الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / مقنع الحيارى في أن دين المرجئة العصرية، هو دين اليهود، ودين النصارى دراسة أثرية منهجية علمية في «الفرقة الربيعية» ودعوتها إلى الإباحية
مقنع الحيارى في أن دين المرجئة العصرية، هو دين اليهود، ودين النصارى دراسة أثرية منهجية علمية في «الفرقة الربيعية» ودعوتها إلى الإباحية
|
||||
مقنع الحيارى
في
أن دين المرجئة العصرية،
هو دين اليهود، ودين النصارى
دراسة أثرية منهجية علمية في «الفرقة الربيعية» ودعوتها إلى الإباحية!
تأليف العلامة:
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
ومعه:
ذكر الآثار عن السلف في أن دين المرجئة؛ دين اليهود، والنصارى!
بالإضافة:
إلى ذكر فتاوى علماء السنة في ذم ربيع المرجئ، وأتباعه المرجئة
وفتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في إدانة ربيع المدخلي بالإرجاء
درة نادرة
ترك الجماعات الحزبية
وما الدين إلا واحد والذي نرى |
|
|
ضلالات أتباع الهوى تتقارع |
وما تـــرك المـخـتــار ألـــف ديـــانـــة |
|
|
ولا جـــاء في الـقـرآن هــذا الـتـنــازع |
فـيـا لـيـت أهــل الـديـن لم يـتـفرقـوا |
|
|
ولـيـت نـظـام الـديـن لـلـكـل جـامـع |
قلت: فمضمون هذه الأبيات إنكار الجماعات الباطلة، والدعوة إلى تركها، وأن هذا التفرق ليس مما جاء به المختار صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: ] فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون[ [المؤمنون: 53].
قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية
في أن دعوة المرجئة؛ موجودة في هذا الزمان، وهي متمثلة الآن في «الفرقة الربيعية» وهي دعوة إلى إباحة المنكرات والشهوات والفواحش
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: (نعم: للمرجئة وجود في هذا الزمان، وهم بكثرة، ومذهبهم يصلح لأهل الفساد، وأهل الشهوات، ما دام يقولون نحن مؤمنون ولله الحمد، ونحن من أهل الجنة، وإن فعلنا ما فعلنا، فمذهب الإرجاء لأهل الشهوات([1])، وأهل الانحراف، فهم يفرحون به، وله أناس يدعون إليه الآن).([2])اهـ
ويؤيده:
وعن ابن عباس t قال: (اتقوا الإرجاء؛ فإنه شعبة من النصرانية).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج5 ص987).
وإسناده حسن.
وذكره ابن أبي الخير في «الانتصار» (ص794).
وذكر أبو الفضل السكسكي الحنبلي / في كتابه: «البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان» (ص33)؛ أن فرقة من فرق المرجئة تسمى بــ«الإباحية!»، والإباحية من دين اليهود، ومن دين النصارى، والله المستعان.
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين([3])/ قال: (ما ليل بليل، ولا نهار بنهار أشبه من المرجئة باليهود!).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (1815).
وإسناده حسن.
وذكره ابن أبي الخير في «الانتصار» (ج3 ص794).
قلت: وبهذا يتبين أن مذهب المرجئة هو من جنس دين اليهود، ودين النصارى، لأن المرجئة تقول: بأن المرء لو ارتكب المنكرات، والفواحش، والمحرمات، وترك العبادات، فإنه مسلم، والإيمان باقي في قلبه!.
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في إدانة ربيع المدخلي بالإرجاء الخبيث
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء
ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
في ذم المرجئة العصرية
1) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم من يقرر أن العمل شرط كمال في بعض الكتب؟.([4])
فأجاب فضيلته: (هذا مبتدع، وهذا مذهب الإرجاء!). اهـ([5])
2) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هناك من يقول بقول غريب نريد التعليق عليه، وهو: (أن العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال)، فهل هذا قول المرجئة، جزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا الكلام خطأ، هذه عقيدة المرجئة).([6]) اهـ
3) وسئل فضيلة الشيخ: عن مقال ربيع المدخلي؛ كثير من العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال (العمل فرع)؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. لا.. لا.. الأعمال أصل من الإيمان).
(السائل): هذا المقال هل هو قول أهل السنة والجماعة؟.
فأجاب فضيلته: (لا.. خطأ، لا.. خطأ، خطأ).
(السائل): هذه عقيدة المرجئة؟.
فأجاب فضيلته: (نعم.. نعم).([7]) اهـ
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في ذم إرجاء ربيع المدخلي وأتباعه
1) سئل فضيلة الشيخ: عن قول ربيع المدخلي؛ الإيمان أصل، والعمل كمال فرع؟.
فأجاب فضيلته: (لا ... هذا باطل مخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، هذا مذهب المرجئة).
ثم نقل السائل للشيخ أن ربيعا المدخلي يدعي أنه نقل هذا الكلام من شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن ابن القيم، وابن رجب، وعدد من أئمة الدعوة النجدية كلهم يصرحون: (بأن الإيمان أصل، والعمل فرع)؛ فأجاب الشيخ: (هذا كذاب من هو)؛ السائل: هذا رجل يدعى بربيع المدخلي؛ فرد الشيخ قائلا: (هذا كذب).([8]) اهـ
2) وسئل فضيلة الشيخ: انتشر في الآونة الأخيرة عبر شبكة الأنترنت مقال يقرر فيه صاحبه إن كثيرا من العلماء يقولون: (الإيمان أصل، والعمل كمال)، وجزاكم الله خيرا؟.
فأجاب فضيلته: (الذي يقول هذا الكلام ما يدري ماذا يقول، وهذا إمعة يسمع من يقول هذا القول، ويردده، الإيمان: قول، واعتقاد، وعمل، لابد من الثلاثة، قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، لابد من الثلاثة.
وهذا ما درج عليه السلف الصالح، وأئمة الهدى قديما وحديثا.([9])
والذي يريد أن يشذ، ويأتي بمسائل شاذة، أو مسائل خلافية، ويشوش بها على الناس، فهذا لا يلتفت إليه).([10])([11]) اهـ
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان /
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في ذم ربيع المرجئ، وأتباعه المرجئة
1) سئل الشيخ: هناك شريط يروج عندنا بعنوان: «شرح الإيمان من صحيح البخاري»؛ لأحد الدكاترة من عندكم بمكة يدعى بــ«ربيع المدخلي» يقول فيه: أن جنس العمل كلمة محدثة، ولا أصل لها في القرآن والسنة، ولا أدخلها السلف في تعريف الإيمان، وأحدثها التكفيريون!.
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح، أقول هذا ليس بصحيح هذا الكلام، لأن هذا مذهب المرجئة).([12]) اهـ
2) وسئل الشيخ: عن قول ربيع المدخلي: (كثير من العلماء يقولون: الإيمان أصل، والعمل كمال، والعمل فرع).
فأجاب فضيلته: (هذا ليس بصحيح) السائل: هل هو من عقيدة أهل السنة والجماعة؟، فأجاب فضيلته: (لا... هذا من عقيدة المرجئة).([13]) اهـ
قلت: لذلك طعنوا في ربيع المدخلي، ووصفوه بـــ«الجهل المركب» في الدين!.
* فاستدل ربيع، كما في «الشريط الثالث» من شرحه «على صحيح البخاري» بقصة «النجاشي» بالتنازل عن الأصول عند الضرورة.
فأجاب فضيلة الشيخ عبد الله الغديان عن هذا الكلام بقوله: (ماذا هذا الكلام؛ هذا جاهل!، فالذي يركب مثل هذا الكلام هذا جاهل بالجهل المركب ما هو بجاهل بسيط، الأصول لا يتنازل عنها...).([14]) اهـ
وقال مثله فضيلة الشيخ صالح الفوزان؛ عندما خاض ربيع المدخلي في أحاديث الصفات بغير علم، فقال الشيخ الفوزان: (هذا جاهل بالجهل المركب؛ هذا ما يدري).([15]) اهـ
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتاوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في
أن «شبكة سحاب»([16]) شبكة سرية تنشر الإرجاء، وهي جماعة إرجائية([17])
1) قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: عن «شبكة سحاب»: (الظاهر أن هناك مؤسسة سرية تشتغل لإفساد عقيدة السلف في هذه البلاد-يعني: بلد الحرمين-، مؤسسة سرية تشتغل لإفساد عقيدة السلف، وإن سموا فلانا وفلانا، والظاهر أن أناسا يشتغلون بالخفاء ... وإن تسموا بالسلفية خدعة ماهم من السلف لكنهم لن يصلوا إلى مقصودهم بحول الله تعالى وقوته).([18]) اهـ
2) وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: عن «شبكة سحاب»: (هذه جماعة إرجاء!، وأنا أدري بكلامهم، وأعرفهم ... هذه جماعة إرجاء ... هذه جماعة إرجاء ابتلينا بها من الداخل والخارج، ولكن أسال الله تعالى أن يكفينا شرهم ... هذا مذهب نبت عندنا يمدونه أناس من الخارج يقولون بالإرجاء، ويقولون عن أهل السنة يكفرون الناس!([19])، إذا قلت عن المشرك أنه كافر ... وقصدهم([20]) دفن هذه الدعوة؛ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ويصير الناس كلهم مسلمين، وإن فعلوا ما فعلوا عندهم ... وأنا أعرفهم وأدري بكلامهم!).([21]) اهـ
قلت: ووافق الشيخ صالح الفوزان؛ الإمام ابن سيرين في ذلك.
فعن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن مسلم، -رجل من أهل بلخ-، قال: كنت أجالس ابن سيرين، فتركت مجالسته، فجلست إلى قوم من المعتزلة، فرأيت في المنام أني مع قوم يحملون جنازة النبي r، فقال ابن سيرين /: (ما لك من جالست؟ إنك مع قوم يريدون أن يدفنوا([22]) ما جاء به النبي r).
أثر صحيح
أخرجه السلفي في «المشيخة البغدادية» (922).
وإسناده صحيح.
3) وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: (نعم: للمرجئة وجود في هذا الزمان، وهم بكثرة، ومذهبهم يصلح لأهل الفساد، وأهل الشهوات، ما دام يقولون نحن مؤمنون ولله الحمد، ونحن من أهل الجنة، وإن فعلنا ما فعلنا، فمذهب الإرجاء لأهل الشهوات([23])، وأهل الانحراف، فهم يفرحون به، وله أناس يدعون إليه الآن). اهـ
4) وسئل فضيلة الشيخ الفوزان؛ ظهر في هذه الأزمنة أناس يقرون مذهب الإرجاء، ويقولون نحن سلفيون، وبعضهم يذم علماء السنة، ويقولون هم تكفيريون!. فماذا رأيكم في هؤلاء؟!.
فأجاب فضيلته: (أنا أقول أن مسائل الإيمان، ومسائل العقيدة لا يجوز الجدال فيها، بل يجب أن يتعلمها على مذهب السلف، ومذهبهم مدون في كتب العقائد على مذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان قول وعمل والاعتقاد، قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، فنأخذ هذا وندرسه لطلابنا.
وأما أن نتنازع في العمل هل هو من الإيمان أو لا، هذا مذهب المرجئة، وأهل السنة يقولون: لا العمل من الإيمان ليس هو خارج عن الإيمان، وعلى ذلك أدلة من الكتاب والسنة ... فلا حاجة إلى الجدال، وكتب العقيدة السلفية مدونة، ولم يحصل فيها اختلاف، حتى نبتت هذه النابتة، ويغلب عليها الجهل، وهي لم تدرس عقيدة السلف، ولا تريد دارسة عقيدة السلف، بل تريد أن نأخذ قول فلان وعلان، هذه الجماعة لا عبرة بها ولا يلتفت إليها، ولا عبرة بها ولا يلتفت إليها، ولا عبرة بسلفهم الذين أخرجوا العمل من مسمى الإيمان).([24])اهـ
5) وسئل فضيلة الشيخ: عن الأقوال الإرجائية في كتاب «ذم الإرجاء» وهو في شبكة سحاب؟!.
فأجاب فضيلته: (هذا هذيان لا يلتفت إليه، ولا نشغل وقتنا به؛ هذا من جملة الهذيان الباطل المخالف للأدلة).([25]) اهـ
وأجاب فضيلته كذلك: (أن هؤلاء متعالمين يأخذون علمهم عن بعضهم بعضا([26])، وأخذوا هذا المذهب كلهم جماعة واحدة([27]) ... وهؤلاء لا تروج بضاعتهم إلا بالكذب يعتمدون على الكذب على الرسول r، وعلى الناس! يريدون أن يروجوا مذهبهم الباطل).([28]) اهـ
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
فتوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في
أن لو أخذ بفتاوى ربيع المدخلي في الأصول لتغير الدين كله
سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان: فضيلة الشيخ وفقكم الله عندنا رجل يدعي جواز التسامح، والتنازل عن الواجبات الشرعية بدعوى مراعاة المصالح، والمفاسد؛ ويستدل على ذلك: «بترك المرأة الحائض للصلاة والصيام»؛ مع أنهما ركنا الإسلام، وكذلك يستدل أيضا: «بترك النبي r لكتابة: «الرحمن الرحيم»، وعدم كتابة: «محمد رسول الله»، وكذلك «ترك الوضوء على من لم يجده»؛ فما صحة هذا الاستدلالات؟.
فأجاب فضيلته: (هذا استدلال باطل وإلحاد([29]) في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r؛ هذا الرجل يجب أنه يتوب إلى الله، ويعلن توبته عن هذا الخوض في أحكام الله عز وجل بغير علم، وغير بصيرة([30])، أو بالهوى، لا يجوز له الكلام هذا، لو أخذ بقوله لغير الدين كله.
من قال أن المصلحة تقتضي هذا؟!؛ إذا لا تصلون؛ لأن المصلحة تقتضي؛ أنه ما تصلون علشان ما يعيرونكم الكفار، لا تدفعون الزكاة لأنه يقال أن المسلمين فيهم محتاجون، وفيهم فقراء، ما يجوز هذا الأمر أبدا، وهذا يجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، ويرجع للحق، والصواب، ويجب الإنكار عليه.
الرسول r ترك الكتابة ترك الكتابة ما منع «الرحمن»، أو أنه لا يقال: «الرحمن الرحيم» ما منع هذا؛ أو محى الاسم من أصله، بل ترك الكتابة فقط تركه للكتابة لا يدل على تركه للاسم اسم الله عز وجل نعم).([31]) اهـ
قلت: ويتحصل مما تقدم من كلام الشيخ الفوزان في ربيع المدخلي ما يلي:
1) أنه يخوض في أحكام الدين بغير علم، وغير بصيرة، وبالهوى.
2) أنه يلحد في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله r.
3) أنه لو أخذ بقوله هذا لغير الدين كله.
4) أنه ليس بعالم، بل هو جاهل في الدين بالجهل المركب.
5) أنه عليه أن يتوب إلى الله تعالى، ويرجع للحق، والصواب في الدين، ويعلن توبته عن هذا الخوض في أحكام الله تعالى.
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن ديانات الفرق الضالة
تنسب إليها لا تنسب إلى دين الإسلام؛ فيقال:
دين المرجئة، ودين الرافضة ودين الخوارج، وهكذا.([32])
اعلم رحمك الله أن مجرد الانتساب إلى الإسلام دون العمل به، فهذا لا يكفي فيه، بل من أدخل فيه ما ليس منه من المخالفات الشرعية الكثيرة، أو القليلة، فإنه ابتغى غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه ذلك، سواء كان من المسلمين، أو من المبتدعين، فانتبه.([33])
وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19].
2) وقال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج1 ص373): (قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه[؛ أي: من سلك طريقا سوى ما شرعه الله تعالى، فلن يقبل منه([34]): ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ كما قال النبي r في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»([35]».([36]) اهـ
3) وقال تعالى: ]أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض[ [آل عمران: 83].
قلت: والإسلام؛ الانقياد والخضوع، والاستسلام بالتوحيد والطاعة لله تعالى، ولرسوله r، فمن اتبعه كان مرضيا عند الله تعالى، ومن خالفه كان باغيا لغير دين الله تعالى.([37])
4) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». وفي رواية: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج2 ص959)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص200)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص7) من طريق إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها به.
قلت: وهذا الحديث يدل على أن كل دين أحدث في الإسلام، فهو دين باطل، وهو مردود على من أحدثه، لأنه ليس من الدين في شيء، ولم يأذن به الله تعالى، ورسوله r.([38])
5) وعن عبد الله بن عمرو t، قال: قال رسول الله r: (إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).
حديث حسن
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج5 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص128)، وابن وضاح في «البدع» (ص92)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص100)، والآجري في «الشريعة» (ص15)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص369).
بأسانيد حسنة.
وعن سفيان الثوري([39])/ قال: (دين محدث؛ دين الإرجاء([40])).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «السنة» (ج3 ص563)، والآجري في «الشريعة» (ج2 ص682)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص785)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص311).
وإسناده صحيح.
قلت: وهذا يدل على أن الإمام سفيان الثوري / عنده أن «المرجئة» لهم دين محدث يختلف عن دين المسلمين تماما!.
7) وعن سفيان الثوري([41])/ قال: في الإرجاء-: (رأي محدث أدركنا الناس على غيره!). يعني: ليس من قول السلف الصالح.
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (610)، والخلال في «السنة» (1189)، والآجري في «الشريعة» (301)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج5 ص1004)، وأحمد في ((الإيمان)) (27).
وإسناده صحيح.
وقال العلامة ابن أبي الخير / في «الانتصار» (ج3 ص793): فصل: في ذكر فضائح المرجئة.
8) وعن الضحاك المشرقي([42])، وأبي البختري([43])، وبكير بن عبد الله الطائي([44])، وميسرة بن يعقوب([45])، وسلمة بن كهيل([46])؛ قالوا: (الإرجاء بدعة).
أثر صحيح
أخرجه أبو عبيد في «الإيمان» (22)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج5 ص978)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص226)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1270)، وأحمد في ((الإيمان)) (197).
وإسناده صحيح.
قلت: وهذا يدل على أن الأئمة عندهم أن الإرجاء بدعة أحدث في دين الإسلام، ليس هو من دين الإسلام في شيء.
وعن فضيل بن عياض قال: في قوله تعالى: ]ليبلوكم أيكم أحسن عملا[ [هود: 7] قال: (أخلصه وأصوبه، قال: إن العمل إذا كان خالصا، ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا، ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص إذا كان لله، والصواب: إذا كان على السنة).([47])
قال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص24): (قد دل على هذا الذي قاله الفضيل: قوله عز وجل: ]فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110]). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الله تعالى لا يعظم الأعمال لكثرتها، إلا أن تكون موافقة للسنة، لذلك قال تعالى: ]ليبلوكم أيكم أحسن عملا[ [الملك: 2]، ولم يقل تعالى: أكثر عملا، والعمل الحسن ما كان موافقا للكتاب والسنة والآثار.([48])
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج4 ص436): (وقوله: ]ليبلوكم[ أي: ليختبركم ]أيكم أحسن عملا[؛ ولم يقل: أكثر عملا؛ بل ]أحسن عملا[، ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصا لله عز وجل، على شريعة رسول الله r، فمتى فقد العمل واحدا من هذين الشرطين حبط وبطل).اهـ
قال تعالى: ]وأخلصوا دينهم لله[ [النساء: 145].
قال الإمام أحمد / في «الرد على الجهمية» (ص207)؛ وهو يتحدث عن حال الجهم بن صفوان: (فأضل بكلامه بشرا كثيرا ... ووضع دين الجهمية([49])).اهـ
قلت: فنسب الإمام أحمد / آراء جهم بن صفوان البدعية إلى دينه الباطل، لا إلى دين الإسلام.([50])
وهذا يدل على أن الإمام أحمد / عنده أن الجهمية لهم دين يختلف عن دين المسلمين تماما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص467): (قلت: أصحاب عمرو بن عبيد هم المعتزلة؛ فإن عمرا هو الإمام الأول الذي ابتدع «دين المعتزلة» هو وواصل بن عطاء.
وأما الذين اتبعوه من أصحاب أبي حنيفة فهم من جنس الذين قاموا بأمر محنة المسلمين على «دين الجهمية» لما دعوا الناس إلى القول بخلق القرآن وغيره من أقوال الجهمية). اهـ
قلت: فأشار شيخ الإسلام ابن تيمية / أن بدع المعتزلة من دينهم، وأن بدع الجهمية من دينهم، كدين اليهود، ودين النصارى، ودين المجوس، وغيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص209): (ولكن الخوارج دينهم المعظم مفارقة جماعة المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم).اهـ
قلت: فنسب الدين إلى الخوارج؛ رغم أنهم يتسموا بدين الإسلام، وأن حجتهم القرآن الكريم، والسنة النبوية!.
وبهذا يتبين أن دين الفرق كلهم ليس هو دين الإسلام.
لذلك فيجب التحذير من دين المرجئة الخامسة، وبيان ضلالهم في الدين.
قلت: فخدع ربيع أتباعه الجهال بهذا الإرجاء، وموه عليهم، اللهم غفرا.
وعن حذيفة بن اليمان t قال: (إن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، وتنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله؛ فإن دين الله واحد).([51])
وعن الإمام عمر بن عبد العزيز / قال: (من كثرت خصوماته لم يزل يتنقل من دين إلى دين).([52]) وفي رواية: (من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل).
وعن أبي جحاف، قال: قال سعيد بن جبير لذر([53]): «يا ذر ما لي أراك كل يوم تجدد دينا».
أثر حسن
أخرجه أحمد في ((الإيمان)) (374)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (711)، والخلال في ((السنة)) (1535)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1239)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (1516) من طريق أسود بن عامر، أنا جعفر الأحمر، عن أبي جحاف به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه أحمد في ((الإيمان)) (375)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (712)، والخلال في ((السنة)) (1536)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (1561)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (124) من طريق أسود بن عامر، أنا جعفر بن زياد يعني: الأحمر، عن حمزة الزيات، عن أبي المختار، قال: شكى ذر سعيد بن جبير إلى أبي البختري الطائي فقال: مررت فسلمت عليه فلم يرد علي، فقال أبو البختري لسعيد بن جبير فقال سعيد: (إن هذا يجدد كل يوم دينا لا والله لا أكلمه أبدا).
وإسناده حسن في المتابعات.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (704)، والخلال في ((السنة)) (1364)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1237) من طريق محمد بن أبي وضاح، عن العلاء بن عبد الله بن رافع به بلفظ: قال سعيد بن جبير، لذر الهمداني: (أخبرني على أي دين أنت اليوم أو رأي أنت اليوم فإنك لا تزال تلتمس دينا قد أضللته ألا تستحي من رأي أنت اليوم أكبر منه؟).
وإسناده حسن.
وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (يا عبد الله: بعث الله محمدا r بدين واحد, وأراك تنتقل من دين إلى دين).([54])
قلت: وصدق /؛ فإنما يجادل الذي قد شك فيما هو متمسك به، فهو يبحث عن دين يتبعه، ولهذا ترى كثيرا ممن هذا حاله تراه كل يوم هو مع فرقة من تلك الفرق المبتدعة، نعوذ بالله من الخذلان.
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص555)؛ بعدما ذكر رؤوس المبتدعة: (وكل واحد منهم قد انتحل لنفسه دينا ينصره([55]), وربا يعبده, وله على ذلك أصحاب يتبعونه([56]), وكل واحد منهم يكفر من خالفه, ويلعن من لا يتبعه, وهم في اختلافهم وتباينهم([57])؛ كاختلاف اليهود والنصارى, كما قال الله تعالى: ]وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء[ [البقرة: 113]، فاختلافهم؛ كاختلاف اليهود والنصارى, لأن اختلافهم في التوحيد, وفي صفات الله, وفي الكيفية). اهـ
قلت: فالمبتدعة في هذه الأمة يحملون شرار سنن الذين خلوا من قبلهم حذو القذة بالقذة، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون[ [الأنفال: 37].
وقال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص889): (فإن هؤلاء مرجئة أهل ضلال، وزيغ وعدول عن الملة). اهـ
وعن ابن شبرمة قال: كان أبو وائل يقول لشقيق الضبي: (أيا شقيق هل وجدت دينك منذ أضللته- وكان شقيق يرى رأي الخوارج).
أثر صحيح
أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص778) من طريق أبي بكر الحميدي قال: سمعت ابن شبرمة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص373): (فهذا أمر بتبديل فطرة الله التي فطر عليها عباده وهي طريقة المبتدعة المبدلين لفطرة الله وشرعته؛ كما قال النبي r: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه»([58]». اهـ
قال تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30].
وقال تعالى: ]قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى[ [طه: 50].
قلت: فالله تعالى خلق الناس على الفطرة ... ومما فطر الناس عليها هو محبة الحق وإرادته.([59])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص88): (والقلب خلق يحب الحق ويريده ويطلبه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص338): (فإن الحق محبوب في الفطرة. وهو أحب إليها. وأجل فيها وألذ عندها من الباطل الذي لا حقيقة له فإن الفطرة لا تحب ذاك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج8 ص463): (في النفس ما يوجب ترجيح الحق على الباطل في الاعتقادات والإرادات، وهذا كاف في كونها ولدت على الفطرة). اهـ
قلت: فالنفوس مفطورة على معرفة الحق وحبه.
والواجب على العبد أن يلزم الفطرة، ويحذر الأسباب التي تصده عن الحق وتصرفه عنه، وإذا ما صرفه عنه صارف؛ عاد إلى الحق ولزمه، وهذا من أعظم نعم الله تعالى على عبده أن يكون العبد محبا، ومؤثرا للحق يطلبه ويلزمه.([60])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص32): (والله سبحانه خلق عباده على الفطرة التي فيها معرفة الحق والتصديق به، ومعرفة الباطل والتكذيب به، ومعرفة النافع الملائم والمحبة له، ومعرفة الضار المنافي والبغض له بالفطرة([61]». اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص7): (لإسلام هو دين الله العام الذي اتفق عليه الأولون والآخرون من جميع عباد الله المؤمنين). اهـ
قلت: فتبين مما سبق أن «دين الربيعية» الذي وضعه ربيع المدخلي لهم وهو دين الإرجاء، ينسب إليه وإلى شيعته، لا ينسب إلى الإسلام ولن يقبل منهم هذا الدين الذي ابتدعوه من قبل أنفسهم، وهم في الآخرة من الخاسرين، نعوذ بالله من الخذلان.
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أنه لابد أن يوجد
في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى
والمجوس سواء في المعاصي أو البدع
اعلم رحمك الله أن أعمال اليهود والنصارى مبناها على الضلال، والانحراف، والفساد في الأرض، فلا يؤجرون عليها لمخالفتها للشرع ([62])، كما قال تعالى: ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا[ [الفرقان:23]، وكما قال النبي r: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد).([63]) وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).
وقد أخبر النبي r أن هذه الأمة ستقع طوائف منها في تقليد سنن الكافرين، والمبتدعين الهالكين، وهذه السنن تكون في العقائد، والعبادات، والأحكام، والأعياد، واللباس، والأخلاق، والعياذ بالله.
فعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: (لتتبعن سنة من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم، قيل: يا رسول الله، اليهود، والنصارى؟ قال: فمن).([64])
قلت: وهذا يقتضي المنع من كل ما كان من خواص الكفار، لذم التشبه باليهود والنصارى.([65])
قال الإمام ابن القيم / في «مسألة السماع» (ص350): (فأخبر r أنه لابد من أن يكون في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى، وبفارس الروم، وظهور هذا الشبه في الطوائف([66])؛ إنما يعرفه من عرف الحق وضده، وعرف الواجب والواقع، وطابق بين هذا وهذا، ووازن بين ما عليه الناس اليوم، وبين ما كان عليه السلف الصالح). اهـ
قلت: فعلى هذا يكون إخبار النبي r عن الأمة أنها ستتبع سنن الأمم الهالكة؛ إنما يعني طوائف من هذه الأمة، وهم الجماعات الحزبية، والجماعات المذهبية في هذا الزمان، وهم أهل الافتراق؛ الذين افترقوا عن أهل السنة والجماعة في الأصول والفروع([67])، وهؤلاء المبتدعة تشبهوا باليهود والنصارى في افتراقهم في دينهم.
قال تعالى: ]ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات[ [آل عمران:105].
وقال تعالى: ]ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم:31 و32].
قلت: وهذا يدل على أن أول الأمور التي ورد النهي عنها صراحة في الشرع الحكيم عن التشبه بالكافرين فيها الإفتراق في بالدين.
وعن عبد الله بن عمرو t، قال: قال رسول الله r: (إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).
حديث حسن
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج5 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص128)، وابن وضاح في «البدع» (ص92)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص100)، والآجري في «الشريعة» (ص15)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص369).
بأسانيد حسنة.
قلت: فإذا نهي عن التشبه باليهود والنصارى وغيرهم، فاقتضى ذلك وجوب مخالفتهم في جميع ما يختص بهم، وهذه المخالفة من أكبر مقاصد بعثة النبي r فانتبه.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (خالفوا المشركين...).([68])
قلت: فأمر النبي r في هذا الحديث بمخالفة المشركين مطلقا.
قال الشيخ أحمد بن حجر البنعلي / في «البدع في الدين» (ج4 ص166): (ولهذا كان هذا التشبه بهم محرما). اهـ
وقال الشيخ أحمد بن حجر البنعلي / في «البدع في الدين» (ج4 ص167): (وإذا كانت مخالفتهم سببا لظهور الدين، فإنما المقصود بإرسال الرسل، أن يظهر دين الله تعالى على الدين كله؛ فتكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة). اهـ
وهذا الحديث يدل على أن مخالفة الكفار في الدين مقصودة، فكيف نوافقهم فيما يختص بهم من المنكرات؟!.
وعن شداد بن أوس t قال: قال رسول الله r: «خالفوا اليهود ...».
حديث حسن
أخرجه أبو داود في «سننه» (ح652)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ح956)، وابن حبان في «صحيحه» (ص662 ح2186)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ح534)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ح4257)، والبزار في «المسند» (ج8 ح3480)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ح731)، من عدة طرق عن مروان بن معاوية الفزاري قال: حدثنا هلال بن ميمون الرملي، عن يعلى بن شداد بن أوس، عن أبيه به.
قلت: وهذا سنده حسن، من أجل هلال بن ميمون الرملي، وهو صدوق؛ كما قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» (ص 576).
وكذلك يعلى بن شداد بن أوس الأنصاري، وهو صدوق؛ كما قال ابن حجر في «تقريب التهذيب» (ص609).
والحديث صححه العلامة الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج3 ص225)، وقال الشوكاني / في «نيل الأوطار» (ج3 ص145): (لا مطعن في إسناده).
قلت: وفي هذا الحديث أمر النبي r بمخالفة اليهود.
قلت: والأدلة واضحة في الأمر بمخالفة الكفار، والنهي عن التشبه بهم.
وعن مجاهد([69])/ قال: (يبدؤون فيكونون مرجئة!، ثم يكونون قدرية!، ثم يصيرون مجوسا!).([70]) وفي رواية: (لا تكون مجوسية حتى تكون قدرية، ثم يتزندقوا، ثم يتمجسوا!).
أثر حسن
أخرجه ابن شاهين في «مذاهب أهل السنة» (4)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص190)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1168)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (960)، والخطيب في «الموضح» (ج1 ص406) من طرق عن مجاهد به.
وإسناده حسن.
وذكره ابن أبي الخير في «الانتصار» (ج3 ص764).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لم يكن في بني إسرائيل شيء، إلا كائن فيكم).([71])
وعن حذيفة بن اليمان t قال: (نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل أن كان لكم الحلو ولهم المر، كلا والذي نفسي بيده حتى تحذى السنة بالسنة حذو القذة بالقذة).([72])
والقذة: هي ريشة السهم، يضرب مثلا للشيئين يستويان، ولا يتفاوتان.([73])
قلت: فتصبح سلسلة «المرجئة الخامسة» ترجع إلى اليهود والنصارى.
قلت: بل من نظر في كثير من البدع القديمة، أو البدع الحديثة وجد أن لها أصلا عند اليهود والنصارى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص22): (أسانيد جهم ترجع إلى اليهود والصابئين والمشركين). اهـ
وعن داود بن أبي هند / قال: (إنما فشا القدر في البصرة لما أسلم النصارى واليهود، لأن القدر مقالة اليهود والنصارى).([74])
وقال وكيع بن الجراح /: (إن أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم).([75])
وكان السلف y كسفيان بن عيينة وغيره يقولون: (من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى).([76])
وعن الإمام مسلم بن يسار / قال: (إن معبدا([77]) يقول بقول النصارى!).([78])
وعن الإمام الحسن البصري / قال: (لا تجالسوا معبدا, إنه ضال مضل).([79])
وعن الإمام أحمد / قال: (من تعاطى الكلام لم يفلح، ومن تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم).([80])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص373): (وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أن مبدأ التجهم في هذه الأمة كان أصله من المشركين، ومبدلة الصابئين من الهند، واليونان، وكان من مبدلة أهل الكتاب من اليهود). اهـ
قلت: ومعلوم أن من مصادر التصوف الأصلية النصرانية، وأن التشيع له صلة وثيقة باليهود.
وهكذا من تتبع كثيرا من البدع وجد بينها، وبين أهل الكتابين صلة وثيقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.([81])
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج3 ص166): (وكل من لم يهتد بهديه r، ولا يستن بسنته؛ فإما إلى بدعة أو معصية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج1 ص220)؛ عن المبتدعة من أهل الكلام، ومن أهل العبادة: (هؤلاء فيهم انحراف يشبه انحراف اليهود أهل العلم والكلام، وهؤلاء فيهم انحراف يشبه انحراف النصارى أهل العبادة والإرادة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بغية المرتاد» (ص338)؛ عن المبتدعة: (ولهذا كان هؤلاء مع تظاهرهم بالإسلام قد يكونون أسوأ حالا من الكافر المظهر كفره من اليهود والنصارى). اهـ
وقال الإمام أحمد / في «الرد على الجهمية» (ص198)؛ عن حجة جهم بن صفوان: (ثم إنه استدرك حجة مثل حجة زنادقة النصارى!). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص247)؛ عن المبتدعة: (حتى أشبه هؤلاء اليهود المغضوب عليهم، وأشبه هؤلاء النصارى الضالين؛ بل صار منهما من هو شر من اليهود والنصارى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص243): (ومن لم يكن له علم بما يصلح باطنه ويفسده، ولم يقصد صلاح قلبه بالإيمان ودفع النفاق كان منافقا إن أظهر الإسلام؛ فإن الإسلام يظهره المؤمن والمنافق، وهو علانية، والإيمان في القلب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص243): (من فسر القرآن أو الحديث، وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين، فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله محرف للكلم عن مواضعه([82]) وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام). اهـ
صدق شيخ الإسلام /، ونصح وبر.
قلت: وأصل بدعة الجهمية يعود إلى اليهود، وهذا شأن أكثر البدع أنها تعود إلى أمم الكفر من اليهود والنصارى والمجوس؛ الذين لم يستطيعوا مواجهة الإسلام بالسيف، فبثوا فيه الأفكار الضالة، والمعتقدات المنحرفة لإفساده.([83])
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص568)؛ باب: إعلام النبي r لأمته ركوب طريق الأمم قبلهم, وتحذيره إياهم ذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص657): (فإن كثيرا من أحوال اليهود قد ابتلي به بعض المنتسبين إلى العلم، وكثيرا من أحوال النصارى قد ابتلي به بعض المنتسبين إلى الدين؛ كما يبصر ذلك من فهم دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا r ثم نزله على أحوال الناس).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص375): (فكان أول ما ظهر من البدع([84]) فيه شبه من اليهود والنصارى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص376): (وهؤلاء المحرفة المبدلة في هذه الأمة من الجهمية وغيرهم اتبعوا سنن من كان قبلهم من اليهود، والنصارى، وفارس، والروم فغيروا فطرة الله تعالى، وبدلوا كتاب الله، والله سبحانه وتعالى خلق عباده على الفطرة التي فطرهم عليها). اهـ
قلت: واعلم أن كل فرقة إذا أرادت أن تروج بدعها لابد عليها أن تنتحل اسما يوافق الكتاب والسنة تحتال فيه على أتباعها الجهلة، وهي غير متبعة لما انتحلته في الدين، فانتحلت مثلا «الفرقة الربيعية» السلفية، وهي غير متبعة لها، بل خالفوا فيها السنة التي أمر الكتاب باتباعها؛ وحاربوا السنة وأهلها الذين أمر الكتاب بموالاتهم، وصاروا يتبعون المتشابه من الكتاب؛ فيتأولونه على غير تأويله من غير فقه منهم بمعناه، ولا رسوخ في العلم، ولا اتباع للسنة، وآثار السلف، ولا مراجعة لعلماء السنة الذين يفهمون الكتاب والسنة والآثار حتى فارقوا جماعة المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص210)؛ عن طريقة المبتدعة في ترويج بدعهم: (فانتحلت الخوارج كتاب الله، وانتحلت الشيعة أهل البيت، وكلاهما غير متبع لما انتحله؛ فإن الخوارج خالفوا السنة التي أمر القرآن باتباعها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص239): (وهؤلاء المتأخرون - مع ضلالهم وجهلهم - يدعون أنهم أعلم وأعرف([85]) من سلف الأمة ومتقدميها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص225): (فما وافق الكتاب والسنة، فهو حق، وما خالف ذلك فهو باطل). اهـ
قلت: فكل معنى يخالف الكتاب والسنة؛ فهو باطل، وحجته داحضة: ]هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين [ [آل عمران: 138].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص592): (وجميع البدع؛ كبدع الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والقدرية لها شبه في نصوص الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص557): (وجميع أهل الأهواء قد يتمسكون بنصوص؛ كالخوارج، والشيعة، والقدرية، والرافضة، والمرجئة وغيرهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج1 ص309): (في أواخر عصر الصحابة حدثت بدعة «القدرية»، و«المرجئة»؛ فأنكر ذلك الصحابة، والتابعون، كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وواثلة بن الأسقع). اهـ
قلت: وهذا النوع من الإرجاء هو الذي بدعه السلف، وهو القول بأن العمل ليس من الإيمان، وهذا هو اعتقاد ربيع المرجئ، وأتباعه المرجئة.([86])
قلت: وقد أخبر النبي r بوقوع طوائف من هذه الأمة فيما وقع فيه أهل الكتاب من اليهود، والنصارى، كما سبق ذلك.
فقد قالت كل فرقة في الأخرى، كما قالت اليهود: ]قالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء [ [البقرة: 113].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص260): (واختلاف أهل البدع هو من هذا النمط; فالخارجي يقول: ليس الشيعي على شيء، والشيعي يقول: ليس الخارجي على شيء، والقدري النافي يقول: ليس المثبت على شيء، والقدري الجبري المثبت يقول: ليس النافي على شيء، والوعيدية تقول: ليست المرجئة على شيء، والمرجئة([87]) تقول: ليست الوعيدية على شيء، بل ويوجد شيء من هذا بين أهل المذاهب الأصولية والفروعية لمنتسبين إلى السنة، فالكلابي يقول: ليس الكرامي على شيء، والكرامي يقول: ليس الكلابي على شيء، والأشعري يقول: ليس السالمي على شيء، والسالمي يقول: ليس الأشعري على شيء، ويصنف السالمي؛ كأبي علي الأهوازي كتابا في مثالب الأشعري، ويصنف الأشعري؛ كابن عساكر كتابا يناقض ذلك من كل وجه، وذكر فيه مثالب السالمية).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص555): (والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق، ولا في الحب، ولا في الخشية، ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص118): (وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم، وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة، وهذه طريقة أهل البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص287): (بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج، والمرجئة في معنى الإيمان، علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول r). اهـ
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين([88])/ قال: (ما ليل بليل، ولا نهار بنهار أشبه من المرجئة باليهود!).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (1815).
وإسناده حسن.
وذكره ابن أبي الخير في «الانتصار» (ج3 ص794).
قلت: ووجه الشبه بينهما من ناحية أن اليهود يعتقدون أنهم ناجون يوم القيامة، وإن لم يعملوا عملا قط!، حيث زعموا أن الجنة لهم، والنار لغيرهم، ولو دخلوا النار سيدخلونها أياما معدودة، وكذلك المرجئة يزعمون أنهم قد نالوا الإيمان بدون عمل، وأنهم سينجون يوم القيامة، ويكونون من أصحاب الجنة، وإن دخلوا النار سيدخلونها أياما معدودة، والله المستعان.
قال العلامة الشيخ ابن باز / في «حديث الصباح» (ص329): (الضال هو الذي يتكلم على غير هدى، على غير علم، والغاوي هو الذي يخالف العلم، يعلم ولكن يخالف العلم([89])؛ كاليهود وأشباههم!). اهـ
قلت: ولقد أخبر النبي r بما يقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه، وفي الأقوال والأعمال.
وهذا موافق لما روي عنه r من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة، وأنها كلها في النار؛ إلا فرقة واحدة، وهي: من كان على ما هو عليه وأصحابه.([90])
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الله ناصر كل صابر
ذكر الدليل على خطر بدعة الإرجاء،
والمرجئة المبتدعة على الأمة الإسلامية
(1) عن منصور بن المعتمر([91])/ قال: (لا أقول كما قالت «المرجئة» الضالة المبتدعة!».
أثر حسن
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (613)، و(707)، والخلال في «الإيمان» (ق/109/ط)، وفي «السنة» (1125)، والآجري في «الشريعة» (301)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج5 ص992)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص886).
وإسناده حسن.
قلت: هكذا وصف الإمام منصور بن المعتمر رحمه الله «المرجئة»، لأن ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء، والله المستعان.
2) وعن إبراهيم النخعي([92])/ قال: (المرجئة أخوف عندي على أهل الإسلام من عدتهم من الأزارقة!). يعني: الخوارج. وفي رواية: (لفتنتهم عندي أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة!([93]».
أثر حسن
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (617)، و(620)، والخلال في «السنة» (ج3 ص562)، والآجري في «الشريعة» (ص143)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج6 ص274)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1221)، و(1231)، و(1233)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1806)، وابن شاهين في «مذاهب أهل السنة» (11)، وأحمد في «الإيمان» (198).
وإسناده حسن.
3) وعن الأوزاعي / قال: (كان يحيى بن أبي كثير([94])، وقتادة([95]) يقولان: ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (641)، (733)، والآجري في «الشريعة» (ص144)، والخلال في «السنة» (ج4 ص86)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1223)، وأحمد في «الإيمان» (65).
وإسناده صحيح.
4) وعن الضحاك المشرقي([96])، وأبي البختري([97])، وبكير بن عبد الله الطائي([98])، وميسرة بن يعقوب([99])، وسلمة بن كهيل([100])؛ قالوا: (الإرجاء بدعة).
أثر صحيح
أخرجه أبو عبيد في «الإيمان» (22)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج5 ص978)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص226)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (1270)، وأحمد في «الإيمان» (197).
وإسناده صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص231): (ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين ... إذ تطهير سبيل الله ودينه، ومنهاجه وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص232): (فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعا تخالف الكتاب، ويلبسونها على الناس ولم تبين للناس: فسد أمر الكتاب وبدل الدين؛ كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم ينكر على أهله ... فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء؛ بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم([101])؛ فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم؛ بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق؛ لكن قالوها ظانين أنها هدى، وأنها خير وأنها دين؛ ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج1 ص121): (فقل من تجد في اعتقاده فسادا؛ إلا وهو يظهر في عمله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرد على البكري» (ج1 ص274): (فإن البدع في الدين سبب الفواحش وغيرها من المنكرات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص116): (أن فعل هذه البدع يناقض الاعتقادات الواجبة، وينازع الرسل عليهم السلام ما جاءوا به عن الله، وأنها تورث القلب نفاقا، ولو كان نفاقا خفيفا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص116): (فمن تدبر هذا، علم يقينا ما في حشو البدع من السموم المضعفة للإيمان، ولهذا قيل: إن البدع مشتقة من الكفر). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الإفادات والإنشادات» (ص178): (فإن البدع في الدين هلاك، وهي في الدين أعظم من السم في الأبدان). اهـ
ولهذا نبه العلماء إلى أن إنكار منكر المبتدعة أولى من إنكار دين اليهود والنصارى.([102])
قلت: وجهاد هؤلاء أفضل من جهاد أهل الشرك.([103])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج5 ص90): (لأهل البدع علامات منها: أنهم يتعصبون لآرائهم، فلا يرجعون إلى الحق، وإن تبين لهم!). اهـ
وقال الإمام ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج1 ص136): (أصل كل شر يعود إلى البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ص411): (فإن الشيطان قصده أن يحرف الخلق عن الصراط المستقيم، ولا يبالي إلى أي الشقين صاروا: الإفراط أو التفريط). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج3 ص391): (فتنبه: أيها المسلم الراغب في النجاة، وانظر إلى حقائق الأمور بمرآة العدالة، والتجرد من التعصب والهوى). اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ج1 ص389): (اعلم أن أول تلبيس إبليس على الناس صدهم عن العلم؛ لأن العلم نور فإذا أطفأ مصابيحهم خبطهم في الظلام كيف شاء). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج7 ص278): (أهل السنة والجماعة، فيقولون: في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة y هو بدعة؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص214): (المعرض عن التوحيد مشرك، شاء أم أبى، والمعرض عن السنة مبتدع ضال، شاء أم أبى، والمعرض عن محبة الله وذكره عبد الصور، شاء أم أبى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص229): (البدع مظان النفاق؛ كما أن السنن شعائر الإيمان). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص231): (ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص213): (القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «حادي الأرواح» (ج1 ص140): (الإعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلالة). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح أصول الإيمان» (ص410): (دعاة الضلال في وقتنا الحاضر أكثر من دعاة الهدي؛ فلا يغتر بهم). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص335): (والرأي إذا عارض السنة فهو بدعة وضلالة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص41): (البدع لا تزال تخرج الإنسان من صغير إلى كبير حتى تخرجه إلى الإلحاد والزندقة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص160): (من عرض عليه حق؛ فرده فلم يقبله، عوقب بفساد قلبه، وعقله، ورأيه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص117): (وإذا تدبرت حججهم([104]) وجدت دعاوى لا يقوم عليها دليل). اهـ
وقال العلامة الشيخ السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ص45): (فإن المعاصي يجر بعضها بعضا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع البدع، والكفر، وغير ذلك). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن / في «الدرر السنية» (ج9 ص23): (العاقل يدور مع الحق أينما دار). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القول المفيد» (ج1 ص390): (البدع غالبها شبهة، ولكن كثيرا منها سببه الشهوة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص392): (التمسك بالأقيسة –يعني: الآراء- مع الإعراض عن النصوص، والآثار طريق أهل البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص182): (وأهل الكلام الذين ذمهم السلف لا يخلو كلام أحد منهم على مخالفة السنة، ورد لبعض ما أخبر به الرسول r، كالجهمية والمشبهة، والخوارج والروافض، والقدرية، والمرجئة). اهـ
قلت: لذلك كان السلف يتهمون كل من تردد في قبول الأحاديث، أورد شيئا منها، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج3 ص79)؛ عن أهل الأهواء: (يردون الأحاديث التي تعارض مقولاتهم([105])). اهـ
قلت: فأسباب تمادي أهل البدع في ضلالاتهم، أنهم يضعون لهم قاعدة باطلة، ويبنون عليها أحكاما باطلة لذلك، ثم يجرهم ذلك إلى قواعد جديدة باطلة، وهكذا تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، والعياذ بالله.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص49): (المبتدع معاند للشرع، ومشاق له). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص392): (فكانوا متمسكين بظاهر من القول لا بظاهر القول([106])؛ وعمدتهم عدم العلم بالنصوص التي فيها علم بما قيد وإلا فكل ما بينه القرآن وأظهره فهو حق؛ بخلاف ما يظهر للإنسان لمعنى آخر غير نفس القرآن يسمى ظاهر القرآن كاستدلالات أهل البدع من المرجئة والجهمية والخوارج والشيعة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج17 ص445): (الجهمية ليس معهم على نفي الصفات، وعلو الله على العرش ونحو ذلك نص أصلا لا آية ولا حديث ولا أثر عن الصحابة y.
بل الذي ابتدأ ذلك لم يكن قصده اتباع الأنبياء، بل وضع ذلك كما وضعت عبادة الأوثان، وغير ذلك من أديان الكفار مع علمهم بأن ذلك مخالف للرسل([107])؛ كما ذكر عن مبدلة اليهود ثم فشا ذلك فيمن لم يعرفوا أصل ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص142): (والمفترقة من أهل الضلال تجعل لها دينا، وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادا لا اعتمادا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم وتارة يعرضون عنه ويقولون: نفوض معناه إلى الله، وهذا فعل عامتهم، وعمدة الطائفتين في الباطن غير ما جاء به الرسول يجعلون أقوالهم البدعية محكمة يجب اتباعها، واعتقاد موجبها والمخالف إما كافر وإما جاهل لا يعرف هذا الباب، وليس له علم بالمعقول، ولا بالأصول). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج17 ص334): (لكن كثيرا من المتكلمين أو أكثرهم لا خبرة لهم بما دل عليه الكتاب، والسنة، وآثار الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ بل ينصر مقالات([108]) يظنها دين المسلمين بل إجماع المسلمين، ولا يكون قد قالها أحد من السلف؛ بل الثابت عن السلف مخالف لها).اهـ
قلت: وربيع المخربي إلتمس في تفسير الآيات، والأحاديث في الدين سبيل المتأخرين في التحقيق، وهؤلاء دون مستوى تحقيق السلف، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص436): (ومن آتاه الله علما وإيمانا؛ علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هو دون تحقيق السلف لا في العلم، ولا في العمل). اهـ
قلت: فالعلم ما كان عليه السلف الصالح؛ لكن هؤلاء ما بين مقصر أو قاصر، أو متعالم مغرور في التحقيق في علم السلف.
قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص106): (فاعلموا أن البدعة: لا يقبل معها عبادة من صلاة، ولا صيام، ولا صدقة، ولا غيرها من القربات، ومجالس صاحبها تنزع منه العصمة، ويوكل إلى نفسه، والماشي إليه وموقره معين على هدم الإسلام، فما الظن بصاحبها وهو ملعون على لسان الشريعة، ويزداد من الله بعبادته بعدا؟!، وهي مظنة إلقاء العداوة والبغضاء، ومانعة من الشفاعة المحمدية، ورافعة للسنن التي تقابلها، وعلى مبتدعها إثم من عمل بها، وليس له من توبة، وتلقى عليه الذلة والغضب من الله، ويبعد عن حوض رسول الله r، ويخاف عليه أن يكون معدودا في الكفار الخارجين عن الملة، وسوء الخاتمة عند الخروج من الدنيا، ويسود وجهه في الآخرة، ويعذب بنار جهنم، وقد تبرأ منه رسول الله r وتبرأ منه المسلمون، ويخاف عليه الفتنة في الدنيا زيادة إلى عذاب الآخرة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص107): (وأما أهل الكفر، والبدع والشهوات فكل بحسبه قيل لسفيان بن عيينة: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم فقال أنسيت قوله تعالى ]وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم[ [البقرة: 93] أو نحو هذا من الكلام). اهـ
وعن قتادة / قال: في قوله تعالى: ]وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم[ [البقرة: 93]؛ قال: (أشربوا حبه، حتى خلص ذلك إلى قلوبهم).([109])
قلت: ومنه ما يرى ربيع المدخلي أنه قد أحسن في إدخال الإرجاء في العبادة حتى أشرب في قلبه حب الإرجاء؛ كما أشرب حب العجل في قلوب أصحابه، فكان ذلك حزازة([110]) في قلبه إلى أن يموت، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين[ [البقرة: 93].
وقال تعالى: ]أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين (109) لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم[ [التوبة: 109 و110].
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ]لا يزال بنيانهم الذي بنوا[ [التوبة: 110]؛ هذا المسجد الضرار، ريبة في قلوبهم راضين بما صنعوا، أولئك المنافقون، يرون أنهم قد أحسنوا وصنعوا؛ كما كان حب العجل في قلوب أصحابه، وقرأ: ]وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم[. ([111])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص103): (أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص101): (فإن اتباع الهوى يعمي عين القلب، فلا يميز بين السنة والبدعة، أو ينكسه فيرى البدعة سنة، والسنة بدعة). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص376): (ليس كل من ادعى العلم أحرزه, ولا كل من انتسب إليه كان من أهله).اهـ
وقال العلامة الشيخ مقبل الوادعي / في «قمع المعاند» (ج2 ص310): (مجالس السوء يجب على المسلم أن يبتعد عنها، فهو أسلم لدينه، وعرضه، ومروءته). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص568): (طريق السنة علم وعدل وهدى؛ وفي البدعة جهل وظلم وفيها اتباع الظن وما تهوى الأنفس). اهـ
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
التمهيد
ذكر الدليل على
أن أهل الأهواء بمنزلة اليهود والنصارى،
وأن فسادهم يظهر للمسلمين كلهم([112])، وأما أهل
الأهواء لا يعرف فسادهم كل مسلم، وهم أخطر من اليهود والنصارى
1) عن يحيى بن مسلم البصري البكاء قال: (كان الحسن البصري([113]): ينزل أصحاب الأهواء([114]) بمنزلة اليهود، والنصارى!). وفي رواية: (أهل البدع بمنزلة اليهود والنصارى([115]».
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص131)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص8)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة على تارك المحجة» (ج1 ص286)، ويعقوب بن سفيان النسوي في «السنة» (ج3 ص388).
وإسناده حسن، ولا يضر ضعف يحيى بن مسلم هنا، لأنه راوي الأثر مباشرة دون واسطة، كما هو مقرر في أصول الحديث.
قلت: فاتقوا الإرجاء، فإنه شعبة من اليهودية، والنصرانية، اللهم غفرا.
2) وعن محمد بن سيرين، قال: رأى عبد الله بن عتبة رجلا صنع شيئا من زي العجم([116])؛ فقال: (ليتق رجل أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر).([117])
قال محمد بن سيرين: فظننته أخذ ذلك من هذه الآية: ]ومن يتولهم منكم فإنه منهم[ [المائدة: 51].
قلت: إذا كان هذا في لباسهم، فما بالك في اعتقادهم؟!، أليس هذا أخذ بدين اليهود والنصارى، والعياذ بالله.
والمراد: فليحذر المرء أن يتشبه بزي اليهود والنصارى.
قال تعالى: ]ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ [المائدة: 51].
3) وعن حذيفة بن اليمان t قال: (ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يعلم).([118])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص359): (فهذه المقالات([119]) وأمثالها من أعظم الباطل، وقد نبهنا على بعض ما به يعرف معناها وأنه باطل، والواجب إنكارها؛ فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين أولى من إنكار دين اليهود والنصارى، الذي لا يضل به المسلمون لا سيما وأقوال([120]) هؤلاء شر من أقوال اليهود والنصارى وفرعون، ومن عرف معناها، واعتقدها كان من المنافقين، الذين أمر الله بجهادهم؛ بقوله تعالى: ]جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم [[التوبة: 73]، والنفاق إذا عظم كان صاحبه شرا من كفار أهل الكتاب ... وهؤلاء قد عرف مقصودهم؛ كما عرف دين اليهود والنصارى والرافضة، ولهم في ذلك كتب مصنفة، وأشعار مؤلفة، وكلام يفسر بعضه بعضا.
وقد علم مقصودهم بالضرورة، فلا ينازع في ذلك إلا جاهل([121]) لا يلفت إليه ويجب بيان معناها، وكشف مغزاها، لمن أحسن الظن بها، وخيف عليه أن يحسن الظن بها، أو أن يضل، فإن ضررها على المسلمين أعظم من ضرر السموم التي يأكلونها، ولا يعرفون أنها سموم، وأعظم من ضرر السراق والخونة، الذين لا يعرفون أنهم سراق وخونة ... وقد دخل بسبب هؤلاء الجهال المعظمين لهم من الشر على المسلمين، ما لا يحصيه إلا رب العالمين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص368)؛ عن الصوفية المبتدعة: (وأقوال هؤلاء شر من أقوال النصارى، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص317): (فمن كان خطؤه لتفريطه([122]) فيما يجب عليه من اتباع القرآن والإيمان مثلا، أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها، أو لاتباع هواه بغير هدى من الله؛ فهو الظالم لنفسه، وهو من أهل الوعيد). اهـ
قلت: فخطر المبتدعة أعظم من خطر الملل، وذلك من جهة عظم الفتنة بهم، والتباس أمرهم على العامة، لأنهم من أهل القبلة.
وفساد اليهود والنصارى ظاهر لعامة المسلمين، أما أهل البدع، فإنه لا يظهر فسادهم لكل مسلم.([123])
قال العلامة الشوكاني / في «فتح القدير» (ج1 ص154): (اتباع أهوية المبتدعة تشبه اتباع أهوية أهل الكتاب، كما يشبه الماء الماء، والبيضة البيضة، والتمرة التمرة، وقد تكون مفسدة اتباع أهوية المبتدعة أشد على هذه الملة من مفسدة اتباع أهوية أهل الملل؛ فإن المبتدعة ينتمون إلى الإسلام، ويظهرون للناس أنهم ينصرون الدين ويتبعون أحسنه، وهم على العكس من ذلك الضد لما هنالك، فلا يزالون ينقلون من يميل إلى أهويتهم من بدعة إلى بدعة، ويدفعونه من شنعة إلى شنعة، حتى يسلخوه من الدين ويخرجونه منه، وهو يظن أنه منه([124]) في الصميم، وأن الصراط الذي هو عليه هو الصراط المستقيم). اهـ
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج4 ص546)؛ في شأن الصوفية المبتدعة: (استعمارهم لأفكار ضعاف العقول أشد من استعمار كل طوائف المستعمرين). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص349): (ومن عظيم آفاتها، ومصيبة الأمة بها أن الأهواء المضلة، والآراء المهلكة التي تتولد من قبلها لا تزال تنمو، وتتزايد على ممر الأيام، وتعاقب الأزمنة، وليست الحال في الضلالات التي حدثت من قبل أصول الأديان الفاسدة كذلك، فإن فساد تلك معلوم عند الأمة، وأصحابها لا يطمعون في إدخالها في دين الإسلام فلا تطمع، أهل الملة اليهودية، ولا النصرانية، ولا المجوسية، ولا الثانوية، ونحوهم أن يدخلوا أصول مللهم في الإسلام). اهـ
4) وقال عنبسة بن سعيد الكلاعي /: «ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره على المسلمين، واختلجت منه الأمانة».
أثر صحيح
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص126)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص304)، وابن بطة في «الإبانة الصغرى» تعليقا (ص55) بإسناد صحيح.
قلت: لأن إذا حدث الرجل بالبدعة، وتمكنت من قلبه ودعا إليها، سلب ورعه وأمانته، وحمل غلا وحقدا على المسلمين؛ فافهم هذا ترشد.
قوله: «واختلجت»: من الخلج، وهو الجذب والنزع.([125])
قال الإمام ابن حزم / في «الفصل» (ج4 ص227): (واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص132)؛ عن المبتدعة: (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم، بأن هذا الكلام لا يدري ما هو؟ أو من قال: إنه صنف هذا الكتاب؟... وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ([126])، والعلماء، والملوك، والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله). اهـ
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
وشهد شاهد من أهلها!
قال الدكتور ! سمير استيتية في مقال له حين كان تلميذا !! في جامعة ميشغان الأمريكية !!! نشرته جريدة اللواء الأردنية بتاريخ 14 / 9 / 1983، كان مما قال فيه: (كلمة دكاترة جمع تكسير لمفرد مجهول الحقيقة والهوية، فارغ من كل مضمون، إلا مضمون واحد؛[كذا قال، وهو خطأ ظاهر، صوابه: مضمونا واحدا]؛ وهو أن الدكتوراه قد يحصل عليها العالم، والجاهل([127]) سواء بسواء!!!). اهـ
قلت: ولذلك يجب على المستفتي أن يبحث، ويسأل حتى يعرف صلاحية من يستفتيه للفتيا إذا لم يكن قد عرفه من قبل.([128])
قال تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [ [النحل:43].
قلت: لأن الفتوى شأنها عظيم، وخطرها جسيم، فهي توقيع عن الله تعالى، ودخول بين الله تعالى وبين خلقه، والقائم بها معرض للخطأ، فعليه أخذ الحيطة والحذر، وعدم الإقدام عليها إلا بعد التأهل لها مع شدة المراقبة لله تعالى، وملازمة التقوى والورع، وأهل العلم الربانيين، ولا يلزم العبد في ذلك أهل الشهادات الأكاديمية الجهلة، والله المستعان.
õõõõõõõ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
إلماعة