الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / لقم الأحجار في الفاه لردم اعتقاد ربيع بن هادي المدخلي لتعطيله صفة الظل لله تعالى
لقم الأحجار في الفاه لردم اعتقاد ربيع بن هادي المدخلي لتعطيله صفة الظل لله تعالى
لقم الأحجار في الفاه
لردم اعتقاد ربيع بن هادي المدخلي
لتعطيله صفة الظل لله تعالى
تأليف
العلامة المحدث
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء([1]) التي اتخذها: «ربيع بن هادي المدخلي» دينا في مذهبه الباطل
عن عمر بن الخطاب t قال: (يهدم الإسلام ثلاثة: زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (أخاف عليكم بعدي ثلاثا، وبهن يهدم الإسلام: زلة عالم عهد الناس عنده علما، فاتبعوه على زلته، وجدال منافق بالقرآن لا يخطئ فيه واوا ولا ألفا، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (إن الإسلام اليوم في بناء، وإن له انهداما، وإن مما يهدمه: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون).
وفي لفظ: (أما إن الزمان منهدم لثلاث ...).
أثر صحيح
أخرجه الفريابي في «صفة المنافق» (30)، وابن المبارك في «الزهد» (520)، وفي «الرقائق» (1460)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص89) من طريق أبي حصين، عن زياد بن حدير به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص169)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص47)، والمروذي في «أخبار الشيوخ» (345)، والفريابي في «صفة المنافق» (29)، والذهبي في «السير» (ج11 ص463)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص574)، والآجري في «تحريم النرد» (ص93)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص527)، والمستغفري في «فضائل القرآن» (ج2 ص268)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، والعسكري في «المواعظ» (29405-كنز العمال)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص71)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص234) من طرق عن الشعبي عن زياد عن عمر بن الخطاب t به.
قلت: وهذا سنده صحيح أيضا.
وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج10 ص269)؛ وعزاه إلى آدم بن أبي إياس في «العلم»، ونصر المقدسي في «الحجة»، وجعفر الفريابي في «صفة المنافق».
وأورد ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص662) طرقه ثم قال: فهذه طرق يشد القوي منها الضعيف، فهي صحيحة من قول عمر بن الخطاب t.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج5 ص238)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص89)، و(ج5 ص133).
وقوله: (ويهدم الإسلام)؛ أي يزيل عزته.
وقوله: (زلة العالم)؛ أي: عثرته، بتقصير منه، أو اجتهاد منه.
وقوله: (وجدال المنافق)؛ الذي يظهر السنة، ويبطن البدعة.
وقوله: (بالقرآن)؛ وإنما خص؛ لأن الجدال به أقبح، وهو يؤدي إلى الكفر، وذلك لإفساده الدين.
وقوله: (وحكم الأئمة المضلين)؛ أي: على وفق أهوائهم، وإكراههم الناس عليه.([2])
وأخرجه أبو الجهم في «جزئه» (98)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص87)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص616) من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري t عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بن الخطاب t فقال: (إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلين يضلون الناس بغير علم).
وإسناده حسن في المتابعات.
قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج1 ص455): (قوله: (ما يهدم)؛ الهدم إسقاط البناء، وهدم الإسلام تعطيل أركانه الخمسة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) ([3]) الحديث، وتعطيله إنما يحصل من زلة العالم، وتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإتباع الهوى، ومن جدال المبتدعة وغلوهم في إقامة البدع بالتمسك بتأويلاتهم الزائغة، ومن ظهور ظلم الأئمة المضلين وحكم المزورين. وإنما قدمت زلة العالم لأنها هي السبب في الخصلتين الأخيرتين، كما جاء: (زلة العالم زلة العالم». اهـ
قلت: إن من أشر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة: عالم لا ينتفع بعلمه([4])، اللهم سلم سلم.
وبوب الحافظ البيهقي / في «المدخل» (ج2 ص870): باب ما يخشى من زلة العالم أو العمل.
وبوب الإمام ابن المبارك / في «الرقائق» (ج2 ص681): باب في زلة العالم.
قلت: وأكثر الناس يفتنون بزلة عالم، ولأن إذا زل العالم زل بزلته عالم كثير([5])، والعياذ بالله.
فعن الحسن البصري / قال: (لم يبق من العلم إلا غبرات([6]) قليل في أوعية سوء، فانظروا عمن تأخذوا دينكم).([7])
وبوب ابن أبي إياس / في «العلم» (ص162): باب أخذ العلم من غير أهله.([8])
قلت: وهؤلاء يضلون الناس ويحدثونهم بغير علم، والله المستعان.
فالعلماء الزائغون عن الحق، والمنافقون المجادلون المبتدعون هم الذين يضعفون أركان الإسلام، وذلك لإقامتهم البدع في الناس في البلدان الإسلامية.
قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج2 ص570): (باب: التحذير من علماء السوء، ممن ترك كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، واعتمد على رأيه، وجلب الناس بمنطقه وتزين لهم بعلمه وزهده، وتصنع بقراءته وتعبده، وما يصدون بذلك عن الحق، ويقطعون عن الخير، ويمنعون من طلب العلم). اهـ
وعن وهيب بن الورد / قال: (ضرب مثل عالم السوء فقيل: مثل العالم السوء كمثل حجر وقع في ساقية، فلا هو يشرب من الماء، ولا هو يخلي عن الماء فيحيى به الشجر !).
أثر حسن
أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص571)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص140 و146)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (195) من طرق عن محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت وهيب بن الورد به.
قلت: وهذا سنده حسن.
لذلك أحذركم من الفجار من المتعالمين، والجهال من المتعبدين، فإنه قد يقال للمرء أنه عالم وهو متعالم، وقد يقال للمرء عابد وهو جاهل!.
قلت: وإنما مثل هذا كالسائر على غير طريق صحيح؛ فإنه لم يزده الاجتهاد، والسرعة من الله تعالى إلا بعدا.([9])
قال العلامة حمد بن ناصر / في «الدرر السنية» (ج3 ص68): (من أراد الله فتنته، فلا حيلة فيه، بل لا تزيده كثرة الأدلة إلا حيرة، وضلالا). اهـ
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ويل للأتباع من زلة العالم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه فيلقى من هو أعلم منه برسول الله r منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص873)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص112)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص99)، وفي «الإيصال» (ص503)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص14) من طرق عن حماد بن زيد، عن المثنى بن سعيد، عن أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص90)، و(ج5 ص134).
وعن معاذ بن جبل t قال: (أحذركم زيغة الحكيم –يعني: العالم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.
قال يزيد بن عميرة –الراوي عن معاذ-: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ... فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).
أثر صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص17)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص233)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص320)، والفريابي في «صفة المنافق» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (116)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص210)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (444)، وفي «الأسماء والصفات» (135)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج65 ص337)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص218 و219)، وعبد الرازق في «المصنف» (ج11 ص363)، والآجري في «الشريعة» (ص47)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص585)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص22)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج7 ص418)؛ في ترجمة: «يزيد بن خالد بن وهب الرملي»؛ وفي «السير» (ج1 ص456)، و(ج8 ص143)، وابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (70)، وجمال الدين الحنفي في «مشيخة ابن البخاري» (ج3 ص1840) من طرق عن الزهري قال: حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ؛ أن معاذا t كان يقول فذكره.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص981) من طريق ابن عجلان عن ابن شهاب أن معاذا t به.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص232) من طريق ابن عجلان عن الزهري أن أبا إدريس أن معاذا t به.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (227)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص466)، وابن وضاح في «البدع» (63) من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن يزيد بن عميرة به.
وأخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (117)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (27) من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال معاذ بن جبل t به.
وأخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص185)، و(ج3 ص59)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8581)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري به.
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455).
قلت: فليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي r.
وعن عبد الله بن مسعود t قال: (اغد عالما أو متعلما، ولا تغد إمعة([10]) بين ذلك)؛ يعني: جاهلا.
أثر صحيح
أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص134)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج5 ص407)، وسعدان بن نصر في «جزئه» (140)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص188)، والخطيب في «التطفيل» (ص64 و65)، والحنائي في «الفوائد» (106)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1491)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص68)، والآمدي في «الإحكام» (ج6 ص234) من طريق سفيان بن عيينة، نا عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله t به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص541)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص109)، ووكيع في «الزهد» (ج3 ص829)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص140) من طريق الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله t به.
قلت: وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ابن مسعود([11])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص163) من طريق معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن مسعود t به.
قلت: وعبد الملك بن عمير لم يدرك ابن مسعود([12])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص99)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص137) من طريق أبي سنان ضرار بن مرة عن سهل القراري عنه.
قلت: وسهل القراري هذا مجهول([13])، وهو لم يدرك ابن مسعود أيضا.
وأخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص97)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص144) من طريق الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب به.
قلت: وهارون بن رئاب لم يسمع من ابن مسعود([14])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص126) من طريق الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود t قال: (اغد عالما، أو متعلما ولا تغد بين ذلك).
قلت: وهذا سنده حسن.
فحبذا العالم والمتعلم، وسائر الناس همج لا خير فيهم!.([15])
وأخرجه وكيع في «الزهد» (513)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص79)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1493) من طريق الحسن البصري عن ابن مسعود t به.
قلت: والحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود([16])، فالإسناد منقطع، وقد أعله بالانقطاع البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص692).
وأخرجه الدارمي في «المسند» (349)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص463) من طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود t به.
قلت: والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن مسعود([17])، فالإسناد منقطع.
وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص367)، وأبو داود في «الزهد» (141) من طريق سالم بن أبي الجعد عن طرفة المسلي قال: قال عبد الله بن مسعود t.
قلت: وطرفة المسلي هذا مجهول([18])، ولم أجد من وثقه غير ابن حبان حيث ذكره في «ثقاته» (ج4 ص398).
وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص166 و167)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص136 و137)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج1 ص124) من طريق المسعودي عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود t به.
وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص181)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه المسعودي، وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات.
قلت: وهذه الطرق تؤكد أن له أصلا عن عبد الله بن مسعود t.
فالحديث بمجموع طرقه صحيح.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «الجامع» (ج2 ص982): (وشبه العلماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير وإذا ثبت وصح أن العالم يخطئ ويزل لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص453): (والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم؛ ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد؛ إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل قوله منزلة قول المعصوم؛ فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه، وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه، وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ - ولا بد - فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، والخطأ واقع منه ولا بد ... ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها؛ إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره؛ فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين، فإنه اتباع للخطأ على عمد، ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه، وكلاهما مفرط فيما أمر به). اهـ
وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص58): (وإنما هذه الجملة ينبغي أن ينتبه لها الذين يأبون إلا التقليد؛ ليعلموا أن من آثر التقليد فالأحرى به تقليد الصحابة لأنهم الأعلم). اهـ
قلت: فلا يدرى ما عذر المقلد في ترجيح أقوال غير الصحابة y على أقوالهم؛ فكيف إذا منع الأخذ بقول الصحابة y فكيف إذا صار يرمى بالابتداع من عمل بها؟!، لا جرم أنه أخذ بالمثل المشهور: رمتني بدائها وانسلت.
قلت: وكان السلف يسمون المقلد؛ الأعمى الذي لا بصيرة له، وغير ذلك.
قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([19])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل([20])). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم –يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في«إعلام الموقعين» (ج3 ص462): (تحريم الإفتاء بالتقليد، فإنه إفتاء بغير ثبت؛ فإن الثبت الحجة التي يثبت بها الحكم باتفاق الناس). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «مداواة النفوس» (ص74): (المقلد راض أن يغبن([21]) عقله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص281): (فإن التقليد لا يورث إلا بلادة). اهـ
وقال العلامة ابن بدران / في «المدخل» (ص495): (التقليد يبعد عن الحق، ويروج الباطل). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «المناظرات الفقهية» (ص37): (فإن من اعتاد الجري على أقوال لا يبالي دل عليها دليل صحيح أو ضعيف، أو لم يدل يخمد ذهنه، ولا ينهض بطلب الرقي، والاستزادة في قوة الفكر والذهن). اهـ
وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص69): (ونبرأ إلى الله من دفع النصوص بالأقيسة والآراء). اهـ
قلت: فالتقليد أن يعتمد الإنسان في فهم الحكم من الدليل على غيره لا على نفسه.([22])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة([23])، قال الله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون[ [البقرة 170]، وفي المائدة([24])، وفي لقمان: ]أولو كان الشيطان يدعوهم([25])، وفي الزخرف: ]قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[ وفي الصافات: ]إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون[ [الصافات: 69-70]، وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 66-67]. وقال: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]، وقال تعالى: ]فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار[ [غافر: 47]، وفي الآية الأخرى: ]من عذاب الله من شيء[ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25]. فهذا الاتباع والتقليد الذي ذمه الله هو اتباع الهوى: إما للعادة والنسب كاتباع الآباء، وإما للرئاسة: كاتباع الأكابر، والسادة، والمتكبرين فهذا مثل تقليد الرجل لأبيه أو سيده أو ذي سلطانه ... وقد بين الله أن الواجب الإعراض عن هذا التقليد إلى اتباع ما أنزل الله على رسله؛ فإنهم حجة الله التي أعذر بها إلى خلقه ). اهـ
قلت: وهذه الآيات التي ساقها شيخ الإسلام ابن تيمية / للتدليل على فساد التقليد وذمه، قد استدل بها، وبما شابهها من القرآن كثير من العلماء.
ويقول الحافظ ابن عبد البر /: بعد أن ساق بعض هذه الآيات في «جامع بيان العلم» (ج2 ص134): (قد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أؤلئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ
وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج2 ص836): (التقليد على الحقيقة إنما هو قبول ما قاله قائل دون النبي r بغير برهان فهذا هو الذي أجمعت الأمة على تسميته تقليدا، وقام البرهان؛ على بطلانه). اهـ
قلت: فكل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده.([26])
وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص265) عن التقليد: (هو قبول رأي من لا تقوم به الحجة بلا حجة). اهـ
قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي.([27])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ
وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص219): (قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل). اهـ
قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص261): (ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل، وتبين له الحق الذي جاء به الرسول r؛ فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975)؛ وهو يعقد في كتابه بابا بعنوان: (باب فساد التقليد، ونفيه، والفرق بين التقليد والاتباع) ثم يقول: (قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه ... وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص233): (فأما من لم يعرف إلا قول عالم واحد وحجته دون قول العالم الآخر وحجته؛ فإنه من العوام المقلدين؛ لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص228): (وأما هدي الصحابة فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن فيهم شخص واحد يقلد رجلا واحدا في جميع أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة بحيث لا يرد من أقواله شيئا، ولا يقبل من أقوالهم شيئا، وهذا من أعظم البدع وأقبح الحوادث). اهـ
قلت: والإمام ابن القيم / لم يكن هو أول من قال إن هذا الأمر بدعة، ولا آخر من قال، اللهم غفرا.
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص236): (اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله؟، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون([28]) الفاضلة).اهـ
قلت: إذا: يحرم الأخذ بآراء العلماء المخالفة للكتاب والسنة، والله المستعان.
وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص347): (ولقد زل - بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال - أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل.
ولنذكر عشرة أمثلة: وبعد أن يذكر هذه الأمثلة يقول: فالحاصل مما تقدم أن تحكيم الرجال من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، وما توفيقي إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غير).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص251): (وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ
قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ
وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ
قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([29])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (وأمرهم بالرد عند التنازع إلى الله تعالى، والرسول r فأبطل الرد إلى إمام مقلد، أو قياس عقلي فاضل). اهـ
قلت: فالحجة في الأدلة الشرعية التفصيلية فليس أن يقبل قولا ممن قاله إلا بقيام الأدلة الشرعية التفصيلية على صواب ذلك القول؛ فإن قبله بغير ذلك كان مقلدا التقليد المذموم المنهي عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص260): (قد ذم الله تعالى في القرآن من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه، وهذا هو التقليد الذي حرمه الله تعالى ورسوله r وهو: أن يتبع غير الرسول r فيما خالف فيه الرسول r، وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان؛ في سره وعلانيته وفي جميع أحواله). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص996): (ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى، ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ
قلت: إذا فإن إقرار التقليد واتخاذه دينا ومذهبا أمر يحتاج إلى دليل؛ لأن الواجب حكم من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص من القرآن، أو حديث صحيح أو حسن من السنة، ولا نعلم في ذلك نقلا اعتمد عليه.
قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص64): (من يغلو في التقليد حتى يتعصب لآراء الرجال، وإن خالفت الدليل، وهذا مذموم، وقد يؤول للكفر). اهـ
قلت: فالتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن التقليد كما بينا هو الأخذ بقول الغير بلا حجة.
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص787): (والتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن الاتباع هو تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه.
والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول، ولا معناه وتأبى من سواه، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مهابة خلافه وأنت قد بان لك فساد قوله، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه وتعالى).اهـ
وقال أبو عبد الله بن خواز منداد البصري المالكي: (التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وهذا ممنوع منه في الشريعة.
والاتباع ما ثبت عليه حجة).([30])
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ
قلت: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع.([31])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975): (باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد، والاتباع قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31]). اهـ
قلت: ولا خلاف بين العلماء أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم.
قال الحافظ السيوطي /: (إن المقلد لا يسمى عالما).([32]) اهـ
قلت: فيجب القبول باتباع الحجة والانقياد للدليل من كتاب، أو سنة، أو إجماع دون تقليد شخص بعينه؛ لأن التقليد ممنوع في الشريعة.([33])
قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص247): (فحينئذ ليس من شأن المسلم التجمد على التقليد فإن تجمد مع ذلك فما أشبهه بمن قال الله تعالى فيهم: ]ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك[ [البقرة: 145]). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص28): (وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سفرا كبيرا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول الله r؛ كما خفي ذلك على سادات الأمة أولا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد خفي على الصحابة y مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مدعي العصم في الأئمة([34])، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، قلنا: فنحن نناشدكم الله تعالى الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى الله تعالى، ورسوله r أمرا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه الله تعالى، ورسوله r عينا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وللجواب صوابا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي منعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر، وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم؛ إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص205): (وهذا باب واسع لا يحصى مع أن ذلك لا يغض من أقدارهم ولا يسوغ اتباعهم فيها، كما قال سبحانه: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص136): (إذا ثبت هذا، فلا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل:
منها: أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدا له وذلك؛ لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتدا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين.
ومنها: أنه لا يصح اعتمادها خلافا([35]) في المسائل الشرعية). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج1 ص165): (وقد أجمع المسلمون أن الخلاف ليس بحجة([36])، وأن عنده يلزم طلب الدليل والحجة ليتبين الحق منه). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج2 ص248): (ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد([37])؛ لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا يمعن النظر بشيء كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل). اهـ
وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
الكوكب الشرقي المنقض على ربيع المدخلي الجهمي
فتوى
الإمام ابن باز /
في إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى على ظاهر الأحاديث، وهذا فيه قمع «لربيع المدخلي» وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى، وحيث ذكر / أن القاعدة واحدة في الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة
اعلم رحمك الله أن الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / يثبت صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة السلف في إمرار أحاديث الصفات على ظاهرها، والتسليم لها، وعدم إنكارها، لأن القاعدة واحدة في: «توحيد الأسماء والصفات»، لا تتغير، ولا تتبدل في إثبات الأسماء والصفات على ظاهر النصوص، فمن بدل هذه القاعدة، وهو ليس من أهل الاجتهاد([38]) وأصر على ذلك، ولو في صفة واحدة، فهو مبتدع جهمي، كما ذكر السلف الصالح!.
فسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج28 ص402)؛ عن حديث: السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فهل يوصف الله تعالى بأن له ظلا؟.
فأجاب /: (نعم: كما جاء في الحديث، وفي بعض الروايات «في ظل عرشه([39]») لكن في الصحيحين «في ظله»، فهو له ظل يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته مثل: سائر الصفات، والباب واحد([40]) عند أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن: «ربيع بن هادي المدخلي» على قاعدته
يعتبر جهميا، وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل لله تعالى»، وهذا مذهب الجهمية تماما، وهو ليس بعالم، وليس من أهل الاجتهاد حتى يعذر، فهذا الرجل لا يعذر بجهله في الدين؛ كما هو منهج السلف الصالح
اعلم رحمك الله أن السلف كانوا ينسبون الرجل إلى الجهمية لعدم إثباته لصفة واحدة فقط ما دام ليس من أهل الاجتهاد، وأصر وعاند على نفي الصفة، ولم يرجع عن تعطيله لهذه الصفة.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص68)؛ عندما ذكر بعض الصفات لله تعالى: (فمن فسر شيئا –يعني: ولو لصفة واحدة من الصفات- من هذا بهواه، أو رده([41])، فهو جهمي!). اهـ
قال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
وعن أبي داود الطيالسي، قال: كان سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وشريك، وأبو عوانة، (لا يحدون، ولا يشبهون، ولا يمثلون، يروون الحديث ولا يقولون: كيف، وإذا سئلوا أجابوا بالأثر).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (909)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص3) من طريق إسحاق بن أحمد الفارسي، ثنا حفص بن عمر المهرقاني، ثنا أبو داود به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قال أبو داود الطيالسي: وهو قولنا.
وعن المروذي: سألت أبا عبد الله –يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، والخلال في «السنة» (ج1 ص246)، وابن يزداد البغدادي في «السنة» (ص20)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22) من طرق عن المروذي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.([42])
قلت: فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في الاعتقاد!.
قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص43): (لا يجوز رد هذه الأخبار على ما ذهب إليه جماعة من المعتزلة، ولا التشاغل بتأويلها على ما ذهب إليه الأشعرية، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها). اهـ
وقال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ
قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتحريفها، وتعطيلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله تعالى تليق بكماله وجلاله.([43])
وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).
وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (اتفق الفقهاء كلهم، من المشرق إلى المغرب، على الإيمان بالقرآن، والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله r في صفة الرب من غير تغيير وفي رواية: [من غير تفسير]، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئا([44]) من ذلك، فقد خرج مما كان عليه النبي r، وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا، ولم يفسروا، ولكن أفتوا، وفي رواية: [ولكن آمنوا] بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم، فقد فارق الجماعة، لأنه قد وصفه بصفة لا شيء).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص432)، والذهبي في «العلو» تعليقا (ص113)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14) من طريق داود بن طلحة قال: سمعت عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي يقول: سمعت محمد بن الحسن به.
قلت: وهذا سنده حسن، وآثار السلف في هذا الاعتقاد تشهد له.
قلت: وطريقة السلف الصالح جامعة لكل خير في الدين والدنيا.
وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص185):
والله يــــعــــــلــــم أنـــــنـــــا في وصــــفـــــه |
|
|
لــــــــم نــــعـــــد مــــــا قـــــد قال في القرآن
|
أو قــــــالـــــــــــه أيـــــضا رســـــــــــول الله |
|
|
فـــــــهــــــو الـــصادق المصدوق بالبرهان |
أو قـــــــالــــــــه أصــــــحـــــابــــــه من بعده |
|
|
فـــــهـــــــــــم الــــنـــــجــوم مطالع الإيمان |
وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال؛ عن أحاديث الصفات: (أدركنا الأعمش، وسفيان الثوري يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص232) من طريق أحمد بن حنبل به.
وإسناده صحيح.
قلت: فمذهب السلف؛ هو: قبول الأحاديث في الصفات، والعمل بها، وعدم ردها.
وقال الإمام أحمد / في «السنة» (ص212): (هذه الأحاديث نرويها كما جاءت). اهـ
قلت: ومذهب السلف الصالح إثبات الصفات، وإجراؤها على ظاهرها.([45])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ
قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.
وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص173):
واعــــلــــم بـــــأن طــــريقـــهـــــم عكــس |
|
|
الـــطــــريق الـــمـــســـتــقــيم لمن له عينان
|
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (وأهل السنة والجماعة جعلوا المتبادر من النصوص هو: المعنى الحقيقي اللائق بالله تعالى، وقالوا: إن هذا المعنى حق على حقيقته، لكنه لائق بالله تعالى.
ففي قولهم: (إنه حق على حقيقته)؛ رد على المعطلة، وفي قولهم: (اللائق بالله)؛ رد على الممثلة الذين جلعوه مماثلا للمخلوق). اهـ
قلت: فهم مجمعون على الإقرار، والإيمان لهذه الصفات العظيمة.
وعن الإمام أحمد / قال: (ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص280)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (ص97) من طريق النجاد قال أخبرنا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص224).
وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج8 ص402): (ومعلوم عند أهل العلم من الطوائف أن مذهب السلف إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تحريف، ولا تشبيه ولا تكييف). اهـ
وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه الأحاديث التي جاءت؛ نرويها كما جاءت ولا نفسرها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص320):
يــــــا قـــــوم فــــانـــتـــبـــهوا لأنـــفــســـكم |
|
|
وخـــــلـــــوا الـــجهل والدعوى بلا برهان |
وعن الإمام ابن المديني / قال: (ونحو هذه الأحاديث مما ذكرناه، ومما لم نذكره في هذه الأحاديث: مما صح وحفظ، فإنه يسلم له وإن لم يعلم تفسيره، فلا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه ولا يتكلم فيه ما لم يبلغ لنا منه، ولا نفسر الأحاديث إلا على ما جاءت، ولا نردها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص160) من طريق أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بسطام يقول: سمعت سهل بن محمد قرأها على علي بن عبد الله بن جعفر المديني به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الإمام ابن رجب / في «بيان فضل علم السلف» (ص48): (والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها؛ كما جاءت من غير تفسير له، ولا تكييف، ولا تمثيل: ولا يصح من أحد منهم خلاف ذلك البتة). اهـ
وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، ولا نردها إلا بأحق منها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ
وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (من رأيتموه ينكر من هذه الأحاديث فاحسبوه من الجهمية).([46])
أثر صحيح
أخرجه الدارقطني في «الصفات» (62)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (418)، وابن منده في «التوحيد» (ج2 ص115) من طرق عن وكيع بن الجراح به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن الإمام شريك بن عبد الله؛ وقيل له أن المعتزلة ينكرون([47]) أحاديث الصفات، فقال: (أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله r فهم عمن أخذوا؟).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (508)، و(509)، والدارقطني في «الصفات» (67)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (958)، والذهبي في «العلو» معلقا (144)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص116) من طريق عباد بن العوام به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص231): (الواجب على الأمة ولا سيما العلماء منهم: إجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها، والظاهر من الكلام هو المتبادر منه عند الإطلاق، كما سيأتي في الأدلة لا سيما نصوص الصفات؛ لأن نصوص الصفات من الأمور الغيبية التي ليس للعقل فيها مجال).اهـ
قلت: والعلماء الذين أولوا صفة: «الظل» لله تعالى؛ فهم: معذورون؛ لأنهم من أهل الاجتهاد، فليس عليهم أي شيء من ناحية الدين، والله يغفر لهم.
قلت: وعلى قاعدة: «المدخلي الضال»، يعتبر هو: «مبتدعا»، ولا يعذر بخطئه في الاعتقاد، اللهم غفرا.
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
]أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى[
المقدمة
الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.
ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([48])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([49])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([50])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([51])
فهذه رسالة لطيفة أثرية في باب من أبواب الاعتقاد السلفي؛ وهو «إثبات صفة الظل للـه تعالى» على ما يليق بكماله وجلاله.([52])
قلت: وهذا معتقد أهل السنة والأثر قديما وحديثا، فلم نأت بمحدث من القول، ولا بمنكر من الاعتقاد، وقد تحرينا فيه الاقتداء، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة y، والتابعين الكرام، والأئمة الفضلاء ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم.
قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.([53])
وقد ذكر الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص41)؛ أنه أثبت صفات الله تعالى؛ ومنها: «صفة الظل» من القرآن، وعن رسول الله r، وعن أصحابه y؛ حيث قال: (وروينا عن رسول الله r، وعن أصحابه y). اهـ
قلت: فبين الإمام الدارمي أن من أصول كتابه هذا الذي ذكر فيه صفات الله تعالى أنه أثبت([54]) هذه الصفات من القرآن، والسنة، والآثار، والحمد لله.
قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ
قلت: وصفة «الظل»؛ هي صفة ثابتة لله عز وجل بالسنة الصحيحة، وإجماع الصحابة، وأئمة الحديث.([55])
فعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه). ([56])
وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).([57])
عن أبي اليسر t، قال : قال رسول الله r : (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).([58])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج8 ص593): (الشاهد من هذه الأحاديث: أن النبي r يروي الحديث عن الله تعالى). اهـ
قلت: والشاهد من الأحاديث إثبات، صفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ
قلت: وعليه فنجري الأحاديث على ظاهرها، ونقول: إن الله تعالى له حقيقة صفة: «الظل» على ما يليق بجلاله وكماله.
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([59])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد «أثبتوا صفة الظل للـه تعالى»، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله وعيد شديد، و العياذ باللـه.
قلت: ووجه الاستدلال بها([60])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون
اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([61])
والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([62])
قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([63]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([64])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.
قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([65])
قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ
قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[
[البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.
قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ
قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([66])، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([67])
فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ
قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([68])؛ إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([69])
قلت: والاعتراضات التي ذكرها المبتدعة على إجماع السلف، والأئمة في الأسماء والصفات؛ هي في الحقيقة اعتراضات متكلفة، وفاسدة، تكلفوها حتى يروجوا بدعة التجهم في الدين.
قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي: في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.
وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.
قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المبتدع أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من اعتقاد فاسد في الأسماء والصفات، والله المستعان.
قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].
وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.
فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([70])، والعياذ باللـه.
قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في الأسماء والصفات، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في إثبات الأسماء والصفات من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.
قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين؛ لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم؛ قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ
قلت: وعليه؛ فلا تعجل أخي القارئ برد هذا الكتاب، ولا ما جاء فيه عن أئمة الحديث؛ فتقع في مخالفتهم؛ فإنه لم يأت إنكار مسألة «صفة الظل للـه تعالى» إلا عن الجهمية أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، فعنهم تلقفها من جاء بعدهم ممن اشتغل بالنظر في كتب أهل الكلام، وأعرض عن دراسة ما كتبه أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص485): (المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل عليهم السلام من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص224): (لهذا السلف مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول r مشهورا معلوما بالاضطرار، لعموم المسلمين). اهـ
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص257): (ولهذا كان السلف، والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة؛ بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع). اهـ
قلت: وإنما ذكرت صفة: «الظل» هنا حتى يتبين لك أن هذا الكتاب الذي سطرته في عقيدة أهل السنة والجماعة أنه شجى في حلوق أهل البدع من الجهمية، والربيعية، والأشاعرة، والإباضية، والصوفية، والطالحية وغيرهم([71])، والله المستعان.
والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح، والله الموفق.
قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الظل للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.([72])
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592): (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ
وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص75): (فكما نحن لا نكيف هذه الصفات، لا نكذب بها كتكذيبكم، ولا نفسرها؛ كباطل تفسيركم([73]». اهـ
قلت: وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قول المسلمين، وبين الجهميين من الفرق في الدين.
واعلم أن من أهم ما تريد الجهمية الزنادقة الوصول إليه: هو نفي صفات اللـه، والعياذ باللـه.
قلت: لذلك أنكر عليهم أئمة السنة، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم، اللهم سلم سلم.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص915): (قال تعالى في آلهة المشركين المعطلين: ]ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها[ [الأعراف195]؛ فجعل سبحانه عدم البطش والمشي، والسمع والبصر دليلا على عدم إلهية من عدمت فيه هذه الصفات فالبطش والمشي من أنواع الأفعال، والسمع والبصر من أنواع الصفات، وقد وصف نفسه سبحانه بضد صفة أربابهم، وبضد ما وصفه به المعطلة والجهمية). اهـ
فيسرنا أن نضع بين يدي طلبة السنة كتابي: «لقم الأحجار في الفاه لردم اعتقاد ربيع بن هادي المدخلي لتعطيله صفة الظل لله تعالى»، وكتابنا هذا سرنا فيه على طريقة السلف في تصانيفهم، فسقنا الأحاديث النبوية، والإجماعات السلفية؛ «المثبتة لصفة الظل للـه تعالى».
قلت: وهذا الاستنباط من النصوص في الأصول والفروع لا يعرفه، إلا علماء السنة والأثر: ]ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم[ [الجمعة: 4]، وهو من التأويل الصحيح للنصوص، وللـه الحمد والمنة.
قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب[ [آل عمران: 7].
وقال تعالى: ]لعلمه الذين يستنبطونه منهم[ [النساء: 83].
وقال تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].
وعن سليمان بن الأشعث قال: سمعت أحمد بن حنبل؛ سئل: (هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟ فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟).([74])
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص18): (وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في هذا وما أشبهه، وقد كانوا رزقوا العافية منهم، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام، وذهاب العلماء، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق اللـه تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ
قلت: فهذا نحن نروي عن أئمة المسلمين من أهل الحديث بأسانيد صحيحة في «إثبات صفة الظل للـه تعالى»، بما يليق بجلاله سبحانه تعالى.
وها أنا ذا الآن شارع فيما قصدت من التبيين؛ فالله أسأل أن يقوي حجتي، وأن يسدد قلمي، وأن يرزقني هديا قاصدا، إن ربي لسميع الدعاء.
والحمد لله تعالى على السنة.
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل من آثار السلف
في أن منهجهم في إثبات صفات الله تعالى
إمرارها على ظاهرها، وهذا يبطل قول: «ربيع بن هادي المدخلي» في تعطيله لصفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله
1) عن الوليد بن مسلم، قال: سألت مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي عن الأحاديث التي فيها الصفات؟ فقالوا: (أمروها كما جاءت بلا تفسير([75]). وفي رواية: (أمروها كما جاءت بلا كيف). وفي رواية: (بلا كيفية).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص259)، والدارقطني في «الصفات» (ص75)، والآجري في «الشريعة» (720)، والذهبي في «العلو» (ج2 ص959)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص241)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص115 و307)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص527)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص158)، و(ج19 ص231)، وفي «الانتقاء» (ص63)، وفي «الاستذكار» (ج8 ص118)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص377)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص2)، وفي «الاعتقاد» (ص57)، وأبو عثمان الصابوني في «الاعتقاد» (ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20)، وابن المقرئ في «المعجم» (555)، وابن دحية في «الابتهاج في أحاديث المعراج» (ص98)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص345)، و(ج3 ص249) من طرق عن الهيثم بن خارجة حدثنا الوليد بن مسلم به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الذهبي في «الأربعين» (ص82)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص142)، وابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص39).
وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص96): (وقد روينا عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات؛ أنهم كلهم قالوا: أمروها كما جاءت). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ
قلت: فهذه الأحاديث نثبت ألفاظها ومعانيها مع اعتقادنا أننا مكلفون بمعرفة تلك الألفاظ والمعاني؛ أي: فإننا متعبدون بمعرفة معاني صفات الله تعالى، مع إثبات الظاهر لهذه الصفات، ونفي علمنا بكيفية هذه الصفات؛ فإن هذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، فهو أعلم بصفاته سبحانه.([76])
قال تعالى: ]ولا يحيطون به علم[ [طه:110].
وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11].
وقال تعالى: ]ولم يكن له كفوا أحد [[الإخلاص: 4].
وقال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم [[الإسراء: 36].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص36): (وتأويل الصفات هو في الحقيقة التي انفرد الله تعالى بعلمها وهو الكيف المجهول). اهـ
قلت: وهذا التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، هو علم كيفية صفاته سبحانه وتعالى.
قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7].
وقال تعالى: ]هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله[ [الأعراف:53].
وقال تعالى: ]ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا[ [الكهف:82].
وقال تعالى: ]سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا[ [الكهف:87].
وقال تعالى: ]ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء:59].
قلت: وأحسن التأويل هو: تأويل الله تعالى لصفاته، لأن لا يعلم هذا التأويل إلا هو سبحانه وتعالى؛ أي: علم كيفية هذه الصفات.
قال الإمام أبو سلميان الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج1 ص637): (هذا الحديث، وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ
2) وعن الأوزاعي قال: سئل مكحول، والزهري؛ عن تفسير أحاديث الصفات، فقالا: (أمروها كما جاءت). وفي رواية: (أمر الأحاديث كما جاءت). وفي رواية: (أمضوا الأحاديث على ما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص478)، والخلال في «السنة» (ص76-الفتوى الحموية)، والخطابي في «معالم السنن» (ج3 ص555)، وفي «أعلام الحديث» (ج1 ص638)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص377)، والأصبهاني في «الحجة» تعليقا (ج1 ص192)، وأبو عمرو الداني في «الرسالة الوافية» (ص138)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1801)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج17 ص77)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص18)، والقاضي أبو يعلى في «إبطال التأويلات» (ج1 ص47)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص252)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص621)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص494)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط) من طرق عن بقية بن الوليد قال: حدثني الأوزاعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص39)، والذهبي في «السير» (ج5 ص162)، والشاطبي في «الاعتصام» (ج2 ص851).
ففي قول السلف: (أمروها كما جاءت، بلا كيف)، إثبات لحقيقة صفات الله تعالى، ونفي لعلمنا بكيفياتها؛ فالتفويض يكون في كيفية الصفات لافي معانيها، فافطن لهذا.([77])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص39 –قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة. والزهري ومكحول: هما أعلم التابعين في زمانهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «جواب الاعتراضات المصرية» (ص188): (فالمأول بما يخالف الظاهر؛ مع أنه مبتدع لهذه التأويلات، فهي بدعة مخالفة لإجماع السلف ... و«الجهم»، و«الجعد»، أو من بعد هؤلاء؛ مثل: «أبي الهذيل العلاف» وطبقته، و«بشر المريسي»، ونحوه؛ فهؤلاء الذين ابتدعوا هذه التأويلات). اهـ
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص188): (الكلام في صفات الله عز وجل ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله r، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وذهب قوم من المثبتين([78]) إلى البحث عن التكييف). اهـ
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص369): (أجمعوا على الأخذ بظاهر النصوص، وأنه حق على حقيقته، وأنه هو اللائق بالله عز وجل). اهـ
3) وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت)([79]). وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620) من طرق عن الزهري به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).
4) وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164) من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.
وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).
وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.
وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.
وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ
قلت: وهذا إجماع في إثبات الصفات على ظاهرها، وإمرارها على ما جاءت النصوص، وقد أخبر بهذا الإجماع من هو ممن يتتبع كلام أهل العلم، ويطلع على خلافهم فيقول: أجمعوا على هذا؛ أي: يعني: أثبتوا أنه لا يوجد أي خلاف في ثبوت الصفات على حقيقتها.([80])
قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص312):
مـــن قـــال ذا قــد خــــالـــف الإجــمـــــاع |
|
|
والـــخــبــر الــصــحــيـــح وظـــاهر القرآن
|
وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
5) وعن أبي داود الطيالسي، قال: كان سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وشريك، وأبو عوانة، (لا يحدون، ولا يشبهون، ولا يمثلون، يروون الحديث ولا يقولون: كيف، وإذا سئلوا أجابوا بالأثر).
أثر حسن
أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (909)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص3) من طريق إسحاق بن أحمد الفارسي، ثنا حفص بن عمر المهرقاني، ثنا أبو داود به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قال أبو داود الطيالسي: وهو قولنا.
6) وعن المروذي: سألت أبا عبد الله –يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، والخلال في «السنة» (ج1 ص246)، وابن يزداد البغدادي في «السنة» (ص20)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22) من طرق عن المروذي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.
قلت: فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في الاعتقاد!.
قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص43): (لا يجوز رد هذه الأخبار على ما ذهب إليه جماعة من المعتزلة، ولا التشاغل بتأويلها على ما ذهب إليه الأشعرية، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها). اهـ
وقال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ
قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتحريفها، وتعطيلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله تعالى تليق بكماله وجلاله.([81])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص303): (القول الشامل في جميع هذا الباب –أي: باب الصفات- أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسول الله r، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث).اهـ
7) وعن الإمام سليمان التيمي / قال: (كانوا([82]) يكرهون تفسير حديث رسول الله r بآرائهم، كما يكرهون تفسير القرآن برأيهم). وفي رواية: (ليتقى من تفسير حديث رسول الله r؛ كما يتقى من تفسير القرآن).
أثر صحيح
أخرجه ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والدارمي في «المسند» (444)، وابن مفلح في «الأداب» تعليقا (ج2 ص61) من طريق موسى بن خالد، والأصمعي عن المعتمر بن سليمان عن أبيه.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص365): (السلف يفهمون معاني الصفات العامة([83])، ويفوضون الكيفية فقط، فليسوا بالمؤولين المحرفين، وليسوا بالمشبهين المجسمين، ولا بالمفوضين الجاهلين، ولا الواقفين الحائرين، بل هم أصحاب فهم صحيح، وفقه دقيق([84])، إذ هم وسط بين هذه النحل المختلفة). اهـ
وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص235): (تحديد مفهوم السلف، وأنهم كانوا يفهمون من هذه النصوص؛ كتابا وسنة ما تدل عليه بوضعها وبظاهرها باقية على حقيقتها، ولم يؤولوها، ولم يخرجوا بها عن ظاهرها كما يزعم الخلف). اهـ
8) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: في ذكر أحاديث الصفات: (نسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول كيف هذا، ولم جاء هذا).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (495)، والدارقطني في «الصفات» (64)، والذهبي في «العلو» معلقا (433)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» تعليقا (ص153)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص278) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: سمعت: وكيع بن الجراح به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فعرفنا أن مذهب السلف يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.([85])
قال الإمام ابن البناء / في «الرد على المبتدعة» (ص153): (وأصحاب الحديث: يمرنها كما جاءت من غير إبطال، ولا تأويل). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص153): (ومذهب السلف رحمة الله عليهم الإيمان بصفات الله تعالى، وأسمائه التي وصف بها نفسه في آياته، وتنزيله، أو على لسان رسوله r من غير زيادة عليها، ولا نقص منها، ولا تجاوز لها، ولا تفسير، ولا تأويل لها بما يخالف ظاهرها ولا تشبيه بصفات المخلوقين، ولا سمات المحدثين، بل أمروها كما جاءت، وردوا علمها إلى قائلها، ومعناها([86]) إلى المتكلم بها). اهـ
9) وعن الإمام سفيان بن عيينة / قال: (كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن، فقراءتهتفسيره؛ لا كيف ولا مثل). وفي رواية: (فتفسيره تلاوته والسكوت عليه). وفي رواية: (ما وصف الله تعالى به نفسه فتفسيره قراءته، ليس لأحد أن يفسره إلا الله تبارك وتعالى، أو رسله صلوات الله عليهم).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (736)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (906)، والدارقطني في «الصفات» (61)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص19) من طريقين عن عيسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري قال: سمعت أبي يقول: سمعت سفيان بن عيينة به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص407).
وله طريق آخر؛ أخرجه الصابوني في «عقيدة السلف» (89)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (869).
وترجم الخطيب: «لعيسى بن إسحاق» في «تاريخ بغداد» (ج11 ص171)؛ وفيه أنه سمع من أبيه.
وترجم: لأبيه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص513)؛ وفيه ذكر سماعه من سفيان بن عيينة.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص423)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص406).
وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([87]) لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ
10) وعن عباس الدوري قال: كان أبو عبيد / يقول: (نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني).([88])
11) وعن الإمام سفيان بن عيينة / قال؛ في أحاديث الصفات: (هي كما جاءت نقر بها؛ ونحدث بها بلا كيف).
أثر صحيح
أخرجه الدارقطني في «الصفات» (65)، وأبو داود في «المراسيل» (75)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20)، والذهبي في «العلو» معلقا (423)، وفي «السير» (ج8 ص466)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص148 و149) من طريق أحمد الدورقي قال: حدثني أحمد بن نصر قال: سمعت سفيان بن عيينة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
12) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (أدركنا إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان، ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون([89]) شيئا).
أثر صحيح
أخرجه الدارقطني في «الصفات» (60)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص149)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص199)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص21)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص116)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (759) من طريق عباس بن محمد الدوري -وهو في «التاريخ» (ج3 ص520) - قال: سمعت يحيى بن معين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).
قلت: ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا، ونقرها ونمرها كما جاءت بلا كيفية، ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه سبحانه وتعالى.([90])
قلت: أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت.
قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص138): (وهذا دين الأمة، وقول أهل السنة في هذه الصفات أن تمر كما جاءت بغير تكييف، ولا تحديد، فمن تجاوز المروي فيها وكيف شيئا منها، ومثلها بشيء من جوارحنا وآلتنا، فقد ضل واعتدى، وابتدع في الدين ما ليس منه، وخرق إجماع المسلمين، وفارق أئمة الدين).اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص210)؛ عن اعتقاد الصحابة في الأسماء والصفات: (لم يتنازعوا في تأويل آيات الصفات، وأخبارها في موضع واحد، بل اتفقت كلمتهم، وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها وإمرارها؛ مع فهم معانيها وإثبات حقائقها.
وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا، وأن العناية ببيانها أهم؛ لأنها من تمام تحقيق الشهادتين وإثباتها من لوازم التوحيد فبينها الله تعالى، ورسوله r بيانا شافيا لا يقع فيه لبس، ولا إشكال يوقع الراسخين في العلم في منازعة؛ ولا اشتباه). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص12): (وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها وترك المجادلة فيها؛ وبالله العصمة والتوفيق). اهـ
13) وعن الإمام الأوزاعي / قال: (ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (365)، والجوزقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص80)، والذهبي في «السير» (ج7 ص120 و121)، وفي «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص181 و182)، وفي «العلو» (334)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط) من طريق إبراهيم بن الهيثم البلدي ثنا محمد بن كثير المصيصي قال: سمعت الأوزاعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص262)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص181).
وقال ابن القيم في «الصواعق» (ج2 ص211): رواته كلهم أئمة ثقات.
وجوده ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص406).
وذكره ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص232)، والذهبي في «الأربعين» (ص81)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش» (ص135).
وأخرجه الثعلبي في «الكشف والبيان» (ق/14/4/ط)، والذهبي في «العلو» (335) عن الوليد بن مسلم، وقد سئل الأوزاعي عن أحاديث الصفات، فقال: (أمروها كما جاءت).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وإنما قال الأوزاعي ذلك بعد ظهور أمر «جهم» المنكر لكون الله فوق عرشه، النافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف كان خلاف ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (وحكوا إجماعهم([91]) على إمرار الصفات أحاديثها، وإنكارهم على المحرفين([92]) لها). اهـ
قلت: والمبتدعة المعطلة هم: في الحقيقة يجمعون بدعتين: إنكار الصفات، وتحريفها عن معانيها الصحيحة.([93])
قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص149):
وتــــأولــــوا عــــلـــم الإلـــــه وقــــــولــــــه |
|
|
وصــفـــاتـــــه بالـــســــلــــب والـــبـــطلان
|
14) وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).
وقال العلامة أبو النصر القنوجي / في «القائد إلى العقائد» (ق/2/ط)، و(ص25/م): (فيجب الإقرار بها، والتسليم لها، وترك الاعتراضات عليها، وإمرارها على ظواهرها، ولا يجوز الإلحاد في أسمائه وصفاته). اهـ
15) وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
16) وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (اتفق الفقهاء كلهم، من المشرق إلى المغرب، على الإيمان بالقرآن، والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله r في صفة الرب منغير تغيير وفي رواية: [من غير تفسير]، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئا من ذلك، فقد خرج مما كان عليه النبي r، وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا، ولم يفسروا، ولكن أفتوا، وفي رواية: [ولكن آمنوا] بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم، فقد فارق الجماعة، لأنه قد وصفه بصفة لا شيء).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص432)، والذهبي في «العلو» تعليقا (ص113)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14) من طريق داود بن طلحة قال: سمعت عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي يقول: سمعت محمد بن الحسن به.
قلت: وهذا سنده حسن، وآثار السلف في هذا الاعتقاد تشهد له.
قلت: وطريقة السلف الصالح جامعة لكل خير في الدين والدنيا.
وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص185):
والله يــــعــــــلــــم أنـــــنـــــا في وصــــفـــــه |
|
|
لــــــــم نــــعـــــد مــــــا قـــــد قال في القرآن
|
أو قــــــالـــــــــــه أيـــــضا رســـــــــــول الله |
|
|
فـــــــهــــــو الـــصادق المصدوق بالبرهان |
أو قـــــــالــــــــه أصــــــحـــــابــــــه من بعده |
|
|
فـــــهـــــــــــم الــــنـــــجــوم مطالع الإيمان |
17) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال؛ عن أحاديث الصفات: (أدركنا الأعمش، وسفيان الثوري يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص232) من طريق أحمد بن حنبل به.
وإسناده صحيح.
قلت: فمذهب السلف؛ هو: قبول الأحاديث في الصفات، والعمل بها، وعدم ردها.
قال تعالى: ]آمنا به كل من عند ربنا[ [آل عمران: 7].
وقال الإمام أحمد / في «السنة» (ص212): (أنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص13): (وقد نقل عن جماعة منهم الأمر بالكف عن الكلام في هذا، وإمرار أخبار الصفات كما جاءت). اهـ
18) وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛ فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.
قلت: وهذا سنده حسن.
والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([94])، والله الموفق.
وقال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج3 ص77): (وقال أئمة السلف من أهل السنة في هذه الصفات: أمروها كما جاءت بلا كيف). اهـ
19) وقال الإمام أحمد / في «السنة» (ص212): (هذه الأحاديث نرويها كما جاءت). اهـ
وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص32):
وأن أحــــــــــاديــــــث الــــصـــــفات وآيها |
|
|
تمــــر كــــمــــر الســــحب من غير ما نشر |
ومـــــا جــــاء في القــــــــــرآن أو صح نقله |
|
|
عـــــــن الــــســـيد المختار من ناقلي الأثر |
قلت: ومذهب السلف الصالح إثبات الصفات، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها([95])، لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، وإثبات الذات إثبات وجود؛ لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات.([96])
قال الحافظ الخطيب / في «جوابه في الصفات» (ص74): (فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص6 و7): (وعلى هذا مضى السلف كلهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص27): (وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص242): (الواجب علينا في نصوص الصفات إجراؤها على ظاهرها، وهي بالمعنى العربي). اهـ
20) وعن أشهب بن عبد العزيز قال سمعت مالك بن أنس يقول (إياكم والبدع قيل يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال أهل البدع: الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته، وكلامه، وعلمه، وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان).
أثر حسن
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص70)، وأبو الفضل المقرئ في «أحاديث ذم الكلام» (ص82)، وأبو القاسم في «الحجة» (ج1 ص103)، والصابوني في «عقيدة السلف» (ص244) من طريق محمد بن عمير الرازي حدثنا أبو زكريا يحيى بن أيوب العلاف التجيبي حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا أشهب بن عبد العزيز به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وذكره البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص217)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج6 ص213): (مذهب أهل الحديث: وهم السلف من القرون الثلاثة، ومن سلك سبيلهم من الخلف: أن هذه الأحاديث تمر كما جاءت، ويؤمن بها وتصدق، وتصان عن تأويل يفضي إلى تعطيل وتكييف يفضي إلى تمثيل). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص168): (فالذين عطلوا الله تعالى من صفاته حكموا عقولهم؛ فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص168): (من أنكر شيئا من صفات الله تعالى، فهو من المشاقين لله تعالى، ومن المتبعين غير سبيل المؤمنين، ومن الملحدين المعطلين لأسماء الله وصفاته). اهـ
قلت: فثبت بالكتاب أن من اتبع سبيلهم فهو على الحق، ومن خالفهم فهو على الباطل.
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
فمن سبيلهم في الاعتقاد: الإيمان بآيات الصفات وأحاديثها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت، لا نفسر ولا نأول بما يخالف ظاهرها.([97])
قال العلامة الشيخ عثمان النجدي / في «نجاة الخلف» (ص17): (مذهب سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله r من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيثبتون له ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وينزهونه عما نزه عنه نفسه من مماثلة المخلوقات إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل، قال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].
وقوله: ]ليس كمثله شيء [؛ رد على الممثلة.
وقوله: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ رد على المعطلة.
قال بعض العلماء: المعطل يعبد عدما، والممثل يعبد صنما، والموحد يعبد إلها واحدا صمدا). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).
وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم). اهـ
وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص31):
ومــــذهبــــــــنا لا كيـــــــــف لا مثل لا لما |
|
|
بالإقـــــــــرار والإمـــــــرار من غير ما فسر |
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص280): (فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، وسموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف).اهـ
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([98])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
21) وعن الإمام أبي عبيد / قال؛ عن الصفات: (وهذه الأحاديث ... هي عندنا حق، حملها الثقات بعضهم عن بعض، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها([99])، وما أدركنا أحدا يفسرها).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص90)، والأزهري في «تهذيب اللغة» (ج9 ص45)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص439)، والآجري في «الشريعة» (ص255)، والدارقطني في «الصفات» (ص68 و69)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص149)، واللالكائي في «أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج2 ص526)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (70)، وفي «الرد على المبتدعة» (ص151)، وابن منده في «التوحيد» (ج1 ص232)، والخلال في «السنة» (311)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)، والزبيدي في «طبقات النحويين» (ص200)، والذهبي في «العلو» (ص127)، وفي «السير» (ج1 ص505)، وفي «العرش» (ج2 ص236)، وأبو يعلى في «إبطال التأويلات» (ج1 ص48)، والدقاق في «مجلس رؤية الله تعالى» (7) من طرق عن العباد بن محمد، وعباس الدوري عن أبي عبيد به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص186)، والذهبي في «العرش» (ج2 ص237).
وقال ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): وروي بأسانيد صحيحة عن أبي عبيد القاسم بن سلام.
وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20).
قلت: وقد بين الإمام أبو عبيد / أن هذه الصفات لا تفسر، ولا سمع أحدا يفسرها؛ تفسير الجهمية المعطلة. ([100])
قال الحافظ الذهبي / في «العرش» (ج2 ص237): وأبو عبيد من أخيار هذه الأمة.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): (أبو عبيد أحد الأئمة الأربعة: الذين هم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد؛ وله من المعرفة بالفقه، واللغة، والتأويل: ما هو أشهر من أن يوصف وقد كان في الزمان الذي ظهرت فيه الفتن والأهواء، وقد أخبر أنه ما أدرك أحدا من العلماء يفسرها: أي تفسير الجهمية). اهـ
وقال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص395): (نحن لا ننتهي في صفاته جل جلاله إلا إلى حيث انتهى إليه رسول الله r، ولا ندفع ما صح عنه). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج10 ص506): (قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا.
وآيات الصفات، وأحاديثها؛ لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما، لبادروا إليه). اهـ
وقال الإمام الترمذي / في «السنن» (ج4 ص692): (والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم؛ أنهم رووا هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يقال: كيف؟، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا تتوهم، ولا يقال: كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه). اهـ
قلت: فالسلف الصالح ينهون عن تفسير نصوص صفات الله تعالى، ويريدون به؛ النهي عن تفسيرها بتفسيرات الجهمية المعطلة البدعية.
قال تعالى: ]انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا[ [الإسراء: 48].
وقال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74].
وقال تعالى: ]وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله[ [البقرة: 102].
قال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص240): (فكما أنه تعالى له ذات لا تشبه ذوات خلقه، فله صفات لا تشبه صفات خلقه، هو جل شأنه لا يقاس بخلقه، لا في أحكامه، وقضائه، وقدره، ولا في أفعاله وصفاته، كما لا يقال بهم في ذاته، قال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]، وقال تعالى: ]انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا[ [الإسراء: 48]، وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «تعليقه على العقيدة الواسطية» (ص19): (قوله: (الفرقة الناجية: أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات)؛ هو إثبات ما جاء في القرآن العظيم، والسنة الصحيحة؛ من أسماء الله وصفاته، على الوجه اللائق بجلال الله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقول الله تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]، فنفى عن نفسه المماثلة، وأثبت السمع والبصر، فدل ذلك على أن مراده سمع وبصر لا يماثلان أسماع الخلق وأبصارهم). اهـ
قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ
قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.
وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص173):
واعــــلــــم بـــــأن طــــريقـــهـــــم عكــس |
|
|
الـــطــــريق الـــمـــســـتــقــيم لمن له عينان
|
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (وأهل السنة والجماعة جعلوا المتبادر من النصوص هو: المعنى الحقيقي اللائق بالله تعالى، وقالوا: إن هذا المعنى حق على حقيقته، لكنه لائق بالله تعالى.
ففي قولهم: (إنه حق على حقيقته)؛ رد على المعطلة، وفي قولهم: (اللائق بالله)؛ رد على الممثلة الذين جلعوه مماثلا للمخلوق). اهـ
قلت: فهم مجمعون على الإقرار، والإيمان لهذه الصفات العظيمة.
22) وعن الإمام أحمد / قال: (ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص280)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (ص97) من طريق النجاد قال أخبرنا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص224).
وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ
وقال الحافظ البيهقي / في «الأسماء والصفات» (ج2 ص43): (أما المتقدمون من هذه الأمة، فإنهم لم يفسروا ما كتبنا من الآيتين والأخبار في هذا الباب). اهـ يعني: في باب الصفات.
وقال الإمام ابن سريج / في «أجوبة في أصول الدين» (ص86)؛ في الصفات: (أنا نقبلها ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نزيد عليها، ولا ننقص منها، ولا نفسرها، ولا نكيفها، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ولا نشير إليها بخواطر القلوب، ولا بحركات الجوارح، بل نطلق ما أطلق الله عز وجل.
ونفسر الذي فسره النبي r، وأصحابه، والتابعون، والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدين والأمانة.
ونجمع على ما أجمعوا عليه، ونمسك عما أمسكوا عنه، ونسلم الخبر لظاهره، والآية لظاهر تنزيلها، لا نقول بتأويل المعتزلة، والأشعرية، والجهمية، والملحدة، والمجسمة، والمشبه، والكرامية، والمكيفة.
بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل.
ونقول: الآية والخبر صحيحان، والإيمان بهما واجب، والقول بهم سنة، وابتغاء تأويلها بدعة وزندقة). اهـ
23) وعن الإمام أبي القاسم / قال: (ما جاء في الصفات في كتاب الله تعالى، أو روي بالأسانيد الصحيحة، فمذهب السلف رحمة الله عليهم إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها؛ لأن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات وإثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات، وعلى هذا مضى السلف كلهم).
أثر صحيح
أخرجه ابن قدامة في «ذم التأويل» (40) من طريق يحيى بن محمد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال الإمام الحميدي / في «أصول السنة» (ج2 ص546): (أصول السنة: -فذكر أشياء- ثم قال: ما نطق به القرآن والحديث ... لا نزيد ولا نفسر، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ
وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج8 ص402): (ومعلوم عند أهل العلم من الطوائف أن مذهب السلف إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تحريف، ولا تشبيه ولا تكييف). اهـ
24) وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه الأحاديث التي جاءت؛ نرويها كما جاءت ولا نفسرها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص320):
يــــــا قـــــوم فــــانـــتـــبـــهوا لأنـــفــســـكم |
|
|
وخـــــلـــــوا الـــجهل والدعوى بلا برهان |
25) وعن الإمام ابن المديني / قال: (ونحو هذه الأحاديث مما ذكرناه، ومما لم نذكره في هذه الأحاديث: مما صح وحفظ، فإنه يسلم له وإن لم يعلم تفسيره، فلا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه ولا يتكلم فيه ما لم يبلغ لنا منه، ولا نفسر الأحاديث إلا على ما جاءت، ولا نردها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص160) من طريق أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بسطام يقول: سمعت سهل بن محمد قرأها على علي بن عبد الله بن جعفر المديني به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص40): (والإجماع حجة قاطعة فإن الله لا يجمع أمة محمد عليه السلام على ضلالة، ومن بعدهم من الأئمة قد صرحوا بالنهي عن التفسير، والتأويل، وأمروا بإمرار هذه الأخبار كما جاءت، وقد نقلنا إجماعهم عليه فيجب اتباعه ويحرم خلافه). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص41): (ومن المعنى أن صفات الله تعالى وأسماءه لا تدرك بالعقل؛ لأن العقل إنما يعلم صفة ما رآه أو رأى نظيره، والله تعالى لا تدركه الأبصار، ولا نظير له ولا شبيه؛ فلا تعلم صفاته وأسماؤه إلا بالتوقيف، والتوقيف إنما ورد بأسماء الصفات دون كيفيتها وتفسيرها، فيجب الاقتصار على ما ورد به السمع لعدم العلم بما سواه، وتحريم القول على الله تعالى بغير علم بدليل: قول الله تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف 33] ). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص47): (ينبغي أن يعلم أن الأخبار الصحيحة التي ثبتت بها صفات الله تعالى هي الأخبار الصحيحة الثابتة بنقل العدول الثقات التي قبلها السلف، ونقلوها ولم ينكروها ولا تكلموا فيها). اهـ
وقال الإمام ابن رجب / في «بيان فضل علم السلف» (ص48): (والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها؛ كما جاءت من غير تفسير له، ولا تكييف، ولا تمثيل: ولا يصح من أحد منهم خلاف ذلك البتة). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج2 ص444): (وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه). اهـ
26) وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، ولا نردها إلا بأحق منها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج4 ص131): (قال أهل السنة والجماعة: أمروها كما جاءت بلا كيف؛ أي: أمروها كما جاءت بغير تحريف لها، ولا تأويل، ولا تكييف، بل يقر بها كما جاءت على ظاهرها، وعلى الوجه الذي يليق بالله جل وعلا، ومن دون تكييف ولا تمثيل). اهـ
وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج5 ص101): (وكلمة السلف وأئمة أهل الحديث متفقة على أن آيات الصفات وأحاديثها الصحيحة كلها تمر كما جاءت، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل). اهـ
27) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (من رأيتموه ينكر من هذه الأحاديث فاحسبوه من الجهمية).([101])
أثر صحيح
أخرجه الدارقطني في «الصفات» (62)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (418)، وابن منده في «التوحيد» (ج2 ص115) من طرق عن وكيع بن الجراح به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
28) وعن الإمام شريك بن عبد الله؛ وقيل له أن المعتزلة ينكرون أحاديث الصفات، فقال: (أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله r فهم عمن أخذوا؟).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (508)، و(509)، والدارقطني في «الصفات» (67)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (958)، والذهبي في «العلو» معلقا (144)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص116)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص202) من طريق عباد بن العوام به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص231): (الواجب على الأمة ولا سيما العلماء منهم: إجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها، والظاهر من الكلام هو المتبادر منه عند الإطلاق، كما سيأتي في الأدلة لا سيما نصوص الصفات؛ لأن نصوص الصفات من الأمور الغيبية التي ليس للعقل فيها مجال حتى يتحكم ويقول: هذا لا يراد به ظاهره. وما أشبه ذلك، فنحن نسلم لهذه النصوص، ونجريها على ظاهرها مع اعتقاد أن ظاهرها لا يراد به الباطل).اهـ
قلت: فإجماع المسلمين قديما ثابت على خلاف ما كان عليه أهل التحريف؛ فإن السلف الصالح من صدر هذه الأمة؛ وهم: الصحابة الذين هم خير القرون، والتابعون لهم بإحسان، وأئمة الهدى من بعدهم كانوا مجمعين على إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله r من الأسماء والصفات، وإجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.([102])
قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص39): (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد ... والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ
قلت: فمصادر المعرفة في الاعتقاد موقوفة على هذه الأصول الثلاثة عند السلف الصالح، فعنها يصدرون، ومنها ينهلون، إذ لا حاجة لهم إلى غيرها في تلك المطالب، فقد ضمن الله لعباده فيها الهدى والنور، والعصمة من الغي والضلال، وفيها الكفاية والرحمة والذكرى لمن طلب الحق وصح قصده: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
وقال الإمام ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص96): (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه؛ إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله، أو صح عن رسول r، أو أجمعت عليه الأمة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص136): (وأما الأمور الإلهية، والمعارف الدينية؛ فهذه العلم فيها مأخذه عن الرسول؛ فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود). اهـ
وهذا المنهج المتين الذي قام عليه مذهب السلف في الاستدلال قد دلت عليه أدلة كثيرة من النقل والعقل السليم([103])، فمنها:
قوله تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون[ [الأعراف: 158].
وقوله تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا[ [النساء: 80].
وقوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].
قلت: والرد إلى النبي r يكون إليه في حياته، وإلى سنته بعد مماته.([104])
وإن تمسك السلف بالكتاب والسنة في أبواب الاعتقاد؛ لهو أعظم معالم منهجهم الذي خالفوا به عامة الطوائف المنحرفة، كما أنه من أعظم نعم الله عليهم، وذلك أن من فتح الباب لعقله في هذه المطالب الغيبية ضل، وانحرف عن السبيل، وتاه في ظلمات الغي والضلال.([105])
قلت: فالشرع ينبه على الطريق العقلية التي بها يعرف الصانع، فتكون عقلية شرعية ... والمعرفة المفصلة بأسماء الله وصفاته التي بها تحصل الإيمان بالشرع.([106])
قال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص241): (والعقل الصحيح يتفق مع النقل الصريح). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص94): (فهو جل شأنه المعبود المألوه: المستحق أن يفرد بجميع أنواع العبادة: لما اتصف به من صفات الكمال، ونعوت الجلال). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج7 ص308): (إنه يعلم بالفطرة، وبالعقل إثبات الصانع على طريق الإجمال، وأما تفصيل صفاته وأسمائه فتعلم بالسمع). اهـ
قلت: وبهذا يتبين أن العلامة بين العقل، والنقل علاقة تكامل وتوافق، لا علاقة تنازع، وتعارض؛ بل يقال: إن العلاقة بين صحيح النقل، وصحيح العقل علاقة تضمن.
وقال الإمام الطحاوي / في «عقيدته» (ص149): (ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام). اهـ
قلت: فقدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.([107])
قال تعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7].
فيجب التسليم بجميع ما ورد عن الرسول r، وقبوله، واتباع سنته([108])؛ كما قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].
قلت: فيجب التسليم، والقبول لآيات، وأحاديث الصفات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (وهذا الدين هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا غيره). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص168): (يجب الاستسلام والتسليم لنصوص الكتاب والسنة). اهـ
قلت: فلا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، وقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.
قال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص538): (أنهم –يعني: الصحابة- لم يكونوا يدعون ما يعرفون من السنة تقليدا لهؤلاء الثلاثة؛ كما تفعله فرقة التقليد، بل من تأمل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحد كائنا من كان). اهـ
قال الإمام الشافعي: (لقد ضل من ترك حديث رسول الله r لقول من بعده).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق يوسف ابن القاسم الميانجي، حدثني الحسين بن الفتح، قال: حدثني أبو محمد بن صاعد، نا بحر، نا الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
29) وعن مالك بن أنس، قال: سمعت ابن شهاب، يقول: (سلموا للسنة ولا تعارضوها).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص385)، والدارقطني في «الصفات» (ص44)، وأبو الفتح نصر المقدسي في «الحجة» (ج1 ص12) من طريق يحيى بن أيوب الزاهد، نا عبد الله بن وهب، عن مالك به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص55) من طريق أبان بن عيسى بن دينار عن أبيه عن ابن القاسم عن مالك عن الزهري قال: (دعوا السنة تمضي، لا تعرضوا لها بالرأي).
وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140).
30) وقال الإمام نعيم بن حماد، يقول: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به، وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق صالح بن أحمد التميمي، نا محمد بن عبد الله بلبل، نا أبو حاتم، قال: سمعت نعيم به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
31) وقال الإمام الزهري: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص257): (وحنيئذ فيكون حفظ الولي بمتابعة الكتاب والسنة، ولا ريب أن السنة؛ كما كان الزهري / يذكر عمن مضى من سلف المؤمنين، قال: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة). اهـ
32) وقال مخلد بن الحسين، (قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا محمد، إذا بلغك عن رسول الله r حديث فلا تظنن غيره، ولا تقولن غيره، فإن محمدا إنما كان مبلغا عن ربه).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص353) من طريقين عن عبد الكريم بن الهيثم، نا أبو عثمان الصياد سعيد بن المغيرة، نا مخلد بن الحسين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
33) وعن الإمام الشافعي / قال: (ليس في سنة رسول الله r إلا اتباعها ولا نعترض عليه بكيف ولا يسع عالما فيما ثبت من السنة إلا التسليم لأن الله قد فرض اتباعها).
أثر صحيح
أخرجه ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج8 ص152) من طريقين عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: فهذه آثار السلف في إثبات صفات الله تعالى ذكرتها لأهل السنة والجماعة؛ ليحفظوها، ويعرضوها، ويتواصوا بها جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن ... كتبها أئمة أعلام، وجهابذة كرام، نصحا للأنام، وذبا عن الإسلام، وتتابع عليها أئمة الدين الأعلام([109]) ... فقرروها عقيدة نقية، واضحة جلية، ناصعة أبية، راسخة سنية، أثرية سلفية ... واعلم أن كل عقيدة تحالف ما أصلوه، وتناقض ما قرروه، فهي عقيدة بدعية، زائغة ردية.
وكــــــل خــــــيــــــر في اتبــــــــاع من سلف |
|
|
وكـــــــل شـــــــــر في ابـــتــــــداع من خلف |
قال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة؛ حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص27)؛ عن مذهب أهل الحديث في الصفات: (ولذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص156): (ومعتقد أهل السنة والجماعة وقولهم: هو إمرار آيات الصفات، وأحاديث الصفات؛ كما جاءت مع اعتقاد معناها حقيقة؛ لأن تفسيرها المخالف لما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا علم، وخروج عن طريق الاعتدال). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن: «ربيع بن هادي المدخلي» يحرف صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة المبتدعة المعطلة، وهذا يدل على كذبه أنه يثبت صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة السلف الصالح
قال ربيع المدخلي في كتابه: «مرحبا يا طالب العلم» (ص441-طبعة الميراث النبوي!، الجزائر، سنة: 1434هـ)؛ بعد أن سئل: هل «الظل» في حديث: (يوم لا ظل إلا ظله)، فيه صفة لله تعالى، أم هو ظل العرش؟، (الجواب: هو ظل العرش، وقد جاءت روايات مصرحة بهذا).([110]) اهـ
وقال ربيع المدخلي في «مجموع الفتاوى» (ج4 ص265-الطبعة الشرعية الوحيدة وهي المعتمدة- طبعة دار الإمام أحمد!، مصر، سنة: 1431هـ): (وسوف أسوق في هذا البحث بعض الأحاديث التي نص فيها رسول الله r: على إكرام الله تعالى بعض عباده المؤمنين العاملين؛ بأن يظلهم الله في «ظل عرشه»!). اهـ
وقال ربيع المدخلي في «مجموع الفتاوى» (ج2 ص272): (وقد دلت الأحاديث الصحيحة على مراد رسول الله r، من قوله صلى الله عليه: «في ظله»،([111]) حيث بينت هذه الأحاديث، أن هذا الظل المبهم في حديث السبعة، أنه: «ظل عرش الله»). اهـ
وقال ربيع المدخلي في كتابه: «القول الواضح المبين في المراد بظل الله الذي وعد به المؤمنين العالمين» (ص8- طبعة دار الإسناد، الإمارات، سنة: «2007»م): (لكن ما المراد من قوله r: (يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)؛ والجواب: أن هذا الظل، إنما هو: «ظل العرش» ([112])، وإضافته إلى الله تعالى، إنما هو من باب إضافة المخلوقات إلى خالقه، إضافة تشريف!). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على أن: «الظل» هو: صفة من صفات الله تعالى يليق بجلاله وكماله، وأن كيفية: «الظل» لا تعرف كسائر الصفات، وقد أجمع السلف على إثبات صفة: «الظل» لله تعالى، ومن قال بخلاف هذا الاعتقاد السلفي من دون العلماء المجتهدين، فهو مبتدع خارج عن السنة، لأنه خالف السنة والآثار
اعلم رحمك الله أن أصول المعطلة في نفي حقيقة النصوص وصرفها عن ظاهرها كثيرة جدا، ومن ذلك؛ أحاديث «ظل الله تعالى»، وقد زل في ذلك أيضا عدد من أهل العلم ممن ينتسبون إلى السنة في تأويل: «ظل الله تعالى»، وقد أخطؤوا في هذا التأويل، وذلك بسبب تقديم العقل على النقل.
قلت: وأفكار المعطلة مشتقة من أفكار الفلاسفة، وإلا فقد ثبت: «ظل الله تعالى» على ظاهره، وأنه يليق بجلاله وكماله في السنة النبوية.
وإليك الدليل:
1) فعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه» (1031)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، والترمذي في «سننه» (2551)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص439)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص99)، وابن الدبيثي في «ذيل مدينة السلام» (ج3 ص77)، وابن ظهيرة في «إرشاد الطالبين» (ج3 ص1349)، والعلائي في «بغية الملتمس» (ص128)، وفي «إثارة الفوائد» (ج1 ص445)، وابن خزيمة في «صحيحه» (358)، والطيالسي في «المسند» (2462)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص191 و192)، والإسماعيلي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص341)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج1 ص442)، وابن اللتي في «مشيخته» (ص512)، والسمعاني في «المنتخب من معجم الشيوخ» (ج1 ص245)، والمؤيد الطوسي في «زيادته على حديث يزيد بن حبيب» (ص89)، وأبو القاسم القشيري في «الرسالة القشيرية» (ص459)، وابن المستوفي في «تاريخ إربل» (ص100)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص103 و104)، وأبو القاسم ابن نصر الدمشقي في «الفوائد» (ص51)، والدارقطني في «غرائب مالك» (ق/5/ط)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص87)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص86)، وفي «الآداب» (ص148 و506)، وفي «الأسماء والصفات» (798)، وابن بشران في «الأمالي» (ج1 ص250)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص340)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص209)، وابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص646)، وفي «المسند» (ص41)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص157)، وفي «ذم الهوى» (ص193)، وفي «التبصرة» (ص648)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وفي «المجتبى» (ج8 ص222)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص131 و132)، وابن الغساني في «الأمالي» (2)، وابن حبان في «صحيحه» (7338)، والبغوي في «شرح السنة» (470)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص282)، والحدثاني في «الموطأ» (ص538)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص280)، والجوهري في «مسند الموطأ» (325)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص441)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5844) من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
2) وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي([113])، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2566)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، وابن حبان في «صحيحه» (574)، والبغوي في «شرح السنة» (3462)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص377)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص219)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص495)، وابن قدامة في «المتاحبين في الله» (34)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (2004)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص237 و535)، وابن المبارك في «الزهد» (711)، والجوهري في «مسند الموطأ» (454)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (321)، وأبو أحمد الحاكم في «عوالي مالك» (ج1 ص92)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص111)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص1070)، وابن فيل في «جزئه» (32)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص330)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص232 و233)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص252)، وابن عبد الدائم في «مشيخته» (ص63)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص89)، وابن الجوزي في «التبصرة» (ص648)، والحدثاني في «الموطأ» (652) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة t به.
وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص71)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8989)، وابن طهمان في «مشيخته» (138)، والميانجي في «الأمالي والغرائب» (ص82) من طريق مالك عن سعيد المقبري عن أبي هريرة t به.
قلت: والمحفوظ عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب.
3) وعن أبي اليسر t، قال: قال رسول الله r : (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006)، وابن ماجه في «سننه» (2419)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص427)، والدارمي في «المسند» (2588)، وابن حبان في «صحيحه» (5044)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص552 و553)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1914)، و(1917)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3815)، و(3816)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (460)، والطبراني في «المعجم الكبير» (372)، و(377)، وفي «المعجم الأوسط» (4537)، و(5022)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص28 و29)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص357)، وفي «شعب الإيمان» (11248)، وفي «الأربعين الصغرى» (158)، والشاشي في «المسند» (523)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص62)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (378)، وابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» (100)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص54)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج2 ص624)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص73)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص112)، والديلمي في «الفردوس» (ج3 ص568)، والعراقي في «قرة العين» (ص55)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص49)، والمراغي في «مشيخته» (ص214)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص19 و20)، وفي «معرفة الصحابة» (5819)، ومحمد بن عاصم في «جزء حديثه» (8)، والبغوي في «شرح السنة» (2142)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص341)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص404)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص101 و102)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص280)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج12 ص4443)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج5 ص99)، والبخاري في «الأدب المفرد» (187)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص298)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص484)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص470)، وأبو القاسم ابن منده في «المستخرج من كتب الناس للتذكرة» (ج1 ص111)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص377) من طرق عن أبي اليسر t ... وذكره بألفاظ عندهم متقاربة، ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.
قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن: «الظل» أضيف إلى الله تعالى، فهو صفة لله تعالى؛ أي: فهو له «ظل» يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته.
والنبي r ذكر: «الظل» لله تعالى، ولم يتعرض له بتأويل، ولا تفسير بمثل: تعطيل المعطلة أو تأويلهم.
وكذلك الصحابة y رووا هذه الأحاديث، وسكتوا عنها، ولم يخوضوا فيها بتأويل أو تفسير بخلاف السنة، أو بخلاف لغة العرب.
قلت: وقد خالف عدد من أهل العلم؛ السلف الصالح في إثبات: «الظل» لله تعالى، وقالوا أن المراد بقوله r: (يظلهم الله في ظله)؛ أي: في «ظل العرش»، كما قرره البيهقي في «الأسماء والصفات» (ج3 ص955 و956)، وذهب إلى ذلك أيضا الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص73)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص190)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج6 ص51)، وابن حجر في«فتح الباري» (ج2 ص169)، والقرطبي في «التذكرة» (ص264)، وابن حبان في «صحيحه» (ج2 ص332)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص132)، والمباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج4 ص534)، والشيخ الألباني في «الإرواء» (ج3 ص395)، وفي «مختصر العلو» (ص105)، وابن القيم في «الوابل الصيب» (ص54)، وفي «طريق الهجرتين» (ص525)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص589 و590)، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية في السعودية (ج2 ص487)، وغيرهم.
وحجتهم في ذلك الأحاديث([114]) التي جاءت مقيدة «للظل» بالعرش، وقد أخطؤوا في ذلك، وخالفوا السنة النبوية، واعتقاد السلف الصالح، فلا يتبعوا على خطئهم هذا، لأن السنة أحكمت الدين، والسلف أعلم وأحكم، فيجب التسليم للسنة والآثار!.
والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].
فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).
أثر صحيح
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسيره» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).
أثر حسن لغيره
أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسيره» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسيره» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسيره» (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.
قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.
وفي لفظ اللالكائي: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه، ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.
وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله ، وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).
أثر حسن
أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).
أثر حسن
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص990)، والطبري في «تفسيره» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([115])
قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ
وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ
وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه، وطاعة الرسول: اتباع الكتاب والسنة).
أثر حسن
أخرجه الطبري في «تفسيره» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.
قلت: وهذا سنده حسن.
قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.
والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([116])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ
وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ
وقال ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)، وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[، وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: (فردوه إلى ما تستحسنون).
ومن المحال أن يكون الحق فيما استحسنا دون برهان؛ لأنه لو كان ذلك لكان الله تعالى يكلفنا ما لا نطيق، ولبطلت الحقائق ولتضادت الدلائل، وتعارضت البراهين ولكان تعالى يأمرنا بالاختلاف الذي قد نهانا عنه، وهذا محال لأنه لا يجوز أصلا أن يتفق استحسان العلماء كلهم على قول واحد على اختلاف هممهم وطبائعهم وأغراضهم فطائفة طبعها الشدة، وطائفة طبعها اللين، وطائفة طبعها التصميم، وطائفة طبعها الاحتياط، ولا سبيل إلى الاتفاق على استحسان شيء واحد مع هذه الدواعي والخواطر المهيجة واختلافها واختلاف نتائجها وموجباتها ونحن نجد الحنفيين قد استحسنوا ما استقبحه المالكيون ونجد المالكيين قد استحسنوا قولا قد استقبحه الحنفيون فبطل أن يكون الحق في دين الله عز وجل مردودا إلى استحسان بعض الناس، وإنما كان يكون هذا، وأعوذ بالله لو كان الدين ناقصا؛ فأما وهو تام لا مزيد فيه مبين كله منصوص عليه، أو مجمع عليه فلا معنى لمن استحسن شيئا منه، أو من غيره، ولا لمن استقبح أيضا شيئا منه أو من غيره، والحق حق وإن استقبحه الناس، والباطل باطل وإن استحسنه الناس فصح أن الاستحسان شهوة واتباع للهوى وضلال وبالله تعالى نعوذ من الخذلان). اهـ
وقال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص247): (فمن ظهر له الحديث الصحيح الصالح للاعتماد، وعلم أن من الأئمة من أخذ به فليأخذ به، ولا يمنعه عن ذلك أنه على مذهب فلان أو فلان، فقد قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] ومن جملة الرد إليه r الأخذ بقوله عند التنازع وقد تحقق التنازع بين الأئمة، فوجب الأخذ بقول الرسول r والرجوع إليه إذا ظهر). اهـ
وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).
أثر صحيح
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).
قلت: ومن هنا تعلم خطأ من تأول: «الظل» بأنه: «ظل مخلوق([117]»)، وإضافته إلى الله تعالى إضافة ملك وتشريف، أو أن: «الظل» بمعنى رحمة الله تعالى ورعايته، أو: «ظل الجنة([118]»).
وهذه التأويلات «للظل» مخالفة للسنة، ولا ينبغي أن تعتمد في الشريعة، لأنها صدرت عن اجتهادات من عدد من أهل العلم بغير دليل صحيح يعتبر في الدين.
إذا فلله تعالى: «ظل» يليق به مثل سائر الصفات، وهذا الباب واحد عند السلف، فإنهم لم يعطلوا صفة من الصفات، كذلك لم يعطلوا صفة: «الظل» لله تعالى، وأمروا الأحاديث([119]) على ظاهرها.
قلت: وعلى هذا فليس لنا أن نتكلف في التشقيق، والبحث عن مثل هذه التأويلات.
فنقول: يلزم من ذلك كذا، أو يلزم منه كذا إلى آخر ما قد يطرأ على العقول في ذلك، مما لا حاجة إليه، ولا نفع يرتجى من ورائه، ويحسب المسلم أن يصدق بهذه الأخبار الواردة في: «ظل» لله تعالى، ويأخذ نفسه بالتزام الأعمال الصالحة التي توجب له فضله عند الله تعالى يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلق، ولا ظل هناك، إلا ظل الله تعالى، ولا يلزم من هذا: «الظل» أن تكون الشمس فوق الله تعالى، ليكون حائلا بينه وبين الناس من جميع الجهات، فهذا مستحيل؛ لأن الله تعالى له العلو المطلق، فتبه.
قلت: ومسائل الصفات ليس فيها؛ أي: اختلاف، و«الظل» من الصفات، ولم يختلف فيه السلف على أنه صفة من صفات الله تعالى.
وإذا كان السلف على اعتقاد؛ فلا يجوز أن نحدث تأويلات في هذا الاعتقاد فنخالفهم في ذلك، ومن خالفهم من أهل التقليد([120]) فقد جنى على نفسه، والله المستعان.
قلت: وهذه الأحاديث النبوية تدل على ثبوت صفة: «الظل لله تعالى»، وهي من الصفات، والتي هي في حق الله تعالى على ما يليق بكماله وجلاله لا يشابه فيها خلقه تعالى؛ كسائر الصفات، فهو أعلم بصفاته، وأعلم بكيفيتها عز وجل: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] فإذا أخبرنا عن نفسه أنه له «ظل»، قلنا: آمنا بالله تعالى.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ
وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ
قلت: وهذا إجماع في إثبات الصفات على ظاهرها، وإمرارها على ما جاءت النصوص، وقد أخبر بهذا الإجماع من هو ممن يتتبع كلام أهل العلم، ويطلع على خلافهم فيقول: أجمعوا على هذا؛ أي: يعني: أثبتوا أنه لا يوجد أي خلاف في ثبوت الصفات على حقيقتها.([121])
وأنشد الإمام أبو شامة /:
وقـال الـنـبـي المصــطـفـى إن سـبـعــــــــــة |
|
|
يــظــــــلــــهــــم الله الــكـــريــــم بـظـلــــــه |
مــحــــب عــفـــيــــف نـــاشـــئ مــتصــدق |
|
|
وبــــاك مــصـــل والإمــام بـعــدلــه([122]) |
قلت: ولم يذكر الإمام أبو شامة /: «ظل العرش»، فقد أثبت: «ظل» الله تعالى فقط، كما ثبت في السنة.
قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص312):
مـــن قـــال ذا قــد خــــالـــف الإجــمـــــاع |
|
|
والـــخــبــر الــصــحــيـــح وظـــاهر القرآن
|
وعن المروذي: سألت أبا عبد الله –يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22) من طريقين عن المروذي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.([123])
قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([124]) لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ
وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).
وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.
وإسناده صحيح.
وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛ فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.
قلت: وهذا سنده حسن.
والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([125])، والله الموفق.
قلت: وأجمع السلف على «إثبات الظل للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.
قلت: هذه الأحكام في الأصول كلهانؤمن بها، ولا نحرفها، والسلف نقلوا لنا هذه الأحكام، ولابد أن نأخذ بها؛ لأن الذين نقلوا هذه السنن؛ هم: الذين نقلوا لنا الأحكام في الفروع؛ مثل: الطهارة، والصلاة، وسائر الأحكام.
فقبل أهل الأهواء هذا الأحكام في الفروع من السلف، وأخذوا منهم، واحتجوا بهم، ولكنهم ردوا أحكام الأصول مثل: الصفات وغيرها، ولم يأخذوا منهم، ولم يحتجوا بهم، وهذا من الضلال المبين، لأن كيف يأخذوا من السلف الفروع، ويتركوا الأصول: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5]؛ فمن فعل ذلك فهو مبتدع ضال فاحذروه.
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).
وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم، ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة). اهـ
وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص31):
ومــــذهبــــــــنا لا كيـــــــــف لا مثل لا لما |
|
|
بالإقـــــــــرار والإمـــــــرار من غير ما فسر |
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص280): (فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، وسموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف).اهـ
قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([126])
وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص131): (ومن فهم من شيء من هذه النصوص تشبيها، أو حلولا، أو اتحادا، فإنما أتي من جهله، وسوء فهمه عن الله تعالى، ورسوله r، والله تعالى ورسوله r بريئان من ذلك كله، فسبحان من ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير). اهـ
وقال العلامة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني / في «التعليق على الترغيب» (ج2 ص610)؛ في رده على أهل التأويل: (ولو أنهم تلقوها حين سماعها، مستحضرين؛ قوله: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ لما ركنوا إلى التأويل، وآمنوا بحقائقها على ما يليق به تعالى.
شأنهم في ذلك شأنهم في إيمانهم بصفتي: «السمع»، و«البصر»، وغيرهما من صفاته عز وجل، مع تنزيهه عن مشابهة للحوادث، لو فعلوا ذلك هنا، لاستراحوا وأراحوا، ونجوا من تناقضهم في إيمانهم بربهم وصفاته). اهـ
قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى؛ منها: صفة الظل، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لأن ذلك يفيد اليقين.([127])
وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها، ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت، ولا نردها إلا بأحق منها).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).
قلت: وهذه أحاديث صحيحة في صفة: «الظل»؛ رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.
وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.
وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص156): (ومعتقد أهل السنة والجماعة وقولهم: هو إمرار آيات الصفات، وأحاديث الصفات؛ كما جاءت مع اعتقاد معناها حقيقة؛ لأن تفسيرها المخالف لما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا علم، وخروج عن طريق الاعتدال). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص39 –قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة. والزهري ومكحول: هما أعلم التابعين في زمانهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص303): (القول الشامل في جميع هذا الباب –أي: باب الصفات- أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسول الله r، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (وحكوا إجماعهم([128]) على إمرار الصفات أحاديثها، وإنكارهم على المحرفين([129]) لها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص6 و7): (وعلى هذا مضى السلف كلهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص27): (وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): (أبو عبيد أحد الأئمة الأربعة: الذين هم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد؛ وله من المعرفة بالفقه، واللغة، والتأويل: ما هو أشهر من أن يوصف وقد كان في الزمان الذي ظهرت فيه الفتن والأهواء، وقد أخبر أنه ما أدرك أحدا من العلماء يفسرها: أي تفسير الجهمية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص15): (وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبيه r، وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص18): (نعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله تعالى وسنة نبيه r، وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله تعالى بدعة لم يأذن الله تعالى بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم). اهـ
قلت: وهذه النقولات تدل على أن أهل السنة يثبتون الأسماء والصفات، وما دلت عليه من معاني عظيمة؛ مع إمرارها كما جاءت بلا كيف، وصفة: «الظل» ثابتة لله تعالى، يجب إمرارها كما جاءت بلا كيف، على ما يليق بجلاله، وكماله.([130])
فأهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبته الله عز وجل لنفسه، وما أثبته له رسوله r، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، ويمرونها كما جاءت مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة، فكل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من جميع الأسماء والصفات أثبتوه على الوجه اللائق به تعالى، إثباتا مفصلا على حد: قوله سبحانه: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] وينفون عنه ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله r نفيا إجماليا غالبا على حد: قوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]؛ والنفي يقتضي إثبات ما يضاده من الكمال، فكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص؛ فإن ذلك يدل على ضده من أنواع الكمال، وقد جمع الله النفي والإثبات في آية واحدة: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ [الشورى: 11]؛ فهذه الآية تضمنت تنزيه الله من مشابهة خلقه: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وفي أولها رد على المشبهة، وهو قوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]؛ وفي آخرها رد على المعطلة، وهو قوله تعالى: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ وفي أولها نفي مجمل، وفي آخرها إثبات مفصل، وقال الله عز: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله r وأتباعهم بإحسان. نقلها عنهم أئمة أهل السنة.([131])
قلت: وهذه طريقة السلف الصالح ؛ وهي الطريقة الواجبة في أسماء الله تعالى وصفاته، وهي الأسلم، والأعلم، والأحكم، وليس هناك طريقة أخرى صحيحة في باب الأسماء والصفات إلا طريقتهم في إثباتها، وإمرارها كما جاءت، وهي مطابقة للكتاب والسنة، فمن تتبع طريقة السلف بعلم، وعدل، وإنصاف، وجدها مطابقة لما في الكتاب والسنة جملة وتفصيلا ؛ ذلك لأن الله تعالى أنزل الكتاب ليدبر الناس آياته، ويعملوا بها إن كانت أحكاما، ويصدقوا بها إن كانت أخبارا.([132])
فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين هم: ورثة الأنبياء والمرسلين؛ فقد تلقوا علومهم منينبوع الرسالة الإلهية ؛ فالقرآن نزل بلغة الصحابة y وفي عصرهم، وهم أقرب الناس إلى معين النبوة الصافي، وهم أصفاهم قريحة، وأقلهم تكلفا، كيف وقد زكاهم الله تعالى في محكم تنزيله، وأثنى عليهم، وعلى التابعين لهم بإحسان، كما قال تعالى: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان y ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100].
قلت: وقد توعد رب العزة الذين يتبعون غير سبيلهم بالعذاب الأليم، فقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]؛ ولا ريب أن سبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن اتبعهم بإحسان.
فإذا كان الأمر كذلك فمن المحال أن يكون خير الناس وأفضل القرون قد قصروا في هذا الباب بزيادة أو نقصان؛ وهذا مما يدل على صحة مذهب السلف الصالح؛ فلو كان مذهب الخلف حقا لما تناقضوا وأضطربوا، ولما تحيروا وحيروا، وذلك لأنهم على مذاهب أهل الإلحاد ([133])، اللهم سلم سلم.
قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وأهل السنة يقولون لهؤلاء([134]): ونحن نعلم بالاضطرار أن الرسل عليهم السلام جاءت بإثبات الصفات). اهـ
قلت: وترى هذا الصنف حائرا شاكا مرتابا إذا نظر إلى أحاديث الصفات ؛ لا يعرف كيف يوجهها، فإذا تجرأ وأقحم نفسه بجهله ووجهها وقع في التحريف، والجهل، فإما أن يقع في الجهل البسيط؛ كظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، وهذا داخل في الجهل المركب، ثم يتبين أنه جهل هذا العلم فيعاند ويصر، ولهذا تجده يذكر أقوال المعطلة وحججهم ليؤيد ضلاله بذلك، ولا يعرف يرجح شيئا للحيرة التي وقع فيها، وهذه نهاية الإقدام على الباطل في تفسير أحاديث الصفات حيرة وضلالة.
قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].
قلت: وقد ضل المعطلة في تقرير الصفات، وذلك لأنهم حكموا عقولهم في قضايا العقيدة، وجعلوا العقل هو الفيصل في ذلك، وعرضوا نصوص الوحيين عليه، فكثر اضطرابهم، وجعلوا العباد في حيرة، وشك من دينهم، وقرروا الباطل المحض، وتعاموا عن الحق والهدى: ]فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور[ [الحج: 46].
قلت: فالعقول لا تكاد تنضبط في أمور صغيرة ويسيرة بل الآراء فيها تتباين، والاختلاف في أصلها يكثر، وتتعدد وجهات النظر حولها، هذا على سهولتها فكيف والحالة هذه تحكم في قضايا كلية، وأمور اعتقادية.
لذا لما عول أهل البدع على عقولهم وتحاكموا إليها ؛ كثر اضطرابهم، وتباينت آراؤهم، بل ووجد التضاد في أقوالهم في المسألة الواحدة، ولدى الطائفة الواحدة([135])؛ اللهم سلم سلم.
وهؤلاء هم الحيارى؛ من التحير وهو الوقوع في الحيرة، وهي: التردد، والاضطراب، وعدم الاهتداء، وهم المتهوكون؛ من التهوك وهو: الذي يقع في كل أمر.([136])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وعلم أن الضلال والتهوك إنما استولى على كثير من المتأخرين بنبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإعراضهم عما بعث الله به محمدا r من البينات). اهـ
قلت: فهذا المعطل لصفة: «الظل» أنكر الأمر المعلوم من الدين بالضرورة، وتأويل الأحاديث تأويلات لا يقرها دين، ولا يقبلها عقل.
وهذا مردود عليه من وجوه:
1) أن الأحاديث الواردة لا تحتمل التأويل.
2) أن رسول الله r يعلم الحقائق في الأحاديث على ما هي عليه.
3) أن رسول الله r قد بين صفة: «الظل» في السنة، وهو أعلم الخلق بالله تعالى.
4) أن العقل لا يحيل ذلك.
5) أن العقل الصريح يوافق ما جاءت به الأحاديث في صفة: «الظل».
لذلك فالواجب تلقي علم صفة: «الظل» على ما جاءت به الأحاديث.
وهذا من العلم الضروري: الذي هو يضطر إليه المرء، ولا يمكن دفعه.([137])
قلت: ألا يعلم هؤلاء أن مذهب السلف في الصفات بين التعطيل، وبين التمثيل.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص329)؛ أن السلف كانوا يسمون نفاة الصفات: «معطلة»؛ لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى، وهم قد لا يعلمون أن قولهم مستلزم للتعطيل بسبب جهلهم في الأصول، وذلك لأن العقائد توقيفية ؛ يدور المسلم مع النص فيها، ولا مجال للعقل، أو الاجتهاد.
قلت: وهذه التأويلات الفاسدة([138]) لصفة: «الظل» اليوم موجودة في مقالات المقلدة لزلات العلماء في التواصل الاجتماعي؛ هي بعينها التي ذكرها المعطلة النفاة في هذه الصفة، وحرفوها عن معناها الصحيح.
قال الإمام ابن القيم / في «الجواب الكافي» (ص90): (أصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها، هو التعطيل، وهو ثلاثة أقسام:
* تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه.
* أو تعطيل الصانع سبحانه عن كماله المقدس، بتعطيل أسمائه وصفاته وأفعاله.
* أو تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد). اهـ
قلت: ومذهب هؤلاء في هذا التعطيل ؛ مع تعظيمهم مذهب السلف، كما قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص34): (ونوع ثالث: سمعوا الأحاديث، والآثار، وعظموا مذهب السلف، وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية، ولم يكن لهم من الخبرة بالقرآن والحديث والآثار، ما لأئمة السنة والحديث، لا من جهة المعرفة والتمييز بين صحيحها وضعيفها، ولا من جهة الفهم لمعانيها، وقد ظنوا صحة بعض الأصول العقلية للنفاة الجهمية، ورأوا ما بينهما من التعارض، ولهذا كان هؤلاء تارة يختارون طريقة أهل التأويل، كما فعله ابن فورك وأمثاله في الكلام على مشكل الآثار، وتارة يفوضون معانيها، ويقولون: تجري على ظواهرها، كما فعله القاضي أبو يعلى وأمثاله في ذلك، وهذا حال أبي بكر بن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل وأمثالهم).اهـ
قلت: وقد وقع في تأويل صفة: «الظل» عدد من أهل العلم، وخالفوا في ذلك مذهب السلف في إثبات الصفات.
قلت: وبالاضطرار يعلم كل سلفي أن هؤلاء العلماء أبعدوا النجعة([139])؛ أي: ابتعدوا عن الصواب، وجانبوا الحق في تعطيلهم لصفة: «الظل»، وتقريرهم تأويل المعطلة، وتحكيم عقولهم في ذلك.
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر: أن كل طائفة تتأول ما يخالف نحلتها ومذهبها فالمعيار على ما يتأول وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها فما وافقها أقروه ولم يتأولوه وما خالفها فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه). اهـ
وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص216): (إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص409): (بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة، وتكون إما غلطا أو محرفة). اهـ
والواجب سيرا على سنن أهل السنة والجماعة، ومشيا على طريقتهم في هذه الصفة وفي سائر الصفات إمرارها كما جاءت دون تأويل لها على ما يليق بالله جل وعلا، لأن فما الذي يمنع من إثبات «الظل» صفة حقيقة لله جل وعلا على الوجه اللائق به؛ كما أثبتها له رسوله r، فشأنها كشأن باقي الصفات الفعلية الثابتة لله تعالى مثل: صفة: «النزول»، وصفة: «الإتيان»، وصفة: «المجئ»، وصفة: «القرب»، وصفة: «المشي»، وغيرها.([140])
قلت: وكل يؤخذ من أقواله، ويترك إلا النبي r.
فعن مالك بن أنس / قال: (حق على من طلب العلم أن يكون له وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص324)، وعياض في «الإلماع» (ص52)، والدوري في «ما رواه الأكابر» (ص63).
وإسناده صحيح.
وعن نعيم بن حماد / قال: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به، وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن الزهري /: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313).
وإسناده صحيح.
وعن الشافعي / قال: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله r، فقولوا بسنة رسول الله r، ودعوا ما قلت).
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).
أثر صحيح
أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).
وإسناده صحيح.
وعن مجاهد / قال: (ليس أحد إلا يؤخذ من قوله، ويترك من قوله إلا النبي r).
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص107)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص300)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص91) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص176).
وإسناده صحيح.
وعن أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله r فهو على شفا هلكة).
أثر صحيح
أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (733).
وإسناده صحيح.
قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.
قال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ
وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ
قلت: فهذه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، وأئمة هذه الأمة التي تبين اتباع كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه r، وآثار السلف.
إذا: المفهوم الصحيح اللازم إثبات «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله ... ونفي ما يلزمه من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها.
قلت: فأهل السنة لا يقبلون التأويل مطلقا، ولا يردونه مطلقا؛ بل يقبلون صحيحه، ويردون قبيحه.([141])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص177): (وتأويل ما أخبر الله تعالى به من صفاته العلى وأفعاله: نفس ما هو عليه سبحانه، وما هو موصوف به من الصفات العلى). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «شفاء العليل» (ج1 ص271): (وتأويل التحريف الذي سلكته هذه الطوائف: أصل فساد الدنيا والدين، وخراب العالم). اهـ
قلت: والتأويل الفاسد يترتب عليه من النتائج السيئة؛ من هدم التوحيد، وفساد الدين، والطعن في القرآن، والطعن في السنة، وتعطيل الأسماء الحسنى والصفات العلى، وتسليط المبتدعة في الطعن في الأحكام، وفساد البلدان بسبب تسلط الأعداء في الخارج، والأعداء في الداخل.([142])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص452): (إن إثبات الصفات: دل عليها الوحي الذي جاء من عند الله تعالى، على لسان رسوله r). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص197): (شأن أكثر نصوص الصفات إذا تأملها من شرح الله صدره لقبولها، وفرح بما أنزل على الرسول r منها: يراها قد حفت من القرائن، والمؤكدات بما ينفي عنها تأويل المتأول). اهـ
قلت: وإن مما يبطل التأويل الفاسد ويرفضه: ما اعتضد بالنصوص الشرعية من القرائن، والمؤكدات المحتفة بها، والتي يستحيل معها صرف ألفاظ، ومعانيها عن مواردها التي اطرد استعمالها فيها.
قلت: وإن أمارة التأويل الصحيح هو: ما كان حقيقة لما أخبر الله تعالى به، وأخبر به رسوله r؛ من إثبات ما لله تعالى من أسماء الجلال، وصفات الكمال، ونعوت الجمال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص36): (المأثور عن السلف هو السكوت عن الخوض في تأويل ذلك والمصير إلى الإيمان بظاهره والوقوف عن تفسيره؛ لأنا قد نهينا أن نقول في كتاب الله برأينا). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن المقصود منه سكوت عما سكت عنه الصحابة y، والتابعون بإحسان من مقالات أهل البدع وتفسيراتهم.([143])
وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ).([144]) اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص290): (وأما التأويل؛ بمعنى: صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه؛ فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف ... وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله تعالى، ورسوله r؛ التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص567): (وكل من خالف ما جاءت به الرسل عليهم السلام فهو ضال، من أي الطوائف كان، فإن الله بعثهم بالحق، والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل عليهم السلام لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل عليهم السلام). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص113): (وجهة الغلط أن التأويل الذي استأثر الله تعالى بعلمه هو الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو، وأما التأويل المذموم، والباطل فهو تأويل أهل التحريف والبدع، الذين يتأولونه على غير تأويله، ويدعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك). اهـ
قلت: وهذا التأويل الباطل هو في الحقيقة من الإلحاد في أسماء الله تعالى، وصفاته، والله ذم الذين يلحدون في توحيد الأسماء والصفات.([145])
قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180].
وقال تعالى: ]إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت: 40].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص112): (وذمهم على أنهم تأولوه على غير تأويله، ولم ينف مطلق التأويل، كما تقدم من أن لفظ التأويل يراد به التفسير المبين لمراد الله تعالى به، فذلك لا يعاب بل يحمد، ويراد بالتأويل الحقيقة التي استأثر الله تعالى بعلمها، فذاك لا يعلمه إلا هو). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص112): (وإنما ذمهم لكونهم تأولوه على غير تأويله، وذكر في ذلك ما يشتبه عليهم معناه، وإن كان لا يشتبه على غيرهم). اهـ
قلت: والجهمية هم الذين اشتهروا ببدعة تعطيل الصفات، وقد صار لقب: «الجهمية» بعد ذلك علما على كل من عطل الصفات، أو شيئا من الصفات، ولو واحدة، ولو لم يقل بكل مقالات الجهم بن صفوان المبتدع.([146])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج1 ص270): (والدرجة الثانية من التجهم: هو تجهم المعتزلة ونحوهم([147])الذين يقرون بأسماء الله الحسنى في الجملة، لكن ينفون صفاته، وهم أيضا لا يقرون بأسماء الله الحسنى كلها على الحقيقة، بل يجعلون كثيرا منها على المجاز، وهؤلاء هم الجهمية المشهورون([148]».اهـ
قلت: والذين عطلوا صفة: «الظل»، مع أثباتهم لذات الله تعالى.
فأقول: القول في الصفات؛ كالقول في الذات، فكما أن ذاته حقيقة لا تشبه الذوات، فهي متصفة بصفات حقيقة لا تشبه الصفات، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، كذلك إثبات الصفات.([149])
قلت: فالله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل الصفات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص330): (فالقول في صفاته؛ كالقول في ذاته: والله تعالى ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.
لكن يفهم من ذلك أن نسبة هذه الصفة إلى موصوفها كنسبة هذه الصفة إلى موصوفها، فعلم الله وكلامه ونزوله واستواؤه؛ هو كما يناسب ذاته ويليق بها). اهـ
قلت: والذين عطلوا صفة: «الظل» مع أثباتهم بقية الصفات، أو بعضها.
فأقول: أيضا القول في بعض الصفات ؛ كالقول في البعض الآخر، فمن أقر بصفات الله تعالى ؛ كالسمع، والبصر، والإرادة... أو أقر بصفات الله تعالى، كالمجئ والقرب، والنزول... ؛ فيلزمه أن يقر بمحبة الله تعالى، ورضاه، وغضبه... وهرولته، ونزوله، ومجيئه.([150])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص212): (ومن فرق بين صفة وصفة مع تساويهما في أسباب الحقيقة والمجاز: كان متناقضا في قوله متهافتا في مذهبه مشابها لمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض). اهـ
قلت: فتحريفهم لنصوص الوحي التي تعارض أهواءهم، وآراءهم، وعقولهم الفاسدة، وتسميتهم ذلك التحريف تأويلا، وهم في ذلك التحريف على مذاهب شتى مضطربة، بل متناقضة فإن المتأولين على أصناف عديدة بحسب الباعث لهم على التأويل.
قلت: وكلما ساء قصده، وقصر فهمه كان تأويله أشد انحرافا، فمنهم: من يكون تأويله لنوع هوى من غير شبهة، بل يكون على بصيرة من الحق.
ومنهم: من يكون تأويله لنوع شبهة عرضت له، أخفت عليه الحق.
ومنهم: من يجتمع له الأمران ؛ الهوى في القصد، والشبهة في العلم.([151])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر أن كل طائفة تتأول كل ما يخالف نحلتها ومذهبها، فالعيار على ما يتأول، وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها.
فما وافقها أقروه، ولم يتأولوه، وما خالفها: فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه ... فهذا في الحقيقة هو عيار التأويل عند الفرق كلها). اهـ
قلت: ومع قولهم بهذا التأويل، والذي حقيقته التحريف والتبديل، فإن كثيرا من متأخريهم قد سوغوا في النصوص مذهبا آخر، ألا وهو التفويض، وحقيقته التجهيل، وإخلاء نصوص الصفات من معانيها، والقول بأنها ألفاظ لا معاني لها، أو أن لها معاني لا يعلمها إلا الله، مع اعتقادهم أن ما يفهم من ظواهر النصوص غير المراد.
قلت: إن الله تعالى قد سد ببعثة النبي r حاجة العباد، وفاقتهم إلى معرفة ربهم، والتعبد له بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وجعل رسوله r واعظا تشفي مواعظة القلوب من السقم، وطبيبا يبرئ بإذنه من أنواع الألم.([152])
قلت: فالرسول r عرف الأمة توحيد الأسماء والصفات أتم تعريف... وأنه وقع منه r على أتم الوجوه، وأوضح r لأمته ذلك غاية الإيضاح، وبينه لها بيانا شافيا لا لبس فيه، ولا إشكال، ولا اشتباه ؛ حتى لم يدع بعد تعريفه لتوحيد الأسماء والصفات لقائل مقالا، يلبس به على الناس.
قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [آل عمران:164].
وقال تعالى: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].
قال الإمام ابن القيم / في «جلاء الأفهام» (ص286): (ولم يدع لأمته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله، ولا إلى من بعده بل كفاهم، وشفاهم، وأغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51]). اهـ
قلت: والنبي r كان أعلم الناس بربه ومولاه؛ كما قال r: (فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).([153])
قال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص330): (إن محمدا r أرشد الناس إلى جميع الحق حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة.
ولهذا كان خاتم الأنبياء فإنه لم يبق شيء يأتي به غيره، وأخبر محمد r بكل ما يأتي من أشراط الساعة، والقيامة، والحساب، والصراط، ووزن الأعمال، والجنة وأنواع نعيمها، والنار وأنواع عذابها). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص584): (الرسول صلوات الله وسلامه عليه إنما جاء بتعريف الرب تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، والتعريف بحقوقه على عباده). اهـ
قلت: فالرسول r بين للأمة توحيد الأسماء والصفات بيانا شافيا؛ لا يقع فيه لبس، ولا إشكال، ولا اشتباه.
وأساس دعوة الرسل عليهم السلام جميعهم؛ هو معرفة الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص150): (اقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين، وإليه داعين، ولمن أجابهم مبشرين، ولمن خالفهم منذرين، وجعل مفتاح دعوتهم، وزبدة رسالتهم: معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ إذ على هذه المعرفة تنبني مطالب الرسالة جميعها ... فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ص579)؛ في بيان توحيد الرسل عليهم السلام، وتوحيد من خالفهم: (مدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل عليهم السلام على أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل إثبات الصفات ونفي مشابهة المخلوقات ؛ فمن شبه الله بخلقه: فقد كفر، ومن جحد حقائق ما وصف الله به نفسه: فقد كفر ومن أثبت له حقائق الأسماء والصفات، ونفى عنه مشابهة المخلوقات: ]فقد هدي إلى صراط مستقيم[ [آل عمران: 101]).اهـ
قلت: ولما كانت هذه النقول السالفة الذكر متضمنة للإجماع المنافي للاختلاف: زاد الإمام ابن القيم / في المسألة التي تليها هذا الأمر تأكيدا؛ مبينا انتفاء وقوع الخلاف بين أحد من المرسلين في باب: توحيد الأسماء والصفات.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج4 ص1279): (إن الرسل من أولهم إلى آخرهم ليس بينهم اختلاف في أسماء الرب وصفاته وأفعاله، وإن تنوعت شرائعهم العملية بحسب المصلحة؛ فلم يختلف منهم اثنان في باب الأسماء والصفات). اهـ
قلت: ويتضح من تقرير الإمام ابن القيم /: أن أتباع الرسل عليهم السلام حقا، والموافقين لهم صدقا: هم أهل الحديث([154]) والأثر المثبتون لله تعالى الأسماء والصفات على ما يليق به من الكمال والجلال، والنافون عنه ما يتنزه عنه سبحانه وأن المناوئين لهم من سائر الفرق هم المعطلة: الذين خالفوا الرسل عليهم السلام.([155])
قلت: لذلك فمدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل عليهم السلام؛ أن يثبت لله تعالى حقائق الأسماء والصفات، وأن ينفى عنه مشابهة المخلوقات.
قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص180): (أما الرضا بنبيه رسولا: فيتضمن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه؛ بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره ألبتة؛ لا في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه، ولا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه). اهـ
قلت: فقد توفي رسول الله r، وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وقد ذكر للأمة منه علما، وعلمهم كل شيء؛ حتى آداب الأحكام.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1150)؛ عن إثبات النبي r للصفات للرب تعالى: (فمرة يشير بأصبعه، ومرة يضع يده على عينه، وأذنه حين يخبر عن سمع الرب وبصره، ومرة يصفه بالنزول، والمجيء، والإتيان والانطلاق، والمشي والهرولة!، ومرة يثبت له الوجه والعين، واليد والأصبع، والقدم والرجل، والضحك والفرح، والرضا والغضب، والكلام والتكليم، والنداء بالصوت والمناجاة...). اهـ
قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى، منها: صفة: «الظل»، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام الرسول r، لأن ذلك يفيد اليقين.([156])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص655): (فإن الأمة كلها تنقل عمن قبلها، ومن قبلها عمن قبلها حتى ينتهي الأمر إلى الرسول r). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص210)؛ عن دلالة آيات الأسماء والصفات: (أن دلالتها على معانيها أظهر من دلالة كثير من آيات الأحكام على معانيها.
ولهذا آيات الأحكام لا يكاد يفهم معانيها إلا الخاصة من الناس، وأما آيات الأسماء والصفات فيشترك في فهمها الخاص والعام؛ أعني فهم أصل المعنى، لا فهم الكنه والكيفية.
ولهذا أشكل على بعض الصحابة y؛ قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187]، ولم يشكل عليه ولا على غيره؛ قوله ]وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان[ [البقرة: 186] وأمثالها من آيات الصفات). اهـ
قلت: فتأمل هذا الفقه في توحيد الأسماء والصفات.
قال تعالى: ]قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض[ [العنكبوت: 52].
وقال تعالى: ]وما كان أكثرهم مؤمنين[ [الشعراء: 67].
قلت: وإن إجماع أهل الأثر المنعقد على إثبات توحيد الأسماء والصفات من الكتاب والسنة والآثار، يمثل حقيقة الأمر، وأنه لم يخرج عن إجماعهمء في إثبات أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى على حقيقتها([157]): ]إلا من سفه نفسه[ [البقرة: 130].
فإذا ثبت إجماع الأمة على إثبات الأسماء والصفات، لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم؛ فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة.([158])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].
قال الإمام ابن القيم /: (انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى بها، فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرة بالمنقول.
فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول، والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك، وكذلك تابع التابعين مع التابعين؛ هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث؛ كما يعلمون عدالة الصحابة y، وصدقهم، وأمانتهم، ونقلهم ذلك عن نبيهم r ... فإن الذين نقلوا هذا هم: الذين نقلوا أحاديث الصفات).([159]) اهـ
قلت: وهذا تقرير لإجماع الأمة على وجوب تلقي أحاديث الرسول r في باب أسماء الله تعالى، وصفاته بالقبول والتسليم، والعمل بما دلت عليه، والإيمان بها.
قلت: فالصحابة y، والتابعون الكرام: أجمعوا على تلقي أخبار الأسماء والصفات بالقبول؛ مع الإيمان بمعانيها، وعدم تكلف السؤال عن كيفيتها، وهذا هو الواجب في هذا الباب؛ أن تقر هذه النصوص الشرعية بإثبات حقائقها، وفهم معانيها.([160])
قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص145): (أهل السنة مجموعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز؛ إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة.
وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله، وسنة رسوله، وهم أئمة الجماعة والحمد لله). اهـ
قلت: فإجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسول r، وأن كل ما أجمعوا عليه فلابد أن يكون فيه نص عن الرسول r.([161])
قلت: فالإجماع منقعد في إثبات: «الظل» لله تعالى حقيقة، لأن: «الظل» صفة له تعالى، فيجب الإيمان بها على حقيقتها.
والصحابة y أجمعوا على تلقي أخبار الصفات بالقبول؛ منها: صفة: «الظل»، وهذا هو الواجب في هذا الباب.
قال الإمام ابن سريج / في «أجوبته في أصول الدين» (ق/37/ط): (أن جميع الآي الواردة عن الله عز وجل في ذاته وصفاته، والأخبار الصادقة الصادرة عن رسول الله r في الله تعالى وصفاته التي صححها أهل النقل، وقبلها النقاد الأثبات؛ يجب على المسلم المؤمن الموقن الإيمان بها). اهـ
قلت: فإجماع سلف الأمة من الصحابة y، وتابعيهم على إقرار الآيات، والأخبار الواردة في أسماء الله تعالى، وصفاته وإمرارها على ظاهرها؛ مع فهم معانيها، وإثبات حقائقها.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص208): (ولم يتنازعوا في آيات الصفات، وأخبارها في موضع واحد، بل اتفق الصحابة والتابعون على إقرارها وإمرارها مع -فهم معانيها وإثبات حقائقها-، وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا، وأن العناية ببيانها أهم: لأنها من تمام تحقيق الشهادتين، وإثباتها من لوازم التوحيد). اهـ
قلت: وهذا يدل أن توحيد الأسماء والصفات من الأصول العظيمة التي انقعد الإجماع عليها، وأن الأئمة اعتندوا بحكاية هذا الإجماع عناية بارعة.
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1165): (إن ما جاء به الرسول r من الإثبات معلوم بالضرورة من دينه؛ كما هو معلوم بالأدلة اليقينية فلا يمكن مع تصديق الرسول r مخالفة ذلك). اهـ
قلت: والعصمة النافعة في إثبات هذه الصفات: أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله r؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبت له الأسماء والصفات، وتنفى عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثبات العبد متنزها عن التمثيل، ونفيه منزها عن التعطيل.([162])
قال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج1 ص195): (أسماؤه كلها حسنى، وأفعاله كلها خير، وصفاته كلها كمال). اهـ
قلت: وعليه يكون العلماء الراسخون في العلم يعلمون التأويل الذي بمعنى التفسير والبيان.([163])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص285): (أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله r، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس وهذا لا ريب فيه). اهـ
وقال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص321): (هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص31): (وكل ما جاء في القرآن، أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن، وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل، والتشبيه والتمثيل ... اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين؛ بقوله سبحانه وتعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7] وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله [ [آل عمران: 7]، فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أملوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه، بقوله سبحانه: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7]). اهـ
قلت: فالاعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ... وأن لها معاني حقيقية تليق بجلال الله وعظمته ... وأدلة ذلك أكثر من أن تحصر ... ومعاني هذه الأسماء والصفات ظاهرة معروفة من القرآن والسنة؛ لا لبس فيها، ولا إشكال، ولا غموض ... فقد أخذ أصحاب رسول الله r عنه القرآن، ونقلوا عنه الأحاديث ولم يستشكلوا شيئا من معاني هذه الآيات والأحاديث؛ لأنها واضحة صريحة ... وكذلك من بعدهم من القرون الفاضلة.
قال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].
قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص37): (وعلى هذا درج السلف، وأئمة الخلف y، كلهم متفقون على الإقرار، والإمرار، والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r من غير تعرض لتأويله.
وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات!). اهـ
قلت: وهذا يدلك على أهمية معرفة قواعد السلف في إثبات الأسماء والصفات ... وأن معرفة القواعد والأصول يعد من أعظم العلوم، وأجلها نفعا، وأكثرها فائدة.
قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «طريق الوصول» (ص18): (الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساس للبنيان، والأصول للأشجار؛ لا ثبات لها إلا بها، والأصول تبنى عليها الفروع، والفروع تثبت وتتقوى بالأصول، وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى، وينمى نماء مطردا، وبها تعرف مآخذ الأصول، وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيرا، كما أنها تجمع النظائر، والأشباه التي من جمال العلم جمعها). اهـ
قلت: فإن من محاسن الشريعة المطهرة أن أحكامها الأصولية والفروعية كلها لها أصول ،وقواعد تضبط أحكامها.([164])
فإذا ضبطت القاعدة، وفهم الأصل أمكن الإلمام بكثير من المسائل التي هي بمثابة الفرع لهذه القاعدة، وأمن الخلط بين المسائل التي قد تشتبه.
وكان فيها تسهيل لفهم العلم وحفظه وضبطه، وبها يكون الكلام مبنيا على علم متين، وعدل وإنصاف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص471): (والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة).اهـ
وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص349): (والتجهم عندنا باب كبير من الزندقة، يستتاب أهله، فإن تابوا، وإلا قتلوا). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
ذكر الدليل على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء التي اتخذها: «ربيع بن هادي المدخلي» دينا في مذهبه الباطل................. |
8 |
2) |
فتوى الإمام ابن باز في إثبـاته لـصـفــة: «الظل» لله تعالى على ظاهر الأحاديث، وهذا فيه قمع «لربيع المدخلي» وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى، وحيث ذكر أن القاعدة واحدة في الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة..................................................... |
36 |
3) |
ذكر الدليل على أن: «ربيع بن هادي المدخلي» على قاعدته يعتبر جهميا، وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل لله تعالى»، وهذا مذهب الجهمية تماما، وهو ليس بعالم، وليس من أهل الاجتهاد حتى يعذر، فهذا الرجل لا يعذر بجهله في الدين؛ كما هو منهج السلف الصالح..................................................................................................... |
38 |
4) |
المقدمة..................................................................................................... |
49 |
5) |
ذكر الدليل من آثار السلف في أن منهجهم في إثبات صفات الله تعالى إمرارها على ظاهرها، وهذا يبطل قول: «ربيع بن هادي المدخلي» في تعطيله لصفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله...................................................................................................... |
65 |
6) |
ذكر الدليل على أن: «ربيع بن هادي المدخلي» يحرف صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة المبتدعة المعطلة، وهذا يدل على كذبه أنه يثبت صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة السلف الصالح... |
116 |
7) |
ذكر الدليل على أن: «الظل» هو: صفة من صفات الله تعالى يليق بجلاله وكماله، وأن كيفية: «الظل» لا تعرف كسائر الصفات، وقد أجمع السلف على إثبات صفة: «الظل» لله تعالى، ومن قال بخلاف هذا الاعتقاد السلفي من دون العلماء المجتهدين، فهو مبتدع خارج عن السنة، لأنه خالف السنة والآثار........................................... |
118 |
|
|
|
([1]) فالمقلدون يفتون الناس بزلات العلماء في الأصول والفروع، وهذا الإفتاء هو التزندق والإلحاد في الدين!.
قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص250): (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق أو كاد!). اهـ
([2]) وانظر: «مرعاة المفاتيح» للرحماني (ج1 ص356)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90 و91)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص238)، و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج1 ص455)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص525).
([3]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (8)، ومسلم في «صحيحه» (16) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
قلت: ألا إن شر الشر شرار العلماء، وإن خير الخير خيار العلماء، والله المستعان.
([5]) وانظر: «الرقائق» لابن المبارك (ج2 ص681)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (ج2 ص26)، و«ذم الكلام» للهروي (ج4 ص281)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج47 ص460)، و«جمع الجيوش والدساكر» لابن عبد الهادي (ص21).
([6]) غبرات: بالضم ثم التشديد، بقية الشيء.
انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص3205)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص447).
أخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص163)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص161).
وإسناده حسن.
([8]) قلت: وإن مما يوصى به طالب العلم أن يأخذ العلم عن أهله، وذلك بأن يبحث عن العالم العامل بعلمه ... فينظر إلى عبادته لله تعالى، وإلى سيرته وأخلاقه وشمائله؛ هل هي متفقة مع ذلك العلم أو تخالفه؟!، فإن العلم إنما يؤخذ عن العلماء الربانيين، ويحرص على صحبتهم ليتعلم منهم العلم والعمل والأخلاق.
([10]) الإمع: الذي يقول لكل أحد: أنا معك، ولا يثبت على شيء لضعف رأيه، والمقلد في الدين، والمتردد الذي لا يثبت على صنعة، والطفيلي، ويجعل دينه تبعا لدين غيره بلا حجة، ولا برهان.
انظر: «المعجم الوسيط» (ص26)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص49)، و«النهاية» لابن الأثير (ج1 ص170).
قال عبد الله بن مسعود t: (لا يكونن أحدكم إمعة قالوا: وما إمعة؟ قال: يجري مع كل ريح).
أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص141)، وفي «اعتلال القلوب» (ج1 ص148)؛ بإسناد صحيح.
قال الإمام أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج4 ص49): (أصل الإمعة هو الرجل الذي لا رأي له ولا عزم؛ فهو يتابع كل أحد على رأيه ولا يثبت على شيء). اهـ
([11]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (256)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج14 ص70)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص79)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص165).
([17]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (94)، و«السير» للذهبي (ج4 ص598)، و«جامع التحصيل» للعلائي (199)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص155).
([19]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.
انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).
([21]) المغبون: المنقوص، فالمقلد ينقص عقله، وذكاءه، وتقل فطنته.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص229).
([22]) انظر: «رسالة التقليد» لابن القيم (ص22)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج4 ص395)، و«المدخل» لابن بدران (ص388).
([24]) آية المائدة المشار إليها هي قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون[ [المائدة: 104].
([25]) آية لقمان المشار إليها هي قوله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير[ [لقمان: 21].
([33]) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (ج3 ص450)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص234)، و«أصول الفقه» للزحيلي (ج2 ص1120)، و«رسالة التقليد» لابن القيم (ص22).
([34]) فصار المقلدة في التقليد لفلان وعلان؛ مثل: الرافضة الذين يقلدون أئمتهم بدون دراية، وهم يسخرون من الرافضة لمثل هذا التقليد، وهم واقعون في هذا التقليد الأعمى، وهم لا يشعرون!.
([35]) قلت: وهذا الخلاف محرم، وهو كل ما أقام الله تعالى به الحجة في كتابه، أو على لسان نبييه r منصوصا بينا، فلم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.
وانظر: «الرسالة» للشافعي (ص560).
([36]) فالمقلدون يفتون الناس باختلاف المتأخرين في صفة: «الظل»، و«صوم يوم عرفة»، وغير ذلك، وهذه الفتاوى ليست بحجة في الشريعة المطهرة.
([37]) قلت: والذي وقع فيه: «المخربي» من الضلالات بسبب تقليده لزلات العلماء بدون رواية ولا دراية ... وهذا واقع فيه كل المقلدين ... وهذا ما قد أصابنا في هذا العصر الحاضر فيما يتعلق بموضوع الفتاوى من قبل المقلدين؛ فإنهم قد قلدوا المتأخرين من أصحاب المذاهب بحجة أنهم علموا أحكام الدين، فقلدوهم بحجج واهية بالتقليد الأعمى، والتعصب المذهبي المقيت الذي انتشر في العصور المتأخرة انتشارا واسعا، بحيث وقع بسببه الحقد للمخالف وإن كان على الحق!، برغم أن المقلدين يعلمون أن العلماء في الأحكام أنهم يصيبون ويخطؤون في الدين، وقد حذر جميع العلماء من زلات العلماء، نصحا للأمة.
([38]) والمخربي الضال رد أحاديث صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة الجهمية، وهو ليس من أهل الاجتهاد، ففي عدم إثباته لصفة: «الظل»، يعتبر جهميا على قاعدته، لأن: «الظل» جاء مضافا إلى الله تعالى.
([39]) وروايات: «في ظل عرشه» كلها منكرة لا تصح، فلا يحتج بها في الاعتقاد، وهناك جزء لي في تضعيف هذه الروايات، وأن روايات الصحيحين أصح منها.
([40]) فنقول «للمدخلي»، قاعدة السلف واحدة ثابتة فلا تغيرها إلى مذهب الجهمية!، فتثبت بعض الصفات، وتنفي بعض الصفات!، كما قال لك الشيخ ابن باز /.
([41]) والمدخلي الضال رد أحاديث: (الظل لله تعالى)، ولم يثبتها على ظاهرها!.
وقاعدة السلف واحدة في: توحيد الأسماء والصفات، لا تتغير، ولا في صفة من صفات الله تعالى، فافهم لهذا.
([42]) قلت: والمدخلي هذا أنكر صفة: «الظل» لله تعالى، ولم يسلم للأحاديث على ظاهرها وعطلها، فهو جهمي خبيث، كما بين الإمام ابن بطة /، اللهم غفرا.
([43]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«لمعة الاعتقاد» لابن قدامة (ص9)، و«تحريم النظر في كتب الكلام» له (ص38)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص147 و148).
([46]) قلت: أبشر رحمك الله!، وقد أنكر: «ربيع المدخلي» أحاديث صفة: «الظل» لله تعالى، فاحسبوه من الجهمية، اللهم غفرا.
([48]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه «الرد على الزنادقة والجهمية»: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ
([49]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم (متفقون على مخالفة الكتاب)؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ
([50]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ
([52]) قلت: وقد أنكر صفة: «الظل» للـه تعالى أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والطالحية، والربيعية، والماتريدية، والصوفية، والإباضية وغيرهم؛ من أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، لأنهم أعرضوا عن دراسة اعتقاد السلف والأثر، نعوذ بالله من الخذلان.
([53]) قلت: واعتقاد السلف شجى في حلوق أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والإباضية، والصوفية، وغيرهم من معطلة الصفات.
([54]) قلت: ومن هذه الصفات التي أثبتها، صفة: «الظل»، حيث أثبتها عن رسول الله r، وإجماع الصحابة y، وإجماع أئمة الحديث.
وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص561).
([59]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).
([60]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.
([61]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).
([62]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.
([64]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعملبخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.
قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.
وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).
([67]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.
([68]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.
وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).
([69]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).
([70]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).
([71]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.
وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).
([73]) كتأويل المعطلة للصفات؛ من الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والماتريدية، والصوفية، والمعتزلة، والربيعية، والطالحية وغيرهم.
وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص556)، و(ج6 ص471)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص73).
أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص423)، والخلال في «السنة» (1794)، والآجري في «الشريعة» (187)، وأبو داود في «مسائل أحمد» (ص264).
وإسناده صحيح.
([75]) أي: من غير تفسير، وأرادوا به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة y، والتابعون الكرام من الإثبات.
وانظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص333)، و«التدمرية» له (ص112 و113).
قال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74].
وقال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].
([76]) انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص35 و36 و37)، و(ج6 ص469)، و«الاعتقاد» للالكائي (ج3 ص454)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص222)، و«معالم السنن» للخطابي (ج3 ص555)، و«شرح العقيدة الواسطية» للهراس (ص112)، و«أصول السنة» لابن أبي زمنين (ص110)، و «ذم التأويل» لابن قدامة (ص11 و12)، و«أجوبة في أصول الدين» لابن سريج (ص86)، و«حقيقة التأويل» للمعلمي (ج6 ص52 و54)، و«القائد إلى تصحيح العقائد» له (ص114 و115 و123)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص98 و99 و100)، و«أجوبة في الصفات» للخطيب (ص74 و75)، و«التحف في مذاهب السلف» للشوكاني (ص31)، و«دراسات لآيات الأسماء والصفات» للشنقيطي (ص10 و11).
([77]) انظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص303 و307)، و«التدمرية» له (ص89 و116)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج1 ص201 و208)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«الجواب المختار لهداية المحتار» له (ص26)، و«التحف في مذاهب السلف» للشوكاني (ص32)، و«الحاشية على العقيدة الواسطية» لابن مانع (ص31)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص235)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/246/ط)، و(ص68 و69/م)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4).
([78]) وهم: المشبهة الذين شبهوا ذات الله تعالى بذات خلقه، أو صفاته بصفات خلقه.
انظر: «الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص255)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص103).
([79]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).
انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).
([80]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«التدمرية» لابن تيمية (ص7)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص234)، و«الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج3 ص33)، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (ج6 ص319)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص236)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج5 ص101)، و«بيان فضل علم السلف على علم الخلف» له (ص48)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص119).
([81]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«لمعة الاعتقاد» لابن قدامة (ص9)، و«تحريم النظر في كتب الكلام» له (ص38)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص147 و148).
([82]) أي: الصحابة والتابعون، وهنا يعود الضمير في «كانوا» إلى غير مذكور للعلم به، وهو أسلوب من أساليب اللغة العربية.
ومنه: قوله تعالى: ]ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة[ [النحل: 61]؛ أي: على الأرض، فدل على ذلك بالعلم.
([83]) فالسلف كانوا يحرصون كل الحرص على عدم التكلف بالتأويل والتحريف، بل يكتفون بفهم المعاني العامة للنصوص.
([87]) يعني: لا نطلب لها المعاني الباطلة المحرفة؛ مثل: تحريف المعطلة النفاة.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج9 ص165).
أخرجه الخطابي في «أعلام الحديث» (ج1 ص638 و639)، وغيره.
وإسناده صحيح.
وقوله: (ولا نريغ لها)؛ أي: لا نطلب لها، ولا نريد لها، يقال: (أرغت)؛ الصيد إراغة؛ طلبته، وأردته، وماذا: (تريغ)؛ أي: ماذا تريد.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص129).
([89]) يعني: التفسير الفاسد الذي يكون من قبل أهل البدع والأهواء؛ من الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والماتريدية، والمعتزلية، وغيرهم.
وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص87)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص270)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج7 ص230)، و«الرد على الجهمية» لابن بطة (ج3 ص111)، و«طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج1 ص64).
([90]) وانظر: «الرد على الجهمية» لابن بطة (ج3 ص58)، و«عقيدة المسلمين» للبليهي (ج1 ص322)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج4 ص131).
([93]) وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص161 و662)، و«تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج3 ص1142)، و«السير» له (ح16 ص295)، و«شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا ابن عثيمين (ص38)، و«حقيقة التأويل» للمعلمي (ج6 ص52)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج4 ص147 و148)، و(ج6 ص69 و105)، و«درء التعارض» له (ج6 ص256)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص145).
([94]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.
وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).
([97]) وانظر: «العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص66 و67)، و«نجاة الخلف في اعتقاد السلف» للنجدي (ص17)، و«نهج الرشاد في نظم الاعتقاد» للسرمري (ص31 و32)، و«نظم عقيدة أهل الأثر» للكلوذاني (ص77 و79)، و«الجواب المختار لهداية المحتار» لشيخنا ابن عثيمين (ص26)، و«التحف في مذهب السلف» للشوكاني (ص18)، و«أجوبة في الصفات» للخطيب (ص73).
([98]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24)، و«العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص96).
([99]) يعني: تحريف الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والصوفية، والماتريدية، وغيرهم؛ لصفات الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة والآثار.
([100]) وانظر: «الرد على المبتدعة» لابن البناء (ص153)، و«ذيل طبقات الحنابلة» لابن رجب (ج1 ص64)، و«جواب الاعتراضات المصرية» لابن تيمية (ص108)، و«التوحيد» لابن خزيمة (ج1 ص159)، و«ذم التأويل» لابن قدامة (ص37)، و«الحاشية على العقيدة الواسطية» لابن مانع (ص25)، و «التعليق على العقيدة الواسطية» للشيخ ابن باز (ص23).
([102]) وانظر: «شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا ابن عثيمين (ص38 و39)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص49)، و«حقيقة التأويل» للمعلمي (ج6 ص62 و63)، و«إثبات صفة العلو» لابن قدامة (ص124)، و«ذم التأويل» له (ص23)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص59)، و«العلو» للذهبي (ص166)، و«معارج القبول» للحكمي (ج1 ص365)، و«التدمرية» لابن تيمية (ص7 و8)، و«الرسالة الصفدية» له (ص133)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» له أيضا (ص224)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للإسماعيلي (ص172)، و«المختار من أصول السنة» لابن البناء (ص203)، و«الفقه الأكبر» لأبي حنيفة (ص27)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص55)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للهكاري (ص287).
([106]) وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج9 ص37 و38)، و«الفتاوى» له (ج13 ص136)، و«الشريعة» للآجري (ص51 و64)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للهكاري (ص287)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص97 و98 و99)، و«الفقه الأكبر» لأبي حنيفة (ص27)، و«عقيدة المسلمين» للبليهي (ج1 ص240 و241)، و«دراسات لآيات الأسماء والصفات» للشنقيطي (ص10 و11).
([107]) وانظر: «شرح السنة» للبغوي (ج1 ص171)، و«شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا ابن عثيمين (ص32 و33)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للهكاري (ص284)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز (ص149)، و«عقيدة المسلمين» للبليهي (ج2 ص168)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص92 و93)، و«الفقه الأكبر» لأبي حنيفة (ص57)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص250).
([108]) كما يجب الانكار الشديد على من يعترض على أخباره الصحيحة، أو بعضها على سبيل الانكار، أو الاستبعاد لها، لأن التساهل في ذلك، وعدم الحزم فيه يساعد على فشو البدع،وانتشارها بين الأمة.
وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص321).
([109]) قلت: فمن كادهم قصمه الله تعالى ... ومن عاندهم خذله الله تعالى ... لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم ... وإن الله على نصرهم لقدير.
([110]) انظروا إليه وهو يحرف، ويعطل صفة: «الظل» لله تعالى، إلى: «ظل العرش» فخالف القواعد التي ذكرها في عدد من كتبه، وهذا يدل على جهله بتوحيد: «الأسماء والصفات» على التفصيل.
([112]) وروايات: «في ظل عرشه» كلها منكرة لا تصح، فلا يحتج بها في الاعتقاد، وهناك جزء لي في تضعيف هذه الروايـات، وأن روايات الصحيحين أصح منها.
([116]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).
قال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ
([117]) انظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص136)، و«شرح رياض الصالحين» له (ج1 ص370)، و«التعليقات» للبراك (ص12).
([120]) قلت: والذي يخوض في هذه المسألة بتقليد لزلات العلماء، فهذا يكون عليه الوزر يوم القيامة.
فهذا: «الظل» لله تعالى يليق بجلاله؛ كسائر صفاته، لأن النبي r أضافه إلى الله تعالى.
([121]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«التدمرية» لابن تيمية (ص7)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص234)، و«الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج3 ص33)، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (ج6 ص319)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص236)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج5 ص101)، و«بيان فضل علم السلف على علم الخلف» له (ص48)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص119).
([123]) قلت: ولا يدع أحاديث صفة «الظل»، إلا متعالم مبتدع.
قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار، أو يرد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع). اهـ
([124]) يعني: لا نطلب لها المعاني الباطلة المحرفة؛ مثل: تحريف المعطلة النفاة.
وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج9 ص165).
([125]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.
وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).
([126]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.
وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24)، و«العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص96).
([127]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص640 و653 و654)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للإسماعيلي (ص172)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4 و6)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/219/ط)، و(ص52/م).
([130]) وانظر: «الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4)، و«مثالب الأشعري» لأبي علي الأهوازي (ص14 و15)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/264/ط)، و«السنة» لابن يزداد البغدادي (ص15)، و«السنة» للخلال (ج1 ص259)، و«جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص92)، و«الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص236)، و«فتاوى نور على الدرب» للشيخ ابن باز (ج1 ص68)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص427).
([132]) وانظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (ج2 ص105 و109)، و«الفتاوى» له (ج3 ص35 و40)، و(ج5 ص26)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج5 ص7)، و«فتح رب البرية» لشيخنا ابن عثيمين (ص12 و15)، و«التوحيد» لابن منده (ج2 ص102)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص210).
([133]) وانظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (ج2 ص561)، و«فتح رب البرية» لشيخنا ابن عثيمين (ص18 و19 و24)، و«بدائع الفوائد» لابن القيم (ج1 ص159 و166 و170)، و«شرح العقيدة الواسطية» للهراس (ص67)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص234)، و«أعلام السنة المنشورة» للحكمي (ص56)، و«مثالب الأشعري» لأبي علي الأهوازي (ص14)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4 و5)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/264/ط).
([134]) يعني: المعطلة الذين حرفوا وبدلوا في صفات الله تعالى، فالله أضلهم بسبب تحريفهم لنصوص الكتاب والسنة، فظلموا أنفسهم.
ومنه؛ قوله تعالى: ]فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به[ [المائدة: 13].
وقال تعالى: ]فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذي قيل لهم[ [الأعراف: 162].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص287): (فقد علم أنه r قد ذم أهل الكتاب على ما حرفوه وبدلوه). اهـ
([135]) وانظر: «درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (ج5 ص365)، و«الفتاوى» له (ج17 ص357)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له أيضا (ص241 و243).
([138]) والتأويل الفاسد هو: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به؛ أي: على رأيهم وما ذهبوا إليه، والصحيح: أنه صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح بغير دليل يوجب ذلك؛ كتأويل أهل البدع نصوص صفة: «الظل»، وكقولهم: «استوى» أي: «استولى».
وانظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص290 و291).
([141]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص170 و181)، و(ج2 ص631).
قلت: وحد التأويل الفاسد القبيح: صرف اللفظ عن ظاهره وحقيقته إلى مجازه، وما يخالف ظاهره.
وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص178).
([142]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص365 و367)، و(ج2 ص403)، و«شفاء العليل» له (ج1 ص271)، و«الكافية الشافية» له أيضا (ص16 و19).
([143]) وانظر: «الحجة في بيان المحجة» لأبي القاسم الأصبهاني (ج1 ص104)، و«الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص333)، و«الفتاوى» له (ج16 ص410)، و(ج17 ص363).
([145]) وانظر: «الرسالة الصفدية» لابن تيمية (ص287)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له (ص70 و71)، و«التدمرية» له أيضا (ص90)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» له كذلك (ص343).
([146]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج8 ص490)، و(ج12 ص119)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» له (ص198)، و«منهاج السنة» له أيضا (ج1 ص311)، و«مقالات الإسلاميين» للأشعري (279)، و«الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص199)، و«شرح القصيدة النونية» لابن عيسى (ج2 ص114)، و«تلبيس إبليس» لابن الجوزي (ص105).
([148]) قلت: يدخل تحت هذا الوصف طوائف كثيرة؛ من أشهرها:
1) «الجهمية»: الذين عطلوا الله تعالى عن أسمائه الحسنى وصفاته العلى.
2) و«المعتزلة»: الذين أثبتوا الأسماء مجردة عن الصفات.
3) و«الأشاعرة»: الذين أثبتوا الأسماء، وشيئا من الصفات.
قلت: وإثبات هذه الصفات عند هذه الطوائف ليس وفق النص، بل وفق العقل، وهذا العقل مريض غير سليم.
ومن تلك الطوائف: «المشبهة»؛ التي غلت في إثبات الصفات لله تعالى حتى جعلتها؛ كصفات المخلوق.
([149]) انظر: «أجوبة في الصفات» للخطيب (ص20)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص330)، و(ج6 ص355) و«التدمرية» له (ص43)، و«الحجة في بيان المحجة» للأصبهاني (ج1 ص174)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص341)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص228).
([150]) انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص212)، و«التدمرية» له (ص31)، و«رسائل في العقيدة» للحمد (ص228).
قلت: ومن أثبت بعض الصفات، ونفى بعضها، فهو مضطرب متناقض، وتناقض القول دليل على فساده.
([151]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج4 ص250 و251)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» له (ص132)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص26)، و«درء تعارض العقل والنقل» له (ج2 ص31)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج3 ص326)، و«عقيدة السلف» للصابوني (ص160 و165).
([152]) وانظر: «التبيان في أقسام القرآن» لابن القيم (ص257)، و«زاد المعاد» له (ج1 ص182)، و«جلاء الأفهام» له أيضا (ص262).
([154]) هؤلاء هم أهل السنة والجماعة: الذين سموا الله تعالى، ووصفوه بما سمى ووصف به نفسه سبحانه في كتابه، وعلى لسان رسوله r على الحقيقة؛ من غير تشبيه، مع قطع الطمع عن إدراك كيفية ذلك.
فسلموا بذلك من المزالق الثلاثة الخطيرة في هذا الباب، ألا وهي: مزلق: «التعطيل»، ومزلق: «التشبيه»، ومزلق: «التكييف»؛ إذا أثبتوا فلم يعطلوا، وإذا نزهوا فلم يشبهوا، وإذا أوكلوا الكيفية إلى الله تعالى فلم يكيفوا.
([155]) وانظر: «اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص3331)، و«مدارج السالكين» له (ج3 ص474)، و«إعلام الموقعين» له أيضا (ج4 ص249)، و«الصواعق المرسلة» له كذلك (ج3 ص872).
([158]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج2 ص90)، و«العدة في أصول الفقه» لأبي يعلى (ج4 ص1058)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج2 ص441)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل تيمية (ص315).
([160]) وانظر: «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» لابن القيم (ج2 ص208 و210)، و(ج4 ص1453)، و«التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» لابن عبد البر (ج7 ص145).
([161]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج7 ص38 و39)، و«أحكام أهل الذمة» لابن القيم (ج2 ص814)، و«حادي الأرواح» له (ص422)، و«الصواعق المرسلة» له أيضا (ج2 ص655).