الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / التأصيل في كيفية إقامة الحجة على العباد
التأصيل في كيفية إقامة الحجة على العباد
سلسلة من شعار أهل الحديث |
84 |
التأصيل
في
كيفية إقامة الحجة على العباد
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين،
والعاقبة للمتقين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد،
* لقد أنزل الله تعالى الكتاب تبيانا لكل شيء.
قال تعالى: ]ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء[ [النحل:89].
* كما أن هذا الكتاب: واضح في نفسه وبين.
قال تعالى: ]آلر تلك آيات الكتاب المبين [ [يوسف:1].
*وهو ميسر لمن أراد تعلمه، والاستفادة من هديه.
قال تعالى: ]ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر[ [القمر:17].
* فكلام الله تعالى يفهمه من سمعه، لأنه ميسر، وكذلك كلام الرسول r، لأنه مفسر.
* غير أن هذه المسألة: تتفاوت من عبد إلى آخر، إذا كانت على التفصيل، أما على الإجمال، فهذه الشريعة يفهمها كل أحد ابتداء، فإن الفهم لا يفوت جميعهم، لأن قدرات المكلفين تتفاوت في التفصيل في الأحكام في الفروع، والأصول.
* فمن منطلق: وضوح: «الرسالة» في نفسها، ثم توضيح الرسول r: لها أحسن توضيح، اعتبر أهل العلم، أن بلوغ الحجة كاف لقيامها على العباد.
* فلم يشترطوا: فهم الخطاب التفصيلي، بل يكفي: فهم الخطاب الإجمالي في إقامة الحجة على العباد.
ولذلك قالوا: إن كل من بلغه القرآن، وخبر الرسول r، قد قامت عليه الحجة، ولا داعي لبحث، هل فهم مراد الخطاب، أم لم يفهمه، لأن الشريعة بينة لكل أحد، إذا بلغته؛ بأي: وسيلة كانت. ([1])
* ولهذا: كان التكليف؛ بما يطاق من أهم مميزات ديننا الحنيف، فلو كان خطاب الله تعالى، غير مفهوم، لدى الناس، وهم أمروا بالعمل بمقتضاه، لكان ذلك تكليفا بما لا يطاق، وهذا ممتنع في دين الله تعالى.
* فجاء الرسول r: بالبينات، وجوامع الكلم.
قال تعالى: ]ولقد أنزلنا إليك آيات بينات[ [البقرة:99].
وقال تعالى: ]شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان[ [البقرة:185].
* والبيان: ما بين به الشيء من الدلالة، وبان الشيء، بيانا: اتضح، فهو بين، واستبان الشيء: ظهر.
والتبين: الإيضاح، والتبيين: الوضوح، والبيان: إظهار المقصود، بأبلغ لفظ. ([2])
قال الإمام الطبري / في «جامع البيان» (ج17 ص128)، و(ج18 ص134)؛ عن تفسير الآيات: (البينات؛ أي: دلالات واضحات... ومبينات؛ أي: صارت مبينة، بنفسها الحق). اهـ
* والله تعالى أرسل رسوله r؛ ليعلم الناس: الكتاب والسنة.
قال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النحل:44].
وقال تعالى: ]ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين[ [النور:34].
* وأدى الرسول r هذه الأمانة، فبين الذكر، الذي أنزل عليه، وبلغه بلاغا مبينا، فعرف أصحابه y: الحق، والعلم، والهدى. ([3])
* فكان r أعلم الخلق بالحق، وكان أفصحهم لسانا، وأقواهم بيانا، وأحرصهم على هداية العباد، وهذا يوجب أن يكون بيانه أكمل من بيان كل الخلق. ([4])
* وهذه المسألة: تحتاج إلى تفصيل عن طريق أهل السنة والجماعة، حتى تتبين على وجهها الصحيح، ولا ينسب لأحد من أهل العلم: ما لم يقله، أو لم يرده، أو أخطأ فيه.
* وأشهر من تكلم في مسألة بلوغ الحجة على المعين، وغيره في هذا الزمان، وأنه كاف في إصدار الحكم على المخالف بحسبه، سواء: فهم ([5])، أم لم يفهم. ([6])
فأشهر من تكلم في ذلك: هو العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأحفاده، وتلاميذه رحمهم الله؛ وهم: أئمة الدعوة النجدية رحمهم الله؛ في بلد الحرمين.
* وإليك الدليل:
قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الرسائل الشخصية» (ج7 ص244): (وأما أصول الدين: التي أوضحها الله تعالى، وأحكمها في كتابه؛ فإن حجة الله تعالى: هي القرآن، فمن بلغه القرآن، فقد بلغته الحجة.
* ولكن أصل الإشكال؛ أنكم لم تفرقوا: بين قيام الحجة، وفهم الحجة، فإن أكثر الكفار، والمنافقين، لم يفهموا: حجة الله تعالى عليهم، مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44].
* وقيام الحجة: نوع، وبلوغها نوع، فإن أشكل عليكم ذلك، فانظروا؛ قوله r: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم»([7])، وقوله r: «شر قتلى تحت أديم السماء»([8])، مع كونهم في عصر الصحابة y، ويحقر الإنسان، عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس، أن الذي: أخرجهم من الدين، هو: التشديد، والغلو، والاجتهاد، وهم: يظنون أنهم يطيعون الله تعالى، وقد بلغتهم: الحجة، ولكن لم يفهموها -يعني: على التفصيل-.
* وكذلك: قتل علي t، الذين اعتقدوا فيه، وتحريقهم بالنار، مع كونهم: تلاميذ الصحابة y، مع مبادئهم، وصلاتهم، وصيامهم، وهم يظنون أنهم على حق.
* وكذلك: إجماع السلف على تكفير غلاة القدرية، وغيرهم، مع علمهم، وشدة عبادتهم، وكونهم يحسبون: أنهم يحسنون صنعا، ولم يتوقف أحد من السلف في تكفيرهم؛ لأجل كونهم، لم يفهموا).اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» (ص9): (قامت على الناس الحجة بالرسول r، وبالقرآن... فكل من سمع الرسول r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة). اهـ
* وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: هل يعذر الإنسان بجهله؟ مثلا: رجل زار قبور الأولياء بنية التبرك بهم، مع أنه لا يعلم أن ذلك الفعل من الشرك الأكبر، مع بيان وتوضيح الأدلة من الكتاب والسنة، جزاكم الله خيرا.
فأجاب فضيلته: (أمور العقيدة التي تتعلق بالتوحيد والشرك لا يعذر فيها بالجهل: وهو بين المسلمين، ويسمع القرآن والأحاديث، ويستطيع أن يسأل، ما يعذر بدعوة القبور، والاستغاثة بالأموات وأشباه ذلك، بل يجب عليه أن يتعلم، وأن يتفقه، وليس له أن يتساهل في هذا الأمر. وقد سأل النبي r ربه أن يستغفر لأمه، وهي ماتت في الجاهلية، فلم يؤذن له، وقال: «إن أبي وأباك في النار»([9]) لما سأله رجل عن أبيه، قال: «إن أبي وأباك في النار»([10])، وقد مات في الجاهلية. قال جمع من أهل العلم: إنما ذلك لأنهما ماتا على علم بشريعة إبراهيم عليه السلام، وشريعة إبراهيم النهي عن الشرك!، فلعل أمه بلغها ذلك، فلهذا نهي عن الاستغفار لها، ولعل أباه بلغه ذلك، فلهذا قال: «إن أبي وأباك في النار»([11])، فإذا كان أبوه r، وأمه لم يعذرا وهما في حال الجاهلية، فكيف بالذي بين المسلمين، وعنده العلماء، ويسمع القرآن، ويسمع الأحاديث.
فالحاصل: أن هؤلاء الذين يعكفون على القبور، ويستغيثون بالأموات غير معذورين، بل يجب عليهم أن يتفقهوا في الدين، وأن يسألوا أهل العلم، وألا يبقوا على حالهم السيئة. والآيات تعمهم والأحاديث) ([12]). اهـ
* وفي حكم العذر بالجهل في اقتراف المعاصي: سئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: هل يعذر الشخص بالجهل إذا فعل فعلا مكفرا، وهو كبيرة من الكبائر بل من أكبرها؟ وجهونا حول هذا الموضوع، وكيف نقارن بين هذا، وبين قوله تعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48].
فأجاب فضيلته: (لا يعذر في اقتراف المعاصي وهو بين المسلمين، في إمكانه أن يسأل أهل العلم ويتبصر، لا يعذر بالتساهل، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، ويبادر بالتوبة من المعصية، والمعصية تختلف إن كانت كفرا؛ كدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، أو سب الدين، أو ترك الصلاة، هذا عليه التوبة إلى الله جل وعلا منها، والمبادرة بالتوبة، والله تعالى يتوب على التائبين. أما إن كانت معصية ليست كفرا، مثل التدخين، وشرب المسكر، وأكل الربا، فهذه معاص، فالواجب عليه البدار بالتوبة، والاستغفار، والندم، والإقلاع، والعزم ألا يعود في ذلك، وإن مات عليها فهو تحت المشيئة، مثلما قال سبحانه وتعالى: ]إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[ [النساء: 48]؛ إذا مات على المعصية، مات وهو يأكل الربا، أو مات وهو يشرب الخمر، لكنه مسلم يصلي، مسلم، هذا تحت مشيئة الله تعالى، أو مات وهو عاق لوالديه، أو مات وهو قد زنا، أو ما أشبه ذلك، تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء الله سبحانه غفر له، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها، إذا كان غير تائب، ما تاب، أما إذا كان تائبا، فالتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - التائب لا ذنب له، أما لو مات على الزنا ما تاب، أو على العقوق وما تاب، أو على شرب مسكر ما تاب، أو نحو ذلك، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له، فضلا منه، وإحسانا منه، جل وعلا، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها؛ وبعد التعذيب والتطهير يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات مسلما موحدا، لا يخلد في النار إلا الكفار، لكن هذا الذي دخل النار بمعصيته إذا عذب التعذيب الذي أراده الله، يخرجه الله من النار إلى الجنة بتوحيده، وإيمانه الذي مات عليه، لا يخلد في النار إلا الكفرة؛ هذا والله أعلم) ([13]).اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» (ص23): (الحجة بالقرآن على من بلغه، وسمعه، ولو لم يفهمه). اهـ؛ يعني: على التفصيل. ([14])
وقال العلامة الشيخ حمد بن معمر التميمي / في «النبذة الشريفة» (ص115): (إن الله تعالى: أرسل الرسل عليهم السلام، مبشرين، ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله تعالى حجة، بعد الرسل عليهم السلام.
* فكل من بلغه القرآن، ودعوة الرسول r، فقد قامت عليه الحجة.
فقال تعالى: ]لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19].
وقال تعالى: ]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا[ [الإسراء:15].
* وقد أجمع العلماء: على أن من بلغته دعوة الرسول r، فحجة الله تعالى قائمة عليه.
* فكل من بلغه القرآن، فليس بمعذور، فإن الأصول الكبار، التي هي: أصل دين الإسلام، قد بينها الله تعالى في كتابه، ووضحها، وأقام بها الحجة على عباده.
* وليس المراد: بقيام الحجة، أن يفهمها الإنسان فهما جليا؛ كما يفهمها من هداه الله تعالى ووفقه، وانقاد لأمره.
* فإن الكفار: قد قامت عليهم حجة الله تعالى مع إخباره، بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه.
* فهذا: بينته لك أن بلوغ الحجة: نوع، وفهمها: نوع آخر).اهـ
قلت: وهذا يدل أن الفهم التفصيلي لا يشترط مطلقا، لقيام الحجة، بل يشترط فقط، الفهم الإجمالي، وذلك لوضوح القرآن؛ لأنه كلام الله تعالى، وبخاصة: في أمر توحيد الله تعالى في المعرفة والإثبات، وأصول الاعتقاد، والطاعة والاتباع، والنهي عن الشرك بالله تعالى، والإيمان بالرسول r، وطاعته، وكذا الإيمان بحياة البرزخ، والإيمان باليوم الآخر.
وسئل العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: نود من فضيلتكم توجيه أبنائكم الطلاب حول الجدل الحاصل بين طلبة العلم؛ حول مسألة العذر بالجهل؟.
فأجاب فضيلته: (اليوم ما فيه جهل ولله الحمد، تعلم الناس، أنتم تقولون الناس مثقفون وتعلموا، والناس، والناس... فما فيه جهل الآن، الكتاب يتلى على مسامع الناس في المشارق والمغارب، وتبثه وسائل الإعلام، القرآن تقوم به الحجة: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19]؛ هل ما بلغ القرآن؟!، والله إنه بلغ المشارق والمغارب، ودخل البيوت، ودخل في الكهوف، وفي كل مكان، فقامت الحجة ولله الحمد، لكن من أعرض عنها فهذا لا حيلة له، أما من أقبل عليها، ولما سمع القرآن تمسك به، وطلب تفسيره الصحيح، وأدلته، وتمسك بها، فهذا ما يبقى على الجهل والحمد لله، مسألة العذر بالجهل هذه إنما جاءت من المرجئة؛ الذين يقولون: إن العمل ليس من الإيمان، و لو أن الإنسان ما عمل، فهو مؤمن، هذا مذهب باطل؛ الحجة قائمة ببعثة الرسول r: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء:165]؛ والقرآن: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ فالرسول: جاء الرسول، والقرآن: موجود، وباق، ونسمعه، ونقرأه، فما للجهل مكان إلا أن الإنسان الذي لا يريد العلم معرض، فالمعرض لا حيلة فيه، أما من أحب العلم، وأقبل عليه فسيجد إن شاء الله العلم الصحيح، نعم) ([15]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: لو قال لا بد أن تتوفر شروط فيمن أريد تكفيره بعينه، وتنتفي الموانع؟
فأجاب فضيلته: (مثل هذه الأمور الظاهرة، ما يحتاج فيها شيئا، يكفر بمجرد وجودها، لأن وجودها لا يخفى على المسلمين، معلوم بالضرورة من الدين، بخلاف الذي قد يخفى؛ مثل: شرط من شروط الصلاة، بعض الأموال التي تجب فيها الزكاة، تجب أو لا تجب، بعض شؤون الحج، بعض شؤون الصيام، بعض شؤون المعاملات، بعض مسائل الربا) ([16]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: بعض الناس يقول: المعين لا يكفر؟
فأجاب فضيلته: (هذا من الجهل، إذا أتى بمكفر: يكفر) ([17]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: يا شيخ جملة من المعاصرين ذكروا أن الكافر: من قال الكفر، أو عمل بالكفر، فلا يكفر حتى تقام عليه الحجة، وأدرجوا: عباد القبور في هذا؟
فأجاب فضيلته: (هذا من جهلهم، عباد القبور كفار، واليهود كفار، والنصارى كفار، ولكن عند القتل يستتابون، فإن تابوا؛ وإلا قتلوا) ([18]).اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله البابطين / في «الرسائل النجدية» (ج5 ص519): (التكفير، والقتل: ليسا موقوفين على فهم([19]) الحجة مطلقا، بل على بلوغها، ففهمها شيء، وبلوغها شيء آخر.
* فلو كان هذا الحكم موقوفا، على فهم: الحجة، فلم نكفر، ونقتل، إلا من علمنا أنه معاند خاصة، وهذا بين البطلان). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله البابطين / في «الرسائل النجدية» (ج5 ص10): (فمن بلغته رسالة محمد r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة، فلا يعذر في عدم: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، فلا عذر له بعد ذلك بالجهل.
* وقد أخبر الله تعالى، بجهل كثير من الكفار، مع تصريحه بكفرهم... لا عذر لمن كان حاله هكذا، لكونه: لم يفهم حجج الله تعالى وبيناته؛ لأنه لا عذر له بعد بلوغها له، وإن لم يفهمها.
* وقد أخبر الله تعالى، عن الكفار: أنهم لم يفهموا، فقال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا[ [الأنعام: 25]؛ فبين تعالى؛ أنهم: لم يفهموا، فلم يعذرهم، لكونهم: لم يفهموا).اهـ
قلت: فإذا ثبت ذلك في العبد، فليس أن يبحث، هل فهم المخاطب، أو لم يفهم، فمن كان صادقا، فإنه يوفق لفهم خطاب الله تعالى، ومن كان غير ذلك، فإنه يعمى عليه، ولا تكون له حجة في ذلك.
* فأهل العلم: لم يتنازعوا في كون فهم الخطاب في الجملة؛ من المكلف شرطا، في قيام الحجة عليه، يعني: المكلف العاقل الذي يدرك الخطاب ابتداء.
سئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: عن مسألة قيام الحجة؟
فأجاب فضيلته: (بلغهم القرآن، هذا بلاغ للناس، القرآن بلغهم، وبين المسلمين: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]، ]هذا بلاغ للناس[ [إبراهيم:52]، ]ياأيها الرسول بلغ[ [المائدة:67].
* قد بلغ الرسول، وجاء القرآن، وهم بين أيدينا يسمعونه في الإذاعات، ويسمعون في غيرها، ولا يبالون، ولا يلتفتون، وإذا جاء أحد ينذرهم ينهاهم آذوه، نسأل الله العافية) ([20]).اهـ
وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: الاختلاف في مسألة العذر بالجهل من المسائل الخلافية؟
فأجاب فضيلته: (مسألة عظيمة، والأصل فيها أنه لا يعذر من كان بين المسلمين، من بلغه القرآن والسنة، ما يعذر.
* الله جل وعلا قال: ]هذا بلاغ للناس[ [إبراهيم:52]، ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]، من بلغه القرآن والسنة غير معذور، إنما أوتي من تساهله، وعدم مبالاته) ([21]).اهـ
قلت: فمن جهل الأحكام في مباني الإسلام، وهي: «الصلاة»، و«الزكاة»، و«الصيام»، و«الحج»، فتركها هذا الجاهل، يكفر بمجرد ذلك.
* ولا يعذر بجهله، خاصة في زماننا هذا([22])، الذي استفاض فيه علم الشرع، وانتشر بين العامة والخاصة، وعرف هذا العلم، الخاص، والعام، واشترك فيه: العالم، والجاهل، فلا عذر لأحد، بتأويل: يتأوله بالباطل في الأصول والفروع في الدين.
* إن المعلوم من الدين بالضرورة قد اشترك فيه أفراد الأمة، علماء، وطلبة، وعامة([23])، فلا عذر لأحد في المعلوم من الدين بالضرورة.
وعليه؛ فإن إطلاق القول بأن المعلوم من الدين بالضرورة، أمر قد قامت به الحجة على جميع الناس، فلا يسعهم جهله، ومن ثم مخالفته.
قال العلامة ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ص70): (فلا ريب أنه يجب على كل أحد أن يؤمن بما جاء به الرسول r، إيمانا عاما مجملا، ولا ريب أن معرفة ما جاء به الرسول r على التفصيل، فرض على الكفاية، فإن ذلك داخل في تبليغ ما بعث الله تعالى به رسوله r، وداخل في تدبر القرآن، وعقله، وفهمه). اهـ
* والمشركون: الذين عاصروا؛ نزول الوحي على رسول الله r؛ فهموا([24]): مدلول آيات القرآن على الإجمال، في التوحيد، والبعث، والرسالة، لأنهم أهل اللغة العربية، وكذا الأعاجم.
* وقد قامت عليهم الحجة، وكفروا بالله تعالى، ونفى الله عنهم الفهم، والفقه على التفصيل، وهذا النوع من الفهم: هو فهم التفقه في الدين.
قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44].
وقال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا[ [الأنعام:25].
قلت: إذا، فلا بد من وجود نوع آخر من الفهم، لقيام الحجة على الخلق، وهو الفهم المجمل، الذي يعقل من الإنسان العاقل.
قلت: وهذا النوع من الفهم: هو الفهم اللغوي، فإنه لا يحتاج إليه، لقيام الحجة، فإذا وصل القرآن إلى الأعجمي، فقد قامت عليه الحجة، لأنه يفهم القرآن، الفهم المجمل.
فالأعاجم: لما بلغهم القرآن، فهموا مدلول آياته على الإجمال، من التوحيد، والبعث، والرسالة، لأنهم: عقلاء.
قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الرسائل الشخصية» (ج7 ص220): (إذا كان المعين: يكفر، إذا قامت عليه الحجة، فمن المعلوم، أن قيامها ليس معناه، أن يفهم كلام الله تعالى، ورسوله r، مثل: فهم أبي بكر t.
* بل إذا بلغه كلام الله تعالى، ورسوله r، وخلا من شيء يعذر به، فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن، مع قول الله تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه[ [الأنعام: 25 ]). اهـ
وقال العلامة الشيخ حمد بن معمر التميمي / في «النبذة الشريفة» (ص116): (وليس المراد بقيام الحجة، أن يفهمها الإنسان، فهما، جليا، كما يفهمها من هداه الله تعالى ووفقه، وانقاد لأمره). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص251): (وينبغي أن يعلم الفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة، فإن من بلغته دعوة الرسل عليهم السلام، فقد قامت عليه الحجة، إذا كان على وجه يمكن معه العلم). اهـ
قلت: والعلم هنا؛ المراد منه ليس علم التفقه، بل المراد منه العلم في الجملة، الذي يعرفه كل عاقل مكلف، لأن بعقله، وبفهمه على الإجمال، يعلم أنه مكلف بالدين الإسلامي ابتداء. ([25])
* فإذا تمكن من هذا العلم في الجملة، بعد ذلك يأتي من هذا الإنسان العاقل علم التفقه، وفهم التفقه، حتى يعرف الإسلام جملة وتفصيلا، على حسب اجتهاده في تعلم علم الفقه.
والحاصل: أن مقصود أهل العلم، من عدم اشتراط الفهم، لقيام الحجة على الناس.
هو النوع الأول: من الفهم، وهو الفهم المجمل، وليس مقصودهم النوع الثاني: وهو فهم التفقه، الذي يؤدي إلى الامتثال، والانقياد على التفصيل.
قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص252): (ولا يشترط في قيام الحجة، أن يفهم عن الله تعالى، ورسوله r ما يفهمه أهل الإيمان، والقبول، والانقياد، لما جاء به الرسول r). اهـ
قلت: فالبيان يتحقق بما يفهمه الإنسان بحسب لغته، للجاهل العربي، والجاهل الأعجمي، ويعد بيانا لهما. ([26])
* فبلوغ الحجة يكون بالعربية لمن يحسنها، أو بالترجمة، إن حصلت: لمن كان أعجميا، لا يعرف العربية، وإلا في الأصل إذا بلغ هذا الأعجمي القرآن، فقد قامت عليه الحجة، لأنه مكلف عاقل، ويعلم ماذا يريد منه القرآن، وإلا كيف أسلم الأعاجم على مر العصور، وكر الدهور، لأنهم: يعلمون ماذا يريد الله تعالى بالقرآن، والإسلام، وبعثة النبي r. ([27])
قال الإمام ابن القيم / في «طريق الهجرتين» (ص413): (الواجب على العبد، أن يعتقد أن كل من دان بدين غير الإسلام، فهو كافر، وأن الله تعالى، لا يعذب أحدا؛ إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول r، وهذا في الجملة، والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه). اهـ
هذا من جهة؛ إذ بعد أن بعث الله تعالى، محمدا r: رسولا، إلى الناس، وأكمل له الدين، ثم بيانه r: لما أرسل به، أحسن بيان وأبلغه.
* ومن جهة أخرى؛ فإن تخلية الله تعالى، للناس: بينهم، وبين الهدى، وبيان الرسول r له.
* وإراءتهم الصراط المستقيم، حتى كأنهم يشاهدونه عيانا، وإقامة أسباب الهداية لهم ، ظاهرا، وباطنا.
* ولم يحل بينهم، وبين تلك الأسباب، بل ومن حال بينه، وبينها منهم؛ بزوال عقل، أو صغر، لا تمييز معه، أو كونه بناحية من الأرض، لم تبلغه دعوة رسله، فإنه لا يعذبه، حتى يقيم عليه حجته، فهذا كله مما يجعل حجة الله تعالى، قائمة على العباد.([28])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: (الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
* فقد كثر في هذا الوقت الكلام في العذر بالجهل مما سبب في الناس تهاونا في الدين، وصار كل يتناول البحث والتأليف فيه مما أحدث جدلا، وتعاديا من بعض الناس في حق البعض الآخر.
* ولو ردوا هذه المسألة إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وإلى أهل العلم لزال الإشكال، واتضح الحق؛ كما قال الله تعالى: ]ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم[ [النساء: 83]، وإذا لسلمنا من هذه المؤلفات، والبحوث المتلاطمة التي تحدث الفوضى العلمية التي نحن في غنى عنها، فالجهل هو عدم العلم، وكان الناس قبل بعثة الرسول r في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، فلما بعث الله هذا الرسول r، وأنزل هذا الكتاب، زالت الجاهلية العامة، ولله الحمد، قال تعالى: ]هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [الجمعة:2]، فالجاهلية العامة زالت ببعثته r، أما الجاهلية الخاصة قد يبقى شيء منها في بعض الناس، ولهذا قال النبي r: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، والجهل على قسمين: جهل بسيط، وجهل مركب، فالجاهل البسيط: هو الذي يعرف صاحبه أنه جاهل فيطلب العلم، ويقبل التوجيه الصحيح.
والجاهل المركب: هو الذي لا يعرف صاحبه أنه جاهل، بل يظن أنه عالم، فلا يقبل التوجيه الصحيح، وهذا أشد أنواع الجهل.
* والجهل الذي يعذر به صاحبه: هو الجهل الذي لا يمكن زواله، لكون صاحبه يعيش منقطعا عن العالم، لا يسمع شيئا من العلم، وليس عنده من يعلمه؛ فهذا إذا مات على حاله فإنه يعتبر من أصحاب الفترة([29])، قال تعالى: ]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا[ [الإسراء:15].
* والجهل الذي لا يعذر به صاحبه: هو الجهل الذي يمكن زواله لو سعى صاحبه في إزالته؛ مثل: الذي يسمع أو يقرأ القرآن، وهو عربي يعرف لغة القرآن، فهذا لا يعذر في بقائه على جهله، لأنه بلغه القرآن بلغته، والله تعالى يقول: ]قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]، فالذي بلغه القرآن، ووصلت إليه الدعوة، والنهي عن الشرك الأكبر، لا يعذر إذا استمر على الشرك، أو استمر على الزنا، أو الربا، أو نكاح المحارم، أو أكل الميتة، وأكل لحم الخنزير، وشرب الخمر، أو أكل أموال الناس بالباطل، أو ترك الصلاة، أو منع الزكاة، أو امتنع عن الحج وهو يستطيعه، لأن هذه أمور ظاهرة، وتحريمها أو وجوبها قاطع، وإنما يعذر بالجهل في الأمور الخفية حتى يبين له حكمها، فالعذر بالجهل فيه تفصيل:
أولا: يعذر بالجهل من لم تبلغه الدعوة، ولم يبلغه القرآن، ويكون حكمه أنه من أصحاب الفترة.([30])
ثانيا: لا يعذر من بلغته الدعوة، وبلغه القرآن، في مخالفة الأمور الظاهرة كالشرك، وفعل الكبائر، لأنه قامت عليه الحجة، وبلغته الرسالة، وبإمكانه أن يتعلم، ويسأل أهل العلم؛ عما أشكل عليه، ويسمع القرآن، والدروس، والمحاضرات في وسائل الإعلام.
ثالثا: يعذر بالجهل في الأمور الخفية التي تحتاج إلى بيان حتى يبين له حكمها، ولهذا قال النبي r: «إن الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه» ([31])، فالحلال بين يؤخذ، والحرام البين يتجنب، والمختلف فيه يتوقف فيه حتى يتبين حكمه بالبحث، وسؤال أهل العلم.
* فالجاهل يجب عليه أن يسأل أهل العلم، فلا يعذر ببقائه على جهله وعنده من يعلمه، قال الله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43]، فيجب على الجاهل أن يسأل، ويجب على العالم أن يبين ولا يكتم، قال الله تعالى: ]إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم[ [البقرة: 159-160]، ولا يجوز للمتعالم؛ وهو: الجاهل المركب أن يتكلم في هذه الأمور بغير علم). اهـ
قلت: ومن التيسير على الخلق في هذا الزمان، أن يسر الله تعالى لهم، التطورات الحديثة، بجميع أنواعها، في معرفة علم الدين، وعلم الدنيا.
* من وسائل الاتصالات، ووسائل المواصلات، ووسائل الإعلام المرئي، والإعلام السمعي، ووسائل آلات الكتابة والطباعة، والإذاعات المتنوعة، التي تصل إلى جميع الخلق على وجه الأرض، مهما كان مكان الإنسان من البعد في الأرض، حتى الذين في الغابات، والذين على أطراف الأرض من القرى، فقد وصل لهم دين الإسلام، ووصل لهم علم الدين، وعلم الدنيا. ([32])
* فشاع دين الإسلام في العالم بأسره، وهذا من التيسير على الناس، ففي هذه الحالة، لا عذر لهم بسبب جهلهم، إذا لم يتعلموا الدين، فقامت عليهم الحجة القاطعة للعذر.
* فالحكم في مسألة المعلوم من الدين بالضرورة، ومدى العذر بجهله، مرجعه الكتاب، والسنة، والآثار، لما في هذه الأصول من التفصيل على النحو الذي مر معنا: بالنسبة لمسألة العذر بالجهل، التي توصلت إليها:
1) إن الجهل صفة مذمومة، والواجب على الإنسان، أن يبذل وسعه قدر الإمكان في رفعها عنه، وبخاصة: في أمور دينه الذي لا يستقيم، إلا بإقامتها.
2)إن الجهل عذر مؤقت، ومقيد بعدم توفر الشروط، فإذا وجدت هذه الشروط، أو أمكن وجودها، تقديرا، فإن الجهل لا يبقى عذرا، بل يصبح ذما، وسببا في الخسران، في الدنيا، والآخرة.
3) إن قيام الحجة على من خالف، أمرا، شرعيا، بفعل، أو قول، أو ترك، أو غير ذلك، هو: مناط المؤاخذة.
4) التقدير في قيام الحجة، من عدمه: مرجعه الكتاب، أو السنة، أو الآثار، أو الإجماع.
5) إن دار الإسلام، بالضرورة تظهر الأحكام الشرعية فيها، وبالتالي قامت الحجة على الناس فيها.
6) إن دار الكفر في الغرب، قد ظهرت فيها الأحكام الشرعية، وانتشر المسلمون فيها، وبنيت المساجد، وقامت فيها شعائر الدين، من: «صلاة»، و«صيام»، و«دعوة»، و«مراكز تعليم القرآن والسنة»، وغير ذلك، فقد قامت عليهم الحجة، ببلوغ الرسالة إليهم، وبلغتهم الدعوة الإسلامية.
7) إن الكفار كلهم بلغتهم الدعوة، على وجه الفهم، سواء المجمل، أو المفصل في بلدانهم، وقامت عليهم الحجة، فلا عذر لهم.
8) إن العذر بالجهل ثابت في الأحكام الدقيقة، وهي قليلة جدا، بالنسبة، للأحكام الظاهرة، والبينة، في أصول الدين، وفروعه.
9) إن الإقرار المجمل بالتوحيد، والبراءة المجملة، من الشرك، قد قامت فيهما الحجة؛ بالنطق بالشهادتين، وبلوغ القرآن، والرسالة.
ولذلك؛ لا يعذر أحد، بجهل، أن الله تعالى وحده، هو المستحق للعبادة؛ لأن ذلك، هو مقتضى الشهادة لله بالوحدانية، فمن اعتقد أن غير الله تعالى يستحق العبادة مع الله تعالى، أو من دونه، فلا يكون مسلما أصلا، فضلا عن أن يعذر بجهل، ذلك بعد الإسلام.
10) إن الحكم على شخص، بكفر، أو غيره، مرتبط بمدى توفر الشروط، وانتفاء الموانع.
11) إن القول بالتكفير عند أهل السنة، هو بالعموم، فإذا تحقق من أحد، أنه كفر حقيقة، كانت الحقيقة مقدمة، فيحكم بكفره بعينه.
12) إن المعلوم من الدين بالضرورة، يتنوع في الأحكام، ويحكم على تاركه بالكفر، ولا يعذر بجهله.
13) إن منهج أهل السنة، في تكفير المعين، هو القول بالعموم.
أما التعيين، فمناطه العلم، بحال المعين.
لذلك؛ فمن قام الدليل، على أنه وجدت فيه شروط التكفير، وانتفت عنه موانعه، فإنه يكفر بعينه.
14) إن مناط التكليف، والجزاء، هو ورود الشرع، وقيام الحجة.
15) إن بلوغ الحجة، وفهمها، شرط في قيامها، وإن الفهم الذي ثار حوله: نوع من الخلاف، يطلق، ويراد به معنيان:
المعنى الأول: هو الفهم المجمل، للنص، والخطاب، الذي يدرك به المقصود، من مراد الشارع على وجه الإجمال.
المعنى الثاني: هو الفهم المفصل للنصوص، وهو المؤثر في السلوك، كفهم طلبة العلم.
* والمشروط: في قيام الحجة، هو الفهم، بالمعنى الأول، وهو: الفهم المجمل.
16) إن الجهل إذا توفرت أسبابه الشرعية، وخلا من التفريط، والإهمال، والعداوة، ثم أوقع في الخطأ، من غير مشاقة: الله تعالى، ورسوله r، فإنه يكون عذرا، في مسائل الفروع.
ولذلك؛ أمكن القول، في مثل: هذه الحالة، بتلازم الجهل والعذر.
17) إن التأويل الذي يعذر صاحبه، هو الذي يصدر، عن أهل العلم: من ذوي الفضل والعقل، الذين عندهم حرص على اتباع الكتاب والسنة والآثار.
أما التأويل: الذي لا يعذر صاحبه، فهو الذي يتضمن في حقيقته التكذيب، أو الإعراض، أو غير ذلك، كما هو حال أهل الأهواء والبدع، بجميع أنواعهم، ومن هم على شاكلتهم.
18) إن القول بعذر الجاهل، بالضوابط الشرعية، هو الذي دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة.
19) إن مناط تكفير، من وقع في الشرك.
1) اعتقاد استحقاق غير الله تعالى للعبادة، بالقول، أو الفعل.
2) الوقوع في الشرك الأكبر.
3) الإصرار على المخالفة في ذلك.
20) إن وصف الإسلام، يثبت للشخص، بالنطق بالشهادتين، في الجملة، ثم التفصيل.
قال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنهفانتهوا[ [الحشر:7].
وقال تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله[ [النساء:80].
وقال تعالى: ]وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول[ [المائدة:92].
قلت: لقد فرض الله تعالى طاعته، وطاعة رسوله r، وحجج الله تعالى، في مثل: هذا قائمة على الخلق، فلا يسع أحد، أن يستنكف عن طاعة الله تعالى، وطاعة الرسول r.
ومما يتصل بهذا الموضوع: مسائل الحلال والحرام، التي تحتاج الأمة إلى بيانها، فقد قطع العذر فيها، ببيان الكتاب والسنة لها.
قال تعالى: ]ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء[ [النحل:89].
وقال تعالى: ]يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم[ [النساء:176].
وقال تعالى: ]وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم[ [النحل:44].
ثم إن هذا التقرير: متعلق بما وضح من أمور الدين، وشاع العلم به وذاع.
وعن النعمان بن بشير ﭭ قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب). ([33])
* أما المسائل الدقيقة، والخفية، والتي ليس فيها: مناقضة للتوحيد، والرسالة، والتي لا يعلمها؛ إلا أهل العلم، فليست داخلة، فيما سبق ذكره، وفيما نحن بصدد تقريره.
سئل: العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز /: متى يعذر الإنسان بالجهل، لو تكرمتم؟
فأجاب فضيلته: (يعذر بالأشياء الخفية، لا سيما في بعض الأحكام الشرعية، قد تخفى على العامي حتى يتعلم، أما الذي بين المسلمين وقال: لا أدري عن الزنا، ما يعذر وهو بين المسلمين، الزنا معروف عند المسلمين أنه حرام، فلو قال: ما عرفت أن الزنا حرام، لا يعذر بهذا، أو قال: ما عرفت أن الخمر حرام وهو بين المسلمين، لا يعذر، لكن في بعض المسائل التي قد تخفى في مسائل الأحكام الدقيقة قد يعذر فيها الإنسان، لأجل كونه ليس من أهل العلم، كذلك لو قال: ما أعلم أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات ممنوع، لا يعذر بهذا؛ لأن هذا هو أصل التوحيد وأصل الدين، والله أنزل القرآن للنهي عن هذه الأمور والقضاء عليها، وبين حال المشركين، وحذر من أعمالهم) ([34]). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «مسألة العذر بالجهل» (ص55): (يعذر بالجهل في الأمور الخفية التي تحتاج إلى بيان حتى تبين له حكمها، ولهذا قال النبي r: «إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه»([35])، فالحلال بين يؤخذ، والحرام البين يتجنب، والمختلف فيه يتوقف فيه حتى يتبين حكمه بالبحث، وسؤال أهل العلم.
* فالجاهل يجب عليه أن يسأل أهل العلم، فلا يعذر ببقائه على جهله، وعنده من يعلمه، قال الله تعالى: ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل: 43]، فيجب على الجاهل أن يسأل، ويجب على العالم أن يبين ولا يكتم، قال الله تعالى: ]إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون * إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم[ [البقرة: 159-160]، ولا يجوز للمتعالم؛ وهو: الجاهل المركب أن يتكلم في هذه الأمور بغير علم). اهـ
وفق الله الجميع للعلم النافع، والعمل الصالح، والإخلاص في القول والعمل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
من تفسير الصحابة، والتابعين، على أنه من بلغه القرآن الكريم، فقد قامت عليه الحجة، ويكفي في فهمها في الجملة([36])، ولا يلزم فهم الحجة على التفصيل، فلا يعذر بجهله بعد بلوغ رسالة محمد r إليه، إذا وقع في الكفر، والشرك، وتكفيره هذا: موقوف على بلوغ الحجة، بوصول القرآن إليه، وليس بموقوف على فهم الحجة مطلقا، بل على بلوغها، ففهمها شيء، وبلوغها شيء آخر، فأجمع السلف الصالح على أن هذا لا يعذر بجهله في أصول الدين
اعلم رحمك الله: أن الصحابة، والتابعين؛ قد أجمعوا على أنه من بلغه القرآن الكريم، وبلغته رسالة محمد r، فقد قامت عليه الحجة، فلا عذر، لأي: عبد بعد ذلك، إذا وقع في: «الكفر الأكبر»، أو «الشرك الأكبر»، فهذا يكفر، وإن لم يفهم الحجة([37])، لأن فهم الحجة، هذا نوع، غير قيام الحجة، فتنبه.
* والسلف الصالح: أجملوا ببلوغ الحجة، ولم يفصلوا، فلم يشترطوا في قيام الحجة الفهم، بل بمجرد بلوغها بالقرآن والرسالة، لأن هذا العبد، قد ناقض التوحيد، والرسالة، فكفر بذلك. ([38])
* والبلوغ، والبلاغ: الانتهاء إلى أقصى المقصد والمنتهى، مكانا، أو زمانا، أو أمرا: من الأمور المقدرة، والبلاغ: التبليغ؛ والبلاغ: الكفاية. ([39])
قال تعالى: ]هذا بلاغ للناس[ [إبراهيم:52].
وقال تعالى: ]بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون[ [الأحقاف:35].
وقال تعالى: ]وما علينا إلا البلاغ المبين[ [يس:17].
وقال تعالى: ]فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب[ [الرعد:40].
وقال تعالى: ]إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين[ [الأنبياء:106].
وقال تعالى: ]وإن لم تفعل فما بلغت رسالته[ [المائدة:67].
وقال تعالى: ]أبلغكم رسالات ربي[ [الأعراف:62].
وقال تعالى: ]فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم[ [هود:57].
وقال تعالى: ]يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك[ [المائدة:67].
قال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» (ص9): (قامت على الناس الحجة بالرسول r، وبالقرآن... فكل من سمع الرسول r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة). اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» (ص23): (الحجة بالقرآن على من بلغه، وسمعه، ولو لم يفهمه). اهـ؛ يعني: على التفصيل. (
وقال العلامة الشيخ حمد بن معمر التميمي / في «النبذة الشريفة» (ص 115): (إن الله تعالى: أرسل الرسل عليهم السلام، مبشرين، ومنذرين؛ لئلا يكون للناس على الله تعالى حجة، بعد الرسل عليهم السلام.
* فكل من بلغه القرآن، ودعوة الرسول r، فقد قامت عليه الحجة.
فقال تعالى: ]لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19].
وقال تعالى: ]وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا[ [الإسراء:15].
* وقد أجمع العلماء: على أن من بلغته دعوة الرسول r، فإن حجة الله تعالى قائمة عليه.
* فكل من بلغه القرآن، فليس بمعذور، فإن الأصول الكبار، التي هي: أصل دين الإسلام، قد بينها الله تعالى في كتابه، ووضحها، وأقام بها الحجة على عباده.
* وليس المراد: بقيام الحجة، أن يفهمها الإنسان فهما جليا؛ كما يفهمها من هداه الله تعالى ووفقه، وانقاد لأمره.
* فإن الكفار: قد قامت عليهم حجة الله تعالى مع إخباره، بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه.
* وهذا: بينته لك أن بلوغ الحجة: نوع، وفهمها: نوع آخر).اهـ
قلت: وهذا يدل أن الفهم التفصيلي لا يشترط مطلقا، لقيام الحجة، بل يشترط فقط، الفهم الإجمالي، وذلك لوضوح القرآن؛ لأنه كلام الله تعالى، وبخاصة: في أمر توحيد الله تعالى في المعرفة والإثبات، وأصول الاعتقاد، والطاعة والاتباع، والنهي عن الشرك بالله تعالى، والإيمان بالرسول r، وطاعته، وكذا الإيمان بحياة البرزخ، والإيمان باليوم الآخر.
وقال العلامة الشيخ حمد بن معمر التميمي / في «النبذة الشريفة» (ص116): (وليس المراد بقيام الحجة، أن يفهمها الإنسان، فهما، جليا، كما يفهمها من هداه الله تعالى ووفقه، وانقاد لأمره). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص251): (وينبغي أن يعلم الفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة، فإن من بلغته دعوة الرسل عليهم السلام، فقد قامت عليه الحجة، إذا كان على وجه يمكن معه العلم). اهـ
قلت: والعلم هنا؛ المراد منه، ليس علم التفقه، بل المراد منه العلم في الجملة، الذي يعرفه كل عاقل مكلف، لأن بعقله، وبفهمه على الإجمال، يعلم أنه مكلف بالدين الإسلامي ابتداء. ([41])
* فإذا تمكن من هذا العلم في الجملة، بعد ذلك يأتي من هذا الإنسان العاقل علم التفقه، وفهم التفقه، حتى يعرف الإسلام جملة وتفصيلا، على حسب اجتهاده في تعلم علم الفقه.
والحاصل: أن مقصود أهل العلم، من عدم اشتراط الفهم، لقيام الحجة على الناس.
هو النوع الأول: من الفهم، وهو الفهم المجمل، وليس مقصودهم النوع الثاني: وهو فهم التفقه، الذي يؤدي إلى الامتثال، والانقياد على التفصيل.
قال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «منهاج التأسيس» (ص252): (ولا يشترط في قيام الحجة، أن يفهم عن الله تعالى، ورسولهr ما يفهمه أهل الإيمان، والقبول، والانقياد، لما جاء به الرسول r). اهـ
قلت: فالبيان يتحقق بما يفهمه الإنسان بحسب لغته، للجاهل العربي، والجاهل الأعجمي، ويعد بيانا لهما. ([42])
* فبلوغ الحجة: يكون بالعربية لمن يحسنها، أو بالترجمة، إن حصلت: لمن كان أعجميا، لا يعرف العربية، وإلا في الأصل إذا بلغ هذا الأعجمي القرآن، فقد قامت عليه الحجة، لأنه مكلف عاقل، ويعلم ماذا يريد منه القرآن، وإلا كيف أسلم الأعاجم([43]) على مر العصور، وكر الدهور، لأنهم: يعلمون ماذا يريد الله تعالى بالقرآن، والإسلام، وبعثة النبي r. ([44])
قال تعالى: ]أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون[ [هود:17].
قال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الدرر السنية» (ج10 ص68): (واذكر إجماع الصحابة y على قتل أهل مسجد الكوفة، وكفرهم وردتهم، لما قالوا كلمة في تقرير نبوة مسيلمة). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب /؛ في معرض حديثه عمن فهم كلام شيخ الإسلام خاطئا في مسألة قيام الحجة: (فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال: أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار، والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44]) ([45]). اهـ
وقال العلامة الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن النجدي / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص124): (والمقصود: أن الحجة قامت: بالرسول r، والقرآن، فكل من سمع بالرسول r، وبلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة). اهـ
وإليك آثار السلف في عدم العذر بالجهل في الأصول:
* مما سبق من الحديث، عن التكليف، وأنه لا يثبت؛ إلا بالشرع، كما أن العقاب، لا يثبت؛ إلا بعد قيام الحجة بالنذر، فكذلك الشرائع: لا تلزم إلا بعد بلوغها.
* ومسألة بلوغ الشرائع، وكونها شرطا، في قيام الحجة على العباد، مما دل عليه الكتاب، والسنة، واتفق عليه السلف، والعلماء.
قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [ [الأنعام: 19].
قلت: فبلغوا عن الله تعالى، فمن بلغته الآيات من كتاب الله تعالى، فقد بلغه القرآن من الله تعالى، وسنة من رسوله r، وقد وصلته الرسالة، فلا عذر له بالجهل بعد بلاغ القرآن، والسنة، والآثار.
فعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ يعني: أهل مكة، ]ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ يعني: من بلغه هذا القرآن من الناس، فهو له نذير) ([46]).([47])
وعن مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ قال: العرب، ]ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ قال: العجم)، وفي رواية: (من أسلم من العجم، وغيرهم)، وفي رواية: (من الأعاجم).([48])
وعن عبد الله بن داود الخريبي / قال: (ما في القرآن آية، أشد على أصحاب: «جهم بن صفوان»، من هذه الآية: ]لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ فمن بلغه القرآن، فكأنما: سمعه من الله تعالى). ([49])
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج3 ص525): (قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]، أي: هو نذير لكم من بلغه، كقوله تعالى: ]ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده[ [هود:17]).اهـ
وقال الإمام ابن أبي زمنين / في «تفسير القرآن» (ج2 ص61): (قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ أي: من بلغه القرآن).اهـ
وقال العلامة الشيخ الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج2 ص168): (قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ صرح تعالى في هذه الآية الكريمة: بأنه r منذر لكل من بلغه هذا القرآن العظيم، كائنا من كان.
* ويفهم من الآية: أن الإنذار به عام لكل من بلغه، وأن كل من بلغه، ولم يؤمن به، فهو في النار، وهو كذلك.
* أما عموم إنذاره لكل من بلغه، فقد دلت عليه آيات أخر أيضا؛ كقوله تعالى: ]قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا[ [الأعراف:158]، وقوله تعالى: ]وما أرسلناك إلا كافة للناس[ [سبأ: 28]، وقوله تعالى: ]تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا[ [الفرقان:1].
* وأما دخول من لم يؤمن به النار، فقد صرح به، تعالى: في قوله: ]ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده[ [هود:17]). اهـ
وقال المفسر القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج6 ص480): (قوله تعالى: ]ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ عطف على ضمير المخاطبين، أي: لأنذركم به، بل يا أهل مكة، وسائر من بلغه: من الناس كافة، فهو: نذير لكل من بلغه، كقوله تعالى: ]ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده[ [هود:17]). اهـ
وقال الإمام أبو المظفر السمعاني / في «تفسير القرآن» (ج2 ص93): (قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ أي: ومن بلغه القرآن إلى قيام الساعة). اهـ
وقال المفسر الثعلبي / في «الكشف والبيان» (ج4 ص140): (قوله تعالى: ]به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ يعني: ومن بلغه القرآن، من العجم، وغيرهم).اهـ
* يعني: من بلغه القرآن: من العرب، والعجم إلى يوم القيامة. ([50])
وقال اللغوي الفراء / في «معاني القرآن» (ج1 ص329): (المعنى: ومن بلغه القرآن من بعدكم). اهـ
وقال الإمام ابن الجوزي / في «تذكرة الأريب» (ج1 ص157): (قوله تعالى: ]ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ المعنى: ومن بلغ إليه القرآن، فأنا نذير له). اهـ
وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج2 ص363): (وقوله تعالى: ]ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ يعني: وأنذر من بلغه القرآن، ممن يأتي بعدي، إلى يوم القيامة، من العرب، والعجم، وغيرهم، من سائر الأمم، فكل من بلغ إليه القرآن، وسمعه، فالنبي r: نذير له). اهـ
وقال المفسر الخازن / في «لباب التأويل» (ج2 ص364): (فيه: الأمر بإبلاغ ما جاء به النبي r، إلى من بعده، من قرآن وسنة). اهـ
وقال العلامة القصاب / في «نكت القرآن» (ج1 ص333): (دليل أن القرآن يخاطب بأحكامه من أدرك رسول الله r، ومن لم يدركه:
قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ موجب: أن القرآن منذر به، ومخاطب بأحكامه من أدرك رسول الله r، ومن لم يدركه إلى يوم القيامة، وهو من المواضع التي يحسن فيها حذف هاء المفعول كأنه -والله أعلم-: ومن بلغه القرآن([51])، والهاء محذوفة؛ إذ لا يجوز لأحد أن يحمله على: ومن بلغ من الأطفال، فيجعل الخطاب والنذارة به خاصين لمن كان في زمان رسول الله r، موجودا دون من ولد بعده، فيهدم الإسلام).اهـ
وقال الحافظ البغوي / في «معالم التنزيل» (ج3 ص133): (قوله تعالى: ]ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ يعني: ومن بلغه القرآن، من العجم، وغيرهم: من الأمم، إلى يوم القيامة). اهـ
وقال اللغوي غلام ثعلب / في «ياقوتة الصراط» (ص218): (قوله تعالى: ]ومن بلغ[ [الأنعام:19]؛ أي: ومن بلغه القرآن إلى يوم القيامة). اهـ
قلت: وفي الآية دليل: على أن أحكام القرآن، في الأصول والفروع، تعم: الموجودين وقت نزول القرآن الكريم، ومن بعدهم، إلى قيام الساعة، وأنه يؤاخذ: بها من تبلغه.
قال المفسر أبو السعود / في «إرشاد العقل السليم» (ج3 ص118): (وهو دليل: على أن أحكام القرآن، تعم الموجودين، يوم نزوله، ومن سيوجد بعد، إلى يوم القيامة). اهـ
وعن محمد بن كعب القرظي / قال: في قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ قال: (من بلغه القرآن، فكأنما رأى النبي r). وفي رواية: (من بلغه القرآن، حتى يفهمه، ويعقله، كان كمن رأى رسول الله r، وعلمه). وفي رواية: (من بلغه القرآن، فقد أبلغه محمد r). ([52])
وقال المفسر إسماعيل الحيري / في «الكفاية في التفسير» (ج2 ص184): (قوله تعالى: ]ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ يعني: وأنذر من بلغه خبر القرآن، إلى يوم القيامة، وقيل: ]لأنذركم به[؛ العرب، و: ]ومن بلغ[؛ العجم).
قلت: فبلغوا عن الله تعالى دينه، فمن بلغته الآيات من كتاب الله تعالى؛ فقد بلغه أمره تعالى. ([53])
قال تعالى: ]قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [ [الأنعام: 19].
وقال تعالى: ]يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا[ [الأعراف: 158].
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ قال: (من بلغه القرآن، فأنا نذيره، وقرأ: ]ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا[ [الأعراف: 158]؛ قال: فمن بلغه القرآن، فرسول الله r: نذيره). ([54])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج1 ص553): (قوله تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن[ [الأنعام: 19]؛ من عند الله تعالى، ]لأنذركم به[ [الأنعام: 19]؛ يعني: لكي أنذركم بالقرآن، يا أهل مكة، ]ومن بلغ [ [الأنعام: 19]؛ القرآن من الجن والإنس، فهو نذير لهم، يعني: القرآن إلى يوم القيامة). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي / في «أضواء البيان» (ج2 ص168): (يفهم: من الآية، أن الإنذار به عام؛ لكل من بلغه، وأن من بلغه، ولم يؤمن به، فهو في النار، وهو كذلك). اهـ
قلت: ولهذا كانت مهمة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، هي البلاغ وحسب.
* حتى تقوم حجة الله تعالى على عباده، قال تعالى: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما [ [النساء: 165]، وقال تعالى: ]فهل على الرسل إلا البلاغ المبين[ [النحل: 35]، وقال تعالى: ]وما على الرسول إلا البلاغ المبين[ [النور: 54].
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «تيسير الكريم الرحمن» (ج2 ص348): (قوله تعالى: ]ما على الرسول إلا البلاغ[ [المائدة: 99]، وقد بلغ r كما أمره، وقام بوظيفته r). اهـ
وعن المغيرة بن شعبة t قال: قال رسول الله r: (ولا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث الله: المرسلين، مبشرين ومنذرين). ([55])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح البخاري» (ج16 ص552): (وقوله r: «ولا أحد أحب إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين»؛ يعني: الرسل، وذلك لإقامة العذر والحجة، كما قال تعالى: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء: 165]). اهـ
قلت: وهذا؛ يعني: أن من بلغه القرآن، فليس بمعذور بجهله، في الأصول الكبار، التي هي أصل دين الإسلام، قد بينها الله تعالى في كتابه، وأوضحها، وأقام بها حجته على عباده، وليس المراد بقيام الحجة، أن يفهمها العبد، فهما جليا، كما يفهمها، من هداه الله تعالى، ووفقه، وانقاد لأمره، فافهم لهذا ترشد. ([56])
قلت: فاشتراط بلوغ الرسالة، أو الحجة، هو من باب الأصل العام، في هذه المسألة؛ إذ إن البلاغ، هو مناط الإلزام ابتداء، وفي الجملة.
* أما من حيث التفصيل؛ وإصدار الحكم الشرعي على المحكوم عليه، فإنه يتوقف على توفر شروط أساسية، وأهم هذه الشروط، فهم الحجة في الجملة، وهذا يفهمه كل أحد من المكلفين، وكفى، والبلوغ: في ذلك وحده كاف، باعتبار قيام الحجة على الخلق، خاصة بضرورة، بقيام الحجة على المعين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية /: (أشد الناس عذابا يوم القيامة؛ عالم لم ينفعه الله بعلمه؛ فذنبه من جنس ذنب اليهود) ([57]). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص375): (الاحتجاج بالظواهر مع الإعراض: عن تفسير النبي r، وأصحابه؛ طرق أهل البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص375): (فكل ما بينه القرآن، وأظهره فهو حق، بخلاف ما يظهر للإنسان: لمعنى آخر غير نفس القرآن يسمى ظاهر القرآن، كاستدلالات أهل البدع من: «المرجئة»، و«الجهمية»، و«الخوارج»، و«الشيعة»). اهـ
وقال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ [الأنعام: 25].
فعن قتادة بن دعامة / قال: في قوله تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا [ [الأنعام: 25]؛ قال: (يسمعونه بآذانهم، ولا يعون منه شيئا، كمثل البهيمة التي تسمع النداء، ولا تدري ما يقال لها). ([58])
وعن إسماعيل السدي / قال: في قوله تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه[ [الأنعام: 25]؛ قال: (الغطاء: أكن قلوبهم، أن يفقهوه، فلا يفقهون الحق).([59])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج1 ص555): (قوله تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه[ [الأنعام: 25]؛ يعني: الغطاء على القلب؛ لئلا يفقهوا القرآن). اهـ
وقال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان: 44].
قلت: فهذا الصنف إن أمرته بخير، أو نهيته عن شر، ووعظته: لم يعقل ما تقول، غير أنه يسمع صوتك، لكنه لا يخضع للحق مهما بينت له، فهذا لا يعذر بجهله، لأنه يعلم أنه الحق لكنه لا يأخذ به.
فعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون[ [الفرقان: 44]؛ قال: (لا يسمعون الهدى، ولا يبصرونه، ولا يعقلونه). ([60])
وعن مقاتل بن حيان / قال: في قوله تعالى: ]بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان: 44]؛ قال: (أخطأ السبيل). ([61])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص236): (قوله تعالى: ]بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان: 44]؛ بل هم: أخطأ طريقا من البهائم؛ لأنها تعرف ربها وتذكره، وكفار مكة، لا يعرفون ربهم: فيوحدونه). اهـ
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص236): (قوله تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون[ [الفرقان: 44]؛ إلى الهدى، : ]أو يعقلون[؛ الهدى). اهـ
وقال تعالى: ]والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى[ [فصلت: 44].
قلت: فعميت قلوبهم عن قبول القرآن، فرفضوا: أن يقبلوا الأمر من قريب، فيتوبون، ويؤمنون، فأبوا بسبب جهلهم.
فعن قتادة بن دعامة / قال: في قوله تعالى: ]وهو عليهم عمى[ [فصلت: 44]؛ قال: (عموا عن القرآن، وصموا عنه، فلا ينتفعون به، ولا يرغبون فيه). ([62])
وعن إسماعيل السدي / قال: في قوله تعالى: ]وهو عليهم عمى[ [فصلت: 44]؛ قال: (عميت قلوبهم عنه). ([63])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص746): (قوله تعالى: ]في آذانهم وقر[ [فصلت: 44]؛ يعني: ثقلا؛ فلا يسمعون الإيمان بالقرآن، ]وهو عليهم عمى[؛ يعني: عموا عنه، يعني: القرآن؛ فلم يبصروه، ولم يفقهوه). اهـ
قلت: ففي هذه الآيات أخبر تعالى عن الكفار، أنهم لم يفقهوا، ولم يفهموا، فلم يعذرهم، لكونهم لم يعلموا، بل صرح القرآن بكفر هذا الصنف من الناس، لأنه قد قامت الحجة عليهم ببلوغ القرآن إليهم، وإن لم يفهموا حجة الله تعالى.
قال العلامة الشيخ حمد بن ناصر بن معمر / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص241): (والآيات في هذا المعنى كثيرة يخبر سبحانه، أنهم لم يفهموا القرآن، ولم يفقهوه، وأنه عاقبهم بالأكنة، والوقر في آذانهم، وأنه ختم على قلوبهم، وأسماعهم، وأبصارهم، فلم يعذرهم مع هذا كله، بل حكم بكفرهم، وأمر بقتالهم، وقاتلهم رسول الله r، وحكم بكفرهم، فهذا يبين لك، أن بلوغ الحجة: نوع، وفهمها: نوع آخر). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب /: (فمن بلغه القرآن: فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال: أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة.
* فإن أكثر الكفار والمنافقين، لم يفهموا حجة: الله تعالى، مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: ]أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا[ [الفرقان:44]) ([64]). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب / في «الدرر السنية» (ج10 ص93): (وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم -يعني: الكفار- وكفرهم: ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها). اهـ
* وقد بين العلامة الشيخ سليمان بن سحمان النجدي / في «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص243)؛ الفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة، وأن قيام الحجة يكون ببلوغها فقط، وإن لم يفهم.
قال تعالى: ]هذا بلاغ للناس ولينذروا به[ [إبراهيم:52].
فعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]هذا بلاغ للناس[ [إبراهيم:52]؛ قال: (بالقرآن). ([65])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص414): (قوله تعالى: ]ولينذروا به[ [إبراهيم:52]؛ يعني: لينذروا بما في القرآن). اهـ
قلت: وهذا؛ يعني: أنه من بلغه القرآن، بأي: طريقة، فقد قامت عليه الحجة، ولا يعذر بجهله، بعد وصول القرآن إليه.
قال تعالى: ]هذا بلاغ للناس ولينذروا به[ [إبراهيم:52].
فعن الإمام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]هذا بلاغ للناس ولينذروا به[ [إبراهيم:52]؛ قال: (القرآن). ([66])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص414): (قوله تعالى : ]ولينذروا به[ [إبراهيم:52]، يعني: لينذروا بما في القرآن).اهـ
وقال تعالى: ]قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * وما علينا إلا البلاغ المبين[ [يسٓ:16 و17].
قال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص576): (قوله تعالى: ]وما علينا إلا البلاغ المبين[ [يس:17]؛ ما علينا إلا أن نبلغ، ونعلمكم، ونبين لكم: أن الله تعالى واحد لا شريك له). اهـ
وقال تعالى: ]فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب[ [الرعد:40].
قال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج2 ص383): (قوله تعالى: ]فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب[ [الرعد:40]؛ يا محمد: ]البلاغ[؛ من الله تعالى إلى عباده: ]وعلينا الحساب[؛ يقول: وعلينا الجزاء الأوفى في الآخرة، كقوله تعالى: ]إن حسابهم إلا على ربي[ [الشعراء: 113]؛ يعني: ما جزاؤهم إلا على ربي). اهـ
وقال تعالى: ]إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين[ [الأنبياء:106].
فعن ابن عباس ﭭ قال: في قوله تعالى: ]لبلاغا لقوم عابدين[ [الأنبياء:106]؛ قال: (عالمين). ([67])
وعن الإمام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم / قال: في قوله تعالى: ]إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين[ [الأنبياء:106]؛ قال: (إن في هذا لمنفعة، وعلما لقوم عابدين؛ ذلك البلاغ). ([68])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص97): (قوله تعالى: ]إن في هذا[ [الأنبياء:106]؛ القرآن: ]لبلاغا[؛ إلى الجنة: ]لقوم عابدين[؛ يعني: موحدين). اهـ
وقال تعالى: ]بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون[ [الأحقاف:35].
فعن قتادة بن دعامة / قال: في قوله تعالى: ]فهل يهلك إلا القوم الفاسقون[ [الأحقاف:35]؛ قال: تعلموا، والله، ما يهلك على الله، إلا هالك؛ مشرك، ولى الإسلام ظهره، أو منافق صدق بلسانه، وخالف بعمله). ([69])
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج4 ص31): (قوله تعالى: ]بلاغ[ [الأحقاف:35]؛ يعني: تبليغ فيها، يقول: هذا الأمر بلاغ لهم فيها: ]فهل يهلك[؛ بالعذاب: ]إلا القوم الفاسقون[؛ يعني: العاصون الله تعالى، فيما أمرهم من أمره ونهيه، ويقال: هذا الأمر، هو بلاغ لهم). اهـ
وقال الإمام مقاتل بن سليمان / في «تفسير القرآن» (ج3 ص206): (قوله تعالى: ]وإن تطيعوه[ [النور:54]؛ يعني: النبي r؛ ]تهتدوا[؛ من الضلالة، وإن عصيتموه، فإنما على رسولنا محمد r: البلاغ المبين، يعني: ليس عليه إلا أن يبلغ ويبين: ]وما على الرسول إلا البلاغ المبين[ [النور:54]). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة .................................................................................................... |
5 |
2) |
ذكر الدليل من تفسير الصحابة، والتابعين، على أنه من بلغه القرآن الكريم، فقد قامت عليه الحجة، ويكفي في فهمها في الجملة، ولا يلزم فهم الحجة على التفصيل، فلا يعذر بجهله بعد بلوغ رسالة محمد إليه، إذا وقع في الكفر، والشرك، وتكفيره هذا: موقوف على بلوغ الحجة، بوصول القرآن إليه، وليس بموقوف على فهم الحجة مطلقا، بل على بلوغها، ففهمها شيء، وبلوغها شيء آخر، فأجمع السلف الــصــالـح على أن هذا لا يعذر بجهله في أصول الدين......................................................................................................... |
18 |
([1]) انظر: «الدرر السنية» (ج10 ص93 و95)، و«مجموع الفتاوى النجدية» (ج3 ص238)، و«حكم تكفير المعين، والفرق بين قيام الحجة، وفهم الحجة» للشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ (ص11 و12)، و«مسألة في العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص15 و26 و27 و36 و43)، و«مسألة العذر بالجهل» للشيخ الفوزان (ص57)، و«شرح كشف الشبهات» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص101)، و«الضياء الشارق في الرد على المازق المارق» لابن سحمان النجدي (ص290 و291)، و«فتاوى اللجنة الدائمة» (ج2 ص96 و99).
([3]) وهذه الصفات، التي تميز بها كلام الله تعالى، وكلام رسوله r، القصد منها أساسا، إفهام الناس، خطاب الله تعالى الموجه إليهم، والمتضمن عبادة الله تعالى وحده وطاعته، والنهي عن عبادة غير الله تعالى معه، أو من دونه، والنهي عن عصيانه تعالى.
([6]) الفهم: يعني، الفهم على التفصيل، فلا حاجة منه، بالنسبة إلى قيام الحجة، فمن بلغه القرآن، فقد قامت عليه الحجة.
وانظر: «الدرر السنية» (ج10 ص93 و95).
([7]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج12 ص295)؛ في كتاب: «استتابة المرتدين»، في باب: «قتل الخوارج» (6930)، ومسلم في «صحيحه» (1066) من حديث علي بن أبي طالب t.
أخرجه الترمذي في «سننه» (3000)، وابن ماجه في «سننه» (176)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص250) من حديث أبي أمامة t.
([14]) قلت: وأما على الإجمال، فإنه يفهم حجة القرآن، ويفهم: السنة، ويعلم: أنه رسول الله r إذا سمع به، ويدري بالرسالة إذا وصلت إليه، وسمع بها.
([22]) فأما اليوم، وقد شاع الدين في الأرض، واستفاض في دار الإسلام، علم الأصول، وعلم الفروع في العالم كله.
* حتى في دار الكفر شاع دين الإسلام، بين الكفار؛ لوجود المسلمين بينهم، فلا عذر لأحد من الخلق بسبب الجهل، لأن الحجة قامت عليهم، ببلوغ القرآن إليهم، وترجمة القرآن إلى غالب اللغات في العالم، وبلغت رسالة الرسول r لذلك.
([23]) ومنه ما هو مختص بالعلماء فقط، وهذا في الأمور الدقيقة، بحيث يكون معلوما لهم بالضرورة، ولا يكون كذلك لمن هم دونهم في العلم، كالعامة مثلا.
انظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ص70).
([25]) لذلك ترى الكفار من اليهود والنصارى، والمجوس وغيرهم، يعادون الدين الإسلامي، لعلمهم أنه دين الحق، الذي أنزله الله تعالى للخلق كافة.
* فعلموا هذا الدين على الإجمال، وفهموه في الجملة، فقامت عليهم الحجة، فكفروا بالله تعالى، وبرسوله r.
([26]) والفهم المنفي: عن الخلق، هو فهم التفقه فقط ابتداء، ولم ينف الله تعالى عنهم: ابتداء، الفهم المجمل، الذي تقوم عليهم الحجة، ببلوغ القرآن إليهم.
قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19].
وقال تعالى: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء:165].
وعن عبد الله بن عمرو t قال: قال رسول الله r: (بلغوا عني ولو آية).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (3461).
([28]) انظر: «شفاء العليل» لابن القيم (ص168 و169)، و«طريق الهجرتين» له (ص413 و414).
قلت: والناس أقسام؛ حيال حجة الله تعالى:
* فمنهم: القابل لها، والمذعن لأحكامها.
* ومنهم: المعرض عن حجة الله تعالى.
* ومنهم: العالم بها، المعاند لها.
* ومنهم: الجاهل بها، مع عدم التمكين من معرفتها، إلا ابتداء.
* ومنهم: الجاهل بها، مع عدم التمكين من معرفتها على وجه التفصيل في الأحكام إلى أن مات.
قلت: ولكل قسم، من هذه الأقسام: حكمه عند الله تعالى.
([29]) قلت: أصحاب الفترة، قد قامت عليهم الحجة بالرسالات؛ إلى قيام الساعة؛ فلا عذر لهم، فيما وقعوا فيه من الشرك مثلا.
* والذين قالوا بعذر أهل الفترة، ابتداء، هم: عدد من أهل العلم المتأخرين، حيث أطلقوا على أهل الفترة، هم: الذين لم تبلغهم الدعوة، بمن فيهم: أطفال المشركين، وأنهم: يمتحنون يوم القيامة، وهذا ليس بصحيح، ولذلك فإنهم: استدلوا في اجتهادهم بالأحاديث الضعيفة، وهي ليست بحجة في الإسلام.
* وأهل الفترة: على الصحيح، هم: الذين عاشوا بين رسولين، لم يرسل إليهم: الرسول الأول، ولم يدركوا الرسول الثاني، فهم: بين فترة من الرسل عليهم السلام، وهؤلاء: قامت عليهم الحجة بالرسول الذي من قبلهم، وببقايا من أهل العلم في تلك الفترة.
([30]) قلت: لا يعذر أحد بالجهل، حتى من أهل الفترة؛ لأنه قامت عليهم الحجة بالرسول الذي من قبلهم، وببقايا من أهل العلم، فقد بلغتهم الدعوة على ذلك، فلا وجود «لأهل الفترة» على وجه الأرض لا في قديم الزمان، ولا في هذا الزمان، إلى قيام الساعة.
([32]) لذلك، لا عذر لمن نشأ ببادية بعيدة، لم يتعلم الدين، في الأصول، والفروع، لأن الأحكام استفاضت، حتى في البادية الآن، وانتشر العلم عندهم، عن طريق الوسائل الحديثة، وغيرها، بين أهل البادية، بجميع طوائفهم، وأماكنهم في البلدان.
([35]) أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب: «الإيمان»، باب: «فضل من استبرأ لدينه» (52)، ومسلم في «صحيحه» (1599)، من حديث النعمان بن بشير t.
([36]) لأنه: يعقل، ويعلم، إذا لا يشترط في قيام الحجة الفهم؛ الذي تعنيه: «المرجئة الخامسة»، في هذا الزمان، الذي هو: الفهم على التفصيل، والعلم على التفصيل.
* بل تقوم الحجة، بمجرد بلوغ القرآن والرسالة، فلا عذر له بعد ذلك بالجهل.
قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام: 19].
وقال تعالى: ]وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا[ [الأنعام: 25].
قلت: فأخبر تعالى عن الكفار، أنهم لم يفقهوا، ولم يفهموا، فلم يعذرهم؛ لكونهم: لم يفقهوا، ولم يفهموا، وقد صرح القرآن بكفر هذا الجنس من الكفار، والعبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص124 و240 و245 و311)، و«الدرر السنية» (ج1 ص360 و375)، و«الضياء الشارق في الرد على المازق المارق» لابن سحمان (ص290 و291)، و«فتاوى العذر بالجهل» للشيخ ابن باز (ص12 و16)، و« فتاوى نور على الدرب» له (ج1 ص246 و248 و252 و256).
([37]) قلت: وليس المراد بقيام الحجة، أن يفهمها العبد، فهما جليا، كما يفهمها من هداه الله تعالى، للانقياد لما جاء به الرسول ﷺ، فافهم هذا، فيكشف عنك شبهات كثيرة، من مسألة قيام الحجة على العباد.
وانظر: «فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص241 و242 و243 و244).
([38]) وانظر: «الدرر السنية» (ج10 ص430 و432 و434 و436 و437 و439 و440)، و «حكم تكفير المعين والفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة» للشيخ إسحاق آل الشيخ (ص10 و11 و13 و14 و15)، و«الضياء الشارق في الرد على المازق المارق» لابن سحمان (ص290 و291)، و« فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص124 و240 و245 و311)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج2 ص282 و284)، و«فتاوى وتنبيهات» له (ص211 و263)، و«شرح كشف الشبهات» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص101)، و«مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص725).
([40]) قلت: وأما على الإجمال، فإنه يفهم حجة القرآن، ويفهم: السنة، ويعلم: أنه رسول الله r إذا سمع به، ويدري بالرسالة إذا وصلت إليه، وسمع بها.
([41]) لذلك ترى الكفار من اليهود والنصارى، والمجوس وغيرهم، يعادون الدين الإسلامي؛ لعلمهم أنه دين الحق، الذي أنزله الله تعالى للخلق كافة.
* فعلموا هذا الدين على الإجمال، وفهموه في الجملة، فقامت عليهم الحجة، فكفروا بالله تعالى، وبرسوله r.
([42]) والفهم المنفي: عن الخلق، هو فهم التفقه فقط ابتداء، ولم ينف الله تعالى عنهم: ابتداء، الفهم المجمل، الذي تقوم عليهم الحجة، ببلوغ القرآن إليهم.
قال تعالى: ]وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ[ [الأنعام:19].
وقال تعالى: ]رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل[ [النساء:165].
وعن عبد الله بن عمرو t قال: قال رسول الله r: (بلغوا عني ولو آية).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (3461) من حديث ابن عمرو t.
([43]) وانظر: «تفسير القرآن» للسمعاني (ج2 ص93)، و«تفسير القرآن العزيز» لابن أبي زمنين (ج2 ص62)، و«الكشف والبيان» للثعلبي (ج4 ص140)، و«التعليق على تفسير ابن كثير» للشيخ ابن باز (ص11).
([44]) قلت: فمن كانت هذه حاله، وبلغه القرآن، وعرف الرسول r؛ فلماذا يبحث عن مبلغ فهمه، أو علمه؟!.
*والعجم: هم خلاف العرب، الواحد: عجمي: نطق بالعربية، أو لم ينطق، ويقال: لهم أيضا؛ العجم: والواحد: أعجم.
وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج12 ص385).
([45]) وانظر: «مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب» (ج3 ص159 -160)، و«فتاوى الأئمة النجدية» (ج3 ص238).
([46]) وانظر: «جامع البيان» للطبري (ج9 ص183)، و«تفسير القرآن» لمجاهد (ص320)، و«تفسير القرآن» لابن أبي حاتم (ج4 ص1271)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص536)، و«تغليق التعليق» له (ج5 ص379).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1271)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص183)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (594)، والبخاري في «صحيحه» تعليقا (ج13 ص536)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص379).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص28)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص106)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص536).
أخرجه ابن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص320)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1271)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص183)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (595)، وسفيان الثوري في «تفسير القرآن» (ص106).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص30)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص106).
أخرجه ابن أبي حاتم في «الرد على الجهمية» (ج13 ص536-فتح الباري).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص536).
([50]) وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج4 ص121)، و«تفسير القرآن» لابن جزي (ص175)، و«أنوار التنزيل وأسرار التأويل» للبيضاوي (ج1 ص296)، و«بحر العلوم» للسمرقندي (ج1 ص460 و461)، و«روح المعاني» للآلوسي (ج7 ص152)، و«تيسير الكريم الرحمن» للشيخ السعدي (ج2 ص382)، و«تذكرة الأريب في تفسير الغريب» لابن الجوزي (ج1 ص157)، و«تفسير القرآن» للمراغي (ج7 ص85)، و«نكت القرآن» للقصاب (ج1 ص333)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج6 ص399).
([51]) وانظر: «إعراب القرآن» للنحاس (ج2 ص59)، و«التبيان في إعراب القرآن» للعكبري (ج1 ص486)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج4 ص91).
أخرجه ابن أبي إياس في «تفسير القرآن» (ص320)، وسعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج3 ص218)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1271)، والثعلبي في «الكشف والبيان» تعليقا (ج4 ص140)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص172)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص468) من طريق موسى بن عبيدة الربذي، وأبي معشر، كلاهما عن محمد بن كعب به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج3 ص240)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص29)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص106)، والحيري في «الكفاية في التفسير» (ج2 ص184).
([53]) وانظر: «المحرر الوجيز» لابن عطية (ج3 ص330)، و«تفسير القرآن» لمقاتل بن سليمان (ج1 ص553)، و«زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (ج3 ص13 و14)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج4 ص121)، و«الوسيط في تفسير القرآن المجيد» للواحدي (ج2 ص259)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص133)، و«إرشاد العقل السليم» لأبي السعود (ج3 ص118).
أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص209)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1276)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص198).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص33)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج8 ص288)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص109).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج4 ص1275)، والطبري في «جامع البيان» (ج9 ص198).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص34)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج2 ص109).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص2701).
وإسناده حسن.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج11 ص183).
أخرجه عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج2 ص189)، والطبري في «جامع البيان» (ج20 ص450).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج13 ص125).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2254)، والطبري في «جامع البيان» (ج13 ص747).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص583).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج13 ص747)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج7 ص2254).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج8 ص583).
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج8 ص2471)، والطبري في «جامع البيان» (ج16 ص439)، وابن المنذر في «تفسير القرآن» (ج10 ص401-الدر المنثور).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج10 ص401).
أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج16 ص439).
وإسناده صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج10 ص403).