الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / النجوم السافرة في أن النبي صلى الله عليه وسلم هو إمام أهل الحديث في الدنيا والآخرة
النجوم السافرة في أن النبي صلى الله عليه وسلم هو إمام أهل الحديث في الدنيا والآخرة
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
«رب يسر وأعن بفضلك ورحمتك»
المقدمة
فإن الله تعالى قد امتن على الأمة بإرسال نبينا الكريم، بالمؤمنين رؤوف رحيم.
فقال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [آل عمران:164].
وقال تعالى: ]وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين[ [الأنبياء:107].
قلت: فأرسله بالهدى، ودين الحق ليظهره على الدين كله.
قال تعالى: ]هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون[ [التوبة:33].
قلت: وأوجب على الأمة اتباعه، وفرض عليها طاعته، بل قد جعل الله تعالى طاعته من طاعته.
فقال تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا[ [النساء:80].
قال الفقيه محمد سعيد المدني / في «رسالة الهدى» (ص29):
الحمد لله العظيــم الشــــان |
من أنزل القرآن ذا المثانـــي |
وحقق التوحيد والأحكامــا |
وبين الحـــلال والحرامــــــا |
أرسل بالهدى ودين الحــق |
رسولـــه ورحمـــة للخلـــق |
على الأنــام أوجـب اتباعــه |
فقـد أطــاع الله مـن أطاعــــه |
ومن عصاه فهو عاصـي الله |
مخالــف لـــه بـــلا اشتبــــاه |
صلــى عليــه الله بالســـــلام |
مؤيـــدا بالعــــز والإكـــــرام |
والآل والأصحاب والأتباع |
لهـــم بإحســـان وكـــل داع |
وبعــد: إن هـــذه الرســـــالة |
فيها اتباع صاحب الرســالة |
فقـــد أمرنـــا باتبـــاع هديــه |
في أمـره وننتهــي عن نهيـــه |
قال: «وما آتاكم الرســـول» |
قد ضل من عن هديه يميـل |
قلت: وطاعته ه تكون بفعل ما أمر، وترك ما عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله إلا بما شرع، ويتحقق ذلك بثلاثة أمور:
1) أن لا يعارض([1]) شيئا مما جاء به ه بشيء من الأهواء السارية في أهل البدع: من المنحرفين من المتكلمين الذين عارضوا الدين بعقولهم الفاسدة ... ومن المنحرفين من المنتسبين إلى الفقه؛ الذين عارضوا الدين بآرائهم الباطلة ... ومن المنحرفين من المنتسبين إلى التصوف؛ الذين عارضوا الدين بزهدهم السقيم ... ومن المنحرفين من المنتسبين إلى السياسة الفاشلة؛ الذين عارضوا الدين بالسياسة الغربية، ولم يلتفتوا إلى السياسة الشرعية.
2) ألا يتهم دليلا من أدلة الدين([2])؛ بحيث يظنه فاسد الدلالة، أو ناقص الدلالة، أو أن غيره كان أولى منه.
3) أن لا يجد إلى خلاف([3]) النص سبيلا البتة لا بباطنه ولا بظاهره، ولا بلسانه ولا بحاله، ولا بفعله ولا بقوله.([4])
والمقصود: أن مسلك الاتباع قام به أهل الحديث، فلا زالوا يغرسون لهذا الدين غرسا يقومون بالحق وبه يعدلون؛ يدعون الناس إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويأخذون بزمام الدعوة العلمية الإصلاحية لإحياء ما اندرس من معالم الدين، وشعائر الإيمان.
قلت: وهم في الناس: كالنجوم في السماء، يهتدى بهم في الظلماء، أثرهم في الأمة عظيم، وفضلهم عميم.
قال الحافظ الخطيب / في «شرف أصحاب الحديث» (ص78): (وأحق الناس بهذا الوصف أصحاب الحديث ومن اتبعهم). اهـ
وهذا الجزء اللطيف يبين أن رسول الله ه هو إمام أهل الحديث، فأظهر بذلك اختصاص أهل الحديث بهذه الفضيلة لاتباعهم الرسول صلى الله عليه وسلم، واتباعهم لآثار السلف([5]).
قلت: لذلك فعليك يا باغي الخير، وطالب النجاة بلا ضير أن تكون محدثا على الجادة السلفية.
قال الحافظ الخطيب / في «شرف أصحاب الحديث» (ص37): (وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيا تعكف عليه، سوى أصحاب الحديث، فإن الكتاب عدتهم، والسنة حجتهم، والرسول فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء، يقبل منهم ما رووا عن الرسول ه، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته). اهـ
وقال الإمام علي بن المديني / في حديث النبي ه: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم»: «هم أهل الحديث، والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ه، ويذبون عن العلم»([6]).
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «شرف أصحابالحديث» (ص39): (فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين، وصرف عنهم كيد المعاندين، لتمسكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين، فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ه لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى، قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظا ونقلا حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها، فهم الحفاظ لأركانها والقوامون بأمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها، فهم دونها يناضلون، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون). اهـ
هذا: وصلى الله وسلم عليه، وعلى آله وأصحابه الكرام البررة والأئمة؛ صلاة دائمة تكون لنا نورا من كل ظلمة، وتكشف عنا كل كربة وملمة([7]).
|
%%%
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن أهل الحديث إمامهم النبي ه في الدنيا والآخرة
اعلم رحمك الله أن إمامة النبي ه للناس عامة وخاصة؛ فالإمامة العامة تكون لجميع المسلمين، فهو ه إمامهم في الدنيا والآخرة، والإمامة الخاصة تكون لأهل الحديث منهم، وذلك لمعرفتهم بعلوم النبي ه جملة وتفصيلا، وإليك الدليل:
1) قال تعالى: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء :71].
قال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن العظيم» (ج3 ص56)؛ عند قوله عز وجل: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء :71]: (قال بعض السلف: هذا أكبر شرف (لأصحاب الحديث)؛ لأن إمامهم النبي صلى الله عليه وسلم). اهـ
وقال الحافظ السيوطي / في «البدور السافرة في أمور الآخرة» (ص73): (باب: لكل طائفة إمام يقدمهم: قال الله تعالى: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء :71] قال بعض السلف: هذا أكبر شرف «لأصحاب الحديث»؛ لأن إمامهم النبي صلى الله عليه وسلم). اهـ
وقال العلامة القاسمي / في «محاسن التأويل» (ج10 ص252)؛ عند قوله تعالى: ]يوم ندعو كل أناس بإمامهم[ [الإسراء :71]: (قالوا: فيه شرف «لأصحاب الحديث»؛ لأن إمامهم النبي ه). اهـ
قلت: لأن أهل الحديث أعلم الناس بمقاصد الرسول ه وسننه، وأيامه.
2) وقال الحسن بن محمد النسوي القومسي:
يـا سـادة عندهـم للمصطـفى نسـب |
رفقا بمن عندهم للمصطفى حسب |
أهل الحديث هم أهل الرسول وإن |
لـم يصحبـوا نفسـه أنفاسـه صحبـوا([8]) |
3) وعن الإمام الشافعي / قال: «إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث، فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي ه، فجزاهم الله خيرا، فهم حفظوا لنا الأصل، فلهم علينا فضل». وفي رواية: «إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث، فكأني رأيت النبي ه حيا».
أثر صحيح
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (393)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص109)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (86)، والذهبي في «السير» (ج10 ص69)، والبيهقي في «المدخل» (689)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص477)، ونظام الملك في «مجلسين من أماليه» (11)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص35)، والسخاوي في «البلدانيات» (ص183 و184).
وإسناده صحيح.
وذكره ابن حجر في «توالي التأنيس» (ص110)، وابن كثير في «مناقب الشافعي» (ص188).
4) وعن الإمام الفضيل بن عياض / قال: «إذا نظرت إلى رجل من أهل السنة، كأني أنظر إلى رجل من أصحاب رسول الله ه، وإذا رأيت رجلا من أهل البدع؛ فكأنما أرى رجلا من المنافقين».
أثر حسن
أخرجه ابن البناء الحنبلي في «الرد على المبتدعة» (ص26).
وإسناده حسن.
وذكره البربهاري في «شرح السنة» (ص133).
قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح السنة» (ص462) معلقا على أثر فضيل بن عياض: (إذا رأيت رجلا من أهل السنة...: لأنه تابع لهم، لأن من تبعهم صار منهم.
وإذا رأيت رجلا من أهل البدع...: إذا رأيت رجلا من أهل البدع والأهواء المخالفين لأهل السنة؛ فكأنما رأيت رجلا من المنافقين الذين كانوا يدعون الإسلام في الظاهر، وهم كفار في الباطن يريدون المخادعة، فأهل الأهواء، وأهل البدع فيهم شبه من المنافقين؛ لأنهم يظهرون الإسلام، ولكنهم يبتدعون، ولا يتبعون السنة، هذه صفة المنافقين). اهـ
5) وقال عبدة بن زياد الأصبهاني:
ديــن الـنبــي مـحـمــد أخــبــار |
نعـم المطيـة للفتــى الآثــار |
لا تخدعن عن الحديث وأهله |
فالرأي ليل والحديث نهار |
ولربما غلط الفتى سبل الهدى |
والشمس بازغة لها أنوار([9]) |
6) وعن الإمام أبي بكر بن عياش / قال: «أهل السنة في الإسلام مثل الإسلام في سائر الأديان».
أثر صحيح
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (1068)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص249)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص66)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص17) من طرق عن أبي بكر بن عياش به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وقال أبو محمد الدشتي([10]) / في «إثبات الحد لله» (ص100): (ولا يكون على وجه الأرض أحد أعلم بالكتاب والسنة من أصحاب الحديث، فمن يخالفهم، ولا يقول ما قالوه، ولا يعتقد ما اعتقدوه؛ فهو مبتدع ضال مضل). اهـ
وقال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص51): (فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من وجهته، وتتبعوه من مظانه، وتقربوا إلى الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله ه وطلبهم لآثاره وأخباره، برا وبحرا، وشرقا وغربا، يرحل الواحد منهم راجلا مقويا في طلب الخبر الواحد، أو السنة الواحدة حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة، ثم لم يزالوا في التنقير عن الأخبار والبحث لها، حتى فهموا صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي فنبهوا على ذلك حتى نجم الحق بعد أن كان عافيا، وبسق بعد أن كان دارسا، واجتمع بعد أن كان متفرقا، وانقاد للسنن من كان عنها معرضا، وتنبه عليها من كان عنها غافلا، وحكم بقول رسول الله ه بعد أن كان يحكم بقول فلان وفلان، وإن كان فيه خلاف على رسول الله ه). اهـ
لقد شرف الله أهل الحديث، وأكرمهم بحب السنة النبوية المطهرة، واحترامها، والاهتمام بها، واعتبارها مع القرآن مصدرا وحيدا لتعاليم الإسلام العقائدية، والتشريعية في العبادات، والمعاملات، وسائر جوانب الحياة؛ فشمروا عن ساعد الجد في حفظها، والحفاظ عليها، وتدوينها، والرحلات الطويلة الشاقة في سبيلها، وتمييز صحيحها من سقيمها، وتدوين أسماء رواتها، وبيان أحوالهم، من عدالة وضبط واتقان، أو ضعف وكذب وتدليس، وغير ذلك من أحوالهم، من أنواع الجرح والتعديل مما يتعلق بالأسانيد والمتون بدون مجاملة لأحد، لا تأخذهم في الله لومة لائم، وتلك ميزة خاصة لأمة محمد ه، امتازت بها على سائر الأمم، حققها الله على أيدي أئمة أهل الحديث، الذين أبدوا من الكفاءات العلمية المدهشة ما لا يلحقهم ولا يدانيهم فيها أهل أي علم من العلوم.([11])
قال الإمام أحمد/:
ديــن الـنبــي مـحـمــد أخــبــار |
نعـم المطيـة للفتــى الآثــار |
لا تخدعن عن الحديث وأهله |
فالرأي ليل والحديث نهار |
ولربما غلط الفتى سبل الهدى |
والشمس بازغة لها أنوار([12]) |
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «شرف أصحاب الحديث» (ص37): (وقد جعل الله تعالى أهله أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله من خليقته، والواسطة بين النبي ه وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائره، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة، وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيا تعكف عليه؛ سوى أصحاب الحديث، فإن الكتاب عدتهم، والسنة حجتهم، والرسول ه فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء، يقبل منهم ما رووا عن الرسول ه، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته، إذا اختلف في حديث، كان إليهم الرجوع، فما حكموا به، فهو المقبول المسموع، ومنهم كل عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلة،ومخصوص بفضيلة، وقارئ متقن، وخطيب محسن، وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر من كادهم خصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير). اهـ
وقال فضيلة الشيخ صديق حسن خان / في «نزل الأبرار» (ص161): (فهذه العصابة الناجية والجماعة الحديثية أولى الناس برسول الله ه يوم القيامة، وأسعدهم بشفاعته ه –بأبي هو وأمي- ولا يساويهم في هذه الفضيلة أحد من الناس). اهـ
وقال الحافظ ابن حبان / في «صحيحه» (ج3 ص192): (في هذا الخبر([13]) بيان جلي بأن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة يكون أصحاب الحديث). اهـ
قلت: فأقرب الناس من النبي ه يوم القيامة هم: أصحاب الحديث.
وقال الحافظ الخطيب / في «شرف أصحاب الحديث» (ص79): (قال لنا أبو نعيم: هذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها).([14])
وقال الحافظ أبو الشيخ / في «طبقات المحدثين» (ج4 ص224): (قال أبو جعفر محمد بن عبد الله الأرزناني: فيه دليل على تفضيل أصحاب الحديث).([15])
وقال الحافظ ابن حجر / في «جزئه» (ص44): (وبهذا يظهر اختصاص أصحاب الحديث بهذه الفضيلة؛ لاطلاعهم على ما يخفى على غيرهم من ذلك، ولملازمتهم لها في معظم تصرفاتهم؛ في أحوال مدارستهم، ومذاكرتهم، ومطالعتهم، وقراءتهم، وتعليقاتهم، وتنبيهاتهم).اهـ
وقال الحافظ الخطيب / في «شرف أصحاب الحديث» (ص39): (والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها –يعني: الشريعة- فهم الحفاظ لأركانها، والقوامون بأمرها وشأنها. إذا صدف عن الدفاع عنها؛ فهم دونها يناضلون، أولئك حزب الله؛ ألا إن حزب الله هم المفلحون). اهـ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على أن أهل الحديث والأثر هم أفضل الناس على وجه
الأرض في كل زمان، وذلك بشهادة النبي ه لهم،
ورفض الجماعات الحزبية
اعلم رحمك الله أن الرسول ه مدح أهل الأثر، ووصفهم بالخيرية.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي ه: يا رسول الله، أي الناس خير؟ قال: «أنا ومن معي» قال: فقيل له: ثم من يا رسول الله؟ قال: «الذين على الأثر» قيل له: ثم من يا رسول الله؟ قال: «فرفضهم».([16])
حديث حسن
أخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص155) من طريق صفوان، أخبرنا محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج3 ص243)، والآجري في «الشريعة» (1147) من طريق ليث –يعني: ابن سعد- عن محمد، عن أبيه العجلان، عن أبي هريرة، أنه قال: سئل رسول الله ه أي الناس خير؟ فقال: «أنا، والذين معي، ثم الذين على الأثر، ثم الذين على الأثر، ثم كأنه رفض من بقي».
وإسناده حسن.
وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص78)، وفي «الإمامة» (ص214)، والخلال في «السنة» (ص436) من طريق أبي عاصم عن محمد بن عجلان به.
وإسناده حسن.
وأخرجه الكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص372) من طريق أبي حمزة عن ابن عجلان عن أبيه به.
وإسناده حسن.
قال الكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص372): (ورد الخبر بقوله: من خير الناس؟ فقال: «أنا ومن معي» فوجب الحكم به، ويجوز أن يكون قوله ه: «لا يدرى أوله خير أم آخره» حكما، فيستوي آخر هذه الأمة بأولها في الخيرية، وذلك أن القرن الذي بعث فيهم رسول الله ه، إنما كانوا أخيارا؛ لأنهم آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، حين كفر به الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، ونصروه حين خذله الناس، وهاجروا وآووا ونصروا، وكل هذه الأفعال وجدت في آخر هذه الأمة).اهـ
قلت: ومدح السلف الصالح أهل الأثر.
فقال محمد بن سيرين: سمعت ابن عمر يقول: «لا يزال الناس على الطريق ما اتبعوا الأثر».
أثر صحيح
أخرجه البيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (ص194) من طريق علي بن سعيد العسكري، ثنا محمد بن سليمان بن حبيب، ثنا أزهر، عن ابن عون قال: سمعت ابن سيرين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن ابن سيرين / قال: «كانوا يقولون ما دام على الأثر فهو على الطريق».
أثر صحيح
أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص53 و54)، والالكائي في «أصول الاعتقاد» (ج1 ص55)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1049)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن الكبرى» (ص199) من طرق عن ابن عون عن ابن سيرين به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وعن سفيان الثوري / قال: «إنما الدين بالآثار».
أثر صحيح
أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص57)، والبيهقي في «المدخل» (ص200)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1049)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص264) من طريق عبد العزيز، أنا عبد الله بن المبارك عن سفيان به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وذكره المزي في «تهذيب الكمال» (ج14ص463)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1ص338).
وقال الإمام عبد الله بن داود رحمه الله: «ليس الدين بالكلام إنما الدين بالآثار».
أثر صحيح
أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص124) من طريق زيد بن أخزم قال: سمعت عبد الله بن داود به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا، وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا...
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد،
وعلى آله، وصحبه أجمعين،
وآخر دعوانا أن الحمد الله
رب العالمين
%%%
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة....................................................................................... |
5 |
2) |
نعمة إرسال النبي ه إلى الأمة........................................... |
5 |
3) |
وجوب اتباع النبي ه............................................................. |
5 |
4) |
طاعة النبي تكون بفعل ما أمر، وترك ما نهى وزجر........... |
6 |
5) |
لا يجوز أن يعارض المرء شيئا مما جاء به النبي ه........ |
6 |
6) |
أهل الحديث هم: الطائفة الناجية....................................... |
8 |
7) |
ذكر الدليل على أن أهل الحديث إمامهم النبي ه في الدنيا والآخرة............................................................................ |
11 |
8) |
أهل الحديث هم: اتباع الرسول ه .................................... |
12 |
9) |
أهل الحديث من خالفهم ضل في الدين............................... |
14 |
10) |
فضيلة أهل الحديث في الدين................................................ |
18 |
11) |
ذكر الدليل على أن أهل الحديث والأثر هم أفضل الناس على وجه الأرض في كل زمان، وذلك بشهادة النبي ه لهم، ورفض الجماعات الحزبية.......................... |
20 |
فهرس الموضوعات
([2]) فمتى عرض له شيء من ذلك، فليتهم فهمه، وليعلم أن الآفة منه، والبلية فيه.
وكم من عائب قولا صحيحا |
|
وآفتــه مــن الفهــم السقيــم |
(2) فإن فعل وقع في النفاق؛ لأن هذا الأمر هو داع إلى النفاق.
(3) وانظر: «مدارج السالكين» لابن القيم (ج3 ص120 و123)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج1 ص226)، و«مفتاح الجنة» للسيوطي (ص16)
([5]) وانظر: «نزل الأبرار» للشيخ صديق حسن خان (ص176)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص84)، و«شرف أصحاب الحديث» للخطيب (ص37)، و«تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص51).
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص485)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص246)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص38).
وإسناده صحيح.