القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / الصفاء في تحذير السلف من زلات العلماء

2023-12-01

صورة 1
الصفاء في تحذير السلف من زلات العلماء

       
 

سلسلة

النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية

 

 
 
    شكل بيضاوي: 39

 

 

 

 

 

 

 

 

الصفاء

في

تحذير السلف من زلات العلماء

 

 

 

 

تأليف:

العلامة المحدث الفقيه

فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري

حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه

 

    

إعصار فيه نار

فتوى

العلامة الشيخ أحمد بن حجر آل بو طامي / 

في

شدة الخطر الذي يحيط بالمسلم إذا أخذ بزلات العلماء

في الدين

 

قال العلامة الشيخ أحمد بن حجر آل بو طامي / في «إعلام الأنام» (ص8): (ولو تتبع المسلم العاقل العارف بدينه زلات العلماء([1])؛ لأوشك أن يخرج من الدين!). اهـ

قال أبو عبد الرحمن الأثري: لأوشك أن يخرج من الدين، وهو لا يشعر؛ لأن البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة ولابد، وأخذ زلات العلماء عن طريق تقليدهم من البدع في الدين([2])، نعوذ بالله من الخذلان.

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج12 ص30): (أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه، ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام!). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

درة نادرة

الإمام القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف الريولي / 

لا يقلد في الدين

 

 

قال الحافظ ابن بشكوال / في «تاريخ علماء الأندلس» (ص374)؛ عن الريولي: (وكان / إماما مختارا، ولم يكن مقلدا، وكان عاملا بكتاب الله، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، متبعا للآثار الصحاح، متمسكا بها). اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

البرق الخاطف

في

أنه لا يلتفت إلى اختلاف المتأخرين بعد إجماع الصحابة رضي الله عنهم

 

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص105): (أن الاختلاف في الأفعال، والأقوال، والمذاهب كان في الصحابة موجودا، وهو عند العلماء أصح ما يكون في الاختلاف إذا كان بين الصحابة رضي الله عنهم.

وأما ما أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم، واختلف فيه من بعدهم فليس اختلافهم بشيء.([3])

وإنما وقع الاختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم بالتأويل المحتمل فيما سمعوه، أو رأوه، أو فيما انفرد بعلمه بعضهم دون بعض، أو فيما كان منه صلى الله عليه وسلم على طريق الإباحة في فعله لشيئين مختلفين في وقته). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «الاستذكار» (ج11 ص105): (أن الحجة عند الاختلاف سنة، وأنها حجة على ما خالفها([4])، وليس من خالفها عليها حجة). اهـ

    

قال تعالى: ]مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد[ [إبراهيم: 18].

فتوى

شيخ الإسلام ابن تيمية /

في

أن أهل البدع والأهواء أوتوا علوما، ولكنها ما أغنت عنهم علومهم من شيء؛ لأنها بنيت على الآراء الباطلة

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى» (ج5 ص119)؛ في المبتدعة: (أوتوا ذكاءا، وما أوتوا ذكاءا، وأعطوا فهوما، وما أعطوا علوما، وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة: ]فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون[ [الأحقاف: 26]). اهـ

* أوتوا ذكاءا: لكنهم لم يستعملوه في الحق، بل استعملوه في الباطل، فما اغنى عنهم ذكاؤهم من شيء، فلم يزكوا أنفسهم بالهدى من الله تعالى.

* وأعطوا فهوما: لكنهم وقعوا في الفهم السقيم، فانحرفوا عن الحق المبين.

* وما أعطوا علوما: يعني: علوما صحيحة توافق علم الكتاب، وعلم السنة، فوقعوا في الحيرة بسبب علومهم الباطلة؛ لأن علمهم في الدين قليل.

* وأعطوا سمعا وأبصارا وأفئدة: لكنهم لم يستفيدوا منها في الحياة، فضلوا ضلالا بعيدا.  

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

إلماعة أثرية

 

 

قال الحافظ أبو طاهر السلفي / ([5]):

إن عــــلـــــم الحـــــديـــث عــلـــم رجـــال

 

 

تــــركــــوا الابـــتـــــداع لـــــلإتـــبـــــــــــاع

فـــــإذا الـــلـــيــــل جـــنــــهــــم كــتــبــوه

 

 

وإذا أصـــبــــحــــوا عـــــدوا للــســمـــاع

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

    

وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت

المقدمة

 

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.

ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتاويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([6])

لقد حذر السلف من زلات العلماء، وذلك لخطرها على الأمة.

وإليك الدليل:

فعن عمر بن الخطاب t قال: (يهدم الإسلام ثلاثة: زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (أخاف عليكم بعدي ثلاثا، وبهن يهدم الإسلام: زلة عالم عهد الناس عنده علما، فاتبعوه على زلته، وجدال منافق بالقرآن لا يخطئ فيه واوا ولا ألفا، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (إن الإسلام اليوم في بناء، وإن له انهداما، وإن مما يهدمه: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (أما إن الزمان منهدم لثلاث ...).([7])

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «صفة المنافق» (30)، وابن المبارك في «الزهد» (520)، وفي «الرقائق» (1460)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص89) من طريق أبي حصين، عن زياد بن حدير به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص169)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص47)، والمروذي في «أخبار الشيوخ» (345)، والفريابي في «صفة المنافق» (29)، والذهبي في «السير» (ج11 ص463)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص574)، والآجري في «تحريم النرد» (ص93)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص527)، والمستغفري في «فضائل القرآن» (ج2 ص268)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، والعسكري في «المواعظ» (29405-كنز العمال)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص71)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص234) من طرق عن الشعبي عن زياد عن عمر بن الخطاب t به.

قلت: وهذا سنده صحيح أيضا.

وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج10 ص269)؛ وعزاه إلى آدم بن أبي إياس في «العلم»، ونصر المقدسي في «الحجة»، وجعفر الفريابي في «صفة المنافق».

وأورد ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص662) طرقه ثم قال: فهذه طرق يشد القوي منها الضعيف، فهي صحيحة من قول عمر بن الخطاب t.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج5 ص238)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص89)، و(ج5 ص133).

وقوله: (ويهدم الإسلام)؛ أي يزيل عزته.

وقوله: (زلة العالم)؛ أي: عثرته، بتقصير منه، أو اجتهاد منه.

وقوله: (وجدال المنافق)؛ الذي يظهر السنة، ويبطن البدعة.

وقوله: (بالقرآن)؛ وإنما خص؛ لأن الجدال به أقبح، وهو يؤدي إلى الكفر، وذلك لإفساده الدين.

وقوله: (وحكم الأئمة المضلين)؛ أي: على وفق أهوائهم، وإكراههم الناس عليه.([8])

وأخرجه أبو الجهم في «جزئه» (98)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص87)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص616) من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري t عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بن الخطاب t فقال: (إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلين يضلون الناس بغير علم).

وإسناده حسن في المتابعات.

قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج1 ص455): (قوله: (ما يهدم)؛ الهدم إسقاط البناء، وهدم الإسلام تعطيل أركانه الخمسة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) ([9]) الحديث، وتعطيله إنما يحصل من زلة العالم، وتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإتباع الهوى، ومن جدال المبتدعة وغلوهم في إقامة البدع بالتمسك بتأويلاتهم الزائغة، ومن ظهور ظلم الأئمة المضلين وحكم المزورين. وإنما قدمت زلة العالم لأنها هي السبب في الخصلتين الأخيرتين، كما جاء: (زلة العالم زلة العالم». اهـ

قلت: إن من أشر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة: عالم لا ينتفع بعلمه([10])، اللهم سلم سلم.

وبوب الحافظ البيهقي / في «المدخل» (ج2 ص870): باب ما يخشى من زلة العالم أو العمل.

وبوب الإمام ابن المبارك / في «الرقائق» (ج2 ص681): باب في زلة العالم.

قلت: وأكثر الناس يفتنون بزلة عالم، ولأن إذا زل العالم زل بزلته عالم كثير([11])، والعياذ بالله.

فعن الحسن البصري / قال: (لم يبق من العلم إلا غبرات([12]) قليل في أوعية سوء، فانظروا عمن تأخذوا دينكم).([13])

وبوب ابن أبي إياس / في «العلم» (ص162): باب أخذ العلم من غير أهله.([14])

قلت: وهؤلاء يضلون الناس ويحدثونهم بغير علم، والله المستعان.

فالعلماء الزائغون عن الحق، والمنافقون المجادلون المبتدعون هم الذين يضعفون أركان الإسلام، وذلك لإقامتهم البدع في الناس في البلدان الإسلامية.

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج2 ص570): (باب: التحذير من علماء السوء، ممن ترك كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، واعتمد على رأيه، وجلب الناس بمنطقه وتزين لهم بعلمه وزهده، وتصنع بقراءته وتعبده، وما يصدون بذلك عن الحق، ويقطعون عن الخير، ويمنعون من طلب العلم). اهـ

وعن وهيب بن الورد / قال: (ضرب مثل عالم السوء فقيل: مثل العالم السوء كمثل حجر وقع في ساقية، فلا هو يشرب من الماء، ولا هو يخلي عن الماء فيحيى به الشجر !).

أثر حسن

أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص571)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص140 و146)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (195) من طرق عن  محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت وهيب بن الورد به.

قلت: وهذا سنده حسن.

لذلك أحذركم من الفجار من المتعالمين، والجهال من المتعبدين، فإنه قد يقال للمرء أنه عالم وهو متعالم، وقد يقال للمرء عابد وهو جاهل!.

قلت: وإنما مثل هذا كالسائر على غير طريق صحيح؛ فإنه لم يزده الاجتهاد، والسرعة من الله تعالى إلا بعدا.([15])

قال العلامة حمد بن ناصر / في «الدرر السنية» (ج3 ص68): (من أراد الله فتنته، فلا حيلة فيه، بل لا تزيده كثرة الأدلة إلا حيرة، وضلالا). اهـ

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ويل للأتباع من زلة العالم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه فيلقى من هو أعلم منه برسول الله r منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص873)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص112)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص99)، وفي «الإيصال» (ص503)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص14) من طرق عن حماد بن زيد، عن المثنى بن سعيد، عن أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن معاذ بن جبل t قال: (أحذركم زيغة الحكيم يعني: العالم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.

قال يزيد بن عميرة الراوي عن معاذ-: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ... فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).

أثر صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص17)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص233)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص320)، والفريابي في «صفة المنافق» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (116)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص210)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (444)، وفي «الأسماء والصفات» (135)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج65 ص337)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص218 و219)، وعبد الرازق في «المصنف» (ج11 ص363)، والآجري في «الشريعة» (ص47)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص585)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص22)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج7 ص418)؛ في ترجمة: «يزيد بن خالد بن وهب الرملي»؛ وفي «السير» (ج1 ص456)، و(ج8 ص143)، وابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (70)، وجمال الدين الحنفي في «مشيخة ابن البخاري» (ج3 ص1840) من طرق عن الزهري قال: حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ؛ أن معاذا t كان يقول فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص226): (ومن هنا نعرف أن زلة العالم أشد من زلة غيره). اهـ

قال العلامة الشيخ أحمد بن حجر آل بو طامي / في «إعلام الأنام» (ص8): (ولو تتبع المسلم العاقل العارف بدينه زلات العلماء؛ لأوشك أن يخرج من الدين!). اهـ

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (اغد عالما أو متعلما، ولا تغد إمعة([16]) بين ذلك)؛ يعني: جاهلا.

أثر صحيح

أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3  ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص134)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج5 ص407)، وسعدان بن نصر في «جزئه» (140)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص188)، والخطيب في «التطفيل» (ص64 و65)، والحنائي في «الفوائد» (106)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1491)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص68)، والآمدي في «الإحكام» (ج6 ص234) من طريق سفيان بن عيينة، نا عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده حسن.

فحبذا العالم والمتعلم، وسائر الناس همج لا خير فيهم!.([17])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الجامع» (ج2 ص982): (وشبه العلماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير وإذا ثبت وصح أن العالم يخطئ ويزل لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه). اهـ

وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص453): (والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم؛ ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد؛ إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل قوله منزلة قول المعصوم؛ فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه، وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه، وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ - ولا بد - فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، والخطأ واقع منه ولا بد ... ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها؛ إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره؛ فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين، فإنه اتباع للخطأ على عمد، ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه، وكلاهما مفرط فيما أمر به). اهـ

قلت: وكان السلف يسمون المقلد؛ الأعمى الذي لا بصيرة له، وغير ذلك.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([18])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل([19])). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في«إعلام الموقعين» (ج3 ص462): (تحريم الإفتاء بالتقليد، فإنه إفتاء بغير ثبت؛ فإن الثبت الحجة التي يثبت بها الحكم باتفاق الناس). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «مداواة النفوس» (ص74): (المقلد راض أن يغبن([20]) عقله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص281): (فإن التقليد لا يورث إلا بلادة). اهـ

وقال العلامة ابن بدران / في «المدخل» (ص495): (التقليد يبعد عن الحق، ويروج الباطل). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «المناظرات الفقهية» (ص37): (فإن من اعتاد الجري على أقوال لا يبالي دل عليها دليل صحيح أو ضعيف، أو لم يدل يخمد ذهنه، ولا ينهض بطلب الرقي، والاستزادة في قوة الفكر والذهن). اهـ

وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص69): (ونبرأ إلى الله من دفع النصوص بالأقيسة والآراء). اهـ

قلت: فالتقليد أن يعتمد الإنسان في فهم الحكم من الدليل على غيره لا على نفسه.([21])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة([22])، قال الله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون[ [البقرة 170]، وفي المائدة([23])، وفي لقمان: ]أولو كان الشيطان يدعوهم([24])، وفي الزخرف: ]قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[ وفي الصافات: ]إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون[ [الصافات: 69-70]، وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 66-67]. وقال: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]، وقال تعالى: ]فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار[ [غافر: 47]، وفي الآية الأخرى: ]من عذاب الله من شيء[ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25]. فهذا الاتباع والتقليد الذي ذمه الله هو اتباع الهوى: إما للعادة والنسب كاتباع الآباء، وإما للرئاسة: كاتباع الأكابر، والسادة، والمتكبرين فهذا مثل تقليد الرجل لأبيه أو سيده أو ذي سلطانه ... وقد بين الله أن الواجب الإعراض عن هذا التقليد إلى اتباع ما أنزل الله على رسله؛ فإنهم حجة الله التي أعذر بها إلى خلقه ). اهـ

قلت: وهذه الآيات التي ساقها شيخ الإسلام ابن تيمية / للتدليل على فساد التقليد وذمه، قد استدل بها، وبما شابهها من القرآن كثير من العلماء.

قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي.([25])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص219): (قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل). اهـ

قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص261): (ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل، وتبين له الحق الذي جاء به الرسول r؛ فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص228): (وأما هدي الصحابة فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن فيهم شخص واحد يقلد رجلا واحدا في جميع أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة بحيث لا يرد من أقواله شيئا، ولا يقبل من أقوالهم شيئا، وهذا من أعظم البدع وأقبح الحوادث). اهـ

قلت: والإمام ابن القيم / لم يكن هو أول من قال إن هذا الأمر بدعة، ولا آخر من قال، اللهم غفرا.

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص236): (اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله؟، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون([26]) الفاضلة).اهـ

قلت: إذا: يحرم الأخذ بآراء العلماء المخالفة للكتاب والسنة، والله المستعان.

وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص347): (ولقد زل - بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال - أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل.

ولنذكر عشرة أمثلة: وبعد أن يذكر هذه الأمثلة يقول: فالحاصل مما تقدم أن تحكيم الرجال من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، وما توفيقي إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غير).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص251): (وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([27])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (وأمرهم بالرد عند التنازع إلى الله تعالى، والرسول r فأبطل الرد إلى إمام مقلد، أو قياس عقلي فاضل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم؛ إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص136): (إذا ثبت هذا، فلا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل:

منها: أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدا له وذلك؛ لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتدا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين.

ومنها: أنه لا يصح اعتمادها خلافا([28]) في المسائل الشرعية). اهـ

هذا ؛ والله أسأله أن يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم.

 

        كتبه

       أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

    

رب يسر، وتمم بالخير

ذكر الدليل

على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء([29]) التي اتخذتها: «الفرقة التقليدية» دينا في مذهبهم الباطل

 

عن عمر بن الخطاب t قال: (يهدم الإسلام ثلاثة: زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (أخاف عليكم بعدي ثلاثا، وبهن يهدم الإسلام: زلة عالم عهد الناس عنده علما، فاتبعوه على زلته، وجدال منافق بالقرآن لا يخطئ فيه واوا ولا ألفا، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (إن الإسلام اليوم في بناء، وإن له انهداما، وإن مما يهدمه: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (أما إن الزمان منهدم لثلاث ...).

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «صفة المنافق» (30)، وابن المبارك في «الزهد» (520)، وفي «الرقائق» (1460)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص89) من طريق أبي حصين، عن زياد بن حدير به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص169)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص47)، والمروذي في «أخبار الشيوخ» (345)، والفريابي في «صفة المنافق» (29)، والذهبي في «السير» (ج11 ص463)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص574)، والآجري في «تحريم النرد» (ص93)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص527)، والمستغفري في «فضائل القرآن» (ج2 ص268)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، والعسكري في «المواعظ» (29405-كنز العمال)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص71)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص234) من طرق عن الشعبي عن زياد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده صحيح أيضا.

وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج10 ص269)؛ وعزاه إلى آدم بن أبي إياس في «العلم»، ونصر المقدسي في «الحجة»، وجعفر الفريابي في «صفة المنافق».

وأورد ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص662) طرقه ثم قال: فهذه طرق يشد القوي منها الضعيف، فهي صحيحة من قول عمر بن الخطاب t.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج5 ص238)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص89)، و(ج5 ص133).

وقوله: (ويهدم الإسلام)؛ أي يزيل عزته.

وقوله: (زلة العالم)؛ أي: عثرته، بتقصير منه، أو اجتهاد منه.

وقوله: (وجدال المنافق)؛ الذي يظهر السنة، ويبطن البدعة.

وقوله: (بالقرآن)؛ وإنما خص؛ لأن الجدال به أقبح، وهو يؤدي إلى الكفر، وذلك لإفساده الدين.

وقوله: (وحكم الأئمة المضلين)؛ أي: على وفق أهوائهم، وإكراههم الناس عليه.([30])

وأخرجه أبو الجهم في «جزئه» (98)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص87)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص616) من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري t عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بن الخطاب t فقال: (إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلين يضلون الناس بغير علم).

وإسناده حسن في المتابعات.

قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج1 ص455): (قوله: (ما يهدم)؛ الهدم إسقاط البناء، وهدم الإسلام تعطيل أركانه الخمسة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) ([31]) الحديث، وتعطيله إنما يحصل من زلة العالم، وتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإتباع الهوى، ومن جدال المبتدعة وغلوهم في إقامة البدع بالتمسك بتأويلاتهم الزائغة، ومن ظهور ظلم الأئمة المضلين وحكم المزورين. وإنما قدمت زلة العالم لأنها هي السبب في الخصلتين الأخيرتين، كما جاء: (زلة العالم زلة العالم». اهـ

قلت: إن من أشر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة: عالم لا ينتفع بعلمه([32])، اللهم سلم سلم.

وبوب الحافظ البيهقي / في «المدخل» (ج2 ص870): باب ما يخشى من زلة العالم أو العمل.

وبوب الإمام ابن المبارك / في «الرقائق» (ج2 ص681): باب في زلة العالم.

 

قلت: وأكثر الناس يفتنون بزلة عالم، ولأن إذا زل العالم زل بزلته عالم كثير([33])، والعياذ بالله.

فعن الحسن البصري / قال: (لم يبق من العلم إلا غبرات([34]) قليل في أوعية سوء، فانظروا عمن تأخذوا دينكم).([35])

وبوب ابن أبي إياس / في «العلم» (ص162): باب أخذ العلم من غير أهله.([36])

قلت: وهؤلاء يضلون الناس ويحدثونهم بغير علم، والله المستعان.

فالعلماء الزائغون عن الحق، والمنافقون المجادلون المبتدعون هم الذين يضعفون أركان الإسلام، وذلك لإقامتهم البدع في الناس في البلدان الإسلامية.

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج2 ص570): (باب: التحذير من علماء السوء، ممن ترك كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، واعتمد على رأيه، وجلب الناس بمنطقه وتزين لهم بعلمه وزهده، وتصنع بقراءته وتعبده، وما يصدون بذلك عن الحق، ويقطعون عن الخير، ويمنعون من طلب العلم). اهـ

وعن وهيب بن الورد / قال: (ضرب مثل عالم السوء فقيل: مثل العالم السوء كمثل حجر وقع في ساقية، فلا هو يشرب من الماء، ولا هو يخلي عن الماء فيحيى به الشجر !).

أثر حسن

أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص571)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص140 و146)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (195) من طرق عن  محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت وهيب بن الورد به.

قلت: وهذا سنده حسن.

لذلك أحذركم من الفجار من المتعالمين، والجهال من المتعبدين، فإنه قد يقال للمرء أنه عالم وهو متعالم، وقد يقال للمرء عابد وهو جاهل!.

قلت: وإنما مثل هذا كالسائر على غير طريق صحيح؛ فإنه لم يزده الاجتهاد، والسرعة من الله تعالى إلا بعدا.([37])

قال العلامة حمد بن ناصر / في «الدرر السنية» (ج3 ص68): (من أراد الله فتنته، فلا حيلة فيه، بل لا تزيده كثرة الأدلة إلا حيرة، وضلالا). اهـ

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ويل للأتباع من زلة العالم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه فيلقى من هو أعلم منه برسول الله r منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص873)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص112)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص99)، وفي «الإيصال» (ص503)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص14) من طرق عن حماد بن زيد، عن المثنى بن سعيد، عن أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص90)،  و(ج5 ص134).

وعن معاذ بن جبل t قال: (أحذركم زيغة الحكيم يعني: العالم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.

قال يزيد بن عميرة الراوي عن معاذ-: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ... فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).

أثر صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص17)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص233)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص320)، والفريابي في «صفة المنافق» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (116)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص210)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (444)، وفي «الأسماء والصفات» (135)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج65 ص337)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص218 و219)، وعبد الرازق في «المصنف» (ج11 ص363)، والآجري في «الشريعة» (ص47)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص585)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص22)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج7 ص418)؛ في ترجمة: «يزيد بن خالد بن وهب الرملي»؛ وفي «السير» (ج1 ص456)، و(ج8 ص143)، وابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (70)، وجمال الدين الحنفي في «مشيخة ابن البخاري» (ج3 ص1840) من طرق عن الزهري قال: حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ؛ أن معاذا t كان يقول فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص981) من طريق ابن عجلان عن ابن شهاب أن معاذا t به.

وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص232) من طريق ابن عجلان عن الزهري أن أبا إدريس أن معاذا t به.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (227)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص466)، وابن وضاح في «البدع» (63) من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن يزيد بن عميرة به.

وأخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (117)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (27) من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال معاذ بن جبل t به.

وأخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص185)، و(ج3 ص59)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8581)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري به.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455).

قلت: فليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي r.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (اغد عالما أو متعلما، ولا تغد إمعة([38]) بين ذلك)؛ يعني: جاهلا.

أثر صحيح

أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3  ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص134)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج5 ص407)، وسعدان بن نصر في «جزئه» (140)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص188)، والخطيب في «التطفيل» (ص64 و65)، والحنائي في «الفوائد» (106)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1491)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص68)، والآمدي في «الإحكام» (ج6 ص234) من طريق سفيان بن عيينة، نا عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص541)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص109)، ووكيع في «الزهد» (ج3 ص829)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص140) من طريق الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله رضي الله عنه به.

قلت: وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ابن مسعود([39])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص163) من طريق معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه به.

قلت: وعبد الملك بن عمير لم يدرك ابن مسعود([40])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص99)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص137) من طريق أبي سنان ضرار بن مرة عن سهل القراري عنه.

قلت: وسهل القراري هذا مجهول([41])، وهو لم يدرك ابن مسعود أيضا.

وأخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص97)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص144) من طريق الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب به.

قلت: وهارون بن رئاب لم يسمع من ابن مسعود([42])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص126) من طريق الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (اغد عالما، أو متعلما ولا تغد بين ذلك).

قلت: وهذا سنده حسن.

فحبذا العالم والمتعلم، وسائر الناس همج لا خير فيهم!.([43])

وأخرجه وكيع في «الزهد» (513)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص79)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1493) من طريق الحسن البصري عن ابن مسعود رضي الله عنه به.

قلت: والحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود([44])، فالإسناد منقطع، وقد أعله بالانقطاع البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص692).

وأخرجه الدارمي في «المسند» (349)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص463) من طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود رضي الله عنه به.

قلت: والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن مسعود([45])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص367)، وأبو داود في «الزهد» (141) من طريق سالم بن أبي الجعد عن طرفة المسلي قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

قلت: وطرفة المسلي هذا مجهول([46])، ولم أجد من وثقه غير ابن حبان حيث ذكره في «ثقاته» (ج4 ص398).

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص166 و167)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص136 و137)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج1 ص124) من طريق المسعودي عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رضي الله عنه به.

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص181)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه المسعودي، وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات.

قلت: وهذه الطرق تؤكد أن له أصلا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

فالحديث بمجموع طرقه صحيح.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الجامع» (ج2 ص982): (وشبه العلماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير وإذا ثبت وصح أن العالم يخطئ ويزل لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه). اهـ

وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص453): (والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم؛ ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد؛ إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل قوله منزلة قول المعصوم؛ فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه، وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه، وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ - ولا بد - فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، والخطأ واقع منه ولا بد ... ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها؛ إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره؛ فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين، فإنه اتباع للخطأ على عمد، ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه، وكلاهما مفرط فيما أمر به). اهـ

وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص58): (وإنما هذه الجملة ينبغي أن ينتبه لها الذين يأبون إلا التقليد؛ ليعلموا أن من آثر التقليد فالأحرى به تقليد الصحابة لأنهم الأعلم). اهـ

قلت:  فلا يدرى ما عذر المقلد في ترجيح أقوال غير الصحابة y على أقوالهم؛ فكيف إذا منع الأخذ بقول الصحابة y فكيف إذا صار يرمى بالابتداع من عمل بها؟!، لا جرم أنه أخذ بالمثل المشهور: رمتني بدائها وانسلت.

قلت: وكان السلف يسمون المقلد؛ الأعمى الذي لا بصيرة له، وغير ذلك.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([47])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل([48]». اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في«إعلام الموقعين» (ج3 ص462): (تحريم الإفتاء بالتقليد، فإنه إفتاء بغير ثبت؛ فإن الثبت الحجة التي يثبت بها الحكم باتفاق الناس). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «مداواة النفوس» (ص74): (المقلد راض أن يغبن([49]) عقله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص281): (فإن التقليد لا يورث إلا بلادة). اهـ

وقال العلامة ابن بدران / في «المدخل» (ص495): (التقليد يبعد عن الحق، ويروج الباطل). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «المناظرات الفقهية» (ص37): (فإن من اعتاد الجري على أقوال لا يبالي دل عليها دليل صحيح أو ضعيف، أو لم يدل يخمد ذهنه، ولا ينهض بطلب الرقي، والاستزادة في قوة الفكر والذهن). اهـ

وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص69): (ونبرأ إلى الله من دفع النصوص بالأقيسة والآراء). اهـ

قلت: فالتقليد أن يعتمد الإنسان في فهم الحكم من الدليل على غيره لا على نفسه.([50])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة([51])، قال الله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون[ [البقرة 170]، وفي المائدة([52])، وفي لقمان: ]أولو كان الشيطان يدعوهم([53])، وفي الزخرف: ]قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[ وفي الصافات: ]إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون[ [الصافات: 69-70]، وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 66-67]. وقال: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]، وقال تعالى: ]فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار[ [غافر: 47]، وفي الآية الأخرى: ]من عذاب الله من شيء[ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25]. فهذا الاتباع والتقليد الذي ذمه الله هو اتباع الهوى: إما للعادة والنسب كاتباع الآباء، وإما للرئاسة: كاتباع الأكابر، والسادة، والمتكبرين فهذا مثل تقليد الرجل لأبيه أو سيده أو ذي سلطانه ... وقد بين الله أن الواجب الإعراض عن هذا التقليد إلى اتباع ما أنزل الله على رسله؛ فإنهم حجة الله التي أعذر بها إلى خلقه ). اهـ

قلت: وهذه الآيات التي ساقها شيخ الإسلام ابن تيمية / للتدليل على فساد التقليد وذمه، قد استدل بها، وبما شابهها من القرآن كثير من العلماء.

ويقول الحافظ ابن عبد البر /: بعد أن ساق بعض هذه الآيات في «جامع بيان العلم» (ج2 ص134): (قد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أؤلئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج2 ص836): (التقليد على الحقيقة إنما هو قبول ما قاله قائل دون النبي r بغير برهان فهذا هو الذي أجمعت الأمة على تسميته تقليدا، وقام البرهان؛ على بطلانه). اهـ

قلت: فكل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده.([54])

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص265) عن التقليد: (هو قبول رأي من لا تقوم به الحجة بلا حجة). اهـ

قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي.([55])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص219): (قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل). اهـ

قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص261): (ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل، وتبين له الحق الذي جاء به الرسول r؛ فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975)؛ وهو يعقد في كتابه بابا بعنوان: (باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع) ثم يقول: (قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه ... وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص233): (فأما من لم يعرف إلا قول عالم واحد وحجته دون قول العالم الآخر وحجته؛ فإنه من العوام المقلدين؛ لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص228): (وأما هدي الصحابة فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن فيهم شخص واحد يقلد رجلا واحدا في جميع أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة بحيث لا يرد من أقواله شيئا، ولا يقبل من أقوالهم شيئا، وهذا من أعظم البدع وأقبح الحوادث). اهـ

قلت: والإمام ابن القيم / لم يكن هو أول من قال إن هذا الأمر بدعة، ولا آخر من قال، اللهم غفرا.

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص236): (اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله؟، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون([56]) الفاضلة).اهـ

قلت: إذا: يحرم الأخذ بآراء العلماء المخالفة للكتاب والسنة، والله المستعان.

وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص347): (ولقد زل - بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال - أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل.

ولنذكر عشرة أمثلة: وبعد أن يذكر هذه الأمثلة يقول: فالحاصل مما تقدم أن تحكيم الرجال من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، وما توفيقي إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غير).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص251): (وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([57])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (وأمرهم بالرد عند التنازع إلى الله تعالى، والرسول r فأبطل الرد إلى إمام مقلد، أو قياس عقلي فاضل). اهـ

قلت: فالحجة في الأدلة الشرعية التفصيلية فليس أن يقبل قولا ممن قاله إلا بقيام الأدلة الشرعية التفصيلية على صواب ذلك القول؛ فإن قبله بغير ذلك كان مقلدا التقليد المذموم المنهي عنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص260): (قد ذم الله تعالى في القرآن من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه، وهذا هو التقليد الذي حرمه الله تعالى ورسوله r وهو: أن يتبع غير الرسول r فيما خالف فيه الرسول r، وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان؛ في سره وعلانيته وفي جميع أحواله). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص996): (ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى، ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ

قلت: إذا فإن إقرار التقليد واتخاذه دينا ومذهبا أمر يحتاج إلى دليل؛ لأن الواجب حكم من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص من القرآن، أو حديث صحيح أو حسن من السنة، ولا نعلم في ذلك نقلا اعتمد عليه.

قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص64): (من يغلو في التقليد حتى يتعصب لآراء الرجال، وإن  خالفت الدليل، وهذا مذموم، وقد يؤول للكفر). اهـ

قلت: فالتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن التقليد كما بينا هو الأخذ بقول الغير بلا حجة.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص787): (والتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن الاتباع هو تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه.

والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول، ولا معناه وتأبى من سواه، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مهابة خلافه وأنت قد بان لك فساد قوله، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه وتعالى).اهـ

وقال أبو عبد الله بن خواز منداد البصري المالكي: (التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وهذا ممنوع منه في الشريعة.

 والاتباع ما ثبت عليه حجة).([58])

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ

قلت: كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع.([59])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975): (باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد، والاتباع قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31]). اهـ

قلت: ولا خلاف بين العلماء أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم.

قال الحافظ السيوطي /: (إن المقلد لا يسمى عالما).([60]) اهـ

قلت: فيجب القبول باتباع الحجة والانقياد للدليل من كتاب، أو سنة، أو إجماع دون تقليد شخص بعينه؛ لأن التقليد ممنوع في الشريعة.([61])

قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص247): (فحينئذ ليس من شأن المسلم التجمد على التقليد فإن تجمد مع ذلك فما أشبهه بمن قال الله تعالى فيهم: ]ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك[ [البقرة: 145]). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص28): (وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سفرا كبيرا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول الله r؛ كما خفي ذلك على سادات الأمة أولا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد خفي على الصحابة y مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مدعي العصم في الأئمة([62])، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، قلنا: فنحن نناشدكم الله تعالى الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى الله تعالى، ورسوله r أمرا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه الله تعالى، ورسوله r عينا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وللجواب صوابا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي منعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر، وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم؛ إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص205): (وهذا باب واسع لا يحصى مع أن ذلك لا يغض من أقدارهم ولا يسوغ اتباعهم فيها، كما قال سبحانه: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] ). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص136): (إذا ثبت هذا، فلا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل:

منها: أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدا له وذلك؛ لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتدا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين.

ومنها: أنه لا يصح اعتمادها خلافا([63]) في المسائل الشرعية). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج1 ص165): (وقد أجمع المسلمون أن الخلاف ليس بحجة([64])، وأن عنده يلزم طلب الدليل والحجة ليتبين الحق منه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج2 ص248): (ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد([65])؛ لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا يمعن النظر بشيء كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «روضة الطالبين» (ج11 ص111): (وليس للمفتي والعامل على مذهب الإمام الشافعي في المسألة ذات الوجهين أو القولين أن يفتي أو يعمل بما شاء منهما من غير نظر، وهذا لا خلاف فيه). اهـ

وقال أشهب، سمعت مالكا / يقول: (ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان لا يكونان صوابا جميعا، ما الحق والصواب إلا واحد.

قال أشهب: وبه يقول الليث بن سعد).([66])

وقال أشهب /: سئل مالك بن أنس / عن اختلاف أصحاب رسول الله r فقال: (خطأ وصواب فانظر في ذلك).([67])

وقال ابن وهب: سئل مالك عمن أخذ بحديثين مختلفين حدث بهما ثقة عن أصحاب رسول الله r أتراه من ذلك في سعة؟ فقال: (لا والله حتى يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا، وما الحق والصواب إلا في واحد).([68])

وقال ابن القاسم، عن مالك، أنه قال: في اختلاف أصحاب رسول الله r: (مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد).([69])

وقال ابن القاسم، سمعت مالكا، والليث، يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله r ليس كما قال ناس: (فيه توسعة ليس كذلك، إنما هو خطأ وصواب).([70])

قلت: هذه عبارة علمية صدرت من إمام أهل السنة في زمانه ممن تلقى العلم من التابعين الذين أخذوه عن الصحابة الكرام عن الرسول r، وهو إمام عالم بالأدلة الشرعية، ومقاصد الشرعية.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922): (الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم). اهـ

قلت: فعلى الناظر في مسائل الخلاف أن يختار القول الذي يرجحه الدليل بغض النظر عن طبيعة هذا القول من حيث اليسر والغلظة، وليس وجود الخلاف بمسوغ لأحد أن يأخذ بأي القولين شاء دون نظر وتثبت.([71])

والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة وذلك لا يعدم.

قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص198): (فيا لله العجب، أيروج هذا الخداع والمكر والتلبيس على أحكم الحاكمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ثم إن هذه الحيلة كما هي مخادعة لله، ومكر بدين الإسلام، فهي باطلة في نفسها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص234):  (القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى  الله عليه وسلم لم يحتج إلى أقوال أهل اللغة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص186):  (من كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله، ونبيه الذي أرسله؛ كان أعلم فرقانا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص236):  (لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل، ورأي، وقياس). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص231):  (النزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا، كخلاف الخوارج، والرافضة، والقدرية، والمرجئة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج3 ص196): (والله لو نتأمل هذه الكلمة ]اليوم أكملت لكم دينكم[ فلا يوجد شيء ناقص في الدين أبدا، فهو كامل من كل وجه، لكن النقص فينا، إما قصور في عقولنا، أو في أفهامنا أو في علومنا، أو في إرادات تكون غير منضبطة، فمن الناس من يريد أن ينصر قوله فيعمى عن الحق). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /  في «التحفة العراقية» (ص343): (ومن لم يقف عند أمر الله ونهيه فليس من المتقين). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /  في «التحفة العراقية» (ص299): (من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعا لهواه فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمى قلبه عن الحق الواضح). اهـ

قلت: فما أبعد المقلدة عن فقه السلف المجمع عليه في الشريعة المطهرة؛ فإنهم يتركون فقههم ويذهبون إلى فقه المذاهب المختلف فيه!.

وهذا ينبؤ بخطر عظيم على المقلدة؛ لأن أكثرهم يحتج باختلاف الفقهاء من بعد إجماع الصحابة الكرام من أجل تروج باطلهم في الدين.

قلت: ومن فعل ذلك ونصح ولم يتب وأصر على باطله؛ فهو مبتدع ضال كائنا من كان، لا لأنه خالف في مسألة فقهية، لكن لأنه أراد أن يروج بدعته عن طريق اختلاف العلماء([72])، وهذا أصل الفرقة التي نهى عنها الله تعالى، ورسوله r. ([73])

وبوب الحافظ البيهقي / في «شعب الإيمان» (ج16 ص463): فصل: من هذا الباب مجانبة الفسقة, والمبتدعة ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل.

وعن الإمام مسلم بن يسار / قال: (إياكم والمراء، فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته). يعني: الجدل.

أثر صحيح.

أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص109)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص187)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص273)، وعبدالله بن أحمد في «زوائده على الزهد» (ص251)، والآجري في «الشريعة» (ص56)، وفي «أخلاق العلماء» تعليقا (ص77)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص33 )، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص294)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (547)، وفي «الإبانة الصغرى» تعليقا (124)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص308)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص61)، والفريابي في «القدر» (383)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج58 ص145) من طريق حماد بن زيد حدثنا محمد بن واسع عن مسلم بن يسار به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فما ثار قوم بفتنة إلا أوتوا الجدل، والمراء في الدين، اللهم غفرا.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص434): (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذروا المسلمين المراء والجدال، وأمروهم بالأخذ بالسنن، وبما كان عليه الصحابة y، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى). اهـ

قلت: فلابد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك الى تأويل بلا نص، ولا اجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: فيرى ابن حزم / أنه يتعرض بالتأويل، والعدول عن ظواهر النصوص؛ إلا إذا دل على ذلك دليل، وشاهد من نص قرآن، أو سنة صحيحة، أو إجماع.

قال الإمام الملطي / في «التنبيه» (ص82): (وأهل البدع وافقوا إبليس في مجال القياس، وتركوا النص من التنزيل وتأولوا تأويلا فاسدا فعدلوا عن نص الخبر إلى القياس الفاسد). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص227): (الرافضة والجهمية، لا تحفظ أئمتهم القرآن، وسواء حفظوه أم لم يحفظوه لا يطلبون الهدى منه، بل إما أن يعرضوا عن فهمه وتدبره، كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وإما أن يحرفوه بالتأويلات الفاسدة). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص344): (فإنما وقع الخروج عن السنة في أولئك لمكان إعمالهم الرأي واطراحهم السنن، لا من جهة أخرى). اهـ

وقال العلامة السعدي / في «تفسيره» (ص68): (أي ظلم أعظم، من ظلم، من علم الحق والباطل، فآثر الباطل على الحق). اهـ

وقال العلامة السعدي / في «تفسيره» (ص65): (لا يعترض على أحكام الله، إلا سفيه جاهل معاند). اهـ

قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

وعن عروة، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، أنه حدثه: (أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي r في شراج([74]) الحرة ([75])، التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه؟ فاختصما عند النبي r، فقال رسول الله r للزبير: أسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله r، ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم[ [النساء: 65]).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص34)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1829)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص51)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص599)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص475)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص245)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص7)، والواحدي في «الوسيط» (ج2 ص75)، وفي «أسباب النزول» (ص163)، وابن أبي عيسى في «اللطائف» (ص203)، والطائي في «الأربعين» (ص64)، وابن بشكوال في «الغوامض والمبهمات» (ج2 ص579)، والفاسي في «الأربعين» (ق/10/ط)، والأبرهوقي في «معجم شيوخه» (ق/103/ط)، وابن المنذر في «تفسيره» (ج2 ص775)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج4 ص57)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج5 ص389)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص165)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص38)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج13 ص108)، والبيهقي في «المعرفة» (ج1 ص106)، وفي «السنن الكبرى» (ج6 ص153)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص203)، والطبري في «تفسيره» (ج5 ص158 و159)، وفي «تهذيب الآثار» (ص423)، وأبو يعلى في «المسند» (ج12 ص189)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص364)، وابن الجارود في «المنتقى» (ص255)، والنحاس في «القطع والائتناف» (ص254)، وابن أبي حاتم في «العلل» (ج1 ص395)، و(ج2 ص93)، وفي «التفسير» (ج3 ص993)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص261)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» (ص43)، والبغوي في «شرح السنة» (ج8 ص283)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص185)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص407)، ومحمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص654)، والبزار في «المسند» (ج3 ص183) من طرق عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عبد الله به.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص38)، وابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص159)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص153)، وفي «المعرفة» (ج1 ص11)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج2 ص466)، وعبد بن حميد في «تفسيره» (ص104)، ويحيى بن آدم في «الخراج» (ص106)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص165)، والبغوي في «التفسير» (ج1 ص448)، ومحمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص653)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج2 ص308)، والشاشي في «المسند» (ج1 ص107) من طريق ابن شهاب عن عروة عن الزبير به.

قال الحافظ الطائي / في «الأربعين» (ص67): (والآية التي نزلت في تلك الحادثة تدل على أن الاستسلام والانقياد لحكم رسول الله r سرا وعلنا من شرط الإيمان). اهـ

وقال الإمام محمد بن طاهر / في «الحجة» (ج2 ص393): (فجعل تعالى في هذه الآية أن من شرط الإيمان، وصحته الانقياد لحكم رسوله r، ودل على أن من خالفه غير منقاد للحق، وغير ثابت الإسلام). اهـ

قلت: فيجب على الناس أن يسلموا، وينقادوا، ويذعنوا لما يأتي به النبي r من القضاء، ولا يعارضونه بشيء في ظاهرهم وباطنهم.([76])

قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الإبصار» (ص248): (وليس الاستدلال بالحديث في المتنازع فيه إلا كتحكيمه r في ذلك، فقد وجب فيه الأخذ بقوله r؛ فقد قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65] فمن تجمد على التقليد وأعرض عن اتباع قوله r بعد ظهوره من غير مانع له عن العمل إلا التقليد فليحذر كل الحذر بهذه الآية). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «التبيان» (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

أقسم سبحانه، بنفسه المقدسة، قسما مؤكدا بالنفي قبله؛ على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول، والفروع، وأحكام الشرع، وأحكام المعاد، ومسائل الصفات وغيرها.

ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج، وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتنفسح له كل الانفساح، وتقبله كل القبول.

ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضا حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى والتسليم، وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض.

فههنا ثلاثة أمور: التحكيم، وانتفاء الحرج، والتسليم.

فلا يلزم من التحكيم انتفاء الحرج؛ إذ قد يحكم الرجل غيره وعنده حرج من حكمه.

ولا يلزم من انتفاء الحرج الرضا والتسليم والانقياد؛ إذ قد يحكمه وينتفي الحرج عنه في تحكيمه، ولكن لا ينقاد قلبه، ولا يرضى كل الرضى بحكمه.

فالتسليم أخص من انتفاء الحرج. فالحرج مانع، والتسليم أمر وجودي.

ولا يلزم من انتفاء الحرج حصوله بمجرد انتفائه، إذ قد ينتفي الحرج ويبقى القلب فارغا منه، ومن الرضى والتسليم، فتأمله.

وعند هذا تعلم أن الرب تبارك وتعالى أقسم على انتفاء إيمان أكثر الخلق.

وعند الامتحان تعلم مثل هذه الأمور الثلاثة؛ هل هي موجودة في قلب أكثر من يدعي الإسلام أم لا؟.

والله سبحانه المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). اهـ

قلت: وهذا عين الفقه، والعلم، والله المستعان.

قال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج2 ص233): (الاتباع عند العلماء، هو الأخذ بسنن رسول الله r التي صحت عنه عند أهلها، ونقلتها، وحفاظها، والخضوع لها، والتسليم لأمر النبي r فيها). اهـ

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى شريح القاضي: (إذا أتاك أمر فاقض فيه بما في كتاب الله فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن فيه رسول الله r).

وفي لفظ: (إذا وجدت شيئا في كتاب الله فاقض به، ولا تلتفت إلى غيره).

أثر صحيح

أخرجه النسائي في «المجتبى» (ج8 ص231)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص241)، والدارمي في «المصنف» (ج1 ص60)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص110)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (133 و134)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص99)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص19)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص136)، ووكيع في «أخبار القضاة» (ج2 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص846)، وابن حزم في «الإحكام» من طرق عن الشعبي عن شريح أنه كتب إلى عمر رضي الله عنه يسأله؛ فكتب إليه ... وذكروه بألفاظ عندهم.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (ج1 ص120).

وتابعه أبو إسحاق الشيباني عن شريح به.

أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص146) من طريق علي بن مسهر عن أبي إسحاق به.

وأخرجه وكيع في «أخبار القضاة» (ج2 ص399).

وقال الإمام الشافعي /: (الأصل قرآن أو سنة, فإن لم يكن فقياس عليهما, وإذا اتصل الحديث عن رسول الله r وصح الإسناد منه فهو المنتهى). وفي رواية: (وصح الإسناد به، فهو سنة).([77])

وعن ابن وهب قال: قال لي مالك /، (الحكم الذي يحكم به بين الناس حكمان ما في كتاب الله، أو ما أحكمته السنة، فذلك الحكم الواجب، وذلك الصواب).([78])

وعن الإمام ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).

أثر صحيح

أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)،  والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).

وإسناده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج14 ص373).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([79])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: وما كثرت البدع والأهواء في هذه الأمة، وفشت إلا بتقديم العقول على ما جاء به الرسول r ... فتشعبت بهم الطرق، وصاروا مختلفين في الكتاب مخالفين للكتاب، والله المستعان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج6 ص83): (فالبدع تكون في أولها شبرا ثم تكثر في الاتباع حتى تصير أذرعا، وأميالا، وفراسخ). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص83): (فإذا كان كلامه r في الشريعة حقا كله وواجبا؛ فهو من الله تعالى بلا شك، وما كان من الله تعالى فلا اختلاف فيه؛ لقوله تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82]، وقد نهى تعالى عن التفرق والاختلاف بقوله: ]ولا تنازعوا[؛ فمن المحال أن يأمر رسول الله r باتباع كل قائل من الصحابة y، وفيهم من يحلل الشيء وغيره منهم يحرمه، ولو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، ولكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة، وحراما اقتداء بغيره منهم، ولكان ترك الغسل من الإكسال واجبا اقتداء بعلي، وعثمان، وطلحة، وأبي أيوب، وأبي بن كعب، وحراما اقتداء بعائشة، وابن عمر، ولكان بيع الثمر قبل ظهور الطيب فيها حلالا اقتداء بعمر؛ حراما اقتداء بغيره منهم، وكل هذا مروي عندنا بالأسانيد الصحيحة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص285): (وكذلك الكلام في عامة مسائل النزاع بين المسلمين إذا طلب ما يفصل النزاع من نصوص الكتاب والسنة وجد ذلك). اهـ

وعن الإمام أبي يوسف / قال: (لا يحل لأحد أن يقول: مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393) من طريق محمد بن عمر بن العلاء يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: قال أبو يوسف به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص258).

وعن الإمام الشافعي/ قال: (مثل الذي يطلب العلم بلا حجة , كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393)، وفي «مناقب الشافعي» (ج2 ص142)، وابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص100)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص125) من طريق الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الربيع بن سليمان: يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين؟ يكتب العلم، وهو لا يدري على غير فهم، فيكتب عن الكذاب، وعن الصدوق، وعن المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذاب والمبتدع الأباطيل([80])، فيصير ذلك نقصا لإيمانه، وهو لا يدري!.

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

فتوى العلامة الشيخ أحمد بن حجر آل بو طامي في شدة الخطر الذي يحيط بالمسلم إذا أخذ بزلات العلماء في الدين

02

2)

الإمام القاسم بن الفتح بن محمد بن يوسف الريولي لا يقلد في الدين.....................................................................................................

4

3)

البرق الخاطف في أنه لا يلتفت إلى اختلاف المتأخرين بعد إجماع الصحابة رضي الله عنهم..........................................................

5

4)

فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أن أهل البدع والأهواء أوتوا علوما، ولكنها ما أغنت عنهم علومهم من شيء؛ لأنها بنيت على الآراء الباطلة...........................................................

6

5)

إلماعة أثرية............................................................................................

8

6)

المقدمة..................................................................................................

9

7)

ذكر الدليل على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء التي اتخذتها: «الفرقة التقليدية» دينا في مذهبهم الباطل......................................................................................................

28

 



([1]) قلت: وهذا الذي حصل للمقلدة، والمتعالمة من الضلال في الدين بسبب عنادهم وإصرارهم، وبأخذهم بزلات العلماء في أحكام الأصول، وأحكام الفروع، اللهم سلم سلم.

([2]) وانظر: «الصحيحة» للشيخ الألباني (ج5 ص14).

([3]) قلت: فلا يلتفت إلى اختلاف العلماء المتأخرين من أتباع المذاهب إذا صح إجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ في الأصول، وفي الفروع.

([4]) قلت: ولا يلتفت إلى اختلاف من خالف السنة النبوية كائنا من كان؛ لأنها حجة عليه في الدين.

([5]) انظر: «تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج4 ص1298)، و«تاريخ الإسلام» له (ج12 ص570)، و«سير أعلام النبلاء» له أيضا (ج15 ص285)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج15 ص118)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج5 ص210)، و«تاريخ إربل» لابن المستوفي (ج1 ص415).

([6]) انظر: «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص170).

([7]) فالمقلدون يفتون الناس بزلات العلماء في الأصول والفروع، وهذا الإفتاء هو التزندق والإلحاد في الدين!.

       قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص250): (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق أو كاد!). اهـ

([8]) وانظر: «مرعاة  المفاتيح» للرحماني (ج1 ص356)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90 و91)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص238)، و«الكاشف  عن حقائق السنن» للطيبي (ج1 ص455)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص525).

([9]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (8)، ومسلم في «صحيحه» (16) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

      قلت: ألا إن شر الشر شرار العلماء، وإن خير الخير خيار العلماء، والله المستعان.

([10]) انظر: و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج1 ص455)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص525).

([11]) وانظر: «الرقائق» لابن المبارك (ج2 ص681)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (ج2 ص26)، و«ذم الكلام» للهروي (ج4 ص281)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج47 ص460)، و«جمع الجيوش والدساكر» لابن عبد الهادي (ص21).

([12]) غبرات: بالضم ثم التشديد، بقية الشيء.

      انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص3205)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص447).

([13]) أثر حسن.

       أخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص163)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص161).

      وإسناده حسن.

([14]) قلت: وإن مما يوصى به طالب العلم أن يأخذ العلم عن أهله، وذلك بأن يبحث عن العالم العامل بعلمه ... فينظر إلى عبادته لله تعالى، وإلى سيرته وأخلاقه وشمائله؛ هل هي متفقة مع ذلك العلم أو تخالفه؟!، فإن العلم إنما يؤخذ عن العلماء الربانيين، ويحرص على صحبتهم ليتعلم منهم العلم والعمل والأخلاق.

([15]) وانظر: «الحجة على تارك المحجة» لأبي الفتح المقدسي (ج2 ص573).

([16]) الإمع: الذي يقول لكل أحد: أنا معك، ولا يثبت على شيء لضعف رأيه، والمقلد في الدين، والمتردد الذي لا يثبت على صنعة، والطفيلي، ويجعل دينه تبعا لدين غيره بلا حجة، ولا برهان.

         انظر: «المعجم الوسيط» (ص26)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص49)، و«النهاية» لابن الأثير (ج1 ص170).

       قال عبد الله بن مسعود t: (لا يكونن أحدكم إمعة قالوا: وما إمعة؟ قال: يجري مع كل ريح).

        أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص141)، وفي «اعتلال القلوب» (ج1 ص148)؛ بإسناد صحيح.

       قال أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج4 ص49): (أصل الإمعة هو الرجل الذي لا رأي له ولا عزم؛ فهو يتابع كل أحد على رأيه ولا يثبت على شيء). اهـ

([17]) وانظر: «العلم» لابن أبي إياس (ص126 و127).

([18]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([19]) فالمقلد هذا ليس بعالم، بل هو حاطب ليل في الدين، اللهم غفرا.

([20]) المغبون: المنقوص، فالمقلد ينقص عقله، وذكاءه، وتقل فطنته.

      وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص229).

([21]) انظر: «رسالة التقليد» لابن القيم (ص22)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج4 ص395)، و«المدخل» لابن بدران (ص388).

([22]) أي بلا حجة توجب هذا القبول، وعلى هذا فكل ما أوجبت الحجة قبوله ليس تقليدا.

([23]) آية المائدة المشار إليها هي قوله تعالى:  ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون[ [المائدة: 104].

([24]) آية لقمان المشار إليها هي قوله تعالى:  ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير[ [لقمان: 21].

([25]) انظر: «التقليد والتبعية» للعقل (ص47).

([26]) قرن الصحابة، وقرن التابعين، وقرن تابعي التابعين.

([27]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([28]) قلت: وهذا الخلاف محرم، وهو كل ما أقام الله تعالى به الحجة في كتابه، أو على لسان نبييه r منصوصا بينا، فلم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.

      وانظر: «الرسالة» للشافعي (ص560).

([29]) فالمقلدون يفتون الناس بزلات العلماء في الأصول والفروع، وهذا الإفتاء هو التزندق والإلحاد في الدين!.

       قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص250): (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق أو كاد!). اهـ

([30]) وانظر: «مرعاة  المفاتيح» للرحماني (ج1 ص356)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90 و91)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص238)، و«الكاشف  عن حقائق السنن» للطيبي (ج1 ص455)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص525).

([31]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (8)، ومسلم في «صحيحه» (16) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

      قلت: ألا إن شر الشر شرار العلماء، وإن خير الخير خيار العلماء، والله المستعان.

([32]) انظر: و«الكاشف عن حقائق السنن» للطيبي (ج1 ص455)، و«مرقاة المفاتيح» للقاري (ج1 ص525).

([33]) وانظر: «الرقائق» لابن المبارك (ج2 ص681)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب البغدادي (ج2 ص26)، و«ذم الكلام» للهروي (ج4 ص281)، و«تاريخ دمشق» لابن عساكر (ج47 ص460)، و«جمع الجيوش والدساكر» لابن عبد الهادي (ص21).

([34]) غبرات: بالضم ثم التشديد، بقية الشيء.

      انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج5 ص3205)، و«مختار الصحاح» للرازي (ص447).

([35]) أثر حسن.

       أخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص163)، وابن عدي في «الكامل» (ج1 ص161).

      وإسناده حسن.

([36]) قلت: وإن مما يوصى به طالب العلم أن يأخذ العلم عن أهله، وذلك بأن يبحث عن العالم العامل بعلمه ... فينظر إلى عبادته لله تعالى، وإلى سيرته وأخلاقه وشمائله؛ هل هي متفقة مع ذلك العلم أو تخالفه؟!، فإن العلم إنما يؤخذ عن العلماء الربانيين، ويحرص على صحبتهم ليتعلم منهم العلم والعمل والأخلاق.

([37]) وانظر: «الحجة على تارك المحجة» لأبي الفتح المقدسي (ج2 ص573).

([38]) الإمع: الذي يقول لكل أحد: أنا معك، ولا يثبت على شيء لضعف رأيه، والمقلد في الدين، والمتردد الذي لا يثبت على صنعة، والطفيلي، ويجعل دينه تبعا لدين غيره بلا حجة، ولا برهان.

         انظر: «المعجم الوسيط» (ص26)، و«غريب الحديث» لأبي عبيد (ج4 ص49)، و«النهاية» لابن الأثير (ج1 ص170).

       قال عبد الله بن مسعود t: (لا يكونن أحدكم إمعة قالوا: وما إمعة؟ قال: يجري مع كل ريح).

        أخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (ص141)، وفي «اعتلال القلوب» (ج1 ص148)؛ بإسناد صحيح.

       قال أبو عبيد / في «غريب الحديث» (ج4 ص49): (أصل الإمعة هو الرجل الذي لا رأي له ولا عزم؛ فهو يتابع كل أحد على رأيه ولا يثبت على شيء). اهـ

([39]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (256)، و«تهذيب الكمال» للمزي (ج14 ص70)، و«تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج5 ص79)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص165).

([40]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج18 ص370)، و«السير» للذهبي (ج5 ص438).

([41]) انظر: «ميزان الاعتدال» للذهبي (ج3 ص337)، و«الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (ج2 ص206).

([42]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج30 ص82).

([43]) وانظر: «العلم» لابن أبي إياس (ص126 و127).

([44]) انظر: «تهذيب الكمال» للمزي (ج6 ص95)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص67).

([45]) انظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (94)، و«السير» للذهبي (ج4 ص598)، و«جامع التحصيل» للعلائي (199)، و«تحفة التحصيل» للعراقي (ص155).

([46]) انظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (ج4 ص367)؛ فإنه ترجمه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

([47]) قلت: فالمقلد ليس بعالم بإجماع الفقهاء.

       انظر: «قرة الموحدين» للشيخ عبد الرحمن بن حسن (ص26)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج35 ص233)، و«الحاشية على سنن ابن ماجه» للسندي (ج1 ص7).

([48]) فالمقلد هذا ليس بعالم، بل هو حاطب ليل في الدين، اللهم غفرا.

([49]) المغبون: المنقوص، فالمقلد ينقص عقله، وذكاءه، وتقل فطنته.

      وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص229).

([50]) انظر: «رسالة التقليد» لابن القيم (ص22)، و«التمهيد» لأبي الخطاب (ج4 ص395)، و«المدخل» لابن بدران (ص388).

([51]) أي بلا حجة توجب هذا القبول، وعلى هذا فكل ما أوجبت الحجة قبوله ليس تقليدا.

([52]) آية المائدة المشار إليها هي قوله تعالى:  ]وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون[ [المائدة: 104].

([53]) آية لقمان المشار إليها هي قوله تعالى:  ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير[ [لقمان: 21].

([54]) انظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص143).

([55]) انظر: «التقليد والتبعية» للعقل (ص47).

([56]) قرن الصحابة، وقرن التابعين، وقرن تابعي التابعين.

([57]) انظر: «هدية السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان» للمعصومي (ص71).

([58]) انظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص993).

([59]) انظر: «جامع بيان العلم» لابن عبد البر (ج2 ص993).

([60]) نقله عنه السندي في «حواشيه على سنن ابن ماجه» (ج1 ص7)، وأقره.

([61]) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (ج3 ص450)، و«إرشاد الفحول» للشوكاني (ص234)، و«أصول الفقه» للزحيلي (ج2 ص1120)، و«رسالة التقليد» لابن القيم (ص22).

([62]) فصار المقلدة في التقليد لفلان وعلان؛ مثل: الرافضة الذين يقلدون أئمتهم بدون دراية، وهم يسخرون من الرافضة لمثل هذا التقليد، وهم واقعون في هذا التقليد الأعمى، وهم لا يشعرون!.

([63]) قلت: وهذا الخلاف محرم، وهو كل ما أقام الله تعالى به الحجة في كتابه، أو على لسان نبييه r منصوصا بينا، فلم يحل الاختلاف فيه لمن علمه.

      وانظر: «الرسالة» للشافعي (ص560).

([64]) فالمتعالمون يفتون الناس باختلاف المتأخرين، وهذه الفتاوى ليست بحجة في الشريعة المطهرة.

([65]) قلت: والذي وقع فيه: «المتعالم» من الضلالات بسبب تقليده لزلات العلماء بدون رواية ولا دراية ... وهذا واقع فيه كل المقلدين ... وهذا ما قد أصابنا في هذا العصر الحاضر فيما يتعلق بموضوع الفتاوى من قبل المقلدين؛ فإنهم قد قلدوا المتأخرين من أصحاب المذاهب بحجة أنهم علموا أحكام الدين، فقلدوهم بحجج واهية بالتقليد الأعمى، والتعصب المذهبي المقيت الذي انتشر في العصور المتأخرة انتشارا واسعا، بحيث وقع بسببه الحقد للمخالف وإن كان على الحق!، برغم أن المقلدين يعلمون أن العلماء في الأحكام أنهم يصيبون ويخطؤون في الدين، وقد حذر جميع العلماء من زلات العلماء، نصحا للأمة.

([66]) أثر صحيح.

       أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

     وإسناده صحيح.

      وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75).

([67]) أثر صحيح.

       أخرجه ابن أبي نصر في «جذوة المقتبس في ذكر تاريخ علماء الأندلس» (ج1 ص140)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

      وإسناده صحيح.

([68]) أثر صحيح.

        أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص408).

       وإسناده صحيح، وذكره الشاطبي في «الموافقات» (ج5 ص75)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (ج1 ص192).

([69]) أثر صحيح.

        أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

       وإسناده صحيح.

      وذكره ابن الصلاح في «آداب المفتي» (ص125).

([70]) أثر صحيح.

        أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص906)، وابن حزم في «الإيصال إلى فهم الخصال» (ص407).

       وإسناده صحيح.

([71]) انظر: «زجز السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء» للدوسري (ص36)، و«الاستذكار» لابن عبد البر (ج1 ص188)، و«بيان الدليل» لابن تيمية (ص305)، و«الموافقات» للشاطبي (ج4 ص90)، و(ج5 ص134)، و«إعلام الموقعين» لابن القيم (ج5 ص236 و237)، و«الإحكام» لابن حزم (ج6 ص883).

([72]) كما هو شأن جميع المبتدعة، فإنهم إذا أرادوا أن يروجوا بدعهم لجؤوا إلى اختلاف العلماء، والله المستعان.

([73]) فكيف هؤلاء المقلدة يتركون إجماع السلف، ويأخذون باختلاف الخلف: ]إن هذا لشيء يراد[ [ص:6].

([74]) الشراج: جمع شرج، مثل بحر وبحار، ويجمع على شروج أيضا، وهو مسيل الماء وإنما أضيفت إلى الحرة لكونها فيها.

     انظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج5 ص36).

([75]) الحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة، كأنها أحرقت بالنار بالمدينة النبوية.

    انظر: «معجم البلدان» للحموي (ج2 ص245).

([76]) وانظر: «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» للقسطلاني (ج5 ص391)، و«شرح صحيح البخاري» لابن بطال (ج6 ص502).

([77]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص231)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص533)، وابن الجوزي في «تعظيم الفتيا» (ص15)، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص167).

       وإسناده صحيح.

([78]) أثر صحيح.

      أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج4 ص267)، وفي «جامع بيان العلم» (ج1 ص757).

       وإسناده صحيح.

([79]) أثر صحيح.

    نقله عنه ابن تيمية في «الفتاوى» (ج20 ص212)، وابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص470).

([80]) وهذا الذي وقع فيه فالمتعالمون، حيث حملوا عن: «رؤوس الجهل» الأباطيل الكثيرة، اللهم سلم سلم.


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan