القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / بئس الخطيب أنت قم

2023-12-02

صورة 1
بئس الخطيب أنت قم

 

 

 

 

بئس الخطيب أنت قم

 

دراسة أثرية منهجية علمية في كشف حقيقة خطباء المساجد في الإسلام، وما ابتدعوا في الدين من فساد عريض في القول والعمل في المسلمين، فلم يجر الله تعالى على أيديهم خيرا، ولا رفعوا للإسلام راية، وما زالوا يسعون في قلب نظام المسلمين، ويفرقون كلمة المسلمين في بلدانهم، ويشككون المؤمنين في دينهم، ويسعون في الأرض مفسدين

 

تأليف

العلامة أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره

 

ومعه:

كشف حقيقة خطباء الفتن في بلدان المسلمين

    

درة نادرة

بئس خطيب الجماعة؛ لأنه شر في الدين

 

عن  عروة بن الزبير, يقول: حدثتنا عائشة رضي الله عنها، أن رجلا , استأذن على النبي ه فقال: (ائذنوا له , فبئس رجل العشير , أو بئس رجل العشيرة) فلما دخل ألان له القول , قالت عائشة: يا رسول الله , قلت له الذي قلت فلما دخل ألنت له القول قال: (يا عائشة , إن شر الناس منزلة يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء فحشه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (6032)، و(6054)، وفي «الأدب المفرد» (1311)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص2002)، وأبو داود في «سننه» (4791)، والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (238)، والترمذي في «سننه» (1996)، وفي «الشمائل» (133)، وابن حبان في «صحيحه» (5438)، وفي «المجروحين» (ج1 ص17 و18)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص141)، والحميدي في «المسند» (249)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (1509)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (219)، وفي «ذم الغيبة» (82)، والطبراني في «الأوسط» (ج7 ص230)، وابن السني في «عمل اليوم والليلة» (328)، والحاكم في «المدخل إلى الإكليل» (66)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص335)، والقضاعي في «مسنده» (ج2 ص171)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص245)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص141)، والخطيب البغدادي في «الكفاية» (72) من طريقين عن عروة عن عائشة رضي الله عنها به.

قال الحافظ الخطيب البغدادي في «الكفاية» (ج1 ص158): (ففي قول النبي ه للرجل: (بئس رجل العشيرة)؛ دليل على أن إخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجبه العلم والدين من النصيحة للسائل ليس بغيبة , إذ لو كان ذلك غيبة لما أطلقه النبي ه, وإنما أراد عليه السلام بما ذكر فيه , والله أعلم , أن يبين للناس الحالة المذمومة منه، وهي الفحش فيجتنبوها , لا أنه أراد الطعن عليه والثلب له.

وكذلك أئمتنا في العلم بهذه الصناعة, إنما أطلقوا الجرح فيمن ليس بعدل لئلا يتغطى أمره على من لا يخبره, فيظنه من أهل العدالة فيحتج بخبره, والإخبار عن حقيقة الأمر إذا كان على الوجه الذي ذكرناه لا يكون غيبة). اهـ

وقال الحافظ الحاكم في «المدخل إلى الإكليل» (66): (هذا خبر صحيح؛ وفيه الدلالة على أن الإخبار عما في الرجل على الديانة ليس من الغيبة). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

ونعوذ بالله من أهل البدع

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران :102].

]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].

أما بعد،

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن من أعظم النعم التي اختص بها دين الإسلام، وتميز بها عن غيره من الأديان؛ هي الجمعة وخطبتها، فهي موعظة أسبوعية عامة، توقظ القلوب الغافلة، وتشحذ الهمم العالية، وتصل النفوس بخالقها، لتعبد ربها على علم وبصيرة حتى يأتيها اليقين.

قلت: كل ذلك من الفوائد الكثيرة وهذا يدل على أهميتها، والحاجة إلى العناية التامة بها، وتتحقق هذه الفوائد إذا توفر للخطبة، وفيها ما هو مطلوب من الشروط والأركان، والواجبات، والسنن، وخلت مما لم يشرعه الله تعالى من الأمور المنكرة، والمحرمة، والمبتدعة؛ فتكون وفق هدي النبي ه، وأصحابه الكرام، والسلف الصالح، وأهل الحديث.

قلت: فالمقصود الشرعي من خطبة الجمعة هو الثناء على الله تعالى وتمجيده، وتعليم الناس توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وتعليم الناس قواعد الإسلام وأصوله، وتعليم الناس فقه الكتاب والسنة، ووعظهم وتذكيرهم، وحثهم على طاعة الله تعالى، وتحذيرهم من موارد غضبه وعقابه، وبيان جزاء المطيع، وعقوبة المبتدع والعاصي، وتحذيرهم من البدع وأهلها بجميع أنواعهم، وبيان الأخطاء المنتشرة في المجتمع من البدع والمحرمات والمعاصي وسبل معالجتها، والرجوع إلى منهج الصحابة الكرام ومن تابعهم بإحسان.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج1 ص188)؛ ملخصا هدي النبي ه في خطبته: (وكان مدار خطبه على حمد الله والثناء عليه بآلائه، وأوصاف كماله ومحامده، وتعليم قواعد الإسلام، وذكر الجنة والنار والمعاد، والأمر بتقوى الله، وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه، فعلى هذا كان مدار خطبه([1]». اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج1 ص427): (وكان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه، ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي([2]». اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج1 ص423): (ومن تأمل خطب النبي ه وخطب أصحابه، وجدها كفيلة ببيان الهدى والتوحيد، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان الكلية، والدعوة إلى الله، وذكر آلائه تعالى التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره وشكره الذي يحببهم إليه، فيذكرون من عظمة الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه، ويأمرون من طاعته وشكره، وذكره ما يحببهم إليه، فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم.([3])

ثم طال العهد وخفي نور النبوة، وصارت الشرائع والأوامر رسوما تقام من غير مراعاة حقائقها ومقاصدها، فأعطوها صورها وزينوها بما زينوها به، فجعلوا الرسوم والأوضاع سننا لا ينبغي الإخلال بها وأخلوا بالمقاصد التي لا ينبغي الإخلال بها، فرصعوا الخطب بالتسجيع والفقر، وعلم البديع، فنقص بل عدم حظ القلوب منها، وفات المقصود بها). اهـ

لذلك حصلت النواقص، والأخطاء، والجهالات من أكثر الخطباء في البلدان الإسلامية([4]) لنتيجة عدم إلمامهم بأحكام فقه الأصول، وفقه الفروع، وفقه قواعد الشريعة مما قلل من الاستفادة منهم([5])، لذلك اعتمد الخطباء الجهلة بسبب تقصيرهم في إعداد الخطبة العلمية([6]) على التقليد الأعمى في وعظهم للناس، وغالب ما فيها لا يتناسب مع الشريعة([7])، وهذا تدليس على المسلمين، بل هو غش لهم.([8])

قلت: والمشروع في الخطبة أن تكون بما تقتضيه حاجة المخاطبين، ويناسب قضاياهم من تبيين أحكام الأصول، وأحكام الفروع حتى تتم الفائدة المنشودة منها، وهذا هو هدي النبي ه في خطبته الذي هو خير الهدي.

قال الإمام ابن القيم / في «زاد المعاد» (ج1 ص189): (وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين ومصلحتهم!([9]». اهـ

قلت: ومن هنا يجب التحذير من المتعالمين([10]) الذين هم من أسباب الفتن، والمحن، والبلاء، وعدم نصر المسلمين على عدوهم ليجتنبوا، ويصار إلى أهل الرسوخ، ليستدفع البلاء بهم من الله تعالى، وتدرأ الفتن، وترسوا السفينة إلى بر الأمان في البلدان.

قلت: والسنة النبوية كشفت للمسلمين هذا الصنف من الناس.

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص t قال: سمعت رسول الله ه يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص33)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص47)، وفي «التاريخ الكبير» (ج1 ص257)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص208)، وفي «التمييز» (ص175)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص31)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص456)، وعبد الرزاق بن أحمد في «زوائده على جزء نافع بن أبي نعيم» (ص59)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص91)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص20)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص162).

وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ه: (سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيـهــا الأميــن، وينـطــق فيهــا الـرويبـضــة. قيــل: ومــا الرويبضــة([11])؟ قــال: الـرجــل([12]) التافه([13]) يتكلم في أمور العامة).

وفي رواية: (السفيه يتكلم في أمر الناس).

حديث حسن

أخرجه ابن ماجه في «سننه» (ج2 ص339)، وابن أبي شيبة في «المسند» (ج10

ص287 -الإتحاف)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص256)، وابن حبيب الأندلسي في «أشراط الساعة» (ص82)، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (ج1 ص185) من طريق عبد الملك بن قدامة الجمحي عن إسحاق بن أبي الفرات عن المقبري عن أبي هريرة ا به، بدون زيادة عن (أبيه) في الإسناد.

قلت: وهذا سنده ضعيف فيه عبد الملك بن قدامة الجمحي، وهو ضعيف. وإسحاق بن أبي فرات مجهول، وضعفه البوصيري في «إتحاف الخيرة» (ج10 ص287).

وانظر «الميزان» للذهبي (ج2 ص166) و«التقريب» لابن حجر (ص131)، و«مصباح الزجاجة» للبوصيري (ج4 ص191).

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص291)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص465)، والمزي في «تحفة الأشراف» تعليقا (ج9 ص469)، وابن غيلان في «الغيلانيات» (310)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص265 و273)، وابن تيمية في «الأبدال العوالي» (ص64) من طرق عن يزيد بن هارون عن عبد الملك بن قدامة عن إسحاق بن أبي الفرات([14]) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة به. بزيادة عن (أبيه) في الإسناد.

قال الحافظ المزي في «تحفة الأشراف» (ج9 ص469) بعد أن عزا الحديث لابن ماجة: (رواه محمد بن عبد الملك الدقيقي عن يزيد بن هارون قال عن (أبيه)

 عن أبي هريرة).

قلت: وللحديث طرق أخرى يتقوى بها.

فأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص238) من طريق فليح عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبي هريرة ا به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به، فيه فليح وهو ابن سليمان الخزاعي، وهو صدوق فيه كلام من قبل حفظه.

قلت: فالشريعة قد كملت فلا تحتاج إلى فتاوى، ودعوة المتعالمين، اللهم سلم سلم.

قال الإمام ابن القيم : في «إعلام الموقعين» (ج4 ص375): (فرسالته ه كافية شافية عامة، لا تحوج إلى سواها، ولا يتم الإيمان به إلا بإثبات عموم رسالته... فلا يخرج أحد من المكلفين عن رسالته، ولا يخرج نوع من أنواع الحق الذي تحتاج إليه الأمة في علومها، وأعمالها عما جاء به.

وقد توفي رسول الله ه، وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علما، وعلمهم كل شيء حتى آداب التخلي، وآداب الجماع، والنوم والقيام والقعود، والأكل والشرب... وجميع أحكام الحياة والموت). اهـ

وقال الإمام ابن القيم :؛ عن هؤلاء المتعالمين: في «مسألة السماع» (ص145): (فأبى الظالمون المفتونون الإعراض ما جاء به الرسول ه على أقوال الشيوخ وطريقتهم، فأضلهم فعم بذلك المصاب، وعظمت المحنة، واشتدت الرزية، واشتدت غربة الدين وأهله، وظن بهم الجاهلون أنهم هم أهل البدع، وأصحاب الطرائق والآراء([15]) هم أهل السنة، ويأبى الله إلا أن يقيم دينه، ويتم نوره، ويعلي كلماته، وكلمات رسوله ه، وينصر حزبه، ولو كره المبطلون). اهـ

وقال الإمام البربهاري : في «السنة» (ص404): (وإذا ظهر لك من الإنسان شيء من البدع، فاحذره؛ فإن الذي أخفى عنك أكثر مما أظهر). اهـ

وعن أنس بن مالك t، عن النبي ه، قال: (المكر، والخديعة، والخيانة في النار).

حديث حسن

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (9010) من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس بن مالك ا به.

قلت: وهذا سنده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج3 ص47).

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنها قال: قال رسول الله ه: (المكر، والخداع في النار).

حديث حسن

أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (567)، والطبراني في «المعجم الكبير» (12034)، وفي «المعجم الصغير» (ج1 ص261)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص189)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (353)، و(254) من طرق عن الفضل بن الحباب قال: حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم قال: حدثنا أبي عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود ا به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به من أجل الهيثم بن جهم، روى عنه جمع، وذكره

ابن حبان في «الثقات» (ج9 ص235)، وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج9 ص83): لم أر في حديثه مكروها.

والحديث حسنه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج3 ص48).

وعجب لا ينقضي من حال قوم ظنوا الداء دواء، والسراب ماء ... فنفخوا في رماد، وأرادوا حجب ضياء الشمس عن الكون بالأكف، والثياب ... أرادوا علاج الزكام فأحدثوا داء الجذام، وهل هذا إلا من تنكس الفطر، واختلال العقول ... فلا للإسلام نصروا([16])، ولا لأعدائه كسروا، بل للإسلام كسروا، ولأعدائه نصروا ... شعارات باسم الإسلام ترفع، وغايات باسم النصر تقصد، وأنى لهم ذلك، وقد خالفوا طريق النصر، بل سلكوا نقيضه([17])، اللهم غفرا: ]وكذلك نجزي الظالمين [ [الأعراف: 41]؛ ]وكذلك نجزي المفترين [ [الأعراف: 152].

قال تعالى: ]ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله [ [فاطر:43].

وقال تعالى: ]ومكر أولئك هو يبور [ [فاطر:10].

وقال تعالى: ]فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال [ [الرعد: 17].

ولذا عزمت؛ مستعينا بالله، على الكتابة في هذا الصنف من الناس المجرمين ردا وتفنيدا، وكشفا لحقيقة الخطباء([18]) وشهاداتهم ودفاعا عن أحكام الإسلام، وهذا من الإسلام.

قال تعالى: ]أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون (36) [ [القلم: 35 و36].

وما توفيقنا إلا بالله، عليه توكلنا، وإليه أنبنا، وإليه المصير.

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

    

قال تعالى: ﴿أفنجعل المسلمين كالمجرمين (35) ما لكم كيف تحكمون﴾ [القلم:35 و36].

ذكر الدليل

على تحذير الشارع من الخطباء الجهال في هذا العصر، وما ترتب لهم من الخذلان في الحياة الدنيا، والوعيد الشديد بالعذاب بالنار يوم القيامة وأن صعود هؤلاء على المنبر ووعظهم الناس علامة من علامات الساعة، وذلك لتدخلهم في الدين بغير علم وبصيرة في الدعوة إلى الله تعالى، ولما

أحدثوا من الفوضى في الخطابة أيام الجمع عن طريق أحزابهم

 

اعلم رحمك الله أن الشارع حذر من الخطيب الجاهل في الدين، وإن كانت عنده فصاحة وبلاغة، وليس العبرة ببلاغة، وفصاحة الإنسان بالبيان، والأسلوب، وبسط القول لكي يكون داعية يشار إليه بالبنان على جهل مركب فيه في العلم الشرعي!.([19])

والنبي r كره البيان السحري، وكره السلف الصالح التشقيق في الكلام، والغلو في الفصاحة به؛ لأنه ليس شرط في الدعوة إلى الله تعالى، وحذر ه من هذا الصنف لخطره على أمته ه.([20])

وإليك الدليل:

(1) عن أنس بن مالك t أن عمر t رأى رجلا يخطب فأكثر فقال عمر: (إن كثيرا من الخطب من شقاشق الشيطان).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص987)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج1 ص438)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص112)، وفي «الغيبة» (ص31)، والبخاري في «الأدب المفرد» (ص293)، والبغوي في «شرح السنة» تعليقا (ج12 ص364) من طرق عن حميد أنه سمع أنسا به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

ويشهد له ما: أخرجه أحمد بن حنبل في «المسند» (ج2 ص94)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج1 ص433)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص224)، والبخاري في «الأدب المفرد» (875)، وابن حبان في «صحيحه» (5718) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (قدم رجلان من المشرق خطيبان على عهد رسول الله r، فقاما فتكلما، ثم قعدا، وقام ثابت بن قيس خطيب رسول الله r فتكلم، ثم قعد، فتعجب الناس من كلامهم فقال النبي r: (يا أيها الناس، قولوا بقولكم، فإنما تشقيق الكلام من الشيطان) وقال r: (إن من البيان لسحرا).([21])

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في «شرح المسند» (ج6 ص296)، و(ج8 ص55).

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص337) مختصرا، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص986)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص164)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص218)، والحدثاني في «الموطأ» (ص593)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص310)، وأبو داود في «سننه» (ج5 ص275)، والبغوي في «شرح السنة» (ج12 ص362)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج12 ص571)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج5 ص170)، وفي «الاستذكار» (ج27 ص318)، وابن بشكوال في «غوامض الأسماء المبهمة» (ج1 ص98) عن ابن عمر به.

قال الشيخ أحمد شاكر / في «شرح المسند» (ج8 ص55): (تشقيق الكلام التطلب فيه ليخرجه أحسن مخرج، وقوله ه: (قولوا بقولكم)؛ أي: تكلموا على سجيتكم دون تعمل، وتصنع للفصاحة والبلاغة).اهـ

فالتشقيق: التقعر في الكلام بالتشدق، وتكلف أسلوب واللباقة، والتصنع فيه بالشبهات، والمقدمات، وجري الأسلوب به عادة أهل الرأي المدعين للخطابة، والوعظ لكسب الثقة، وود الناس بالغش والخديعة في الدين، وكل ذلك من التصنع المذموم.

قال أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج1 ص228): (المعنى: أنه يبلغ من بيانه يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله، ويذمه فيصدق فيه، حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر، فكأنه قد سحر السامعين بذلك). اهـ

وقال ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج5 ص176): (إذا كان ممن يحاول تزيين الباطل وتحسينه بلفظه، ويريد إقامته في صورة الحق فهذا هو المكروه الذي ورد فيه التغليظ). اهـ

وقال البغوي / في «شرح السنة» (ج12 ص364): (شبه الذي يتفيهق في كلامه، ولا يبالي بما قال من صدق، أو كذب بالشيطان). اهـ

(2) وعن عبدالله بن عمرو أن رسول الله r قال: (إن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها).

حديث حسن

أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص274)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج9 ص15)، وفي «الآداب» (ص161)، والدارمي في «الرد على بشر المريسي» (ج2 ص874)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص141)، وفي «العلل الكبير» (ج2 ص782)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج4 ص251)، وفي «الآداب» (ص247)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص165)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص413)، وأبو الشيخ في «الأمثال» (ص354)، والحاكم في «المعرفة» (ص152)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج9 ص27)، وابن أبي حاتم في «العلل» (ج2 ص341) من طريق نافع بن عمر الجمحي عن بشر بن عاصم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وقال الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج2 ص540): (وهو حسن؛ كما قال الترمذي).

وأقره العراقي في «المغني» (ج2 ص38).

وقال الترمذي / في «العلل الكبير» (ج2 ص873): (سألت محمدا يعني: البخاري عن هذا الحديث، فقال: إن نافع بن عمر يقول عن عبد الله ابن عمرو، ومرة يقول: أراه عن عبدالله بن عمرو.

قال محمد: وأرجو أن يكون محفوظا). اهـ

وقال ابن أبي حاتم / في «العلل» (ج2 ص341): (وسألت أبي عن حديث: رواه وكيع([22]) عن نافع بن عمر الجمحي عن بشر بن عاصم عن أبيه قال: قال رسول الله r: (إن الله U يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه؛ كما تتخلل([23]) البقر بلسانها) فقلت لأبي: أليس حدثتنا عن أبي الوليد، وسعيد بن سليمان عن نافع بن عمر عن بشر بن عاصم الثقفي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي  r؟

فقال: نعم.([24]) وقال: جميعا صحيحين، قصر وكيع). اهـ

وقوله r (يتخلل بلسانه)؛ أي: يتشدق في الكلام، ويفخم به لسانه، ويلفه كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفا.([25])

قال أبو عبد الرحمن آبادي / في «عون المعبود» (ج13 ص348): (قوله r (البليغ)؛ أي: المبالغ في فصاحة الكلام، وبلاغته؛ وقوله r (الذي يتخلل بلسانه)؛ أي: يأكل بلسانه، أو يدير لسانه حول أسنانه مبالغة في إظهار بلاغته؛ وقوله r (تتخلل الباقرة بلسانها)؛ أي: البقرة كأنه أدخل التاء فيها على أنه واحد من الجنس كالبقرة من البقر، واستعمالها مع التاء قليل، قاله القاري). اهـ

وقال النووي / في «الأذكار» (ص572): (يكره التقعير في الكلام بالتشدق، وتكلف السجع، والفصاحة، والتصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون، وزخارف القول، فكل ذلك من التكلف المذموم). اهـ

قلت: وقد أنكر النبي r هذا الأمر لما يخالطه من الكذب، والتزيد على الكتاب والسنة.([26])

(3) وعن عدي بن حاتم t قال: (أن رجلا خطب عند رسول الله r فقال: (من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله r: (بئس الخطيب أنت، قل ومن يعص الله ورسوله).

وفي رواية: (قم أو اذهب، بئس الخطيب أنت).

وفي رواية: (بئس الخطيب أنت، قم).

وفي رواية: (قل من يطع الله، ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله، ورسوله فقد غوى، ولا تقل: ومن يعصهما).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج6 ص159)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج10 ص347)، وأبو داود في «سننه» (ج1 ص660)، و(ج5 ص259)، والطيالسي في «المسند» (ج2 ص363)، والبغوي في «شرح السنة» (ج12 ص360)، وابن حجر في «الموافقة» (ج1 ص33)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج5 ص229)، وفي «السنن الصغرى» (ج6 ص90)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص256)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص216)، وفي «الشعب» تعليقا (ج4 ص313)، وفي «معرفة السنن» (ج4 ص371)، وفي «الآداب» تعليقا (ص251)، وأبو عوانة في «المسند» (ج11 ص123-إتحاف المهرة)، والشافعي في «الأم» (ج1 ص202)، وفي «المسند» (446)، وابن النحاس في «القطع والائتناف» (ص28)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج8 ص371)، وابن حبان في «صحيحه» (2798)، والحاكم في «المستدرك» (ج1 ص289)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص457)، وفي «حلية الأولياء» (ج8 ص310)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص581)،  والطبراني في «المعجم الكبير» (ج17 ص98)، وأبو عمرو الداني في «المكتفى في الوقف والابتدا» (5) من طريق عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم t به.

قلت: فأنت ترى أنه r أنكر على الخطيب قوله: (ومن يعصهما)... وإنما أنكر عليه لتشريكه في الضمير المقتضي للتسوية، وأمره بالعطف تعظيما لله تعالى بتقديم اسمه سبحانه.([27])

قال أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج2 ص510): (ظاهره: أنه أنكر عليه جمع اسم الله، واسم رسوله r في ضمير واحد). اهـ

وقال القاضي عياض / في «إكمال المعلم» (ج3 ص275): (أنكر عليه السلام جمع اسمه مع اسم الله في كلمة واحدة، وضمير واحد، لما فيه من التسوية تعظيما لله تعالى). اهـ

وقال البغوي / في «شرح السنة» (ج12 ص360): (وفيه يعني الحديث تعليم الأدب في المنطق، وكراهية الجمع بين اسم الله تعالى، واسم غيره... لأنه يتضمن نوعا من التسوية). اهـ

وقال السندي / في «حاشيته على سنن النسائي» (ص80): (وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام من خصائصه r أنه كان يجوز له الجمع في الضمير بينه وبين ربه تعالى، وذلك ممتنع على غيره.

قال: وإنما يمتنع من غيره دونه؛ لأن غيره إذا جمع أوهم إطلاقه التسوية، بخلافه هو فإن منصبه لا يتطرق إليه إيهام ذلك). اهـ

وقال النووي / في «شرح صحيح مسلم» (ج6 ص159): (أن سبب النهي أن الخطب شأنها البسط، والإيضاح، واجتناب الإشارات، والرموز). اهـ

قلت: وأصبح في هذا الزمان عند الخطباء الجهل علما، والعلم جهلا عندما أخذوا بالرأي والهوى، وتركوا الآثار والسنة فوقعت الفتنة بين المسلمين([28])، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال ابن بطال / في «شرح صحيح البخاري» (ج10 ص366): (اعلم r أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور، والبدع، والأهواء المضلة؛ كما وقع للأمم قبلهم، وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر، وأن الساعة لا تقوم إلا على شرار الناس، وأن الدين إنما يبقى قائما عند خاصة من المسلمين لا يخافون العداوات، ويحتسبون أنفسهم على الله تعالى في القول بالحق، والقيام بالمنهج القويم في دين الله تعالى). اهـ

وقال ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص301): (وقد وقع معظم ما أنذر به r، وسيقع بقية ذلك).

قلت: فالناظر إلى جمهور خطباء الجمع الذين يتصدرون، ويجيزون لأنفسهم ارتقاء المنابر للوعظ، والتدريس، والفتوى، والتوجيه، يرى بأن هؤلاء القوم يجيدون الكلام والتشدق، ولا يجيدون العلم وتطبيقه، والله المستعان.

إن أحوال الخطباء عجيبة... تراهم لا يعرفون كيف يوجهون الناس، وإلى أي اتجاه يدورون بهم... فمن هذا حالهم كيف سيفهم الناس كلامهم، وإلى أي وجهة يتجهون بهم اللهم غفرا.

قال تعالى: ﴿واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة﴾ [الأنفال:25].

إذا فلا تغتر بحذلقة متحذلق، أو فيقهة متفيهق، أو تشدق متشدق، بل ﴿واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب﴾ [الشورى:15].

قلت: والمراد أن الناس إذا قام فيهم سفلة الناس هلكوا، والعياذ بالله.

قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «وجوب التثبت في الأخبار واحترام العلماء» (ص50): (إن وجود المثقفين، والخطباء المتحمسين لا يعوض الأمة عن علمائها... وهؤلاء قراء وليسوا فقهاء فإطلاق لفظ العلماء على هؤلاء إطلاق في غير محله، والعبرة بالحقائق لا بالألقاب فكثير ممن يجيد الكلام، ويستميل العوام وهو غير فقيه، والذي يكشف هؤلاء أنه عندما تحصل نازلة يحتاج إلى معرفة الحكم الشرعي فيها فإن الخطباء، والمتحمسين تتقاصر أفهامهم، وعند ذلك يأتي دور العلماء.

فلننتبه لذلك، ونعطي علماءنا حقهم، ونعرف قدرهم، وفضلهم، وننزل كلا منزلته اللائقة به). اهـ

4) وعن أنس t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من أشراط الساعة أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص178)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص107)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص2056)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص491)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص98)، والطيالسي في «المسند» (ص166)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص28)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص359)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص151)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص543)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص151)، والبغوي في «التفسير» (ج6 ص179)، وفي «شرح السنة» (ج15 ص24)، ودانيال في «مشيخته» (ق/99/ط)، والنعال في «مشيخته» (ص114)، وأبو الشيخ في «الفوائد» (ص35)، وفي «ذكر الأقران» (ص102)، والمستغفري في «دلائل النبوة» (ج1 ص302)، والنسائي في «العلم» (ص186)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص315)، ومعمر الأزدي في «الجامع» (ج11 ص381)، وأبو يعلى في «المسند» (2892)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (ج4 ص813)، والروياني في «المسند» (ج2 ص264)، والخطابي في «العزلة» (ص96)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج4 ص197)، وابن ماجة في «سننه» (ج2 ص1343)، والأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (2152) من طريقين عن أنس بن مالك t به.

قلت: فمن أشراط الساعة أن يقل العلم، ويفشو الجهل.

قال الحافظ ابن بطال /: (وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناها عيانا، فقد نقص العلم، وظهر الجهل، وألقي الشح في القلوب، وعمت الفتن، وكثر القتل).([29]) اهـ

وعقب على ذلك ابن حجر / في «فتح الباري» (ج13 ص16) بقوله: (الذي يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير، مع وجود مقابله، والمراد من الحديث استحكام ذلك، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر، وإليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم، فلا يبقى إلا الجهل الصرف، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم لأنهم يكونون حينئذ مغمورين في أولئك). اهـ

وقال الإمام الخطابي / في «العزلة» (ص97): (يريد ظهور الجهال المنتحلين للعلم، المترئسين على الناس به قبل أن يتفقهوا في الدين، ويرسخوا في علمه). اهـ

5) وعن أنس بن مالك t عن رسول الله r ليلة أسري به قال: (رأيت قوما تقرض ألسنتهم بمقاريض من نار -أو من حديد- فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك).([30])

وفي رواية: (هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرؤون كتاب الله، ولا يعملون به).

حديث صحيح

أخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص118)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص237) من طريقين عن معتمر بن سليمان قال: وحدث أبي أن أنسا حدث عن رسول الله r فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وتابعه ابن المبارك عن سليمان التيمي به.

أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص172) من طريق يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا عبد الله بن موسى ثنا ابن المبارك به.

وإسناده حسن في المتابعات.

وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج7 ص180)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص261)، أبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص386)، و(ج6 ص248)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص135)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (2646)، و(2647)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص238) من طريق يزيد بن زريع عن هشام بن أبي عبد الله عن المغيرة حدثني مالك بن دينار عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وتابعه إبراهيم بن أدهم عن مالك بن دينار به.

أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج8 ص43) من طريق بقية حدثنا إبراهيم بن أدهم به.

وإسناده حسن.

وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص239)، والخطيب في «الاقتضاء» (111) من طريق مسلم حدثنا صدقة بن دينار، والحسن بن أبي جعفر عن مالك بن دينار عن ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك t به.

وإسناده ضعيف.

وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (476)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص249) من طريق سهل بن حماد أبي عتاب ثنا هشام الدستوائي عن المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس بن مالك t به.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص120)، وفي «الزهد» (ص45)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ص367)،وفي «تفسيره» (ج2 ص342- تفسير ابن كثير)، وأبو يعلى في «المسند» (ج7 ص69)، والبغوي في «شرح السنة» (ج4 ص353)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص68)، والخطيب البغدادي في «الموضح» (ج2 ص170)، وفي «تاريخ بغداد» (ج6 ص199)، ووكيع في «الزهد» (297)، وابن مردويه في «تفسيره» (ج2 ص342- تفسير ابن كثير)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج14 ص308)، وابن المبارك في «الزهد» (ص282)، وفي «المسند» (ص22)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص249)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج1 ص534) من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده ضعيف فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، كما في «التقريب» لابن حجر (ص696).

وأخرجه الطيالسي في «المسند» (2060) من طريق المبارك بن فضالة عن علي بن زيد بن جدعان به.

وأخرجه ابن مردويه في «تفسيره» (ج2 ص343- تفسير ابن كثير) من طريق عمر بن قيس عن علي بن زيد عن ثمامة عن أنس بن مالك t به.

وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص239)، والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص130) من طريق المحاربي أخبرنا سفيان عن خالد بن سلمة عن أنس بن مالك t به.

وإسناده حسن.

وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص265) من طريق جعفر بن سليمان عن عمر بن نبهان عن قتادة عن أنس بن مالك t به.

وإسناده ضعيف.

فالخطباء هم القدوة، والأسوة يأمرون الناس بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، وهم في أعين الناس مقياس الفضائل، والالتزام بشعائر الدين، والالتزام بالأخلاق.([31])

فإذا هم لم يطبقوا، ولم يعملوا بما قالوا سقطت هيبتهم من أعين الناس، وأصبحوا لأهل الأهواء حجة يعلق عليها هؤلاء إفسادهم، ويبررون بها شهواتهم كما هو مشاهد.

فالقول بغير عمل زخرفة لا فائدة فيه، شعار زائف يتاجر به أصحاب المنافع من الحزبيين وغيرهم، ويستتر وراءه كل طامع في الدنيا.

قلت: والغرض أن النبي r ذم الخطباء الجهلة المتعالمين على هذا الصنيع، ونبههم على خطئهم في حق أنفسهم حيث كانوا يأمرون بالخير ولا يفعلونه، اللهم غفرا.

وما أحسن الاستنكار من الله تعالى على هذا الصنف وأمثالهم؛ في قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون «2» كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون[ [الصف: 2 و3].

قال الحافظ الذهبي / في «التمسك بالسنن» (ص32): (واتباع الشرع، والدين متعين، واتباع غير سبيل المؤمنين بالهوى وبالظن، وبالعادات المردودة مقت وبدعة).اهـ

قلت: فهما طريقان: اتباع الرسول r والسنة، أو اتباع الهوى والبدعة، وليس من سبيل إلى ثالث، فمن لم يتبع الرسول r فلابد أن يتبع الهوى.

قال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [يونس:32].

قال تعالى: ]فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون[ [القصص:50].

قال الإمام القرطبي / في «جامع أحكام القرآن» (ج8 ص335): «(ذا) صلة أي ما بعد عبادة الإله الحق إذا تركت عبادته إلا الضلال... قال علماؤنا: حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق، والباطل منزلة ثالثة... والضلال حقيقته الذهاب عن الحق». اهـ

قلت: فالأخطاء إذا انتشرت في المجتمع أفسدته بل قضت عليه، لهذا كانت للخطباء المتعالمين المفسدين هذه العقوبة التي ينخلع لها القلب، ويطير لها الفؤاد جزاء يستحقونه من الله تعالى؛ لإضلالهم الناس بتعليمهم العقائد الفاسدة، والمناهج السياسية، والفتاوى الباطلة، والأحاديث الضعيفة، والمنكرة، والقصص الموضوعة، والباطلة، والأخطاء في الأحكام الفقهية... نسأل الله العافية والسلامة.

وقد ذكر الذهبي / في «الميزان» (ج3 ص655) في ترجمة محمد بن علي بن عطية الواعظ المعروف بـ(أبي طالب المكي) الصوفي، قول أبي طاهر العلاف: (إن أبا طالب وعظ ببغداد، وخلط كلامه، وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضر من الخالق، فبدعوه وهجروه، فبطل الوعظ).

قلت: هكذا لابد أن يفعل في الوعاظ المخلطين المختلطين، لا أن يكرموا، ويعززوا في المسابقات، والاحتفالات، والفضائيات، والتلفاز، والله المستعان.

واغترار هؤلاء بحلم الله تعالى يعد من طمس البصيرة، وإلا فكيف يغتر عبد بحلم الله تعالى، وهو يقرأ قوله U: ]ويحذركم الله نفسه[ [آل عمران:28].

وما أكثر هذا الصنف في عالم البشر اليوم، قد سقط الحياء منه، وتبلد حسه، وظهر فسقه، وطار شره بين الخلائق، وزاحم أهل الظلم، والفساد في الشر، والعناد نعوذ بالله من الخذلان.

إذا فالواجب على العاقل أن يحذر مخالطة أصحاب الأهواء، فإن نارها تحت الرماد، ونسأل الله السلامة.

قال الإمام القحطاني / في «القصيدة النونية» (ص7):

لا يصحب البدعي إلا مثله

 

 

تحت الدخان تأجج النيران

فأين المتعظون؟ أين المعتبرون؟ أين أولو الأحلام والنهى؟ أما طالعوا عقوبات الله فيمن سبق، وعظيم سطوته بمن عصى، وعائد، وكذب؟ أتاهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون، أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، وحذرهم بأسه، وعقابه، وأليم عذابه، وعظيم سطوته، فما ارتدعوا، ولا انزجروا، ورجعوا قد أنذرهم على ألسن رسله فظلوا في طغيانهم يعمهون، وفي الضلال سادرون، وحاق بهم من العذاب ما كانوا به يستهزؤن، وأتاهم من حيث لا يشعرون.([32])

قال تعالى: ]أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون[ [النحل:45].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج10 ص144): (وبنو آدم هم جهال ظلموا أنفسهم يستعجل أحدهم ما ترغبه لذته، وبترك ما تكرهه نفسه مما هو لا يصلح له، فيعقبهم ذلك من الألم والعقوبات، إما في الدنيا، وإما في الآخرة ما فيه عظم العذاب، والهلاك الأعظم).اهـ

ومن هنا يجب التحذير من المتعالمين([33]) الذين هم من أسباب الفتن، والمحن، والبلاء، وعدم نصر المسلمين على عدوهم ليجتنبوا، ويصار إلى أهل الرسوخ، ليستدفع البلاء بهم من الله تعالى، وتدرأ الفتن، وترسوا السفينة إلى بر الأمان في البلدان.

قلت: والسنة النبوية كشفت للمسلمين هذا الصنف من الناس.

6) فعن عبد الله بن عمرو بن العاص t قال: سمعت رسول الله r يقول: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص33)، وفي «خلق أفعال العباد» (ص47)، وفي «التاريخ الكبير» (ج1 ص257)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص208)، وفي «التمييز» (ص175)، والترمذي في «سننه» (ج5 ص31)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص456)، وعبد الرزاق بن أحمد في «زوائده على جزء نافع بن أبي نعيم» (ص59)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص91)، وابن ماجة في «سننه» (ج1 ص20)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص162)، والخطابي في «العزلة» (ص91)، والدارمي في «المسند» (ج2 ص162)، والمهرواني في «المهروانيات» (ص136)، والخليل في «مشيخته»، كما في أخبار قزوين للرافعي (ج2 ص217)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص586)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص1106) وفي «النبذ» (ص93)، وابن وضاح في «البدع» (ص170)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج1 ص358)، والحميدي في «المسند» (ج1 ص265)، وعبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص54)، والجرجاني في «الأمالي» (ق/73/ط)، والطيالسي في «مسنده» (ص302)، والقشيري في «الأربعين» (ص22)، وابن شاذان في «مشيخته الصغرى» (ص16)، وأبو إسحاق الهاشمي في «الأمالي» (ص49)، والمستغفري في «دلائل النبوة» (ج1 ص352)، والنسفي في «علماء سمرقند» (ص549)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص432)، وفي «المجروحين» (ج1 ص21)، وفي «الثقات» (ج9 ص166)، وابن فهد في «الذيل على التذكرة» (ص149)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص163)، والبغوي في «شرح السنة» (ج1 ص315)، وفي «تفسيره» (ج3 ص364)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج2 ص85)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص680)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج2 ص253)، وفي «السنن الكبرى» (ج10 ص116)، وفي «المدخل» (ص75)، وفي «دلائل النبوة» (ج6 ص543)، وأبو نعيم في «أخبار أصبهان» (ج2 ص142)، وفي «معرفة الصحابة» (ج3 ص1722)، وفي «الحلية» (ج2 ص18)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج8 ص368)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج1 ص380)، وفي «تالي التلخيص» (160)، وفي «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص321)، وفي «الموضح» (ج1 ص321)، والثعلبي في «الكشف والبيان» (ج5 ص301)، وأبو علي المدائني في «فوائده» (ص150)، وابن الجعد في «المسند» (ج2 ص962)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص752)، وفي «ميزان الاعتدال» (ج2 ص306)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص330)، وفي «السير» (ج11 ص144)، وزهير بن حرب في «العلم» (ص29)، والآجري في «أخلاق العلماء» (ص51)، وفي «فضل طلب العلم» (57)، والطبراني في «المعجم الصغير» (ج1 ص165)، وفي «المعجم الأوسط» (ج1 ص65)، وابن المبارك في «الزهد» (ص281)، وفي «المسند» (ص15)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص127)، والأصبهاني في «الترغيب» (ج3 ص98)، وابن تيمية في «الأربعين» (156)، وابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (ج2 ص446)، والخليلي في «الإرشاد» (ج1 ص303)، و(ج2 ص517)، وابن خلاد في «عوالي ابن أبي أسامة» (ص55)، وابن هزارمرد الصريفيني في «مجلس من أماليه» (ق/3/ط)، والآبنوسي في «مشيخته» (37)، وابن الصلاح في «المجلس الثالث من أماليه» (ص68)، والطائي في «الأربعين في إرشاد السائرين» (ص157)، ومحمد بن طاهر في «الحجة» (ج2 ص579)، والداني في «الفتن» (ج3 ص587)، وأبو عبد الرحمن السلمي في «مجلس من حديثه» (ق/2/ط)، والحاكم في «عوالي مالك» (ج1 ص94)، وابن أبي سعد في «الأربعين» (ص125)، والحمامي في «حديثه» (ص85)، وفي «الفوائد» (ص126)، والبياني في «مشيخته» (ص36)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص358)، وفي «طبقات الشافعية الكبرى» (ج1 ص323)، والأبهري في «حديثه» (ص41)، والديلمي في «الفردوس» (ج1 ص165)، والمخلص في «المخلصيات» (ج2 ص21)، وعبد الله بن وهب في «المسند» (ص117)، والجوهري في «مسند الموطأ» (ص578)، وابن أبي إياس في «العلم» (ص111)، والحدثاني في «الموطأ» (ص615)، وابن سمعون في «الأمالي» (ص281)، والجورقاني في «الأباطيل» (104)، والبزار في «المسند» (2422)، وابن العديم في «تاريخ حلب» (ج3 ص1373)، والجهضمي في «مسند حديث مالك» (ص21)، والصوري في «أخبار الشيوخ» (ص358)، وابن المسلمة في «الأمالي» (ص191)، وابن البطر في «جزئه» (ص313)، وتمام في «الفوائد» (ج1 ص324)، والشجري في «الأمالي» (ج1 ص40)، والمحاملي في «أماليه» (369)، والأزدي في «الأوهام» (ص55)، والطيوري في «الطيوريات» (ج1 ص20)، والإسكندري في «الأربعين» (ص491)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج2 ص909)، ودانيال في «مشيخته» (ق/85/ط)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص66)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج1 ص345)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص177)، وابن ظهيرة في «مشيخته» (ج2 ص752)، وابن جماعة في «مشيخته» (ج1 ص201)، وابن المظفر في «غرائب مالك» (ص142)، وابن أبي عيسى في «اللطائف» (ص199)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (254)، وابن جميع في «معجم الشيوخ» (156)، والرافعي في «التدوين» (ج3 ص130)، وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ص110)، وابن النجار في «ذيل تاريخ بغداد» (ص38)، والعلائي في «إثارة الفوائد» (ج2 ص451)، وابن اللتي في «مشيخته» (ص437)، والقاضي الشريف في «حديثه» (ق/13/ط)، ونصر المقدسي في «الحجة» (ج2 ص565)، وابن أبي نصر في «الأربعين من مسانيد المشايخ العشرين» (ص197)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ج1 ص274)، وفي (ق/58/ط)، وأبو القاسم الدمشقي في «الفوائد» (ص42)، وابن مردويه في «المنتقى» (ص241)، والفربري في «زوائده على صحيح البخاري» (ج1 ص194)، وابن رشيق في «جزئه» (ص56)، وابن نقطة في «تكملة الإكمال» (ج2 ص376)، والدبيثي في «ذيل تاريخ مدينة السلام» (ج4 ص109)، وعبد الغني المقدسي في «العلم» (ص84)، والعصمي في «جزئه» (ص125)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط» (ج3 ص376)، و(ج5 ص65) من طريق عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو به.

وأخرجه مسلم في «صحيحه» (673)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (2322)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص210)، وابن عدي في «الكامل» (ج5 ص1965)، وعبد الرزاق في «المصنف» (20481) من طرق عن ابن عمرو به.

وأخرجه النقاش في «الفوائد العراقيين» (ص70)، وابن المقرئ في «المعجم» (ص193) من طريق عبد الغفار بن الحسن عن سفيان الثوري عن الأعمش عن خيثمة عن عبد الله بن عمرو به.

قلت: وإسناده فيه عبدالغفار بن الحسن وفيه كلام، لكنه توبع.

7) وعن عمرو بن قيس الكندي، قال: سمعت: عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: (من أشراط الساعة أن يظهر القول، ويخزن العمل، ويرتفع الأشرار، ويوضع الأخيار، وتقرأ المثاني([34]) عليهم, فلا يعيبها أحد منهم قال: قلت: ما المثاني؟ قال: كل كتاب سوى كتاب الله). يعني: كتب المخالفين في الدين.

حديث صحيح

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج15 ص165)، ونعيم بن حماد في «الفتن» (ج1 ص243)، وابن وضاح في «البدع» (ص148)، والداني في «السنن الواردة في الفتن» (ج4 ص799)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج9 ص415)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص554)، والطبراني في «مسند الشاميين» (ج1 ص267)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج13 ص593)، والدارمي في «المسند» (493)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج4 ص281) من عدة طرق عن عمرو بن قيس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وإن كان الحديث موقوفا؛ لكن له حكم الرفع، لأن مثله لا يقال بالرأي.

قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني / في «الصحيحة» (ج6 ص775): (هذا الحديث من أعلام نبوته ه ، فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء، وبخاصة منها ما يتعلق بـ(المثناة) وهي كل ما كتب سوى كتاب الله؛ كما فسره الراوي، وما يتعلق به من الأحاديث النبوية، والآثار السلفية، فكأن المقصود بــ(المثناة) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين-وعلى الحزبيين- التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله، وسنة رسوله ه؛ كما هو مشاهد اليوم مع الأسف من جماهير المتمذهبين، وفيهم كثير من الدكاترة، والمتخرجين من كليات الشريعة، فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب، ويوجبونه على الناس حتى العلماء منهم!.. فقد جعلوا المذهب أصلا، والقرآن الكريم تبعا، فذلك هو (المثناة) دون ما شك، أو ريب). اهـ

قلت: وكذلك المقصود بــ(المثاني، أو المثناة) الكتب الحزبية الفكرية المفروضة على الحزبيين التي صرفتهم مع تطاول الزمن عن كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ه كما هو مشاهد اليوم... فقد جعلوا الحزب، أو الجمعية أصلا، والقرآن الكريم، والسنة النبوية تبعا ... فهي كتب فكرية مضلة سياسية.

8) وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (سمعت أنه يقال: لا تمكن رجلا زائغ القلب من أذنك).

أثر صحيح

أخرجه ابن محرز في «معرفة الرجال» (ص292) من طريق يحيى بن معين قال: حدثنا معن قال: قال مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الباجي في «المنتقى» (ج4 ص274)، والشاطبي في «الاعتصام» (ج1 ص131).

9) وعن الإمام مالك بن أنس / قال: (لرجل؛ يا هذا ما تلاعبت به فلا تلعبن بدينك! ([35]».

أثر صحيح

أخرجه الغضائري في «حديثه» (ص21)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1538)، واللالكائي في «الاعتقاد» (295) من طريقين عن القعنبي قال: قال مالك بن أنس به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: وهؤلاء الخطباء على معرفتهم بضعفهم في العلم والدين، فإنهم بلا حياء من الله تعالى، ومن خلقه يخطبون في الناس على أنهم من المشايخ، وهم: أبعد الناس من المشيخة، بل هم أجهل الناس، لأنهم وقعوا في الجهل المركب الذي هو أشد من الجهل البسيط، والله المستعان.

10) فعن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري t قال: قال رسول الله r: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج6 ص515)، وفي «الأدب المفرد» (ص206)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص252)، وابن ماجه في «سننه» (ج2 ص1400)، وأحمد في «المسند» (ج4 ص121 و122) و(ج5 ص273)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص192)، وفي «شعب الإيمان» (ج6 ص143)، وفي «الآداب» (ص132)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص336)، والدارمي في «الرد على المريسي» (ص173)، وابن الجوزي في «الحدائق» (ج2 ص546)، وفي «مشيخته» (ص86)، وفي «جامع المسانيد» (ج6 ص122)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص479)، وابن الجعد في «المسند» (ج1 ص464)، وابن الأبار في «المعجم» (ص148 و149)، والطيالسي في «المسند» (ص86)، وعبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (ج5 ص273)، وابن فاخر في «مجلس من أماليه» (ص482)، وأبو بكر الأنصاري في «المشيخة الكبرى» (ج2 ص600)، وفي «المشيخة الصغرى» (ص24)، والقاسم الثقفي في «الأربعين» (ص220)، وأبو طاهر السلفي في «الأربعين البلدانية» (ص49)، والغطريفي في «جزئه» (ص122)، وتمام في «الفوائد» (1086)، والمزي في «تهذيب الكمال» (2/ق/742/ط)، ونجم الدين النسفي في «علماء سمرقند» (ص298)، وابن النقور في «مشيخته» (ص79)، وابن نجيد السلمي في «حديثه» (1003)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص370)، و(ج8 ص124)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج10 ص304 و356)، و(ج6 ص114 و115)، و(ج3 ص100)، وابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (ص18)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص173)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص395)، والنعال البغدادي في «مشيخته» (ص93)، وصدر الدين البكري في «الأربعين» (ص97)، وأبو نصر البقال في «حديثه» (ص45)، وابن البخاري في «مشيخته» (ج3 ص1844)، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص189)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج7 ص495)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج40 ص508 و509) و(ج46 ص301) و(ج64 ص63)، وفي «معجم الشيوخ» (ج1 ص479)، والشجري في «الأمالي» (ج2 ص196)، والسمان في «مشيخته» كما في «التدوين في أخبار قزوين» للرافعي (ج1 ص468)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (ج2 ص187 و188)، وابن قدامة في «التوابين» (ص237)، وابن عدي في «الكامل» (ج6 ص2102)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص3)، وفي «روضة العقلاء» (ص57)، والإسماعيلي في «المعجم» (ج2 ص629 و630)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص68 و69)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج3 ص164)، وفي «المعجم الكبير» (ج17 ص236 و237)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج2 ص99)، وفي «السير» (ج1 ص259) و(ج16 ص102)، وأبو الشيخ في «الأمثال» (ص122)، وفي «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج4 ص235)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص343 و357 و395)، وابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج2 ص561)، وابن طولون في «الفهرست الأوسط» (ج1 ص245)، والأسكداري في «طنين المجلجلات» (ق/47/ط)، والسخاوي في «الجواهر المكللة» (ص199 و200)، وأبو عمرو الداني في «علوم الحديث» (70)، و(71)، والعبدري في «رحلته» (ص110)، وأبو الحسن الإخميمي في «الفوائد المنتقاة» (ق/2/ط)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص267)، وأبو الليث السمرقندي في «تنبيه الغافلين» (ص223)، ومحمد عابد في «حصر الشارد» (ج2 ص663)، والقطيعي([36]) في «زوائد المسند» (ج5 ص673)، وابن الدبيثي في «ذيل تاريخ بغداد» (ج2 ص257 و372)، و(ج3 ص342 و511)، وابن نقطة في «معرفة رواة السنن» (ص604)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج3 ص86)، وأبو عبيد في «غريب الحديث» (ج3 ص31)، وفي «حديثه» (ص146)، والخلدي في «الفوائد» (ص177)، وأبو زكريا ابن نصر في «مجلسين من أماليه» (ق/9/ط)، والفهري في «استنزال السكينة» (ص55)، والأيوبي في «المناهل» (ص196)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج11 ص4034) من طرق عن منصور بن معتمر عن ربعي بن حراش عن أبي مسعود t به.

وقوله r: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى)؛ يشير النبي r إلى أن هذا مأثور عن الأنبياء المتقدمين، وأن الناس تداولوه بينهم، وتوارثوه عنهم قرنا بعد قرن.

وهذا يدل على أن النبوة المتقدمة جاءت بهذا الكلام، وأنه اشتهر بين الناس حتى وصل إلى أول هذه الأمة.([37])

إذا الحياء مما أثر عن الأنبياء السابقين، وتداوله الناس وتوارثوه قرنا بعد قرن.

قلت: وهذا يدل على اتفاق الأنبياء على هذا الأمر، وما اتفاقهم إلا لفضل الحياء، وذم فاقده.

وقوله r: «فاصنع ما شئت»؛ هو أمر بمعنى الخبر، أو هو للتهديد، والوعيد؛ أي: اصنع ما شئت فإن الله يجزيك، أو إذا لم يكن لك حياء فاعمل ما شئت فإن الله يجازيك عليه.([38])

قال الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج3 ص2198): (معنى قوله r: (النبوة الأولى)؛ أن الحياء لم يزل ممدوحا على ألسن الأنبياء الأولين ومأمورا به، لم ينسخ فيما نسخ من الشرائع، فالأولون والآخرون فيه على منهاج واحد.

وقوله r: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)؛ فإن لفظه لفظ أمر ومعناه الخبر. يقول: إذا لم يكن لك حياء يمنعك من القبيح صنعت ما شئت، يريد ما تأمرك به النفس وتحملك عليه مما لا تحمد عاقبته، وحقيقته: من لم يستح صنع ما شاء). اهـ

وبوب عليه الإمام البخاري / في «صحيحه» (ج10 ص523) باب: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.

قال تعالى: ]اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت:40].

قلت: وإذا لم يكن فيك حياء صنعت ما شئت والله المستعان.([39])

قال الخطابي /: (الحكمة في التعبير بلفظ الأمر دون الخبر في الحديث: أن الذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء، فإذا تركه صار كالمأمور طبعا بارتكاب كل شر).([40])([41]) اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح الأربعين النووية» (ص210): (والحياء نوعان: الأول: فيما يتعلق بحق الله U. والثاني: فيما يتعلق بحق المخلوق. أما الحياء فيما يتعلق بحق الله U فيجب أن تستحي من الله U أن يراك حيث نهاك، وأن يفقدك حيث أمرك، وأما الحياء من المخلوق فأن تكف عن كل ما يخالف المروءة، والأخلاق). اهـ

وقال ابن رجب / في «جامع العلوم» (ص497): (وقوله r: «إذا لـم تستح فاصنع ما شئت»؛ في معناه قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمر أن يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان:

أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن حياء، فاعمل ما شئت، فالله يجازيك عليه، كقوله تعالى: ]اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت:40].

والطريق الثاني:أنه أمر، ومعناه الخبر، والمعنى: أن من لم يستحي، صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح هو الحياء، فمن لم يكن له حياء، انهمك في كل فحشاء، ومنكر.

والقول الثاني: في معنى قوله r: (إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت): أنه أمر بفعل ما يشاء على ظاهر لفظه، وأن المعنى: إذا كان الذي تريد فعله مما لا يستحيا من فعله لا من الله، ولا من الناس، لكونه من أفعال الطاعات، أو من جميل الأخلاق، والآداب المستحسنة، فاصنع منه حينئذ ما شئت). اهـ

وقوله r: (النبوة الأولى)؛ أن الحياء لم يزل أمره ثابتا، واستعماله واجبا منذ زمان النبوة الأولى، وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحث عليه، وأنه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد علم صوابه، وبان فضله، واتفقت العقول على حسنه، وما كان هذا صفته: لم يجز عليه النسخ والتبديل.([42])

قلت: فمن أراد أن يقتدي بالأنبياء عليهم السلام فليستحي من الله تعالى من قبيح الأمور([43])... لأن الحياء مانع من الأعمال القبيحة كـ(الكذب) وغيره.

قلت: والشرائع السابقة للأنبياء جاءت بالفضيلة، ونهت عن الرذيلة... فهم متفقون على الحياء.

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

درة نادرة بئس خطيب الجماعة؛ لأنه شر في الدين..........................................

5

2)

المقدمة.........................................................................................................................

7

3)

المقصود الشرعي من خطبة الجمعة هو تبيين أصول الإسلام........................

8

4)

ذكر تبيين جهل الخطباء في البلدان الإسلامية................................................

10

5)

تحذير الشرع من خطباء المنابر..........................................................................

11

6)

الخطباء أهل مكر وخديعة وخيانة للمسلمين...................................................

16

7)

ذكر الدليل على تحذير الشارع من الخطباء الجهال في هذا العصر، وما ترتب لهم من الخذلان في الحياة الدنيا، والوعيد الشديد بالعذاب بالنار يوم القيامة وأن صعود هؤلاء على المنبر ووعظهم الناس علامة من علامات الساعة، وذلك لتدخلهم في الدين بغير علم وبصيرة في الدعوة إلى الله تعالى، ولما أحدثوا من الفوضى في الخطابة أيام الجمع عن طريق أحزابهم...................................................................................................................

19

8)

ذكر الدليل على أن أكثر خطب الخطباء من وصي الشيطان لهم..............

20

9)

ذكر الدليل على أن أكثر خطب الخطباء تشبه السحر الخبيث................

20

10)

ذكر الدليل أن الله تعالى يبغض هؤلاء الخطباء الجهلة، لأنهم يتكلمون في دينه بغير علم......................................................................................................

22

11)

ذكر الدليل على أن هؤلاء الخطباء بسبب جهلهم في الإسلام شبههم الرسول ه بالبقر التي لا تفهم ........................................................................

22و25

12)

ذكر الدليل على تحذير النبي ه من الخطيب الجاهل الذي يتكلم في الدين بغير علم، ولا كتاب منير، وأنه ه حذره أن لا يخطب ولا يصعد المنبر ليخطب بالناس، وليس أهل للخطابة......................................................

26

13)

ذكر الدليل على أن أكثر الخطباء الذين يخطبون في البلدان الإسلامية من أشراط الساعة....................................................................................................

30

14)

ذكر الدليل على أن هؤلاء الخطباء الجهلة من أهل النار، وأن سوف تقرض ألسنتهم بمقارض من حديد من نار بسبب أنهم خطبوا الناس بجهل في الدين وخدعوهم، ومكروا بهم وخانوهم ويقولون ما لا يفعلون ويقرؤون القرآن ولا يعملون به وأنهم مسكوا المنابر من أجل جمعياتهم الضالة ومن أجل السيطرة على المساجد فأحدثوا الفوضى في الخطابة أيام الجمع..............................................................................................................

32

15)

ذكر الدليل أن هؤلاء الخطباء من خطباء السوء ومن رؤوس العصابات الموجودة في البلدان الإسلامية.............................................................................

39

16)

ذكر الدليل على أن كتب الخطباء من الكتب البدعية لأنها لم تكتب على السنة...............................................................................................................

44

17)

تحذير الإمام مالك رحمه الله من هؤلاء الخطباء الجهلة لأنهم من أهل الزيغ في الدين........................................................................................................

45

18)

هؤلاء الخطباء يلعبون على عقول العامة الرعاع..............................................

46

19)

هؤلاء الخطباء فقدوا الحياء فلا تنظروا منهم خيرا.......................................

46

20)

فائدة أثرية في الحياء.............................................................................................

49

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) هذا ملخص هدي النبي ه في الخطبة الذي أرسله ربه إلى الناس ليقتدروا، ويتأسوا به في أقواله وأفعاله، فهديه هو المقصود الشرعي من الخطبة.

([2]) وما دام الأمر كذلك؛ فلا يشرع للخطيب أن يخرج بخطبته عن هذا المنهج النبوي، والمقصود الشرعي، بل عليه أن يلتزم به، فلا يخرج عنه إلى مقاصد أخرى، كالموضوعات التي تخالف منهج السلف الصالح، أو التي تثير الفتنة بين الحكام وشعوبهم، والخلاف والعداوة بين المسلمين، أو الدخول في قضايا لا علاقة لعامة الناس بها، أو ليس من المصلحة الكلام فيها، أو ليس فيها فائدة تذكر، أو نحو ذلك.

([3]) ما أعظمه من منهج، وما أحوجنا إلى الالتزام به؛ لكي تؤدي الخطب المقصود منها، وتصل إلى قلوب الناس، فتستنير وتحيا حياة طيبة، وفق شرع الله تعالى، وسنة نبيه ه، ومنهج السلف الصالح.

([4]) وذلك أن هؤلاء الخطباء يخطبون من أجل أحزابهم السياسية البدعية.

([5]) فخلت الساحة الإسلامية من خطباء طلبة علم فقهاء في البلدان الإسلامية، والله المستعان.

([6]) وذلك إما عجزا عن إعداد الخطبة العلمية، وإما تكاسلا، وإما جهلا!.

        ولا شك أن هذا تقصير في اعداد الخطبة العلمية، وخطأ يجب تصحيحه بإزالة هذا الصنف من الخطباء فوق المنابر.

       وانظر: «السنن والمبتدعات» للشيخ علي محفوظ (ص76).

([7]) من ذكرهم الأحاديث الضعيفة والمنكرة وغيرها.

([8]) وانظر: «زاد المعاد» لابن القيم (ج1 ص89).

([9]) وتجدر الإشارة إلى أن هذا الأمر قد قل، فلا ترى خطيبا فقيها بالكتاب والسنة والآثار في البلدان الإسلامية.

      لذلك يجب إقامة دورات للخطباء وفق الكتاب والسنة والآثار، ووضع ضوابط لتعيين الخطباء من ضمنها القدرة الجيدة على إعداد الخطبة العلمية وتنقيحها من الأحاديث الضعيفة، والآراء البدعية، والأفكار المشبوهة، والأحكام التقليدية، وإلا خرجت الخطبة عن مقصودها الشرعي.

([10]) كـ(الذين يخرجون مسيرات في الشوارع مع الفساق، والنساء من أجل المقاطعة وغيرها زعموا)؛ فهؤلاء وإن نسبوا إلى العلم فنسبتهم صورية شكلية لا أثر لها في الحقيقة، لأن أهل العلم عليهم وقار، وسمت لا يخرجون في الشوارع هكذا ويمنعهم علمهم وحياؤهم من هذا الفعل المنحط.

([11]) الرويبضة: تصغير الرابضة، وهو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور، وقعد عن طلبها، كما قعد المتعالم عن طلب العلم، ومع هذا يتصدر.

     وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص185).

([12]) يقصد بذلك الرجل المتعالم الجاهل الذي يتكلم في أحكام الدين بلا علم كـ (السياسي، والمثقف، والجامعي، والدكتور، والمفكر...)، وللأسف أن هذا الرجل الجاهل يؤتمن على الأعمال الخيرية، والمسئولية، ومساجد الله، من خطابة، وإمامة، وتأذين، فيؤتمن الخائن، ويخون الأمين، والله المستعان.

     وانظر: «التعالم» للشيخ بكر بن عبد الله (ص6).

([13]) والتافه: الخسيس الحقير.

     وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج2 ص185).

([14]) قلت: وقد سقط إسحاق من بعض الأسانيد؛ فتنبه.

([15]) وهم دعاة العقل، والفكر الفاسد الذين يزعمون بفقه التجديد، والعصر المناسب، والله المستعان.

([16]) قلت: فإن من رام نصر الإسلام بغير أصوله؛ فإنما يزيد الجرح ألما، اللهم سلم سلم.

([17]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج6 ص240).

([18]) وهم: «خطباء الإخوانية»، و«خطباء التراثية الحزبية»، و«خطباء الصوفية»، و«خطباء السرورية»، و«خطباء القطبية»، و«خطباء الأزهرية»، و«خطباء الداعشية»، و«خطباء اللادنية»، و«خطباء الربيعية»، و«خطباء التبليغية»، و«خطباء الأشعرية»، و«خطباء العقلانية» وغيرهم.

     وهؤلاء أدخلوا في الإسلام فوضاتهم عن طريق خطبهم الفوضوية.

([19]) قلت: انظروا ماذا يصنع قلة الفقه اللهم غفرا.

([20]) وانظر: «فضل علم السلف على علم الخلف» لابن رجب الحنبلي (ص21 و24 و38).

([21]) قوله r (إن من البيان لسحرا)؛ يعني: إن منه لنوعا يحل من المعقول، والقلوب في التمويه محل السحر... فإن الساحر بسحره يزين الباطل في عين المسحور حتى يراه حقا، فكذا المتكلم بمهارته في البيان، وتقلبه في البلاغة، وترصيف النظم، يسلب عقل السامع، ويشغله عن التفكير فيه والتدبر، حتى يخيل إليه الباطل حقا والحق باطلا، فتستمال به القلوب؛ كما تستمال بالسحر.

    وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج10 ص337)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج12 ص571)، و«عمدة القاري» للعيني (ج17 ص426)، و«تهذيب السنن» لابن القيم (ج7 ص292)، و«أعلام الحديث» للخطابي (ج3 ص1976).

([22]) روايته أخرجها في «الزهد» (302).

     وأخرج الحديث ابن أبي الدنيا في «الصمت» (723) من طريق أبي قتيبة عن نافع بن عمر به.

([23]) قوله (تتخلل)؛ ويجوز أن تقول (يتخلل): فتحتمل الفوقية والتحتية، وهما صحيحان من جهة اللغة العربية لأن (البقر) اسم جنس جمعي، يجوز تذكير الفعل وتأنيثه.

([24]) قوله (نعم) جواب (أليس) والأحسن: أن يكون جوابها: (بلى) غير أن الجواب بـ(نعم) جائز في مثل هذا الموضع على قلة، لأن الاستفهام المتقدم على النفي في (أليس) استفهام تقريري، أي: كأن السائل قال: (لقد حدثتنا عن أبي الوليد...) فالكلام في معناه: إيجاب فمن هنا ساغ الجواب بـ(نعم).

    ونعم: حرف جواب، ويكون تصديقا للمخبر في جواب الخبر... ووعدا للطالب في جواب الأمر، أو النهي... وإعلاما للسائل في جواب الاستفهام.

    وقد ذهب جماعة من متقدمي النحاة ومتأخريهم إلى: أن النفي إذا سبق باستفهام، فإن كان الاستفهام على حقيقته، أي: استفهاما عن النفي، فجوابه: كجواب النفي المجرد من الاستفهام، أي: تدخله (نعم) لتقرير النفي، وتدخله (بلى) لتكذيب النفي، وإفادة الإثبات، وإن كان الاستفهام تقريريا؛ أي: يراد به تقرير ما بعد النفي، فالأكثر الغالب أن يجاب بما يجاب به النفي، أي: (نعم) لتقرير النفي، و(بلى) لتكذيب النفي، وإفادة الإثبات مراعاة للفظه، ويجوز عند أمن اللبس أن يجاب بما يجاب به الإيجاب، أي: (نعم) في الحالتين مراعاة لمعناه.

    وانظر: «مغني اللبيب» لابن هشام (ج4 ص302)، و«معجم الوسيط» (ص935)، و«مختصر مغني اللبيب» لشيخنا الشيخ محمد العثيمين (ص39 و121).

    قال الفيومي / في «مصباح المنير» (ص316): (وقولهم في الجواب (نعم) معناها (التصديق) إن وقعت بعد الماضي، نحو: (هل قام زيد؟، و(الوعد) إن وقعت بعد المستقبل، نحو: (هل تقوم).         

    قال سيبويه (نعم) عدة وتصديق.

    قال ابن بابشاذ: يريد أنها عدة في الاستفهام، وتصديق للإخبار، ولا يريد اجتماع الأمرين فيها في كل حال.

    قال النيلي: وهي تبقي الكلام على ما هو عليه من إيجاب، أو نفي، لأنها وضعت لتصديق ما تقدم من غير أن ترفع النفي وتبطله فإذا قال القائل: ما جاء زيد، ولم يكن قد جاء، وقلت في جوابه: (نعم) كان التقدير: (نعم ما جاء) فصدقت الكلام على نفيه، ولم يبطل النفي كما تبطله (بلى) وإن كان قد جاء قلت في الجواب (بلى) والمعنى قد جاء (فنعم) تبقي النفي على حاله، ولا تبطله، وفي التنزيل: ﴿ألست بربكم قالوا بلى﴾ [الأعراف:172] ولو قالوا: (نعم) كان كفرا إذ معناه: نعم لست بربنا لأنها تزيل النفي بخلاف (بلى) فإنها للإيجاب بعد النفي). اهـ

([25]) انظر: «النهاية» لابن الأثير (ج2 ص73) و«القاموس المحيط» للفيروز آبادي (ج1 ص375).

([26]) انظر «معالم السنن» للخطابي (ج7 ص228) و«تهذيب السنن» لابن القيم (ج7 ص291).

([27]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج6 ص159) و«خطبة الحاجة» للشيخ الألباني (ص17) و«المفهم» لأبي العباس القرطبي (ج2 ص511).

([28]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ص13 ص301).

([29]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص16).

([30]) وهؤلاء الخطباء هم أهل الدنيا كـ (السياسيين) وغيرهم ممن كانوا يأمرون الناس بالبر، وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب والسنة، ولا يعقلون ما يقولون، والعياذ بالله.

     وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج1 ص149).

([31]) فكيف يليق بكم يا معشر الخطباء، وأنتم تأمرون الناس بالبر أن تنسوا أنفسكم فلا تأتمروا بما تأمرون الناس به، وأنتم مع ذلك تتلون الكتاب والسنة، وتعلمون ما فيهما على من قصر في أوامر الله، أفلا تعقلون ما أنتم صانعون بأنفسكم فتنتهوا من رقدتكم وتتبصروا من عمايتكم.

     وانظر: «تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص336).

([32]) انظر: «تحذير السالكين من أصناف المغترين» لأبي أنس السيد (ص37).

([33]) كـ(الذين يخرجون مسيرات في الشوارع مع الفساق، والنساء من أجل المقاطعة وغيرها زعموا)؛ فهؤلاء وإن نسبوا إلى العلم فنسبتهم صورية شكلية لا أثر لها في الحقيقة، لأن أهل العلم عليهم وقار، وسمت لا يخرجون في الشوارع هكذا ويمنعهم علمهم وحياؤهم من هذا الفعل المنحط.

([34]) قلت: وتقرأ كتب ربيع المثناة على رؤوس «الربيعية»، ولا يعيبها أحد من الربيعيين!، ولا يوجد من يغيرها، بل هذه الكتب المثناة تتلى عليهم في «شبكة سحاب»، وهذه الكتب المخالفة للشرع من أشراط الساعة!؛ نعوذ بالله من الخذلان. 

([35]) قلت: وهؤلاء الخطباء يلعبون في الدين، والعياذ بالله.

([36]) وعزاه للقطيعي ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج11 ص268).

       وعزوه إلى عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» فهو خطأ.

([37]) انظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص497) و«شرح الأربعين النووية» لشيخنا الشيخ محمد العثيمين (ص206).     

([38]) انظر: «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (ص498) و«معالم السنن» للخطابي (ج7 ص172)، و«أعلام الحديث» له (ج3 ص2198)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج9 ص299)، و«عمدة القاري» للعيني (ج13 ص120)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج21 ص236)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص496)، و«تحفة الباري» للأنصاري (ج6 ص102)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج5 ص177).    

([39]) انظر: «شرح الأربعين النووية» لشيخنا الشيخ محمد العثيمين (ص207).

([40]) قلت: فلما ترك الخطيب الحياء ارتكب الشرور والعياذ بالله.

([41]) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج6 ص523).

([42]) انظر: «معالم السنن» للخطابي (ج7 ص171 و172)، و«شرح الأربعين» للنووي (ص95)، و«التعيين في شرح الأربعين» للطوفي (ص168)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج9 ص299)، و«عمدة القاري» للعيني (ج13 ص120)، و«الكواكب الدراري» للكرماني (ج21 ص236)، و«إرشاد الساري» للقسطلاني (ج7 ص496)، و«تحفة الباري» للأنصاري (ج6 ص102)، و«مرقاة الصعود» للسيوطي (ج5 ص177).    

([43]) والخطيب بغشه للناس وكذبه عليهم، وغير ذلك فقد فقد الحياء؛ نعوذ بالله من الخذلان.

      قال النووي في «شرح الأربعين» (ص94): (إذا ترك المرء الحياء فلا تنتظرون منه خيرا). اهـ


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan