القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة الإصابات في تصفية التوحيد من الاجتهادات / ينبوع المطر في أن الحلف بغير الله تعالى من الشرك الأكبر

2023-12-08

صورة 1
ينبوع المطر في أن الحلف بغير الله تعالى من الشرك الأكبر

                 سلسلة

الإصابات في تصفية التوحيد من الاجتهادات

1

                                                                                                  

 

 

ينبوع المطر

في

أن الحلف بغير الله تعالى من الشرك الأكبر

 

دراسة أثرية منهجية علمية، في أن الحلف بغير الله تعالى، من: «الشرك الأكبر»، ثبت ذلك في كلام الله تعالى، وفي سنة النبي r، وآثار الصحابة، وأقوال التابعين، في قسم: «الشرك الأكبر»، فقط، ولم يثبت عندهم، قسم: «الشرك الأصغر»، لعدم ثبوته في الدين.

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

 

    

المقدمة

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام، على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن أفضل العلوم نفعا، وأعلاها مرتبة ومنزلة: هو العلم النافع، بما يجب على العبد لربه سبحانه، وإلهه عز وجل، من توحيد الله في: «ربوبيته»، و«ألوهيته»، و«أسمائه وصفاته»، ومن أجل ذلك خلق الله الخلق، وبعث الرسل، وأنزل الكتب.

* فعلم التوحيد أشرف العلوم، وأفضلها على الإطلاق، وهو حق الله تعالى على عباده أجمعين، ولهذا خلق عباده: مفطورين على الإقرار به.

قال تعالى: ]واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون[ [الزخرف: 45].

وقال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25].

وقال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56].

* فتكون دلالة هذه الآية: إذا أن كل فرد من أفراد العبادة، يجب أن يكون لله وحده، دون ما سواه؛ لأن الذي خلقهم إنما خلقهم، لأجل أن يعبدوه.

* فكونهم يعبدون غيره، وهو الذي خلقهم، يعد من الاعتداء، والظلم العظيم، لأنه ليس من يخلق، كمن لا يخلق. ([1])

قال تعالى: ]أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون[ [النحل: 17].

وقال تعالى: ]واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا[ [مريم: 41 و42].

وقال تعالى: ]ياأبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * ياأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا[ [مريم: 44 و45].

وقال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[ [النحل: 36].

وقال تعالى: ]اعبدوا الله ما لكم من إله غيره[ [الأعراف: 59].

وقال تعالى: ]ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون[ [البقرة: 21].

وقال تعالى: ]وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله[ [الزخرف: 84].

أي: مألوه، معبود فيها، يعني: يعبد في السماء والأرض. ([2])

* والله الواحد الأحد: المتفرد بالذات، والصفات: في عدم المثل والنظير، وأحد الله، ووحده؛ أي: نسبه إلى الوحدة والانفراد، فهو سبحانه منفرد في ذاته، وصفاته، وأفعاله. ([3])

* فإن مقام العبد ورفعته، إنما هو بقدر توحيده: لخالقه تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى الكبرى» (ج2 ص341): (ولهذا: كان الصحابة y: أعظم: إيمانا، وجهادا؛ ممن بعدهم، لكمال معرفتهم بالخير والشر، وكمال محبتهم للخير، وبغضهم للشر، لما علموه من حسن حال: الإيمان، والعمل الصالح، وقبح حال: الكفر، والمعاصي). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص460): (الإله: هو الذي تألهه، القلوب: محبة وإجلالا، وإنابة، وإكراما، وتعظيما وذلا، وخضوعا وخوفا، ورجاء وتوكلا). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج4 ص567): (لفظ: «إله»، إنما هو لبيان استحقاق الله؛ للألوهية: التي هي حقيقة العبودية). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص249): (فإن: «الإله»: هو المألوه، والمألوه: هو الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق أن يعبد، هو بما اتصف به من الصفات، التي تستلزم أن يكون: هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له، غاية الخضوع). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «كلمة الإخلاص» (ص23): (الإله: هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له، وإجلالا، ومحبة، وخوفا، ورجاء، وتوكلا عليه، وسؤالا منه، ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله؛ إلا لله عز وجل، فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهيه؛ كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول: «لا إله إلا الله»، ونقصا في توحيده، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك، وهذا كله من فروع الشرك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص14): (الإله: هو المعبود، المطاع). اهـ

وعن معاذ بن جبل t قال: (كنت رديف النبي r على حمار، فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟، قلت: الله ورسوله أعلم، قال r: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا، قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس، قال r: لا تبشرهم فيتكلوا). ([4])

وقوله r: «ولا يشركوا به شيئا»، أي: في عبادته، وما يختص به، و«شيئا»، نكرة في سياق النفي؛ فتعم: كل شيء، لا رسولا، ولا ملكا، ولا وليا، ولا غيرهم. ([5])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص191): (قوله r: «قال حق الله على العباد، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»؛ أي: يوحدوه بالعبادة وحده، ولا يشركوا به شيئا، وفائدة هذه الجملة: بيان أن التجرد من الشرك لا بد منه في العبادة؛ وإلا فلا يكون العبد آتيا بعبادة الله، بل مشرك، وهذا هو معنى قول المصنف /: «إن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه»([6]).

* وفيه: معرفة حق الله تعالى على العباد؛ وهو: عبادته وحده لا شريك له). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص189): (وحق الله تعالى على عباده هو: ما يستحقه عليهم، ويجعله متحتما، وحق العباد على الله؛ معناه: أنه متحقق لا محالة، لأنه قد وعدهم ذلك، جزاء لهم على توحيده، ووعده حق: ]إن الله لا يخلف الميعاد[ [الرعد:31]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص14): (قوله تعالى: ]وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا[ [الإسراء: 23]؛ أي: أمر، وأوصى أن لا تعبدوا إلا الله؛ لأنه هو المستحق للعبادة، فلا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله، فاعبدوه وحده، ولا تشركوا معه في عبادته أحدا من نبي، أو ملك، أو ولي، أو غير ذلك، فعلى الإنسان أن يحذر من الشرك كله.

قال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا[ [الأنعام: 151]... الآيات). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص109): (قوله: «ولا يشركوا به شيئا»، أي: يوحدوه بالعبادة، فلا بد من التجرد من الشرك في العبادة، ومن لم يتجرد من الشرك، لم يكن آتيا، بعبادة الله وحده، بل هو: مشرك، قد جعل لله ندا). اهـ

* فالنبي r: أراد أن يبين وجوب التوحيد على العباد وفضله.

* فألقى ذلك بصيغة الاستفهام، ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في فهم المتعلم.

* وفي الحديث: تفسير التوحيد، بأنه عبادة الله وحده، لا شريك له. ([7])

فالشاهد من هذا الحديث: هو التأكيد على حق الله تعالى، وهذا الحق، هو عبادة الله، وعدم الإشراك به.

* فتوحيد الألوهية: هو أن يوحد العبد ربه، بأفعال العبد نفسه، فلا يعبد؛ إلا الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا ينحر إلا لله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يرجو إلا الله... فيفرده عز وجل: بجميع أنواع العبادة، الظاهرة والباطنة، قولا وفعلا.

* يؤمن بأنه سبحانه: المستحق، لهذه العبادة. ([8])

قال تعالى: ]فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا[ [مريم: 65].

وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

وقال تعالى: ]ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير[ [الحج: 62].

وقال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون[ [الزخرف: 87].

وقال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا[ [الأنعام: 151].

فدلت الآية: على النهي عن جميع أنواع الشرك، و«شيئا»؛ نكرة تدل على عموم الأشياء، فالنكرة جاءت في سياق النهي. ([9])

* فلا يجوز أن يشرك مع الله تعالى أحد في عبادته، لا ملك، ولا نبي، ولا صالح من الأولياء، ولا صنم، ولا قمر، ولا شمس، ولا شجرة، ولا غير ذلك من المخلوقات، لأن كلمة: «شيئا»، عامة. ([10])

* فهذا توحيد الألوهية: وهو أن يوحد العبد ربه سبحانه، بأفعال العبد نفسه، فلا يعبد؛ إلا الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا ينحر إلا لله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يرجو إلا الله، ولا يتبرك إلا بما شرعه الله، ولا يتوسل إلا بما شرعه الله، ولا يخاف إلا من الله، ولا يطوف إلا بالكعبة لله تعالى. ([11])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص172): (ابتدأ تعالى هذه الآيات المحكمات بتحريم الشرك، والنهي عنه، فحرم علينا أن نشرك به شيئا، فشمل ذلك كل مشرك به، وكل مشرك فيه من أنواع العبادة، فإن: «شيئا» أنكر النكرات، فيعم جميع الأشياء، وما أباح تعالى لعباده أن يشركوا به شيئا، فإن ذلك أظلم الظلم، وأقبح القبيح.

ولفظ: «الشرك»، و«الشريك» يدل على أن المشركين كانوا يعبدون الله، ولكن يشركون به غيره من الأوثان، والصالحين، والأصنام، فكانت الدعوة واقعة على ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة، وكانت: «لا إلـٰه إلا الله» متضمنة لهذا المعنى، فدعاهم النبي r إلى الإقرار بها نطقا، وعملا، واعتقادا). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص154): (فمن أشرك بين الله تعالى، وبين مخلوق، فيما يختص بالخالق تعالى، من هذه العبادات، أو غيرها؛ فهو: شرك). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص35): (وقوله تعالى: ]شيئا[ [النساء: 36]؛ نكرة في سياق النهي، فتعم كل شيء: لا نبيا، ولا ملكا، ولا وليا، بل ولا أمرا من أمور الدنيا.

* فلا تجعل الدنيا شريكا، مع الله تعالى، والإنسان إذا كان همه الدنيا، كان عابدا لها؛ كما قال r: «تعس عبد الدنيا، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة»([12])). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص» (ص15): (يأمر الله تعالى: عباده، بعبادته وحده، لا شريك له، وينهاهم عن الشرك، ولم يخص نوعا، من أنواع العبادة، لا دعاء، ولا صلاة، ولا غيرها، ليعم الأمر: جميع أنواع العبادة، ولم يخص نوعا، من أنواع الشرك: ليعم النهي: جميع أنواع الشرك). اهـ

* فكل من عبد غير الله تعالى؛ بأي: نوع من أنواع العبادة، فقد أشرك بالله تعالى، سواء كان المعبود: «إنسيا»، أم «ملكا»، أم «جنيا»، أم «صنما»، أم «شجرا»، أم «حجرا»، فغير الله تعالى: يشمل كل ما سوى الله، من المخلوقين. ([13])

* فيجب على العبد، أن يوحد الله، بأفعاله، فيقر: بأن الله، هو: «الخالق»، «الرازق»، «المحيي»، «المميت»، «المدبر»، وأنه لا يشركه في ملكه: أحد.

* فهذه النصوص: تفيد أن أول واجب على العبد المكلف: هو توحيد الله تعالى، فيجب على المكلف: أن يؤمن بهذا التوحيد، إيمانا، عميقا، فهو أول، وأهم الواجبات، التي تبنى عليها سائر أمور الحياة.

* وإذا اعتقد المسلم هذا الاعتقاد، وسار عليه؛ فلا شك أن لهذا الاعتقاد: آثارا عليه في الدنيا والآخرة، فمن آثاره في الدنيا: الحياة المطمئنة، وفي الآخرة: الوصول إلى الجنة، وإلى رضوان الله تعالى. ([14])

والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال: الباطنة والظاهرة. ([15])

* وقد اتضح لنا من الكلام السابق، أن التوحيد ينقسم، إلى ثلاثة أقسام هي:

1) توحيد الربوبية.

2) توحيد الألوهية.

3) توحيد الأسماء والصفات.

* ولقد ثبت بالتتبع والاستقراء: أن التوحيد الذي نزلت به الكتب، ودعت إليه الرسل عليهم السلام، ينحصر في هذه الأقسام للتوحيد.

* لا يكمل توحيد العبد، وإيمانه؛ إلا باستكمالها جميعا... والقرآن كله في بيان هذه الأنواع: للتوحيد. ([16])

* فعلى المرء: أن يوحد الله تعالى، في أسمائه وصفاته، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله r، من الأسماء والصفات، اللائقة: بجلاله، وعظمته، من دون تعطيل ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تكييف.

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص449): (كل سورة في القرآن، فهي: متضمنة، للتوحيد، بل نقول: قولا، كليا: إن كل آية في القرآن، فهي: متضمنة، للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه). اهـ

* فما آمن بالتوحيد: من لم يؤمن، بهذه الأنواع المستمدة من نصوص الشرع؛ إذ التوحيد المطلوب شرعا:

هو الإيمان بوحدانية الله، في: «ربوبيته»، و«ألوهيته»، و«أسمائه وصفاته».

* ومن لم يأت بهذا جميعه، فليس موحدا، وهذا ثابت بالاستقراء.

والاستقراء: دليل يفيد القطع، إذا كان تاما.

* فهاهنا: نحن استقرينا النصوص الشرعية: كلها فلم نجد إلا هذه الأقسام الثلاثة، وما يتعلق بها، مما يدل على أن هذه الأقسام قطعية.

* وهذه الأقسام تشكل بمجموعها جانب الإيمان بالله تعالى، الذي هو: التوحيد. ([17])

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج3 ص410): (وقد دل استقراء القرآن العظيم: على أن توحيد الله، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: توحيده في ربوبيته.

الثاني: توحيده تعالى في عبادته.

الثالث: توحيده تعالى في أسمائه وصفاته). اهـ باختصار.

إذا: فلا يصح لأحد توحيده؛ إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة، فهي متلازمة: يلزم بعضها بعضا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر.

* فلا ينفع توحيد الربوبية، بدون: توحيد الألوهية.

وكذلك: لا يصح، ولا يقوم توحيد الألوهية، بدون: توحيد الربوبية.

وأيضا: توحيد الله: في ربوبيته، وألوهيته، لا يستقيم: بدون؛ توحيد الله في أسمائه وصفاته.

* فالخلل، والانحراف: في أي: نوع منها؛ خلل في التوحيد كله، فمعرفة الله تعالى، لا تكون بدون عبادته، والعبادة: لا تكون بدون: معرفته تعالى، فهما: متلازمان. ([18])

قال تعالى: ]فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110].

* فالشرك: هو صرف العبادة، لغير الله تعالى، من دعاء، وحلف، وتبرك، وذبح، ورجاء، وتوكل، وإنابة.

* يعني: تسوية، غير الله تعالى، بالله تعالى: فيما هو من خصائص الله تعالى، فيدخل في ذلك: الشرك، في: «الربوبية»، و«الألوهية»، و«الأسماء والصفات». ([19])

قال القرطبي المفسر / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج5 ص181): (أصل الشرك المحرم: اعتقاد شريك لله تعالى في الإلهية، وهو: «الشرك الأعظم»، وهو شرك الجاهلية). اهـ

قلت: ولقد تتبعنا في كتاب الله تعالى؛ وفي سنة رسوله r، وفي آثار الصحابة y، فلم نجد: «الشرك القديم»؛ إلا وهو: في «الشرك الحديث»، حذو القذة بالقذة، سواء في: «شرك الربوبية»، أو في: «شرك الألوهية»، أو في: «شرك الأسماء والصفات».

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج1 ص342): (فإن الشرك الجديد: بعينه، هو الشرك القديم، ولكن أكثر الناس لا يشعرون، بدخول الواقع تحته، وتضمنه له، ويظنونه في نوح، وفي قوم قد خلوا من قبل، ولم يعقبوا وارثا). اهـ

* فهذا شرك القوم في هذا الزمان، واتخاذهم الآلهة، بجميع أنواعها، الذي كان سببا، أن سجل عليهم ربهم القاهر: فوق عباده، بالشرك، والكفر، والضلال، والظلم.

قال تعالى: ]واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا[ [الفرقان: 3].

وقال تعالى: ]وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون[ [يوسف: 106].

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص121): (فبالله: صف لي شرك: المشركين، هل هو بعينه؛ إلا هذا، كما نطق به القرآن). اهـ

وقال تعالى: ]أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا[ [الفرقان: 43].

وقال تعالى: ]وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13].

قلت: فالشرك، أعظم الظلم، ولهذا أوعد الله تعالى، بأنه لا يغفر لصاحبه، ومن لا يعرف الشرك: يقع فيه، لا محالة، ثم عدل غير الله، بالله تعالى، كما قال([20]) تعالى: ]ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما[ [النساء: 48].

* وهذه الآية تدل على أن الشرك، هو الذنب العظيم، الذي ليس تحت المشيئة.

وبوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «التوحيد» (ج1 ص173)؛ باب: الخوف.

قلت: فدل على أن كل الذنوب، وهي المعاصي؛ داخلة: تحت مشيئته، إن شاء غفرها، وإن شاء عذب عليها، إلا الشرك، فإنه لا يغفره الله تعالى ألبتة.

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص49): (قوله: «وقول الله تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48]؛ أخبر تعالى: أنه لا يغفر لعبد: لقيه، وهو مشرك به.

* وهذا هو الشاهد من الآية: للترجمة.

* ويغفر ما دون ذلك؛ أي: ما دون الشرك، من الذنوب، لمن يشاء من عباده).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص173): (فتبين بهذه الآية: أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى: أخبر أنه لا يغفره، لمن لم يتب منه، وما دونه من الذنوب، فهو داخل تحت المشيئة، إن شاء غفره لمن لقيه به، وإن شاء عذبه.

* وذلك يوجب للعبد شدة الخوف، من الشرك الذي هذا شأنه عند الله تعالى؛ لأنه أقبح القبح، وأظلم الظلم.

* وتنقص لرب العالمين، وصرف خالص حقه لغيره، وعدل غيره به، كما قال تعالى: ]والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1]). اهـ

* وتضمنت وصية الله تعالى: للأولين، والآخرين، عدم الشرك بالله. ([21])

فقال تعالى: ]ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ [الزمر: 65].

وقال تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف: 33].

* وقد كان الأنبياء يخافون من الوقوع في الشرك. ([22])

قال تعالى، عن إبراهيم عليه السلام: ]رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام[ [إبراهيم: 35].

* ومع ذلك، وقع من وقع من الخلق في الشرك، واجتالتهم الشياطين، من الإنس والجن، عن الصراط السوي، وذلك برميهم فيما يضاده ويناقضه، فكان واجبا، أن يعرف ما يضاد هذا التوحيد، ويناقضه، لأن الأشياء: تتبين بأضدادها، ألا وهو الشرك بالله تعالى.

ولهذا نرى الله تعالى؛ غالبا: يذكر التوحيد، ويذكر معه ما يقابله، واشترط لصحة التوحيد، اجتناب الشرك.

* كما أن الله تعالى: اشترط لقبول الأعمال، ولدخول الجنة، ولغفران الذنوب: اجتناب الشرك، واشترط: لمن يرجو لقاءه، أن لا يشرك به شيئا.

* فمن اجتنب الشرك: في أعماله، وأقواله، وعصم نفسه، عن أدرانه: فقد هدي إلى صراط مستقيم.

لذلك: أحببت أن أبين حقيقة الشرك، الذي وقعت فيه الأمم السابقة، وأن أبين شرك العرب في الجاهلية، وأن أبين الشرك في هذه الأمة في القديم، وأن أبين الشرك فيها في العصر الحديث، للدفاع عن التوحيد الخالص.

* فالدفاع عن التوحيد الخالص، برد أنواع الشرك، هذا مسلك الأنبياء والرسل عليهم السلام، من خلال ما بينه الله تعالى عنهم في كتابه، والرسول r في سنته.

* فرأيت أن أذكر أنواع الشرك، وما وقعت فيه هذه الأمة، حتى يتضح الحق من خلال هذا البحث العلمي، ويكون رادعا، لأولـٰئك القبوريين، وغيرهم، الذين انتشروا في الديار، شرقا، وغربا.

* فالشرك: أحد نواقض الإسلام. ([23])

 قلت: فكل ما نهى عنه الشارع، مما هو: «شرك» بالله تعالى، فقد جاءت فيه النصوص: بتسميته: «شركا» مطلقا، وهذا يراد به: «الشرك الأكبر».

* ومن المعلوم، أن هذا: «الشرك» أعظم ما نهى الله تعالى عنه في الدين، وقد أطلق عليه؛ بأنه: «شرك» مطلقا، دون تفصيل: فيما يسمى: بـ«الشرك الأصغر»، فإن هذا: القسم، لم يثبت في الشريعة المطهرة.

وإليك الدليل:

قال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور: 40].

وقال تعالى: ]لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ [الزمر: 65].

وقال تعالى: ]أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم[ [الأعراف: 173].

وقال تعالى: ]وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا[ [الأنعام: 81].

وقال تعالى: ]لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء[ [الأنعام: 148].

وقال تعالى: ]سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله[ [آل عمران: 151].

وقال تعالى: ]ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا[ [آل عمران: 186].

وقال تعالى: ]ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم[ [الأنعام: 22].

وقال تعالى: ]ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 88].

وقال تعالى: ]قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به[ [الرعد: 36].

وقال تعالى: ]ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا[ [الكهف: 42].

وقال تعالى: ]قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا[ [الجن: 20].

وقال تعالى: ]وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13].

وقال تعالى: ]قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون[ [الأنعام: 19].

وقال تعالى: ]قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون[ [هود: 54].

وقال تعالى: ]ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة[ [المائدة: 72].

وقال تعالى: ]فتعالى الله عما يشركون[ [الأعراف: 190].

وقال تعالى: ]سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس: 18].

وقال تعالى: ]يعبدونني لا يشركون بي شيئا[ [النور: 55].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]ولا تكونن من المشركين[ [الأنعام: 14].

وقال تعالى: ]أن الله بريء من المشركين ورسوله[ [التوبة: 3].

وقال تعالى: ]الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون[ [الأنعام: 82].

* والظلم: هو الشرك، وهو ضد التوحيد. ([24])

* وقد صح عن النبي r، أنه لما: تلا هذه الآية، قال الصحابة: (وأينا لم يظلم نفسه، فقال r: ألم تقرؤوا، قول لقمان، لابنه: ]إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13]). ([25])

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل: عملا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه). ([26])

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «عقيدة التوحيد» (ص92)؛ عن من أشرك مع الله تعالى غيره: (وهذا أعظم: الظلم، قال تعالى: ]إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13]؛ والظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه، فمن عبد غير الله؛ فقد وضع العبادة، في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، وذلك: أعظم، الظلم).اهـ

* يدل عليه، أن النبي r: بعث في أناس، متفرقين؛ في عباداتهم:

منهم: من كان يعبد الشمس والقمر، فقال تعالى: ]لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون[ [فصلت: 37].

ومنهم: من كان يعبد الصالحين، فقال تعالى: ]قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا * أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا[ [الإسراء: 56 و57].

ومنهم: من كان يعبد الملائكة، فقال تعالى: ]ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون[ [سبأ: 40 و41].

ومنهم: من كان يعبد الأنبياء، فقال تعالى: ]وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله[ [النساء: 171].

وقال تعالى: ]وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم[ [الصف: 6].

ومنهم: من كان يعبد الأحجار والأشجار، فقال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

وبوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في «التوحيد» (ج1 ص53)؛ باب: من تبرك بشجر، أو حجر، ونحوهما.

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص90): (والشاهد: من الآيات للترجمة، أن أهل الجاهلية إنما عبدوا هذه الأوثان، وعظموها، لما يعتقدونه، ويرجونه، ويؤملونه من بركتها، وشفاعتها.

* وهذا هو الذي يقصده: مشركو أزماننا، ممن عبدوه: سواء بسواء، فالتبرك بالمشايخ، وقبور الصالحين، كالتبرك بـ«اللات»، والتبرك بالأشجار بـ«العزى»([27])، والتبرك بالأحجار، كالتبرك بـ«مناة»، وهذه الأوثان الثلاثة من أعظم أوثان أهل الجاهلية، من أهل الحجاز). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص258): (ومطابقة الآيات للترجمة: من جهة أن عباد الأوثان، إنما كانوا يعتقدون حصول البركة منها: بتعظيمها، ودعائها، والاستعانة بها، والاعتماد عليها في حصول ما يرجونه منها، ويؤملونه ببركتها وشفاعتها، وغير ذلك.

فالتبرك بقبور الصالحين: كـ«اللات»، وبالأشجار والأحجار: كـ«العزى، ومناة»، من فعل جملة أولـٰئك المشركين مع تلك الأوثان، فمن فعل مثل ذلك، أو اعتقد في قبر، أو حجر، أو شجر، فقد ضاهى عباد هذه الأوثان فيما يفعلونه معها من هذا الشرك، على أن الواقع من هؤلاء المشركين مع معبوديهم، أعظم مما وقع من أولـٰئك). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» (ج1 ص284): (فتبين بهذا: أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره، أي: إلا بالتوبة منه، وما عداه، فهو داخل تحت مشيئة الله؛ إن شاء غفره بلا توبة، وإن شاء عذب به، وهذا يوجب للعبد شدة الخوف من هذا الذنب الذي هذا شأنه عند الله، وإنما كان كذلك، لأنه أقبح القبيح، وأظلم الظلم، إذ مضمونه تنقيص رب العالمين، وصرف خالص حقه لغيره، وعدل غيره به، كما قال تعالى: ]ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1]). اهـ

قال تعالى: ]ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون * فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين[ [يونس: 28 و29].

وقال تعالى: ]ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس: 18]، فجعلهم الله تعالى: مشركين؛ باتخاذهم: الشفعاء، فلا واسطة، بين الله تعالى، وبين خلقه في العبادة.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص37): (والمشركون كانوا أقساما:

منهم: من يعبد الأصنام.

ومنهم: من يعبد غير الأصنام، كـ«الشجر»، و«الحجر»، و«الشمس»، و«القمر».

* كلهم: يجمعهم صرف العبادة لغير الله تعالى). اهـ 

* وقد قاتل رسول الله r: جميع هؤلاء الأصناف، من المشركين، ولم يفرق بينهم.

قال تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير[ [الأنفال: 39].

وقال تعالى: ]والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير[ [فاطر: 13 و14].

وقال تعالى: ]ومن أضل ممن يدعو من دون([28]) الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين[ [الأحقاف: 5 و6].

* فالتوحيد الذي يجب على العبد: هو أن يوحد الله؛ بأفعاله، فلا يصرف شيئا، من العبادة لغير الله تعالى، لا من: «نذر»، ولا «خوف»، ولا «رجاء»، ولا «رغبة»، ولا «رهبة»، ولا شيء من أمور العبادة، لغير الله تعالى. ([29])

قال تعالى: ]قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين[ [الأنعام: 162 و163].

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «أقسام التوحيد» (ص5): (الشرك: هو أعظم الذنوب، وقد وقع فيه أكثر الناس قديما وحديثا.

* فالواجب بيانه للناس، والتحذير منه في كل وقت، وذلك بالدعوة إلى توحيد الله سبحانه، والنهي عن الشرك). اهـ

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «أقسام التوحيد» (ص4): (والله بين على أيدي الرسل أن الواجب عبادته وحده سبحانه وأنه الإله الحق وأنه لا يجوز اتخاذ الوسائط بينه وبين عباده، بل يجب أن يعبد وحده مباشرة من دون واسطة وأرسل الرسل، وأنزل الكتب بذلك، وخلق الثقلين؛ لذلك قال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56]). اهـ

هذا، وأسأل الله العظيم؛ بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى: أن يتقبله، وأن يجعله: من الأعمال الصالحة، وأن ينفع به من قرأه، ويهدي به من ضل.

والحمد لله رب العالمين.

                                                                                              كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

 على أن الحلف بغير الله تعالى من: «الشرك الأكبر»

 

* لقد كثر في الناس اليوم، الحلف بغير الله تعالى، كالحلف: بـ«الآباء»، و«الأمهات»، و«الأمانة»، والحلف: بـ«النبي r»، وبـ«الكعبة»، وكقولهم: و«حياتي»، و«حياتك»، و«حياة فلان»، وقولهم: و«المعروف الذي بيننا»، وغير ذلك من الألفاظ الشركية. ([30])

قلت: والسر في النهي عن الحلف بغير الله تعالى، أن الحلف بالشيء: تعظيم له، وهذا التعظيم يدخل في «الشرك الأكبر»، ولا يدخل في «الشرك الأصغر».

* والذي يجب أن يعظم، ويحلف به، هو الله تعالى، وبأسمائه، وصفاته.

* والحلف بغير الله تعالى: «شرك أكبر»([31])، وجريمة عظيمة.

وللعلم: أن الحلف بمخلوق عند الناس من الأمور المعظمة في حياتهم، ولا يحلف أحد منهم بشيء؛ إلا لأنه يعظمه، بقصد قائله، أو بغير قصد، فإنه تعظيم غير الله تعالى في كلتا الحالتين، وهذا: «شرك أكبر»، لأن ما حلف به؛ إلا لأنه يعظمه.

* فهذا الحالف: قدم الحلف بالمخلوق وعظمه ([32])، على الحلف بالخالق سبحانه، كتعظيم الله تعالى، وهذا من: «الشرك الأكبر»، ولا يغفر له إذا لم يتب، لأنه قد أطلق عليه، بأنه: أشرك.

قال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك ([33]) به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110].

وقوله تعالى: ]ولا يشرك[؛ نكرة في سياق النهي، فعمت: جميع أنواع الشرك، بما فيها من: «الرياء»، و«الحلف بغير الله»، و«التطير»، و«لبس الحلقة والخيط»، و«تعليق التمائم»، و«التعلق بالأشياء»، و«التنجيم»، و«التكهن»، و«الشعوذة»، و«السحر»، و«التشاؤم بالخلق»، وغير ذلك، وهذه الأنواع من الشرك، كلها، وهي من: «الشرك الأكبر».

* وقد نهى النبي r، عن الحلف بالمخلوق مطلقا، وحذر من ذلك مطلقا، وأنه من: «الشرك الأكبر»، وأمر بالحلف بالله تعالى وحده مطلقا.

وإليك الدليل:

1) عن عبد الله بن عمر قال: سمعت عمر بن الخطاب t يقول: قال رسول الله r: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم)، قال عمر t: «فوالله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله r، ذاكرا، ولا آثرا».

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (6647)، ومسلم في «المسند الصحيح» (1646)، وأبو داود في «سننه» (3247)، والترمذي في «الجامع المختصر من السنن» (1545)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص433)، وفي «المجتبى» (ج7 ص7)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص309)، وابن ماجه في «السنن» (2096)، وعبد الرزاق في «المصنف» (15931)، والطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (ج2 ص302)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج4 ص179)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص30)، وفي «معرفة السنن» (ج14 ص156)، وابن الجارود في «المنتقى في السنن المسندة» (922)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج3 ص214)،  وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج1 ص117 و118)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج1 ص217)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (5892)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج14 ص65)، وأبو يعلى في «المسند» (5430)، وزينب بنت عبد الواحد المقدسي في «المنتقاة العوالي» (ص154)، وشرف الدين اليونيني في «مشيخته» (ص53 و54)، وابن المبارك في «المسند» (ص103)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج4 ص345) من طريق يونس، وعقيل، والزبيدي، وإسحاق الكلبي، ومعمر، وغيرهم؛ جميعهم: عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

* وقوله: «ذاكرا، ولا آثرا»، ذاكرا؛ أي: عامدا، ولا آثرا: بالمد، وكسر المثلثة؛ أي: حاكيا عن الغير؛ أي: ما حلفت بها، ولا حكيت ذلك عن غيري. ([34])

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص520): (قوله: «آثرا»؛ يريد: مخبرا به، من قولك: «آثرت» الحديث: «آثره»، إذا رويته، يقول: ما حلفت ذاكرا عن نفسي، ولا مخبرا به عن غيري). اهـ

وبوب الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص433)؛ الحلف بالآباء.

* يعني: النهي عن الحلف بالآباء، لأنه شرك بالله تعالى.

قلت: فمن أشرك بالله تعالى في هذا الحلف، فهو مشرك، ودخل في قوله تعالى: ]تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين[ [الشعراء: 97 و98].

* ومعلوم أنهم ما ساووهم به في الخلق وغيره، وإنما ساووهم به في التعظيم. ([35])

قال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].

قال الإمام القرطبي / في «المفهم» (ج4 ص621): (وقوله r: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم»، إنما نهى النبي r، عن الحلف بالآباء، لما فيه من تعظيمهم، بصيغ الأيمان؛ لأن العادة جارية، بأن الحالف منا إنما يحلف بأعظم ما يعتقده، كما بيناه.

* وإذا كان ذلك: فلا أعظم عند المؤمن من الله تعالى، فينبغي ألا يحلف بغيره، فإذا حلف بغير الله، فقد عظم ذلك الغير، بمثل: ما عظم به الله تعالى، وذلك ممنوع منه). اهـ

وبوب الحافظ أبو داود في «السنن» (ج5 ص153)؛ باب: في كراهية([36]) الحلف بالآباء.

قلت: فمن حلف بغير الله تعالى، فقد أشرك، وقول الرجل: «ما شاء الله، وشئت»، و«هذا من الله، ومنك»، و«أنا بالله، وبك»، و«مالي إلا الله، وأنت»، و«أنا متوكل على الله وعليك»، و«لولا أنت لم يكن: كذا، وكذا»، وغير ذلك، كل هذا من: «الشرك الأكبر»، بمقصد قائله، أو بغير مقصده، لأنه لا يعذر بجهله في الشرك بالله تعالى. ([37])

فعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: (قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا، أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه). ([38])

وعن أبي هريرة t، أنه سمع رسول الله r يقول: (إن العبد ليتكلم بالكلمة، ينزل بها في النار، أبعد مما بين المشرق والمغرب). ([39])

وبوب عليه الحافظ النووي في «المنهاج» (ج4 ص2290)؛ باب: التكلم، بالكلمة يهوي بها في النار.

* قال العلماء رحمهم الله: (السر في النهي عن الحلف بغير الله تعالى بالشيء يقتضي تعظيم المحلوف به.

* والعظمة مختصة بالله تعالى وحده، فلا يضاهى به غيره، وظاهر الحديث تخصيص الحلف بالله تعالى خاصة). ([40])

قلت: وفي هذا الحديث الزجر عن الحلف بغير الله تعالى، وأن من حلف بغير الله تعالى، فقد أشرك.

* وفي هذا الحديث، أن من حلف بغير الله تعالى مطلقا، لا تنعقد يمينه، سواء كان المحلوف به: يستحق التعظيم؛ لمعنى: غير العبادة، كالأنبياء، والملائكة... أو كان لا يستحق التعظيم، كالأحاد... أو يستحق التحقير كالشياطين، والأصنام، وسائر من عبد من دون الله تعالى، لأن ذلك من الشرك بالله تعالى. ([41])

* ومنه: عن عائشة ڤ، أن رسول الله r قال: (أشد الناس عذابا يوم القيامة، الذين يضاهئون بخلق الله). ([42])

2) وعن عبد الله بن عمر ، عن رسول الله r: أنه أدرك عمر بن الخطاب t، في ركب، وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله r: (ألا إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا، فليحلف بالله، أو ليصمت).

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (2679)، و(3836)، و(6108)، و(6646)، و(6648)، ومسلم في «المسند الصحيح» (1646)، والترمذي في «الجامع المختصر من السنن» (ج4 ص110)، والنسائي في «السنن الكبرى» (4690)، و(4691)، و(7616)، وفي «المجتبى» (ج7 ص4)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص17)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص478)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (6335)، والحميدي في «المسند» (686)، والبغوي في «شرح السنة» (ج10 ص13)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص490)، ومحمد بن الحسن في «الموطأ» (754)، وابن حبان في «المسند الصحيح من التقاسيم والأنواع» (5359)، و(4360)، وابن بشران في «البشرانيات» (103)، و(540)، وابن وهب في «الموطأ» (ص300 و301)، والمحاملي في «المحامليات» (ص63)، وابن عساكر في «الأربعين حديثا من المساواة» (ص125)، والمراغي في «مشيخته» (ص232)، وابن جماعة في «حديثه» (ص263)، وابن قطلوبغا في «عوالي الليث بن سعد» (ص76)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص160)، والشافعي في «الأم» (ج7 ص61)، وفي «الموطأ» (ص63)، وابن ظهيرة في «معجم الشيوخ» (ج1 ص433)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص28 و29)، وفي «معرفة السنن» (ج14 ص156)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج3 ص214)، وأبو مصعب في «الموطأ» (2223)، والدارمي في «المسند» (2493)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج1 ص71)، وابن بكير في «الموطأ» (ج2 ص290)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ج2 ص464)، وابن القاسم في «الموطأ» (218)، والجوهري في «مسند الموطأ» (697)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج14 ص366)، وأبو داود في «سننه» (3249)، وابن المبارك في «المسند» (ص101)، وأبو موسى المديني في «نزهة الحفاظ» (ص106)، وشرف الدين اليونيني في «مشيخته» (ص55)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج13 ص36)، وأبو يعلى في «المسند» (ج5 ص319)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج3 ص1613)، وأبو الخير القزويني في «صحيفة جويرية بن أسماء البصري» (ص60)، والعلاء الباهلي في «جزئه» (ص40)، و(ق/ 60/ط)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج14 ص64)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج4 ص178)، والحدثاني في «الموطأ» (271) من طريق الليث بن سعد، والضحاك، وابن أبي ذئب، وإسماعيل بن أمية، وعبد الكريم، ومالك، وأيوب، وعبيد الله بن عمر، وجويرية بن أسماء، وغيرهم؛ جميعهم: عن نافع عن ابن عمر به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ص1148)؛ باب: لا تحلفوا بآبائكم.

وقال الإمام محمد بن الحسن / في «الموطأ» (ص506): (وبهذا نأخذ، لا ينبغي لأحد، أن يحلف إلا بالله تعالى، فمن كان حالفا فليحلف بالله تعالى، أو ليصمت). اهـ

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج14 ص64): (والمعنى: من كان مريدا، للحلف: فليحلف بالله تعالى، لا بغيره من الآباء، وغيرهم، وحكمته: أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة: في الحقيقة، هي لله تعالى وحده، وظاهره: تخصيص الحلف بالله تعالى خاصة). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج14 ص366): (وفي هذا الحديث من الفقه، أنه لا يجوز الحلف بغير الله تعالى، في شيء من الأشياء، ولا على حال من الأحوال، وهذا أمر مجمع عليه). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج14 ص683): (في هذا الحديث: دليل على تحريم الحلف بالآباء؛ لأن ما نهى الله تعالى عنه، فهو: للتحريم). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج14 ص683): (وفي قوله r: «من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت»، فيه دليل على أنه، لا يحلف بالطلاق، ولا بالتحريم، ولا بغيرهما من أدوات القسم.

* وإنما يحلف بالله تعالى، أو يصمت، فمن قال مثلا: «علي الطلاق، لأفعلن كذا»، قلنا هذا خطأ، ولأنه خلاف ما أمر به النبي r، ومن قال: «هذا حرام علي، يريد به اليمين»، قلنا: هذا أيضا خطأ؛ لأن الله تعالى قال: ]ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك[ [التحريم: 1]؛ مع أن هذا يمين). اهـ

قلت: فالحلف بالله تعالى: توحيد، والحلف بغيره: شرك.

وقال تعالى: ]ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].

عن مجاهد / قال: (في قوله تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا[ [البقرة: 22]؛ أي: عدلا). ([43])

وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج1 ص93)؛ (قوله تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22]؛ يقول: لا تجعلوا مع الله شركاء).

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص157):

والشــــرك فاحـــذره فشــرك ظــــاهر

 

 

ذا القســـــم ليــــــس بقابـــــــل الغفــــــران

وهــــو اتخــاذ النـــد للرحمــــن أيـــا

 

 

كـــــان مـــــن شجــــــر ومــــــن إنســــــــان

والحكمة: في النهي عن الحلف بالآباء، أنه يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة: العظمة مختصة بالله تعالى، فلا يضاهى به غيره.

* وهكذا: حكم غير الآباء، من سائر الخلق.

3) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (من كان حالفا، فلا يحلف إلا بالله)، وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: (لا تحلفوا بآبائكم).

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (3836)، و(6648)، ومسلم في «المسند الصحيح» (1646)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص432)، وفي «المجتبى» (ج7 ص4)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص76 و98)، والدمياطي في «المصافحات» (ص251 و252)، وابن طولون في «الأحاديث المائة» (ص52)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص172)، والسعدي في «الحجريات» (ص138)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج14 ص66 و67) من طريق عبد العزيز بن مسلم، وإسماعيل بن جعفر المدني، كلاهما: عن عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر به.

قلت: والحديث قاعدة شرعية، يقاس عليها كل محلوف به سوى الله تعالى.

* فالحلف تعظيم للمحلوف به، ولا يجوز في غير حق الله تعالى، وهو من: «الشرك الأكبر».

وقوله r: (لا تحلفوا بآبائكم)؛ كانت العرب في الجاهلية، تحلف بآبائهم، وآلهتهم، فأراد الله تعالى، أن ينسخ من قلوبهم، وألسنتهم ذكر كل شيء، سواه: ويبقي ذكره تعالى، لأنه الحق المعبود سبحانه. ([44])

قال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج14 ص66): (وفي هذا الحديث: الزجر عن الحلف بغير الله تعالى، وإنما خص في حديث ابن عمر ، بالآباء: لوروده على سبيل المذكور، أو خص لكونه كان غالبا عليهم؛ لقوله: في الرواية الأخرى: «وكانت قريش تحلف بآبائها»). اهـ

وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ص1143)؛ باب: أيام الجاهلية.

قلت: وهذا يدل على أن الحلف بغير الله تعالى، كان في أيام أهل الجاهلية، ومن المعلوم أن شركهم كان من: «الشرك الأكبر»، في الحلف بغير الله تعالى، لا من: «الشرك الأصغر»، فافهم لهذا ترشد.

قال الإمام ابن أبي صفرة / في «المختصر النصيح» (ج3 ص214): (وخرجه في «أيام الجاهلية»، لقوله فيه: «وكانت قريش تحلف بآبائها») ([45]). اهـ

وبوب عليه الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص432)؛ التشديد في الحلف بغير الله تعالى.

قلت: كانت أيمان أهل الجاهلية، وما يعبدون من دون الله تعالى، من: «الشرك الأكبر».

* فقد أشرك في تعظيم ما لم يكن له أن يعظمه، لأن الأيمان لا تصلح إلا بالله تعالى.

* فالحالف بغير الله تعالى، فإنه معظم غيره، مما ليس له، فهو يشرك غير الله تعالى في تعظيمه، وهذا: «شرك أكبر».

* والمراد بالشرك هنا: «الشرك الاعتقادي» الذي ينتقل المتلبس به عن الملة، وليس هذا: «الشرك العملي» الذي لا ينتقل المتلبس به عن الملة، فانتبه.

قلت: فكان في هذا الحديث، عن رسول الله r: أن من حلف بشيء دون الله تعالى، فقد أشرك: بـ«الشرك الأكبر»، الذي يخرج به من الإسلام.

4) وعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (من حلف، فقال: في حلفه، باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله).

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (4860)، و(6650)، ومسلم في «المسند الصحيح» (1647)، وأبو داود في «سننه» (3247)، والترمذي في «الجامع المختصر من السنن» (ج1 ص29)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص437)، وفي «المجتبى» (ج7 ص7)، وابن ماجه في «السنن» (2096)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص309)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص30)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج14 ص69)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج3 ص215) من طريق الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة t به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وبوب الحافظ البخاري في «صحيحه» (ص1149)؛ باب: لا يحلف باللات والعزى، ولا بالطواغيت.

* اليمين إنما تكون بالمعبود المعظم، فإذا حلف باللات، ونحوها، فقد ضاهى الكفار، فأمر أن يتدارك بكلمة التوحيد.

* ومن حلف بها جادا، أو جاهلا، فهو كافر.

وبوب الحافظ أبو داود في «السنن» (ج5 ص151)؛ باب: الحلف بالأنداد.

* فكان ذلك عندنا، أن مراد النبي r به الشرك الذي يخرج به من الإسلام، حتى يكون به صاحبه خارجا عن الملة.

  * فلا ينبغي أن يحلف بغير الله تعالى، وكان من حلف بغير الله تعالى، فقد جعل ما حلف به شريكا فيما يحلف به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص504): (والحالف بالمخلوقات، لا وفاء عليه، ولا كفارة.

* وكذلك: الناذر للمخلوق، ليس عليه وفاء، ولا كفارة؛ لأن كليهما: شرك.

* والشرك ليس له حرمة، بل عليه أن يستغفر الله تعالى من العقد، ويقول: ما قال النبي r: «من حلف باللات والعزى، فليقل: لا إلـٰه إلا الله([46])»).اهـ

وقال ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص20): (فإن أكثر أهل الأرض، قد اتخذوا من دون الله تعالى: أندادا، في الحب، والتعظيم). اهـ

قلت: فالحلف بغير الله تعالى، مباهاة، ومضاهاة للحق.

* وهذا الحالف بغير الله تعالى، من المعلوم ما ساواهم، برب العالمين في الربوبية وغيرها، وإنما ساواهم به في التعظيم. ([47])

قال تعالى: ]تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين[ [الشعراء: 97 و98].

فهذا الشيء يكون مما يختص بالله تعالى، فيعطف عليه غيره سبحانه، وهذا يدخل تحت: «الشرك الأكبر»، سواء كان على سبيل المشاركة، أو بمجرد التسوية في اللفظ([48])، لأن فيه مشاركة في خصائص الرب سبحانه.

* وقد توسع الناس في: «الشرك الأصغر»، بما يخالف: للكتاب، والسنة، والأثر.

* حتى وصل بهم الأمر، ذكر أشياء على أنها من: «الشرك الأصغر»، وهذه الأنواع، في خصائص: «الربوبية»، وقد يكون في خصائص: «الألوهية».

* كما أن كل قسم: من أنواع: «الشرك الأصغر»، ينقلب في الحقيقة إلى: «الشرك الأكبر»، لأنه من تعظيم: غير الله تعالى؛ كتعظيمه. ([49])

قال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].

والآية: في «الشرك الأكبر»، فكان الصحابة y: يحتجون بها على: «الشرك الأكبر».

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص521): (فيه دليل على أن من حلف بالبراءة من الإسلام، فإنه يأثم، ولا يلزمه الكفارة، وذلك: لأنه إنما جعل عقوبتها في دينه، ولم يجعل في ماله شيئا). اهـ

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج2 ص519): (فيه دليل على أن الحلف باللات، لا يلزمه كفارة اليمين، وإنما يلزمه الإنابة والاستغفار). اهـ

5) وعن عبد الرحمن بن سمرة t قال: قال رسول الله r: (لا تحلفوا بالطواغي([50])، ولا بآبائكم).

أخرجه مسلم في «المسند الصحيح» (1648)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص436)، وفي «المجتبى» (ج7 ص7)، وابن ماجه في «السنن» (2095)، وأبو طاهر الذهلي في «الجزء الثالث والعشرين من حديثه» (ص28)، ويعقوب بن سفيان في «مشيخته» (ص151)، وأبو بكر الأنصاري في «المشيخة الكبرى» (648)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص491)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص62)، وابن الجارود في «المنتقى في السنن المسندة» (923) من طريق هشام بن حسان، ويونس بن عبيد؛ كلاهما: عن الحسن البصري عن عبد الرحمن بن سمرة t به.

وذكره المزي في «تحفة الأشراف» (ج7 ص199)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج10 ص608).

وبوب عليه الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص436)؛ الحلف بالطواغيت.

* يعني: النهي عن الحلف بالطواغيت، لأنه شرك بالله تعالى. ([51])

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج8 ص383): (قوله r: «الطواغي»، يعني: الطواغيت، ومنها: المعبودات التي تعبد من دون الله تعالى). اهـ

6) وعن ثابت بن الضحاك t قال: قال رسول الله r: (من حلف بغير ملة الإسلام، فهو كما قال).

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (6652)، ومسلم في «المسند الصحيح» (110)، وأبو داود في «سننه» (4257)، والترمذي في «الجامع المختصر من السنن» (1624)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3770)، و(3771)، و(3813)، وفي «المجتبى» (ج7 ص5 و6 و19)، وابن ماجه في «السنن» (2098)، وأحمد في «المسند» (16385)، والطيالسي في «المسند» (1197)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج8 ص479)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (808)، وابن الجارود في «المنتقى في السنن المسندة» (ص308)، والطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (ج2 ص304)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص637)، وفي «معرفة الصحابة» (ج1 ص344)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (139)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص322)، وأبو القاسم البغوي في «حديثه عن شيوخه» (ص25)، وفي «معجم الصحابة» (ج1 ص430 و431)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص26)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج1 ص226)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج3 ص357)، وعفان بن مسلم الصفار في «حديثه» (ص435)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1328)، و(1336)، و(1337)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص75)، وفي «معرفة الصحابة» (ج3 ص355)، وأبو العباس الأصم في «حديثه» (ص53)، وضياء الدين المقدسي في «المنتقى من الأحاديث الصحاح والحسان» (ص680)، وابن أبي عيسى في «اللطائف من دقائق المعارف» (ص160)، والديلمي في «الفردوس» (ج4 ص115)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص359 و624)، والفراوي في «الأربعين المخرجة من مسموعاته» (ق /31 /ط- في المجموعة الثانية من المدونة الكبرى للمخطوطات، بمملكة البحرين)، ومحي الدين البعلبكي في «مشيخته» (ص51)، وأبو بكر الأنصاري في «المشيخة الكبرى» (32)، وأبو يعلى في «المسند» (1535)، وفي «المفاريد» (ص5)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج3 ص962 و966 و968)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج4 ص48)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج1 ص385)، وابن حبان في «المسند الصحيح من التقاسيم والأنواع» (4367)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص30)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج14 ص71)، والذهبي في «السير» (ج13 ص246)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج28 ص284) من طريق يحيى بن أبي كثير، وأيوب السختياني، وخالد الحذاء، وأشعث بن سوار، جميعهم: عن أبي قلابة حدثني ثابت بن الضحاك t به.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

قلت: وفي الحديث النهي عن الحلف بغير ملة الإسلام؛ فإنه من حلف بغير ملة الإسلام، فقد جعل نفسه فيهم، مع أن المؤمن يكره أن يعود في الكفر، كما يكره أن يقذف في النار.

* وفيه النهي عن الحلف بغير ملة الإسلام، فإنه يؤدي بالمرء إلى الوقوع في الكفر.

وبوب الحافظ أبو داود في «السنن» (ج5 ص159)؛ باب: ما جاء في الحلف بالبراءة، وبملة غير الإسلام.

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج14 ص72): (قوله r: «من حلف بغير ملة الإسلام»؛ كأن يقول: إن فعلت، كذا: فأنا: يهودي، أو نصراني، أو بريء من الإسلام، أو من النبي r). اهـ

وقال الحافظ القسطلاني / في «إرشاد الساري» (ج2 ص456)؛ تعليقا على قوله: «كاذبا»: (في تعظيم تلك الملة التي حلف بها: «فهو كما قال»؛ أي: فيحكم عليه بالذي نسبه لنفسه، وظاهره: الحكم عليه: بالكفر إذا قال هذا القول). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» (ج1 ص334): (معنى التوحيد، وشهادة: «أن لا إلـٰه إلا الله» يقتضي إفراد الله تعالى بالطاعة، وإفراد الرسول r بالمتابعة.

* فإن من أطاع الرسول r، فقد أطاع الله تعالى، وهذا من أعظم ما يبين التوحيد، وشهادة: «أن لا إلـٰه إلا الله»، لأنها تقتضي نفي الشرك في الطاعة.

* فما ظنك بشرك العبادة، كالدعاء، والاستغاثة، والتوبة، وسؤال الشفاعة، وغير ذلك ([52])، من أنواع الشرك في العبادة). اهـ

* وقول: «ما شاء الله، وشئت»، و«لولا الله، وأنت»، و«مالي إلا الله، وأنت»، و«أرجو الله، وأرجوك».

قلت: فهذه الألفاظ، والأقوال، وما شابهها؛ كلها: شرك بالله تعالى، لأن العطف بـ«الواو» يقتضي التسوية، بين «المتعاطفين»، وهذا شرك أكبر.

* والواجب أن يعطف بـ«ثم»، فيقال: «ما شاء الله، ثم شئت»، أو «ثم شاء فلان»، و«لولا الله، ثم أنت»، و«أرجو الله، ثم أرجوك»، و«مالي إلا الله، ثم أنت»، لأن العطف بـ«ثم»، يقتضي الترتيب، والتعقيب، وأن مشيئة العبد، تأتي بعد: مشيئة الله تعالى، لا مساوية لها. ([53])

* فالواو: هي لمطلق الجمع والاشتراك، لا تقتضي: ترتيبـا، ولا تعقيبـا، ومثله: «مالي إلا الله، وأنت»، و«هذا من بركات الله، وبركاتك»، و«ما شاء الله، وشئت»، و«لولا الله، وفلان».

* والصواب: أن يقال: «ما شاء الله، ثم شاء فلان»، و«لولا الله، ثم فلان»، لأن: «ثم»، تفيد الترتيب، مع التراخي، وتجعل مشيئة العبد، تابعة لمشيئة الله تعالى، كما قال تعالى: ]وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين[ [التكوير: 29]. ([54])

7) وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (لا تحلفوا بآبائكم، ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون).

حديث صحيح

أخرجه البغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص493)، وأبو داود في «سننه» (3248)، والنسائي في «السنن الكبرى» (4692)، وفي «المجتبى» (ج7 ص5)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (4575)، وأبو يعلى في «المسند» (6048)، وفي «معجم الشيوخ» (233)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج14 ص367)، وفي «الاستذكار» (ج15 ص98)، وابن حبان في «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع» (4357) من طريق عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة t به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

والحديث حسنه الحافظ البغوي في «مصابيح السنة» (ج2 ص493).

وبوب عليه الحافظ النسائي في «السنن الكبرى» (ج4 ص434)؛ الحلف بالأمهات.

* يعني: تحريم الحلف بالأمهات، لأنه شرك بالله تعالى.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج15 ص96): (فالمظاهرة: أن يحلف بغير الله تعالى، تعظيما للمحلوف به، فشبه خلق الله تعالى به في التعظيم، قال تعالى: ]يضاهئون قول الذين كفروا من قبل[ [التوبة: 30]). اهـ

قلت: فهذه نصوص الشرع، تدل على أنه ليس هناك؛ لأي: نوع من: «الشرك»، يسمى: بـ«الشرك الخفي».

وذلك: لضعف الأحاديث، فيما: يسمى بـ«الشرك الخفي»، وهو أخفى عندهم، من دبيب النمل!. ([55])

وكذلك: لمخالفة هذا الاسم، لأصول الشارع، حيث جعل: «الشرك»، أوضح من الشمس في الظهيرة، وجعل له دليلا، يعرفه كل عبد في هذه الحياة، لإقامة الحجة على من وقع في «الشرك»، فلا يعذر أحد من الخلق في: «الشرك»، لأنه واضح، مثل: الشمس.

قلت: ولم يثبت في الشرع؛ بتسمية: هذا النوع، بـ«الشرك الأصغر»([56])، أو بـ«الشرك الخفي»، ولا يعرف ذلك في الكتاب، والسنة، والأثر.

* ولم يأت تسميته في النصوص، «شركا أصغر»، لأن مثل: هذا النوع، من الشرك: غير منضبط في الشرع، لأنه لم يثبت بأدلة صحيحة، إذا فلا ضابط له، وهو لا يعرف.

وعليه: فيجب الحذر من هذا الاجتهاد، لكثرة الاشتباه فيها، فربما يظن في أمر من الأمور، أنه من: «الشرك الأصغر»، وهو في واقع الأمر، من: «الشرك الأكبر»([57])، لأنه قد أطلق عليه بأنه شرك.

* وذلك لخفاء مأخذه عندهم، ودقة أمره، وصعوبة معرفته، فيكون مجاله الأمر المشتبه، الذي لا يعرفه؛ إلا الحذاق من أهل العلم، وإن كان قد يخفى على غيرهم، ممن  لم يكمل نظره، وضعف فهمه في أدلة الكتاب والسنة. ([58])

قلت: وهذا النوع من الشرك، وهو: «الشرك الخفي»([59])، لو بينه الرسول r، وخافه علينا، وحذرنا منه، لتداعت إليه الهمم إلى نقله: للأمة، من جيل إلى جيل آخر.

* وكذلك: ولم يقل أحد من السلف: أنه قال أن: «الشرك الأصغر» هو: «شرك دون شرك».

قلت: لكنه لم ينقل إلينا، وهذا مما يدل على أن هذا: النوع من الشرك، لم يثبت في الشارع، لذلك: يجب تركه، ولا القول به، فهو يطوى، ولا يروى.

قلت: فكل ما ذكر من: «الشرك»، في القرآن، والسنة؛ فإنه: «شرك أكبر»، إذا أطلق عليه أنه: «شرك» في الدين. ([60])

* وقد اتفق أهل العلم: على أن مرتكب: «للشرك الأكبر»، فهو خارج من الملة، وأنه يخلد في النار، لقوله تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48]؛ يعني: المعاصي يغفرها الله تعالى لمن يشاء من عباده، وهي: ما دون الشرك. ([61])

فعن أبي ذر t قال: أتيت رسول الله r، فقال: (ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك؛ إلا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟، قال r: وإن زنى، وإن سرق، قلت: وإن زنى، وإن سرق؟، قال r: وإن زنى، وإن سرق، ثلاثا، ثم قال r في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر). ([62])

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج2 ص308): (أخبر تعالى: أنه لا يغفر أن يشرك به؛ أي: لا يغفر من لقيه، وهو مشرك به، ويغفر ما دون ذلك؛ أي: من الذنوب ([63])، لمن يشاء من عباده). اهـ

تنبيه: وهذا: «الشرك الأصغر»، لا يدخل في كل أبواب التوحيد ([64])، مطلقا، ويكون من أقسام الشرك، فهذا الذي توسع الناس فيه في شروح كتب التوحيد، ليس بصحيح.

* بل يقال: في باب ضيق في الدين، إن وجد؛ مثل ذلك: إذا صلى رجل، بإخلاص من ابتداء صلاته، ثم في أثناء الصلاة، وفي ركوعه مثلا: طرأ عليه الرياء، أن يرائي الناس في تطويله في الركوع، وأنه خاشع، ثم عندما رفع من الركوع، أحس بخطئه، فأناب وتاب إلى الله، فأتم صلاته بإخلاص.

* فهذا يعتبر من: «الشرك الأصغر»، لأنه تاب في نفس الوقت، لأنه من يسير الرياء. ([65])

* لكنه لو استمر على هذا الرياء في صلاته كلها، ولم يتب، وعاند، فهذا يعتبر من: «الشرك الأكبر»، لأنه لم يتب، وهو كثير، وليس بيسير الرياء. ([66])

* ودخل في قوله تعالى: ]وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا[ [النساء: 142].

قلت: وهذا الرياء، الذي ذكر في الآية؛ من: «الشرك الأكبر»، لأنه رياء المنافقين، وهم: مشركون، بـ«الشرك الأكبر» بنص القرآن والسنة، فليس هو من: «الشرك الأصغر»، لأنه من فعل المنافقين، فافطن لهذا.

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص924)؛ عن الشرك الأصغر: (كيسير الرياء). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن الرياء الكثير يصل بصاحبه إلى: «الشرك الأكبر».

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص186): (باب: ما جاء في الرياء: وقول الله تعالى: ]قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110].

* هذا الباب عقده المؤلف للتحذير من الرياء: والرياء مصدر راءى يرائي؛ أي: أظهر عمله ليراه الناس، ويثنوا عليه، أو ليحصل به غرضا دنيويا، أو يسمع بقراءته وتسبيحه، أو أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، ولهذا جاء في الحديث: «من يرائي، يرائي الله به، ومن يسمع يسمع الله به»([67])، وفي رواية: «من راءى، راءى الله به، ومن سمع...»([68])؛ أي: يفضحه، والجزاء من جنس العمل، والواجب على المسلم أن يخلص العمل، ويرجوا الثواب من الله تعالى.

* قوله: ]فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110].

* العمل الصالح لا بد فيه من أمرين:

1) الإخلاص لله وحده في جميع أنواع العبادات.

2) أن يكون موافقا للشريعة، وليس بدعة.

* فمن كان يرجوا لقاء الله صادقا في رجائه، فليعمل عملا صالحا موافقا للشريعة، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا). اهـ

* والذي يظهر من خلال استقراء لأقوال السلف؛ أنهم: إنما يدخلون في: «الشرك»، ما يخالف التوحيد.

* فقد يكون الشرك في الأعمال القلبية، وقد يكون بالأعمال والجوارح، وقد يكون بالألفاظ، والأقوال، وقد يجتمع بعضها مع بعض، والشرك بالله في الألفاظ: «كالحلف بغير الله تعالى»، وهو من: «الشرك الأكبر».([69])

قال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار[ [المائدة: 72].

وقال تعالى: ]ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 88].

وعن جبلة بن سحيم قال: (أقبلت مع زياد بن حدير الأسدي من الكناسة([70])، فقلت؛ في كلامي: لا والأمانة، فجعل: زياد بن حدير يبكي ويبكي، حتى ظننت أني أتيت أمرا عظيما، فقلت: أكان يكره ما قلت؟، قال: نعم، كان عمر t: ينهى عن الحلف بالأمانة أشد النهي). ([71])

أثر حسن

أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (141)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (635)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص156) من طريق شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق الشيباني عن جبلة بن سحيم به.

قلت: وهذا سنده حسن، وشريك بن عبد الله النخعي، صدوق في ذلك.

* وجبلة بن سحيم الكوفي: «ثقة»، من الطبقة الثالثة. ([72])

* وزياد بن حدير الأسدي: وهو «ثقة»، له إدراك، وكان كاتبا، لعمر بن الخطاب t.([73])

وعن مطرف بن الشخير / قال: (ليعظم جلال الله في صدوركم).

أثر صحيح

أخرجه ابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص93)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص179)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (63)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص209)، وأبو الفضل الرازي في «أحاديث في ذم الكلام» (761) من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن مطرف بن الشخير به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22]؛ أن الله خلقكم، وخلق السموات والأرض، ثم أنتم تجعلون له أندادا([74])).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج1 ص96)، والزجاج في «معاني القرآن» (ج1 ص99)، والطبري في «جامع البيان» (ج1 ص164) من طريق يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

أندادا: أي: عدلاء، شركاء([75])، ومنه الحلف بغير الله تعالى، من المخلوقين، وهؤلاء من الأنداد، وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم إلا الله.

* وقد علمتم الذي يدعوكم إليه الرسول r، من توحيد الله تعالى لا شريك له، وهو الحق لا يشك فيه.

وعن كعب الأحبار / قال: (إنكم تشركون([76])، قالوا: وكيف يا أبا إسحاق؟، قال: يحلف الرجل، لا وأبي، لا وأبيك، لا ولعمري، لا وحياتك، لا وحرمة المسجد، لا والإسلام، وأشباهه من القول).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص29) من طريق ابن فضيل عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: قال كعب الأحبار به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق / قال: (لا تحلفوا بآبائكم، ولا بالطواغي([77])).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص29) من طريق يزيد بن هارون عن ابن عون عن القاسم بن محمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن القاسم بن مخيمرة / قال: (ما أبالي حلفت بحياة رجل، أو بالصليب). ([78])

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص29) من طريق ابن مهدي عن أبي عوانة عن إسماعيل بن هشام عن القاسم بن مخيمرة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن إبراهيم النخعي /: (أنه كره أن يقول: لا وحياتك).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج5 ص30) من طريق حفص عن الأعمش عن إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن عبد الواحد بن زيد قال: قلت؛ للحسن البصري: (أخبرني عن الرياء، أشرك([79]) هو؟، قال: نعم، يابني: أوما تقرأ: ]فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110]).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج10 ص446) من طريق عبد الواحد بن زيد عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده حسن، وعبد الواحد بن زيد، هو السائل، والمتن: موافق للأصول.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج9 ص698).

وعن الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي / يقول: (من حلف باسم: من أسماء الله تعالى فحنث؛ فعليه الكفارة: لأن اسم الله تعالى غير مخلوق، ومن حلف بالكعبة، وبالصفا والمروة، فليس عليه كفارة، لأنه مخلوق، وذاك غير مخلوق).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص403)، وفيه زيادة؛ وهي: (وكل يمين بغير الله تعالى، فهي مكروهة، منهي عنها، من قبل قول رسول الله r: «إن الله عز وجل ينهاكم، أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا؛ فليحلف بالله، أو ليسكت»).

وأخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص193)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص28)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص113)، وفي «الأسماء والصفات» (ج2 ص664)، واللالكائي في «الاعتقاد» (343)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص113)؛ بعدة ألفاظ عندهم.

وإسناده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص19).

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

    

ذكر الدليل

 على ضعف زيادة: «أفلح وأبيه إن صدق»، ولم تثبت في الحديث عن طلحة بن عبيد الله t قال: قال رسول الله r؛ للأعرابي: (أفلح وأبيه إن صدق)

 

قد جاء في حديث طلحة بن عبيد الله t، أن النبي r: قال للأعرابي الذي سأله، عن أحكام الإسلام، فأخبره، فقال r: (أفلح وأبيه، إن صدق).

حديث معلول: بلفظ: «وأبيه»

أخرجه مسلم في «المسند الصحيح» (2548) من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة، كلاهما: عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله t به.

قلت: ومراد الحافظ مسلم في ذكره للفظ: «أفلح وأبيه»، ليعله بما قبله، وبما بعده.

* وقد أعله الحافظ مسلم /، بما قبله، فذكر، الرواية القوية، بدون: «أفلح وأبيه إن صدق»، بل صح عنده؛ بلفظ: «أفلح إن صدق»، بدون: «وأبيه».

* فقدم الحديث: الذي في غاية الصحة، من رواية: مالك بن أنس بلفظ: «أفلح إن صدق»، ثم بعد ذلك ذكر الحديث المعلول بلفظ: «أفلح وأبيه إن صدق».

* فالحافظ مسلم: كما التزم بالصحة في: «المسند الصحيح»، أيضا: التزم، بذكر: «العلل» في موضعها من الأبواب من كتابه.

* وغرضه تعليله فيما يظهر، ويظهر جدا من سوقه للأسانيد والمتون، لأن غرضه كان بيان ما فيها من علل.

قال الحافظ مسلم / في «المسند الصحيح» (ج1 ص40): حدثنا قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي، عن مالك بن أنس فيما قرئ عليه عن أبي سهيل، عن أبيه، أنه سمع طلحة بن عبيد الله، يقول: (جاء رجل إلى رسول الله r من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دوي صوته، ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله r، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله r: خمس صلوات في اليوم، والليلة، فقال: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان، فقال: هل علي غيره؟، فقال r: لا، إلا أن تطوع، وذكر له رسول الله r الزكاة، فقال: هل علي غيرها؟، قال r: لا، إلا أن تطوع، قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال رسول الله r: أفلح إن صدق).

* ثم ذكر اللفظ الثاني في الحديث، ليعله بالحديث الذي قبله.

فقال الحافظ مسلم / في «المسند الصحيح» (ج1 ص40): حدثني يحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد، جميعا: عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله، عن النبي r: بهذا الحديث، نحو حديث مالك، غير أنه قال: (فقال رسول الله r: أفلح، وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق).

* فالحديث الأول: كان عنده أصح لديه في هذا الباب؛ بلفظ: «أفلح إن صدق».

من رواية: مالك بن أنس.

* ثم خرج الحديث الثاني، ليبين إعلاله للحديث؛ بلفظ: «أفلح وأبيه، إن صدق»، برواية: إسماعيل بن جعفر المدني.

* فالحديث: المحفوظ، هو: «أفلح إن صدق»، من رواية: مالك بن أنس.

* وهذا أولى من رواية، من روى؛ بلفظ: «أفلح وأبيه»، لأنها رواية، منكرة، تردها الأحاديث الصحاح، ولم تقع: في رواية: مالك بن أنس، أصلا. ([80])

* ومالك بن أنس: أحفظ، وأثبت، في الحديث، من إسماعيل بن جعفر المدني.([81])

وقد وافق إسماعيل بن جعفر المدني، لمالك بن أنس؛ بعدم ذكره لزيادة: «أفلح وأبيه، إن صدق»، في موضعين: من رواية: أبي عمر الدوري، وهو حفص بن عمر بن عبد العزيز، عند ابن نصر في «الوتر» (ص270 و271)، فذكرها بلفظ: «أفلح، إن كان صدق، أو دخل الجنة إن كان صدق».

وهذا يؤكد: إن إسماعيل بن جعفر المدني، لم يضبط هذا اللفظ من الحديث.

* وقد ضبطه مالك بن أنس.

* وأخطأ: إسماعيل بن جعفر المدني، فيه: مرتين، مرة: بزيادة: «وأبيه»، ومرة: بالشك: «أفلح وأبيه، إن صدق، دخل الجنة وأبيه؛ إن صدق»، ورد هكذا: بالشك.

* والمحفوظ: في حديث: أبي سهيل نافع بن مالك، من رواية: مالك بن أنس، بدون هذه الزيادة بلفظ: «أفلح إن صدق».

لذلك: فإن الحافظ مسلما، قد أشار إلى إعلال: هذه الزيادة: «أفلح وأبيه إن صدق»، التي خالف فيها، إسماعيل بن جعفر المدني، من هو أوثق منه، وأضبط للحديث.

فأتبع الحافظ مسلم: رواية مالك بن أنس، بعد أن ساق لفظها: «أفلح إن صدق»، برواية: إسماعيل بن جعفر المدني؛ فلم يسق لفظها، تماما، وإنما أشار لموضع المخالفة منها مختصرا، وهي: «أفلح وأبيه إن صدق، ودخل الجنة وأبيه إن صدق».

* ثم أردف بعد هذه الرواية، رواية: سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك t؛ بلفظ: «لئن صدق ليدخلن الجنة» للتأكيد بشذوذ: زيادة: «أفلح وأبيه إن صدق».

فقال الإمام مسلم / في «المسند الصحيح» (ج1 ص41): حدثني عمرو بن محمد بن بكير الناقد، حدثنا هاشم بن القاسم أبو النضر، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك t قال: (نهينا أن نسأل رسول الله r عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل، فيسأله، ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية، فقال: يا محمد، أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك؟، قال r: صدق، قال: فمن خلق السماء؟، قال r: الله، قال: فمن خلق الأرض؟، قال r: الله، قال: فمن نصب هذه الجبال، وجعل فيها ما جعل؟، قال r: الله، قال: فبالذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب هذه الجبال، آلله أرسلك؟، قال r: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا، وليلتنا؟، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا؟، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا؟، قال: صدق، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا؟، قال: صدق، قال: ثم ولى، قال: والذي بعثك بالحق، لا أزيد عليهن، ولا أنقص منهن، فقال النبي r: لئن صدق ليدخلن الجنة).

قلت: فوجه إخراج مسلم، للحديث (11)، فإنه ليبين علته، من حديث إسماعيل بن جعفر المدني.

* ورواه بعد أن ذكر، حديث مالك بن أنس، وساق فقط الخلاف في حديث: إسماعيل بن جعفر المدني.

* وقد وعد الحافظ مسلم /، أنه سوف يعلل بعض الأحاديث، ويأتي بها في أبوابها، وهي معلولة. ([82])

* وقد جاء بها في مواضعها من الأبواب، من اختلافهم: في الأسانيد، أو المتون.([83]) 

* فذكر أنه سيذكر أخبارا معللة في مواضع من كتابه، سيبينها، ويشرحها؛ فمنها: أن يورد الحديث؛ بإسناد، ثم يذكر أسانيد له، مبينا فيها الاختلاف في الرواية.

* إذا فلا غرابة، أن يعل الأئمة حديثا في «صحيح مسلم»، وذلك أن الإمام مسلما نفسه: أعل بعض الأحاديث بحسب ما ذكر في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص17)، وطبق ذلك التعليل في الأبواب من كتابه، والله المستعان.

قال الحافظ مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص17): (قد شرحنا من مذهب الحديث وأهله، بعض ما يتوجه به، من أراد سبيل القوم، ووفق لها.

* وسنزيد إن شاء الله تعالى، شرحا، وإيضاحا، في مواضع من الكتاب، عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن، التي يليق بها الشرح، والإيضاح، إن شاء الله تعالى). اهـ

* وما هذا إلا اعتراف بقصور البشر، ونقص علمهم، وعجر قدرتهم، فمن هنا كانت كتب أهل العلم، على مر العصور محلا: للنقد والتصحيح، والمراجعة والتصويب.

* وقد ذكر الإمام مسلم / في كتابه، لعدد من علل الأحاديث، في عدة من الأبواب ([84])، وذلك لحماية الشريعة المطهرة، وصيانة السنة النبوية، أن يدخل فيها ما ليس منها، وهذا يعرفه من أتي فهما في أصول الحديث، وتخريجه، وعلله.

وقد أشار الإمام مسلم / إلى هذه العلل في «صحيحه» في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ فقال /: (وسنزيد، إن شاء الله تعالى، شرحا، وإيضاحا في مواضع من الكتاب، عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح، والإيضاح). اهـ

قلت: وهذا صريح في أنه يورد في «صحيحه» أحاديث معللة؛ أي: ضعيفة، يبين ضعفها في أبوابها.

* فهل نصدق الإمام مسلما، أم نصدق المقلدة المتعصبة في علل الأحاديث في «صحيحه».

قلت: وهذا التعليل من الإمام مسلم /، لا يعرفه، إلا أهل الشأن، ولا يفهم هذا المأخذ الدقيق، إلا أهل الحديث في كل زمان.

* فكتاب الإمام مسلم /، جمع فيه الأحاديث الصحيحة، وذكر أحاديث ذات علل خفية؛ بقصد إعلالها، لا يدركها؛ إلا المتأمل لها من أهل الحديث، العارف بطريقته في كتابه.

وقد أشار الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص47)؛ إلى أنه يورد أخبارا معللة في «صحيحه» ليبين أنها منتقدة.

* وهناك أحاديث سكت عنها، وربما ضعفها في مواضع أخر، وما ذاك إلا لاشتهار عللها عند أهل الصنعة، فلا يصح والحالة هذه أن ينسب إليه تقوية الحديث، بمجرد ذكره في كتابه، لأنه سكت عنه بحسب شهرته، ونكارته، وعلته([85])، عند أهل الشأن.

* فالإمام مسلم /، كما التزم بالصحة في «صحيحه»، أيضا التزامه بذكره العلل في موضعها ([86])، وقد واعد بذلك في: «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8).

* وقد ذكر القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج1 ص105)؛ أن الإمام مسلما، ذكر العلل في الأبواب([87]) من: «صحيحه»، مما يدل أن ليس كل حديث في كتابه: يحتج به في السنة، لأنه ذكر أحاديث ضعيفة، فلا بد من التمييز بين ما احتج بها على شرطه، وبين مالم يحتج به([88])، بل ذكرها للتعليل ليعرفها الناس، فيتركوها، ولا يحتج بها.

* وقد بين الإمام مسلم لهم ذلك.

فقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا، فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة، والروايات المنكرة، وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة، مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة). اهـ

* والقوم ينشرون الأحاديث المعللة بين العوام، ثم يقولون أن هذه الأحاديث أخرجها الإمام مسلم في «صحيحه»!، وهي ليست كذلك، بل هي خرجت من أكياسهم.

* ولقد بين الإمام مسلم حال هذا الصنف من الناس.

فقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الأخبار المنكرة؛ بالأسانيد الضعاف المجهولة، وقذفهم بها إلى العوام الذين لا يعرفون عيوبها). اهـ

وقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (وكذلك: من الغالب على حديثه المنكر، أو الغلط، أمسكنا أيضا عن حديثهم، وعلامة المنكر في حديث المحدث، إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره، من أهل الحفظ والرضا، خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك، كان مهجور الحديث، غير مقبوله، ولا مستعمله).اهـ

وقال الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي / في «مقدمة الإلزامات والتتبع» (ص13): (وأما مسلم /، فقد صرح في أول: «صحيحه»، أنه سيذكر بعض الأحاديث؛ ليبين علتها). اهـ

قلت: وهذا يظهر أن الإمام مسلما، أورده لبيان الاختلاف في الحديث؛ متنا، وسندا، وبيان العلل التي في الحديث، كما هي عادته في «صحيحه»، في عدد من الأبواب، وهو الصواب. ([89])

* وقد نبه الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ على مثل هذه العلل، وقد وفى بذلك، كما هو واضح في هذا الحديث، وغيره من الروايات.

قال الحافظ الرشيد العطار / في «غرر الفوائد» (ص512): (وإنما أورده مسلم: من الوجهين المذكورين عن أيوب، لينبه على الاختلاف عليه في إسناده). اهـ

وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج5 ص369): (وقد أدخل هذه الآثار كلها مسلم: وأرى مسلما، أدخل هذه الروايات، ليبين الخلاف فيها.

وهي وشبهها: عندي من العلل التي وعد بذكرها في مواضعها.

وظن ظانون: أنه يأتي بها مفردة، فقالوا: توفى قبل تأليفها).اهـ

قلت: ويظن المقلدة، أن سكوت الإمام البخاري، والإمام مسلم عن عدد من الأحاديث الموجودة في صحيحيهما([90])، هو من الإقرار على صحتها كلها، وهذا قصور في العلم([91])، والفهم معا.

* فلا يجوز للباحث أن ينسب إلى الإمام البخاري: أنه احتج بهذا الحديث في «صحيحه»، أو أورده في كتابه على جهة الاحتجاج به([92])، لأن الاحتجاج معنى أوسع من تقوية الحديث، أو الإسناد بغيره. ([93])

* فلذلك لا بد من جمع الأحاديث، حتى يتبين المعلول منها، لأن العجلة في هذا الشأن تقتضي نسبة قول إلى عالم لم يقله، وتصحيح حديث لم يصححه، والافتيات عليه في هذا الباب ليس بالأمر الهين في الدين.

قلت: فالإمام مسلم /؛ التزم بالصحة في «صحيحه»، مع التزامه أيضا، بذكر العلل، واختلاف الأسانيد في موضعها. ([94])

قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص175)؛ عن العلل التي في كتاب الإمام مسلم: (ذكرها في أبوابه، من هذا الكتاب الموجود، وقد تقدم بيان هذا واضحا في الفصول). اهـ

* واعلم أنك لا تعلم؛ معنى: أصول الحديث على وجه التفصيل والإجمال، قبل معرفة علم العلل والتخريج، الذي هو أصل هذا العلم، لأن إدراك العقول، لهذا الشأن لا يكون، إلا على هذا الأصل. ([95])

قلت: ومن عادة الإمام مسلم / أيضا في «صحيحه»، أنه: عند سياق الروايات المتفقة في الجملة، يقدم الأصح، فالأصح، فقد تقع الرواية المؤخرة في الإجمال، أو في الخطأ، ليبين الرواية المقدمة.

قال العلامة الشيخ المعلمي / في «الأنوار الكاشفة» (ص230): (من عادة مسلم في «صحيحه»، أنه: عند سياق الروايات المتفقة في الجملة، يقدم الأصح، فالأصح، فقد يقع في الرواية المؤخرة إجمال، أو خطأ، تبينه الرواية المقدمة في ذاك الموضع). اهـ

وقال العلامة الشيخ المعلمي / في «الأنوار الكاشفة» (ص29): (عادة مسلم، أن يرتب روايات الحديث، بحسب قوتها: يقدم الأصح، فالأصح). اهـ

قلت: فمن عادة الإمام مسلم / أحيانا، أن يرتب الروايات في كل باب، بحسب صحتها، فيبدأ، بأصح العبارات: لفظا وسندا، ثم يتبعها بالروايات الأخرى التي تشهد لها.

* وقد تكون تلك الشواهد صحيحة، لكن من مخارج أخرى؛ كـ«اختلاف الصحابي»، أو تكون حسنة الإسناد؛ كـ«رواية اللين»، أو تكون ضعيفة؛ ذكرها الإمام مسلم للتنبيه عليها، وأحيانا يذكر الإسناد فقط، ويقول: بـ«نحوه»، ويكون هناك اختلاف في اللفظ، أو يكون هناك اختصار، وإجمال، لكن تبينه الرواية المتقدمة الصحيحة.

* إذا: لم يصح الحديث؛ بلفظ: «أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق».([96])

* وبهذا اللفظ: أخرجه أبو داود في «سننه» (ج1 ص292) من طريق سليمان بن داود الزهراني.

* وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج2 ص61)، وفي «المجتبى» (ج4 ص120 و121)، وابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي r» (ج1 ص409 و410)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص280)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج16 ص158 و159) من طريق علي بن حجر المروزي.

* وأخرجه أبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (ج1 ص105 و106)، وفي «معرفة الصحابة» (ج1 ص101)، وسفيان بن الحسن النسوي «الأربعين» (ص46 و47)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج25 ص54 و55) من طريق قتيبة بن سعيد البغلاني.

* وأخرجه ابن الأعرابي في «المعجم» (ج2 ص674) من طريق سعيد بن سليمان الواسطي.

* وأخرجه أبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (ج1 ص105 و106)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج16 ص158 و159) من طريق يحيى بن أيوب المقابري.

* وأخرجه ابن المقرئ في «الأربعين» (27) من طريق أبي عمر حفص بن عمر الدوري المقرئ.

* وأخرجه الدارمي في «المسند» (ج2 ص986) من طريق يحيى بن حسان التنيسي.

* وأخرجه الشاشي في «المسند» (ج1 ص79)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص466) من طريق داود بن رشيد.

* وأخرجه الطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (ج2 ص292) من طريق حجاج بن إبراهيم الأزرق.

* وأخرجه أبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (ج1 ص105 و106)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج2 ص674)، وابن بشران في «البشرانيات» (ص282) من طريق عاصم بن علي بن عاصم.

* وأخرجه علي بن حجر السعدي في «الحجريات» (ص516)؛ جميعهم: عن إسماعيل بن جعفر المدني، عن أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله التيمي t، أن أعرابيا جاء إلى رسول الله r؛ فذكر الحديث، وقال في آخره: (أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق).

حديث شاذ؛ بهذه: الزيادة.

* ومدار الحديث، على إسماعيل بن جعفر المدني، وقد أخطأ في ذكره؛ لزيادة: «أفلح وأبيه إن صدق... »، وهي غير محفوظة.

قلت: وما من ثقة، إلا يهم ويغلط، حتى شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، وغيرهما، وليس من شرط الثقة أن لا يهم.

* وقد أعل: زيادة: «أفلح وأبيه إن صدق»، الحافظ ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج25 ص55 و56)؛ حيث، ذكر حديث: «أفلح وأبيه إن صدق»، من حديث: إسماعيل بن جعفر المدني.

* ثم أعله، بحديث: مالك بن أنس، بلفظ: «أفلح إن صدق».

* والرواية المحفوظة: هي رواية: مالك بن أنس، في حديث نافع  بن مالك الأصبحي، بدون هذه الزيادة، وهي: «أفلح وأبيه إن صدق»، وهي منكرة، لا تصح.

قال الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج10 ص762): (لم ترد فيها تلك الزيادة: «وأبيه»، فدل ذلك على أنها زيادة شاذة، غير محفوظة). اهـ

* وقد خالف: إسماعيل بن جعفر المدني، بذكره هذه الزيادة، من هو أوثق منه، وأضبط في الحديث، وهو: مالك بن أنس.

* وقد شك أيضا: إسماعيل بن جعفر المدني، في الحديث، أنه روى: هاتين الجملتين بالشك: «أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق».

ورواه عنه: هكذا بالشك: قتيبة بن سعيد، ويحيى بن حسان، وعلي بن حجر، وأبو عمر الدوري، ويحيى بن أيوب، وعاصم بن علي.

* وأخطأ إسماعيل بن جعفر المدني، مرة: «وأبيه»، ومرة: بالشك؛ يعني: مرتين أخطأ.

وهذا مما يؤكد: أن إسماعيل بن جعفر المدني، لم يضبط الحديث، ولم يتابع على هذا الحديث.

* وقد ضبطه: مالك بن أنس، بلفظ: «أفلح إن صدق»، عند جميع الرواة الذين رووا عنه هذا الحديث.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج16 ص158): (هذا حديث صحيح: لم يختلف، في إسناده، ولا في متنه، إلا أن إسماعيل بن جعفر: رواه عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله t؛ إن أعرابيا جاء إلى رسول الله r... فذكر معناه سواء، وقال في آخره: «أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق»). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج14 ص367): (والحلف بالمخلوقات: كلها في حكم الحلف بالآباء، لا يجوز شيء من ذلك، فإن احتج محتج: بحديث، يروى عن إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل نافع بن مالك... قيل له: هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث، من حديث من يحتج به.

* وقد روى هذا الحديث: مالك، وغيره، عن أبي سهيل: لم يقولوا ذلك فيه.

* وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث، وفيه: «أفلح والله إن صدق، أو دخل الجنة والله إن صدق»، وهذا أولى من رواية، من روى: «وأبيه» لأنها لفظة: منكرة، تردها الآثار الصحاح). اهـ

وقال الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج10 ص759): (إذا عرفت هذا؛ فقد تمهد لدينا، إمكانية ترجيح، رواية: مالك، على رواية: إسماعيل بن جعفر، بمرجحات ثلاثة:

الأول: أن مالكا أوثق من إسماعيل بن جعفر؛ فإن هذا -وإن كان ثقة-؛ فمالك أقوى منه، في ذلك وأحفظ.

الثاني: أن مالكا، لم تختلف الرواة عليه في ذلك؛ خلافا لإسماعيل بن جعفر؛ فمنهم: من رواه عنه؛ مثل: رواية؛ مالك.

الثالث: أنني وجدت، لروايته شاهدا، بل شواهد، خلافا: لرواية إسماعيل). اهـ

* فهو: حديث منكر، بهذه الزيادة: «أفلح وأبيه إن صدق»، وهي غير محفوظة في الحديث.

قال الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج10 ص750): «منكر».

وأخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (1891) من طريق قتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله t به، بدون: زيادة: «وأبيه»، بل بلفظ: «أفلح إن صدق»، وهذا يدل أن الإمام البخاري يعل هذه الزيادة.

قال الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج10 ص757): (فالبخاري، لم يذكر في روايته: عن قتيبة، تلك الزيادة). اهـ

وقال الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج10 ص762): (وبالجملة: فهذه شواهد ثلاثة([97])؛ لحديث مالك بن أنس: من رواية أنس، وابن عباس، وأبي هريرة، لم ترد فيها تلك الزيادة: «وأبيه»، فدل ذلك على أنها: زيادة شاذة، غير محفوظة). اهـ

* إذا: المحفوظ، حديث: مالك بن أنس في «الموطأ» (ج1 ص248 و249)، وحديثه: أصح.

وأخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (46)، و(2678)، ومسلم في «المسند الصحيح» (11)، وأبو داود في «سننه» (ج1 ص291)، والنسائي في «السنن الكبرى» (319)، و(2400)، وفي «المجتبى» (ج1 ص226 و227)، و(ج8 ص118)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص150)، وفي «السنن المأثورة» (2)، وفي «الموطأ» (ص412)، وفي «الرسالة» (ج1 ص49)، وفي «المسند» (24)، و(234)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص162)، وأبو عوانة في «المسند الصحيح» (ج1 ص348)، و(ج2 ص47)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (531)، وأبو القاسم البغوي في «حديث مصعب بن عبد الله الزبيري» (86)، وابن حبان في «المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع» (ج5 ص11)، والقعنبي في «الموطأ» (300)، وابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (400)، والطحاوي في «أحكام القرآن» (276)، والبزار في «المسند» (ج3 ص148)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج على صحيح مسلم» (ج1 ص105)، وفي «معرفة الصحابة» (ج1 ص100)، وابن الجارود في «المنتقى في السنن المسندة» (144)، وابن زنجويه «الأموال» (1095)، والحدثاني في «الموطأ» (172)، والحداد في «جامع الصحيحين» (82)، وابن المنذر في «الأوسط» (ج2 ص317)، وفي «الإقناع» (15)، والشاشي في «المسند» (ج1 ص77 و78)، والحسن بن سفيان النسوي في «الأربعين» (3)، وابن الأعرابي في «المعجم» (1344)، والجوهري في «مسند الموطأ» (731)، وابن دقيق العيد في «الإمام» (ج3 ص474 و475 و476)، والقشيري في «الأربعين» (180)، والبعلي في «الأربعين» (15)، وابن أبي شريح في «الأحاديث المائة الشريحية» (ق/ 119/ط)، والعلائي في «بغية الملتمس» (5)، وابن سيد الناس في «الأجوبة» (ق/ 83/ط)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص131)، وابن المقير في «الأحاديث والفوائد» (ق/3/ط)، والحميدي في «جذوة المقتبس» (65)، والطائي في «الأربعين» (2)، وابن حجر في «الإمتاع» (6)، وفي «توالي التأنيس» (254)، والمؤيد الطوسي في «الأربعين» (5)، والروياني في «مسند الصحابة» (ج3 ص140)، وأبو بكر التوقاني في «حديثه» (ق/ 1/ط)، والسيوطي في «أحاديث منتقاة من الطبقات الكبرى» (ج2 ص411)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج2 ص228)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص65)، وأبو جعفر النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (428)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج4 ص834)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص361)، و(ج2 ص8 و467)، وفي «السنن الصغير» (227)، وفي «الخلافيات» (1396)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص388 و390)، و(ج2 ص282)، وابن بكير في «الموطأ» (ج1 ص421 و422 و423)، وابن منده في «الإيمان» (ج1 ص278 و279)، والرافعي في «أخبار قزوين» (ج2 ص59)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص557)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج14 ص367)، وابن بشكوال في «غوامض الأسماء المبهمة» (ج1 ص55)، والخلعي في «الخلعيات» (682)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص434)، وابن القاسم في «الموطأ» (267)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص228)، وابن أبي صفرة في «المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح» (ج1 ص179 و180)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج25 ص54 و55 و56)، وابن الحاجب في «العوالي عن مالك بن أنس» (26)، وابن طرخان في «مشيخته» (95) من طريق إسحاق بن الحسن الحراني، وإسماعيل بن أبي أويس، وعبد الله بن وهب، وإسحاق بن عيسى الطباع، وعبد الله بن نافع، وعبد الله بن يونس التنيسي، وعبد الرحمن بن مهدي، ومطرف بن عبد الله، وقتيبة بن سعيد، ومعن بن عيسى القزاز، ويحيى بن يحيى الليثي، وغيرهم؛ جميعهم: عن مالك بن أنس، في «الموطأ» (ق /105/ط)، عن عمه أبي سهيل نافع بن مالك الأصبحي، عن أبيه؛ أنه سمع طلحة بن عبيد الله t به؛ بلفظ: «أفلح إن صدق».

* فلم تصح زيادة: «أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق»، في هذا الحديث، وهي زيادة شاذة([98])، مخالفة: لما رواه الإمام مالك بن أنس. ([99])

* لم يذكرها البخاري، من رواية: مالك بن أنس، ومن رواية أيضا: إسماعيل بن جعفر المدني، مما يؤكد على شذوذها.

فأخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح»، في كتاب: «الصوم»، في باب: «وجوب صوم رمضان» (1891) من طريق قتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله: (أن أعرابيا جاء إلى رسول الله r ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال r: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئا، فقال: أخبرني ما فرض الله علي من الصيام؟ فقال r: شهر رمضان؛ إلا أن تطوع شيئا، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟ فقال: فأخبره رسول الله r شرائع الإسلام، قال: والذي أكرمك، لا أتطوع شيئا، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا، فقال رسول الله r: أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق).

فرواه البخاري: من طريق إسماعيل بن جعفر المدني، ولم يذكر قوله: «وأبيه»، وهذا يدل على شذوذها أيضا من حديث: إسماعيل بن جعفر المدني، وأنه وافق مالك بن أنس في الحديث.

وأخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح»، في كتاب: «الحيل»، في باب: «في الزكاة»، (6956) من طريق قتيبة، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله t: (أن أعرابيا جاء إلى رسول الله r ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟، فقال r: الصلوات الخمس؛ إلا أن تطوع شيئا، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الصيام؟، قال r: شهر رمضان؛ إلا أن تطوع شيئا، قال: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟، قال: فأخبره رسول الله r شرائع الإسلام. قال: والذي أكرمك، لا أتطوع شيئا، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا. فقال رسول الله r: أفلح إن صدق، أو: دخل الجنة إن صدق).

قلت: فهذه الزيادة، ليست عند البخاري في «الجامع المسند الصحيح».

* لذلك: استنكرت هذه الزيادة، من الحديث، وهي منكرة.

وخلاصة القول:

أخرج مسلم في «صحيحه» (11)، هذا الحديث، من طريق إسماعيل بن جعفر المدني، وفيه؛ أن النبي r قال: «أفلح وأبيه إن صدق»، من طريق يحيى بن أيوب، وقتيبة بن سعيد؛ جميعا، عن إسماعيل بن جعفر المدني، عن أبي سهيل، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد الله t به.

قلت: وهذا إسناد، رجاله: كلهم، ثقات، رجال الشيخين، غير يحيى بن أيوب، فهو من رجال مسلم.

* وقد توبع:

فأخرجه أبو داود (392)، و(3252) من طريق سليمان بن داود العتكي.

وأخرجه ابن منده في «الإيمان» (135) من طريق سعيد بن سليمان.

وأخرجه الطحاوي في «بيان مشكل أحاديث رسول الله r» (ج2 ص292) من طريق حجاج بن إبراهيم.

وأخرجه ابن خزيمة في «مختصر المختصر من المسند الصحيح» (306) من طريق علي بن حجر.

وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص201) من طريق عاصم بن علي.

وأخرجه أبو نعيم في «المسند المستخرج» (90) من طريق أبي الربيع سليمان بن داود، وقتيبة بن سعيد، وعاصم بن علي، ويحيى بن أيوب.

وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص158) من طريق يحيى بن أيوب، وعلي بن حجر.

وأخرجه الدارمي في «المسند» (1578) من طريق يحيى بن حسان، وغيرهم: كلهم، عن إسماعيل بن جعفر المدني به بلفظ: (أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق)، وفي رواية: (ودخل الجنة)، بحذف «أو»، عند أبي داود.

هكذا: قال إسماعيل بن جعفر المدني، عن أبي سهيل عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله t به.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (1891)، و(6956) من طريق قتيبة بن سعيد.

وأخرجه النسائي في «المجتبى» (ج4 ص120) من طريق علي بن حجر، كلاهما: عن إسماعيل بن جعفر المدني به، وفيه قوله: «أفلح إن صدق».

* فحذف البخاري، عمدا([100])، كلمة: «وأبيه»، وتبعه النسائي، مع أن قتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر، يروونها: عن إسماعيل بن جعفر المدني،بإثباتها.

* وخالفه: مالك بن أنس، فرواه عن أبي سهيل، بهذا الإسناد، فقال فيه: (أفلح إن صدق).

ومن هذا الوجه: أخرجه البخاري في «صحيحه» (46)، و(2678)، ومسلم في «صحيحه» (11)، وأبو داود في «السنن» (391)، وغيرهم.

* وهم: إسماعيل بن جعفر، في قوله: «أفلح وأبيه إن صدق».

والصحيح: هو ما رواه مالك بن أنس، وفيه قال: «أفلح إن صدق».

* وأذكر هذا للاعتضاد، في حديث جابر بن زيد الأزدي:

فرواه أبو عبيدة: مسلم بن أبي كريمة التميمي، عن جابر بن زيد الأزدي قال: بلغني عن طلحة بن عبيد الله t: فذكر الحديث، وفيه، قال رسول الله r: (أفلح إن صدق). ([101])

* وكذلك: إسماعيل بن جعفر المدني، رواه على الشك، عند الأكثر، فقال: (أفلح وأبيه إن صدق، أو دخل الجنة وأبيه إن صدق).

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج14 ص367)؛ عن زيادة: «أفلح وأبيه إن صدق»: (هذه لفظة، غير محفوظة، في هذا الحديث، من حديث: من يحتج به، ثم ذكر لفظ: «أفلح والله إن صدق»؛ وقال: وهذا أولى من رواية: من روى: «وأبيه»، لأنها لفظة: منكرة، تردها الآثار الصحاح). اهـ

قلت: وأما ما ذهب إليه عدد من أهل العلم، من تأويل هذه اللفظة، فلا حاجة له، إذ لم يصح عن النبي r. ([102]) 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة.....................................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على أن الحلف بغير الله تعالى من: «الشرك الأكبر»........

33

3)

ذكر الدليل  على ضعف زيادة: «أفلح وأبيه إن صدق»، ولم تثبت في الحديث عن طلحة بن عبيد الله قال: قال رسول الله؛ للأعرابي: (أفلح وأبيه إن صدق) ...........................................................................

69

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) انظر: «التمهيد بشرح كتاب التوحيد» آل الشيخ (ص13)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص9 و10)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص25 و26)، و«إبطال التنديد باختصار كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص17 و18)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص207).

([2]) انظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص567)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص131 و132 و211)، و«فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص82).

([3]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص230 و232)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج1 ص343)، و«الصحاح» للجوهري (ج2 ص547)، و«المفردات» للراغب (ص514)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص90)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص9 و10 و11).

([4]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (128)، ومسلم في «صحيحه» (32).

([5]) وانظر: «القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص46)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص67)، و«قاعدة التوسل» لابن تيمية (ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص352)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص15).

([6]) فيه مسائل: المسألة الأولى.

([7]) انظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص22)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص14 و15)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص18 و19)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص108 و109).

([8]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للصغير  (ص10 و11)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص14 و15)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص9 و10)، و«عقيدة التوحيد» له (ص92 و93).

([9]) انظر: «التمهيد بشرح كتاب التوحيد» آل الشيخ (ص16)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص15)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص35).

([10]) انظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص15)، و«عقيدة التوحيد» له (ص92 و93 و94)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص145 و146)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص67)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص73)، و«شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص14).

([11]) انظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص152 و153 و154).

([12]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص327)، من حديث أبي هريرة t.

     تعس: هلك.

     الخميلة: هي ثوب له خمل من أي شيء كان.

     الخميصة: هي ثوب خز، أو صوف معلم.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج11 ص254)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص190)، و(ج2 ص81)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج2 ص1070 و1071)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص11).

([13]) وانظر: «تجريد التوحيد، من درن الشرك وشبه التنديد» للجاسم (ص28 و29).

([14]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للصغير  (ص46 و47).

([15]) انظر: «العبودية» لابن تيمية (ص1).

([16]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر ابن زكريا (ج1 ص71)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص9 و14 و16 و17)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص14 و15 و16 و17)، و«القول السديد» للشيخ السعدي (ص10)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص140 و143 و144)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص449)، و«لوامع الأنوار البهية» للسفاريني (ج1 ص57)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص7).

([17]) وانظر: «أضواء البيان» للشيخ الشنقيطي (ج3 ص410 و414)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص140 و143 و144)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص7 و9).

([18]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر ابن زكريا (ص76)، و«تحذير أهل الإيمان في الحكم بغير ما أنزل الرحمن» للخطيب (ج1 ص140)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص449)، و«التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير» للشيخ بكر بن عبد الله (ص30)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج1 ص344)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص367).

([19]) وانظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص156 و157 و158)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص9).

([20]) وانظر: «عقيدة التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92 و94 و95)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص173)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص44 و45).

([21]) وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص14 و15)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص19 و20 و21 و22).

([22]) وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص37).

([23]) انظر: «رعاية العهود» للغامدي (ص246).

([24]) وانظر: «عقيدة التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92 و94)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص22)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص284).

([25]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (32)، ومسلم في «صحيحه» (124) من حديث ابن مسعود t.

([26]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2289).

([27]) العزى: كانت شجرة تعبد من دون الله تعالى.

     انظر: «الدر النضيد» لابن الحمدان (ص91)، و«جامع البيان» للطبري (ج27 ص34)، و«إبطال التنديد» للشيخ ابن عتيق (ص74).

([28]) من دون الله: يعني: من المعبودين، من دون الله: من بشر، أو جن، أو ملك، أو حجر، أو شجر، أو غير ذلك.

      وانظر: «أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص15).

([29]) وانظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص144 و145)، و«كلمة الإخلاص» لابن رجب (ص23)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج1 ص32)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص136)، و(ج10 ص249)، و(ج13 ص22).

([30]) وهذا الحلف من: «الشرك الأكبر»، المخرج من الملة، اللهم غفرا.

     * فهذا الحالف: مشرك بالله تعالى غيره في حلفه هذا.

([31]) وهو: مخرج من الملة.

     * فالحالف: هذا مشرك بالله تعالى، لأنه لم يوحد الله تعالى في الدين.

([32]) مع علمه بعظمة الله تعالى، وأنه يجب الحلف به سبحانه.

     * فالحالف بغير الله تعالى، هذا مشرك بالله تعالى، ولم يوحده في الدين.

([33]) فبين الله تعالى، أن الشرك، هو نوع واحد، وهو: «الشرك الأكبر»، ولا وجود لما يسمى بـ«الشرك الأصغر»، كقسم ثان في الدين.

([34]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج11 ص532)، و«التعليق على صحيح البخاري» لشيخنا ابن عثيمين (ج14 ص681)، و«التعليق على صحيح مسلم» له (ج8 ص277)، و«منحة الملك الجليل بشرح صحيح محمد بن إسماعيل» للشيخ الراجحي (ج11 ص684)، و«المفهم» للقرطبي (ج4 ص623).

([35]) فكيف هؤلاء يساوون في حلفهم المخلوق، برب العالمين، فيحلف بالمخلوق، ويحلف بالله تعالى، والحلف كله لله تعالى.

([36]) يعني: كراهة تحريم، فانتبه.

([37]) وانظر: «مدارج السالكين» لابن القيم (ج2 ص922 و923 و924 و929).

([38]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2289).

     * والمراد بشركه: عمله الذي أشرك فيه.

     انظر: «القول المفيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص130).

([39]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6477)، و(6478)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2290).

([40]) وانظر: «المنهاج» للنووي (ج11 ص901)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج11 ص531)، و«عون المعبود» للآبادي (ج9 ص58).

([41]) وانظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج14 ص16).

([42]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (5610)، ومسلم في «صحيحه» (2106).

([43]) أثر صحيح.

     أخرجه سفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص142)، والطبري في «جامع البيان» (ج1 ص391).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص188).

([44]) انظر: «إرشاد الساري» للقسطلاني (ج14 ص67).

([45]) قلت: وهذا يدل على أن الحلف بغير الله تعالى، من: «الشرك الأكبر»، لأن شرك أهل الجاهلية، في الحلف، من: «الشرك الأكبر»، لا من: «الشرك الأصغر»، وهذا بإجماع الصحابة، والتابعين لهم بإحسان.

([46]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (6650)، ومسلم في «صحيحه» (1647) من حديث أبي هريرة t.

([47]) وانظر: «مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص20 و23).

([48]) اعتقد ذلك، أو لم يعتقد: فإنه وقع في «الشرك الأكبر»، لأنه جعل عبادة الله تعالى، لغيره.

([49]) مثل: الحلف بغير الله، والرياء، والتطير، وإتيان الكهان وتصديقهم، والإستغاثة على كشف السارق، عن طريق العرافين، والمنجمين، والرمالين: من المشعوذين، ولبس الحلقة، والخيط لرفع البلاء، وغير ذلك، فإن ذلك ليس من: «الشرك الأصغر»، بل هو من: «الشرك الأكبر».

([50]) الطواغيت: جمع طاغوت، وهو الشيطان، أو ما يزين لهم أن يعبدوه من الأصنام، وغيرها.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص128)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص781 و782)، و«منحة الملك الجليل» للشيخ الراجحي (ج11 ص686).

([51]) وانظر: «المفهم» للقرطبي (ج4 ص624).

 

([52]) والحلف بغير الله تعالى

([53]) وانظر: «القول المفيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص228)، و«الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد» للشيخ الفوزان (ص100).

([54]) وانظر: «عقيدة التوحيد» للشيخ الفوزان (ص96).

([55]) أما إذا جعل الشارع، هذا: «الشرك»، أخفى من دبيب النمل، وأنه: «شرك خفي»، فممكن الشارع أن يعذر في ذلك الخلق، لأنه يعتبر من: «المسائل الخفية»، التي يعذرون فيها، وهو في الحقيقة، من: «المسائل الظاهرة»، إذا ليس من الحكمة: أن يخفي الشارع: «الشرك» على الخلق.

     قلت: فيجب الحذر من؛ مثل: هذا الاجتهاد في الدين.

([56]) لذلك: اضطرب الناس في تعريفه، لأنه لا ضابط له في الشرع.

     قال شيخنا ابن عثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص206): (فالشرك الأكبر: ما يخرج الإنسان من الملة، والشرك الأصغر: ما دون ذلك.

     * لكن كلمة: «ما دون ذلك»، ليست ميزانا واضحا، ولذلك اختلف العلماء في ضابط: «الشرك الأصغر»).اهـ

     وانظر: «مدارج السالكين» لابن القيم (ج2 ص924)، و«فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن آل الشيخ (ج1 ص100)، و«تطهير الجنان» للشيخ أحمد آل طامي (ص38 و39)، و«المفردات» للراغب (ص260)، و«الكواكب الجلية» للشيخ السلمان (ص321)، و«القول السديد» للشيخ السعدي (ص15)، و«فتاوى اللجنة الدائمة» (ج1 ص517)، و«القول المفيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص206 و207)، و(ج2 ص124).

([57]) فخفاء هذا الشرك، ليس من حكمة الشارع، فافهم لهذا ترشد.

([58]) وظاهر النصوص المذكورة، أن: «الشرك الخفي»، ليس له وجود في الدين، وأنه ليس له وصف منضبط يعرف به، لذلك: اضطربوا في تعريفه اضطرابا شديدا، ولم يثبت فيه دليل في الشرع، لذلك هذا النوع من الشرك، مما لم يذكره الرسول r.

     قلت: والشرك في الكتاب والسنة، كله: ظاهر، لا خفاء فيه، وقد بينه الرسول r: بيانا، شافيا.

([59]) ثم كيف نقول: أن «الشرك الأصغر»، صاحبه لا يخلد في النار، وإن دخلها، يكون كسائر: مرتكبي المعاصي، وقد أطلق عليه بأنه مشرك!.

     * وتعلم أن المعصية تختلف عن الشرك، فليست المعصية مثل: الشرك، فيجب علينا أن نميز بين المعصية، وبين الشرك، والصحيح: أن من أشرك بالله، ومات عليه أن صاحبه يخلد في النار، لأن الشرك، هو: نوع واحد، وهو: «الشرك الأكبر».

([60]) لذلك: لا بد أن ننظر، في ما يسمى: بـ«الشرك الأصغر»، فإنه يذكر في أضيق الأمور، لأن الناس قد توسعوا فيه، والله المستعان.

     * فإن الواقع، وما عليه أحوال الناس في الشرك، فإنه؛ من: «الشرك الأكبر»، مثل: الحلف بغير الله تعالى، والرياء، وغير ذلك.

([61]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص326)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج3 ص970)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج4 ص473)، و«جامع البيان» للطبري (ج7 ص122)، و«الرد على البكري» لابن تيمية (ص146)، و«القول المفيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص113 و114).

([62]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج7 ص149)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص95).

([63]) وليس المقصود هنا: ]ويغفر ما دون ذلك[، أن المراد هو: «الشرك الأصغر»، بل هي: المعاصي المعروفة.

     * إذا؛ فإذا قلنا: لأي: أمر، أنه شرك، فهو: «الشرك الأكبر».

([64]) فيذكر قسم: «الشرك الأصغر» في الجملة، ولا يفصل فيه؛ بمثل: ما في الكتب لشروح كتب التوحيد.

([65]) وهذا: «الشرك الأصغر»، يكون في يسير الرياء، ولا بد منه من توبة في نفس الوقت، وإلا كان من: «الشرك الأكبر»، إذا كثر في الدين.

     قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: (أما المسلم الموحد، فقد يقع منه: «الشرك الأصغر»، وهو يسير الرياء). اهـ

     «الموقع الرسمي للشيخ ابن باز» بتاريخ: 27/ 4/2022.

([66]) وانظر: «القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص124).

([67]) أخرجهالبخاري في «صحيحه» (6499)، ومسلم في «صحيحه» (2987)، من حديث جندب t.

([68]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2986)، من حديث ابن عباس ﭭ.

([69]) وانظر: «الجواب الكافي» لابن القيم (ص319 و325).

     * فشرك ظاهر: على اللسان والجوارح، وهو: ألفاظ وأفعال.

     فالألفاظ: كالحلف بغير الله تعالى.

     وأما الأفعال: فمثل لبس الحلقة، والخيط، والتمائم لرفع البلاء، أو دفعه، ولبس التمائم، خوفـا من العين، وغيرها.

     * وشرك: في الإرادات والنيات، كالرياء والسمعة.

     قال الإمام ابن القيم / في «الجواب الكافي» (ص115): (وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر، الذي لا ساحل له، وقل من ينجو منه). اهـ

([70]) الكناسة: بالضم، وهي مجمع القمامة، وهي محلة بالكوفة.

     انظر: «معجم البلدان» للحموي (ج4 ص481).

([71]) قلت: والتعبير بذلك، للمبالغة في الزجر، والتغليظ، لأنه شرك بالله تعالى.

([72]) انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص194).

([73]) انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج3 ص361)، و«تقريب التهذيب» له (ج1 ص366).

([74]) قال العلامة السندي / في «حاشيته على سنن النسائي» (ج7 ص5): (الأنداد: الأصنام، ونحوها، كانوا يعتقدونها آلهة في الجاهلية). اهـ

([75]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص87)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج1 ص94)، و«جامع البيان» للطبري (ج1 ص164).

([76]) يعني: بـ«الشرك الأكبر»، ثم بين لهم: هو الحلف بغير الله تعالى.

([77]) يعني: الأصنام الطواغيت.

     قلت: وعطف القاسم بن محمد /، الحلف بالآباء، على الحلف بالطواغيت، وهذا يدل على أنه مراده بالحلف بغير الله تعالى من: «الشرك الأكبر».

([78]) يعني: الحلف بغير الله تعالى، مثل: وحياتي، بمثل: الحلف بالصليب، وهذا من: «الشرك الأكبر»، كما لا يخفى.

([79]) قلت: واستدل الحسن البصري / على أن الرياء من: «الشرك الأكبر»، بهذه الآية، لأنها في «الشرك الأكبر».

([80]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج14 ص367)، و«الضعيفة» للشيخ الألباني (ج10 ص762).

([81]) انظر: «الضعيفة» للشيخ الألباني (ج10 ص759).

([82]) انظر: «مقدمة الصحيح» لمسلم (ج1 ص18).

([83]) انظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص86 و87).

([84]) ومع ذلك: اعتمد المقلدة على ما يورده الإمام مسلم / في كتابه من الأحاديث، في حيز الاحتجاج بها، وهي معلولة عنده في أصوله!.

     * بل وينسبون إليه تقوية الأحاديث بمجرد إخراجها في كتابه، مع أنه عند البحث، والتحقيق فيها، لا تثبت هذه الأحاديث على شرطه في «الصحيح»، فتنبه.

([85]) وهذا مما أدى اجتهاده في «صحيحه».

([86]) فإذا جاءت في ثنايا الأبواب بين عللها، على طريقة أئمة الجرح والتعديل، فعلمها من علم، وجهلها من جهل.

     يقول تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [الأنبياء: 7].

     ويقول تعالى: ]وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا [ [النساء:83].

([87]) وانظر: «المنهاج» للنووي (ج1 ص49 و50).

([88]) قال الإمام مسلم في «صحيحه» (ج1 ص4): (ولا سيما عند من لا تمييز عنده من العوام، إلا بأن يوقفه على التمييز غيره). اهـ

([89]) وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص105)، و(ج5 ص369)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج5 ص607)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج5 ص607)، و«مقدمة الإلزامات والتتبع» للشيخ الوادعي (ص13)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص19)، و«مقارنة المرويات» للشيخ اللاحم (ج2 ص481).

([90]) بل المقلدة ينسبون إليه تقوية حديث بمجرد سكوت الإمام البخاري، أو الإمام مسلم عن الحديث، وإخراجهما للحديث في «الصحيح»، وهذا من الفهم الخاطئ، مع أنهما أشارا إلى علة الحديث، وهذا الجهل من هذا الباحث يحملهما ما لم يرد عنهما في كتابيهما.

([91]) وهذا مما ينبغي التنبيه عليه، والتيقظ له.

([92]) فالواجب تحرير المعنى المراد قبل نسبة الحكم إلى الإمام البخاري، وكذلك إلى الإمام مسلم.

     لأن الأحاديث، والأسانيد في «الصحيح»، تتفاوت في الصحة، والضبط، والإتقان.

([93]) فيكون الإمام البخاري نقد الحديث، وبين علته في «كتابه»، ولم يسكت عنه.

     لكن في باب آخر غير الذي وقف عليه الباحث، لم يذكر العلة فيه، لأمر ما.

([94]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص22)، و«إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص105)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص175)، و«الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (ج1 ص92).

([95]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص37).

([96]) وانظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج14 ص367)، و«الضعيفة» للشيخ الألباني (ج10 ص762).

([97]) انظر: «الضعيفة» للشيخ الألباني (ج10 ص759 و760 و761 و762).

([98]) وقد أشار مسلم إلى إعلالها، كما سبق.

([99]) ولذلك: فلسنا بحاجة إلى تأويلها، وتكلف القول في معانيها.

     * وانظر: في تأويلها، «فتح الباري» (ج1 ص107)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص168)، و(ج11 ص105)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص29)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص19)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج1 ص363)، و(ج9 ص124).

([100]) وإنما حذفها البخاري؛ لعلمه: أنها، وهم.

([101]) أخرجه الربيع بن حبيب البصري في «المسند» (55).

([102]) انظر: «المنهاج» للنووي (ج1 ص168)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص107)، و«طرح التثريب» للعراقي (ج7 ص134 و135)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج10 ص29)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج16 ص158)، و«بيان مشكل أحاديث رسول الله r» للطحاوي (ج2 ص294)، و«عون المعبود» للآبادي (ج2 ص40).  


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan