القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة الإصابات في تصفية التوحيد من الاجتهادات / القلم المحبر في أن التبرك بالأشجار والأحجار من الشرك الأكبر

2023-12-08

صورة 1
القلم المحبر في أن التبرك بالأشجار والأحجار من الشرك الأكبر

                سلسلة

الإصابات في تصفية التوحيد من الاجتهادات

 

 

                               

 

2

 

 

 

                                                                               

                                                                                     

 

القلم المحبر

في

أن التبرك بالأشجار والأحجار من الشرك الأكبر

 

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

     

المقدمة

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام، على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فإن أفضل العلوم نفعا، وأعلاها مرتبة ومنزلة: هو العلم النافع، بما يجب على العبد لربه سبحانه، وإلهه عز وجل، من توحيد الله في: «ربوبيته»، و«ألوهيته»، و«أسمائه وصفاته»، ومن أجل ذلك خلق الله الخلق، وبعث الرسل، وأنزل الكتب.

* فعلم التوحيد أشرف العلوم، وأفضلها على الإطلاق، وهو حق الله تعالى على عباده أجمعين، ولهذا خلق عباده: مفطورين على الإقرار به.

قال تعالى: ]واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون[ [الزخرف: 45].

وقال تعالى: ]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون[ [الأنبياء: 25].

وقال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56].

* فتكون دلالة هذه الآية: إذا أن كل فرد من أفراد العبادة، يجب أن يكون لله وحده، دون ما سواه؛ لأن الذي خلقهم إنما خلقهم، لأجل أن يعبدوه.

* فكونهم يعبدون غيره، وهو الذي خلقهم، يعد من الاعتداء، والظلم العظيم، لأنه ليس من يخلق، كمن لا يخلق. ([1])

قال تعالى: ]أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون[ [النحل: 17].

وقال تعالى: ]واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا * إذ قال لأبيه ياأبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا[ [مريم: 41 و42].

وقال تعالى: ]ياأبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا * ياأبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا[ [مريم: 44 و45].

وقال تعالى: ]ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت[ [النحل: 36].

وقال تعالى: ]اعبدوا الله ما لكم من إله غيره[ [الأعراف: 59].

وقال تعالى: ]ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون[ [البقرة: 21].

وقال تعالى: ]وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله[ [الزخرف: 84].

أي: مألوه، معبود فيها، يعني: يعبد في السماء والأرض. ([2])

* والله الواحد الأحد: المتفرد بالذات، والصفات: في عدم المثل والنظير، وأحد الله، ووحده؛ أي: نسبه إلى الوحدة والانفراد، فهو سبحانه منفرد في ذاته، وصفاته، وأفعاله. ([3])

* فإن مقام العبد ورفعته، إنما هو بقدر توحيده: لخالقه تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى الكبرى» (ج2 ص341): (ولهذا: كان الصحابة y: أعظم: إيمانا، وجهادا؛ ممن بعدهم، لكمال معرفتهم بالخير والشر، وكمال محبتهم للخير، وبغضهم للشر، لما علموه من حسن حال: الإيمان، والعمل الصالح، وقبح حال: الكفر، والمعاصي). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص460): (الإله: هو الذي تألهه، القلوب: محبة وإجلالا، وإنابة، وإكراما، وتعظيما وذلا، وخضوعا وخوفا، ورجاء وتوكلا). اهـ

وقال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج4 ص567): (لفظ: «إله»، إنما هو لبيان استحقاق الله؛ للألوهية: التي هي حقيقة العبودية). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص249): (فإن: «الإله»: هو المألوه، والمألوه: هو الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق أن يعبد، هو بما اتصف به من الصفات، التي تستلزم أن يكون: هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له، غاية الخضوع). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «كلمة الإخلاص» (ص23): (الإله: هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له، وإجلالا، ومحبة، وخوفا، ورجاء، وتوكلا عليه، وسؤالا منه، ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله؛ إلا لله عز وجل، فمن أشرك مخلوقا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهيه؛ كان ذلك قدحا في إخلاصه في قول: «لا إله إلا الله»، ونقصا في توحيده، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك، وهذا كله من فروع الشرك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص14): (الإله: هو المعبود، المطاع). اهـ

وعن معاذ بن جبل t قال: (كنت رديف النبي r على حمار، فقال لي: يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟، قلت: الله ورسوله أعلم، قال r: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا، قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس، قال r: لا تبشرهم فيتكلوا). ([4])

وقوله r: «ولا يشركوا به شيئا»، أي: في عبادته، وما يختص به، و«شيئا»، نكرة في سياق النفي؛ فتعم: كل شيء، لا رسولا، ولا ملكا، ولا وليا، ولا غيرهم. ([5])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص191): (قوله r: «قال حق الله على العباد، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا»؛ أي: يوحدوه بالعبادة وحده، ولا يشركوا به شيئا، وفائدة هذه الجملة: بيان أن التجرد من الشرك لا بد منه في العبادة؛ وإلا فلا يكون العبد آتيا بعبادة الله، بل مشرك، وهذا هو معنى قول المصنف /: «إن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه»([6]).

* وفيه: معرفة حق الله تعالى على العباد؛ وهو: عبادته وحده لا شريك له). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص189): (وحق الله تعالى على عباده هو: ما يستحقه عليهم، ويجعله متحتما، وحق العباد على الله؛ معناه: أنه متحقق لا محالة، لأنه قد وعدهم ذلك، جزاء لهم على توحيده، ووعده حق: ]إن الله لا يخلف الميعاد[ [الرعد:31]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص14): (قوله تعالى: ]وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا[ [الإسراء: 23]؛ أي: أمر، وأوصى أن لا تعبدوا إلا الله؛ لأنه هو المستحق للعبادة، فلا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله، فاعبدوه وحده، ولا تشركوا معه في عبادته أحدا من نبي، أو ملك، أو ولي، أو غير ذلك، فعلى الإنسان أن يحذر من الشرك كله.

قال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا[ [الأنعام: 151]... الآيات). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص109): (قوله: «ولا يشركوا به شيئا»، أي: يوحدوه بالعبادة، فلا بد من التجرد من الشرك في العبادة، ومن لم يتجرد من الشرك، لم يكن آتيا، بعبادة الله وحده، بل هو: مشرك، قد جعل لله ندا). اهـ

* فالنبي r: أراد أن يبين وجوب التوحيد على العباد وفضله.

* فألقى ذلك بصيغة الاستفهام، ليكون أوقع في النفس، وأبلغ في فهم المتعلم.

* وفي الحديث: تفسير التوحيد، بأنه عبادة الله وحده، لا شريك له. ([7])

فالشاهد من هذا الحديث: هو التأكيد على حق الله تعالى، وهذا الحق، هو عبادة الله، وعدم الإشراك به.

* فتوحيد الألوهية: هو أن يوحد العبد ربه، بأفعال العبد نفسه، فلا يعبد؛ إلا الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا ينحر إلا لله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يرجو إلا الله... فيفرده عز وجل: بجميع أنواع العبادة، الظاهرة والباطنة، قولا وفعلا.

* يؤمن بأنه سبحانه: المستحق، لهذه العبادة. ([8])

قال تعالى: ]فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا[ [مريم: 65].

وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

وقال تعالى: ]ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير[ [الحج: 62].

وقال تعالى: ]ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون[ [الزخرف: 87].

وقال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا[ [الأنعام: 151].

فدلت الآية: على النهي عن جميع أنواع الشرك، و«شيئا»؛ نكرة تدل على عموم الأشياء، فالنكرة جاءت في سياق النهي. ([9])

* فلا يجوز أن يشرك مع الله تعالى أحد في عبادته، لا ملك، ولا نبي، ولا صالح من الأولياء، ولا صنم، ولا قمر، ولا شمس، ولا شجرة، ولا غير ذلك من المخلوقات، لأن كلمة: «شيئا»، عامة. ([10])

* فهذا توحيد الألوهية: وهو أن يوحد العبد ربه سبحانه، بأفعال العبد نفسه، فلا يعبد؛ إلا الله، ولا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا ينحر إلا لله، ولا يحلف إلا بالله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي إلا لله، ولا يرجو إلا الله، ولا يتبرك إلا بما شرعه الله، ولا يتوسل إلا بما شرعه الله، ولا يخاف إلا من الله، ولا يطوف إلا بالكعبة لله تعالى. ([11])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص172): (ابتدأ تعالى هذه الآيات المحكمات بتحريم الشرك، والنهي عنه، فحرم علينا أن نشرك به شيئا، فشمل ذلك كل مشرك به، وكل مشرك فيه من أنواع العبادة، فإن: «شيئا» أنكر النكرات، فيعم جميع الأشياء، وما أباح تعالى لعباده أن يشركوا به شيئا، فإن ذلك أظلم الظلم، وأقبح القبيح.

ولفظ: «الشرك»، و«الشريك» يدل على أن المشركين كانوا يعبدون الله، ولكن يشركون به غيره من الأوثان، والصالحين، والأصنام، فكانت الدعوة واقعة على ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة، وكانت: «لا إلـٰه إلا الله» متضمنة لهذا المعنى، فدعاهم النبي r إلى الإقرار بها نطقا، وعملا، واعتقادا). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص154): (فمن أشرك بين الله تعالى، وبين مخلوق، فيما يختص بالخالق تعالى، من هذه العبادات، أو غيرها؛ فهو: شرك). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص35): (وقوله تعالى: ]شيئا[ [النساء: 36]؛ نكرة في سياق النهي، فتعم كل شيء: لا نبيا، ولا ملكا، ولا وليا، بل ولا أمرا من أمور الدنيا.

* فلا تجعل الدنيا شريكا، مع الله تعالى، والإنسان إذا كان همه الدنيا، كان عابدا لها؛ كما قال r: «تعس عبد الدنيا، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة»([12])). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص» (ص15): (يأمر الله تعالى: عباده، بعبادته وحده، لا شريك له، وينهاهم عن الشرك، ولم يخص نوعا، من أنواع العبادة، لا دعاء، ولا صلاة، ولا غيرها، ليعم الأمر: جميع أنواع العبادة، ولم يخص نوعا، من أنواع الشرك: ليعم النهي: جميع أنواع الشرك). اهـ

* فكل من عبد غير الله تعالى؛ بأي: نوع من أنواع العبادة، فقد أشرك بالله تعالى، سواء كان المعبود: «إنسيا»، أم «ملكا»، أم «جنيا»، أم «صنما»، أم «شجرا»، أم «حجرا»، فغير الله تعالى: يشمل كل ما سوى الله، من المخلوقين. ([13])

* فيجب على العبد، أن يوحد الله، بأفعاله، فيقر: بأن الله، هو: «الخالق»، «الرازق»، «المحيي»، «المميت»، «المدبر»، وأنه لا يشركه في ملكه: أحد.

* فهذه النصوص: تفيد أن أول واجب على العبد المكلف: هو توحيد الله تعالى، فيجب على المكلف: أن يؤمن بهذا التوحيد، إيمانا، عميقا، فهو أول، وأهم الواجبات، التي تبنى عليها سائر أمور الحياة.

* وإذا اعتقد المسلم هذا الاعتقاد، وسار عليه؛ فلا شك أن لهذا الاعتقاد: آثارا عليه في الدنيا والآخرة، فمن آثاره في الدنيا: الحياة المطمئنة، وفي الآخرة: الوصول إلى الجنة، وإلى رضوان الله تعالى. ([14])

والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال: الباطنة والظاهرة. ([15])

* وقد اتضح لنا من الكلام السابق، أن التوحيد ينقسم، إلى ثلاثة أقسام هي:

1) توحيد الربوبية.

2) توحيد الألوهية.

3) توحيد الأسماء والصفات.

* ولقد ثبت بالتتبع والاستقراء: أن التوحيد الذي نزلت به الكتب، ودعت إليه الرسل عليهم السلام، ينحصر في هذه الأقسام للتوحيد.

* لا يكمل توحيد العبد، وإيمانه؛ إلا باستكمالها جميعا... والقرآن كله في بيان هذه الأنواع: للتوحيد. ([16])

* فعلى المرء: أن يوحد الله تعالى، في أسمائه وصفاته، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وأثبته له رسوله r، من الأسماء والصفات، اللائقة: بجلاله، وعظمته، من دون تعطيل ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تكييف.

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج3 ص449): (كل سورة في القرآن، فهي: متضمنة، للتوحيد، بل نقول: قولا، كليا: إن كل آية في القرآن، فهي: متضمنة، للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه). اهـ

* فما آمن بالتوحيد: من لم يؤمن، بهذه الأنواع المستمدة من نصوص الشرع؛ إذ التوحيد المطلوب شرعا:

هو الإيمان بوحدانية الله، في: «ربوبيته»، و«ألوهيته»، و«أسمائه وصفاته».

* ومن لم يأت بهذا جميعه، فليس موحدا، وهذا ثابت بالاستقراء.

والاستقراء: دليل يفيد القطع، إذا كان تاما.

* فهاهنا: نحن استقرينا النصوص الشرعية: كلها فلم نجد إلا هذه الأقسام الثلاثة، وما يتعلق بها، مما يدل على أن هذه الأقسام قطعية.

* وهذه الأقسام تشكل بمجموعها جانب الإيمان بالله تعالى، الذي هو: التوحيد. ([17])

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج3 ص410): (وقد دل استقراء القرآن العظيم: على أن توحيد الله، ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: توحيده في ربوبيته.

الثاني: توحيده تعالى في عبادته.

الثالث: توحيده تعالى في أسمائه وصفاته). اهـ باختصار.

إذا: فلا يصح لأحد توحيده؛ إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة، فهي متلازمة: يلزم بعضها بعضا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر.

* فلا ينفع توحيد الربوبية، بدون: توحيد الألوهية.

وكذلك: لا يصح، ولا يقوم توحيد الألوهية، بدون: توحيد الربوبية.

وأيضا: توحيد الله: في ربوبيته، وألوهيته، لا يستقيم: بدون؛ توحيد الله في أسمائه وصفاته.

* فالخلل، والانحراف: في أي: نوع منها؛ خلل في التوحيد كله، فمعرفة الله تعالى، لا تكون بدون عبادته، والعبادة: لا تكون بدون: معرفته تعالى، فهما: متلازمان. ([18])

قال تعالى: ]فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110].

* فالشرك: هو صرف العبادة، لغير الله تعالى، من دعاء، وحلف، وتبرك، وذبح، ورجاء، وتوكل، وإنابة.

* يعني: تسوية، غير الله تعالى، بالله تعالى: فيما هو من خصائص الله تعالى، فيدخل في ذلك: الشرك، في: «الربوبية»، و«الألوهية»، و«الأسماء والصفات». ([19])

قال القرطبي المفسر / في «الجامع لأحكام القرآن» (ج5 ص181): (أصل الشرك المحرم: اعتقاد شريك لله تعالى في الإلهية، وهو: «الشرك الأعظم»، وهو شرك الجاهلية). اهـ

قلت: ولقد تتبعنا في كتاب الله تعالى؛ وفي سنة رسوله r، وفي آثار الصحابة y، فلم نجد: «الشرك القديم»؛ إلا وهو: في «الشرك الحديث»، حذو القذة بالقذة، سواء في: «شرك الربوبية»، أو في: «شرك الألوهية»، أو في: «شرك الأسماء والصفات».

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج1 ص342): (فإن الشرك الجديد: بعينه، هو الشرك القديم، ولكن أكثر الناس لا يشعرون، بدخول الواقع تحته، وتضمنه له، ويظنونه في نوح، وفي قوم قد خلوا من قبل، ولم يعقبوا وارثا). اهـ

* فهذا شرك القوم في هذا الزمان، واتخاذهم الآلهة، بجميع أنواعها، الذي كان سببا، أن سجل عليهم ربهم القاهر: فوق عباده، بالشرك، والكفر، والضلال، والظلم.

قال تعالى: ]واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا[ [الفرقان: 3].

وقال تعالى: ]وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون[ [يوسف: 106].

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد» (ج1 ص121): (فبالله: صف لي شرك: المشركين، هل هو بعينه؛ إلا هذا، كما نطق به القرآن). اهـ

وقال تعالى: ]أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا[ [الفرقان: 43].

وقال تعالى: ]وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13].

قلت: فالشرك، أعظم الظلم، ولهذا أوعد الله تعالى، بأنه لا يغفر لصاحبه، ومن لا يعرف الشرك: يقع فيه، لا محالة، ثم عدل غير الله، بالله تعالى، كما قال([20]) تعالى: ]ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما[ [النساء: 48].

* وهذه الآية تدل على أن الشرك، هو الذنب العظيم، الذي ليس تحت المشيئة.

وبوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «التوحيد» (ج1 ص173)؛ باب: الخوف.

قلت: فدل على أن كل الذنوب، وهي المعاصي؛ داخلة: تحت مشيئته، إن شاء غفرها، وإن شاء عذب عليها، إلا الشرك، فإنه لا يغفره الله تعالى ألبتة.

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص49): (قوله: «وقول الله تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48]؛ أخبر تعالى: أنه لا يغفر لعبد: لقيه، وهو مشرك به.

* وهذا هو الشاهد من الآية: للترجمة.

* ويغفر ما دون ذلك؛ أي: ما دون الشرك، من الذنوب، لمن يشاء من عباده).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص173): (فتبين بهذه الآية: أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى: أخبر أنه لا يغفره، لمن لم يتب منه، وما دونه من الذنوب، فهو داخل تحت المشيئة، إن شاء غفره لمن لقيه به، وإن شاء عذبه.

* وذلك يوجب للعبد شدة الخوف، من الشرك الذي هذا شأنه عند الله تعالى؛ لأنه أقبح القبح، وأظلم الظلم.

* وتنقص لرب العالمين، وصرف خالص حقه لغيره، وعدل غيره به، كما قال تعالى: ]والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1]). اهـ

* وتضمنت وصية الله تعالى: للأولين، والآخرين، عدم الشرك بالله. ([21])

فقال تعالى: ]ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ [الزمر: 65].

وقال تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف: 33].

* وقد كان الأنبياء يخافون من الوقوع في الشرك. ([22])

قال تعالى، عن إبراهيم عليه السلام: ]رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام[ [إبراهيم: 35].

* ومع ذلك، وقع من وقع من الخلق في الشرك، واجتالتهم الشياطين، من الإنس والجن، عن الصراط السوي، وذلك برميهم فيما يضاده ويناقضه، فكان واجبا، أن يعرف ما يضاد هذا التوحيد، ويناقضه، لأن الأشياء: تتبين بأضدادها، ألا وهو الشرك بالله تعالى.

ولهذا نرى الله تعالى؛ غالبا: يذكر التوحيد، ويذكر معه ما يقابله، واشترط لصحة التوحيد، اجتناب الشرك.

* كما أن الله تعالى: اشترط لقبول الأعمال، ولدخول الجنة، ولغفران الذنوب: اجتناب الشرك، واشترط: لمن يرجو لقاءه، أن لا يشرك به شيئا.

* فمن اجتنب الشرك: في أعماله، وأقواله، وعصم نفسه، عن أدرانه: فقد هدي إلى صراط مستقيم.

لذلك: أحببت أن أبين حقيقة الشرك، الذي وقعت فيه الأمم السابقة، وأن أبين شرك العرب في الجاهلية، وأن أبين الشرك في هذه الأمة في القديم، وأن أبين الشرك فيها في العصر الحديث، للدفاع عن التوحيد الخالص.

* فالدفاع عن التوحيد الخالص، برد أنواع الشرك، هذا مسلك الأنبياء والرسل عليهم السلام، من خلال ما بينه الله تعالى عنهم في كتابه، والرسول r في سنته.

* فرأيت أن أذكر أنواع الشرك، وما وقعت فيه هذه الأمة، حتى يتضح الحق من خلال هذا البحث العلمي، ويكون رادعا، لأولـٰئك القبوريين، وغيرهم، الذين انتشروا في الديار، شرقا، وغربا.

* فالشرك: أحد نواقض الإسلام. ([23])

 قلت: فكل ما نهى عنه الشارع، مما هو: «شرك» بالله تعالى، فقد جاءت فيه النصوص: بتسميته: «شركا» مطلقا، وهذا يراد به: «الشرك الأكبر».

* ومن المعلوم، أن هذا: «الشرك» أعظم ما نهى الله تعالى عنه في الدين، وقد أطلق عليه؛ بأنه: «شرك» مطلقا، دون تفصيل: فيما يسمى: بـ«الشرك الأصغر»، فإن هذا: القسم، لم يثبت في الشريعة المطهرة.

وإليك الدليل:

قال تعالى: ]واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا[ [النساء: 36].

وقال تعالى: ]ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور: 40].

وقال تعالى: ]لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين[ [الزمر: 65].

وقال تعالى: ]أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم[ [الأعراف: 173].

وقال تعالى: ]وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا[ [الأنعام: 81].

وقال تعالى: ]لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء[ [الأنعام: 148].

وقال تعالى: ]سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله[ [آل عمران: 151].

وقال تعالى: ]ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا[ [آل عمران: 186].

وقال تعالى: ]ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم[ [الأنعام: 22].

وقال تعالى: ]ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون[ [الأنعام: 88].

وقال تعالى: ]قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به[ [الرعد: 36].

وقال تعالى: ]ويقول ياليتني لم أشرك بربي أحدا[ [الكهف: 42].

وقال تعالى: ]قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا[ [الجن: 20].

وقال تعالى: ]وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13].

وقال تعالى: ]قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون[ [الأنعام: 19].

وقال تعالى: ]قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون[ [هود: 54].

وقال تعالى: ]ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة[ [المائدة: 72].

وقال تعالى: ]فتعالى الله عما يشركون[ [الأعراف: 190].

وقال تعالى: ]سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس: 18].

وقال تعالى: ]يعبدونني لا يشركون بي شيئا[ [النور: 55].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48].

وقال تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]ولا تكونن من المشركين[ [الأنعام: 14].

وقال تعالى: ]أن الله بريء من المشركين ورسوله[ [التوبة: 3].

وقال تعالى: ]الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون[ [الأنعام: 82].

* والظلم: هو الشرك، وهو ضد التوحيد. ([24])

* وقد صح عن النبي r، أنه لما: تلا هذه الآية، قال الصحابة: (وأينا لم يظلم نفسه، فقال r: ألم تقرؤوا، قول لقمان، لابنه: ]إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13]). ([25])

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل: عملا أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه). ([26])

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «عقيدة التوحيد» (ص92)؛ عن من أشرك مع الله تعالى غيره: (وهذا أعظم: الظلم، قال تعالى: ]إن الشرك لظلم عظيم[ [لقمان: 13]؛ والظلم هو: وضع الشيء في غير موضعه، فمن عبد غير الله؛ فقد وضع العبادة، في غير موضعها، وصرفها لغير مستحقها، وذلك: أعظم، الظلم).اهـ

* يدل عليه، أن النبي r: بعث في أناس، متفرقين؛ في عباداتهم:

منهم: من كان يعبد الشمس والقمر، فقال تعالى: ]لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون[ [فصلت: 37].

ومنهم: من كان يعبد الصالحين، فقال تعالى: ]قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا * أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا[ [الإسراء: 56 و57].

ومنهم: من كان يعبد الملائكة، فقال تعالى: ]ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون[ [سبأ: 40 و41].

ومنهم: من كان يعبد الأنبياء، فقال تعالى: ]وإذ قال الله ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب[ [النساء: 116].

وقال تعالى: ]إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله[ [النساء: 171].

وقال تعالى: ]وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم[ [الصف: 6].

ومنهم: من كان يعبد الأحجار والأشجار، فقال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

وبوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب في «التوحيد» (ج1 ص53)؛ باب: من تبرك بشجر، أو حجر، ونحوهما.

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان / في «الدر النضيد» (ص90): (والشاهد: من الآيات للترجمة، أن أهل الجاهلية إنما عبدوا هذه الأوثان، وعظموها، لما يعتقدونه، ويرجونه، ويؤملونه من بركتها، وشفاعتها.

* وهذا هو الذي يقصده: مشركو أزماننا، ممن عبدوه: سواء بسواء، فالتبرك بالمشايخ، وقبور الصالحين، كالتبرك بـ«اللات»، والتبرك بالأشجار بـ«العزى»([27])، والتبرك بالأحجار، كالتبرك بـ«مناة»، وهذه الأوثان الثلاثة من أعظم أوثان أهل الجاهلية، من أهل الحجاز). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص258): (ومطابقة الآيات للترجمة: من جهة أن عباد الأوثان، إنما كانوا يعتقدون حصول البركة منها: بتعظيمها، ودعائها، والاستعانة بها، والاعتماد عليها في حصول ما يرجونه منها، ويؤملونه ببركتها وشفاعتها، وغير ذلك.

فالتبرك بقبور الصالحين: كـ«اللات»، وبالأشجار والأحجار: كـ«العزى، ومناة»، من فعل جملة أولـٰئك المشركين مع تلك الأوثان، فمن فعل مثل ذلك، أو اعتقد في قبر، أو حجر، أو شجر، فقد ضاهى عباد هذه الأوثان فيما يفعلونه معها من هذا الشرك، على أن الواقع من هؤلاء المشركين مع معبوديهم، أعظم مما وقع من أولـٰئك). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ / في «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» (ج1 ص284): (فتبين بهذا: أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره، أي: إلا بالتوبة منه، وما عداه، فهو داخل تحت مشيئة الله؛ إن شاء غفره بلا توبة، وإن شاء عذب به، وهذا يوجب للعبد شدة الخوف من هذا الذنب الذي هذا شأنه عند الله، وإنما كان كذلك، لأنه أقبح القبيح، وأظلم الظلم، إذ مضمونه تنقيص رب العالمين، وصرف خالص حقه لغيره، وعدل غيره به، كما قال تعالى: ]ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[ [الأنعام: 1]). اهـ

قال تعالى: ]ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون * فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين[ [يونس: 28 و29].

وقال تعالى: ]ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون[ [يونس: 18]، فجعلهم الله تعالى: مشركين؛ باتخاذهم: الشفعاء، فلا واسطة، بين الله تعالى، وبين خلقه في العبادة.

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح كتاب التوحيد» (ص37): (والمشركون كانوا أقساما:

منهم: من يعبد الأصنام.

ومنهم: من يعبد غير الأصنام، كـ«الشجر»، و«الحجر»، و«الشمس»، و«القمر».

* كلهم: يجمعهم صرف العبادة لغير الله تعالى). اهـ 

* وقد قاتل رسول الله r: جميع هؤلاء الأصناف، من المشركين، ولم يفرق بينهم.

قال تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير[ [الأنفال: 39].

وقال تعالى: ]والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير[ [فاطر: 13 و14].

وقال تعالى: ]ومن أضل ممن يدعو من دون([28]) الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين[ [الأحقاف: 5 و6].

* فالتوحيد الذي يجب على العبد: هو أن يوحد الله؛ بأفعاله، فلا يصرف شيئا، من العبادة لغير الله تعالى، لا من: «نذر»، ولا «خوف»، ولا «رجاء»، ولا «رغبة»، ولا «رهبة»،ولا شيء من أمور العبادة، لغير الله تعالى. ([29])

قال تعالى: ]قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين[ [الأنعام: 162 و163].

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «أقسام التوحيد» (ص5): (الشرك: هو أعظم الذنوب، وقد وقع فيه أكثر الناس قديما وحديثا.

* فالواجب بيانه للناس، والتحذير منه في كل وقت، وذلك بالدعوة إلى توحيد الله سبحانه، والنهي عن الشرك). اهـ

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «أقسام التوحيد» (ص4): (والله بين على أيدي الرسل أن الواجب عبادته وحده سبحانه وأنه الإله الحق وأنه لا يجوز اتخاذ الوسائط بينه وبين عباده، بل يجب أن يعبد وحده مباشرة من دون واسطة وأرسل الرسل، وأنزل الكتب بذلك، وخلق الثقلين؛ لذلك قال تعالى: ]وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[ [الذاريات: 56]). اهـ

هذا، وأسأل الله العظيم؛ بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى: أن يتقبله، وأن يجعله: من الأعمال الصالحة، وأن ينفع به من قرأه، ويهدي به من ضل.

والحمد لله رب العالمين.

                                                                                              كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

    

ذكر الدليل

على التحذير الشديد من كل ما فيه وسيلة؛ إلى التبرك: بحجر، أو شجر، أو غير ذلك، سدا لذريعة الشرك

 

عن عمر بن الخطاب t، حين قبل الحجر الأسود، قال: (إني أعلم أنك حجر، لا تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله r، يقبلك، ما قبلتك). ([30])

* فقد بين عمر بن الخطاب t، أن تقبيل الحجر، إنما هو عبادة، من عبادة الله تعالى، وشعيرة من شعائر: الحج، والعمرة.

* وليس لأجل التبرك، أو لأجل دفع مضرة، وجلب منفعة، وذلك لئلا يظن ذلك بعض العوام الطغام، فيقعون في الإشراك بالله تعالى.

قلت: فلو كان يجوز: التبرك بالأحجار، والأشجار، أو القبور، والمشاهد؛ لكان الحجر الأسود: أليق، وأولى بذلك، وأحرى.

* لما مسته أيدي الأنبياء والصحابة، وغيرهم، وقبلته أفواههم، وفي ذلك: عبرة، وتذكرة: ]فهل من مدكر[ [القمر: 40]. ([31])

وعن أبي واقد الليثي t؛ أن رسول الله r: (لما خرج إلى خيبر، مر بشجرة للمشركين، يقال لها: ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال النبي r: سبحان الله!، هذا كما قال قوم موسى عليه السلام: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم). ([32])

* فتأمل: كيف جعل النبي صلى الله عليه وسلم، طلبهم: بالتبرك بالشجر، من جنس قول أصحاب موسى عليه السلام، لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]، مما يبين: كون التبرك بالأشجار، والأحجار، وغير ذلك من «الشرك الأكبر» في الدين.

* فإذا كان هذا التغليظ، في شجرة، أو حجرة: فما بالك، بالتبرك بالقبر مباشرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص674): (فلأن يشرك: بقبر الرجل الذي يعتقد بنبوته، أو صلاحه، أعظم من أن يشرك بخشبة، أو حجر على تمثاله، ولهذا: نجد أقواما كثيرين، يتضرعون عندها، ويخشعون، ويعبدون بقلوبهم: عبادة، لا يفعلونها في المسجد). اهـ

 وعن طارق بن عبد الرحمن قال: (انطلقت حاجا، فمررت بقوم يصلون، قلت: ما هذا المسجد؟، قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله r بيعة الرضوان، فأتيت: سعيد بن المسيب، فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي، أنه كان فيمن بايع رسول الله r، تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل أنسيناها، فلم نقدر عليها، فقال سعيد: إن أصحاب محمد r، لم يعلموها، وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم!). وفي رواية: (لقد رأيت الشجرة، ثم أتيتها بعد، فلم أعرفها). وفي رواية: (فرجعنا إليها العام المقبل، فعميت علينا).

أخرجه البخاري في «الجامع المسند الصحيح» (ج4 ص1528)، ومسلم في «المسند الصحيح» (ج3 ص1485 و1486) من طريق أبي عوانة، وإسرائيل، وسفيان، جميعهم: عن طارق بن عبد الرحمن به.

* وهكذا قال عبد الله بن عمر : (رجعنا من العام المقبل، فما اجتمع منا اثنان، على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله). ([33])

قال الحافظ النووي / في «المنهاج» (ج13 ص5)؛ في بيان حكمة تعمية الله تعالى عليهم هذه الشجرة: (قال العلماء: سبب خفائها، أن لا يفتتن الناس بها، لما جرى تحتها من الخير، ونزول الرضوان، والسكينة، وغير ذلك.

* فلو بقيت ظاهرة، معلومة: لخيف تعظيم الأعراب، والجهال إياها، وعبادتهم لها؛ فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى). اهـ

قلت: وهذا يدلك على خطر التبرك بالشجر، والحجر، وغير ذلك، لأنه من: «الشرك الأكبر»، ويخاف من الجهال، أن يعبدوا الشجر بعد ذلك. ([34])

 تنبيه: فعن نافع / قال: (كان الناس يأتون الشجرة، التي يقال لها شجرة الرضوان، فيصلون عندها، قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب t، فأوعدهم فيها، وأمر بها فقطعت). ([35])

قلت: فأكثر الصحابة y، لم يعرفوا هذه الشجرة، لكن جابر بن عبد الله t يعرفها، لكن لم يعرفهم بها، ولم يحث عليها، وبقيت مجهولة، غير معروفة، وأنتهت المفسدة زمانا.

فقد قال جابر بن عبد الله t: (ولو كنت أبصر اليوم، لأريتكم مكان الشجرة).([36])

قلت: فلم يعرفها جابر بن عبد الله t، للناس، لخوفه: بافتتانهم في الشجرة نفسها.

الحاصل: أن «توحيد الله تعالى»، بالعبادة؛ أحب الأمور إلى الله تعالى، وأنه الغاية العظمى، والمقصد الأسمى، والطريق الأسنى، من بعث الرسل عليهم السلام، وإنزال الكتب، وخلق الجن والإنس، وأنه أعلى الأمور: منزلة، وقيمة.

* وضده: «الشرك» بالله تعالى، فهو: أكبر الكبائر، وأبغض الأمور إلى الله تعالى، فيجب القضاء على كل وسيلة: تجر إلى «الشرك»، مباشرة، أو بالواسطة، لئلا: تخسر الأمة أهم الغايات، وأعظم المقاصد، ولئلا نقع في أكبر المفاسد، ولئلا نرجع إلى شرك أهل الجاهلية. ([37])

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

 على أن التبرك بالشجر من: «الشرك الأكبر»، وهو مخرج من الملة، ليس من: «الشرك الأصغر»، وفي هذا رد على من زعم أن: التبرك بالشجر من: «الشرك الأصغر».

 

اعلم: أن الله تعالى، بعث محمدا r، ليجدد للناس دين أبيهم إبراهيم عليه السلام، ويدلهم على أن العبادة: محض حق الله تعالى، لا يجوز صرف شيء منها: لغير الله تعالى.

* وقد زجر الله تعالى، المشركين على تعظيمهم، للأشجار، والأحجار، والأصنام.

فقال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

* واللات، والعزى، والمناة: من أشهر، وأعظم الأصنام في زمن الجاهلية، وقد كانوا يطلبون منها، أن تبارك لهم في أنفسهم، وأولادهم، وأموالهم.

* فكانوا: بهذا مشركين، بـ«الشرك الأكبر»؛ لأنهم: عبدوها، من دون الله تعالى، حين طلبوا بركتها، وما هي إلا أوهام تخيلوها، لا حقيقة لها، فهي: مجرد: «أشجار»، و«أحجار»، لا تنفع، ولا تضر.

قال تعالى: ]إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى[ [النجم: 23].

* وما يحصل، ممن ينتسب إلى الإسلام من: التبرك بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، و«القبور»، هو من جنس تبرك: المشركين هذا.

* فالواجب على المسلم، إلا يعلق قلبه؛ إلا بالله وحده، وألا يتعلق بغيره، فمن فعل ذلك، فقد شابههم في فعلهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

* ومن أنواع التبرك، يعني: التبرك الممنوع، وهو التماس البركة، فيما لم يأذن به الشرع، كمن اعتقد أن هذا الشيء، يمنح البركة بذاته.

* كمن: يتبرك: بـ«الأشجار»، أو «الأحجار»، أو «القبور»، لطلب نفع، أو دفع ضر؛ فذلك: «شرك أكبر».

* فالتبرك بالأشجار، كـ«العزى»، وهي: شجرة تعبد من دون الله تعالى، والتبرك بالأحجار، كـ«المناة»، والتبرك بالقبور، كـ«اللات»، يعني: ذلك من فعل أولـٰئك المشركين، مع تلك الأوثان.

* فمن فعل مثل ذلك، فقد ضاهى: عباد هذه الأوثان، فيما كانوا يفعلونه معها، من هذا الشرك([38]): ]تلك إذا قسمة ضيزى[ [النجم: 22].

فالله تعالى: قد أقام الحجة، بما أرسل من الرسل عليهم السلام، وأنزل من الكتب، التي تبين: الفرق بين «الشرك الأكبر»، وبين «الشرك الأصغر»، وقد فصل الله تعالى ذلك في القرآن، وفصل النبي r في السنة، فيما لا مجال في التباس، هذا، بهذا، إلا على الجهلة، بالجهل المركب.

* والتبرك بالشجر، هذا من: «الشرك الأكبر»، بين الله تعالى في القرآن، وبين النبي r في السنة، بيانا، شافيا، دون لبس.

وبوب العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص88)؛ باب: من تبرك، بشجرة، أو حجر، ونحوهما.

* واستدل /: بقوله تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

* والشجر: جمع شجرة.

* والتبرك: طلب البركة، ورجاؤها، واعتقادها، وهذا من: «الشرك الأكبر».([39])

قلت: فمن فعل ذلك، فهو: مشرك بالله تعالى، يعني: من تبرك بالشجر، أو الحجر. ([40])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص102): (قوله: «باب: من تبرك بشجرة، أو حجر، ونحوهما»؛ كـ«بقعة»، و«قبر»، و«مشهد»، وغير ذلك، و«من»: اسم شرط، والجواب: محذوف؛ تقديره: فقد أشرك بالله). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص262): (وفي هذه الجملة من الفوائد: أن ما يفعله من يعتقد في: «الأشجار»، و«القبور»، و«الأحجار»، من التبرك بها، والعكوف عندها، والذبح لها، هو الشرك([41])). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص89): (مناسبة الآيات للباب: أن فيها تحريم التبرك، بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، واعتباره: «شركا».

* فإن عباد هذه الأصنام المذكورة، إنما كانوا يعتقدون: حصول البركة منها: بتعظيمها، ودعائها.

* فالتبرك بالقبور كالتبرك: بـ«اللات»، وبالأشجار، والأحجار؛ كالتبرك: بـ«العزى»، و«مناة»). اهـ

قلت: وهذا التبرك، يعتبر: «شركا أكبر»؛ كما هو ظاهر من الآيات، والحديث([42])، فمن فعل ذلك، فقد وقع في: «الشرك الأكبر»، وخرج من الملة.

قال العلامة الشيخ سليمان الحمدان / في «الدر النضيد» (ص76): (والشاهد: من الآيات، للترجمة: أن أهل الجاهلية، إنما عبدوا هذه الأوثان، وعظموها؛ لما يعتقدونه، ويرجونه، ويؤملونه من بركتها، وشفاعتها.

* وهذا هو الذي يقصده: مشركو زماننا ممن عبدوه، سواء بسواء، فالتبرك: بالمشايخ، وقبور الصالحين؛ كالتبرك: «باللات»، والتبرك: بالأشجار، كالتبرك: «بالعزى»، والتبرك: بالأحجار، كالتبرك: «بمناة»، وهذه الأوثان الثلاثة: من أعظم: أوثان أهل الجاهلية). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص103): (ومناسبة هذه للترجمة: أن عبادة المشركين: «للعزى»، والصخرة: و«مناة»، إنما كان بالتفات القلوب رغبة إليها في حصول ما يرجونه: ببركتها، من نفع، أو دفع ضر.

* فصارت أوثانا تعبد، من دون الله تعالى، وذلك من شدة ضلال أهل الشرك، وفساد عقولهم، كما قال تعالى: ]ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله[ [يونس:18].

* فصارت عبادة القبور، وعبادة الشجر، والحجر، هو شرك المشركين، وحتى جرى ذلك -وما هو أعظم منه- في أواخر هذه الأمة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الملخص في شرح كتاب التوحيد» (ص90): (ما يستفاد من الآيات: أن التبرك بالأشجار، والأحجار: شرك).اهـ

* والعزى: في الأصل، هي كانت شجرة، يعبدها: المشركون، ثم جعلوها: «صنما» على مر الدهور. ([43])

قال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

* وهذه الآية: فيها الدليل القاطع، على أن التبرك: بـ«الشجر»، و«الحجر»، من: «الشرك الأكبر»، وليس من: «الشرك الأصغر»، لأن ذلك من فعل أهل الجاهلية، وشركهم، هو: «الشرك الأكبر»، وقد كفروا بفعلهم لهذا النوع من الشرك. ([44])

قال العلامة الشيخ حمد بن عتيق / في «إبطال التنديد» (ص75): (وقد وقع في هذه الأزمان: من عبادة الأوثان من: «القبور»، و«الأشجار»، و«الأحجار»، و«البنايا»، والتبرك بها، والذبح عندها، ما هو أعظم، وأكثر، وأفحش مما فعله المشركون، وانتشار هذا، وظهوره، وكثرته تغني: عن تعداد بعضه، ولكن الناس، لا يشعرون).اهـ

قلت: وهذا يدلك على بطلان التبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، وأنه من: «الشرك الأكبر»، لأنه من فعل المشركين، عباد الأوثان في كل زمان. ([45])

* ومن تأمل أحوال المشركين، قديما، وحديثا، يراهم، أنهم: يعبدون «الأشجار»، و«الأحجار»، وغيرها، ويعظمونها في دينهم.

* فوجه مطابقة الآية، للترجمة: أن التبرك، بـ«الشجر»، و«الحجر»، و«القبور»، فإنه من: «الشرك الأكبر»، وهذا واضح. ([46])

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص105): (فمن التفت قلبه: إلى غير الله تعالى؛ بطلب نفع، أو دفع: ضر، فقد أشرك، والقرآن كله في تقرير: هذا الأصل العظيم؛ الذي هو أصل دين الإسلام، وهو الإخلاص الذي لا يقبل الله تعالى، من أحد دينا: سواه). اهـ

قلت: وفي هذه الآية، إنكار الله تعالى على المشركين، عبادة الشجر، والتبرك بها، فكيف نجعل هذا التبرك من قسم: «الشرك الأصغر»: ]إن هذا لشيء عجاب[ [سورة ص: 5].

وقد دلت الآية: على أن عبادة المشركين، لهذه الأوثان، إنما كانت لطلب النفع، ودفع الضرر، فكل من تبرك: بـ«شجر»، أو «قبر»، أو «حجر»، أو عبد غير ذلك، فقد شابههم، ودخل في شركهم. ([47])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص136): (وأما الأشجار، والأحجار، والعيون، ونحوها، مما ينذر لها بعض العامة، أو يعلقون بها خرقا، أو غير ذلك، أو يأخذون ورقها: يتبركون به، أو يصلون عندها، أو نحو ذلك، فهذا كله من البدع المنكرة، وهو من عمل أهل الجاهلية، ومن أسباب الشرك بالله تعالى). اهـ

* ويعرف أن هذا  التبرك من: «الشرك الأكبر»، من قوله تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم: 19 و20].

وكانوا: يسألونها، ويتبركون بها، ويستغيثون بها، فأبطل الإسلام ذلك، لأنه من الشرك. ([48])

لذلك؛ قالت عائشة ، سمعت رسول الله r يقول: (لا يذهب الليل والنهار، حتى تعبد: اللات والعزى). ([49])

قلت: يعذر الجاهل بجهله، بمثل: هذه المواقف، في ساعته بعد نصحه، والإنكار عليه، ثم ارتدع، وترك في نفس الوقت، ولم يتماد في قوله، أو فعله، فهذا يعذر، لأنه رجع عن ذلك.

* أما من تمادى في شركه، وأصر على المضي فيه إلى أن مات على الشرك، فهذا لا يعذر بجهله، فافطن لهذا.

* وقد استدل على أن التبرك بالشجر، من: «الشرك الأصغر»، بحديث أبي واقد الليثي t قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر!، إنها السنن!، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف:138]، لتركبن سنن من كان قبلكم).

وفي رواية: (أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله r إلى حنين، قال: وكان للكفار سدرة يعكفون عندها، ويعلقون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، قال: فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، فقال رسول الله r: قلتم: والذي نفسي بيده، كما قال قوم موسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف:138]، إنها لسنن، لتركبن سنن ([50]) من كان قبلكم: سنة، سنة).

وفي رواية: (أن رسول الله r، لما خرج إلى خيبر، مر بشجرة للمشركين، يقال لها: ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال النبي r: سبحان الله، هذا كما قال قوم موسى عليه السلام: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]، والذي نفسي بيده لتركبن سنة، من كان قبلكم).

حديث صحيح

أخرجه ابن إسحاق في «السيرة» (ص552)، والترمذي في «سننه» (2180)، والنسائي في «السنن الكبرى» (11185)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص218)، ومعمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (ج11 ص369)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص479)، والبغوي في «معالم التنزيل» (ج3 ص274)، وأبو المظفر السمعاني في «تفسير القرآن» تعليقا (ج2 ص210)، والطيالسي في «المسند» (1346)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج5 ص3553)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص235)، والحميدي في «المسند» (848)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص37)، ومحمد بن نصر المروزي في «السنة» (37)، و(40)، وأبو يعلى في «المسند» (ج3 ص30)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج2 ص759)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص45)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج1 ص172)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص124)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج2 ص380)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص135)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة في بيان المحجة» (ج1 ص322)، وابن حبان في «صحيحه» (ج15 ص94)، والهروي في «ذم الكلام» (458)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج3 ص243، و244)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص568)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج4 ص273)، والبيهقي في «دلائل النبوة» (ج5 ص124 و125)، والأزرقي في «أخبار مكة» (ج1 ص129 و130)، والواحدي في «الوسيط» (ج2 ص403) من طرق عن الزهري عن سنان بن أبي سنان الدؤلي عن أبي واقد الليثي t به.

قلت: وهذا سنده صحيح، والحديث: صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ج1 ص37).

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وقد صححه الشيخ الألباني في «صحيح سنن الترمذي» (218).

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص536).

وأورده الهيثمي في «موارد الظمآن» (1835).

وبوب عليه الحافظ عبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص35)؛ باب: اتباع المسلمين، سنن أهل الكتابين.

قلت: وليس فيه؛ أي: دليل على، أن التبرك بالشجر، من: «الشرك الأصغر»، بل يدل الحديث، على أن التبرك بالشجر، من: «الشرك الأكبر»، وذلك من وجوه:

1) عكوف أهل الشرك، عند تلك الشجرة، وقد علقوا عليها أسلحتهم، رجاء بركتها، وهذا من الشرك.

2) أن اتخاذ الشجر، والعكوف عندها، للتبرك بها من أعمال أهل الشرك، قديما وحديثا.

* فكل ما يتخذ، أو يعكف عنده، من: «شجر»، أو «حجر»، للتبرك، فإنه من: «الشرك الأكبر»، ومن البدع المنكرة في الإسلام. ([51])

* والتبرك بذات الأنواط، بتعظيمها، والعكوف عندها، والتوسل بها، فإن لازم هذا التبرك، يكون ذلك من: «الشرك الأكبر»، ليس من: «الشرك الأصغر»، فافهم لهذا.

قلت: وهذا الذي كان يصنعه: أهل الجاهلية تماما.

* إذن، فإن هذا الفعل يشمل ثلاثة أشياء:

1) التعظيم؛ أي: تعظيم العبادة للأشجار، وهذه عبادة شركية.

2) العكوف عندها، وملازمتها، وهذا نوع عبادة، لغير الله تعالى.

3) التبرك بها، رجاء، ورغبة، ومحبة، فهذا: «شرك أكبر».

* ومعنى: تبرك المشركين بهذه الشجرة؛ أنهم: كانوا يرجون كثرة الخير فيها، ودوام الخير لها.

* لأنهم: اعتبروا هذه الشجرة، إلهٰا لهم، وتبركهم بها، من التبركات الشركية، لأن المشركين: كانوا: يتبركون، بـ«الأشجار»([52])، و«الأحجار»، و«القبور»، وهذا اعتقاد باطل في الدين.

قلت: وهذا حال جميع المشركين في كل زمان إلى قيام الساعة.

وأورد الحديث: العلامة الشيخ عبد الله أبا بطين / في «الانتصار: لحزب الله الموحدين، والرد على المجادل عن المشركين» (ص35)؛ ثم قال: (فإن قيل: فالنبي r، لم يكفرهم بذلك!.

قلنا: هذا يدل على أن من تكلم بكلمة: كفر، جاهلا، بمعناها، ثم نبه: أنه لا يكفر، ولا شك أن هؤلاء: لو اتخذوا ذات أنواط بعد إنكار النبي r عليهم: لكفروا).اهـ

والمقصود هنا: بيان كون التبرك بالشجر، والحجر، وما في معناها، كلها تدخل في: «الشرك» في «الربوبية»، وخاصة: في صفة «القدرة» الكاملة لله تعالى الشاملة؛ لكل شيء.

* وأن العرب في جاهليتهم كانت عندهم هذه الأشياء، ولهذا جاء النهي عنها في الأحاديث النبوية، وهي تدل على أن التبرك: «بالأشجار»، و«الأحجار»، من «الشرك»، وإنما المقصود هنا: بيان كونه موجودا في العرب في الجاهلية. ([53])

* فالتبرك: هو طلب كثرة الخير ودوامه: ولا أحد أحق بذلك، وصفا، وفعلا: منه تبارك وتعالى.

وتفسير السلف: يدور على هذين المعنيين، وهما متلازمان. ([54])

قال الإمام ابن القيم / في «جلاء الأفهام» (ص179): (وهذا اللفظ: قد ذكره الله تعالى في المواضع، التي أثنى فيها على نفسه بالجلال، والعظمة، والأفعال الدالة على ربوبيته، وإلهيته، وحكمته، وسائر صفات كماله). اهـ

* فهذا التبرك من الشرك بالله في «ربوبيته»، خصوصا: في صفة «القدرة» الكاملة، لأنه اعتقد حصول كثرة: الخير ودوامه، من غير الله تعالى، فهو اعتقاد في غير الله تعالى، ما لا يجوز أن يعتقد، إلا في الله تعالى، ففيه إنزال غير الله تعالى، منزلة: «الربوبية». ([55])

* وهو أيضا: شرك بالله في «ألوهيته»([56])، و«عبادته»، لأنه صرف ذلك لغير الله تعالى، وهذا بسبب تعظيم من يتبرك به، والافتتان به، والتعلق به. ([57])

قلت: وكان عند مشركي العرب هذا النوع من الشرك.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «فتح المجيد» (ج1 ص169): (وكان عكوف المشركين، عند تلك السدرة: تبركا بها، وتعظيما لها). اهـ

* فهذا يدل على أن المشركين كانوا في الجاهلية: يطلبون الخير والبركة من هذه الأشجار.

* ومعلوم أن الطلب للخير والبركة، وطلب دوامها: من العبادة.

* وإيصال: الخير والبركة، وإدامتها، إنما هي من خصائص الربوبية.

* فلهذا يكون عملهم: هذا شركا في الربوبية، في قدرة الله الكاملة؛ لأنهم: يعتقدون حصول: الخير والبركة، ودوامها، من غير الله تعالى. ([58])

قال تعالى: ]وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون[ [يوسف: 106].

وقال تعالى: ]والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى[ [الزمر: 3].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص818 و819): (فأما العكوف، والمجاورة: عند شجرة، أو حجر، تمثال، أو غير تمثال، أو العكوف، والمجاورة، عند قبر نبي، أو غير نبي، أو مقام نبي، أو غير نبي.

* فليس هذا من دين المسلمين، بل هو من جنس دين المشركين، الذين أخبر الله تعالى عنهم، بما ذكره في كتابه). اهـ

قلت: فمن مظاهر التبرك الممنوع: العكوف عند بعض: «الأشجار»، أو «الأحجار»، أو قصد أداء العبادة عندها، أو تعليق الخرق عليها، أو ما شابه ذلك، لأن ذلك من الشرك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج27 ص136): (وأما: «الأشجار»، و«الأحجار»، و«العيون»، ونحوها: مما ينذر لها بعض العامة، أو يعلقون بها خرقا، أو غير ذلك، أو يأخذون ورقها يتبركون به، أو يصلون عندها، أو نحو ذلك، فهذا كله: من البدع المنكرة، وهو من عمل: «أهل الجاهلية»، ومن أسباب الشرك بالله تعالى). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز» (ص152): (وفي هذه الجملة من الفوائد: أن ما يفعله من يعتقد في: «الأشجار»، و«القبور»، و«الأحجار» من التبرك بها، والعكوف عندها، والذبح لها هو الشرك، ولا يغتر بالعوام، والطغام، ولا يستبعد: كون هذا شركا، ويقع في هذه الأمة).اهـ

3) إنكار النبي r: عليهم في طلبهم ذلك، وشبه طلبهم هذا، بطلب بني إسرائيل، من موسى عليه السلام.

* وقد أسلموا حديثا في الإسلام، ومع ذلك: أنكر رسول الله r، عليهم، حين طلبوا منه r، أن يجعل لهم شجرة: يتبركون بها، كما يفعل المشركون.

* وكبر r: حين سمع ما لا يليق، بجلال الله، وعظمته، تنزيها لله تعالى، عن الشرك.

* وشبه مقالتهم: بمقولة؛ بني إسرائيل، لموسى عليه السلام: ([59]) ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138].

قال العلامة الشيخ عبد الله بن محمد الدويش / في «التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد»(ص71):

* معرفة صورة الأمر الذي طلبوا؛ أي: أنهم، طلبوا منه، أن يجعل لهم: شجرة يتبركون بها.

* كونهم لم يفعلوا؛ أي: لأنه لما نهاهم، أطاعوه، وتركوا قولهم.

* أن النبي r، لم يعذرهم، بل رد عليهم، بقوله: «الله أكبر»، «إنها السنن، لتتبعن سنن من كان قبلكم»، فغلظ الأمر بهذه الثلاث؛ أي: أنه أنكر r عليهم، ورد عليهم ما قالوه، فغلظ عليهم، بهذه الثلاث؛ أي: قوله «الله أكبر»، و«إنها السنن»، وقوله r: «لتتبعن سنن من كان قبلكم».

* الأمر الكبير، وهو المقصود، أنه r أخبر أن طلبهم، كطلب: بني إسرائيل، لما قالوا: لموسى: «اجعل لنا إلهٰا»، أي: لما كان المقصود أن كلا طلب، أن يجعل له شيء يألهه: جعل طلبتهم، كطلبة بني إسرائيل، وإن لم يسموه إلهٰا، لكن لما كانت الحقيقة واحدة، أنكر عليهم، ولم ينظر إلى كونهم: سموها ذات أنواط، فالمشرك: مشرك، ولو سمى: شركه ما سماه. اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص108): (أن النبي r، لم يعذرهم، بل رد عليهم، بقوله r: «الله أكبر، إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم»، فغلظ الأمر، بهذه الثلاث). اهـ

* والجامع: بين مقالتهم، ومقالة، بني إسرائيل: أن كلا، منهما: طلب أن يجعل له ما يألهه، ويعبده، من دون الله تعالى، فمن تبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، فقد اتخذها آلهة، من دون الله تعالى.

* فعبادتهم: لها، بالتعظيم، والعكوف، والتبرك، وبهذه الثلاثة: عبدت الأوثان، من دون الله تعالى، وتغير الاسم، لا يغير الحقيقة.

4) أن التبرك، بالأشجار، والأحجار، من: «الشرك الأكبر»، لتسويته r، بين مقالتهم، ومقالة: بني إسرائيل، وحلفه r على ذلك، وإن لم يستحلف، مزيد تحذير. ([60])

قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص108): (الأمر الكبير: وهو المقصود، أنه أخبر r، أن طلبتهم؛ كطلبة: بني إسرائيل، لما قالوا: لموسى: ]اجعل لنا إلها[ [الأعراف:138]). اهـ

5) أن التبرك: بالأشجار، والأحجار: يجعلها آلهة، وإن لم يسموها: آلهة، فما يفعله من يعتقد فيها، من التبرك بها، هو: «الشرك الأكبر»، وإن سمى عمله ما شاء من الأسماء.

6) أن النبي r أخبر في هذا الحديث، عن وقوع الشرك في هذه الأمة، مشابهة، للأمم السابقة، من: «اليهود»، و«النصارى»، حيث عبدوا آلهة، مع الله تعالى، حيث قال r: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»، وهو خبر؛ بمعنى: الذم، وإنما قاله لنا r، لنحذره، وقد وقع الشرك في هذه الأمة، كما أخبرنا r به.([61])

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص154): (وفيه: -يعني: الحديث أن الشرك، لا بد أن يقع في هذه الأمة، كما وقع: فيمن قبلها، ففيه رد على من قال: إن الشرك لا يقع في هذه الأمة). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «التوحيد» (ص110): (أن سنة أهل الكتاب مذمومة، كسنة: المشركين). اهـ

وقال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص154): (وفي الحديث من الفوائد: النهي عن التشبه: بـ«أهل الجاهلية»، من: «أهل الكتاب»، و«المشركين»). اهـ

* وأكبر دليل: أن التبرك من: «الشرك الأكبر»، إنكار النبي r على حديث عهد بكفر، وهم: الذين قالوا: «اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط»، فبعد تبيين النبي r حالهم: رجعوا عن ذلك مباشرة، فهذا يكفي في بقائهم على إسلامهم. ([62])

* وإذا تأملت ما يصنعه: عباد الأشجار في زماننا هذا ([63])، وجدت أنهم: يعبدونها من دون الله تعالى، ويتبركون بها، ويتوسلون بها؛ بمثل: ما يفعله عباد القبور في زماننا هذا من: «الشرك الأكبر».

* وظاهر هذا الحديث: أن: «الشرك الأكبر» الذي كان وقع فيه: المشركون، هو راجع إلى هذا التبرك، بذات أنواط، الذي يترتب عليه: من التعظيم، والتعبد، ولا بد.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «قرة عيون الموحدين» (ص105): (قوله: «وللمشركين سدرة يعكفون عندها»: عبادة لها، وتعظيما، وتبركا؛ لما كانوا يعتقدونه فيها من البركة.

قوله: «يقال لها: ذات أنواط»: هو برفع «التاء» كما لا يخفى.

قوله: «ينوطون بها أسلحتهم»؛ أي: يعلقونها.

قوله: «فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم»؛ أي: للمشركين: «ذات أنواط»؛ ظنوا أن النبي صلي الله عليه وسلم لو جعل لهم ذلك لجاز اتخاذها؛ لحصول البركة لمن اعتقدها فيها.

* وأنواط: جمع «نوط»، وهو مصدر، سمي به المنوط.

قوله: «فقال النبي صلي الله عليه وسلم: الله أكبر»: تعظيما لله تعالى عن أن يجعل له شريك في عبادته، التي هي حقه على عباده؛ كالتبرك: بـ«الأحجار»، و«الأشجار»، ونحوها؛ كما قال تعالى: ]فأقم وجهك للدين حنيفا[ [الروم: 30]، وقال تعالى: ]ولا تكونن من المشركين[ [القصص: 43]، وقال تعالى: ]فأقم وجهك للدين القيم[ [الروم: 43]، وهو الإخلاص، والشرك ينافي ذلك، وتقدم معنى «الحنيف».

* وتضمنت هاتان الآيتان -وما في معناهما- التوحيد الذي دلت عليه «لا إلـٰه إلا الله» نفيا وإثباتا؛ كما تقدم بيانه.

* فمن التفت قلبه إلى غير الله تعالى لطلب نفع، أو دفع ضر، فقد: «أشرك»، والقرآن كله في تقرير هذا الأصل العظيم؛ الذي هو أصل دين الإسلام، وهو الإخلاص الذي لا يقبل الله تعالى من أحد دينا سواه.

قوله: «السنن»: بضم «السين»، أي: الطرق، يشير إلى الطرق التي تخالف دينه الذي شرعه تعالى لعباده.

قوله: «قلتم -والذي نفسي بيده-»: حلف النبي r على ذلك تأكيدا لهذا الخبر، وتعظيما له.

«كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138]؛ أخبر أن التبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار» يجعلها آلهة، وإن لم يسموها آلهة، ولذلك شبه قولهم هذا بقول بني إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف:138].

فظهر بهذا الحديث: أن التعلق على الأشجار، والأحجار، وغيرها -لطلب البركة بها- شرك في العبادة كشرك عباد الأصنام.

قوله: «لتركبن سنن من كان قبلكم»؛ أي: اليهود والنصارى، وقد وقع كما أخبر به r في هذه الأمة، فركبوا طريق من كان قبلهم ممن ذكرنا، كما هو مذكور في الأحاديث الصحيحة؛ كحديث: «لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه». قالوا: يا رسول الله! اليهود، والنصارى؟، قال: «فمن».

وهو في «الصحيحين» عن أبي سعيد الخدري t. وفي رواية([64]): «ومن الناس إلا أولـٰئك»). اهـ

 * وهذا ظاهر في الحديث: أن المشركين، كانت لهم: سدرة يعتقدون فيها:

1) التعظيم.

2) يعكفون عندها.

3) ينوطون بها أسلحتهم، رجاء انتقال البركة من الشجرة، إلى أسلحتهم، حتى تكون قد حملت الخير. ([65])

* وظاهر هؤلاء المشركين، اتخذوا هذه الشجرة إلهٰا، مع الله تعالى، يعبدونها من دونه، ويعكفون عندها، ويرجون بركتها، وهذا من: «الشرك الأكبر».([66])

قال تعالى: ]ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى[ [الزمر: 3].

وأخيرا: أن كل ما ذكر من التبرك، يعد من البدع المحدثة المذمومة، وأنه من: «الشرك الأكبر»، لأنه  في العادة، يعتقد فيه فاعله؛ بخلاف: الكتاب والسنة، فافهم: لهذا، ترشد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج11 ص513): (هو من كلام، أهل الشرك، والبهتان، فإن عباد الأصنام أحسنوا ظنهم بها، وكانوا هم: وإياها من حصب جهنم، كما قال الله تعالى: ]إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون[ [الأنبياء:98]). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسائل الكبرى» (ج2 ص63): (من زار مكانا، من هذه الأمكنة، معتقدا، أن زيارته مستحبة، والعبادة فيه أفضل من العبادة في بيته، فهو: ضال، خارج عن شريعة الإسلام، يستتاب، فإن تاب، وإلا قتل).اهـ

قلت: وعباد الأشجار على هذا الشرك، قديما وحديثا، سواء بسواء، لا يتغير، ولا يتبدل في أهل الشرك.

* وعلى هذا، فإن التبرك: بـ«الأشجار»، لا يجوز، بأي: وجه من الوجوه، وهو من: «الشرك الأكبر».

قلت: ومما سبق من تحرير: «التبرك بالشجر» من قبل أهل العلم، وأنه من: «الشرك الأكبر».

* تعلم أن: «المتعالم»، وما ذكره في: «التبرك بالشجر»، وأنه من: «الشرك الأصغر»، قد التبست عليه عبارات أهل العلم في مسألة: «التبرك بالأشجار»، وأنه زعم: أن «التبرك» بها من: «الشرك الأصغر».([67])

وقد أوضح: أهل العلم، أيضا: في مسألة: «التبرك بالشجر»، منهم: الشيخ محمد بن عبد الوهاب /، وأنه من: «الشرك الأكبر»، ليس من: «الشرك الأصغر».

قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «كشف الشبهات» (ص44): (ومن الدليل على ذلك أيضا: ما حكى الله تعالى عن بني إسرائيل مع إسلامهم، وصلاحهم، وعلمهم أنهم: قالوا لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138]، وقول أناس من الصحابة «اجعل لنا يا رسول الله ذات أنواط»، فحلف النبي r أن هذا مثل قول بني إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها[.

ولكن للمشركين شبهة يدلون بها عند هذه القصة: وهي أنهم يقولون: إن بني إسرائيل لم يكفروا بذلك، وكذلك الذين قالوا للنبي r: «اجعل لنا ذات أنواط»؛ لم يكفروا.

فالجواب: أن تقول: إن بني إسرائيل لم يفعلوا، وكذلك الذين سألوا النبي r لم يفعلوا، ولا خلاف أن بني إسرائيل لو فعلوا ذلك لكفروا، وكذلك لا خلاف أن الذين نهاهم النبي r، لو لم يطيعوه، واتخذوا ذات أنواط بعد نهيه، لكفروا؛ وهذا هو المطلوب.

ولكن هذه القصة تفيد: أن المسلم، بل العالم، قد يقع في أنواع من الشرك لا يدري عنها، فتفيد التعلم، والتحرز، ومعرفة أن قول الجهال: «التوحيد فهمناه»: أن هذا من أكبر الجهل، ومكايد الشيطان، وتفيد أيضا: أن المسلم المجتهد إذا تكلم بكلام كفر، وهو لا يدري، فنبه على ذلك وتاب من ساعته، أنه لا يكفر، كما فعل بنوا إسرائيل، والذين سألوا النبي r، وتفيد أيضا: أنه لو لم يكفر، فإنه يغلظ عليه الكلام تغليظا شديدا، كما فعل رسول الله r). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «القواعد الأربع» (ص5): (القاعدة الثالثة: أن النبي r ظهر على أناس متفرقين في عباداتهم، منهم: من يعبد الملائكة، ومنهم: من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم: من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم: من يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله r ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: ]وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله[ [الأنفال: 39]؛ ودليل الشمس والقمر؛ قوله تعالى: ]ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون[ [فصلت: 37]؛ ودليل الملائكة؛ قوله تعالى: ]ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا[ [آل عمران: 80]؛ ودليل الأنبياء؛ قوله تعالى: ]وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله[ [المائدة: 116]؛ ودليل الصالحين؛ قوله تعالى: ]أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه} [الإسراء: 57]؛ ودليل الأشجار والأحجار؛ قوله تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى[ [النجم:  19 و20]؛ وحديث أبي واقد الليثي t قال: «خرجنا مع النبي r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط» الحديث). اهـ

 وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج2 ص87): (فلا إله إلا الله، نفي وإثبات الإلهية كلها لله: فمن قصد شيئا من: «قبر»، أو «شجر»، أو «نجم»، أو «ملك مقرب»، أو «نبي مرسل»، لجلب نفع، وكشف ضر، فقد اتخذه إلهٰا من دون الله؛ مكذب بلا إله إلا الله، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل.

فإن قال: هذا المشرك، لم أقصد إلا التبرك؛ وإني لأعلم أن الله هو الذي ينفع ويضر، فقل له: إن بني إسرائيل ما أرادوا إلا ما أردت، كما أخبر الله تعالى عنهم، أنهم لما جاوزوا البحر: ]فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138]، فأجابهم بقوله: ]إنكم قوم تجهلون[؛ الآيتين [الأعراف: 138] .

وحديث أبي واقد الليثي قال: «خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة الدرر يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[؛ لتركبن سنن من كان قبلكم»، وقال تعالى: ]أفرأيتم اللات والعزى[ [النجم: 19]، وفي الصحيح عن ابن عباس، وغيره: «كان يلت السويق للحاج، فمات، فعكفوا على قبره».

فيرجع هذا المشرك، يقول: هذا في: «الشجر»، و«الحجر»، وأنا أعتقد في أناس صالحين، أنبياء، وأولياء، أريد منهم الشفاعة، عند الله، كما يشفع ذو الحاجة عند الملوك، وأريد منهم القربة إلى الله تعالى؛ فقل له: هذا دين الكفار بعينه...). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج2 ص126): (فإن بني إسرائيل لما اعتقدوا في عيسى ابن مريم، وأمه سماهما الله تعالى: إلهين؛ قال تعالى: ]وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب[ [المائدة: 116]؛ ففي هذا دليل على أن من اعتقد في مخلوق لجلب منفعة، أو دفع مضرة، فقد اتخذه إلهٰا؛ فإذا كان الاعتقاد في الأنبياء هذا حاله، فما دونهم أولى.

وأيضا؛ فإن من تبرك: بـ«حجر»، أو «شجر»، أو «مسح على قبر»، أو «قبة» يتبرك بهم، فقد اتخذهم آلهة؛ والدليل: على ذلك، أن الصحابة لما قالوا للنبي r: (اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، يريدون بذلك التبرك، قال r: «الله أكبر: إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده، كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون * إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين[ [الأعراف: 136 و137].

* فمثل قول الصحابة في ذات أنواط، بقول بني إسرائيل، وسماه إلهٰا، ففي هذا دليل على أن من فعل شيئا مما ذكرنا، فقد اتخذه إلهٰا). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التميمي / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج2 ص111): (واعلم رحمك الله: أن أشياء من أنواع: «الشرك الأكبر»، وقع فيه بعض المصنفين على جهالة، لم يفطن له، من ذلك، قوله في البردة: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم، وفي الهمزية: جنس هذا وغيره أشياء كثيرة؛ وهذا من الدعاء، الذي هو من العبادة التي لا تصلح إلا لله وحده؛ وإن جادلك بعض المشركين بجلالة هذا القائل، وعلمه وصلاحه، وقال بجهله: كيف هذا؟ فقل له: أعلم منه وأجل، أصحاب موسى، الذين اختارهم الله وفضلهم على العالمين، حين قالوا: ]يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138] ، فإذا خفي هذا على بني إسرائيل، مع جلالتهم، وعلمهم، وفضلهم؛ فما ظنك بغيرهم؟

وقل لهذا الجاهل: أصلح من الجميع وأعلم، أصحاب محمد r لما مروا بشجرة، قالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فحلف رسول الله r أن هذا: كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة[ [الأعراف: 138]؛ ففي هذا عبرتان عظيمتان:

الأولى: أن النبي r صرح أن من اعتقد في شجرة، أو تبرك بها، أنه قد اتخذها إلهٰا، وإلا فأصحاب رسول الله r يعرفون أنها لا تخلق، ولا ترزق، وإنما ظنوا أن النبي r إذا أمرهم بالتبرك بها، صار فيها بركة.

والعبرة الثانية: أن الشرك قد يقع فيمن هو أعلم الناس، وأصلحهم، وهو لا يدري، كما قيل: الشرك أخفى من دبيب النمل؛ بخلاف قول الجاهل: هذا بين نعرفه؛ فإذا أشكل عليك من هذا شيء، وأردت بيانه من كلام أهل العلم، وإنكارهم جنس الشرك، الذي حرمه الله، فهو موجود؛ وأعني كلام العلماء في هذا، إن أردت من الحنابلة، وإن أردت من غيرهم؛ والله أعلم). اهـ

ويؤيده: فهم علماء الدعوة النجدية، وأن التبرك بالأشجار من: «الشرك الأكبر».([68])

قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ في «مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام، ونسبه إلى تكفير أهل الإيمان والإسلام» (ج2 ص309): (قول الشيخ: «إن أشياء من أنواع الشرك الأكبر قد يقع فيها بعض المصنفين الأولين»؛ قول صحيح، يدل عليه الكتاب والسنة، والواقع والاستقراء، وقد خفي على قوم موسى عليه السلام، وعلى أبي واقد الليثي، وأصحابه ما طلبوه من أنبياء الله، فكيف لا يخفى، أو لا يقع ممن لا نسبة بينه وبينهم؟، قال تعالى عن قوم موسى: ]وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[ [الأعراف: 138]، وقال أبو واقد الليثي، وأصحابه للنبي r: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال r: قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلهٰا كما لهم آلهة)؛ فإذا وقع ذلك من أولئك الأخيار، ورسلهم بين ظهرانيهم، فكيف يستبعد أو ينكر وقوعه ممن هو دونهم في كل فضيلة، وكل علم، وكل دين؛ بل يستحي العاقل من طلب المقابلة، فكيف بالمماثلة والمقاربة؟). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن حسن / في «الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج5 ص120): (ما أخرجه الترمذي بسنده، عن أبي واقد الليثي t، قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال لهم النبي r: إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين[ [الأعراف:138]؛ لتركبن سنن من كان قبلكم).

* وفي هذا الحديث من الفوائد: أن التبرك بـ«الأشجار»، ونحوها: شرك، وتأله بغير الله، ولهذا شبه قولهم: اجعل لنا ذات أنواط، بقول بني إسرائيل: ]اجعل لنا إلها[؛ ومنها: أن حقيقة الشيء لا تتغير بتغير الاسم، ومنها: خطر الشرك والجهل، فكادوا أن يقعوا في الشرك لما جهلوه؛ فإذا كان هذا في عهد النبوة وإقبال الدين، فكيف لا يقع بعد تقادم العهد، وتغير الأحوال، واشتداد غربة الدين؟، ومنها: مشابهة هذه الأمة بأهل الكتاب فيما وقع منهم، كما في الحديث الآخر: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي / في «حاشية كتاب التوحيد» (ص 90): (باب بيان حكم من تبرك بالأشجار والأحجار ونحوها؛ وما يترتب عليه من الوعيد، وحكمه: أنه مشرك الشرك الأكبر؛ لكونه تعلق على غير الله في حصول البركة من غيره، وإن كان الله جعل فيه بركة، والتبرك: طلب البركة، ورجاؤها واعتقادها، أو عائدة، وأمل بركة تعود إليه من جهتها، من جلب نفع، أو دفع ضر). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد» (ص 100): (ثالثا: التبرك بالأشجار، والآثار، والبنايات: والتبرك معناه: طلب البركة، ورجاؤها، واعتقادها في تلك الأشياء.

وحكمه: أنه شرك أكبر؛ لأنه تعلق على غير الله سبحانه في حصول البركة، وعباد الأوثان: إنما كانوا يطلبون البركة منها؛ فالتبرك بقبور الصالحين كالتبرك: بـ«اللات»، والتبرك: بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، كالتبرك: بـ«العزى»، و«مناة».

وعن أبي واقد الليثي t؛ قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر؛ إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ]اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون[، لتركبن سنن من كان قبلكم)، رواه الترمذي وصححه). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج13 ص294): (وهذا هو واجب العلماء، عليهم أن يعلموا الناس ما شرعه الله تعالى، والمؤمن يتعلم من العلماء، ويعلم من يأتي القبور يقول لهم: إن الزيارة الشرعية كذا وكذا، وإن البناء على القبور، أو سؤال الميت، أو التبرك بتراب القبر، أو تقبيل القبر، أو الصلاة عنده كل هذا من البدع؛ فلا يصلى عند القبور، ولا تتخذ محلا للدعاء، أو القراءة عندها، وكل هذا من البدع، أما طلب البركة منها، أو الشفاعة منها، أو الشفاء للمرضى فهذا: من أنواع الشرك الأكبر). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج30 ص135): (أهل البدع، وأهل القبور، وأهل الموالد؛ فالواجب أن يوجه، ويقال له: لا تحضرها، بل أنكر عليهم، وبلغهم، وابتعد عنهم؛ لأن الاجتماع إلى البدع أمر منكر، بدعة المولد، أو بدعة عند القبور، والتبرك بالقبور، وما أشبه ذلك، أو القراءة عند القبور، أو الصلاة عند القبور، كل هذا من البدع المنكرة، وقد يفضي إلى الشرك، وهو التبرك بأصحاب القبور، أو دعوتهم من دون الله، فهذا هو: الشرك الأكبر). اهـ

* وجاء في «فتاوى اللجنة الدائمة» (ج1 ص442): (...ومن الأدلة على ما ذكرنا من تحريم التبرك بأرض القبور وأهلها، وأن ذلك من: «الشرك الأكبر»: ما رواه الترمذي وغيره، بإسناد صحيح، عن أبي واقد الليثي t قال: (خرجنا مع رسول الله r إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها: ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله r: الله أكبر، إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى).

وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو ... عضو ...نائب الرئيس ... الرئيس

عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة.....................................................................................................

5

2)

ذكر الدليل على التحذير الشديد من كل ما فيه وسيلة؛ إلى التبرك: بحجر، أو شجر، أو غير ذلك، سدا لذريعة الشرك.............................

31

3)

ذكر الدليل على أن التبرك بالشجر من: «الشرك الأكبر»، وهو مخرج من الملة، ليس من: «الشرك الأصغر»، وفي هذا رد على من زعم أن: التبرك بالشجر من: «الشرك الأصغر»..................................

36

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) انظر: «التمهيد بشرح كتاب التوحيد» آل الشيخ (ص13)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص9 و10)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص25 و26)، و«إبطال التنديد باختصار كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص17 و18)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص207).

([2]) انظر: «فتح القدير» للشوكاني (ج4 ص567)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص131 و132 و211)، و«فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص82).

([3]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج15 ص230 و232)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج1 ص343)، و«الصحاح» للجوهري (ج2 ص547)، و«المفردات» للراغب (ص514)، و«معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص90)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص9 و10 و11).

([4]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (128)، ومسلم في «صحيحه» (32).

([5]) وانظر: «القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص46)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص67)، و«قاعدة التوسل» لابن تيمية (ص79)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص352)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص15).

([6]) فيه مسائل: المسألة الأولى.

([7]) انظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص22)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص14 و15)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص18 و19)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص108 و109).

([8]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للصغير  (ص10 و11)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص14 و15)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص9 و10)، و«عقيدة التوحيد» له (ص92 و93).

([9]) انظر: «التمهيد بشرح كتاب التوحيد» آل الشيخ (ص16)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص15)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص35).

([10]) انظر: «الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص15)، و«عقيدة التوحيد» له (ص92 و93 و94)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص145 و146)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص67)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص73)، و«شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص14).

([11]) انظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص152 و153 و154).

([12]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص327)، من حديث أبي هريرة t.

     تعس: هلك.

     الخميلة: هي ثوب له خمل من أي شيء كان.

     الخميصة: هي ثوب خز، أو صوف معلم.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج11 ص254)، و«النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص190)، و(ج2 ص81)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج2 ص1070 و1071)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص11).

([13]) وانظر: «تجريد التوحيد، من درن الشرك وشبه التنديد» للجاسم (ص28 و29).

([14]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للصغير  (ص46 و47).

([15]) انظر: «العبودية» لابن تيمية (ص1).

([16]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر ابن زكريا (ج1 ص71)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص9 و14 و16 و17)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص14 و15 و16 و17)، و«القول السديد» للشيخ السعدي (ص10)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص140 و143 و144)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص449)، و«لوامع الأنوار البهية» للسفاريني (ج1 ص57)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص7).

([17]) وانظر: «أضواء البيان» للشيخ الشنقيطي (ج3 ص410 و414)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص140 و143 و144)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص7 و9).

([18]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر ابن زكريا (ص76)، و«تحذير أهل الإيمان في الحكم بغير ما أنزل الرحمن» للخطيب (ج1 ص140)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص449)، و«التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير» للشيخ بكر بن عبد الله (ص30)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ج1 ص344)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص367).

([19]) وانظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص156 و157 و158)، و«أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص9).

([20]) وانظر: «عقيدة التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92 و94 و95)، و«فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص173)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص44 و45).

([21]) وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص14 و15)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن عتيق (ص19 و20 و21 و22).

([22]) وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص37).

([23]) انظر: «رعاية العهود» للغامدي (ص246).

([24]) وانظر: «عقيدة التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92 و94)، و«الدر النضيد على أبواب التوحيد» لابن الحمدان (ص22)، و«تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص284).

([25]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (32)، ومسلم في «صحيحه» (124) من حديث ابن مسعود t.

([26]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2289).

([27]) العزى: كانت شجرة تعبد من دون الله تعالى.

     انظر: «الدر النضيد» لابن الحمدان (ص91)، و«جامع البيان» للطبري (ج27 ص34)، و«إبطال التنديد» للشيخ ابن عتيق (ص74).

([28]) من دون الله: يعني: من المعبودين، من دون الله: من بشر، أو جن، أو ملك، أو حجر، أو شجر، أو غير ذلك.

      وانظر: «أقسام التوحيد» للشيخ ابن باز (ص15).

([29]) وانظر: «تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان آل الشيخ (ج1 ص144 و145)، و«كلمة الإخلاص» لابن رجب (ص23)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج1 ص32)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص136)، و(ج10 ص249)، و(ج13 ص22).

([30]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص579)، ومسلم في «صحيحه» (ج2 ص925 و926).

([31]) انظر: «الماتريدية» للأفغاني (ج3 ص255 و256).

([32]) حديث صحيح.

     أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص475 و476)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص218)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص375)، والشافعي في «السنن المأثورة» (ص338)، والطيالسي في «المسند» (191).

     وإسناده صحيح.

     وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

     وأورده ابن تيمية في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص141).

     والحديث صححه الشيخ الألباني في «صحيح الجامع» (ج3 ص200).

([33]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص1080 و1081).

([34]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص118)، و(ج7 ص447 و448)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج12 ص198)، و(ج16 ص71)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج5 ص120)، و(ج6 ص349).

([35]) حديث منكر.

     أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج2 ص100)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج2 ص375)، وابن وضاح في «البدع» (ص42 و43).

     وإسناده ضعيف، لانقطاعه، بين نافع، وبين عمر بن الخطاب، فإنه لم يدركه.

     انظر: «تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل» لأبي زرعة العراقي (ص 325).

     قال الشيخ الألباني في «تحذير الساجد» (ص137): (رجاله ثقات كلهم: لكنه منقطع، بين نافع، وعمر).

     فقول الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج7 ص448)؛ «بإسناد صحيح»؛ لم يصب.

     * ثم يبطل هذا الحديث: الأحاديث الصحيحة، التي تبين، أن الشجرة، عميت على الصحابة y، ولم يعرفوها.

([36]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج4 ص1526)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1484).

([37]) انظر: «الماتريدية» للأفغاني (ج3 ص267).

([38]) وانظر: «الشرح الميسر لكتاب التوحيد» للقاسم (ص69 و70).

([39]) والتبرك: أيضا، هو طلب الخير فيه، ولزومه.

([40]) وانظر: «فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ج1 ص262)، و«قرة عيون الموحدين» له (ص102 و103)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص88 و89 و90 و92)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ص230)، و«الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد» للجار الله (ص45 و46).

([41]) يعني: هو «الشرك الأكبر».

([42]) وهذا يدل أن مراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب /، من ذكر هذا التبرك، هو: «الشرك الأكبر»، وليس من: «الشرك الأصغر»، فانتبه.

([43]) وانظر: «السيرة النبوية» لابن هشام (ج4 ص1099)، و«فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ج1 ص255)، و«جامع البيان» للطبري (ج27 ص137)، و«الدر المنثور» للسيوطي (ج7 ص652)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج2 ص192)، و(ج4 ص375)، و«تفسير القرآن» له (ج7 ص432)، و«تحفة الأشراف» للمزي (ج4 ص235)، و«الجامع الصحيح» للبخاري (ج8 ص613)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص88)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص197).

([44]) وانظر: «قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص102 و103)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص90)، و«الدر النضيد على أبواب كتاب التوحيد» للشيخ ابن حمدان (ص76 و77)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد» للجار الله (ص45 و46).

([45]) وهذا التبرك، هو نوع، من تبرك اليهود، والنصارى، بـ«الأشجار»، و«الأحجار»، قديما، وحديثا.

([46]) انظر: «إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«الجامع الفريد للأسئلة والأجوبة على كتاب التوحيد» للجار الله (ص46).

([47]) انظر: «الجديد في شرح كتاب التوحيد» للقرعاوي (ص64 و65)، و«اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص818 و819)، و«الفتاوى» له (ج27 ص136 و137)، و«معارج القبول» للحكمي (ج1 ص385)، و«الباعث على إنكار البدع والحوادث» لأبي شامة (ص25 و26)، و«التوضيح المفيد لمسائل كتاب التوحيد» للشيخ الدويش (ص71 و72)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص200).

([48]) انظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص65).

([49]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2907).

([50]) سنن: بضم السين، ويجوز: فتح السين.

     انظر: «تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ (ص154).

     والمراد بالسنن: هي طرقهم، ومناهجهم، وأفعالهم.

([51]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص818 و819)، و«الفتاوى» له (ج27 ص136 و137)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص200 و201 و202)، و«معارج القبول» للحكمي (ج1 ص385)، و«إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد» لابن عتيق (ص75)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص90)، و«قرة عيون الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص103)، و«فتح المجيد» له (ج1 ص262)، و«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ص230)، و«الدر النضيد» لابن حمدان (ص76).

([52]) وعبادة الأشجار، والتبرك بها، هي: سنة المشركين.

     وانظر: «شرح كتاب التوحيد» للشيخ ابن باز (ص66 و67).

([53]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر بن زكريا (ج1 ص476 و477 و478).

([54]) انظر: «بدائع الفوائد» لابن القيم (ج2 ص186).

([55]) فإذا كان قصد المتبرك، بالتبرك أنه يحصل له من قبل المتبرك به نفسه، فهذا شرك بالله، في «الربوبية»، في صفة «القدرة» الكاملة الشاملة.

([56]) فإذا كان يعتقد، أن التبرك به يشفع عند الله تعالى، فهذا شرك بالله، في العبادة.

([57]) وانظر: «التبرك وأنواعه وأحكامه» للجديع (ص484).

([58]) وانظر: «الشرك في القديم والحديث» لأبي بكر بن زكريا (ج1 ص478).

([59]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص644)، و«قرة عيون الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص105 و106)، و«تيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ص149 و150)، و«الشرح الميسر لكتاب التوحيد» للقاسم (ص71 و72 و73)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص202)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص91 و92).

([60]) انظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص818 و819)، و«الفتاوى» له (ج27 ص136 و137)، و«الباعث على إنكار البدع والحوادث» لأبي شامة (ص25 و26)، و«القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص202)، و«قرة عيون الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص105 و106)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ص152)، و«الشرح الميسر لكتاب التوحيد» للقاسم (ص72).

([61]) انظر: «القول المفيد على كتاب التوحيد» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص202)، و«فتح المجيد» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ج1 ص262)، و«الدر النضيد» لابن حمدان (ص76 و77)، و«الملخص في شرح كتاب التوحيد» للشيخ الفوزان (ص92)، و«تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ص152).

([62]) وأما من قال: أن النبي r، لم يأمرهم: بتجديد إسلامهم، وأنهم: لم يكفروا، فهذا اجتهاد مع وجود النص، فهو: ليس بصحيح، لأنهم لم يستمروا في هذا القول، بل تراجعوا مباشرة عندما نصحهم النبي r.

([63]) فتتعلق قلوبهم، بهذه «الأشجار»، من دون الله تعالى.

     * لذلك؛ فلا نقول: أن التبرك بالأشجار، من «الشرك الأصغر»، بل هو من: «الشرك الأكبر»، وهذا صنيع الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في تبويبه في «التوحيد» (ص106).

([64]) أخرجها البخاري في «صحيحه» (7319)، من حديث أبي هريرة t.

([65]) وهذا يدل على أن فعلهم هذا من: «الشرك الأكبر».

([66]) ولم نجد: أن من يتبرك بالشجر، أنه أشرك: «الشرك الأصغر».

([67]) وقد بين أهل العلم: في مقصد الشيخ محمد بن عبد الوهاب /، في حديث أبي واقد الليثي t، وأنهم: لم يقعوا أصلا، في: «التبرك بالأشجار»، لأنهم: رجعوا من ساعتهم، ولم يصروا على طلبهم.

     * ولقد أوضح الشيخ محمد بن عبد الوهاب / ذلك في «التوحيد» (ص106)؛ بقوله: (لأنهم: لم يرتدوا بذلك). اهـ، فتأمل.

([68]) واستدلوا: بحديث أبي واقد الليثي t.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan