الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / رمي الإصابات على ديانات العصابات
رمي الإصابات على ديانات العصابات
رمي الإصابات
على
ديانات العصابات
تأليف العلامة المحدث:
الشيخ فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
دراسة أثرية منهجية علمية في كشف ديانات الجماعات الحزبية المستوردة من دول الغرب، والتي غشت المسلمين اليوم بدياناتها البدعية، وكانت سببا في نشر أفكار الخوارج، وتبنيها البدع الدعوية، وبسببها تفرقت الأمة في دينها، وعزلها عن علمائها، وتعلقها برؤوس الضلالة الذين كانوا سببا فيما نحن فيه اليوم من بلاء عظيم في البلدان الإسلامية.
ومعه:
فتاوى أهل العلم في ذم الجماعات الإسلامية، وأنها من الاثنتين وسبعين فرقة وذلك بأدلة الكتاب والسنة
كــ((العصابة التراثية))، و((العصابة الإخوانية))، و((العصابة الربيعية))، و((العصابة السرورية))، و((لعصابة القطبية))، و((العصابة الصوفية))، و((العصابة الداعشية))، و((العصابة اللادنية))، و((العصابة التبليغية))، و((العصابة الأشعرية))، و((العصابة الإباضية))، و((العصابة الرافضية))، و((العصابة الحماسية))، وغيرهم.
]أولئك الأحزاب[ [ص: 13]
بسم الله الرحمن الرحيم
درة نادرة
وما الدين إلا واحد والذي نرى |
|
|
ضلالات أتباع الهوى تتقارع |
وما ترك المختار ألف ديانة |
|
|
ولا جاء في القرآن هذا التنازع |
فيا ليت أهل الدين لم يتفرقوا |
|
|
وليت نظام الدين للكل جامع |
فمضمون هذه الأبيات إنكار المذاهب الباطلة، والدعوة إلى تركها، وأن هذا ليس مما جاء المختار صلى الله عليه وسلم.([1])
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
الجماعات الحزبية الذين فرقوا دينهم
وكانوا شيعا
قال تعالى: ] إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[ [الأنعام: 159].
وقال تعالى: ]ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون (32) [[الروم: 31 و32].
فهذه الجماعات الحزبية تدخل في الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، كما فعلت اليهود والنصارى؛ إذ تفرقوا فرقا وأحزابا ... فتبرأ الرسول صلى الله عليه وسلم منهم تحذير أمته من مثل فعلهم حيث أخذوا بعض الكتاب، وتركوا بعضا: ]أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض [[البقرة: 85].
قال المفسر المراغي رحمه الله في ((تفسيره)) (ج8 ص84): (المراد بالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا هم أهل الكتاب، والمقصود من براءة الرسول منهم تحذير أمته من مثل فعلهم، ليعلم أن من فعل فعلهم وحذا حذوهم من هذه الأمة فالرسول منه برىء.
إذ ما ورد في الكتاب والسنة من صفات الكفار، وأفعالهم ليس خاصا بهم، بل إذا اتصف المسلمون بمثل ما اتصفوا به كان حكمهم كحكمهم، لأن الله لا يبيح للمسلمين البدع والضلالات، والتفرق في الدين؛ لأنهم مسلمون، فإن ذلك يكون هدما لأسس الدين، وخروجا من سنن المهتدين). اهـ
قلت: ولدى التحقيق نجد أن أسباب التفرق في هذه الأمة في دينها ترجع إلى أمور:
1) التنازع على المناصب الدنيوية.
2) حب الرياسة والزعامة والمال.
3) العصبية الجنسية، والنغرة القومية، والنعرة الحزبية في كل شعب.
4) عصبية المذاهب في أصول الدين وفروعه.
5) القول في الدين بالرأي المذموم.
6) دسائس أعداء هذا الدين، وكيدهم له.
7) الجهل بأحكام الدين.
8) إتباع الأهواء المضلة.
قال العلامة الشيخ السعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ج2 ص510): (يتوعد تعالى الذين فرقوا دينهم، أي: شتتوه وتفرقوا فيه، وكل أخذ لنفسه نصيبا من الأسماء التي لا تفيد الإنسان في دينه شيئا، كاليهودية، والنصرانية والمجوسية. أو لا يكمل بها إيمانه، بأن يأخذ من الشريعة شيئا، ويجعله دينه، ويدع مثله، أو ما هو أولى منه، كما هو حال أهل الفرقة من أهل البدع والضلال والمفرقين للأمة.([2])
ودلت الآية الكريمة أن الدين يأمر بالاجتماع والائتلاف، وينهى عن التفرق والاختلاف في أهل الدين، وفي سائر مسائله الأصولية والفروعية.
وأمره أن يتبرأ ممن فرقوا دينهم فقال: ]لست منهم في شيء[؛ أي: لست منهم وليسوا منك، لأنهم خالفوك وعاندوك. ]إنما أمرهم إلى الله[؛ يردون إليه، فيجازيهم بأعمالهم ]ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[). اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
احذر
أن تصحب أتباع الجماعات الحزبية
الرعاع والهمج؛ فإن هؤلاء من المتهمين في دينهم
عن سلمة بن بلال قال: كان فتى يعجب علي بن أبي طالب t، فرآه يوما، وهو يماشي رجلا متهما، فقال له قال علي بن أبي طالب t:
فلا تصحب أخا الجهل |
|
|
وإياك وإيـاه |
فكم من جاهل أردى |
|
|
حليما حين آخاه |
يقاس المرء بالمرء |
|
|
إذا ما هو ماشاه |
وللشيء على الشيء |
|
|
مقاييس وأشباه |
وللقلب على القلب |
|
|
دليل حين يلقاه([3]) |
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى
العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء
ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
في أن هذه الجماعات الحزبية من الاثنتين وسبعين
فرقة التي هي في النار يوم القيامة
سئل سماحته: أحسن الله إليك، حديث النبي صلى الله عليه وسلم في افتراق الأمم في قوله صلى الله عليه وسلم: ((ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة إلا واحدة)). فهل جماعة التبليغ على ما عندهم من شركيات وبدع، وجماعة الإخوان على ما عندهم من تحزب، وشق العصا على ولاة الأمور، وعدم السمع والطاعة، هل هاتين الفرقتين تدخل في الاثنتين وسبعين فرقة؟.
فأجاب سماحته: (تدخل في الثنتين والسبعين، من خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين والسبعين([4])، والمراد بقوله: ((أمتي))؛ أي: أمة الاستجابة. أي: استجابوا له، وأظهروا اتباعهم له؛ ((ثلاث وسبعين)) فرقة. الناجية السليمة: التي اتبعته، واستقامت على دينه، واثنتان وسبعون فرقة: فيهم الكافر، وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع، أقسام.
فقال السائل: يعني: هاتين الفرقتين من ضمن الثنتين والسبعين؟.
فأجاب سماحته: نعم، من ضمن الثنتين والسبعين، والمرجئة وغيرهم، المرجئة والخوارج بعض أهل العلم يرى الخوارج الكفار خارجين، لكن داخلين في عموم الثنتين والسبعين). ([5]) اهـ
ويؤيده:
فعن الإمام أبي قلابة رحمه الله قال: (إن أهل الأهواء، أهل الضلالة، ولا أرى مصيرهم إلا إلى النار).([6])
قلت: فهؤلاء متوعد لهم بالنار، لأنهم ركزوا في نشر الباطل، ونصرة البدع، وطعنوا في أهل السنة والجماعة، ولقد بلغت الجرأة ببعضهم إلى تكذيب أهل السنة والجماعة، والله المستعان.
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (ديننا ليس دين فوضى، ديننا دين انضباط، دين نظام، ودين سكينة، والمظاهرات ليست من أعمال المسلمين، وما كان المسلمون يعرفونها، ودين الإسلام دين هدوء، ودين رحمة لا فوضى فيه، ولا تشويش، ولا إثارة فتن، هذا هو دين الإسلام، والحقوق يتوصل إليها دون هذه الطريقة، بالمطالبة الشرعية، والطرق الشرعية، هذه المظاهرات تحدث فتنا، وتحدث سفك دماء، وتحدث تخريب أموال، فلا تجوز هذه الأمور).([7]) اهـ
قلت: فالمظاهرات في الطرقات من دين الجماعات الحزبية ليست من دين الإسلام في شيء، والله المستعان.
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
فتاوى
العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء
ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
في
التحذير من الفرق الضالة، والجماعات الهالكة
والجمعيات الحزبية في هذا الزمان
سئل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله. ما واجب علماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات، والجماعات في كثير من الدول الإسلامية، وغيرها، واختلافها فيما بينها حتى إن كل جماعة تضلل الأخرى. ألا ترون من المناسب التدخل في مثل هذه المسألة؛ بإيضاح وجه الحق في هذه الخلافات، خشية تفاقمها، وعواقبها الوخيمة على المسلمين هناك؟.
فأجاب سماحته: (إن نبينا محمدا r بين لنا دربا واحدا يجب على المسلمين أن يسلكونه وهو صراط الله المستقيم، ومنهج دينه القويم، يقول الله تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[ ([8]).
كما نهى رب العزة، والجلال أمة محمد r عن التفرق، واختلاف الكلمة؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفشل، وتسلط العدو، كما في قوله جل وعلا: ]واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[([9]) وقوله تعالى: ]شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه[([10]).
فهذه دعوة إلهية إلى اتحاد الكلمة، وتآلف القلوب، والجمعيات إذا كثرت في؛ أي: بلد إسلامي من أجل الخير، والمساعدة، والتعاون على البر والتقوى بين المسلمين دون أن تختلف أهواء أصحابها([11])؛ فهي خير، وبركة، وفوائدها عظيمة.
أما إن كانت كل واحدة تضلل الأخرى، وتنقد أعمالها([12]) فإن الضرر بها حينئذ عظيم، والعواقب وخيمة. فالواجب على المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية، ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي بينه الله تعالى لعباده، ودعا إليه نبينا محمد r، ومن تجاوز([13]) هذا، واستمر في عناده لمصالح شخصية، أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله، فإن الواجب التشهير به، والتحذير منه ممن عرف الحقيقة([14])، حتى يتجنب الناس طريقهم، وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه، ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله تعالى باتباعه في قوله جل وعلا: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[.([15])
ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولا وأعداء الإسلام من الإنس ثانيا؛ لأن اتفاق كلمة المسلمين، ووحدتهم، وإدراكهم الخطر الذي يهددهم، ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك، والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين، ودرء الخطر عن دينهم، وبلادهم، وإخوانهم، وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين، وتشتيت شملهم، وبذر أسباب العداوة بينهم، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه).([16]) اهـ
وسئل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
ما هو موقف المسلم من الخلافات المذهبية المنتشرة بين الأحزاب، والجماعات؟ .
فأجاب سماحته: (الواجب عليه أن يلزم الحق الذي يدل عليه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وأن يوالي على ذلك، ويعادي على ذلك، وكل حزب، أو مذهب يخالف الحق يجب عليه البراءة منه، وعدم الموافقة عليه.
فدين الله تعالى واحد، وهو الصراط المستقيم، وهو عبادة الله تعالى وحده، واتباع رسوله محمد عليه الصلاة والسلام.
فالواجب على كل مسلم أن يلزم هذا الحق، وأن يستقيم عليه، وهو طاعة الله تعالى، واتباع شريعته التي جاء بها نبيه محمد عليه الصلاة، والسلام مع الإخلاص لله في ذلك، وعدم صرف شيء من العبادة لغيره سبحانه وتعالى، فكل مذهب يخالف ذلك، وكل حزب لا يدين بهذه العقيدة يجب أن يبتعد عنه، وأن يتبرأ منه، وأن يدعو أهله إلى الحق بالأدلة الشرعية مع الرفق، وتحري الأسلوب المفيد، ويبصرهم بالحق).([17]) اهـ
وسئل سماحته: عن جماعة التبليغ نسمع يا سماحة الشيخ عن جماعة التبليغ وما تقوم به من دعوة، فهل تنصحني بالانخراط في هذه الجماعة؟ أرجو توجيهي ونصحي أعظم الله مثوبتكم؟
فأجاب سماحته: (كل من دعا إلى الله فهو مبلغ ((بلغوا عني ولو آية))([18])؛ لكن جماعة التبليغ المعروفة الهندية عندهم خرافات، عندهم بعض البدع والشركيات، فلا يجوز الخروج معهم، إلا إنسان عنده علم يخرج لينكر عليهم ويعلمهم، أما إذا خرج يتابعهم، لا؛ لأن عندهم خرافات وعندهم غلط، عندهم نقص في العلم، لكن إذا كانت جماعة تبليغ غيرهم أهل بصيرة، وأهل علم يخرج معهم للدعوة إلى الله، أو إنسان عنده علم وبصيرة يخرج معهم للتبصير، والإنكار والتوجيه إلى الخير، وتعليمهم، حتى يتركوا المذهب الباطل، ويعتنقوا مذهب أهل السنة).([19]) اهـ
وسئل سماحة الشيخ: حركة ((الإخوان المسلمين)) دخلت المملكة منذ فترة، وأصبح لها نشاط واضح بين طلبة العلم، ما رأيكم في هذه الحركة؟، وما مدى توافقها مع منهج السنة والجماعة؟.
فأجاب سماحته: (حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم؛ لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله، وإنكار الشرك، وإنكار البدع، لهم أساليب خاصة، ينقصها: عدم النشاط في الدعوة إلى الله، ودعم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة.
فينبغي للإخوان المسلمين: أن تكون عندهم عناية بالدعوة السلفية، الدعوة إلى توحيد الله، وإنكار عبادة القبور، والتعلق بالأموات والاستغاثة بأهل القبور كالحسن، والحسين، أو البدوي، أو ما أشبه ذلك، يجب أن يكون عندهم عناية بهذا الأصل الأصيل بمعنى: ((لا إله إلا الله)) التي هي أصل الدين، وأول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، دعا إلى توحيد الله، إلى معنى: ((لا إله إلا الله)).
فكثير من أهل العلم ينتقدون على الإخوان المسلمين هذا الأمر، أي: عدم النشاط في الدعوة إلى توحيد الله، والإخلاص له، وإنكار ما أحدثه الجهال من التعلق بالأموات، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم؛ الذي هو الشرك الأكبر.
وكذا ينتقدون عليهم عدم العناية بالسنة، تتبع السنة، والعناية بالحديث الشريف، وما كان عليه سلف الأمة في أحكامهم الشرعية، وهناك أشياء كثيرة، أسمع الكثير من الإخوان ينتقدون فيها، نسأل الله أن يوفقهم).([20])اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
فتاوى
العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
عضو هيئة كبار العلماء
بالمملكة العربية السعودية
في
أنه ليس من الإسلام أن يتفرق الناس في جماعات وأحزاب وجمعيات حزبية
في الدين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
(فمعلوم لدى كل أحد ما يجري في الساحة الإسلامية من ظهور الجماعات المتفرقة المتحزبة التي طفت على سطح الماء في هذه الآونة الأخيرة، بينما كان اتجاه الشباب قبل سنوات اتجاها سليما؛ فلم يكن أحدهم يعتقد أن الآخر مضاد له، أو أنه في جانب وغيره في جانب آخر، لكن في الآونة الأخيرة نزغ الشيطان بين شبابنا، فنفث فيهم التحزب والتحمس لطائفة معينة، أو لشخص معين، حتى صار الولاء، أو البراء من الناس عند البعض تبعا لموقف هؤلاء الناس ممن يحبه هذا الشخص أو لا يحبه، ولا شك أن هذه وصمة عظيمة، ومرض فتاك، يذيب الأمة، ويمزق شملها، ويفرق شبابها.
فنصيحتي إلى أبنائي الشباب وإخواني:
أن يدعو هذا التحزب، وأن يدعو تصنيف الناس، وألا يهتموا بالشخص المعين، ويجعلوا الولاء والبراء موقوفا على موالاته، أو البراء منه، وأن يأخذوا بالحق أينما كان، ويدعو الباطل أينما كان ... وأقول للشباب: ألم تعلموا أن هذا التفرق قرة عين الملحدين من العلمانيين وغيرهم لأنهم يقولون: كفينا بغيرنا؟!.
ولو أن أحدا من هؤلاء الملحدين، بل لو أن أمة من هؤلاء الملحدين أرادوا أن يفرقوا شباب الإسلام هذا التفريق، وهذا التمزيق ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا لو خلصت النية، وصلح العمل.
أما الآن... فالشباب في الواقع في وضع يؤسف له لهذا نناشدهم الله عز وجل: ]إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون[ [الأنبياء: 92] وأن لا يهتم الإنسان بالتحزب لفلان، أو للطائفة الفلانية، أو الطائفة الفلانية، بل على الشاب أن يشغل بمعرفة الطريق ثم طريقه إلى الله.
وهذه التحزبات، وهذه المجادلات لاشك أنها تصد الإنسان عن دين الله).([21])اهـ
وسئل فضيلته: هل هناك نصوص في كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيهما إباحة تعدد الجماعات أو الإخوان؟.
فأجاب فضيلته: (نعم ... أقول ليس في الكتاب، ولا في السنة ما يبيح تعدد الأحزاب والجماعات، بل إن في الكتاب، والسنة ما يذم ذلك، قال تعالى: ]إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[ [الأنعام: 159] قال تعالى: ]كل حزب بما لديهم فرحون[ [المؤمنون: 53] ولا شك أن هذه الأحزاب تتنافى ما أمر الله به، بل ما حث الله عليه في قوله: ]وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون[ [المؤمنون: 52]).([22]) اهـ
وقال فضيلته: (ليس في الكتاب، ولا في السنة ما يبيح الجماعات والأحزاب، بل إن في الكتاب والسنة ذم ذلك، قال تعالى: ]فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون[ [المؤمنون: 53] ولا شك أن هذه الأحزاب تنافي ما أمر الله به، بل ما حث عليه في قوله تعالى: ]إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون[ [الأنبياء: 92]).([23]) اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
فتاوى
العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله
في
تحريم تعدد الجماعات الحزبية في الإسلام
سئل فضيلته: ما هو رأيكم بجماعة الإخوان المسلمين من حيث قيام الدولة الإسلامية بمفهوم إسلامي صحيح؟ وكذلك الجماعات الإسلامية الأخرى, وكيف يمكن توحيد المسلمين؟.
فأجاب فضيلته: (من ناحية أي حزب، أو جماعة؛ فإنه لا يقوم على أساس التثقيف الإسلامي الصحيح الذي يدور على الكتاب، والسنة الصحيحة، وليس السنة فقط، وليس على الكتاب والسنة الصحيحة فقط، وإنما على الكتاب والسنة الصحيحة مقرونا بفهمها على منهج السلف الصالح ليس هناك دعوة تقوم على هذا المنهاج إلا الدعوة السلفية، ومنها ما يسمى بأهل الحديث إلى غير ذلك من الأسماء بقدر ما يهم مضامينها).([24])اهـ
وسئل فضيلته: ما رأيكم في جماعة التبليغ؟ وهل يجوز لطالب العلم أو غيره أن يخرج معهم بدعوى الدعوة إلى الله؟.
فأجاب فضيلته: (جماعة التبليغ لا تقوم على منهج كتاب الله، وسنة رسوله عليه السلام، وما كان عليه سلفنا الصالح، وإذا كان الأمر كذلك، فلا يجوز الخروج معهم، لأنه ينافي منهجنا في تبليغنا لمنهج السلف الصالح، ففي سبيل الدعوة إلى الله يخرج العالم، أما الذين يخروجون معهم فهؤلاء واجبهم أن يلزموا بلادهم، وأن يتدارسوا العلم في مساجدهم، حتى يتخرج منهم علماء يقومون بدورهم في الدعوة إلى الله، وما دام الأمر كذلك، فعلى طالب العلم إذن أن يدعو هؤلاء في عقر دارهم، إلى تعلم الكتاب والسنة، ودعوة الناس إليها. وهم –أي: جماعة التبليغ- لا يعنون بالدعوة إلى الكتاب والسنة كمبدأ عام، بل إنهم يعتبرون، هذه الدعوة مفرقة، ولذلك فهم أشبه ما يكونون بجماعة الإخوان المسلمين).([25]) اهـ
وسئل فضيلته: ما هو حكم الشرع في تعدد هذه الجماعات، والأحزاب، والتنظيمات الإسلامية؛ مع أنها مختلفة فيما بينها في مناهجها وأساليبها، وعدواتها وعقائدها، والأسس التي قامت عليها، وخاصة أن جماعة الحق واحدة؛ كما دل الحديث على ذلك؟.
فأجاب فضيلته: (لنا كلمات كثيرة، وعديدة حول الجواب عن هذا السؤال؛ ولذلك فنوجز الكلام فيه.
فنقول: لا يخفى على كل مسلم عارف بالكتاب، والسنة وما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم، أن التحزب، والتكتل في جماعات مختلفة الأفكار أولا، والمناهج والأساليب ثانيا، فليس من الإسلام في شيء، بل ذلك مما نهى عنه ربنا عز وجل في أكثر من آية في القرآن الكريم؛ منها قوله تعالى: ]ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون (32) [[الروم: 31 و32]؛ فربنا عز وجل يقول: ]ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين (118) إلا من رحم[ [هود: 118، 119]؛ فالله تبارك وتعالى استثنى من هذا الخلاف الذي لابد منه كونيا، وليس شرعيا، استثنى من هذا الاختلاف الطائفة المرحومة حين قال: ]إلا من رحم[.
ولا شك ولا ريب أن أي جماعة يريدون بحرص بالغ، وإخلاص لله عز وجل في أن يكونوا من الأمة المرحومة المستثناة من هذا الخلاف الكوني، إن ذلك لا سبيل للوصول إليه، ولتحقيقه عمليا في المجتمع الإسلامي إلا بالرجوع إلى الكتاب، وإلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإلى ما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم.
ولقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم المنهج، والطريق السليم في غير ما حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خط ذات يوم على الأرض خطا مستقيما وخط حوله خطوطا قصيرة عن جانبي الخط المستقيم؛ ثم قرأ: قوله تبارك وتعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله[ [الأنعام: 153]؛ ومر بأصبعه على الخط المستقيم، وقال هذا صراط الله، وهذه طرق عن جوانب الخط، قال عليه السلام: (وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه).([26])
لا شك أن هذه الطرق القصيرة هي التي تمثل الأحزاب، والجماعات العديدة. ولذلك فالواجب على كل مسلم حريص على أن يكون حقا من الفرقة الناجية أن ينطلق سالكا الطريق المستقيم، وأن لا يأخذ يمينا ويسارا، وليس هناك حزب ناجح إلا حزب الله تبارك وتعالى الذي حدثنا عنه القرآن الكريم ]ألا إن حزب الله هم المفلحون[ [المجادلة: 22].
فإذا، كل حزب ليس هو حزب الله؛ فإنما هو من حزب الشيطان، وليس من حزب الرحمن، ولا شك ولا ريب أن السلوك على الصراط المستقيم يتطلب معرفة هذا الصراط المستقيم معرفة صحيحة، ولا يكون ذلك بمجرد التكتل والتحزب الأعمى على كلمة هي كلمة الإسلام الحق لكنهم لا يفقهون من هذا الإسلام؛ كما أنزل الله تبارك وتعالى على قلب محمد صلى الله عليه وسلم.
لهذا كان من علامة الفرقة الناجية التي صرح النبي صلى الله عليه وسلم بها حينما سئل عنها فقال: (هي ما أنا عليه وأصحابي).([27])
فإذا هذا الحديث يشعر الباحث الحريص على معرفة صراط الله المستقيم أنه يجب أن يكون على علم بأمرين اثنين هامين جدا.
الأول: ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
والآخر: ما كان عليه أصحابه عليه الصلاة والسلام؛ ذلك لأن الصحابة الكرام هم الذين نقلوا إلينا أولا: هديه صلى الله عليه وسلم وسنته، وثانيا: هم الذين أحسنوا تطبيق هذه السنة تطبيقا عمليا، فلا يمكننا والحالة هذه أن نعرف معرفة صحيحة سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا بطريق أصحابه ... فالشاهد: من هذا وذاك أن فهم الإسلام فهما صحيحا لا سبيل إلا بمعرفة سير الصحابة، وتطبيقهم لهذا الإسلام العظيم الذي تلقوه عنه صلى الله عليه وسلم: إما بقوله، وإما بتقريره.
لذلك نعتقد جازمين أن كل جماعة لا تقوم قائمتها على هذا الأساس من الكتاب، والسنة ومنهج السلف الصالح دراسة واسعة جدا محيطة بكل أحكام الإسلام كبيرها، وصغيرها، أصولها وفروعها، فليست هذه الجماعة من الفرقة الناجية من التي تسير على الصراط المستقيم الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح.
وإذا فرضنا أن هناك جماعات متفرقة في البلاد الإسلامية على هذا المنهج، فهذه ليست أحزابا، وإنما هي جماعة واحدة، ومنهجها منهج واحد، وطريقها واحد، فتفرقهم في البلاد ليس تفرقا فكريا عقديا منهجيا، وإنما هو تفرق بتفرقهم في البلاد؛ بخلاف الجماعات والأحزاب التي تكون في بلد واحد، ومع ذلك فكل حزب بما لديهم فرحون.
هذه الأحزاب لا نعتقد أنها على الصراط المستقيم بل نجزم بأنها على تلك الطرق التي على رأس كل طريق منها شيطان يدعو الناس إليه.
ولعل في هذا جوابا لما سبق).([28]) اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى
العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان رحمه الله
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في
أن هذه الجماعات الحزبية من الفرق الضالة في الإسلام
سئل فضيلته: عن الفرق والجماعات المنتشرة في بلادنا؟
فأجاب فضيلته: (الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي))([29])، هذا يكفينا، ما الداعي إلى أن البلد يكون فيها خمس جماعات، ست جماعات، عشر جماعات؟ وكل جماعة تعادي الجماعة الأخرى، وتعتقد أنها على باطل، هذا في الحقيقة ما كان معروف عندنا في البلد هذه، المملكة كلها ما كان معروف إلا أنه لما جاءنا ناس من غير جلدتنا، هم الذين بذروا هذه السموم عندنا، لكن أنا لا أدري ما الذي سلطهم على البلد هذا يجيئون ويفرقون بين شبابنا!! إذا كانوا يريدون أن يدعوا إلى الحق لماذا لا يذهبون إلى إسرائيل! حقيقة يذهبون، ويدعون اليهود، ويدعون النصارى، لا يجيئون ويدعون أناس متمسكين بكتاب الله، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، يقولون أنت: خلك تبليغي، أو خلك إخواني، أو خلك كذا أو كذا من الجماعات، من جماعة المرجئة، أو الخوارج، لأن كل المبادئ القديمة كلها ظهر لها بذور الآن، بذور عملية كانت في الأول منغمسة، لكن ظهر لها ناس الآن في هذه البلاد، وهم كلهم ليسوا من أهل البلد، كلهم جاءونا من الخارج).([30]) اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
فتاوى
العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
بالمملكة العربية السعودية
في ذم الجماعات الحزبية
في الكتاب والسنة
سئل فضيلته: ما وجه صحة نسبة الجماعات الموجودة اليوم إلى الإسلام، أو وصفهم بالإسلامية، وصحة إطلاقة لفظ الجماعات عليهم، وإنما جماعة المسلمين واحدة؛ كما في حديث حذيفة رضي الله عنه.
فأجاب فضيلته: (الجماعات فرق توجد في كل زمان، ليس هذا بغريب، قال صلى الله عليه وسلم: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة))([31])؛ فوجود الجماعات، ووجود الفرق هذا أمر معروف، وأخبرنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يعش منكم؛ فسيرى اختلافا كثيرا))([32])؛ ولكن الجماعة التي يجب السير معها، والاقتداء بها والانضمام إليها هي جماعة أهل السنة والجماعة؛ الفرقة الناجية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بين هذه الفرق؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كلها في النار؛ إلا واحدة قالوا: من هي؟ قال صلى الله عليه وسلم: ما أنا عليه وأصحابي))([33]) هذا هو الضابط؛ فالجماعات إنما يجب الاعتبار بمن كان منها على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من السلف الصالح، والله تعالى يقول: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100] هؤلاء هم الجماعة؛ جماعة واحدة، ليس فيها تعدد ولا انقسام، من أول الأمة إلى آخرها، هم جماعة واحدة، ]والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم[ [الحشر: 10] هذه هي الجماعة الممتدة من وقت الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، وهم أهل السنة والجماعة، وأما ما خالفهم من الجماعات؛ فإنها لا اعتبار بها، وإن تسمت بالإسلامية، وإن تسمت جماعة الدعوة أو غير ذلك؛ فكل ما خالف الجماعة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإنها من الفرق المخالفة المتفرقة التي لا يجوز لنا أن ننتمي إليها أو ننتسب إليها؛ فليس عندنا انتماء إلا لأهل السنة والتوحيد، ]اهدنا الصراط المستقيم (6) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين[ [الفاتحة: 6، 7] والذين أنعم الله عليهم بينهم في قوله: ]ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا[ [النساء: 69] فالجماعة التي اتخذت منهجها من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعملت بقوله صلى الله عليه وسلم: ((فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كبيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور))؛([34]) هؤلاء هم الجماعة المعتبرة، وما عداها من الجماعات؛ فإنه لا اعتبار بها، بل هي جماعة مخالفة، وتختلف في بعدها عن الحق وقربها من الحق، ولكن كلها تحت الوعيد، كلها في النار؛ إلا واحدة، نسأل الله العافية. وكونها في النار لا يلزم منه الكفر، وإنما هو من باب الوعيد، ومن كانت فرقته مكفرة فهو خالد في النار، ومن كانت فرقته مضللة فهو متوعد بالنار).([35]) اهـ
وسئل فضيلته: ما رأيكم في الجماعات كحكم عام؟.
فأجاب فضيلته: (كل من خالف جماعة أهل السنة فهو ضال، ما عندنا جماعات إلا جماعة واحدة هم أهل السنة والجماعة، وما خالف هذه الجماعة فهو مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم ونقول أيضا: كل من خالف أهل السنة والجماعة؛ فهو من أهل الأهواء، والمخالفات تختلف في الحكم بالتضليل، أو بالتكفير حسب بعدها، وقربها من الحق).([36]) اهـ
وسئل فضيلته: هل هذه الجماعات تدخل في الاثنتين وسبعين فرقة الهالكة؟.
فأجاب فضيلته: (نعم كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسبون إلى الإسلام في الدعوة، أو في العقيدة، أو في شيء من أصول الإيمان، فإنه يدخل في الاثنتين وسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم، والعقوبة بقدر مخالفته).([37])اهـ
وسئل فضيلته: ما رأيكم في قيام الأحزاب ذات التوجه الإسلامي؟ وما موقف المسلم الذي يختار الحياد طريقا له؟.
فأجاب فضيلته: (يقول الله تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين[ [التوبة: 119] ويقول تعالى: ]وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان[ [المائدة: 2] ويقول تعالى: ]ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة[ [النحل: 125] فالمطلوب من المسلم أن يستقيم في نفسه، وأن يقوم بما يستطيع من الدعوة إلى الله سواء كان منفردا، أو مع إخوانه المسلمين، ولا شك أن الاجتماع على البر والتقوى، ولزوم جماعة المسلمين أمر مطلوب من المسلم، فالواجب عليك أن تكون مع الجماعة المسلمة المستقيمة على أمر الله التي ليس لها أهداف دنيوية، ولا أعراض دنيئة، والتي تسير على المنهج النبوي، وعلى هدي الكتاب والسنة، وأما الجماعات المشبوهة، والجماعات المبتدعة، والمخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم في القول والعمل، فابتعد عنها والزم الجماعة التي تدعو إلى إصلاح العقيدة، وتحقيق توحيد الله تعالى، وتنهى عن الشرك، لأنها هي الطائفة المنصورة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق))([38]) وهي الفرقة الناجية: أهل السنة والجماعة: ((وهم من كان مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه))([39])).([40]) اهـ
وسئل فضيلته: ما حكم وجود مثل هذه الجماعات: التبليغ، والإخوان، وحزب التحرير، وغيرها في بلادنا خاصة، وبلاد المسلمين عامة؟.
فأجاب فضيلته: (بلادنا ولله الحمد كانت جماعة واحدة؛ ولا تزال جماعة واحدة بكل أفرادها حكامها، وشعبها، وكل حاضرتها وباديتها، تسير على منهج الكتاب والسنة، وتحكم بالشريعة، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر وتقيم الحدود، ويوالي بعضهم بعضا، ويحب بعضهم بعضا، أما هذه الجماعات الوافدة فيجب أن لا نتقبلها، لأنها تريد أن تنحرف بنا أو تفرقنا، وتجعل هذا تبليغيا وهذا إخوانيا، وهذا كذا ... لم هذا التفرق؟ هذا كفر بنعمة الله سبحانه وتعالى، ونحن جماعة واحدة وعلى بينة من أمرنا، لماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا نتنازل عما أكرمنا الله سبحانه وتعالى به من الاجتماع، والألفة والطريق الصحيح، وننتمي إلى جماعات تفرقنا، وتشتت شملنا، وتزرع العداوة ببننا؟! هذا لا يجوز أبدا).([41]) اهـ
وسئل فضيلته: إضافة لحالة التردي، تعيش الأمة الإسلامية حالة اضطراب فكري خصوصا فيما يتعلق بالدين، فقد كثرت الجماعات، والفرق الإسلامية التي تدعي أن نهجها هو النهج الإسلامي الصحيح الواجب الاتباع حتى أصبح المسلم في حيرة من أمره أيها يتبع، وأيها على الحق؟.
فأجاب فضيلته: (التفرق ليس من الدين، لأن الدين أمرنا بالاجتماع، وأن نكون جماعة واحدة، وأمة واحدة على عقيدة التوحيد، وعلى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول تعالى: ]إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون[ [الأنبياء: 92]، ويقول تعالى: ]واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[ [آل عمران: 103]، وقال سبحانه وتعالى: ]إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون[ [الأنعام: 159] فديننا دين الجماعة، ودين الألفة والاجتماع، والتفرق ليس من الدين، فتعدد الجماعات هذه ليس من الدين، لأن الدين يأمرنا أن نكون جماعة واحدة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا))([42])، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد))([43])؛ فمعلوم أن البنيان، وأن الجسد شيء واحد متماسك ليس فيه تفرق، لأن البنيان إذا تفرق سقط، كذلك الجسم إذا تفرق فقد الحياة، فلابد من الاجتماع، وأن نكون جماعة واحدة أساسها التوحيد، ومنهجها دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسارها على دين الإسلام، قال تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[ [الأنعام: 153] فهذه الجماعات، وهذا التفرق الحاصل على الساحة اليوم لا يقره دين الإسلام؛ بل ينهى عنه أشد النهي، ويأمر بالاجتماع على عقيدة التوحيد، وعلى منهج الإسلام جماعة واحدة، وأمة واحدة، كما أمرنا الله سبحانه وتعالى بذلك. والتفرق وتعدد الجماعات إنما هو كيد شياطين الجن والإنس لهذه الأمة، فما زال الكفار، والمنافقون من قديم الزمان يدسون الدسائس لتفريق الأمة، قال اليهود من قبل: ]آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون[ [آل عمران: 72]؛ أي: يرجع المسلمون عن دينهم إذا رأوكم رجعتم عنه، وقال المنافقون: ]لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا[ [المنافقون: 7] ]والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين[ [التوبة: 107].
أقول: وفي الجملة فعلماء الإسلام، وعلماء السنة في السابق واللاحق لا يجيزون هذا التفرق، ولا هذا التحزب، ولا هذه الجماعات المختلفة في مناهجها وعقائدها؛ لأن الله قد حرم ذلك، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، والأدلة كثيرة وقد سبق سردها في مواطنها).([44]) اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
من اعتصم بالله تعالى نجا
المقدمة
فإن الحديث عن الفرق الضالة له شأن عظيم؛ ألا وهو الحذر من شر هذه الفرق ومن محدثاتها، والحث على لزوم فرقة أهل السنة والجماعة.
وترك ما عليه الفرق المخالفة، لا يحصل عفوا للمسلم، لا يحصل إلا بعد الدراسة السلفية الأثرية، ومعرفة ما عليه الفرقة الناجية، وهي أهل السنة والجماعة.([45])
وقد بين حذيفة بن اليمان t (فيمن لا يعرف الشر يوشك أن يقع فيه)، فقال t: ((كان الناس يسألون رسول الله r عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني... الحديث)).([46])
قال الإمام الطبري رحمه الله: ((فافترق الناس أحزابا؛ فلا يتبع أحدا في الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع في الشر)).([47])اهـ
قلت: والنبي r ترك أمته على بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((لمحة عن الفرق الضالة)) (ص27): (فهذا يحتاج إلى العلم أولا؛ بكتاب الله، وسنة رسوله r، والعلم بمنهج السلف الصالح، وما كانوا عليه.
ويحتاج التمسك بهذا إلى صبر على ما يلحق الإنسان من الأذى في ذلك، ولذلك يقول سبحانه وتعالى: ]والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر[. [سورة العصر]، ]وتواصوا بالصبر[ هذا يدل على أنهم سيلاقون مشقة في إيمانهم وعملهم، وتواصيهم بالحق، سيلاقون عنتا من الناس، ولوما من الناس وتوبيخا، وقد يلاقون تهديدا، أو قد يلاقون قتلا وضربا، ولكن يصبرون، ماداموا على الحق، يصبرون على الحق، ويثبتون عليه). اهـ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج5 ص233): (فالثواب على ما جاء به الرسول r، والنصرة لمن نصره، والسعادة لمن اتبعه، وصلوات الله والملائكة على المؤمنين به، والمعلمين الناس دينه، والحق يدور معه r حيثما دار). اهـ
وقال أبو القاسم الأصبهاني رحمه الله في ((الحجة)) (ج2 ص233): (الاتباع عند العلماء هو الأخذ بسنن رسول الله r فيها).([48]) اهـ
وعن أبي بكر الصديق t قال: (فإني أخشى إن تركت شيئا من أمر رسول الله أن أزيغ).([49])
قلت: والعجيب من أمر هذه الفرق؛ أنه مهما يحصل لها من انحراف في الدين؛ فإنها تبقى على الإسم الذي تسمت به قبل انحرافها فيه؛ فمثلا: ((الفرقة الربيعية))؛ كانت تتسمى بـ(السلفية)، ثم انحرفت، أو بان انحرافها في الإرجاء، وغيره من الاعتقادات الباطلة، حتى إنها تتجارى بها الأهواء إلى ضلالات مهلكات، وعلى الرغم من ذلك؛ فإنها إلى الآن تتسمى بـ(السلفية)، وتتبجح بتمسكها باعتقاد السلف([50])، وهذا هو الجهل المبين، جهل الخلف في الدين، ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) [البقرة:111]، ]قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون[ [الأنعام: 148 و149]، ولولا ذلك لكان في إمكان من شاء أن يقول ما شاء، وفي هذا من مفاسد أشياء، لأن العبرة في الدين بالحقائق، لا بالمسميات، اللهم سلم سلم.
قلت: ومن البديهي أن كل قول يعد ساقطا مرفوضا حتى يقام عليه الدليل.
والدعاوى إن لم تقيموا عليها
بينات أصحابها أدعيــاء
قلت: وللعلم أن حصول هذا التفرق، والإختلاف بين الجماعات الإسلامية؛ هو ابتلاء من الله تعالى؛ وإلا فهو قادر على أن يجمعهم على الحق: ]ولو شاء الله لجمعهم على الهدى[ [الأنعام: 35].
قلت: فاقتضت حكمته أن يبتليهم بوجود التفرق، والإختلاف، من أجل أن يتميز طالب الحق والصواب؛ من طالب الهوى والتعصب.
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الأجوبة المفيدة)) (ص35): (التسمي ((بالسلفية)) إذا كان حقيقة لا بأس به، أما إذا كان مجرد دعوى؛ فإنه لا يجوز له أن يتسمى ((بالسلفية))([51])، وهو على غير منهج السلف، فالأشاعرة –مثلا– يقولون: نحن أهل السنة والجماعة، وهذا غير صحيح؛ لأن الذي هم عليه ليس هو منهج أهل السنة والجماعة، كذلك المعتزلة يسمون أنفسهم بالموحدين.
كل يدعي وصلا لليلى
وليلى لا تقر لهم بذاكا
فالذي يزعم أنه على مذهب أهل السنة والجماعة يتبع طريق أهل السنة والجماعة، ويترك المخالفين، أما أنه يريد أن يجمع بين (الضب والنون) – كما يقولون، أي: يجمع بين دواب الصحراء، ودواب البحر؛ فلا يمكن هذا، أو يجمع بين النار، والماء في كفة؛ فلا يجتمع أهل السنة والجماعة مع مذهب المخالفين لهم؛ كالخوارج، والمعتزلة، والحزبيين ممن يسمونهم: (المسلم المعاصر)، وهو الذي يريد أن يجمع ضلالات أهل العصر مع منهج السلف، فـ((لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها))؛ فالحاصل: أنه لابد من تمييز الأمور، وتمحيصها). اهـ
وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: (من ادعى السلفية ... أما الأحزاب الأخرى فينتمون إلى أشخاص غير معصومين، قد يكونون في أنفسهم صالحين، وقد يكونون في ذواتهم من العلماء العاملين، ولكن أتباعهم ليسوا كذلك.([52])
أخيرا وختاما، فلان سلفي أو الجماعة الفلانية سلفية، لكنهم لا يعملون بالدعوة السلفية التي هي الكتاب والسنة والتمسك بما كان عليه السلف، وإلا فهم خارجون عن الدعوة السلفية؛ والدليل الذي أختم به هذا الجواب هو قوله تبارك وتعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
ولذلك فكل الجماعات التي تدعي الانتساب إلى السلف، إذا لم يعملوا بما كان عليه السلف، ومن ذلك ما نحن بصدده أنه لا يجوز تكفير الحكام ولا الخروج عليهم، فإنما هي دعوى يدعونها. هذه مسألة واضحة البطلان جدا).([53])
وقال الحافظ البغوي رحمه الله في ((شرح السنة)) (ج1 ص3): (وغلب على أهل الزمان هوى النفوس، فلم يبق من الدين إلا الرسم، ولا من العلم إلا الاسم، حتى تصور الباطل عند أكثر أهل الزمان بصورة الحق([54])، والجهل بصورة العلم، وظهر فيهم تحقيق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فأضلوا وأضلوا»).([55])اهـ
قلت: والحافظ البغوي رحمه الله يحكي ذلك في زمانه، فكيف لو اطلع على أفكار ربيع وأتباعه في هذا الزمان لطار لبه!.
قلت: ما أسرع الناس إلى البدع المضلة.([56])
قال فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: (من ادعى السلفية والتي هي الكتاب والسنة، فعليه أن يسير مسيرة السلف، وإلا الاسم لا يغني عن حقيقة المسمى.
قد ذكرت آنفا بأن من دعوة العلماء قاطبة أنه لا يجوز الخروج، ولا يجوز التكفير، فمن خرج عن دعوة هؤلاء لا نسميه بأنه (سلفي)!
كذلك المسلم الذي يسمى نفسه مسلما، ولكنه لا يعمل بالإسلام، ولذلك قال ربنا تبارك وتعالى: ]وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون[ [التوبة: 105].
الدعوة السلفية هي تحارب الحزبية بكل أشكالها وأنواعها، والسبب واضح جدا الدعوة السلفية تنتمي إلى شخص معصوم وهو رسول الله r)([57])([58]). اهـ
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: نسمع كثيرا عما يسمى بالجماعات الإسلامية في هذا العصر في مختلف أنحاء العالم؛ فما أصل هذا التسمية؟ وهل يجوز الذهاب معهم ومشاركتهم إذا لم يكن لديهم بدعة؟.
فأجاب فضيلته: (الرسول r أخبرنا وبين لنا كيف نعمل، ما ترك شيئا يقرب أمته إلى الله إلا وبينه، وما ترك شيئا يبعدهم من الله إلا وبينه r، ومن ذلك هذه المسألة، قال r: ((فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا))، لكن ما هو العلاج عند حدوث ذلك ؟، قال r: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)).([59])
فهذه الجماعات([60]) من كان منها على هدي الرسول r والصحابة، وخصوصا الخلفاء الراشدين والقرون المفضلة، فأي جماعة على هذا المنهج فنحن مع هذه الجماعة؛ ننتسب إليها، ونعمل معها.
وما خالف هدي الرسول r فإننا نتجنبه وإن كان يتسمى (جماعة إسلامية)، العبرة ليست بالأسماء، العبرة بالحقائق، أما الأسماء فقد تكون ضخمة، ولكنها جوفاء ليس فيها شيء، أو باطلة –أيضا-.
وقال رسول الله r: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة) قلنا: من هي يا رسول الله؟، قال: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).([61])
الطريق واضح، الجماعة التي فيها هذه العلامة نكون معها، من كان على مثل ما كان عليه الرسول r وأصحابه؛ فهم الجماعة الإسلامية الحقة.
أما من خالف هذا المنهج وسار على منهج آخر فإنه ليس منا ولسنا منه، ولا ننتسب إليه ولا ينتسب إلينا، ولا يسمى جماعة، وإنما يسمى فرقة من الفرق الضالة؛ لأن الجماعة لا تكون إلا على الحق، فهو الذي يجتمع عليه الناس، وأما الباطل فإنه يفرق ولا يجمع([62])، قال تعالى: ]وإن تولوا فإنما هم في شقاق[ [البقرة: 137]).([63]) اهـ
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن الفوزان الفوزان حفظه الله: أيهما أشد عذابا، العصاة أم المبتدعة؟.
فأجاب فضيلته: (المبتدعة أشد؛ لأن البدعة أشد من المعصية، والبدعة أحب إلى الشيطان من المعصية؛ لأن العاصي يتوب([64])، أما المبتدع فقليلا ما يتوب؛ لأنه يظن أنه على حق، بخلاف العاصي؛ فإنه يعلم أنه عاص، وأنه مرتكب لمعصية، أما المبتدع فإنه يرى أنه مطيع، وأنه على طاعة؛ فلذلك صارت البدعة –والعياذ بالله– شرا من المعصية، ولذلك يحذر السلف من مجالسة المبتدعة([65])؛ لأنهم يؤثرون على من جالسهم، وخطرهم شديد. لا شك أن البدعة شر من المعصية، وخطر المبتدع أشد على الناس من خطر العاصي). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج35 ص414): (والداعي إلى البدعة مستحق العقوبة باتفاق المسلمين، وعقوبته تكون تارة بالقتل، وتارة بما دونه، كما قتل السلف جهم بن صفوان، والجعد بن درهم، وغيلان القدري، وغيرهم، ولو قدر أنه لا يستحق العقوبة أو لا يمكن عقوبته فلا بد من بيان بدعته والتحذير منها، فإن هذا من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أمر الله به ورسوله). اهـ
وقال القرافي رحمه الله في ((الفروق)) (ج4 ص207): (أرباب البدع والتصانيف المضلة ينبغي أن يشهر الناس فسادها وعيبها، وأنهم على غير الصواب ليحذرها الناس الضعفاء فلا يقعوا فيها، وينفر عن تلك المفاسد ما أمكن). اهـ
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في ((الرد على المخالف)) (ص39): (فالرد على أهل الباطل، ومجادلتهم، ومناظرتهم حتى تنقطع شبهتهم، ويزول عن المسلمين ضررهم مرتبة عظيمة من منازل الجهاد باللسان، والقلم أحد اللسانين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج28 ص221): (وإذا كان مبتدعا يدعو إلى عقائد تخالف الكتاب والسنة أو يسلك طريقا يخالف الكتاب والسنة، ويخاف أن يضل الرجل الناس بذلك بين أمره للناس ليتقوا ضلاله ويعلموا، وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح، وابتغاء وجه الله تعالى). اهـ
قلت: فتبين مما تقدم أن رؤوس الجماعات([66]) الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف هم من أشر المبتدعة في هذا الزمان.
قال تعالى: ]بل هم في شك منها بل هم منها عمون[ [النمل:66].
وقال تعالى: ]واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة[ [الأنفال:25].
قلت: وقد فسرت الفتنة هنا بأشياء: منها التفرق والاختلاف، فأي جماعة قائمة على الباطل، فلا بد أن تقع فيهم الفتنة، وهذا عقاب الله تعالى لهم.([67])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص144): (وبنو آدم جهال ظلموا أنفسهم يستعجل أحدهم ما ترغبه نفسه، ويترك ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له، فيعقبهم ذلك من الألم، والعقوبات؛ إما في الدنيا، وإما في الآخرة، ما فيه من عظيم العذاب، والهلاك الأعظم). اهـ
وعن أبي موسى الأشعري t قال: قال رسول الله r: (إن الله تعالى ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته).([68])
قلت: المبتدع هذا ظلم نفسه الأمارة بالسوء، وتكبر على من يقول الحق، وأصر على باطله خشية تفرق قلوب أتباعه عنه.([69])
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ((بيان فضل علم السلف)) (ص53): (ومن علامات ذلك عدم قبول الحق، والانقياد إليه، والتكبر على من يقول الحق خصوصا إن كان دونهم في أعين الناس. والإصرار على الباطل خشية تفرق قلوب الناس عنهم). اهـ
ولهذا قال الإمام وكيع بن الجراح رحمه الله: (إن أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم).([70])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص214): (وكثيرا ما يخالط النفوس من الشهوات الخفية ما يفسد عليها تحقيق محبتها لله وعبوديتها له، وإخلاص دينها له). اهـ
قلت: وهذه الفرق قامت عليها الحجة؛ لأن النبي r ما ترك شيئا مما أمر الله به إلا أمرهم به r، وما ترك شيئا مما نهى الله عنه إلا نهاهم عنه r.
فعن أبي ذر t قال: (تركنا رسول الله r، وما طائر يقلب جناحيه في الهواء؛ إلا وهو يذكرنا منه علما، قال: قال رسول الله r: (ما بقي شيء يقرب من الجنة، ويباعد من النار؛ إلا وقد بين لكم).([71])
قلت: وأتباع الجماعات ما وقعوا في اعتقادات الفرق الضالة؛ إلا لأنهم غير مؤهلين للدعوة إلى الله تعالى، وذلك لأن دراستهم دراسة جامعية آكاديمية غير تأصيلية في المساجد على يد علماء السنة المعتبرين، فهؤلاء حفظوا النصوص بدون فهم لمعانيها، فهذا لا يؤهل للدعوة إلى الله تعالى.([72])
قلت: فالعلم هو حفظ النصوص، وفهم معانيها، فلا يكفي حفظ النصوص فقط، لا يكفي أن العبد يحفظ نصوص القرآن فقط، ونصوص السنة، بدون فهم لمعانيها، لابد من معرفة معانيها الصحيحة.([73])
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((النونية)) (ص97):
ولهم نصوص قصروا في فهمها
فأتوا من التقصير في العرفان
قلت: فهؤلاء استدلوا بنصوص الكتاب والسنة، وهم لا يفهمونها؛ ولا يفقهون معناها، ولم يرجعوا فيها إلى أهل السنة والجماعة، فضلوا وأضلوا.([74])
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الأجوبة المفيدة)) (ص40): (الدعوة لا يقوم بها إلا العلماء!). اهـ
قلت: لذلك ما ترقعت ((الفرق الضالة)) منذ اجتماعها على أباطيل رؤوس الضلالة!، فهي دائما في شقاق، واختلاف، وفشل، حتى تراها في البلد الواحد فيها انشقاق، كما حصل لها في اليمن، والأردن، والمدينة، ومكة، والكويت، والجزائر، وغيرها، والله المستعان.
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((لمحة عن الفرق الضالة)) (ص30): (فالإنسان إذا ترك الحق؛ فإنه يهيم في الضلال، كل طائفة تحدث لها مذهبا، وتنشق به عن الطائفة التي قبلها، هذا شأن أهل الضلال؛ دائما في انشقاق، ودائما في تفرق، ودائما تحدث لهم أفكار وتصورات مختلفة متضاربة.([75])
أما أهل السنة والجماعة؛ فلا يحدث عندهم اضطراب ولا اختلاف، لأنهم متمسكون بالحق الذي جاء عن الله - سبحانه وتعالى -، فهم معتصمون بكتاب الله وبسنة رسوله r؛ فلا يحصل عندهم افتراق ولا اختلاف، لأنهم يسيرون على منهج واحد). اهـ
قلت: ومازال علماء الأمة في كل زمان، ومكان ينهون عن هذا الاختلاف، والتفرق، ويوصون بالتمسك بكتاب الله، وسنة رسوله r في كتبهم التي بقيت بعدهم، ككتب فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وكتب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وكتب الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، وغيرهم.([76])
قلت: والغرض من هذا بيان الحق من الباطل، إذ وقع ما أخبر به r من التفرق، والاختلاف، وأوصى بالتمسك بسنته، وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، فالواجب أن نعمل بما أوصانا به الرسولr.
قلت: فالمخالف لا يضر إلا نفسه الأمارة بالسوء، وليست العبرة بالكثرة، بل العبرة بالموافقة للحق، ولو لم يكن عليه إلا قلة من الناس، حتى ولو لم يكن في بعض الأزمان إلا واحد من الناس؛ فهو على الحق، وهو الجماعة([77])، ومن خالفه، فهو الشاذ.
قلت: فالنصوص التي سبقت تأمر بلزوم الجماعة، والوعيد على فراقها.([78])
فما المراد بالجماعة المأمور بلزومها وعدم مفارقتها؟ فالمعنى اللغوي لهذه اللفظة: الطائفة من الناس، كما ذكر أهل اللغة([79])، إلا أنه هناك يراد طائفة مخصوصة كما بينا في المقدمة من كلام السلف، ونذكر هنا كذلك من كلام السلف تكملة للفائدة في الفهم الصحيح للجماعة.
1) فعن عمرو بن ميمون قال: قدم علينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله r فوقع حبه في قلبي، فلزمته حتى واريته في التراب بالشام، ثم لزمت أفقه الناس بعده: عبد الله بن مسعود، فذكر يوما عنده تأخير الصلاة عن وقتها، فقال: (صلوها في بيوتكم، واجعلوا صلاتكم معهم سبحة).
قال عمرو بن ميمون: فقيل لعبد الله بن مسعود: وكيف لنا بالجماعة؟! فقال لي: (يا عمرو بن ميمون، إن جمهور الجماعة هي التي تفارق الجماعة، إنما الجماعة ما وافق طاعة الله، وإن كنت وحدك).
وفي لفظ: (أتدري ما الجماعة؟ قلت: لا، قال: إن جمهور الجماعة هم الذين فارقوا الجماعة، الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك).
وفي لفظ آخر: (فضرب على فخذي، وقال: ويحك، إن جمهور الناس فارقوا الجماعة، وإن الجماعة ما وافق طاعة الله تعالى).([80])
2) وعن إسحاق بن راهويه رحمه الله قال: (لو سألت الجهال عن السواد الأعظم، قالوا: جماعة الناس! ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بأثر النبي r وطريقه، فمن كان معه وتبعه فهو الجماعة، ومن خالفه فيه ترك الجماعة).
وفي لفظ: (ولا يعلمون أن الجماعة عالم متمسك بالكتاب والسنة).([81])
قال ابن القيم رحمه الله في ((إعلام الموقعين)) (ج5 ص388): (واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق، وإن كان وحده، وإن خالفه أهل الأرض). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج2 ص267): (فانظر في حكاية بينت غلط من ظن أن الجماعة هي جماعة الناس، وإن لم يكن فيهم عالم، وهو فهم العوام، لا فهم العلماء، فليثبت الموفق في هذه المزلة قدمه، لئلا يضل عن سواء السبيل، ولا توفيق إلا بالله). اهـ
قلت: ومعلوم أن الجماعة بهذا المعنى لا يشترط لها كثرة، ولا قلة، بل هي موافقة الحق، وإن خالفه أعظم الناس، وأكثرهم.([82])
وعن نعيم بن حماد رحمه الله قال: (إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد، وإن كنت وحدك حينئذ).([83])
قال أبو شامة رحمه الله في ((الحوادث والبدع)) (ص20): (حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة: فالمراد به لزوم الحق واتباعه، وإن كان المتمسك بالحق قليلا، والمخالف كثيرا، لأن الحق الذي كانت عليه الجماعة الأولى من عهد النبي r، وأصحابه رضي الله عنهم، ولا نظر إلى كثرة أهل البدع بعدهم). اهـ
قلت: ولهذا نجد أحيانا بعض العلماء يفسرون الجماعة بأشخاص تمثل فيهم المنهج الحق والإتباع، وظهرت لهم ثمرة وبارك الله فيها.
قال الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج2 ص776): (وذلك أن الجميع اتفقوا على اعتبار أهل العلم والاجتهاد، سواء ضموا إليهم العوام أم لا، فإن لم يضموا إليهم فلا إشكال أن الاعتبار إنما هو بالسواد الأعظم من العلماء المعتبر اجتهادهم، فمن شذ عنهم فمات فميتته جاهلية، وإن ضموا إليهم العوام فبحكم التبع لأنهم غير عارفين بالشريعة، فلابد من رجوعهم في دينهم إلى العلماء، فإنهم لو تمالؤوا على مخالفة العلماء فيما حدوا لهم لكانوا هم الغالب والسواد الأعظم في ظاهر الأمر، لقلة العلماء وكثرة الجهال.
فلا يقول أحد: إن اتباع جماعة العوام هو المطلوب، وإن العلماء هم المفارقون للجماعة والمذمومون في الحديث. بل الأمر بالعكس، وأن العلماء هم السواد الأعظم وإن قلوا، والعوام هم المفارقون للجماعة إن خالفوا، فإن وافقوا فهو الواجب عليهم).اهـ
قلت: أفيقال: إن هؤلاء فارقوا الجماعة؟ هذا باطل قطعا.
إذا فالمراد بالجماعة: من كان على طريقة رسول الله r، في جميع أحواله.([84])
قلت: ولهذا يشترط في كل عمل، أن يتوفر فيه شرطان، ليكون مقبولا عند الله تعالى، ومثابا عليه صاحبه:
الشرط الأول: الإخلاص لله تعالى.
الشرط الثاني: المتابعة للرسول r.
قال تعالى: ]بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون[ [البقرة:112].
وإسلام الوجه؛ يعني: الإخلاص لله تعالى.
والإحسان؛ هو المتابعة للرسول r.([85])([86])
قلت: فمن صنع أمرا من غير أمر الرسول r؛ فهو مردود عليه كائنا من كان!.
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((لمحة عن الفرق الضالة)) (ص19) عن الضالين: (وهم الذين يعملون بغير علم، ويجتهدون في العبادة، لكنهم على غير طريق الرسول r، كالمبتدعة والمخرفين، الذين يجتهدون في العبادة، والزهد، والصلاة، والصيام، وإحداث عبادات ما أنزل الله بها من سلطان، ويتبعون أنفسهم بأشياء لم يأت بها الرسول r. هؤلاء ضالون، عملهم مردود عليهم، هؤلاء هم الضالون، ومنهم النصارى، وكل من عبد الله على جهل وضلال، وإن كانت نيته حسنة ومقصده طيبا، لأن العبرة ليست بالمقاصد فقط، بل العبرة بالاتباع). اهـ
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى في ((الأجوبة المفيدة)) (ص35): هل هذه الجماعات تدخل في الإثنتين وسبعين فرقة الهالكة؟.
فأجاب فضيلته: (نعم، كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة، أو في العقيدة، أو في شيء من أصول الإيمان؛ فإنه يدخل في الإثنتين وسبعين فرقة([87])، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم والعقوبة بقدر مخالفته). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى في ((الأجوبة المفيدة)) (ص28): (كل من خالف جماعة أهل السنة فهو ضال، ما عندنا إلا جماعة واحدة هم أهل السنة والجماعة، وما خالف هذه الجماعة فهو مخالف لمنهج الرسول r، كل من خالف أهل السنة والجماعة فهو من أهل الأهواء، والمخالفات تختلف في الحكم بالتضليل، أو بالتكفير حسب كبرها وصغرها، وبعدها وقربها من الحق). اهـ
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: هل من انتمى إلى الجماعات يعتبر مبتدعا؟.
فأجاب فضيلته: (هذا حسب الجماعات، فالجماعات التي عندها مخالفات للكتاب والسنة يعتبر المنتمي إليها مبتدعا).([88])اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله تعالى في ((لمحة عن الفرق الضالة)) (ص20): (فالله -جل وعلا- أمر بالاجتماع على الكتاب والسنة، ونهانا عن التفرق والاختلاف.
والنبي r كذلك أمرنا بالاجتماع على الكتاب والسنة، ونهانا عن التفرق والاختلاف. لما في الاجتماع على الكتاب والسنة من الخير العاجل والآجل، ولما في التفرق من المضار([89]) العاجلة والآجلة في الدنيا والآخرة.
فالأمر يحتاج إلى اهتمام شديد، لأنه كلما تأخر الزمان كثرت الفرق، وكثرت الدعايات، كثرت النحل والمذاهب الباطلة، كثرت الجماعات المتفرقة.
لكن الواجب على المسلم أن ينظر، فما وافق كتاب الله وسنة رسوله r أخذ به، ممن جاء به، كائنا من كان؛ لأن الحق ضالة المؤمن.
أما ما خالف ما كان عليه الرسول r وتركه، ولو كان مع جماعته، أو مع من ينتمي إليهم، مادام أنه مخالف للكتاب والسنة؛ لأن الإنسان يريد النجاة لا يريد الهلاك لنفسه.
والمجاملة لا تنفع في هذا، المسألة مسألة جنة أو نار، والإنسان لا تأخذه المجاملة، أو يأخذه التعصب، أو يأخذه الهوى في أن ينحاز مع غير أهل السنة والجماعة، لأنه بذلك يضر نفسه، ويخرج نفسه من طريق النجاة إلى طريق الهلاك.
وأهل السنة والجماعة، لا يضرهم من خالفهم سواء كنت معهم، أو خالفتهم. إن كنت معهم، أو خالفتهم. إن كنت معهم فالحمد لله، وهم يفرحون بهذا، لأنهم يريدون الخير للناس، وإن خالفتهم فأنت لا تضرهم، ولهذا قال r: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك))([90])). اهـ
وقال فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه لله: (والقاصي والداني يعلم أننا لا نؤيد كل هذه التكتلات الحزبية، بل نعتقد أنها مخالفة لنصوص الكتاب والسنة).([91])اهـ
قلت: فيؤخذ من ذلك أن الحق والهدى واحد لا يتعدد، ولا يختلف.
فعن عبد الله بن مسعود t قال: ((خط لنا رسول الله r خطا ثم قال: هذا سبيل الله؛ ثم خط خطوطا عن يمينه، وعن شماله ثم قال هذه سبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ثم قرأ ]إن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله[([92]))).([93])
قال الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج2 ص755): (إن قوله عليه الصلاة والسلام: (إلا واحدة) قد أعطى بنصه أن الحق واحد لا يختلف، إذ لو كان للحق فرق أيضا لم يقل إلا واحدة ولأن الاختلاف منفي عن الشريعة بإطلاق، لأنها الحاكمة بين المختلفين، لقوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] إذ رد التنازع إلى الشريعة، فلو كانت الشريعة تقتضي الخلاف لم يكن في الرد إليها فائدة. وقوله: ]في شيء[ نكرة في سياق الشرط، فهي صيغة من صيغ العموم. فتنتظم كل تنازع على العموم، فالرد فيها لا يكون إلا لأمر واحد؛ فلا يسع أن يكون أهل الحق فرقا. وقال تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل[ [الأنعام: 153]، وهو نص فيما نحن فيه، فإن السبيل الواحد لا يقتضي الافتراق، بخلاف السبل المختلفة). اهـ
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج3 ص162): (وهذه الفرقة مشعرة بتفرق القلوب المشعر بالعداوة والبغضاء ... إن هذه الفرق إن كانت افترقت بسبب موقع في العداوة والبغضاء ... إن هذه الفرقة يحتمل من جهة النظر أن يكونوا خارجين عن الملة بسبب ما أحدثوا؛ فهم قد فارقوا أهل الإسلام بإطلاق، وليس ذلك إلا لكفر، إذ ليس بين المنزلتين منزلة ثالثة تتصور ... هذه الفرق إنما افترقت بحسب أمور كلية اختلفوا فيها). اهـ
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج3 ص180): (وكذلك الظاهر في فرق اليهود والنصارى، أن التفرق([94]) فيهم حاصل مع كونهم هودا ونصارى).اهـ
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج3 ص204): (وهكذا ابتدعت كل فرقة من هذه الفرق بدعا تتعلق بأصل بدعتها التي هي معروفة بها، وبدعا لا تعلق لها بها). اهـ
قلت: ومراد النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث بتفرق أمته في الأصول والفروع، فانتبه.
قال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج3 ص262): (وصار حديث: ((الفرق)) بهذا التفسير صادقا على أمثال البدع التي تقدمت لليهود والنصارى، وأن هذه الأمة تبتدع في دين الله مثل تلك البدع، وتزيد عليها ببدعة لم تتقدمها فيها واحدة من الطائفتين). اهـ
وقال فضيلة الشيخ ناصرالدين الألباني رحمه الله: (هذه الأحزاب لا نعتقد أنها على الصراط المستقيم، بل نجزم بأنها على تلك الطرق التي على رأس كل طريق منها شيطان يدعوا الناس إليه).([95])اهـ
قلت: ولذلك ذكر علماء أهل السنة والجماعة بأن هذه الجماعات من الإثنتين وسبعين فرقة.
قال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله بعدما سئل عن جماعة الإخوان المسلمين، وعن جماعة التبليغ: (من خالف عقيدة أهل السنة والجماعة دخل في الإثنتين وسبعين فرقة... وأظهروا ابتداعهم من الإثنتين وسبعين... والفرق فيهم الكافر، وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع...).
السائل: هل هاتين الفرقتين –يعني التبليغ والإخوان- من الإثنتين وسبعين فرقة؟
فأجاب سماحته: (من الإثنتين وسبعين فرقة([96]) ... والخوارج من الإثنتين وسبعين فرقة...).([97])اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: (وما الجماعات المعاصرة الآن، المخالفة لجماعة أهل السنة؛ إلا امتداد لهذه الفرق، وفروع عنها).([98])اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الأجوبة المفيدة)) (ص16): (نعم كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة، أو في العقيدة، أو في شيء من أصول الإيمان، فإنه يدخل في الإثنتين وسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم، والعقوبة بقدر مخالفته). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الأجوبة المفيدة)) (ص7): (من خالف هذا المنهج –يعني منهج السلف- وسار على منهج آخر فإنه ليس منا، ولسنا منه، ولا ننتسب إليه، ولا ينتسب إلينا، ولا يسمى جماعة، وإنما يسمى فرقة من الفرق الضالة، لأن الجماعة لا تكون إلا على الحق، فهو الذي يجتمع عليه الناس.
وأما الباطل فإنه يفرق، ولا يجمع، قال تعالى: ]وإن تولوا فإنما هم في شقاق[([99])). اهـ
قلت: فالإذن بالأحزاب في الإسلام، فيه فتح باب لا يرد، بدخول أحزاب تحمل شعار الإسلام وهي حرب عليه، كما هو مشاهد في بلاد المسلمين.
ثم وكم التف حولها من المسلمين ما لا يحصيهم إلا الله، فأخرجهم من نور الإسلام إلى الضلال البعيد.([100])
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في ((حكم الإنتماء)) (ص 14): (فلنعبر بـ(الفرق) لا بشعار الجماعات الإسلامية، لأن جماعة المسلمين واحدة لا تتعدد (على مثل ما كان عليه النبي r، وأصحابه)، وما عدا جماعة المسلمين فهم من (الفرق) من جماعة المسلمين، ولنعبر بالبدعة أمام السنة، وأهل السنة والجماعة، أمام أهل البدع والأهواء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج4 ص144): (فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك اتباع السلف). اهـ
وقال الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج2 ص409): (وإنما يراد افتراق مقيد، وإن لم يكن في الحديث –يعني حديث افتراق الأمة- نص عليه، ففي الآيات ما يدل عليه قوله تعالى: ]ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم: 31] وقوله تعالى: ]إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء[ [الأنعام: 159] وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على التفرق الذي صاروا به شيعا.
ومعنى (صاروا شيعا)؛ أي: جماعات بعضهم قد فارق البعض، ليسوا على تآلف ولا تعاضد ولا تناصر، بل على ضد ذلك، فإن الإسلام واحد وأمره واحد، فاقتضى أن يكون حكمه على الائتلاف التام لا على الاختلاف.
وهذه الفرقة مشعرة بتفرق القلوب المشعر بالعداوة والبغضاء، ولذلك قال: ]واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[ [آل عمران: 103] فبين أن التأليف إنما يحصل عند الائتلاف على التعلق بمعنى واحد، وأما إذا تعلقت كل شيعة بحبل غير ما تعلقت به الأخرى فلا بد من التفرق، وهو معنى قوله تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله[ [الأنعام: 153]). اهـ
قلت: فالحزبية ذات المسارات، والقوالب المستحدثة –التي لم يعهدها السلف- من أعظم العوائق عن العلم، والتفريق عن الجماعة، فكم أوهنت حبل الاتحاد الإسلامي، وغشيت المسلمين بسببها الغواشي.
فاحذر رحمك الله أحزابا، وطوائف طاف طائفها، ونجم بالشر ناجمها، فما هي إلا كالميازيب تجمع الماء كدرا، وتفرقه هدرا؛ إلا من رحم ربك، فصار على مثل ما كان عليه النبي r وأصحابه رضي الله عنهم.([101])
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في ((حكم الإنتماء)) (ص142): (هذه الجماعات متعددة، بل الجماعة في نفسها متعددة إلى جماعات غالبا، والتعدد دليل على الاختلاف، وتعدد التعدد دليل على ضراوة الخلاف، والاختلاف نتيجة حتمية لاضطراب الأصول التي تنفرد بها كل جماعة، وتدعوا إليها، وتقيم جماعتها عليها، وهذا يناقض قاعدة الشرع المطردة من أن الحق واحد لا يتعدد، وكل واحدة تقيم حرب التشكيك بما لدى الأخرى، مدعية أن ما لديها هو الحق، وما لدى الأخرى هو الباطل كلا أو بعضا). اهـ
قلت: فتعدد الأحزاب تعدد في المناهج الفكرية لها، وهذا اضطراب في الحياة العلمية في وسط الأمة الإسلامية، وكم لهذا من آثار في فساد الحياة الاجتماعية من إثارة الشغب، والاضطراب، والتهارج على أنقاض انهيار وحدة الأمة في منهجها العلمي على منهاج النبوة.([102])
ومعاذ الله أن تكون الدعوة على سنن الإسلام مظلة يدخل تحتها أي من أهل البدع والأهواء، فيغض النظر عن بدعهم، وأهوائهم على حساب الدعوة.([103])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الاستقامة)) (ج1 ص37): (كل ما أوجب فتنة وفرقة فليس من الدين، سواء كان قولا أو فعلا). اهـ
قلت: وللعلم أن كل فرقة مهما كانت عريقة في الضلال؛ فإنها لا تتجاسر عن الافصاح بغير مذهب أهل السنة والجماعة، وكل مبتدع مهما أبطن الانحراف لا يستطيع إلا بمذهبهم يتظاهر، وكل فرقة تحتج بطرق من الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة.
فالخوارج تحتج بروايتهم: (لا تزال طائفة).
والمرجئة تحتج بروايتهم: (من قال لا إله إلا الله... وإن زنى، وإن سرق).
والقدرية تحتج بروايتهم: (كل مولود يولد على الفطرة).
والشيعة تحتج بروايتهم: (ليردن علي الحوض أقوام ثم ليختلجن دوني)، وغيرهم هكذا.
قلت: وأهل السنة والجماعة جمعوا الحق من أطرافه، والإسلام بحذافيره، فخرج سبيلهم من بين إفراط، وتفريط، والمحجة بيضاء نقية، واضحة للسالكين.
قلت: وكذلك أن الفرق إذا ذكرت؛ لا تذكر إلا مقرونة بالرجال.
فإذا ذكرت المعتزلة؛ ذكر الضال المعتزلي، وهو واصل بن عطاء.
وإذا ذكرت الجهمية؛ ذكر المجرم الجهمي، وهو الجهم بن صفوان.
وإذا ذكرت القدرية؛ ذكر الهالك القدري، وهو معبد الجهني.
وإذا ذكرت الإخوانية؛ ذكر الملحد، وهو حسن البنا.
وإذا ذكرت الداعشية؛ ذكر المنافق السلولي، وهو أبو بكر البغدادي.
وإذا ذكرت السرورية؛ ذكر المبتدع القطبي، وهو محمد بن سرور.
وإذا ذكرت القطبية؛ ذكر الملحد الإخواني، وهو سيد قطب.
وإذا ذكرت الربيعية؛ ذكر الزنديق المرجئ، وهو ربيع المدخلي... وهكذا دواليك في سائر الفرق.([104])
قلت: إلا أهل السنة والجماعة، فالله وحده مشرع منهجهم عن طريق النبي r، بفهم السلف الصالح الصحيح.
قلت: وهذه الفرق ورثت الجدال والشقاق، والعياذ بالله.
قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: (إذا أراد الله بقوم شرا ألزمهم الجدل، ومنعهم العمل).([105])
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
قال فضيلة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله: (الدعوة السلفية هي تحارب الحزبية بكل أشكالها وأنواعها، والسبب واضح جدا الدعوة السلفية تنتمي إلى شخص معصوم وهو رسول الله r.
أما الأحزاب الأخرى، فينتمون إلى أشخاص غير معصومين، قد يكونون في أنفسهم صالحين، قد يكونون في ذواتهم من العلماء العاملين، ولكن أتباعهم([106]) ليسوا كذلك).([107]) اهـ
قلت: فلا يغرنكم انتساب أولئك إلى (سنة النبي صلى الله عليه وسلم)، فليس لهم منها إلا الاسم، وإلا فكيف تستقيم لهم هذه الدعوى، وهم في واد، وعلماء السنة في واد.
ولا يغرنكم أيضا ادعاؤهم أخذ الفتيا من الأئمة.([108])
قلت: لذلك، فإننا نبرأ إلى الله تعالى من ((فرقة ربيع الضال))، ومن كل حامل للأفكار الهدامة.
أقول؛ هذا ليعلم الناس أن في انتساب هؤلاء إلى (السنة) تشويها للسنة؛ كما إن انتساب المسلمين المنحرفين إلى الإسلام تشويها للإسلام، وصد عن سبيل الله تعالى، وتنفير من ((الفرقة الناجية المنصورة)) اللهم سلم سلم.
لذلك حذر النبي r حذيفة t منهم، وأمره أن يعتزل تلك الفرق بقوله r: (فاعتزل تلك الفرق كلها).([109])
قال فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج3 ص134): (والعلماء المتبصرون اليوم في أوطان المسلمين قليلون، وعلماء السوء وأدعياء العلم، من الذين يدعون أنفسهم علماء، وليسوا بعلماء، وينتسبون إلى العلم كذبا وباطلا، هؤلاء كثيرون، ولكن لا عبرة بهم، ولا قيمة لهم لعدم علمهم بالحق، وعدم نصرهم للحق وحجة المخالفين، والمبتدعين، والضالين ضعيفة واهية). اهـ
قلت: وأتباع الجماعات ضلوا السبيل لتعلقهم بفتوى الأصاغر؛ بفتوى المدعو ربيع المخربي، وبفتوى المدعو يوسف القرضاوي، وبفتوى المدعو سلمان العودة، وبفتوى المدعو عدنان عرعور، وبفتوى المدعو عبد الرحمن عبد الخالق، وغيرهم من الأصاغر، وهذا دليل الإفلاس في العلم؛ لأنهم من عدم التوفيق لم تنشرح صدورهم لإجماع أكابر العلماء على أحكام الدين فقفزوا إلى فتاوى المشبوهين: ]أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير[ [البقرة: 61].
عن أبي أمية الجمحي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر). قال موسى: قال ابن المبارك: الأصاغر من أهل البدع.([110])
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من قبل أكابرهم فإذا أتاهم من قبل أصاغرهم هلكوا).([111])
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((لمحة عن الفرق الضالة)) (ص43) عن أتباع الفرق الضالة: (ولهم أشباه في زماننا، يتركون علماء أهل السنة والجماعة، وينحازون إلى أصحاب الفكر المنحرف). اهـ
قلت: وهل من العقل في شيء أن يعرض طالب العلم الحق عن فتاوى أكابر العلماء في الأصول؛ ليقبل على فتاوى الأصاغر، ولا سيما في مثل هذا الباب العظيم؛ ]مالكم كيف تحكمون[ [القلم:30].
هذا: ]إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله[، ونسأل الله أن يحفظ بلادنا، وجميع بلاد المسلمين من أهل البدع، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يديم علينا نعمة الأمن والإيمان، ونعمة التوحيد والسنة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
بسم الله الرحمن الرحيم
الله ناصر كل صابر
ذكر الدليل على خطر البدعة
والمبتدعة على الأمة الإسلامية
1) عن منصور بن المعتمر([112]) رحمه الله قال: (لا أقول كما قالت ((المرجئة)) الضالة المبتدعة!)).
أثر حسن
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (613)، و(707)، والخلال في ((الإيمان)) (ق/109/ط)، وفي ((السنة)) (1125)، والآجري في ((الشريعة)) (301)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص992)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص886).
وإسناده حسن.
قلت: هكذا وصف الإمام منصور بن المعتمر رحمه الله ((المرجئة))، لأن ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء، والله المستعان.
2) وعن إبراهيم النخعي([113]) رحمه الله قال: (المرجئة أخوف عندي على أهل الإسلام من عدتهم من الأزارقة!). يعني: الخوارج. وفي رواية: (لفتنتهم عندي أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة!([114])).
أثر حسن
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (617)، و(620)، والخلال في ((الإيمان)) (ق/127/ط)، وفي ((السنة)) (ج3 ص562)، والآجري في ((الشريعة)) (ص143)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (ج6 ص274)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1221)، و(1231)، و(1233)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (1806)، وابن شاهين في ((مذاهب أهل السنة)) (11).
وإسناده حسن.
3) وعن الأوزاعي رحمه الله قال: (كان يحيى بن أبي كثير([115])، وقتادة([116]) يقولان: ليس من الأهواء شيء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء).
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (641)، (733)، والآجري في ((الشريعة)) (ص144)، والخلال في ((السنة)) (ج4 ص86)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1223).
وإسناده صحيح.
4) وعن الضحاك المشرقي([117])، وأبي البختري([118])، وبكير بن عبد الله الطائي([119])، وميسرة بن يعقوب([120])، وسلمة بن كهيل([121])؛ قالوا: (الإرجاء بدعة).
أثر صحيح
أخرجه أبو عبيد في ((الإيمان)) (22)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص978)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (ج1 ص226)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1270).
وإسناده صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج28 ص231): (ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين ... إذ تطهير سبيل الله ودينه، ومنهاجه وشرعته، ودفع بغي هؤلاء وعدوانهم على ذلك واجب على الكفاية باتفاق المسلمين، ولولا من يقيمه الله لدفع ضرر هؤلاء لفسد الدين، وكان فساده أعظم من فساد استيلاء العدو من أهل الحرب؛ فإن هؤلاء إذا استولوا لم يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إلا تبعا وأما أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج28 ص232): (فإذا كان أقوام منافقون يبتدعون بدعا تخالف الكتاب، ويلبسونها على الناس ولم تبين للناس: فسد أمر الكتاب وبدل الدين؛ كما فسد دين أهل الكتاب قبلنا بما وقع فيه من التبديل الذي لم ينكر على أهله ... فلا بد أيضا من بيان حال هؤلاء؛ بل الفتنة بحال هؤلاء أعظم([122])؛ فإن فيهم إيمانا يوجب موالاتهم، وقد دخلوا في بدع من بدع المنافقين التي تفسد الدين فلا بد من التحذير من تلك البدع وإن اقتضى ذلك ذكرهم وتعيينهم؛ بل ولو لم يكن قد تلقوا تلك البدعة عن منافق؛ لكن قالوها ظانين أنها هدى، وأنها خير وأنها دين؛ ولم تكن كذلك لوجب بيان حالها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (ج1 ص121): (فقل من تجد في اعتقاده فسادا؛ إلا وهو يظهر في عمله). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الرد على البكري)) (ج1 ص274): (فإن البدع في الدين سبب الفواحش وغيرها من المنكرات). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (ج2 ص116): (أن فعل هذه البدع يناقض الاعتقادات الواجبة، وينازع الرسل عليهم السلام ما جاءوا به عن الله، وأنها تورث القلب نفاقا، ولو كان نفاقا خفيفا). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (ج2 ص116): (فمن تدبر هذا، علم يقينا ما في حشو البدع من السموم المضعفة للإيمان، ولهذا قيل: إن البدع مشتقة من الكفر). اهـ
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الإفادات والإنشادات)) (ص178): (فإن البدع في الدين هلاك، وهي في الدين أعظم من السم في الأبدان). اهـ
ولهذا نبه العلماء إلى أن إنكار منكر المبتدعة أولى من إنكار دين اليهود والنصارى.([123])
قلت: وجهاد هؤلاء أفضل من جهاد أهل الشرك.([124])
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج5 ص90): (لأهل البدع علامات منها: أنهم يتعصبون لآرائهم، فلا يرجعون إلى الحق، وإن تبين لهم!). اهـ
وقال الإمام ابن القيم في ((إعلام الموقعين)) (ج1 ص136): (أصل كل شر يعود إلى البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (ص411): (فإن الشيطان قصده أن يحرف الخلق عن الصراط المستقيم، ولا يبالي إلى أي الشقين صاروا: الإفراط أو التفريط). اهـ
وقال العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج3 ص391): (فتنبه: أيها المسلم الراغب في النجاة، وانظر إلى حقائق الأمور بمرآة العدالة، والتجرد من التعصب والهوى). اهـ
وقال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله في ((تلبيس إبليس)) (ج1 ص389): (اعلم أن أول تلبيس إبليس على الناس صدهم عن العلم؛ لأن العلم نور فإذا أطفأ مصابيحهم خبطهم في الظلام كيف شاء). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج7 ص278): (أهل السنة والجماعة، فيقولون: في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة رضي الله عنهم هو بدعة؛ لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((إغاثة اللهفان)) (ج1 ص214): (المعرض عن التوحيد مشرك، شاء أم أبى، والمعرض عن السنة مبتدع ضال، شاء أم أبى، والمعرض عن محبة الله وذكره عبد الصور، شاء أم أبى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج2 ص229): (البدع مظان النفاق؛ كما أن السنن شعائر الإيمان). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج28 ص231): (ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة، أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة؛ فإن بيان حالهم، وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((إغاثة اللهفان)) (ج1 ص213): (القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((حادي الأرواح)) (ج1 ص140): (الإعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلالة). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((شرح أصول الإيمان)) (ص410): (دعاة الضلال في وقتنا الحاضر أكثر من دعاة الهدي؛ فلا يغتر بهم). اهـ
وقال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج2 ص335): (والرأي إذا عارض السنة فهو بدعة وضلالة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج2 ص41): (البدع لا تزال تخرج الإنسان من صغير إلى كبير حتى تخرجه إلى الإلحاد والزندقة). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((مفتاح دار السعادة)) (ج1 ص160): (من عرض عليه حق؛ فرده فلم يقبله، عوقب بفساد قلبه، وعقله، ورأيه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص117): (وإذا تدبرت حججهم([125]) وجدت دعاوى لا يقوم عليها دليل). اهـ
وقال العلامة الشيخ السعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص45): (فإن المعاصي يجر بعضها بعضا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع البدع، والكفر، وغير ذلك). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله في ((الدرر السنية)) (ج9 ص23): (العاقل يدور مع الحق أينما دار). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((القول المفيد)) (ج1 ص390): (البدع غالبها شبهة، ولكن كثيرا منها سببه الشهوة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص392): (التمسك بالأقيسة –يعني: الآراء- مع الإعراض عن النصوص، والآثار طريق أهل البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((درء تعارض العقل والنقل)) (ج7 ص182): (وأهل الكلام الذين ذمهم السلف لا يخلو كلام أحد منهم على مخالفة السنة، ورد لبعض ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، كالجهمية والمشبهة، والخوارج والروافض، والقدرية، والمرجئة). اهـ
قلت: لذلك كان السلف يتهمون كل من تردد في قبول الأحاديث، أورد شيئا منها، والله المستعان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج3 ص79)؛ عن أهل الأهواء: (يردون الأحاديث التي تعارض مقولاتهم([126])). اهـ
قلت: فأسباب تمادي أهل البدع في ضلالاتهم، أنهم يضعون لهم قاعدة باطلة، ويبنون عليها أحكاما باطلة لذلك، ثم يجرهم ذلك إلى قواعد جديدة باطلة، وهكذا تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، والعياذ بالله.
قال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج1 ص49): (المبتدع معاند للشرع، ومشاق له). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص392): (فكانوا متمسكين بظاهر من القول لا بظاهر القول([127])؛ وعمدتهم عدم العلم بالنصوص التي فيها علم بما قيد وإلا فكل ما بينه القرآن وأظهره فهو حق؛ بخلاف ما يظهر للإنسان لمعنى آخر غير نفس القرآن يسمى ظاهر القرآن كاستدلالات أهل البدع من المرجئة والجهمية والخوارج والشيعة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج17 ص445): (الجهمية ليس معهم على نفي الصفات، وعلو الله على العرش ونحو ذلك نص أصلا لا آية ولا حديث ولا أثر عن الصحابة رضي الله عنهم.
بل الذي ابتدأ ذلك لم يكن قصده اتباع الأنبياء، بل وضع ذلك كما وضعت عبادة الأوثان، وغير ذلك من أديان الكفار مع علمهم بأن ذلك مخالف للرسل([128])؛ كما ذكر عن مبدلة اليهود ثم فشا ذلك فيمن لم يعرفوا أصل ذلك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص142): (والمفترقة من أهل الضلال تجعل لها دينا، وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادا لا اعتمادا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غير تأويله، وهذا فعل أئمتهم وتارة يعرضون عنه ويقولون: نفوض معناه إلى الله، وهذا فعل عامتهم، وعمدة الطائفتين في الباطن غير ما جاء به الرسول يجعلون أقوالهم البدعية محكمة يجب اتباعها، واعتقاد موجبها والمخالف إما كافر وإما جاهل لا يعرف هذا الباب، وليس له علم بالمعقول، ولا بالأصول). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج17 ص334): (لكن كثيرا من المتكلمين أو أكثرهم لا خبرة لهم بما دل عليه الكتاب، والسنة، وآثار الصحابة والتابعين لهم بإحسان؛ بل ينصر مقالات([129]) يظنها دين المسلمين بل إجماع المسلمين، ولا يكون قد قالها أحد من السلف؛ بل الثابت عن السلف مخالف لها). اهـ
قلت: فالحزبي إلتمس في تفسير الآيات، والأحاديث في الدين سبيل المتأخرين في التحقيق، وهؤلاء دون مستوى تحقيق السلف، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص436): (ومن آتاه الله علما وإيمانا؛ علم أنه لا يكون عند المتأخرين من التحقيق إلا ما هو دون تحقيق السلف لا في العلم، ولا في العمل). اهـ
قلت: فالعلم ما كان عليه السلف الصالح؛ لكن هؤلاء ما بين مقصر أو قاصر، أو متعالم مغرور في التحقيق في علم السلف.
قال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج1 ص106): (فاعلموا أن البدعة: لا يقبل معها عبادة من صلاة، ولا صيام، ولا صدقة، ولا غيرها من القربات، ومجالس صاحبها تنزع منه العصمة، ويوكل إلى نفسه، والماشي إليه وموقره معين على هدم الإسلام، فما الظن بصاحبها وهو ملعون على لسان الشريعة، ويزداد من الله بعبادته بعدا؟!، وهي مظنة إلقاء العداوة والبغضاء، ومانعة من الشفاعة المحمدية، ورافعة للسنن التي تقابلها، وعلى مبتدعها إثم من عمل بها، وليس له من توبة، وتلقى عليه الذلة والغضب من الله، ويبعد عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخاف عليه أن يكون معدودا في الكفار الخارجين عن الملة، وسوء الخاتمة عند الخروج من الدنيا، ويسود وجهه في الآخرة، ويعذب بنار جهنم، وقد تبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ منه المسلمون، ويخاف عليه الفتنة في الدنيا زيادة إلى عذاب الآخرة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص107): (وأما أهل الكفر، والبدع والشهوات فكل بحسبه قيل لسفيان بن عيينة: ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم فقال أنسيت قوله تعالى ]وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم[ [البقرة: 93] أو نحو هذا من الكلام). اهـ
وعن قتادة رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم[ [البقرة: 93]؛ قال: (أشربوا حبه، حتى خلص ذلك إلى قلوبهم).([130])
قلت: ومنه ما يرى المبتدع أنه قد أحسن في إدخال البدع في العبادة حتى أشرب في قلبه حب البدعة؛ كما أشرب حب العجل في قلوب أصحابه، فكان ذلك حزازة([131]) في قلبه إلى أن يموت، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين[ [البقرة: 93].
وقال تعالى: ]أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين (109) لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم[ [التوبة: 109 و110].
عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: ]لا يزال بنيانهم الذي بنوا[ [التوبة: 110]؛ هذا المسجد الضرار، ريبة في قلوبهم راضين بما صنعوا، أولئك المنافقون، يرون أنهم قد أحسنوا وصنعوا؛ كما كان حب العجل في قلوب أصحابه، وقرأ: ]وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم[. ([132])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج20 ص103): (أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية بالسنة والإجماع). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((الفوائد)) (ص101): (فإن اتباع الهوى يعمي عين القلب، فلا يميز بين السنة والبدعة، أو ينكسه فيرى البدعة سنة، والسنة بدعة). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في ((الفقيه والمتفقه)) (ج2 ص376): (ليس كل من ادعى العلم أحرزه, ولا كل من انتسب إليه كان من أهله).اهـ
وقال العلامة الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله في ((قمع المعاند)) (ج2 ص310): (مجالس السوء يجب على المسلم أن يبتعد عنها، فهو أسلم لدينه، وعرضه، ومروءته). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص568): (طريق السنة علم وعدل وهدى؛ وفي البدعة جهل وظلم وفيها اتباع الظن وما تهوى الأنفس). اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الدليل على أنه لابد أن يوجد
في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى
والمجوس سواء في المعاصي أو البدع
اعلم رحمك الله أن أعمال اليهود والنصارى مبناها على الضلال، والانحراف، والفساد في الأرض، فلا يؤجرون عليها لمخالفتها للشرع ([133])، كما قال تعالى: ]وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا[ [الفرقان:23]، وكما قال النبي r: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد).([134]) وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).
وقد أخبر النبي r أن هذه الأمة ستقع طوائف منها في تقليد سنن الكافرين، والمبتدعين الهالكين، وهذه السنن تكون في العقائد، والعبادات، والأحكام، والأعياد، واللباس، والأخلاق، والعياذ بالله.
فعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: (لتتبعن سنة من كان قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم، قيل: يا رسول الله، اليهود، والنصارى؟ قال: فمن).([135])
قلت: وهذا يقتضي المنع من كل ما كان من خواص الكفار، لذم التشبه باليهود والنصارى.([136])
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((مسألة السماع)) (ص350): (فأخبر r أنه لابد من أن يكون في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى، وبفارس الروم، وظهور هذا الشبه في الطوائف([137])؛ إنما يعرفه من عرف الحق وضده، وعرف الواجب والواقع، وطابق بين هذا وهذا، ووازن بين ما عليه الناس اليوم، وبين ما كان عليه السلف الصالح). اهـ
قلت: فعلى هذا يكون إخبار النبي r عن الأمة أنها ستتبع سنن الأمم الهالكة؛ إنما يعني طوائف من هذه الأمة، وهم الجماعات الحزبية، والجماعات المذهبية في هذا الزمان، وهم أهل الافتراق؛ الذين افترقوا عن أهل السنة والجماعة في الأصول والفروع([138])، وهؤلاء المبتدعة تشبهوا باليهود والنصارى في افتراقهم في دينهم.
قال تعالى: ]ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات[ [آل عمران:105].
وقال تعالى: ]ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون[ [الروم:31 و32].
قلت: وهذا يدل على أن أول الأمور التي ورد النهي عنها صراحة في الشرع الحكيم عن التشبه بالكافرين فيها الإفتراق في بالدين.
وعن عبد الله بن عمرو t، قال: قال رسول الله r: (إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).
حديث حسن
أخرجه الترمذي في ((سننه)) (ج5 ص26)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص128)، وابن وضاح في ((البدع)) (ص92)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص100)، والآجري في ((الشريعة)) (ص15)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (ج1 ص369).
بأسانيد حسنة.
قلت: فإذا نهي عن التشبه باليهود والنصارى وغيرهم، فاقتضى ذلك وجوب مخالفتهم في جميع ما يختص بهم، وهذه المخالفة من أكبر مقاصد بعثة النبي r فانتبه.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (خالفوا المشركين...).([139])
قلت: فأمر النبي r في هذا الحديث بمخالفة المشركين مطلقا.
قال الشيخ أحمد بن حجر البنعلي رحمه الله في ((البدع في الدين)) (ج4 ص166): (ولهذا كان هذا التشبه بهم محرما). اهـ
وقال الشيخ أحمد بن حجر البنعلي رحمه الله في ((البدع في الدين)) (ج4 ص167): (وإذا كانت مخالفتهم سببا لظهور الدين، فإنما المقصود بإرسال الرسل، أن يظهر دين الله تعالى على الدين كله؛ فتكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة). اهـ
وهذا الحديث يدل على أن مخالفة الكفار في الدين مقصودة، فكيف نوافقهم فيما يختص بهم من المنكرات؟!.
وعن شداد بن أوس t قال: قال رسول الله r: ((خالفوا اليهود ...)).
حديث حسن
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (ح652)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ح956)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ص662 ح2186)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج2 ح534)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ح4257)، والبزار في ((المسند)) (ج8 ح3480)، والدولابي في ((الكنى والأسماء)) (ج1 ح731)، من عدة طرق عن مروان بن معاوية الفزاري قال: حدثنا هلال بن ميمون الرملي، عن يعلى بن شداد بن أوس، عن أبيه به.
قلت: وهذا سنده حسن، من أجل هلال بن ميمون الرملي، وهو صدوق؛ كما قال ابن حجر في ((تقريب التهذيب)) (ص 576).
وكذلك يعلى بن شداد بن أوس الأنصاري، وهو صدوق؛ كما قال ابن حجر في ((تقريب التهذيب)) (ص609).
والحديث صححه العلامة الألباني رحمه الله في ((صحيح سنن أبي داود)) (ج3 ص225)، وقال الشوكاني رحمه الله في ((نيل الأوطار)) (ج3 ص145): (لا مطعن في إسناده).
قلت: وفي هذا الحديث أمر النبي r بمخالفة اليهود.
قلت: والأدلة واضحة في الأمر بمخالفة الكفار، والنهي عن التشبه بهم.
وعن مجاهد([140]) رحمه الله قال: (يبدؤون فيكونون مرجئة!، ثم يكونون قدرية!، ثم يصيرون مجوسا!).([141]) وفي رواية: (لا تكون مجوسية حتى تكون قدرية، ثم يتزندقوا، ثم يتمجسوا!).
أثر حسن
أخرجه ابن شاهين في ((مذاهب أهل السنة)) (4)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص190)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (1168)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (960)، والخطيب في ((الموضح)) (ج1 ص406) من طرق عن مجاهد به.
وإسناده حسن.
وذكره ابن أبي الخير في ((الانتصار)) (ج3 ص764).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لم يكن في بني إسرائيل شيء، إلا كائن فيكم).([142])
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (نعم الأخوة لكم بنو إسرائيل أن كان لكم الحلو ولهم المر، كلا والذي نفسي بيده حتى تحذى السنة بالسنة حذو القذة بالقذة).([143])
والقذة: هي ريشة السهم، يضرب مثلا للشيئين يستويان، ولا يتفاوتان.([144])
قلت: فتصبح سلسلة ((الفرق الضالة)) ترجع إلى اليهود والنصارى.
قلت: بل من نظر في كثير من البدع القديمة، أو البدع الحديثة وجد أن لها أصلا عند اليهود والنصارى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج5 ص22): (أسانيد جهم ترجع إلى اليهود والصابئين والمشركين). اهـ
وعن داود بن أبي هند رحمه الله قال: (إنما فشا القدر في البصرة لما أسلم النصارى واليهود، لأن القدر مقالة اليهود والنصارى).([145])
وقال وكيع بن الجراح رحمه الله: (إن أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم).([146])
وكان السلف رضي الله عنهم كسفيان بن عيينة وغيره يقولون: (من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى).([147])
وعن الإمام مسلم بن يسار رحمه الله قال: (إن معبدا([148]) يقول بقول النصارى!).([149])
وعن الإمام الحسن البصري رحمه الله قال: (لا تجالسوا معبدا, إنه ضال مضل).([150])
وعن الإمام أحمد رحمه الله قال: (من تعاطى الكلام لم يفلح، ومن تعاطى الكلام لم يخل من أن يتجهم).([151])
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج1 ص373): (وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أن مبدأ التجهم في هذه الأمة كان أصله من المشركين، ومبدلة الصابئين من الهند، واليونان، وكان من مبدلة أهل الكتاب من اليهود). اهـ
قلت: ومعلوم أن من مصادر التصوف الأصلية النصرانية، وأن التشيع له صلة وثيقة باليهود.
وهكذا من تتبع كثيرا من البدع وجد بينها، وبين أهل الكتابين صلة وثيقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.([152])
قال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج3 ص166): (وكل من لم يهتد بهديه صلى الله عليه وسلم، ولا يستن بسنته؛ فإما إلى بدعة أو معصية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الاستقامة)) (ج1 ص220)؛ عن المبتدعة من أهل الكلام، ومن أهل العبادة: (هؤلاء فيهم انحراف يشبه انحراف اليهود أهل العلم والكلام، وهؤلاء فيهم انحراف يشبه انحراف النصارى أهل العبادة والإرادة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بغية المرتاد)) (ص338)؛ عن المبتدعة: (ولهذا كان هؤلاء مع تظاهرهم بالإسلام قد يكونون أسوأ حالا من الكافر المظهر كفره من اليهود والنصارى). اهـ
وقال الإمام أحمد رحمه الله في ((الرد على الجهمية)) (ص198)؛ عن حجة جهم بن صفوان: (ثم إنه استدرك حجة مثل حجة زنادقة النصارى!). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص247)؛ عن المبتدعة: (حتى أشبه هؤلاء اليهود المغضوب عليهم، وأشبه هؤلاء النصارى الضالين؛ بل صار منهما من هو شر من اليهود والنصارى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص243): (ومن لم يكن له علم بما يصلح باطنه ويفسده، ولم يقصد صلاح قلبه بالإيمان ودفع النفاق كان منافقا إن أظهر الإسلام؛ فإن الإسلام يظهره المؤمن والمنافق، وهو علانية، والإيمان في القلب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص243): (من فسر القرآن أو الحديث، وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين، فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله محرف للكلم عن مواضعه([153]) وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطرار من دين الإسلام). اهـ
صدق شيخ الإسلام رحمه الله، ونصح وبر.
قلت: وأصل بدعة الجهمية يعود إلى اليهود، وهذا شأن أكثر البدع أنها تعود إلى أمم الكفر من اليهود والنصارى والمجوس؛ الذين لم يستطيعوا مواجهة الإسلام بالسيف، فبثوا فيه الأفكار الضالة، والمعتقدات المنحرفة لإفساده.([154])
قال الإمام ابن بطة رحمه الله في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص568)؛ باب: إعلام النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ركوب طريق الأمم قبلهم, وتحذيره إياهم ذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص657): (فإن كثيرا من أحوال اليهود قد ابتلي به بعض المنتسبين إلى العلم، وكثيرا من أحوال النصارى قد ابتلي به بعض المنتسبين إلى الدين؛ كما يبصر ذلك من فهم دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ثم نزله على أحوال الناس).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج1 ص375): (فكان أول ما ظهر من البدع([155]) فيه شبه من اليهود والنصارى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج1 ص376): (وهؤلاء المحرفة المبدلة في هذه الأمة من الجهمية وغيرهم اتبعوا سنن من كان قبلهم من اليهود، والنصارى، وفارس، والروم فغيروا فطرة الله تعالى، وبدلوا كتاب الله، والله سبحانه وتعالى خلق عباده على الفطرة التي فطرهم عليها). اهـ
قلت: واعلم أن كل فرقة إذا أرادت أن تروج بدعها لابد عليها أن تنتحل اسما يوافق الكتاب والسنة تحتال فيه على أتباعها الجهلة، وهي غير متبعة لما انتحلته في الدين، فانتحلت مثلا ((الفرقة الربيعية)) السلفية، وهي غير متبعة لها، بل خالفوا فيها السنة التي أمر الكتاب باتباعها؛ وحاربوا السنة وأهلها الذين أمر الكتاب بموالاتهم، وصاروا يتبعون المتشابه من الكتاب؛ فيتأولونه على غير تأويله من غير فقه منهم بمعناه، ولا رسوخ في العلم، ولا اتباع للسنة، وآثار السلف، ولا مراجعة لعلماء السنة الذين يفهمون الكتاب والسنة والآثار حتى فارقوا جماعة المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص210)؛ عن طريقة المبتدعة في ترويج بدعهم: (فانتحلت الخوارج كتاب الله، وانتحلت الشيعة أهل البيت، وكلاهما غير متبع لما انتحله؛ فإن الخوارج خالفوا السنة التي أمر القرآن باتباعها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص239): (وهؤلاء المتأخرون - مع ضلالهم وجهلهم - يدعون أنهم أعلم وأعرف([156]) من سلف الأمة ومتقدميها). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص225): (فما وافق الكتاب والسنة، فهو حق، وما خالف ذلك فهو باطل). اهـ
قلت: فكل معنى يخالف الكتاب والسنة؛ فهو باطل، وحجته داحضة: ]هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين [ [آل عمران: 138].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج1 ص592): (وجميع البدع؛ كبدع الخوارج، والشيعة، والمرجئة، والقدرية لها شبه في نصوص الأنبياء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج1 ص557): (وجميع أهل الأهواء قد يتمسكون بنصوص؛ كالخوارج، والشيعة، والقدرية، والرافضة، والمرجئة وغيرهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج1 ص309): (في أواخر عصر الصحابة حدثت بدعة ((القدرية))، و((المرجئة))؛ فأنكر ذلك الصحابة، والتابعون، كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وجابر بن عبد الله، وواثلة بن الأسقع). اهـ
قلت: وهذا النوع من الإرجاء هو الذي بدعه السلف، وهو القول بأن العمل ليس من الإيمان، وهذا هو اعتقاد ربيع المرجئ، وأتباعه المرجئة.([157])
قلت: وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقوع طوائف من هذه الأمة فيما وقع فيه أهل الكتاب من اليهود، والنصارى، كما سبق ذلك.
فقد قالت كل فرقة في الأخرى، كما قالت اليهود: ]قالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء [ [البقرة: 113].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج5 ص260): (واختلاف أهل البدع هو من هذا النمط; فالخارجي يقول: ليس الشيعي على شيء، والشيعي يقول: ليس الخارجي على شيء، والقدري النافي يقول: ليس المثبت على شيء، والقدري الجبري المثبت يقول: ليس النافي على شيء، والوعيدية تقول: ليست المرجئة على شيء، والمرجئة([158]) تقول: ليست الوعيدية على شيء، بل ويوجد شيء من هذا بين أهل المذاهب الأصولية والفروعية لمنتسبين إلى السنة، فالكلابي يقول: ليس الكرامي على شيء، والكرامي يقول: ليس الكلابي على شيء، والأشعري يقول: ليس السالمي على شيء، والسالمي يقول: ليس الأشعري على شيء، ويصنف السالمي؛ كأبي علي الأهوازي كتابا في مثالب الأشعري، ويصنف الأشعري؛ كابن عساكر كتابا يناقض ذلك من كل وجه، وذكر فيه مثالب السالمية). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص555): (والسلف اشتد نكيرهم على المرجئة لما أخرجوا العمل من الإيمان، ولا ريب أن قولهم بتساوي إيمان الناس من أفحش الخطأ، بل لا يتساوى الناس في التصديق، ولا في الحب، ولا في الخشية، ولا في العلم، بل يتفاضلون من وجوه كثيرة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص118): (وقد عدلت المرجئة في هذا الأصل عن بيان الكتاب، والسنة، وأقوال الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، واعتمدوا على رأيهم، وعلى ما تأولوه بفهمهم اللغة، وهذه طريقة أهل البدع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص287): (بل كل من تأمل ما تقوله الخوارج، والمرجئة في معنى الإيمان، علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم). اهـ
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين([159]) رحمه الله قال: (ما ليل بليل، ولا نهار بنهار أشبه من المرجئة باليهود!).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (1815).
وإسناده حسن.
وذكره ابن أبي الخير في ((الانتصار)) (ج3 ص794).
قلت: ووجه الشبه بينهما من ناحية أن اليهود يعتقدون أنهم ناجون يوم القيامة، وإن لم يعملوا عملا قط!، حيث زعموا أن الجنة لهم، والنار لغيرهم، ولو دخلوا النار سيدخلونها أياما معدودة، وكذلك المرجئة يزعمون أنهم قد نالوا الإيمان بدون عمل، وأنهم سينجون يوم القيامة، ويكونون من أصحاب الجنة، وإن دخلوا النار سيدخلونها أياما معدودة، والله المستعان.
قال العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله في ((حديث الصباح)) (ص329): (الضال هو الذي يتكلم على غير هدى، على غير علم، والغاوي هو الذي يخالف العلم، يعلم ولكن يخالف العلم([160])؛ كاليهود وأشباههم!). اهـ
قلت: ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما يقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه، وفي الأقوال والأعمال.
وهذا موافق لما روي عنه صلى الله عليه وسلم من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة، وأنها كلها في النار؛ إلا فرقة واحدة، وهي: من كان على ما هو عليه وأصحابه.([161])
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الدليل على
أن أهل الأهواء بمنزلة اليهود والنصارى،
وأن فسادهم يظهر للمسلمين كلهم([162])، وأما أهل
الأهواء لا يعرف فسادهم كل مسلم، وهم أخطر من اليهود والنصارى
1) عن يحيى بن مسلم البصري البكاء قال: (كان الحسن البصري([163]): ينزل أصحاب الأهواء([164]) بمنزلة اليهود، والنصارى!). وفي رواية: (أهل البدع بمنزلة اليهود والنصارى([165])).
أثر حسن
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص131)، والهروي في ((ذم الكلام)) (ج5 ص8)، وأبو الفتح المقدسي في ((الحجة على تارك المحجة)) (ج1 ص286)، ويعقوب بن سفيان النسوي في ((السنة)) (ج3 ص388).
وإسناده حسن، ولا يضر ضعف يحيى بن مسلم هنا، لأنه راوي الأثر مباشرة دون واسطة، كما هو مقرر في أصول الحديث.
قلت: فاتقوا التفرق، فإنه شعبة من اليهودية، والنصرانية، اللهم غفرا.
2) وعن محمد بن سيرين، قال: رأى عبد الله بن عتبة رجلا صنع شيئا من زي العجم([166])؛ فقال: (ليتق رجل أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر).([167])
قلت: إذا كان هذا في لباسهم، فما بالك في اعتقادهم؟!، أليس هذا أخذ بدين اليهود والنصارى، والعياذ بالله.
والمراد: فليحذر المرء أن يتشبه بزي اليهود والنصارى.
قال تعالى: ]ومن يتولهم منكم فإنه منهم [ [المائدة: 51].
3) وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يعلم).([168])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج2 ص359): (فهذه المقالات([169]) وأمثالها من أعظم الباطل، وقد نبهنا على بعض ما به يعرف معناها وأنه باطل، والواجب إنكارها؛ فإن إنكار هذا المنكر الساري في كثير من المسلمين أولى من إنكار دين اليهود والنصارى، الذي لا يضل به المسلمون لا سيما وأقوال([170]) هؤلاء شر من أقوال اليهود والنصارى وفرعون، ومن عرف معناها، واعتقدها كان من المنافقين، الذين أمر الله بجهادهم؛ بقوله تعالى: ]جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم [[التوبة: 73]، والنفاق إذا عظم كان صاحبه شرا من كفار أهل الكتاب ... وهؤلاء قد عرف مقصودهم؛ كما عرف دين اليهود والنصارى والرافضة، ولهم في ذلك كتب مصنفة، وأشعار مؤلفة، وكلام يفسر بعضه بعضا.
وقد علم مقصودهم بالضرورة، فلا ينازع في ذلك إلا جاهل([171]) لا يلفت إليه ويجب بيان معناها، وكشف مغزاها، لمن أحسن الظن بها، وخيف عليه أن يحسن الظن بها، أو أن يضل، فإن ضررها على المسلمين أعظم من ضرر السموم التي يأكلونها، ولا يعرفون أنها سموم، وأعظم من ضرر السراق والخونة، الذين لا يعرفون أنهم سراق وخونة ... وقد دخل بسبب هؤلاء الجهال المعظمين لهم من الشر على المسلمين، ما لا يحصيه إلا رب العالمين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج2 ص368)؛ عن الصوفية المبتدعة: (وأقوال هؤلاء شر من أقوال النصارى، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج3 ص317): (فمن كان خطؤه لتفريطه([172]) فيما يجب عليه من اتباع القرآن والإيمان مثلا، أو لتعديه حدود الله بسلوك السبل التي نهى عنها، أو لاتباع هواه بغير هدى من الله؛ فهو الظالم لنفسه، وهو من أهل الوعيد). اهـ
قلت: فخطر المبتدعة أعظم من خطر الملل، وذلك من جهة عظم الفتنة بهم، والتباس أمرهم على العامة، لأنهم من أهل القبلة.
وفساد اليهود والنصارى ظاهر لعامة المسلمين، أما أهل البدع، فإنه لا يظهر فسادهم لكل مسلم.([173])
قال العلامة الشوكاني رحمه الله في ((فتح القدير)) (ج1 ص154): (اتباع أهوية المبتدعة تشبه اتباع أهوية أهل الكتاب، كما يشبه الماء الماء، والبيضة البيضة، والتمرة التمرة، وقد تكون مفسدة اتباع أهوية المبتدعة أشد على هذه الملة من مفسدة اتباع أهوية أهل الملل؛ فإن المبتدعة ينتمون إلى الإسلام، ويظهرون للناس أنهم ينصرون الدين ويتبعون أحسنه، وهم على العكس من ذلك الضد لما هنالك، فلا يزالون ينقلون من يميل إلى أهويتهم من بدعة إلى بدعة، ويدفعونه من شنعة إلى شنعة، حتى يسلخوه من الدين ويخرجونه منه، وهو يظن أنه منه([174]) في الصميم، وأن الصراط الذي هو عليه هو الصراط المستقيم). اهـ
وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في ((أضواء البيان)) (ج4 ص546)؛ في شأن الصوفية المبتدعة: (استعمارهم لأفكار ضعاف العقول أشد من استعمار كل طوائف المستعمرين). اهـ
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((الصواعق المرسلة)) (ج1 ص349): (ومن عظيم آفاتها، ومصيبة الأمة بها أن الأهواء المضلة، والآراء المهلكة التي تتولد من قبلها لا تزال تنمو، وتتزايد على ممر الأيام، وتعاقب الأزمنة، وليست الحال في الضلالات التي حدثت من قبل أصول الأديان الفاسدة كذلك، فإن فساد تلك معلوم عند الأمة، وأصحابها لا يطمعون في إدخالها في دين الإسلام فلا تطمع، أهل الملة اليهودية، ولا النصرانية، ولا المجوسية، ولا الثانوية، ونحوهم أن يدخلوا أصول مللهم في الإسلام). اهـ
4) وقال عنبسة بن سعيد الكلاعي رحمه الله: ((ما ابتدع رجل بدعة إلا غل صدره على المسلمين، واختلجت منه الأمانة)).
أثر صحيح
أخرجه الهروي في ((ذم الكلام)) (ج5 ص126)، وأبو القاسم الأصبهاني في ((الحجة)) (ج1 ص304)، وابن بطة في ((الإبانة الصغرى)) تعليقا (ص55) بإسناد صحيح.
قلت: لأن إذا حدث الرجل بالبدعة، وتمكنت من قلبه ودعا إليها، سلب ورعه وأمانته، وحمل غلا وحقدا على المسلمين؛ فافهم هذا ترشد.
قوله: ((واختلجت)): من الخلج، وهو الجذب والنزع.([175])
قال الإمام ابن حزم رحمه الله في ((الفصل)) (ج4 ص227): (واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج2 ص132)؛ عن المبتدعة: (ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم، بأن هذا الكلام لا يدري ما هو؟ أو من قال: إنه صنف هذا الكتاب؟... وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق؛ بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ([176])، والعلماء، والملوك، والأمراء، وهم يسعون في الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله). اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الدليل على أن ديانات الجماعات الحزبية
لا تقبل عند الله تعالى
اعلم رحمك الله أن مجرد الانتساب إلى الإسلام دون العمل به، فهذا لا يكفي فيه، بل من أدخل فيه ما ليس منه من المخالفات الشرعية الكثيرة، أو القليلة، فإنه ابتغى غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه ذلك، سواء كان من المسلمين، أو من المبتدعين، فانتبه.([177])
قال تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19].
وقال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
وقال تعالى: ]اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا[ [المائدة: 3].
وقال تعالى: ]ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى[ [لقمان: 22].
وقال تعالى: ]ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن[ [النساء: 125].
وقال تعالى: ]أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض[ [آل عمران: 83].
قلت: والإسلام؛ الانقياد والخضوع، والاستسلام بالتوحيد والطاعة لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فمن اتبعه كان مرضيا عند الله تعالى، ومن خالفه كان باغيا لغير دين الله تعالى.([178])
قال المراغي رحمه الله في ((تفسيره)) (ج2 ص204): (قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه[؛ لأن الدين إذا لم يصل بصاحبه إلى هذا الخضوع والانقياد لله تعالى كان رسوما، وتقاليد لا تجدي شيئا، بل تزيد النفوس فسادا، والقلوب ظلاما، ويكون حينئذ مصدر الشحناء، والعداوة بين الناس في الدنيا، ومصدر الخسران في الآخرة بالحرمان من النعيم المقيم، والعذاب الأليم، وقوله تعالى: ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ لأنه أضاع ما جبلت عليه الفطر السليمة من توحيد الله تعالى، والانقياد له، كما جاء في الحديث: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه))([179])، وخسر نفسه إذ لم يزكها بالإسلام لله، وإخلاص السريرة له؛ كما قال تعالى: ]قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين[). اهـ
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج1 ص373): (قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه[؛ أي: من سلك طريقا سوى ما شرعه الله تعالى، فلن يقبل منه([180]): ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))([181])).
وقال القاسمي رحمه الله في ((محاسن التأويل)) (ج4 ص136): (ومن يبتغ؛ أي: يطلب: ]غير الإسلام دينا[؛ أي: غير التوحيد، والانقياد لحكم الله تعالى، كدأب المشركين صريحا، والمدعين للتوحيد مع إشراكهم كأهل الكتابين، ]فلن يقبل منه[؛ لأنه لم ينقد لأمر الله تعالى، وفي الحديث الصحيح: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))([182])، ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ لضلاله وجوه الهداية في الدنيا). اهـ
قلت: والمعنى؛ أن المعرض عن الإسلام، أو عن شيء منه، أي: الطالب لغيره، فهذا فاقد للنفع، وواقع في الخسران؛ بإبطال الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها.
قلت: وفي ترتيب الرد، والخسران على مجرد الطلب من الكافر، ومن المسلم؛ دلالة على أن حال من تدين بغير الإسلام، واطمأن بذلك أقطع وأقبح.
فعن المعتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه أنه قال: (ليس قوم أشد نقضا للإسلام من الجهمية).([183]) وفي رواية: (بغضا للإسلام).
وعن إسحاق بن بهلول الأنباري، قال: سألت أنس بن عياض، عن الصلاة خلف الجهمية، فقال: (لا تصل خلفهم)([184])، وتلا: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
قلت: فإذا صلى المرء خلف الجهمي، فلن تقبل منه هذه الصلاة؛ لأنه ابتغى فيها غير الإسلام دينا، كذلك من ابتغى غير الإسلام في الاعتقاد فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين.([185])
وعن إبراهيم بن السري النحوي الزجاج رحمه الله قال: (اعلم أن الله عز وجل لا يقبل دينا غير دين الإسلام، ولا عملا إلا من أهله؛ فقال ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85]، يبتغ جزم ((بمن)) وقوله ((فلن يقبل منه)) الجواب، ومعنى ((الخاسرين)) أي: ممن خسر عمله).([186])
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((الداء والدواء)) (ص208): (وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له، وقل من ينجو منه، فمن أراد بعمله غير وجه الله، أو نوى شيئا غير التقرب إليه، وطلب الجزاء منه، فقد أشرك في نيته وإرادته.
والإخلاص: أن يخلص لله في أفعاله وأقواله وإرادته ونيته، وهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85]، وهي ملة إبراهيم التي من رغب عنها فهو من أسفه السفهاء). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج5 ص120): (من ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله إلا بعدا). اهـ
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: (لا يشم مبتدع رائحة الجنة، أو يتوب).([187]) يعني: إلى أن يتوب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (ص51): (فقوله سبحانه: ]فاستمتعتم بخلاقكم[ [التوبة: 69] إشارة إلى اتباع الشهوات، وهو داء العصاة، وقوله: ]وخضتم كالذي خاضوا[ [التوبة: 69] إشارة إلى اتباع الشبهات، وهو داء المبتدعة وأهل الأهواء، والخصومات، وكثيرا ما يجتمعان، فقل من تجد في اعتقاده فسادا؛ إلا وهو يظهر في عمله). اهـ
قلت: ويدخل فيه ترك بعض أعمال الدين، أو الابتداع فيه بشيء من البدع؛ فإن ذلك يدخل([188]) في قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
قال تعالى: ]ونحن له مسلمون[ [آل عمران: 84]؛ أي: منقادون مخلصون.([189])
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((مدارج السالكين)) (ج3 ص474): (فدين الرحمن: هو الإسلام، والتي للشيطان: اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، والصابئة، ودين المشركين([190])). اهـ
قلت: فلماذا قال المبتدع أن الدين عند الله تعالى الإسلام، ثم يعدل عنه إلى البدع المحدثة([191])؟!: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في ((مدارج السالكين)) (ج3 ص474): (وقد دل قوله ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19] على أنه دين جميع أنبيائه، ورسله، وأتباعهم من أولهم إلى آخرهم، وأنه لم يكن لله قط ولا يكون له دين سواه). اهـ
وعن سفيان الثوري رحمه الله قال: (ليس أحد أبعد من كتاب الله من المرجئة!).([192])
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((المنتقى)) (ج2 ص23): (الفتنة إنما حدثت، وتحدث بين شباب المسلمين بسبب الإصغاء إلى الأفكار الوافدة المشبوهة، والإعراض عن المنهج الصحيح). اهـ
õõõõõõõ
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الدليل على أن ديانات الفرق الضالة
تنسب إليها لا تنسب إلى دين الإسلام؛ فيقال:
دين المرجئة، ودين الرافضة، ودين الخوارج، ودين الجهمية، ودين الأشعرية، ودين الإخوانية، ودين التراثية، ودين السرورية، ودين القطبية، ودين الداعشية، ودين التبليغية، ودين الصوفية، ودين الحماسية، ودين العقلانية، وهكذا.([193])
اعلم رحمك الله أن مجرد الانتساب إلى الإسلام دون العمل به، فهذا لا يكفي فيه، بل من أدخل فيه ما ليس منه من المخالفات الشرعية الكثيرة، أو القليلة، فإنه ابتغى غير الإسلام دينا، فلن يقبل منه ذلك، سواء كان من المسلمين، أو من المبتدعين، فانتبه.([194])
وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ]إن الدين عند الله الإسلام[ [آل عمران: 19].
2) وقال تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج1 ص373): (قوله تعالى: ]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه[؛ أي: من سلك طريقا سوى ما شرعه الله تعالى، فلن يقبل منه([195]): ]وهو في الآخرة من الخاسرين[؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))([196])).([197]) اهـ
3) وقال تعالى: ]أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض[ [آل عمران: 83].
قلت: والإسلام؛ الانقياد والخضوع، والاستسلام بالتوحيد والطاعة لله تعالى، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فمن اتبعه كان مرضيا عند الله تعالى، ومن خالفه كان باغيا لغير دين الله تعالى.([198])
4) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). وفي رواية: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)).
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج2 ص959)، ومسلم في ((صحيحه)) (ج3 ص1343)، وأبو داود في ((سننه)) (ج4 ص200)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص7) من طريق إبراهيم بن سعد عن أبيه عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها به.
قلت: وهذا الحديث يدل على أن كل دين أحدث في الإسلام، فهو دين باطل، وهو مردود على من أحدثه، لأنه ليس من الدين في شيء، ولم يأذن به الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم.([199])
5) وعن عبد الله بن عمرو t، قال: قال رسول الله r: (إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي).
حديث حسن
أخرجه الترمذي في ((سننه)) (ج5 ص26)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص128)، وابن وضاح في ((البدع)) (ص92)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص100)، والآجري في ((الشريعة)) (ص15)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (ج1 ص369).
بأسانيد حسنة.
وعن سفيان الثوري([200]) رحمه الله قال: (دين محدث؛ دين الإرجاء([201])).
أثر صحيح
أخرجه الخلال في ((السنة)) (ج3 ص563)، والآجري في ((الشريعة)) (ج2 ص682)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص785)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (ج1 ص311).
وإسناده صحيح.
قلت: وهذا يدل على أن الإمام سفيان الثوري رحمه الله عنده أن ((المرجئة)) لهم دين محدث يختلف عن دين المسلمين تماما!.
7) وعن سفيان الثوري([202]) رحمه الله قال: في الإرجاء-: (رأي محدث أدركنا الناس على غيره!). يعني: ليس من قول السلف الصالح.
أثر صحيح
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (610)، والخلال في ((السنة)) (1189)، والآجري في ((الشريعة)) (301)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص1004).
وإسناده صحيح.
وقال العلامة ابن أبي الخير رحمه الله في ((الانتصار)) (ج3 ص793): فصل: في ذكر فضائح المرجئة.
8) وعن الضحاك المشرقي([203])، وأبي البختري([204])، وبكير بن عبد الله الطائي([205])، وميسرة بن يعقوب([206])، وسلمة بن كهيل([207])؛ قالوا: (الإرجاء بدعة).
أثر صحيح
أخرجه أبو عبيد في ((الإيمان)) (22)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج5 ص978)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (ج1 ص226)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1270).
وإسناده صحيح.
قلت: وهذا يدل على أن الأئمة عندهم أن الإرجاء بدعة أحدث في دين الإسلام، ليس هو من دين الإسلام في شيء.
وعن فضيل بن عياض قال: في قوله تعالى: ]ليبلوكم أيكم أحسن عملا[ [هود: 7] قال: (أخلصه وأصوبه، قال: إن العمل إذا كان خالصا، ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا كان صوابا، ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا، والخالص إذا كان لله، والصواب: إذا كان على السنة).([208])
قال الإمام ابن رجب رحمه الله في ((جامع العلوم والحكم)) (ج1 ص24): (قد دل على هذا الذي قاله الفضيل: قوله عز وجل: ]فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا[ [الكهف: 110]). اهـ
قلت: وهذا يدل على أن الله تعالى لا يعظم الأعمال لكثرتها، إلا أن تكون موافقة للسنة، لذلك قال تعالى: ]ليبلوكم أيكم أحسن عملا[ [الملك: 2]، ولم يقل تعالى: أكثر عملا، والعمل الحسن ما كان موافقا للكتاب والسنة والآثار.([209])
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في ((تفسيره)) (ج4 ص436): (وقوله: ]ليبلوكم[ أي: ليختبركم ]أيكم أحسن عملا[؛ ولم يقل: أكثر عملا؛ بل ]أحسن عملا[، ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصا لله عز وجل، على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمتى فقد العمل واحدا من هذين الشرطين حبط وبطل). اهـ
قال تعالى: ]وأخلصوا دينهم لله[ [النساء: 145].
قال الإمام أحمد رحمه الله في ((الرد على الجهمية)) (ص207)؛ وهو يتحدث عن حال الجهم بن صفوان: (فأضل بكلامه بشرا كثيرا ... ووضع دين الجهمية([210])).اهـ
قلت: فنسب الإمام أحمد رحمه الله آراء جهم بن صفوان البدعية إلى دينه الباطل، لا إلى دين الإسلام.([211])
وهذا يدل على أن الإمام أحمد رحمه الله عنده أن الجهمية لهم دين يختلف عن دين المسلمين تماما.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج1 ص467): (قلت: أصحاب عمرو بن عبيد هم المعتزلة؛ فإن عمرا هو الإمام الأول الذي ابتدع ((دين المعتزلة)) هو وواصل بن عطاء.
وأما الذين اتبعوه من أصحاب أبي حنيفة فهم من جنس الذين قاموا بأمر محنة المسلمين على ((دين الجهمية)) لما دعوا الناس إلى القول بخلق القرآن وغيره من أقوال الجهمية). اهـ
قلت: فأشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن بدع المعتزلة من دينهم، وأن بدع الجهمية من دينهم، كدين اليهود، ودين النصارى، ودين المجوس، وغيرهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص209): (ولكن الخوارج دينهم المعظم مفارقة جماعة المسلمين واستحلال دمائهم وأموالهم).اهـ
قلت: فنسب الدين إلى الخوارج؛ رغم أنهم يتسموا بدين الإسلام، وأن حجتهم القرآن الكريم، والسنة النبوية!.
وبهذا يتبين أن دين الفرق كلهم ليس هو دين الإسلام.
لذلك فيجب التحذير من ديانات الجماعات الحزبية، وبيان ضلالهم في الدين.
قلت: فخدع المبتدع أتباعه الجهال بهذا الباطل، وموه عليهم، اللهم غفرا.
وعن حذيفة بن اليمان t قال: (إن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، وتنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله؛ فإن دين الله واحد).([212])
وعن الإمام عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال: (من كثرت خصوماته لم يزل يتنقل من دين إلى دين).([213]) وفي رواية: (من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل).
وعن الإمام مالك بن أنس رحمه الله قال: (يا عبد الله: بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بدين واحد, وأراك تنتقل من دين إلى دين).([214])
قلت: وصدق رحمه الله؛ فإنما يجادل الذي قد شك فيما هو متمسك به، فهو يبحث عن دين يتبعه، ولهذا ترى كثيرا ممن هذا حاله تراه كل يوم هو مع فرقة من تلك الفرق المبتدعة، نعوذ بالله من الخذلان.
قال الإمام ابن بطة رحمه الله في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص555)؛ بعدما ذكر رؤوس المبتدعة: (وكل واحد منهم قد انتحل لنفسه دينا ينصره([215]), وربا يعبده, وله على ذلك أصحاب يتبعونه([216]), وكل واحد منهم يكفر من خالفه, ويلعن من لا يتبعه, وهم في اختلافهم وتباينهم([217])؛ كاختلاف اليهود والنصارى, كما قال الله تعالى: ]وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء[ [البقرة: 113]، فاختلافهم؛ كاختلاف اليهود والنصارى, لأن اختلافهم في التوحيد, وفي صفات الله, وفي الكيفية). اهـ
قلت: فالمبتدعة في هذه الأمة يحملون شرار سنن الذين خلوا من قبلهم خذو القذة بالقذة، والعياذ بالله.
قال تعالى: ]ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون[ [الأنفال: 37].
وقال الإمام ابن بطة رحمه الله في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص889): (فإن هؤلاء مرجئة أهل ضلال، وزيغ وعدول عن الملة). اهـ
وعن ابن شبرمة قال: كان أبو وائل يقول لشقيق الضبي: (أيا شقيق هل وجدت دينك منذ أضللته- وكان شقيق يرى رأي الخوارج).
أثر صحيح
أخرجه يعقوب بن سفيان في ((المعرفة والتاريخ)) (ج2 ص778) من طريق أبي بكر الحميدي قال: سمعت ابن شبرمة به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج1 ص373): (فهذا أمر بتبديل فطرة الله التي فطر عليها عباده وهي طريقة المبتدعة المبدلين لفطرة الله وشرعته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه))([218])). اهـ
قال تعالى: ]فطرت الله التي فطر الناس عليها[ [الروم: 30].
وقال تعالى: ]قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى[ [طه: 50].
قلت: فالله تعالى خلق الناس على الفطرة ... ومما فطر الناس عليها هو محبة الحق وإرادته.([219])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص88): (والقلب خلق يحب الحق ويريده ويطلبه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج16 ص338): (فإن الحق محبوب في الفطرة. وهو أحب إليها. وأجل فيها وألذ عندها من الباطل الذي لا حقيقة له فإن الفطرة لا تحب ذاك). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((درء تعارض العقل والنقل)) (ج8 ص463): (في النفس ما يوجب ترجيح الحق على الباطل في الاعتقادات والإرادات، وهذا كاف في كونها ولدت على الفطرة). اهـ
قلت: فالنفوس مفطورة على معرفة الحق وحبه.
والواجب على العبد أن يلزم الفطرة، ويحذر الأسباب التي تصده عن الحق وتصرفه عنه، وإذا ما صرفه عنه صارف؛ عاد إلى الحق ولزمه، وهذا من أعظم نعم الله تعالى على عبده أن يكون العبد محبا، ومؤثرا للحق يطلبه ويلزمه.([220])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج4 ص32): (والله سبحانهخلق عباده على الفطرة التي فيها معرفة الحق والتصديق به، ومعرفة الباطل والتكذيب به، ومعرفة النافع الملائم والمحبة له، ومعرفة الضار المنافي والبغض له بالفطرة([221])). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((بيان تلبيس الجهمية)) (ج2 ص7): (لإسلام هو دين الله العام الذي اتفق عليه الأولون والآخرون من جميع عباد الله المؤمنين). اهـ
قلت: فتبين مما سبق أن ((دين الربيعية)) الذي وضعه ربيع المدخلي لهم وهو دين الإرجاء، ينسب إليه وإلى شيعته، لا ينسب إلى الإسلام ولن يقبل منهم هذا الدين الذي ابتدعوه من قبل أنفسهم، وهم في الآخرة من الخاسرين، نعوذ بالله من الخذلان.
وعن أبي حمزة: لما كثرت المقالات –يعني: الآراء- بالكوفة أتيت إبراهيم النخعي فقلت: يا أبا عمران، أما ترى ما ظهر بالكوفة من المقالات؟ فقال: (أوه، دققوا قولا، واخترعوا دينا من قبل أنفسهم، ليس من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا هو الحق، وما خالفه باطل، لقد تركوا دين محمد صلى الله عليه وسلم، إياك وإياهم).([222])
أثر حسن
أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (ج4 ص223) من طريق إسماعيل بن يزيد ثنا إبراهيم بن الأشعث ثنا شهاب بن خراش عن أبي حمزة الأعور به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأورده الأصبهاني في ((سير السلف الصالح)) (ج3 ص697).
وأخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (ج4 ص222) من طريق إسماعيل بن سعيد ثنا جرير عن مغيرة، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، قال: ((والله ما رأيت فيما أحدثوا مثقال حبة من خير -يعني أهل الأهواء والرأي والقياس)).
وعن عبد الرحمن بن الأصبهاني قال: كان أبو عبد الرحمن إذا خرج يقرئنا، قال: (لا يجالسنا حروري، ولا مرجئ، ولا رجل على دين شقيق الذواق الضبي).
أثر صحيح
وأخرجه العقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (ج2 ص564) من طريق محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن عبد الرحمن بن الأصبهاني به.
وإسناده حسن.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في ((المعرفة والتاريخ)) (ج2 ص775) من طريق حماد بن زيد حدثنا عطاء بن السائب قال: كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي، ونحن غلمة أيفاع، فكان يقول: (لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص، وإياكم وشقيقا([223])، وسعد([224]) بن عبيدة).
وإسناده حسن.
وأخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج8 ص555) من طريق وكيع عن مالك بن مغول قال: قال أبو عبدالرحمن السلمي: (لا تجالسوا من القصاص إلا أبا الأحوص).
وإسناده صحيح.
وعن حذيفة بن اليمان t قال: (إن الضلالة حق الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، وتنكر ما كنت تعرف، وإياك والتلون في دين الله؛ فإن دين الله واحد).
أثر صحيح
أخرجه ابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص504)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص90)، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (ج2 ص933) من طرق عن خالد بن سعد به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
قلت: هذا حال القصاص والجهال... يتغايرون على الدين، ويتلونون في الدين اللهم غفرا.
فعن أبي هريرة t أنه سمع رسول الله r يقول: (إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه).
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج10 ص474)، وفي ((الأدب المفرد)) (ص148)، ومسلم في ((صحيحه)) (ج4 ص1958)، وأحمد في ((المسند)) (ج2 ص245)، وأبو داود في ((سننه)) (ج5 ص190)، ومحمد بن الحسين في ((الموطأ)) (ص319)، وأبو إسحاق الهاشمي في ((الأمالي)) (ص46)، ومالك في ((الموطأ)) (ج2 ص991)، والخطابي في ((العزلة)) (ص30)، والترمذي في ((سننه)) (ج4 ص374)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج10 ص246)، وفي ((الأربعين الصغرى)) (ص155)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (ج5 ص59)، وفي ((صفة النفاق)) (ص156)، والمقرئ في ((جزء نافع بن أبي نعيم)) (ص40)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج13 ص145)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج8 ص508)، وابن القاسم في ((الموطأ)) (ص382)، وابن أبي أسامة في ((مسند المشايخ)) (ص126)، والسمرقندي في ((تنبيه الغافلين)) (ص131)، وهناد في ((الزهد)) (ج2 ص557)، وأبو عوانة في ((المسند)) (ج15 ص367 – إتحاف المهرة)، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص163)، والحميدي في ((المسند)) (ج2 ص80)، والخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) (ص139)، والحدثاني في ((الموطأ)) (ص597)، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (ج1 ص354)، والبياني في ((مشيخته)) (ص65)، والجوهري في ((مسند الموطأ)) (ص458)، وابن بشران في ((الأمالي)) (ج2 ص337)، وأبو مصعب الزهري في ((الموطأ)) (ج2 ص170)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج13 ص67)، وابن الحاجب في ((عوالي مالك)) (ص385)، والذهبي في ((المعجم المختص)) (ص33)، والقاسم الثقفي في ((الأربعين)) (ص274)، والفزاري في ((السير)) (ص306)، وابن عساكر في ((جزء ذم ذي الوجهين)) (ص34)، ويزيد بن حبيب في ((حديثه)) (ص55)، والكندي في ((عوالي مالك)) (ص350)، والسهرروري المالكي في ((حديثه)) (ق/10/ط) من طرق عن أبي هريرة به.
قلت: إنما كان ذو الوجهين شر الناس؛ لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل، والكذب مدخل للفساد بين الناس.
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله في ((المفهم)) (ج6 ص589): (قوله r: (إن شر الناس ذو الوجهين)؛ يعني: به الذي يدخل بين الناس بالشر والفساد، ويواجه كل طائفة بما يتوجه به عندها مما يرضيها من الشر!). اهـ
قلت: وفي الحديث الحث على مجانبة ذي الوجهين؛ لأنه ظالم لنفسه، ولغيره فهو يوالي هذا، ويوالي هذا من أجل مصالحه([225])، والله المستعان.
فالويل للمبتدعة يوم القيامة الذين يأتون هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه ليحصلوا على دنياهم الفانية، اللهم غفرا.
فعن ابن مسعود t قال: (أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل).
أثر صحيح
أخرجه أحمد في ((الزهد)) (ص233)، وهناد في ((الزهد)) (ج2 ص541)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج9 ص108)، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص80)، ووكيع في ((الزهد)) (ج2 ص547)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (ج7 ص416)، وابن وهب في ((الجامع في الحديث)) (ج1 ص445) من عدة طرق عن الأعمش عن صالح بن خباب عن حصين بن عقبة قال: قال عبد الله بن مسعود به.
قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه العراقي في ((المغني)) (ج3 ص112).
وقال الهيثمي رحمه الله في ((الزوائد)) (ج10 ص303): رجاله ثقات.
وتابعه عبدالملك بن سعيد بن أبجر عن ابن مسعود به.
أخرجه ابن المبارك في ((الزهد)) (ج1 ص345) وإسناده منقطع بين عبدالملك، وابن مسعود.
وانظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج18 ص313).
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((شرح مسائل الجاهلية)) (ص126): (فهذا من العقوبات أن الإنسان إذا ترك الحق يبتلى بالباطل، وهذه سنة لا تتبدل ولا تتغير، فبعض المسلمين تركوا كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وأخذوا بأقوال الناس، وأخذوا علم المنطق، وأخذوا علم الكلام، هم من هذا القبيل، لما تركوا كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وأخذوا غيرهما؛ لأنهم لما أعرضوا عن كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، ولم يأخذوا عقيدتهم من الكتاب والسنة، ابتلوا بأخذ العقيدة من علوم الكفرة والملاحدة، فما أشبه الليلة بالبارحة!.
وهكذا كل من ترك الحق فإنه يبتلى بالباطل، ومن ترك مذهب أهل السنة والجماعة، فإنه يبتلى بمذاهب الفرق الضالة – كالمرجئة -، والذي يتحزب مع الجماعات الضالة المخالفة للكتاب، والسنة، ومنهج أهل السنة والجماعة، يبتلى بأن يكون مع الفرق الضالة.
هذه سنة الله سبحانه وتعالى، فهذا مما يحذر المسلم من أن يترك الحق لأنه إذا ترك الحق ابتلي بالباطل، وإذا ترك اتباع أهل الحق اتبع أهل الباطل، دائما وأبدا).اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((شرح مسائل الجاهلية)) (ص128): (والواجب على المسلم أن يقبل الحق ممن جاء به؛ لأن الحق ضالة المؤمن أينما وجده أخذه، مع صديقه، أو مع عدوه؛ لأنه يطلب الحق.
أما إذا كان يعتبر الاشخاص فقط، فهذا دين أهل الجاهلية... والحاصل: أن الواجب على المسلم تجنب سنة اليهود والنصارى، وهي الكفر بالحق إذا كان مع من لا يحبه، فلا يحملك بغض الشخص على أن ترفض ما معه من الحق.
ومثل هذا ما هو موجود الآن: إذا كانت طائفة، أو جماعة تبغض أحد العلماء، فإنهم يرفضون ما معه من الحق، فيحملهم بغضهم لهذا العالم على أن يرفضوا ما معه من الحق، وأن يعتموا عليه، ويزهدوا فيه، ويحذوا من مؤلفاته، ومن أشرطته، ولو كانت حقا.. لماذا؟ لا لشيء إلا لأنهم لا يحبون هذا الشخص.
والواجب عليك أيها المسلم أن تقبل الحق، وإن كان مع من لا تحب، ولا تكون العداوات الشخصية، والأهواء النفسية مانعة من قبول الحق).([226]) اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((شرح مسائل الجاهلية)) (ص122): (وهذه عقوبة لهم لأن الإنسان إذا فرح بالباطل فإنه لا يتركه، أما إذا لم يفرح به وكان عنده تشكك منه، فهذا حري أنه يتوب ويرجع عنه، لكن إذا اطمأن إليه وفرح به، فإنه لا يتحول عنه، وهذه عقوبة من الله جل وعلا؛ لأن من ترك الحق يبتلى بالباطل، ومن ترك الاجتماع؛ فإنه يبتلى بالتفرق والتشتت...).اهـ
قلت: والذي ينتسب إلى الحق فيجب أن يقول به، ولا يقول بخلاف الحق.
فالانتساب الصحيح: هو أن ينتسب إلى الشيء ويكون موافقا له، فالذي ينتسب إلى مذهب السلف الصالح يوافق ما جاءوا به من سلامة المنهج، وصحة المعتقد، والبراءة من مذاهب الفرق الضالة.([227])
ولذلك على القاص أن يلزم السكوت في دين الله تعالى، ولا يتكلم فيه بلا علم، فإن فعل أثم؛ اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج7 ص629): (أن المستكبر عن الحق يبتلى بالانقياد للباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((التسعينية)) (ج1 ص259): (فإن التجهم، والرفض هما أعظم والبدع، أو من أعظم البدع التي حدثت في الإسلام، ولهذا كان الزنادقة المحضة؛ مثل الملاحدة من القرامطة، ونحوهم، إنما يتسترون بهذين: بالتجهم، والتشيع). اهـ
قلت: كل ذلك باسم الإسلام، وباسم الأعمال الخيرية، وباسم الجهاد، وباسم الدعوة، وباسم الإصلاح، وهذه الأمور لا يدركها إلا أهل العلم، واتخاذهم المساجد مقرا لهم، والتآمر فيما بينهم في جمع التبرعات فيها، والاستفادة من المصلين، ومن أموالهم.
ولا يزال هؤلاء سبب ريبة، وشك في الدين لكثير من الناس؛ لأنهم يظهرون شيئا، ويبطنون شيئا آخر، اللهم سلم سلم.
قال الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله -عضو هيئة كبار العلماء- في ((إعانة المستفيد)) (ج1 ص242): (التنبيه على خداع المخادعين، وأن يكون المؤمنون على حذر دائما من المشبوهين، ومن تضليلهم، وأنهم قد يتظاهرون بالصلاح، ويتظاهرون بالمشاريع الخيرية -كبناء المساجد-، ولكن ما دامت سوابقهم، وما دامت تصرفاتهم تشهد بكذبهم؛ فإنه لا يقبل منهم، ولا ننخدع بالمظاهر دون النظر إلى المقاصد، وإلى ما يترتب -ولو على المدى البعيد- على هذه المظاهر ففيه تنبيه المسلمين إلى الحذر في كل زمان، ومكان من تضليل المشبوهين، وأن كل من تظاهر بالخير، والصلاح، والمشاريع الخيرية لا يكون صالحا... فإننا نأخذ الحذر منه، ولا ننخدع). اهـ
وسئل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله. ما واجب علماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات، والجماعات في كثير من الدول الإسلامية، وغيرها، واختلافها فيما بينها حتى إن كل جماعة تضلل الأخرى. ألا ترون من المناسب التدخل في مثل هذه المسألة؛ بإيضاح وجه الحق في هذه الخلافات، خشية تفاقمها، وعواقبها الوخيمة على المسلمين هناك؟.
فأجاب سماحته: (إن نبينا محمدا r بين لنا دربا واحدا يجب على المسلمين أن يسلكونه وهو صراط الله المستقيم، ومنهج دينه القويم، يقول الله تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[ ([228]).
كما نهى رب العزة، والجلال أمة محمد r عن التفرق، واختلاف الكلمة؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفشل، وتسلط العدو، كما في قوله جل وعلا: ]واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا[([229]) وقوله تعالى: ]شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه[([230]).
فهذه دعوة إلهية إلى اتحاد الكلمة، وتآلف القلوب، والجمعيات إذا كثرت في؛ أي: بلد إسلامي من أجل الخير، والمساعدة، والتعاون على البر والتقوى بين المسلمين دون أن تختلف أهواء أصحابها([231])؛ فهي خير، وبركة، وفوائدها عظيمة.
أما إن كانت كل واحدة تضلل الأخرى، وتنقد أعمالها([232]) فإن الضرر بها حينئذ عظيم، والعواقب وخيمة. فالواجب على المسلمين توضيح الحقيقة، ومناقشة كل جماعة، أو جمعية، ونصح الجميع؛ بأن يسيروا في الخط الذي بينه الله تعالى لعباده، ودعا إليه نبينا محمد r، ومن تجاوز([233]) هذا، واستمر في عناده لمصالح شخصية، أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله، فإن الواجب التشهير به، والتحذير منه ممن عرف الحقيقة([234])، حتى يتجنب الناس طريقهم، وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه، ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله تعالى باتباعه في قوله جل وعلا: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[.([235])
ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولا وأعداء الإسلام من الإنس ثانيا؛ لأن اتفاق كلمة المسلمين، ووحدتهم، وإدراكهم الخطر الذي يهددهم، ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك، والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين، ودرء الخطر عن دينهم، وبلادهم، وإخوانهم، وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين، وتشتيت شملهم، وبذر أسباب العداوة بينهم، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلال، إنه ولي ذلك والقادر عليه).([236]) اهـ
وسئل سماحة العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
ما هو موقف المسلم من الخلافات المذهبية المنتشرة بين الأحزاب، والجماعات؟ .
فأجاب سماحته: (الواجب عليه أن يلزم الحق الذي يدل عليه كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، وأن يوالي على ذلك، ويعادي على ذلك، وكل حزب، أو مذهب يخالف الحق يجب عليه البراءة منه، وعدم الموافقة عليه.
فدين الله تعالى واحد، وهو الصراط المستقيم، وهو عبادة الله تعالى وحده، واتباع رسوله محمد عليه الصلاة والسلام.
فالواجب على كل مسلم أن يلزم هذا الحق، وأن يستقيم عليه، وهو طاعة الله تعالى، واتباع شريعته التي جاء بها نبيه محمد عليه الصلاة، والسلام مع الإخلاص لله في ذلك، وعدم صرف شيء من العبادة لغيره سبحانه وتعالى، فكل مذهب يخالف ذلك، وكل حزب لا يدين بهذه العقيدة يجب أن يبتعد عنه، وأن يتبرأ منه، وأن يدعو أهله إلى الحق بالأدلة الشرعية مع الرفق، وتحري الأسلوب المفيد، ويبصرهم بالحق).([237]) اهـ
وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((الفصل)) (ج4 ص227): (واعلموا رحمكم الله أن جميع فرق الضلالة لم يجر الله على أيديهم خيرا، ولا فتح بهم من بلاد الكفر قرية، ولا رفع للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المؤمنين، ويسلون السيف على أهل الدين، ويسعون في الأرض مفسدين). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الحسبة في الإسلام)) (ص26): (فأما الغش في الديانات؛ فمثل البدع المخالفة للكتاب والسنة، وإجماع السلف الأمة من الأقوال والأفعال). اهـ
وقال الحافظ الذهبي رحمه الله في ((الموقظة)) (ص60) عن المبتدعة الزنادقة: (فمنهم من يفتضح في حياته، ومنهم من يفتضح بعد وفاته، فنسأل الله الستر والعفو). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الأجوبة المفيدة)) (ص60): (كل من خالف جماعة أهل السنة فهو ضال، ما عندنا إلا جماعة واحدة هم أهل السنة والجماعة، وما خالف هذه الجماعة فهو مخالف لمنهج الرسول r.
ونقول أيضا: كل من خالف أهل السنة والجماعة فهو من أهل الأهواء، والمخالفات تختلف في الحكم بالتضليل، أو بالتكفير حسب كبرها وصغرها، وبعدها وقربها من الحق([238])). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج2 ص482): (ومذهب أهل السنة والجماعة قديم معروف ... فإنه مذهب الصحابة الذين تلقوه عن نبيهم r، ومن خالف ذلك كان مبتدعا عند أهل السنة والجماعة).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الاستقامة)) (ج2 ص178): (الطرائق المبتدعة؛ كلها يجتمع فيها الحق والباطل). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج35 ص414): (البدعة التي يعد بها الرجل من أهل الأهواء: ما اشتهر عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة؛ كبدعة الخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج4 ص363): (أن الذي ابتدع مذهب الرافضة كان زنديقا([239]) ملحدا عدوا لدين الإسلام وأهله، ولم يكن من أهل البدع المتأولين؛ كالخوارج والقدرية، وإن كان قول الرافضة راج بعد ذلك على قوم فيهم إيمان لفرط جهلهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((منهاج السنة)) (ج5 ص170)؛ عن المبتدعة الذين علمهم مخلط فيه الحق والباطل: (فمبتدعة أهل العلم والكلام طلبوا العلم بما ابتدعوه، ولم يتبعوا العلم المشروع ويعملوا به). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج13 ص356)؛ عن المبتدعة الزنادقة: (وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات على مذهبهم، ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه، ومن هؤلاء فرق الخوارج، والروافض، والجهمية، والمعتزلة، والقدرية، والمرجئة، وغيرهم). اهـ
إذا فالزندقة تطلق على الملحدين، والمرتدين، والمبتدعين، والحزبيين، والقصاصين، والممثلين، والمغنين، والثوريين، والعقلانيين، والمفكرين([240])، والعاصين، ومن نهج منهجهم، وسلك مسلكهم، اللهم سلم سلم.
قلت: فكل من خالف ما ثبت في الدين، وأصر عليه، وعمل به، ولم يتب منه، فهو زنديق!، سواء كفر، أم لم يكفر([241])، فافهم لهذا.([242])
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((لمحة عن الفرق الضالة)) (ص18): (قال تعالى: ]وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول[ يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم ]مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين (81) فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (82) أفغير دين الله يبغون[ [سورة آل عمران: 81 و82 و83].
فلا دين بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلا دين محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ابتغى غيره من الأديان فإنه لن يقبل منه، ويكون يوم القيامة من الخاسرين:
]ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[ [آل عمران: 85].
]غير المغضوب عليهم[: وهم كل من عنده علم ولم يعمل به، من اليهود وغيرهم من ضلال العلماء، الذين عرفوا الحق وتركوه؛ تبعا لأهوائهم، وأغراضهم، ومنافعهم الشخصية، يعرفون الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنهم لا يتبعونه، بل يتبعون أهواءهم، ورغباتهم، وما تمليه عليهم عواطفهم، أو انتماءاتهم المذهبية أو غير ذلك، هؤلاء يعتبرون من ]المغضوب عليهم[، لأنهم عصوا الله على بصيرة، فغضب الله عليهم.
]ولا الضالين[: وهم الذين يعملون بغير علم، ويجتهدون في العبادة، لكنهم على غير طريق الرسول r، كالمبتدعة والمخرفين، الذين يجتهدون في العبادة، والزهد، والصلاة، والصيام، وإحداث عبادات ما أنزل الله بها من سلطان، ويتبعون أنفسهم بأشياء لم يأت بها الرسول r. هؤلاء ضالون، عملهم مردود عليهم، كما قال الرسول: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))([243]) هؤلاء هم الضالون، ومنهم النصارى، وكل من عبد الله على جهل وضلال، وإن كانت نيته حسنة، ومقصده طيبا، لأن العبرة ليست بالمقاصد فقط، بل العبرة بالاتباع.
ولهذا يشترط في كل عمل، أن يتوفر فيه شرطان، ليكون مقبولا عند الله، ومثابا عليه صاحبه:
الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل.
الشرط الثاني: المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم قال تعالى:
]بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون[ [البقرة:112].
وإسلام الوجه؛ يعني: الإخلاص لله تعالى.
والإحسان؛ هو المتابعة للرسول r.
فالله جل وعلا أمر بالاجتماع على الكتاب والسنة، ونهانا عن التفرق والاختلاف.
والنبي r كذلك أمرنا بالاجتماع على الكتاب والسنة، ونهانا عن التفرق والاختلاف. لما في الاجتماع على الكتاب والسنة من الخير العاجل والآجل، ولما في التفرق من المضار([244]) العاجلة، والآجلة في الدنيا والآخرة.
فالأمر يحتاج إلى اهتمام شديد، لأنه كلما تأخر الزمان كثرت الفرق، وكثرت الدعايات، كثرت النحل، والمذاهب الباطلة، كثرت الجماعات المتفرقة.
لكن الواجب على المسلم أن ينظر، فما وافق كتاب الله، وسنة رسوله r أخذ به، ممن جاء به، كائنا من كان؛ لأن الحق ضالة المؤمن.
أما ما خالف ما كان عليه الرسول r وتركه، ولو كان مع جماعته، أو مع من ينتمي إليهم، مادام أنه مخالف للكتاب والسنة؛ لأن الإنسان يريد النجاة لا يريد الهلاك لنفسه.
والمجاملة لا تنفع في هذا، المسألة مسألة جنة أو نار، والإنسان لا تأخذه المجاملة، أو يأخذه التعصب، أو يأخذه الهوى في أن ينحاز مع غير أهل السنة والجماعة، لأنه بذلك يضر نفسه، ويخرج نفسه من طريق النجاة إلى طريق الهلاك.
وأهل السنة والجماعة، لا يضرهم من خالفهم سواء كنت معهم، أو خالفتهم؛ إن كنت معهم، أو خالفتهم. إن كنت معهم فالحمد لله، وهم يفرحون بهذا، لأنهم يريدون الخير للناس، وإن خالفتهم فأنت لا تضرهم، ولهذا قال r: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك))([245])، فالمخالف لا يضر إلا نفسه). اهـ
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،
وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك
على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
ذكر الدليل على أن الدين الإسلام أنزل من الله تعالى بدين واحد لا يتعدد.................................. |
((2)) |
2) |
ذكر الدليل على أن الجماعات الحزبية هم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا.................................... |
((3)) |
3) |
ذكر أسباب التفرق في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.................... |
((4)) |
4) |
احذر أن تصحب أتباع الجماعات الحزبية الجهلة........ |
((6)) |
5) |
فتوى العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في أن هذه الجماعات الحزبية من الاثنتين وسبعين فرقة.......... |
((7)) |
6) |
فتاوى العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في التحذير من الفرق الضالة.............................. |
((10)) |
7) |
فتاوى العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في أنه ليس من الإسلام أن يتفرق الناس في جماعات........ |
((16)) |
8) |
فتاوى العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في تحريم تعدد الجماعات الحزبية في الإسلام..................... |
((19)) |
9) |
فتوى العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان رحمه الله في أن هذه الجماعات الحزبية من الفرق الضالة في الإسلام............................................. |
((24)) |
10) |
فتاوى العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في ذم الجماعات الحزبية في الكتاب والسنة.................... |
((26)) |
11) |
مقدمة الكتاب....................................... |
((33)) |
12) |
ذكر الدليل على خطر البدعة والمبتدعة على الأمة الإسلامية............................................ |
((65)) |
13) |
ذكر الدليل على أنه لابد أن يوجد في الأمة من يتشبه باليهود والنصارى والمجوس سواء في المعاصي أو البدع |
((78)) |
14) |
ذكر الدليل على أن أهل الأهواء بمنزلة اليهود والنصارى... |
((93)) |
15) |
ذكر الدليل على أن ديانات الفرق الضالة تنسب إليها لا تنسب إلى دين الإسلام............................... |
((106)) |
([2]) كــ((الفرقة التراثية))، و((الفرقة الإخوانية))، و((الفرقة الربيعية))، و((الفرقة السرورية))، و((الفرقة القطبية))، و((الفرقة الصوفية))، و((الفرقة الداعشية))، و((الفرقة اللادنية))، و((الفرقة التبليغية))، و((الفرقة الأشعرية))، و((الفرقة الإباضية))، و((الفرقة الرافضية))، و((الفرقة الحماسية))، وغيرهم.
([4]) كذلك الجماعات الأخرى تدخل في الاثنين وسبعين فرقة التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم في النار، كــ((الإخوانية))، و((التراثية))، و((الربيعية))، و((الصوفية))، و((الداعشية))، و((السرورية))، و((القطبية))، و((الأشعرية))، و((الحماسية))، و((التبليغية))، و((الإباضية))، وغيرهم.
([5]) ضمن شريط: دروس الإمام في ((شرح المنتقى)) في الطائف، راجع أيضا ((المجلة السلفية)) (ص47) العدد: السابع لعام (1422ه).
أخرجه الدارمي في ((المسند)) (ج1 ص231)، وابن وضاح في ((البدع)) (132)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (99)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (ج7 ص134) بإسناد صحيح.
([11]) ولقد اختلفت أهواء أصحابها بالانتصار -بالحمية الحزبية- للجمعية، أو الحزب، أو الجماعة، أو الإنسان الذي ينتسب لهم؛ لأنه من جمعيته، أو حزبه، أو جماعته حتى وإن كان على خطأ أو خطيئة!!!. والويل أشد الويل لمن لم يكن من جمعيته، أو حزبه، أو جماعته، فإنه لا يجد منه النصرة حتى في ساعة العسرة !!!.
قلت: وكل جمعية تختط لنفسها خطة تأبى على غيرها... أن تنازعها إياها، فهي متمسكة بفهم من أنشأها، وقد تدعي لنفسها أنها بذلك تتمسك بالكتاب والسنة! ولذلك تجد الجمعيات الحزبية المزعومة لا تتعاون مع بعضها إلا لمصلحة ]تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون[ [الحشر:14]؛ لأن كل جمعية من حزب آخر!...بل الجمعية الفلانية تطعن في الجمعية الأخرى؛ كأنها غير إسلامية !.
([13]) تأمل جيدا هذا الكلام ... فلقد تجاوزت هذه الجمعيات المزعومة، واستمرت في عنادها لمصالح حزبية، فالواجب التشهير بها، والتحذير منها ممن عرف حقيقتها، حتى يتجنب الناس طريقهم، وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه، ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه، والله ولي التوفيق.
أخرجه الترمذي في ((سننه)) (ج5 ص26)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص128)، والآجري في ((الشريعة)) (ص15)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (147)، والمروزي في ((السنة)) (ص18)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (264)، و(265) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وإسناده حسن.
أخرجه أحمد في ((المسند)) (8396)، وأبو داود في ((سننه)) (4596)، والمروزي في ((السنة)) (ص17)، والترمذي في ((سننه)) (2640)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (66)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص128)، وابن ماجه في ((سننه)) (3991)، والآجري في ((الشريعة)) (ص25)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (252).
وإسناده حسن.
وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وأما لفظ (كلها في النار)؛ فجاء في جملة من الأحاديث منها عن معاوية رضي الله عنه: أخرجه أحمد في ((المسند)) (16937)، وأبو داود في ((سننه)) (4597)، وابن أبي عاصم في ((السنة)) (2)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (268)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (150) وغيرهم وهو حديث حسن.
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (ج4 ص200 و201)، وأحمد في ((المسند)) (ج4 ص126)، والترمذي في ((سننه)) (ج5 ص45)، وابن ماجه في ((سننه)) (ج1 ص17) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه.
وإسناده صحيح.
([33]) هذه اللفظة من ألفاظ أحاديث الإفتراق المتقدم، وهذه اللفظة من أحاديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (23، 24)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص128)، والترمذي في ((سننه)) (2641)، وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله.
([38]) جاء عن جمع من الصحابة منهم: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (71)، ومسلم في ((صحيحه)) (1037)، وعن ثوبان رضي الله عنه: أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1920)، والمغيرة بن شعبة: أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (3640)، ومسلم في ((صحيحه)) (1921).
([42]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (481)، و(2446)، و(6026)، ومسلم في ((صحيحه)) (2585) بلفظ: ((إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)) من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
([46]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (3606)، ومسلم في ((صحيحه)) (1847).
قلت: لا نجاة من هذا الخطر إلا بالتمسك بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، ولا تحسبن هذا الأمر يحصل بسهولة، لا بد أن يكون فيه مشقة، لكن يحتاج إلى صبر، وثبات.
وانظر: ((لمحة عن الفرق الضالة)) للشيخ الفوزان (ص24).
([48]) قلت: وأخبر r أنه سيكون هناك اختلاف، وتفرق، وأوصى عند ذلك بالتمسك بسنته r، وبلزوم جماعة المسلمين الحقيقية، وترك ما خالفها من الأقوال الضالة، فإن هذا طريق النجاة.
وانظر: ((لمحة عن الفرق الضالة)) للشيخ الفوزان (ص8).
([50])كما فعلت الفرق التي تقدمت عليها؛ كـ((الفرقة السرورية))، و((الفرقة التراثية))، و((الفرقة القطبية))، وغيرها من الفرق الضالة.
([51]) قلت: فالفرقة الربيعية جمعت ضلالات كثيرة، وما زالت تتبجح بـ((السلفية))، لذلك لا يجوز لها أن تتسمى بـ((السلفية))، والله المستعان.
([52]) قلت: كما هو حال بعض أتباع الشيخ الألباني في ((الأردن))؛ فإنهم انحرفوا بعد وفاة الشيخ رحمه الله، كما هو واضح في كتبهم الأخيرة، خاصة المدعو علي الحلبي المرجئ!، اللهم غفرا.
([53]) قلت: وكذلك بعض تلاميذ شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فإن منهم من ((الفرقة السرورية)) في عنيزة وغيرها، فإن هؤلاء منحرفين عن منهج الشيخ رحمه الله، فاحذروهم، فإنهم من دعاة الضلالة، والعياذ بالله.
انظر: ((فتاوى العلماء الأكابر)) (ص97).
([54]) قلت: كأنه رحمه الله يصف لنا حال ((الجماعات الحزبية)) وأشكالها في زماننا هذا الذي ظهر فيه الجهل، وقل فيه العلم، واتخذ الناس رؤوسا جهالا فضلوا وأضلوا، والعياذ بالله.
([55]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج1 ص173)، ومسلم في ((صحيحه)) (2673) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
([57]) قلت: لذلك فإن الدعوة السلفية لا تنتهي إلى شخص ربيع المدخلي، فدعوة هذا الرجل منفصلة عن دعوة النبي r، فتنبه.
أخرجه أبو داود في ((سننه)) (ج1 ص20)، والترمذي في ((سننه)) (2676)، وابن ماجه ((سننه)) (34).
وإسناده صحيح.
([60]) يحسن أن نسمي كل من خالف الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح بالفرق، وهو الاسم الشرعي لها، كما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الفرق الآتي، وأما الجماعات فليست إلا جماعة المسلمين التي أشار إليها في الحديث.
أخرجه الترمذي في ((سننه)) (2641)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص129)، وتشهد له رواية: ((هي الجماعة)) وأخرج هذه الرواية ابن ماجه في ((سننه)) (3992). وهي عند أبي داود في ((سننه)) (4597).
وانظر: ((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (ج7 ص398).
([65]) وقال الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج1 ص158): (فإن فرقة النجاة –وهم أهل السنة- مأمورون بعداوة أهل البدع، والتشريد بهم، والتنكيل بمن انحاش إلى جهتهم بالقتل فما دونه، وقد حذر العلماء من مصاحبتهم ومجالستهم). اهـ
([66]) قلت: وقد ضلت هذه الفرق التي تدعي نصرة السنة، والدعوة إليها في زماننا هذا، فيحمل هؤلاء أوزارهم، وأوزار الذين يضلهم بغير علم.
قال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل:25].
([69]) قلت: ولا يدري هذا المسكين أن الله تعالى له بالمرصاد، فشتت الله تعالى شمله، هو وأتباعه، فتفرقوا فيما بينهم في كل مكان، فالذي كان يخاف منه وقع ولا بد، وهذا هو مكر الله تعالى الخفي لأهل الأهواء، والضلالة، فاللهم سلم سلم.
قال العلامة الشاطبي رحمه الله في ((الاعتصام)) (ج2 ص683): (من أسباب الخلاف: اتباع الهوى). اهـ
أخرجه الهروي في ((ذم الكلام)) (ج2 ص270)، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (ج2 ص19)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص77)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص23). وإسناده حسن.
أخرجه الطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج2 ص166)، والبزار في ((المسند)) (ج9 ص341)، وأحمد في ((المسند)) (ج5 ص153 و162). وإسناده حسن.
([72]) قلت: فالدراسة الجامعية هذه أوردتهم الموارد المهلكة، والعياذ بالله.
قلت: خاصة ما يسمى بـ(الدكتوراه!)، و(الماجستير!)، اللهم سلم سلم.
([76]) قلت: وهذا ظاهر من أهل السنة والجماعة منذ بداية المعارك مع رؤوس الحزب وأتباعهم إلى يومنا هذا لم يختلف أهل السنة فيما بينهم، ولم ينشقوا، ولم يختلفوا في الدين، قديما ولا حديثا، لأنهم يسيرون على منهج واحد، وطائفة واحدة، وهدفهم الصواب.
وأما المبتدعة؛ فهم دائما في شقاق، وتفرق، واختلاف سوف تنقضي أعمارهم في ذلك، والويل يوم القيامة، ثم لا تنفع الندامة.
([78]) وانظر: ((الكوكب الدراري شرح صحيح البخاري)) للكرماني (ج25 ص28)، و((الإشاعة في بيان من نهي عن فراقه من الجماعة)) للصنعاني (ص42).
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص108)، والبيهقي في ((المدخل)) (ج5 ص388- إعلام الموقعين)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج46 ص409)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (ج22 ص264). وإسناده صحيح.
وذكره ابن القيم في ((إغاثة اللهفان من مكايد الشيطان)) (ج1 ص85).
أخرجه أبو نعيم في ((الحلية)) (ج9 ص239) من طريق أحمد بن محمد بن يوسف، ثنا أبي قال قرأت على أبي عبد الله محمد بن القاسم الطوسي قال: سمعت إسحاق بن راهويه به.
وأخرجه الطائي في ((الأربعين)) (ص163)، ودانيال في ((مشيخته)) (ق/8/ط) من وجه آخر.
وذكره الذهبي في ((السير)) (ج12 ص196).
أخرجه البيهقي في ((المدخل)) (ج5 ص388- إعلام الموقعين)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج46 ص409)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (ج22 ص264)، وإسناده حسن.
وذكره ابن القيم في ((إغاثة اللهفان)) (ص85)، وأبو شامة في ((الحوادث والبدع)) (ص19).
([84]) انظر: ((الإشاعة في بيان من نهي عن فراقه من الجماعة)) للصنعاني (ص75).
قلت: والشيطان مع من فارق الجماعة يركض، والعياذ بالله.
([85]) قلت: و((أتباع الجماعات)) لم يخلصوا لله تعالى دينهم، كما هو ظاهر منهم، ولم يحسنوا إسلامهم في متابعة النبي r، فكيف يقبل منهم، ويثابوا عليه، اللهم غفرا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج10 ص214): (وكثيرا ما يخالط النفوس من الشهوات الخفية ما يفسد عليها تحقيق محبتها لله تعالى، وعبوديتها له، وإخلاص دينها له). اهـ
([86]) انظر: ((الإشاعة في بيان من نهي عن فراقه من الجماعة)) للصنعاني (ص75).
قلت: والشيطان مع من فارق الجماعة يركض، والعياذ بالله.
([87]) قلت: والجماعات الحزبية تدخل في الأثنتين وسبعين فرقة بلا شك، لمخالفتها أهل السنة والجماعة في الأصول، كما أوضح ذلك أهل العلم في بلد الحرمين.
([89]) قلت: لذلك ما ترقعت ((الفرقة الربيعية)) منذ اجتماعها على أباطيل ربيع!، فهي في شقاق، واختلاف، وفشل، حتى تراها في البلد الواحد فيها انشقاق، كما حصل لها في الأردن، واليمن، والمدينة، ومكة، والكويت، والجزائر، وغير ذلك، والله المستعان.
([90]) أخرجه بهذا اللفظ: مسلم في ((صحيحه)) (1920)، وأبو داود في ((سننه)) (4252)، وفيه: (لايضرهم من خالفهم).
أخرجه أحمد في ((المسند)) (2997)، وابن حبان في ((صحيحه)) (6)، والدارمي في ((سننه)) (204)، والطيالسي في ((المسند)) (239). بإسناد حسن.
([96]) فأدخل الشيخ ابن باز رحمه الله جماعة الإخوان، وجماعة التبليغ في الإثنتين وسبعين فرقة فافطن لهذا، وألحق بهم الجماعات الأخرى، كـ((جماعة ربيع المدخلي))، وإن ادعوا أنهم من أهل السنة!.
([101]) انظر((حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية)) لأبي زيد (ص109).
قلت: ومن هنا يرى الناظر في مر العصور، وكر الدهور أن بدء الشقاق، والنزاع في الأمة الإسلامية سبق نقض اعتقاد السلف الصالح، وظهور شعار أهل البدع بنقض وحدة جماعة المسلمين الحقيقية.
([104]) قلت: وعليه فإن كل فرقة تستمد أفكارها من مؤسسها، وكل فرقة رفع أسس بنيانها رجل ضال: ]لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم[ [التوبة:110]، ولكن: ]فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال[ [الرعد:17].
قال تعالى: ]أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم[ [التوبة:109].
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص145)، والخطيب في ((اقتضاء العلم العمل)) (122)، والهروي في ((ذم الكلام)) (ج4 ص154)، والذهبي في ((السير)) (ج16 ص 104). وإسناده صحيح.
([106]) كما يدعي علي الحلبي الهالك أنه من أتباع الشيخ الألباني رحمه الله، وهو منحرف عن منهجه جملة وتفصيلا، والله المستعان.
أخرجه اللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص95)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج22 ص361)، وابن المبارك في ((الزهد)) (ص 20)، وأبو عمرو الداني في ((الفتن)) (ج4 ص848)، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (ج1 ص612) بإسناد صحيح.
أخرجه ابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (ج1 ص616)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (ج8 ص49)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج9 ص114)، وابن الأعرابي في ((المعجم)) (ج2 ص478)، وابن المبارك في ((الزهد)) (ص281)، ومعمر في ((الجامع)) (ج11 ص246)، والبيهقي في ((المدخل)) (ج1 ص217)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص94) بإسناد صحيح.
([112]) هو الإمام منصور بن المعتمر بن عبد الله السلمي، أبو عتاب الكوفي، الحافظ، الثبت، القدوة، توفي سنة (132ه).
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص973)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج7 ص402).
([113]) هو الإمام إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي، أبو عمران الكوفي، ثقة، فقيه، توفي سنة (96ه)، وهو ابن خمسين.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص118).
([114]) قلت: فالمرجئة أخوف عند الإمام إبراهيم النخعي رحمه الله على أهل الإسلام من عدتهم من الخوارج، اللهم سلم سلم.
([115]) هو الإمام يحيى بن أبي كثير، أبو نصر الطائي، الحافظ، الثقة، توفي سنة (132ه).
انظر: ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج6 ص27)، و((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص1065).
([116]) هو الإمام قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي، أبو الخطاب البصري، حافظ عصره، قدوة المفسرين، والمحدثين، توفي سنة (118ه).
انظر: ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج5 ص269).
([117]) هو الإمام الضحاك بن شراحيل المشرقي، أبو سعيد الكوفي، صدوق، حدثيه في الصحيحين.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص457)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج4 ص604).
([118]) هو الإمام سعيد بن فيروز الطائي مولاهم، الكوفي أبو البختري، الثقة، الفقيه، توفي سنة (83ه).
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص386)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج4 ص279).
([119]) هو الإمام بكير بن عبد الله الطائي الكوفي، أخرج له مسلم.
انظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج4 ص246).
([121]) هو الإمام سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي، أبو يحيى الكوفي، ثقة كثير الحديث، توفي سنة (121ه).
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص402)، و((تهذيب الكمال)) للمزي (ج11 ص313).
([127]) فالمبتدع هذا تمسك في الدين بظاهر من القول لا بظاهر القول: ]يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا[ [الروم: 7].
قال تعالى: ]أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد[ [الرعد: 33].
وقال تعالى: ]ظلمات بعضها فوق بعض[ [النور: 40].
([129]) كما نصر أتباع ربيع، مقالات ربيع البدعية ظنونها دين المسلمين، بل ظنوا فيها إجماع المسلمين، اللهم غفرا.
أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص176)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (ج1 ص52)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج2 ص263).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن كثير في ((تفسيره)) (ج1 ص492)، والسيوطي في ((الدر المنثور)) (ج1 ص472).
([133]) فالتشبه بهؤلاء يوقع المسلم بالتبعية، والتقليد لهم في العبادات والعادات، وفي هذا مشاقة لله تعالى، ولرسوله r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وفي هذا وعيد شديد.
قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].
([134]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (ج2 ص959)، ومسلم في ((صحيحه)) (ج3 ص1343) من حديث عائشة رضي الله عنها.
([136]) وانظر: ((اقتضاء الصراط المستقيم)) لابن تيمية (ج1 ص482)، و((البدع في الدين)) للشيخ أحمد البنعلي (ج4 ص167).
قلت: وإن التشبه يكون جزئيا؛ كما يكون كليا، والله المستعان.
وانظر: ((فيض القدير)) للمناوي (ج6 ص104).
([137]) ولقد ظهر هذا الشبه في الجماعات الإسلامية اليوم حيث تشبهوا باليهود والنصارى، وبفارس الروم في تفرقهم، وسياستهم، وأفكارهم، ولباسهم، وغير ذلك، ثم تدعي هذه الجماعات أنها ضد النصارى في الغرب، وضد فارس في إيران، والله المستعان.
([138]) ولا يقصد النبي r أمة الإجابة التي استجابت لله تعالى، ولرسوله r في الأصول والفروع.
فهذه الأمة لا تقع في مشابهة الكافرين، والمبتدعين، والسياسيين الجهلة، جملة وتفصيلا، فهي محفوظة من الله تعالى في كل زمان، وحفظ دينها إلى قيام الساعة.
فالأمر إنه ستبقى أمة الإجابة على السنة لا تتشبه بالهالكين، وستبقى مستمسكة بالحق، لا يضرها من خذلها، ولا من عاداها في كل زمان إلى قيام الساعة، والله تكفل بالحفظ.
([140]) هو الإمام مجاهد بن جبر، أبو الحجاج المخزومي مولاهم، المكي، ثقة إمام في التفسير، وفي العلم، توفي سنة (إحدى، أو اثنين، أو ثلاث، أو أربع ومائة) ه، وله (83) سنة.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص921).
([141]) قلت: حتى إلى أمد بعيد، حيث تتجارى بهم الأهواء إلى يقولوا بأقوال القدرية، واليهودية، والنصرانية، والمجوسية، كما حصل لجميع الفرق الضالة قديما وحديثا، اللهم سلم سلم.
أخرجه ابن نصر في ((السنة)) (67)، والحاكم في ((المستدرك)) (3218)، وعبد الرزاق في ((تفسيره)) (ج1 ص191)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج6 ص253).
وإسناده صحيح.
أخرجه الطيوري في ((الطيوريات)) (1179)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (1959).
وإسناده صحيح.
أخرجه الهروي في ((ذم الكلام)) (ج2 ص270)، وأبو نعيم في ((أخبار أصبهان)) (ج2 ص19)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص77)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (ج1 ص23).
وإسناده حسن.
أخرجه أحمد في ((العلل ومعرفة الرجال)) (1084)، والعقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (ج4 ص1363).
وإسناده حسن.
أخرجه العقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (ج4 ص1363)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج59 ص322).
وإسناده صحيح.
أخرجه السلفي في ((المشيخة البغدادية)) (2137).
وإسناده صحيح.
وذكره الذهبي في ((السير)) (ج11 ص291).
([152]) وانظر: ((التصوف)) للشيخ إحسان إلهي ظهير (ص49 و79)، و((بذل المجهود في إثبات مشابهة الرافضة لليهود)) للجميلي (ص155).
([153]) قلت: وكتب ربيع على ما فيها من تحريف لكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن أتباعه يعظمونها لجهلهم في الدين، وهذا من أعظم الجهل، والله المستعان.
وانظر: ((الفتاوى)) لابن تيمية (ج13 ص187 و207 و210).
([154]) وانظر: ((الرد على الجهمية والزنادقة)) للإمام أحمد (ص198)، و((الفتاوى)) لابن تيمية (ج4 ص218)، و((بيان تلبيس الجهمية)) له (ج2 ص53)، و((التصوف)) للشيخ إحسان إلهي ظهير (ص49 و79)، و((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (ج2 ص568).
([156]) وهكذا ادعى رؤوس الجماعات الحزبية، كما في مقالاتهم المخالفة لسلف الأمة، فإنهم مع ضلالهم، وجهلهم بأحكام الإسلام؛ يدعون أنهم أعلم وأعرف من الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الفوزان، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والشيخ الغديان وغيرهم في العقيدة والدعوة، وإلا لماذا إلى الآن لم يرجعوا إليهم في ذلك، وهذا يدل على أنهم يرون أنهم أعلم منهم بأحكام الدين، كما هو شأن أهل البدع قديما وحديثا، اللهم سلم سلم.
([158]) وكما قالت الفرق الضالة، أن أهل السنة في بلد الحرمين ليسوا على شيء!، فوقعت فيما وقعت فيه اليهود والنصارى، والعياذ بالله.
([159]) هو الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الباقر، ثقة فاضل.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص879).
([160]) كـــ((الفرق الضالة)) الغاوية التي تعلم مخالفتها للعلم، ثم تخالف؛ فتشبهت باليهود وغيرهم: ]تشابهت قلوبهم[ [البقرة: 108].
([163]) هو الإمام الحسن بن أبي الحسن البصري، ثقة، فقيه، فاضل مشهور، توفي سنة (عشر ومائة)، وقد قارب التسعين.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص236).
([165]) قلت: ووجه كون أهل البدع بمنزلة اليهود، والنصارى من حيث أن كلا من أهل البدع واليهود والنصارى قد حرف، وبدل في دين الله تعالى وشرع ما لم يأذن به الله تعالى، اللهم غفرا.
أخرجه الخلال في ((السنة)) (1507)، و(1595)، و(1603) من طرق عن محمد بن سيرين به.
وإسناده صحيح.
([170]) وأقوال ربيع المخربي في الإرجاء شر من أقوال اليهود والنصارى، وذلك من جهة عظم الفتنة بها، والتباس أمرها على العامة، لأنه من أهل القبلة.
([172]) فخطؤ رأس الحزب في الاعتقاد بسبب تفريطه فيما يجب عليه من اتباع الكتاب، والسنة، والآثار، وتعديه حدود الله تعالى بسلوك سبل اليهود والنصارى؛ لأتباع هواه بغير هدى من الله تعالى، فوقع في ظلم نفسه، وظلم اتباعه، فكلهم من أهل الوعيد يوم القيامة.
([173]) قلت: فالجماعات الحزبية لا يظهر فسادها لكل مسلم، لذلك فضررها أعظم من ضرر اليهود والنصارى، لأن هذه الجماعات يفسدون القلوب ابتداء بحشوها بالبدعة، والضلالة، والحقد، والغل، وغير ذلك من مفسدات القلوب.
([174]) وهذا ظاهر في ((الجماعات الحزبية)) تتجارى بها الأهواء كما يتجارى الكلب إلى صاحبه، اللهم سلم سلم.
([176]) فأفسد ربيع الذين جاءوا من جهته كــ((محمد المدخلي))، و((عبيد الجابري))، و((صالح السحيمي))، و((محمد بازمول))، وغيرهم.
([177]) قلت: كذلك الذين يعملون ببعض الإسلام، ويتركون بعضه، أو يعملون ببعض الأحكام، ويتركون بعضها، أو يعملون ببعض السنة، ويتركون بعضها فهذا أيضا لا يكفي في الإسلام، ولن يقبل منهم ذلك، والله المستعان.
قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة[ [البقرة: 208]؛ أي: خذوا جميع أحكام الإسلام، واعملوا بها، فهذا هو الإسلام الصحيح الذي يجب الانتساب إليه.
([178]) وانظر: ((تفسير القرآن)) للمراغي (ج3 ص204)، و((تفسير القرآن)) لابن كثير (ج1 ص372)، و((زاد المسير)) لابن الجوزي (ج1 ص416)، و((البحر المحيط)) لأبي حيان (ج2 ص820)، و((ثلاثة الأصول)) للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص66)، و((شرح ثلاثة الأصول)) للشيخ الجامي (ص23).
([180]) لقد أدخلت ((الجماعات الحزبية)) الباطل الخبيث في دين الله تعالى، وادعت أنه من الإسلام، وهو ليس من الإسلام، بل هو دين ((الجماعات الحزبية))، لأنها ابتغت غير الإسلام دينا فلن يقبل منها هذا الدين، إذا فهي في الآخرة خاسرة.
قال تعالى: ]وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 78].
وقال تعالى: ]قل هو من عند أنفسكم[ [آل عمران: 165].
وقال تعالى: ]لقد ابتغوا الفتنة[ [التوبة: 48].
([182]) فعمل ((الفرق)) التحريف في دين الإسلام، ليس هو عليه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذا فهو رد عليها.
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (ج1 ص104)، والخلال في ((السنة)) (ج5 ص90).
وإسناده حسن.
أخرجه عبد الله بن أحمد في ((السنة)) (ج1 ص129)، والخلال في ((السنة)) (ج5 ص91 و92).
وإسناده صحيح.
([191]) فدين الإرجاء هو دين ربيع المخربي أحدثه من قبل نفسه الأمارة بالسوء، وليس هو من دين الإسلام في شيء؛ فافطن لهذا.
([193]) وذلك لأن هذه الفرق هي التي وضعت لنفسها هذه الديانات الباطلة وأحدثتها في دين الإسلام، اللهم سلم سلم.
([194]) قلت: كذلك الذين يعملون ببعض الإسلام، ويتركون بعضه، أو يعملون ببعض الأحكام، ويتركون بعضها، أو يعملون ببعض السنة، ويتركون بعضها فهذا أيضا لا يكفي في الإسلام، ولن يقبل منهم ذلك، والله المستعان.
قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة[ [البقرة: 208]؛ أي: خذوا جميع أحكام الإسلام، واعملوا بها، فهذا هو الإسلام الصحيح الذي يجب الانتساب إليه.
([195]) لقد أدخلت ((الفرقة الربيعية)) الإرجاء الخبيث في دين الله تعالى، وادعت أنه من الإسلام، وهو ليس من الإسلام، بل هو دين ((المرجئة الخامسة))، لأنها ابتغت غير الإسلام دينا فلن يقبل منها هذا الدين، إذا فهي في الآخرة خاسرة.
قال تعالى: ]وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون[ [آل عمران: 78].
وقال تعالى: ]قل هو من عند أنفسكم[ [آل عمران: 165].
وقال تعالى: ]لقد ابتغوا الفتنة[ [التوبة: 48].
([197]) فعمل ((الفرقة الربيعية)) الإرجاء في دين الإسلام، ليس هو عليه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ إذا فهو رد عليها.
([198]) وانظر: ((تفسير القرآن)) للمراغي (ج3 ص204)، و((تفسير القرآن)) لابن كثير (ج1 ص372)، و((زاد المسير)) لابن الجوزي (ج1 ص416)، و((البحر المحيط)) لأبي حيان (ج2 ص820)، و((ثلاثة الأصول)) للشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص66)، و((شرح ثلاثة الأصول)) للشيخ الجامي (ص23).
([200]) هو الإمام سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، حافظ، فقيه، عابد، إمام حجة، توفي سنة (161ه)، وله (64) عاما.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص394)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج7 ص229).
([201]) قلت: فجعل الإمام الثوري رحمه الله دين ((المرجئة القديمة))، و((المرجئة الجديدة)) من الديانات المحدثة البدعية، ليس هذا الدين؛ من دين الإسلام، فانتبه.
([202]) هو الإمام سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبد الله الكوفي، ثقة، حافظ، فقيه، عابد إمام حجة، توفي سنة (161ه)، وله (64) عاما.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص394)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج7 ص229).
([203]) هو الإمام الضحاك بن شراحيل المشرقي، أبو سعيد الكوفي، صدوق، حدثيه في الصحيحين.
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص457)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج4 ص604).
([204]) هو الإمام سعيد بن فيروز الطائي مولاهم، الكوفي أبو البختري، الثقة، الفقيه، توفي سنة (83ه).
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص386)، و((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (ج4 ص279).
([205]) هو الإمام بكير بن عبد الله الطائي الكوفي، أخرج له مسلم.
انظر: ((تهذيب الكمال)) للمزي (ج4 ص246).
([207]) هو الإمام سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي، أبو يحيى الكوفي، ثقة كثير الحديث، توفي سنة (121ه).
انظر: ((تقريب التهذيب)) لابن حجر (ص402)، و((تهذيب الكمال)) للمزي (ج11 ص313).
أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الإخلاص)) (22)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج48 ص428)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (ج8 ص95).
وإسناده حسن.
وذكره ابن رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (ج1ص24).
أخرجه ابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (ج2 ص504)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (ج1 ص90)، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (ج2 ص933) من طرق عن خالد بن سعد به.
وإسناده صحيح.
أخرجه ابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (570)، و(577)، و(578)، و(579)، و(580)، و(583)، والآجري في ((الشريعة)) (116)، وابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (161)، وابن عبد البر في ((جامع بيان العلم)) (ج1 ص27)، وعبد الله بن أحمد في ((السنة)) (103)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (216)، والخلال في ((السنة)) (ج6 ص8)، والدارمي في ((المسند)) (310)، وابن البناء في ((الرد على المبتدعة)) (ص42)، والفريابي في ((القدر)) (384)، و(385).
وإسناده حسن.
أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (ص56)، وابن بطة في ((الإبانة الكبرى)) (853).
وإسناده صحيح.