أن المراد من هذا البحث، تبيين أبرز الأصول التي يقوم عليها أئمة الحديث، في نقد متون الأحاديث، وهو التحقق من سلامة معنى المتن من مناقضة، ومخالفة الأحكام الثابتة في القرآن والسنة.

* إذ لا يمكن أن يكون الحديث صحيحا، مع وجود تلك: المناقضة، والمخالفة في متنه.

* فعناية أئمة الحديث بالتحقيق من سلامة المتن من التناقض الذي لا يمكن أن يوجد في الأخبار الصحيحة. ([1])

* وقد جمعت طرق حديث: «صوم يوم عرفة» لغير الحاج.

* وقد أعلها أئمة الحديث، وبينوا أيضا هذه العلل، من جهة المعاني، ومن جهة الألفاظ التي تمنع من الحكم عليه بالصحة؛ لمناقضته، ومخالفته، لما ثبت في القرآن والسنة.

* وذكرت الآيات، والأحاديث في هذا البحث، التي تبين علة هذا الحديث، من جهة المعنى، ومن جهة اللفظ، ومن جهة الإسناد.

* وهذا يدل على ما بين صحة المتن، وصحة السند من ملازمة.

* بمعنى: أن وجود علة في المتن يقتضي وجود علة في السند، وقد تكون العلة واضحة، وقد تكون خفية، لا يفطن لها إلا الراسخون في أصول العلل والتخريج.

* وذلك: أن العلة في المتن لا بد لها من مصدر، ومصدرها لا بد أن يكون من رواة هذا المتن، ورواة المتن: هم السند في الحديث.

* ومن المقاييس التي استعملها المحدثون في نقد المتن: عرض المتن على القرآن الكريم، وعرض المتن على السنة الصحيحة. ([2])

* فكانوا يستدلون على ضعف الخبر بمناقضة متنه: القرآن، والسنة، لاستحالة وقوع التناقض في أخبار الله تعالى، وأخبار رسوله r.

قال تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [ [النساء: 81].

وعن الإمام الربيع بن خثيم / قال: (إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار نعرفه، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل ننكره). ([3])

وبوب الحافظ الخطيب في «الكفاية» (ج2 ص558) باب: القول في تعارض الأخبار، وما يصح التعارض فيه، وما لا يصح.

وقال الحافظ الخطيب / في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (ج2 ص558): (فكل خبرين على أن النبي r تكلم بهما، فلا يصح دخول التعارض فيهما على وجه، وإن كان ظاهرهما متعارضين؛ لأن معنى التعارض بين الخبرين، والقرآن من أمر ونهي وغير ذلك، أن يكون موجب أحدهما منافيا لموجب الآخر، وذلك يبطل التكليف، إن كانا أمرا ونهيا، وإباحة وحظرا، أو يوجب كون أحدهما صدقا والآخر كذبا إن كانا خبرين، والنبي r منزه عن ذلك أجمع، معصوم منه باتفاق الأمة). اهـ.

وقال الحافظ الخطيب / في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (ج2 ص558): (وكل خبر واحد، دل العقل، أو نص الكتاب، أو الثابت من الأخبار، أو الإجماع، أو الأدلة الثابتة المعلومة على صحته، وجد خبر آخر يعارضه، فإنه يجب اطراح ذلك المعارض، والعمل بالثابت الصحيح اللازم؛ لأن العمل بالمعلوم واجب على كل حال). اهـ.

وبوب الحافظ الخطيب في «الكفاية» (ج2 ص550) باب: في وجوب اطراح المنكر، والمستحيل من الأحاديث.

قلت: وحديث الباب، يناقض الآيات، والأحاديث، فلا يصح في الشرع.

* فهذا الحديث يناقض قول الله تعالى، وقول رسوله r؛ فهو معلول عند أئمة الحديث.

قال تعالى: ]ومن أصدق من الله حديثا[ [النساء: 87].

وقال تعالى: ]ومن أصدق من الله قيلا[ [النساء: 122].

وقال تعالى: ]وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى[ [النجم: 3 و4].

قلت: فكل خبر صحيح لا بد أن يكون موافقا للقرآن؛ لأن الحديث الذي يخالف القرآن، هو منكر. ([4])

* وقد جاء في حديث أبي قتادة t ما يناقض القرآن والسنة، وهو: «أن صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية، والسنة الباقية».

* وهذا يناقض ما ثبت في القرآن الكريم أن تكفير الذنوب الماضية، والباقية، هو خاص برسول الله r مطلقا، يعني: ليس لغيره، لا لسنة، ولا أقل من ذلك، ولا أكثر.

* وقد بين الله تعالى في القرآن لهذه الخاصية، لرسول الله r.

فقال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح:1 و2].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص198): (هذا من خصائصه r التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفـر له مـا تقدم من ذنبه، وما تأخر([5])، وهذا فيه تشريف عظيم لرسول الله r).اهـ

وقال تعالى: ]ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) ورفعنا لك ذكرك[ [الشرح:1 و2 و3].

* فحديث: «صوم يوم عرفة» هذا مخالف للقرآن، فلا يحتج به في الشرع.

* وكذلك: رسول الله r، لم يصم يوم عرفة، على ما فيه من فضل عظيم في تكفير الذنوب، فكيف r يأمر بصيامه للأمة، ثم يتركه، ولم يصم، فهذا يستحيل أن يقع من النبي r؛ لأنه r: هو القدوة، الذي يقتدى به في الدين.

فعن عائشة ڤ قالت: (ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط).([6])

* يعني: الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة.

قلت: فقول عائشة ڤ: (ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط)، يتعذر فيه التأويل بأي حال.([7])

* وعائشة ڤ هي أعلم الناس بأحوال صوم النبي r، وقد أوضحت أن النبي r لم: يصم أيام العشر من ذي الحجة، منها: اليوم التاسع، وهو يوم عرفة!.

قال الإمام ابن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص417): (ويبعد جدا أن يكون النبي r يصوم العشر، ويخفى ذلك على عائشة ڤ، مع كونه يدور عليها في ليلتين، ويومين من كل تسعة أيام). اهـ

* ثم إن صوم رمضان، وهو ركن من أركان الإسـلام وهو صوم فرض، وأفضل من صوم النفل، لم يجعل له الشارع تكفير الذنوب الماضية، والباقية في السنة؛ فكيف يجعل الشارع هذا التكفير للذنوب لصوم نفل، ولا يجعله لصوم فرض، فهذا ينافي حكمة الشارع البالغة.

قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون[ [البقرة: 183].

وقال تعالى: ]شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه[ [البقرة: 185].

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل).([8])

وعن ابن عمر ، قال: (صام النبي r عاشوراء، وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك).([9])

وبوب الحافظ البخاري عليه في «صحيحه» (ج2 ص667)؛ باب: وجوب صوم رمضان.

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من صام رمضان، إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه).([10])

قلت: فجعل النبي r في هذا الحديث، لصوم رمضان تكفير ما مضى من الزمن فقط، وهو فرض، فكيف يجعل r لصوم يوم عرفة، تكفير الذنوب لسنة ماضية، وسـنـة باقية، وهو مستحب: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

إذا: فذكر في حديث: «صوم يوم عرفة» زيادة شاذة، وهي صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، سنة ماضية، وسنة آتية، فيكون للعبد الصائم ليوم عرفة يكفر ما تقدم من ذنبه، وما تأخر.

قلت: وهذا الحكم خاص([11]) بالنبي r لا يشاركه أحد من بني آدم؛ لا جزئيا ولا كليا؛ فافطن لهذا ترشد.

وإليك الدليل:

قال تعالى: ]إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما[ [الفتح:1 و2].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص198): (هذا من خصائصه r التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفـر له مـا تقدم من ذنبه، وما تأخر([12])، وهذا فيه تشريف عظيم لــرســول الله r).اهـ

وقال تعالى: ]ألم نشرح لك صدرك (1) ووضعنا عنك وزرك (2) الذي أنقض ظهرك (3) ورفعنا لك ذكرك[ [الشرح:1 و2 و3].

قال أبو المكارم القاضي الروياني الشافعي / في كتابه «العدة»: (في تكفير السنة الأخرى يحتمل معنيين:

أحدهما: المراد السنة التي قبل هذه، فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين.

والثاني: أنه أراد سنة ماضية، وسنة مستقبلة، وهذا لا يوجد مثله من العبادات؛ أنه يكفر الزمان المستقبل، وإنما ذلك خاص لرسول الله r غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر بنص القرآن العزيز).([13]) اهـ

* وقد عرف الصحابة t؛ بأن الله تعالى قد غفر للنبي r ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم يتعدوا ذلك في أي عمل، لا في الصوم، ولا في غيره؛ لأنهم يعرفون أن ذلك من خصائصه r مطلقا.

فعن عائشة ڤ قالت: (كان رسول الله r إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا).([14])

* فمن خصائصه r أنه أخبره الله تعالى بالمغفرة، ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بمثل ذلك.

*  فكيف يجعل لعامي، أو غيره، أن يشارك النبي r في هذه الخاصية، أن يكفر الله له لمدة سنة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لصومه يوم عرفة!، فهذا باطل بلا شك.

* فلا غفران لسنة كاملة في أي عمل من الأعمال، بما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ لأن ذلك من خصائص الرسول r مطلقا.([15])

قلت: وكل ما يرد في الأخبار من تكفير الذنوب المستقبلة؛ فهي ضعيفة لتخصيص ذلك للنبي r وحده.([16])

قلت: ومن هذه الأخبار الضعيفة؛ خبر صوم يوم عرفة؛ فإنه يكفر سـنـة ماضية، وسنة مستقبلة.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين في «شـرح رياض الصالحين» (ج2ص73): (قال بعض العلماء: واعلم أن من خصائص الرسول r أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبناء عليه: فكل حديث يأتي بأن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فإنه حديث ضعيف؛ لأن هذا من خصائص الرسول، أما «غفر له ما تقدم من ذنبه»، فهذا كثير، لكن: «ما تأخر»، هذا ليس إلا للرسول r فقط، وهو من خصائصه، وهذه قاعدة عامة نافعة لطالب العلم([17])، أنه إذا أتاك حديث فيه أن من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ فاعلم أن قوله: «ما تأخر»، ضعيف لا يصح؛ لأن هذا من خصائص محمد صلوات الله، وسلامه عليه).اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

     

المقدمة

 

الحمد لله، والصلاة على رسول الله، وعلى آله، وصحبه ومن اهتدى بهداه، إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن علم العلل: هو أدق علوم الحديث، وأعمقها غورا، وأكثرها أهمية، وأصعبها تناولا.

* لما يترتب عليه من تدقيق في الألفاظ، وثبت في الأسانيد، وسعة في الطرق، والروايات، واطلاع في علوم عدة.

* وهذا العلم لا يخوضه؛ إلا من علا في الفهم كعبه، واتسعت رقعة معارفه، ودرايته، إذ القاصر فيه مخبط، والناقص فيه مخلط.

* أما الناقد المعلل؛ فهو كالصيرفي في نقده المغشوش من الذهب؛ قياسا على ما عنده من صفوة.

قال الحافظ ابن حجر / في «النكت على كتاب ابن الصلاح» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به، إلا من منحه الله تعالى: فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة.

* ولذلك لم يتكلم فيه، إلا أفراد من أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك؛ لما جعل الله لهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه، دون غيرهم: ممن لم يمارس ذلك). اهـ

* وهذا الكتاب: الذي نقدمه اليوم؛ لطلبة العلم، محققا: في كيفية إعلال الإمام مسلم /، لحديث: «صوم يوم عرفة» لغير الحاج في «المسند الصحيح» (ج2 ص818 و819 و820)، وهذا يبين جهود الإمام مسلم /، في حفظ السنة النبوية، والحرص على كشف ضعف أسانيدها، ومتونها.

* فأهل الحديث؛ فإنهم: يعلمون يقينا، أن مثل هذا الكتاب، له أهمية في العلم، لما حواه من نفائس، ودرر، يقصر دونها، كثير من أدعياء العلم، ومنتسبي المشيخة المزعومة، فلا هم فهموها، ولا أرادوا لأتباعهم الرهبان، حقا أن يفهموها، فخابوا كلهم: وخسروا الدنيا والآخرة.

هذا: وأسأل الله أن يرزقني الإخلاص، والصواب، وأن ينفع بهذا الكتاب.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

 

                                                                                               كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري  

 

 

     

ذكر الدليل

على إعلال الإمام مسلم /، لحديث: «صوم يوم عرفة»، لغير الحاج، حيث أعله بالاضطراب، والاختلاف: في أسانيده، ومتونه؛ لأنه /: وعد في «مقدمة المسند الصحيح»، أن يذكر العلل في الأحاديث في مواضع في أبوابها، إذا أتى إليها، علم من علم، وجهل من جهل، بهذه العلل في الأحاديث

 

اعلم رحمك الله، أن الإمام مسلم بن الحجاج القشيري /، لم يخرج حديث: «صوم يوم عرفة»، لغير الحاج على شرطه، في «المسند الصحيح»؛ ليثبت فيه سنية: «صوم يوم عرفة».

* بل ذكره لعلل فيه ([18])؛ لأنه مخالف للأصول؛ لذلك ذكر الإمام مسلم /، أن حديث أبي قتادة t روي من وجوه مختلفة في الإسناد، وفي المتن.

قلت: وقد نص على مراعاة الإمام مسلم / للقرائن في ذكر العلل، في أبوابها، من «المسند الصحيح»، غير واحد من الحفاظ. ([19])

* فذكر الوجه الأول:

فقال الإمام مسلم / في «المسند الصحيح» (ج2 ص818): حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، وقتيبة بن سعيد، جميعا: عن حماد، قال يحيى: أخبرنا حماد بن زيد، عن غيلان، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة t: (رجل أتى([20]) النبي r، فقال: كيف تصوم؟، فغضب رسول الله([21]) r، فلما رأى عمر t، غضبه، قال: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، نعوذ بالله من غضب الله، وغضب رسوله، فجعل عمر t يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه، فقال عمر: يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟ قال: «لا صام ولا أفطر»، (أو قال): «لم يصم ولم يفطر»، قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يوما؟ قال: «ويطيق ذلك أحد؟» قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يوما؟، قال: «ذاك صوم داود عليه السلام»، قال: كيف من يصوم يوما ويفطر يومين؟، قال: «وددت أني طوقت ذلك»، ثم قال رسول الله r: ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله([22])، صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله).

قلت: وهذا الحديث، عند الإمام مسلم /: معلول، بعنعنة، عبد الله بن معبد الزماني؛ لأنه لم يسمع من أبي قتادة t.

* وقد سبقه في ذلك الإمام البخاري /، حيث قال في «التاريخ الكبير» (ج5 ص198): (عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة... ولا يعرف سماعه من أبي قتادة). اهـ

* فقد صرح الإمام البخاري /، بعدم سماع عبد الله بن معبد الزماني، من أبي قتادة t.([23])

وقال الإمام البخاري / في «التاريخ الأوسط» (ج1 ص411): (ورواه عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة عن النبي r: «في صوم عاشوراء»([24])، ولم يذكر سماعا، من أبي قتادة). اهـ

* وقد اطلع الإمام مسلم / على كتب الإمام البخاري، في إعلاله لهذا الحديث، وغيره.

* فهو لا يخالف الإمام البخاري في علة هذا الحديث([25])؛ لأن الإمام البخاري: شيخ الإمام مسلم، الأجل لديه، الأكبر في عينيه، ولم يزل الإمام مسلم معظما للإمام البخاري، لا يخالفه في غالب العلل. ([26])

* ثم إن «مقدمة المسند الصحيح» للإمام مسلم / (ج1 ص33)، ناطقة، بثبوت سماع الراوي، عمن روى.

قلت: ورأيت للإمام مسلم / قولا يوافق الأئمة في تصريح الراوي بالسماع من شيخه، فقال / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص29): (وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار، والروايات قديما وحديثا، أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا، وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه، لكونهما جميعا كانا في عصر واحد، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام؛ فالرواية ثابتة، والحجة بها لازمة، إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه، أو لم يسمع منه شيئا، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا، فالرواية على السماع أبدا، حتى تكون الدلالة التي بينا). اهـ

* أفبعد أن لازم الإمام مسلم /، للإمام البخاري / لسنين طويلة، تراه لم يزل لم يعرف العلل التي يذكرها الإمام البخاري / في كتبه.

* والواقع أن الإمام البخاري /، قد أعل حديث: «كفارة المجلس»، بعدم العلم بالسماع، ووافقه الإمام مسلم /، على ذلك كل الموافقة. ([27])

قلت: وقد تكلم بعض منتحلي الحديـث من أهل التعالم في هذا الزمان، أنه يبعد أن الإمام البخاري يضعف سند: «صوم يوم عرفة»، وعلى فرض ذلك بزعمه أن الإمام مسلما أصاب في شرطه الذي ذكره في «مقدمة صحيحه» الذي خالف الإمام البخاري.([28])

* وهذا يؤكد جهله في الحديث وعلله، وأن الإمام البخاري أعلم من الإمام مسلم في الحديث وعلله، وأن شرط الإمام البخاري([29]) هو الصحيح، وعليه أئمة الحديث.

* وقد شهد الإمام مسلم بأن الإمام البخاري أستـاذ الأسـتـاذيـن، وطبيب الحديث في علله.

وأن الإمام مسلما عمل كتابه على كتاب الإمام البخاري وقلده في كثير من أصوله.

قال الكرابيسي: (رحم الله الإمام محمد بن إسماعيل؛ فإنه الذي ألف الأصول، وبين للناس، وكل من عمل بعده فإنما أخذ من كتابه: كمسلم بن الحجاج، فرق كتابه في كتبه، وتجلد فيه حق الجلادة، حيث لم ينسبه إلى قائله).([30])

وقد نص الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص372)؛ في ترجمة: حيان بن وبرة المري على ذلك بقوله: (ومسلم يتبع البخاري في أكثر ما يقول). اهـ

قلت: والذي يطالع في كتاب: «الكنى» للإمام مسلم يجد فيه نفس الإمام البخاري.([31])

وقد جرى ذكر: «الصحيحين» عند الإمام الدارقطني؛ فقال: (لولا البخاري لما ذهب مسلم ولا جاء).

وقال الإمام الدارقطني أيضا: (وأي شيء صنع مسلم؟! إنما أخذ كتاب البخاري؛ فعمل عليه مستخرجا، وزاد فيه زيادات).([32])

ولهذا قال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص11): (وهذا الذي حكيناه عن الدارقطني جزم به أبو العباس القرطبي / في أول كتابه: «المفهم في شرح صحيح مسلم»، والكلام في نقل كلام الأئمة في تفصيله كثير، ويكفي منه اتفاقهم على أنه كان أعلم بهذا الفن من مسلم، وأن مسلما كان يشهد له بالتقدم في ذلك والإمامة فيه، والتفرد بمعرفة ذلك في عصره). اهـ

وقال الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص11): (وأما من حيث التفصيل فقد قررنا أن مدار الحديث الصحيح على الاتصال، وإتقان الرجال، وعدم العلل، وعند التأمل يظهر أن كتاب البخاري أتقن رجالا، وأشد اتصالا). اهـ

ولهذا قال الحافظ الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص102): (إنما قفا مسلم طريق البخاري، ونظر في علمه، وحذا حذوه). اهـ

قلت: وهذا مما يؤكد أن أهل الحديث يعلمون أن الإمام البخاري / أعلم من الإمام مسلم / في الحديث وعلله، فيجب تقديمه في نقد سـنـد: «صوم يوم عرفة» وتضعيفه للحديث.

قلت: وقد شهد الإمام مسلم بأن الإمام البخاري أسـتـاذ الأسـتـاذين في معرفة الحديث وعلله.([33])

* وهذا القسم من أهل التعالم([34]): قلدوا مسلما / تقليدا محضا في أنه يشترط التعاصر فقط، وبناء على ذلك ارتكزوا في أخطاء كثيرة في تصحيح الأحاديث سواء كانت في «الصحيح»، أو خارج «الصحيح».([35])

* فهل خفيت على الإمام مسلم /، علة: الانقطاع، بين عبد الله بن معبد الزماني، وبين أبي قتادة، طبعا: لا؛ لأنه رآها في كتب الإمام البخاري /، فأخذها منه، وزاد عليها.

* فقرينة الإعلال عند الإمام مسلم /، بذكر الإمام البخاري / لذلك.

والمقصود: هو أن الشيخين: «البخاري»، و«مسلما»، كانا مراعيين، لقرائن السماع، وعدمه: أتم مراعاة.

* فعدم وجود دليل: نقطع، بثبوت السماع، بين عبد الله بن معبد الزماني، وبين أبي قتادة t، أو قرينة تشهد بسماعه ([36]) ، لم نجد.

قلت: وهذه العبارة لم يتفرد بها الإمام البخاري /، بل أطلقها الإمام أحمد بن حنبل، وغيره من أئمة الحديث، ومرادهم الانقطاع([37]) في الإسناد.

قلت: وقد أقره الإمام ابن عدي /، على تضعيف حديث: (صوم يوم عرفة)، بقوله في «الكامل في ضعفاء الرجال» (ج4 ص1540): (وهذا الحديث هو الحديث الذي أراده البخاري، أن عبدالله بن معبد لا يعرف له سماع من أبي قتادة!).اهـ

قلت: فذكر الحافظ ابن عدي /؛ عبد الله بن معبد الزماني في «الضـعـفـاء» من أجل انقطاع سنده بينه، وبين أبي قتادة، فيما قاله الإمام البخاري.([38])

قال الحافظ ابن حجر / في «تهذيب التهذيب» (ج6 ص36)؛ عن عبد الله بن معبد: (وذكره ابن عدي يعني: في «الضعفاء»- من أجل قول البخاري). اهـ

وقد أقـره الإمام العقيلي / في «الضعفاء الكبير» (ج2 ص305): (قـال حدثني آدم بن موسى قال: سمعت البخاري قال: عبد الله بن معبد الزماني روى عنه غيلان بن جرير، وقتادة، يحدث عن أبي قتادة، ولا يعرف سماعه من أبي قتادة!). اهـ

وقد أقره الإمام العراقي / في «تحفة التحصيل» (ص187): (عبد الله بن معبد الزماني، يروي عن أبي قتادة، روايته عنه في «صحيح مسلم»، وقال البخاري: لا يعرف له سماع منه!). اهـ

قلت: وقد صرح بضعف الحديث الإمام محمد بن طاهر المقدسي /.

قال الإمام محمد بن طاهر المقدسي / في «ذخيرة الحفاظ» (ج3 ص1532): (حديث: «صوم يوم عاشوراء يكفر العام الذي قبله، وصوم يوم عرفة يكفر العام الذي قبله والذي بعده». رواه عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة، وعبد الله لا يعرف له سماع من أبي قتادة: الحارث بن ربعي!). اهـ

وقال الإمام ابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج2 ص745): (عبد الله بن معبد الزماني الذي ذكره الأمير، وقال: روى عن أبي قتادة، فقال البخاري في «تاريخه»: روى عنه حجاج بن أرطاة، وغيلان بن جرير، وقتادة، لا يعرف سماعه من أبي قتادة).اهـ

وقال الإمام تقي الدين المقريزي / في «مختصر الكامل» (ص471): (عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة، لا يعرف له سماع من أبي قتادة، قاله: البخاري).اهـ

وقال الحافظ البوصيري / في «حاشيـتـه على تحفة التحصيل» (ص267): (عبد الله بن معبد الزماني البصري: روى عن أبي قتادة، وأبي هريــرة، وأرســل عـن عمر، قال أبو زرعة: لم يدرك عمر، وقال البخاري: لا يعرف سماعه من أبي قتادة!).اهـ

وقال الحافظ البوصيري / في «حاشـيـتـه على تحفة التحصيل» (ص267)؛ عن رواية ابن معبد: (مسلم يكتفي بالمعاصرة، فروى له حديثا([39]) على قاعدته!). اهـ

قلت: وهذا يدل على خطأ الإمام مسلم / في اشتراطه واكتفائه أحيانا بالمعاصرة بين الراوي وشيخه في بعض الأسـانـيـد مما أوقعه في بعض الأسـانـيـد المنقطعة في «صحيحه»!.

* وهذا أيضا يدلك على أن عبد الله بن معبد الزماني يروي عن الصحابة بواسـطـة، فهو يروي مثلا: عن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن مسعود؛ كما في «الصحيح» لمسلم في كتاب «التفسير» (ج4 ص2321) من طريق قتادة، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود، في قوله تعالى: ]أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسـيـلة[ [الإسـراء: 57]، قال: (نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن، فأسـلـم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون، فنزلت: ]أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسـيـلة[ [الإسراء: 57].

قلت: ومن هذا يتبين لك أن عبد الله بن معبد لم يسمع شيئا من الصحابة؛ لأنه يروي عنهم بواسطة، وإذا لم يذكر الواسطة، فإنه يرسل عن الصحابة.

* والمقصود: من نحو هذه العبارة، بيان أن هناك قرائن تشهد، بعدم حصول السماع، من عبد الله بن معبد الزماني، لأبي قتادة t.

* وهذا الذي قرره الإمام مسلم /، بالقرائن في تعليل حديث: «صوم يوم عرفة» من ذلك: الانقطاع في السند، وذكره للاضطراب، والاختلاف.

* وعبد الله بن معبد الزماني، تبين بالقرائن: أنه لم يسمع من أحد من الصحابة، ولم يدركهم أيضا([40]) ؛ لأنه يروي بواسطة عنهم. ([41])

فعن عبد الله بن مسعود t: ]أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة[ [الإسراء: 57]، قال: (نزلت في نفر من العرب، كانوا يعبدون نفرا من الجن، فأسلم الجنيون، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون، فنزلت: ]أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة[ [الإسراء: 57]).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص321) من طريق قتادة، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود t به.

قلت: وهذا يدل على أن عبد الله بن معبد الزماني، يروي بواسطة التابعين، الذين يروون عن الصحابة، كما هنا؛ فإنه يروي عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو تابعي. ([42])

* لذلك: لم يرو عنه الإمام البخاري في «الجامع المسند الصحيح»، للانقطاع بينه، وبين الصحابة؛ لأنه لم يدركهم. ([43])

وعلى سبيل المثال:

قال الإمام أبو زرعة /؛ عن عبد الله بن معبد الزماني: (لم يدرك عمر بن الخطاب t). ([44])

* فعبد الله بن معبد الزماني، لم يدرك الصحابة، ولم يدرك علي بن أبي طالب t، فكيف يدرك أبا قتادة t، وهو توفى قبل علي بن أبي طالب، وقد صلى على أبي قتادة.

* فما دام لم يدرك: علي بن أبي طالب، فهو لم يدرك أبا قتادة أيضا، ولم يسمع منه.

وإليك الدليل:

فعن موسى بن عبد الله بن يزيد: (أن عليا t: صلى على أبي قتادة t، فكبر عليه سبعا، وكان بدريا). ([45])

* وقد بين الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (ج2 ص676)؛ أن أبا قتادة t، مات في خلافة علي بن أبي طالب t، وهذا هو الراجح.

* وكذا قال الحافظ التركماني في «الجوهر النقي» (ج4 ص36).

قلت: ومن هذه القرائن القوية، يتبين أن الحديث فيه نكارة من رواية: عبد الله بن معبد الزماني، وهي غير محفوظة.

* وقد نص الحفاظ على شذوذ حديث: «صوم يوم عرفة»، وأنه لا يصح، من حديث: عبد الله بن معبد الزماني، منهم: الإمام البخاري، والإمام ابن عدي، والإمام ابن نقطة، والإمام العقيلي، والإمام محمد بن طاهر، وغيرهم. ([46])

* إذا فعذر الإمام مسلم /: أنه أبان الحق في هذا الحديث، بذكر علله، ورد على المقلدة الجهلة، فأبلغ في العذر بذلك.

* ثم إن المتن، من هذا الوجه، قد جمع أحاديث كثيرة، في حديث واحد، وأصل هذه الأحاديث، هي متفرقة في أصول الأحاديث، ليست هي من هذا الحديث البتة، فوجودها في حديث واحد، منكرة من هذا الوجه. ([47])

قلت: ومن هذا الوجه، لم يذكر فيه: «صوم الاثنين»، و«الخميس»، رغم أن الروايات الأخرى ذكرت ذلك، وهي من وجوه أخرى، مما يدل على الاضطراب في هذا الحديث. ([48])

* ثم إن المتن، من هذا الوجه، فقد جاء: «عن رجل مبهم»، والسائل هو هذا الرجل، وأيضا السائل هو عمر بن الخطاب t للرسول r.

فعن أبي قتادة t قال: (رجل أتى النبي r، فقال: كيف تصوم؟)، هذا سؤال الرجل، ثم انتقل السؤال من عمر بن الخطاب t: (فقال عمر: يا رسول الله، كيف بمن يصوم الدهر كله؟... قال عمر: كيف من يصوم يومين ويفطر يوما؟... قال عمر: كيف من يصوم يوما ويفطر يوما؟...).([49])

* رغم الروايات الأخرى: نصت على أن السائل من أناس مجهولين مطلقا، فهكذا جاءت السؤالات: (فسئل... فسئل... وسئل... وسئل... وسئل...). ([50])

قلت: وهذا يدل على ما في هذا الحديث من تخليط شديد، ووقع ذلك من الراوي المجهول، الذي بين عبد الله بن معبد الزماني، وبين أبي قتادة، فهو الذي دس هذه الألفاظ في الحديث الواحد.

قلت: فهذا الرجل المجهول، رفع أحاديث، ليست من الحديث، وزاد في المتون: أشياء ليس فيها، وليست من النبي r.

* وهذا يقع من الراوي، أو الرواة.

قال الإمام ابن عدي / في «الكامل في الضعفاء» (ج2 ص237)؛ في ترجمة: الحسن بن علي المعمري: (رفع أحاديث، وزاد في المتون: أشياء ليس فيها).اهـ

وقال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (4/ق8/ط): وذكر حديثا اضطرب فيه الرواة، ثم قال: (وليس فيها شيء أقطع على صحته؛ لأن الأعمش اضطرب فيه، وكل من رواه عنه ثقة). اهـ

قلت: فقد اشتمل الإسناد على مجهول، بين عبد الله بن معبد الزماني، وبين أبي قتادة.

* ثم ذكر الإمام مسلم /، الوجه الثاني بتمامه، وزاد في ألفاظه، ليبين علة الحديث في ألفاظه، وأسانيده.

فقال الإمام مسلم / في «المسند الصحيح» (ج2 ص819): (حدثنا محمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، (واللفظ لابن المثنى) قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن غيلان بن جرير، سمع عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة الأنصاري t: «أن رسول الله r سئل عن صومه؟، قال: فغضب رسول الله r، فقال عمر t: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وببيعتنا بيعة».

قال: فسئل عن صيام الدهر؟، فقال: «لا صام ولا أفطر (أو ما صام وما أفطر)».

قال: فسئل عن صوم يومين وإفطار يوم؟، قال: «ومن يطيق ذلك؟».

قال: وسئل عن صوم يوم، وإفطار يومين؟، قال: «ليت أن الله قوانا لذلك».

قال: وسئل عن صوم يوم، وإفطار يوم؟، قال: «ذاك صوم أخي داود عليه السلام».

قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين؟، قال: «ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت (أو أنزل علي فيه)، قال: فقال: صوم ثلاثة من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، صوم الدهر».

قال: وسئل عن صوم يوم عرفة؟، فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية».

قال: وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟، فقال: «يكفر السنة الماضية»).

* وهذا وجه آخر في الحديث، برواية: شعبة بن الحجاج.

قلت: وهذا المتن، من هذا الوجه، وقع فيه تخليط شديد، بزيادة ألفاظ أخرى، والسؤالات جاءت من مجهولين.

والزيادات هي:

عن أبي قتادة t قال: (أن رسول الله r: سئل عن صومه؟، قال: فغضب رسول الله r، فقال عمر t: رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وببيعتنا بيعة).

فزيد؛ بلفظ: (ببيعتنا بيعة)، فهذا اللفظ لا يوجد في اللفظ الأول.

قال الحافظ الذهبي / في «سير أعلام النبلاء» (ج6 ص346): (ليس من شرط الثقة، أن لا يغلط أبدا؛ فقد غلط شعبة، ومالك، وناهيك بهما: ثقة، ونبلا). اهـ

ثم قال أبو قتادة t: (فسئل عن صيام الدهر؟... قال: فسئل عن صوم يومين وإفطار يوم؟... وسئل عن صوم يوم، وإفطار يومين؟... وسئل عن صوم يوم، وإفطار يوم؟... وسئل عن صوم يوم الاثنين؟... وسئل عن صوم يوم عرفة؟... وسئل عن صوم يوم عاشوراء؟).

فزيد: «صوم يوم الاثنين»، في هذا المتن، وكذلك: جاءت الإجابة عن سؤال في: «صوم يوم عرفة»، في هذا المتن، ومن هذا الوجه، رغم في المتن الأول: جاءت الإجابة من النبي r، بدون سؤال.

* وهذا من الاضطراب.

* فذكر الإمام مسلم /، الرواية الأولى بتمامها، ثم أردف الرواية الثانية بعدها بتمامها، ليبين اختلاف الألفاظ في الروايتين؛ ليثبت وجود العلل في حديث أبي قتادة t.

* ويؤيده: ما بين الإمام مسلم / من الوهم في الحديث، من رواية: شعبة بن الحجاج.

فقال الإمام مسلم / في «المسند الصحيح» (ج2 ص820): (وفي هذا الحديث: من رواية شعبة، قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين، والخميس؟ فسكتنا عن ذكر: «الخميس» لما نراه وهما). اهـ

* ثم ذكر الإمام مسلم /، الوجه الثالث، ليبين الاختلاف فيه، في السند، والمتن.

فقال الإمام مسلم / في «المسند الصحيح» (ج2 ص820): (وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين، والخميس؟ فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما.

وحدثناه عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا النضر بن شميل، كلهم: عن شعبة بهذا الإسناد). اهـ

قلت: فذكر: «صوم الخميس»، مع «صوم الاثنين»، في هذا الحديث، من هذا الوجه، وهو: وهم من الراوي.

قال الإمام ابن دقيق العيد في «شرح الإلمام بأحاديث الأحكام» (ج1 ص60): (أهل الحديث قد يروون الحديث، من رواية الثقات العدول، ثم تقوم لهم علل فيه؛ تمنعهم من الحكم بصحته؛ كمخالفة جمع كثير له، أو من هو أحفظ منه، أو قيام قرينة تؤثر في أنفسهم غلبة الظن بغلطه). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص582): (ربما يستنكر أكثر الحفاظ المتقدمين، بعض تفردات الثقات الكبار، ولهم في كل حديث نقد خاص). اهـ

وقال الحافظ الخطيب / في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص295): (السبيل إلى معرفة علة الحديث: أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم، من الحفظ، ومنزلتهم من الإتقان، والضبط). اهـ

قلت: فالاضطراب، والاختلاف، يؤثران على الحديث: سندا، ومتنا.

قال الحافظ ابن حجر / في «نتائج الأفكار» (ج1 ص88)، أثناء كلامه على حديث اختلف في سنده ومتنه: (هذا حديث حسن، وإنما لم أحكم لحديثه هذا بالصحة؛ لاختلاف وقع في سنده، ومتنه). اهـ

وقال العلامة اللكنوي / في «ظفر الأماني» (ص392): (الاضطراب في المتن قلما يوجد؛ إلا ومعه اضطراب في السند). اهـ

* ثم ذكر الإمام مسلم /، الوجه الرابع، في هذا الحديث، مع ذكر: «صوم الاثنين»، ولم يذكر معه: «صوم الخميس»، مما يدل على ثبوت الاختلاف، والاضطراب في هذا الحديث، وقد أعله الإمام مسلم / بذلك.

قال الإمام مسلم في «المسند الصحيح» (ج2 ص820): (حدثني أحمد بن سعيد الدارمي، حدثنا حبان بن هلال، حدثنا أبان العطار، حدثنا غيلان بن جرير، في هذا الإسناد، بمثل حديث شعبة، غير أنه ذكر فيه الاثنين، ولم يذكر الخميس). اهـ

قال الإمام ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص434): (إن من أعلى المراتب في تصنيفه -يعني: الحديث- معللا؛ بأن يجمع في كل حديث: طرقه، واختلاف الرواة فيه). اهـ

* فالرواة يضطربون في الأسانيد، والمتون، ومن خلال دراسة طرق الحديث، تستطيع بيان الاضطراب في الحديث جملة، وتفصيلا.

قلت: والاضطراب من أسباب ضعف الحديث. ([51])

قال الإمام ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص270): (يقع الاضطراب في متن الحديث، وقد يقع في الإسناد، وقد يقع من راو واحد، ويقع بين رواة له جماعة). اهـ

قلت: فقد جاء الحديث هذا بألفاظ مضطربة، لا تصح.

قال الإمام ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علم الحديث» (ص269): (المضطرب من الحديث: هو الذي تختلف الرواية فيه؛ فيرويه: بعضهم على وجه، وبعضهم على وجه آخر مخالف له). اهـ

* ثم ذكر الإمام مسلم /، الوجه الخامس، في هذا الحديث، مع ذكر لفظ: (أن رسول الله: سئل عن صوم الاثنين، فقال r: فيه ولدت، وفيه أنزل علي).

* رغم أن في الوجه الثاني ذكره بلفظ: (سئل عن صوم يوم الاثنين، قال r: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو أنزل علي فيه).

هكذا بتغاير، مع شك.

قال الإمام مسلم / في «المسند الصحيح» (ج2 ص820): وحدثني زهير بن حرب، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا مهدي بن ميمون، عن غيلان، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة الأنصاري t: (أن رسول الله r سئل عن صوم الاثنين؟ فقال: «فيه ولدت وفيه أنزل علي»).

قلت: فبين الإمام مسلم /، الاضطراب، والاختلاف في الحديث، كعلل فيه، وهذا واضح في مراده / بذكره لهذه الوجوه، وإعلالها.

قال الإمام مسلم / في «المسند الصحيح» (ج2 ص820): (وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال: وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس؟ فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما.

* وحدثناه عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا النضر بن شميل، كلهم عن شعبة بهذا الإسناد.

* وحدثني أحمد بن سعيد الدارمي، حدثنا حبان بن هلال، حدثنا أبان العطار، حدثنا غيلان بن جرير، في هذا الإسناد، بمثل حديث شعبة، غير أنه ذكر فيه الاثنين، ولم يذكر الخميس.

* وحدثني زهير بن حرب، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا مهدي بن ميمون، عن غيلان، عن عبد الله بن معبد الزماني، عن أبي قتادة الأنصاري t: أن رسول الله r سئل عن صوم الاثنين؟ فقال: «فيه ولدت وفيه أنزل علي»). اهـ

قلت: والباحث من خلال الطرق، والأسانيد، والمتون، واعتبار الروايات، يغلب على ظنه أن الرواة أخطؤوا في هذا الحديث، فيعل الحديث بذلك. ([52])

قال الحافظ الذهبي / في «الموقظة» (ص53)؛ في معرض كلامه على اختلاف الثقات في الحديث: (إذا اختلف جماعة فيه، وأتوا به على أقوال عدة، فهذا يوهن الحديث، ويدل على أن راويه، لم يتقنه). اهـ

* وهذا من أسباب ضعف الحديث، ويقع في أحد أمرين: السقط، والطعن.

* السقط في السند: وهو إما ظاهر، أو خفي.

1) السقط الظاهر: هو المعلق، والمرسل، والمعضل، والمنقطع. ([53])

2) السقط الخفي: هو التدليس، والإرسال الخفي. ([54])

* الطعن في الراوي: وهو التكلم فيه من ناحية: عدالته، أو دينه، أو من ناحية: ضبطه، وحفظه، وتيقظه. ([55])

قلت: وهذا الطعن كان بسبب وهم الراوي في عدم ضبطه للحديث، فوقع في الاضطراب.

* والاضطراب في الحديث، علة خفية، لا يطلع عليها؛ إلا من هو من أهل المعرفة بالحديث، وقوانينه، التي لا يعرفها؛ إلا من طال اشتغاله بالحديث، وتمرس في هذا العلم برهة من الزمن، وكان له نظر واسع في طرق الحديث. ([56])

قلت: فلا بد من دراسة الحديث، بتبين طرقه، واختلاف الرواة فيه، وفي اختلافهم في متونه.

قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص662): (اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقيمه، يحصل من وجهين:

أحدهما: معرفة رجاله، وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين؛ لأن الثقات، والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التآليف.

الوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف: إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف، والرفع، ونحو ذلك.

* وهذا هو الذي يحصل من معرفته واتقانه، وكثرة ممارسته الوقوف على دقائق علل الحديث). اهـ

* فهناك قرائن، تبين علة حديث: «صوم يوم عرفة»، وهذه القرائن هي:

1) نكارة ألفاظ الحديث.

2) اضطراب الحديث في متنه، وسنده.

3) اختلاف الحديث في متنه، وسنده.

4) الانقطاع في السند.

* فالخلاصة:

* هذا الحديث؛ كما سبق ذكره: يرويه غيلان بن جرير، واختلف عليه:

1) فرواه حماد بن زيد:

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2ص818 و819)، وغيره.

2) ورواه أبان بن يزيد العطار:

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2ص820)، وغيره.

3) ورواه قتادة:

أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ج8ص394)، وغيره.

4) ورواه مهدي بن ميمون:

أخرجه أحمد في «المسند» (ج8ص308 و310 و311)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم» (ج3ص203)، والطيوري في «الطيوريات» (ص191)، وغيرهم.

5) ورواه جرير بن حازم:

أخرجه الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2ص72 و77)، وغيره.

كلهم: عن غيلان، عن عبد الله بن معبد، عن أبي قتادة t.

قلت: أبان العطار، ومهدي بن ميمون لم يقولا: «والخميس».

أما البقية: فقد اختصروا الحديث.

وخالفهم شعبة، واختلف عنه:

1) فرواه غندر:

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2ص819)، وغيره.

2) ورواه يحيى بن سعيد القطان:

أخرجه أحمد في «المسند» (ج5ص297)، وغيره.

وقال كلاهما: عن شعبة به.

وزاد لفظة: «والخميس».

وخالفهما جماعة، فلم يذكروا هذه اللفظة: «والخميس»، وهم:

1) عبد الله بن إدريس.

2) روح بن عبادة.

3) معاذ العنبري.

4) النضر بن شميل.

5) شبابة.

كلهم: عن شعبة به، ولم يقولوا: «والخميس».

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2ص820)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم» (ج3ص202)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2ص77)، وغيرهم.

قال الحافظ مسلم / في «صحيحه» (ج2ص820)؛ بعد أن ذكر رواية: غندر، عن شعبة، قال:فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما»). اهـ

قلت: إذا فلا غرابة أن يعل الأئمة حديثا، في صحيح مسلم -وذلك أن مسلما / نفسه أعل بعض الأحاديث، بحسب ما ذكر في: «مقدمته للمسند الصحيح»؛ فإن كان الحديث مما صححه الإمام مسلم، ولم يورده لبيان علته، فيكون هذا من قبيل ما تجاذبته أنظار أهل هذا الشأن.

* فبين خلال كلامه: أنه قد يكرر الحديث لمعنى زائد، أو لأجل وضع إسناد جانب إسناد لعلة ما.

* وذكر أنه سيذكر أخبارا معللة في مواضع من كتابه، سيبينها، ويشرحها، فمنها: أن يورد الحديث بإسناد، ثم يذكر أسانيد له مبينا: فيه الاختلاف في الرواية، والاختلاف في متنه. ([57])

قال الإمام مسلم / في «مقدمة المسند الصحيح» (ج1 ص212): (وسنزيد إن شاء الله تعالى: شرحا، وإيضاحا، في مواضع من الكتاب: عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن، التي يليق بها الشرح، والإيضاح، إن شاء الله تعالى). اهـ

* فهذا كلام الإمام مسلم، نفسه يبين لك الأمر، ويوضحه في إعلاله للأحاديث في موضعها من الكتاب، ومن ذلك: حديث: «صوم يوم عرفة»، فقد أعله في موضعه من: «المسند الصحيح»، بذكر الاضطراب، والاختلاف في أسانيده، ومتونه، وهذا ظاهر.

* وقد أعل الإمام مسلم /، حديث: أبي قتادة t، من قوله r: «في صوم يوم عرفة»، بحديث عائشة ڤ، من فعله r، في «عدم صوم يوم عرفة»، الذي يبين عدم صوم النبي r في العشر الأول من ذي الحجة، ومن ذلك: عدم صوم النبي r، في يوم عرفة، فحديث: عائشة ڤ: أصح، من حديث: أبي قتادة t؛ لأنه لا تعارض بين سنة النبي r.

* ويستحيل من الإمام مسلم /، أن يورد حديث أبي قتادة t من قوله، ويورد حديث: عائشة ڤ، من فعله، وبينهما تعارض، إلا ليبين علة حديث أبي قتادة t.

* فذكر الحديث من قوله r: «في صوم يوم عرفة»، ليعله، وذكر الحديث من فعله r؛ ليبين فيه عدم صوم النبي r ليوم عرفة؛ لأنه أصح، من قوله، وقد جزمت عائشة ڤ، بذلك، وأجمع الصحابة t، أن النبي r، لم يصم عرفة، لا في الحج، ولا في غير الحج.

وإليك الدليل:

فعن عائشة ڤ قالت: (ما رأيت رسول الله r صائما في العشر قط). يعني: الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة.

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص283)، والترمذي في «سنـنـه» (756)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2872)، وابن راهويه في «المسند» (1505)، وأحمد في «المسند» (ج6ص42)، والسراج في «المسند» (ق/99/ط)، وأبو القاسم البغوي في «الجعديات» (ج2 ص739)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص41)، وابن حبان في «صحيحه» (3608)، والبغوي في «شرح السنة» (1793)، وفي «شمائل النبي r» (ج2 ص481)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص285) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عـن الأسـود عن عائشة ڤ به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ص283) من طريق سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ قالت: (أن النبي r لم يصم العشر).([58])

وأخرجه المحاملي في «الأمالي» (ص276) من طريق الفرات الرقي عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ قالت: (ما رأيت رسول الله r صائما أيام العشر قط).

وإسناده صحيح.

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص285)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص42) من طريق يعلى عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسـود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (2874) من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

وأخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» (2103) من طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

وأخرجه أبو داود في «سـننـه» (ج2 ص816)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص124) من طريق أبي عوانة عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

وإسناده صحيح.

قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص120): (هكذا رواه غير واحد

عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة). اهـ

* ثم ذكر أن هذه الرواية أصح، وأوصل إسنادا.([59])

فقال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص121): (وقد اختلفوا على منصور في هذا الحديث، ورواية الأعمش أصح، وأوصل إسنادا). اهـ

قال الإمام وكيع بن الجراح /: (الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور).([60])

وحديث منصور: أخرجه ابن ماجة في «سـنـنه» (1726) من طريق أبي الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة ڤ به.

قال العلامة الشيخ الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج7 ص201): (رواية ابن ماجة عن منصور متصلة صحيحة الإسـنـاد، فهي تؤكد أصحية رواية الأعمش). اهـ

قلت: لأن فيها متابعة منصور للأعمش.([61])

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص41)، وابن راهويه في «المسند»

 (1506) من طريق جرير عن منصور عن إبراهيم: (أن النبي r لم ير صائما في العشر قط)، هكذا مرسلا.

وأخرجه ابن الجعد في «حديثه» (ج2 ص735) من طريق سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال حدثت: (أن رسول الله r، لم يصم العشر قط).

ومن هذا الوجه: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص378).

قال الحافظ الترمذي / في «السنن» (ج3 ص103): (وروى الثوري، وغيره هذا الحديث عن منصور عن إبراهيم: (أن النبي r لم ير صائما في العشر)، وروى أبو الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن عائشة، ولم يذكر فيه عن الأســود، وقد اختلفوا على منصور في هذا الحديث، ورواية الأعمش أصح، وأوصل إسنادا).([62])اهـ

ثم قال الحافظ الترمذي /: وسمـعت محمد بن أبان يقول سمعت وكيعا يقول: (الأعمش أحفظ لإسناد إبراهيم من منصور). اهـ

* وقد ذكر مثل كلام الترمذي: أبو حاتم، وأبو زرعة، فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في «العلل» (ج2 ص71).

وذكر الحافظ الدارقطني /: اختلاف منصور، والأعمش على إبراهيم النخـعي، فالأعمـش كـمـا سـبـق روى الحـديث عـن إبـراهـيـم عـن الأســود عن عائشة، متصلا مرفوعا، وروى منصور الحديث عن إبراهيم مرسلا، ومتصلا.

ولم يرجح الحافظ الدارقطني / أحد الجانبين على الآخر، والظاهر أنه يرجح الإرسال.([63])

حيث قال الحافظ الدارقطني / في «التتبع» (ص529): (وأخرج مسلم حديث الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: ما صام رسول الله r العشر).

قال أبو الحسن الدارقطني: (وخالفه منصور: رواه عن إبراهيم مرسلا). اهـ

وقد صرح بترجيحه للإرسال في كتابه «العلل» (ج5 ص129)؛ مجيبا عن سؤال وجه إليه عن هذا الحديث: (يرويه: إبراهيم النخعي، واختلف عنه: فرواه الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، ولم يختلف عن الأعمش فيما حدث به عنه أبو معاوية، وحفص بن غياث، وزائدة بن قدامة، وعبدة بن سليمان، والقاسم بن معين، وأبو عوانة.

* واختلف عن الثوري، فرواه ابن مهدي عن الثوري عن الأعمش كذلك.

* وتابعه يزيد بن زريع، واختلف عنه: فرواه حميد المروزي عن يزيد بن زريع، عن الثوري عن الأعمش مثل قول عبد الرحمن بن مهدي.

* وحدث به شيخ من أهل أصبهان: يعرف بعبد الله بن محمد النعمان عن محمد بن منهال الضرير عن يزيد عن الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة.

* وتابعه معمر بن سهل الأهوازي عن أبي أحمد الزبيري عن الثوري.

والصحيح: عن الثوري عن منصور عن إبراهيم قال: حدثت: أن رســول الله r، وكذلك رواه أصحاب منصور مرسلا: منهم: فضيل بن عياض، وجرير). اهـ

* فنرى الحافظ الدارقطني / هنا قد رجـح الإرســـال، واحتج لذلك بأن أصحاب منصور قد رووه مرسلا.

* ولكن الاختلاف بين الأعمش، ومنصور الحق فيه: أن الوصل الذي رواه الأعمش، هو الصواب والراجح، كما سبق ذكر ذلك.

ويؤيد ذلك: رواية منصور المتصلة السابقة عن ابن ماجة في «سننه» (1726).

قال العلامة الشيخ الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج7 ص201): (رواية ابن ماجة عن منصور متصلة صحيحة الإسـنـاد، فهي تؤكد أصحية رواية الأعمش). اهـ

قلت: لأن فيها متابعة منصور للأعمش.

* إذن فالراجح هو الوصل.

قلت: فالمتن صحيح من هذا الطريق الذي اعترضه الحافظ الدارقطني /.

قال العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي / في «تعليقه على التتبع للدارقطني» (ص531): (فعلى هذا لا يلزم الاعتراض مسلما؛ لأنه أخرج الطريق المتصلة، وهي المعتمدة؛ كما أفاده الترمذي عن وكيع). اهـ

وأورد الحافظ ابن رجب / في «لطائف المعارف» (ص392) حديث عائشة هذا، وأورد عليه إيرادات غير قادحة؛ كما سبق، فقال: (وقد اختلف جواب الإمام أحمد عن هذا الحديث؛ فأجاب مرة بأنه قد روي خلافه، وذكر حديث حفصة، وأشار على أنه اختلف في إسناد حديث عائشة فأسـنـده الأعمش، ورواه منصور عن إبراهيم مرسلا). اهـ

قلت: وهذا الحديث نص صريح أن النبي r لم يصم العشر الأولى من ذي الحجة، واليوم التاسع منها، وهو يوم عرفة، والله ولي التوفيق.

فقولها: (ما رأيته صائما في العشر قط)، يتعذر تأويل بعض العلماء فيه، لأنه صريح في أن النبي r لم يصم مطلقا في أيام العشر من ذي الحجة، وعلى هذا مما جاء أنه ما صام r في جميع العشر: هو الأصل فليتأمل.([64])

قال الحافظ ابن رجب / في «لطائف المعارف» (ص392): (وهذا الجمع يصح في رواية من روى: (ما رأيته صائما العشر)، وأما من روى: (ما رأيته صائما في العشر)؛ فيبعد، أو يتعذر الجمع فيه). اهـ

قلت: ولذلك لم يرض الإمام ابن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص417) بهذه التأويلات: لحديث عائشة ڤ؛ لأنها غير مقنعة، فقال /: (قد تأملت الحديثين، واتضح لي أن حديث حفصة ڤ فيه اضطراب([65])، وحديث عائشة ڤ أصح منه، والجمع الذي ذكره الشوكاني فيه نظر، ويبعد جدا أن يكون النبي r يصوم العشر، ويخفى ذلك على عائشة ڤ، مع كونه يدور عليها في ليلتين، ويومين من كل تسعة أيام؛ لأن سودة ڤ وهبت يومها لعائشة ڤ، وأقر النبي r ذلك، فكان لعائشة ڤ يومان، وليلتان من كل تسع([66])، ولكن عدم صومه r العشر لا يدل على عدم أفضلية صيامها؛ لأن النبي r قد تعرض له أمور تشغله عن الصوم([67])). اهـ

قلت: وقول الإمام ابن باز /: (ولكن عدم صومه r العشر...) هذا في مقابلة النص، فيغني عن الاجتهاد.

فعن أنس t قال: «كان للنبي r تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن، لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع، فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها، فكان في بيت عائشة، فجاءت زينب، فمد يده إليها، فقالت: هذه زينب، فكف النبي r يده، فتقاولتا حتى استخبتا، وأقيمت الصلاة، فمر أبو بكر على ذلك، فسمع أصواتهما، فقال: اخرج يا رسول الله إلى الصلاة، واحث في أفواههن التراب، فخرج النبي r، فقالت عائشة: الآن يقضي النبي r صلاته، فيجيء أبو بكر فيفعل بي ويفعل، فلما قضى النبي r صلاته، أتاها أبو بكر، فقال لها قولا شديدا، وقال: أتصنعين هذا؟».([68])

وعن عائشة ڤ قالت: «ما رأيت امرأة أحب إلي أن أكون في

 مسلاخها من سودة بنت زمعة، من امرأة فيها حدة، قالت: فلما كبرت، جعلت يومها من رسول الله r لعائشة، قالت: يا رسول الله، قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان رسول الله r، يقسم لعائشة يومين، يومها ويوم سودة».([69])

قلت: وهذا يشعر بأن صوم يوم عرفة لم يكن معروفا عند النبي r، مما يؤكد بأن الحديث الوارد في الترغيب في صومه غير ثابت عنه r.

وهذا فيه رد على الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص237) بأنه قال: (هذا([70]) يشعر بأن صوم يوم عرفة كان معروفا عندهم معتادا لهم في الحضر([71])، وكأن من جزم بأنه صائم استند إلى ما ألفه من العبادة، ومن جزم بأنه غير صائم قامت عنده قرينة كونه مسافرا، وقد عرف نهيه عن صوم الفرض في السفر فضلا عن النفل). اهـ

قلت: وهذا اجتهاد في مقابلة النص، فإذا وجد النص فلا رأي ولا اجتهاد، فالنقل هو الأصل، وهو المقدم على كل شيء في حالة ما يشبه التعارض.

* ومن المعلوم أن كل ما نص عليه الكتاب، والسنة نصا صريحا لا يجوز العدول عنه إلى ما يؤدي إليه الاجتهاد.

قال الحافظ الخطيب / في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص504): (باب في سقوط الاجتهاد مع وجود النص). اهـ

وقال الحافظ ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص287): (فصل في تحريم الإفتاء، والحكم في دين الله بما يخالف النصوص، وسـقـوط الاجتهاد، والتقليد عند ظهور النص، وذكر إجماع العلماء على ذلك). اهـ

قلت: ويدل أيضا على أن النبي r لم يصم صوم يوم عرفة حديث: أبي هريرة t.

فعن أبي هريرة t: (أن أبا بكر الصديق t بعثه في الحجة التي أمره عليها رسول الله r قبل حجة الوداع يوم النحر في رهط يؤذن في الناس أن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (1622)، ومسلم في «صحيحه» (1347) من طريق ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة t به.

قلت: وهذا الدليل الضربة القاضية للمجوزين لصوم يوم عرفة، وذلك أن النبي r كان حجه في السنة العاشرة في حجة الوداع، وقد حج أبو بكر الصديق t بالناس في السنة التاسعة بأمر النبي r، وكان النبي r في المدينة في الحضر، ولم يكن حاجا، ولم ينقل عنه r أنه صام يوم عرفة، وهو في المدينة في السنة التاسعة، مما يدل على أن صوم يوم عرفة، غير مشروع صومه، ولو كان مشروعا لصامه r، وأمر الناس بصيامه؛ كما فعل r في أمره بصوم يوم عاشوراء([72])، وغيره من صوم النفل.

قال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج4 ص10): (فلما كان سنة تسع أراد رسول الله r أن يحج، ثم قال: (إنه يحضر المشركون فيطوفون عراة) ([73])، فبعث أبا بكر t تلك السنة أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج ... فسار أبو بكر t أميرا على الحج). اهـ

* فهذا يدل أن أبا بكر t، هو الأمير في الحج لسنة تسع من الهجرة.([74])

* والنبي r كان في المدينة، ولم يثبت أنه r صام يوم عرفة، ولم ينقل عنه هذا الصوم، لذلك صوم يوم عرفة ليس من السنة.

قلت: فعدم ذكر الصوم في يوم عرفة، دليل على أن النبي r لم يفعله، ولو كان r صامه لنقل إلينا،لكن لما لم ينقل، دل ذلك على أنه لم يفعله r، ومثل هذا يحفظ ويضبط، وتتوفر الهمم، والدواعي على نقله، فلو كان قد صام يوم عرفة لذكر ذلك الصحابة الكرام.

قلت: فالذين وصفوا صفة صوم النبي r لم ينقلوا هذا الصوم المزعوم([75])؛ فإنه لم ينقل عن النبي r، ولا عن أحد من الصحابة الكرام، أنهم تحروا صوم يوم عرفة، وإنما عمدة من يصوم يوم عرفة ما نقل عن ابن معبد عن أبي قتادة t، وهو اسـتـدلال ضعيف، وخلاف السنة.

ومنه: قول شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج23 ص48)؛ في عدم ثبوت التشهد في سجود السهو: (وليس في شيء من أقواله أمر بالتشهد بعد السجود، ولا في الأحاديث المتلقاة بالقبول‏؛ أنه يتشهد بعد السجود؛ بل هذا التشهد بعد السجدتين عمل طويل بقدر السجدتين، أو أطول ،‏ ومثل هذا مما يحفظ ويضبط، وتتوفر الهمم، والدواعي على نقله، فلو كان قد تشهد لذكر ذلك من ذكر أنه سجد، وكان الداعي إلى ذكر ذلك أقوى من الداعي إلى ذكر السلام ،‏ وذكر التكبير عن الخفض والرفع ،‏ فإن هذه أقوال خفيفة، والتشهد عمل طويل، فكيف ينقلون هذا، ولا ينقلون هذا‏؟!). اهـ

قلت: لذلك فقد نقل الصحابة الكرام تسبيح النبي r في السجود، ولم ينقلوا تسبيحه r في سجود السهو، فكيف ينقلون هذا، ولا ينقلون هذا؟!، فدل على أن تسبيح سجود السهو لم يثبت عنه r، لا من قوله، ولا من فعله([76])، والسلام.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج23 ص281): (أن تعليل الأحكام بالخلاف علة باطلة في نفس الأمر، فإن الخلاف ليس من الصفات التي يعلق الشارع بها الأحكام في نفس الأمر، فإن ذلك وصف حادث بعد النبي r، ولكن يسلكه من لم يكن عالما بالأدلة الشرعية في نفس الأمر، لطلب الاحتياط). اهـ

قلت: ويؤيد ما تقدم أن النبي r لم يتحر في السنة؛ إلا يوم عاشوراء، مع أن كفارة صوم يوم عرفة أعظم من كفارة صوم يوم عاشوراء([77])، فهل يعقل أن النبي r يتحرى صوم يوم عاشوراء، وأجره دون أجر صوم يوم عرفة؟!، ولا يتحرى هذا اليوم الذي أجره يكفر السنة الماضـية، والباقية!، فهذا يبعد بلا شك، فهل أنتم أحـرص مـن النبي r في صوم يوم عرفة، اللهم غفرا.

وإليك الدليل:

عن ابن عباس قال: (ما رأيت رسول الله r يتحرى صيام يوم يلتمس فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وشهر رمضان). ولم يذكر صوم يوم عرفة!. وفي رواية: (ما رأيت النبي r صام يوما يتحرى فضله على الأيام([78]) إلا هذا اليوم؛ يعني: يوم عاشوراء، وهذا الشهر؛ يعني: شهر رمضان). وفي رواية: (ما صام رسول الله r يوما يطلب فضله سوى رمضان، إلا يوم عاشوراء).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص251)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص797)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص123)، وفي «السنن الصغرى» (ج4ص204)، وأبو نعيم في «المستخرج على صحيح مسلم» (ج3 ص212)، والبغوي في «شرح السنة» (ج6 ص333)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص89)، وفي «شمائل النبي r» (ج2 ص479)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص287)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص58)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج4 ص287)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص286)، وفي «المعرفة» (ج6 ص356)، وفي «فضائل الأوقات» (ص437) والشافعي في «السنن» (ص315)، وفي «المسند» (ج1 ص457)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص402)، وابن البختري في «الأمالي» (ص169)، وضياء الدين المقـدسي في «فضائل الأعمال» (ص259)، والمهرواني في «الفوائد المنتخبة» (ص121)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج2 ص75)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج2 ص744)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص385 و386 و387)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص219)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج11 ص126 و127)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص180)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص19) من طرق عن عبيد الله بن أبي زيد أنه سمع ابن عباس به.

* وهذا يدل على أن صيام يوم عاشوراء كان معروفا عند الصحابة y، بل وحتى عند الأنبياء في السابق.([79])

قلت: وأما صوم يوم عرفة لم يكن معروفا عندهم، وإلا لذكره ابن عباس .

* وهذا الحديث يدل على أن النبي r لم يتحر فضل صوم يوم عرفة، بل كان يطلب فضل صوم يوم عاشوراء على غيره من الأيام، وهذا نص صريح، ولا اجتهاد مع وجود نص.

قلت: والسلف على هذا الاتباع؛ أي: أنهم لم يتحروا إلا صوم يوم عاشوراء فقط، ولم يأمروا إلا به.

فـعـن الأسـود بـن يـزيـد، قال: (مـا رأيـت أحـدا مـمـن كان بالكوفة من أصحاب

رسول الله r أمر بصوم عاشوراء من علي بن أبي طالب، وأبي موسى الأشعري).

أثر صحيح

أخرجه الطيالسي في «المسند» (1212)، وعبد الرزاق في «المصنف» (7836)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص312)، والبغوي في «الجعديات» (ج2ص230)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4ص286)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج22 ص150)، وأبو ذر الهروي في «جزء من فوائد حديثه» (11)، والطبري في «تهذيب الآثار» (ج1 ص389 مسند عمر)، ولوين في «جزئه» (42) من طرق عن أبي إسحاق قال: سمعت الأسود بن يزيد به.

قلت: وهذا سـنـده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج11 ص146).

تنبيه:

وأما ما أخرجه ابن سمعون في «الأمالي» (ص89) من طريق أحمد بن سليمان حدثنا هشام بن عمار حدثنا شعيب بن إسحاق حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد الله بن أبي يزيد قال سمعت ابن عباس يقول: (ما كان رسول الله r يتحرى صيام يوم إلا يوم عاشوراء، ويوم عرفة).

فهو حديث منكر بزيادة «يوم عرفة».

قلت: وهذا سنده منكر؛ فيه أحمد بن سليمان بن زبان، وهو ضعيف، وهشام بن عمار السلمي يخالف ويخطئ، ولما كبر صار يتلقن؛ فلا يحتج بحديثه؛ إلا إذا توبع، وسعيد بن أبي عروبة مختلط.

انظر: «السير» للذهبي (ج11 ص431)، و«التقريب» لابن حجر (ص384).

قلت: فلا يحتج به في هذا الباب.

قلت: وقد بين النبي r أن أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، صيام شهر محرم([80])، ولم يذكر صيام يوم عرفة في شهر ذي الحجة، مع أن الأجر الذي ذكر في صوم يوم عرفة أعظم؛ لأنه يكفر السنة الماضية، والسنة الباقية، وهذا يدل على أن صوم يوم عرفة غير مشروع في الدين.

وإليك الدليل:

فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (أفضل الصيام، بعد شهر رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص821)، وأبو داود في «سنـنـه» (ج2 ص811)، والترمذي في «سنـنـه» (ج2 ص301)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2907)، وفي «السنن الصغرى» (ج3 ص206)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص342 و344)، وابن البختري في «حديثه» (ص168)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص96)، والخلعي في «الخلعيات» (ص339)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (ج1 ص215)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص1103)، والبغوي في «شرح السنة» (1788)، وفي «معالم التنزيل» (ج6 ص306)، وابن راهويه في «المسند» (ج1 ص299)، وعبد بن حميد في «المسند» (1421)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج4 ص242 و243)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص203)، وابن نصر في «قيام الليل» (ص35)، والسلفي في «السلمـاسـيات» (ص42)، وابن حبان في «صحيحه» (ج5 ص258)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج3 ص181)، والدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج2 ص545)، والآجري في «فضل قيام الليل» (ص82)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص290)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص121)، وفي «شعب الإيمان» (ج4 ص290)، وفي «فضائل الأوقات» (ص429)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص163)، وابن شاهين في «الترغيب في فضائل الأعمال» (ص423)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص252) من طرق عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله عن أبي بشر جعفر بن إياس عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة t به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص821)، وأبو عـوانة في «المستخرج» (ج2 ص290)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص303 و329 و342 و535)، والحنائي في «الحنائيات» (ج1 ص743)، والبغوي في «شرح السنة» (1923)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج2 ص101)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص142)، وابن ماجة في «سنـنـه» (1742)، وابن الـمـنذر في «الأوســـط» (ج5 ص147)، وابن راهويه في «المسند» (ج1 ص298)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص1102)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج3 ص282)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج2 ص274)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص307)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2905)، و(2906)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص291)، وفي «السنن الصغرى» (ج2 ص121)، وفي «فضائل الأوقات» (ص431)، وأبو يعلى في «المسند» (ج11 ص281 و283)، والطيوري في «الطيوريات» (ج2 ص384)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج2 ص386)، وضياء الدين الـمـقـدسي في «فضائل الأعمال» (ص261)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص251) من طرق عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة t به.

وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقال البغوي: هذا حديث صحيح.

وقال الإمام أبو حاتم / في «العلل» (ج3 ص129)؛ بعدما ذكر الاختلاف على الحديث: (والصحيح متصل: حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبيr).([81])

وقال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (1656)؛ بعد ما ذكر الاختلاف: (ورفعه صحيح)؛ يعني: رواية حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي r مرفوعا.

وصحح الحافظ المزي / في «تحفة الأشراف» (3266) الرواية المرفوعة، وكذلك الحافظ ابن حجر في «إتحاف المهرة» (3997).

قلت: وفي رواية في الحديث: (ســئــل أي الصيام أفضل بعد صيام شهر رمضان؟ فقال r: أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم)، ولم يقل r: (صوم يوم عرفة).

وبوب عليه الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص54) باب: فضل صوم المحرم.

وقال الحافظ ابن خزيمة / في «صحيحه» (ج3 ص282)؛ كتاب الصوم: جماع أبواب صوم التطوع، باب: فضل الصوم في المحرم إذ هو أفضل أيام الصيام بعد شهر رمضان.

قلت: فأين إذا فضل صوم يوم عرفة المزعوم الذي يكفر السنة الماضية، والباقية، إذا كان صوم شهر المحرم أفضل الصيام بعد شهر رمضان بشهادة النبي r، نعوذ بالله من التعصب والتقليد.

   وقال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج7 ص55): (قوله r: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان، شهر الله المحرم): تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم). اهـ

وعن عائشة ڤ قالت: (أن النبي r كان يصوم يوم عاشوراء، ويأمرنا بصيامه).

حديث صحيح

أخرجه الدارمي في «المسند» (1801)، والبيهقي في «معرفة السنن» (8977) من طريق ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة ڤ به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فأين صوم النبي r ليوم عرفة؟!، وأين أمر بصيامه؟!.

قلت: لذلك أمر الصحابة الكرام بصيام يوم عاشوراء؛ لأنهم يرون له فضلا في الصوم على سائر الأيام سوى شهر رمضان، ولم يأمروا بصيام يوم عرفة، بل لم يكن صوم يوم عرفة معروفا عندهم، اللهم غفرا.

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،

وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك

على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،

وآخر دعوانا أن الحمد لله

رب العالمين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

جوهرة نادرة.............................................................................................

5

2)

المقدمة.....................................................................................................

15

3)

ذكر الدليل على إعلال الإمام مسلم، لحديث: «صوم يوم عرفة»، لغير الحاج، حيث أعله بالاضطراب، والاختلاف: في أسانيده، ومتونه؛ لأنه /: وعد في «مقدمة المسند الـصـحـيح»، أن يذكر العلل في الأحاديث في مواضع في أبوابها، إذا أتى إليها، علم من علم، وجهل من جهل، بهذه العلل في الأحاديث...............................

17

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) وقد قصر في هذا الأصل، كثير ممن يشتغل بعلم الحديث، في هذا العصر الحاضر، فيصححون أحاديث، فيها تناقض ظاهر مع أصول القرآن، وأصول السنة.

([2]) وانظر: على سبيل المثال، «السنن الكبرى» للبيهقي (ج8 ص149)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج1 ص160)، و(ج3 ص60 و361)، و(ج5 ص89)، و«التاريخ الأوسط» له (ج1 ص396 و439)، و(ج2 ص46 و81)، و«السنن» للدارقطني (ج1 ص472)، و«العلل الكبير» للترمذي (ص103)، و«الأحكام الوسطى» للإشبيلي (ج3 ص117)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج20 ص230)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج3 ص672)، و«إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص565)، و«شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج2 ص802)، و«التحقيق» لابن الجوزي (ج2 ص349)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج59 ص158)، و«منهاج السنة» لابن تيمية (ج4 ص380)، و«المسند» للبزار (ج9 ص335).

([3]) أثر صحيح.

     أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص564)، والخطيب في «الكفاية» (1313)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص186)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص69)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص404).

     وإسناده صحيح.

([4]) لأن أهل الحديث، يعلون الحديث، بمناقضة متنه، لأصول القرآن، أو أصول السنة الصحيحة.

([5]) وكم زيادة شاذة وجدت في صحيح مسلم؛ كما بين ذلك أهل العلم.

([6]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص283)، والترمذي في «سننه» (756)، والنسائي في «السنن الكبرى» (2872)، وأحمد في «المسند» (ج6ص42)، وابن حبان في «صحيحه» (3608)، والبغوي في «شرح السنة» (1793).

([7]) انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (ص392).

([8]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص821).

([9]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1793).

([10]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1802).

([11]) انظر: «مرشد المحتار إلى خصائص المختار» لابن طولون (ص394)، و«الخصائص الكبرى» للسيوطي (ج2 ص336).

([12]) وكم زيادة شاذة وجدت في صحيح مسلم؛ كما بين ذلك أهل العلم.

([13]) انظر: «المجموع» للنووي (ج6 ص381).

([14]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (20).

([15]) وانظر: «المواهب اللدنية بالمنح المحمدية» للقسطلاني (ج2 ص655)، و«شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص73)، و«المجموع» للنووي (ج6 ص381)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج3 ص198).

([16]) انظر: كتاب «الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة» لابن حجر.

([17]) قلت: رحم الله شيخنا، لقد خفيت عليه هذه القاعدة النافعة بقوله: «بصوم يوم عرفة»، وهو حديث ضعيف على هذه القاعدة؛ لأن فيه يكفر: (السنة الباقية والمتأخرة)، بمثل لفظ: (وما تأخر)، والله المستعان.

([18]) قلت: ومما يدل على إعلال الإمام مسلم /، لحديث: «صوم يوم عرفة»، أنه في الغالب يقلد الإمام البخاري /، في تعليله للأحاديث، ويزيد عليه بعض العلل.

     * ومن ذلك: أن الإمام البخاري /: ذكر علة واحدة في: حديث: «صوم يوم عرفة»، وهي عدم سماع ابن معبد، لأبي قتادة t.

     * فزاد الإمام مسلم /، مع علة الانقطاع، بعض العلل في هذا الحديث.

 

([19]) انظر: «شرح صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص22)، و«مقارنة المرويات» للاحم (ج2 ص481)، و«مقدمة الإلزامات والتتبع» للوادعي (ص13)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج5 ص607)، و«إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص56)، و(ج5 ص369)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص175).

([20]) رجل أتى النبي r، هكذا هو في معظم النسخ، عن أبي قتادة: «رجل أتى»، وعلى هذا يقرأ بالرفع على أنه: خبر مبتدأ محذوف؛ أي: الشأن والأمر، رجل أتى النبي r، فقال.

     انظر: «المنهاج» للنووي (ج8 ص49).

([21]) وهذا اللفظ منكر؛ لأن النبي r يسأل في الدين، وهو r يجيب عن أسئلتهم؛ لأنه r معلم الأمة، فكيف في هذا الحديث عندما سئل r غضب من سؤال الرجل؟!، فهذا يستحيل أن يقع من النبي r.

     قلت: والألفاظ الأخرى عن عمر t منكرة.

([22]) فخلط الراوي هنا؛ بقوله: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله» لأن صيام الدهر كله، في فضل صيام الست من شوال، وليس من صام ثلاثة أيام من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فانتبه.

([23]) لقد قام الدليل على أن إعلال الإمام البخاري / للحديث بعدم العلم بالسماع.

([24]) والحديث نفسه في كفارة: «صوم يوم عرفة».

([25]) وهذا يدل على أن الإمام مسلما /، لا يكتفي بالمعاصرة في الإسناد، إنما يشترط أن يقف على ما يدل على السماع، وهذا شرط عامة الأئمة، وهذا ما نص عليه الإمام مسلم / في «مقدمة المسند الصحيح» (ج1 ص32 و33).

([26]) فمن أين لهم، أن الإمام مسلما /، لم يكن مراعيا، لمثل تلك القرائن في العلل، حتى يجعلوه مخالفا، للإمام البخاري /!.

([27]) انظر: «السنن الأبين» للفهري (ص139).

([28]) هكذا تكلم بعض منتحلي هذا العلم في هذا العصر الحاضر.

([29]) وهو اللقاء الذي ينتج عنه سماع الراوي من شيخه الذي يحدث عنه، هذا هو شرط البخاري والمحدثين في السند المعنعن.

([30]) أخرجه الخليلي في «الإرشاد» (ج3 ص962)، وابن رشيد في «السنن الأبين» (ص147).

      وذكره ابن حجر في «هدي الساري» (ص11)، والقرطبي في «المفهم» (ج1 ص95).

([31]) وهذا يدل على جهل أهل التعالم بمكانة الإمام البخاري في علم الحديث.

([32]) نقله عنه ابن حجر في «هدي الساري» (ص11)، والقرطبي في «المفهم» (ج1 ص95).

([33]) وانظر: «السنن الأبين» لابن رشيد (ص147).

([34]) وهؤلاء لا جهد لهم في البحث العلمي في هذه المسألة أو غيرها غير محض التقليد المذموم؛ لذلك لا يستغرب من كثرة أخطائهم في أصول الحديث وعلله!، وأصول الفقه وأحكامه!.

([35]) إن المتعالمين الذين استدلوا بصحة إسناد حديث: «صوم يوم عرفة»،  لم يلجؤوا إلى «مقدمة صحيح مسلم»؛ لانتزاع الأدلة منها، وليفهموا شرطه على الجادة، وإنما ذهبوا إلى كتب أخرى، فقلدوا فوقعوا في الخطأ، وهو صحة إسناد عبد الله بن معبد عن أبي قتادة، وهو ضعيف.

([36]) وانظر: «تحفة التحصيل» لأبي زرعة العراقي (ص187)، و«التاريخ الكبير» للبخاري (ج5 ص198)، و«التاريخ الأوسط» له (ج1 ص411)، و«ذخيرة الحفاظ» للمقدسي (ج3 ص1532)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج4 ص1540)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (ج1 ص358)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج6 ص36)، و«النكت على كتاب ابن الصلاح» له (ج2 ص595)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص339)، و«إكمال تهذيب الكمال» لمغلطاي (ج8 ص215).

([37]) وانظر: «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» للعراقي (ص75)، و«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص94)، و«الثقات» لابن حبان (ج5 ص45)، و«بيان المتصل والمرسل» للداني (ص128 و159)، و«السنن الأبين» لابن رشيد (45 و49 و52)، و«نقد الحافظ الذهبي لبيان الوهم والإيهام» (ص83 و84)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص595)، و«هدي الساري» له (ص15) .

([38]) أي: قول الإمام البخاري: لا يعرف سماعه من أبي قتادة!.

([39]) فيرى الحافظ البوصيري أن رواية: ابن معبد منقطعة.

([40]) وهو غير مشهور في الحديث.

([41]) انظر: «رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص391).

([42]) وانظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص525)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص391)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص168).

([43]) وانظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج7 ص317)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج16 ص169).

([44]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج5 ص173).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج7 ص318).

([45]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص187)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص287)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص36).

     وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «أحكام الجنائز» (ص144).

([46]) انظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج5 ص187)، و«التاريخ الأوسط» له (ج1 ص411)، و«الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج4 ص1540)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج3 ص339)، و«ذخيرة الحفاظ» للمقدسي (ج3 ص1532)، و«تكملة الإكمال» لابن نقطة (ج2 ص745).

([47]) وانظر: «المسند الصحيح» لمسلم (ج2 ص819).

([48]) وانظر: «المسند الصحيح» لمسلم (ج2 ص820).

([49]) وانظر: «المسند الصحيح» لمسلم (ج2 ص819).

([50])وانظر: «المسند الصحيح» لمسلم (ج2 ص819).

([51]) وانظر: «شرح الإلمام بأحاديث الأحكام» لابن دقيق العيد (ج1 ص387)، و«السنن» للترمذي (ج4 ص251).

([52]) وانظر: «الجواهر والدرر» للسخاوي (ج2 ص924).

([53]) والمنقطع، كما في هذا الباب.

([54]) الإرسال الخفي، كما في هذا الباب أيضا.

([55]) وانظر: «تدريب الراوي» للسيوطي (ج1 ص167 و196)، و«معرفة أنواع علم الحديث» لابن الصلاح (ص202 و230 و236 و279)، و«التقييد والإيضاح» للعراقي (ص55 و78 و83 و109)، و«الكفاية» للخطيب (ص88 و92 و120 و132).

([56]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج19 ص278)، و«معرفة أنواع علم الحديث» لابن الصلاح (ص259 و260)، و«النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص714).

([57]) مثل: ما فعل الإمام مسلم في حديث أبي قتادة t: «في صوم يوم عرفة»، حيث أعله بالاختلاف في سنده، والاختلاف في متنه.

     * وهذا ظاهر في كلامه على الحديث.

([58]) فأيام العشر من ذي الحجة تشمل يوم عرفة؛ كما هو واضح في الحديث.

     انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (ص398).

([59]) يعني: من الرواية المرسلة الآتي ذكرها قريبا.

([60]) أثر صحيح.

        أخرجه الترمذي في «سننه» (ج3 ص121).

        وإسناده صحيح.

([61]) وانظر: «العلل» لابن أبي حاتم (ج2 ص71).

([62]) قال العلامة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي / في «تعليقه على التتبع» للدارقطني (ص531): (فالظاهر هو ما رجحه الترمذي /، لكون الأعمش أحفظ لحديث إبراهيم). اهـ

([63]) وانظر: «تعليق الشيخ مقبل الوادعي / على التتبع» (ص530).

([64]) وانظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (ص392).

([65]) وهو حديث ضعيف مضطرب.

     أخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص287) وغيره.

     وانظر: «إرواء الغليل» للشيخ الألباني (ج4 ص111).

([66]) قلت: وهذا يدل أن عائشة ڤ أعلم الناس بعبادات النبي r، فالأمر إليها في ذلك، كما أوضح الشيخ ابن باز /.

([67]) وهذا القول فيه نظر، لثبوت النص على خلافه، والله ولي التوفيق.

([68]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5212)، ومسلم في «صحيحه» (ص364).

([69]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ص364).

([70]) يشير إلى حديث أم الفضل بنت الحارث ڤ بقولها: (أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صوم النبي r.... الحديث).

([71]) وهذا القول ليس بصحيح؛ لأنه ثبت عن بعض الصحابة y اجتهادات في بعض العبادات ثم تبين لهم بأنها خطأ، وذلك بعد تبيين النبي r لهم ذلك، فرجعوا عنها، وقد بينت هذا الأمر في كتابي: «العقود اللؤلؤية في تبيين رجوع السلف عن آرائهم وخطئهم في المسائل الخلافية الفقهية»، ولله الحمد والمنة.

([72]) وانظر: «الشرح الممتع» لشيخنا ابن عثيمين (ج7 ص14).

([73]) فمنعوا بعد ذلك: (ولا يطوف بالبيت عريان).

([74]) ثم حج النبي r في سنة عشر، حجة الوداع.

([75]) قلت: والصحابة الكرام نقلوا عن النبي r ما هو دون ذلك، ولم ينقلوا صومه r في هذا اليوم العظيم، فهذا من المستحيلات، والله المستعان

     وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج23 ص48).

([76]) قلت: فكل ما حكاه الصحابة الكرام أنهم رأوا النبي r يفعله في العبادة دخل تحت الأمر، وصح الاستدلال به على شرعيته في الدين، وما لم يحكه الصحابة الكرام فلا يدخل تحت الأمر، إلا أن يثبت بدليل آخر، والله ولي التوفيق.

([77]) وهذا الحديث: يعل حديث: أبي قتادة t في يوم عرفة، وقد جعله الإمام مسلم / في أصوله من «المسند الصحيح»، مما يدل أنه يرى القول به، دون حديث أبي قتادة.

([78]) فلم يذكر ابن عباس t فضل يوم عرفة على سائر الأيام؛ إلا يوم عاشوراء، بل نفى t أن النبي r صام على سبيل التحري في السنة إلا يوم عاشوراء.

     وانظر: «تهذيب الآثار» للطبري (ج1 ص385 و386 مسند عمر).

([79]) انظر: «لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف» لابن رجب (ص77).

([80]) وهذا الحديث: يعل حديث: أبي قتادة t في يوم عرفة، وقد جعله الإمام مسلم / في أصوله من «المسند الصحيح»، مما يدل أنه يرى القول به، دون حديث أبي قتادة.

([81]) وهذه المسألة في «العلل» لابن أبي حاتم (ج3 ص150) موجهة: لأبي زرعة، وقد أجاب بمثل جواب أبي حاتم هنا؛ أي: صحح الرواية المرفوعة عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة عن النبي r.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan