القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة أصول علم الحديث / المنهل الروي في تحرير رواية: طارق بن شهاب البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم

2023-12-08

صورة 1
المنهل الروي في تحرير رواية: طارق بن شهاب البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم

سلسلة

أصول علم الحديث

 

                                                                                              

4

 

 

 

المنهل الروي

في تحرير

رواية: طارق بن شهاب البجلي عن النبي r

 

وهو بيان:

أن طارق بن شهاب البجلي، ليس بصحابي، وروايته عن النبي r؛ مرسلة منقطعة، لا تصح

 

وقد قرر هذا الحكم أئمة أهل الحديث؛ منهم:

الإمام ابن معين، والإمام أبو داود، والإمام البخاري، والإمام مسلم، والإمام أبو حاتم، والإمام أبو زرعة، والإمام ابن أبي حاتم، والإمام العجلي، والإمام البيهقي، والإمام الخطابي، والإمام الحازمي، والإمام المزي، والإمام ابن العراقي، والإمام ابن عبد الهادي، والإمام السيوطي، وغيرهم.

 

بقلم

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

    

ذكر الدليل

على أن روايات طارق بن شهاب البجلي عن النبي r؛ مرسلة ضعيفة، وقد ثبت أنها منكرة كلها، وهي تخالف الروايات الصحيحة عن الحفاظ الثقات الأثبات

 

الحمد لله الذي تفضل وعلم؛ أهل العلم والهمم، حتى صاروا في دينه؛ أهل القمم، وأتم لهم الفضل والقيم.

فله الحمد، والشكر، أولا، وآخرا.

أما بعد،

فهذه فوائد علمية، ونقدات حديثية، ونكت منهجية، قد سقتها على طريقة أهل الحديث في نقدهم للرواية الضعيفة.

وذلك بقصد النصيحة، وصيانة للسنة المليحة، ومن وراء ذلك تجلية لطريق طلبة الحديث في هذا العلم الشريف، لأنه قائم على الأحاديث الصحيحة.

* وعليه؛ فهذه تحقيقات وتخريجات، أردت بها تصحيحا لحكم رواية: طارق بن شهاب البجلي عن النبي r، وصيانة للأحاديث النبوية؛ تأسيا بمنهج أئمة الحديث، في التبيين والتصحيح، والتصويب والتهذيب، والتأصيل والتدليل.

والله الهادي إلى سواء السبيل.

وإليك الدليل:

 فإن طارق بن شهاب البجلي، ليست له صحبة، وهو من طبقة التابعين، وهو الصواب، فروايته عن النبي r، مرسلة، لا تصح. ([1])

قال الإمام يحيى بن معين: (طارق بن شهاب: ثقة). ([2])

وقال الإمام العجلي في «معرفة الثقات» (ج1 ص475): (طارق بن شهاب الأحمسي: من أصحاب عبد الله، ثقة، وقد رأى النبي r).

وقال الحافظ ابن أبي حاتم، عن أبيه: (ليس له صحبة، والحديث الذي رواه: «أي الجهاد أفضل»؛ مرسل). ([3])         

وقد صرح الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص357)؛ بأن رواية: طارق بن شهاب عن النبي r، ليست على شرط الإمام البخاري في «صحيحه» فتركها، لأنها مرسلة منقطعة، وقد روى عنه بواسطة الصحابة الكرام.

وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص183): (فطارق: من خيار التابعين، وممن رأى النبي r، وإن لم يسمع منه).

وقال الحافظ البيهقي في «معرفة السنن» (ج4 ص330): (هذا هو المحفوظ: مرسل).

* يعني: حديث طارق بن شهاب.

ونقل قول الحافظ البيهقي هذا: الحافظ السيوطي في «مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود» (ج2 ص164)؛ وأقره.

وقد أعل الإمام الخطابي في «معالم السنن» (ج1 ص305)؛ حديث: طارق بن شهاب؛ بالإرسال، بقوله: (وليس إسناد هذا الحديث بذاك، وطارق بن شهاب: لا يصح له سماع من رسول الله r؛ إلا أنه قد لقي النبي r).

وقال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج5 ص4): (طارق بن شهاب البجلي: رأى النبي r، وروى عنه مرسلا).

وقال الإمام أبو داود في «السنن» (ج2 ص26): (طارق بن شهاب: قد رأى النبي r، ولم يسمع منه شيئا). ([4])

* وقول الإمام أبي داود هذا، نقله عنه الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص172)، وفي «معرفة السنن» (ج4 ص330)، والحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (ج4 ص207)، وفي «تهذيب الكمال» (ج13 ص342)، والحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص461)، والحافظ السيوطي في «مرقاة الصعود» (ج2 ص164)؛ وأقروه على: أن حديث: طارق بن شهاب عن النبي r: من قسم المرسل المنقطع.

لذلك ذكره الحافظ ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص88)؛ عن روايته عن النبي r المرسلة.

قلت: وقد ذهب الحافظ المنذري في «مختصر سنن أبي داود» (ج2 ص9)، إلى أن رواية: طارق بن شهاب عن النبي r مرسلة.

وقد أعل الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص183)؛ حديثا: لطارق بن شهاب عن النبي r؛ بالإرسال: بقوله: (هذا الحديث، وإن كان فيه إرسال، فهو مرسل جيد).

* ولذلك الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص172 و173)؛ لم يجعل حديث: طارق بن شهاب؛ موصولا، إلا إذا صرح باسم الصحابي الراوي عن النبي r؛ حيث قال: (قال أبو داود: طارق بن شهاب، قد رأى النبي r، ولم يسمع منه شيئا، ورواه عبيد بن محمد العجلي عن العباس بن عبد العظيم، فوصله، بذكر: أبي موسى الأشعري فيه).

وكذلك فعل الإمام البخاري في «صحيحه»؛ حيث لم يرو عن طارق بن شهاب؛ إلا بواسطة صحابي عن النبي r، ولم يرو عنه عن النبي r، لأنه مرسل، فهو ليس على شرطه. ([5])

وهذا صنيع الإمام مسلم في «صحيحه» أيضا، لأن رواية: طارق بن شهاب عن النبي r مرسلة، فهو يروي عن الصحابة y. ([6])

وقال الحافظ الذهبي في «السير» (ج3 ص487): (رأى النبي r، وغزا في خلافة أبي بكر غير مرة، وأرسل عن النبي r).

وقال الحافظ ابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص422): (رأى رسول الله r، وروى عنه، وقال أبو داود: رآه، ولم يسمع منه).

قلت: وقد أفصح طارق بن شهاب؛ أنه بدأ عمله في الإسلام في عهد الصحابة، خاصة في رواية الحديث عن الصحابة.

ابتداء بعمله في خلافة أبي بكر الصديق t، ولم يكن عمله في عهد النبي r، ولا الرواية عنه r، كغيره من التابعين؛ فإنهم عملوا في عهد الصحابة، رواية ودراية، على حسب وجودهم في أي خلافة، من الطبقة الكبرى للتابعين، أو الطبقة الوسطى، أو الطبقة الصغرى. ([7])

* وقد بين طارق بن شهاب ذلك، وأنه عاش في عهد الخلفاء الراشدين، ومن بعدهم من الصحابة.

وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي y، وقد صحبهم، ولم يذكر أنه صاحب النبي r.

وذكر أنه غزى في خلافة أبي بكر، وفي خلافة عمر ، وخاصة أنه نص على ذكر أنه صاحب أبا بكر t سنة، ولم يذكر أنه صاحب النبي r، وروى عنه.

وروى عن: أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وبلال، والمقداد بن الأسود، وأبي سعيد الخدري، وأبي موسى الأشعري، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وحذيفة بن اليمان، وخالد بن الوليد، ورافع بن عمرو الطائي، وعبد الله بن مسعود، وكعب بن عجرة y. ([8])

قلت: وهذه قرائن تؤكد أنه صاحب المسلمين في عهد الصحابة ([9])، فهو يعد في التابعين، فروى عن الصحابة، وروى عن غيرهم.

وهذا يدل أن طارق بن شهاب، يروي الأحاديث عن النبي r بواسطة، وهذه الواسطة سواء كانت عن الصحابة، أو عن غيرهم في روايته عن النبي r، فروايته عنه r مرسلة.

* هذا ولو كان في عهد الرسول r لذكر أنه صاحبه، ولصرح بذلك، وما هو المانع أن يذكر هذا، بل ولذكر أنه غزى مع الرسول r، وروى عنه، فلم يذكر من ذلك شيئا. ([10])

فدل ذلك على أنه لم يسمع من النبي r شيئا من الأحاديث، ولم تثبت عنه r.

قلت: وقد صرح طارق بن شهاب البجلي؛ بأنه رأى النبي r، الرؤية المطلقة قبل الإسلام، والتي توحي إلى أنه رأى النبي r في عهد الجاهلية؛ يعني: قبل الرسالة، وقبل أن يبعثه الله تعالى للإسلام.

وذلك لأن طارق بن شهاب البجلي أدرك الجاهلية، وقد أطلق الرؤية، ولم يحدد، فهي رؤية قبل الإسلام. ([11])

* فلا يقصد هنا برؤيته r للرؤية الخاصة للنبي في الإسلام، وهو نبي r، وإلا لصرح برؤيته الخاصة، وبصحبته، وغزواته r في عهده، أو صرح بذهاب معه في عمرة من العمرات، أو في حجة الوداع، أو في سفره، أو حضره، لا يفوت الصحابي ذكر ذلك. ([12])

قلت: بل طارق بن شهاب، لم يصرح إلا بصحبته للصحابة، وبغزواته معهم، وهذا واضح، وضوح الشمس في الظهيرة.

وإليك الدليل:

فعن طارق بن شهاب قال: (رأيت النبي r، وغزوت في خلافة أبي بكر الصديق، وصاحبته سنة). يعني: صاحب أبا بكر سنة. ([13])

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص49) من طريق عمرو بن مرزوق، قال: أخبرنا شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن طارق بن شهاب قال: (جاء وفد بزاخة من أسد، وغطفان، إلى أبي بكر t، يسألون الصلح).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج13 ص210) من طريق سفيان، حدثني قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب به.

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص210): (كذا ذكر البخاري: هذه القطعة من الخبر مختصرة، وليس غرضه منها؛ إلا قول أبي بكر خليفة نبيه r).

قلت: وهذا يدل أنه أدرك عهد أبي بكر الصديق t، وغزى معه، وسمع منه، ومن غيره من الصحابة الكرام.

وأخرجه أبو بكر البرقاني في «المستخرج على الصحيحين» (ج1 ص131-الجمع) من طريق سفيان، حدثني قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب به.

وعن طارق بن شهاب قال: (جاء رجل من اليهود، إلى عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين... فذكره).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (45)، و(4407)، و(4606)، و(7268)، ومسلم في «صحيحه» (3017) من طرق عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب به.

قلت: وهذا يدل على أن طارق بن شهاب أدرك عهد عمر بن الخطاب t، وروى عنه. ([14])

* وقد بين الحافظ أبو عبد الله الحميدي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص103)؛ أنه لم يذكر في كتابه هذا، إلا من رواية: التابعي عن الصحابي، مما يدل أن: «طارق بن شهاب» عنده من التابعين، لأنه نقل عن «الصحيحين» في روايته عن الصحابة فقط.

فقال الحافظ الحميدي في «الجمع بين الصحيحين» (ج1 ص103): (ولم أذكر من الإسناد في الأكثر، إلا التابع عن الصاحب). ([15])

وعن طارق بن شهاب البجلي قال: (رأيت النبي r، وغزوت في خلافة أبي بكر، وعمر، ثلاثا وثلاثين، أو ثلاثا وأربعين؛ من غزوة إلى سرية).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص353)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص314 و315)، وابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص98)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج13 ص50)، وفي «المسند» (ج2 ص20)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8204)، و(8205)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص234)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج7 ص2785)، والحازمي في «الفيصل في مشتبه النسبة» (ج1 ص106 و107)، والطيالسي في «المسند» (1280)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (ج5 ص213 و214 و215)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص49)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج3 ص1558)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج3 ص282)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (2536)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص66)، والحاكم في «المستدرك» (ج6 ص44)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج3 ص80)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج24 ص427 و428) من طريق محمد بن جعفر، وعبد الرحمن بن مهدي، وعمرو بن مرزوق، وآدم بن أبي إياس، وروح بن عبادة؛ خمستهم: عن شعبة بن الحجاج عن قيس بن مسلم قال: سمعت طارق بن شهاب به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج6 ص342): «إسناد صحيح».

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج9 ص407 و408)؛ ثم قال: «رواه أحمد، والطبراني، ورجالهما رجال الصحيح».

وذكره الذهبي في «السير» (ج3 ص487)، وابن كثير في «البداية والنهاية» (ج9 ص51)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج6 ص342).

وعن طارق بن شهاب قال: (لما قتل عثمان t، خرجت ألتمس الخبر، فإذا أنا بعلي t بالربذة في ستمائة مقاتل، فصلى العصر، ثم استند إلى رحله).

أثر حسن

أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص395)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص49)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص687)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج42 ص456) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي عاصم الثقفي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب؛ أنه سمعه يقول: (خرجت آتي الربذة، فإذا علي t يؤم القوم في صلاة العصر، فأسند ظهره إلى القبلة، واستقبل القوم).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص49) من طريق الفضل بن دكين أبي نعيم قال: نا أبو عاصم الثقفي عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب به.

قلت: وهذا سنده حسن.

* وهذه الروايات تدل على أن طارق بن شهاب، صاحب الصحابة y، وغزى معهم، وروى عنهم، وهذا ظاهر بين.

قلت: ومما يدل على أن طارق بن شهاب، يرسل عن النبي r، ما ذكره الحافظ البيهقي من ذكره: للرواية الموصولة، والرواية المرسلة.

* والرواية المتصلة:

أخرجها البيهقي في «معرفة السنن» (ج4 ص329 و330)، وفي «فضائل الأوقات» (263)، وفي «الخلافيات» (ج4 ص10)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص288) من طريق عبيد بن العجلي، حدثني العباس بن عبد العظيم العنبري، حدثني إسحاق بن منصور، ثنا هريم بن سفيان، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى t، عن النبي r قال: (الجمعة حق على كل مسلم).

قلت: فذكره عن طارق بن شهاب عن أبي موسى الأشعري، موصولا.

قال الحافظ البيهقي في «الخلافيات» (ج4 ص9): (أسنده عبيد بن محمد العجل عن عباس بن عبد العظيم).

وقال الحافظ البيهقي في «معرفة السنن» (ج4 ص330): (أسنده عبيد بن محمد، وأرسله غيره).

وقال الحافظ البيهقي في «معرفة السنن» (ج4 ص330): (وهذا هو المحفوظ: مرسل).

وقال الحافظ البيهقي في «فضائل الأوقات» (ص482): (تفرد بوصله: عبيد العجل، ورواه أبو داود السجستاني عن عباس، دون ذكر أبي موسى).

وأخرجه البيهقي في «السنن الصغرى» (ج1 ص236)؛ من رواية: ابن داسة حدثنا أبي داود حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثني إسحاق بن منصور به.

* والرواية المرسلة:

أخرجها أبو داود في «سننه» (1067)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص288)، والطبراني في «المعجم الكبير» (8206)، وفي «المعجم الأوسط» (5679)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص182 و183)، والدارقطني في «السنن» (1577) من طريق إسحاق بن منصور، ثنا هريم، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن النبي r قال: (الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة). ([16])

وأخرجه أبو داود في «سننه» (ق /63/ط)؛ برواية: ابن داسة، عنه.

قال الحافظ البيهقي في «فضائل الأوقات» (ص482): (تفرد بوصله: عبيد العجل، ورواه أبو داود السجستاني عن عباس، دون ذكر أبي موسى).

وكذا الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص172)؛ ذكر رواية: طارق بن شهاب: المرسلة.

قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص172): (ورواه عبيد بن محمد العجلي، عن العباس بن عبد العظيم، فوصله: بذكر أبي موسى الأشعري فيه، وليس بمحفوظ، فقد رواه: غير العباس أيضا عن إسحاق، دون ذكر أبي موسى فيه).

وتعقبه الحافظ ابن التركماني في «الجوهر النقي» (ج3 ص172) بقوله: (وما نقله البيهقي عن أبي داود، لا ينفي عنه الصحبة، على أنه لم ينقل كلام أبي داود على ما هو عليه؛ بل أغفل منه شيئا، فإن أبا داود قال: طارق، قد رأى النبي r: «وهو يعد في الصحابة»، ولم يسمع منه، فقد صرح بأنه من الصحابة، كما ترى، والبيهقي ترك قوله: «وهو يعد في الصحابة»).اهـ

وتعقبه الشيخ الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (ج4 ص233): (كذا قال، وليس في كلام المصنف يعني: أبا داود-: «وهو يعد في الصحابة»، فلم يغفل البيهقي من كلامه شيئا، ولعل ما عزاه إليه ابن التركماني، وقع في بعض نسخ الكتاب).اهـ

وقوله: (وهو يعد في الصحابة)؛ هذا القول ليس، بقول: أبي داود.

بل هو قول بعض العلماء، زاد ذلك إدراجا لتوضيح قول أبي داود، ولم يصب، فظنها الإمام ابن التركماني، أنها من قول أبي داود. ([17])

مثل: ذكرها الإمام ابن الملقن في «تحفة المحتاج» (ج1 ص487)؛ بقوله: (قال أبو داود: طارق، قد رأى النبي r، «وهو يعد في الصحابة»، ولم يسمع منه شيئا).

* وقد علم ما في تعارض الوصل والإرسال في حديث طارق بن شهاب الذي سبق.

قلت: ومن هنا تعلم خطأ الإمام النووي في «المجموع» (ج4 ص483)؛ بقوله: (وهذا الذي قاله: أبو داود، غير قادح في صحبته؛ فإنه يكون مرسل صحابي، وهو حجة، والحديث على شرط الصحيحين).

وكذا قال الإمام النووي في «الخلاصة» (ج2 ص757).

قلت: وطارق بن شهاب البجلي، قد: اختلف في صحبته:

فمنهم: من قال أنه ليس له صحبة.

ومنهم: من قال أنه له صحبة.

* وكذلك اختلف هل سمع من النبي r، أم لا.

قلت: وعلى تقدير أنه له صحبة، فإنه لم يسمع من النبي r شيئا، وروايته عنه r مرسلة، لأنه يروي عن الصحابة، وعن غيرهم من المجهولين.

وعلى ذلك، لا بد من طارق بن شهاب، أن يصرح باسم الصحابي، ليعرف أن هذا الحديث من قسم الموصول.

وإذا لم يصرح باسم الصحابي، وروى عن النبي r مباشرة، فهو من قسم المرسل المردود. ([18])

* ونص الحافظ أبو زرعة، والحافظ أبو داود، والحافظ أبو حاتم، أنه ليست له صحبة. ([19])

وقال الحافظ الذهبي في «الكاشف» (ج2 ص36): (له رؤية).

وقال الحافظ الذهبي في «تجريد أسماء الصحابة» (ج1 ص274): (له رؤية، ورواية).

قلت: وهذا فيه نظر.

قلت: فإذا أرسل عن النبي r، فيحتمل أنه روى عن صحابي، ويحتمل أنه روى عن غيره.

لذلك روى له الإمام البخاري في «صحيحه»، والإمام مسلم في «صحيحه» بواسطة الصحابي عن النبي r، تصريحا موصولا بأسمائهم، لانتفاء شبهة الإرسال في كتابيهما في رواية: طارق بن شهاب. ([20])

* وهذا يدل أن في أصول الشيخين، أن طارق بن شهاب يرسل عن النبي r، وليس في كتابيهما، أنه من الصحابة، بل هو عندهما من التابعين، وهذا صنعهما في صحيحيهما.

فإذا على تقدير أنه له: «رؤية»، و«رواية»، فإنه سمع الحديث من الصحابة، ولم يسمعه من النبي r.

* فأخرج: له البخاري في «صحيحه» في كتاب: «الإيمان»، باب: «زيادة الإيمان ونقصانه» (ج1 ص105) من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب t به.

هكذا بواسطة.

وأخرج: له البخاري في «صحيحه» في كتاب: «الأدب»، باب: «في الهدي الصالح» (5747) من طريق مخارق بن عبد الله قال: سمعت طارق بن شهاب قال: قال عبد الله بن مسعود t به.

هكذا بواسطة. ([21])

وأخرج: له البخاري في «صحيحه» في كتاب: «الصيام»، باب: «صيام يوم عاشوراء» (ج4 ص244) من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى الأشعري t به.

وأخرج: له البخاري في «صحيحه» (3952)، و(4609) من طريق مخارق عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود t قال: (شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا... فذكره).

وأخرج: له البخاري في «صحيحه» (7277) من طريق مخارق عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود t قال: (إن أحسن الحديث كتاب الله).

وأخرج: له البخاري في «صحيحه» (7221) من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: (جاء وفد بزاخة([22]) من أسد، وغطفان، إلى أبي بكر t، يسألون الصلح).

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص210): (كذا ذكر البخاري: هذه القطعة من الخبر مختصرة، وليس غرضه منها إلا قول أبي بكر خليفة نبيه r).اهـ

* وأخرج: له مسلم في «صحيحه» في كتاب: «الإيمان» (ج1 ص69) من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري t به.

هكذا بواسطة.

وأخرج: له مسلم في «صحيحه» في كتاب: «الصيام» (1131) من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى t به.

هكذا بواسطة.

وأخرج: له مسلم في «صحيحه» في كتاب: «الحج» (1221) من طريق قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى t به.

هكذا بواسطة.

قلت: إذا فليس لطارق بن شهاب، بذكر في «الجامع المسند الصحيح» للبخاري، عن النبي r، إلا بواسطة صحابي، وكذلك في «المسند الصحيح» لمسلم، مما يدل أنه لم يثبت له سماع، ولا لقاء مع النبي r في عهده، وهذا هو الصواب.

* وهذا مما يؤيد جزم الإمام البخاري بأنه تابعي، وليس بصحابي، وكذا جزم الإمام مسلم.

وهذا يدل على أن أحاديث: طارق بن شهاب التي رواها عن النبي r، كلها معلولة عند الإمام البخاري، والإمام مسلم، فافهم لهذا ترشد.

قلت: ثم كيف يسمع طارق بن شهاب من النبي r، وهو من سكنة الكوفة، والنبي r من سكنة المدينة. ([23])

* ومادام ثبت في هذا التحقيق في عدم سماعه من النبي r، فهذا يقدح في صحة حديثه عنه r.

ثم أنه ليس كل مرسل للصحابي يقبل، فهذا في الغالب.

* لكن إذا ثبت خطؤه في حديث ما؛ فإنه يحكم بعدم صحته، وأنه معلول.

وقد ردت أحاديث؛ لابن عباس عن النبي r، لأنها لم تثبت، وهي من مرسل صحابي، لأنه أخطأ فيها، وقد رواها مرسلا، ولأنها أيضا مخالفة للأحاديث الصحيحة التي رواها الحفاظ الأثبات. ([24])

* وكذلك غيره من الصحابة، ردت رواياتهم، لأنهم يروون عن الإسرائيليات، مثل: عبد الله بن عمرو، وسلمان الفارسي، وغيرهما. ([25])

فإن الأحاديث التي أعلها الأئمة بمناقضة متونها، ما صح من رواية أصحابها أنفسهم بخلاف ما وجد في المتون.

* إن إعلال الحديث بهذه العلة: قاعدة سار عليها كثير من الأئمة النقاد.

فإعلال الحديث: بهذه العلة من قواعد المحدثين.

قال الحافظ ابن رجب / في «شرح العلل الصغير» (ج2 ص802): (قاعدة: في تضعيف أحاديث رويت عن بعض الصحابة، والصحيح عنهم رواية ما يخالفها... ثم ذكر أمثلة على هذه القاعدة).اهـ

قلت: وقد ثبت أن طارق بن شهاب ينقل عن بني إسرائيل، يعني: الإسرائيليات، مما يدل على أنه يأخذ عن غير الصحابة، فيأخذ عن أهل الكتاب، عند إرساله عن النبي r، لأنه أدرك الجاهلية، فتنبه.

فعن طارق بن شهاب؛ أن رسول الله r قال: (دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا؛ لأحدهما: قرب، قال: ليس عندي شيء، قالوا: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا، قال: فخلوا سبيله، قال: فدخل النار، وقالوا للآخر: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل، قال: فضربوا عنقه، قال: فدخل الجنة).

حديث منكر، سندا، ومتنا، وهو من أحاديث الإسرائيليات ([26])

* هذا الحديث: اختلف فيه على الأعمش:

فرواه: أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن النبي r؛ مرفوعا.

أخرجه أحمد في «المسند» ([27]) (ص69-الجواب الكافي).

قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:

الأولى: سليمان بن مهران الأعمش، وهو مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث. ([28])

الثانية: الإنقطاع بين، طارق بن شهاب، وبين النبي r، لأنه يرسل عنه r، وهو تابعي، لم يثبت له سماع عن النبي r.

* ورواه: أبو معاوية حدثنا الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن سلمان الفارسي t قال: (دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب... فذكره).

وفيه: قال عبد الله بن أحمد، قال: أبي، قال أبو معاوية، قال الأعمش: «ذبابا»؛ يعني: أن سلمان الفارسي: كان في لسانه عجمة) ([29]).

أخرجه أحمد في «الزهد» (ص32-رواية: ابنه عبد الله)، وفي «العلل» (1596)، وفي «الزهد» (ص144 و145- رواية: ابنه صالح)، وليس فيه قول الأعمش: «ذبابا».

وأخرجه الخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (562)؛ وفيه قول الأعمش.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه سليمان بن مهران الأعمش، وهو مدلس، وقد عنعنه ولم يصرح بالتحديث، فالإسناد ضعيف.

ثم هو موقوف على سلمان الفارسي t، وهو معروف بالأخذ عن أهل الكتاب، فلا يصح.

وهذا الحديث مضطرب أيضا في سنده.

* فرواه: عن الأعمش؛ كما سبق: أبو معاوية ابن خازم الضرير، وتابعه جرير بن حازم عن الأعمش به.

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص203).

* وخالفهما: محاضر بن المورع؛ فرواه عن الأعمش عن الحارث بن شبيل عن طارق بن شهاب، عن سلمان الفارسي t به موقوفا.

أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج13 ص40)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج2 ص862).

قلت: وهذا سنده منكر، فإن محاضر بن المورع، وهم حيث جعل الواسطة: بين الأعمش، وطارق بن شهاب، الحارث بن شبيل.

وهذه علة أخرى في الاختلاف في السند.

قلت: ومحاضر بن المورع الهمداني هذا، له أوهام في الحديث([30])، لا يحتج به إذا تفرد.

قال الإمام أحمد: (سمعت منه أحاديث، لم يكن من أصحاب الحديث: كان مغفلا جدا). ([31])

وقال الإمام أبو حاتم: (ليس بالمتين، يكتب حديثه). ([32])

وقال الحافظ الذهبي في «الكاشف» (ج3 ص108): (صدوق مغفل).

وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص922): (صدوق له أوهام).

لذلك: استشهد به الإمام البخاري، في المتابعات، ولم يحتج به في الأصول.

وذكره الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (3547).

فروى حديثا منكرا.

* ورواه: وكيع عن سفيان عن مخارق بن خليفة عن طارق بن شهاب عن سلمان الفارسي t قال: (دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل رجل النار في ذباب...).

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص358).

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص75).

قلت: وهذا من الاختلاف في الإسناد.

* وأخطأ ابن أبي شيبة: في ذكره سفيان الثوري عن مخارق بن خليفة. ([33])

والحديث معروف: عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة.

وليس بمعروف: عن سفيان الثوري عن مخارق بن خليفة.

وهو غريب من حديث: الثوري.

* والخطأ من ابن أبي شيبة، فإنه أحيانا يخطيء في الأسانيد، خطأه الإمام أحمد، والإمام أبو زرعة، والإمام الخطيب، وغيرهم.

* وخطؤه على سبيل المثال:

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص337): (قيل لأبي زرعة: بلغنا عنك أنك قلت: لم أر أحدا أحفظ من ابن أبي شيبة؟ فقال: نعم، في الحفظ، ولكن في الحديث، كأنه لم يحمده، فقال: روى مرة حديث، حذيفة t: «في الإزار»؛ فقال: حدثنا أبو الأحوص([34]) عن أبي إسحاق عن أبي معلى عن حذيفة t، فقلت: له، إنما هو: أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة t، وذاك الذي ذكرت عن أبي إسحاق عن أبي المعلى عن حذيفة t، قال: «كنت ذرب اللسان» ([35])، فبقي، فقلت: للوراقين، أحضروا المسند، فأتوا بمسند([36]) حذيفة t، فأصابه كما قلت).

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص338): (سمعت أبا زرعة يقول: كنا عند أبي بكر بن أبي شيبة، ومعنا كيلجة، فقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر، عن أنس t، أنه قال: «يتبع الميت ثلاث»، فقال كيلجة([37]): هو عن عبيد الله بن أبي بكر، فقال: عن عبيد الله بن أبي بكر!، فقلت: يا أبا بكر، تركت الصواب، وتلقنت الخطأ، إنما: روى هو عن عبد الله بن أبي بكر([38])، وسفيان: لم يلق عبيد الله بن أبي بكر، فقال: لقنني هذا، فقلت: كلما لقنك هذا تريد أن تقبله).

وعن الميموني قال: (تذاكرنا يوما شيئا، اختلفوا فيه، فقال رجل: ابن أبي شيبة يقول: عن: «عفان»، قال أبو عبد الله يعني: أحمد بن حنبل- دع ابن أبي شيبة في ذا، انظر أيش يقول: غيره، يريد أبو عبد الله: كثرة خطئه). ([39]) يعني: كثرة خطأ ابن أبي شيبة في الأسانيد.

قال الحافظ الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج10 ص68): (وأرى أن أبا عبد الله، لم يرد ما ذكره الميموني، من أن أبا بكر: كثير الخطأ).

قلت: فهذا الإسناد وقع فيه الاضطراب، وهو معلول.

* ثم لا يقال: أنه له حكم الرفع، لأن سلمان الفارسي t، ممن عرف برواية: الإسرائيليات، فتفطن لهذا.

فالمحفوظ: حديث: الأعمش، وقد رواه عنه ثقتان حافظان، وهما: أبو معاوية، وجرير بن حازم، وهما: من أثبت الناس في الأعمش.

قلت: وقد تفرد ابن أبي شيبة؛ بذكر سفيان الثوري، فوهم في ذلك، فحديثه عن مخارق بن خليفة، فغريب، ليس بمحفوظ.

فهو حديث غلط.

* ورواه: شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب، مثله.

علقه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص203)، ولا يصح، لتعليقه، وهو غريب، وهذا من الاختلاف.

* ورواه: جرير عن منصور عن المنهال بن عمرو عن حبان بن مرثد عن سلمان الفارسي؛ بنحوه.

علقه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص203)، وليس بشيء، لا يصح.

وهو غريب جدا.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص225): (قوله: عن طارق بن شهاب، في الحديث علتان:

الأولى: أن طارق بن شهاب: اتفق على أنه لم يسمع من النبي r.

واختلفوا في صحبته، فمنهم من أقرها، ومنهم من نفاها.

* وإذا قلنا: إنه صحابي، فلا يضر عدم سماعه من النبي r، لأن مرسل الصحابي حجة.

وإن كان غير صحابي: فإنه مرسل غير صحابي، وهو من أقسام الضعيف.

الثانية: أن الحديث معنعن من قبل الأعمش، وهو من المدلسين، وهذه آفة في الحديث.

فالحديث في النفس منه شيء من أجل هاتين العلتين) ([40]).اهـ

وأورده الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج11 ص721)؛ ثم قال: («موقوف»، يعني: على سلمان الفارسي، إلا أنه يظهر لي أنه من الإسرائيليات التي كان تلقاها عن أسياده حينما كان نصرانيا).اهـ

قلت: وطارق بن شهاب: هذا تابعي كبير، ولم يثبت له من النبي r سماع، وهو ممن أدرك الجاهلية، فحديثه عن النبي r مرسل. ([41])

قال الحافظ ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص485): (طارق بن شهاب البجلي الأحمسي، أبو عبد الله: أدرك الجاهلية، رأى النبي r).

وقال الحافظ العلائي في «جامع التحصيل» (ص200): (طارق بن شهاب الأحمسي: أدرك الجاهلية).

وقال الحافظ الحازمي في «الفيصل في مشتبه النسبة» (ج1 ص106): (طارق بن شهاب البجلي: أدرك الجاهلية، ورأى النبي r، ويقال له: سماع).

وقال الحافظ المزي في «تهذيب الكمال» (ج13 ص341): (طارق بن شهاب البجلي الأحمسي: أدرك الجاهلية، ورأى النبي r).

* وقد غلط عدد من المحدثين: عندما عدوه في الصحابة، بناء على قول طارق بن شهاب: أنه رأى النبي r ([42])، فأخذوا أنه له صحبة من قوله هذا.

* منهم: ابن قانع في «معجم الصحابة» (ج7 ص2784)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج3 ص282)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج3 ص1558)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (ج2 ص755)، وابن حجر في «الإصابة» (ج3 ص281)، وغيرهم. ([43])

قلت: وقد ذكرت له عدة من الأحاديث، كلها منكرة لا تصح، لمخالفتها للأحاديث الصحيحة عن الثقات الأثبات، مما يدل أنها مرسلة عن النبي r.

وإليك الدليل على سبيل المثال:

فعن طارق بن شهاب قال: (جاء رجل إلى النبي r، فقال: أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند إمام جائر).

حديث منكر

أخرجه أحمد في «المسند» (18828)، و(18830)، والنسائي في «السنن الكبرى» (7786)، وفي «المجتبى» (ج7 ص161)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج3 ص282)،  والبيهقي في «شعب الإيمان» (7582)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص78)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج3 ص422)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص110) من طريق سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد الحضرمي، عن طارق بن شهاب به.

قلت: وهذا سنده منكر، وله علتان:

الأولى: علقمة بن مرثد الحضرمي، فإنه لم يسمع هذا الحديث من طارق بن شهاب، لأنه أحيانا يرسل، فيروي بواسطة، ونكارة الحديث تدل على ذلك. ([44])

الثانية: إرسال طارق بن شهاب، فإنه لم يسمع من النبي r شيئا.

وبه أعله الحافظ أبو حاتم؛ بالإرسال. ([45])

قال الحافظ ابن أبي حاتم عن أبيه: (ليست له صحبة، والحديث الذي رواه: «أي الجهاد أفضل»؛ مرسل). ([46])

قلت: وعلى هذا فإذا دققت النظر في هذه الأحاديث، رأيت نكارتها في متونها، وأنها أقرب إلى الإرسال.

* ومن هنا تعلم خطأ من صحح حديثه؛ منهم: الحافظ النووي، والحافظ ابن الملقن، والحافظ ابن رجب، والعلامة الشيخ الألباني، والحافظ ابن حزم، وغيرهم.([47])

بناء على أن حديثه من مرسل صحابي.

* فطارق بن شهاب: قد نص على إرساله؛ الحافظ أبو حاتم، وغيره، لأنه رأى النبي r، ولم يسمع منه شيئا.

فتعقبه الحافظ العلائي في «جامع التحصيل» (ص243)؛ بقوله: (يلحق حديثه بمراسيل الصحابة).

وقال الحافظ ابن حجر في «الإصابة» (ج2 ص220): (إذا ثبت أنه لقي النبي r، فهو صحابي على الراجح، وإذا ثبت أنه لم يسمع منه، فروايته عنه: مرسل صحابي، وهو مقبول على الراجح).

قلت: وهذا كله فيه نظر، لما سبق من الكلام، وأن أحاديثه مرسلة. ([48])



([1]) وانظر: «تنقيح التحقيق» لابن عبد الهادي (ج2 ص1197)، و«المراسيل» لابن أبي حاتم (ص88)، و«السنن الكبرى» للبيهقي (ج3 ص183)، و«معرفة السنن» له (ج2 ص164)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص305)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص4)، و«السنن» لأبي داود (ج2 ص296)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج2 ص164)، و«السير» للذهبي (ج3 ص486)، و«البدر التمام شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام» للمغربي (ج2 ص152).

([2]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج4 ص485).

     وإسناده صحيح.

     وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج13 ص342).

([3]) نقله عنه ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج5 ص4).

([4]) وليس في كلام الحافظ أبي داود زيادة: «وهو يعد في الصحابة»، وذلك في جميع النسخ، في جميع الروايات عنه، برواية: ابن العبد، وبرواية: ابن الأعرابي، وبرواية: ابن داسة، كما في نسخة ابن حجر «للسنن» (ق/142/ط)، ورواية: ابن داسة «للسنن» (ق /63/ط)، وسوف يأتي توضيح ذلك.

([5]) وانظر: «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص375)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج2 ص357)، و«الجمع بين الصحيحين» للإشبيلي (ج1 ص144)، و«الجمع بين الصحيحين» للحميدي (ج1 ص130 و309 و310)، و«التعديل والتجرح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح» للباجي (ج2 ص606).

([6]) وانظر: «رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص330 و331)، و«الجمع بين الصحيحين» للإشبيلي (ج1 ص144).

([7]) وانظر: «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص375)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص330 و331)، و«الجمع بين الصحيحين» للحميدي (ج1 ص130 و309 و310)، و«الجمع بين الصحيحين» للإشبيلي (ج1 ص144)، و«التعديل والتجرح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح» للباجي (ج2 ص606).

([8]) وانظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج13 ص342)، و«رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص375)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص330 و3، 31)، و«التعديل والتجرح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح» للباجي (ج2 ص606).

([9]) وقد اشتهر طارق بن شهاب: بين الصحابة الكبار، وبين التابعين الكبار، ولم يكن اشتهر بين النبي r، وفي عهده.

([10]) بل ذكر أنه غزى مع الصحابة، وصاحب الصحابة فقط، مما يدل هذا أنه سمع من الصحابة، وثبتت هذه الأحاديث، كما سوف يأتي ذكرها.

([11]) ولو كان رأى النبي r في عهده، لبين ذلك بيانا شافيا، في يوم من الأيام، أو في مكان ما، أو غير ذلك، فلا يمنعه مانع من هذا البيان.

     وذلك لأن الصحابة y كانوا يحبون أن يذكروا صحبتهم بالنبي r في حضر، أو سفر أو في وقت من الأوقات، أو في مكان، أو في غزوة، أو سرية، أو غير ذلك.

     فلم يذكر طارق بن شهاب بشيء من مصاحبة النبي r، مما يدل على أن هذه الرؤية ليست: بالرؤية الخاصة في الإسلام.

([12]) فلم يشتهر بين الصحابة في عهد النبي r.

([13]) فبين هنا أنه غزى مع أبي بكر الصديق t، وصاحبه، ولم يذكر أنه صاحب النبي r، وغزى معه، لذلك فهو تابعي.

     ويدل على ذلك أنه روى عن أبي بكر الصديق t.

([14]) وانظر: «الجمع بين الصحيحين» للحميدي (ج1 ص158).

([15]) فلم ينقل: روايته عن النبي r مباشرة، بل روايته: بواسطة الصحابة.

([16]) وانظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص226 و227).

([17]) وانظر: «جامع الأصول» لابن الأثير (ج5 ص662).

([18]) وسوف يأتي توضيح ذلك.

([19]) نقل عنهم العلائي في «جامع التحصيل في أحكام المراسيل» (ص200).

([20]) وانظر: «رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص375)، و«الجمع بين الصحيحين» للحميدي (ج1 ص130 و309 و310)، و«رجال صحيح مسلم» لابن منجويه (ج1 ص330 و331)، و«الجمع بين الصحيحين» للإشبيلي (ج1 ص144)، و«التعديل والتجرح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح» للباجي (ج2 ص606).

([21]) وانظر: «التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح» للباجي (ج2 ص606)، و«رجال صحيح البخاري» للكلاباذي (ج1 ص375)، و«الجمع بين الصحيحين» للحميدي (ج1 ص130 و309 و310).

([22]) بزاخة: موضع بالبحرين، وقيل بالقرب من الكوفة، كان فيها وقعة عظيمة أيام أبي بكر t، مع طليحة بن خويلد الأسدي، الذي تنبأ بعد النبي r، فظهر المسلمون، وهرب طليحة.

     انظر: «توضيح المشتبه» لابن ناصر الدين (ج7 ص241).

([23]) انظر: «معجم الصحابة» للبغوي (ج3 ص282).

([24]) وانظر: «الفرق بين النصيحة والتعيير» لابن رجب (ج2 ص468)، و«شرح العلل الصغير» له (ج2 ص802)، و«شرح العمدة» لابن تيمية (ج4 ص630 و631)، و«معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص392)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج9 ص165)، و«صحيح سنن أبي داود» للشيخ الألباني (ج6 ص108)، و«اختلاف الحديث» للشافعي (ص146)، و«معالم السنن» للخطابي (ج1 ص533)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج4 ص153).

([25]) وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص8)، و(ج2 ص96)، و(ج3 ص158)، و«عمدة القاري» للعيني (ج14 ص389)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص282)، و«الرد على المريسي» للدارمي (ج2 ص636)، و«الضعيفة» للشيخ الألباني (ج11 ص721).

([26]) هو حديث: من نوع الإسرائيليات.

([27]) إذا ذكر أحمد؛ على الإطلاق، فيعني: أنه أخرجه في «المسند»، وقد طالعت «المسند»، فما رأيته فيه.

     فلعل في نسخة أخرى من المسند، والله أعلم.

     وهو صريح في الرفع من وجهين:

     الأول: أنه قال: «رفعه».

     والثاني: في قوله: «قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان...».

     فهذا المرفوع.

     وانظر: «تيسير العزيز الحميد» للشيخ سليمان بن عبد الله (ج1 ص428).

([28]) انظر: «تعريف أهل التقديس» لابن حجر (ص118)، و«ميزان الاعتدال» للذهبي (ج2 ص224).

([29]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج1 ص552)، و«أخبار أصبهان» لأبي نعيم (ج1 ص55).

([30]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج27 ص258)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج10 ص51 52)، و«تقريب التهذيب» له (ص922)، و«المغني في الضعفاء» للذهبي (5188).

([31]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص437).

     وإسناده صحيح.

([32]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص437).

     وإسناده صحيح.

([33]) وانظر: «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج1 ص337 و338)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج10 ص68 و69).

([34]) فأخطأ ابن أبي شيبة في هذا الإسناد، بذكره، عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي معلى عن حذيفة t، فذكره لأبي معلى عن حذيفة هنا خطأ.

     إنما حدث ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص202) عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة.

     وهذا الإسناد هو الصحيح، عن مسلم بن نذير عن حذيفة.

([35]) ذرب اللسان: تقال، لمن كان حاد اللسان، لا يبالي ما قال.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1 ص601).

([36]) وهو في «المصنف» لابن أبي شيبة (ج8 ص202) من طريق أبي إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة t.

([37]) كيلجة: هو محمد بن صالح الحافظ، وكيلجة: لقب له.

     وانظر: «الألقاب» لابن الفرضي (ص298)، و«كشف النقاب» لابن الجوزي (ج2 ص384).

([38]) وهو في «المصنف» لابن أبي شيبة (ج13 ص366) من طريق ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر به.

     فأخطأ ابن أبي شيبة في ذكر: عبيد الله بن أبي بكر في الإسناد.

([39]) أثر صحيح.

     أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج10 ص68).

     وإسناده صحيح.

([40]) قلت: وهناك علل أخرى، مثل: اضطراب الحديث، واختلافه في الأسانيد.

([41]) انظر: «الإكمال» لابن ماكولا (ج1 ص136).

     * وهو معدود من كبار العلماء.

     قال الحافظ الذهبي في «السير» (ج3 ص487)؛ طارق: (ومع كثرة: جهاده، كان معدودا من العلماء).

([42]) فهذا عمدتهم في إثبات صحبته، ولم يصيبوا في ذلك، لما بيناه في أثناء التحقيق.

([43]) وانظر: «تاريخ الصحابة» لابن حبان (ص144)، و«أصحاب الفتيا» لابن حزم (ص91)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج3 ص227).

([44]) وانظر: «العلل ومعرفة الرجال» للإمام أحمد (ج2 ص320 و321)، و«جامع التحصيل في أحكام المراسيل» للعلائي (ص240)، و«تحفة التحصيل» لابن العراقي (ص233).

     قلت: وهذه هي مشكلة الحفاظ الثقات: «الإرسال» في الإسناد، وليس كما زعم المقلدة الجهلة، أن علتهم التدليس، فإذا انتفى عندهم التدليس، حكموا باتصال الإسناد!، فافهم لهذا ترشد.

([45]) وانظر: «عون المعبود» للعظيم آبادي (ج3 ص396).

([46]) نقله عنه ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج5 ص4).

([47]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج4 ص483)، و«الخلاصة» له (ج2 ص757)، و«رياض الصالحين» له أيضا (ص96)، و«البدر المنير» لابن الملقن (ج4 ص638 و639)، و«تحفة المحتاج» له (ج1 ص487)، و«إرواء الغليل» للشيخ الألباني (ج3 ص54 و55)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج3 ص225)، و«نصب الراية» للزيلعي (ج2 ص198و199)، و«المحلى بالآثار» لابن حزم  (ج2 ص145).

([48]) وعلى تقدير أنه مرسل صحابي، فإنه لم يسمع من النبي r شيئا، ثم ليس كل مرسل صحابي يقبل بدون تحقيق، ولا تدقيق، كما بينا.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan