الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / البدر الطالع في أن إذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد وجب علي بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع
البدر الطالع في أن إذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد وجب علي بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع
البدر الطالع
في
أن إذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد وجب
علي بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر
بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع
تأليف
العلامة المحدث
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
دراسة أثرية، منهجية، علمية في أن إذا ثبتت رؤية الهلال لدخول شهر رمضان وخروجه في بلد من بلدان المسلمين، وجب على بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع، وذلك لتوحيد الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة.
ومعه:
كشف البلدان التي تدعي أنها تريد الوحدة، والاجتماع، والألفة مع بلدان المسلمين، وهي كاذبة في ادعائها، بل وتخالف الشريعة المطهرة وتصر على ذلك وتعاند، وتريد القضاء على الإسلام والمسلمين في أي فرصة تجدها من الفرص؛ ولكن هيهات، هيهات.
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
عونك يا رب يسر
المقدمة
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([1])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([2])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([3])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([4])
فهذه رسالة لطيفة أثرية في باب من أبواب الفقه السلفي؛ وهو وجوب صوم شهر رمضان وخروجه؛ على جميع المسلمين في وجه الأرض إذا ثبتت الرؤية في بلد من بلدان المسلمين.
قلت: وهذا مذهب أهل السنة والأثر قديما وحديثا، فلم نأت بمحدث من القول، ولا بمنكر من الفقه، وقد تحرينا فيه الاقتداء، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة y، والتابعين الكرام، والأئمة الفضلاء ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم.
قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.([5])
قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
قلت: وفرض الصوم هو أحد المباني الخمسة للإسلام، وقد فرضه الله تعالى لغاية عظمى؛ وهي: التقوى، فقال تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون[ [البقرة:183].
ولا تتحصل هذه الغاية إلا إذا التزم الناس في بلدانهم بما لهذه الفريضة من أحكام شرعية.
وشهر رمضان هو الطريق الأعظم لحصول هذه الغاية الجليلة التي توصل الشعوب الإسلامية إلى السعادة والفلاح، واجتماع الكلمة، وحصول الوحدة الدينية الحقيقية([6])، والألفة الإيمانية.
قلت: ويكون ذلك ابتداء برؤية هلال شهر رمضان وخروجه، واجتماع البلدان الإسلامية كلهم على صومه جميعا.
قلت: فإذا رآه أهل بلد لزم الناس كلهم صوم شهر رمضان([7])، ولا يجوز لأهل بلد أن يتخلفوا عن ذلك، وهذا أقرب إلى اتحاد المسلمين، وتوحيد كلمتهم، وعدم التفرق بينهم.
فإذا اجتمعوا وكان يوم صومهم، ويوم فطرهم واحدا كان ذلك أفضل، وأقوى للمسلمين في اتحادهم.
لذلك يجب على أهل أي بلد أن يأخذوا برؤية الهلال لبلد من بلدان المسلمين إذا ثبتت في غير مطلعهم، لعموم الأدلة، وذلك للمحافظة على الوحدة الإسلامية في صوم شهر رمضان، وفي صلاتهم، وفطرهم وغير ذلك.
قلت: فإذا ثبت دخول شهر رمضان بالرؤية الشرعية لزم جميع المسلمين حكاما ومحكومين في جميع البلدان الإسلامية الصوم، وكذلك إذا ثبت خروج شهر رمضان لزمهم الإفطار؛ لعموم الأدلة الظاهرة من الكتاب والسنة، والإجماع.
وإليك الدليل من الكتاب:
(1) قال تعالى: ]شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه[ [البقرة:185].
قلت: فإذا رآه أهل بلد لزم جميع الناس في البلدان الإسلامية الصوم، لأنهم في ذلك شهدوا شهر رمضان؛ فيجب عليهم الصوم لأمر الله تعالى بالصوم لجميع المسلمين على وجه الأرض، ويحرم تخلف أي بلد من البلدان الإسلامية عن الأمر الإلهي، والله المستعان.
(2) وقال تعالى: ]وأن تصوموا خير لكم[ [البقرة:184].
قلت: ولا ريب أن النبي r أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته، وقد ثبتت أحاديث صحيحة في هذا الحكم، فإذا ثبتت رؤية الهلال؛ برؤية شرعية في بلد ما، وجب على بقية البلدان العمل بهذه الرؤية صوما وإفطارا.
وإليك الدليل من السنة:
(1) فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله r ذكر رمضان فقال: (لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له).([8])
(2) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله r، قال: (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).([9])
(3) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (ترائى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله r، أني رأيته فصامه، وأمر الناس بصيامه).([10])
(4) وعن أبي هريرة t، قال: قال النبي r: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين). وفي رواية: (إذا رأيتم الهلال فصوموا ...).([11])
قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن إذا رئي الهلال ببلد –كبلد الحرمين- لزم الصوم جميع بلدان المسلمين، سواء اختلفت المطالع فيها، أو اتفقت([12])، وهو قول جمهور علماء الأمة الإسلامية، وهو الراجح، بل هو الأنسب لتوحيد الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة!.
وهذا هو الأقرب إلى اتحاد المسلمين، واجتماع كلمتهم في العبادات، وعدم التفرق بينهم، بحيث لا يكون هؤلاء مفطرين، وهؤلاء صائمين([13])، فإذا اجتمعوا وكان يوم صومهم، ويوم فطرهم واحدا كان ذلك أفضل، وأقوى للمسلمين في اتحادهم، واجتماع كلمتهم، وهذا مراد الشريعة المطهرة.([14])([15])
قال الإمام البهوتي / في «الروض المربع» (ص413): (وإذا رآه أهل بلد؛ أي: متى ثبتت رؤيته ببلد لزم الناس كلهم الصوم؛ لقوله r: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، وهو خطاب للأمة كافة!). اهـ
قلت: وقد أجمع الصحابة y على هذا الحكم، وهو أنه عدم الاعتداد في الصوم والفطر على اختلاف المطالع، وأن إجماعهم حجة على من بعدهم.
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد «أثبتوا بعدم الاعتداد على اختلاف المطالع في دخول شهر رمضان وخروجه»، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله و عيد شديد، و العياذ باللـه.
قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين؛ لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم؛ قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (ج25 ص132 و133)؛ اتفاق العلماء على أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الصوم، والفطر ونحوهما.
ونقل ابن حجر في «فتح الباري» (ج4 ص127)؛ عن الباجي المالكي: إجماع السلف على عدم الاعتداد بالحساب، وأن إجماعهم حجة على من بعدهم!.
قال الإمام ابن قدامة / في «المغني» (ج4 ص328): (وأجمع المسلمون على وجوب صوم شهر رمضان، وقد ثبت أن هذا اليوم من شهر رمضان، بشهادة الثقات، فوجب صومه على جميع المسلمين!([16]». اهـ
هذا وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم؛ نافعا لعباده، وأن يضاعف لي المثوبة والأجر، ويعلي درجتي في المهديين، إنه سميع قريب مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، خاتم النبيين، وإمام المتقين، وسيد الأولين والآخرين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن إذا ثبتت رؤية الهلال لدخول شهر
رمضان، وخروجه في بلد من بلدان المسلمين، فوجب على بقية البلدان
الإسلامية أن تصوم، وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع؛ لتوحيد
الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة
فلا ريب أن النبي r أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته، وقد ثبتت أحاديث صحيحة في هذا الحكم، فإذا ثبتت رؤية الهلال؛ برؤية شرعية في بلد ما، وجب على بقية البلدان العمل بهذه الرؤية صوما وإفطارا.
وإليك الدليل:
(1) فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله r ذكر رمضان فقال: (لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له). ([17])
(2) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله r، قال: (الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).([18])
(3) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: (ترائى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله r، أني رأيته فصامه، وأمر الناس بصيامه).([19])
(4) وعن أبي هريرة t، قال: قال النبي r: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين). وفي رواية: (إذا رأيتم الهلال فصوموا ...).([20])
قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن إذا رئي الهلال ببلد –كبلد الحرمين- لزم الصوم جميع بلدان المسلمين، سواء اختلفت المطالع فيها، أو اتفقت([21])، وهو قول جمهور علماء الأمة الإسلامية، وهو الراجح، بل هو الأنسب لتوحيد الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة!.
وهذا هو الأقرب إلى اتحاد المسلمين، واجتماع كلمتهم في العبادات، وعدم التفرق بينهم، بحيث لا يكون هؤلاء مفطرين، وهؤلاء صائمين([22])، فإذا اجتمعوا وكان يوم صومهم، ويوم فطرهم واحدا كان ذلك أفضل، وأقوى للمسلمين في اتحادهم، واجتماع كلمتهم، وهذا مراد الشريعة المطهرة.([23])([24])
قلت: وللعلم أن ما شهد هذا الزمان من تطورات في وسائل الاتصالات يمكن أن يصل الخبر إلى جميع أقطار الدنيا في أقل من ليلة.
قلت: حتى الأقليات الإسلامية في الدول الكافرة يصل إليها الخبر بكل يسر، فيجب عليها أن تعمل بهذا القول، وتتبع البلد الذي أعلن عن دخول شهر رمضان وخروجه، وهذا ميسر لهم.
قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص74): (لا شك أن اجتماع المسلمين في الصوم، والفطر أمر طيب، ومحبوب للنفوس، ومطلوب شرعا، حيث أمكن، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا بأمرين:
أحدهما: أن يلغي جميع علماء المسلمين الاعتماد على الحساب، كما ألغاه رسول الله r ([25])، وألغاه سلف الأمة، وأن يعملوا بالرؤية، أو بإكمال العدة.
الأمر الثاني: أن يلتزموا بالاعتماد على إثبات الرؤية في أي دولة إسلامية تعمل بشرع الله([26])، وتلتزم بأحكامه، فمتى ثبت عندها رؤية الهلال بالبينة الشرعية دخولا، أو خروجا تبعوها في ذلك؛ عملا بقول النبي r: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة).([27])
ومعلوم أن خطاب النبي r ليس خاصا بأهل المدينة، بل هو خطاب للأمة جمعاء في جميع أعصارها، وأمصارها إلى يوم القيامة.
فمتى توافر هذان الأمران أمكن أن تجتمع الدول الإسلامية على الصوم جميعا والفطر جميعا، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة الإسلامية، ورفض ما خالفها.
ولا ريب أن ذلك واجب عليهم؛ لقوله سبحانه: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65]، وما جاء في معناها من الآيات.
ولا ريب أيضا أن في تحكيمها في جميع شئونهم أن ذلك فيه صلاحهم، ونجاتهم واجتماع شملهم، ونصرهم على عدوهم، وفوزهم بالسعادة العاجلة والآجلة، فنسأل الله أن يشرح صدورهم لذلك ويعينهم عليه إنه سميع قريب). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن باز / في «الفتاوى» (ج15 ص78): (لا ريب أن الرسول r أمر أمته أن تصوم لرؤية الهلال، وتفطر لرؤيته ... فإذا ثبتت رؤية الهلال؛ برؤية شرعية في بلد ما، وجب على بقية البلاد العمل بها؛ لأن النبي r حين قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) ([28])، لم يقصد أهل المدينة فقط، وإنما قصد عموم المسلمين، وبناء على ذلك، فإذا ثبتت رؤيته في الحجاز وجب على من بلغهم الخبر في سائر الأقطار أن يعتمدها؛ لأنها دولة إسلامية محكمة للشريعة فيعمل بإثباتها عملا بعموم الأحاديث وإطلاقها، وهكذا الحكم في بقية الدول التي تحكم الشريعة ...
أما المطالع فلا شك في اختلافها في نفسها، أما اعتبارها من حيث الحكم فهو محل اختلاف بين العلماء، والذي يظهر لي أن اختلافها لا يؤثر وأن الواجب هو العمل برؤية الهلال صوما، وإفطارا، وتضحية؛ متى ثبتت رؤيته ثبوتا شرعيا في أي بلد ما ...
وهو قول جمع كثير من أهل العلم، حيث قيل باعتبار اختلاف المطالع؛ فالظاهر أنه لا يقع بأكثر من يوم). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الألباني / في «تمام المنة» (ص398): (يبقى حديث أبي هريرة t وغيره على عمومه؛ يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد، أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا([29]) ... وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هـو معلوم، ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول الإسلامية حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «حقيقة الصيام» (ص124): (وإن ثبتت رؤيته بمكان قريب أو بعيد، لزم جميع البلاد الصوم، وحكم من لم يره كمن رآه، ولو اختلفت المطالع، نص عليه، وذكره جماعة؛ للعموم، واحتج القاضي، والأصحاب، وصاحب «المغني»، و«المحرر» بثبوت جميع الأحكام، فكذا الصوم).اهـ
وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق» (ص125): (إذا ثبتت رؤية الهلال ثبوتا شرعيا، في أي مكان من الأرض، شرقا، أو غربا، شمالا أو جنوبا، لزم الصوم جميع الناس، وهذا هو المذهب، وهو الذي نص عليه الإمام أحمد /). اهـ
قلت: وهذه الفتوى عليها فقهاء الأمة الإسلامية، فيجب العمل بها لتأليف قلوب المسلمين في عبادتهم، والله ولي التوفيق.
قال الحنفية رحمهم الله: (يلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب، إذا ثبت عندهم رؤية أولئك، بطريق موجب، وعليه أكثر المشايخ، وعليه الفتوى).([30])
وقال المالكية رحمهم الله: (إذا رئي الهلال، عم الصوم سائر البلاد، قريبا، أو بعيدا، ولا يراعى في ذلك مسافة قطر، ولا اتفاق المطالع، ولا عدمها، فيجب الصوم على كل منقول إليه).([31])
وقال الحنابلة رحمهم الله: (إذا ثبتت رؤية الهلال بمكان، قريبا كان أو بعيدا، لزم الناس كلهم الصوم، وحكم من لم يره حكم من رآه).([32])
قلت: فهذه فتاوى المذاهب الفقهية المعتمدة في جميع بلدان المسلمين في هذه الدنيا!.
وقد وافقت السنة النبوية، فعلى أتباع المذاهب الفقهية في البلدان الإسلامية في هذا الزمان أن يتبعوا هذه المذاهب، ويتوحدوا في صوم شهر رمضان وفطره، ولأنهم يدعون اتباعهم في الفقه الإسلامي!، وأنهم على مذاهبهم!، فلماذا يخالفون ذلك، فيصوم كل بلد على ما يشاء، وكيف شاء!، ويفطر على ما يشاء، وكيف شاء!([33])، فبذلك خالفوا السنة النبوية!، وخالفوا المذاهب الفقهية المعتمدة عندهم، والتي ينتسبون إليها ظاهرا!، والله المستعان.
قلت: وهذا الحكم الشرعي الذي يدعو الدول الإسلامية إلى الوحدة الصحيحة في الصوم والفطر في عصرنا الآن لا يكاد يعرف إلا عند بعض الدول الإسلامية التي تحب الاتفاق، وتكره الاختلاف.
لكن أكثر الناس اليوم يظنون أن المسألة مبنية على اختلاف المطالع، أو على اختلاف الدول الإسلامية، فالكل يقرر على ما يفتى في دولتهم من قبل ما يسمى بـ(الشؤون الإسلامية)، وذلك بسبب تغلغل على المفتين عندهم الأفكار الاعتقادية المخالفة للكتاب والسنة.
لذلك يحبون أن يخالفوا الدول الإسلامية، خاصة الدولة التي يخالفونها في اعتقادهم مثل: «دولة بلد الحرمين» حفظها الله تعالى.
قلت: بل وتسربت عندنا هذه الأفكار على بعض الذين ينتسبون إلى العلم، فتراهم يدندنون في الصحف وغيرها على تقرير (الحساب الفلكي)، وغيره، بل ويغمزون فتاوى علماء الحرمين في صومهم على رؤية الهلال وفطرهم، ليقرروا ما شاءوا في البلد في أمر الصيام والفطر([34])، والله المستعان.
قال الإمام ابن حزم / في «الفصل» (ج4 ص171): (واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين!). اهـ
قلت: وخالف الجمهور؛ الشافعية رحمهم الله فقالوا: إذا رئي الهلال ببلد لزم حكمه البلد القريب لا البعيد، بحسب اختلاف المطالع في الأصح في مذهبهم.
واستدلوا على اعتبار اختلاف المطالع بحديث ابن عباس رضي الله عنهما ([35])، وهو أقوى ما استدل به الشافعية رحمهم الله:
فعن كريب، أن أم الفضل بنت الحارث، بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان([36]) وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس، وصاموا وصام معاوية، فقال: (لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه، فقلت: أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله r).([37])
قلت: ولا يعارض حديث ابن عباس رضي الله عنهما عموم الأحاديث التي ذكرناها.
وبيان ذلك من وجوه:
أولا: أن هناك خلافا مشهورا بين أهل العلم في هذه المسألة على مذاهب عدة؛ كما تراه مبسوطا في «فتح الباري» لابن حجر (ج4 ص125)، والمرجع في ذلك إلى الكتاب والسنة؛ لقوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء:59].
فعن الإمام ميمون بن مهران / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله[ [النساء:59] (إلى كتاب الله، والرد إلى رسول الله r إذا قبض إلى سنته). ([38])
قلت: والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة، وذلك لا يعدم، والله ولي التوفيق.([39])
ثانيا: أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما ورد فيمن صام على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين أو يروا هلالهم.
ثالثا: أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يصرح بأن النبي r أمرهم بأن لا يعملوا برؤية غيرهم من البلدان الإسلامية، فتنبه.
رابعا: أن ابن عباس رضي الله عنهما أراد أن يبين قول النبي r أنه أمرهم بإكمال الثلاثين أن يروه، ليبقى (كريب) / على الصيام مع أهل بلده، ويفطر معهم، فلا يتقدمهم في الفطر، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: (لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه)، لأن الصوم بصوم يوم الناس، والفطر بفطر يوم الناس.
خامسا: أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يعلم بخبر صوم معاوية بن أبي سفيان t في الشام ابتداء حتى يصوم معه، بل لم يعلم بذلك إلا آخر الشهر وذلك لقول كريب /: (فسألني عبد الله بن عباس فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة).
فقال ابن عباس رضي الله عنهما: (فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه).
قلت: وهذا موافق لعموم أحاديث رؤية الهلال؛ أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بقوله: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، ولذلك قال رضي الله عنهما: (هكذا أمرنا رسول الله r)؛ أي: أمرنا أن نصوم مع الناس، وأن نفطر مع الناس؛ أي: الصوم مع الأمة، والفطر مع الأمة.
قلت: إذا فعدم عمل ابن عباس رضي الله عنهما برؤية أهل الشام في هذا الشهر فقط، وذلك لأنه لا يدري بخبر صوم معاوية t للبعد الذي بينهما، ولتعذر سرعة الاتصالات، والمواصلات في ذلك الوقت.([40])
سادسا: أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما من الأحاديث المتشابه، والعلم في ذلك أن المتشابه يحمل على المحكم، فهو يعتبر من باب الاجتهاد، وليس بحجة، فيجب أن يقتصر على النصوص المحكمة.([41])
قال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «أسباب الخلاف بين العلماء» (ص18): (وطريق العلم أن يحمل المتشابه على المحكم). اهـ
قلت: فالاستدلال بهذا الحديث على صوم شهر رمضان باختلاف المطالع خطأ في الفهم والاستدلال أوقع الناس في خبط وخلط حتى تفرقوا في البلدان الإسلامية قديما وحديثا.
قلت: فهذا هو التوفيق بين حديث ابن عباس رضي الله عنهما، والاستدلال به.([42])
قال فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «تمام المنة» (ص398)؛ معلقا على صاحب كتاب (فقه السنة): (وهذا كلام عجيب غريب؛ لأنه إن صح أنه مشاهد موافق للواقع، فليس فيه أنه موافق للشرع أولا، ولأن الجهات - كالمطالع - أمور نسبية ليس لها حدود مادية يمكن للناس أن يتبينوها ويقفوا عندها؛ ثانيا.
وأنا - والله - لا أدري ما الذي حمل المؤلف على اختيار هذا الرأي الشاذ، وأن يعرض عن الأخذ بعموم الحديث الصحيح، وبخاصة أنه مذهب الجمهور، كما ذكره هو نفسه، وقد اختاره كثير من العلماء المحققين؛ مثل: شيخ الإسلام ابن تيمية في «الفتاوى» (المجلد 25)، والشوكاني في «نيل الأوطار»، وصديق حسن خان في «الروضة الندية» (1/224-225)، وغيره، فهو الحق الذي لا يصح سواه، ولا يعارضه حديث ابن عباس لأمور ذكرها الشوكاني /، ولعل الأقوى أن يقال: إن حديث ابن عباس ورد فيمن صام على رؤية بلده، ثم بلغه في أثناء رمضان أنهم رأوا الهلال في بلد آخر قبله بيوم، ففي هذه الحالة يستمر في الصيام مع أهل بلده حتى يكملوا ثلاثين، أو يروا هلالهم. وبذلك يزول الإشكال، ويبقى حديث أبي هريرة وغيره على عمومه؛ يشمل كل من بلغه رؤية الهلال من أي بلد، أو إقليم من غير تحديد مسافة أصلا؛ كما قال ابن تيمية في «الفتاوى» (25/ 157)، وهذا أمر متيسر اليوم للغاية كما هو معلوم، ولكنه يتطلب شيئا من اهتمام الدول الإسلامية حتى تجعله حقيقة واقعية إن شاء الله تبارك وتعالى.
وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم على نفسه، فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها ممن تقدمت في صيامها أو تأخرت؛ لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد كما وقع في بعض الدول العربية منذ بضع سنين. والله المستعان). اهـ
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص369): (أجمعوا على الأخذ بظاهر النصوص، وأنه حق على حقيقته، وأنه هو اللائق بالله عز وجل). اهـ
وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت([43]». وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في«الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346) من طرق عن الزهري به.
وإسناده صحيح.
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص40): (والإجماع حجة قاطعة فإن الله لا يجمع أمة محمد عليه السلام على ضلالة). اهـ
قلت: وهذه أحاديث صحيحة في أن إذا ثبتت رؤية الهلال في أي بلد وجب علي بقية البلدان الإسلامية أن تصوم وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
قلت: فإجماع المسلمين قديما ثابت على خلاف ما كان عليه أهل التمذهب؛ فإن السلف الصالح من صدر هذه الأمة؛ وهم: الصحابة الذين هم خير القرون، والتابعون لهم بإحسان، وأئمة الهدى من بعدهم كانوا مجمعين.
قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص39): (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد ... والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ
قلت: فمصادر المعرفة في أحكام الدين في الأصول والفروع موقوفة على هذه الأصول الثلاثة عند السلف الصالح، فعنها يصدرون، ومنها ينهلون، إذ لا حاجة لهم إلى غيرها في تلك المطالب، فقد ضمن الله لعباده فيها الهدى والنور، والعصمة من الغي والضلال، وفيها الكفاية والرحمة والذكرى لمن طلب الحق وصح قصده: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص136): (وأما الأمور الإلهية، والمعارف الدينية؛ فهذه العلم فيها مأخذه عن الرسول؛ فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود). اهـ
وهذا المنهج المتين الذي قام عليه مذهب السلف في الاستدلال قد دلت عليه أدلة كثيرة من النقل والعقل السليم([44])، فمنها:
قوله تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون[ [الأعراف: 158].
وقوله تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا [ [النساء: 80].
وقوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].
قلت: والرد إلى النبي r يكون إليه في حياته، وإلى سنته بعد مماته.([45])
وإن تمسك السلف بالكتاب والسنة في أبواب الأصول والفروع؛ لهو أعظم معالم منهجهم الذي خالفوا به عامة الطوائف المنحرفة، كما أنه من أعظم نعم الله عليهم، وذلك أن من فتح الباب لعقله في هذه المطالب الغيبية ضل، وانحرف عن السبيل، وتاه في ظلمات الغي والضلال.([46])
قلت: فأهل السنة يسلمون تسليما مطلقا؛ لكل ما صح في نصوص الوحي؛ فما أثبته النقل أثبتوه، وما نفاه نفوه، وما سكت عنه توقفوا فيه دون إثبات أو نفي.([47])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص41): (أن ما أخبر به الرسول r عن ربه؛ فإنه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه، أو لم نعرف؛ لأنه الصادق المصدوق؛ فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به، وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها). اهـ
قلت: فالنبي r بين لأصحابه الكرام القرآن لفظه ومعناه، فبلغهم معانيه كما بلغهم ألفاظه، ولا يحصل البيان، والبلاغ المقصود إلا بذلك.([48])
وقال تعالى: ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4].
وقال الإمام الطحاوي / في «عقيدته» (ص149): (ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام). اهـ
قلت: فقدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.([49])
قال تعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7].
فيجب التسليم بجميع ما ورد عن الرسول r، وقبوله، واتباع سنته([50])؛ كما قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
قلت: فيجب التسليم، والقبول لآيات، وأحاديث الأحكام في الأصول والفروع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (وهذا الدين هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا غيره). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص168): (يجب الاستسلام والتسليم لنصوص الكتاب والسنة). اهـ
قلت: فلا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، وقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.
قال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص538): (أنهم –يعني: الصحابة- لم يكونوا يدعون ما يعرفون من السنة تقليدا لهؤلاء الثلاثة؛ كما تفعله فرقة التقليد، بل من تأمل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحد كائنا من كان). اهـ
قال الإمام الشافعي: (لقد ضل من ترك حديث رسول الله r لقول من بعده).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق يوسف ابن القاسم الميانجي, حدثني الحسين بن الفتح, قال: حدثني أبو محمد بن صاعد , نا بحر , نا الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن مالك بن أنس, قال: سمعت ابن شهاب, يقول: (سلموا للسنة ولا تعارضوها).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص385)، والدارقطني في «الصفات» (ص44)، وأبو الفتح نصر المقدسي في «الحجة» (ج1 ص12) من طريق يحيى بن أيوب الزاهد, نا عبد الله بن وهب, عن مالك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص55) من طريق أبان بن عيسى بن دينار عن أبيه عن ابن القاسم عن مالك عن الزهري قال: (دعوا السنة تمضي، لا تعرضوا لها بالرأي).
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140).
وقال الإمام نعيم بن حماد , يقول: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به , وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق صالح بن أحمد التميمي, نا محمد بن عبد الله بلبل, نا أبو حاتم, قال: سمعت نعيم به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الإمام الزهري: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص257): (وحنيئذ فيكون حفظ الولي بمتابعة الكتاب والسنة، ولا ريب أن السنة؛ كما كان الزهري / يذكر عمن مضى من سلف المؤمنين، قال: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة). اهـ
وقال مخلد بن الحسين, (قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا محمد , إذا بلغك عن رسول الله r حديث فلا تظنن غيره , ولا تقولن غيره , فإن محمدا إنما كان مبلغا عن ربه).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص353) من طريقين عن عبد الكريم بن الهيثم, نا أبو عثمان الصياد سعيد بن المغيرة, نا مخلد بن الحسين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وكــــــل خــــــيــــــر في اتبــــــــاع من سلف |
|
|
وكـــــــل شـــــــــر في ابـــتــــــداع من خلف |
قال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة؛ حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة([51])؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ
لذا لما عول أهل البدع على عقولهم وتحاكموا إليها ؛ كثر اضطرابهم، وتباينت آراؤهم، بل ووجد التضاد في أقوالهم في المسألة الواحدة، ولدى الطائفة الواحدة([52])؛ اللهم سلم سلم.
وهؤلاء هم الحيارى؛ من التحير وهو الوقوع في الحيرة، وهي: التردد، والاضطراب، وعدم الاهتداء، وهم المتهوكون؛ من التهوك وهو: الذي يقع في كل أمر.([53])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وعلم أن الضلال والتهوك إنما استولى على كثير من المتأخرين بنبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإعراضهم عما بعث الله به محمدا r من البينات). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر: أن كل طائفة تتأول ما يخالف نحلتها ومذهبها فالمعيار على ما يتأول وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها فما وافقها أقروه ولم يتأولوه وما خالفها فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص216): (إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص409): (بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة، وتكون إما غلطا أو محرفة). اهـ
وعن الشافعي / قال: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله r, فقولوا بسنة رسول الله r, ودعوا ما قلت).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن مجاهد / قال: (ليس أحد إلا يؤخذ من قوله، ويترك من قوله إلا النبي r).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص107)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص300)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص91) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص176).
وإسناده صحيح.
وعن أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله r فهو على شفا هلكة).
أثر صحيح
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (733).
وإسناده صحيح.
قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.([54])
قال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ).([55]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص290): (وأما التأويل؛ بمعنى: صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه؛ فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف ... وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله تعالى، ورسوله r؛ التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص567): (وكل من خالف ما جاءت به الرسل عليهم السلام فهو ضال، من أي الطوائف كان، فإن الله بعثهم بالحق، والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل عليهم السلام لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل عليهم السلام). اهـ
قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [آل عمران:164].
وقال تعالى: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
قال الإمام ابن القيم / في «جلاء الأفهام» (ص286): (ولم يدع لأمته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله، ولا إلى من بعده بل كفاهم، وشفاهم، وأغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51]). اهـ
قلت: والنبي r كان أعلم الناس بربه ومولاه؛ كما قال r: (فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).([56])
قال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص330): (إن محمدا r أرشد الناس إلى جميع الحق حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة.
ولهذا كان خاتم الأنبياء فإنه لم يبق شيء يأتي به غيره، وأخبر محمد r بكل ما يأتي من أشراط الساعة، والقيامة، والحساب، والصراط، ووزن الأعمال، والجنة وأنواع نعيمها، والنار وأنواع عذابها). اهـ
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص150): (اقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين، وإليه داعين، ولمن أجابهم مبشرين، ولمن خالفهم منذرين، وجعل مفتاح دعوتهم، وزبدة رسالتهم: معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ إذ على هذه المعرفة تنبني مطالب الرسالة جميعها ... فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله). اهـ
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص655): (فإن الأمة كلها تنقل عمن قبلها، ومن قبلها عمن قبلها حتى ينتهي الأمر إلى الرسول r). اهـ
قلت: فتأمل هذا الفقه في الدين.
قال تعالى: ]قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض[ [العنكبوت: 52].
قلت: وإن إجماع أهل الأثر المنعقد على إثبات الأحكام من الكتاب والسنة والآثار، يمثل حقيقة الأمر، وأنه لم يخرج عن إجماعهم ([57]): ]إلا من سفه نفسه[ [البقرة: 130].
فإذا ثبت إجماع الأمة على حكم في الأصول والفروع، لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم؛ فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة.([58])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: وهذا تقرير لإجماع الأمة على وجوب تلقي أحاديث الرسول r في باب الفقه بالقبول والتسليم، والعمل بما دلت عليه، والإيمان بها.
قلت: فالصحابة y، والتابعون الكرام: أجمعوا على تلقي أخبار الرسول r بالقبول وعدم التكليف فيها، وهذا هو الواجب في هذا الباب؛ أن تقر هذه النصوص الشرعية بإثبات حقائقها، وفهم معانيها.([59])
قلت: فإجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسول r، وأن كل ما أجمعوا عليه فلابد أن يكون فيه نص عن الرسول r.([60])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1165): (إن ما جاء به الرسول r من الإثبات معلوم بالضرورة من دينه؛ كما هو معلوم بالأدلة اليقينية فلا يمكن مع تصديق الرسول r مخالفة ذلك). اهـ
وقال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص321): (هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص203): (لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية ترد إليها الجزئيات؛ ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم). اهـ
قلت: ولهذا فإنه يترتب على العناية بالقواعد المأثورة، والأصول الكلية المنقولة عن السلف الصالح من الفوائد، والمنافع ما لا يعلمه إلا الله؛ لأن فيها تجلية للأحكام، وتوضيح للمسائل، وإزالة للبس، وأمن من الخلط والخبط في الدين.([61])
قلت: فمذهب الجمهور؛ أنه لا عبرة باختلاف المطالع؛ لعموم قوله r: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، فيلزم غيرهم ما لزمهم.
ولذلك؛ فيحرم إنشاء الخلاف في بلدان المسلمين على مخالفة هذا الحكم الشرعي في صوم جميع المسلمين برؤية بلد واحد شرقا وغربا([62])،لأن ذلك كان عليه العمل في عهد النبي r ([63]): ]ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء[ [المائدة:54].
تنبيه: لكن لو خالف حاكم البلاد ذلك، وأمر الناس بالصيام، والإفطار بناء على ما أخبر بواسطة نوابه فيما يسمى بــ(الشؤون الإسلامية)، أو أمرهم بالصيام على (التقويم الفلكي)، أو (الحساب الفلكي)، أو يقدم في الصيام، أو يؤخر كيف يشاء، فوجب على الناس في بلده أن يصوموا، وأن يفطروا معه درءا للفتنة في البلد، لأن الصوم يوم صوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس في البلد، والإثم عليه، وعلى من أفتاه بذلك، اللهم غفرا.
فائدة: ولا بأس بالصوم، أو الإفطار عن طريق (المذياع) الذي تبثه حكومة البلد إذا ثبت عندها دخول شهر رمضان، أو خروجه من طريق المحكمة الشرعية.
وبذلك يجب على كل من سمع الخبر من الحكومة أن يعتمد خبر (الإذاعة)، فيصوم بذلك، ويفطر تبعا لحاكمه، وإخوانه المسلمين في بلده.([64])
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،
وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك
على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة...................................................................................................... |
2 |
2) |
إجماع الصحابة رضي الله عنهم على وجوب الصوم برؤية الهلال، والفطر برؤيته، وعدم النظر إلى اختلاف المطالع............. |
8 و9 |
3) |
ذكر الدليل على أن إذا ثبتت رؤية الهلال لدخول شهر رمضان، وخروجه في بلد من بلدان المسلمين، فوجب على بقية البلدان الإسلامية أن تصوم، وتفطر بهذه الرؤية ولا عبرة باختلاف المطالع؛ لتوحيد الأمة الإسلامية في عبادتها كلها على نهج الشريعة المطهرة..................................................................................... |
10 |
4) |
فتوى السادة الحنفية في عدم اعتبار اختلاف المطالع..................... |
16 |
5) |
فتوى السادة المالكية في عدم اعتبار اختلاف المطالع....................... |
16 |
6) |
فتوى السادة الحنابلة في عدم اعتبار اختلاف المطالع................... |
17 |
7) |
الرد على من اعتبر اختلاف المطالع في دخول شهر رمضان وخروجه................................................................................................... |
20 |
8) |
ذكر الدليل من الآثار على وجوب الرجوع إلى الكتاب والسنة..... |
31 |
([1]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه «الرد على الزنادقة والجهمية»: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ
([2]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم (متفقون على مخالفة الكتاب)؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ
([3]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ
([6]) لذلك لا يعتبر اختلاف المطالع في دخول شهر رمضان وخروجه، وذلك للمحافظة على الوحدة الإسلامية، فافطن لهذا ترشد.
([7]) قلت: ومن الفقهاء من رأى اعتبار اختلاف المطالع في دخول صوم شهر رمضان وخروجه، وقد اجتهدوا في هذا الحكم وأخطأوا، فلا يلتفت إلى حكمهم هذا في الشريعة المطهرة، وحكمهم هذا دائر بين الأجر والأجرين، لأن المعتبر في ديننا الحكم الموافق للكتاب والسنة، وإجماع الصحابة y، وذلك للمحافظة على الوحدة الإسلامية، وهو أقوى للمسلمين في اتحادهم في بلدانهم.
أخرجه أبو داود في «سننه» (2342)، والدارقطني في «سننه» (ج2 ص152)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص337)، وابن حبان في «صحيحه» (3447)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص423)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص212).
وإسناده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج2 ص187).
قلت: وهذا يدل على أن النبي r أمر جميع الناس بالصوم على هذه الرؤية، مع أنه r كانت الرؤية في بلده؛ فافهم لهذا.
([12]) قلت: فإذا رآه أهل المشرق، وجب على أهل المغرب، وغيرهم أن يصوموا، سواء اختلفت المطالع عندهم، أو اتفقت، بل حتى لو تأخر الهلال عن الشمس في المشرق، فوجب على أهل المغرب الصوم، وعليهم أن يتهيئوا لصيام يومهم عند غروب الشمس، ثم عند طلوع الفجر، ولا بأس بتأخير غروب الشمس، أو طلوع الفجر بأربع ساعات، أو أكثر، أو أقل بحسب المطالع في البلدان الإسلامية، لأن ذلك لا يضر في اجتماعهم على صوم رمضان، وقد كان هذا الأمر في عهد النبي r فتنبه.
([13]) قلت: والفارق في الساعات بالنسبة لاختلاف المطالع في البلدان الإسلامية لا يضر في الصوم والفطر، فافطن لهذا ترشد.
([14]) قلت: ولا شك أن اجتماع المسلمين في الصوم، والفطر أمر طيب، ومحبوب للنفوس، ومطلوب شرعا حيث أمكن.
([15]) وقد عمل الناس في عهد النبي r على هذا، وأنه إذا ثبتت رؤية الهلال لزم جميع البلدان أن يلتزموا بصوم، أو فطر، وهذا من الناحية الاجتماعية قول قوي.
([16]) قلت: واعتبار اختلاف المطالع في دخول صوم شهر رمضان وخروجه عند الشافعية الفقهاء، فهذا يعتبر مجالا للاجتهاد لهم فقط دون غيرهم، لأن الاختلاف في ذلك واقع ممن لهم الشأن في العلم والدين، وهو الذي يؤجر فيه المصيب أجرين: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة للحق، ويؤجر فيه المخطئ أجرا واحدا لاجتهاده، ولكن لا يؤخذ بقول المخطئ من الفقهاء.
([17]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1906)، ومسلم في «صحيحه» (1080)، والخطيب في «جزء ترائي الهلال» (ص17 و20).
([18]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1907)، ومسلم في «صحيحه» (1080)، والخطيب في «جزء ترائي الهلال» (ص19 و21 و23).
أخرجه أبو داود في «سننه» (2342)، والدارقطني في «سننه» (ج2 ص152)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص337)، وابن حبان في «صحيحه» (3447)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص423)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص212).
وإسناده صحيح، وقد صححه الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (ج2 ص187).
وهذا يدل على أن النبي r أمر جميع الناس بالصوم على هذه الرؤية، مع أنه r كانت الرؤية في بلده؛ فافهم لهذا.
وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية /.
انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج25 ص103 و105 و107).
([21]) قلت: فإذا رآه أهل المشرق، وجب على أهل المغرب، وغيرهم أن يصوموا، سواء اختلفت المطالع عندهم، أو اتفقت، بل حتى لو تأخر الهلال عن الشمس في المشرق، فوجب على أهل المغرب الصوم، وعليهم أن يتهيئوا لصيام يومهم عند غروب الشمس، ثم عند طلوع الفجر، ولا بأس بتأخير غروب الشمس، أو طلوع الفجر بأربع ساعات، أو أكثر، أو أقل بحسب المطالع في البلدان الإسلامية، لأن ذلك لا يضر في اجتماعهم على صوم رمضان، وقد كان هذا الأمر في عهد النبي r فتنبه.
([22]) قلت: والفارق في الساعات بالنسبة لاختلاف المطالع في البلدان الإسلامية لا يضر في الصوم والفطر، فافطن لهذا ترشد.
([23]) قلت: ولا شك أن اجتماع المسلمين في الصوم، والفطر أمر طيب، ومحبوب للنفوس، ومطلوب شرعا حيث أمكن.
([24]) وقد عمل الناس في عهد النبي r، وأبي بكر t، وعمر بن الخطاب t، وعثمان بن عفان t، وعلي بن أبي طالب t وغيرهم على هذا، وأنه إذا ثبتت رؤية الهلال لزم جميع البلدان أن يلتزموا بصوم، أو فطر، وهذا من الناحية الاجتماعية قول قوي.
([25]) يشير إلى حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي r أنه قال: (إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا). يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (1814)، ومسلم في «صحيحه» (1080).
قلت: والمراد من الحديث: لا نعرف حساب النجوم وتسيرها، فلم نكلف في مواقيت عباداتنا ما يحتاج فيه إلى معرفة حساب، ولا كتابة.
([29]) وأما كبر الأهلة، وصغرها، وارتفاعها، وانخفاضها، فليس عليه اعتبار، ولا يتعلق به حكم؛ لأن الشرع المطهر لم يعتبر ذلك.
وانظر: «الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج15 ص8).
([30]) انظر: «تنوير الأبصار وجامع البحار» للتمرتاشي الحنفي (ج3 ص418)، و«مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح» للشربنلالي الحنفي (ص656)، و«رد المحتار على الدر المختار» لابن عابدين الحنفي (ج3 ص418)، و«الحاشية على مراقي الفلاح» للطحطاوي الحنفي (ص656)، و«الدر المختار شرح تنوير الأبصار» للحصكفي الحنفي (ج3 ص418).
([31]) انظر: «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» لابن رشد المالكي (ج1 ص378)، و«القوانين الفقهية» لابن جزي المالكي (ص116).
([33]) فترى بلدا أهله يدعون أنهم على (المذهب المالكي!) لكنهم يخالفوه، ثم يصومون، ويفطرون على: (التقويم الفلكي!)، أو (الحساب الفلكي!)، كـ(ليبيا!، والجزائر!، والمغرب!، وتونس!) وغيرها، وإن بعضهم يصومون، ويفطرون على رؤية هلال بلدهم، فكذلك هؤلاء مخالفون للسنة، ومرادهم بذلك المخالفة في صومهم لبلدان المسلمين، لأنهم على: (الفكر الصوفي)، أو: (الفكر الإباضي)، أو: (الفكر الإخواني)، أو: (الفكر الأشعري)، أو غير ذلك، فلماذا لا تتركون أفكاركم هذه وتتوحدوا مع المسلمين في دول الخليج وغيرها في صومهم، وفطرهم، وغير ذلك من العبادات!.
وترى بلدا أهله يدعون أنهم على (المذهب الحنفي!)، لكنهم يخالفوه، ثم يصومون، ويفطرون قبل المسلمين بيوم أو يومين على فتاوى المفتين لهم من (الصوفية) المخالفين دائما، كـ(باكستان، والهند، وأفغانستان)، وغيرها، للخصومات التي بينهم، وبين البلدان الإسلامية، فلماذا لا تتركون أفكاركم هذه، وتتوحدوا مع المسلمين في أصولهم وفروعهم؟!.
وترى (الفرقة الإباضية) الذين يدعون التقريب بين المذاهب الإسلامية، يخالفون المسلمين نهارا جهارا في صوم شهر رمضان وفطره، كـ(عمان) وغيرها، على فتاوى المفتين من (الإباضية) فيها!، وذلك للخصومات التي بينهم وبين المسلمين، فلماذا لا تتركون أفكاركم هذه، وتتوحدوا مع المسلمين في أصولهم وفروعهم؟!.
قلت: وغير ذلك من البلدان التي تخالف المسلمين في صومهم وفطرهم، ألا يعلموا هؤلاء أن الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطر الناس!.
([34]) فهم لا يريدون أن يصوموا ويفطروا على رؤية المملكة العربية السعودية، وهذا أمر ينذر بخطر كبير، وشر مستطير، يفرق أهل السنة في البلد، وهذه محنة في بداية عهدها فلابد من أخذ الحيطة، والحذر من تطبيق آرائهم التي تفرق ولا تألف، حتى لا يحل بنا ما حل بغيرنا من الفرقة والفتنة، نسأل الله السلامة والعاقبة.
([35]) قلت: والعجيب من أمر الذين يدعون التقريب بين الأمة الإسلامية وتوحيدها يفتون بلدانهم بالصوم والفطر على اختلاف المطالع في البلدان، فوقعوا في تفريق الأمة في عبادتها!، وهم لا يشعرون، والله المستعان.
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص67)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص190).
وإسناده صحيح.
([40]) قلت: وأما الشهور الأخرى التي هي من رمضان كان ابن عباس رضي الله عنهما يصوم مع الناس كلهم على وجه الأرض، ويستحيل منه أنه لا يصوم رمضان مع الأمة في عهده، بل كان رضي الله عنهما يصوم مع النبي r، ويفطر معه r.
([41]) قلت: وكذلك لا يصلح حديث ابن عباس رضي الله عنهما للتخصيص، لأن ابن عباس رضي الله عنهما، لم يأت بلفظ النبي r، ولا بمعنى لفظه حتى ننظر في عمومه، وخصوصه، إنما جاءنا بصيغة مجملة: (هكذا أمرنا رسول الله r)، فيحمل هذا المرفوع المجمل على الأحاديث المرفوعة المحكمة، والله ولي التوفيق.
([42]) وانظر: «الدراري المضية شرح الدرر البهية» للشوكاني (ج1 ص224)، و«نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار» له (ج4 ص195)، و«الروضة الندية شرح الدرر البهية» للقنوجي (ج1 ص737)، و«تمام المنة» للشيخ الألباني (ص398).
([43]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).
انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).
([48]) انظر: «مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج4 ص1411)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج13 ص28 و29)، و«الرسالة الصفدية» له (ص133 و258 و259)، و«مقدمة في أصول التفسير» له أيضا (ص21)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص246).
([49]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص171)، و«شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا ابن عثيمين (ص32 و33)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للهكاري (ص284)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص149)، و«عقيدة المسلمين» للبليهي (ج2 ص168)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص92 و93)، و«الفقه الأكبر» لأبي حنيفة (ص57)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص250).
([50]) كما يجب الانكار الشديد على من يعترض على أخباره الصحيحة، أو بعضها على سبيل الانكار، أو الاستبعاد لها، لأن التساهل في ذلك، وعدم الحزم فيه يساعد على فشو البدع، وانتشارها بين الأمة.
وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص321).
([51]) قلت: فمن كادهم قصمه الله تعالى ... ومن عاندهم خذله الله تعالى ... لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم ... وإن الله على نصرهم لقدير.
([52]) وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج5 ص365)، و«الفتاوى» له (ج17 ص357)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له أيضا (ص241 و243).
([54]) وانظر: «الحجة في بيان المحجة» لأبي القاسم الأصبهاني (ج1 ص104)، و«الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص333)، و«الفتاوى» له (ج16 ص410)، و(ج17 ص363).
([58]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج2 ص90)، و«العدة في أصول الفقه» لأبي يعلى (ج4 ص1058)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص441)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ص315).
([59]) وانظر: «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» لابن القيم (ج2 ص208 و210)، و(ج4 ص1453)، و«التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» لابن عبد البر (ج7 ص145).
([60]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص38 و39)، و«أحكام أهل الذمة» لابن القيم (ج2 ص814)، و«حادي الأرواح» له (ص422)، و«الصواعق المرسلة» له أيضا (ج2 ص655).
([63]) لذلك يحرم على الذين ابتلوا بالحزبية، والطائفية من أتباع المذاهب العقدية، كــ(المذهب الإباضي) و(المذهب الصوفي) وغير ذلك، الذين سيطروا على الفتاوى في الشؤون الإسلامية في بلدان المسلمين، فيحرم عليهم أن يحملوا الناس على مخالفة الشرع أولا، ومخالفة بلدان المسلمين ثانيا، لاختلافهم معهم في الأصول والفروع.
بل رأينا من بعض الدول عجبا عجابا إذا صلحت العلاقات بين الدولتين، فالرؤية واحدة!، وإن ساءت العلاقات اختلفت المطالع!، والله المستعان.
وانظر: «التعليق على رسالة حقيقة الصيام» لشيخنا ابن عثيمين (ص127).