الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / نفائس الموحدين في أن الإمام ابن عثيمين من المجددين
نفائس الموحدين في أن الإمام ابن عثيمين من المجددين
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، أنعم علينا بالنعم الغزار، ومن علينا بالنبي المختار، محمد سيد الأبرار ه، وعلى آله الأطهار، وصحابته المصطفين الأخيار.
أما بعد،
اعلم رحمك الله أنه كلما تأخر الزمان، وبعد الناس عن الكتاب، والسنة، والآثار؛ حدثت البدع المهلكة، والأهواء المضلة، وقل العلم، وفشا الجهل، واشتدت غربة الدين، وظن الناس أن ما وجدوا عليه آباءهم هو الدين، ولكن الله تعالى لا يخلي الأرض من قائم لله تعالى بحجة يجدد الدين للناس جملة وتفصيلا([1]).
فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عن النبي ه قال: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».([2])
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ه: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»([3]).
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «لن تخلو الأرض من قائم لله بحجة» ([4]).
قلت: وقد وقع مصداق ذلك، فلا يزال فضل الله تعالى على هذه الأمة يتوالى بظهور المجددين عند اشتداد الحاجة إليهم.
ومن هؤلاء المجددين: شيخنا الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في القرن الخامس عشر.
وقد أحببت في هذه العجالة أن أقدم بعض المعلومات عن شيخنا الإمام ابن عثيمين رحمه الله، وما قام به من تجديد هذا الدين، مما لا تزال آثاره باقية في هذه الأمة.
والقصد من ذلك تعريف من يجهل مجهود الإمام ابن عثيمين رحمه الله، والتنبيه للانتفاع بآثاره، والاقتداء به، والله الهادي إلى سواء السبيل.
|
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر
العلامة الفقيه فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
من المجددين في الأصول والفروع
في الشريعة المطهرة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
ﱣﭐ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱢ [آل عمران :102].
ﱣﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱢ [النساء:1].
ﱣﭐ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ* ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﲬﱢ [الأحزاب:70 و71].
أما بعد...
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ه، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فإني أحمد الله تعالى الذي أنزل كتابه الكريم، وجعله منهاجا للبشرية إلى قيام الساعة، والذي أحكم نظامه، وأتم بيانه، وبلغه لرسوله الأمين ه، وأمره ببيانه.
فقال تعالى: ﱣﭐ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜﱢ [النحل: 44].
قلت: وأمرنا تعالى باتباع أمر الرسول ه ونهيه.
فقال تعالى: ﭐﱣﭐ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗﲘﱢ [الحشر: 7].
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «وعظنا رسول الله ه موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (ج4 ص200 و201)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص126)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص104)، وفي «المجروحين» (ج1 ص109)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص45)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص17)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص19 و30)، و(ج2 ص483)، والآجري في «الأربعين» (ص33 و34)، وفي «الشريعة» (ص46)، والبيهقي في «المدخل» (ص115)، وفي «الاعتقاد» (ص130)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص10)، وفي «السنن الكبرى» (ج10 ص114)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص541)، والمروزي في «السنة» (ص26)، والبزار في «المسند» (ج10 ص137) من عدة طرق عن العرباض بن سارية رضي الله عنه به.
وإسناده صحيح.
قال ابن حجر في «الموافقة» (ج1 ص137): (هذا حديث صحيح رجاله ثقات).
وقال الهروي: وهذا من أجود حديث في أهل الشام.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقال أبو نعيم: وهذا حديث جيد من صحيح حديث الشاميين.
وقال ابن عبد البر: حديث عرباض حديث ثابت.
والحديث صححه الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ج1 ص19).
قلت: ووعد الله تعالى بحفظ كتابه الكريم.
فقال تعالى: ﱣﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍﱢ [الحجر: 9].
وهذا الوعد الإلهي يتضمن حفظ السنة النبوية لأنها بيان للذكر، وللسنة منزلتها في الشريعة فالتزام أمرها التزام للشرع؛ لقوله تعالى: ﱣﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱢ [النساء: 80].
قلت: إن السنة النبوية تعتبر المصدر الثاني في التشريع الإسلامي بعد كتاب الله تعالى، فهي التي فسرت القرآن الكريم، وفصلت عامه، وبينت مجمله، وقد عنيت الأمة الإسلامية من لدن عصر النبي ه بحفظ الأحاديث، وروايتها، والالتزام بها علما وعملا، وسلوكا وأخلاقا، ثم عنيت بجمعها، وتدوينها في كتب الأحاديث، والسنن، والمسانيد والمعاجم، والمشيخات، والأجزاء ... ونحو ذلك وكذلك عنيت بالرواة، والمرويات، من حيث القبول والرد، ووضعوا في ذلك أدق، وآصل وأحكم قواعد النقد العلمي الصحيح، وتركوا لنافي علم تاريخ الرجال ثروة نادرة، لا توجد في أي أمة من الأمم الأخرى([5])([6]).
قلت: فقد كان من منن الله تعالى على هذه الأمة أن تكفل لها بحفظ كتابه، وصيانة وحيه أن تمتد إليه يد بتحريف، أو بتبديل، أو زيادة، أو نقصان([7]).
ولقد يعلم الباحثون أن مضمار هذا الحفظ تهيأ له صفوة من الرجال، وثلة من الأفذاذ، أقبلوا على ما اختارهم الله تعالى له بنفوس رضية، وهمم فتية، وعزائم قوية، مبتغين الوسيلة إلى الخطوة برضا ربه، والفوز بأعلى عليين فأفنوا أعمارهم، وأضنوا لياليهم وأيامهم، وما برحوا يعملون، ويجدون فيما يعملون حتى مضوا عن هذه الدار مذكورين بلسان الصدق في الآخرين، تاركين من خلفهم علما رفيع القدر، شريف الذكر، جليل الأثر عظيم الخطر ذلك هو علم أصول الحديث وفقهه([8]).
قلت: ومن هؤلاء الجهابذة، ومن الذين حملوا راية أصول الحديث وفقهه العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله فتكلم على علم الأحكام جملة وتفصيلا، وعلم مختلف الحديث ومشكله، غريبه ومحكمه ومتشابهه وعلم الفقه وأصوله، وعلم التفسير وأصوله، وعلم الحديث وأصوله، وعلم التنبيه على التحريف الذي وقع فيه بعض المصنفين، والبحث عن الرواة جرحا وتعديلا، فميز صحيح الروايات من سقيمها، فأوسع بحثا وشرحا وبيانا في أصول الحديث رواية ودراية، فقضى عمره في خدمة السنة المطهرة، دراسة وتدريسا، تأليفا وتحقيقا، عملا ودعوة.
قلت: فالشيخ رحمه الله نال بالهمة العالية بعد توفيق الله تعالى المطالب العالية، كيف لا وهو الذي لا يعرف الكلل، ولا يعقد به الكسل، ليله ونهاره في جهد جهيد، وعمل علمي سديد، يقرأ، ويحقق، ويشرح، ويفسر، ويفتي، ويكتب، ويخرج، ويصحح، ويضعف، ويراجع ويوثق ... فرفع راية السنة، وقضى على البدعة، ونصح لله ولرسوله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم، فهو بحق من أهل الحديث والأثر والسنة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى» (ج11 ص43): (ومن له في الأمة لسان صدق عام بحيث يثنى عليه ويحمد في جماهير أجناس الأمة فهؤلاء هم أئمة الهدى ومصابيح الدجى). اهـ
قلت: والفقه في الدين من أعظم المنازل، وأسماها وأعلاها، وأي علم أفضل من العلم الذي يعرف به المرء كيف يعبد ربه على أكمل وجه في الحياة الدنيا([9]).
والله تعالى إذا أراد بالمرء خيرا دله على طريق الفقه في الدين.
فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول اللهه: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»؛ أي: يجعله فقيها في الدين.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص39)، و(ج13 ص217)، وفي «الأدب المفرد» (666)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص718 و719)، و(ج2 ص1524)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص92 و93 و96 و98 و99 و101)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص73)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص284)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص166)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج2 ص278 و280)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (ص252)، وفي «القضاء والقدر» (496)، وفي «الأسماء والصفات» (ص194)، وابن قاسم في «الموطأ» (ص543)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص219)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص329 و344 و348 و367)، وفي «المعجم الأوسط» (ج2 ص259)، وفي «مسند الشاميين» (ج2 ص142 و154 و160)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص20)، وفي «التمهيد» (ج23 ص79)، والجوزقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص90)، والنسائي في «مسند حديث مالك» (ج32 ص133-تهذيب الكمال)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص71)، والآجري في «أخلاق العلماء» (25)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص5 و7 و8)، وفي «الموضح» (ج2 ص337)، وفي «المتفق والمفترق» (1782), والشحامي في «زوائده على عوالي مالك» (ص234)، والحمامي في «حديثه» (ص80)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص616)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص236 و237)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص900)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج1 ص225)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ج1 ص379)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص306)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص174 و175)، وفي «جامع المسانيد» (ج7 ص155 و156)، وفي «الحدائق» (ج2 ص515)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص80)، وأبو يعلى في «المسند» (ج13 ص371)، ووكيع في «الزهد» (230)، والحدثاني في «الموطأ» (ص536)، وابن أبي عاصم في «السنة» (385)، و(386)، وأبو أحمد الحاكم في «عوالي مالك» (ص65 و66)، والفريابي في «القدر» (180)، والسراج في «المسند» (850)، و(851)، وابن منده في «التوحيد» (331)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص133) من طرق عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما به.
قلت: ومعناه: أن من لم يتفقه في الدين ما أراد الله تعالى به خيرا([10])، والله المستعان.
قال العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله في «العلم» (ص13): (فهذا يدل على فضل العلم، وأن من علامات الخير، والسعادة، ومن علامات التوفيق.
وأن الله تعالى إذا أراد بالعبد خيرا أن يفقهه في دينه، وأن يتبصر في ذلك، حتى يعرف الحق من الباطل، والهدى من الضلال، وحتى يعرف ربه بأسمائه وصفاته، وعظيم حقه، وحتى يعرف النهاية لأولياء الله ولأعدائه!).اهــ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى» (ج20 ص212): (وقد ثبت في الصحيح عن النبي ه أنه قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين»؛ ولازم ذلك أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خيرا؛ فيكون التفقه في الدين فرضا، والتفقه في الدين: معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها السمعية؛ فمن لم يعرف ذلك لم يكن متفقها في الدين). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص60): (في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ه يقول: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)؛ وهذا يدل على أن من لم يفقهه في دينه لم يرد به خيرا؛ كما أن من أراد به خيرا فقهه في دينه، ومن فقهه في دينه فقد أراد به خيرا إذا أريد بالفقه العلم المستلزم للعمل.
وأما إن أريد به مجرد العلم فلا يدل على أن من فقه في الدين فقد أريد به خيرا، فإن الفقه حينئذ يكون شرطا لإرادة الخير، وعلى الأول يكون موجبا). اهـ
قلت: فقد أراد الله تعالى بهم خيرا، وميزهم بالخيرية حين فقهوا في الدين.
وهذا من أكبر نعم الله علينا أن حفظ هذا الدين برجاله المخلصين، وهم العلماء العاملون الذين كانوا أعلاما يهتدى بهم، وأئمة يقتدى بهم، وأقطابا تدور عليهم معارف الأمة، وأنوارا تتجلى بهم غياهب الظلمة، فهم السياج المتين الذي حال بين الدين وأعدائه، والنور المبين الذي تستنير به الأمة عند اشتباه الحق وخفائه، وهم ورثة الأنبياء في أممهم، وأمناؤهم على دينهم، وهم شهداء الله في أرضه، فليس في الأمة كمثلهم ناصحا مخلصا، يعلمون أحكام الله، ويعظمون عباد الله، ويقودون الأمة لما فيه الخير والصلاح، فهم القادة حقا، وهم الزعماء المصلحون، وهم أهل الخشية ﱣﭐ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﲳ ﱢ [فاطر: 28]؛ لهذا وغيره كان على الأمة أن تعرف حقهم، وتدعوا لهم وتقوم بما يجب لهم، ومن ذلك نشر علمهم بين الأمة حتى يستفيد العام والخاص منه([11]).
قلت: فالحمد لله الذي خص أهل الفقه بمزيد الامتنان، وفضلهم على غيرهم في سائر الأزمان، لما وضحوا الفقه أعظم توضيح، وبينوه أفضل بيان.
قال الإمام الآجري رحمه الله في «أخلاق العلماء» (ص3): (فإن الله عز وجل، وتقدست أسماؤه، اختص من خلقه من أحب، فهداهم للإيمان، ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب، فتفضل عليهم، فعلمهم الكتاب والحكمة وفقههم في الدين، وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر المؤمنين، وذلك في كل زمان وأوان.
رفعهم بالعلم، وزينهم بالحلم، بهم يعرف الحلال من الحرام، والحق من الباطل، والضار من النافع، والحسن من القبيح.
فضلهم عظيم، وخطرهم جزيل، ورثة الأنبياء، وقرة عين الأولياء.
الحيتان في البحار لهم تستغفر، والملائكة بأجنحتها لهم تخضع، والعلماء في القيامة بعد الأنبياء تشفع، مجالسهم تفيد الحكمة، وبأعمالهم ينزجر أهل الغفلة.
هم أفضل من العباد، وأعلى درجة من الزهاد، حياتهم غنيمة، وموتهم مصيبة، يذكرون الغافل، ويعلمون الجاهل، لا يتوقع لهم بائقة، ولا يخاف منهم غائلة.
بحسن تأديبهم يتنازع المطيعون، وبجميل موعظتهم يرجع المقصرون.
جميع الخلق إلى علمهم محتاج، والصحيح على من خالف بقولهم محجاج.
الطاعة لهم من جميع الخلق واجبة، والمعصية لهم محرمة.
من أطاعهم رشد، ومن عصاهم عند.
ما ورد على إمام المسلمين من أمر اشتبه عليه، حتى وقف فيه فبقول العلماء يعمل، وعن رأيهم يصدر، وما ورد على أمراء المسلمين من حكم لا علم لهم به فبقولهم يعملون، وعن رأيهم يصدرون.
وما أشكل على قضاة المسلمين من حكم، فبقول العلماء يحكمون، وعليه يعولون، فهم سراج العباد، ومنار البلاد، وقوام الأمة، وينابيع الحكمة.
هم غيظ الشيطان، بهم تحيا قلوب أهل الحق، وتموت قلوب أهل الزيغ.
مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، إذا انطمست النجوم تحيروا، وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا).اهـ
قلت: ومن هؤلاء ولست أشك شيخنا، وأستاذنا، وقدوتنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وجعل الجنة مثواه، وجمعنا به مع من أنعم الله عليهم في جنات النعيم آمين ... آمين.
كان شيخنا فاضلا سنيا([12])، سلفيا([13]) أثريا([14])، صالحا قانعا مجتهدا، أصوليا متعففا ... ينال من المتكلمة والمبتدعة، وقد تعصبوا عليه لإظهاره مذهب أهل السنة، والأثر، والحديث.
وكان قوالا بالحق، داعيا إلى الأثر، والحديث، لا يخاف في الله لومة لائم.
قلت: ولم يدخل شيخنا أبدا في علم الكلام، ولا الجدال، ولا السياسة ولا خاض في ذلك، بل كان سلفيا أثريا قحا ... يأخذ عقيدته من المأثور عن الله جل شأنه في كتابه، أو في سنة نبيه ه، أو ما ثبت وصح عن السلف الصالح من الصحابة الكرام، والتابعين لهم الفخام ... حتى انتهى إليه علم التوحيد، والعقيدة، والحديث، والفقه بالدليل فرحمه الله رحمة واسعة([15]).
فإذا وجد الدليل من الكتاب والسنة أفتى بموجبهما، ولم يلتفت إلى ما خالفهما، ولا من خالفه كائنا من كان ... فقد شرحهما، وحل غريبهما، وقرب ألفاظهما، وأوضح مسائلهما بالدليل، وبيان ما يرجحه من مسائل الأحكام بالدليل.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله في «السير» (ج12 ص120): (هكذا كان أئمة السلف، لا يرون الدخول في الكلام، ولا الجدال، بل يستفرغون وسعهم في الكتاب والسنة، والتفقه فيهما، ويتبعون، ولا يتنطعون). اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في «تلبيس إبليس» (ص127): (كان الوعاظ في قديم الزمان علماء فقهاء ... ثم خست هذه الصناعة فتعرض لها الجهال فبعد عن الحضور، وعندهم المميزون من الناس، وتعلق بهم العوام والنساء!).اهـ
قلت: ولم يتعصب شيخنا لرجل بعينه من أئمة الإسلام ... ولم يقلد ويتعصب لمذهب من المذاهب ... بل كان قوالا بالسنة والأثر.
ولم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملا، ولا رأيا، ولا قول فلان، ولا مذهب فلان ... بموجب الدليل يحكم، ويرجح، ويناقش.
قلت: فجدد رحمه الله ما علق في الناس من تقليد، وتعصب، وبدع ... إلى القول بالدليل، والبرهان من الكتاب والسنة ... لأن الله تعالى تعهد بالعلماء الربانيين المجددين على فترات، يقومون بتجريد المتابعة للكتاب والسنة، وشحذ النفوس للتعليق بهما، والدعوة إليهما ...
وقد روى: أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ه قال: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (4291)، والحسن بن سفيان في «المسند» (ص7-التنبئة)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص522)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (364)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (6527)، والبيهقي في «معرفة السنن» (422)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص53)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص123)، وابن طولون في «الشذرة» (ج1 ص160)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص61)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص338)، وفي «تبيين كذب المفتري» (ص51 و52)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج12 ص412)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص45 و46)، والديلمي في «الفردوس» (ج1 ص148)، والبغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص179)، والهروي في «ذم الكلام» (1107)، وابن كثير في «مناقب الشافعي» (ص135) من طريق ابن وهب حدثني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة عن أبي هريرة رضي الله عنه به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج2 ص148)، والسخاوي في «المقاصد الحسنة» (ص203).
وقال ابن الديبع في «التمييز» (ص50): سنده صحيح؛ رجاله كلهم ثقات.
وقال ابن طولون في «الشذرة» (ج1 ص161): وسنده صحيح؛ رجاله كلهم ثقات.
وقال ابن حجر في «توالي التأنيس» (ص46): إسناده قوي.
وذكره العظيم آبادي في «عون المعبود» (ج4 ص182)، وابن كثير في «البداية والنهاية» (ج10 ص253)، والعجلوني في «كشف الخفاء» (ج1 ص282)، وابن الصلاح في «طبقات الشافعية» (ج1 ص375)، وابن حجر في «إتحاف المهرة» (20717)، والزركشي في «اللالئ المنثور» (ص184)، والمناوي في «فيض القدير» (ج2 ص282).
والحديث حسنه البغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص179).
وقد أشار الإمام أحمد رحمه الله إلى صحة الحديث.
فعن الإمام أحمد رحمه الله قال: (إن الله يقيض للناس في رأس كل مئة من يعلمهم السنن، وينفي عن رسول الله ه الكذب) ([16]).
وقال السيوطي في «التنبئة» (ص19): (اتفق الحفاظ على أنه حديث صحيح). اهـ
ورمز لصحته السيوطي أيضا في «الجامع الصغير» (ص115).
وقال السيوطي رحمه الله في «مرقاة الصعود» (ج4 ص440): (هذا الحديث اتفق الحفاظ على تصحيحه؛ منهم: الحاكم في «المستدرك»، والبيهقي في «المدخل»، وممن نص على صحته من المتأخرين الحافظ أبو الفضل العراقي، والحافظ أبو الفضل ابن حجر، وقد لهج المتقدمون بذكر هذا الحديث). اهـ
وابن وهب: أخرجه في كتاب «الرجال» له (ج1 ص123-الكامل).
وهذا الحديث لا يرويه غير ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب.
قلت: ومعنى الحديث: يقيض الله تعالى لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة هجرية في آخرها على وجه التقريب من يحيي ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة، والأمر بمقتضاهما.
ويجدد لهذه الأمة دينها، وينفي الكذب عن رسول الله ه، ويحيي الأحاديث الصحيحة، ويحذر من الأحاديث الضعيفة.
ويعرف المجدد بغلبة الظن بقرائن أحواله، والانتفاع بعلمه، وأخلص دينه لله تعالى وتوحيده، وجعلت السنة علامة عليه، ومن الله عليه فأظهر السنة وأعز أهلها، وحارب البدعة وأذل أهلها، وكثر العلم، ووقر أهله([17]).
وقصد قصد الحق فيما تكلف، واجتهد على قدر استطاعته في أداء ما كلف في الدين، واشتغل بالحديث وفقهه، وصنف من الكتب على طريقة السنة في الأصول والفروع بأبين بيان، وأفصح لسان، وهذا هو العالم المجدد في كل زمان سواء كان صغيرا أو كبيرا في السن، ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية بأدلة الكتاب والسنة والآثار([18]).
قلت: ومن لا يكون كذلك لا يكون مجددا البتة، وإن كان عالما بالعلوم الشرعية؛ مشهورا بين الأمة مرجعا لها([19]).
وإن وصل بزعمهم إلى مرتبة الاجتهاد، واشتهر غاية الاشتهار؛ لأنه ما دام كذلك، فلابد أن يمارس التمييع في الدين على حسب الهوى([20])، وهذا صاحب هوى الذي لا يكون مجددا البتة.
قال العلامة القاري رحمه الله في «مرقاة المفاتيح» (ج1 ص507): (قوله ه: (إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة)؛ أي: أمة الإجابة، ويحتمل أمة الدعوة (على رأس كل مائة سنة)؛ أي: انتهائه أو ابتدائه إذا قل العلم والسنة، وكثر الجهل والبدعة؛ «من يجدد»: مفعول يبعث «لها»؛ أي: لهذه الأمة «دينها»؛ أي: يبين السنة من البدعة ويكثر العلم، ويعز أهله، ويقمع البدعة، ويكسر أهلها). اهـ
قلت: فالله تعالى يقيض في كل زمان من يعلم الناس دينهم، وينصر السنة وأهلها، ويقمع البدعة وأهلها، اللهم سدد سدد.
قال العلامة المناوي رحمه الله في «فيض القدير» (ج10 ص6341): (قوله ه: «إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة»؛ أي: يقيض لها «على رأس كل مئة سنة» من الهجرة، أو غيرها على ما سبق تقريره، والمراد: الرأس تقريبا «من»؛ أي: رجلا أو أكثر «يجدد لها دينها»؛ أي: يبين السنة من البدعة، ويكثر العلم، وينصر أهله، ويكسر أهل البدعة، ويذلهم قالوا: ولا يكون إلا عالما بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في «النهاية في الفتن» (ج1 ص24): (وقد ادعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر، والله أعلم، أنه يعم حملة العلم العاملين به من كل طائفة، ممن عمله مأخوذ عن الشارع، أو ممن هو موافق من كل طائفة وكل صنف من أصناف العلماء، من مفسرين، ومحدثين، وقراء، وفقهاء، ونحاة، ولغويين، إلى غير ذلك من أصناف العلوم النافعة). اهـ
وقال الحافظ النووي رحمه الله في «المنهاج» (ج13 ص66): (ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين منهم: شجعان مقاتلون، ومنهم: فقهاء، ومنهم: محدثون، ومنهم: زهاد وآمرون بالمعروف، وناهون عن المنكر، ومنهم: أهل أنواع أخرى من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض). اهـ
قلت: فالمجدد لابد أن يكون عالما بصيرا بالإسلام وداعية رشيدا، يبصر الناس بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله الثابتة([21])، ويجنبهم البدع، ويحذرهم محدثات الأمور، ويردهم عن انحرافهم إلى الصراط المستقيم، كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ه ([22]).
قال الحافظ السيوطي رحمه الله في «التنبئة» (ص74): (بأنه في رأس كل مئة يبعث ربنا لهذه الأمة منا عليها عالما يجدد دين الهدى؛ لأنه مجتهد). اهـ
قلت: والبعث: هو الإرسال ... ورأس كل شيء آخره([23]).
قال العلامة العظيم آبادي رحمه الله في «عون المعبود» (ج4 ص178): (اعلم أن المراد من رأس المائة في هذا الحديث آخرها). اهـ
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» (ج1 ص212): (أي: عند انتهاء مائة سنة). اهـ
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: (ما كان منذ كانت الدنيا رأس مائة سنة، إلا كان عند رأس المائة أمر) ([24]).
قلت: فلابد عند رأس كل مائة سنة من محنة شديدة فيقرنها الله تعالى بمحنة عظيمة، وهو الذي يبعثه لتجديد الدين وإحيائه رحمه منه بعباده، وجبرا لما حصل من الوهن لتلك المحنة، وهذا مشاهد في الواقع([25]).
قلت: واعلم أنه لا يلزم أن يكون على رأس كل مئة سنة مجدد واحد فقط، بل يمكن أن يكون أكثر من واحد، فيجدد كل واحـد في بلـد، أو مدينـة
في فن أو فنون من العلوم الشرعية([26]).
قال السهارنفوي رحمه الله في «بذل المجهود» (ج17 ص202): (والأظهر عندي أن المراد بمن يجدد ليس شخصا واحدا، بل المراد به جماعة يجدد كل واحد في بلد؛ في فن أو فنون من العلوم الشرعية) ([27]). اهـ
وقال الشيخ حمود التويجري رحمه الله في «إتحاف الجماعة» (ج1 ص276): (وأما قصر الحديث على أشخاص معدودين، في كل مائة سنة واحد منهم؛ فهو بعيد جدا، والحديث لا يدل على ذلك؛ لأن لفظة (من) يراد بها الواحد، ويراد بها الجماعة، وعلى هذا فحمل الحديث على الجماعة القائمين بنشر العلم، وتجديد الدين أولى من حمله على واحد بعد واحد منهم ... والتجديد يكون في جماعة من أهل العلم، ولا ينحصر في واحد بعد واحد منهم). اهـ
قلت: لذلك لابد أن يكون المجدد من أهل الأثر، والسنة السالم من الأهواء المضلة، سائرا في الدين على منهج الرسول ه، وأصحابه الكرام؛ أي: متبعا في تجديده لمفاهيم الناس ما كان عليه النبي ه، وصحبه رضي الله عنهم في القول والعمل.
قال سفيان بن عيينة رحمه الله: «بلغني أنه يخرج في كل مائة سنة بعد موت رسول الله ه رجل من العلماء يقوي الله به الدين» ([28]).
قلت: وشيخنا ابن عثيمين رحمه الله عندي منهم.
ولهذا لا يجوز أن يعد مجددا من هو من أصحاب الجماعات الحزبية؛ كـــ«الرافضة»، و«الإباضية»، و«الصوفية»، و«الأشعرية»، و«الإخوانية»، و«السرورية»، و«القطبية»، و«التراثية»، و«الربيعية»، و«المميعة»، و«الداعشية»، و«التبيليغية»([29])، وغيرهم.
قلت: والذي يحاول تجديد بلا منهج، فلابد أن يقع في فوضى فكرية بدعية، لأن تجديد الحق له ضوابطه، ومنهجه الواضح([30]).
قلت: ونحن لا نشك أن شيخنا أبا عبد الله الأثري السلفي هو أحد هؤلاء المجددين في الدين.
لقد كان عصره رحمه الله كما هو مشاهد يمور بالفساد ... والعقائد الفاسدة ... وظهور الشرك ... والتقليد والتعصب الأعمى للأحزاب، والمذاهب، والجماعات ... وما رافقه من تمزق المسلمين، وضعف شوكتهم، وطمع العدو بهم ...
قلت: كل هذا فرض على شيخنا أن يحمل لواء التجديد لمفاهيم الناس للدين في العقيدة والتوحيد، والفقه والمنهج ... فكان مجددا في هذا العصر تناول بالإصلاح والتجديد لهذه الأوضاع كلها ...
والمعاصرة أهل الفكر حملوا عليه منهم على المنافرة لتمسكه بالدليل ... ونسبوا إليه ما لم يقل به، ولم ينظروا إلى تصانيفه، ولا فهموا كلامه ... فالله المستعان.
ما الفخر إلا لأهل العلم أنهموا |
|
على الهدى لمن استهدى أدلاء |
وقدر كل امـرئ ما كـان يحسنـه |
|
والجاهلـون لأهـل العلم أعـداء |
قلت: وأصحابه وأعداؤه خاضعون لعلمه وفقهه، معترفون بذكائه، مقرون بسرعة فهمه وبندور أخطائه ... وخطؤه أيضا مغفور له لاجتهاده.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا،
ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا...
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله،
وصحبه أجمعين،وآخر دعوانا أن
الحمد الله رب العالمين
الفهرسة
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة....................................... |
5 |
2) |
إذا بعد الناس من الكتاب، والسنة؛ حدثت البدع.......................................... |
5 |
3) |
في آخر الزمان يقل العلم ويكثر الجهل.......... |
5 |
4) |
لا تزال طائفة على الحق....................... |
6 |
5) |
لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة............. |
7 |
6) |
العلامة ابن عثيمين رحمه الله من المجددين في الأصول والفروع.............................. |
9 |
7) |
يجب اتباع الرسول ه....................... |
10 |
8) |
حفظ الله للقرآن الكريم........................ |
12 |
9) |
السنة النبوية تعتبر المصدر الثاني في التشريع الإسلامي...................................... |
13 |
10) |
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.............. |
16 |
|
الفهرسة |
|
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
11) |
فضل العلماء والعلم........................... |
21 |
12) |
يقيض الله للناس في رأس كل مائة سنة من يجدد دينهم.......................................... |
26 |
13) |
المجدد لابد أن يكون من أهل العلم........... |
30 |
14) |
المجدد لابد أن يكون عالما بالكتاب والسنة، بصيرا بالإسلام، وداعية رشيدا................. |
33 |
15) |
لا يلزم أن يكون على رأس كل مئة سنة مجدد واحد، بل يمكن أن يكون أكثر من واحد........ |
35 |
16) |
لا يكون المبتدع مجددا في الدين............... |
37 |
([1]) وفي زماننا منح لقب التجديد لكل جاهل مدع يظهر على الناس بآراء شاذة، وأقوال باطلة، وهذه مغالطة وتضليل للناس.
إنما المجدد في الحقيقة هو: العالم بشرع الله تعالى؛ المستقيم على سنة رسول الله ه الذي يرد الناس إلى الهدى.
أخرجه أبو داود في «سننه» (4291)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص522)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (364)، والبيهقي في «معرفة السنن» (422)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص61)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص338)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (6527).
وإسناده صحيح.
أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص89 و90)، والأبهري في «حديثه» (ص33)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص49 و50)، والشجري في «الأمالي الخمسية» (ج1 ص66)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ق/1150/ط)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص11)؛ وروي من وجوه عن كميل بن زياد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص50): هذا الحديث من أحسن الأحاديث معنى , وأشرفها لفظا.
وقال ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص112): وهو حديث مشهور عند أهل العلم يستغنى عن الإسناد لشهرته عندهم.
وقال ابن القيم في «مفتاح دار السعادة» (ج1 ص114): والحديث مشهور عن عليرضي الله عنه.
وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (ج9 ص47): وله الأثر المشهور عن علي بن أبي طالب الذي أوله ... وهو طويل، قد رواه جماعة من الحفاظ الثقات، وفيه مواعظ وكلام حسن، رضي الله عن قائله.
([5]) وكذلك علم الجرح والتعديل مالم يعرف عند أمة أخرى، وهو ممثل في علماء الحديث، وجهابذته، وأئمته النقاد.
([11]) وانظر: «رفع الملام عن الأئمة الأعلام» لابن تيمية (ص11)، و«الفتاوى» له (ج11 ص43)، و«العلم» للشيخ ابن باز (ص5 و6)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج1 ص7)، و«جامع البيان» للطبري (ج3 ص327)، و«العلم» لشيخنا ابن عثيمين (ص20).
أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص97)، والهروي في «ذم الكلام» (ج6 ص54)، وابن طولون في «الشذرة» (ج1 ص161)، وابن عبد البر في «الانتقاء» (ص75)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج2 ص62)، والبيهقي في «معرفة السنن» (ج1 ص208)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص55)، وابن حجر في «توالي التأنيس» (ص47)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج51 ص338 و339)، وفي «تبيين كذب المفتري» (ص52) من طرق عن الإمام أحمد رحمه الله به.
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في «السير» (ج10 ص46) ثم قال: من طرق عنه.
وأورده ابن كثير في «مناقب الشافعي» (ص137)، والسيوطي في «مرقاة الصعود» (ج4 ص442).
([17]) قلت: وهذا البحث يعطينا الأمل من بعد الله تعالى؛ بالعزة بالله تعالى، والتمسك بشرعه، ودينه، وسنة نبيه ه، والاقتداء بعلماء السنة، وعلى الله تعالى قصد السبيل، وهو الموفق لما يحب ويرضى.
([18]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج10 ص46)، و«فيض القدير» للمناوي (ج2 ص281 و282)، و«التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة» للسيوطي (ص74)، و«توالي التأنيس» لابن حجر (ص47)، و«طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي (ج1 ص105)، و«مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص79)، و«عون المعبود» للعظيم آبادي (ج4 ص178)، و«جامع الأصول» لابن الأثير (ج11 ص320)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص507)، و«معرفة السنن» للبيهقي (ج1 ص209).
([19]) قلت: ولا يلزم أن يكون العالم في مطلق الاجتهاد والعلم، بل يكون من أهل العلم، ويشتهر به، وبتعليمه للأمة ويبين السنة من البدعة، والحق من الباطل، وينشر العلم، وينصر أهله بالحجة الشرعية، هذا هو المجدد في كل زمان، فافهم لهذا ترشد.
([20]) فلا يدخل المبتدع في التجديد، وهذا الذي وقع في البدعة، ودعا إليها، وروجها في الأمة، فافطن لهذا.
([21]) قلت: فالمجدد ينتسب إلى الإسلام، وهو انتساب علم، واتباع، لا انتساب ادعاء ... فلابد أن يكون ذا صلابة وقوة، جريئا في بيان الحق حريصا بدعوته.
([22]) انظر: «فتاوى اللجنة الدائمة» (ج2 ص169).
قلت: ولابد على المجدد أن يفهم الإسلام الفهم الصحيح ... ويحرص الحرص الشديد على المحافظة على أصول الدين وفروعه ... وعدم تمييعه بأمر من أمور الدين.
([23]) انظر: «فيض القدير» للمناوي (ج1 ص10)، و«التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة» للسيوطي (ص74)، و«الشذرة في الأحاديث المشتهرة» لابن طولون (ج1 ص161).
قلت: فالمجدد يشغل وقته لخدمة الأمة ... ولابد أن يتحلى بحسن الخلق حقيقة، والله المستعان.
أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج9 ص346)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج47 ص505).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج10 ص384)، وفي «التنبئة» (ص68).
([25]) وانظر: «مرقاة الصعود» للسيوطي (ج4 ص452).
قلت: فإذا وقعت فتنة جبرها الله تعالى بمن يجدد الدين، هو وطلبته في البلد، وفي الأثر: «إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أوليائه يذب عن دينه».
([26]) وانظر: «بذل المجهود» للسهارنفوري (ج17 ص202)، و«فتاوى اللجنة الدائمة» (ج2 ص169)؛ بالمملكة العربية السعودية، و«ابن القيم الجوزية حياته وآثاره» للشيخ بكر بن عبد الله (ص3)، و«جامع الأصول» لابن الأثير (ج11 ص321)، و«فيض القدير» للمناوي (ج1 ص10 و11)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج4 ص449).
([27]) ولابد أن يتحلى به المجدد: الدقة في ذكر العلم بأدلة الكتاب، والسنة، والآثار سواء عن طريق التأليف، أو التدريس.