القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / قمع الضلالة التي اعتقدها عبيد بن عبدالله الجابري في المنهج؛ بقوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط الرسالة

2023-12-04

صورة 1
قمع الضلالة التي اعتقدها عبيد بن عبدالله الجابري في المنهج؛ بقوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط الرسالة

                     سلسلة

النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية

14

                                                                               

قمع الضلالة

التي

اعتقدها عبيد بن عبدالله الجابري

في المنهج؛ بقوله: أن النبي r أسقط الرسالة

ويليه:

فتاوى كبار العلماء، أن النبي r في: «صلح الحديبية»، لم يتنازل عن أصول الدين، بل النبي r ضرب الصلح مع المشركين للمصلحة العامة، ولم يتنازل عن شيء من الدين، مع إيمانه r بالرسالة جملة وتفصيلا

وهم: العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، والعلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والعلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان، والعلامة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، والعلامة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل

 

بقلم:

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

جهاد

أهل السنة، مع أهل البدع

 

قال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص18): (لا يزالون يعني: أهل السنة- في جهاد، ونزاع، ومدافعة، وقراع: آناء الليل، والنهار، وبذلك يضاعف الله لهم الأجر الجزيل، ويثيبهم الثواب العظيم).اهـ

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

عبيد الجابري

اسكت لا شيخ لك في العلم

قال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علمٌ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا[ [الإسراء:36].

 

اعلم رحمك الله أن من أعظم البلية على شباب الأمة، هم: الذين تعلموا من الكتب.

* وعلماء القيروان؛ ردوا: كلام أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي، لما كتب إليهم؛ فأجابوه: (اسكت لا شيخ لك). ([1])

وأحمد بن نصر الداودي؛ لم يعرف أنه حمل العلم عن أحد من المشايخ. ([2])

وعد القاضي عياض / في «ترتيب المدارك» (ج7 ص103)؛ ذلك عيبا، وغمزا في العلم، حيث قال: (فأجابوه: اسكت لا شيخ لك: أرى لأن درسه كان وحده، ولم يتفقه في أكثر علمه عند إمام مشهور، وإنما وصل إلى ما وصل بإدراكه، ويشيرون أنه لو كان له شيخ يفقهه حقيقة الفقه، لعلم أن بقاءهم مع من هناك من عامة المسلمين تثبيت لهم على الإسلام، وبقية صالحة للإيمان).اهـ

وقال ابن فرحون الفقيه / في «الديباج المذهب» (ص35): (أحمد بن نصر الداودي أبو جعفر:... وكان درسه وحده، لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور، وإنما وصل بإدراكه).اهـ

قلت: والذي يمكن تقريره هنا: أن الداودي /؛ استعان في شروحه لعدد من الكتب، بكتب كثيرة في: الحديث، والفقه، والتفسير، واللغة، وغير ذلك.

وقال الإمام أحمد /؛ حيث قال له المعتصم: (كلم ابن أبي دؤاد، فأعرض بوجهه، وقال: كيف أكلم من لم أره على باب عالم قط). ([3])

قلت: فمن أخذ العلم من بطون الكتب؛ ضيع أحكام الأصول، وأحكام الفروع، ولا بد. ([4])

وعن الإمام يحيى بن سعيد القطان / قال؛ عن أهل التعالم: (لأنهم يكتبون عن كل من يلقون، لا تمييز لهم فيه). ([5])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1135): (واعلم أن طلب العلم في زماننا هذا، وفي بلدنا، قد حاد أهله عن طريق سلفهم، وسلكوا في ذلك ما لم يعرفه أئمتهم، وابتدعوا في ذلك ما بان به جهلهم، وتقصيرهم عن مراتب العلماء قبلهم.

* فطائفة: منهم تروي الحديث وتسمعه، قد رضيت بالدءوب في جمع ما لا تفهم، وقنعت بالجهل في حمل ما لا تعلم، فجمعوا الغث والسمين، والصحيح والسقيم، والحق والكذب في كتاب واحد، وربما في ورقة واحدة، ويدينون بالشيء وضده، ولا يعرفون ما في ذلك عليهم، قد شغلوا أنفسهم بالاستكثار، عن التدبر والاعتبار، فألسنتهم تروي العلم، وقلوبهم قد خلت من الفهم).اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج7 ص167): (فليس طلب الحديث اليوم على الوضع المتعارف من حيز طلب العلم، بل اصطلاح، وطلب أسانيد عالية، وأخذ عن شيخ لا يعي). اهـ

وعن الإمام عبد الرحمن بن مهدي /: (إن العالم إذا لم يعرف الصحيح، والسقيم من الحديث؛ لا يسمى عالما). ([6])

وعن عبد الله بن سليمان قال: (كان بكر بن خنيس؛ إذا حدث يقول: اكتبوا في أواخر كتبكم، إنما يتقبل الله من المتقين). ([7])

وعن ابن وهب قال: قال مالك بن أنس /: (كان رسول الله r إمام المسلمين، يسأل عن الشيء، فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء). ([8])

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

    

رب يسر

المقدمة

 

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم.

ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.

أما بعد:

وإن ممن اتخذوا طريق الغي سبيلا، ودأبوا على رفض الحق، وظلم أهله: «عبيد الجابري»، حتى وقع في الفخ الذي نصبه لأهل السنة، وقد وقع في أصول أهل البدع، بل أصبح من أسوئهم([9])، وصاحب مشكلات، إن سلم المسلمون البقية من شرها، فهم بخير، بل وافق الحزبية من: «الإخوانية»، و«القطبية»، و«السرورية»، و«التراثية»، وغيرهم من وجوه شتى، وقد جاء له أشياعه بأخطائه([10]) في هذه الأيام([11]) من وجوه عدة، فجر نفسه ومن معه إلى الفتن المشوشة في الدين.

قلت: ولو فتحنا هذا الباب في الدين، لأدى ذلك إلى الفرقة والاختلاف، والفوضى العلمية، والتفلت من قيود الشريعة بدعوى الاجتهاد بدون أصول وقواعد العلم. ([12])

قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «المنتقى» (ج2 ص23): (الفتنة إنما حدثت، وتحدث بين شباب المسلمين بسبب الإصغاء إلى الأفكار الوافدة المشبوهة، والإعراض عن المنهج الصحيح).اهـ

* فأيها القارئ الكريم الأحداث التاريخية التي لها آثار كبيرة سيئة في افتراق الأمة كثيرة، وللأسف الشديد يهتم كثير من الكتاب في هذه الأيام إلى ترديدها ونشرها من غير تمحيص، ولا تدقيق، ولا بحث، ولا سؤال، بل من غير الرجوع فيها إلى أهل العلم الموثوق بعلمهم.

قلت: وهذا الصنيع المشين له آثاره السيئة الكبيرة في تأصيل الافتراق، وإذكاء العداوة واستمرارها، ونجد من ضمن هؤلاء الكتاب من يرفع صوته داعيا لتوحيد الكلمة بين المسلمين([13])، وضرورة وقوفهم صفا واحدا أمام الكفار، وهو: «بأفعاله يناقض أقواله»، فترى: «أقواله في الظاهر سلفية»، و«أفعاله مرجئية» ([14])، أو: «أقواله في الظاهر سنية»، و«أفعاله إخوانية»، أو: «أقواله في الظاهر علمية»، و«أفعاله خارجية»، أو: «أقواله في الظاهر حديثية»، و«أفعاله صوفية»، وهكذا، والله المستعان.

قال تعالى: ]فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون[ [المؤمنون: 53].

وقال تعالى: ]إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[ [الأنعام: 159].

قال الحافظ البغوي / في «شرح السنة» (ج1 ص210): (هم أهل البدع والأهواء). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج1 ص113): (الفرقة من أخس أوصاف المبتدعة).اهـ

قلت: فربيع المدخلي، وقع في هذه الفرقة الخبيثة، ففرق الشباب المسكين الذين يركضون خلفه بدون عقل: حيث فرقهم في «أمريكا»، و«إبريطانيا»، و«أوروبا»، و«ليبيا»، و«اليمن»، و«الجزائر»، و«المغرب»، و«الخليج»، و«بلد الحرمين»، وغير ذلك.

* كل ذلك ليحمي نفسه الأمارة بالسوء من أن يقال له أنك أخطأت في الدين، بل سرى هذا الخلاف فيه، وفي شيعته في كل فترة من الزمن.

فتراهم أبدا في تنازع، وتباغض، واختلاف، انقضت أعمارهم، ولم تتفق الآن كلماتهم في دعوتهم الفاشلة: ]تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قومٌ لا يعقلون[ [الحشر:14].

قلت: فلوا كانوا يعقلون؛ لعملوا على اجتثاث الخلافيات من أصولها، وتابوا، وتوحدوا مع أهل السنة والجماعة، وتركوا ضلالات: «ربيع المدخلي»، ولم يقروا الخلافيات التي أحدثها بين شباب الأمة، ففرق جمعهم، وشتت شملهم، لينال مرامه في الشباب المسكين، فيقفون معه في ضلالاته، وينصرونه بجهل منهم بمقاصد الشرع، وعدم إحاطتهم بعلوم هذا الدين.

قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].

وقال تعالى: ]إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون[ [هود: 34].

قال الإمام ابن القيم / في «بدائع الفوائد» (ج2 ص435): (فإن كل مغضوب عليه ضالٌ، وكل ضال مغضوب عليه).اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «بدائع الفوائد» (ج2 ص168): (كل صاحب بدعة تجده محجوبا عن فهم القرآن).اهـ

*وللعلم فأتباع منهج السلف؛ كلما رأوا تفرق الناس إلى فرق شتى، وكلما رأوا كثرة أتباع المناهج المخالفة؛ ازدادوا ثباتا، ورسوخا، واقتناعا بصواب منهج الله تعالى، ورسوله r، والسلف الصالح الخالص الصافي، ويعلمون أن الإسلام في غربة الآن كما كان في غربة في بدايته، ويعلمون أن القابض على دينه الآن كالقابض على الجمر؛ لقلة أهل الحق، وكثرة أهل الباطل، وظلم أهل الباطل لأهل الحق القليلين، وكل هذا من وحي أحاديث رسول الله r.

قلت: وهذا لا يحملهم على اليأس، والقنوط، والقعود عن واجبهم في البلاغ والدعوة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، بل يؤدون الذي عليهم تقربا إلى الله تعالى، ومعذرة إليه.

قال تعالى: ]والعصر (1) إن الإنسان لفي خسر (2) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر[ [العصر:1 - 3].

قلت: وفي هذه الآية دليل على كثرة الخاسرين، والهالكين، وقلة الناجين.

والجهل العظيم الفرح بالكثرة، وهو الاستدلال بالكثرة على عيب السلفيين بالقلة، وهذا فيه خلط الحق بالباطل، وكشف عن جهل عميق بمنهج السلف الصالح.

قلت: وما كانت كثرة الأتباع دليلا على خير، ولا قلة الأتباع دليلا على شر؛ لا في الشرع، ولا في الواقع:

* أما الشرع:

فقد قال الله تعالى: ]وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين[ [يوسف:103].

وقال تعالى: ]وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله[ [الأنعام:116].

وقال تعالى: ]وما آمن معه إلا قليلٌ[ [هود:40].

* وأما الواقع:

فهاهم أهل ملل الكفر أضعاف ملة الإسلام، بل النصارى ضعف المسلمين.

فهذا هو معيار المخذولين، والمخدوعين، والمغرورين في كثرة أتباع الجماعات الإسلامية. ([15])

* أيها الأخوة الكرام: لما كان الأمر كذلك، كانت مسألة العقيدة، والاعتصام بها، وسلوك منهج السلف الصالح([16])، ليست مسألة اجتهادية يأخذ بها من شاء، ويتركها من شاء، أو يأخذ بها من شاء، ويتركها من شاء، وإنما هي مسألة عقيدة توجه حياة العبد في هذه الدنيا، وتحدد موقفه يوم القيامة حينما يقدم على ربه تعالى.

قلت: ولو تفكر أولئك بخطر الانحراف عن: «العقيدة السلفية» الصحيحة، لسهل عليهم الانقياد إليها، وهان عليهم الرجوع عن الباطل والانحراف.

قال العلامة الشيخ المعلمي رحمه في «ما لا يسع المسلم جهله» (ص31): (وإنما المشروع أن يجاهد نفسه، ويصرفها عن الشبهات والوساوس، مستعينا بطاعة الله تعالى، والوقوف عند حدوده، مبتهلا إليه عز وجل أن يثبت قلبه بما شاء سبحانه، فهذا إنما يحمل على اتباع الشرع والاهتداء بهداه). اهـ

قلت: وليس هذا الانحراف في أوساط الجهال من المسلمين فقط، بل يقع فيه كثير من المنتسبين إلى العلم ([17])، ولا سيما المنخرطين في سلك التحزب، وما أكثرهم في بلدان المسلمين.

* وقد أخبر النبي r أن أمته ستفترق على ثلاثة وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، ثم بين r أن هذه الواحدة هي الجماعة، وأنها من كان على مثل ما عليه هو r وأصحابه y.

فعن عبد الله بن عمرو t، قال: قال رسول الله r: (إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملةٌ، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).

حديثٌ حسنٌ

أخرجه الترمذي في «سننه» (ج5 ص26)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص128)، وابن وضاح في «البدع» (ص92)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص100)، والآجري في «الشريعة» (ص15)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص369).

بأسانيد حسنة.

* والمتتبع لأصول الفرق جميعا يجدهم ينقسمون إلى أقسام.

فالفرقة الناجية: هم المتبعون للرسول r، وصحابته الكرام على منهج الحق ظاهرا وباطنا.

والفرق الهالكة الأخرى: هم المخالفون لذلك، المعترضون على منهج الحق، وهؤلاء المعترضون طوائف، منها: الذين يعترضون بالشبة الواهية الباطلة في الأصول؛ فاشتبهت عليهم في حكم الله تعالى وأمره، وحكم الرسول r وشرعه، ومنها: الذين يعترضون بعقولهم، وآرائهم، وأقيستهم، وأرادوا بذلك أن يقيسوا بها دين الله تعالى، ومنها: الذين يعترضون بعقولهم على حقيقة الإيمان وهم: «المرجئة»، ويخرجون الأعمال منه، وقد يصل ببعضهم الأمر إلى أن من ترك الأعمال بالكلية؛ فهو عندهم مؤمن ناقص الإيمان، ومنها: الذين يعترضون([18]) على شرع الله تعالى، وأمره بالسياسات الجائرة، التي يقدمونها على حكم الله تعالى، وعلى حكم رسوله r، فقدموا أوهامهم وضلالهم على الشرع، فتوهموا التعارض بين الشرع وبين سياساتهم، فقدموها على شرع الله تعالى، ورسوله r.

قلت: وللعلم «فالمرجئة» قد نبغت من قديم الزمان، وهي موجودة إلى الآن جعلوا لهم منهجا عقليا إرجائيا، وهذا المنهج الإرجائي؛ كان يسمى قديما: «الإرجاء»، وأصحابه: «المرجئة»، ويلتزم به الآن: «ربيع المرجيء، وشيعته المرجئة»، والإرجاء من البدع الهالكة، بل هو الشر المستطير.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص136): (أصل كل شر، يعود إلى البدع). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الإفادات والإنشادات» (ص178): (فإن البدع في الدين هلاك، وهي في الدين أعظم من السم في الأبدان). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج5 ص90): (لأهل البدع علامات؛ منها: أنهم يتعصبون لآرائهم، فلا يرجعون إلى الحق، وإن تبين لهم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص213): (القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن). اهـ

* ولقد لمس أهل العلم لمس اليد مدى خطورة «المرجئة» في جزيرة العرب، ولاسيما خارجها، لأنها تعمل على تهميش منهج السلف في مسائل الإيمان، والانصراف عنها إلى مسائل أخرى إرجائية، بأساليب ملتوية وحذرة، تحت شعارات ومقالات جذابة خبيثة، تجذب الشباب بعيدا عن أساسيات دينهم، لمحاربة أهل السنة والجماعة، ومصالحة أهل البدع، لتنفيذ مآربهم ومصالحهم. ([19])

قلت: إن الأفكار السامة واضحة في أذهانهم، والأفكار السليمة غير واضحة في عقولهم.

لذلك: شقوا بانحرافهم، وشقوا بطغيانهم، وشقوا بجهلهم، وشقوا بتجاوزهم الحدود، وشقوا بإساءتهم للناس، وشقوا ببعدهم عن الله تعالى.

قلت: وهذه من أسباب الشقاء، والعلة، وعلة العلل الجهل، فأعدى أعداء المرء الجهل في الدين.

* ومن دواعي الاهتمام بهذا الجانب من: «الإرجاء»، في شتى أماكن: «المرجئيين»، أضف إلى ذلك: «الفرقة الربيعية» اعتمادهم عقيدة: «ربيع المدخلي» في الإرجاء، في حين يظن كثير من: «الربيعيين» أن عقيدة: «الإرجاء» لا وجود لها إلا أثرا من الآثار في بطون الكتب القديمة.

* وللعلم؛ فقد اطلع أهل العلم على: «كتب المدخلي» التي صدرت منه في بلد الحرمين وخارجها، والتي جدد فيها: «المدخلي» دعوة المسلمين ليتمسكوا بعقيدة: «المرجئة» في مسائل الإيمان، تحت مسمى العقيدة السلفية!. ([20])

* وهذه العقائد المنحرفة؛ إذا أردنا دحرها؛ فليس ثم من سبيل أفضل من إحياء آثار سلفنا الصالح ([21]) في الأصول، ومن حرم الأصول حرم الوصول.

قال تعالى: ]ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون (116) متاعٌ قليلٌ ولهم عذابٌ أليمٌ[ [النحل:116 - 117].

قلت: غير خاف سبب تكرارهم بـ «التنازل عن الأصول»، وذلك ليظهروا التسامح، والمرونة مع المخالفين لمنهج السلف وطريقتهم، ولتتسع الدائرة وتنداح حرصا على الكم دون الكيف، أسوة بجماعات سبقتهم في الظهور والتجربة، كما صرح: «ربيع المدخلي» بهذا المنهج الخبيث.

قلت: وقد طبق: «ربيع المدخلي» ([22]) في جماعته هذا الفكر من سنوات طويلة، فجمع الذين خرجوا من الجماعات الحزبية، من: «الإخوانية»، و«السرورية»، و«القطبية»، و«التراثية»، و«الثورية»، و«اليمنية»، وغيرهم، على أنهم من السلفيين!، مجرد أنهم انظموا في جماعته.

فماذا حصل بعد ذلك، فدبت فيهم الخلافيات مع مر الزمان في البلدان، حتى وصل بهم الخلاف، إلى تبديع بعضهم بعضا، وتضليل بعضهم بعضا.

قلت: فشتت الله شملهم في كل مكان، وذلك بسبب اجتماعهم على أكبر المنكرات من الإرجاء، وغيره.

وهذه المنكرات من البدع المهلكة، لأن البدع تفرق الناس، والسنن تجمعهم.

قال تعالى: ]لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون[ [المائدة:78 - 79].

وقال تعالى: ]قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل[ [المائدة:77].

وقال تعالى: ]فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون[ [المائدة:14].

وقال تعالى: ]بأسهم بينهم شديدٌ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قومٌ لا يعقلون[ [الحشر:14].

وقال تعالى: ]وإن تولوا فإنما هم في شقاق[ [البقرة:137].

وقال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة:176].

قلت: وقد سمعنا من بعض المنتسبين لدعوتهم أنهم يودون إلغاء في الردود ذكر الأسماء والتسميات، ويدرجون ضمنها الردود الصفراء بحجة تأليف القلوب، وتكثير سواد السلفيين في الجماعات الإسلامية، والانخراط فيها، والاشتراك معهم في إلقاء الدروس، والمحاضرات، والخطب، لأنهم أصبحوا بزعمهم كـ «الشعرة البيضاء في الثور الأسود»!. ([23])([24])

* فنقول لهؤلاء هل رسم منهج السلفية: «فلان»، و«علان»؛ لكي نقول هذا الكلام، كلا، بل إنما رسم منهج السلفية أهل الحديث، وفق الكتاب والسنة، بتفسير: الرعيل الأول، وتطبيق أهل القرون المفضلة من جيل الصحابة، والتابعين، وأتباع التابعين بإحسان، وتبعهم على ذلك التابعون بإحسان، فأصبح محجة بيضاء، وسبيلا لا حبا؛ يستوي ليله ونهاره([25])، لا يزيغ عنه إلا هالك، ولا يرغب عنه إلا مخذول قد توعده: الله بقوله: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].

قلت: فمن الحيف والطغيان في الميزان أن تقرن الدعوة السلفية مع الشعارات المحدثة المبتدعة.

قال تعالى: ]والسماء رفعها ووضع الميزان (7) ألا تطغوا في الميزان (8) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان[ [الرحمن:7 - 9].

قلت: إنه لمن المغالطة، والإجحاف أن يعد المنهج السلفي ضمن دائرة الشعارات والحزبيات المحدثة، وعلى من يصرح بهذا أن يتقي الله تعالى، ويحاسب نفسه، ويتجرد من الهوى.

فاتق الله يا هذا! ولا يحملنك العناد على أن تبطر الحق وترده، وتزيف الحقائق الثابتة.

* واعلم أن المنهج السلفي لم يكن في أعقاب الزمن من: «فلان»، و«علان»([26])، وإنما هو عقيدة خالصة، وشريعة قويمة، وتعاليم إلهيه، أوحاها الله تعالى إلى رسوله r، وطبقها مع أصحابه الكرام. ([27])

يقول الشيخ بكر أبو زيد / في «حكم الانتماء» (ص30): (وقد كان المسلمون وهم الصحابة y - قبل بزوغ بذرة التفرق والانشقاق - ليس لهم اسم يتميزون به ... لكن لما حصلت تلك الفرق الضالة، التي يشملها لفظ: «أهل الأهواء»؛ لغلبة اتباع الهوى عليهم، ولفظ: «أهل البدع»؛ لاتباعهم ما هو خارج عن الدين أجنبي عنه: و «أهل الشبهات»؛ لأنهم يلبسون الحق بالباطل ... لما حصلت تلك الفرق؛ منتسبة إلى الإسلام، منشقة عن العمود الفقري للمسلمين؛ ظهرت ألقابهم - أي: «أهل السنة والجماعة» - الشرعية المميزة لجماعة المسلمين؛ لنفي الفرق والأهواء عنهم، سواء ما كان من الأسماء ثابتا لهم بأصل الشرع: «الجماعة»، «جماعة المسلمين»، «الفرقة الناجية»، «الطائفة المنصورة»، أو بواسطة التزامهم بالسنن أمام: «أهل البدع»، ولهذا حصل الربط لهم بالصدر الأول، فقيل لهم: «السلف»، «أهل الحديث»، «أهل الأثر»، «أهل السنة والجماعة».

* وهذه الألقاب الشريفة تخالف أي لقب كان لأي فرقة كانت من وجوه:

الأول: أنها نسبٌ لم تنفصل ولا لحظة واحدة عن الأمة الإسلامية منذ تكونها على منهاج النبوة؛ فهي تحوي جميع المسلمين على طريقة الرعيل الأول ومن يقتدي بهم في تلقي العلم، وطريقة فهمه، وبطبيعة الدعوة إليه.

* فلم يعد إذن محصورا في دور تاريخي معين، بل يجب أن يفهم على أن مدلوله مستمرٌ استمرار الحياة، وضرورة انحصار الفرقة الناجية في: «أهل الحديث والسنة»، وهم أصحاب هذا المنهج، وهي لا تزال باقية إلى يوم القيامة؛ أخذا من قوله r: «لا تزال طائفةٌ من أمتي منصورين على الحق، لا يضرهم من خالفهم، ولا من خذلهم». ([28])

الثاني: أنها تحوي كل الإسلام (الكتاب والسنة)؛ فهي لا تختص برسم يخالف الكتاب والسنة زيادة أو نقصا.

الثالث: أنها ألقاب؛ منها: ما هو ثابت بالسنة الصحيحة، ومنها: ما لم يبرز إلا في مواجهة مناهج أهل الأهواء، والفرق الضالة؛ لرد بدعتهم، والتميز عنهم، وإبعاد الخلطة بهم، ولمنابذتهم، فلما ظهرت البدعة؛ تميزوا بالسنة، ولما حكم الرأي؛ تميزوا بالحديث والأثر، ولما فشت البدع والأهواء في الخلوف؛ تميزوا بهدي السلف.

الرابع: أن عقد الولاء والبراء والموالاة، والمعاداة لديهم: هو على الإسلام لا غير، لا على رسم باسم معين، ولا على رسم محدد، إنما هو الكتاب والسنة فحسب.

الخامس: أن هذه الألقاب لم تكن داعية لهم للتعصب لشخص دون رسول الله r؛ فإن أهل الحق والسنة لا يكون متبوعهم إلا رسول الله r، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى؛ فهو الذي يجب تصديقه في كل ما أخبر، وطاعته في كل ما أمر، وليست هذه المنزلة لغيره ... بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا رسول الله r ...

* وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية: «أهل الحديث والسنة»، والذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله r...». انتهى المقصود اقتباسه من كلام الشيخ بكر.

قلت: وللعلم أن هناك اتهامات متبادلة عندما كثرت الأخطاء في مقالات كتاب: «الفرقة الربيعية»، «فربيع» يرمي هذا الأمر على عدد من أتباعه، وأتباعه يلقون المسؤولية على: «عبيد الجابري»، وكاهل الكتاب المتعالمين، والمتعالمون ينفون الاتهام، ويعيدونه على عدد من: «الربيعية» في الدول الذين يعدلون ويبدلون ويحذفون - لاسيما في أصوالهم الفاسدة - دون الرجوع إلى العلماء من أهل السنة والجماعة، ناهيك عن سوء نياتهم، ومخططاتهم، والأخطاء الشنيعة في المعلومات والمعاملات، وهي: كلها أخطاء من: «ربيع المدخلي الضال» الرأس العام على: «الفرقة الربيعية».

قال تعالى: ]وإن الظالمين لفي شقاق بعيد[ [الحج: 53].

وقال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة:176].

وقال تعالى: ]وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا[ [المجادلة:2].

وقال تعالى: ]فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور[ [الحج:46].

قال الإمام ابن القيم / في «مفتاح دار السعادة» (ج2 ص333): (وسنة الله في هؤلاء أن يسلبهم رياسة الدنيا والآخرة، ويصغرهم ([29]) في عيون الخلق مقابلة لهم بنقيض قصدهم؛ ]وما ربك بظلام للعبيد[ [فصلت:46]).اهـ

قلت: وقد خالف «ربيع المدخلي» السلف بآراء محدثة من محض كيسه، بالإضافة إلى ما تبعها من الأهواء المضلة، فأوهم أشياعه أن آراءه هذه المحدثة هي آراء السلف. اللهم غفرا.

قال الإمام ابن القيم / في «الفوائد» (ص157): (وهؤلاء لابد: أن يبتدعوا في الدين مع الفجور في العمل، فيجتمع لهم الأمران؛ فإن اتباع الهوى يعمى عين القلب؛ فلا يميز بين السنة والبدعة، أو ينكسه؛ فيرى البدعة سنة، والسنة بدعة).اهـ

قلت: فهذه آفة الضال إذا كثر ضلاله، واتبع هواه.

قال الإمام ابن القيم / في «الداء والدواء» (ص184): (نكس القلب حتى يرى الباطل حقا، والحق باطلا، والمعروف منكرا، والمنكر معروفا، ويفسد ويرى أنه يصلح، ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعو إليها، ويشتري الضلالة بالهدى، وهو يرى أنه على الهدى، ويتبع هواه وهو يزعم أنه مطيعٌ لمولاه، وكل ذلك من عقوبات الذنوب الجارية على القلوب). اهـ

قلت: والحقيقة هذه أن مستوى هذه الجماعة العلمي متدن بوجه عام، وخاص، والله المستعان. ([30])

قال تعالى: ]أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين[ [البقرة: 16].

* وقد فتن: «المرجئة» بكثرة الجدال والتخاصم في الدين، وظنوا أن كثرة الكلام والجدال والخصام في مسائل الدين؛ هو علم، وهذا جهل محضٌ. ([31])

أقول: فليس العلم بكثرة الكلام، ولا بكثرة المقالات، ولكنه نورٌ يقذف في القلب، يفهم به العبد الحق، ويميز به بينه وبين الباطل، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد.

* وقد كان النبي r: (أوتي جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصارا). ([32])

* ولهذا ورد النهي عن: (كثرة الكلام، والتوسع في القيل والقال). ([33])

قال تعالى: ]قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور[ [الرعد: 16].

وقال تعالى: ]وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحرور * وما يستوي الأحياء ولا الأموات[ [فاطر: 19 و20 و21 و22].

وقال تعالى: ]قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون[ [الزمر: 9].

وقال تعالى: ]قد جاءكم من الله نورٌ وكتابٌ مبينٌ * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم[ [المائدة: 15 و16].

وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (العلم نورٌ يجعله الله حيث يشاء). وفي رواية: (العلم نورٌ يهدي الله به من يشاء). وفي رواية: (إنما العلم نورٌ يجعله الله تعالى في القلب). ([34])

قلت: فمن أراد الله به خيرا أعطاه من ذلك النور.

والعلم الذي فرض الله تعالى أن يتبع، فإنما هو الكتاب والسنة، وما جاء عن الصحابة y، ومن بعدهم من الأئمة بإحسان.

ويكون تاويل قوله: «نورٌ»؛ يريد به فهم العلم، ومعرفة معانيه. ([35])

فعن أبي همام، قال: سمعت شريكا سئل؛ عن قوله تعالى: ]يؤتي الحكمة من يشاء[ [البقرة: 269] قال: (الفهم). ([36])

وعن أبي العالية قال: في قوله تعالى: ]ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا[ [البقرة: 269] قال: (الكتاب والفهم فيه). ([37])

قلت: فحسن الفهم هو أصل كل خير.

قال الإمام ابن القيم / في «الداء والدواء» (ص159): (وما أوتي أحد بعد الإيمان أفضل من الفهم عن الله تعالى، ورسوله r. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص19): (فإن من أدرك علم أحكام الله تعالى في كتابه نصا واستدلالا، ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه: فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الريب، ونورت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة). اهـ

قلت: وعلى المسلم تجنب سوء الفهم الذي هو أصل كل ضلالة.

قال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ص63): (بل سوء الفهم عن الله تعالى، ورسوله r أصل كل بدعة، وضلالة نشأت في الإسلام؛ بل هو أصل كل خطأ في الأصول والفروع، ولاسيما إن أضيف إليه سوء القصد، فيتفق سوء الفهم في بعض الأشياء من المتبوع مع حسن قصده، وسوء القصد من التابع، فيا محنة الإسلام وأهله).اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص87): (صحة الفهم، وحسن القصد من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أعطي عبد عطاء بعد الإسلام أفضل، ولا أجل منهما، بل هما ساقا الإسلام، وقيامه عليهما، وبهما يأمن العبد طريق المغضوب عليهم الذين فسد قصدهم، وطريق الضالين الذين فسدت فهومهم، ويصير من المنعم عليهم الذين حسنت أفهامهم وقصودهم، وهم أهل الصراط المستقيم الذين أمرنا أن نسأل الله أن يهدينا صراطهم في كل صلاة، وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد، يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد، ويمده حسن القصد، وتحري الحق، وتقوى الرب في السر والعلانية، ويقطع مادته اتباع الهوى، وإيثار الدنيا، وطلب محمدة الخلق، وترك التقوى).اهـ

قلت: فمن أراد الله به خيرا أعطاه من ذلك النور.

قلت: إن المرء حقا هو الذي يعبد ربه سبحانه وتعالى على بصيرة وعلم، قال تعالى: ]قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين[ [يوسف: 108].

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «العلم» (ص19): (العلم نور يستضيء به العبد؛ فيعرف كيف يعبد ربه سبحانه، وكيف يعامل عباده، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة). اهـ

قلت: ومن هنا نعلم الفرق بين مسلك علمائنا الربانيين، وقصدهم واعتدالهم في الدعوة إلى الله، وبين مسلك: «ربيع المرجيء»، وأتباعه المرجئة في الدعوة إلى الله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص287): (بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج، و«المرجئة» في معنى الإيمان، علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول r). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص555): (والسلف اشتد نكيرهم على: «المرجئة» لما أخرجوا العمل من الإيمان، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق، ولا في الحب، ولا في الخشية، ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص239): (وهؤلاء المتأخرون - مع ضلالهم وجهلهم - يدعون أنهم أعلم وأعرف من سلف الأمة ومتقدميها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص225): (فما وافق الكتاب والسنة، فهو حق، وما خالف ذلك فهو باطل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الاستقامة» (ج2 ص178): (الطرائق المبتدعة؛ كلها يجتمع فيها الحق والباطل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص414): (البدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء: ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة؛ كبدعة الخوارج، والروافض، والقدرية، و«المرجئة».). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الحسبة في الإسلام» (ص26): (فأما الغش في الديانات؛ فمثل البدع المخالفة للكتاب والسنة، وإجماع السلف الأمة من الأقوال والأفعال). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «الموقظة» (ص60) عن المبتدعة الزنادقة: (فمنهم: من يفتضح في حياته، ومنهم: من يفتضح بعد وفاته، فنسأل الله الستر والعفو).اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص60): (كل من خالف جماعة أهل السنة فهو ضال، ما عندنا إلا جماعة واحدة هم: أهل السنة والجماعة، وما خالف هذه الجماعة، فهو: مخالف لمنهج الرسول r.

* ونقول أيضا: كل من خالف أهل السنة والجماعة، فهو: من أهل الأهواء، والمخالفات تختلف في الحكم بالتضليل، أو بالتكفير حسب كبرها وصغرها، وبعدها وقربها من الحق) ([38]). اهـ

قلت: فينبغي لطالب العلم الحريص على سلامة عقيدته، ومنهجه: أن يحذر مقالات: «المرجئة»([39])، وأن يتمرس بكتب السنة، وكتب اعتقاد السلف الصالح، ويدمن الاطلاع عليها، ويطبق ما يتعلمه منها بقصد، واعتدال، وتوسط في الأمور؛ لا تفريط ولا إفراط، وليحذر الجفاء والشطط، وليلازم كتب العلماء الراسخين في السنة، ويقتبس من طريقة معالجتهم للظروف الراهنة المحيطة بنا، وليتجنب من يعرض عن منهج السلف، وكتبهم من: «المرجئة»، وغيرهم، أو يقدح في العلماء الراسخين، أو يتجاهلهم ويغفلهم.

* ومما لا شك فيه أن الكتب من أهم الوسائل التي يحصل بواسطتها العلم، وتزيد من خلالها المعرفة، وقد انتشرت كتب: «ربيع المدخلي» في عصرنا انتشارا في أوساط الشباب السطحي، وصحبت في طياتها الجهل والآفات الضارة من: «الإرجاء»، و«التنازل عن أصول الدين»، و«القدح في الصحابة الكرام»، و«التشكيك في بعض الصفات»، و«غمز علماء السنة»، و«تشجيع المتعالمين في الإفتاء في الدين»، وغير ذلك من الأفكار السيئة الهدامة، التي تأتي على الأخضر، واليابس فتهلكه.

قال الحافظ ابن الجوزي / في «تلبيس إبليس» (ص278): (قلة العلم أوجبت هذا التخليط). اهـ

قلت: وهذا الأمر يعتبر استعجالا من القوم في غير محله: وهو طلب وقوع الأمر قبل وقته، وهو صفة مذمومة في الشرع. ([40])

والذي يحرك هؤلاء المتعالمين هو: «ربيع المدخلي المرجيء»، لينصروه على باطله، ولا يدري أنه يأثم بفعله هذا المشين، لأنه يشجع هؤلاء على الكتابة قبل نضجهم في العلم، وهذا يدل على أن: «ربيعا» لا يحس قلبه بحقيقة الأضرار التي تلحق هؤلاء أنفسهم، والأضرار التي تلحق غيرهم، فبذلك يحمل: «ربيع المدخلي» إثم هؤلاء، وإثم هؤلاء يوم القيامة: ]ألا ساء ما يزرون[ [النحل: 25].

قلت: وهؤلاء يحملون أوزارهم، وأوزار الذين يضلونهم بغير علم.

قال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون[ [النحل: 25].

قال الإمام مجاهد / في «تفسيره» (ص421) عن الآية: (حملهم ذنوبهم أنفسهم، وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئا).اهـ

وعن أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا).([41])

وقد بوب الإمام البخاري في «صحيحه»: باب إثم من دعا إلى ضلالة أو سن سنة سيئة؛ لقول الله تعالى: ]ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25].

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص302): (ووجه التحذير أن الذي يحدث البدعة قد يتهاون بها لخفة أمرها في أول الأمر، ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة، وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده، ولو لم يكن هو عمل بها بل لكونه كان الأصل في أحداثها). اهـ

قلت: فمن أحدث في الدين ما ليس منه، وشرع فيه ما لم يأذن به الله، وقلده الناس في ذلك، فإنه يضاعف عليه الإثم، والوزر جزاء وفاقا، لأن ضرره لم يقتصر على نفسه فحسب، بل تعداه إلى غيره ممن تبعه على ضلالته، وقلده في بدعته، فحمل وزره، ومثل أوزار أتباعه من غير أن ينقص ذلك من أوزارهم شيئا، الأمر الذي يستحق به مضاعفة العقوبة، فهو ضال مضل، ضال في نفسه بما أحدثه من بدع جعلها شرعا، ودينا زائدا على شرع الله، ومضل لغيره من ضعاف الإيمان، وقد جاء في ذلك وعيد شديد ينذر بسوء العاقبة.

وعن عبد الله بن مسعود t، قال: قال رسول الله r: (لا تقتل نفسٌ ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفلٌ من دمها، لأنه أول من سن القتل). ([42])

قلت: وهذا نص يدل بمنطوقه على عظم وزر كل من سن ما لا يرضاه الله تعالى، أو أدخل في دين الله تعالى ما ليس منه بأي وجه من الوجوه، ولذلك فإن ابن آدم الأول يحمل وزر كل جريمة قتل تقع بين بني آدم؛ لأنه هو أول من سن جريمة القتل، والله المستعان.

وعن جرير بن عبدالله t قال: قال رسول الله r: (ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده). ([43])

قلت: وهذه النصوص تدل بمنطوقها على عظم وزر كل من سن ما لا يرضاه الله تعالى، أو أدخل في دين الله ما ليس منه بأي وجه من الوجوه ... وكل مبتدع، أو جاهل، أو مميع، أو حزبي قد سن ملا يرضاه الله تعالى، ورسوله r، واتبعه الناس في ذلك، فإنه يتحمل وزر ذلك كله في يوم يتبرأ المتبوع من التابع، ويدعو عليه بالويل والثبور.

قال تعالى: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم[ [البقرة: 166 - 167].

وقال تعالى: ]وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين[ [فصلت: 25].

وقال تعالى: ]وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا إنا كلٌ فيها إن الله قد حكم بين العباد[ [غافر: 47 و48].

قال الحافظ ابن حبان / في «روضة العقلاء» (ص109): (العاقل يجتنب مماشاة المريب في نفسه، ويفارق صحبة المتهم في دينه؛ لأن من صحب قوما عرف بهم، ومن عاشر امرأ نسب إليه، والرجل لا يصاحب إلا مثله، أو شكله؛ فإذا لم يجد المرء بدا من صحبة الناس، تحرى صحبة من زانه إذا صحبه، ولم يشنه إذا عرف به، وإن رأى منه حسنة عدها، وإن رأى منه سيئة سترها، وإن سكت عنه ابتدأه، وإن سأله أعطاه). اهـ

وعن معاوية بن أبي سفيان قال: (بلغني أن رجالا منكم يتحدثون أحاديث ليست في كتاب الله، ولا تؤثر عن رسول الله r، فأولئك جهالكم، فإياكم والأماني التي تضل أهلها). ([44])

قال الإمام ابن رجب / في «بيان فضل علم السلف على علم الخلف» (ص53): (ومن علامات ذلك - يعني: الجهل - عدم قبول الحق والانقياد إليه، والتكبر على من يقول الحق خصوصا إن كان دونهم في أعين الناس، والإصرار على الباطل خشية تفرق قلوب الناس عنهم). اهـ

قلت: فمن أراد فهم كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وجب عليه تصحيح دعوته ... ولا يتأتى تصحيحها إلا بعرضها على أفواه الشيوخ الضابطين الربانيين، ومتى استنكف عن ذلك استكبارا، واعتدادا بالنفس فقد وقع في الخطأ لا محالة، ومن هنا لحقه الإثم.

قلت: فإن لرسم الدعوة إلى الله تعالى ضوابطها، وقواعدها، وعلمها، ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق علم الشيوخ الربانيين، فافهم لهذا ترشد.

* وقد قيل في حال من يأخذ العلم عن طريق الشيوخ، ومن لم يأخذ عنهم:

مـــن يـــأخذ العلــــم عــن شيخ مشافهــــة

 

 

يكــــن عن الزيغ والتصحيـــــف في حـــرم

ومــن يكــــن آخذا للعلــــم مــن صــحف

 

 

فعلمــــه عند أهـــــل العــــلم كالعــــــدم([45])

قلت: وإن تعجب فعجبٌ قول دعاة الجهل: إن الدعوة إلى الله تعالى لا تحتاج إلى علم كبير، والنبي r يقول: (بلغوا عني ولو آية). ([46])

وهذا القول لا يصدر إلا ممن خانه فهمه، ولم يكن من أهل العلم آخذا علمه؛ فإن أصاب فعلى غير هدى، وإن أخطأ فهو به أجدى.

قال تعالى: ]أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم[ [الملك:22].

قلت: وهؤلاء يأثمون وإن أصابوا؛ لأن دعوتهم هذه على غير الحق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «القواعد النورانية» (ص206): (كما لو حكم الحاكم بغير اجتهاد - يعني: من تقليد- فإنه آثمٌ، وإن كان قد صادف الحق).اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى» (ج1 ص69): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب). اهـ

قال تعالى: ]خلق الإنسان من عجل[ [الأنبياء:37]؛ أي: طبع الإنسان العجلة، فيستعجل كثيرا من الأشياء، وإن كانت مضرة له ولغيره.

قلت: ولكن النفس السنية تطمئن إلى ربها سبحانه وتعالى، لأنها تعلم أن الله تعالى بالغ أمره، وقد جعل لكل شيء قدرا.

قلت: إذا استعجال «أتباع ربيع»([47]) البروز في العلم قبل النضوج، والرسوخ في مقام العلم، والكتابة فيه، وهو طريق المفلسين في العلم على مر العصور، فترى هؤلاء يقتحمون المسائل العلمية الأصولية والفروعية بتعالم بالغ ليظهروا علمهم المخلط بجهل بالغ لنشر بزعمهم تراث السلف، وتحقيق المسائل العلمية، فحلوا في رحاب العلم معولا يهدمه، ويخرق سياجه.

مـــــــن تحـــــــــلى بغير مــــــا هو فيــــــــه

 

 

فضحتـــــــــــــــه شواهـــــــد الامتحـــــــان

وجرى في العلــــــــوم جــــــري سكيـــت

 

 

خلفتـــــــــــه الجيـــــاد يوم الرهــــــــــــــان

قلت: و«ربيع([48]) وأتباعه» لما استعجلوا في الدعوة إلى الله بدون: «التصفية والتربية» فيها، حرموا العلم العلم النافع، والتوفيق، وعدم معرفة الحق، والتمييز فيه، والدعوة إليه، فهم: في الدين خبط، وخلط بين الحق والباطل.

* وقد عوضوا: العلم غير نافع، والخوض في الباطل، والدعوة الحزبية، والتنظيم السري، ووقعوا في الاختلاف والنزاع فيما بينهم، فضلوا ضلالا بعيدا في طيلة حياتهم إلى أن يموتوا.

والقاعدة الفقهية تقول: «من استعجل الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه».

قلت: فهذه القاعدة تنطبق عليهم تماما، وقد عاقبهم الله تعالى بالحرمان من كل شيء، فبطلت دعوتهم، وهذا ظاهر، ولله الحمد.

فمعنى هذه القاعدة: أن من يؤصل له وسائل غير مشروعة في العلم، وفي الدعوة إلى الله، تعجلا: ليصل إلى مقصوده المزعوم، والمستحق له سعيه في الدين. ([49])

فيعامل، ويقابل، بضد مقصوده، وبنقيض أصله، وإبطاله، بسبب فساد وسائله في العلم والدين. ([50])

جزاء فعله المشين، واستعجاله لقطف الثمار، فقد نقض، وهدم دعوته بنفسه، ولا بد.

قلت: فالفاعل هنا يعامل، ويعارض بنقيض مقصوده، لأن مقصد الفاعل من فعله كان تحايلا على الشرع من جانب، أو استعجالا، لأمر مستحق، أو مباح من جانب آخر، بفعل أمر محرم.

ولذلك أهمل قصد الفاعل، وعومل بنقيض ما قصد عقوبة له، وزجرا لغيره، إلى جانب العقوبة المستحقة على الفعل نفسه في الدنيا، والقبر، ويوم القيامة. ([51])

قال الفقيه تاج الدين السبكي / في «الأشباه والنظائر» (ج1 ص168): (طلب الشارع: أن ينهى عنه، فيعمد المكلف إلى ارتكابه، لينال ما يترتب عليه...، وهنا يقال: عومل بخلاف مقصوده).اهـ

* إذا فالجاهل يرغب في الدعوة إلى الله أحيانا في الاستعجال، للحصول على أمر ما، فيسارع إليه قبل حصوله على العلم المطلوب شرعا، فيقع في الاستعجال المهلك، والتعجل المشين.

قلت: فمن استعجل في التصدر للعلم قبل أن يتعلم، ويتفقه في دين الله تعالى، ليري الناس أنه شيخ، أو طالب علم.

فإن الله تعالى يعاقبه بنقيض قصده، ويحرمه من بركة العلم، وعدم التوفيق فيه، ويفضحه، ويبين جهله أمام الناس، حتى يعرفوه، وتسقط مكانته، ولا بد. ([52])

* فهذا المتعالم يحاول أن يسابق الزمن([53])، ليحصل على مراده قبل أوانه، ومصيره في هذه الحالة: أن يعاقب بالحرمان منه، في طيلة حياته، ويؤخذ بالنكال، والجزاء، بسبب طلبه العجلة، والإسراع إلى تحصيل الشيء، والنيل منه قبل وقته.

قلت: وهذا مثل: من تكلم في العلم، قبل تعليمه للعلم، ومن تحلى بالدعوة إلى الله بغير بصيرة فيها، ورام الزعامة فيها قبل أوانها، وطلب تحقيق الكتب، وتدريسها بغير ميزانها.

وأخذ كل واحد منهم يخرص خرصا، ويظن ظنا، ويسلك بظنه طريقا غير نهج الكتاب والسنة والآثار: ]ظلماتٌ بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور: 40]؛ فهذا ميزانهم. ([54])

قال تعالى: ]أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين[ [هود: 85].

وقال تعالى: ]إن هم إلا يخرصون[ [الزخرف: 20].

وقال تعالى: ]لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان[ [الحديد: 25].

وقال تعالى: ]إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا[ [النجم: 28].

قلت: فالشارع إذا ربط حكما في الدين، فعمد المكلف إلى استعجاله بأصول فاسدة، لينال ذلك الحكم، فهو يفوت عليه ولا بد، ولا يناله، لوجود الأمر الذي علق الشارع الحكم عليه، فلا بد من تطبيقه، والوصول إليه، لأنه أصل وضعه الشارع، لإصابة الحق([55])، فلا يمكن الوصول إليه، إلا بأصول الكتاب والسنة والآثار، فافهم لهذا ترشد.([56])

قال الفقيه تاج الدين السبكي / في «الأشباه والنظائر» (ج1 ص168): (إن كان الذي ربط الشارع به الحكم أمرا يتطلب إيقاعه، فإذا فعل نال الحكم المرتب عليه، كالثواب الذي ربطه الشارع بالصلاة وغيرها من الأعمال حثا على تلك، وهذا لا ينحصر... وإن لم يكن أمرا، وطلب الشارع إيقاعه، فإما أن ينهى عنه، فيعمد المكلف إلى ارتكابه لينال ما يترتب عليه... هنا يقال: عومل بخلاف مقصوده).اهـ

وقال الإمام ابن رجب الحنبلي / في «القواعد» (ص230): (من تعجل حقه، أو ما أبيح له، قبل وقته على وجه محرم، عوقب بحرمانه).اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات في أصول الشريعة» (ج4 ص331): (كل من ابتغى في تكاليف الشريعة غير ما شرعت له، فقد ناقض الشريعة، وكل من ناقضها، فعمله في المناقضة باطلٌ). اهـ

قلت: فالشارع يعامل العبد بنقيض قصده الفاسد، ويسد عليه جميع الوسائل، والطرق التي يتوصل بها إلى الباطل، ولا بد.

* إذا من استعجل الشيء قبل أوانه، ولم تكن المصلحة في ثبوته عوقب بحرمانه. ([57])

استعجل الشيء: طلب سرعة حصوله، يعني: من تعجل حصول الأشياء قبل أوانها؛ أي: قبل حصول أسبابها؛ فإنه يعاقب على تصرفه هذا بالحرمان مما يترتب على الأسباب من استحقاق وفوائد، ومصالح، وفي هذا سد للذرائع، وعمل بالسياسة الشرعية في الدعوة إلى الله، وفي طلب العلم، وفي غير ذلك.

* وكذلك: «من استعجل ما أخره الشرع يجازى برده». ([58])

وبمعنى القاعدة: «من الأصول: المعاملة بنقيض المقصود الفاسد»، و«المعارضة بنقيض المقصود». ([59])

قال تعالى: ]ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله[ [فاطر: 43].

وقال تعالى: ]إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا[ [النجم: 28].

وقال تعالى: ]ظلماتٌ بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور[ [النور: 40].

وقال تعالى: ]قتل الخراصون[ [الذاريات: 10].

وقال تعالى: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم[ [الصف: 5].

وقال تعالى: ]ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون[ [النمل: 50].

وقال تعالى: ]ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين[ [آل عمران: 54].

وقال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].

قال اللغوي الراغب الأصفهاني / في «الذريعة إلى مكارم الشريعة» (ص166): (ومعلوم أن ميزان الدين الذي صوابه يوصل إلى الثواب العظيم، وخطؤه يفضي إلى العذاب الأليم).اهـ

قلت: وفي هذا من تحقيق مصالح العباد في دينهم ودنياهم، ونشر الخير فيهم، وسد وسائل الشر([60])، والفساد، والاعتداء على الناس بالأضرار في أنفسهم ملا يخفى.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص228): (وقد استقرت سنة الله تعالى في خلقه شرعا، وقدرا على معاقبة العبد بنقيض قصده). اهـ

قلت: فاحذر يا عبدالله أن تكون أبا شبر، لأنه من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه. ([61])

* وليتذكر هؤلاء قول الله تعالى: ]لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذابٌ أليمٌ[ [آل عمران:188].

وقوله تعالى: ]قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا[ [الكهف:103 - 104].

وقوله تعالى: ]من أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [الأنعام:144].

قلت: ولذلك غفل القوم عن حقيقة هذه الجهالة، وأنها عواطف جياشةٌ، وحماسٌ ملتهبٌ، ينقصه الفهم الصحيح المطلوب الذي يصل إلى درجة العلم الصحيح، والدعوة الصحيحة ([62])]قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين[ [يوسف:108].

قلت: فكل الذي فعله: «ربيع المدخلي»، و«عبيد الجابري»، ومن تابعهما، على مر الزمان، هو من الجدال الباطل، والعداوة المشينة.

وقد انقضت أعمارهم، وضاعت أوقاتهم في القيل والقال، وبكثرة الجدالات، والجهالات، والخصومات، والعداوات في البلدان، بدون أي فائدة تذكر لهم، وثمرة في هذه الحياة، بل كل ذلك رجع عليهم من الأضرار والخلافات والانشقاقات في جماعتهم، وهذا ظاهر فيهم.

قال تعالى: ]ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قومٌ خصمون[ [الزخرف:58].

قلت: وإياك والمراء في الدين، فإن نفعه قليل، وهو يهيج العداوة والبغضاء بين الإخوان.

فعن عائشة ڤ، أن رسول الله r قال: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم».([63]) وفي رواية: (إن الله يبغض الألد الخصم).

وقوله r: «الألد» الخصم، أي: شديد اللدد، وهو شديد الجدال والتخاصم في الدين. ([64])

قلت: والذم إنما هو لمن خاصم بباطل، وبغير علم، ويدل في الذم من يطلب حقا؛ لكن لا يقتصر على قدر الحاجة، بل يظهر اللدد، والكذب في القول، لإيذاء خصمه، وكذلك من يحمله على الخصومة محض العناد لقهر خصمه، وكسره. ([65])

قال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج16 ص219): (الألد: شديد الخصومة؛ ماخوذ من لديدي الوادي، وهما جانباه; لأنه كلما احتج عليه بحجة أخذ في جانب آخر، وأما الخصم، فهو الحاذق بالخصومة، والمذموم هو الخصومة بالباطل في رفع حق، أو إثبات باطل) ([66]). اهـ

وعن الإمام الحسن البصري / قال: (في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: كاذب القول).

أثر حسن.

أخرجه المروزي في «حديث ابن معين» (ص201)، والبغوي في «تفسير القرآن» (ج1 ص236)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365) من طريقين عن عاصم عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن ابن عباس قال: (في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: شديد الخصومة).

أثر حسن لغيره.

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365) من طريق بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وأخرجه الطستي في «مسائله» (ج2 ص478 - الدر المنثور) من طريق نافع بن الأزرق عن ابن عباس ؛ بلفظ: (الجدل المخاصم في الباطل).

وذكره السيوطي في «الإتقان» (ج2 ص97).

وعن الإمام قتادة / قال: في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: (جدلٌ بالباطل).

أثر صحيح.

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365)، والحامض في «حديثه» (ص220)، والهروي في «ذم الكلام» (ص50)، والطبري في «تفسير القرآن» (ج2 ص315)، وعبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص81) من طريقين عن قتادة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام السدي / قال: في قوله تعالى: ]وهو ألد الخصام[، قال: (فأعوج الخصام).

أثر صحيح.

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج2 ص365)، والطبري في «تفسير القرآن» (ج2 ص315) من طريق عمرو بن حماد قال: ثنا أسباط عن السدي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فالاعوجاج في الخصومة من الجدال واللدد. ([67])

وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق / قال: (إياكم والخصومة في الدين، فإنها تشغل القلب، وتورث النفاق).

أثر صحيح.

أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج14 ص531)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص526)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص128)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج5 ص92)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص198) من طريق منصور بن أبي مزاحم حدثني عنبسة بن سعيد القاضي قال: سمعت جعفر بن محمد الصادق به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (إن من أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل).

أثر صحيح.

أخرجه أحمد في «الزهد» (ص233)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص108)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص80)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج1 ص445) من طرق عن الأعمش، عن صالح بن خباب، عن حصين بن عقبة، عن عبد الله بن مسعود به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال العراقي في «المغني» (ج3 ص112): «سنده صحيح».

وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج10 ص303): «رجاله ثقات».

قلت: فالخصومة في الدين تولد الكراهية، والعداوة، والبغضاء بين المسلمين.

قال تعالى: ]إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء[ [المائدة:91].

قلت: إذا فالخصومة تهيج الغضب حتى ينسى المخاصم والمتنازع أوامر الله تعالى، وأوامر رسوله r عليه، فيعاند، ويستكبر على الله تعالى، ورسوله إذا ذكر له الدليل بسبب بغضه للحق وأهله، والله المستعان.

فعن الإمام مالك بن أنس / قال: (المراء في العلم يقسي القلب، ويورث الضغن).

أثر حسن.

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص530) من طريق أبي الأحوص قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا ابن وهب قال: سمعت مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن عمرو بن قيس قال: قلت، للحكم بن عتيبة: (ما اضطر الناس إلى الأهواء؟ قال: الخصومات).

أثر صحيح.

أخرجه الآجري في «الشريعة» (ج1 ص192)، واللالكائي في «الاعتقاد» (218)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (97)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (536)، والأصبهاني في «الحجة» (ص214) من طرق عن سفيان، عن عمرو بن قيس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص531): (فاعلم يا أخي أني لم أر الجدال والمناقضة، والخلاف، والمماحلة، والأهواء المختلفة، والآراء المخترعة من شرائع النبلاء، ولا من أخلاق العقلاء، ولا من مذاهب أهل المروءة، ولا مما حكي لنا عن صالحي هذه الأمة، ولا من سير السلف، ولا من شيمة المرضيين من الخلف، وإنما هو لهوٌ يتعلم، ودراية يتفكه بها، ولذة يستراح إليها، ومهارشة العقول، وتذريب اللسان بمحق الأديان، وضراوة على التغالب، واستمتاع بظهور حجة المخاصم، وقصد إلى قهر المناظر، والمغالطة في القياس، وبهتٌ في المقاولة، وتكذيب الآثار، وتسفيه الأحلام الأبرار، ومكابرة لنص التنزيل، وتهاون بما قاله الرسول r، ونقض لعقدة الإجماع، وتشتيت الألفة، وتفريق لأهل الملة، وشكوك تدخل على الأمة، وضراوة السلاطة، وتوغير للقلوب، وتوليد للشحناء في النفوس عصمنا الله وإياكم من ذلك، وأعاذنا من مجالسة أهله). اهـ

وعن عائشة ڤ قالت: (كان أبغض الرجال إلى رسول الله الألد الخصم).

أثر صحيح.

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص484)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص135) من طريق معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه عبدالرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص81)، وفي «الأمالي في آثار الصحابة» (ص25) من طريق معمر، قال: أخبرني ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة به موقوفا.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام عبد الله بن شبرمة الكوفي / قال: (من بالغ في الخصومة أثم).

أثر حسن.

أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج14 ص513) من طريق السري بن يحيى، نا عثمان بن زفر، نا ابن السماك، عن عبدالله بن شبرمة به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالجدال المذموم وجهان:

أحدهما: الجدال بغير علم.

قال تعالى: ]لذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا[ [غافر:35].

والثاني: الجدال بالشغب، والتمويه، نصرة للباطل بعد ظهور الحق وبيانه.

قال تعالى: ]وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق[ [غافر:5].

قلت: فبين الله تعالى في هاتين الآيتين الجدال المذموم، وأعلمنا أنه الجدال بغير حجة، والجدال في الباطل. ([68])

قال الإمام الأوزاعي /: (إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل). ([69])

أثر صحيح.

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (296)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص123)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» تعليقا (ص412) والخطيب في «اقتضاء العلم والعمل» (122)، والذهبي في «السير» (ج7 ص121) من طرق عن الأوزاعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام معروف الكرخي / قال: (إذا أراد الله بعبد خيرا فتح له باب العمل، وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد الله بعبد شرا فتح له باب الجدل، وأغلق عنه باب العمل).

أثر حسن.

أخرجه الخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (123)، وابن حمكان في «الفوائد والأخبار» (ص162)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص361)، وابن الجوزي في «مناقب معروف الكرخي» (ص122)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج2 ص210)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» (ص43) من طرق عن معروف الكرخي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام مسلم بن يسار / قال: (إياكم والمراء، فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته). يعني: الجدل.

أثر صحيح.

أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص109)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص187)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص273)، وعبدالله بن أحمد في «زوائده على الزهد» (ص251)، والآجري في «الشريعة» (ص56)، وفي «أخلاق العلماء» تعليقا (ص77)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص33)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص294)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (547)، وفي «الإبانة الصغرى» تعليقا (124)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص308) من طريق حماد بن زيد حدثنا محمد بن واسع عن مسلم بن يسار به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فما ثار قوم بفتنة إلا أوتوا الجدل، والمراء في الدين، اللهم غفرا.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص434): (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذروا المسلمين المراء والجدال، وأمروهم بالأخذ بالسنن، وبما كان عليه الصحابة y، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى). اهـ

وعن الإمام إبراهيم النخعي / قال، في قوله تعالى: ]وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة[ [المائدة:64]، (هم أصحاب الأهواء)، وفي رواية: (الجدال والخصومات في الدين).

أثر صحيح.

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (820)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» تعليقا (ج2 ص845)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1772)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص222)، وسعيد بن منصور في «السنن» (722)، وابن جرير في «جامع البيان» (ج6 ص102)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (558)، وفي «الإبانة الصغرى» (ص141)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص267) من طريقين عن العوام بن حوشب عن إبراهيم النخعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام أبي العالية / قال: (إياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء).

أثر صحيح.

أخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (ج11 ص367)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص17)، وابن وضاح في «البدع» (ص75)، والمروزي في «السنة» (ص8)، والآجري في «الشريعة» (ص13)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (136)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص218)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج18 ص171)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص18) من طريقين عن عاصم الأحول، قال: قال أبو العالية فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام عمران القصير / قال: (إياكم والمنازعة والخصومة، وإياكم وهؤلاء الذين يقولون: أرأيت أرأيت).

أثر صحيح.

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (637)، والآجري في «الشريعة» (119)، من طريق محمد بن المثنى قال: حدثنا حماد بن مسعدة عن عمران القصير به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام عبد الكريم الجزري / قال: «ما خاصم ورعٌ قط في الدين».

أثر حسن.

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (634)، والآجري في «الشريعة» (123)، من طريقين عن مروان بن شجاع، يقول: سمعت عبد الكريم الجزري به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن الإمام معاوية بن قرة / قال: (الخصومات في الدين تحبط الأعمال).

أثر صحيح.

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (221)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (541)، والآجري في «الشريعة» (115)، وعبدالله بن أحمد في «السنة» (98)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص367) من طريقين عن العوام بن حوشب عن معاوية بن قرة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال اللغوي الراغب الأصفهاني / في «الذريعة إلى مكارم الشريعة» (ص171): (واعلم أن سبيل إنكار الحجة، والسعي في إفسادها، أسهل من سبيل المعارضة بمثلها والمقابلة لها.

ولهذا يتحرى: المجادل الخصم أبدا بالدفاع، لا المعارضة بمثلها، وذلك إن الإفساد هدم، والإتيان بالمثل بناء وهو صعب).اهـ

قلت: ولأجل ذلك دعا الله تعالى الكفرة، والمبتدعة في الحجج إلى الإتيان بمثلها، لا إلى السعي في إفسادها.

فقال تعالى: ]قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات[ [هود: 13].

فرضي تعالى أن يأتوا بما فيه مشابهة له، وإن كان ذلك مفترى، فلا يستطيعون على ذلك. ([70])

فعن الإمام مجاهد بن جبر / قال: في قوله تعالى: ]قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات[ [هود: 13]؛ قال: (مثل القرآن).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج6 ص2009)، والطبري في «جامع البيان» (ج1 ص374) من طريق عيسى، وشبل، وورقاء عن ابن أبي نجيح، وابن جريج؛ كلاهما: عن مجاهد بن جبر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص59)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج1 ص53).

قلت: والافتراء: هو افتعال الكذب، واختلاقه. ([71])

وقال تعالى: ]فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب[ [البقرة: 258].

قال المفسر ابن عطية / في «المحرر الوجيز» (ج4 ص548): (ووقع التحدي في هذه الآية بعشر، لأنه قيدها بالافتراء، فوسع عليهم في القدر، لتقوم الحجة غاية القيام.

إذ عجزهم في غير هذه الآية، بسورة من مثله دون تقييد).اهـ

قلت: وهذه الفرق بادت إما معنويا، أو حسيا؛ فهل تحس منهم من أحد، أو تسمع لهم ركزا؟!.

* ونظرا لتفاوت الناس في الإدراك والمعرفة والتمييز؛ فهناك فئة من المجتمع لا تستطيع أن تميز بين الغث والسمين، والصحيح والسقيم، والسنة والبدعة، والحق والباطل، ونتيجة لاختلاط الحابل بالنابل رأينا نصحا للأمة الإسلامية، وتعاونا على البر والتقوى أن يخرج هذا الكتاب في الرد على أباطيل: «عبيد الجابري» في شرحه لحديث: «صلح الحديبية»، وفيه أيضا محصلة فتاوى أهل العلم، الذين عاشوا مواجهة: «المرجئة الخامسة» في هذا العصر، وهؤلاء العلماء كانوا بمثابة الصيرفي الحاذق الذي يستطيع وبكل يسر وسهولة، أن يميز الزيف من الحقيقي، فكانت فتاويهم، نور يستضاء به في الظلمات.

قلت: وهذه الفتاوى للمشايخ([72]) حول ما أثاره: «ربيع المدخلي»، و«عبيد الجابري»،  وجماعتهما من أصول فاسدة في المنهج والعقيدة.

فجاءت هذه الفتاوى والبيانات([73]) التي صدرت من أهل العلم في التحذير من: «ظاهرة الإرجاء»، وبعض «الأصول الفاسدة»: «لربيع وجماعته» تحذيرا للمسلمين من الاغترار بها، والوقوع في شراك المخالفين لما عليه أهل السنة والجماعة.([74])

قلت: فكانت هذه الفتاوى السلفية شفاء للعليل، ووقاية للصحيح، وإرشاد للسائر ولله الحمد والمنة.

* وهي أيضا عبارة عن أجوبة لثلة من أهل العلم والهدى والإيمان عن سؤالات رفعت إليهم من طلبة العلم السلفيين تتعلق: «بالمدخلي» هذا وكتبه، ومقالاته المخالفة لمنهج واعتقاد السلف الصالح، وجاء السائلون إليهم بمخالفات: «ربيع المدخلي» من كتبه، ومقالاته، وأشرطته، فنقلوها كما هي بكل صدق، وإخلاص لم يزيدوا عليها، ولم ينقصوا، فلم يظلمه طلبة العلم فتيلا.([75])

* هذا ومما توافقت عليه العقول؛ ألا يقبل قول شخص، أو جماعة في أحكام الدين، إلا إذا كانوا من ذوي الاختصاص والعمل به.

قلت: وإن من عجائب وغرائب: «الجماعة الربيعية» أن ترى منهم اليوم مع عنايتهم بزعمهم بالفقه السلفي يقبلون أمر دينهم من: «ربيع المدخلي»، وممن هب ودب من الكتاب في: «الجماعة الربيعية»، دون تحر وتثبت لما يشكل عليهم في أمر دينهم، أو يعرض لهم من النوازل في حياتهم، مع إنهم يقرؤون، قول الله تعالى ]فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون[ [النحل:43]، وربما حزبهم الأمر، أو نزل بهم الخطب الجلل، ثم نراهم يتلفتون يمنة ويسرة يذيعون ويتلقون بألسنتهم ما يضرهم ولا ينفعهم، ويحسبونه هينا، وهو عند الله تعالى عظيم، ويقبلون الأحكام الباطلة من: «ربيع والكتاب»: ]ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا[ [النساء:83].

كالعيــــس في البيـــــداء يقتلها الظمـــــــــا

 

 

والمــــــــــاء فوق ظهورهــــا محمـــــول!

قلت: وما أكثر هذا الصنف في: «الفرقة الربيعية»، وما رأينا وسمعنا منهم: يتبادرون الفتيا قبل أربابها، ويعترضون على الأحكام السلفية، وليسوا من أصحابها، ويقومون أقوال أهل العلم، وما هم في القافلة إلا أذنابها([76])، فالله المستعان.

قال تعالى: ]إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أساتم فلها[ [الإسراء:7].

* وللعلم فكثير من الأمور التي يتساهل فيها العباد ويظنون أنها أمور يسيرة قد توردهم المهالك وهم غافلون.

قلت: ولذلك كثرت الخلافيات في هذه الأيام من: «ربيع وجماعته» في بعضهم مع بعض في البلدان لما أظهروه من باطل، وكثر فيهم القيل والقال حول مسائل كثيرة مهمة في أصول الدين، ينبغي للمسلم الحق معرفة الحق فيها.

* ولما رأيت تهاون هذه: «الجماعة المرجئية» في مسائل الدين، وعدم قيامهم بالبحث الصحيح عن الحكم في هذه المسائل التي أثارها: «المدخلي»، و«الجابري»، رأيت أن أهدي كل طالب علم هذا المجموع الثمين، في الرد على أصول: «ربيع المدخلي»، و«عبيد الجابري»  الفاسدة، ويضم أيضا فتاوى أصولية متنوعة لنخبة من المشايخ، وهم: الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والشيخ صالح بن محمد اللحيدان، والشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان، والشيخ محمد ابن عبدالله السبيل، وتعمدت تكرار الفتاوى الأصولية في إبطال: «التنازل عن الرسالة»، و«التنازل عن الأصول»، لتأكيد الحكم، وبيان اتفاق العلماء عليه، والله المستعان.

قلت: والذي أراه، بعد استعراض هذه الفتاوى العلمية المهمة فيها، أنه ينبغي للمسلم الصادق المخلص العمل بمقتضاها، ويجب عليه أن يعرف أن الحق لا يعرف بالرجال، ولكن الرجال يعرفون بالحق.

ولا ينبغي للمسلم الحق أن يتلقط الشبهات ليرد بها الحق، فإن هذا العمل خطير أثره على المسلم في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: ]وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليمٌ بما يفعلون[ [يونس:36].

وعن النعمان بن بشير t قال: قال رسول الله r: (الحلال بينٌ، والحرام بينٌ، وبينهما مشبهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه). ([77])

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص t قال: قال رسول الله r: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا). ([78])

قلت: ومن رد قول الله تعالى، وقول الرسول r، فهذا سبب لزيغ قلبه، وذلك هو الهلاك في الدنيا والآخرة.

قال تعالى: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين[ [الصف:5].

قلت: وكل هذه الضلالات التي وقعوا فيها، بسبب تقليدهم: «لربيع المدخلي» التقليد الأعمى، فأي: شيء يصدره في خطأ، أو صواب، فهم: مقلدون له ويجمدون عليه، بدون رواية، ودراية.

* فالمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغي إليه، بل ينفر عنه كل النفور، كحمر مستنفرةٌ فرت من قسورة.

قلت: إن فرقة: «ربيع المدخلي» قد ارتكبت مخالفة أمر الله تعالى، وأمر رسله، وهدي أصحابه وأحوال أئمتهم، وسلكوا ضد طريق أهل العلم، وهؤلاء الخلف قد عكسوا طريق السلف وقلبوا أوضاع الدين، فزيفوا كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وأقوال خلفائه، وجميع أصحابه y، وعرضوها على أقوال من قلدوه، فما وافقها منها قالوا بها، أو انقادوا إليه مذعنين، وما خالف أقوال متبوعهم منها، قالوا احتج الخصم بكذا وكذا، ولم يقبلوه ولم يدينوا به، واحتال فضلاؤهم في ردها بكل ممكن، فهم الذين فرقوا الدين وصيروا أهله شيعا، كل فرقة تنصر متبوعها، وتدعو إليه، وتذم من خالفها، ولا يرون العمل بقولهم حتى كأنهم ملة أخرى سواهم، وكان الواجب على الجميع إن ينقادوا إلى كلمة سواء بينهم كلهم، وهي أن لا يطيعوا إلا الرسول الأعظم محمدا r، ولا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن الحسن / في «فتح المجيد» (ج2 ص642): (ولا يخالف في ذلك إلا جهال المقلدة، لجهلهم بالكتاب والسنة، ورغبتهم عنهما، وهؤلاء وإن ظنوا أنهم اتبعوا الأئمة؛ فإنهم في الحقيقة قد خالفوهم، واتبعوا غير سبيلهم). اهـ

وعن الإمام عبد الله بن المعتز / قال: (لا فرق بين بهيمة تنقاد، وإنسانٌ يقلد). ([79])

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989): (وهذا كله نفيٌ للتقليد، وإبطالٌ له لمن فهمه وهدي لرشده). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «شرح الفتن» (ص5): (الإسلام دين صحيح له أصول، له قواعد، لابد من تعلمها، وأن نعرفها، لا ناخذ الإسلام بالتقليد، أو قول فلان، أو قول فلان، بل ناخذه من الكتاب والسنة، وذلك بالتعلم، وليس بالقراءة أنك تقرأ على نفسك لا تعلم على العلماء). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص197): (وترك الانتساب إلى أحد غير الله تعالى ورسوله r، لا شيخ، ولا طريقة، ولا مذهب، ولا طائفة).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج1 ص343): (عليك أن تاخذ بالحق، وأن تتبع الحق إذا ظهر دليله، ولو خالف فلانا، وعليك أن لا تتعصب، وتقلد تقليدا أعمى). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج4 ص509)؛ عن مثل المقلدة الذين في زماننا: (إلا هؤلاء المقدمون، نصرا لتقليدهم الفاسد، ونعوذ بالله من الخذلان). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص993): (قالوا: والمقلد لا علم له، ولم يختلفوا في ذلك). اهـ

قلت: فكل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده. ([80])

قال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص265) عن التقليد: (هو قبول راي من لا تقوم به الحجة بلا حجة). اهـ

قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي. ([81])

قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيءٌ عجابٌ[ [ص:5].

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص114): (والتقليد حرام، ولا يحل لأحد أن ياخذ بقول أحد بلا برهان، وبرهان ذلك قوله تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون[ [الأعراف: 3]). اهـ

وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل /؛ وقيل له: إن قوما يدعون الحديث، ويذهبون إلى رأي سفيان؟ فقال الإمام أحمد: (أعجب لقوم سمعوا الحديث، وعرفوا الإسناد وصحته، يدعونه، ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره، قال الله: ]فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنةٌ أو يصيبهم عذابٌ أليمٌ[ [النور: 62]، وتدري ما الفتنة؟ الكفر، قال الله تعالى: ]والفتنة أكبر من القتل[ [البقرة: 217]، فيدعون الحديث عن رسول الله r، وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي). ([82])

هذا وأسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب والسداد، وأن يجزل لنا الأجر والثواب، وأسأل الله الثبات على الحق، والاستمرار عليه ]ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب[ [آل عمران:8].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

                                                                                      كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على كشف ما ضل به عبيد بن عبد الله الجابري في أصول الدين؛ من اعتقاده: أن الرسالة قد سقطت؛ في قوله: أن النبي r أسقط في صلح الحديبية: «الرسالة الإسلامية»!، وأسقط: «بسم الله الرحمن الرحيم»!، و«رسول الله»!، وأنه r: عند الجابري الآن ليس برسول الله، وهذا من اللوازم عند أهل العلم([83])؛ لأنه زعم أنه r أسقط الرسالة، وأسقط رسول الله من أيام صلح الحديبية

 

قال عبيد بن عبد الله الجابري: (وهذان الحديثان([84]) في المصالحة إمام المسلمين، للمشركين.

فإنه يصالحهم على ما يظهر له فيه المصلحة، لأهل الإسلام.

وإن كرهه بعض أصحابه، وهذا الصلح ماض، ولا تجوز منازعته فيه.

لكن المشاورة، وإبداء الرأي، بلطف، ورفق، وبأدب.

* فإن هذا الصلح الذي تضمن ما سمعتم.

* تضمن أولا: إسقاط اسم: «الرسالة»([85]) عن النبي r.

* ثانيا: وإسقاط: «بسم الله الرحمن الرحيم».

* ثالثا: وكتابة بدل منها؛ بسمك اللهم.

* رابعا: وبدل: «محمد رسول الله r»، محمد بن عبد الله، هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله؛ سهيل بن عمرو.

فكره المسلمون ذلك، وتذمروا منه، ولكن سكنوا لما رأوا عزم رسول الله.

ثم تضمن ثانيا: المدة الطويلة عشر سنوات توضع الحرب، ويكف الناس عن القتال). ([86]) اهـ كلام الجابري.

* والإسقاط في اللغة؛ بمعنى: الإلغاء، وإضاعته، وعدم الأمر به، بعدما كان يؤمر به، وطلب الأمر به، فلا يعتد به، فيسقط فرضه، ووقع، وضاع بين الناس. ([87])

فقال الفقهاء: سقط الفرض، معناه: سقط طلبه، والأمر به.

والجابري هذا؛ بمعنى: كلامه هذا أنه وقع في زلة شديدة، وهوة سحيقة، فله بسببها: وعيد شديد، إذا لم يتب عنها.

قال ابن منظور اللغوي / في «لسان العرب» (ج3 ص2037): (وكل من وقع في مهواة يقال: وقع وسقط).اهـ

 وقال ابن منظور اللغوي / في «لسان العرب» (ج3 ص2038): (والسقط من الأشياء: ما تسقطه، فلا تعتد به).اهـ

وقال الفيومي اللغوي / في «المصباح المنير» (ص286): (لغا: الشيء، يلغو، لغوا، من باب قال: «بطل»، ولغا: الرجل تكلم باللغو، وهو أخلاط الكلام، وألغيته: أبطلته، وألغيته: من العدد؛ أسقطته).اهـ

قلت: وهذا الكلام منه؛ فإنه أسقط فرضية رسالة الله تعالى إلى الخلق، ورسالة النبي r إلى الناس، سواء يشعر أو لا يشعر، فهو ملزوم به.

فالجابري: سقط، السقطة، والوقعة الشديدة التي لا ينجو منها؛ إلا بالتوبة في الدين.

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص439): (وكل طريق لم يصحبها: دليل القرآن، والسنة؛ فهي من طرق الجحيم، والشيطان الرجيم).اهـ

قلت: وكلامه كله يتصبب جهلا باطلا، وفهما أعوج سقيما.

ومن عظيم أمر الله تعالى: أنه فضح هذا: «الجابري» بما تكلم به لسانه.

فالجابري هنا يعبر: «بأن النبي r أسقط الرسالة» ([88])، وأسقط: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وأسقط: «رسول الله».

قلت: والنص في كتابة النبي r، صريح في عدم كتابة فقط: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وبعدم كتابة: «محمد رسول الله»، في الظاهر، ولم يترك النبي r هذه الأصول في الحقيقة، ولم يسقطها من الدين([89])، بل هو مؤمن بها إلى أن توفي r.

* فالجابري: هنا لم يفرق بين عدم كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وكتابة: «محمد رسول الله» في الظاهر، وبين الإسقاط، أو التنازل عن الأصول حقيقة.

ووقع في ذلك بسبب جهله، وفهمه السقيم للنصوص.

وإلا من تدبر صلح الحديبية، راى أن النبي r ترك الكتابة في الظاهر، مع بقاء الرسالة حقيقة، ولم يسقطها r، وهو r مؤمن بالرسالة جملة وتفصيلا، وقد بين أهل العلم ذلك. ([90])

قلت: إذا التسامح عن كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم» إلى «باسمك اللهم».

* والتسامح في كتابة: «محمد رسول الله»؛ ليس في ترك وصف الله تعالى، بـ«الرحمن الرحيم» على الحقيقة.

ولا على ترك وصفه r؛ هنا بـ«الرسالة» ما ينفيها، فلا مفسدة فيما طلبه المشركون.

ثم لم يتنازل الرسول r عن شيء من: «الرسالة»، وإنما تسامح عن لفظ في الظاهر، مع بقاء حقيقته، وكان ذلك مع أناس مشركين لا يعترفون به أصلا.

* أما كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»؛ فكل ما هناك: أنه استبدل لفظ، بلفظ مثله، فـ«بسمك اللهم» هو مثل: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وتؤدي المقصود، منها: هو تعظيم الله، والتيامن باسمه الكريم.

قال الإمام النووي / في «المنهاج» (ج6 ص383): (قوله: «فقال النبي r: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم»، قال سهيل بن عمرو: أما «بسم الله»، فما ندري ما «بسم الله الرحمن الرحيم» ولكن اكتب ما نعرف بـ«بسمك اللهم»

* قال العلماء: وافقهم النبي r في ترك كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وأنه كتب: «باسمك اللهم».

وكذا وافقهم في «محمد بن عبد الله»، وترك كتابة: «رسول الله»، وكذا وافقهم في رد من جاء منهم إلينا، دون من ذهب منا إليهم.

وإنما وافقهم في هذه الأمور للمصلحة المهمة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة في هذه الأمور. ([91])

أما البسملة، وبسمك اللهم، فمعناهما واحد.

وكذا قوله: «محمد بن عبد الله»: هو أيضا رسول الله r، وليس في ترك وصف الله سبحانه في هذا الموضع بـ«الرحمن الرحيم» ما ينفي ذلك، ولا في ترك وصفه أيضا r هنا بـ«الرسالة» ما ينفيها، فلا مفسدة فيما طلبوه ([92])، وإنما كانت المفسدة تكون لو طلبوا أن يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم).اهـ

قلت: وهذا يدل على أنه r لم يكن محو: «رسول الله» من الكتابة، محوا لـ«رسالته» r ([93])، أو أسقطها، فكيف يزعم: «الجابري» أن النبي r أسقط «الرسالة»، وأسقط: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وأسقط «رسول الله»؟!.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج5 ص352)؛ في ضمن فوائد: «صلح الحديبية»: (جواز بعض المسامحة في أمر الدين، واحتمال الضيم ما لم يكن قادحا في أصله ([94])، إذا تعين ذلك طريقا للسلامة في الحال، والصلاح في المآل سواء كان ذلك في حال ضعف المسلمين، أو قوتهم). اهـ

وقال الحافظ الطبري /: (وفي كتابة r: «باسمك اللهم»، ولم يأب عليهم أن يكتبه؛ إذ لم يكن في كتابة ذلك نقض شيء من شروط الإسلام، ولا تبديل شيء من شرائعه) ([95]).اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «شرح التوحيد» (ص37): (هذا يدل على أن الاعتبار بالحقائق، لا بالألفاظ).اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص731): (إذا تعارض الضرران، فالمرتكب أخفهما وأسهلهما، وبعض الشيء أهون من جميعه؛ كقطع اليد المتآكلة إتلافها، أسهل من إتلاف النفس، وهذا شأن الشرع أبدا يطرح حكم الأخف، وقاية من الأثقل). اهـ

وقال الحافظ ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج8 ص88): (وأما: محو: «الرحمن»، من الكتاب، فليس بمحو من الصدور). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «التعليق على صحيح مسلم» (ج9 ص142): (هذا فيه دليل على أن النبي r تنزل عن بعض ([96]) ما يستحقه من أجل المصلحة العامة). اهـ

قلت: وبعد هذا؛ فما هي أحرى الأوصاف بهذا: «الجابري»؟!، الضلالة والجهالة، أم النعور، والغرور.

إن من كان هذا حاله؛ حقيقٌ بأن يرثى مآله، ويطرح مقاله، لعل المغرورين به يكتشفون حقيقة جهله، فتظهر لهم بضاعته المزجاة في العلم. ([97])

قلت: فهل يفهم من كتابة النبي r للصلح مع المشركين؛ أنه r تنازل، أو أسقط: «الرسالة»، أو أسقط: «بسم الله الرحمن الرحيم»، أو أسقط: «رسول الله»، طبعا: لا، فجزم : «الجابري» بذلك، هذا يعد أنه ضال في الدين، وقد وقع في الغفلة الشديدة في العلم، وهذا يدل أنه لا يدري ما يخرج من رأسه، ولا يؤتمن على العلم في الدين، لأنه يروي المناكير، والغرائب في الدين.

فعن الإمام محمد بن سيرين / قال: (إن هذا العلم دينٌ؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم). وفي رواية: (اتقوا الله يا معشر الشباب، وانظروا عمن تأخذون هذه الأحاديث، فإنها من دينكم). وفي رواية: (إن هذا الحديث دينٌ؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم).

أثر صحيح

أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص194)، والسمعاني في «أدب الإملاء» (150)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص112)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص15)، وابن الجوزي في «الموضوعات» (ج1 ص145)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (437)، و(438)، و(440)، و(445)، والخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (319)، و(320)، و(321)، و(322)، وفي «الفقيه والمتفقه» (844)، و(846)، وفي «الجامع لأخلاق الراوي» (142)، وابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص21 و22)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص156)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص60)، ومسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص84)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص46)، وابن شاهين في «تاريخ أسماء الضعفاء» (ص40)، وابن خير في «الفهرسة» (ص18)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص278) من طريق ابن عون، ومهدي بن ميمون، وحماد بن زيد، وهشام بن حسان؛ جميعهم: عن محمد بن سيرين به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ج1 ص403)؛ ما جاء في ترك السماع ممن اختلط وتغير.

وبوب الحافظ الدارمي في «المسند» (ج1 ص297)؛ باب: الاقتداء بالعلماء.

وعن الإمام عبد الرحمن بن مهدي / قال: (أترك من كان رأسا في بدعة يدعو إليها). ([98])

أثر صحيح

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص226)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج1 ص8)، والخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (339) من طريق علي بن المديني، ومحمد بن أبان، وأبي بكر بن خلاد الباهلي؛ كلهم: عن عبد الرحمن بن مهدي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الحافظ الخطيب / في«الكفاية» (ج1 ص419)؛ باب: ترك الاحتجاج بمن غلب على حديثه الشواذ، ورواية المناكير، والغرائب من الأحاديث.

وبوب الحافظ الدارمي في «المسند» (ج1 ص343)؛ باب: في اجتناب الأهواء.

وعن الإمام أحمد بن حنبل / قال: (تركوا الحديث، وأقبلوا على الغرائب، ما أقل الفقه فيهم).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (398) من طريق عبد الله بن موسى الهاشمي، ثنا ابن بدينا قال: سمعت المروزي يقول: سمعت أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ج1 ص427)؛ باب: ترك الاحتجاج بمن كثر غلطه، وكان الوهم غالبا على روايته.

وعن الإمام مالك / قال: (لا يؤخذ العلم من أربعة، ويؤخذ ممن سوى ذلك: لا يؤخذ من رجل صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من سفيه معلن بالسفه، وإن كان من أروى الناس، ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس، وإن كنت لا تتهمه أن يكذب في حديث رسول الله r، ولا من رجل له فضلٌ وصلاحٌ وعبادةٌ، لا يعرف ما يحدث). وفي رواية: (لم يكونوا يعرفون ما يحدثون). ([99])

أثر صحيح

أخرجه المروذي في «العلل ومعرفة الرجال» (328)، والقاضي عياض في «الإلماع» (ص60)، وابن حبان في «المجروحين» (ج1 ص79 و80)، والحاكم في «المدخل إلى الإكليل» (28)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص684)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (171)، وفي «الكفاية» (303)، و(475)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (418)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص103)، والعقيلي في «الضعفاء» (13)، و(14)، وابن شاهين في «تاريخ أسماء الضعفاء» (ص41)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص66)، وفي «جامع بيان العلم» (ج2 ص821)، وابن المقرئ في «المعجم» (1102)، وابن ناصر الدين في «إتحاف السالك» (ص128 و129) من طرق عن إبراهيم بن المنذر، حدثني معن بن عيسى، ومحمد بن صدقة، كلاهما: قال: سمعت مالك بن أنس به.

قلت: وهذا إسناده صحيح.

قال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ج1 ص394)؛ باب: في اختيار السماع من الأمناء، وكراهة النقل، والرواية عن الضعفاء.

وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (وقد أدركت رجالا كثيرا، منهم: من قد أدرك الصحابة y، فلم أسألهم عن شيء، كأنه يضعف أمرهم).

أثر صحيح

أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج1 ص699)، والخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (365) من طريق ابن بكير، حدثني ابن وهب قال: حدثني مالك بن أنس به.

قلت: وهذا إسناده صحيح.

وعن الإمام الشافعي / قال: (وكان ابن سيرين، والنخعي، وغير واحد من التابعين: يذهبون أن لا يقبلوا الحديث؛ إلا عن من عرف وحفظ). يعني: عرف بعلم الحديث والفقه فيه.

قال الإمام الشافعي: وما لقيت أحدا من أهل العلم يخالف هذا المذهب. ([100])

أثر صحيح

أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص416)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص39)، والخطيب في «الكفاية» (ج1 ص395) من طريق الساجي، وعلي بن إبراهيم، ثنا الربيع بن سليمان، ثنا الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص392): (ويكون المحدث عالما بالسنة، ثقة في دينه، معروفا بالصدق في حديثه، عدلا فيما يحدث، عالما بما يحمل من معاني الحديث).

قلت: والجابري ليس عنده شيء مما ذكره الإمام الشافعي، فكيف يؤخذ عنه العلم، والحديث، والفقه؟!.

قلت: وإذا وجدت في العلم من أهل الحديث، فلا يدخل عليك شك أنه الحق، وكل ما جاءك من غير أهل الحديث، فلا تلتفت إليه، فإنك تقع في الهلاك والدمار، وتقع في البحار.

وعن الإمام أبي الزناد / قال: (أدركت بالمدينة مائة، كلهم مأمونون، ما يؤخذ عنهم شيءٌ من الحديث، يقال: ليس من أهله). وفي رواية: (أدركت بالمدينة كذا، وكذا شيخا، كلهم: ثقةٌ، وكلهم لا يؤخذ عنه الحديث).

أثر صحيح

أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص15)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص379)، وفي «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (469)، و(470)، و(483)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (425)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص103، و162) من طريقين عن الأصمعي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ج1 ص467)؛ باب: ترك الاحتجاج بمن لم يكن من أهل الضبط والدراية وإن عرف بالصلاح والعبادة.

وعن عبد الله بن المبارك / قال: (قلت: لسفيان الثوري: إن عباد بن كثير من تعرف حاله، وإذا حدث جاء بأمر عظيم ([101])، فترى أن أقول للناس: لا تأخذوا عنه؟، قال سفيان: بلى. قال عبد الله بن المبارك: فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عبادٌ، أثنيت عليه في دينه، وأقول: لا تأخذوا عنه).

أثر صحيح.

أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ص26) من طريق محمد بن عبد الله قال: أخبرني علي بن حسين بن واقد قال: قال عبد الله بن المبارك به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال عبد الله بن المبارك /: (انتهيت إلى شعبة، فقال: هذا عباد بن كثير، فاحذروه).

أثر صحيح.

أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ص26) من طريق عبد الله بن عثمان قال: قال أبي، قال عبد الله بن المبارك به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن عبد الرحمن بن مهدي / قال: قيل، لشعبة بن الحجاج: (متى يترك حديث الرجل؟ قال: إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون([102]) فأكثر، وإذا أكثر الغلط، وإذا اتهم بالكذب، وإذا روى حديث غلط مجتمعٌ عليه، فلم يتهم نفسه، فيتركه طرح حديثه، وما كان غير ذلك، فارو عنه).

أثر صحيح.

أخرجه الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (431)، والعقيلي في «الضعفاء الكبير» (ج1 ص30)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (131)، والخطيب في «الكفاية» (ص142)، وابن عدي في «الكامل» (854)، و(859)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص77 و78)، وابن حبان في «المجروحين» (171) من طريق أحمد الدورقي، ونعيم بن حماد؛ كلاهما: عن ابن مهدي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن شبابة قال: قال شعبة بن الحجاج: (وقد لقيت شهر بن حوشب، فلم أعتد به).

أثر صحيح.

أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ص26) من طريق حجاج بن الشاعر حدثنا شبابة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن أيوب بن واصل قال: سمعت عبد الله بن عون يقول: (أنا لا آخذ العلم؛ إلا ممن شهد له عندنا بالطلب).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص28)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (420)، والخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (481)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص160)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص45) من طرق عن إبراهيم بن المنذر قال: سمعت أيوب بن واصل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الحافظ الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص414)؛ القول فيمن يستحق الأخذ عنه.

وعن الإمام يحيى بن سعيد القطان / قال: (رب صالح: لو لم يحدث كان خيرا له، إنما هو أمانةٌ، إنما هو تأديةٌ، الأمانة في الذهب، والفضة: أيسر منه في الحديث).

أثر صحيح

أخرجه الجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص37)، والخطيب في «الالجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص301) من طريق أبي قدامة قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

* فالأمانة في الذهب والفضة، أيسر من الأمانة في العلم، إنما هي تأدية، وإنما هي أمانة.

قال الإمام الجوزجاني / في «أحوال الرجال» (ص30)؛ في باب التحذير: (وجاهلٌ لا يحسن ما يأتي ويذر، ولا يفصل من هذا، ونحوه في المثل، بين التمرة والجمرة، حاطب ليل يحوي نحوه: ما استقبله).اهـ

* لذلك يجب على طالب العلم أن يأخذ من الثبت في العلم، ويفهم ما يقرأ، وما يقال له، ويبصر الأصول. ([103])

فعن الإمام الحسن البصري / قال: (لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تستمعوا منهم).

أثر صحيح

أخرجه الجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص36) من طريق زائدة عن هشام بن حسان عن الحسن البصري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام صلة بن زفر العبسي / قال: (قاتل الله المختار، أي: شيعة أفسد، وأي: حديث شان). ([104])

أثر صحيح

أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ج1 ص14)، والجوزجاني في «أحوال الرجال» (ص40) من طريق عيسى بن يونس عن أبيه عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر العبسي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام وكيع / قال: (ويلٌللمحدث إذا استضعفه أصحاب الحديث).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (367)، وفي «الجامع لأخلاق الراوي» (172)، و(173) من طريق نوح بن حبيب، وأحمد بن أبي الحواري، كلاهما: عن وكيع به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الحافظ الخطيب / في «الكفاية» (ج1 ص437)؛ باب: رد حديث أهل الغفلة.

وعن محمد بن شعيب، ومزاحم بن زفر قالا: قلنا، لشعبة بن الحجاج: (ما تقول في أبي بكر الهذلي؟ قال: دعني لا أقيئ) ([105]).

أثر صحيح

أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص780)، وابن عدي في «الكامل» (ج3 ص1167 و1168)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج9 ص224)، وفي «الكفاية في معرفة أصول علم الرواية» (296)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج2 ص177)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص143)، و(ج4 ص363) من طريق أبي مسهر، ودحيم به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وقول: «عبيد الجابري»؛ بالتنازل عن الأصول، هو قول: «ربيع المدخلي» تماما: ]تشابهت قلوبهم[ [البقرة:118].

وإليك الدليل:

قال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص156): (وأضيف: أليس المشركون أنفسهم قد اقترحوا على رسول الله r أمورا يوم صلح الحديبية للتنازل عنها، فلأجل المصالح والمفاسد التي راعاها استجاب لهم فيها، وهي من أصول الأصول). اهـ

قلت: فربيع هنا يعبر بالتنازل عن الأصول ... وعبر بأنها من أصول الأصول!، هذا هو الشاهد من كلامه، فهو يقول بالتنازل عن الأصول للمصلحة زعم. ([106])

* والنص صريح في التسامح بعدم الكتابة فقط لـ «بسم الله الرحمن الرحيم»؛ وبعدم كتابة «محمد رسول الله r» في الظاهر تفريقا بينا بين ترك الكتابة في الظاهر، وترك حقيقة الأصول، فهو تفريق واضح جلي بين التسامح بعدم الكتابة في الظاهر، وبين التسامح حقيقة في الأصول، ولا يشكك في هذا التفريق إلا جاهل بالدين.

وقال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص159): (أقول: لقد تسامح رسول الله r في هذا الصلح في أمور عظيمة من أصول وفروع، فمن الأصول التي تسامح فيها: عدم كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، والأخذ بما اقترحه سهيل بن عمرو: «باسمك اللهم» ... وتسامح في عدم كتابة: «محمد رسول الله»، وهي الركن الثاني من أركان الشهادتين، أصل الإسلام، وكتابة ما أصر عليه سهيل بن عمرو مندوب قريش). اهـ

قلت: فربيع هنا لم يفرق بين عدم كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وكتابة «محمد رسول الله» في الظاهر، وبين التنازل عن الأصول حقيقة، فظن بأن عدم كتابة ذلك هذا فيه تنازل النبي r عن الأصول حقيقة، وهذا من جهله، وفهمه السقيم للنصوص، وإلا من تدبر صلح الحديبية رأى أن النبي r ترك الكتابة في الظاهر، مع بقاء ذلك حقيقة ([107])، مع الإيمان بهذه الأصول كما بين العلماء ([108]) بلا مخالف. ([109])

وقال ربيع المدخلي في «مذكرة نصيحته» (ص7): (وإذن فترك الرسول r، لهذا العمل ليس من باب عمل فرعي، وإنما هو دفع للفتنة، وتأصيل للأمة، لتواجه به الأخطار والمشاكل والفتن!). اهـ

وقال ربيع المدخلي في «مذكرة نصيحته» (ص9): (فهل هذا التصرف، وهذه الموافقة، والتسامح كانت في أمور يسيره، أو كانت في أمور كبيرة، وأصول عظيمة!).اهـ

وقال ربيع المدخلي في «مذكرة هل يجوز التنازل عن الواجبات...» (ص15): (فهؤلاء: علي، وابن عمر، وجابر، كانوا ممن يرى وجوب القصر، ومع ذلك يصلون وراء عثمان درءا للفتن، وسدا لأبوابها التي تؤدي إلى سفك الدماء، وفشل الأمة، وتسليط الأعداء عليها، ألا يكون هذا من التنازل عن الأصول، والواجبات من أجل هذه الغايات الكبرى!). اهـ

وقال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص342): (وفي هذا إبطال لقول من يقول: إنه لا يجوز التنازل عن الواجبات بل فقط عن السنن المستحبات...).اهـ

* كذا يعبر بلفظ: التنازل عن الواجبات!، والله المستعان.

وقال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص360): (ألا يكون هذا من التنازل عن الأصول، والواجبات من أجل هذه الغايات الكبرى، عند من يرى أن الأصل هو القصر). اهـ

وقال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص360): (فهو تسامح في أصول، وواجبات لا في سنن ومستحبات). اهـ

* كذا يعبر بلفظ: التسامح في أصول وواجبات!، والله المستعان.

وقال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص364): (وفيه إبطال دعواه؛ بأنه لا يتنازل عن الواجبات والأصول). اهـ

قلت: وهذا واضح في أن «ربيعا» يقول بالتنازل عن الواجبات، والأصول للمصلحة بزعمه.

وقال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص372): (ومما يؤكد أن رسول الله r، وأصحابه: قد تنازلوا عن واجبات عظيمة! مراعاة لمصالح كبرى!).اهـ

وقال ربيع المدخلي في «المجموع الواضح» (ص372): (فمن يقول إنه لا يجوز التنازل عن الواجبات، فقد أبعد النجعة عن فقه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وفقه سيرته، وفقه علماء الشريعة!). اهـ

قلت: واستدلاله بهذه النصوص على جواز التنازل عن أصول الدين باطل بلا شك، وبهذا تدرك جرأة «المدخلي» على الكلام في المسائل العلمية بلا علم، بل ويتكلم فيها دون الرجوع إلى أهل العلم، والله المستعان. ([110])

* هكذا يفتري على الله تعالى، ويفتري على رسوله r، ويفتري على سنته r، ويفتري على علماء الشريعة، بفهمه السقيم لنصوص الكتاب والسنة، وأقوال علماء الأمة على التنازل عن الأصول، والواجبات، والله المستعان. ([111])

قلت: فاجعل هذه المقاطع نصب عينيك، وافهم محتواها حق الفهم لترد أكاذيب، وأباطيل «ربيع وحزبه» في دعواهم بجواز التنازل عن: «أصول الدين»، و«واجباته»، وإسقاط: «الرسالة»، و«بسم الله الرحمن الرحيم» من أجل المصلحة زعموا! ([112])، ولكن: (فلن ترى الشمس أبصار الخفافيش).

قلت: وقد بين أهل العلم: أن النبي r في «صلح الحديبية»، لم: «يتنازل عن الأصول»، ولم يسقط: «الرسالة»، ولا «بسم الله الرحمن الرحيم»، ولا «لمحمد رسول الله»، في كتابة الصلح بينه r، وبين المشركين في مكة.

* بل النبي r ترك الكتابة فقط؛ من أجل مصلحة المسلمين، مع بقاء رسالته r للخلق إلى قيام الساعة، وبقاء بسم الله الرحمن الرحيم، وأنه رسول الله r.

وذلك من قوله r: (والله: إني رسول الله، وإن كذبتموني). وفي رواية: (أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله). ([113])

وهذا يدل الفرق بين: ترك الكتابة فقط، وبين التنازل عن الأصول، وإسقاط رسالة الله تعالى إلى الخلق.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فتاوى

علماء أهل السنة والجماعة

على

بطلان مذهب: «ربيع المدخلي»، و«عبيد الجابري»،

ومن تابعهما على التنازل عن الرسالة،

ولم يذكروا أنهم تابوا عن ذلك

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

فتوى

فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله

مفتي عام المملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي r أسقط الرسالة، وتنازل عن أصول الدين

 

1) سئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ هناك من يقول بجواز: «التنازل عن أصول الدين»، ويستدل في ذلك بـ «صلح الحديبية» ([114]) وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (هذا خطأ الرسول r ما تنازل، الرسول هو رسول الله r، لكن لما طلب المشركون أن يكتب قال: (أنا رسول الله وإن كذبوني)، هذا ما فيه تنازل، أي تنازل، هذا ما فيه تنازل في كتاب الصلح، قالوا لا تكتب رسول الله، فقال r، (أنا رسول الله وإن كذبوني)، ما فيه تنازل هذا، الدين لله، ما يتنازل فيه للبشر).([115])اهـ

2) وسئل فضيلة الشيخ: سماحة الشيخ بعض الناس يقول بجواز التنازل عن أصول الدين، ويستدل على قوله بأن النبي r تنازل عن كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم» في صلح الحديبية، وتنازل عن اتجاه القبلة في الصلاة على الدابة، فما صحة هذا القول، وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (ما أدري هذه الفكرة سمعتها منذ أيام، وسؤلنا عنها مرة، أو مرتين، ومن قال هذا أظن المتكلم بها، أخشى أن يكون في قلبه زيغ، أي تنازل في شرع الله تعالى، شرع الله تعالى ليس لنا حقا بالتنازل عنه، شرع الله شرعا شرعه، وأوجبه علينا شرعه من الدين ووصى به محمدا r.

كما قال تعالى: ]وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب[ [الشورى:13]؛ فالشرع ليس بأهوائنا، وعقولنا، هذه أوامر من رب العالمين، وواجبات أوجبها الله تعالى علينا، والنبي r ما تنازل هو رسوله الله، لكن المشركين لما أنكروا، قال: أنا رسول الله، وإن أبيتم، هذا ليس تنازل، ما قال أنا ما قلت إني رسول الله حاشى وكلا قال: (أنا رسول الله وإن كذبوني)، هل يكون هذا تنازل عن المبادئ ... فهذه أقوال خاطئة كاذبة، لا يمكن لهم دليل، هذا الأقوال يأتي بها من يروج الباطل، ويدعو إلى الباطل، الرسول r ما تنازل إنما هو رسول الله، وقال: (أنا رسول الله وإن كذبوني). لم يقل لست برسول الله، لم يقله على لسانه حاشى وكلا، وإنما أرادوا أن يمحوا لفظ الرسول r من الكتابة، فهذه الفكرة عن التنازل، هذه أقوال سيئة كاذبة يتقولها، ويفتريها من لا علم له في شريعة الله). ([116]) اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

    

فتوى

فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله

عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بالمملكة العربية السعودية

في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي r أسقط الرسالة، وتنازل عن أصول الدين

 

1) سئل فضيلة الشيخ: أحسن الله إليكم، يقول السائل: بعضهم يقول بأنه يجوز «التنازل عن أصول الدين»، ويستدل على قوله أن النبي r تنازل عن كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، في صلح الحديبية، وقال: «اكتب بسمك اللهم»، وتنازل عن: «الاتجاه إلى القبلة في الصلاة على الدابة»، ما صحة هذا الكلام، وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (هذا كلام باطل وضلال - والعياذ بالله - الرسول r لم: «يتنازل عن الرسالة»؛ لما قال: (اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبداللهوهو محمد بن عبدالله، وهو رسول الله r، وليس من لازم ثبوت رسالته أن يكتب على الورق، بل هو رسول الله r، وهذا من ارتكاب أخف الضررين يدفع أعلاهما، وهذا من درء المفاسد، و (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، هذه قاعدة شرعية، لكن ليس معناها، أن الرسول r قال: أتنازل لست برسول الله r ، هل قال هذا حاشى وكلا، قال: (والله إني رسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله) ([117]).

* وأما الصلاة النافلة على الراحلة إلى حيث توجهت به؛ فهذا ليس تنازلا عن السنة، والقبلة، لكن قبلة الراكب في النافلة حيث ما توجهت به راحلته، وأما قبلة غير الراكب وفي الفريضة، فلابد أن تكون إلى الكعبة، لأن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة في الفريضة، وأما النافلة فأمرها أوسع، والله جل وعلا يقول: ]ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله[ [البقرة:115]. قال بعض المفسرين: هذه الآية نزلت في التنقل على الراحلة في السفر). اهـ

2) وسئل فضيلة الشيخ: هناك رجل يدعي بجواز التسامح والتنازل([118]) عن الواجبات الشرعية بدعوى مراعاة المصالح والمفاسد، ويستدل على ذلك بترك المرأة الحائض للصلاة والصيام مع إنهما ركنا الإسلام، ومع ذلك يستدل لذلك بترك النبي r لكتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وعدم كتابة: «محمد رسول الله»، وكذلك ترك الوضوء على من لم يجد الماء، ما صحة هذه الاستدلالات، وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (هذا الاستدلال باطل، وإلحاد في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله -، وهذا الرجل يجب عليه أن يتوب إلى الله، ويعلن توبته عن هذا الخوض في أحكام الله عزوجل بغير علم، وبغير بصيرة وبهوى.

ولا يجوز له أن يقول بمثل هذا الكلام، ولو طبق كلامه هذا لتغير الدين كله، ومن قال أن المصلحة تقتضي هذا، فلا تصلون لأن المصلحة تقتضي، فلا تصلون حتى لا يعيركم الكفار، لا تدفعون الزكاة، وفي المسلمين فقراء يحتاجون إلى الزكاة، فهذا الأمر لا يجوز أبدا.

فهذا يجب عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، ويرجع للحق والصواب، ويجب الإنكار عليه.

وأما الرسول r ترك الكتابة، ولم يتنازل عن الأصول([119])، وما منع: (الرحمن)، وأنه لا يقال: (الرحمن الرحيم)، ما منع هذا، ومحى الأسم من أصله، بل ترك الكتابة فقط، وتركه للكتابة لا يدل على ترك الأسم: «اسم الله» عز وجل). ([120]) اهـ

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

فتوى

فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان /

عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية

والإفتاء بالمملكة العربية السعودية

في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي r أسقط الرسالة،

وتنازل عن أصول الدين

 

1) سئل فضيلة الشيخ: بالنسبة يا شيخ لمسألة: «الصلح في الحديبية»، وأن النبي r لم يكتب: «محمد رسول الله»، وكتب: «محمد بن عبدالله»([121])، هل في ذلك تنازل عن أصل، وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (لا... هذا الأمر من السياسة الشرعية، كما ترك النبي r الأعرابي يبول في المسجد([122])، وكما ترك النصارى في نجران يصلون إلى مسجد القدس بعد فرض الصلاة إلى المسجد الحرام، وهم في المدينة([123])، تركهم يصلون، هذا من باب السياسة، لا ... «ما تنازل النبي r»، هذه من الناحية السياسية).([124]) اهـ

2) وسئل فضيلة الشيخ: بعضهم يقول يجوز التنازل عن أصول الدين، ويستدل بقوله أن النبي r تنازل عن كتابة: «محمد رسول الله»، في صلح الحديبية([125])، وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (نتنازل عن أصول الدين، هذا لا يجوز ... هذا لا يجوز ما هذا الكلام). ([126]) اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

فتوى

فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله

عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى

بالمملكة العربية السعودية

في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي r أسقط الرسالة،

وتنازل عن أصول الدين

 

سئل فضيلة الشيخ: بعضهم يقول يجوز: «التنازل عن أصول الدين»، ويستدل على قوله أن النبي r تنازل عن كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، و«رسول الله»، في صلح الحديبية، وقال: «اكتب باسمك اللهم»، وتنازل عن: «الاتجاه إلى القبلة في الصلاة على الدابة»، فما صحة هذا الكلام، وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (أتعرف ما هي أصول الدين؟!، أصول الدين هي الإيمان، هل يصح لإنسان أن يتنازل عن الصلاة، ويقول: لا .. يكفيني أداء الزكاة؟!، هل يصلح أن يقول الإنسان أتنازل عن الأمور البدنية، وأكتفي بما يستقر في قلبي من الإيمان؟!.

* والنبي r عندما قال للكاتب (اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم) وقال له سهيل بن عمرو: (لا نعرف، اكتب ما تكتب أنت وآباؤك)، (باسمك اللهم ([127]) فرفض الكاتب أن يكتب فقال: (آتني إياه)، ومحاها هو سيتعاقد بغض الطرف من يقول: (باسم هبل)، أو (بسم الله)...

* لكن كلمة (باسمك اللهم) المقصود عند الطرفين الله جل وعلا، فالقول أنه ترك أصلا؛ لإبرام عقد من المصلحة، الله أراد إبرامه، ما يعد تنازلا عن أصول الدين، ولو قلنا أن الإنسان من حقه أن يتنازل عن ما يقدر على عمله، وأن يتركه لقلنا نترك الإيمان والإسلام، وهذا تناقض، فإن هذا التخريج وقوله، إنما يأتي على الأمر الديني بالقضاء، ينبغي على الإنسان أن يتمسك بدينه، ولا يتخلى عن شيء يجب أن يقوم به إلا في حدود ما أذن الله جل وعلا به، وعند الخطر النهائي؛ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، لكن لو ثبت على الحق لا يلام، لأن النبي r ذكر أن من كان قبلنا يؤتى الرجل بالمنشار فيوضع في حفرة وينشر في منشار الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصده ذلك عن دينه) ([128]).([129]) اهـ

 

    

فتوى

فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله السبيل /

عضو هيئة كبار العلماء، وإمام وخطيب المسجد الحرام

والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي سابقا

بالمملكة العربية السعودية

في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي r أسقط الرسالة،

وتنازل عن أصول الدين

 

سئل فضيلة الشيخ: بعضهم يقول، يجوز «التنازل عن أصول الدين»، ويستدل على قوله بأن النبي r تنازل عن كتابة: «بسم الله الرحمن الرحيم»، في «صلح الحديبية»، وقال: «اكتب باسمك اللهم» ([130])، وتنازل عن: «الاتجاه إلى القبلة في الصلاة على الدابة» ([131])، فما صحة هذا الكلام، وجزاكم الله خيرا؟.

* فأجاب فضيلته: (لا .. هذا الكلام غير صحيح، وهذه الساعة مجبر على ذلك، ووقع مع المشركين، والنبي r التزم بالصلح، وبعد أشهر فتح مكة، فهذا الكلام لا يجوز، لأنهم كانوا مضطرين على هذا الصلح، وبعد فتح مكة كان الأمر غير ذلك). ([132]) اهـ

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

جهاد أهل السنة، مع أهل البدع.............................................................

6

2)

عبيد الجابري اسكت لا شيخ لك في العلم.........................................

7

3)

المقدمة.....................................................................................................

11

4)

ذكر الدليل على كشف ما ضل به عبيد بن عبد الله الجابري في أصول الدين؛ من اعتقاده: أن الرسالة قد سقطت؛ في قوله: أن النبي أسقط في صلح الحديبية: «الرسالة الإسلامية»!، وأسقط: «بسم الله الرحمن الرحيم»!، و«رسول الله»!، وأنه: عند الجابري الآن ليس برسول الله، وهذا من اللوازم عند أهل العلم؛ لأنه زعم أنه أسقط الرسالة، وأسقط رسول الله من أيام صلح الحديبية....................................................................................................

85

5)

فتوى فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي أسقط الرسالة، وتنازل عن أصول الدين.........................................................................................................

100

6)

فتوى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي أسقط الرسالة، وتنازل عن أصول الدين.........................................................................................................

103

7)

فتوى فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي أسقط الرسالة، وتنازل عن أصول الدين..........................................................

107

8)

فتوى فضيلة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى بالمملكة العربية السعودية في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي أسقط الرسالة، وتنازل عن أصول الدين.........................................................................

109

9)

فتوى فضيلة الشيخ محمد بن عبدالله السبيل عضو هيئة كبار العلماء، وإمام وخطيب المسجد الحرام والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي سابقا بالمملكة العربية السعودية في الرد على أخطاء من يقول: أن النبي أسقط الرسالة، وتنازل عن أصول الدين.........................................................................

111

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) نقله القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج7 ص103).

([2]) وانظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (ج7 ص103)، و«الديباج المذهب» لابن فرحون (ص35)، و«اختصار الديباج المذهب» لابن هلال (ص12 و13)، و«جمهرة تراجم الفقهاء المالكية» لقاسم علي (ج1 ص292).

([3]) أثر صحيح.

     أخرجه القاضي عياض في «الإلماع» (ص28)، وابن بشكوال في «الصلة» (ج1 ص255).

     وإسناده صحيح.

([4]) وانظر: «تذكرة السامع» لابن جماعة (ص95 و96)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج16 ص161).

([5]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد في معرفة علماء الحديث» (ج1 ص172).

     وإسناده صحيح.  

([6]) أثر صحيح.

     أخرجه الجوزقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص12).

     وإسناده صحيح.  

([7]) أثر حسن.

     أخرجه ابن بشكوال في «الصلة في تاريخ علماء الأندلس» (ج1 ص255).

     وإسناده حسن.     

([8]) أثر حسن.

     أخرجه ابن بشكوال في «الصلة» (ج1 ص262)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص839).

     وإسناده حسن.     

([9]) ويعلم أن هذا المذهب وخطره لا ينطلي على صغار طلبة العلم، فضلا عن كبارهم.

     لكن فوجئنا بتأييد بعض من ينتسب إلى العلم، لهذا المذهب الباطل.

     حتى لج هؤلاء في إغلاظ النكير على من يقول لا يتنازل عن أصول الإسلام.      

([10]) فالجابري هذا له جرأة عجيبة على التأصيل، والهجوم على نصوص الوحي دون الرجوع إلى فهم السلف، وقد أوقعه في ذلك جهله بمنهج السلف جملة وتفصيلا.        

([11]) بعدما وقع الخلاف بينه، وبين الذين انشقوا عنه، وعن: «ربيع المدخلي».     

([12]) والأصول مبناها على النصوص الشرعية، فهي توقيفية ليست من الأمور الاجتهادية.

     ليعلم: «الجابري» ومن يؤيده، ومن على شاكلته؛ أنهم بذلك قد وقعوا في مخالفة الإجماع، ولن يستطيعوا أن ياتوا بسلف لهم في هذا المذهب الباطل.

     وبهذا يعلم مدى تطبيق: «الجابري» ومن معه لقاعدة التنازل في الدعوة إلى الله من أجل المصلحة، وقد فعل ذلك في «ليبيا»، و«اليمن»، وغيرها، فهو يتعاون الآن مع من هب ودب من النطيحة، والمتردية.                      

([13]) وما لا خلاف فيه أن الاجتماع على الحق واجب شرعي، وأمنية كل مسلم غيور على إسلامه.      

([14]) والإرجاء داء القلوب الذي يجعل العبد يتهاون في أحكام شريعة الله تعالى، يخوض في الدين كيف يشاء ومتى شاء ... تراكمت البدع عليه فأصبحت ظلمات بعضها فوق بعض، فلم يعد يبصر، والله المستعان.               

([15]) أما أهل السنة؛ فيعلمون أنه لا عبرة بقلة السالكين، ولا كثرتهم، بل قد يكون العكس أقرب إلى الصواب؛ أي: أن أهل الحق قليلون، ولله الحمد والمنة.                      

([16]) وعلى ضوء هذا فعندما نقول منهج السلف، إنما؛ نعني: شمول جميع أصول الدين، فتنبه.           

([17]) وهم يجهلون أصول الدين، ويتمرغون في أوحال الحزبيات، والمناهج المنحرفة المصادمة لما جاء به رسول الله r، وصحابته الكرام، وأتباعهم بإحسان، فهؤلاء علمهم لا ينفعهم.

     قال الإمام ابن رجب / في «بيان فضل علم السلف على علم الخلف» (ص16)؛ بعد بيان العلم النافع والمراد به، ثم عقب بذكر القسم الثاني فقال: (وقد أخبر الله عن قوم أنهم أوتوا علما، ولم ينفعهم علمهم؛ فهذا علم نافع في نفسه، لكن صاحبه لم ينتفع به. قال تعالى ]مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا[ [الجمعة:5].، وقال تعالى: ]وأضله الله على علم[ [الجاثية:23]). اهـ   

([18]) وهؤلاء هم الذين يقولون ليس هناك حق ثابت في نفس الأمر، بل كل من اعتقد عقيدة، وكل من قال قولا؛ فإن قوله يحترم، لأنه يحتمل أن يكون حقا، بل يجب أن تعتبره حقا حين يجزم به، ويدعو إليه ويكون له أتباع.

     وعند هؤلاء الدين يتغير بتغير الزمان، ويقولون إنه ليس هناك شيء ثابت في الدين، والله المستعان.

     * والحق عند هؤلاء مسألة نسبيه، وهو ما يراه كل شخص بحسبه، فيقول هذا: لماذا نرجع إلى القرون الفاضلة، ويقول الآخر: لماذا تريدون أن تعودوا بنا إلى عهد السلف الصالح، فهذا العصر ظروفه تختلف، وأحداثه تختلف، وأحواله تختلف، ومن ثم؛ فإن الفتاوى أيضا تختلف.

     * وهذا الأمر يطرحونه دائما وباستمرار باسم: «التقريب»، و«الحرية»، و«التجديد الخطابي»، و«الحوار الحضاري»، و«الرؤية العصرية»؛ لإدراك الواقع للخطاب الإسلامي، والثقافة المتميزة، وفقه الواقع، والله المستعان.

     فينبغي أن ينتبه لهم أهل العلم بالرد عليهم وكشفهم، وتبيين الرجوع إلى منهج السلف الصالح، لأنه من الثوابت لديننا الحنيف، وشريعتنا ليست مسألة اجتهادية، ولكل مجتهد نصيب فيها كما يزعم هؤلاء، والله المستعان.    

([19]) وليس هذا الانحراف في أوساط الجهال المرجئيين فقط، بل وقع فيه من ينتسب إلى العلم، والماجستير، والدكتوراه، ولاسيما المنخرطين في سلك: «الفرقة الربيعية».

     وبهذا يتبين لنا واقعا تفريط «الفرقة الربيعية» في جانب الرجوع إلى العلماء، وتحطيم قواعد السلف في الأصول تحت شعار تعظيم منهج السلف الصالح، والله المستعان.

     ومن هذا الباب انزلقت أقدام: «الربيعية» في هاوية: «الإرجاء» الخبيث، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

([20]) وقد استفحل الإرجاء في «الفرقة الربيعية»، كل ذلك بسبب تعصبهم «لربيع المدخلي المرجيء»، المنشق بهوى في الجملة عن أهل السنة حتى أدى بهم إلى التفرق والتحزب، والعياذ بالله.

([21]) وهم الصحابة، ثم التابعون، ثم تابعوهم بإحسان.

     والفرق الأخرى المخالفة لهم لم تلتزم هذا الخط المستقيم؛ على تفاوت بينها وهم من الخلف، لأن من جاء بعدهم ولم يتبع سبيلهم؛ فإنه من الخلف؛ إذ يعترف بذلك الخلفيون فيفرقون بين طريقتهم وطريقة السلف، خاصة في إثبات الصفات، والله المستعان.

([22]) على طريقة الفكر الإخواني الذي تربى عليه من صغره في المدينة، وهو تجميع الناس مهما كانت أفكارهم.

([23]) وهذا الاتجاه، والادعاء يشتمل على باطل فتنبه.

     وهذا الاتجاه سلكه المميعة بجميع أنواعهم، فإنهم يفضلون - للمصلحة كما يبدو - هذا الاتجاه لأنه منهج فضفاض، لا يستنكف منه أحدٌ في هذا العصر، والله المستعان.

     وهذا جهل من نوع آخر.

([24])  انظر «الحث على المودة والائتلاف والتحذير من الفرقة والاختلاف» لربيع (ص44).

([25]) أما بعض التصرفات التي قد تصدر من بعض المنتسبين للسلفية، وهم ندرة وقلة ... فالمسئول عنها جهل هؤلاء بحقيقة طريقة السلف، واللوم يقع على الجاهل لا على السلفيين، والدعوة السلفية، فتنبه.

([26]) ويكفي في إبطال قوله؛ أن نوجه إليه هذا السؤال: أخبرنا من «قائم بالمنهج السلفي؟!».

([27]) والحق أن السلفيين هم بعيدون عن التعصب لفلان وعلان، وهم أتبع للدليل والبرهان، وأحرص على السنة الثابتة عن رسول الله r؛ بخلاف أتباع الجماعات الذين يرسخ في أذهانهم الطاعة المطلقة العمياء لكل التوجيهات والتعليمات، وليس من حقه التساؤل، أو الاعتراض، أو المطالبة بالدليل والبرهان، نعوذ بالله من الخذلان.

([28]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (1920)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص450)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص504)، من حديث ثوبان t.

([29]) وهل كان المرجئ إلا كذلك.

([30]) فما الأسباب الحقيقية لتفشي الأخطاء المنهجية في: «الفرقة الربيعية» الضالة؟، السبب الرئيسي هو التعصب والجهل، وتدخل ما هب ودب من أهل التعالم فيها، كما هو مشاهد، والله المستعان.

([31]) كل ذلك بسبب حب الظهور، والسعي للزعامة على حساب الدين، وهذا من أعظم ما أصاب المجتمع الإسلامي في هذا الزمن، حيث أصبحت الزعامة وسيلة لتحقيق غاية هي حب الظهور، وكثرة الاتباع، وليعلم مثل هذا أنه قد ينال بعض مراده في الدنيا، ولكن هيهات في الآخرة؛ فإنه معرض لعذاب الله، وقد وعد الله تعالى بالويل، اللهم سلم سلم.         

([32]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2815)، ومسلم في «صحيحه» (523)؛ من حديث أبي هريرة t.

([33])أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص340)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1340)؛ من حديث المغيرة بن شعبة t.

([34]) أثر صحيح.

     أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص319)، وأبو عمرو ابن منده في «الفوائد» (ص94)، وابن وهب في «العلم» (ج1 ص758 - جامع العلم)، وابن أبي حاتم في «تفسير القرآن» (ج10 ص3180)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (ص755)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص38)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص253)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص88)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص757)، والقاضي عياض في «الإلماع» (ص217).

     وإسناده صحيح.

     وذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج1 ص57)، والذهبي في «السير» (ج8 ص107)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص20)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج6 ص308).

([35]) انظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج6 ص308)، و «جامع البيان» للطبري (ج5 ص578)، و «فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص289).

([36]) أثر حسن.

     أخرجه الخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1575).

     وإسناده حسن.

([37]) أثر حسن.

     أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج5 ص577).

     وإسناده حسن.

     وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص288)، والشوكاني في «فتح القدير» (ج1 ص289).

([38]) لأن هذه الجماعات القائمة في عصرنا مرفوضة شرعا، وأنها امتدادٌ للفرق التي انشقت عن جماعة المسلمين بعد عصر الخلافة الراشدة.

([39]) في «الفرقة الربيعية»؛ فإنهم يفتون بغير علم، ودافع ذلك الجهل بحرمة الفتوى بغير علم في الشريعة الإسلامية، وهذا شأن من ليس عنده علم أصلا، وينتشر هذا النوع من الجهل عند طبقة الشباب المتعالم من الناس حيث لا يعلم حكم الله في أمور الدين، وما يترتب على ذلك من ضلالة في النفس، وإضلال للناس، كما ثبت في السنة عندما يقل العلم يتخذ الناس جهالا يفتون بغير علم فيضلون ويضلون.

([40]) لأن الاستعجال في الكتابة في العلم آفته عظيمة تعترض جميع المتعالمين في الدنيا والآخرة، والله المستعان.

     وهذا بسبب الجهل الذي اتصف به من أمسك بطرف أدنى من العلم، وفي هذا خطر عظيم على العبد، والسبب الرئيسي الذي يدفع إلى هذا النوع من الجهل هو التنزه عن قول: «لا أعلم»، وهوى النفس، وهو دافع ناتج عن ضعف في العقل، والدين، والمروءة، والله المستعان.

([41]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص301)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1343).

([42]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص364)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1303).

([43]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج2 ص704).                                   

([44]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص2610).                            

([45]) انظر: «تصحيفات المحدثين» للعسكري (ج1 ص24).                  

([46]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص496) من حديث عبد الله بن عمرو .       

([47]) وأتباع ربيع المدخلي الآن يقلدون أتباع الجماعات الإسلامية حذو القذة بالقذة في عدم تطبيق: التصفية، والتربية، والعلم في أتباعهم، وهمهم الكم لا الكيف، والله المستعان.

([48]) لأن: «ربيعا» هذا قصد قصدا فاسدا في الدعوة إلى الله، وأضل الشباب الضايع، فعورض بنقيض قصده.

     قلت: فمن استعجل في الدين، بعدم تطبيق أصوله، وما لم يكن له استعجاله بطل سعيه.

([49]) فمن استعجل ظهور الحق بزعمه قبل وقته، حرمه في حياته، وهو ينظر إلى حرمانه منه طيلة حياته.

([50]) وانظر: «الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص195)، و«الموافقات» للشاطبي (ج1 ص261)، و«إغاثة اللهفان» لابن القيم (ج1 ص358 و360)، و«الأشباه والنظائر» لابن الوكيل (ج1 ص350)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج1 ص272 و373)، و(ج9 ص63)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص72 و218)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص304 و305)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص193)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص200)، و«الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية» للبورنو (ص95)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص159)، و«درر الحكام في شرح مجلة الأحكام» لابن حيدر (ج1 ص87)، و«شرح القواعد الفقهية» للزرقا (ص403)، و«المفصل في القواعد الفقهية» للباحسين (ص533)، و«الأشباه والنظائر» للسبكي (ج1 ص168)، و«المنثور في القواعد» للزركشي (ج3 ص183)، و«إيضاح المسالك» للونشريسي (ص315).

([51]) وانظر: «الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية» للبورنو (ص96)، و«الأشباه والنظائر» للسبكي (ج1 ص168)، و«المنثور في القواعد» للزركشي (ج3 ص183)، و«إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك» للونشريسي (ص315).

([52]) وانظر: «معجم مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص45)، و(ج4 ص237)، و«الأشباه والنظائر» لابن الوكيل (ج1 ص168)، و«لسان العرب» لابن منظور (ج3 ص137)، و(ج9 ص63 و138)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص21 و205 و209)، و«الإشراف على مسائل الخلاف» لابن المنذر (ج2 ص134)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص288)، و«إغاثة اللهفان» له (ج2 ص358 و360)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص291 و665)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص159)، و«حلية طالب العلم» للشيخ بكر بن عبد الله (ص79)، و«الموافقات» للشاطبي (ج1 ص168)، و(ج3 ص393 و492)، و(ج4 ص76)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص169)، و«الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية» للبورنو (ص96)، و«المفصل في القواعد الفقهية» للباحسين (ص533)، و«الأشباه والنظائر» للسبكي (ج1 ص168)، و«المنثور في القواعد» للزركشي (ج3 ص183).

([53]) فتتحرك نفسه الأمارة بسوء، بالمسارعة مثلا: إلى الخطابة قبل وقت حصوله على العلم المؤصل بالدليل، فيخطب على المنبر وهو جاهل متعالم، أو يسارع إلى التدريس، أو إلى الدعوة إلى الله، أو حب كثرة الأتباع، أو إمامة المسجد، أو السعي في الأعمال الخيرية وهو جاهل، أو غير ذلك.

     فيعاقب بحرمان ذلك: أن لا يوفق في العلم، فهو دائما في خبط وخلط في الدين إلى ان يموت، ويهلك، نعوذ بالله من الخذلان.

([54]) حتى أنه إذا وقع بينهم خلاف، جعل كل واحد منهم، ميزانه خرصه، واتبع فيما اعتقده ظنه.

     فإذا تحاكموا إلى ما اتخذوه ميزانا، صار خلافهم في الميزان أكثر، لأن لا جرم أن كثيرا من جدالهم لا يولد في أنفسهم؛ إلا شبه، ولا يثمر إلا حسرة في الدين: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم[ [الصف:5].

([55]) لأن لعل الشارع أخره لحكمة، فلا بد من الصبر على الوسائل الشرعية في الدعوة إلى الله، والجري على الشرع فيها، لاشتمالها على المصالح للعباد في البلاد.

([56]) وانظر: «درر الحكام في شرح مجلة الأحكام» لابن حيدر (ج1 ص87)، و«الموافقات في أصول الشريعة» للشاطبي (ج2 ص331 و385)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص109 و159 و228)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص665)، و(ج3 ص393)، و«أحكام القرآن» لابن العربي (ج1 ص304 و305)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص159)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص200)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج7 ص306)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (ج1 ص288)، و«أضواء البيان» للشنقيطي (ج1 ص193)، و«الأشباه والنظائر» للسبكي (ج1 ص168)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص170)، و«المفصل في القواعد الفقهية» للباحسين (ص533).

([57]) انظر: «درر الحكام» لابن حيدر (ج1 ص87)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص170).

     قلت: والحرمان؛ المنع من الحصول من الشيء.

     والأوان: الزمان قل، أو كثر، وأوان الشيء: وقت حصوله.

([58]) انظر: «درر الحكام» لابن حيدر (ج1 ص87)، و«الأشباه والنظائر» للسيوطي (ص170).

([59]) انظر: «المنثور في القواعد» للزركشي (ج3 ص183)، و«إيضاح المسالك» للونشريسي (ص315)، و«الذريعة إلى مكارم الشريعة» للراغب الأصفهاني (ص166 و168 و170).

([60]) حتى يرتدع أصحاب الأهواء، ويلتزموا شرع الله في أقوالهم، وأفعالهم، وتصرفاتهم، ولا يستعجلوا الأمور، ويخالفوا بها قصد الشارع الحكيم.

     وانظر: «إغاثة اللهفان» لابن القيم (ج1 ص376)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج4 ص261)، و(ج8 ص195)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص200)، و(ج10 ص35)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج12 ص379)، و«حلية طالب العلم» للشيخ بكر بن عبد الله (ص79)، و«الأشباه والنظائر» لابن نجيم (ص159).

([61]) وانظر: «التعالم» للشيخ بكر / (ص5 - 12)، و «شرح حلية طالب العلم» لشيخنا محمد العثيمين / (ص207 و208).

([62]) فصار بناؤهم في دعوتهم مهلهلا من الداخل فخر عليهم السقف من فوقهم عندما مادت الأرض من تحتهم، ووقعوا في الهلاك المبين، وهذه بسبب الاستعجال المذموم المشين.

     وإذا أراد: «المدخلي» أن يسلم من الإثم في الدنيا والآخرة، فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحا، ويحل جماعته، ويتبرئ منهم إن أصروا على المضي بالجماعة في الهلاك والضلال، وإلا يعتبر هو وجماعته من الجماعات الإسلامية الحزبية التي هي خارجة من جماعة المسلمين، والله المستعان.

([63]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج3 ص101)، و (ج8 ص117)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2054).

([64]) وانظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج1 ص235)، و «الوسيط في تفسير القرآن المجيد» للواحدي (ج1 ص310)، و «جامع البيان» للطبري (ج2 ص315)، و «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص244).

([65]) وانظر: «الأذكار» للنووي (ص571).

([66]) قلت: والجدال والخصام بالباطل ابتلي به الجماعات الحزبية: من «الإخوانية»، و«التراثية»، و«الصوفية»، و«السرورية»، و«القطبية»، و«الأشعرية»، و«التبليغية»، و«اللادنية»، و«المرجئة»، وغيرهم، فانتبه.

([67]) انظر: «جامع البيان» للطبري (ج2 ص316).

     قلت: والحزبي الربيعي مخاصم في الدين، فلا يستقيم على خصومة، فهو ينتقل من خصومة إلى أخرى، كما هو مشاهد منه. والعياذ بالله.

([68]) انظر: «الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص557).

([69]) قلت: فإذا أراد الله تعالى بقوم شرا ألقى بينهم الجدل، وحرمهم العلم.

     * لذلك ظن أتباع ربيع أن العلم هو نشره في شبكات «الانترنت»: من تنزيل الكتب والمخطوطات فيها، لا التلقي على العلماء، لذلك لا ترى لهم دروسا علمية في كل السنة في البلدان قد تفرغوا لها، وإلا لماذا انحرفوا هذا الانحراف الشديد في الدين، والله المستعان.

     إذا نقول: (ما فائدة المرأة الجميلة عند الرجل الأعمى!)، اللهم غفرا.

([70]) وانظر: «الذريعة إلى مكارم الشريعة» للراغب الأصفهاني (ص171)، و«المحرر الوجيز» لابن عطية (ج4 ص548).

([71]) وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج3 ص443).

([72]) وليست هذه الفتاوى صدرت عن فهم سقيم، أو اجتهاد خاطئ؛ كما يدعي: «ربيع وشيعته»، أو عن عداء لأصحاب هذه الأصول المخالفة للكتاب والسنة، بل كانت صادرة عن علم ودين وتقوى، وعن فهم ثاقب لأصول هذه الجماعة، وعن إنصاف واضح، وعدل فيهم.

([73]) وهي فتاوى علمية نفيسة تضمنت الكلام عن: «ربيع المدخلي»، وحكم النظر في: «كتبه ومقالاته» المتداولة، وواجب المسلمين تجاهها وتجاه: «مقالات اتباعه»؛ نسأل الله السلامة والعافية.

([74]) وللعلم فإن الخطأ لصيق العبد يلازمه مثل ظله، وهناك علاقة طردية بين العمل والخطأ، فكلما وافق العبد أهل السنة والجماعة وسعى سعيهم كان نصيبه من الخطأ أقل، وكلما ابتعد العبد عن أهل السنة والجماعة وسعى بعيدا عن سعيهم كان نصيبه من الخطأ الكثير، والله المستعان.

([75]) لأن: «ربيعا» سابقا يدعي أن السلفيين كذبوا عليه، وظلموه وبتروا كلامه، ونقلوه بتحريف إلى أهل العلم، بل كذب بأنه لم يقل هذا الكلام، وهو خلاف الحقيقة، والله المستعان.

([76]) وانظر «التعالم» للشيخ بكر / (ص31)، و«شرح حلية طالب العلم» لشيخنا محمد العثيمين / (ص207 و208).

([77]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (52)، ومسلم في «صحيحه» (1599).

([78]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (100).

([79]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص989)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (615).

     وإسناده صحيح.

     وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص462)، والفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص170).

([80]) انظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص143).

([81]) انظر: «التقليد والتبعية» للعقل (ص47).

([82]) أثر صحيح.

     نقله عنه ابن تيمية في «الصارم المسلول» (ج2 ص116 - 117)، برواية: أبي طالب.

     وذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب في «التوحيد» (ص229).

([83]) وانظر: «الإلزامات والتتبع» للدارقطني (ص6 و18 و94)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج1 ص24).

([84]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2731)، و(2732) من طريق المسور بن مخرمة t.

     وأخرجه البخاري في «صحيحه» (2551)، ومسلم في «صحيحه» (1783) من طريق البراء بن عازب t.

([85]) وقد بين العلماء: أن النبي r لم يسقط الرسالة عن نفسه، ولا تنازل عن الأصول.

     بل النبي r ترك الكتابة فقط، ولم يتنازل عن شيء من الدين، ولا أسقط لشيء من رسالته r.

([86]) «قناة أهل الحديث»، تسجيل بصوت عبيد الجابري، بعنوان: «ردود العلماء من أهل السنة والجماعة على عبيد الجابري، لقوله بإسقاط رسالة رسول الله r»، سنة «1441هـ».

([87]) وانظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج4 ص2037)، و«المصباح المنير» للفيومي (ص146 و147)، و«القاموس الفقهي» جمعه: سعد أبو جيب (ص174)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج2 ص1712)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص692)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص128 و250).

([88]) قلت: ولا يستطيع: «الجابري» أن يأتي بدليل على أن النبي r أسقط الرسالة، وهل لديه دليل على هذا الإسقاط؟!.

([89]) وهذا فيه تفريق بين ترك الكتابة في الظاهر، وبين الإسقاط.

     فهو تفريق واضح جلي بين عدم الكتابة في الظاهر، وبين بقاء ذلك حقيقة في الدين.

([90]) ولم يخالف في ذلك؛ إلا ربيع المدخلي بسبب جهله، وفهمه السقيم للنصوص.

([91]) وانظر: «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» للقرطبي (ج3 ص636 و638)، و«إكمال المعلم بفوائد مسلم» للقاضي عياض (ج6 ص148 و149).

([92]) فـ«الفرقة الربيعية» ترى أن ذلك مفسدة، وتركا لأصل من أصول الدين، والتنازل عنه، والله المستعان.

([93]) وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج8 ص88)، و«الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (ج3 ص1023).

([94]) قلت: فينبغي إمعان النظر في القيد الذي ذكره ابن حجر: (ما لم يكن قادحا في أصله).

([95]) نقله عنه ابن بطال في «شرح صحيح البخاري» (ج8 ص88).

([96]) فبين شيخنا ابن عثيمين /: أن النبي r ترك بعض الأمور في الظاهر من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين.

([97]) وهو فوق هذا كله؛ يفتخر، ويتعالم في دروسه مع السذج من الشباب الضايع.

     فلا نريد التطويل بنقده، والكشف عن خوافيه، وإنما ذكرت الذي ذكرته؛ لأبين «للجابري» ما يقطع تغريره واغتراره، ويدفع تبجحه وافتخاره، ويدرأ عناده واستكباره.

([98]) والجابري العنيد: يدعو إلى بدعة: «الإرجاء»، وغيرها من بدع: «الفرقة الربيعية»، فلا يؤخذ عنه العلم، لأنه داعية إلى بدعته.

     وانظر: «الكفاية» للخطيب (ج1 ص383 و385)

([99]) وفي رواية عند ابن عبد البر في «التمهيد» (ج1 ص67)؛ من غير هذا الوجه: (إلا أنهم حملوا شيئا، لم يعقلوه).

([100]) وخالف الربيعيون كلهم: هذا الإجماع، فأخذوا العلم ممن هب ودب، ومن النطيحة والمتردية، فهلكوا، والعياذ بالله.

     قال الإمام ابن المبارك /: (بقية بن الوليد: صدوق اللسان، ولكنه: يأخذ عمن أقبل، وأدبر).

     أثر صحيح.

     أخرجه مسلم في «مقدمة صحيحه» (ص26).

     وإسناده صحيح.

([101]) وهذا الأمر في: «عبيد الجابري»، فإذا حدث في العلم، جاء بالمناكير، والأباطيل في الدين، اللهم غفرا.

([102]) قلت: وهذا الذي أظهره: «عبيد الجابري» من المنكر، لم يعرفه السلف جملة وتفصيلا.

([103]) وانظر: «أحوال الرجال» للجوزجاني (ص37).

([104]) قلت: أي؛ شباب أفسد هذا: «الجابري» بشبهاته في الاعتقاد، وأي: دين شانه، نعوذ بالله من الخذلان.

([105]) قوله: (لا أقيئ)؛ من شدة نكارة حديثه.

     * وأبو بكر الهذلي هذا: هو سلمى بن عبد الله بن سلمى الكوفي، وهو متروك الحديث.

     انظر: «الكامل في الضعفاء» لابن عدي (ج3 ص1167)، و«لسان الميزان» لابن حجر (ج3 ص346)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج4 ص313)، و«الضعفاء والمتروكين» لابن الجوزي (1492)، و«الضعفاء» للعقيلي (ج2 ص177)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص456).

([106]) قلت: وهذا يدل أن: «ربيعا» يرى بجهله أن النبي r تنازل عن الأصول في «صلح الحديبية».

([107]) هكذا قال العلماء منهم: «الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ صالح اللحيدان، والشيخ عبدالله الغديان، والشيخ محمد السبيل»، وغيرهم، انظر فتواهم في هذا الكتاب القيم.

([108]) انظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج8 ص818)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج6 ص383).

([109]) ما خالف في ذلك إلا ربيع بسبب فهمه السقيم للنصوص.

([110]) انظر: «المجموع الواضح» لربيع (ص153 و154 و155 و156 و253).

([111]) فكذب على الله تعالى، وعلى رسوله r، وعلى أئمة الأمة في تأصيلاته الفاسدة في الدعوة إلى الله.

([112]) ففتحوا بذلك طرقا منسدة، وطلبوا منزلة الخاصة، فوصلوا إليها بالوقاحة، اللهم غفرا.

([113]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2731)، و(2732) من حديث المسور بن مخرمة t.

     وأخرجه البخاري في «صحيحه» (551)، ومسلم في «صحيحه» (1783) من حديث البراء بن عازب t.

([114]) ثبت في حديث طويل: عن البراء بن عازب t قال: (اعتمر النبي r في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة، حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله، فقالوا لا نقر بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمد بن عبد الله، قال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ثم قال لعلي: امح رسول الله، قال: لا والله لا أمحوك أبدا، فأخذ رسول الله r الكتاب، فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله ... الحديث).

     وفي رواية: (فقال المشركون: لا تكتب محمدٌ رسول الله، لو كنت رسولا لم نقاتلك ... فمحاه رسول الله r بيده، وصالحهم).

     أخرجه البخاري في «صحيحه» (2551)، و (2552)، ومسلم في «صحيحه» (1783).

([115]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ)، تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).

([116]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الأول، وجه (أ)، تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).

([117]) أخرجه البخاري في «صحيحه»؛ مطولا في كتاب: «الشروط»، حديث (2731)، و (2732)، عن المسور بن مخرمة، ومروان في قصة صلح الحديبية أنه لما جاء مندوب قريش سهيل بن عمرو وقال: هات، اكتب بيننا، وبينكم كتابا، فدعا رسول الله r الكاتب، فقال النبي r: (بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيلٌ: أما الرحمن، فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب: باسمك اللهم، كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي r: اكتب باسمك اللهم، ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله فقال سهيلٌ: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن، اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي r: والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله).

([118]) أقول: وسواء قال ربيع بالتسامح، أو التنازل عن الأصول، أو الواجبات، أو المستحبات كل ذلك باطل، لأن لا يفيده تلميع العبارات، فمرة يقول: «بالتنازل»، ومرة يقول: «بالتسامح»، ومرة يقول: «عن الأصول»، ومرة: «عن الواجبات»، ومرة: «عن المستحبات»، والله المستعان.

([119]) فلا يقال تنازل النبي r عن الأصول، ولا يقال تسامح عن الواجبات بهذه الطريقة، لأن النبي r لم يترك إلا الكتابة فقط؛ كما بين العلماء نقل عنهم الحافظ النووي / في (شرح صحيح مسلم) (ج6 ص383)، مع بقاء الأصول والواجبات حقيقة، إذ لم يكن في كتابة ذلك نقض شيء من أصول الإسلام، أو التنازل عنها، لكن: «المدخلي المعاند» لا يعرف كيف يعبر بعبارات صحيحة في ذلك، فوقع في خبط وخلط وحيرة، والله المستعان.

     وانظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج8 ص88)، و«شرح صحيح مسلم» للنووي (ج6 ص383).

     وقد بين الإمام الطبري / في ذلك كما في «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج8 ص88) بقوله: (وفي كتابة عليه السلام: (باسمك اللهم) ولم يأب عليهم أن يكتبه، إذ لم يكن في كتابة ذلك نقض شيء من شروط الإسلام، ولا تبديل شيء من شرائعه). اهـ، وهكذا قال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج6 ص383)؛ في عدم كتابة ذلك فقط، ليس فيه تنازل عن أي شيء من أجل الصلح مع المشركين في عهد النبيr.

     فأنت ترى الإمام الطبري / لم يقل تنازل عن الأصول - كما عبر:«المدخلي» - بل لم يبين إلا ترك الكتابة فقط، وهذا الذي أجمع عليه العلماء كما بين الحافظ النووي /.

     قال الحافظ النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج6 ص383): (قال العلماء: وافقهم النبي r في ترك كتابة: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وأنه كتب: (باسمك اللهم)، وكذا وافقهم في: (محمد بن عبدالله)، وترك كتابة: (رسول الله) ... وإنما وافقهم في هذه الأمور للمصلحة المهمة الحاصلة بالصلح، مع أنه لا مفسدة في هذه الأمور). اهـ

     قلت: وكلام العلماء يدل على أنه ليس فيه التنازل عن أي شيء من: «الأصول»، أو: «الواجبات»، أو: «المستحبات»؛ كما يدعي «المدخلي» للمصلحة.

     * وأما استدلال: «المدخلي» بقول الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج5 ص352): (وجواز بعض المسامحة في أمر الدين).اهـ

     قلت: هذا التعبير خلاف تعبير: «المدخلي» كما هو واضح، ثم أن المسامحة التي ذكرها ابن حجر / هنا في عدم الكتابة فقط، وهي من أمر الدين، ليس التسامح في الأصول والواجبات والمستحبات مطلقا، كما يدعي: «المدخلي»، مع بقاء الأصول حقيقة، لكن «المدخلي» لا يفهم، ولا يريد أن يفهم لتكبره على الحق، والاعتراف به في هذه المسألة، فذروه وما يفتري من الباطل في النصوص!.

([120]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ)، تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).

([121]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2551)، و(2552)، ومسلم في «صحيحه» (1783) من حديث البراء بن عازب t.

([122]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص89) من حديث أبي هريرة t.

([123]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص55) من حديث البراء بن عازب t.

([124]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع) الجزء الأول، وجه (أ). تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).

([125]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2551)، و(2552)، ومسلم في «صحيحه» (1783) من حديث البراء بن عازب t.

([126]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع) الجزء الثالث، وجه (ب). تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).

([127]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2731) من حديث المسور بن مخرمة t.

([128]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص18) عن خباب بن الأرت t قال: (شكونا إلى رسول الله r، وهو متوسدٌ بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على راسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه).

([129]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الثالث، وجه (ب)، تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).

([130]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (2551)، و(2552)، و(2731)، و(2732)، ومسلم في «صحيحه» (1783) من حديث البراء بن عازب، والمسور بن مخرمة .

([131]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (1000)، و(1095)، ومسلم في «صحيحه» (700) من حديث ابن عمر .

([132]) «شريط مسجل» بصوته، بعنوان: (أقوال علماء أهل السنة والجماعة في منهج ربيع المدخلي) الجزء الرابع، وجه (أ)، تحت شعار: (العلماء هم الحجة للفصل في الخلافيات).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan