الرئيسية / سلسلة أصول علم الحديث / تنبيه الألباب على أن الإمام مسلما، قد ذكر في «صحيحه» أحاديث معللة، لا تصح في عدة من الأبواب وقد بين عللها في الكتاب ولم يفهم هذا عند الاختلاف إلا من عرف فصل الخطاب
تنبيه الألباب على أن الإمام مسلما، قد ذكر في «صحيحه» أحاديث معللة، لا تصح في عدة من الأبواب وقد بين عللها في الكتاب ولم يفهم هذا عند الاختلاف إلا من عرف فصل الخطاب
5 |
سلسلة أصول علم الحديث |
تنبيه الألباب
على
أن الإمام مسلما، قد ذكر في «صحيحه» أحاديث معللة، لا تصح في عدة من الأبواب وقد بين عللها في الكتاب
ولم يفهم هذا عند الاختلاف
إلا من عرف فصل الخطاب
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر، وأعن، وتمم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد: أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد: أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
فهذه الرسالة اللطيفة، قائمة على الحجة والبرهان، لتعلم ببينة واضحة، ولتستبين لك الضحالة العلمية، لأولئك الخائضين فيما لا يعلمون في الدين. ([1])
* لتتأكد لك؛ الجملة الشهيرة الذائعة: «من تكلم في غير فنه، أتى بالعجائب»، ونادى على نفسه بالجهل المركب الفاضح، الواضح. ([2])
قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص41): (فالواجب على العالمين، أن لا يقولوا إلا من حيث علموا، وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه، لكان الإمساك أولى به، وأقرب له من السلامة له إن شاء الله). اهـ
* وعلى هذا؛ فالمتكلم في علوم الحديث، وهو لم يتعلمها على وجه التفصيل، ولم يأت العلم من أبوابه، فهذا يعتبر عاميا في هذا الشأن.
قال الإمام ابن قدامة / في «روضة الناظر» (ج1 ص350): (ومن يعرف من العلم ما لا أثر له في معرفة الحكم... فهو كالعامي لا يعتد بخلافه، فإن كل أحد عامي بالنسبة إلى ما لم يحصل علمه، وإن حصل علما سواه). اهـ
وقال العلامة ابن بدران / في «نزهة الخاطر» (ج1 ص351)؛ معلقا: (خصوصا إن كان جاهلا، جهلا مركبا يجهل، ويجهل إنه يجهل). اهـ
* ثم إن من أسباب حفظ الله تعالى، لهذا الدين: أن هيأ له رجالا، لا يخافون في الله تعالى؛ لومة لائم، نذروا حياتهم له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والذب عنه، وعملوا على تثبيت قواعده وأصوله.
قال تعالى: ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر:9].
* فهؤلاء؛ هم: أئمة الحديث النقاد، الذين ينتقدون الحديث، ليميزوا جيده من زائفه، ورسموا: منهجا، لمن بعدهم في بيان صحيح الأحاديث من سقيمها، ووضعوا علم الجرح والتعديل، وعلم التعليل والتخريج.
* وما هذا الكتاب: الذي بين يديك، إلا هو في تبيين علم علل الحديث، الذي ذكره الإمام مسلم / في كتابه: «الصحيح».
* فالناظر في «الصحيح» لمسلم، يعلم أن له السبق في نقد الأحاديث، وتعليلها في عدة من الأبواب، والحجة عنده، فعندما تقف على علل الأحاديث، وتنظر فيها نظر متأمل، تعرف اهتمام الإمام مسلم / في تعليل الأحاديث في الأبواب من: «صحيحه».
* ولا يختلف اثنان؛ أن صحيح: الإمام مسلم بن الحجاج، أصح: الكتب بعد؛ صحيح: الإمام البخاري /.
وأن العلماء اعتنوا به عناية كبيرة في هذه الحياة، ولقد كان من عنايتهم به، أن كتبوا في علل أحاديثه.
والناظر في «مقدمة صحيح» الإمام مسلم /، يرى أنه وضع منهجا، يسير عليه في عرض الأحاديث، وترتيب الأسانيد، عند نقده لعلل الأحاديث. ([3])
* فالإمام مسلم / نفسه بين هذا الأصل في كتابه، ونلخص ذلك في نقاط:
1) جعل له شرطا في كتابه.
2) قسم الأخبار إلى ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات.
3) وضح هذه الأقسام، والطبقات:
الطبقة الأولى: وهم؛ من سلمت روايتهم من العيوب، فرواتها: الثقات المتقنون في الحفظ.
الطبقة الثانية: وهم؛ من دون الطبقة الأولى في الحفظ، والإتقان، وكانوا معروفين بالستر، والصدق، والعلم.
الطبقة الثالثة: وهم؛ المتهمون، أو من كان غالب روايتهم المناكير.
4) أخرج الإمام مسلم /: حديث القسمين الأولين، وأعرض عن الثالث، فلم يخرج لهم.
5) بين خلال كلامه، أنه قد يكرر الحديث؛ لمعنى زائد، أو لأجل وضع إسناد جانب إسناد لعلة ما.
* وذكر أنه سيذكر أخبارا معللة في مواضع من كتابه، سيبينها، ويشرحها؛ فمنها: أن يورد الحديث؛ بإسناد، ثم يذكر أسانيد له، مبينا فيها الاختلاف في الرواية.
* إذا فلا غرابة، أن يعل الأئمة حديثا في «صحيح مسلم»، وذلك أن الإمام مسلما نفسه: أعل بعض الأحاديث بحسب ما ذكر في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص17)، وطبق ذلك التعليل في الأبواب من كتابه، والله المستعان.
قال الحافظ مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص17): (قد شرحنا من مذهب الحديث وأهله، بعض ما يتوجه به، من أراد سبيل القوم، ووفق لها.
* وسنزيد إن شاء الله تعالى، شرحا، وإيضاحا، في مواضع من الكتاب، عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن، التي يليق بها الشرح، والإيضاح، إن شاء الله تعالى). اهـ
* وما هذا إلا اعتراف بقصور البشر، ونقص علمهم، وعجر قدرتهم، فمن هنا كانت كتب أهل العلم، على مر العصور محلا: للنقد والتصحيح، والمراجعة والتصويب.
قال تعالى: ]ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].
قلت: ومن هنا فنحن عازمون على تصحيح، وتصويب، وتبيين، ما في: «الصحيحين» من علل في الأحاديث، وغير ذلك، ما طالت بنا الحياة، وجرى القلم بين الأنامل، ووقع النظر على ضعف البشر!، والله الهادي إلى سواء السبيل.
* فإن علم العلل، هو أدق علوم الحديث، وأعمقها غورا، وأكثرها أهمية، وأصعبها تناولا؛ لما يترتب عليه من تدقيق في الألفاظ، وثبت في الأسانيد، وسعة في الطرق والروايات، واطلاع في علوم عدة.
* وهذا العلم لا يخوضه؛ إلا من علا في الفهم كعبه، واتسعت رقعة معارفه ودرايته، إذ القاصر فيه مخبط، والناقص فيه مخلط.
قال سفيان بن عيينة /: (ما كان أشد انتقاد مالك بن أنس، للرجال، وأعلمه بشأنهم).([5])
وقال الشافعي /: (كان مالك بن أنس: إذا شك في بعض الحديث، طرحه كله).([6])
قلت: وعلم العلل من أثقل العلوم، بل هو من أصعب العلوم في هذه الحياة، لما فيه من الدقة الخفية في علل الأحاديث، فهو أدق علوم الحديث، وأغمض أنواع الحديث، ولا يقوم به؛ إلا من فهمه الله تعالى هذا العلم الثاقب.
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد من أئمة هذا الشأن وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص662): (ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به، فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين به؛ كيحيى بن سعيد القطان، ومن تلقى عنه؛ كأحمد بن حنبل، وابن معين، وغيرهما.
فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه، وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة، صلح له أن يتكلم فيه). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص662): (اعلم أن معرفة صحة الحديث وسقيمه؛ يحصل من وجهين:
أحدهما: معرفة رجاله، وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين؛ لأن الثقات، والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التآليف.
الوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف، والرفع، ونحو ذلك.
وهذا هو الذي يحصل من معرفته وإتقانه، وكثرة ممارسته: الوقوف على دقائق علل الحديث). اهـ
* فالله العظيم؛ أسأل أن يرزقنا العلم النافع، والعمل الصالح، وأن يكتبنا في زمرة الذابين عن سنة نبيه r؛ إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن الإمام مسلما /،
ثبت عنه، أنه أعل لأحاديث، ليست باليسيرة،
في كتاب: «المسند الصحيح»، في عدة من الأبواب، من كتابه هذا،
وذلك لحماية الشريعة المطهرة، أن يدخل فيها، ما ليس منها
اعلم رحمك الله: أن الحكم في تعليل الأحاديث، من الأحكام الكبرى في علم الحديث وأصوله، وقد تصدى لها جهابذة هذا الشأن؛ من أئمة الجرح والتعديل، من أمثال: الإمام مسلم /.
* وقد ذكر الإمام مسلم / في كتابه، لعدد من علل الأحاديث، في عدة من الأبواب ([7])، وذلك لحماية الشريعة المطهرة، وصيانة السنة النبوية، أن يدخل فيها ما ليس منها، وهذا يعرفه من أتي فهما في أصول الحديث، وتخريجه، وعلله.
قلت: ولم يكن للإمام مسلم / أن يدعي أن كتابه، أصح الكتب، بعد كتاب الله تعالى مباشرة، ولم يكن يخطر بباله أن عددا من المقلدة سيصل بهم الأمر إلى ذلك. ([8])
* وهل يتجرأ عالم أن يقول، أن كل حديث في كتاب الإمام مسلم /، من قسم الصحيح، وأن جميع رجال الإمام مسلم /، قد جاوزوا القنطرة.
قلت: وقد اشتمل كتاب الإمام مسلم / على أحاديث ساقها في تبويبه، على سبيل التعليل والتضعيف، وعلى الأحاديث المعلقة الضعيفة، وعلى الأحاديث الشاهدة، أو المتابعة، التي تتضمن الشذوذ، والنكارة.
* إذا؛ فلماذا تصرون على انتفاء، بمثل: هذه الأحاديث في كتاب الإمام مسلم /، إذا كان هو سبقكم إلى تضعيفها ([9])، والذي لا يعلم يسأل، فقد قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [الأنبياء: 7].
* وقد اعترف الإمام مسلم /، بوجود الحديث الضعيف في «صحيحه»، من ناحية خفة الضعف.
حيث بين مراتب أحاديثه في كتابه: في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص5): (فأما القسم الأول: فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها، وأنقى، من أن يكون ناقلوها: أهل استقامة في الحديث، وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين، وبان ذلك في حديثهم.
فإذا نحن تقصينا: أخبار هذا الصنف من الناس، أتبعناها أخبارا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان، كالصنف المقدم قبلهم، على أنهم، وإن كانوا فيما وصفنا دونهم، فإن اسم الستر، والصدق، وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائب، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم، وأضرابهم، من حمال الآثار، ونقال الأخبار).اهـ
وقد أشار الإمام مسلم / إلى هذه العلل في «صحيحه» في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ فقال /: (وسنزيد، إن شاء الله تعالى، شرحا، وإيضاحا في مواضع من الكتاب، عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح، والإيضاح). اهـ
قلت: وهذا صريح في أنه يورد في «صحيحه» أحاديث معللة؛ أي: ضعيفة، يبين ضعفها في أبوابها.
* فهل نصدق الإمام مسلما، أم نصدق المقلدة المتعصبة في علل الأحاديث في «صحيحه».
قلت: وهذا التعليل من الإمام مسلم /، لا يعرفه، إلا أهل الشأن، ولا يفهم هذا المأخذ الدقيق، إلا أهل الحديث في كل زمان.
* فكتاب الإمام مسلم /، جمع فيه الأحاديث الصحيحة، وذكر أحاديث ذات علل خفية؛ بقصد إعلالها، لا يدركها؛ إلا المتأمل لها من أهل الحديث، العارف بطريقته في كتابه.
وقد أشار الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص47)؛ إلى أنه يورد أخبارا معللة في «صحيحه» ليبين أنها منتقدة.
وقد بين ذلك شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح مسلم» (ج1 ص22)؛ فقال: (صار -يعني: الإمام مسلما /- يرتب الأحاديث، فيذكر أولا الأسانيد الغاية في الصحة، ثم بعد ذلك ما دونها، ثم بعد ذلك ما دونها.([10])
وهذه فائدة نستفيد منها: أنه إذا جاءت أحاديث في باب معين، وعرفت أن المقدم منها: من كان رجاله أتقن وأضبط، ثم يأتي من بعدهم في الضبط والإتقان، ثم يأتي من بعدهم، كالمتابع، أو الشاهد ([11])، أو ما أشبه ذلك.
وهذه فائدة أيضا اجعلوها على بالكم فيما يمر علينا إن شاء الله من الأحاديث في المستقبل) ([12]). اهـ
وقال الشيخ إبراهيم اللاحم في «مقارنة المرويات» (ج2 ص481): (فإن بعض ما انتقد عليهما -يعني: الإمام البخاري، والإمام مسلما- لا عتب عليهما في إخراجه.
* إذ غرضهما تعليله فيما يظهر([13])... ويظهر جدا من سوق مسلم لأسانيدها، ومتونها؛ أن غرضه كان بيان ما فيها من علل). اهـ
* والإمام مسلم / له طرق في ذكر الروايات في «صحيحه» على حسب الباب، فمثلا: أحيانا، يروي أول الأمر أصح حديث لديه في الباب، وهو المروي من طريق الحفاظ الثقات الأثبات.
* ثم يخرج بعد الرواية: الصحيحة، بروايات أخرى، فيظن أنها تزيدها بيانا، وهذه تسمى عند البعض: بالشواهد، والمتابعات، وهي في الحقيقة أسانيدها لمفردة: وضعيفة، لكونها من طريق أمثال: ليث بن أبي سليم، وأضرابه.
قلت: ويعرف المشتغلون بالحديث؛ أن الروايات المخرجة في الشواهد والمتابعات، تشتمل على: الشاذ، والمضطرب، والمنكر.
* ومثال لإعلال الإمام مسلم للحديث في الأبواب: مثل: حديث سبرة بن معبد الجهني t، في: «تحريم متعة النساء».
فأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص1027) من طريق سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا معقل، عن ابن أبي عبلة، عن عمر بن عبد العزيز، قال: حدثنا الربيع بن سبرة الجهني، عن أبيه؛ أن رسول الله r، نهى عن المتعة، وقال r: (ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئا، فلا يأخذه).
* فقد ساقه الإمام مسلم، لبيان علته، فقد أورده في وسط الباب، فذكر قبله الأسانيد الصحيحة المشهورة.
فأورد رواية: عمر بن عبد العزيز في آخر الباب، لبيان علة هذه الرواية؛ لمخالفتها، الرواة الثقات. ([14])
وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص203)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص110)، من طريق سلمة بن شبيب عن ابن أعين؛ بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص327)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث والمنسوخ» (ج1 ص349)، وابن حبان في «صحيحه» (ج9 ص457)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص110)، وفي «المعجم الأوسط» (ج6 ص382)، وفي «مسند الشاميين» (ج1 ص42)، والباغندي في «مسند عمر بن عبد العزيز» (89)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (3262) من طرق عن الحسن بن أعين، عن معقل، عن ابن أبي عبلة، عن عمر بن عبد العزيز، عن الربيع بن سبرة، عن أبيه به.
قلت: والحديث يعرف، من حديث عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، ولا يعرف عن عمر بن عبد العزيز.
فأخرجه مسلم في «صحيحه» (1406)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص327)، وابن ماجه في «سننه» (1962)، وأحمد في «المسند» (14920)، و(14922)، و(14926)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج4 ص69)، وتمام الرازي في «الفوائد» (ج1 ص71)، والروياني في «المسند» (ج2 ص508)، وابن الجارود في «المنتقى» (ج1 ص175)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج7 ص203)، والحميدي في «المسند» (ج2 ص374)، وأبو يعلى في «المسند» (ج2 ص238)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج3 ص551)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج10 ص109)، وابن شاهين في «ناسخ الحديث» (ص350)، والدارمي في «المسند» (2195)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص107 و110)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج3 ص25 و26)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج7 ص504)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج36 ص324)، والطبري في «جامع البيان» (9044)، وأبو الفتح المقدسي في «تحريم نكاح المتعة» (36)، و(40) من طريق أبي نعيم، وجعفر بن عون، وعبد الله بن نمير، وإسحاق الأزرق، وبشر بن عمر، وعبدة بن سليمان، ومعمر، ووكيع، وسفيان، وعبد ربه بن سعيد، جميعهم: عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة عن أبيه به.
فحديث: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز الأموي، هو المحفوظ؛ لأنه رواه الثقات عنه، وحديث والده، عمر بن عبد العزيز الأموي؛ فإنه معلول، لا يصح، وقد أعله الحافظ أبو حاتم في «علل الحديث» (ج1 ص420)، والحافظ أبو الفضل الهروي في «علل الأحاديث» (ص117).
قلت: والخطأ من الحسن بن أعين.
وخالفه أيضا: حسين بن عياش بن حازم السلمي؛ فرواه عن معقل بن عبيد الله قال: حدثنا ابن أبي عبلة عن عبد العزيز بن عمر عن الربيع بن سبرة عن أبيه سبرة به.
أخرجه ابن شاهين في «ناسخ الحديث» (ص349).
وهو الصحيح.
قال الحافظ أبو الفضل الهروي / في «علل الأحاديث» (ص117)؛ بعد ذكر حديث: سلمة بن شبيب عن ابن أعين عن معقل عن ابن أبي عبلة عن عمر بن عبد العزيز: (وهذا رواه حسين بن عياش -وهو شيخ ليس بدون ابن أعين([15])- عن معقل عن ابن أبي عبلة عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة.
وهو الصحيح عندنا؛ لأن هذا اللفظ، إنما هو لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، رواه عنه الناس).اهـ
وقال الحافظ ابن أبي حاتم / في «علل الحديث» (ج1 ص420): (سألت أبي: عن حديث: رواه سلمة بن شبيب، عن الحسن بن أعين، عن معقل، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن عمر بن عبد العزيز، عن الربيع بن سبرة، عن أبيه: «أن النبي r حرم المتعة»؟
قال أبي: روى إسماعيل بن رجاء الحصني، عن معقل، عن ابن أبي عبلة قال: حدثني عبد العزيز بن عمر عن الربيع عن أبيه.
قال أبي: لم يزل في قلبي من حديث الحسن بن أعين؛ حتى رأيت هذا الحديث، وقد كتبت عن إسماعيل بن رجاء، ولم أكتب عنه، هذا الحديث). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الإمام مسلما، يذكر في أبواب كتابه، أحاديث معلولة، ليميز في الأبواب، بين الأحاديث الثابتة، والأحاديث المعلولة؛ حرصا منه على تنقية السنة النبوية، مما أدخل فيها من الأحاديث الضعيفة.
* وهذا التعليل من الإمام مسلم /، لا يعرفه؛ إلا أهل الشأن.
قلت: وهذا يبين الفرق بين ما ساقه الإمام مسلم / في الأصول والاحتجاج به، وما ذكره للإعلال!. ([16])
قال العلامة الشيخ أحمد شاكر /: (أهم شيء في تعليل الرواية عند المحدثين: هو البحث في علل المتون، وأخطاء الرواة فيها، وهو الأساس الذي بنى عليه الأئمة الحفاظ نقدهم للأحاديث، يعرف ذلك كل من مارس هذه الفنون الجليلة: علوم الحديث) ([17]). اهـ
* والإمام مسلم /: كان يعرف تلك القواعد، بل كان من جملة المقعدين لها.
قلت: فالنظر ينبغي أن يتجه إلى مدى احترامه، لتلك المعايير العلمية، لا إلى وجود الحديث في كتابه فحسب. ([18])
* وهناك أحاديث سكت عنها، وربما ضعفها في مواضع أخر، وما ذاك إلا لاشتهار عللها عند أهل الصنعة، فلا يصح والحالة هذه أن ينسب إليه تقوية الحديث، بمجرد ذكره في كتابه، لأنه سكت عنه بحسب شهرته، ونكارته، وعلته([19])، عند أهل الشأن.
قلت: فالإمام مسلم /، كما التزم بالصحة في «صحيحه»، أيضا التزامه بذكره العلل في موضعها ([20])، وقد واعد بذلك في: «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ حيث قال: (وسنزيد، إن شاء الله تعالى، شرحا، وإيضاحا في مواضع من الكتاب، عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح، والإيضاح). اهـ
وقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا، فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة، والروايات المنكرة، وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة، مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة، بعد معرفتهم، وإقرارهم بألسنتهم، أن كثيرا مما يقذفون به إلى الأغبياء من الناس هو مستنكر، ومنقول عن قوم غير مرضيين، ممن ذم الرواية عنهم أئمة أهل الحديث). اهـ
قلت: وقد ذكر القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج1 ص105)؛ أن الإمام مسلما، ذكر العلل في الأبواب([21]) من: «صحيحه»، مما يدل أن ليس كل حديث في كتابه: يحتج به في السنة، لأنه ذكر أحاديث ضعيفة، فلا بد من التمييز بين ما احتج بها على شرطه، وبين ما لم يحتج به([22])، بل ذكرها للتعليل ليعرفها الناس، فيتركوها، ولا يحتج بها.
* وقد بين الإمام مسلم لهم ذلك.
فقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (فلولا الذي رأينا من سوء صنيع كثير ممن نصب نفسه محدثا، فيما يلزمهم من طرح الأحاديث الضعيفة، والروايات المنكرة، وتركهم الاقتصار على الأحاديث الصحيحة المشهورة، مما نقله الثقات المعروفون بالصدق والأمانة). اهـ
* والقوم ينشرون الأحاديث المعللة بين العوام، ثم يقولون أن هذه الأحاديث أخرجها الإمام مسلم في «صحيحه»!، وهي ليست كذلك، بل هي خرجت من أكياسهم.
* ولقد بين الإمام مسلم حال هذا الصنف من الناس.
فقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الأخبار المنكرة؛ بالأسانيد الضعاف المجهولة، وقذفهم بها إلى العوام الذين لا يعرفون عيوبها). اهـ
وقال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8): (وكذلك: من الغالب على حديثه المنكر، أو الغلط، أمسكنا أيضا عن حديثهم، وعلامة المنكر في حديث المحدث، إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره، من أهل الحفظ والرضا، خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك، كان مهجور الحديث، غير مقبوله، ولا مستعمله).اهـ
وقد نص الإمام الحميدي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص103)، أن الحفاظ انتقدوا: «الصحيحين»، فقال: (وربما أضفنا إلى ذلك نبذا، مما تنبهنا عليه من كتب: أبي الحسن الدارقطني، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر البرقاني، وأبي مسعود الدمشقي، وغيرهم من الحفاظ الذين عنوا بالصحيح مما يتعلق بالكتابين؛ من تنبيه على غرض، أو تتميم لمحذوف، أو زيادة في شرح، أو بيان لاسم، أو نسب، أو كلام على إسناد، أو تتبع لوهم بعض أصحاب التعاليق في الحكاية عنهما، ونحو ذلك من الغوامض التي يقف عليها من ينفعه الله تعالى بمعرفتها إن شاء الله تعالى).اهـ
وقال الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي / في «مقدمة الإلزامات والتتبع» (ص13): (وأما مسلم /، فقد صرح في أول: «صحيحه»، أنه سيذكر بعض الأحاديث؛ ليبين علتها). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الإمام مسلما يورد أحاديث معلولة في «صحيحه»، وقد انتقده عليها أئمة الحديث، فهل من وافق هؤلاء الأئمة في تعليل حديث في «الصحيحين»؛ على أقل تقدير مختلف فيه؛ يعد: تعديا على «الصحيحين»؟!.([23])
وقد أعل العلامة الشيخ الألباني / أحاديث في «الصحيح» لمسلم، في «مختصر صحيح مسلم» (ص35)، وفي «الضعيفة» (ج1 ص91)، وفي «آداب الزفاف» (ص61)، وغير ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص17): (ومما قد يسمى صحيحا، ما يصححه بعض علماء الحديث، وآخرون يخالفونهم في تصحيحه، فيقولون: هو ضعيف ليس بصحيح، مثل: ألفاظ رواها مسلم في «صحيحه»، ونازعه في صحتها غيره من أهل العلم، إما مثله، أو دونه، أو فوقه، فهذا لا يجزم بصدقه، إلا بدليل). اهـ
* وعلى سبيل المثال أيضا في تعليل الإمام مسلم للأحاديث في كتابه:
نذكر حديث سعد بن أبي وقاص t: في «الوصية بالثلث».
فرواه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص253)؛ عن محمد بن أبي عمر المكي، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب السختياني، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة من ولد سعد؛ كلهم: يحدثه عن أبيه؛ (أن النبي r دخل على سعد بن أبي وقاص t يعوده بمكة). ([24])
وهذا مسند متصل.
ثم أردفه مسلم: فرواه في «صحيحه» (ج3 ص1253)؛ عن أبي الربيع سليمان العتكي، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة من ولد سعد، قالوا: (مرض سعد بمكة، فأتاه رسول الله r يعوده)؛ بنحو حديث عبد الوهاب الثقفي.
وهذا مرسل أيضا.
ثم رواه مسلم أيضا في «صحيحه» (ج3 ص1253)؛ عن محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا هشام بن حسان الأزدي، عن محمد بن سيرين، عن حميد بن عبد الرحمن، حدثني ثلاثة من ولد سعد بن مالك؛ كلهم: يحدثنيه، بمثل: حديث صاحبه، فقال: (مرض سعد بمكة، فأتاه النبي r يعوده)، بمثل حديث عمرو بن سعيد، عن حميد الحميري.
وهذا مرسل كذلك.
فأخرج مسلم؛ حديث حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة نفر من ولد سعد بن أبي وقاص.
* فذكره عن عبد الوهاب الثقفي: فأسنده عن أيوب به؛ متصلا.
* وعن حماد بن زيد عن أيوب به؛ مرسلا.
* وعن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن حميد الحميري به؛ مرسلا.
وهذا خلاصة: كلام أهل العلم من جهة إعلاله بالإرسال، وهو في «صحيح مسلم».
وذهب الحافظ النووي في «منهاج المحدثين» (ج11 ص82 و83)؛ إلى تصحيح: هذه الرواية، وإلى أن هذا الخلاف لا يقدح فيها، فكأنه يرى أن حميدا؛ تارة: يرويه مرسلا، وتارة ينشط، فيرويه: متصلا، وأن الوصل والإرسال؛ كلاهما: صحيح، لأن الوصل عنده زيادة: «ثقة» وجب قبولها.
وفي هذا نظر.
* ويعكر عليه: قول الإمام ابن معين: «حماد بن زيد أثبت من عبد الوارث، وابن علية، والثقفي، وابن عيينة».([25])
وقال الإمام ابن معين: «ليس أحد أثبت في أيوب من حماد بن زيد».([26])
وقال الإمام ابن معين: «من خالفه من الناس جميعا في أيوب، فالقول: قوله في أيوب».([27])
قلت: فحماد بن زيد، رواه عن أيوب، مرسلا، وخالفه الثقفي، فرواه موصولا.
* وعلى قول الإمام ابن معين، فالقول، قول حماد بن زيد، وهو الراجح، والمقدم على غيره من الرواة.
* وهذا الذي اعتمده الحافظ الدارقطني في «التتبع» (ص317)؛ في تضعيف هذه الرواية، وترجيح، رواية: حماد بن زيد المرسلة عليها.
وتابع الثقفي: وهيب بن خالد البصري، فإنه في رواية([28]) هذا الحديث عن أيوب؛ متصلا.
* وقد روى محمد بن سيرين: هذا الحديث عن حميد، مرسلا، فهي متابعة قاصرة.
قلت: فخالف عبد الوهاب الثقفي في هذا الحديث: حماد بن زيد، فهو يرويه، موصولا عن أيوب.
وحماد بن زيد: يرويه عن أيوب، مرسلا.
وحماد بن زيد: أثبت الناس في أيوب من عبد الوهاب الثقفي، وغيره.
* لذا رجح الحافظ الدارقطني في «التتبع» (ص317): الإرسال على الوصل.
وخالفه الحافظ النووي، واعتمد؛ كلا: الروايتين، وحكم: لهما بالصحة، ولم يصب، والصحيح رجحان: الرواية المرسلة.
قال العلامة السنوسي / في «مكمل المعلم» (ج5 ص606): (هذه الرواية: مرسلة، والأولى: متصلة، لأن أولاد سعد، تابعيون). اهـ
* فاختلف: عبد الوهاب الثقفي، وحماد بن زيد على: أيوب السختياني في وصل هذا الحديث، وإرساله، والراجح: أنه مرسل، من هذا الوجه، لرجحان حماد بن زيد على عبد الوهاب الثقفي، وغيره.
قال الحافظ الرشيد العطار / في «غرر الفوائد» (ص512): (والطريق الذي ذكر الدارقطني: أنها مرسلة، إنما أوردها مسلم في الشواهد، ومع ذلك فقد أخرجها في كتابه: متصلة من وجه آخر من حديث: عبد الوهاب الثقفي عن أيوب، بإسناده المتقدم.
وقال فيها: عن ثلاثة من ولد سعد؛ كلهم: يحدثه عن أبيه؛ «أن النبي r دخل على سعد يعوده بمكة» الحديث، فثبت اتصاله في الكتاب من حديث أيوب بن أبي تميمة أيضا.
* وإنما أورده مسلم: من الوجهين المذكورين عن أيوب، لينبه على الاختلاف عليه في إسناده). اهـ
* وذكر الإمام مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1252)، رقم: (1253)؛ من رواية: حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة من ولد سعد بن أبي وقاص t، قالوا: (مرض سعد بمكة، فأتاه رسول الله r يعوده، الحديث).
وهذا مرسل، وليس في ولد سعد بن أبي وقاص، من له صحبة، ولا من له رواية عن النبي r.
وكذا قال الحافظ الدارقطني في «الإلزامات والتتبع» (ص245 و246)؛ بأنه مرسل.
وكذلك قال الحافظ النووي في «منهاج المحدثين» (ج11 ص81).
وقال الحافظ الرشيد العطار / في «غرر الفوائد» (ص511): (وهذا الحديث، وإن كان مرسلا من هذا الوجه.
* فإنه متصل في «مسلم»، وغيره، من حديث: عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، ومن حديث: مصعب بن سعد، أيضا: عن أبيه). اهـ
والحاصل: أن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي: رواه متصلا، وتابعه: وهيب البصري، كما في «المسند» لأحمد (ج1 ص168).
* ورواه حماد بن زيد؛ مرسلا، وكذا: محمد بن سيرين عن حميد الحميري.
والظاهر: أن حميدا: تارة يرويه مرسلا، وتارة: ينشط، ويرويه متصلا.
والصواب: الرواية المرسلة.
قال العلامة الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج5 ص606): (فهذه الرواية مرسلة، والأولى متصلة، لأن أولاد سعد، لم يلحق بالنبي r، منهم: أحد، وإنما كانوا تابعيين، ويدل عليه، قوله: في الآخر: «ولم يرثني إلا ابنة لي»؛ وذلك في حجة الوداع، آخر مدته r). اهـ
وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج5 ص369): (ولم يدرك أحد من ولد سعد: النبي r.
* ويدل عليه قوله في الحديث: «ولا يرثني إلا ابنة لي»، وذلك في «حجة الوداع»، آخر مدة النبي r). اهـ
قلت: وهذا يظهر أن الإمام مسلما، أورده لبيان الاختلاف في الحديث؛ متنا، وسندا، وبيان العلل التي في الحديث، كما هي عادته في «صحيحه»، في عدد من الأبواب، وهو الصواب. ([29])
وقد نبه الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ على مثل هذه العلل، وقد وفى بذلك، كما هو واضح في هذا الحديث، وغيره من الروايات.
قال الحافظ الرشيد العطار / في «غرر الفوائد» (ص512): (وإنما أورده مسلم: من الوجهين المذكورين عن أيوب، لينبه على الاختلاف عليه في إسناده). اهـ
وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج5 ص369): (وقد أدخل هذه الآثار كلها مسلم: وأرى مسلما، أدخل هذه الروايات، ليبين الخلاف فيها.
وهي وشبهها: عندي من العلل التي وعد بذكرها في مواضعها.
وظن ظانون: أنه يأتي بها مفردة، فقالوا: توفي قبل تأليفها).اهـ
وقال العلامة الأبي / في «إكمال إكمال المعلم» (ج5 ص607): (وإنما ذكر مسلم: هذه الرواية المختلفة، في وصله، وإرساله، ليبين اختلاف الرواة في ذلك.
* وهذا وشبهه من العلل التي وعد مسلم في خطبة كتابه، أن يذكرها في مواضعها.
وظن ظانون أنه يأتي بها مفردة، وأنه توفي قبل ذكرها، والصواب: أنه ذكرها في تضاعيف كتابه، كما أوضحناه في أول هذا الشرح). اهـ
وقال العلامة السنوسي / في «مكمل إكمال الإكمال» (ج5 ص607): (وإنما ذكر مسلم هذه الرواية المختلفة، في وصله، وإرساله؛ ليبين اختلاف الرواة في ذلك.
* وهذا وشبهه من العلل التي وعد مسلم في خطبة كتابه، أن يذكرها في مواضعها.
وظن ظانون: أنها يؤتى بها مفردة، وأنه توفي قبل ذكرها، والصواب: أنه ذكرها في تضاعيف كتابه). اهـ
قلت: وأصل الحديث: ثابت؛ موصولا: من طرق من غير وجه حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أولاد سعد بن أبي وقاص، وثبت وصله عنهم في بعض الطرق التي ذكرها الإمام مسلم في «صحيحه» على شرط الصحيح.
فأخرجه مسلم في «صحيحه» (1628) من طريق زهير، وشعبة؛ عن سماك بن حرب، حدثني مصعب بن سعد، عن أبيه: سعد بن أبي وقاص t به.
وأخرجه مسلم في «صحيحه» (1628) من طريق عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه: سعد بن أبي وقاص t به.
قلت: فثبت الحديث؛ موصولا؛ كما في هذين الحديثين عند الإمام مسلم /.
* وقد ذكر الإمام مسلم / في «صحيحه» (ج1 ص304)؛ في كتاب: «الصلاة»، في باب: «التشهد في الصلاة»، حديث رقم: (404)، وقد سأله أبو بكر ابن أخت أبي النضر، عن حديث أبي هريرة t؟، فقال: (هو عندي صحيح؛ يعني: «وإذا قرأ فأنصتوا» فقال: هو صحيح عندي، فقال: لم لم تضعه ها هنا؟ قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه). ([30])
* وتعقبه الإمام ابن الصلاح / في «صيانة صحيح مسلم» (ص74): (وهذا مشكل جدا، فإنه قد وضع فيه أحاديث، قد اختلفوا في صحتها؛ لكونها من حديث من ذكرناه، ومن لم نذكره، ممن اختلفوا في صحة حديثه، ولم يجمعوا عليه). اهـ
قلت: ولا يخفى على المتخصص في السنة ودواوينها، أن عامة الأحاديث المعلولة في «الصحيح»، لم يصرح الإمام البخاري([31])، والإمام مسلم فيها بوضوح، إلا في اليسير منها.
* وإنما أشارا إلى العلل التي فيها، وذلك لمعرفتهما، بأن أهل الصنعة يعرفون هذه العلل في الأحاديث، وهذا يعلم بالاستقراء والتتبع، ومعرفة القرائن التي تحفها، وهذا لمن تفهم هذا الشأن.
قلت: ويظن المقلدة، أن سكوت الإمام البخاري، والإمام مسلم عن عدد من الأحاديث الموجودة في صحيحيهما، هو من الإقرار على صحتها كلها، وهذا قصور في العلم([32])، والفهم معا.
* فلا يجوز للباحث أن ينسب إلى الإمام البخاري: أنه احتج بهذا الحديث في «صحيحه»، أو أورده في كتابه على جهة الاحتجاج به([33])، لأن الاحتجاج معنى أوسع من تقوية الحديث، أو الإسناد بغيره. ([34])
* فلذلك لا بد من جمع الأحاديث، حتى يتبين المعلول منها، لأن العجلة في هذا الشأن تقتضي نسبة قول إلى عالم لم يقله، وتصحيح حديث لم يصححه، والافتيات عليه في هذا الباب ليس بالأمر الهين في الدين.
قال الحافظ السخاوي / في «فتح المغيث» (ج1 ص139): (ينبغي عدم المبادرة لنسبة السكوت، إلا بعد جمع الروايات، واعتماد ما اتفقت عليه). اهـ
وقال الحافظ النووي / في «التقريب والتيسير» (ص44): (والعلة عبارة عن سبب غامض خفي؛ قادح، مع أن الظاهر السلامة منه). اهـ
* وهذه العلة من الأسباب الخفية المضعفة لحديث الراوي؛ لأنها لا تظهر إلا بجمع الطرق والأسانيد، ومعرفة الاختلاف على الراوي الذي عليه مدار الرواية في كل سند، حتى يتعين موضوع الاضطراب، والاختلاف في السند، أو المتن، وممن هو. ([35])
قلت: ولا يظهر هذا الاضطراب؛ إلا بعد جمع طرق الحديث، فجمعناها فوجدنا الاضطراب فيه واضحا.
* إذا من ذا الذي لا يخطئ، ومن ذا يسلم من الوهم. ([36])
فعن علي بن المديني / قال: (وكان شعبة بن الحجاج([37])، يخطئ في أسماء الرجال).([38])
قال أبو أحمد العسكري / في «تصحيفات المحدثين» (ج1 ص10): (وبدأت بذكر جملة من أخبار المصحفين، وبعض ما وهم فيه العلماء، غير قاصد: للطعن على أحد منهم، ولا الوضع منه، وما يسلم أحد من زلة، ولا خطإ؛ إلا من عصم الله تعالى). اهـ
قلت: والسعيد من عدت غلطاته، وبينت له، وصححها، وهو فرح بذلك!.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص352): (وكما أنهم يستشهدون، ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ؛ فإنهم أيضا يضعفون من حديث الثقة الصدوق الضابط أشياء تبين لهم أنه غلط فيها، بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا: علم علل الحديث). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص42): (وقد يترك من حديث الثقة ما علم أنه أخطأ فيه). اهـ
وعن الإمام يحيى بن معين / قال: (لو لم نكتب الحديث من ثلاثين وجها، ما عقلناه). ([39])
وعن الإمام أحمد / قال: (الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه) ([40]).([41])
قلت: وهذا يدل على أن الحديث لا بد أن تجمع طرقه، لكي يتبين اضطرابه، وشذوذه، والخطأ في أسانيده.
قال الإمام ابن الصلاح / في «معرفة أنواع علوم الحديث» (ص193): (والاضطراب موجب ضعف الحديث؛ لإشعاره بأنه لم يضبط). اهـ
وقال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج9 ص161): (الغلط لا يسلم منه أحد). اهـ
وقال الإمام ابن طاهر / في «المؤتلف والمختلف» (ص2): (فليس يسلم أحد من سهو، وخطإ) ([42]). اهـ
وعلى كل حال: فلا بد من النظر للتمييز بين الأحاديث التي من شرط الإمام البخاري، ومن شرط الإمام مسلم، وبين الأحاديث المعلولة([43])، ولا شك أن في ثنايا كتابيهما أحاديث كثيرة قد أخرجاها في «صحيحيهما».([44])
قال الحافظ ابن العطار / في «غرر الفوائد» (ص515): (ووقع في «مسلم» أيضا: أحاديث فوق العشرة مروية بالمكاتبة، لم يسمعها الراوي لها ممن كاتبه بها، وإنما رواها عن كتابه فقط؛ فهي مقطوعة من طريق السماع، متصلة من طريق المكاتبة). اهـ
قال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج1 ص99)؛ عن البخاري، ومسلم: (وبذلا جهدهما في تبرئتهما من كل علة: الجهد، بضم الجيم، الطاقة والوسع، وبفتحها: المشقة.
يعني: بذلك أنهما قد اجتهدا في تصحيح أحاديث كتابيهما غاية الاجتهاد، غير أن الإحاطة، والكمال لم يكملا؛ إلا: لذي العظمة والجلال.
* فقد خرج النقاد؛ كأبي الحسن الدارقطني، وأبي علي الجياني، عليهما في كتابيهما أحاديث ضعيفة، وأسانيد عليلة، لكنها نادرة قليلة) ([45]).اهـ
قلت: وهذا يدل على أن أهل العلم يقرون أن في «الصحيحين» أحاديث معلولة ضعيفة، فأين الإجماع المزعوم.
ويزعم المقلدة: بإجماع جميع علماء الأمة على صحة كل حديث؛ أخرجه الإمام البخاري، والإمام مسلم في صحيحيهما، وهذا فيه نظر.
* نعم نقل العلماء: أن جمهور الأحاديث التي في: «الصحيحين»، صحيحة، فهذا الذي نقله العلماء الكبار، وتداولوه في كتبهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص17): (ومن الصحيح: ما تلقاه بالقبول، والتصديق، أهل العلم بالحديث؛ كجمهور أحاديث «البخاري»، و«مسلم»؛ فإن جميع أهل العلم بالحديث يجزمون بصحة جمهور أحاديث الكتابين، وسائر الناس تبع لهم في معرفة الحديث). اهـ
* ولما ادعى الإمام ابن الصلاح / في «معرفة أنواع الحديث» (ص 18 و19)؛ أن ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته، لتلقي الأمة للأحاديث بالقبول، والإجماع حجة قطعية.([46])
فتعقبه الإمام الزركشي / في «النكت» (ص89)؛ بقوله: (إن أراد كل الأمة، فلا يخفى فساده... وأيضا: فإن أراد أن كل حديث منها: تلقوه بالقبول، فهو غير مستقيم، فقد تكلم جماعة من الحفاظ في أحاديث منها، كالدارقطني.
* وقد اتفق البخاري ومسلم على إخراج حديث محمد بن بشار بندار، وأكثرا من الاحتجاج به، وتكلم فيه غير واحد من الحفاظ، وغير ذلك من رجالهما الذين تكلم فيهم، فتلك الأحاديث عند هؤلاء لا يتلقونها بالقبول).اهـ
* وأما قصة تصحيح الإمام أبي زرعة «لصحيح» مسلم فهي قصة منكرة، ولم تصح.
وهذه القصة ذكرها الإمام ابن الصلاح / في «صيانة صحيح مسلم» (ص67) قال: (وبلغنا عن مكي بن عبدان... قال: وسمعت مسلما،يقول: عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي، فكل ما أشار أن له علة تركته، وكل ما قال أنه صحيح، وليس له علة أخرجته).([47])
* فهذه القصة: لم يذكر لها ابن الصلاح إسنادا صحيحا، وإنما قال: «بلغنا»، فإسناد هذه القصة منقطع، لا يصح، لأنه غير متصل.
* وذكر هذه القصة ابن عقال في «فوائده» (ق/12/ط)؛ عن أبي بكر بن غزرة قال: ذكر مكي بن عبدان به.
وإسنادها منقطع، كسابقه، بين ابن غزرة، وابن عبدان، وهذا يدل على أن القصة لا تثبت.
* ومما يدل على ضعف هذه القصة، انتقاد الإمام أبي زرعة الرازي /، لـ«صحيح» الإمام مسلم /، وأنه أخرج في «صحيحه» عن ضعفاء من الرجال.([48])
قال البرذعي في «السؤالات» (ص375): (شهدت أبا زرعة الرازي ذكر «كتاب الصحيح»، الذي ألفه «مسلم بن الحجاج»([49])، ثم «الفضل الصائغ»([50]) ألف على مثاله، فقال لي أبو زرعة: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئا يتشوقون به، ألفوا كتابا لم يسبقوا إليه، ليقيموا، لأنفسهم رياسة قبل وقتها. ([51])
* وأتاه ذات يوم، وأنا شاهد، رجل «بكتاب الصحيح» من رواية مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث عن «أسباط بن نصر»([52])، فقال لي أبو زرعة: ما أبعد هذا من الصحيح؟ يدخل في كتابه «أسباط بن نصر».
ثم رأى في الكتاب «قطن بن نسير»([53])، فقال لي: وهذا أطم من الأول، قطن بن نسير، وصل أحاديث عن ثابت، جعلها عن أنس.
* ثم نظر فقال: يروي عن «أحمد بن عيسى المصري»([54]) في «كتابه الصحيح».
وقال لي أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يشكون في أن «أحمد بن عيسى»([55])، وأشار أبو زرعة: بيده إلى لسانه. كأنه يقول: الكذب.
ثم قال لي: يحدث عن أمثال هؤلاء، ويترك عن «محمد بن عجلان» ونظرائه، ويطرق لأهل البدع علينا، فيجدون السبيل بأن يقولوا لحديث إذا احتج عليهم به: ليس هذا في «كتاب الصحيح!»، ورأيته يذم وضع هذا الكتاب ويؤنبه.
* فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية، ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار: أبي زرعة عليه روايته في هذا الكتاب، عن «أسباط بن نصر»، و«قطن بن نسير»، و«أحمد بن عيسى»، فقال لي مسلم: إنما قلت: «صحيح»، وإنما أدخلت من حديث: «أسباط»، و«قطن»، و«أحمد»، ما قد رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع، ويكون عندي من رواية من هو أوثق منهم بنزول، فأقتصر على أولئك، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات.
* وقدم مسلم بعد ذلك الري، فبلغني: أنه خرج إلى أبي عبد الله محمد بن مسلم([56]) بن وارة، فجفاه، وعاتبه على هذا الكتاب، وقال له نحوا مما قاله لي أبو زرعة: إن هذا يطرق لأهل البدع علينا، فاعتذر إليه مسلم، وقال: إنما أخرجت هذا الكتاب، وقلت: هو صحاح، ولم أقل: أن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف، ولكني إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح، ليكون مجموعا عندي، وعند من يكتبه عني، فلا يرتاب في صحتها، ولم أقل إن ما سواه ضعيف، ونحو ذلك مما اعتذر به مسلم، إلى محمد بن مسلم، فقبلعذره، وحدثه). اهـ
وذكر عن الإمام مسلم؛ أنه قال: (ما وضعت شيئا في هذا المسند؛ إلا بحجة، وما أسقطت منه شيئا؛ إلا بحجة).([57])
أثر ضعيف
أخرجه الغساني في «تقييد المهمل» (ج1 ص66 و67)، معلقا، بقوله: روينا عن أبي حامد ابن الشرقي قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول فذكره.
وإسناده ضعيف معلق.
قلت: وقد بين الإمام مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص8)؛ ثلاث طبقات، ثم بين هذه الطبقات التي أسندت الأخبار عن رسول الله r.
* وأول هذه الطبقات: ما رواه الحفاظ الثقات، الضابطون للأحاديث.
وهم الطبقة العليا: عنده في ضبط الأحاديث، وقد استوعب أحاديثهم في «صحيحه» على شرط «الصحيح» في الأبواب على حسب اجتهاده /.
والطبقة الثانية: ما رواه المتوسطون في الضبط، والحفظ، وهم أهل الصدق، يعني: خف ضبطهم عن الطبقة الأولى.
* فبعد الطبقة العليا: نزل إلى أحاديث الطبقة الثانية([58])، فانتقى على حسب اجتهاده /، أحاديثهم، وهي أيضا عنده على شرط الصحيح. ([59])
والطبقة الثالثة: ما رواه الضعفاء، والمتروكون من الرجال.
وهذه الطبقة، لم يخرج الإمام مسلم أحاديثهم في كتاب: «صحيحه»، لأنها ليست على شرط الصحيح.
قال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص45): (وجمع المكررات منه؛ لخاصة من الناس ممن رزق فيه بعض التيقظ([60])، والمعرفة بأسبابه وعلله، فذلك إن شاء الله يهجم بما أوتي من ذلك على الفائدة في الاستكثار من جمعه، فأما عوام الناس الذين هم بخلاف معاني الخاص من أهل التيقظ والمعرفة، فلا معنى لهم في طلب الكثير، وقد عجزوا عن معرفة القليل. ثم إنا إن شاء الله مبتدئون في تخريج ما سألت وتأليفه، على شريطة سوف أذكرها لك، وهو إنا نعمد إلى جملة ما أسند من الأخبار عن رسول الله r، فنقسمها على ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات من الناس على غير تكرار، إلا أن يأتي موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى، أو إسناد يقع إلى جنب إسناد، لعلة تكون هناك([61])... فأما القسم الأول، فإنا نتوخى أن نقدم الأخبار التي هي أسلم من العيوب من غيرها، وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث، وإتقان لما نقلوا، لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد، ولا تخليط فاحش، كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين، وبان ذلك في حديثهم. فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس، أتبعناها أخبارا يقع في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والإتقان، كالصنف المقدم قبلهم، على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم، فإن اسم الستر، والصدق، وتعاطي العلم يشملهم). اهـ
* وقد بين الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي / في «مقدمة الإلزامات والتتبع» (ص12)؛ أن الإمام مسلما، أفصح في «مقدمة صحيحه» عن إدخال رواة ليسوا موصوفين بالحفظ والإتقان.
قلت: فالإمام مسلم /؛ التزم بالصحة في «صحيحه»، مع التزامه أيضا، بذكر العلل، واختلاف الأسانيد في موضعها. ([62])
قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص175)؛ عن العلل التي في كتاب الإمام مسلم: (ذكرها في أبوابه، من هذا الكتاب الموجود، وقد تقدم بيان هذا واضحا في الفصول). اهـ
* وهذا يدل أن ما تأوله الحافظ الحاكم على الإمام مسلم في اخترام المنية له قبل إخراج القسم الثاني في «صحيحه» ليس بصحيح، بل هذا غير مسلم لمن نظر إلى «الصحيح»، أن الإمام مسلما، قد ذكر في «صحيحه» الطبقة الثانية، التي هي على شرطه، في الأبواب التي عينها في كتابه.
حيث قال الحافظ الحاكم / في «المدخل إلى الصحيح» (ص112): (فأما مسلم: فقد ذكر في خطبته، في أول الكتاب: قصده فيما صنفه، ونحا نحوه، وإنه عزم على تخريج الحديث على ثلاث طبقات: من الرواة، فلم يقدر له، إلا الفراغ من الطبقة الأولى منهم).([63]) اهـ
وتعقبه القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج1 ص86): (هذا الذى تأوله أبو عبد الله الحاكم على مسلم، من اخترام المنية له قبل استيفاء غرضه، مما قبله الشيوخ، وتابعه عليه الناس، في أنه لم يكمل غرضه؛ إلا من: «الطبقة الأولى»، ولا أدخل في تأليفه سواها.
وأنا أقول: إن هذا غير مسلم لمن حقق نظره، ولم يتقيد بتقليد ما سمعه، فإنك إذا نظرت تقسيم مسلم في كتابه الحديث - كما قال - على ثلاث طبقات من الناس، فذكر، أن القسم الأول: حديث الحفاظ، ثم قال: بأنه إذا تقصى هذا، أتبعه بأحاديث من لم يوصف بالحذق والإتقان، مع كونهم: من أهل الستر، والصدق، وتعاطي العلم، وذكر: أنهم لا يلحقون: «بالطبقة الأولى»، وسمى أسماء من كل طبقة من الطبقتين المذكورتين، ثم أشار إلى ترك حديث من أجمع، أو اتفق الأكثر على تهمته، وبقي: من اتهمه بعضهم، وصححه بعضهم، فلم يذكره هنا، ووجدته / قد ذكر في أبواب كتابه، وتصنيف أحاديثه: حديث الطبقتين الأوليين التي ذكر في أبوابه، وجاء بأسانيد: «الطبقة الثانية» التي سماها، وحديثها، كما جاء بالأولى، على طريق: الاتباع لحديث الأولى، والاستشهاد بها، أو حيث لم يجد في الكتاب للأولى شيئا، وذكر أقواما تكلم قوم فيهم، وزكاهم آخرون، وخرج حديثهم بمن ضعف أو اتهم ببدعة).اهـ
قلت: فتأويل الحافظ الحاكم، ومن تبعه، ظهر ليس بصحيح.
قال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج1 ص86): (فتأول الحاكم: أنه أراد أن يفرد لكل طبقة كتابا، ويأتي بأحاديثها خاصة مفردة، وليس ذلك مراده.
* بل إنما أراد بما ظهر من تأليفه، وبان من عرضه: أن يجمع ذلك في الأبواب، ويأتي بأحاديث الطبقتين، من غير تكرار، كما ذكر في كلامه.
* فيبدأ بالأولى، ثم يأتي بالثانية، على طريق الاستشهاد والاتباع، حتى استوفى جميع الأقسام الثلاثة). اهـ
قلت: إذا فيعترض على الحافظ الحاكم، بأن الإمام مسلما أراد أن يخرج ثلاثة كتب في الطبقات التي ذكرها في «مقدمة صحيحه»، وإذا تأملت ما ذكره الحافظ الحاكم، لم يطابق الغرض، فتأمله.
قال الإمام مسلم / في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص3): (إلا أن يأتي موضع لا يستغنى، فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى، أو إسناد يقع إلى جنب إسناد، لعلة تكون هناك). اهـ
قلت: وهذا من شرط الإمام مسلم، أن يذكر علل الأحاديث، لزيادة تتبين في الأبواب، وهذه الأحاديث ليست من أصوله في الكتاب.
قال الإمام ابن الصلاح / في «صيانة صحيح مسلم» (ص90): (ذكر مسلم /، أولا: أنه يقسم الأخبار ثلاثة أقسام:
الأول: ما رواه الحفاظ المتقنون.
والثاني: ما رواه المستورون المتوسطون في الحفظ والإتقان.
والثالث: ما رواه الضعفاء والمتروكون.
فإذا فرغ من القسم الأول؛ اتبعه بذكر القسم الثاني، وأما الثالث، فلا يعرج عليه). اهـ
قال أبو علي الغساني / في «تقييد المهمل» (ج1 ص164): (روى مسلم؛ لمحمد ابن إسحاق بن يسار عن نافع، وإبراهيم بن عبد الله بن حنين، وسعيد المقبري، وعبد الله بن أبي بكر، وغيرهم، وأكثر هذه الروايات: أوردها في المتابعة)([64]).اهـ
وقال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج1 ص23): (ذكر مسلم /؛ في أول: «مقدمة صحيحه»، أنه يقسم الأحاديث، ثلاثة أقسام:
الأول: ما رواه الحفاظ المتقنون.
والثاني: ما رواه المستورون المتوسطون في الحفظ والإتقان.
والثالث: ما رواه الضعفاء والمتروكون، وأنه إذا فرغ من القسم الأول، اتبعه الثاني، وأما الثالث، فلا يعرج عليه). اهـ
قلت: فعابوا على الإمام مسلم، بروايته في «صحيحه» عن جماعة من الضعفاء، والمتوسطين في الحفظ، والواقعين في: «الطبقة الثانية»، الذين ليسوا من شرط الصحيح.
* فالحق أن الإمام مسلما خرج، «للطبقة الأولى»، و«الطبقة الثانية»، كما وعد ذلك، وهذا ظاهر بين في كتابه، ولم يصنف الإمام مسلم: ثلاثة كتب، أحدها: هذا الصحيح، والثاني: الطبقة الوسطى، والثالث: للضعفاء، فإن ذلك لم يثبت.
قلت: ولو ثبت ذلك لانتشرت عنه هذه الكتب، وتناقلها الناس، جيلا عن جيل، كما هي العادة، فلم تصل إلينا، ولم يسمع أحد بها؛ قديما وحديثا.
* لذلك لا يعتمد نقل واحد: لمعرفة هذه الكتب، وهو: إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري([65])؛ مع عدم ثبوت ذلك عنه، لأنه نقل عنه معلقا، بدون إسناد للنظر فيه.
فعن إبراهيم بن محمد بن سفيان، وهو صاحب الإمام مسلم، قال: (صنف مسلم ثلاثة كتب، أحدها: هذا الذي قرأه على الناس، والثاني: يدخل فيه عكرمة، وابن إسحاق، وأمثالهما، والثالث: يدخل فيه الضعفاء).
أثر ضعيف
ذكره ابن الصلاح في «صيانة صحيح مسلم» (ص91)، والنووي في «المنهاج» (ج1 ص24)؛ تعليقا، ولا يصح، لأن الأثر المعلق من قسم الضعيف.
وذكره ابن حجر في «النكت» (ج1 ص343)، ثم قال: (رواه البيهقي؛ بسند صحيح، عن إبراهيم بن محمد بن سفيان) ([66]).
قلت: هكذا علقه، ولم يذكر الإسناد، فالأثر ضعيف.
* لذلك المعتمد في أصل المسألة([67])، إلى صاحب الشأن([68])، وصاحب الكتاب، وهو الإمام مسلم، فإن القسم الأول، ذكره في كتابه في الأبواب، وكذلك القسم الثاني: موجود في «صحيحه»، وقد احتج برواته، وخرج أحاديثهم في «صحيحه»، كما وعد، وهذا ظاهر بين، وقد صرح الإمام مسلم بذلك في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص3).
* ألا تراه أخرج أحاديث لعطاء بن السائب، وكذا روى عن محمد بن إسحاق، وقد أخرج لليث بن أبي سليم في «صحيحه»، ويزيد بن أبي زياد، ولمجالد بن سعيد أيضا، وغيرهم من قسم: الطبقة الثانية التي ذكرها الإمام مسلم في «مقدمة صحيحه»، وهذا على شرط الصحيح عنده، وخرج أحاديثهم في الأصول، لا في الشواهد، ولا في المتابعات، كما يقال، وقد أفصح الإمام مسلم في كتابه، أن هذه الطبقة في الأصول.
قلت: ومن هنا يتبين، أن جميع ما في: «الصحيح» للإمام مسلم، لا يكون من قبيل الصحيح، لأنه وقع له ذلك على حسب اجتهاده، وهو على أقسام([69]):
الأول: منه ما هو في: «الصحيحين»؛ يعني: اتفق فيه، مع الإمام البخاري، ومع غيره من الأئمة.
الثاني: ومنه على شرط الصحة، وقد انفرد عن الإمام البخاري.
الثالث: ومنه ما هو من قبيل الصحيح لغيره، إذا اعتضد بعاضد قوي.
الرابع: ومنه ما هو من قبيل الحسن لذاته، ونزل عن مرتبة الصحة، لأن الإمام مسلما، جعله في مرتبة الصحة على حسب اجتهاده في تأصيله للشرط، وهو ليس كذلك.
الخامس: ومنه ما هو من قبيل الحسن لغيره، إذا اعتضد بالصحيح، أو الحسن، من دون نكارة في السند، أو المتن.
السادس: ومنه ما هو ضعيف، لكنه من رواية، من لم يجمع على تركه غالبا، وقد انتقده أئمة الحديث في هذا القسم.
قال الحافظ الدارقطني / في «التتبع» (ص1): (ابتداء ذكر أحاديث معلولة -يعني: ضعيفة- اشتمل عليها: «كتاب البخاري ومسلم»، أو أحدهما، بينت عللها، والصواب فيها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص19): (مع أن حذاق أهل الحديث: يثبتون علة هذا الحديث، من غير هذه الجهة، وأن رواية: فلان غلط فيه، لأمور يذكرونها.
* وهذا الذي يسمى معرفة علل الحديث، بكون الحديث إسناده في الظاهر جيدا.
ولكن عرف من طريق آخر: أن راويه غلط فرفعه، وهو موقوف، أو أسنده، وهو مرسل، أو دخل عليه حديث في حديث، وهذا فن شريف.
* وكان يحيى بن سعيد الأنصاري([70])، ثم صاحبه علي بن المديني، ثم البخاري من أعلم الناس به.
* وكذلك الإمام أحمد، وأبو حاتم، وكذلك النسائي، والدارقطني، وغيرهم، وفيه مصنفات معروفة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص17): (ومما قد يسمى صحيحا، ما يصححه بعض علماء الحديث، وآخرون يخالفونهم في تصحيحه، فيقولون: هو ضعيف ليس بصحيح.
مثل: ألفاظ رواها مسلم في «صحيحه»، ونازعه في صحتها غيره من أهل العلم، إما مثله، أو دونه، أو فوقه، فهذا لا يجزم بصدقه، إلا بدليل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج17 ص236)؛ بعد ذكره؛ لحديث: «استيعاب الأيام السبعة»: (وهو مما أنكر الحذاق على مسلم: إخراجه إياه).اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج1 ص99): (هذا الحديث من غرائب: «صحيح مسلم»). اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «تدريب الراوي» (ج1 ص135): (وذكر بعض الحفاظ: أن في كتاب مسلم أحاديث مخالفة، «لشرط الصحيح»، بعضها أبهم راويه، وبعضها فيه إرسال وانقطاع، وبعضها فيه وجادة، وهي في حكم الانقطاع، وبعضها بالكتابة). اهـ
وقال الحافظ الباجي / في «التعديل والتجريح» (ج1 ص286): (وكما أنه قد وجد في الكتابين -يعني: «صحيح البخاري»، و«صحيح مسلم»- ما فيه من الوهم). اهـ
وقال الفقيه ابن الهمام / في «شرح فتح القدير» (ج1 ص218): (وقد أخرج مسلم عن كثير، ممن لم يسلم من غوائل الجرح). اهـ
وقال الحافظ الحاكم / في «السؤالات» (ص108): (فضيل بن مرزوق: ليس من: «شرط الصحيح»، فعيب على مسلم؛ بإخراجه في «صحيحه»). اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «التعظيم والمنة» (ص179): (وقد وصفت أحاديث كثيرة، في مسلم بأنها منكرة). اهـ
قلت: ومن عادة الإمام مسلم /، أحيانا: إذا اتفق راويان على رواية حديث ما، ثم زاد أحدهما على الآخر شيئا جديدا، فإنه يقول: زاد فلان كذا.
* وهذا عين ما طبقه الإمام مسلم في حديث: عياض بن حمار t، أن النبي r قال: (إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد).([71])
فأخرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2197 و2198)؛ من ثلاث طرق عن قتادة:
1) عن هشام عنه، مطولا.
2) عن سعيد عنه به، ثم قال: (ولم يذكر في حديثه: «كل مال نحلته عبدا حلال»).
* ثم أعاد ذكره عن يحيى بن سعيد عن هشام، عنه، ثم قال: (وساق الحديث، وقال في آخره: قال يحيى: قال شعبة عن قتادة، قال: سمعت مطرفا في هذا الحديث).
3) ثم رواه عن مطر عن قتادة به، ثم قال: (وساق الحديث، بمثل: حديث هشام، عن قتادة، وزاد فيه: «وإن الله أوحى إلي أن تواضعوا»)، وذكره.
فتأمل كيف أنه، احتاط مسلم في هذا الحديث، بما يظهر براعته، ففصل الطرق، وبين الزيادات، ووضح الألفاظ. ([72])
قلت: ومطر الوراق، لا يحتج به، لأنه سيئ الحفظ. ([73])
قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص947): (صدوق، كثير الخطإ، وحديثه عن عطاء ضعيف).
وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص434): (ربما أخطأ).
وقال الإمام الزيلعي في «نصب الراية» (ج2 ص182): (سيئ الحفظ).
وقال الإمام ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج5 ص110): (سيئ الحفظ).
قلت: وهذا يكون الإمام مسلم / ساقه لبيان الاختلاف.
* واعلم أنك لا تعلم؛ معنى: أصول الحديث على وجه التفصيل والإجمال، قبل معرفة علم العلل والتخريج، الذي هو أصل هذا العلم، لأن إدراك العقول، لهذا الشأن لا يكون، إلا على هذا الأصل. ([74])
قلت: ومن عادة الإمام مسلم / أيضا في «صحيحه»، أنه: عند سياق الروايات المتفقة في الجملة، يقدم الأصح، فالأصح، فقد تقع الرواية المؤخرة في الإجمال، أو في الخطإ، ليبين الرواية المقدمة.
قال العلامة الشيخ المعلمي / في «الأنوار الكاشفة» (ص230): (من عادة مسلم في «صحيحه»، أنه: عند سياق الروايات المتفقة في الجملة، يقدم الأصح، فالأصح، فقد يقع في الرواية المؤخرة إجمال، أو خطأ، تبينه الرواية المقدمة في ذاك الموضع). اهـ
وقال العلامة الشيخ المعلمي / في «الأنوار الكاشفة» (ص29): (عادة مسلم، أن يرتب روايات الحديث، بحسب قوتها: يقدم الأصح، فالأصح). اهـ
قلت: فمن عادة الإمام مسلم / أحيانا، أن يرتب الروايات في كل باب، بحسب صحتها، فيبدأ، بأصح العبارات: لفظا وسندا، ثم يتبعها بالروايات الأخرى التي تشهد لها.
* وقد تكون تلك الشواهد صحيحة، لكن من مخارج أخرى؛ كـ«اختلاف الصحابي»، أو تكون حسنة الإسناد؛ كـ«رواية اللين»، أو تكون ضعيفة؛ ذكرها الإمام مسلم ([75]) للتنبيه عليها، وأحيانا يذكر الإسناد فقط، ويقول: بـ«نحوه»، ويكون هناك اختلاف في اللفظ، أو يكون هناك اختصار، وإجمال، لكن تبينه الرواية المتقدمة الصحيحة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص42): (وأما شرط البخاري، ومسلم: فلهذا رجال يروي عنهم يختص بهم، ولهذا رجال يروي عنهم يختص بهم، وهما مشتركان في رجال آخرين.
* وهؤلاء الذين اتفقا عليهم؛ عليهم مدار الحديث المتفق عليه، وقد يروي أحدهم، عن رجل في المتابعات والشواهد، دون الأصل.
* وقد يروي عنه ما عرف من طريق غيره، ولا يروي ما انفرد به، وقد يترك من حديث الثقة ما علم أنه أخطأ فيه، فيظن من لا خبرة له أن كل ما رواه ذلك الشخص يحتج به أصحاب الصحيح، وليس الأمر كذلك). اهـ
قلت: وغالب ما انتقد على الإمام مسلم /، هي من أحاديث الطبقة الثانية، التي يورد أحاديثهم في الغالب، كما يقال: متابعة، أو استشهادا.
* ومما يجدر التنبيه عليه، أن الإمام مسلما /، جعل: «الطبقة الأولى» من أصول «صحيحه»، و«الطبقة الثانية» أيضا، هي في الأصول، وهذا ظاهر في كتابه.
قلت: ولم يذكر الإمام مسلم /، أن: «الطبقة الثانية»؛ في المتابعات، والشواهد، بل قد أخرج لهم على: «شرط الصحيح»، واحتج بهم في كتابه.
* ولا يصح اعتذار الحافظ الحاكم /، للإمام مسلم /، أن هذه الطبقة، للمتابعة، والاستشهاد([76])، فإن الإمام مسلما /، لم يقل ذلك.
* وقد صرح الإمام مسلم / في «مقدمة كتابه» (ج1 ص8)؛ على أن الطبقة الثانية، على شرط الصحيح، وقد أنكر عليه ذلك.
* ولذلك عندما أنكر الإمام أبو زرعة الرازي /، على الإمام مسلم /، في ذكر رجال: «الطبقة الثانية»، لم يقل أنني ذكرتهم: للمتابعة، والاستشهاد، بل جزم أنهم في الأصول، وعلى شرط الصحيح، لذلك قال الإمام أبو زرعة /، هؤلاء أبعد الناس عن الصحيح.
قال البرذعي في «السؤالات» (ص375): (شهدت أبا زرعة الرازي ذكر «كتاب الصحيح»، الذي ألفه «مسلم بن الحجاج»([77])، ثم «الفضل الصائغ»([78]) ألف على مثاله، فقال لي أبو زرعة: هؤلاء قوم أرادوا التقدم قبل أوانه، فعملوا شيئا يتشوقون به، ألفوا كتابا لم يسبقوا إليه، ليقيموا، لأنفسهم رياسة قبل وقتها. ([79])
* وأتاه ذات يوم، وأنا شاهد، رجل «بكتاب الصحيح» من رواية مسلم، فجعل ينظر فيه، فإذا حديث عن «أسباط بن نصر»([80])، فقال لي أبو زرعة: ما أبعد هذا من الصحيح؟ يدخل في كتابه «أسباط بن نصر».
ثم رأى في الكتاب «قطن بن نسير»([81])، فقال لي: وهذا أطم من الأول، قطن بن نسير، وصل أحاديث عن ثابت، جعلها عن أنس.
* ثم نظر فقال: يروي عن «أحمد بن عيسى المصري»([82]) في «كتابه الصحيح».
وقال لي أبو زرعة: ما رأيت أهل مصر يشكون في أن «أحمد بن عيسى»([83])، وأشار أبو زرعة: بيده إلى لسانه. كأنه يقول: الكذب.
ثم قال لي: يحدث عن أمثال هؤلاء، ويترك عن «محمد بن عجلان» ونظرائه، ويطرق لأهل البدع علينا، فيجدون السبيل بأن يقولوا لحديث إذا احتج عليهم به: ليس هذا في «كتاب الصحيح!»، ورأيته يذم وضع هذا الكتاب ويؤنبه.
* فلما رجعت إلى نيسابور في المرة الثانية، ذكرت لمسلم بن الحجاج إنكار أبي زرعة عليه روايته في هذا الكتاب، عن: «أسباط بن نصر»، و«قطن بن نسير»، و«أحمد بن عيسى»، فقال لي مسلم: إنما قلت: «صحيح»، وإنما أدخلت من حديث: «أسباط»، و«قطن»، و«أحمد»، ما قد رواه الثقات عن شيوخهم، إلا أنه ربما وقع إلي عنهم بارتفاع، ويكون عندي من رواية من هو أوثق منهم بنزول، فأقتصر على أولئك، وأصل الحديث معروف من رواية الثقات).اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الإمام مسلما / ذكر: «الطبقة الثانية» في الأصول، وعلى: «شرط الصحيح»، وقد اعتذر على ذلك بشيء، كما هو ظاهر، ولم يقل أن أسانيد، وشواهد هذه الطبقة، من قسم الصحيح لغيره، أو الحسن لغيره، بل أورد هذه الطبقة، من قسم: الصحيح لذاته، لاجتهاد منه في الأصول.
قال البرذعي في «السؤالات» (ص375): (فاعتذر إليه مسلم، وقال: إنما أخرجت هذا الكتاب، وقلت: هو صحاح، ولم أقل: أن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف، ولكني إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح، ليكون مجموعا عندي، وعند من يكتبه عني، فلا يرتاب في صحتها، ولم أقل إن ما سواه ضعيف، ونحو ذلك مما اعتذر به مسلم، إلى محمد بن مسلم، فقبل عذره، وحدثه).اهـ
وقال الفقيه ابن أبي الوفاء الحنفي / في «ذيل الجواهر المضية» (ج1 ص428): (وما يقوله الناس: أن من روى له الشيخان، فقد جاوز القنطرة، هذا من النجوه، ولا يقوى.
* فقد روى مسلم في كتابه، عن ليث بن أبي سليم، وغيره من الضعفاء.
فيقولون: إنما روى عنهم في كتابه، للاعتبار، والشواهد، والمتابعات، وهذا لا يقوى، لأن الحافظ رشيد الدين العطار قال: الاعتبار، والشواهد، والمتابعات: أمور يتعرفون بها حال الحديث، وكتاب مسلم، التزم فيه: «الصحيح»، فكيف يتعرف حال الحديث الذي فيه بطرق ضعيفة) ([84]). اهـ
* فهذا ما تأوله: أهل العلم؛ منهم: الحافظ الحاكم، والحافظ النووي، وغيرهما.
* وهذا ليس بصحيح، لأن الإمام مسلما /، لم يذكر في أصوله، أن الرواة في قسم: «الطبقة الثانية»، قد خرج أحاديثهم في المتابعات والشواهد، بل أطلق ذلك، ولم يبين.([85])
وهذا يعني: أنه خرج لهم على: «شرط الصحيح»، وفي الأصول. ([86])
قلت: لذلك عاب أئمة الحديث، على الإمام مسلم /، في إخراجه؛ لهؤلاء، لأنه أدخلهم في «شرط الصحيح». ([87])
* ويبقى الأمر في هؤلاء الرواة، في خارج «شرط الصحيح»، بالنظر فيهم عند البحث، فمن توبع: المتابعة الصحيحة، ولم يوجد ما ينكر في الإسناد، أو المتن، فينقل في المرتبة: «الصحيح لغيره»، أو المرتبة: «الحسن لذاته»، أو «الحسن لغيره»، على حسب المتابعة. ([88])
قلت: فلا بد أن نفرق بين ما كان على «شرط الصحيح»؛ يعني: داخل الصحيح، وبين ما ليس على: «شرط الصحيح»، فهو: يعتبر خارج الصحيح.
* فالإمام مسلم /: لم يقل أنه يخرج الحديث الضعيف، الذي يعتبر في المتابعة والاستشهاد، إذا لم يجد في الباب غيره، وأنه أقوى عنده من غيره.
* فكل ما سكت عليه الإمام مسلم /، فهو عنده من قسم الصحيح، وفي أصوله؛ لا سيما إن كان الحديث من: «الطبقة الأولى»، وصح الحديث من رواية: رواة: «الطبقة الثانية»، وهذا على حسب اجتهاده، وإلا أئمة الحديث انتقدوه في رواة: «الطبقة الأولى»، وفي رواة: «الطبقة الثانية»، الذين ذكرهم في أصوله. ([89])
قلت: فلا ينبغي لمن يحتاط لدينه، أن يقلده في السكوت على أحاديث، خاصة من: «الطبقة الثانية»، ويتابعه في الاحتجاج بهم.
بل الصحيح: أن ينظر في أحاديث الصحيح على أصول أئمة الحديث. ([90])
قال الحافظ العراقي / في «الباعث على الخلاص» (ص96) عن الأئمة الذين يتوقفون عن الإجابة في الدين: (فإذا كان مثل هؤلاء الأئمة يتوقف أحدهم عن الخوض في تفسير حديث رسول الله r؛ خيفة أن يكون المراد منه غير ذلك، فكيف بمن لا يعرف له تعلم شيء من العلم عن أهله؟!. ([91])
* وأيضا: فلا يحل لأحد ممن هو بهذا الوصف أن ينقل حديثا من الكتب، بل لو من الصحيحين([92]) ما لم يعتمد على من يعلم ذلك من أهل الحديث). اهـ
قلت: إذا الكلام على أصول: «الصحيحين» بداخلهما، لا بخارجهما.
وقد وجدنا في «الصحيحين» من الرجال من هو من أهل التدليس أيضا.
* لذلك وجدنا كثيرا من الحفاظ يعللون أحاديث وقعت في: «الصحيحين»، أو أحدهما، بتدليس رواتها. ([93])
مثل: تدليس أبي الزبير، وهو مدلس في حديث: جابر بن عبد الله t، وقد بين الحفاظ ذلك، فما كان بصيغة العنعنة لا يقبل. ([94])([95])
قال الحافظ الذهبي في «الكاشف» (ج3 ص84): «كان مدلسا واسع العلم».
وقال الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص113): «وقال غير واحد: هو مدلس، فإذا صرح في السماع، فهو حجة».
وقال الإمام ابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج7 ص396): «والآخر من رواية: أبي الزبير، عن جابر t، ولم يذكر فيه سماعا».
* وقد أقر أبو الزبير على نفسه بالتدليس، إلا في رواية: الليث بن سعد عنه.
فعن الليث بن سعد قال: (جئت أبا الزبير، فأخرج إلينا كتبا، فقلت: سماعك من جابر؟، قال: ومن غيره، قلت: سماعك من جابر، فأخرج إلي هذه الصحيفة).
أثر صحيح
أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص167)، و(ج2 ص142 و443)، وابن درستويه في «زياداته على الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص205) من طريق حبيش بن سعيد عن الليث بن سعد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الليث بن سعد قال: (أتيت أبا الزبير المكي، فدفع إلي: «كتابين»، قال: فلما صرت إلى منزلي، قلت: لا أكتبها حتى أسأله، قال: فرجعت إليه، فقلت: هذا كله سمعته من جابر t، قال: لا، منه ما سمعت، ومنه ما حدثت عنه([96])، قلت: فأعلم لي على ما سمعت، قال: فأعلم لي هذا الذي كتبته عنه).
وفي رواية: (قدمت مكة، فجئت أبا الزبير، فرفع إلي كتابين، وانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو عاودته، فسألته: أسمع هذا كله من جابر t؟، فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حدثناه عنه، فقلت له: أعلم لي على ما سمعت، فأعلم لي على هذا الذي عندي).
أخرجه العقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص133)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج7 ص396)، و(ج10 ص99)، وابن عدي في «الكامل» (ج6 ص2136) من طرق عن سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث بن سعد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
* وأورده ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (ج4 ص321)؛ من رواية: سعيد بن أبي مريم حدثنا الليث بن سعد به، وفيه: (فقلت له: هذا كله سمعته من جابر t؟، فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حدثت عنه).
وأخرجه أبو محمد النخشبي في «تعليقه على الحنائيات» (ج1 ص526)، و(ق/ 32/ط)، عن الليث بن سعد قال: (أتيت أبا الزبير بمكة، فقلت: هذه الأحاديث التي ترويها عن جابر t سمعتها منه؟، فقال: منها ما سمعته، ومنها ما حدثنا أصحابنا عنه، فقلت له: حدثني، ولا تحدثني إلا ما سمعته منه، فجعل يقول: سمعت، وسمعت حتى كتبت ما كان سمعه منه).
* وأورده ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (ج4 ص321)؛ من رواية: أبي جعفر الوراق البستي يقول: قال الليث بن سعد: (أتيت أبا الزبير، فقلت له: أخرج إلي كتاب جابر t، فأخرج إلي عن جابر t كتابين، فقلت له: سمعتهما منه؟، قال: بعض سمعت، وبعض لم أسمع، فقلت له: علم لي على ما سمعت، فعلم لي على شيء، قال أبو جعفر؛ فكانت نحوا من ثلاثين). وفي رواية: (أتيت أبا الزبير، فأخرج لي كتابين، فنظرت فيهما، فإذا عن جابر).
وعن عبد الرحمن بن مهدي قال: قيل، لشعبة بن الحجاج: (متى يترك حديث الرجل؟ قال: إذا روى عن المعروفين، ما لا يعرفه المعروفون فأكثر، وإذا أكثر الغلط، وإذا اتهم بالكذب، وإذا روى حديث غلط مجتمع عليه، فلم يتهم نفسه، فيتركه طرح حديثه، وما كان غير ذلك، فارو عنه).
أثر صحيح
أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (431)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج1 ص30)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (131)، والخطيب في «الكفاية» (ص142)، وابن عدي في «الكامل» (854)، و(859)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص77 و78)، وابن حبان في «المجروحين» (171) من طريق أحمد الدورقي، ونعيم بن حماد؛ كلاهما: عن ابن مهدي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: وقد جمع الإمام مسلم /؛ الأحاديث الكثيرة، أخطأ في بعضها، وهي منتقدة عليه، من قبل أئمة الجرح والتعديل، وأصاب في البعض، التي على شرط الصحة([97])، لأن من طبيعة البشر الخطأ، ولا بد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج7 ص215): (وهذه المواضع المنتقدة غالبها في مسلم، وقد انتصر طائفة لهما فيها، وطائفة قررت قول المنتقدة.
والصحيح: التفصيل؛ فإن فيها مواضع منتقدة بلا ريب.
والمقصود: أن أحاديثهما انتقدها الأئمة الجهابذة، قبلهم، وبعدهم، ورواها خلائق لا يحصي عددهم؛ إلا الله، فلم ينفردا، لا برواية، ولا بتصحيح.
* والله تعالى، هو الكفيل بحفظ هذا الدين، كما قال تعالى: ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر:9]). اهـ .
قلت: والجهل؛ فسبيل السلامة منه: هو أخذ العلم من أفواه أهل العلم والضبط، وبخاصة أن العلماء اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله. ([98])
قال المحدث الشيخ ناصر الدين الألباني / في «آداب الزفاف» (ص54): (وهذا القول وحده منه، يكفي القارئ اللبيب، أن يقنع بجهل هذا «المتعالم»، وافترائه على العلماء المتقدمين منهم، والمتأخرين؛ في ادعائه: الإجماع المذكور، فإنهم ما زالوا إلى اليوم ينتقد أحدهم بعض أحاديث «الصحيحين»، مما يبدوا له أنه موضع للانتقاد، بغض النظر عن كونه أخطأ في ذلك، أم أصاب، وانتقاد الدارقطني وغيره لهما، أشهر من أن يذكر).([99]) اهـ.
* ومما يتصل بهذا ما أشار إليه أهل العلم؛ من أن الإمام مسلما /:
تارة: أن يكون سكوته عن حديث؛ لشدة وضوح وهم الراوي فيه، واتفاقهم على طرح روايته هذه، لشذوذها. ([100])
وتارة: أن الإمام مسلما /، يكون أورد الحديث؛ لنقده، وبيان علته، واختلافه، في المتن، أو الإسناد. ([101])
وتارة: أن الإمام مسلما، يكون سكوته عن حديث ما، لأنه سبق له الكلام عنه في موضع آخر.
وتارة: يورده الإمام مسلم /، لغرابته بين الأحاديث الصحيحة، وقد تعرض لعدد من الأحاديث، بذكر غرابتها في عدد من الأبواب. ([102])
قلت: وهذا يقتضي النظر في الأحاديث في «الجامع الصحيح» لمسلم.
وهذا هو الصواب: أن يحكم على كل حديث بما يليق به، بقطع النظر عن وجوده في «الجامع الصحيح».
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج1 ص19): (إذا: فهو /، يرتب الأحاديث، فيذكر أولا: الأسانيد الغاية في الصحة، ثم بعد ذلك ما دونها، ثم بعد ذلك ما دونها. ([103])
* وهذه فائدة نستفيد منها، بحيث إذا جاءك حديث في باب معين، عرفت: أن المقدم منها من كان رجاله أتقن وأضبط، ثم يأتي من بعدهم؛ كالمتابع، أو الشاهد، أو ما أشبه ذلك). اهـ.
قلت: فيذكر الإمام مسلم /، أولا: بإسناد نظيف، رجاله ثقات، ويجعله أصلا، ثم يتبعه بإسناد آخر، فيه ضعف، للتنبيه على فائدة: فيما قدمه، أو أخره.
قلت: فهذا كلام أهل العلم، فيما يورده الإمام مسلم / من الأحاديث في كتابه.
* فجاء من بعدهم: أقوام ما فهموا؛ الفهم الصحيح، «للصحيحين»، فزعموا أن هذا القول شامل لكل حديث: أخرجه البخاري ومسلم، بسبب جهلهم، فصاروا ينقمون على أهل الحديث في انتقادهم أحاديث في «الصحيحين»، رغم أن أئمة الحديث استثنوا بعض الأحاديث، وهي منتقدة على الإمام البخاري، والإمام مسلم، وهذا من واجبهم في الدين.
* نعم نقل العلماء أن معظم الأحاديث([104])، التي في «الصحيحين»: صحيحة، هذا الذي نقله العلماء الكبار، وتداولوه في كتبهم.
قلت: فأهل الحديث لم ينتقدوا حديثا، إلا بعد التفحص والتمحيص، وهذا دال على أن النقد عندهم من أصول الدين.
* فقد اعتنى المحدثون، بنقد المتن، وبنقد الإسناد معا.
قلت: وللعلم أن الهجمة على السنة وأهلها ليست وليدة اليوم، ولا حديثة الظهور، بل كانت من قبل على يد أهل الأهواء. ([105])
* حيث يداول الله تعالى الأيام بين الناس، فتذهب أيام، وتأتي أخرى، ويتقلب فيها أهل الأهواء بين قديم وجديد، وبين طارف وتليد في عداوتهم، لأهل الحديث من الاعتراض، والتشغيب، ولكل قوم وارث، اللهم سدد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص62): (والمقصود هنا: أن العلم لا بد فيه من نقل مصدق، ونظر محقق، وأما النقول: الضعيفة، لا سيما المكذوبة، فلا يعتمد عليها.
* وكذلك النظريات الفاسدة، والعقليات الجهلية الباطلة، لا يحتج بها). اهـ
قلت: فأهل الحديث بحاثون في الحديث النبوي، وهذه كتبهم العلمية شاهدة عليهم، فأين الخلل فيها.
فإذا إياك أن تلقي بنتائج عجزك العلمي، وخمولك البحثي، فتفتضح. ([106])
* وكذلك لا بد أن نعرف، أنه إذا اتفق الإمام البخاري /، والإمام مسلم /، على حديث في الغالب يكون هذا الحديث من قسم الصحيح، الذي على شرط الصحيح في الأصول.
* لكن إذا انفرد الإمام مسلم / بأحاديث، قد أعرض عنها الإمام البخاري / ([107])، ففي هذه الحال ممكن يتطرق إليها الضعف، خاصة إذا نقدها أئمة الحديث، وقد وجدت أحاديث في «الصحيح» للإمام مسلم /، ليست باليسيرة، وهي من قسم الضعيف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص19): (ولهذا لا يتفقان على حديث، إلا يكون صحيحا لا ريب فيه، قد اتفق أهل العلم على صحته.([108])
* ثم ينفرد مسلم فيه بألفاظ يعرض عنها البخاري، ويقول بعض أهل الحديث، إنها ضعيفة، ثم قد يكون الصواب: مع من ضعفها).اهـ
وعن الإمام يحيى بن معين / قال: (من حدثك وهو لا يفرق بين الخطإ والصواب فليس بأهل أن يؤخذ عنه).([109])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة» (ص86): (ولهذا كان جمهور ما أنكر على البخاري مما صححه، يكون قوله فيه راجحا على قول من نازعه.
* بخلاف مسلم بن الحجاج؛ فإنه نوزع في عدة أحاديث مما خرجها، وكان الصواب: فيها مع من نازعه).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة» (ص86): (ولا يبلغ تصحيح مسلم، مبلغ تصحيح البخاري.
* بل كتاب البخاري أجل ما صنف في هذا الباب، والبخاري من أعرف خلق الله بالحديث وعلله، مع فقهه فيه.
وقد ذكر الترمذي: أنه لم ير أحدا أعلم بالعلل منه).اهـ
وقال الإمام النووي / في «منهاج المحدثين» (ج1 ص120): (ومن أخصر ما ترجح به اتفاق العلماء على أن: «البخاري» أجل من «مسلم»، وأعلم بصناعة الحديث منه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص19)؛ قسم الحديث: (والبخاري: أحذق، وأخبر بالفن من مسلم). اهـ.
* ولذلك هذا يدل على أن الإمام البخاري، والإمام مسلما، لم يتقيدا، تقيدا تاما، بشرطهما في كتابيهما، ولم يسيرا في تطبيق هذه الشروط على جميع أحاديث صحيحيهما، لأنهما فعلا ذلك التصرف، والخروج عن الشروط، لوجهة علمية معتبرة([110])، وهذا يوجب أن يكون التعامل مع كتابيهما، بأناة بالغة تحقق مقصودهما في التأليف في السنة، حتى يكون القارئ على بصيرة، فلا يتقول عليهما ما لم يقولاه، ولا يلزمهما بما لم يلتزماه.
قلت: وهذا لا يقدح بإمامة: «البخاري»، و«مسلم»، ولا بمكانة صحيحيهما، لكن الله تعالى يأبى العصمة لكتاب، إلا لكتابه الكريم.
قال الإمام النووي / في «منهاج المحدثين» (ج1 ص137): (قد استدرك جماعة على: «البخاري»، و«مسلم» أحاديث، أخلا بشرطهما فيها، ونزلت عن درجة ما التزماه). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «ذيل تذكرة الحفاظ» (ص231)؛ في ترجمة الحافظ العراقي /، في ضمن مؤلفاته: (والأحاديث المخرجة في الصحيحين، التي تكلم فيها بضعف وانقطاع). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن عددا من الحفاظ انتقدوا «الصحيحين»، واستدركوا على «البخاري»، و«مسلم» أحاديث؛ أخلا بشرطهما فيها، ونزلت عن درجة «الصحيح»، وكل بني آدم خطاء، ولا بد.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص346)؛ الفصل الثامن: في سياق الأحاديث التي انتقدها على الإمام البخاري، الحفاظ.
وذكر الحافظ السبكي / في «طبقات الشافعية الكبرى» (ج10 ص115)؛ أن الحافظ البخاري، في «جامعه الصحيح»، له أوهام.
قلت: فوجود أحاديث ضعيفة في «الصحيحين» لا يؤثر على مصداقيتهما، ولا يزحزح رتبتهما بين كتب السنة الشريفة، فافطن لهذا. ([111])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص17)؛ عن حديث: «أيما إهاب دبغ فقد طهر»: (فإن هذا انفرد به «مسلم»، عن «البخاري»، وقد ضعفه الإمام أحمد، وغيره، وقد رواه مسلم).اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص17): (ومثل: ما روى مسلم؛ أن رسول الله r: «صلى الكسوف ثلاث ركوعات، وأربع ركوعات»، انفرد بذلك عن «البخاري»، فإن هذا ضعفه حذاق أهل الحديث).اهـ.
قلت: والشيخان التزما تلك القواعد، والشروط في معظم الأحاديث، لكنهما أخلا بها بدون قصد، وباجتهاد منهما، وخالفا هذه الشروط في مواضع من صحيحيهما([112])، وهما من البشر، ومن طبيعة البشر الخطأ، والنسيان، والوهم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج7 ص216)؛ عن الانتقادات التي وجهها بعض العلماء إلى الصحيحين: (المواضع المنتقدة غالبها في مسلم). اهـ.
قلت: على الرغم من اشتراك الإمامين في اشتراط توافر العدالة، والضبط في رواة صحيحيهما، إلا أن البخاري كان أكثر تشددا من مسلم في هذا الشرط.
* لذا فإن ما انتقد على الإمام البخاري من الأحاديث: أقل عددا مما انتقد على الإمام مسلم.
قال الحافظ ابن كثير / في «البداية والنهاية» (ج14 ص534): (وشرطه -يعني: البخاري- هذا أعز من شرط كل كتاب صنف في الصحيح، لا يوازيه فيه غيره، لا صحيح مسلم، ولا غيره). اهـ.
قلت: والإمام البخاري /، فلا خلاف في أنه أعلم بالحديث والرجال، وأفقه من الإمام مسلم /، وكلاهما من أئمة هذا الشأن.
* ومن هنا تعلم أنه إذا أخرج الإمام البخاري حديثا، ولم يخرجه الإمام مسلم، كان ذلك فيه دلالة على علة قد تكون غالبا قادحة، وقد لا تكون، والإمام البخاري في الغالب يبين هذه العلل في كتبه، لأن شرط الإمام مسلم غالبا أسهل من شرط الإمام البخاري، فتنبه.
قال الإمام النووي / في «تهذيب الأسماء واللغات» (ج1 ص71): (واعلم أن وصف البخاري بارتفاع المحل، والتقدم في هذا العلم، على الأماثل والأقران).اهـ
وقال الإمام ابن الصلاح / في «صيانة صحيح مسلم» (ص86): (إذا عرفت هذا: فما أخذ عليهما من ذلك، وقدح فيه معتمد من الحفاظ، فهو مستثنى مما ذكرناه، لعدم الإجماع على تلقيه بالقبول، وما ذلك إلا في مواضع قليلة سننبه على ما وقع منها). اهـ
وذكر هذا القول الحافظ ابن حجر / في «هدي الساري» (ص346)؛ وأقره؛ بقوله: (وهو احتراز حسن). اهـ
* لذلك، فتعدد الاستدراكات على: «الصحيحين» لا ينقص من قدرهما.([113])
قلت: فهذا لا ينقص من قدر: «صحيحيهما» شيئا، فصحتهما لا تعني: الكمال والعصمة، ونفي الكمال والعصمة عنهما، فهذا يتطلب بالنقد لكتابيهما.
* لذلك وصل بالمقلدة الجهلة في أن استدراكات المحدثين على «الصحيحين» منقصة لهما!؛ بل هو دليل واضح على عدم صحة كل ما فيهما.
* ويتساءلون: إذا اعتبرنا: «الصحيحين» كاملين؛ فإننا بذلك جعلهما: يضاهيان: القرآن الكريم، وهذا مردود؛ لأن القول بذلك، يؤدي إلى القول بعصمة الإمامين: البخاري، ومسلم ([114])، وهو مردود أيضا.
* وعلى الرغم من مكانة: «الصحيحين» العالية، عند الأمة عامة، وعند العلماء؛ منهم: خاصة، إلا أن لا أحدا، منهم: على مر القرون، لم يدع الكمال «للصحيحين»، وإن شهد لهما؛ بأنهما أصح كتب السنة.
* إن المكانة العالية التي تبوأها كل من الإمامين: البخاري، ومسلم في الحديث، وعلومه، لا تعني بحال عصمتهما من الخطإ، والزلل؛ فإن العصمة لأنبياء الله تعالى فقط.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا ... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
ذكر الدليل على أن الإمام مسلما، ثبت عنه، أنه أعل لأحاديث، ليست باليسيرة، في كتاب: «المسند الـصـحـيـح»، في عدة من الأبواب، من كتابه هذا، وذلك لحماية الشريعة المطهرة، أن يدخل فيها، ما ليس منها..................................................................................... |
9 |
([1]) وانظر: «البرهان في أصول الفقه» للجويني (ج1 ص287)، و«البحر المحيط» للزركشي (ج3 ص29)، و«نهاية السول في شرح منهاج الأصول» للإسنوي (ج1 ص123)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج1 ص281)، و«الحاشية على أسنى المطالب» للرملي الكبير (ج4 ص282).
([7]) ومع ذلك: اعتمد المقلدة على ما يورده الإمام مسلم / في كتابه من الأحاديث، في حيز الاحتجاج بها، وهي معلولة عنده في أصوله!.
* بل وينسبون إليه تقوية الأحاديث بمجرد إخراجها في كتابه، مع أنه عند البحث، والتحقيق فيها، لا تثبت هذه الأحاديث على شرطه في «الصحيح»، فتنبه.
([10]) وأحيانا بالعكس، فيذكر الحديث؛ مثلا: ثم يذكر الاختلاف عليه، أو العلة، ثم يذكر الحديث، أو الأحاديث الصحيحة، التي تعل هذا الحديث المختلف فيه.
([11]) وهذا الذي ساد عند الجميع، أن الإمام مسلما /، يورد بعض الأحاديث؛ للاستشهاد بها والمتابعة، وليس كذلك.
* بل الإمام مسلم /، يورد بعض الأحاديث من: «الطبقة الثانية»، للاحتجاج بها في الأصول، وليست هي: كالمتابع والشاهد، لذلك عاب عليه الأئمة في ذلك، وفي احتجاجه بالضعفاء في «المسند الصحيح».
([15]) يعني: ليس الحسين، دون: ابن أعين، في الثقة.
* والحسين بن عياش السلمي، ثقة، كما في «التقريب» لابن حجر (ص249).
([16]) فإذا كنت أيها المقلد المتعالم لا تستطيع التفريق، ولا معرفة هذا العلم، فبأي حق تتطاول على أهل الحديث في هذا الزمان، إذا بينوا علة حديث في «الصحيحين»، ومراعاة لأصول الحديث، وحفظا للسنة الصحيحة.
* فإذا عرضوا لك حديثا معلولا في «الصحيحين»، أو في غيرهما، ولم يستسغه عقلك الشارد، وفهمك السقيم، فلم تبادر بجهلك الفاضح في اتهام أهل الحديث بتضعيف الأحاديث.
([20]) فإذا جاءت في ثنايا الأبواب بين عللها، على طريقة أئمة الجرح والتعديل، فعلمها من علم، وجهلها من جهل.
يقول تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [الأنبياء: 7].
ويقول تعالى: ]وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا [ [النساء:83].
([22]) قال الإمام مسلم في «صحيحه» (ج1 ص4): (ولا سيما عند من لا تمييز عنده من العوام، إلا بأن يوقفه على التمييز غيره). اهـ
([23]) إذا لماذا المقلد: يهوش، ويشوش على انتقادات أهل الحديث لأحاديث في: «الصحيحين» على طريقة أئمة الجرح والتعديل.
([24]) وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (520)، وابن خزيمة في «صحيحه» (ج4 ص61)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج9 ص18)، كلهم: من طريق عبد الوهاب الثقفي عن أيوب السختياني به.
وأخرجه أحمد في «المسند» (1440)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص145)، وأبو يعلى في «المسند» (ج2 ص116) من طرق عن أيوب السختياني به.
وأخرجه الدورقي في «مسند سعد بن أبي وقاص» (ص75) من طريق ابن علية عن أيوب عن عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن عن ثلاثة من بني سعد به.
وأخرجه الدورقي في «مسند سعد بن أبي وقاص» (ص77) عن ابن علية عن أبي عون عن عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن به.
وأخرجه سعيد بن منصور في «السنن» (ج1 ص129)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص74)، والهيثم بن كليب في «المسند» (ج1 ص151) من طريق ابن عون عن عمرو بن سعيد به.
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص138).
وإسناده صحيح.
وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج7 ص247)، وعبد الغني المقدسي في «الكمال في أسماء الرجال» (ج4 ص286).
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص139).
وإسناده صحيح.
وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج7 ص247).
أخرجه الدوري في «التاريخ» (ج2 ص129).
وإسناده صحيح.
وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج7 ص247).
([28]) أخرج هذه الرواية: أحمد في «المسند» (1440)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص145)، من رواية: عفان بن مسلم عن وهيب به.
([29]) وانظر: «إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص105)، و(ج5 ص369)، و«إكمال إكمال المعلم» للأبي (ج5 ص607)، و«مكمل إكمال الإكمال» للسنوسي (ج5 ص607)، و«مقدمة الإلزامات والتتبع» للشيخ الوادعي (ص13)، و«التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص19)، و«مقارنة المرويات» للشيخ اللاحم (ج2 ص481).
([30]) وانظر: «تدريب الراوي» للسيوطي (ج1 ص98)، و«صيانة صحيح مسلم» لابن الصلاح (ص74)، و«معرفة أنواع علوم الحديث» له (ص15).
([31]) وللعلم، فإن كثيرا من المقلدة ينسب إلى الإمام البخاري مثلا، تقوية حديث، بمجرد إخراجه في «صحيحه»، وهذا ليس من الدقة بمكان.
* بل المقلدة ينسبون إليه تقوية حديث بمجرد سكوت الإمام البخاري، أو الإمام مسلم عن الحديث، وإخراجهما للحديث في «الصحيح»، وهذا من الفهم الخاطئ، مع أنهما أشارا إلى علة الحديث، وهذا الجهل من هذا الباحث يحملهما ما لم يرد عنهما في كتابيهما.
([33]) فالواجب تحرير المعنى المراد قبل نسبة الحكم إلى الإمام البخاري، وكذلك إلى الإمام مسلم.
لأن الأحاديث، والأسانيد في «الصحيح»، تتفاوت في الصحة، والضبط، والإتقان.
([34]) فيكون الإمام البخاري نقد الحديث، وبين علته في «كتابه»، ولم يسكت عنه.
لكن في باب آخر غير الذي وقف عليه الباحث، لم يذكر العلة فيه، لأمر ما.
([35]) وانظر: «شرح التقريب والتيسير» للسخاوي (ص158 و159)، و«فتح المغيث بشرح ألفية الحديث» له (ج1 ص31)، و «معرفة أنواع علوم الحديث» لابن الصلاح (ص93)، و «شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج2 ص843)، و«اختصار علوم الحديث» لابن كثير (ص177)، و «المقنع في علوم الحديث» لابن الملقن (ج1 ص221)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص113 و114).
([36]) وانظر: «شرح العلل الصغير» لابن رجب (ج1 ص436)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج1 ص264)، و «التمهيد» لابن عبد البر (ج1 ص364 و366)، و«فتح المغيث» للسخاوي (ج3 ص68)، و«تصحيفات المحدثين» للعسكري (ج1 ص10)، و«تقييد المهمل» للغساني (ج1 ص8).
([37]) فتصحيف الإمام شعبة بن الحجاج في أسماء الرجال ذكره غير واحد.
* واعتذر له الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج1 ص27 و225 و399)؛ بأنه تشاغل بحفظ المتون للأحاديث.
أخرجه العسكري في «تصحيفات المحدثين» (ج1 ص12)، والغساني في «تقييد المهمل» (ج1 ص8).
وإسناده صحيح.
أخرجه الخطيب البغدادي في «الجامع لأخلاق الراوي» (1700)، وابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص33)، والخليلي في «الإرشاد» (ج2 ص595).
وإسناده صحيح.
([42]) وهذا يدلك على أن العالم يخطئ، ويصيب، فلا حاجة لنا أن يأتي مقلد فيقول، هذا الحديث صححه فلان، وهو حديث ضعيف؛ فإن الخطأ لا يسلم منه أحد، فتنبه.
([43]) وهي مآخذ ناتجة عن طول نظر من قبل أهل الجرح والتعديل، وعن تتبع في علل الأحاديث، وتنصيصهم على إخلالهما بشرطهما، وهذه هي الدقة العلمية المطلوبة.
([44]) وعدد من الأحاديث كان مما خالف فيها الإمام البخاري بشرطه، وأنه أورد في «صحيحه» بعض الأحاديث المعلولة، قد وهم فيها، وكذلك الإمام مسلم.
([49]) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري: أبو الحسين النيسابوري الحافظ، صاحب «الصحيح»، ولد في سنة: «أربع ومئتين»، وتوفي عشية يوم الأحد، ودفن يوم: الإثنين لخمس بقين من رجب في سنة: «إحدى وستين ومئتين» /.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (5923).
([50]) الفضل بن العباس الرازي، صاحب التصانيف، المعروف بفضلك الصائغ.
انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج12 ص630)، و«شذرات الذهب» لابن العماد (ج2 ص160)، وكتابه الذي أشار إليه أبو زرعة مفقود إلى يومنا.
([51]) أخرج هذا الخبر بتمامه: الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج4 ص272)، في ترجمة: أحمد بن عيسى التستري، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج1 ص419)، وذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج12 ص571)، وفي «الميزان» (ج1 ص126)، وابن رجب في «شرح العلل الصغير» (ص479).
([52]) أسباط بن نصر الهمداني: أبو يوسف، ويقال: أبو نصر الكوفي، وهو ضعيف.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج2 ص358 و359).
([53]) قطن بن نسير البصري، أبو عباد الغبري، وهو لين الحديث.
انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج7 ص138)، و«تهذيب الكمال » للمزي (ج23 ص617).
([54]) أحمد بن عيسى بن حسان المصري، المعروف بالتستري، وهو صدوق.
انظر: «تاريخ بغداد» للخطيب (ج4 ص273)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج1 ص419).
([56]) محمد بن مسلم بن عثمان بن عبد الله الرازي المعروف: بابن وارة، أبو عبدالله الحافظ.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج26 ص444).
وذكره ابن الصلاح في «صيانة صحيح مسلم» (ص68)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص590)؛ بدون إسناد.
([59]) بخلاف من قال: أن هذه الطبقة خرج لها الإمام مسلم في الشواهد، والمتابعات، أنها ليست هذه الطبقة من شرط الصحيح، وهذا فيه نظر.
* بل الإمام مسلم اعتبر هذه الطبقة في كتابه من شرط الصحيح، لكن ضبطهم ما دون الطبقة الأولى، وهم: أهل الصدق عنده، وهم: إلى الضعف أقرب.
* وهذا يدل على أن الإمام مسلما /؛ اجتهد في اشتراطه الحديث الصحيح.
* لذلك الحفاظ عابوا على مسلم إخراج لأحاديثهم في الصحيح.
* والمفروض في اشتراطه هذا أن لا يدخل هذه الطبقة في «الصحيح»، لأنها ليست من شرط الصحيح، بل يكتفي بإخراج أحاديث الطبقة الأولى فقط.
([60]) قلت: وذلك لأن علم العلل هو أدق علوم الحديث، وأغمض أنواع الحديث، ولا يقوم به إلا من فهمه الله تعالى هذا العلم الثاقب.
قال الحافظ ابن حجر / في «النكت» (ج2 ص711): (وهذا الفن أغمض أنواع الحديث، وأدقها مسلكا، ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غائصا، واطلاعا حاويا، وإدراكا لمراتب الرواة، ومعرفة ثاقبة، ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد من أئمة هذا الشأن، وحذاقهم، وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك، والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الفروسية» (ص181): (ويتركون حديثه بعينه إذا روى ما يخالف الناس، أو انفرد عنهم بما لا يتابعونه عليه. إذ الغلط في موضع، لا يوجب الغلط في كل موضع، والإصابة في بعض الحديث، أو في غالبه لا توجب العصمة من الخطإ في بعضه، ولا سيما إذا علم من مثل هذا أغلاط عديدة، ثم روى ما يخالف الناس، ولا يتابعونه عليه، فإنه يغلب على الظن، أو يجزم بغلطه.
وهنا يعرض لمن قصر نقده وذوقه هنا، عن نقد الأئمة، وذوقهم في هذا الشأن؛ نوعان من الغلط ننبه عليهما، لعظيم فائدة الاحتراز منهما:
أ) أحدهما: أن يرى مثل هذا الرجل قد وثق، وشهد له بالصدق، والعدالة، أو خرج حديثه في الصحيح، فيجعل كل ما رواه على شرط الصحيح، وهذا غلط ظاهر؛ فإنه إنما يكون على شرط الصحيح إذا انتفت عنه العلل، والشذوذ، والنكارة، وتوبع عليه؛ فأما مع وجود ذلك، أو بعضه؛ فإنه لا يكون صحيحا، ولا على شرط الصحيح، ومن تأمل كلام البخاري، ونظرائه في تعليله أحاديث جماعة أخرج حديثهم في: «صحيحه»، علم إمامته، وموقعه من هذا الشأن، وتبين به حقيقة ما ذكرنا.
ب) النوع الثاني من الغلط: أن يرى الرجل قد تكلم في بعض حديثه، وضعف في شيخ، أو في حديث؛ فيجعل ذلك سببا لتعليل حديثه، وتضعيفه أين وجد، كما يفعله بعض المتأخرين من أهل الظاهر وغيرهم، وهذا أيضا غلط؛ فإن تضعيفه في رجل، أو في حديث ظهر فيه غلطه؛ لا يوجب التضعيف في حديثه مطلقا، وأئمة الحديث على التفصيل، والنقد، واعتبار حديث الرجل بغيره، والفرق بين ما انفرد به، أو وافق فيه الثقات، وهذه كلمات نافعة في هذا الموضع، تبين كيف يكون نقد الحديث، ومعرفة صحيحه من سقيمه، ومعلوله من سليمه: ]ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور:40]). اهـ
وانظر: كتابي «النجم الوهاج في تضعيف حديث: "صوم يوم عرفة" لغير الحاج» (ص11).
([61]) وهذا الذي بينه / في «صحيحه»، من إيراد إسناد بجنب إسناد، ليبين علل الأسانيد المتأخرة لإيرادها بعد الأسانيد الصحيحة، وممكن بالعكس على حسب التعليل، فتنبه.
([62]) وانظر: «التعليق على صحيح مسلم» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص22)، و«إكمال المعلم» للقاضي عياض (ج1 ص105)، و«المنهاج» للنووي (ج1 ص175)، و«الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج» للسيوطي (ج1 ص92).
([63]) فتأول الحافظ الحاكم /، أنه إنما أراد أن يفرد، لكل طبقة بكتاب منفرد، ويأتي بأحاديثها خاصة: مفردة، وفيه نظر.
([65]) إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، الفقيه، الزاهد، المجتهد، العابد، صاحب مسلم، وراوي: «صحيحه»، مات سنة: «308»هـ.
انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج1 ص50).
([66]) قلت: ولا يعتمد على هذا التصحيح، لأن الحافظ ابن حجر أحيانا، يصحح أسانيد، بينة الضعف، فلا بد من النظر إلى إسناد الأثر.
* والمعتمد هنا، قول الإمام مسلم، وأنه ذكر علل هذا الصنف في أبوابه من: «صحيحه»، ولم يؤلف أي كتاب في ذلك.
([68]) فإذا اختلف الناس، فالمرجع إلى الأصل، وعليه المعتمد، ولا يلتفت فيما خالف الأصل.
* والأصل لا يوجد لمسلم، إلا: «الصحيح» وهو كتاب واحد، وقد أتمه، ونشره، وأخذه عنه الناس.
([72]) فتعامى المقلدة كعادتهم عن هذا البيان من الإمام مسلم، وتعليله للحديث، بذكر الاختلاف في السند، والمتن معا.
([73]) انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج4 ص287 و288)، و«مشاهير علماء الأمصار» لابن حبان (ص95).
([75]) ولم يكن الإمام مسلم /: مجرد مقلد لإمام من الأئمة، بل كان إماما مجتهدا له، آراؤه الخاصة في التصحيح، والتعليل، والتجريح والتعديل.
* فتراه في «صحيحه» يخرج لرواة تركهم الإمام البخاري /، ويصحح أحاديث، أعلها الإمام البخاري /، ويعل أحاديث صححها الإمام البخاري /، ويترك رواة روى لهم الإمام البخاري /.
([76]) واتبعه عدد من أهل العلم على ذلك، وأن ذلك واقعا في المتابعات، والشواهد، لا في الأصول، وهذا فيه نظر.
([77]) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري: أبو الحسين النيسابوري الحافظ، صاحب «الصحيح» ولد في سنة: «أربع ومئتين»، وتوفي عشية يوم الأحد، ودفن يوم: الاثنين لخمس بقين من رجب في سنة: «إحدى وستين ومئتين» /.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (5923).
([78]) الفضل بن العباس الرازي، صاحب التصانيف، المعروف بفضلك الصائغ.
انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج12 ص630)، و«شذرات الذهب» لابن العماد (ج2 ص160)، وكتابه الذي أشار إليه أبو زرعة مفقود إلى يومنا.
([79]) أخرج هذا الخبر بتمامه: الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج4 ص272) في ترجمة: أحمد بن عيسى التستري، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج1 ص419)، وذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج12 ص571)، وفي «الميزان» (ج1 ص126)، وابن رجب في «شرح العلل الصغير» (ص479).
([80]) أسباط بن نصر الهمداني: أبو يوسف، ويقال: أبو نصر الكوفي، وهو ضعيف.
انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج2 ص358 و359).
([81]) قطن بن نسير البصري، أبو عباد الغبري، وهو لين الحديث.
انظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج7 ص138)، و«تهذيب الكمال » للمزي (ج23 ص617).
([82]) أحمد بن عيسى بن حسان المصري، المعروف بالتستري، وهو صدوق.
انظر: «تاريخ بغداد» للخطيب (ج4 ص273)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج1 ص419).
([84]) وهذا فيه قمع لجهل المقلدة الذين يقولون: أن الإمام البخاري انتقى من محفوظاته للرجال، وأدخلهم في «الصحيح»، وكذلك فعل الإمام مسلم، على أنهم من الثقات، وفيهم من الضعفاء.
* وهذا جهل فاضح، إذ لا يزال أهل العلم ينتقدون أسانيد من: «الصحيح» للبخاري، و«الصحيح» لمسلم، لأنهما من البشر الذين يجتهدون، فالبشر مرة: يصيبون، ومرة: يخطئون.
([85]) وهذا على حسب اجتهاده في الأصول، على أنهم من قسم: الصحيح.
قلت: ولو قال الإمام مسلم /، أن هؤلاء ذكرتهم، في المتابعة، والاستشهاد، لسقطت أحاديثهم في «الصحيح»، من أصلها، ولم يحتج بها.
([87]) ولو استثنى هؤلاء الرواة من: قسم الصحيح، وجعلهم من قسم: المتابعات، والشواهد خارج الصحيح، ما عابوا عليه ذلك.
([88]) وأما إذا لم تصح المتابعة، ووجد ما ينكر في الإسناد، أو المتن، فلم يثبت الحديث، ولا يصح، فهو: من قسم: المنكر، أو الشاذ.
([89]) ومن هنا يظهر لك ضعف طريقة المقلدة: الذين يحتجون بكل ما سكت عليه الإمام مسلم في «صحيحه»، فإنه يخرج أحاديث جماعة من «الضعفاء» في الاحتجاج بهم، ويسكت عنهم.
([91]) قلت: فهذا يوقع الناس في شيء من الاعتقادات السيئة، والأحكام الباطلة بسبب تحديثه بالأحاديث الضعيفة، اللهم سلم سلم.
وانظر: «الباعث على الخلاص من حوادث القصاص» للعراقي (ص98).
([92]) قلت: وهكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية /، وهذا القول شديد على المقلدة للصحيحين مطلقا، لظنهم أن كل ما في «الصحيحين» من قسم الصحيح!، وهذا جهل في دين الله تعالى، لأن هذه الكتب المصنفة من المخلوقين، لا تفلت من الخطإ أبدا، لأن الله تعالى كتب على بني آدم الخطأ، وهو من طبيعتهم، ولا يصح مطلقا؛ إلا كتاب الله تعالى.
([93]) بل ادعى البعض أن المعنعنات التي في «الصحيحين»، هي منزلة: بمنزلة السماع، وهذا فيه نظر.
وانظر: «توضيح الأفكار» للصنعاني (ج1 ص355 و356)، و«هدي الساري» لابن حجر (ص385)، و«النكت على ابن الصلاح» له (ج2 ص635).
([95]) وانظر: «نصب الراية» للزيلعي (ج2 ص175)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج4 ص37)، و«جامع التحصيل» للعلائي (ص110)، و«النكت على ابن الصلاح» لابن حجر (ج2 ص631).
([96]) قلت: فهل يتشبث بعد هذا كله، بقوله: أن يقول، أن عنعنة أبي الزبير في «الصحيحين» تقبل!.
* إذا هذه مغالطة مكشوفة من المقلدة، ليس لها أدنى وجه من القبول، لأنه استنتج شيئا، لا دليل عليه في أصول الحديث.
وانظر: «التعليق المغني» للآبادي (ج1 ص34)، و«التنكيل» للمعلمي (ج2 ص308)، و«تعليقه على الفوائد المجموعة» (ص313).
([97]) وإن انتخب منها: ما كان على: «شرط الصحيح» عنده، فهي أيضا منتقدة عليه في بعضها.
* وعلى ذلك توافرت القرائن، والشواهد المحسوسة، التي ذكرها غير واحد من أئمة الجرح والتعديل، فارجع البصر، وكرر النظر، وابحث في أصول أهل الحديث، حتى يتجلى لك على النقد العلمي.
قلت: كل ذلك لحفظ الوحي بنوعيه: بالكتاب، والسنة، وهي مسألة طويلة الذيل، عظيمة النيل، متسعة الأرجاء، وفيها تصانيف كثيرة، قديمة وحديثة.