القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / النكت المنتقاة في تحرير: قول جمهور العلماء في حكم تارك الصلاة

2023-12-03

صورة 1
النكت المنتقاة في تحرير: قول جمهور العلماء في حكم تارك الصلاة

سلسلة

النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية

 

                                                                                              

5

 

 

 

 

                                                                                 

 

النكت المنتقاة

في تحرير:

قول جمهور العلماء في حكم تارك الصلاة

 

 

 

 

تأليف

فضيلة الشيخ المحدث الفقيه

أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه

 

    

ذكر الدليل على بطلان قول: «المرجئة العصرية»، على أن قول الجمهور: هو عدم تكفير تارك الصلاة، وأنه لم يصح عنهم، بل قول الجمهور على كفر تارك الصلاة، ولم يخالفوا إجماع الصحابة على هذا الحكم

 

* اعلم رحمك الله: أن المقلدة كعادتهم ينسبون إلى العلماء أخطاء في عدة أحكام في الدين، على أن جمهور العلماء يقولون بها، وهي أخطاء؛ منهم: في عزوهم إلى الجمهور بهذه الأحكام، أو إلى أكثر العلماء، لأن بعد التحقيق يتبين أن الجمهور على الصحيح، خلاف قولهم.

* ومن ذلك: ما ينسبه المقلدة، للمتأخرين القول بعدم تكفير تارك الصلاة، تهاونا إلى: جمهور أهل العلم، ويقصدون بهم: أصحاب أبي حنيفة، وأصحاب مالك، وأصحاب الشافعي، وهناك رواية: عن أحمد، ومن تابعهم في مذاهبهم.([1])

قلت: فلم يصح أن هذا القول: هو قول جمهور العلماء، بل ثبت قول الجمهور بكفر تارك الصلاة، ولم يخالفوا إجماع الصحابة y في هذه المسألة العظيمة. ([2])

* ونقل الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص225)، عن أكثر العلماء المتقدمين: على تكفير تارك الصلاة.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص225): (وقال إسحاق بن راهويه /: «وكذلك كان رأي أهل العلم، من لدن النبي r، إلى زماننا هذا: أن تارك الصلاة عمدا من غير عذر، حتى يذهب وقتها؛ كافر، إذا أبى من قضائها، وقال: لا أصليها»).اهـ

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص226): (قال إسحاق بن راهويه /: «فمن لم يجعل تارك الصلاة: كافرا، فقد ناقض، وخالف: أصل قوله، وقول غيره»).اهـ

1) الإمام أبو حنيفة /، ومن تابعه على عدم تكفير تارك الصلاة، لأنهم: يخرجون أعمال الجوارح عن مسمى الإيمان، لذلك لا يكفرون تارك الصلاة، فهم: مخالفون لأهل السنة في: «أصل الإيمان»، فلا يحتج بهم في هذه المسألة، وعليه: فلا حجة في قولهم، ولا يعتد بهم، لمخالفتهم في: «أصل الإيمان»، وهذا يدل على أنهم: ليسوا الجمهور في حكم تارك الصلاة.

قال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج9 ص238): (أجمع أهل الفقه والحديث: على أن الإيمان، قول وعمل، ولا عمل إلا بنية... إلا ما ذكر عن أبي حنيفة، وأصحابه؛ فإنهم ذهبوا إلى أن الطاعات لا تسمى إيمانا).اهـ

2) الإمام مالك بن أنس /، فينسب إليه عدد من المتأخرين، إلى عدم تكفيره لتارك الصلاة تهاونا، وهذا غلط عليه، وليس له أي: أصل في كتبه /، فيما نسب إليه في هذا الحكم.

قلت: بل بعد التحقيق وجدت له خلاف ما ينقل عنه في كتب المتأخرين، وعند المقلدين في هذا العصر، وأنه / يكفر تارك الصلاة، وهذا الحكم يوافق ما أجمع عليه الصحابة y.

* وهذا الحكم هو الأليق به /، لما علم عنه: من شدة تحريه للسنة، واتباعه للصحابة y في أحكام الأصول والفروع.

لذلك قال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص231): (وبعضهم: يرويه عن مالك) ([3]). اهـ

وإليك الدليل:

فقد روى الإمام مالك بن أنس / في «الموطأ» (ج1 ص81)؛ عن عمر بن الخطاب t قال: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة). ([4])

قلت: فقد نقل الإمام مالك /، قول عمر بن الخطاب t في تكفير تارك الصلاة مطلقا، ولا يوجد له مخالف؛ فكيف يخالفه!، وهو الذي ينكر على من يأخذ بقول، دون الصحابة y، والصواب معهم.

* وكذلك روى عنه: الإمام ابن أبي زيد المالكي القيرواني /، في تكفير تارك الصلاة، وهو إمام معتبر عند: السادة المالكية.

* وقد تتبع فتاوى الإمام مالك بن أنس /، وجمعها، حتى كان يلقب: بـ«مالك الصغير».

وقد نقل الإمام ابن أبي زيد المالكي / في كتابه الكبير: «النوادر والزيادات» (ج1 ص150)؛ عن الإمام مالك، تكفيره: لتارك الصلاة، فقال: (قال ابن القاسم؛ عن مالك / قال: ومن ترك الصلاة، قيل له: صل، فإن صلى، وإلا قتل، ومن قال: لا أصلي، استتيب([5])، فإن صلى، وإلا قتل).اهـ

وقال الإمام ابن أبي زيد المالكي / في «النوادر والزيادات» (ج14 ص537): (قال ابن حبيب:... وأما تارك الصلاة: إذا أمره الإمام بها، فقال: لا أصلي؛ فليقتل، ولا يؤخر إلى ما بينه، وبين آخر وقتها([6])، وليقتل لوقته، قال: وهو بتركها كافر، تركها جاحدا، أو مفرطا، أو مضيعا، أو متهاونا، لقول النبي r: «ليس بين العبد، وبين الكفر؛ إلا ترك الصلاة»، وكذلك أخوات الصلاة).اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر المالكي / في «التمهيد» (ج4 ص231): (وروى محمد بن علي البجلي، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت ابن وهب يقول: قال مالك: «من آمن بالله، وصدق بالمرسلين، وأبى أن يصلي: قتل»([7])؛ وبه قال: أبو ثور، وجميع أصحاب الشافعي، وهو قول: مكحول، وحماد بن زيد، ووكيع). اهـ

قلت: ومما يؤكد صحة كفر تارك الصلاة عند الإمام مالك /، ما نسبه أهل العلم عنه.

فقال الإمام الطحاوي / في «مختصر اختلاف العلماء» (ج4 ص393): (وقال بعض حفاظ قول مالك: إن من مذهب مالك، أن من ترك صلاة متعمدا؛ لغير عذر حتى خرج وقتها، فهو مرتد، ويقتل([8])؛ إلا أن يصليها، وهو قول الشافعي).اهـ

قلت: فهذا نقل منه، وهو يروي عن: «الطبقة الثانية»، من أصحاب الإمام مالك، وهذه الرواية أولى بالقبول، والأخذ من ترك الروايات المتأخرة عنها.

وقال الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص896): (سياق ما روي عن النبي r، في أن الصلاة من الإيمان([9])، وروي ذلك من الصحابة y، عن عمر، وعلي... وبه قال من الفقهاء: مالك، والأوزاعي، والشافعي، وشريك بن عبد الله النخعي، واحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد القاسم بن سلام).اهـ

قلت: وهذا يدل على بطلان ما ينسب إلى الإمام مالك / في عدم تكفير تارك الصلاة، وأن الثابت عنه تكفير تارك الصلاة، موافقة لإجماع الصحابة y.

قلت: وقد نهى الشارع عن قتل المصلي، وأباح قتل من لم يصل، مما يدل على أن مجرد القتل، أنه كافر.

فعن أم سلمة ڤ؛ أن رسول الله r قال: (أنها ستكون عليكم أئمة تعرفون منهم، وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ، ومن كره، فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، قالوا: يا رسول الله، أفلا نقتلهم؟ قال r: لا، ما صلوا).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1480 و1481)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص119 و120)، وأحمد في «المسند» (ج6 ص320 و321)، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (949)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج8 ص158)، والآجري في «الشريعة» (38)، وابن أبي عاصم في «السنة» (1083) من طرق عن الحسن عن ضبة بن محصن العنزي عن أم سلمة ڤ به.

قلت: فنهى النبي r  عن قتل المصلين. ([10])

* وبوب عليه الإمام محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص907)؛ باب: ذكر النهي عن قتل: المصلين وإباحة: قتل من لم يصل.

قال الإمام محمد بن نصر المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص925): (ثم ذكرنا الأخبار المروية: عن النبي r في إكفار تاركها، وإخراجه إياه من الملة، وإباحة قتل من امتنع من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة y؛ مثل: ذلك، ولم يجئنا عن أحد خلاف ذلك). اهـ

قلت: وهناك عدد من المتأخرين بسبب اجتهادهم، يستنبطون من ظاهر كلام الإمام مالك، مما هو ليس من ظاهر قوله، قال الإمام ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج4 ص238): (فهذا مالك يريق دماء هؤلاء يعني: المبتدعة-، وليسوا عنده كفارا، فكذلك: تارك الصلاة عنده من هذا الباب قتله، لامن جهة: الكفر!). اهـ

قال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «تحفة الإخوان» (ص74): (ومن ترك الصلاة: بعد البلوغ، ولم يقبل النصيحة، يرفع أمره إلى المحاكم الشرعية، حتى تستتيبه؛ فإن تاب، وإلا قتل) ([11]). اهـ

3) الإمام محمد بن إدريس الشافعي /.

قال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص255)؛ في باب: الحكم في تارك الصلاة: (فإن صليت، وإلا استتبناك، فإن تبت، وإلا قتلناك؛ فإن الصلاة أعظم من الزكاة، والحجة فيها ما وصفت، أن أبا بكر t قال: «لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله r، لقاتلتهم عليه، لا تفرقوا بين ما جمع»). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص255): (قلنا إن صليت، وإلا قتلناك، كما يكفر([12])، فنقول: إن قبلت الإيمان، وإلا قتلناك، إذ كان الإيمان لا يكون، إلا بقولك، وكانت الصلاة، والإيمان مخالفين معا ما في يديك، وما تأخذ من مالك، لأنا نقدر على أخذ الحق منك في ذلك، وإن كرهت).اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الأم» (ج1 ص257)؛ في باب: المرتد عن الإسلام: (ومن انتقل عن الشرك، إلى الإيمان، ثم انتقل عن الإيمان، إلى الشرك([13])، من بالغي الرجال، والنساء، استتيب؛ فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب: قتل).اهـ

قلت: فقول الإمام الشافعي / الحكم بالردة على تارك الصلاة متعمدا، لغير عذر حتى يخرج وقتها، وأن حده القتل، وقد نقل ذلك الإمام المزني /، وهو من كبار أصحاب الشافعي، ومن أعلم الناس بعلم الإمام الشافعي /.

* وقد حرر الإمام المزني /: أقوال الإمام الشافعي /، في كتابه: «المختصر»، وهو من أهم الكتب التي جمعت أصول مذهب الإمام الشافعي، فهذا النقل أولى بالأخذ به من نقل: لعالم متأخر عنه.

وإليك الدليل:

قال الإمام المزني / في «المختصر» (ص34)؛ في باب: الحكم في تارك الصلاة متعمدا: (قال الشافعي /: يقال لمن ترك الصلاة، حتى يخرج وقتها بلا عذر: لا يصليها غيرك، فإن صليت، وإلا استتبناك، فإن تبت، وإلا قتلناك، كما يكفر، فنقول: إن آمنت، وإلا قتلناك، وقد قيل: يستتاب ثلاثا، فإن صلى فيها، وإلا قتل، وذلك حسن إن شاء الله).اهـ

وقال الإمام المزني / في «المختصر» (ص34): (قد قال في المرتد: إن لم يتب قتل، ولم ينتظر به: ثلاثا؛ لقول النبي r: «من ترك دينه فاضربوا عنقه»، وقد جعل تارك الصلاة، بلا عذر، كتارك الإيمان، فله حكمه في قياس قوله؛ لأنه عنده مثله، ولا ينتظر به ثلاثا).اهـ

قلت: وهذا يدل على أن قول الإمام الشافعي / في تارك الصلاة يقتل، لأنه مرتد، وذلك لأن الحكم بالقتل يدل عنده أنه كافر؛ بمجرد الحكم بالقتل، حتى لو لم يقل أنه كافر صراحة، وأضف أنه يستتاب عن ترك الصلاة. ([14])

* وأرأيت قوله في المرتد، إن لم يتب قتل، ولم يصرح بكفره، لأن لا يحكم على المرئ، بمثل: هذا المواقف بالقتل؛ إلا الكافر، مثل: تارك الصلاة، قد حكم عليه بالقتل، لأنه كافر،فافهم لهذا ترشد. ([15])

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «الاستذكار» (ج2 ص286): (وذكر المزني: قال الشافعي /: يقال لمن ترك الصلاة حتى خرج وقتها، بلا عذر: إن صليت، وإلا استتبناك، فإن تبت وإلا قتلناك([16])، كما من يكفر؛ يقال له: إن آمنت، وإلا قتلناك).اهـ

قلت: وقد نقل الإمام الطحاوي /، أن قول الإمام الشافعي /: الحكم بالردة على تارك الصلاة متعمدا، لغير عذر، وأن حده القتل، وهذا موافق لما نقل الإمام المزني /، خصوصا، وأن الإمام الطحاوي /: تتلمذ على خاله الإمام المزني من قبل.

فقال الإمام الطحاوي / في «مختصر اختلاف العلماء» (ج4 ص393): (وقال بعض حفاظ قول مالك /: إن من مذهب مالك /، أن من ترك صلاة متعمدا، لغير عذر حتى خرج وقتها، فهو مرتد، ويقتل؛ إلا أن يصليها، وهو قول الشافعي /). اهـ

قلت: فهذا القول، هو المعتبر عن الإمام الشافعي /، لأنه موثق، وهو الأولى بالقبول، والأخذ، من ترك نقل عالم متأخر.

* وقد نقل الإمام اللالكائي / في «الاعتقاد» (ج4 ص896)؛ فيما سبق أن تكفير تارك الصلاة مذهب جمهور الفقهاء، ومنهم: الإمام الشافعي /.

قلت: والحافظ البيهقي /، وهو الإمام المعتبر عند الشافعية، الذي اهتم بتتبع أقوال الإمام الشافعي، وجمعها في كتبه، مثل: «معرفة السنن» (ج5 ص206)، فلم ينقل عنه بعدم التكفير، بل نقل عنه ما في كتابه: «الأم» الذي يدل على التكفير.

وقال الإمام ابن عبد البر المالكي / في «الاستذكار» (ج2 ص285): (وقال مالك، وأصحابه: إذا أبى من الصلاة وقال: لا أصلي، ضربت عنقه، وهذا معنى: قول الشافعي). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج5 ص243): (وقد اختلفوا في المراد: بإضاعة الصلاة هاهنا، فقال قائلون: المراد؛ بإضاعتها تركها بالكلية.

قاله: محمد بن كعب القرظي، وابن زيد بن أسلم، والسدي، واختاره ابن جرير.

* ولهذا ذهب من ذهب من السلف، والخلف، والأئمة([17])، كما هو المشهور عن الإمام أحمد، وقول عن الشافعي: إلى تكفير تارك الصلاة، للحديث: «بين العبد، وبين الشرك: ترك الصلاة»).اهـ

قلت: ومما يؤكد صحة نسبة هذا القول: إلى الإمام الشافعي /، ما صح عنه: أنه قال: أن الصلاة من الإيمان، ولا يصح الإيمان؛ إلا بالصلاة، فهو يرى تكفير تارك الصلاة، ونفي إيمانه إذا لم يصل.

* وهذا يؤكد صحة، هذا القول عن الإمام الشافعي، وبطلان ما نسب، واشتهر عند المتأخرين من عدم تكفيره تارك الصلاة. ([18])

قلت: وقد ذكر عدد من أهل العلم: للإمام الشافعي /، القول: بتكفير تارك الصلاة. ([19])

وهذا يدل على خطأ، ما ينقله المتأخرون، عن الإمام الشافعي /، أن هناك قول له، لا يكفر تارك الصلاة تهاونا، وكسلا!. ([20])

قلت: ولا يحفظ عن الإمام الشافعي / نفسه في هذه المسألة، لأن ما يذكر عنه، خلاف ما في كتبه، أنه يكفر تارك الصلاة.

* فنسبة هذا القول للإمام الشافعي /، فيه نظر ظاهر، ولا يصح عنه.

* وهذا الحكم عند الشافعية؛ فيه وجهان:

أحدهما: يكفر، وهو قول: العبدري، ومنصور الفقيه، وابن سلمة، وغيرهم.

والثاني: لا يكفر، وهو قول جمهور الشافعية المتأخرين([21])، وهو المنصوص. ([22])

* وهذا مثل: ما نقل الحافظ النووي / في «رياض الصالحين» (ص347)؛ بأن الإمام الشافعي / يقول: باستحباب قراءة القرآن عند القبر، وقد أخطأ عليه في ذلك، حيث قال: (قال الشافعي /: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن كله كان حسنا). اهـ

قلت: ونسبة هذا القول للإمام الشافعي /، فيه نظر ظاهر، ولا يصح عنه([23])، بل قوله: أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الميت في قبره.

وقد نقل الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج7 ص76)؛ عند تفسير: قوله تعالى: ]وأن ليس للإنسان إلا ما سعى[ [النجم: 39]، قال: (ومن وهذه الآية الكريمة: استنبط الشافعي /، ومن اتبعه، أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى؛ لأنه ليس من عملهم، ولا كسبهم؛ ولهذا لم يندب إليه رسول الله r: أمته، ولا حثهم عليه، ولا أرشدهم إليه بنص، ولا إيماء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة y، ولو كان خيرا لسبقونا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص، ولا ينصرف فيه بأنواع الأقيسة، والآراء). اهـ

وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية / في «اقتضاء الصراط المستقيم» (ج2 ص744)؛ إلى عدم ثبوت ذلك عن الإمام الشافعي، فقال: (ولا يحفظ عن الشافعي نفسه في هذه المسألة كلام، وذلك، لأن ذلك كان عنده بدعة، وقال مالك: «ما علمت أحدا يفعل ذلك»، فعلم أن الصحابة، والتابعين: ما كانوا يفعلونه).اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني / في «تعليقه على رياض الصالحين» (ص17): (لا أدري أين قال ذلك الشافعي /، وفي ثبوته عنه شك كبير عندي، كيف لا، ومذهبه: أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى). اهـ

قلت: وبهذا يتبين: أن نسبة هذا القول للإمام الشافعي / ليس بصحيح، وبخاصة أن مذهبه لا يصل إهداء ثواب القراءة إلى الميت.

وهذا هو الصواب: الذي عليه جماهير أهل العلم، كما نقله العلامة الزبيدي في «إتحاف السادة المتقين» (ج10 ص369).

وقال العلامة الشيخ الألباني / في «تعليقه على رياض الصالحين» (ص347): (في ثبوت هذا القول عن الإمام الشافعي نظر، بل ثبت عنه ما ينافيه). اهـ

قلت: ولذلك فنسبة هذا القول للإمام الشافعي، خطأ وقع فيه الحافظ النووي في «رياض الصالحين» (ص347).

* وهذا القول الصحيح، لأصحاب الإمام الشافعي المتأخرين، وليس هو للإمام الشافعي نفسه، فتنبه.

فقد قال الحافظ النووي / نفسه في «المجموع» (ج5 ص294): (واتفق عليه الأصحاب، وقالوا: ويستحب أن تقرأ عنده شيء من القرآن([24])، وإن ختموا القرآن كان أفضل).اهـ

قلت: إذا لم يثبت عن الإمام الشافعي / هذا الحكم في كتبه([25])، ولا يحفظ عنه عدم التكفير، لأن النصوص في كتبه: تكفير تارك الصلاة مطلقا؛ لموافقته لإجماع الصحابة y، والتابعين.

* وبهذا يتبين: أن نسبة هذا القول للإمام الشافعي ليس بصحيح.

وهذا هو الصواب: الذي عليه جماهير أهل العلم، أن من ترك الصلاة؛ فقد كفر إذا تهاون فيها.

قلت: فصح أن جمهور أهل العلم، لم يخالفوا إجماع الصحابة y في مسألة تكفير تارك الصلاة تهاونا، وتكاسلا([26])، خلافا: «للمرجئة العصرية».

* وبه أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء؛ في المملكة العربية السعودية: (ج6 ص36)؛ رقم: (443).

قال العلامة ابن القاسم / في «حاشيته على الروض المربع» (ج1 ص423): (فإن كان، فهو التهاون: ويكفر، فإن ترك الصلاة، كسلا من غير جحود، لها: كفر مستقل، وهو الصواب: الذي تدل عليه السنة، وهو قول جمهور السلف: من الصحابة، والتابعين، وقال أيوب السختياني: «ترك الصلاة كفر، لا يختلف فيه»، وحكى إسحاق: إجماع: أهل العلم عليه). اهـ

وقال الفقيه ابن مفلح / في «الفروع» (ج1 ص294): (اختاره الأكثر).اهـ

وقال الفقيه المرداوي / في «الإنصاف» (ج1 ص374): (هذا المذهب، وعليه جمهور الأصحاب). اهـ

وقال الفقيه ابن عبد البر / في «الإستذكار» (ج2 ص287): (وقال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وطائفة: تارك الصلاة، وهو مقر بها، إذا أبى أن يصليها: كافر خارج بذلك من الإسلام، فيستتاب، فإن تاب وصلى، وإلا قتل). اهـ

قلت: فجمهور أهل العلم، على تكفير تارك الصلاة، وأضف إليهم: الإجماع، فهم: الأكثر، وهم: يطلق عليهم: «الجمهور» في الدين. ([27])

4) الإمام أحمد بن حنبل /.

* فينسب عدد من المتأخرين، للإمام أحمد /، رواية له: في عدم تكفير تارك الصلاة، ويعدونها: رواية معتبرة له، وهي لم تثبت عنه في كتبه، بل الصحيح: عن الإمام أحمد /، والذي ثبت عنه: في كتبه بأسانيد صحيحة، وهي مشتهرة عنه في تكفير تارك الصلاة. ([28])

* وهذا يؤكد أن الإمام أحمد /، لم يختلف قوله في تكفير تارك الصلاة. ([29])

وإليك الدليل:

1) فعن عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي: عن من ترك الصلاة؟ قال: كذا يروى عن النبي r : (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص470) من طريق عبد الله بن أحمد قال: سألت: أبي أحمد بن حنبل- به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

2) وعن أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبد الله، عن من ترك الصلاة متعمدا؟، قال: (ليس بين الإيمان والكفر؛ إلا ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل: أبو عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

3) وعن حرب قال: قيل، لأحمد: رجل قال: لا أصلي؟، فكأنه ذهب إلى أنه يستتاب، وقال: (بين العبد، وبين الكفر: ترك الصلاة).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق حرب، قال: قيل؛ لأحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

4) وعن أبي الحارث؛ أنه قال: لأبي عبد الله: فيكون من يترك الصلاة كافرا؟، فقال: قال النبي r: (بين العبد، والكفر: ترك الصلاة)، قلت: فإن كان رجل نراه مواظبا على الصلاة، ثم تركها، فقيل هل: يقتل، فقال: لا أصلي، ولم أعلم أن الصلاة فرض؟، فقال: قال النبي r: (من ترك الصلاة فقد كفر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص472) من طريق محمد بن موسى، ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا أبو الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

5) وعن الإمام أحمد /: (إذا قال الرجل: لا أصلي، فهو كافر).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص471) من طريق أبي داود قال: سمعت أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

6) وعن صالح؛ أن أباه قال: (وإذا قال: لا أجحد، ولا أصلي: عرض عليه الإسلام، فإن صلى، وإلا قتل).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص474 و476) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

7) وعن إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله: يسأل عن المرتد، وتارك الصلاة؟، قال: (يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق الحسين بن عبد الوهاب قال: حدثنا إبراهيم بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

8) وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله: قلت: الرجل يترك الصلاة تجوزا، فيقال له: صل، فيقول: نعم ثم لا يفعل، وهو مقر بالصلاة: أنها فرض عليه؟، قال: (يرقب ثلاثة أيام؛ فإن صلى، وإلا ضربت عنقه).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص475) من طريق محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الحارث قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

9) وعن صالح بن أحمد أنه قال: لأبيه: (فإن تركها فلم يصلها، قال: إذا كان عامدا استتبته ثلاثا؛ فإن تاب، وإلا قتل، قلت: فتوبته: أن يصلي؟ قال: نعم).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «أحكام أهل الملل»، كتاب: «الردة»، باب: قوله: «من ترك الصلاة فقد كفر» (ص476) من طريق محمد بن علي قال: حدثنا صالح بن أحمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وحكم الإمام أحمد /، بقتل تارك الصلاة، تكاسلا، وتهاونا، لأنه: كافر عنده في الدين. ([30])

وقال الإمام أحمد بن حنبل / في «أصول السنة» (ص8): (ومن ترك الصلاة فقد كفر، وليس من الأعمال شيء تركه كفر، إلا الصلاة، من تركها: فهو كافر، وقد أحل الله قتله).

وقال ابن هانئ / في «المسائل» (ص409 و410): (حضرت رجلا عند: أبي عبد الله، وهو يسأله، فجعل الرجل يقول: يا أبا عبد الله... وأن لا يكفر أحدا بذنب؟، قال أبو عبد الله: اسكت، من ترك الصلاة فقد كفر).

قلت: وكل ما سبق عن الإمام أحمد / يدل على تواتر هذا الحكم عنه في تكفير تارك الصلاة، من غير تفريق بين الجاحد لها، والتارك لها تكاسلا، ونهاونا.

* وهذا يبين عدم صحة ما ينسب إلى الإمام أحمد / من القول بخلاف ذلك، وأن الرواية التي ينقلها عدد من المتأخرين عنه ليست بصحيحة، وهي منسوبة عن الإمام أحمد /.

قلت: ومما تقدم تحريره عن الأئمة الثلاثة؛ وهم: الإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، في حكم تارك الصلاة، يتبين؛ أنهم: يكفرون تارك الصلاة تكاسلا، وتهاونا، من غير جحود. ([31])

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص934): (قال إسحاق بن راهويه /: وقد كفى أهل العلم مؤونة القياس، في هذا عن ما سن لهم النبي r، والخلفاء من بعده، جعلوا حكم تارك الصلاة عمدا، حكم: الكافر). اهـ

وقال الإمام محمد بن نصر المروزي / في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص936): (قد حكينا مقالة: هؤلاء الذين أكفروا، تارك الصلاة متعمدا، وحكينا جملة: ما احتجوا به، وهذا مذهب جمهور أصحاب الحديث). اهـ

قلت: ومما تقدم تقريره يتبين لك، أن كثيرا مما ينسب إلى أئمة السنة من الأقوال، يحتاج إلى التثبت، والتأكد من صحة نسبتها إليهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص261): (وكذلك أهل المذاهب الأربعة، وغيرها، لا سيما؛ وكثير منهم: قد تلبس ببعض المقالات الأصولية، وخلط هذا بهذا... ويضيفه إلى مذهب مالك، والشافعي، وأحمد). اهـ

وقال الإمام السجزي / في «الرسالة إلى أهل زبيد» (ص357): (الفصل الحادي عشر: في الحذر من الركون إلى كل أحد، والأخذ من كل كتاب؛ لأن التلبيس قد كثر، والكذب على المذاهب قد انتشر: فالواجب على كل مسلم يحب الخلاص، أن لا يركن إلى كل أحد، ولا يعتمد على كل كتاب، ولا يسلم عنانه إلى من أظهر له الموافقة). اهـ

* وقد أشار الحافظ ابن رجب /: على أن كثيرا من أهل الحديث على تكفير تارك الصلاة، مما يدل على أن من ينقل عن جمهور العلماء إنهم لا يكفرون تارك الصلاة، فهو خطأ لا يلتفت إليه في كتب الفقه، لأنهم يقصدون بالجمهور أصحاب المذاهب المعروفة، وهذا أيضا خطأ، فجمهور العلماء، هم: أكثر العلماء، فلا يقتصر على أصحاب المذاهب، لأنه اصطلاح لا يصح عند أهل الحديث.

قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص21): (وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعا منهم، حتى إنه جعل قول من قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقول المرجئة). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج1 ص23): (وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر... وممن قال بذلك: ابن المبارك، وأحمد -في المشهور عنه- وإسحاق وحكى عليه إجماع أهل العلم).([32]) اهـ

قلت: لذلك لم نظفر بأي رجل من الصحابة الكرام، خالف ما ادعاه: «ربيع»، و«عبيد»، وأشكالهما، من إجماع الصحابة الكرام على كفر تارك الصلاة.

إذا فكيف تترك كل هذه الأدلة الواضحة، ويسمع بعد ذلك إلى من يحتج بالخلاف على الإجماع، مع أنهم قبلوا كثيرا من دعاوى الإجماع بما هو دون ذلك، والله المستعان.

قلت: فهذا الإجماع من أقوى الأدلة على بطلان قول: «ربيع المرجئ»، وبه تعرف أن ما سبق من عبثه، وتلاعبه في تضعيف طرق الأثر لا يجدي عنه شيئا، لأن العلماء حكوا الإجماع على صحته، بل حكوا على صحة إجماع الصحابة الكرام على كفر تارك الصلاة.

قلت: فإذا ثبت الإجماع، فمن خالف بعد ذلك، فهو محجوج بالإجماع السابق، ولو جعلنا الخلاف اللاحق سببا في زعزعة الثقة في الإجماع السابق؛ لسقط كثير من الإجماعات التي ادعاها أهل العلم، والعمل عليها حتى الآن، وفي هذا من المفسدة ما لا يخفى، اللهم غفرا.([33])

قلت: فالجميع محكوم بفهم صحابة رسول الله r، وهم مجمعون على كفر تارك الصلاة.

قال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص108): (إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم([34])، والذي يؤم الحق في نفسه، يتبع المشهور من قول جماعتهم، وينقلب مع جمهورهم، فهما آيتان بينتان: يستدل بهما على اتباع الرجل، وعلى ابتداعه). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 



([1]) بل زعموا أن هذا الحكم هو: حكم الإمام مالك، والإمام الشافعي، ورواية: عن الإمام أحمد.

([2]) وهذا من المستحيل: أن يفعل جمهور العلماء ذلك، وأن يخالفوا الصحابة y، في كفر تارك الصلاة، لأن ذلك من الأحكام المشهورة في الدين.

([3]) بصيغة التمريض، التي تدل على ضعف هذه الرواية.

([4]) أثر صحيح.

     أخرجه أحمد في «الإيمان» (1381)، وفي «المسائل» (ج1 ص192)، وابن أبي شيبة في «الإيمان» (103)، وفي «المصنف» (ج11 ص25)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص670)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص357)، وفي «معرفة السنن» (ج1 ص385)، والبغوي في «شرح السنة» (ج2 ص157)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص350) من طريق مالك، وعبد الله بن نمير، ووكيع، كلهم: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المسور بن مخرمة أخبره أنه دخل على عمر بن الخطاب t فذكره.

     قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «إرواء الغليل» (ج1 ص622).

     وقال الشيخ الألباني في «تعليقه على الإيمان» (ص55): «والأثر صحيح الإسناد على شرط الشيخين».

([5]) فقوله: «استتيب، فإن صلى، وإلا قتل»، فهذا يدل على أنه يكفر تارك الصلاة مطلقا، إذا لم يصل، حيث حكم عليه بالقتل، وهذا الحكم لا يكون؛ إلا للكافر في مثل هذه الأحكام.

     قلت: والعجيب من أمر المقلدة، أنهم يفرقون بين: «حكم الكفر»، و«حكم القتل»، في مسألة تارك الصلاة.

     * فيقولون: أن جمهور العلماء على عدم تكفير تارك الصلاة تهاونا، ثم يقولون: وقد اتفقوا على قتله!.

     * سبحان الله: ألا يعلم هؤلاء، أن مجرد قول الأئمة: بقتلتارك الصلاة مطلقا، أنه كافر عندهم، كما سوف يأتي توضيح ذلك.

([6]) قلت: فمذهب الإمام مالك الصحيح: أن من ترك صلاة واحدة متعمدا مصرا حتى خرج وقتها، فهو كافر، ويقتل، فما بالك فيمن يترك الصلوات كلها.

([7]) أثر صحيح.

     وأخرجه الخلال في «السنة» (1398) من طريق أحمد بن حنبل به.

     وإسناده صحيح.

     قلت: فهذا الإمام أحمد /: يقر بحكم الإمام مالك / في قتل تارك الصلاة، فدل هذا: على ثبوت هذا الحكم عن الإمام مالك /، لأن السلف إذا حكموا بقتل عبد على ترك، أي: فريضة، فإنه كافر عندهم، فافهم لهذا.

     وانظر: «مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (ج4 ص393).

([8]) فالإمام مالك في مذهبه لا يفرق بين الكفر، والقتل، لتارك الصلاة متهاونا، فافطن لهذا.

([9]) قلت: فتكفير تارك الصلاة، هو مذهب جمهور الفقهاء، ومنهم: الإمام مالك /.

([10]) وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص919 و923).

([11]) قلت: الشيخ ابن باز /، حكم على تارك الصلاة بالقتل، لأن الحكم بالقتل، يدل على كفره عنده، لأن لا يقتل؛ إلا الكافر في هذا الأمر، فافهم لهذا ترشد.

([12]) فلم يفرق الإمام الشافعي /، بين: «الكفر والقتل»، وبين: «الصلاة والإيمان»، وأنه حكم بالقتل لتارك الصلاة، لأنه كافر، وأن: «الصلاة»، هي: «الإيمان»، فمن تركها فقد كفر، وليس بمؤمن.

([13]) وهذا يدل على أن الإمام الشافعي /، قد حكم بحكم القتل لمن انتقل من: «الإيمان إلى الشرك»، لأنه عنده: كافر بمجرد القتل في هذه الحالة.

     * فهل يقول المقلد: أن الذي ينتقل من: «الإيمان إلى الشرك»، لا يكفر، وأن الإمام الشافعي / لم يصرح بكفره، لكنه صرح بقتله، وهذا يدل عنده: كفر بمجرد الحكم عليه بالقتل، فافطن لهذا.

([14]) قلت: وهذا فعل الصحابة y في قتل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر الصديق t، وقتل الخوارج في عهد علي بن أبي طالب t، وقتلهم لهم يدل أنهم كفار عندهم في الدين، فافطن لهذا.

([15]) وانظر: «الأم» للشافعي (ج1 ص255 و256).

([16]) وهذا يدل أنه يكفر تارك الصلاة، عند الإمام الشافعي /، وقد نقل أهل العلم عنه ذلك، وهذا ظاهر من قوله.

     قلت: إذا فأين قال الإمام الشافعي، أنه لا يكفر، وفي أي: كتاب قال ذلك، لا يوجد.

     * ما نقل عنه إلا عدد من المتأخرين، بدون تثبت في المسألة، اللهم غفرا.

([17]) قلت: وهؤلاء، هم: الجمهور من السلف والخلف، وأضف إلى ذلك، إجماع الصحابة، والتابعين.

     * وهذا يدل على أن الذي ينقل أن مذهب جمهور العلماء، وهو عدم تكفير تارك الصلاة، هذا قول عدد من المتأخرين، ليس هو: مذهب الجمهور، وهذا المذهب لا يلتفت إليه؛ بعد إجماع الصحابة، والتابعين لهم بإحسان.

     وانظر: «كفاية النبيه في شرح التنبيه» لابن الرفعة (ج2 ص316).

([18]) وقد أخطئوا على الإمام الشافعي /.

       وانظر: «تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص956).

([19]) وهو نقل معتبر منهم.

     وانظر: «الاعتقاد» للالكائي (ج4 ص896)، و«مختصر اختلاف العلماء» للطحاوي (ج4 ص393)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص243)

([20]) وانظر: «الفروع» لابن مفلح (ج1 ص269)، و«كفاية النبيه في شرح التنبيه» لابن الرفعة (ج2 ص313)، و«المهذب» للشيرازي (ج1 ص51)، و«مغني المحتاج» للشربيني (ج1 ص327)، و«المغني» لابن قدامة (ج2 ص442)، و«بداية المجتهد» لابن رشد (ج2 ص442)، و«المجموع» للنووي (ج3 ص14)، و«نيل الأوطار» للشوكاني (ج1 ص327)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج5 ص143).

([21]) وليس هم: جمهور الأمة على الإطلاق، فتنبه.

([22]) وانظر: «المجموع» للنووي (ج3 ص14)، و«تعظيم قدر الصلاة» للمروزي (ج2 ص956).

([23]) ولم يثبت عن الإمام الشافعي / هذا الحكم في كتبه، ولم يحفظ عنه، لأن ذلك كان عنده بدعة.

     وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ج2 ص744).

([24]) وبهذا يتبين أن النص هذا هو للشافعية المتأخرين، وليس هو نص الإمام الشافعي، فانتبه.

([25]) في ثبوت هذا القول عن الإمام الشافعي / فيه نظر، بل ثبت عنه ما ينافيه.

([26]) وانظر: «الفروع» لابن مفلح (ج1 ص294)، و«الحاشية على الروض المربع» لابن القاسم (ج1 ص423)، و«الإحكام في شرح أصول الأحكام» له (ج1 ص132 و133)، و«الكافي» لابن قدامة (ج1 ص94 و95)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص374).

([27]) فإذا جمعت: الصحابة، والتابعين، والسلف كلهم، وأكثر الأئمة من المتقدمين، ومن وافقهم من المتأخرين، تبين أن الأكثر على تكفير تارك الصلاة.

     وهذا يدل على أن المتأخرين، هم: أقل من المتقدمين، فكيف يقال: عنهم: هم: الجمهور: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص:6].

([28]) وهذه الرواية، نقلها عدد من المتأخرين عنه، ولم تثبت عن الإمام أحمد /.

     * لذلك: لا تعتبر هذه الرواية من مذهبه، ولا تروى عنه في حكم تارك الصلاة.

([29]) وانظر: «الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص347).

([30]) وانظر: «المختصر» لابن تميم (ج2 ص15 و16)، و«المسائل» لصالح بن أحمد (ج1 ص375)، و«المغني» لابن قدامة (ج3 ص351)، وفي «الكافي» له (ج1 ص94 و95)، و«الفروع» لابن مفلح (ج1 ص294)، و«الإنصاف» للمرداوي (ج1 ص374).

([31]) ويتبين عدم صحة ما ينقل عنهم، في عدم تكفير تارك الصلاة.

([32]) وهم: الصحابة، والتابعون.

([33]) قلت: والمرجئة لم يظفروا: بصحابي واحد يقول بقولهم، بل ولم يصح لهم عن التابعين عن أحد والذي جاء، عن الزهري /، وهو من صغار التابعين، لا يصح عنه، وهو ليس بصريح أيضا في عدم تكفيره لتارك الصلاة، مع أنه لا يعتد بقوله في هذه المسألة، وإن صح عنه؛ لما ثبت من الكتاب، والسنة، والإجماع على تكفير تارك الصلاة، اللهم سلم سلم.

       * وأثر الزهري: أخرجه المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص957).

      وانظر: «الصلاة» لابن القيم (ص67)، و«الترغيب والترهيب» للمنذري (ج1 ص393).

([34]) وقد كان أهل العلم: لا يعدون انفراد الواحد، من أهل العلم، ناقضا؛ لإجماع من قبله من إجماع السلف، غيرهم.

       وانظر: «الأوسط» لابن المنذر (ج1 ص411).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan