القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / إلجام الأفواه لإلجام الفرقة الطالحية بأن طالحا الحربي قد عطل صفة الظل لله تعالى

2023-11-30

صورة 1
إلجام الأفواه لإلجام الفرقة الطالحية بأن طالحا الحربي قد عطل صفة الظل لله تعالى

 

                                            

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على أن فالحا الحربي عطل صفة: «الظل» لله تعالى

على طريقة الجهمية المعطلة!

 

قال فالح الحربي؛ عن حديث «الظل» لله تعالى: (أن الشيخ أحمد كأنه يلزمني أنني قلت أن هذا الحديث من الصفات، أنا ما قلت هذا الحديث من الصفات([1]) الذي قاله الشيخ ابن عثيمين الذي يفهم من كلامه أنه من الصفات([2]». اهـ

    

الكوكب الغربي المنقض على ظهر فالح الحربي

فتوى

الإمام ابن باز / 

في إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى على ظاهر الأحاديث، وهذا فيه قمع «لفالح الضال» وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى، وحيث ذكر / أن القاعدة واحدة في الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة

 

اعلم رحمك الله أن الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / يثبت صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة السلف في إمرار أحاديث الصفات على ظاهرها، والتسليم لها، وعدم إنكارها، لأن القاعدة واحدة في: «توحيد الأسماء والصفات»، لا تتغير، ولا تتبدل في إثبات الأسماء والصفات على ظاهر النصوص، فمن بدل هذه القاعدة، وهو ليس من أهل الاجتهاد([3]) وأصر على ذلك، ولو في صفة واحدة، فهو مبتدع جهمي، كما ذكر السلف الصالح!.

فسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج28 ص402)؛ عن حديث: السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فهل يوصف الله تعالى بأن له ظلا؟.

فأجاب /: (نعم: كما جاء في الحديث، وفي بعض الروايات «في ظل عرشه([4]») لكن في الصحيحين «في ظله»، فهو له ظل يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته مثل: سائر الصفات، والباب واحد([5]) عند أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق).اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

 على أن: «فالحا الحربي» على قاعدته يعتبر جهميا، وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل لله تعالى»، وهذا مذهب الجهمية تماما، وهو ليس بعالم، وليس من أهل الاجتهاد حتى يعذر، فهذا الرجل لا يعذر بجهله في الدين؛ كما هو منهج السلف الصالح

 

اعلم رحمك الله أن السلف كانوا ينسبون الرجل إلى الجهمية لعدم إثباته لصفة واحدة فقط ما دام ليس من أهل الاجتهاد، وأصر وعاند على نفي الصفة، ولم يرجع عن تعطيله لهذه الصفة.

قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص68)؛ عندما ذكر بعض الصفات لله تعالى: (فمن فسر شيئا يعني: ولو لصفة واحدة من الصفات- من هذا بهواه، أو رده([6])، فهو جهمي!). اهـ

قال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ

وعن أبي داود الطيالسي، قال: كان سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وشريك، وأبو عوانة، (لا يحدون، ولا يشبهون، ولا يمثلون، يروون الحديث ولا يقولون: كيف، وإذا سئلوا أجابوا بالأثر).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (909)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص3) من طريق إسحاق بن أحمد الفارسي، ثنا حفص بن عمر المهرقاني، ثنا أبو داود به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قال أبو داود الطيالسي: وهو قولنا.

وعن المروذي: سألت أبا عبد الله يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، والخلال في «السنة» (ج1 ص246)، وابن يزداد البغدادي في «السنة» (ص20)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22)  من طرق عن المروذي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.([7])

قلت: فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في الاعتقاد!.

قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص43): (لا يجوز رد هذه الأخبار على ما ذهب إليه جماعة من المعتزلة، ولا التشاغل بتأويلها على ما ذهب إليه الأشعرية، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها). اهـ

وقال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ

قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتحريفها، وتعطيلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله تعالى تليق بكماله وجلاله.([8])

وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).

 وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (اتفق الفقهاء كلهم، من المشرق إلى المغرب، على الإيمان بالقرآن، والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله r في صفة الرب من غير تغيير وفي رواية: [من غير تفسير]، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئا([9]) من ذلك، فقد خرج مما كان عليه النبي r، وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا، ولم يفسروا، ولكن أفتوا، وفي رواية: [ولكن آمنوا] بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم، فقد فارق الجماعة، لأنه قد وصفه بصفة لا شيء).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص432)، والذهبي في «العلو» تعليقا (ص113)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14) من طريق داود بن طلحة قال: سمعت عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي يقول: سمعت محمد بن الحسن به.

قلت: وهذا سنده حسن، وآثار السلف في هذا الاعتقاد تشهد له.

قلت: وطريقة السلف الصالح جامعة لكل خير في الدين والدنيا.

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص185):

والله يــــعــــــلــــم أنـــــنـــــا في وصــــفـــــه

 

 

لــــــــم نــــعـــــد مــــــا قـــــد قال في القرآن

 

أو قــــــالـــــــــــه أيـــــضا رســـــــــــول الله

 

 

فـــــــهــــــو الـــصادق المصدوق بالبرهان

أو قـــــــالــــــــه أصــــــحـــــابــــــه من بعده

 

 

فـــــهـــــــــــم الــــنـــــجــوم مطالع الإيمان

وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال؛ عن أحاديث الصفات: (أدركنا الأعمش، وسفيان الثوري يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص232) من طريق أحمد بن حنبل به.

وإسناده صحيح.

قلت: فمذهب السلف؛ هو: قبول الأحاديث في الصفات، والعمل بها، وعدم ردها.

وقال الإمام أحمد / في «السنة» (ص212): (هذه الأحاديث نرويها كما جاءت). اهـ

قلت: ومذهب السلف الصالح إثبات الصفات، وإجراؤها على ظاهرها.([10])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ

قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص173):

واعــــلــــم بـــــأن طــــريقـــهـــــم عكــس

 

 

الـــطــــريق الـــمـــســـتــقــيم لمن له عينان

 

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (وأهل السنة والجماعة جعلوا المتبادر من النصوص هو: المعنى الحقيقي اللائق بالله تعالى، وقالوا: إن هذا المعنى حق على حقيقته، لكنه لائق بالله تعالى.

ففي قولهم: (إنه حق على حقيقته)؛ رد على المعطلة، وفي قولهم: (اللائق بالله)؛ رد على الممثلة الذين جلعوه مماثلا للمخلوق). اهـ

قلت: فهم مجمعون على الإقرار، والإيمان لهذه الصفات العظيمة.

وعن الإمام أحمد / قال: (ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص280)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (ص97) من طريق النجاد قال أخبرنا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص224).

وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج8 ص402): (ومعلوم عند أهل العلم من الطوائف أن مذهب السلف إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تحريف، ولا تشبيه ولا تكييف). اهـ

وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه  الأحاديث التي جاءت؛ نرويها كما جاءت ولا نفسرها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

 وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص320):

يــــــا قـــــوم فــــانـــتـــبـــهوا لأنـــفــســـكم

 

 

وخـــــلـــــوا الـــجهل والدعوى بلا برهان

وعن الإمام ابن المديني / قال: (ونحو هذه الأحاديث مما ذكرناه، ومما لم نذكره في هذه الأحاديث: مما صح وحفظ , فإنه يسلم له وإن لم يعلم تفسيره، فلا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه ولا يتكلم فيه ما لم يبلغ لنا منه، ولا نفسر الأحاديث إلا على ما جاءت, ولا نردها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص160) من طريق أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بسطام يقول: سمعت سهل بن محمد قرأها على علي بن عبد الله بن جعفر المديني به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام ابن رجب / في «بيان فضل علم السلف» (ص48): (والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها؛ كما جاءت من غير تفسير له، ولا تكييف، ولا تمثيل: ولا يصح من أحد منهم خلاف ذلك البتة). اهـ

وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها, ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت , ولا نردها إلا بأحق منها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ

وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (من رأيتموه ينكر من هذه الأحاديث فاحسبوه من الجهمية).([11])

أثر صحيح

أخرجه الدارقطني في «الصفات» (62)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (418)، وابن منده في «التوحيد» (ج2 ص115) من طرق عن وكيع بن الجراح به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن الإمام شريك بن عبد الله؛ وقيل له أن المعتزلة ينكرون([12]) أحاديث الصفات، فقال: (أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله r فهم عمن أخذوا؟).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (508)، و(509)، والدارقطني في «الصفات» (67)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (958)، والذهبي في «العلو» معلقا (144)،  وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص116) من طريق عباد بن العوام به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص231): (الواجب على الأمة ولا سيما العلماء منهم: إجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها، والظاهر من الكلام هو المتبادر منه عند الإطلاق، كما سيأتي في الأدلة لا سيما نصوص الصفات؛ لأن نصوص الصفات من الأمور الغيبية التي ليس للعقل فيها مجال).اهـ

قلت: والعلماء الذين أولوا صفة: «الظل» لله تعالى؛ فهم: معذورون؛ لأنهم من أهل الاجتهاد، فليس عليهم أي شيء من ناحية الدين، والله يغفر لهم.

قلت: وعلى قاعدة: «فالح الضال» في تبديعه للعلماء، وعدم العذر لهم إذا أخطؤوا في الاعتقاد، يعتبر: «فالحا مبتدعا»، ولا يعذر بخطئه في الاعتقاد، اللهم غفرا.

ﭑ ﭑ ﭑ

    

]أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى[

المقدمة

 

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.

ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([13])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([14])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([15])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([16])

فهذه رسالة لطيفة أثرية في باب من أبواب الاعتقاد السلفي؛ وهو «إثبات صفة الظل للـه تعالى» على ما يليق بكماله وجلاله.([17])

قلت: وهذا معتقد أهل السنة والأثر قديما وحديثا، فلم نأت بمحدث من القول، ولا بمنكر من الاعتقاد، وقد تحرينا فيه الاقتداء، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة y، والتابعين الكرام، والأئمة الفضلاء ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم.

قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.([18])

وقد ذكر الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص41)؛ أنه أثبت صفات الله تعالى؛ ومنها: «صفة الظل» من القرآن، وعن رسول الله r، وعن أصحابه y؛ حيث قال: (وروينا عن رسول الله r، وعن أصحابه y). اهـ

قلت: فبين الإمام الدارمي أن من أصول كتابه هذا الذي ذكر فيه صفات الله تعالى أنه أثبت([19]) هذه الصفات من القرآن، والسنة، والآثار، والحمد لله.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

قلت: وصفة «الظل»؛ هي صفة ثابتة لله عز وجل بالسنة الصحيحة، وإجماع الصحابة، وأئمة الحديث.([20])

فعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه). ([21])

وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).([22])

عن أبي اليسر t، قال : قال رسول الله r : (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).([23])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج8 ص593): (الشاهد من هذه الأحاديث: أن النبي r يروي الحديث عن الله تعالى). اهـ

قلت: والشاهد من الأحاديث  إثبات، صفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ

قلت: وعليه فنجري الأحاديث على ظاهرها، ونقول: إن الله تعالى له حقيقة صفة: «الظل» على ما يليق بجلاله وكماله.

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([24])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد «أثبتوا صفة الظل للـه تعالى»، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله و عيد شديد، و العياذ باللـه.

قلت: ووجه الاستدلال بها([25])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون

اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([26])

والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([27])

قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([28]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([29])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.

قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([30])

قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ

قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[

[البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ

قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([31])، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r،  واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr  قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([32])

فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كماأنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ

قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([33])؛ إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([34])

قلت: والاعتراضات التي ذكرها المبتدعة على إجماع السلف، والأئمة في الأسماء والصفات؛ هي في الحقيقة اعتراضات متكلفة، وفاسدة، تكلفوها حتى يروجوا بدعة التجهم في الدين.

قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.

وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.

 قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المبتدع أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من اعتقاد فاسد في الأسماء والصفات، والله المستعان.

قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].

وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].

ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.

فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([35])، والعياذ باللـه.

قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في الأسماء والصفات، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في إثبات الأسماء والصفات من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.

قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين؛ لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم؛ قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ

قلت: وعليه؛ فلا تعجل أخي القارئ برد هذا الكتاب، ولا ما جاء فيه عن أئمة الحديث؛ فتقع في مخالفتهم؛ فإنه لم يأت إنكار مسألة «صفة الظل للـه تعالى» إلا عن الجهمية أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، فعنهم تلقفها من جاء بعدهم ممن اشتغل بالنظر في كتب أهل الكلام، وأعرض عن دراسة ما كتبه أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص485): (المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل عليهم السلام من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص224): (لهذا السلف مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول r مشهورا معلوما بالاضطرار، لعموم المسلمين). اهـ

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص257): (ولهذا كان السلف، والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة؛ بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع). اهـ

قلت: وإنما ذكرت صفة: «الظل» هنا حتى يتبين لك أن هذا الكتاب الذي سطرته في عقيدة أهل السنة والجماعة أنه شجى في حلوق أهل البدع من الجهمية، والأشاعرة، والإباضية، والصوفية، والطالحية وغيرهم([36])، والله المستعان.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح، والله الموفق.

قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الظل للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.([37])

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592): (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص75): (فكما نحن لا نكيف هذه الصفات، لا نكذب بها كتكذيبكم، ولا نفسرها؛ كباطل تفسيركم([38]». اهـ

قلت: وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قول المسلمين، وبين الجهميين من الفرق في الدين.

واعلم أن من أهم ما تريد الجهمية الزنادقة الوصول إليه: هو نفي صفات اللـه، والعياذ باللـه.

قلت: لذلك أنكر عليهم أئمة السنة، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم، اللهم سلم سلم.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص915): (قال تعالى في آلهة المشركين المعطلين: ]ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها[ [الأعراف195]؛ فجعل سبحانه عدم البطش والمشي، والسمع والبصر دليلا على عدم إلهية من عدمت فيه هذه الصفات فالبطش والمشي من أنواع الأفعال، والسمع والبصر من أنواع الصفات، وقد وصف نفسه سبحانه بضد صفة أربابهم، وبضد ما وصفه به المعطلة والجهمية). اهـ

فيسرنا أن نضع بين يدي طلبة السنة كتابي: «إلجام الأفواه لإلجام الفرقة الطالحية بأن طالحا الحربي قد عطل صفة الظل لله تعالى»، وكتابنا هذا سرنا فيه على طريقة السلف في تصانيفهم، فسقنا الأحاديث النبوية، والإجماعات السلفية؛ «المثبتة لصفة الظل للـه تعالى».

قلت: وهذا الاستنباط من النصوص في الأصول والفروع لا يعرفه، إلا علماء السنة والأثر: ]ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم[ [الجمعة: 4]، وهو من التأويل الصحيح للنصوص، وللـه الحمد والمنة.

قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب[ [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ]لعلمه الذين يستنبطونه منهم[ [النساء: 83].

وقال تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].

وعن سليمان بن الأشعث قال: سمعت أحمد بن حنبل؛ سئل: (هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟ فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟).([39])

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص18): (وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في هذا وما أشبهه، وقد كانوا رزقوا العافية منهم، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام، وذهاب العلماء، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق اللـه تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

قلت: فهذا نحن نروي عن أئمة المسلمين من أهل الحديث بأسانيد صحيحة في «إثبات صفة الظل للـه تعالى»، بما يليق بجلاله سبحانه تعالى.

وها أنا ذا الآن شارع فيما قصدت من التبيين؛ فالله أسأل أن يقوي حجتي، وأن يسدد قلمي، وأن يرزقني هديا قاصدا، إن ربي لسميع الدعاء.

والحمد لله تعالى على السنة.

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

    

ذكر الدليل

 من آثار السلف في أن منهجهم في إثبات صفات الله تعالى إمرارها على ظاهرها، وهذا يبطل قول: «فالح الحربي» في تعطيله لصفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله

 

1) عن الوليد بن مسلم، قال: سألت مالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي عن الأحاديث التي فيها الصفات؟ فقالوا: (أمروها كما جاءت بلا تفسير([40]). وفي رواية: (أمروها كما جاءت بلا كيف). وفي رواية: (بلا كيفية).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص259)، والدارقطني في «الصفات» (ص75)، والآجري في «الشريعة» (720)، والذهبي في «العلو» (ج2 ص959)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص241)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص115 و307)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص527)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص158)، و(ج19 ص231)، وفي «الانتقاء» (ص63)، وفي «الاستذكار» (ج8 ص118)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص377)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص2)، وفي «الاعتقاد» (ص57)، وأبو عثمان الصابوني في «الاعتقاد» (ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20)، وابن المقرئ في «المعجم» (555)، وابن دحية في «الابتهاج في أحاديث المعراج» (ص98)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص345)، و(ج3 ص249)  من طرق عن الهيثم بن خارجة حدثنا الوليد بن مسلم به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الذهبي في «الأربعين» (ص82)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص142)، وابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص39).

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص96): (وقد روينا عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات؛ أنهم كلهم قالوا: أمروها كما جاءت). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ

قلت: فهذه الأحاديث نثبت ألفاظها ومعانيها مع اعتقادنا أننا مكلفون بمعرفة تلك الألفاظ والمعاني؛ أي: فإننا متعبدون بمعرفة معاني صفات الله تعالى، مع إثبات الظاهر لهذه الصفات، ونفي علمنا بكيفية هذه الصفات؛ فإن هذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، فهو أعلم بصفاته سبحانه.([41])

قال تعالى: ]ولا يحيطون به علم[ [طه:110].

وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11].

وقال تعالى: ]ولم يكن له كفوا أحد [[الإخلاص: 4].

وقال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم [[الإسراء: 36].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص36): (وتأويل  الصفات هو في الحقيقة التي انفرد الله تعالى بعلمها وهو الكيف المجهول). اهـ

قلت: وهذا التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، هو علم كيفية صفاته سبحانه وتعالى.

قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ]هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله[ [الأعراف:53].

وقال تعالى: ]ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا[ [الكهف:82].

وقال تعالى: ]سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا[ [الكهف:87].

وقال تعالى: ]ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء:59].

قلت: وأحسن التأويل هو: تأويل الله تعالى لصفاته، لأن لا يعلم هذا التأويل إلا هو سبحانه وتعالى؛ أي: علم كيفية هذه الصفات.

قال الإمام أبو سلميان الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج1 ص637): (هذا الحديث، وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ

2) وعن الأوزاعي قال: سئل مكحول، والزهري؛ عن تفسير أحاديث الصفات، فقالا: (أمروها كما جاءت). وفي رواية: (أمر الأحاديث كما جاءت). وفي رواية: (أمضوا الأحاديث على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص478)، والخلال في «السنة» (ص76-الفتوى الحموية)، والخطابي في «معالم السنن» (ج3 ص555)، وفي «أعلام الحديث» (ج1 ص638)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص377)، والأصبهاني في «الحجة» تعليقا (ج1 ص192)، وأبو عمرو الداني في «الرسالة الوافية» (ص138)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1801)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج17 ص77)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص18)،   والقاضي أبو يعلى في «إبطال التأويلات» (ج1 ص47)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص252)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص621)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص494)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)  من طرق عن بقية بن الوليد قال: حدثني الأوزاعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص39)، والذهبي في «السير» (ج5 ص162)، والشاطبي في «الاعتصام» (ج2 ص851).

ففي قول السلف: (أمروها كما جاءت، بلا كيف)، إثبات لحقيقة صفات الله تعالى، ونفي لعلمنا بكيفياتها؛ فالتفويض يكون في كيفية الصفات لافي معانيها، فافطن لهذا.([42])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص39 قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة. والزهري ومكحول: هما أعلم التابعين في زمانهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «جواب الاعتراضات المصرية» (ص188): (فالمأول بما يخالف الظاهر؛ مع أنه مبتدع لهذه التأويلات، فهي بدعة مخالفة لإجماع السلف ... و«الجهم»، و«الجعد»، أو من بعد هؤلاء؛ مثل: «أبي الهذيل العلاف» وطبقته، و«بشر المريسي»، ونحوه؛ فهؤلاء الذين ابتدعوا هذه التأويلات). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص188): (الكلام في صفات الله عز وجل ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله r، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وذهب قوم من المثبتين([43]) إلى البحث عن التكييف). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص369): (أجمعوا على الأخذ بظاهر النصوص، وأنه حق على حقيقته، وأنه هو اللائق بالله عز وجل). اهـ

3) وعن الإمام الزهري / قال: (من الله العلم، وعلى رسول الله البلاغ، وعلينا التسليم، أمروا حديث رسول الله r كما جاءت([44]». وفي رواية: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» مجزوما به؛ في كتاب: «التوحيد» (ج6 ص2738)، وفي «خلق أفعال العباد» (332) تعليقا، والخلال في «السنة» (1001)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج6 ص14)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص369)، والحميدي في «النوادر» (ج13 ص504-فتح الباري)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (1370)، وابن حبان في «صحيحه» (186)، وابن أبي عاصم في «الأدب» (ج13 ص504-فتح الباري)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (520)، والسمعاني في «أدب الإملاء والاستملاء» (ص62)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص365)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والذهبي في «السير» (ج5 ص346)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص620)  من طرق عن الزهري به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

4) وعن الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن / قال: (من الله الرسالة، ومن الرسول البلاغ، وعلينا التصديق).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (655)، والعجلي في «تاريخ الثقات» (ص158)، والذهبي في «العلو» (ص98)، والخلال في «السنة» (ص306-الفتوى الحموية)،  والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص408)، وابن قدامة في «إثبات صفة العلو» (ص164)  من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به.

وإسناده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «العلو» (ص132).

وقال ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص27): إسناده كلهم أئمة ثقات.

وقال ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص365): وهذا الجواب ثابت عن ربيعة شيخ مالك.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص25)، وابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص264)، والسيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص421).    

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ

قلت: وهذا إجماع في إثبات الصفات على ظاهرها، وإمرارها على ما جاءت النصوص، وقد أخبر بهذا الإجماع من هو ممن يتتبع كلام أهل العلم، ويطلع على خلافهم فيقول: أجمعوا على هذا؛ أي: يعني: أثبتوا أنه لا يوجد أي خلاف في ثبوت الصفات على حقيقتها.([45])

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص312):

مـــن قـــال ذا قــد خــــالـــف الإجــمـــــاع

 

 

والـــخــبــر الــصــحــيـــح وظـــاهر القرآن

 

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ

5) وعن أبي داود الطيالسي، قال: كان سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وشريك، وأبو عوانة، (لا يحدون، ولا يشبهون، ولا يمثلون، يروون الحديث ولا يقولون: كيف، وإذا سئلوا أجابوا بالأثر).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (909)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص3) من طريق إسحاق بن أحمد الفارسي، ثنا حفص بن عمر المهرقاني، ثنا أبو داود به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قال أبو داود الطيالسي: وهو قولنا.

6) وعن المروذي: سألت أبا عبد الله يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، والخلال في «السنة» (ج1 ص246)، وابن يزداد البغدادي في «السنة» (ص20)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22)  من طرق عن المروذي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.

قلت: فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين لم ينقل عنهم أنهم اشتغلوا بالاجتهاد في الاعتقاد!.

قال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص43): (لا يجوز رد هذه الأخبار على ما ذهب إليه جماعة من المعتزلة، ولا التشاغل بتأويلها على ما ذهب إليه الأشعرية، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات لله تعالى لا تشبه سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا نعتقد التشبيه فيها). اهـ

وقال الإمام أبو يعلى الحنبلي / في «إبطال التأويلات» (ج1 ص71): (ويدل على إبطال التأويل: أن الصحابة، ومن بعدهم من التابعين حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها، ولا صرفها عن ظاهرها، فلو كان التأويل سائغا لكانوا إليه أسبق). اهـ

قلت: فلا يجوز رد هذه الأحاديث، ولا التشاغل بتحريفها، وتعطيلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله تعالى تليق بكماله وجلاله.([46])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص303): (القول الشامل في جميع هذا الباب أي: باب الصفات- أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسول الله r، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث).اهـ

7) وعن الإمام سليمان التيمي / قال: (كانوا([47]) يكرهون تفسير حديث رسول الله r بآرائهم، كما يكرهون تفسير القرآن برأيهم). وفي رواية: (ليتقى من تفسير حديث رسول الله r؛ كما يتقى من تفسير القرآن).

أثر صحيح

أخرجه ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، والدارمي في «المسند» (444)، وابن مفلح في «الأداب» تعليقا (ج2 ص61) من طريق موسى بن خالد، والأصمعي عن المعتمر بن سليمان عن أبيه.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص365): (السلف يفهمون معاني الصفات العامة([48])، ويفوضون الكيفية فقط، فليسوا بالمؤولين المحرفين، وليسوا بالمشبهين المجسمين، ولا بالمفوضين الجاهلين، ولا الواقفين الحائرين، بل هم أصحاب فهم صحيح، وفقه دقيق([49])، إذ هم وسط بين هذه النحل المختلفة). اهـ

وقال فضيلة الشيخ محمد الجامي / في «الصفات الإلهية» (ص235): (تحديد مفهوم السلف، وأنهم كانوا يفهمون من هذه النصوص؛ كتابا وسنة ما تدل عليه بوضعها وبظاهرها باقية على حقيقتها، ولم يؤولوها، ولم يخرجوا بها عن ظاهرها كما يزعم الخلف). اهـ

8) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: في ذكر أحاديث الصفات: (نسلم هذه الأحاديث كما جاءت، ولا نقول كيف هذا، ولم جاء هذا).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (495)، والدارقطني في «الصفات» (64)، والذهبي في «العلو» معلقا (433)، وابن البناء في «الرد على المبتدعة» تعليقا (ص153)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص278) من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: سمعت: وكيع بن الجراح به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فعرفنا أن مذهب السلف يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.([50])

قال الإمام ابن البناء / في «الرد على المبتدعة» (ص153): (وأصحاب الحديث: يمرنها كما جاءت من غير إبطال، ولا تأويل). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص153): (ومذهب السلف رحمة الله عليهم الإيمان بصفات الله تعالى، وأسمائه التي وصف بها نفسه في آياته، وتنزيله، أو على لسان رسوله r من غير زيادة عليها، ولا نقص منها، ولا تجاوز لها، ولا تفسير، ولا تأويل لها بما يخالف ظاهرها ولا تشبيه بصفات المخلوقين، ولا سمات المحدثين، بل أمروها كما جاءت، وردوا علمها إلى قائلها، ومعناها([51]) إلى المتكلم بها). اهـ

9) وعن الإمام سفيان بن عيينة / قال: (كل شيء وصف الله به نفسه في القرآن، فقراءته تفسيره؛ لا كيف ولا مثل). وفي رواية: (فتفسيره تلاوته والسكوت عليه). وفي رواية: (ما وصف الله تعالى به نفسه فتفسيره قراءته، ليس لأحد أن يفسره إلا الله تبارك وتعالى، أو رسله صلوات الله عليهم).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (736)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (906)،  والدارقطني في «الصفات» (61)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص19) من طريقين عن عيسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري قال: سمعت أبي يقول: سمعت سفيان بن عيينة به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص407).

وله طريق آخر؛ أخرجه الصابوني في «عقيدة السلف» (89)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (869).

وترجم الخطيب: «لعيسى بن إسحاق» في «تاريخ بغداد» (ج11 ص171)؛ وفيه أنه سمع من أبيه.

وترجم: لأبيه الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص513)؛ وفيه ذكر سماعه من سفيان بن عيينة.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج6 ص423)، وابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص406).

وقال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([52])  لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ

10) وعن عباس الدوري قال: كان أبو عبيد / يقول: (نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني).([53])

11) وعن الإمام سفيان بن عيينة / قال؛ في أحاديث الصفات: (هي كما جاءت نقر بها؛ ونحدث بها بلا كيف).

أثر صحيح

أخرجه الدارقطني في «الصفات» (65)، وأبو داود في «المراسيل» (75)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20)، والذهبي في «العلو» معلقا (423)، وفي «السير» (ج8 ص466)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص148 و149) من طريق أحمد الدورقي قال: حدثني أحمد بن نصر قال: سمعت سفيان بن عيينة به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

12) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (أدركنا إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان، ومسعرا يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون([54]) شيئا).

أثر صحيح

أخرجه الدارقطني في «الصفات» (60)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص149)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص199)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص21)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص116)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (759) من طريق عباس بن محمد الدوري -وهو في «التاريخ» (ج3 ص520) - قال: سمعت يحيى  بن معين به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

قلت: ونحن نؤمن بالأحاديث في هذا، ونقرها ونمرها كما جاءت بلا كيفية، ولا معنى إلا على ما وصف به نفسه سبحانه وتعالى.([55])

قلت: أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت.

قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص138): (وهذا دين الأمة، وقول أهل السنة في هذه الصفات أن تمر كما جاءت بغير تكييف، ولا تحديد، فمن تجاوز المروي فيها وكيف شيئا منها، ومثلها بشيء من جوارحنا وآلتنا، فقد ضل واعتدى، وابتدع في الدين ما ليس منه، وخرق إجماع المسلمين، وفارق أئمة الدين).اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص210)؛ عن اعتقاد الصحابة في الأسماء والصفات: (لم يتنازعوا في تأويل آيات الصفات، وأخبارها في موضع واحد، بل اتفقت كلمتهم، وكلمة التابعين بعدهم على إقرارها وإمرارها؛ مع فهم معانيها وإثبات حقائقها.

وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا، وأن العناية ببيانها أهم؛ لأنها من تمام تحقيق الشهادتين وإثباتها من لوازم التوحيد فبينها الله تعالى، ورسوله r بيانا شافيا لا يقع فيه لبس، ولا إشكال يوقع الراسخين في العلم في منازعة؛ ولا اشتباه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج6 ص12): (وأهل السنة مجتمعون على الإيمان بهذه الآثار، واعتقادها وترك المجادلة فيها؛ وبالله العصمة والتوفيق). اهـ

13) وعن الإمام الأوزاعي / قال: (ونؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل وعلا).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (365)، والجوزقاني في «الأباطيل والمناكير» (ج1 ص80)، والذهبي في «السير» (ج7 ص120 و121)، وفي «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص181 و182)، وفي «العلو» (334)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط) من طريق إبراهيم بن الهيثم البلدي ثنا محمد بن كثير المصيصي قال: سمعت الأوزاعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن تيمية في «درء التعارض» (ج6 ص262)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص181).

وقال ابن القيم في «الصواعق» (ج2 ص211): رواته كلهم أئمة ثقات.

وجوده ابن حجر في «فتح الباري» (ج13 ص406).

وذكره ابن تيمية في «الفتوى الحموية» (ص232)، والذهبي في «الأربعين» (ص81)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش» (ص135).

وأخرجه الثعلبي في «الكشف والبيان» (ق/14/4/ط)، والذهبي في «العلو» (335) عن الوليد بن مسلم، وقد سئل الأوزاعي عن أحاديث الصفات، فقال: (أمروها كما جاءت).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وإنما قال الأوزاعي ذلك بعد ظهور أمر «جهم» المنكر لكون الله فوق عرشه، النافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف كان خلاف ذلك). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (وحكوا إجماعهم([56])  على إمرار الصفات أحاديثها، وإنكارهم على المحرفين([57])  لها). اهـ

قلت: والمبتدعة المعطلة هم: في الحقيقة يجمعون بدعتين: إنكار الصفات، وتحريفها عن معانيها الصحيحة.([58])

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص149):

وتــــأولــــوا عــــلـــم الإلـــــه وقــــــولــــــه

 

 

وصــفـــاتـــــه بالـــســــلــــب والـــبـــطلان

 

14) وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).

وقال العلامة أبو النصر القنوجي / في «القائد إلى العقائد» (ق/2/ط)، و(ص25/م): (فيجب الإقرار بها، والتسليم لها، وترك الاعتراضات عليها، وإمرارها على ظواهرها، ولا يجوز الإلحاد في أسمائه وصفاته). اهـ

15) وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

16) وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (اتفق الفقهاء كلهم، من المشرق إلى المغرب، على الإيمان بالقرآن، والأحاديث التي جاء بها الثقات عن رسول الله r في صفة الرب من غير تغيير وفي رواية: [من غير تفسير]، ولا وصف، ولا تشبيه، فمن فسر اليوم شيئا من ذلك، فقد خرج مما كان عليه النبي r، وفارق الجماعة، فإنهم لم يصفوا، ولم يفسروا، ولكن أفتوا، وفي رواية: [ولكن آمنوا] بما في الكتاب والسنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جهم، فقد فارق الجماعة، لأنه قد وصفه بصفة لا شيء).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص432)، والذهبي في «العلو» تعليقا (ص113)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14) من طريق داود بن طلحة قال: سمعت عبد الله بن أبي حنيفة الدوسي يقول: سمعت محمد بن الحسن به.

قلت: وهذا سنده حسن، وآثار السلف في هذا الاعتقاد تشهد له.

قلت: وطريقة السلف الصالح جامعة لكل خير في الدين والدنيا.

 وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص185):

والله يــــعــــــلــــم أنـــــنـــــا في وصــــفـــــه

 

 

لــــــــم نــــعـــــد مــــــا قـــــد قال في القرآن

 

أو قــــــالـــــــــــه أيـــــضا رســـــــــــول الله

 

 

فـــــــهــــــو الـــصادق المصدوق بالبرهان

أو قـــــــالــــــــه أصــــــحـــــابــــــه من بعده

 

 

فـــــهـــــــــــم الــــنـــــجــوم مطالع الإيمان

17) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال؛ عن أحاديث الصفات: (أدركنا الأعمش، وسفيان الثوري يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص232) من طريق أحمد بن حنبل به.

وإسناده صحيح.

قلت: فمذهب السلف؛ هو: قبول الأحاديث في الصفات، والعمل بها، وعدم ردها.

قال تعالى: ]آمنا به كل من عند ربنا[ [آل عمران: 7].

وقال الإمام أحمد / في «السنة» (ص212): (أنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص13): (وقد نقل عن جماعة منهم الأمر بالكف عن الكلام في هذا، وإمرار أخبار الصفات كما جاءت). اهـ

18) وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛ فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.

قلت: وهذا سنده حسن.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([59])، والله الموفق.

وقال الإمام البغوي / في «معالم التنزيل» (ج3 ص77): (وقال أئمة السلف من أهل السنة في هذه الصفات: أمروها كما جاءت بلا كيف). اهـ

19) وقال الإمام أحمد / في «السنة» (ص212): (هذه الأحاديث نرويها كما جاءت). اهـ

وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص32):

وأن أحــــــــــاديــــــث الــــصـــــفات وآيها

 

 

تمــــر كــــمــــر الســــحب من غير ما نشر

ومـــــا جــــاء في القــــــــــرآن أو صح نقله

 

 

عـــــــن الــــســـيد المختار من ناقلي الأثر

قلت: ومذهب السلف الصالح إثبات الصفات، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها([60])، لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، وإثبات الذات إثبات وجود؛ لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات.([61])

قال الحافظ الخطيب / في «جوابه في الصفات» (ص74): (فإذا كان معلوما أن إثبات رب العالمين عز وجل إنما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص6 و7): (وعلى هذا مضى السلف كلهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص27): (وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص242): (الواجب علينا في نصوص الصفات إجراؤها على ظاهرها، وهي بالمعنى العربي). اهـ

20) وعن أشهب بن عبد العزيز قال سمعت مالك بن أنس يقول (إياكم والبدع قيل يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال أهل البدع: الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته، وكلامه، وعلمه، وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان).

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص70)، وأبو الفضل المقرئ في «أحاديث ذم الكلام» (ص82)، وأبو القاسم في «الحجة» (ج1 ص103)، والصابوني في «عقيدة السلف» (ص244) من طريق محمد بن عمير الرازي حدثنا أبو زكريا يحيى بن أيوب العلاف التجيبي حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا أشهب بن عبد العزيز به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره البغوي في «شرح السنة» (ج1 ص217)، و ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج6 ص213): (مذهب أهل الحديث: وهم السلف من القرون الثلاثة، ومن سلك سبيلهم من الخلف: أن هذه الأحاديث تمر كما جاءت، ويؤمن بها وتصدق، وتصان عن تأويل يفضي إلى تعطيل وتكييف يفضي إلى تمثيل). اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص168): (فالذين عطلوا الله تعالى من صفاته حكموا عقولهم؛ فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل). اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص168): (من أنكر شيئا من صفات الله تعالى، فهو من المشاقين لله تعالى، ومن المتبعين غير سبيل المؤمنين، ومن الملحدين المعطلين لأسماء الله وصفاته). اهـ

قلت: فثبت بالكتاب أن من اتبع سبيلهم فهو على الحق، ومن خالفهم فهو على الباطل.

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

فمن سبيلهم في الاعتقاد: الإيمان بآيات الصفات وأحاديثها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت، لا نفسر ولا نأول بما يخالف ظاهرها.([62])

قال العلامة الشيخ عثمان النجدي / في «نجاة الخلف» (ص17): (مذهب سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله r من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فيثبتون له ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات، وينزهونه عما نزه عنه نفسه من مماثلة المخلوقات إثباتا بلا تمثيل، وتنزيها بلا تعطيل، قال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

وقوله: ]ليس كمثله شيء [؛ رد على الممثلة.

وقوله: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ رد على المعطلة.

قال بعض العلماء: المعطل يعبد عدما، والممثل يعبد صنما، والموحد يعبد إلها واحدا صمدا). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).

وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم). اهـ

وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص31):

ومــــذهبــــــــنا لا كيـــــــــف لا مثل لا لما

 

 

بالإقـــــــــرار والإمـــــــرار من غير ما فسر

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص280): (فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، وسموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف).اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([63])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

21) وعن الإمام أبي عبيد / قال؛ عن الصفات: (وهذه الأحاديث ... هي عندنا حق، حملها الثقات بعضهم عن بعض، غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها([64])، وما أدركنا أحدا يفسرها).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص90)، والأزهري في «تهذيب اللغة» (ج9 ص45)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص439)، والآجري في «الشريعة» (ص255)، والدارقطني في «الصفات» (ص68 و69)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص149)، واللالكائي في «أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (ج2 ص526)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (70)، وفي «الرد على المبتدعة» (ص151)، وابن منده في «التوحيد» (ج1 ص232)، والخلال في «السنة» (311)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)، والزبيدي في «طبقات النحويين» (ص200)، والذهبي في «العلو» (ص127)، وفي «السير» (ج1 ص505)، وفي «العرش» (ج2 ص236)، وأبو يعلى في «إبطال التأويلات» (ج1 ص48)، والدقاق في «مجلس رؤية الله تعالى» (7)  من طرق عن العباد بن محمد، وعباس الدوري عن أبي عبيد به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص186)، والذهبي في «العرش» (ج2 ص237).

وقال ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): وروي بأسانيد صحيحة عن أبي عبيد القاسم بن سلام.

وذكره ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20).

قلت: وقد بين الإمام أبو عبيد / أن هذه الصفات لا تفسر، ولا سمع أحدا يفسرها؛ تفسير الجهمية المعطلة. ([65])

قال الحافظ الذهبي / في «العرش» (ج2 ص237): وأبو عبيد من أخيار هذه الأمة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): (أبو عبيد أحد الأئمة الأربعة: الذين هم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد؛ وله من المعرفة بالفقه، واللغة، والتأويل: ما هو أشهر من أن يوصف وقد كان في الزمان الذي ظهرت فيه الفتن والأهواء، وقد أخبر أنه ما أدرك أحدا من العلماء يفسرها: أي تفسير الجهمية). اهـ

وقال الإمام ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص395): (نحن لا ننتهي في صفاته جل جلاله إلا إلى حيث انتهى إليه رسول الله r، ولا ندفع ما صح عنه). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج10 ص506): (قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا.

وآيات الصفات، وأحاديثها؛ لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أو حتما، لبادروا إليه). اهـ

وقال الإمام الترمذي / في «السنن» (ج4 ص692): (والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل: سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم؛ أنهم رووا هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يقال: كيف؟، وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا تتوهم، ولا يقال: كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه). اهـ

قلت: فالسلف الصالح ينهون عن تفسير نصوص صفات الله تعالى، ويريدون به؛ النهي عن تفسيرها بتفسيرات الجهمية المعطلة البدعية.

قال تعالى: ]انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا[ [الإسراء: 48].

وقال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74].

وقال تعالى: ]وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله[ [البقرة: 102].

قال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص240): (فكما أنه تعالى له ذات لا تشبه ذوات خلقه، فله صفات لا تشبه صفات خلقه، هو جل شأنه لا يقاس بخلقه، لا في أحكامه، وقضائه، وقدره، ولا في أفعاله وصفاته، كما لا يقال بهم في ذاته، قال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]، وقال تعالى: ]انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا[ [الإسراء: 48]، وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «تعليقه على العقيدة الواسطية» (ص19): (قوله: (الفرقة الناجية: أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات)؛ هو إثبات ما جاء في القرآن العظيم، والسنة الصحيحة؛ من أسماء الله وصفاته، على الوجه اللائق بجلال الله من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقول الله تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]، فنفى عن نفسه المماثلة، وأثبت السمع والبصر، فدل ذلك على أن مراده سمع وبصر لا يماثلان أسماع الخلق وأبصارهم). اهـ

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص118): (ما جاء عن النبي r من نقل الثقات، وجاء عن الصحابة وصح عنهم؛ فهو علم يدان به، وما أحدث بعدهم ولم يكن له أصل فيما جاء عنهم؛ فبدعة وضلالة).اهـ

قلت: وهم خير القرون بنص الرسول r عنهم، وإجماعهم حجة ملزمة، لأنه مقتضى الكتاب والسنة.

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص173):

واعــــلــــم بـــــأن طــــريقـــهـــــم عكــس

 

 

الـــطــــريق الـــمـــســـتــقــيم لمن له عينان

 

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص296): (وأهل السنة والجماعة جعلوا المتبادر من النصوص هو: المعنى الحقيقي اللائق بالله تعالى، وقالوا: إن هذا المعنى حق على حقيقته، لكنه لائق بالله تعالى.

ففي قولهم: (إنه حق على حقيقته)؛ رد على المعطلة، وفي قولهم: (اللائق بالله)؛ رد على الممثلة الذين جلعوه مماثلا للمخلوق). اهـ

قلت: فهم مجمعون على الإقرار، والإيمان لهذه الصفات العظيمة.

22) وعن الإمام أحمد / قال: (ألا إنا نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ج1 ص280)، وابن البناء في «المختار في أصول السنة» (ص97) من طريق النجاد قال أخبرنا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص224).

وقال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص7): (أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله r، والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة). اهـ

وقال الحافظ البيهقي / في «الأسماء والصفات» (ج2 ص43): (أما المتقدمون من هذه الأمة، فإنهم لم يفسروا ما كتبنا من الآيتين والأخبار في هذا الباب). اهـ  يعني: في باب الصفات.

وقال الإمام ابن سريج / في «أجوبة في أصول الدين» (ص86)؛ في الصفات: (أنا نقبلها ولا نردها، ولا نتأولها بتأويل المخالفين، ولا نحملها على تشبيه المشبهين، ولا نزيد عليها، ولا ننقص منها، ولا نفسرها، ولا نكيفها، ولا نترجم عن صفاته بلغة غير العربية، ولا نشير إليها بخواطر القلوب، ولا بحركات الجوارح، بل نطلق ما أطلق الله عز وجل.

ونفسر الذي فسره النبي r، وأصحابه، والتابعون، والأئمة المرضيون من السلف المعروفين بالدين والأمانة.

ونجمع على ما أجمعوا عليه، ونمسك عما أمسكوا عنه، ونسلم الخبر لظاهره، والآية لظاهر تنزيلها، لا نقول بتأويل المعتزلة، والأشعرية، والجهمية، والملحدة، والمجسمة، والمشبه، والكرامية، والمكيفة.

بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل.

ونقول: الآية والخبر صحيحان، والإيمان بهما واجب، والقول بهم سنة، وابتغاء تأويلها بدعة وزندقة). اهـ

23) وعن الإمام أبي القاسم / قال: (ما جاء في الصفات في كتاب الله تعالى، أو روي بالأسانيد الصحيحة، فمذهب السلف رحمة الله عليهم إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها؛ لأن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات وإثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات، وعلى هذا مضى السلف كلهم).

أثر صحيح

أخرجه ابن قدامة في «ذم التأويل» (40) من طريق يحيى بن محمد به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام الحميدي / في «أصول السنة» (ج2 ص546): (أصول السنة: -فذكر أشياء- ثم قال: ما نطق به القرآن والحديث ... لا نزيد ولا نفسر، ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج8 ص402): (ومعلوم عند أهل العلم من الطوائف أن مذهب السلف إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تأويل ولا تحريف، ولا تشبيه ولا تكييف). اهـ

24) وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه  الأحاديث التي جاءت؛ نرويها كما جاءت ولا نفسرها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

 وقال الإمام ابن قدامة في «ذم التأويل» (ص40): (وأما الإجماع: فإن الصحابة y أجمعوا على ترك التأويل بما ذكرناه عنهم، وكذلك أهل كل عصر بعدهم، ولم ينقل التأويل إلا عن مبتدع أو منسوب إلى بدعة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص320):

يــــــا قـــــوم فــــانـــتـــبـــهوا لأنـــفــســـكم

 

 

وخـــــلـــــوا الـــجهل والدعوى بلا برهان

25) وعن الإمام ابن المديني / قال: (ونحو هذه الأحاديث مما ذكرناه، ومما لم نذكره في هذه الأحاديث: مما صح وحفظ , فإنه يسلم له وإن لم يعلم تفسيره، فلا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه ولا يتكلم فيه ما لم يبلغ لنا منه، ولا نفسر الأحاديث إلا على ما جاءت, ولا نردها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص160) من طريق أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بسطام يقول: سمعت سهل بن محمد قرأها على علي بن عبد الله بن جعفر المديني به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص40): (والإجماع حجة قاطعة فإن الله لا يجمع أمة محمد عليه السلام على ضلالة، ومن بعدهم من الأئمة قد صرحوا بالنهي عن التفسير، والتأويل، وأمروا بإمرار هذه الأخبار كما جاءت، وقد نقلنا إجماعهم عليه فيجب اتباعه ويحرم خلافه). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص41): (ومن المعنى أن صفات الله تعالى وأسماءه لا تدرك بالعقل؛ لأن العقل إنما يعلم صفة ما رآه أو رأى نظيره، والله تعالى لا تدركه الأبصار، ولا نظير له ولا شبيه؛ فلا تعلم صفاته وأسماؤه إلا بالتوقيف، والتوقيف إنما ورد بأسماء الصفات دون كيفيتها وتفسيرها، فيجب الاقتصار على ما ورد  به السمع لعدم العلم بما سواه، وتحريم القول على الله تعالى بغير علم بدليل: قول الله تعالى: ]قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف 33] ). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص47): (ينبغي أن يعلم أن الأخبار الصحيحة التي ثبتت بها صفات الله تعالى هي الأخبار الصحيحة الثابتة بنقل العدول الثقات التي قبلها السلف، ونقلوها ولم ينكروها ولا تكلموا فيها). اهـ

وقال الإمام ابن رجب / في «بيان فضل علم السلف» (ص48): (والصواب ما عليه السلف الصالح من إمرار آيات الصفات وأحاديثها؛ كما جاءت من غير تفسير له، ولا تكييف، ولا تمثيل: ولا يصح من أحد منهم خلاف ذلك البتة). اهـ

وقال الحافظ ابن كثير / في «تفسير القرآن» (ج2 ص444): (وهذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحاح الأجود فيها طريقة السلف الصالح إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه). اهـ

26) وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها, ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت , ولا نردها إلا بأحق منها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن باز / في «الفتاوى» (ج4 ص131): (قال أهل السنة والجماعة: أمروها كما جاءت بلا كيف؛ أي: أمروها كما جاءت بغير تحريف لها، ولا تأويل، ولا تكييف، بل يقر بها كما جاءت على ظاهرها، وعلى الوجه الذي يليق بالله جل وعلا، ومن دون تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج5 ص101): (وكلمة السلف وأئمة أهل الحديث متفقة على أن آيات الصفات وأحاديثها الصحيحة كلها تمر كما جاءت، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل). اهـ

27) وعن الإمام وكيع بن الجراح / قال: (من رأيتموه ينكر من هذه الأحاديث فاحسبوه من الجهمية).([66])

أثر صحيح

أخرجه الدارقطني في «الصفات» (62)، وعبد الله بن أحمد في «السنة» (418)، وابن منده في «التوحيد» (ج2 ص115) من طرق عن وكيع بن الجراح به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

28) وعن الإمام شريك بن عبد الله؛ وقيل له أن المعتزلة ينكرون أحاديث الصفات، فقال: (أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول الله r فهم عمن أخذوا؟).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (508)، و(509)، والدارقطني في «الصفات» (67)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (958)، والذهبي في «العلو» معلقا (144)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص116)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص202)  من طريق عباد بن العوام به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص231): (الواجب على الأمة ولا سيما العلماء منهم: إجراء نصوص الكتاب والسنة على ظاهرها، والظاهر من الكلام هو المتبادر منه عند الإطلاق، كما سيأتي في الأدلة لا سيما نصوص الصفات؛ لأن نصوص الصفات من الأمور الغيبية التي ليس للعقل فيها مجال حتى يتحكم ويقول: هذا لا يراد به ظاهره. وما أشبه ذلك، فنحن نسلم لهذه النصوص، ونجريها على ظاهرها مع اعتقاد أن ظاهرها لا يراد به الباطل).اهـ

قلت: فإجماع المسلمين قديما ثابت على خلاف ما كان عليه أهل التحريف؛ فإن السلف الصالح من صدر هذه الأمة؛ وهم: الصحابة الذين هم خير القرون، والتابعون لهم بإحسان، وأئمة الهدى من بعدهم كانوا مجمعين على إثبات ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله r من الأسماء والصفات، وإجراء النصوص على ظاهرها اللائق بالله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل.([67])

قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص39): (وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص175): (ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد r، ويؤثرون كلام الله على كلام غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد r على هدي كل أحد ... والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين، وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة أو ظاهرة مما له تعلق بالدين). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ

قلت: فمصادر المعرفة في الاعتقاد موقوفة على هذه الأصول الثلاثة عند السلف الصالح، فعنها يصدرون، ومنها ينهلون، إذ لا حاجة لهم إلى غيرها في تلك المطالب، فقد ضمن الله لعباده فيها الهدى والنور، والعصمة من الغي والضلال، وفيها الكفاية والرحمة والذكرى لمن طلب الحق وصح قصده: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].

وقال الإمام ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص96): (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه؛ إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله، أو صح عن رسول r، أو أجمعت عليه الأمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص136): (وأما الأمور الإلهية، والمعارف الدينية؛ فهذه العلم فيها مأخذه عن الرسول؛ فالرسول أعلم الخلق بها، وأرغبهم في تعريف الخلق بها، وأقدرهم على بيانها وتعريفها، فهو فوق كل أحد في العلم والقدرة والإرادة، وهذه الثلاثة بها يتم المقصود). اهـ

وهذا المنهج المتين الذي قام عليه مذهب السلف في الاستدلال قد دلت عليه أدلة كثيرة من النقل والعقل السليم([68])، فمنها:

قوله تعالى: ]فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون[ [الأعراف: 158].

وقوله تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا [ [النساء: 80].

وقوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59].

قلت: والرد إلى النبي r يكون إليه في حياته، وإلى سنته بعد مماته.([69])

وإن تمسك السلف بالكتاب والسنة في أبواب الاعتقاد؛ لهو أعظم معالم منهجهم الذي خالفوا به عامة الطوائف المنحرفة، كما أنه من أعظم نعم الله عليهم، وذلك أن من فتح الباب لعقله في هذه المطالب الغيبية ضل، وانحرف عن السبيل، وتاه في ظلمات الغي والضلال.([70])

قلت: فالشرع ينبه على الطريق العقلية التي بها يعرف الصانع، فتكون عقلية شرعية ... والمعرفة المفصلة بأسماء الله وصفاته التي بها تحصل الإيمان بالشرع.([71])

قال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص241): (والعقل الصحيح يتفق مع النقل الصريح). اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص94): (فهو جل شأنه المعبود المألوه: المستحق أن يفرد بجميع أنواع العبادة: لما اتصف به من صفات الكمال، ونعوت الجلال). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج7 ص308): (إنه يعلم بالفطرة، وبالعقل إثبات الصانع على طريق الإجمال، وأما تفصيل صفاته وأسمائه فتعلم بالسمع). اهـ

قلت: وبهذا يتبين أن العلامة بين العقل، والنقل علاقة تكامل وتوافق، لا علاقة تنازع، وتعارض؛ بل يقال: إن العلاقة بين صحيح النقل، وصحيح العقل علاقة تضمن.

وقال الإمام الطحاوي / في «عقيدته» (ص149): (ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام). اهـ

قلت: فقدم الإسلام لا يثبت إلا على قنطرة التسليم.([72])

قال تعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7].

فيجب التسليم بجميع ما ورد عن الرسول r، وقبوله، واتباع سنته([73])؛ كما قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

قلت: فيجب التسليم، والقبول لآيات، وأحاديث الصفات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (وهذا الدين هو دين الإسلام، الذي لا يقبل الله دينا غيره). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص169): (فالإسلام يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركا، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا عن عبادته). اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج1 ص168): (يجب الاستسلام والتسليم لنصوص الكتاب والسنة). اهـ

قلت: فلا عذر لأحد بعد السنة في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، وقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر.

قال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص538): (أنهم يعني: الصحابة- لم يكونوا يدعون ما يعرفون من السنة تقليدا لهؤلاء الثلاثة؛ كما تفعله فرقة التقليد، بل من تأمل سيرة القوم رأى أنهم كانوا إذا ظهرت لهم السنة لم يكونوا يدعونها لقول أحد كائنا من كان). اهـ

قال الإمام الشافعي: (لقد ضل من ترك حديث رسول الله r لقول من بعده).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق يوسف ابن القاسم الميانجي, حدثني الحسين بن الفتح, قال: حدثني أبو محمد بن صاعد , نا بحر , نا الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

29) وعن مالك بن أنس, قال: سمعت ابن شهاب, يقول: (سلموا للسنة ولا تعارضوها).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص385)، والدارقطني في «الصفات» (ص44)، وأبو الفتح نصر المقدسي في «الحجة» (ج1 ص12) من طريق يحيى بن أيوب الزاهد, نا عبد الله بن وهب, عن مالك به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص55) من طريق أبان بن عيسى بن دينار عن أبيه عن ابن القاسم عن مالك عن الزهري قال: (دعوا السنة تمضي، لا تعرضوا لها بالرأي).

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج2 ص140).

30) وقال الإمام نعيم بن حماد , يقول: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به , وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386) من طريق صالح بن أحمد التميمي, نا محمد بن عبد الله بلبل , نا أبو حاتم , قال: سمعت نعيم  به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

31) وقال الإمام الزهري: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص257): (وحنيئذ فيكون حفظ الولي بمتابعة الكتاب والسنة، ولا ريب أن السنة؛ كما كان الزهري / يذكر عمن مضى من سلف المؤمنين، قال: كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة). اهـ

32) وقال مخلد بن الحسين, (قال: قال لي الأوزاعي: يا أبا محمد , إذا بلغك عن رسول الله r حديث فلا تظنن غيره , ولا تقولن غيره , فإن محمدا إنما كان مبلغا عن ربه).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب البغدادي في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص387)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص353) من طريقين عن عبد الكريم بن الهيثم, نا أبو عثمان الصياد سعيد بن المغيرة, نا مخلد بن الحسين  به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

33) وعن الإمام الشافعي / قال: (ليس في سنة رسول الله r إلا اتباعها ولا نعترض عليه بكيف ولا يسع عالما فيما ثبت من السنة إلا التسليم لأن الله قد فرض اتباعها).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «الاستذكار» (ج8 ص152) من طريقين عن الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فهذه آثار السلف في إثبات صفات الله تعالى ذكرتها لأهل السنة والجماعة؛ ليحفظوها، ويعرضوها، ويتواصوا بها جيلا بعد جيل، وقرنا بعد قرن ... كتبها أئمة أعلام، وجهابذة كرام، نصحا للأنام، وذبا عن الإسلام، وتتابع عليها أئمة الدين الأعلام([74]) ... فقرروها عقيدة نقية، واضحة جلية، ناصعة أبية، راسخة سنية، أثرية سلفية ... واعلم أن كل عقيدة تحالف ما أصلوه، وتناقض ما قرروه، فهي عقيدة بدعية، زائغة ردية.

وكــــــل خــــــيــــــر في اتبــــــــاع من سلف

 

 

وكـــــــل شـــــــــر في ابـــتــــــداع من خلف

قال الإمام أحمد / في «أصول السنة» (ص8): (لا يكون صاحبه من أهل السنة؛ حتى يدع الجدال، ويؤمن بالآثار). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص180): (فأما السلف، والأئمة، وأكابر أهل الحديث والسنة والجماعة؛ فهم أولى الطوائف بموافقة المعقول الصريح، والمنقول الصحيح). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص27)؛ عن مذهب أهل الحديث في الصفات: (ولذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.

وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.

وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص156): (ومعتقد أهل السنة والجماعة وقولهم: هو إمرار آيات الصفات، وأحاديث الصفات؛ كما جاءت مع اعتقاد معناها حقيقة؛ لأن تفسيرها المخالف لما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا علم، وخروج عن طريق الاعتدال). اهـ

 

 

 

 

 

 

 

    

]ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة[ [البقرة: 7]

التمهيد

 

تعريف الصفات لغة:

˜أصل الكلمة؛ الصفات: جمع صفة، مشتقة من الفعل وصف، فالواو، والصاد، والفاء أصل واحد، وهو تحلية الشيء.([75])

قال ابن فارس اللغوي / في «مقاييس اللغة» (ج6 ص115): (وصف: الواو، والصاد، والفاء: أصل واحد، هو تحلية الشيء). اهـ

˜تصاريفها: ووصفته أصفه وصفا، وصفة: إذا حليته، ونعته، وذكرت صفته.([76])

قال ابن فارس اللغوي / في «مقاييس اللغة» (ج6 ص115): (ووصفته أصفه وصفا. والصفة: الأمارة اللازمة للشيء، كما يقال وزنته وزنا، والزنة: قدر الشيء. يقال اتصف الشيء في عين الناظر: احتمل أن يوصف). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج6 ص340): (والصفة: مصدر وصفت الشيء أصفه، وصفا، وصفة). اهـ

˜معنى الصفة:

الصفة: الأمارة اللازمة للشيء، والصفة: تجمع على صفات.([77])

قال ابن فارس اللغوي / في «مقاييس اللغة» (ج6 ص115): (ووصفته أصفه وصفا، والصفة: الأمارة اللازمة للشيء، كما يقال وزنته وزنا، والزنة: قدر الشيء). اهـ

قلت: ويتلخص من هذه المعاني إن الصفة يدور معناها على نعت الشيء، وأمارته التي تميزه عن غيره.

˜أما في الاصطلاح: الصفة؛ ما قام بالذات من المعاني والنعوت، وهي في حق الله تعالى نعوت الجلال، والجمال، والعظمة، والكمال، كالقدرة، والإرادة، والهرولة، والعلم، والحكمة، وغير ذلك.

قلت: فالصفة هي: ما قام بالذات الإلهية مما يميزها عن غيرها؛ أي: ما قام بالله تعالى من المعاني، والنعوت الواردة في الكتاب والسنة.([78])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص333): (وأما العلم فيراد به في الأصل نوعان: أحدهما: العلم به نفسه؛ وبما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام، وما دلت عليه أسماؤه الحسنى). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج10 ص83): (من أعظم الفرية على رب العالمين، وأعظم الجهل بما هو عليه سبحانه من نعوت الكمال). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «العلو» (ج2 ص1303): (فإننا إذا أثبتنا نعوت الباري، وقلنا تمر كما جاءت؛ فقد آمنا بأنها صفات). اهـ

وقال الحافظ الذهبي / في «العلو» (ج2 ص1178): (وما جاء به المرسلون إلى أممهم من إثبات نعوت الرب عز وجل، فالحمد لله على الإسلام والسنة). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص1303): (وكذلك قوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى:11] فإنه سبحانه ذكر ذلك بعد ذكر

 نعوت كماله وأوصافه). اهـ

وقال  الإمام ابن القيم / في «بدائع الفوائد» (ج2 ص1303): (قوله تعالى: ]قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى[ [النمل: 59]؛ فإنه تضمن حمده بما له من نعوت الكمال، وأوصاف الجلال، والأفعال الحميدة، والأسماء الحسنى).اهـ

قلت: فمعتقد أهل السنة والجماعة في الصفات قائم على أن الله تعالى يوصف بما وصف به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله r نفيا وإثباتا، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.([79])

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على أن: «فالحا الحربي» يحرف صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة المبتدعة المعطلة، وهذا يدل على كذبه أنه يثبت صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة السلف الصالح، وقد وقع أيضا في مذهب التفويض الخبيث

 

قال فالح الحربي؛ وهو يتكلم عن حديث: «الظل»: (حتى قال الشيخ ابن باز أن هذا تأويل يوقف عند ظاهره، نقول: الله أعلم.([80])

لذلك العلماء الآخرون علماء من أهل السنة قالوا: بهذا الحديث مثلا لم يأخذوا بحديث: «أن الظل» هو «ظل العرش»، رغم أن: «ظل العرش» جاءت أحاديث صحاح([81])، وقد صححها الشيخ الألباني، وصححها غيره، وقد قال بها علماء أهل السنة، قال بها ابن منده، وابن حجر([82])، وقال بها غيرهما من أهل العلم، والشيخ الألباني قال بهذا، والشيخ حافظ الحكمي / فهم على أن هذه صفات العرش التي تضاف إلى الله تعالى، وأورد حديث: «السبعة الذين يظلهم الله في ظله»، وهو حديث الباب عند ابن عثيمين في «شرح رياض الصالحين»، والشيخ مقبل الوادعي  أثبت حديث: «ظل العرش»، وأورده  فيما ليس في الصحيحين ...ثم قال فالح: إذا صح حديث: «الظل» نقف عند اللفظ، ويقال: «الله أعلم»([83])، لكن الحديث صح وثبت على أنه: «ظل العرش([84]»)، فهذا الحديث يفسر الحديث الآخر، فحديث: «الظل» يفسر بحديث: «ظل العرش»، والسنة ثابتة في هذا). ([85]) اهـ

قلت: ويؤكد أن: «فالحا الحربي» يؤول حديث صفة: «الظل» لله تعالى ولم يثبته على ظاهره، بل يحرفه عن معناه؛ حيث قال فالح الحربي: (الذي قال الشيخ ابن عثيمين /، الشيخ ابن عثيمين هو الذي يفهم من كلامه أنه من الصفات؛ يعني: أن الظل من الصفات- كما في «شرح رياض الصالحين» (ج5 ص305)، هذا كلام ابن عثيمين يفهم أنه من الصفات).([86]) اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

    

ذكر الدليل

على أن: «الظل» هو: صفة من صفات الله تعالى يليق بجلاله وكماله، وأن كيفية: «الظل» لا تعرف كسائر الصفات، وقد أجمع السلف على إثبات صفة: «الظل» لله تعالى، ومن قال بخلاف هذا الاعتقاد السلفي من دون العلماء المجتهدين، فهو مبتدع خارج عن السنة، لأنه خالف السنة والآثار

 

اعلم رحمك الله أن أصول المعطلة في نفي حقيقة النصوص وصرفها عن ظاهرها كثيرة جدا، ومن ذلك؛ أحاديث «ظل الله تعالى»، وقد زل في ذلك أيضا عدد من أهل العلم ممن ينتسبون إلى السنة في تأويل: «ظل الله تعالى»، وقد أخطؤوا في هذا التأويل، وذلك بسبب تقديم العقل على النقل.

قلت: وأفكار المعطلة مشتقة من أفكار الفلاسفة، وإلا فقد ثبت: «ظل الله تعالى» على ظاهره، وأنه يليق بجلاله وكماله في السنة النبوية.

وإليك الدليل:

1) فعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه») (1031)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، والترمذي في «سننه» (2551)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص439)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص99)، وابن الدبيثي في «ذيل مدينة السلام» (ج3 ص77)، وابن ظهيرة في «إرشاد الطالبين» (ج3 ص1349)، والعلائي في «بغية الملتمس» (ص128)، وفي «إثارة الفوائد» (ج1 ص445)، وابن خزيمة في «صحيحه» (358)، والطيالسي في «المسند» (2462)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص191 و192)، والإسماعيلي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص341)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج1 ص442)، وابن اللتي في «مشيخته» (ص512)، والسمعاني في «المنتخب من معجم الشيوخ» (ج1 ص245)، والمؤيد الطوسي في «زيادته على حديث يزيد بن حبيب» (ص89)، وأبو القاسم القشيري في «الرسالة القشيرية»(ص459)، وابن المستوفي في «تاريخ إربل» (ص100)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص103 و104)، وأبو القاسم ابن نصر الدمشقي في «الفوائد» (ص51)، والدارقطني في «غرائب مالك» (ق/5/ط)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص87)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص86)، وفي «الآداب» (ص148 و506)، وفي «الأسماء والصفات» (798)، وابن بشران في «الأمالي» (ج1 ص250)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص340)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص209)، وابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص646)، وفي «المسند» (ص41)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص157)، وفي «ذم الهوى» (ص193)، وفي «التبصرة» (ص648)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وفي «المجتبى» (ج8 ص222)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص131 و132)، وابن الغساني في «الأمالي» (2)، وابن حبان في «صحيحه» (7338)، والبغوي في «شرح السنة» (470)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص282)، والحدثاني في «الموطأ» (ص538)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص280)، والجوهري في «مسند الموطأ» (325)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص441)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5844) من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t به.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

2) وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي([87])، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2566)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، وابن حبان في «صحيحه» (574)، والبغوي في «شرح السنة» (3462)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص377)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص219)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص495)، وابن قدامة في «المتاحبين في الله» (34)،  وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (2004)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص237 و535)، وابن المبارك في «الزهد» (711)، والجوهري في «مسند الموطأ» (454)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (321)، وأبو أحمد الحاكم في «عوالي مالك» (ج1 ص92)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص111)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص1070)، وابن فيل في «جزئه» (32), وابن القاسم في «الموطأ» (ص330)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص232 و233)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص252)، وابن عبد الدائم في «مشيخته» (ص63)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص89)، وابن الجوزي في «التبصرة» (ص648)، والحدثاني في «الموطأ» (652) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة t به.

وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص71)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8989)، وابن طهمان في «مشيخته» (138)، والميانجي في «الأمالي والغرائب» (ص82) من طريق مالك عن سعيد المقبري عن أبي هريرة t به.

قلت: والمحفوظ عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب.

3) وعن أبي اليسر t، قال : قال رسول الله r : (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006)، وابن ماجه في «سننه» (2419)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص427)، والدارمي في «المسند» (2588)، وابن حبان في «صحيحه» (5044)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص552 و553)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1914)، و(1917)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3815)، و(3816)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (460)، والطبراني في «المعجم الكبير» (372)، و(377)، وفي «المعجم الأوسط» (4537)، و(5022)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص28 و29)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص357)، وفي «شعب الإيمان» (11248)، وفي «الأربعين الصغرى» (158)، والشاشي في «المسند» (523)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص62)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (378)، وابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» (100)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص54)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج2 ص624)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص73)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص112)، والديلمي في «الفردوس» (ج3 ص568)، والعراقي في «قرة العين» (ص55)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص49)، والمراغي في «مشيخته» (ص214)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص19 و20)، وفي «معرفة الصحابة» (5819)، ومحمد بن عاصم في «جزء حديثه» (8)، والبغوي في «شرح السنة» (2142)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص341)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص404)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص101 و102)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص280)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج12 ص4443)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج5 ص99)، والبخاري في «الأدب المفرد» (187)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص298)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص484)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص470)، وأبو القاسم ابن منده في «المستخرج من كتب الناس للتذكرة» (ج1 ص111)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص377) من طرق عن أبي اليسر t ... وذكره بألفاظ عندهم متقاربة، ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.

قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن: «الظل» أضيف إلى الله تعالى، فهو صفة لله تعالى؛ أي: فهو له «ظل» يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته.

والنبي r ذكر: «الظل» لله تعالى، ولم يتعرض له بتأويل، ولا تفسير بمثل: تعطيل المعطلة أو تأويلهم.

وكذلك الصحابة y رووا هذه الأحاديث، وسكتوا عنها، ولم يخوضوا فيها بتأويل أو تفسير بخلاف السنة، أو بخلاف لغة العرب.

قلت: وقد خالف عدد من أهل العلم؛ السلف الصالح في إثبات: «الظل» لله تعالى، وقالوا أن المراد بقوله r: (يظلهم الله في ظله)؛ أي: في «ظل العرش»، كما قرره البيهقي في «الأسماء والصفات» (ج3 ص955 و956)، وذهب إلى ذلك أيضا الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص73)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص190)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج6 ص51)، وابن حجر في«فتح الباري» (ج2 ص169)، والقرطبي في «التذكرة» (ص264)، وابن حبان في «صحيحه» (ج2 ص332)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص132)، والمباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج4 ص534)، والشيخ الألباني في «الإرواء» (ج3 ص395)، وفي «مختصر العلو» (ص105)، وابن القيم في «الوابل الصيب» (ص54)، وفي «طريق الهجرتين» (ص525)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص589 و590)، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية في السعودية (ج2 ص487)، وغيرهم.

وحجتهم في ذلك الأحاديث([88]) التي جاءت مقيدة «للظل» بالعرش، وقد أخطؤوا في ذلك، وخالفوا السنة النبوية، واعتقاد السلف الصالح، فلا يتبعوا على خطئهم هذا، لأن السنة أحكمت الدين، والسلف أعلم وأحكم، فيجب التسليم للسنة والآثار!.

والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسيره» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسيره» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسيره» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسيره» (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه, ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله , وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص990)، والطبري في «تفسيره» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([89])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه , وطاعة الرسول: اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «تفسيره» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([90])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: (فردوه إلى ما تستحسنون).

ومن المحال أن يكون الحق فيما استحسنا دون برهان؛ لأنه لو كان ذلك لكان الله تعالى يكلفنا ما لا نطيق، ولبطلت الحقائق ولتضادت الدلائل، وتعارضت البراهين ولكان تعالى يأمرنا بالاختلاف الذي قد نهانا عنه، وهذا محال لأنه لا يجوز أصلا أن يتفق استحسان العلماء كلهم على قول واحد على اختلاف هممهم وطبائعهم وأغراضهم فطائفة طبعها الشدة، وطائفة طبعها اللين، وطائفة طبعها التصميم، وطائفة طبعها الاحتياط، ولا سبيل إلى الاتفاق على استحسان شيء واحد مع هذه الدواعي والخواطر المهيجة واختلافها واختلاف نتائجها وموجباتها ونحن نجد الحنفيين قد استحسنوا ما استقبحه المالكيون ونجد المالكيين قد استحسنوا قولا قد استقبحه الحنفيون فبطل أن يكون الحق في دين الله عز وجل مردودا إلى استحسان بعض الناس، وإنما كان يكون هذا، وأعوذ بالله لو كان الدين ناقصا؛ فأما وهو تام لا مزيد فيه مبين كله منصوص عليه، أو مجمع عليه فلا معنى لمن استحسن شيئا منه، أو من غيره، ولا لمن استقبح أيضا شيئا منه أو من غيره، والحق حق وإن استقبحه الناس، والباطل باطل وإن استحسنه الناس فصح أن الاستحسان شهوة واتباع للهوى وضلال وبالله تعالى نعوذ من الخذلان). اهـ

وقال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص247): (فمن ظهر له الحديث الصحيح الصالح للاعتماد، وعلم أن من الأئمة من أخذ به فليأخذ به، ولا يمنعه عن ذلك أنه على مذهب فلان أو فلان، فقد قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] ومن جملة الرد إليه r الأخذ بقوله عند التنازع وقد تحقق التنازع بين الأئمة، فوجب الأخذ بقول الرسول r والرجوع إليه إذا ظهر). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

قلت: ومن هنا تعلم خطأ من تأول: «الظل» بأنه: «ظل مخلوق([91]»)، وإضافته إلى الله تعالى إضافة ملك وتشريف، أو أن: «الظل» بمعنى رحمة الله تعالى ورعايته، أو: «ظل الجنة([92]»).

وهذه التأويلات «للظل» مخالفة للسنة، ولا ينبغي أن تعتمد في الشريعة، لأنها صدرت عن اجتهادات من عدد من أهل العلم بغير دليل صحيح يعتبر في الدين.

إذا فلله تعالى: «ظل» يليق به مثل سائر الصفات، وهذا الباب واحد عند السلف، فإنهم لم يعطلوا صفة من الصفات، كذلك لم يعطلوا صفة: «الظل» لله تعالى، وأمروا الأحاديث([93]) على ظاهرها.

قلت: وعلى هذا فليس لنا أن نتكلف في التشقيق، والبحث عن مثل هذه التأويلات.

فنقول: يلزم من ذلك كذا، أو يلزم منه كذا إلى آخر ما قد يطرأ على العقول في ذلك، مما لا حاجة إليه، ولا نفع يرتجى من ورائه، ويحسب المسلم أن يصدق بهذه الأخبار الواردة في: «ظل» لله تعالى، ويأخذ نفسه بالتزام الأعمال الصالحة التي توجب له فضله عند الله تعالى يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلق، ولا ظل هناك،  إلا ظل الله تعالى، ولا يلزم من هذا: «الظل» أن تكون الشمس فوق الله تعالى، ليكون حائلا بينه وبين الناس من جميع الجهات، فهذا مستحيل؛ لأن الله تعالى له العلو المطلق، فتبه.

قلت: ومسائل الصفات ليس فيها؛ أي: اختلاف، و«الظل» من الصفات، ولم يختلف فيه السلف على أنه صفة من صفات الله تعالى.

وإذا كان السلف على اعتقاد؛ فلا يجوز أن نحدث تأويلات في هذا الاعتقاد فنخالفهم في ذلك، ومن خالفهم من أهل التقليد([94]) فقد جنى على نفسه، والله المستعان.

قلت: وهذه الأحاديث النبوية تدل على ثبوت صفة: «الظل لله تعالى»، وهي من الصفات، والتي هي في حق الله تعالى على ما يليق بكماله وجلاله لا يشابه فيها خلقه تعالى؛ كسائر الصفات، فهو أعلم بصفاته، وأعلم بكيفيتها عز وجل: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] فإذا أخبرنا عن نفسه أنه له «ظل»، قلنا: آمنا بالله تعالى.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ

قلت: وهذا إجماع في إثبات الصفات على ظاهرها، وإمرارها على ما جاءت النصوص، وقد أخبر بهذا الإجماع من هو ممن يتتبع كلام أهل العلم، ويطلع على خلافهم فيقول: أجمعوا على هذا؛ أي: يعني: أثبتوا أنه لا يوجد أي خلاف في ثبوت الصفات على حقيقتها.([95])

وأنشد الإمام أبو شامة /:

وقـال الـنـبـي المصــطـفـى إن سـبـعــــــــــة

 

 

يــظــــــلــــهــــم الله الــكـــريــــم بـظـلــــــه

مــحــــب عــفـــيــــف نـــاشـــئ مــتصــدق

 

 

وبــــاك مــصـــل والإمــام بـعــدلــه([96])

قلت: ولم يذكر الإمام أبو شامة /: «ظل العرش»، فقد أثبت: «ظل» الله تعالى فقط، كما ثبت في السنة.

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص312):

مـــن قـــال ذا قــد خــــالـــف الإجــمـــــاع

 

 

والـــخــبــر الــصــحــيـــح وظـــاهر القرآن

 

وعن المروذي: سألت أبا عبد الله يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22)  من طريقين عن المروذي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.([97])

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([98])  لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ

وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).

وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛ فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.

قلت: وهذا سنده حسن.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([99])، والله الموفق.

قلت: وأجمع السلف على «إثبات الظل للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.

قلت: هذه الأحكام في الأصول كلها نؤمن بها، ولا نحرفها، والسلف نقلوا لنا هذه الأحكام، ولابد أن نأخذ بها؛ لأن الذين نقلوا هذه السنن؛ هم: الذين نقلوا لنا الأحكام في الفروع؛ مثل: الطهارة، والصلاة، وسائر الأحكام.

فقبل أهل الأهواء هذا الأحكام في الفروع من السلف، وأخذوا منهم، واحتجوا بهم، ولكنهم ردوا أحكام الأصول مثل: الصفات وغيرها، ولم يأخذوا منهم، ولم يحتجوا بهم، وهذا من الضلال المبين، لأن كيف يأخذوا من السلف الفروع، ويتركوا الأصول:  ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5]؛ فمن فعل ذلك فهو مبتدع ضال فاحذروه.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).

وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم، ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة). اهـ

وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص31):

ومــــذهبــــــــنا لا كيـــــــــف لا مثل لا لما

 

 

بالإقـــــــــرار والإمـــــــرار من غير ما فسر

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص280): (فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، وسموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف).اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([100])

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص131): (ومن فهم من شيء من هذه النصوص تشبيها، أو حلولا، أو اتحادا، فإنما أتي من جهله، وسوء فهمه عن الله تعالى، ورسوله r، والله تعالى ورسوله r بريئان من ذلك كله، فسبحان من ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني / في «التعليق على الترغيب» (ج2 ص610)؛ في رده على أهل التأويل: (ولو أنهم تلقوها حين سماعها، مستحضرين؛ قوله: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ لما ركنوا إلى التأويل، وآمنوا بحقائقها على ما يليق به تعالى.

شأنهم في ذلك شأنهم في إيمانهم بصفتي: «السمع»، و«البصر»، وغيرهما من صفاته عز وجل، مع تنزيهه عن مشابهة للحوادث، لو فعلوا ذلك هنا، لاستراحوا وأراحوا، ونجوا من تناقضهم في إيمانهم بربهم وصفاته). اهـ

قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى؛ منها: صفة الظل، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لأن ذلك يفيد اليقين.([101])

وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها, ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت , ولا نردها إلا بأحق منها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).

قلت: وهذه أحاديث صحيحة في صفة: «الظل»؛ رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.

وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.

وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ

وقال فضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي / في «عقيدة المسلمين» (ج2 ص156): (ومعتقد أهل السنة والجماعة وقولهم: هو إمرار آيات الصفات، وأحاديث الصفات؛ كما جاءت مع اعتقاد معناها حقيقة؛ لأن تفسيرها المخالف لما عليه الصحابة، والتابعون لهم بإحسان قول على الله تعالى، وعلى رسوله r بلا علم، وخروج عن طريق الاعتدال). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص39 قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة. والزهري ومكحول: هما أعلم التابعين في زمانهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص303): (القول الشامل في جميع هذا الباب أي: باب الصفات- أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، أو بما وصفه به رسول الله r، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يتجاوز القرآن والحديث).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (وحكوا إجماعهم([102])  على إمرار الصفات أحاديثها، وإنكارهم على المحرفين([103])  لها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص6 و7): (وعلى هذا مضى السلف كلهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص27): (وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن، ووردت به الأخبار الصحاح). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص333): (أبو عبيد أحد الأئمة الأربعة: الذين هم: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد؛ وله من المعرفة بالفقه، واللغة، والتأويل: ما هو أشهر من أن يوصف وقد كان في الزمان الذي ظهرت فيه الفتن والأهواء، وقد أخبر أنه ما أدرك أحدا من العلماء يفسرها: أي تفسير الجهمية). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص186): (هذه الأحاديث قد رواها الثقات فنحن نرويها، ونؤمن بها. ولا نفسرها). اهـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص15): (وديانتنا التي بها ندين: التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبيه r، وما روي عن الصحابة، والتابعين، وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص18): (نعول فيما اختلفنا فيه على كتاب الله تعالى وسنة نبيه r، وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله تعالى بدعة لم يأذن الله تعالى بها، ولا نقول على الله ما لا نعلم). اهـ

قلت: وهذه النقولات تدل على أن أهل السنة يثبتون الأسماء والصفات، وما دلت عليه من معاني عظيمة؛ مع إمرارها كما جاءت بلا كيف، وصفة: «الظل» ثابتة لله تعالى، يجب إمرارها كما جاءت بلا كيف، على ما يليق بجلاله، وكماله.([104])

فأهل السنة والجماعة يثبتون ما أثبته الله عز وجل لنفسه، وما أثبته له رسوله r، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، ويمرونها كما جاءت مع الإيمان بما دلت عليه من المعاني العظيمة، فكل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من جميع الأسماء والصفات أثبتوه على الوجه اللائق به تعالى، إثباتا مفصلا على حد: قوله سبحانه: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] وينفون عنه ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله r نفيا إجماليا غالبا على حد: قوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]؛ والنفي يقتضي إثبات ما يضاده من الكمال، فكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص؛ فإن ذلك يدل على ضده من أنواع الكمال، وقد جمع الله النفي والإثبات في آية واحدة: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ [الشورى: 11]؛ فهذه الآية تضمنت تنزيه الله من مشابهة خلقه: لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وفي أولها رد على المشبهة، وهو قوله تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11]؛ وفي آخرها رد على المعطلة، وهو قوله تعالى: ]وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ وفي أولها نفي مجمل، وفي آخرها إثبات مفصل، وقال الله عز: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74]، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة من أصحاب رسول الله r وأتباعهم بإحسان. نقلها عنهم أئمة أهل السنة.([105])

قلت:  وهذه طريقة السلف الصالح ؛ وهي الطريقة الواجبة في أسماء الله تعالى وصفاته، وهي الأسلم، والأعلم، والأحكم، وليس هناك طريقة أخرى صحيحة في باب الأسماء والصفات إلا طريقتهم في إثباتها، وإمرارها كما جاءت، وهي مطابقة للكتاب والسنة، فمن تتبع طريقة السلف بعلم، وعدل، وإنصاف، وجدها مطابقة لما في الكتاب والسنة جملة وتفصيلا ؛ ذلك لأن الله تعالى أنزل الكتاب ليدبر الناس آياته، ويعملوا بها إن كانت أحكاما، ويصدقوا بها إن كانت أخبارا.([106])

فالسلف الصالح من الصحابة، والتابعين هم: ورثة الأنبياء والمرسلين؛ فقد تلقوا علومهم من ينبوع الرسالة الإلهية ؛ فالقرآن نزل بلغة الصحابة y وفي عصرهم، وهم أقرب الناس إلى معين النبوة الصافي، وهم أصفاهم قريحة، وأقلهم تكلفا، كيف وقد زكاهم الله تعالى في محكم تنزيله، وأثنى عليهم، وعلى التابعين لهم بإحسان، كما قال تعالى: ]والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان y ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم[ [التوبة: 100].

قلت: وقد توعد رب العزة الذين يتبعون غير سبيلهم بالعذاب الأليم، فقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]؛ ولا ريب أن سبيل المؤمنين هو سبيل الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن اتبعهم بإحسان.

فإذا كان الأمر كذلك فمن المحال أن يكون خير الناس وأفضل القرون قد قصروا في هذا الباب بزيادة أو نقصان؛ وهذا مما يدل على صحة مذهب السلف الصالح ؛ فلو كان مذهب الخلف حقا لما تناقضوا وأضطربوا، ولما تحيروا وحيروا، وذلك لأنهم على مذاهب أهل الإلحاد ([107])، اللهم سلم سلم.

قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وأهل السنة يقولون لهؤلاء([108]): ونحن نعلم بالاضطرار أن الرسل عليهم السلام جاءت بإثبات الصفات). اهـ

قلت: وترى هذا الصنف حائرا شاكا مرتابا إذا نظر إلى أحاديث الصفات ؛ لا يعرف كيف يوجهها، فإذا تجرأ وأقحم نفسه بجهله ووجهها وقع في التحريف، والجهل، فإما أن يقع في الجهل البسيط؛ كظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها، وهذا داخل في الجهل المركب، ثم يتبين أنه جهل هذا العلم فيعاند ويصر، ولهذا تجده يذكر أقوال المعطلة وحججهم ليؤيد ضلاله بذلك، ولا يعرف يرجح شيئا للحيرة التي وقع فيها، وهذه نهاية الإقدام على الباطل في تفسير أحاديث الصفات حيرة وضلالة.

قال تعالى: ]فماذا بعد الحق إلا الضلال[ [يونس: 32].

قلت: وقد ضل المعطلة في تقرير الصفات، وذلك لأنهم حكموا عقولهم في قضايا العقيدة، وجعلوا العقل هو الفيصل في ذلك، وعرضوا نصوص الوحيين عليه، فكثر اضطرابهم، وجعلوا العباد في حيرة، وشك من دينهم، وقرروا الباطل المحض، وتعاموا عن الحق والهدى: ]فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور[ [الحج: 46].

قلت: فالعقول لا تكاد تنضبط في أمور صغيرة ويسيرة بل الآراء فيها تتباين، والاختلاف في أصلها يكثر، وتتعدد وجهات النظر حولها، هذا على سهولتها فكيف والحالة هذه تحكم في قضايا كلية، وأمور اعتقادية.

لذا لما عول أهل البدع على عقولهم وتحاكموا إليها ؛ كثر اضطرابهم، وتباينت آراؤهم، بل ووجد التضاد في أقوالهم في المسألة الواحدة، ولدى الطائفة الواحدة([109])؛ اللهم سلم سلم.

وهؤلاء هم الحيارى؛ من التحير وهو الوقوع في الحيرة، وهي: التردد، والاضطراب، وعدم الاهتداء، وهم المتهوكون؛ من التهوك وهو: الذي يقع في كل أمر.([110])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (وعلم أن الضلال والتهوك إنما استولى على كثير من المتأخرين بنبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإعراضهم عما بعث الله به محمدا r من البينات). اهـ

قلت: فهذا المعطل لصفة: «الظل» أنكر الأمر المعلوم من الدين بالضرورة، وتأويل الأحاديث تأويلات لا يقرها دين، ولا يقبلها عقل.

وهذا مردود عليه من وجوه:

1) أن الأحاديث الواردة لا تحتمل التأويل.

2) أن رسول الله r يعلم الحقائق في الأحاديث على ما هي عليه.

3) أن رسول الله r قد بين صفة: «الظل» في السنة، وهو أعلم الخلق بالله تعالى.

4) أن العقل لا يحيل ذلك.

5) أن العقل الصريح يوافق ما جاءت به الأحاديث في صفة: «الظل».

لذلك فالواجب تلقي علم صفة: «الظل» على ما جاءت به الأحاديث.

وهذا من العلم الضروري: الذي هو يضطر إليه المرء، ولا يمكن دفعه.([111])

قلت: ألا يعلم هؤلاء أن مذهب السلف في الصفات بين التعطيل، وبين التمثيل.

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص329)؛ أن السلف كانوا يسمون نفاة الصفات: «معطلة»؛ لأن حقيقة قولهم تعطيل ذات الله تعالى، وهم قد لا يعلمون أن قولهم مستلزم للتعطيل بسبب جهلهم في الأصول، وذلك لأن العقائد توقيفية ؛ يدور المسلم مع النص فيها، ولا مجال للعقل، أو الاجتهاد.

قلت: وهذه التأويلات الفاسدة([112]) لصفة: «الظل» اليوم موجودة في مقالات المقلدة لزلات العلماء في التواصل الاجتماعي؛ هي بعينها التي ذكرها المعطلة النفاة في هذه الصفة، وحرفوها عن معناها الصحيح.

قال الإمام ابن القيم / في «الجواب الكافي» (ص90): (أصل الشرك وقاعدته التي يرجع إليها، هو التعطيل، وهو ثلاثة أقسام:

* تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه.

* أو تعطيل الصانع سبحانه عن كماله المقدس، بتعطيل أسمائه وصفاته وأفعاله.

* أو تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد). اهـ

قلت: ومذهب هؤلاء في هذا التعطيل ؛ مع تعظيمهم مذهب السلف، كما قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج7 ص34): (ونوع ثالث: سمعوا الأحاديث، والآثار، وعظموا مذهب السلف، وشاركوا المتكلمين الجهمية في بعض أصولهم الباقية، ولم يكن لهم من الخبرة بالقرآن والحديث والآثار، ما لأئمة السنة والحديث، لا من جهة المعرفة والتمييز بين صحيحها وضعيفها، ولا من جهة الفهم لمعانيها، وقد ظنوا صحة بعض الأصول العقلية للنفاة الجهمية، ورأوا ما بينهما من التعارض، ولهذا كان هؤلاء تارة يختارون طريقة أهل التأويل، كما فعله ابن فورك وأمثاله في الكلام على مشكل الآثار، وتارة يفوضون معانيها، ويقولون: تجري على ظواهرها، كما فعله القاضي أبو يعلى وأمثاله في ذلك، وهذا حال أبي بكر بن فورك، والقاضي أبي يعلى، وابن عقيل وأمثالهم).اهـ

قلت: وقد وقع في تأويل صفة: «الظل» عدد من أهل العلم، وخالفوا في ذلك مذهب السلف في إثبات الصفات.

قلت: وبالاضطرار يعلم كل سلفي أن هؤلاء العلماء أبعدوا النجعة([113])؛ أي: ابتعدوا عن الصواب، وجانبوا الحق في تعطيلهم لصفة: «الظل»، وتقريرهم تأويل المعطلة، وتحكيم عقولهم في ذلك.

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر: أن كل طائفة تتأول ما يخالف نحلتها ومذهبها فالمعيار على ما يتأول وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها فما وافقها أقروه ولم يتأولوه وما خالفها فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص216): (إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص409): (بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة، وتكون إما غلطا أو محرفة). اهـ

والواجب سيرا على سنن أهل السنة والجماعة، ومشيا على طريقتهم في هذه الصفة وفي سائر الصفات إمرارها كما جاءت دون تأويل لها على ما يليق بالله جل وعلا، لأن فما الذي يمنع من إثبات «الظل» صفة حقيقة لله جل وعلا على الوجه اللائق به؛ كما أثبتها له رسوله r، فشأنها كشأن باقي الصفات الفعلية الثابتة لله تعالى مثل: صفة: «النزول»، وصفة: «الإتيان»، وصفة: «المجئ»، وصفة: «القرب»، وصفة: «المشي»، وغيرها.([114])

قلت: وكل يؤخذ من أقواله، ويترك إلا النبي r.

فعن مالك بن أنس / قال: (حق على من طلب العلم أن يكون له وقار، وسكينة، وخشية، وأن يكون متبعا لآثار من مضى).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص324)، وعياض في «الإلماع» (ص52)، والدوري في «ما رواه الأكابر» (ص63).

وإسناده صحيح.

وعن نعيم بن حماد / قال: (من ترك حديثا معروفا فلم يعمل به , وأراد له علة أن يطرحه فهو مبتدع).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).

وإسناده صحيح.

وعن الزهري /: (الاعتصام بالسنة نجاة). وفي لفظ: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص56)، وابن المبارك في «الزهد» (ج1 ص281)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص44)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص281)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص592)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص25)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص369)، والقاضي عياض في «الشفا» (ج2 ص14)، والبيهقي في «المدخل» (860)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص386)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ص143)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص404)، والدينوري في «المجالسة» (ج2 ص235)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص320)، والآجري في «الشريعة» (ص313).

وإسناده صحيح.

وعن الشافعي / قال: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله r, فقولوا بسنة رسول الله r, ودعوا ما قلت).

أثر صحيح

أخرجه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).

وإسناده صحيح.

وعن ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).

أثر صحيح

أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)،  والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).

وإسناده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (ليس أحد إلا يؤخذ من قوله، ويترك من قوله إلا النبي r).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل» (ص107)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص300)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص91) والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص176).

وإسناده صحيح.

وعن أحمد بن حنبل / قال: (من رد حديث رسول الله r فهو على شفا هلكة).

أثر صحيح

أخرجه الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص192)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص249)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص289)، واللالكائي في «أصول الاعتقاد» (733).

وإسناده صحيح.

قلت: إنا نتبع، ولا نبتدع، ونقتدي، ولا نبتدي، ولن نضل ما تمسكنا بالآثار.

قال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص237): (أخذ رسول الله r السنة عن الله عز وجل، وأخذ الصحابة عن رسول الله r، وأخذ التابعون عن الصحابة الذين أشار إليهم رسول الله r بالاقتداء بهم، ثم أشار الصحابة إلى التابعين من بعدهم). اهـ

وقال قوام السنة الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص364): (وشعار أهل السنة اتباعهم السلف الصالح، وتركهم كل ما هو مبتدع محدث). اهـ

قلت: فهذه الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة، وأئمة هذه الأمة التي تبين اتباع كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه r، وآثار السلف.

إذا: المفهوم الصحيح اللازم إثبات «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله ... ونفي ما يلزمه من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها.

قلت: فأهل السنة لا يقبلون التأويل مطلقا، ولا يردونه مطلقا؛ بل يقبلون صحيحه، ويردون قبيحه.([115])

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص177): (وتأويل ما أخبر الله تعالى به من صفاته العلى وأفعاله: نفس ما هو عليه سبحانه، وما هو موصوف به من الصفات العلى). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «شفاء العليل» (ج1 ص271): (وتأويل التحريف الذي سلكته هذه الطوائف: أصل فساد الدنيا والدين، وخراب العالم). اهـ

قلت: والتأويل الفاسد يترتب عليه من النتائج السيئة؛ من هدم التوحيد، وفساد الدين، والطعن في القرآن، والطعن في السنة، وتعطيل الأسماء الحسنى والصفات العلى، وتسليط المبتدعة في الطعن في الأحكام، وفساد البلدان بسبب تسلط الأعداء في الخارج، والأعداء في الداخل.([116])

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص452): (إن إثبات الصفات: دل عليها الوحي الذي جاء من عند الله تعالى، على لسان رسوله r). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص197): (شأن أكثر نصوص الصفات إذا تأملها من شرح الله صدره لقبولها، وفرح بما أنزل على الرسول r منها: يراها قد حفت من القرائن، والمؤكدات بما ينفي عنها تأويل المتأول). اهـ

قلت: وإن مما يبطل التأويل الفاسد ويرفضه: ما اعتضد بالنصوص الشرعية من القرائن، والمؤكدات المحتفة بها، والتي يستحيل معها صرف ألفاظ، ومعانيها عن مواردها التي اطرد استعمالها فيها.

قلت: وإن أمارة التأويل الصحيح هو: ما كان حقيقة لما أخبر الله تعالى به، وأخبر به رسوله r؛ من إثبات ما لله تعالى من أسماء الجلال، وصفات الكمال، ونعوت الجمال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص36): (المأثور عن السلف هو السكوت عن الخوض في تأويل ذلك والمصير إلى الإيمان بظاهره والوقوف عن تفسيره؛ لأنا قد نهينا أن نقول في كتاب الله برأينا). اهـ

قلت: وهذا يدل على أن المقصود منه سكوت عما سكت عنه الصحابة y، والتابعون بإحسان من مقالات أهل البدع وتفسيراتهم.([117])

وقال الإمام ابن القيم /: (فالصحابة أخذوا عن رسول الله r ألفاظ القرآن ومعانيه، بل كانت عنايتهم بأخذ المعاني أعظم من عنايتهم بالألفاظ، يأخذون المعاني أولا، ثم يأخذون الألفاظ).([118]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص290): (وأما التأويل؛ بمعنى: صرف اللفظ عن مفهومه إلى غير مفهومه؛ فهذا لم يكن هو المراد بلفظ التأويل في كلام السلف ... وكان السلف ينكرون التأويلات التي تخرج الكلام عن مراد الله تعالى، ورسوله r؛ التي هي من نوع تحريف الكلم عن مواضعه، فكانوا ينكرون التأويل الباطل الذي هو التفسير الباطل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الرسالة الصفدية» (ص567): (وكل من خالف ما جاءت به الرسل عليهم السلام فهو ضال، من أي الطوائف كان، فإن الله بعثهم بالحق، والمعقول الصريح دائما يوافق ما جاءت به الرسل عليهم السلام لم يخالف العقل الصريح شيئا مما جاءت به الرسل عليهم السلام). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص113): (وجهة الغلط أن التأويل الذي استأثر الله تعالى بعلمه هو الحقيقة التي لا يعلمها إلا هو، وأما التأويل المذموم، والباطل فهو تأويل أهل التحريف والبدع، الذين يتأولونه على غير تأويله، ويدعون صرف اللفظ عن مدلوله إلى غير مدلوله بغير دليل يوجب ذلك). اهـ

قلت: وهذا التأويل الباطل هو في الحقيقة من الإلحاد في أسماء الله تعالى، وصفاته، والله ذم الذين يلحدون في توحيد الأسماء والصفات.([119])

قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180].

وقال تعالى: ]إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت: 40].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص112): (وذمهم على أنهم تأولوه على غير تأويله، ولم ينف مطلق التأويل، كما تقدم من أن لفظ التأويل يراد به التفسير المبين لمراد الله تعالى به، فذلك لا يعاب بل يحمد، ويراد بالتأويل الحقيقة التي استأثر الله تعالى بعلمها، فذاك لا يعلمه إلا هو). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص112): (وإنما ذمهم لكونهم تأولوه على غير تأويله، وذكر في ذلك ما يشتبه عليهم معناه، وإن كان لا يشتبه على غيرهم). اهـ

قلت: والجهمية هم الذين اشتهروا ببدعة تعطيل الصفات، وقد صار لقب: «الجهمية» بعد ذلك علما على كل من عطل الصفات، أو شيئا من الصفات، ولو واحدة، ولو لم يقل بكل مقالات الجهم بن صفوان المبتدع.([120])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج1 ص270): (والدرجة الثانية من التجهم: هو تجهم المعتزلة ونحوهم([121])الذين يقرون بأسماء الله الحسنى في الجملة، لكن ينفون صفاته، وهم أيضا لا يقرون بأسماء الله الحسنى كلها على الحقيقة، بل يجعلون كثيرا منها على المجاز، وهؤلاء هم الجهمية المشهورون([122]».اهـ

قلت: والذين عطلوا صفة: «الظل»، مع أثباتهم لذات الله تعالى.

فأقول: القول في الصفات؛ كالقول في الذات، فكما أن ذاته حقيقة لا تشبه الذوات، فهي متصفة بصفات حقيقة لا تشبه الصفات، وكما أن إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، كذلك إثبات الصفات.([123])

قلت: فالله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل الصفات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص330): (فالقول في صفاته؛ كالقول في ذاته: والله تعالى ليس كمثله شيء؛ لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله.

لكن يفهم من ذلك أن نسبة هذه الصفة إلى موصوفها كنسبة هذه الصفة إلى موصوفها، فعلم الله وكلامه ونزوله واستواؤه؛ هو كما يناسب ذاته ويليق بها). اهـ

قلت: والذين عطلوا صفة: «الظل» مع أثباتهم بقية الصفات، أو بعضها.

فأقول: أيضا القول في بعض الصفات ؛ كالقول في البعض الآخر، فمن أقر بصفات الله تعالى ؛ كالسمع، والبصر، والإرادة... أو أقر بصفات الله تعالى، كالمجئ والقرب، والنزول... ؛ فيلزمه أن يقر بمحبة الله تعالى، ورضاه، وغضبه... وهرولته، ونزوله، ومجيئه.([124])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص212): (ومن فرق بين صفة وصفة مع تساويهما في أسباب الحقيقة والمجاز: كان متناقضا في قوله متهافتا في مذهبه مشابها لمن آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض). اهـ

قلت: فتحريفهم لنصوص الوحي التي تعارض أهواءهم، وآراءهم، وعقولهم الفاسدة، وتسميتهم ذلك التحريف تأويلا، وهم في ذلك التحريف على مذاهب شتى مضطربة، بل متناقضة فإن المتأولين على أصناف عديدة بحسب الباعث لهم على التأويل.

قلت: وكلما ساء قصده، وقصر فهمه كان تأويله أشد انحرافا، فمنهم: من يكون تأويله لنوع هوى من غير شبهة، بل يكون على بصيرة من الحق.

ومنهم: من يكون تأويله لنوع شبهة عرضت له، أخفت عليه الحق.

ومنهم: من يجتمع له الأمران ؛ الهوى في القصد، والشبهة في العلم.([125])

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر أن كل طائفة تتأول كل ما يخالف نحلتها ومذهبها، فالعيار على ما يتأول، وما لا يتأول هو المذهب الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها.

فما وافقها أقروه، ولم يتأولوه، وما خالفها: فإن أمكنهم دفعه وإلا تأولوه ... فهذا في الحقيقة هو عيار التأويل عند الفرق كلها). اهـ

قلت: ومع قولهم بهذا التأويل، والذي حقيقته التحريف والتبديل، فإن كثيرا من متأخريهم قد سوغوا في النصوص مذهبا آخر، ألا وهو التفويض، وحقيقته التجهيل، وإخلاء نصوص الصفات من معانيها، والقول بأنها ألفاظ لا معاني لها، أو أن لها معاني لا يعلمها إلا الله، مع اعتقادهم أن ما يفهم من ظواهر النصوص غير المراد.

قلت: إن الله تعالى قد سد ببعثة النبي r حاجة العباد، وفاقتهم إلى معرفة ربهم، والتعبد له بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وجعل رسوله r واعظا تشفي مواعظة القلوب من السقم، وطبيبا يبرئ بإذنه من أنواع الألم.([126])

قلت: فالرسول r عرف الأمة توحيد الأسماء والصفات أتم تعريف... وأنه وقع منه r على أتم الوجوه، وأوضح r لأمته ذلك غاية الإيضاح، وبينه لها بيانا شافيا لا لبس فيه، ولا إشكال، ولا اشتباه ؛ حتى لم يدع بعد تعريفه لتوحيد الأسماء والصفات لقائل مقالا، يلبس به على الناس.

قال تعالى: ]لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين[ [آل عمران:164].

وقال تعالى: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51].

قال الإمام ابن القيم / في «جلاء الأفهام» (ص286): (ولم يدع لأمته حاجة في هذا التعريف لا إلى من قبله، ولا إلى من بعده بل كفاهم، وشفاهم، وأغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب: ]أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون[ [العنكبوت: 51]). اهـ

قلت: والنبي r كان أعلم الناس بربه ومولاه؛ كما قال r: (فوالله إني لأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).([127])

قال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص330): (إن محمدا r أرشد الناس إلى جميع الحق حتى أكمل الله به الدين، وأتم به النعمة.

ولهذا كان خاتم الأنبياء فإنه لم يبق شيء يأتي به غيره، وأخبر محمد r بكل ما يأتي من أشراط الساعة، والقيامة، والحساب، والصراط، ووزن الأعمال، والجنة وأنواع نعيمها، والنار وأنواع عذابها). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص584): (الرسول صلوات الله وسلامه عليه إنما جاء بتعريف الرب تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، والتعريف بحقوقه على عباده). اهـ

قلت: فالرسول r بين للأمة توحيد الأسماء والصفات بيانا شافيا؛ لا يقع فيه لبس، ولا إشكال، ولا اشتباه.

وأساس دعوة الرسل عليهم السلام جميعهم؛ هو معرفة الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص150): (اقتضت رحمة العزيز الرحيم أن بعث الرسل به معرفين، وإليه داعين، ولمن أجابهم مبشرين، ولمن خالفهم منذرين، وجعل مفتاح دعوتهم، وزبدة رسالتهم: معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله؛ إذ على هذه المعرفة تنبني مطالب الرسالة جميعها ... فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الروح» (ص579)؛ في بيان توحيد الرسل عليهم السلام، وتوحيد من خالفهم: (مدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل عليهم السلام على أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تشبيه ولا تمثيل إثبات الصفات ونفي مشابهة المخلوقات ؛ فمن شبه الله بخلقه: فقد كفر، ومن جحد حقائق ما وصف الله به نفسه: فقد كفر ومن أثبت له حقائق الأسماء والصفات، ونفى عنه مشابهة المخلوقات: ]فقد هدي إلى صراط مستقيم[ [آل عمران: 101]).اهـ

قلت: ولما كانت هذه النقول السالفة الذكر متضمنة للإجماع المنافي للاختلاف: زاد الإمام ابن القيم / في المسألة التي تليها هذا الأمر تأكيدا؛ مبينا انتفاء وقوع الخلاف بين أحد من المرسلين في باب: توحيد الأسماء والصفات.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج4 ص1279): (إن الرسل من أولهم إلى آخرهم ليس بينهم اختلاف في أسماء الرب وصفاته وأفعاله، وإن تنوعت شرائعهم العملية بحسب المصلحة؛ فلم يختلف منهم اثنان في باب الأسماء والصفات). اهـ

قلت: ويتضح من تقرير الإمام ابن القيم /: أن أتباع الرسل عليهم السلام حقا، والموافقين لهم صدقا: هم أهل الحديث([128]) والأثر المثبتون لله تعالى الأسماء والصفات على ما يليق به من الكمال والجلال، والنافون عنه ما يتنزه عنه سبحانه وأن المناوئين لهم من سائر الفرق هم المعطلة: الذين خالفوا الرسل عليهم السلام.([129])

قلت: لذلك فمدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل عليهم السلام؛ أن يثبت لله تعالى حقائق الأسماء والصفات، وأن ينفى عنه مشابهة المخلوقات.

قال الإمام ابن القيم / في «مدارج السالكين» (ج2 ص180): (أما الرضا بنبيه رسولا: فيتضمن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه؛ بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره ألبتة؛ لا في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه، ولا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه). اهـ

قلت: فقد توفي رسول الله r، وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا وقد ذكر للأمة منه علما، وعلمهم كل شيء؛ حتى آداب الأحكام.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1150)؛ عن إثبات النبي r للصفات للرب تعالى: (فمرة يشير بأصبعه، ومرة يضع يده على عينه، وأذنه حين يخبر عن سمع الرب وبصره، ومرة يصفه بالنزول، والمجيء، والإتيان والانطلاق، والمشي والهرولة!، ومرة يثبت له الوجه والعين، واليد والأصبع، والقدم والرجل، والضحك والفرح، والرضا والغضب، والكلام والتكليم، والنداء بالصوت والمناجاة...). اهـ

 قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى، منها: صفة: «الظل»، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام الرسول r، لأن ذلك يفيد اليقين.([130])

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص655): (فإن الأمة كلها تنقل عمن قبلها، ومن قبلها عمن قبلها حتى ينتهي الأمر إلى الرسول r). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص210)؛ عن دلالة آيات الأسماء والصفات: (أن دلالتها على معانيها أظهر من دلالة كثير من آيات الأحكام على معانيها.

ولهذا آيات الأحكام لا يكاد يفهم معانيها إلا الخاصة من الناس، وأما آيات الأسماء والصفات فيشترك في فهمها الخاص والعام؛ أعني فهم أصل المعنى، لا فهم الكنه والكيفية.

ولهذا أشكل على بعض الصحابة y؛ قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187]، ولم يشكل عليه ولا على غيره؛ قوله ]وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان[ [البقرة: 186] وأمثالها من آيات الصفات). اهـ

قلت: فتأمل هذا الفقه في توحيد الأسماء والصفات.

قال تعالى: ]قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض[ [العنكبوت: 52].

وقال تعالى: ]وما كان أكثرهم مؤمنين[ [الشعراء: 67].

قلت: وإن إجماع أهل الأثر المنعقد على إثبات توحيد الأسماء والصفات من الكتاب والسنة والآثار، يمثل حقيقة الأمر، وأنه لم يخرج عن إجماعهمء في إثبات أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى على حقيقتها([131]): ]إلا من سفه نفسه[ [البقرة: 130].

فإذا ثبت إجماع الأمة على إثبات الأسماء والصفات، لم يكن لأحد أن يخرج عن إجماعهم؛ فإن الأمة لا تجتمع على ضلالة.([132])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

قال الإمام ابن القيم /: (انعقاد الإجماع المعلوم المتيقن على قبول هذه الأحاديث، وإثبات صفات الرب تعالى بها، فهذا لا يشك فيه من له أقل خبرة بالمنقول.

فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقاها بعضهم عن بعض بالقبول، ولم ينكرها أحد منهم على من رواها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومن سمعها منهم تلقاها بالقبول، والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك، وكذلك تابع التابعين مع التابعين؛ هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث؛ كما يعلمون عدالة الصحابة y، وصدقهم، وأمانتهم، ونقلهم ذلك عن نبيهم r ... فإن الذين نقلوا هذا هم: الذين نقلوا أحاديث الصفات).([133]) اهـ

قلت: وهذا تقرير لإجماع الأمة على وجوب تلقي أحاديث الرسول r في باب أسماء الله تعالى، وصفاته بالقبول والتسليم، والعمل بما دلت عليه، والإيمان بها.

قلت: فالصحابة y، والتابعون الكرام: أجمعوا على تلقي أخبار الأسماء والصفات بالقبول؛ مع الإيمان بمعانيها، وعدم تكلف السؤال عن كيفيتها، وهذا هو الواجب في هذا الباب؛ أن تقر هذه النصوص الشرعية بإثبات حقائقها، وفهم معانيها.([134])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص145): (أهل السنة مجموعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة والإيمان بها وحملها على الحقيقة لا على المجاز؛ إلا أنهم لا يكيفون شيئا من ذلك ولا يحدون فيه صفة محصورة.

وأما أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلها والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل شيئا منها على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود، والحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله، وسنة رسوله، وهم أئمة الجماعة والحمد لله). اهـ

قلت: فإجماع المؤمنين حجة من جهة أن مخالفتهم مستلزمة لمخالفة الرسول r، وأن كل ما أجمعوا عليه فلابد أن يكون فيه نص عن الرسول r.([135])

قلت: فالإجماع منقعد في إثبات: «الظل» لله تعالى حقيقة، لأن: «الظل» صفة له تعالى، فيجب الإيمان بها على حقيقتها.

والصحابة y أجمعوا على تلقي أخبار الصفات بالقبول؛ منها: صفة: «الظل»، وهذا هو الواجب في هذا الباب.

قال الإمام ابن سريج / في «أجوبته في أصول الدين» (ق/37/ط): (أن جميع الآي الواردة عن الله عز وجل في ذاته وصفاته، والأخبار الصادقة الصادرة عن رسول الله r في الله تعالى وصفاته التي صححها أهل النقل، وقبلها النقاد الأثبات؛ يجب على المسلم المؤمن الموقن الإيمان بها). اهـ

قلت: فإجماع سلف الأمة من الصحابة y، وتابعيهم على إقرار الآيات، والأخبار الواردة في أسماء الله تعالى، وصفاته وإمرارها على ظاهرها؛ مع فهم معانيها، وإثبات حقائقها.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص208): (ولم يتنازعوا في آيات الصفات، وأخبارها في موضع واحد، بل اتفق الصحابة والتابعون على إقرارها وإمرارها مع -فهم معانيها وإثبات حقائقها-، وهذا يدل على أنها أعظم النوعين بيانا، وأن العناية ببيانها أهم: لأنها من تمام تحقيق الشهادتين، وإثباتها من لوازم التوحيد). اهـ

قلت: وهذا يدل أن توحيد الأسماء والصفات من الأصول العظيمة التي انقعد الإجماع عليها، وأن الأئمة اعتندوا بحكاية هذا الإجماع عناية بارعة.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص1165): (إن ما جاء به الرسول r من الإثبات معلوم بالضرورة من دينه؛ كما هو معلوم بالأدلة اليقينية فلا يمكن مع تصديق الرسول r مخالفة ذلك). اهـ

قلت: والعصمة النافعة في إثبات هذه الصفات: أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله r؛ من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل تثبت له الأسماء والصفات، وتنفى عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثبات العبد متنزها عن التمثيل، ونفيه منزها عن التعطيل.([136])

قال الإمام ابن القيم / في «أحكام أهل الذمة» (ج1 ص195): (أسماؤه كلها حسنى، وأفعاله كلها خير، وصفاته كلها كمال). اهـ

قلت: وعليه يكون العلماء الراسخون في العلم يعلمون التأويل الذي بمعنى التفسير والبيان.([137])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج13 ص285): (أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال: هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين: إن في القرآن آيات لا يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله r، ولا أهل العلم والإيمان جميعهم، وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس وهذا لا ريب فيه). اهـ

وقال الإمام الصابوني / في «عقيدة السلف» (ص321): (هكذا ينبغي للمرء أن يعظم أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويقابلها بالقبول والتسليم والتصديق، وينكر أشد الإنكار على من يسلك فيها غير هذا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص31): (وكل ما جاء في القرآن، أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن، وجب الإيمان به وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل، والتشبيه والتمثيل ... اتباعا لطريق الراسخين في العلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين؛ بقوله سبحانه وتعالى: ]والراسخون في العلم يقولون آمنا[ [آل عمران: 7] وقال في ذم مبتغي التأويل لمتشابه تنزيله: ]فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله [ [آل عمران: 7]، فجعل ابتغاء التأويل علامة على الزيغ، وقرنه بابتغاء الفتنة في الذم، ثم حجبهم عما أملوه، وقطع أطماعهم عما قصدوه، بقوله سبحانه: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7]). اهـ

قلت: فالاعتقاد أن هذه الأسماء والصفات على الحقيقة لا على المجاز ... وأن لها معاني حقيقية تليق بجلال الله وعظمته ... وأدلة ذلك أكثر من أن تحصر ... ومعاني هذه الأسماء والصفات ظاهرة معروفة من القرآن والسنة؛ لا لبس فيها، ولا إشكال، ولا غموض ... فقد أخذ أصحاب رسول الله r عنه القرآن، ونقلوا عنه الأحاديث ولم يستشكلوا شيئا من معاني هذه الآيات والأحاديث؛ لأنها واضحة صريحة ... وكذلك من بعدهم من القرون الفاضلة.

قال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11].

قال الإمام ابن قدامة / في «لمعة الاعتقاد» (ص37): (وعلى هذا درج السلف، وأئمة الخلف y، كلهم متفقون على الإقرار، والإمرار، والإثبات لما ورد من الصفات في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r من غير تعرض لتأويله.

وقد أمرنا بالاقتفاء لآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات!). اهـ

قلت: وهذا يدلك على أهمية معرفة قواعد السلف في إثبات الأسماء والصفات ... وأن معرفة القواعد والأصول يعد من أعظم العلوم، وأجلها نفعا، وأكثرها فائدة.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «طريق الوصول» (ص18): (الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساس للبنيان، والأصول للأشجار؛ لا ثبات لها إلا بها، والأصول تبنى عليها الفروع، والفروع تثبت وتتقوى بالأصول، وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى، وينمى نماء مطردا، وبها تعرف مآخذ الأصول، وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيرا، كما أنها تجمع النظائر، والأشباه التي من جمال العلم جمعها). اهـ

قلت: فإن من محاسن الشريعة المطهرة أن أحكامها الأصولية والفروعية كلها لها أصول ،وقواعد تضبط أحكامها.([138])

فإذا ضبطت القاعدة، وفهم الأصل أمكن الإلمام بكثير من المسائل التي هي بمثابة الفرع لهذه القاعدة، وأمن الخلط بين المسائل التي قد تشتبه.

وكان فيها تسهيل لفهم العلم وحفظه وضبطه، وبها يكون الكلام مبنيا على علم متين، وعدل وإنصاف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج16 ص471): (والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة).اهـ

       وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص349): (والتجهم عندنا باب كبير من الزندقة، يستتاب أهله، فإن تابوا، وإلا قتلوا). اهـ

 

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على أن: «فالحا الحربي» يقول بوجود: «ظلين» يوم القيامة، وهذا القول لم يقل به أحد من السلف والخلف، وهذا هو الإلحاد في دين الله تعالى

 

قال فالح الخربي، وهو يثبت ظلين يوم القيامة بزعمه: (لعلكم تذكرون أنني فصلت في موضوع حديث: «الظل»، وهو حديث: «العرش»، وذكرت كلام العلماء في ذلك، وأنني أثبت حديث: «العرش» إن كان حديثا مستقلا، فأنا أثبته على ظاهره، وحديث: «ظل عرشه» إذا كان تفسيرا بحديث في «ظله» كما قال بعض أهل العلم، فأنا أيضا أثبته، وآمن به).([139]) اهـ

قلت: وعلى هذا التقدير فيقول كل متبدع: الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي، وليس في النصوص ما يناقض ذلك!.([140])

وهذا من أعظم القدح في رسول الله r، وأصحابه y، أن يأتي أفراخ أهل الكلام في هذا الزمان، ثم يقولون بجهلهم نحن أعلم فيما يتعلق بالله تعالى وصفاته، وهذا شيء مستحيل.([141])

فأين الإيمان بالرسول r، وبأقواله وأفعاله، وقد أمر القرآن بأخذ أقواله وأفعاله، وأنه r هو الأسوة الحسنة.([142])

قال تعالى: ]وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا[ [الحشر: 7].

وقال تعالى: ]من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا[ [النساء: 80].

وقال تعالى: ]لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا[ [الأحزاب: 21].

قلت: والنبي r أخبر عن الله تعالى أنه له: «ظل» يليق بجلاله، وهو r أعلم الخلق بالله تعالى وبصفاته، وأصدق قيلا، وأحسن حديثا، فوجب إثبات صفة: «الظل» لله تعالى، كما أخبر بها r من غير تردد بين إثبات: «الظل»، وإثبات: «ظل العرش» معا.

فإن التردد بين: «ظلين» في الخبر إنما يتأتى حين يكون الخبر صادرا ممن يجوز عليه الجهل([143]) بحيث لا يفصح بما يراد من الخبر.

وهذا العيب ممتنع في حق الرسول r؛ فوجب قبول خبره على ما أخبر به، وأنه r أثبت لــ«ظل» واحد يوم القيامة، وهو: «ظل» الله تعالى.

قلت: وهذا من الغيب، ونحن لا نعلم الغيب، ولا نعرف عن الغيب إلا ما أخبرنا الله تعالى به، وأخبرنا رسوله r به.

والنبي r أعلم الخلق بربه سبحانه، وأصدقهم خبرا، وأنصحهم إرادة، وأفصحهم بيانا، فوجب قبول ما أخبر به على ما هو عليه.

لذلك أحاديث: «ظل العرش» لم تثبت بأسانيد صحيحة في الدين، وليست هي من أقوال النبي r، والأحاديث الصحيحة تعارضها.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص153): (ولهذا يحكم بعض العلماء النقاد الذين جرت السنة في دمائهم ومخهم وعظامهم على الحديث بأنه باطل، وإن لم يعرفوا سنده، لأن كلام النبي r فصيح بين ظاهر، بمجرد ما تسمعه، ويقف في أذنك، تعرف أنه كلام الرسول r). اهـ

قلت: فلا يعتد بخلاف «الطالحيين» ممن عدهم من الجهلة من العلماء؛ لأنهم ليسوا من أهل الاجتهاد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج18 ص51): (فكما أن من لا يعرف أدلة الأحكام لا يعتد بقوله؛ كذلك من لا يعرف طرق العلم بصحة الحديث لا يعتد بقوله؛ بل على كل من ليس بعالم أن يتبع إجماع أهل العلم). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة / في «ذم التأويل» (ص47): (وأما الأحاديث الموضوعة التي وضعتها الزنادقة ليلبسوا بها على أهل الإسلام، أو الأحاديث الضعيفة إما لضعف رواتها أو جهالتهم أو لعلة فيها لا يجوز أن يقال بها، ولا اعتقاد ما فيها بل وجودها كعدمها). اهـ

قلت: والمقصود أن على أمثال هؤلاء أن لا يركبوا رؤوسهم، فيفتوا بجهل وهوى نفس وتشهي.

قال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص505): (أما الكتاب والسنة فيدلان على ذلك، لأنه إذا أمر النبي r بالاجتهاد، فالاجتهاد أبدا لا يكون إلا على طلب شيء، وطلب الشيء لا يكون إلا بدلائل). اهـ

قلت: فيتبين أن قول: «الطالحيين» الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد والزندقة!.

وذلك بالنظر إلى اللازم الذي يلزم على قولهم في إثبات: «ظلين»([144]) يوم القيامة، والنبي r أثبت: «ظلا» واحدا.

وهذا يبقى أن كلام النبي r ليس له قيمة عندهم، ومن هنا يبقى كل مبتدع، أو ملحد يقول: ما دام هذا الكلام ليس له قيمة، فلا تستطيع أن ترد علي والحق فيما قلته من عقلي واجتهادي!.

قلت: بقي إثبات: «ظلين» يوم القيامة من قبل «الطالحيين» بحجة شرعية زعموا، وهذا من باطلهم، فكانت هذه الحجة حجة عليهم لا لهم، وذلك أن النبي r أثبت: «ظلا»([145]) واحدا يوم القيامة، وهم أثبتوا: «ظلين» بتردد منهم بين: «ظل» الله تعالى، و«ظل» العرش، وترددهم هذا من الشك في الدين([146])؛ لأنه يستحيل أن يكون هناك: «ظلان» يوم القيامة، فكانت حجتهم هذه حجة عليهم لا لهم، وأنهم وقعوا في الباطل وهم يشعرون، والله يقول عن القرآن: ]لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه[ [فصلت: 42]، ومذهب: «الطالحيين» يأتيه الباطل من بين يديه، ومن خلفه، كما هو ظاهر من أفكارهم الباطلة، اللهم سلم سلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص374): (إنه لا يأتي أحد بحجة شرعية يحتج بها على باطل إلا كانت هذه الحجة حجة عليه). اهـ

فهذا كلام عجيب؛ أي: إنسان يحتج على أحد([147]) بحجة شرعية من الكتاب والسنة لكن على باطل، فإن هذا سيكون حجة عليه([148])، لأن الله تعالى يقول: ]لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه[ [فصلت: 42].

قلت: وكان إبراهيم عليه السلام حين عارضه قومه وخوفوه من آلهتهم، فقال قالبا عليهم حجتهم وتخويفهم: ]وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا[ [الأنعام: 81].

قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج2 ص254): (وهذا من أحسن قلب الحجة، وجعل حجة المبطل بعينها دالة على فساد قوله، وبطلان مذهبه). اهـ

قلت: فلا يحتج مبطل بآية، أو حديث صحيح على باطله إلا وفي ذلك الدليل ما يدل على نقيض قوله!([149])، اللهم غفرا.

قلت: وما لا يعلم أحد من صحة حديث، فلا يجوز أن يستدل به([150]) حتى لو زعم أن عالما صحح هذا الحديث، فلا يجوز له العمل به ما دام هذا الحديث لم يصح، لأن العالم ممكن أن يستدل بحديث ضعيف، وهو لا يعلم ضعفه ويظن أنه صحيح، اللهم غفرا.

فإذن يجب أن نؤمن بمقتضى قول الرسول r في صفة: «الظل» لله تعالى؛ لأنه صادر عن علم بلا شك، وصادر من صادق بلا شك، وبلغة، وبيان فصيح، لا يمتري في ذلك عاقل؛ فوجب اعتقاد مدلوله، سواء  علمنا أن ذلك مما يقره العقل، أو لا يقره، مع أن العلماء رحمهم الله يقولون: (الشرع لا يأتي بما تحيله العقول، لكن يأتي بما تحار فيه العقول)؛ يعني: تعجز عن إدراك حكمته.([151])

قلت: وصفة: «الظل» لله تعالى من الصفات الثبوتية التي يجب علينا أن نثبتها كما أثبتها الله تعالى لنفسه في كتابه، أو على لسان رسوله r، وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه.

قال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا[ [النساء: 136].

قلت: والإيمان بالكتاب الذي نزل على رسوله r يتضمن: الإيمان بكل ما جاء فيه من صفات الله تعالى، وكون محمد r رسوله يتضمن: الإيمان بكل ما أخبر عن مرسله، وهو الله تعالى.

إذا فلا جرم أن الإيمان بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أسماء الله وصفاته واجب.

فمثلا: حديث: «الظل» هذا خبر صادر عن رسول الله r، وهو عالم بذلك، وصادق فيما قال r.

والكلام هنا واضح غير معقد، ولا مشوش، فإذا قال «الطالحي» إن معناه: «ظل العرش»، نقول: إذا كان هذا معناه: فأت بدليل صحيح ليس بضعيف على هذا المعنى؛ لأن صفة: «الظل» لله تعالى، وردت في السنة الصحيحة الظاهرة.

ولو كان الرسول r أراد: «ظل العرش» لبينه؛ إذ إن: «ظل العرش» غير «ظل» الله تعالى، ومراد النبي r ظاهره وهو: «الظل» حقيقة، فإذا علم أنه r يريد هذا المعنى الحقيقي، فتفسير «الطالحي» لحديث: «الظل» بــ«ظل العرش([152]») يقتضي أن يكون كلام الرسول r ناقصا من حيث البيان الفصيح، لأن التعبير بهذا عن هذا بدون قرينة صحيحة، فإن هذا لا شك أنه خلاف البيان الفصيح([153])، والله تعالى يقول في كتابه: ]يريد الله ليبين لكم[ [النساء: 26].

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص96): (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول r أو أجمعت عليه الأمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص346): (من قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة). اهـ

قال الحافظ ابن عبد البر /: (الحجة عند التنازع السنة فمن أدلى بها فقد أفلح).([154]) اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (فإذا تنازع المسلمون في مسألة؛ وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله تعالى، والرسول r، فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص204): (معارضة أقوال الأنبياء بآراء الرجال، وتقديم ذلك عليها، هو من فعل المكذبين للرسل، بل هو جماع كل كفر). اهـ

قلت: ومن الخطأ أن يلجأ إلى العقل والرأي مع وجود النقل، إلا إذا كان الخصم كافرا لا يؤمن بالنقل، وإذا كان العقل هو مناط التكليف والفهم والاستنباط فذلك لا يعني تقديمه على النقل.([155])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص170): (إن العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته، وأن خبره مطابق لمخبره، فإن جاز أن تكون هذه الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلا صحيحا، وإذا لم يكن دليلا صحيحا لم يجز أن يتبع بحال، فضلا عن أن يقدم، فصار تقديم العقل على النقل قدحا في العقل بانتفاء لوازمه ومدلوله، وإذا كان تقديمه على النقل يستلزم القدح فيه، والقدح فيه يمنع دلالته، والقدح في دلالته يقدح في معارضته، كان تقديمه عند المعارضة مبطلا للمعارضة، فامتنع تقديمه على النقل، وهو المطلوب). اهـ

وقال العلامة الباريني / في «إيضاح أقوى المذهبين» (ص53): (فالواجب على كل مكلف اتباع الحق، الذي لا عدول عنه تقليدا لأحد من الخلق).اهـ

وقال الإمام ابن الجوزي في «ناسخ القرآن» (ص831): (وإنما يكون الإنسان مهتديا إذا امتثل أمر الشارع). اهـ

وقال العلامة الشيخ الألباني / في «الضعيفة» (ج1 ص77): (وجملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن([156]».اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رفع الملام» (ص36): (وليس لأحد أن يعارض الحديث الصحيح عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ

وقال العلامة الفلاني / في «إيقاظ الهمم» (ص169): (يحرم على المفتي أن يفتي بضد لفظ النص، وإن وافق مذهبه). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الخلاف بين العلماء» (ص28): (فالواجب على من علم بالدليل أن يتبع الدليل، ولو خالف من خالف من الأئمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (فإذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله تعالى، والرسول r؛ فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال العلامة الصنعاني / في «الإرشاد» (ص137): (وقد منع أئمة الدين معارضة سنة سيد المرسلين بأقوال غيره من الأئمة المجتهدين). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (وأمرهم بالرد عند التنازع إلى الله تعالى، والرسول r؛ فأبطل الرد إلى إمام مقلد أو قياس عقلي فاضل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج3 ص412): (القول الراجح هو القول الذي قام عليه الدليل). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص46): (نأخذ من أقوال العلماء والفقهاء ما وافق الدليل من كتاب وسنة، ونترك ما خالف الدليل). اهـ

قلت: فوجب العمل بالدليل الراجح الصحيح، وهو ظاهر القول، ولا يجوز العدول عنه إلا بدليل، وعلى ذلك السلف الصالح.

فعلى الناظر في مسائل الخلاف أن يختار القول الذي يرجحه الدليل بغض النظر عن طبيعة هذا القول من حيث اليسر والغلظة، وليس وجود الخلاف بمسوغ لأحد أن يأخذ بأي القولين شاء دون نظر وتثبت.

قال تعالى: ]ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].

قال الإمام ابن القيم /: (أخبر الله تعالى أن الاختلاف ليس من عنده وما لم يكن من عنده فليس بالصواب). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج33 ص42): (ولهذا تجد المسائل التي تنازعت فيها الأمة على أقوال؛ وإنما القول الذي بعث به الرسول r واحد منها). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص304): (وقد كان السلف الطيب يشتد نكيرهم وغضبهم على من عارض حديث رسول الله - r - برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يضرب له الأمثال، ولا يسوغون غير الانقياد له والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان.

فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم: ثبت عن النبي - r - أنه قال كذا وكذا يقول: من قال بهذا؟ ويجعل هذا دفعا في صدر الحديث، أو يجعل جهله بالقائل به حجة له في مخالفته وترك العمل به.

ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام ألبتة قال: لا نعمل بحديث رسول الله r حتى نعرف من عمل به). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص372): (وليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرعه الرسول r وهو الشرع الذي يجب على ولاة الأمر إلزام الناس به، ويجب على المجاهدين الجهاد عليه، ويجب على كل واحد اتباعه ونصره). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على تحريم فتاوى: «الفرقة الطالحية» التي يفتون بها الناس بتلقط الرخص والتلفيق بين المذاهب بلا دليل شرعي راجح وإفتاء الناس بها

 

قال تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون[ [الأعراف: 3].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج2 ص209): (]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم[؛ أي: اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شيء ومليكه، ]ولا تتبعوا من دونه أولياء[؛ أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول r إلى غيره، فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره). اهـ

وقال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [القصص: 50].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص18): (قال تعالى: ]فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين[ [القصص: 50]؛  فقسم الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما، إما الاستجابة لله والرسول وما جاء به، وإما اتباع الهوى، فكل ما لم يأت به الرسول r فهو من الهوى.

وقال تعالى: ]يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب[ [ص: 26]؛ فقسم سبحانه طريق الحكم بين الناس إلى الحق، وهو الوحي الذي أنزله الله تعالى على رسوله r، وإلى الهوى وهو ما خالفه.

وقال تعالى لنبيه r: ]ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون[ [الجاثية: 18] ]إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين[ [الجاثية: 19]؛ فقسم الأمر بين الشريعة التي جعله هو سبحانه عليها، وأوحى إليه العمل بها، وأمر الأمة بها وبين اتباع أهواء الذين لا يعلمون؛ فأمر بالأول، ونهى عن الثاني.

وقال تعالى: ]اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون[ [الأعراف: 3]؛ فأمر باتباع المنزل منه خاصة: واعلم أن من اتبع غيره فقد اتبع من دونه أولياء([157]». اهـ

قلت: واتباع الهوى يصد عن الحق، والله المستعان.

وعن خالد بن الحارث قال: قال سليمان التيمي: (لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله).

أثر صحيح

أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص927) من طريق قاسم بن أصبغ، ثنا أحمد بن زهير، ثنا الغلابي، ثنا خالد بن الحارث به.

قلت: وهذا سنده صحيح رجاله كلهم ثقات.

وأخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف» (ص543) من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو معاوية الغلابي، قال: حدثني خالد بن الحارث، قال: قال سليمان التيمي: (لو أخذت برخصة كل عالم، أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله).

وإسناده صحيح.

وذكره الطبري؛ كما في «جامع بيان العلم» (ج2 ص927)؛ عن أحمد بن إبراهيم، عن غسان بن المفضل قال: أخبرني خالد بن الحارث به.

قال الحافظ ابن عبد البر /؛ معلقا على الأثر: (هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا والحمد لله). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (وأنت تعلم بما تقدم ما في هذا الكلام؛ لأن الحنيفية السمحة إنما أتى فيها السماح مقيدا بما هو جار على أصولها، وليس تتبع الرخص ولا اختيار الأقوال بالتشهي بثابت). اهـ

قلت: فمن أراد أن يتعطل، ويتبطل فليزم زلات العلماء، والله المستعان.

وعن معتمر، عن أبيه([158])، قال: (إذا أخذت برخصة العلماء كان فيك شر الخصال).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف» (ص143) من طريق أبي بكر المروذي، قال: حدثنا أبو غسان، حدثنا معتمر به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الإمام ابن القيم / في «إغاثة اللهفان» (ج1 ص350): (ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء، وأخذ بالرخص من أقاويلهم، تزندق أو كاد). اهـ

وعن إبراهيم بن أدهم، قال: (من حمل شاذ([159]) العلماء حمل شرا كبيرا).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «الأمر بالمعروف» (ص143) من طريق حرب بن إسماعيل، حدثنا يحيى بن عثمان، حدثنا ابن حمير([160])، حدثنا إبراهيم بن أدهم به.

قلت: وهذا سنده حسن.

 

قال الحافظ ابن عبد البر: (لا يجوز للعامي تتبع الرخص إجماعا).([161]) اهـ

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل

على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء([162]) التي اتخذتها: «الفرقة الطالحية» دينا في مذهبهم الباطل

 

عن عمر بن الخطاب t قال: (يهدم الإسلام ثلاثة: زلة عالم، وجدال المنافق بالقرآن، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (أخاف عليكم بعدي ثلاثا، وبهن يهدم الإسلام: زلة عالم عهد الناس عنده علما، فاتبعوه على زلته، وجدال منافق بالقرآن لا يخطئ فيه واوا ولا ألفا، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (إن الإسلام اليوم في بناء، وإن له انهداما، وإن مما يهدمه: زلة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلون).

وفي لفظ: (أما إن الزمان منهدم لثلاث ...).

أثر صحيح

أخرجه الفريابي في «صفة المنافق» (30)، وابن المبارك في «الزهد» (520)، وفي «الرقائق» (1460)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص89) من طريق أبي حصين، عن زياد بن حدير به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص169)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص47)، والمروذي في «أخبار الشيوخ» (345)، والفريابي في «صفة المنافق» (29)، والذهبي في «السير» (ج11 ص463)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص574)، والآجري في «تحريم النرد» (ص93)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص527)، والمستغفري في «فضائل القرآن» (ج2 ص268)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص615)، والعسكري في «المواعظ» (29405-كنز العمال)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص71)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص110)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص234) من طرق عن الشعبي عن زياد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده صحيح أيضا.

وذكره الهندي في «كنز العمال» (ج10 ص269)؛ وعزاه إلى آدم بن أبي إياس في «العلم»، ونصر المقدسي في «الحجة»، وجعفر الفريابي في «صفة المنافق».

وأورد ابن كثير في «مسند الفاروق» (ج2 ص662) طرقه ثم قال: فهذه طرق يشد القوي منها الضعيف، فهي صحيحة من قول عمر بن الخطاب t.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج5 ص238)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص89)، و(ج5 ص133).

وقوله: (ويهدم الإسلام)؛ أي يزيل عزته.

وقوله: (زلة العالم)؛ أي: عثرته، بتقصير منه، أو اجتهاد منه.

وقوله: (وجدال المنافق)؛ الذي يظهر السنة، ويبطن البدعة.

وقوله: (بالقرآن)؛ وإنما خص؛ لأن الجدال به أقبح، وهو يؤدي إلى الكفر، وذلك لإفساده الدين.

وقوله: (وحكم الأئمة المضلين)؛ أي: على وفق أهوائهم، وإكراههم الناس عليه.([163])

وأخرجه أبو الجهم في «جزئه» (98)، والهروي في «ذم الكلام» (ج1 ص87)، وابن الجوزي في «مناقب عمر بن الخطاب» (ص616) من طريق مجالد بن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري t عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطبنا عمر بن الخطاب t فقال: (إن أخوف ما أخاف عليكم تغير الزمان، وزيغة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمة مضلين يضلون الناس بغير علم).

وإسناده حسن في المتابعات.

قال الفقيه الطيبي / في «الكاشف» (ج1 ص455): (قوله: (ما يهدم)؛ الهدم إسقاط البناء، وهدم الإسلام تعطيل أركانه الخمسة المذكورة في قوله عليه الصلاة والسلام: (بني الإسلام على خمس) ([164]) الحديث، وتعطيله إنما يحصل من زلة العالم، وتركه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإتباع الهوى، ومن جدال المبتدعة وغلوهم في إقامة البدع بالتمسك بتأويلاتهم الزائغة، ومن ظهور ظلم الأئمة المضلين وحكم المزورين. وإنما قدمت زلة العالم لأنها هي السبب في الخصلتين الأخيرتين، كما جاء: (زلة العالم زلة العالم». اهـ

قلت: إن من أشر الناس عند الله تعالى منزلة يوم القيامة: عالم لا ينتفع بعلمه([165])، اللهم سلم سلم.

وبوب الحافظ البيهقي / في «المدخل» (ج2 ص870): باب ما يخشى من زلة العالم أو العمل.

وبوب الإمام ابن المبارك / في «الرقائق» (ج2 ص681): باب في زلة العالم.

قلت: وأكثر الناس يفتنون بزلة عالم، ولأن إذا زل العالم زل بزلته عالم كثير([166])، والعياذ بالله.

فعن الحسن البصري / قال: (لم يبق من العلم إلا غبرات([167]) قليل في أوعية سوء، فانظروا عمن تأخذوا دينكم).([168])

وبوب ابن أبي إياس / في «العلم» (ص162): باب أخذ العلم من غير أهله.([169])

قلت: وهؤلاء يضلون الناس ويحدثونهم بغير علم، والله المستعان.

فالعلماء الزائغون عن الحق، والمنافقون المجادلون المبتدعون هم الذين يضعفون أركان الإسلام، وذلك لإقامتهم البدع في الناس في البلدان الإسلامية.

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج2 ص570): (باب: التحذير من علماء السوء، ممن ترك كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r، واعتمد على رأيه، وجلب الناس بمنطقه وتزين لهم بعلمه وزهده، وتصنع بقراءته وتعبده، وما يصدون بذلك عن الحق، ويقطعون عن الخير، ويمنعون من طلب العلم). اهـ

وعن وهيب بن الورد / قال: (ضرب مثل عالم السوء فقيل: مثل العالم السوء كمثل حجر وقع في ساقية، فلا هو يشرب من الماء، ولا هو يخلي عن الماء فيحيى به الشجر !).

أثر حسن

أخرجه أبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص571)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص140 و146)، والخطيب في «اقتضاء العلم العمل» (195) من طرق عن  محمد بن يزيد بن خنيس، قال: سمعت وهيب بن الورد به.

قلت: وهذا سنده حسن.

لذلك أحذركم من الفجار من المتعالمين، والجهال من المتعبدين، فإنه قد يقال للمرء أنه عالم وهو متعالم، وقد يقال للمرء عابد وهو جاهل!.

قلت: وإنما مثل هذا كالسائر على غير طريق صحيح؛ فإنه لم يزده الاجتهاد، والسرعة من الله تعالى إلا بعدا.([170])

قال العلامة حمد بن ناصر / في «الدرر السنية» (ج3 ص68): (من أراد الله فتنته، فلا حيلة فيه، بل لا تزيده كثرة الأدلة إلا حيرة، وضلالا). اهـ

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (ويل للأتباع من زلة العالم، قيل: وكيف ذلك؟ قال: يقول العالم الشيء برأيه فيلقى من هو أعلم منه برسول الله r منه فيخبره ويرجع، ويقضي الأتباع بما حكم).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص873)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص112)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص99)، وفي «الإيصال» (ص503)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص14) من طرق عن حماد بن زيد، عن المثنى بن سعيد، عن أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455)، والشاطبي في «الموافقات» (ج4 ص90)،  و(ج5 ص134).

وعن معاذ بن جبل t قال: (أحذركم زيغة الحكيم يعني: العالم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.

قال يزيد بن عميرة الراوي عن معاذ-: قلت لمعاذ: ما يدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟ قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها ما هذه ... فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته فإن على الحق نورا).

أثر صحيح

أخرجه أبو داود في «سننه» (ج5 ص17)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص233)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص320)، والفريابي في «صفة المنافق» (42)، واللالكائي في «الاعتقاد» (116)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص210)، وفي «المدخل إلى علم السنن» (444)، وفي «الأسماء والصفات» (135)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج65 ص337)، والمزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص218 و219)، وعبد الرازق في «المصنف» (ج11 ص363)، والآجري في «الشريعة» (ص47)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص585)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص22)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ج7 ص418)؛ في ترجمة: «يزيد بن خالد بن وهب الرملي»؛ وفي «السير» (ج1 ص456)، و(ج8 ص143)، وابن الجوزي في «القصاص والمذكرين» (70)، وجمال الدين الحنفي في «مشيخة ابن البخاري» (ج3 ص1840) من طرق عن الزهري قال: حدثني أبو إدريس الخولاني أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ؛ أن معاذا t كان يقول فذكره.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وأخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص981) من طريق ابن عجلان عن ابن شهاب أن معاذا t به.

وأخرجه أبو نعيم في «الحلية» (ج1 ص232) من طريق ابن عجلان عن الزهري أن أبا إدريس أن معاذا t به.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (227)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص466)، وابن وضاح في «البدع» (63) من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن يزيد بن عميرة به.

وأخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (117)، وأبو عمرو الداني في «السنن الواردة في الفتن» (27) من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال معاذ بن جبل t به.

وأخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص185)، و(ج3 ص59)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8581)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري به.

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» (ج3 ص455).

قلت: فليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك؛ إلا النبي r.

وعن عبد الله بن مسعود t قال: (اغد عالما أو متعلما، ولا تغد إمعة([171]) بين ذلك)؛ يعني: جاهلا.

أثر صحيح

أخرجه يعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3  ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص134)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج5 ص407)، وسعدان بن نصر في «جزئه» (140)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج6 ص188)، والخطيب في «التطفيل» (ص64 و65)، والحنائي في «الفوائد» (106)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1491)، وابن حزم في «الإحكام» (ج6 ص68)، والآمدي في «الإحكام» (ج6 ص234) من طريق سفيان بن عيينة، نا عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج8 ص541)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص109)، ووكيع في «الزهد» (ج3 ص829)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص140) من طريق الأعمش عن تميم بن سلمة عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله رضي الله عنه به.

قلت: وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ابن مسعود([172])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص163) من طريق معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه به.

قلت: وعبد الملك بن عمير لم يدرك ابن مسعود([173])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص99)، وأبو خيثمة في «العلم» (ص137) من طريق أبي سنان ضرار بن مرة عن سهل القراري عنه.

قلت: وسهل القراري هذا مجهول([174])، وهو لم يدرك ابن مسعود أيضا.

وأخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص97)، ويعقوب بن سفيان في «المعرفة والتاريخ» (ج3 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص144) من طريق الأوزاعي قال: حدثني هارون بن رئاب به.

قلت: وهارون بن رئاب لم يسمع من ابن مسعود([175])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه ابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص126) من طريق الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (اغد عالما، أو متعلما ولا تغد بين ذلك).

قلت: وهذا سنده حسن.

فحبذا العالم والمتعلم، وسائر الناس همج لا خير فيهم!.([176])

وأخرجه وكيع في «الزهد» (513)، والدارمي في «المسند» (ج1 ص79)، والبيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1493) من طريق الحسن البصري عن ابن مسعود رضي الله عنه به.

قلت: والحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود([177])، فالإسناد منقطع، وقد أعله بالانقطاع البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (ج2 ص692).

وأخرجه الدارمي في «المسند» (349)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص463) من طريق الضحاك بن مزاحم عن ابن مسعود رضي الله عنه به.

قلت: والضحاك بن مزاحم لم يسمع من ابن مسعود([178])، فالإسناد منقطع.

وأخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج4 ص367)، وأبو داود في «الزهد» (141) من طريق سالم بن أبي الجعد عن طرفة المسلي قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

قلت: وطرفة المسلي هذا مجهول([179])، ولم أجد من وثقه غير ابن حبان حيث ذكره في «ثقاته» (ج4 ص398).

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص166 و167)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج1 ص136 و137)، وابن الجوزي في «صفة الصفوة» (ج1 ص124) من طريق المسعودي عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رضي الله عنه به.

وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج1 ص181)؛ ثم قال: رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه المسعودي، وقد اختلط، وبقية رجاله ثقات.

قلت: وهذه الطرق تؤكد أن له أصلا عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

فالحديث بمجموع طرقه صحيح.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «الجامع» (ج2 ص982): (وشبه العلماء زلة العالم بانكسار السفينة؛ لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير وإذا ثبت وصح أن العالم يخطئ ويزل لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه). اهـ

وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص453): (والمصنفون في السنة جمعوا بين فساد التقليد وإبطاله وبيان زلة العالم؛ ليبينوا بذلك فساد التقليد، وأن العالم قد يزل ولا بد؛ إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل قوله منزلة قول المعصوم؛ فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه، وذموا أهله وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل فيه، وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ - ولا بد - فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذ كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، والخطأ واقع منه ولا بد ... ومن المعلوم أن المخوف في زلة العالم تقليده فيها؛ إذ لولا التقليد لم يخف من زلة العالم على غيره؛ فإذا عرف أنها زلة لم يجز له أن يتبعه فيها باتفاق المسلمين، فإنه اتباع للخطأ على عمد، ومن لم يعرف أنها زلة فهو أعذر منه، وكلاهما مفرط فيما أمر به). اهـ

وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص58): (وإنما هذه الجملة ينبغي أن ينتبه لها الذين يأبون إلا التقليد؛ ليعلموا أن من آثر التقليد فالأحرى به تقليد الصحابة لأنهم الأعلم). اهـ

قلت:  فلا يدرى ما عذر المقلد في ترجيح أقوال غير الصحابة y على أقوالهم؛ فكيف إذا منع الأخذ بقول الصحابة y فكيف إذا صار يرمى بالابتداع من عمل بها؟!، لا جرم أنه أخذ بالمثل المشهور: رمتني بدائها وانسلت.

قلت: وكان السلف يسمون المقلد؛ الأعمى الذي لا بصيرة له، وغير ذلك.

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص573): (وكانوا يسمون المقلد الإمعة ومحقب دينه([180])، ... وكانوا يسمونه الأعمى الذي لا بصيرة له، ويسمون المقلدين أتباع كل ناعق، يميلون مع كل صائح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يركنوا إلى ركن وثيق ... كما سماه الشافعي حاطب ليل([181]». اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج3 ص554): (أن الاقتداء بهم يعني: الصحابة- هو اتباع القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما منهم؛ فإن الاقتداء بهم يحرم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص492): (والمجتهد المخطئ أفضل عند الله تعالى من المقلد المصيب ... ذم الله التقليد جملة، فالمقلد عاص، والمجتهد مأجور، وليس من اتبع رسول الله r مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به. وإنما المقلد من اتبع من دون رسول الله r؛ لأنه فعل ما لم يأمره الله تعالى به). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «المحلى بالآثار» (ج1 ص488): (ولا يحل لأحد أن يقلد أحدا، لا حيا ولا ميتا). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في«إعلام الموقعين» (ج3 ص462): (تحريم الإفتاء بالتقليد، فإنه إفتاء بغير ثبت؛ فإن الثبت الحجة التي يثبت بها الحكم باتفاق الناس). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «مداواة النفوس» (ص74): (المقلد راض أن يغبن([182]) عقله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج5 ص281): (فإن التقليد لا يورث إلا بلادة). اهـ

وقال العلامة ابن بدران / في «المدخل» (ص495): (التقليد يبعد عن الحق، ويروج الباطل). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي / في «المناظرات الفقهية» (ص37): (فإن من اعتاد الجري على أقوال لا يبالي دل عليها دليل صحيح أو ضعيف، أو لم يدل يخمد ذهنه، ولا ينهض بطلب الرقي، والاستزادة في قوة الفكر والذهن). اهـ

وقال العلامة محمد جمال الدين القاسمي / في «المسح على الجوربين» (ص69): (ونبرأ إلى الله من دفع النصوص بالأقيسة والآراء). اهـ

قلت: فالتقليد أن يعتمد الإنسان في فهم الحكم من الدليل على غيره لا على نفسه.([183])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص15): (أما التقليد الباطل المذموم فهو: قبول قول الغير بلا حجة([184])، قال الله تعالى: ]وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون[ [البقرة 170]، وفي المائدة([185])، وفي لقمان: ]أولو كان الشيطان يدعوهم([186])، وفي الزخرف: ]قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم[ وفي الصافات: ]إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون[ [الصافات: 69-70]، وقال تعالى: ]يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا[ [الأحزاب: 66-67]. وقال: ]إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب[ [البقرة: 166]، وقال تعالى: ]فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار[ [غافر: 47]، وفي الآية الأخرى: ]من عذاب الله من شيء[ [إبراهيم: 21]، وقال تعالى: ]ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم[ [النحل: 25]. فهذا الاتباع والتقليد الذي ذمه الله هو اتباع الهوى: إما للعادة والنسب كاتباع الآباء، وإما للرئاسة: كاتباع الأكابر، والسادة، والمتكبرين فهذا مثل تقليد الرجل لأبيه أو سيده أو ذي سلطانه ... وقد بين الله أن الواجب الإعراض عن هذا التقليد إلى اتباع ما أنزل الله على رسله؛ فإنهم حجة الله التي أعذر بها إلى خلقه ). اهـ

قلت: وهذه الآيات التي ساقها شيخ الإسلام ابن تيمية / للتدليل على فساد التقليد وذمه، قد استدل بها، وبما شابهها من القرآن كثير من العلماء.

ويقول الحافظ ابن عبد البر /: بعد أن ساق بعض هذه الآيات في «جامع بيان العلم» (ج2 ص134): (قد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أؤلئك من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلد كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملوما على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا، وإن اختلفت الآثام فيه). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج2 ص836): (التقليد على الحقيقة إنما هو قبول ما قاله قائل دون النبي r بغير برهان فهذا هو الذي أجمعت الأمة على تسميته تقليدا، وقام البرهان؛ على بطلانه). اهـ

قلت: فكل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده.([187])

وقال العلامة الشوكاني / في «إرشاد الفحول» (ص265) عن التقليد: (هو قبول رأي من لا تقوم به الحجة بلا حجة). اهـ

قلت: إذا فالتقليد هو أن يتبع الإنسان غيره في قول، أو فعل، أو اعتقاد، أو سلوك من غير دليل، ولا نظر، ولا تأمل، ودون إدراك، ولا وعي.([188])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ

وقال الإمام الشافعي / في «الرسالة» (ص219): (قد يجهل الرجل السنة فيكون له قول يخالفها، لا أنه عمد خلافها، وقد يغفل المرء ويخطئ في التأويل). اهـ

قلت: فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون ويصيبون: ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5].

قال العلامة الشيخ سليمان بن عبد الله / في «تيسير العزيز الحميد» (ص548): (أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص261): (ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل، وتبين له الحق الذي جاء به الرسول r؛ فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975)؛ وهو يعقد في كتابه بابا بعنوان: (باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع) ثم يقول: (قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه ... وهذا كله نفي للتقليد وإبطال له لمن فهمه وهدي لرشده).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج35 ص233): (فأما من لم يعرف إلا قول عالم واحد وحجته دون قول العالم الآخر وحجته؛ فإنه من العوام المقلدين؛ لا من العلماء الذين يرجحون ويزيفون). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص228): (وأما هدي الصحابة فمن المعلوم بالضرورة أنه لم يكن فيهم شخص واحد يقلد رجلا واحدا في جميع أقواله، ويخالف من عداه من الصحابة بحيث لا يرد من أقواله شيئا، ولا يقبل من أقوالهم شيئا، وهذا من أعظم البدع وأقبح الحوادث). اهـ

قلت: والإمام ابن القيم / لم يكن هو أول من قال إن هذا الأمر بدعة، ولا آخر من قال، اللهم غفرا.

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص236): (اتخاذ أقوال رجل بعينه بمنزلة نصوص الشارع لا يلتفت إلى قول من سواه بل ولا إلى نصوص الشارع إلا إذا وافقت نصوص قوله؟، فهذا والله هو الذي أجمعت الأمة على أنه محرم في دين الله، ولم يظهر في الأمة إلا بعد انقراض القرون([189]) الفاضلة).اهـ

قلت: إذا: يحرم الأخذ بآراء العلماء المخالفة للكتاب والسنة، والله المستعان.

وقال العلامة الشاطبي / في «الاعتصام» (ج2 ص347): (ولقد زل - بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال - أقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل.

ولنذكر عشرة أمثلة: وبعد أن يذكر هذه الأمثلة يقول: فالحاصل مما تقدم أن تحكيم الرجال من غير التفات إلى كونهم وسائل للحكم الشرعي المطلوب شرعا ضلال، وما توفيقي إلا بالله، وإن الحجة القاطعة والحاكم الأعلى هو الشرع لا غير).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج20 ص251): (وليس لأحد أن يعارض الحديث عن النبي r بقول أحد من الناس). اهـ

قلت: والمقلد قد خالف السلف في ذلك فإنهم لم يقلدوا، اللهم غفرا.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص144): (يقال لمن قال بالتقليد: لم قلت به وخالفت السلف في ذلك؟ فإنهم لم يقلدوا فإن قال: قلدت؛ لأن كتاب الله عز وجل لا علم لي بتأويله، وسنة رسوله لم أحصها والذي قلدته قد علم ذلك فقلدت من هو أعلم مني قيل له: أما العلماء إذا اجتمعوا على شيء من تأويل الكتاب، أو حكاية سنة عن رسول الله r أو اجتمع رأيهم على شيء فهو الحق لا شك فيه، ولكن قد اختلفوا فيما قلدت فيه بعضهم دون بعض، فما حجتك في تقليد بعض دون بعض، وكلهم عالم ولعل الذي رغبت عن قوله أعلم من الذي ذهبت إلى مذهبه).اهـ

وقال الإمام العز بن عبد السلام / في «قواعد الأحكام» (ج2 ص135): (ومن العجب العجيب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه، ويترك من الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه، بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة، ويتأولهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده). اهـ

قلت: والمقلدون الجامدون اتخذوا ذلك دينا ومذهبا بحيث لو أقمت عليه ألف دليل من النصوص لا يصغى إليه، بل ينفر عنه كل النفور؛ كحمر مستنفرة فرت من قسورة.([190])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص67): (وأمرهم بالرد عند التنازع إلى الله تعالى، والرسول r فأبطل الرد إلى إمام مقلد، أو قياس عقلي فاضل). اهـ

قلت: فالحجة في الأدلة الشرعية التفصيلية فليس أن يقبل قولا ممن قاله إلا بقيام الأدلة الشرعية التفصيلية على صواب ذلك القول؛ فإن قبله بغير ذلك كان مقلدا التقليد المذموم المنهي عنه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص260): (قد ذم الله تعالى في القرآن من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه، وهذا هو التقليد الذي حرمه الله تعالى ورسوله r وهو: أن يتبع غير الرسول r فيما خالف فيه الرسول r، وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان؛ في سره وعلانيته وفي جميع أحواله). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص996): (ولا خلاف بين أئمة الأمصار في فساد التقليد فأغنى ذلك عن الإكثار).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص262): (والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع: أن يعارض قول الله تعالى، ورسوله r بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك). اهـ

قلت: إذا فإن إقرار التقليد واتخاذه دينا ومذهبا أمر يحتاج إلى دليل؛ لأن الواجب حكم من الأحكام الخمسة التي لا تثبت إلا بنص من القرآن، أو حديث صحيح أو حسن من السنة، ولا نعلم في ذلك نقلا اعتمد عليه.

قال العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في «الأجوبة المفيدة» (ص64): (من يغلو في التقليد حتى يتعصب لآراء الرجال، وإن  خالفت الدليل، وهذا مذموم، وقد يؤول للكفر). اهـ

قلت: فالتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن التقليد كما بينا هو الأخذ بقول الغير بلا حجة.

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص787): (والتقليد عند العلماء غير الاتباع؛ لأن الاتباع هو تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه.

والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول، ولا معناه وتأبى من سواه، أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مهابة خلافه وأنت قد بان لك فساد قوله، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه وتعالى).اهـ

وقال أبو عبد الله بن خواز منداد البصري المالكي: (التقليد معناه في الشرع الرجوع إلى قول لا حجة لقائله عليه، وهذا ممنوع منه في الشريعة.

 والاتباع ما ثبت عليه حجة).([191])

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ

قلت:   كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ والتقليد ممنوع.([192])

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص975): (باب فساد التقليد ونفيه، والفرق بين التقليد، والاتباع قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه فقال: ]اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله[ [التوبة: 31]). اهـ

قلت: ولا خلاف بين العلماء أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يطلق عليه اسم عالم.

قال الحافظ السيوطي /: (إن المقلد لا يسمى عالما).([193]) اهـ

قلت: فيجب القبول باتباع الحجة والانقياد للدليل من كتاب، أو سنة، أو إجماع دون تقليد شخص بعينه؛ لأن التقليد ممنوع في الشريعة.([194])

قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص247): (فحينئذ ليس من شأن المسلم التجمد على التقليد فإن تجمد مع ذلك فما أشبهه بمن قال الله تعالى فيهم: ]ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك[ [البقرة: 145]). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج4 ص28): (وهذا باب واسع لو تتبعناه لجاء سفرا كبيرا، فنسأل حينئذ فرقة التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلدتموه بعض شأن رسول الله r؛ كما خفي ذلك على سادات الأمة أولا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد خفي على الصحابة y مع قرب عهدهم؛ بلغوا في الغلو مبلغ مدعي العصم في الأئمة([195])، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع وهم مراتب في الخفاء في القلة والكثرة، قلنا: فنحن نناشدكم الله تعالى الذي هو عند لسان كل قائل وقلبه، وإذا قضى الله تعالى، ورسوله r أمرا خفي على من قلدتموه هل تبقى لكم الخيرة بين قبول قوله ورده أم تنقطع خيرتكم وتوجبون العمل بما قضاه الله تعالى، ورسوله r عينا لا يجوز سواه؟ فأعدوا لهذا السؤال جوابا، وللجواب صوابا؛ فإن السؤال واقع؛ والجواب لازم. والمقصود أن هذا هو الذي منعنا من التقليد، فأين معكم حجة واحدة تقطع العذر، وتسوغ لكم ما ارتضيتموه لأنفسكم من التقليد). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص204): (فإنه ما من أحد من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم؛ إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان الدليل» (ص205): (وهذا باب واسع لا يحصى مع أن ذلك لا يغض من أقدارهم ولا يسوغ اتباعهم فيها، كما قال سبحانه: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] ). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج5 ص136): (إذا ثبت هذا، فلا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل:

منها: أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدا له وذلك؛ لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتدا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا، فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين.

ومنها: أنه لا يصح اعتمادها خلافا([196]) في المسائل الشرعية). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج1 ص165): (وقد أجمع المسلمون أن الخلاف ليس بحجة([197])، وأن عنده يلزم طلب الدليل والحجة ليتبين الحق منه). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج2 ص248): (ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد([198])؛ لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا يمعن النظر بشيء كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص145): (فلا يصح أن يرد إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة، وهي تبين الراجح من القولين فيجب اتباعه لا الموافق للغرض). اهـ

وقال الحافظ النووي / في «روضة الطالبين» (ج11 ص111): (وليس للمفتي والعامل على مذهب الإمام الشافعي في المسألة ذات الوجهين أو القولين أن يفتي أو يعمل بما شاء منهما من غير نظر، وهذا لا خلاف فيه). اهـ

وقال أشهب، سمعت مالكا / يقول: (ما الحق إلا واحد، قولان مختلفان لا يكونان صوابا جميعا، ما الحق والصواب إلا واحد.

قال أشهب: وبه يقول الليث بن سعد).([199])

وقال أشهب /: سئل مالك بن أنس / عن اختلاف أصحاب رسول الله r فقال: (خطأ وصواب فانظر في ذلك).([200])

وقال ابن وهب: سئل مالك عمن أخذ بحديثين مختلفين حدث بهما ثقة عن أصحاب رسول الله r أتراه من ذلك في سعة؟ فقال: (لا والله حتى يصيب الحق، وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا، وما الحق والصواب إلا في واحد).([201])

وقال ابن القاسم، عن مالك، أنه قال: في اختلاف أصحاب رسول الله r: (مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد).([202])

وقال ابن القاسم، سمعت مالكا، والليث، يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله r ليس كما قال ناس: (فيه توسعة ليس كذلك، إنما هو خطأ وصواب).([203])

قلت: هذه عبارة علمية صدرت من إمام أهل السنة في زمانه ممن تلقى العلم من التابعين الذين أخذوه عن الصحابة الكرام عن الرسول r، وهو إمام عالم بالأدلة الشرعية، ومقاصد الشرعية.

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص922): (الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده، ولا حجة في قوله). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص80): (والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة والإجماع والقياس على الأصول على الصواب منها وذلك لا يعدم). اهـ

قلت: فعلى الناظر في مسائل الخلاف أن يختار القول الذي يرجحه الدليل بغض النظر عن طبيعة هذا القول من حيث اليسر والغلظة، وليس وجود الخلاف بمسوغ لأحد أن يأخذ بأي القولين شاء دون نظر وتثبت.([204])

والواجب عند اختلاف العلماء طلب الدليل من الكتاب والسنة وذلك لا يعدم.

قال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج5 ص198): (فيا لله العجب، أيروج هذا الخداع والمكر والتلبيس على أحكم الحاكمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟ ثم إن هذه الحيلة كما هي مخادعة لله، ومكر بدين الإسلام، فهي باطلة في نفسها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص234):  (القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى  الله عليه وسلم لم يحتج إلى أقوال أهل اللغة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص186):  (من كان أعظم اتباعا لكتابه الذي أنزله، ونبيه الذي أرسله؛ كان أعلم فرقانا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص236):  (لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل، ورأي، وقياس). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفرقان» (ص231):  (النزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا، كخلاف الخوارج، والرافضة، والقدرية، والمرجئة). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الشرح الممتع» (ج3 ص196): (والله لو نتأمل هذه الكلمة ]اليوم أكملت لكم دينكم[ فلا يوجد شيء ناقص في الدين أبدا، فهو كامل من كل وجه، لكن النقص فينا، إما قصور في عقولنا، أو في أفهامنا أو في علومنا، أو في إرادات تكون غير منضبطة، فمن الناس من يريد أن ينصر قوله فيعمى عن الحق). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /  في «التحفة العراقية» (ص343): (ومن لم يقف عند أمر الله ونهيه فليس من المتقين). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية /  في «التحفة العراقية» (ص299): (من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعا لهواه فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يعمى قلبه عن الحق الواضح). اهـ

قلت: فما أبعد المقلدة عن فقه السلف المجمع عليه في الشريعة المطهرة؛ فإنهم يتركون فقههم ويذهبون إلى فقه المذاهب المختلف فيه!.

وهذا ينبؤ بخطر عظيم على المقلدة؛ لأن أكثرهم يحتج باختلاف الفقهاء من بعد إجماع الصحابة الكرام من أجل تروج باطلهم في الدين.

قلت: ومن فعل ذلك ونصح ولم يتب وأصر على باطله؛ فهو مبتدع ضال كائنا من كان، لا لأنه خالف في مسألة فقهية، لكن لأنه أراد أن يروج بدعته عن طريق اختلاف العلماء([205])، وهذا أصل الفرقة التي نهى عنها الله تعالى، ورسوله r. ([206])

وبوب الحافظ البيهقي / في «شعب الإيمان» (ج16 ص463): فصل: من هذا الباب مجانبة الفسقة, والمبتدعة ومن لا يعينك على طاعة الله عز وجل.

وعن الإمام مسلم بن يسار / قال: (إياكم والمراء، فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته). يعني: الجدل.

أثر صحيح.

أخرجه الدارمي في «المسند» (ج1 ص109)، وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج7 ص187)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (ص273)، وعبدالله بن أحمد في «زوائده على الزهد» (ص251)، والآجري في «الشريعة» (ص56)، وفي «أخلاق العلماء» تعليقا (ص77)، والهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص33 )، وأبو نعيم في «الحلية» (ج2 ص294)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (547)، وفي «الإبانة الصغرى» تعليقا (124)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج1 ص308)، وابن أبي إياس في «العلم والحلم» (ص61)، والفريابي في «القدر» (383)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج58 ص145) من طريق حماد بن زيد حدثنا محمد بن واسع عن مسلم بن يسار به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قلت: فما ثار قوم بفتنة إلا أوتوا الجدل، والمراء في الدين، اللهم غفرا.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص434): (لما سمع هذا أهل العلم من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين لم يماروا في الدين، ولم يجادلوا، وحذروا المسلمين المراء والجدال، وأمروهم بالأخذ بالسنن، وبما كان عليه الصحابة y، وهذا طريق أهل الحق ممن وفقه الله تعالى). اهـ

قلت: فلابد لطالب العلم أن يترك الخصومة في الدين، وأن يجانب أهل الخصومات، وذلك لأن الخصومة مدعاة للفرقة والفتنة، ومجلبة للتعصب، واتباع الهوى، ومطية للانتصار للنفس، والتشفي من الآخرين، وذريعة للقول على الله تعالى بغير علم.

قال تعالى: ]وإن تطيعوه تهتدوا[ [النور: 54].

وقال تعالى: ]ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله[ [النور: 26].

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج17 ص252): (فإن الخير كل الخير في متابعة السنة، والتمسك بهدي الصحابة والتابعين y). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «النبذ» (ص61): (وبرهان ما قلنا من حمل الألفاظ على مفهومها من ظاهرها؛ قول الله تعالى في القرآن: ]بلسان عربي مبين[ [الشعراء: 195]. وقوله تعالى ]وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم[ [إبراهيم: 4]؛ فصح أن البيان لنا.

إنما هو حمل لفظ القرآن والسنة على ظاهرهما وموضوعهما؛ فمن أراد صرف شيء من ذلك الى تأويل بلا نص، ولا اجماع؛ فقد افترى على الله تعالى، وعلى رسوله r، وخالف القرآن، وحصل في الدعاوى، وحرف الكلم عن مواضعه). اهـ

قلت: فيرى ابن حزم / أنه يتعرض بالتأويل، والعدول عن ظواهر النصوص؛ إلا إذا دل على ذلك دليل، وشاهد من نص قرآن، أو سنة صحيحة، أو إجماع.

قال الإمام الملطي / في «التنبيه» (ص82): (وأهل البدع وافقوا إبليس في مجال القياس، وتركوا النص من التنزيل وتأولوا تأويلا فاسدا فعدلوا عن نص الخبر إلى القياس الفاسد). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص227): (الرافضة والجهمية، لا تحفظ أئمتهم القرآن، وسواء حفظوه أم لم يحفظوه لا يطلبون الهدى منه، بل إما أن يعرضوا عن فهمه وتدبره، كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وإما أن يحرفوه بالتأويلات الفاسدة). اهـ

وقال العلامة الشاطبي / في «الموافقات» (ج4 ص344): (فإنما وقع الخروج عن السنة في أولئك لمكان إعمالهم الرأي واطراحهم السنن، لا من جهة أخرى). اهـ

وقال العلامة السعدي / في «تفسيره» (ص68): (أي ظلم أعظم، من ظلم، من علم الحق والباطل، فآثر الباطل على الحق). اهـ

وقال العلامة السعدي / في «تفسيره» (ص65): (لا يعترض على أحكام الله، إلا سفيه جاهل معاند). اهـ

قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

وعن عروة، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، أنه حدثه: (أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي r في شراج([207]) الحرة ([208])، التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر، فأبى عليه؟ فاختصما عند النبي r، فقال رسول الله r للزبير: أسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك، فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجه رسول الله r، ثم قال: اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم[ [النساء: 65]).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص34)، ومسلم في «صحيحه» (ج4 ص1829)، وأبو داود في «سننه» (ج4 ص51)، والترمذي في «سننه» (ج4 ص599)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص475)، وفي «السنن الصغرى» (ج8 ص245)، وابن ماجه في «سننه» (ج1 ص7)، والواحدي في «الوسيط» (ج2 ص75)، وفي «أسباب النزول» (ص163)، وابن أبي عيسى في «اللطائف» (ص203)، والطائي في «الأربعين» (ص64)، وابن بشكوال في «الغوامض والمبهمات» (ج2 ص579)، والفاسي في «الأربعين» (ق/10/ط)، والأبرهوقي في «معجم شيوخه» (ق/103/ط)، وابن المنذر في «تفسيره» (ج2 ص775)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج4 ص57)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج5 ص389)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص165)، وأبو نعيم في «المستخرج» (ج1 ص38)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج13 ص108)، والبيهقي في «المعرفة» (ج1 ص106)، وفي «السنن الكبرى» (ج6 ص153)، وابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص203)، والطبري في «تفسيره» (ج5 ص158 و159)، وفي «تهذيب الآثار» (ص423)، وأبو يعلى في «المسند» (ج12 ص189)، والحاكم في «المستدرك» (ج3 ص364)، وابن الجارود في «المنتقى» (ص255)، والنحاس في «القطع والائتناف» (ص254)، وابن أبي حاتم في «العلل» (ج1 ص395)، و(ج2 ص93)، وفي «التفسير» (ج3 ص993)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج1 ص261)، وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» (ص43)، والبغوي في «شرح السنة» (ج8 ص283)، وعبد بن حميد في «المنتخب» (ص185)، وابن منده في «الإيمان» (ج2 ص407)، ومحمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص654)، والبزار في «المسند» (ج3 ص183) من طرق عن ابن شهاب الزهري عن عروة عن عبد الله به.

وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ج5 ص38)، وابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص159)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص153)، وفي «المعرفة» (ج1 ص11)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج2 ص466)، وعبد بن حميد في «تفسيره» (ص104)، ويحيى بن آدم في «الخراج» (ص106)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص165)، والبغوي في «التفسير» (ج1 ص448)، ومحمد بن نصر في «تعظيم قدر الصلاة» (ج2 ص653)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج2 ص308)، والشاشي في «المسند» (ج1 ص107) من طريق ابن شهاب عن عروة عن الزبير به.

قال الحافظ الطائي / في «الأربعين» (ص67): (والآية التي نزلت في تلك الحادثة تدل على أن الاستسلام والانقياد لحكم رسول الله r سرا وعلنا من شرط الإيمان). اهـ

وقال الإمام محمد بن طاهر / في «الحجة» (ج2 ص393): (فجعل تعالى في هذه الآية أن من شرط الإيمان، وصحته الانقياد لحكم رسوله r، ودل على أن من خالفه غير منقاد للحق، وغير ثابت الإسلام). اهـ

قلت: فيجب على الناس أن يسلموا، وينقادوا، ويذعنوا لما يأتي به النبي r من القضاء، ولا يعارضونه بشيء في ظاهرهم وباطنهم.([209])

قال العلامة الفلاني / في «إيقاظ همم أولي الإبصار» (ص248): (وليس الاستدلال بالحديث في المتنازع فيه إلا كتحكيمه r في ذلك، فقد وجب فيه الأخذ بقوله r؛ فقد قال تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65] فمن تجمد على التقليد وأعرض عن اتباع قوله r بعد ظهوره من غير مانع له عن العمل إلا التقليد فليحذر كل الحذر بهذه الآية). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «التبيان» (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما[ [النساء: 65].

أقسم سبحانه، بنفسه المقدسة، قسما مؤكدا بالنفي قبله؛ على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول، والفروع، وأحكام الشرع، وأحكام المعاد، ومسائل الصفات وغيرها.

ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج، وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتنفسح له كل الانفساح، وتقبله كل القبول.

ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضا حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضى والتسليم، وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض.

فههنا ثلاثة أمور: التحكيم، وانتفاء الحرج، والتسليم.

فلا يلزم من التحكيم انتفاء الحرج؛ إذ قد يحكم الرجل غيره وعنده حرج من حكمه.

ولا يلزم من انتفاء الحرج الرضا والتسليم والانقياد؛ إذ قد يحكمه وينتفي الحرج عنه في تحكيمه، ولكن لا ينقاد قلبه، ولا يرضى كل الرضى بحكمه.

فالتسليم أخص من انتفاء الحرج. فالحرج مانع، والتسليم أمر وجودي.

ولا يلزم من انتفاء الحرج حصوله بمجرد انتفائه، إذ قد ينتفي الحرج ويبقى القلب فارغا منه، ومن الرضى والتسليم، فتأمله.

وعند هذا تعلم أن الرب تبارك وتعالى أقسم على انتفاء إيمان أكثر الخلق.

وعند الامتحان تعلم مثل هذه الأمور الثلاثة؛ هل هي موجودة في قلب أكثر من يدعي الإسلام أم لا؟.

والله سبحانه المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). اهـ

قلت: وهذا عين الفقه، والعلم، والله المستعان.

قال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج2 ص233): (الاتباع عند العلماء، هو الأخذ بسنن رسول الله r التي صحت عنه عند أهلها، ونقلتها، وحفاظها، والخضوع لها، والتسليم لأمر النبي r فيها). اهـ

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى شريح القاضي: (إذا أتاك أمر فاقض فيه بما في كتاب الله فإن أتاك ما ليس في كتاب الله فاقض بما سن فيه رسول الله r).

وفي لفظ: (إذا وجدت شيئا في كتاب الله فاقض به، ولا تلتفت إلى غيره).

أثر صحيح

أخرجه النسائي في «المجتبى» (ج8 ص231)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص241)، والدارمي في «المصنف» (ج1 ص60)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص110)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (133 و134)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج2 ص99)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص19)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج4 ص136)، ووكيع في «أخبار القضاة» (ج2 ص399)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج2 ص846)، وابن حزم في «الإحكام» من طرق عن الشعبي عن شريح أنه كتب إلى عمر رضي الله عنه يسأله؛ فكتب إليه ... وذكروه بألفاظ عندهم.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه ابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (ج1 ص120).

وتابعه أبو إسحاق الشيباني عن شريح به.

أخرجه ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج3 ص146) من طريق علي بن مسهر عن أبي إسحاق به.

وأخرجه وكيع في «أخبار القضاة» (ج2 ص399).

وقال الإمام الشافعي /: (الأصل قرآن أو سنة, فإن لم يكن فقياس عليهما, وإذا اتصل الحديث عن رسول الله r وصح الإسناد منه فهو المنتهى). وفي رواية: (وصح الإسناد به، فهو سنة).([210])

وعن ابن وهب قال: قال لي مالك /، (الحكم الذي يحكم به بين الناس حكمان ما في كتاب الله، أو ما أحكمته السنة، فذلك الحكم الواجب، وذلك الصواب).([211])

وعن الإمام ابن خزيمة / قال: (ليس لأحد مع رسول الله r قول إذا صح الخبر عنه).

أثر صحيح

أخرجه محمد بن طاهر في «السماع» (ق/3/ط)، والبيهقي في «المدخل» (ج1 ص38)،  والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص386).

وإسناده صحيح.

وذكره الذهبي في «السير» (ج14 ص373).

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (من قلة علم الرجل أن يقلد دينه الرجال).([212])

قال تعالى: ]وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا [ [الأحزاب: 36].

قال الإمام ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج1 ص86)؛ في تفسير هذه الآية: (فأخبر سبحانه أنه ليس لمؤمن أن يختار بعد قضائه، وقضاء رسوله، ومن تخير بعد ذلك فقد ضل ضلالا مبينا). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص1140): (واعلم يا أخي أن السنن والقرآن هما أصل الرأي والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدا). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج26 ص202): (وليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية). اهـ

قلت: وما كثرت البدع والأهواء في هذه الأمة، وفشت إلا بتقديم العقول على ما جاء به الرسول r ... فتشعبت بهم الطرق، وصاروا مختلفين في الكتاب مخالفين للكتاب، والله المستعان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج6 ص83): (فالبدع تكون في أولها شبرا ثم تكثر في الاتباع حتى تصير أذرعا، وأميالا، وفراسخ). اهـ

وقال الإمام ابن حزم / في «الإحكام» (ج6 ص83): (فإذا كان كلامه r في الشريعة حقا كله وواجبا؛ فهو من الله تعالى بلا شك، وما كان من الله تعالى فلا اختلاف فيه؛ لقوله تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82]، وقد نهى تعالى عن التفرق والاختلاف بقوله: ]ولا تنازعوا[؛ فمن المحال أن يأمر رسول الله r باتباع كل قائل من الصحابة y، وفيهم من يحلل الشيء وغيره منهم يحرمه، ولو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، ولكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة، وحراما اقتداء بغيره منهم، ولكان ترك الغسل من الإكسال واجبا اقتداء بعلي، وعثمان، وطلحة، وأبي أيوب، وأبي بن كعب، وحراما اقتداء بعائشة، وابن عمر، ولكان بيع الثمر قبل ظهور الطيب فيها حلالا اقتداء بعمر؛ حراما اقتداء بغيره منهم، وكل هذا مروي عندنا بالأسانيد الصحيحة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص285): (وكذلك الكلام في عامة مسائل النزاع بين المسلمين إذا طلب ما يفصل النزاع من نصوص الكتاب والسنة وجد ذلك). اهـ

وعن الإمام أبي يوسف / قال: (لا يحل لأحد أن يقول: مقالتنا حتى يعلم من أين قلنا).

أثر حسن

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393) من طريق محمد بن عمر بن العلاء يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: قال أبو يوسف به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وذكره الفلاني في «إيقاظ همم أولي الأبصار» (ص258).

وعن الإمام الشافعي / قال: (مثل الذي يطلب العلم بلا حجة , كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري).

أثر صحيح

أخرجه البيهقي في «المدخل إلى علم السنن» (1393)، وفي «مناقب الشافعي» (ج2 ص142)، وابن أبي حاتم في «آداب الشافعي» (ص100)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص125) من طريق الربيع بن سليمان قال: سمعت الشافعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

قال الربيع بن سليمان: يعني الذين لا يسألون عن الحجة من أين؟ يكتب العلم، وهو لا يدري على غير فهم، فيكتب عن الكذاب، وعن الصدوق، وعن المبتدع، وغيره، فيحمل عن الكذاب والمبتدع الأباطيل([213])، فيصير ذلك نقصا لإيمانه، وهو لا يدري!.

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

    

رب يسر

ذكر الدليل

 على تفنيد أحاديث: «ظل العرش»، وأنها لا تصح عن النبي r، فلا يحتج بها في الاعتقاد

 

1) عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة في ظل العرش، يظلهم الله، يوم لا ظل، إلا ظله).

حديث منكر

* وقد اختلف في هذا الحديث:

* فرواه عثمان بن الهيثم المؤذن قال: حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة في ظل العرش، يوم لا ظل، إلا ظله: رجل ذكر الله ففاضت عيناه، ورجل قلبه معلق بالمساجد من شدة حبه إياها، ورجل يحب عبدا لا يحبه؛ إلا لله، وإمام مقسط في رعيته، ورجل يعطي الصدقة بيمينه، يكاد يخفيها عن شماله، ورجل عرضت عليه امرأة نفسها ذات منصب وجمال، فتركها لجلال الله، ورجل كان في سرية مع قوم، فلقوا العدو فانكشفوا، فحمى آثارهم حتى نجوا، ونجا، أو استشهد).

حديث منكر

أخرجته بيبي الهرثمية([214]) في «جزئها» (111)، وأخرجه ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص98)، وابن العديم في «تاريخ حلب» (ج7 ص3735)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص62)، وأبو نعيم في «فضيلة العادلين من الولاة» (ص148 و149)، وعائشة بنت عيسى في «عشرة أحاديث» (ق/12/ط-المدونة الكبرى، المجموعة الثانية، مملكة البحرين).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عثمان بن الهيثم العبدي، وهو منكر الحديث، ويخطئ كثيرا. ([215])

قال عنه أبو حاتم: «كان صدوقا»: غير أنه بآخره كان يتلقن، ما يلقن([216])، وقال عنه الدارقطني: «صدوق كثير الخطأ».([217])

* وبه أعله الحافظ ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص98)؛ وذكر أنه: غريب جدا في غالب ألفاظه، والخصلة السابعة، وهي: «ورجل كان في سرية مع القوم»، فيه أشد غرابة. ([218])

قلت: فأخطأ الراوي عن هشام بن حسان، في هذا الحديث، في سنده، ومتنه، وأفحش في الخطأ، في ذكر زيادة: «في ظل عرشه!».

قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص169)؛ عن علة الأفراد: (وما تفرد به غير حافظ، يضعف من أجله).

وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص160): (فالعلة: تقع للأحاديث من أنحاء شتى).

قلت: فمتنه منكر أيضا، والحديث ثبت من طريق، ولفظ: آخرين، بذكر: «شاب نشأ بعبادة الله»، بدلا، من ذكر: «المجاهد»!، وهو غير محفوظ.

* وهذا من الاختلاف في متن الحديث.

قال الحافظ ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص98): (والمشهور: في هذه الخصلة السابعة، ما وقع في «الصحيحين»، وغيرهما:، من وجه آخر، بدلها: «وشاب نشأ في عبادة الله»).

قلت: وهذه علة أخرى في الحديث.

وذكره السخاوي في «تخريج أحاديث العادلين» (ص148).

* وأشار إليه؛ بهذا الإسناد: البيهقي في «الأسماء والصفات» (ج3 ص956).

* ورواه جعفر بن محمد بن الليث ثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه، يوم لا ظل إلا ظله، رجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل دعته امرأة ذات منصب، فقال: إني أخاف الله، ورجلان تحابا في الله، ورجل غض عينه عن محارم الله، وعين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله).

حديث منكر

أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات» (ج3 ص955 و956).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عمرو بن مرزوق الباهلي، وإن كان صدوقا، إلا أنه له أوهام في الحديث([219])، وهذه منها.

* فوهم بذكره: «تحت ظل عرشه»، والصواب: «في ظل الله تعالى»، كما هو لفظ الجماعة.

لذلك: روى عنه الإمام البخاري، مقرونا بغيره، لأنه يخالف، ويهم في الحديث.([220])

قال الحافظ العجلي في «معرفة الثقات» (ج2 ص185): (عمرو بن مرزوق بصري: ضعيف، يحدث عن شعبة، ليس بشيء).

 وقال الحافظ الدارقطني في «السؤالات» (ص169): (صدوق: كثير الوهم).

وقال الحافظ الحاكم في «السؤالات» (ص60): (عمرو بن مرزوق: مجمع على سوء حفظه، وهو أحسن ما قيل فيه).

وقال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص484): (ربما أخطأ).

* وقد تكلم الإمام ابن المديني، في عمرو بن مرزوق، من أجل أنه يخطئ في الحديث، ويخالف الثقات. ([221])

لذلك: كان الإمام يحيى بن سعيد القطان، لا يرضى: عمرو بن مرزوق في الحديث. ([222])

وخالفه: مؤمل بن إسماعيل، فرواه: عن شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد الخدري t عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله)، ولم يسق لفظه، هكذا رواه مختصرا.

أخرجه الذهبي في «السير» (ج16 ص374) من طريق أحمد بن موسى حدثنا مؤمل بن إسماعيل، بهذا الإسناد.

قلت: وهذا سنده كسابقه منكر، فيه مؤمل بن إسماعيل البصري، وهو سيء الحفظ، كما في «التقريب» لابن حجر (ص987).

* وقد جعله من مسند: «أبي سعيد الخدري»، وهو من مسند: «أبي هريرة».

لذلك قال عنه الحافظ الدارقطني في «السؤالات» (ص184): (صدوق: كثير الخطأ).

وقال عنه الإمام يحيى بن معين في «السؤالات» (ص202): (يحدث من حفظه زيادة).

* ورواه أبو عامر عبد الله الأسلمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة: إمام يقسط، ورجل يتصدق بيمينه يخفيها من شماله، ورجل بذلت له امرأة ذات حسب وميسم نفسها، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل ذكر الله عنده ففاضت عيناه من خشية الله، ورجل لقي رجلا، فقال: والله إني لأحبك لله، فقال: وأنا أحبك لله).

حديث منكر

ورواية: البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج2 ص106)؛ عن أبي هريرة t، رفعه: «سبعة يظلهم الله»، ولم يسق لفظه بتمامه.

قال أبو الفوارس الراوي: «ليس عندي عن عباس الدوري، غير هذا الحديث، إنما حفظته في صغري، فهو: غير محفوظ».

أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج9 ص253 و254)، والبخاري في «التاريخ الأوسط» (ج2 ص106)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (9131)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص39)، وفي «فضيلة العادلين من الولاة» (ص148)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج4 ص1472).

قال الحافظ الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج9 ص63): (لم يرو هذا الحديث، عن سهيل بن أبي صالح؛ إلا عبد الله بن عامر الأسلمي، تفرد به: أبو ضمرة). 

وأخرجه ابن شاذان في «المشيخة الصغرى» (ص76)، و(ق/6/ط)، بهذا الإسناد.

قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه عبد الله بن عامر الأسلمي، وهو ضعيف، لا يحتج به، ولا يتابع على حديثه، وزاد: «ظل عرشه»، وهي: زيادة منكرة، وقد وهم: بذكرها. ([223])

* وبه أعله الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص143).

وقال الحافظ البيهقي في «شعب الإيمان» (ج1 ص487): «فأما من هذا الوجه، فهو: غريب».

قلت: والمعروف في هذا عن خبيب بن عبد الرحمن، وغيره، وهو حديث: الجماعة، فلا يعرف من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه، فافهم لهذا ترشد.

قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص146): (لم نجد هذا الحديث، بوجه من الوجوه؛ إلا عن أبي هريرة t، إلا ما وقع، عند مالك، من التردد، هل هو عنه، أو عن أبي سعيد الخدري.

* ولم نجده عن أبي هريرة t؛ إلا من رواية: حفص، ولا عن حفص؛ من رواية: خبيب). اهـ

ورواية: الجماعة أولى بالصواب، فلم يزيدوا في الحديث: «في ظل عرشه»، وهم جماعة من الحفاظ، والوهم: عنهم أبعد.

لذلك قال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» (ج5 ص157)؛ عن عبد الله الأسلمي هذا: (يتكلمون في حفظه).

وقال الإمام ابن معين في «التاريخ» (ج2 ص315): (ليس بشيء، ضعيف).

وقال الإمام البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج2 ص106): (عبد الله بن عامر، أبو عامر: الأسلمي؛ يتكلمون في حفظه).

وقال الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص220): «ضعفوه».

وقال الإمام ابن المديني في «السؤالات» (ص48): (ذاك عندنا ضعيف، ضعيف).

وقال الإمام ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص6): (كان ممن يقلب الأسانيد، والمتون([224])، ويرفع المراسيل، والموقوف).

وقال الإمام أبو داود في «السؤالات» (ج5 ص275-التهذيب): (ضعيف).

وقال الإمام أحمد: (عبد الله بن عامر الأسلمي: ضعيف). ([225])

وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص517): (عبد الله بن عامر الأسلمي، أبو عامر المدني: ضعيف).

وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج1 ص487) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن سهيل بن أبي صالح([226]) عن أبيه عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل؛ إلا ظله: إمام مقسط، ورجل لقيته امرأة ذات جمال، ومنصب فعرضت نفسها عليه فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجل تعلم القرآن في صغره فهو يتلوه في كبره، ورجل تصدق بصدقة بيمينه، فأخفاها عن شماله، ورجل ذكر الله في برية ففاضت عيناه خشية من الله عز وجل، ورجل لقي رجلا فقال: إني أحبك في الله، فقال له الرجل: وأنا أحبك في الله).

حديث منكر

ولم يذكر: عبد الله بن عامر الأسلمي، هنا زيادة: «تحت ظل عرشه»، مما يدل أنه غير ضابط للحديث، فهو: منكر الحديث، لا يحتج به.

وهو أصح من الأول.

لذلك قال الحافظ البيهقي: «هذا حديث صحيح، من حديث حفص بن عاصم([227]) عن أبي هريرة، فأما من هذا الوجه، فهو غريب».

وقال الحافظ السخاوي في «تخريج أحاديث العادلين» (ص147): (وأما رواية، عبد الله بن عامر عن سهيل: فرواها البيهقي في «شعب الإيمان» (794)، من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن عبد الله بن عامر، وعد فيها خصلة، لم يذكر في الرواية الأولى، لكن عبد الله بن عامر: ضعيف).

قلت: فاضطرابه في هذا الحديث، وتخليطه فيه، دليل على عدم ضبطه له، وأنه لم يكن يقيم متنه، ولم يتابعه عليه؛ إلا من هو مثله، أو دونه في الضعف.

* ورواه داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة t، أن رسول الله r قال: (من أنظر معسرا، أو وضع له، أظله الله في ظل عرشه، يوم القيامة).

حديث شاذ

أخرجه الترمذي في «سننه» (ج3 ص150)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص359)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص484)، والبزار في «المسند» (ج15 ص343)، وابن الأعرابي في «المعجم» (ج1 ص186)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (459) من طريق إسماعيل بن عمر الواسطي، وإسحاق بن سليمان الرازي عن داود بن قيس؛ بهذا الإسناد.

قلت: وهذا سنده شاذ، من أجل تفرد داود بن قيس الفراء؛ بهذا الإسناد، وبمتنه هذا، وذكره لزيادة: «ظل عرشه».([228])

لذلك قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

قلت: نعم، هذا الحديث غريب من هذا الوجه، بلفظ: «ظل عرشه!».

* والحديث معروف، بهذا اللفظ: من حديث أبي اليسر t، ليس من حديث أبي هريرة t، وبدون ذكر: «ظل عرشه»، فتنبه.

قال الحافظ الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج1 ص484): (لم يرو هذا الحديث، إلا داود، قد تفرد به، إسحاق بن سليمان).

قلت: وقد تابعه إسماعيل بن عمر الواسطي عليه، والعهدة على داود بن قيس الفراء، فإن الشذوذ منه، فخالف، ووهم، وشذ، وجعله من مسند أبي هريرة، بلفظ: «في ظل عرشه»، فلم يسلك الجادة فيه.

قال الحافظ البزار في «المسند» (ج1 ص343): (وهذا الحديث: لا نعلم رواه عن زيد عن أبي صالح عن أبي هريرة؛ إلا داود بن قيس).

* وعلى هذا، فالأقرب: أن المحفوظ، حديث الجماعة، من مسند أبي اليسر t، دون: ذكرهم: لـ«ظل عرشه».

فعن أبي اليسر t، قال: قال رسول الله r: (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006)، وابن ماجه في «سننه» (2419)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص427)، والدارمي في «المسند» (2588)، وابن حبان في «صحيحه» (5044)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص552 و553)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1914)، و(1917)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3815)، و(3816)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (460)، والطبراني في «المعجم الكبير» (372)، و(377)، وفي «المعجم الأوسط» (4537)، و(5022)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص28 و29)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص357)، وفي «شعب الإيمان» (11248)، وفي «الأربعين الصغرى» (158)، والشاشي في «المسند» (523)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص62)،  والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص399)، وعبد الغني الأزدي في «الغوامض والمبهمات» (ص64)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (378)، وابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» (100)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص54)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج2 ص624)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص73)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص112)، والديلمي في «الفردوس» (ج3 ص568)، والعراقي في «قرة العين» (ص55)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص49)، والمراغي في «مشيخته» (ص214)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص19 و20)، وفي «معرفة الصحابة» (5819)، ومحمد بن عاصم في «جزء حديثه» (8)، والبغوي في «شرح السنة» (2142)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص341)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص404)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص101 و102)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص280)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج12 ص4443)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج5 ص99)، والبخاري في «الأدب المفرد» (187)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص298)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص484)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص470)، وأبو القاسم ابن منده في «المستخرج من كتب الناس للتذكرة» (ج1 ص111)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص377)، وفي «المنتقى من الأحاديث الصحاح» (53) من طرق عن أبي اليسر t ... وذكره بألفاظ عندهم متقاربة، ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.

وبهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص543).

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص153).

قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن: «الظل» أضيف إلى الله تعالى، فهو صفة لله تعالى؛ أي: فهو له «ظل» يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته.

* والنبي r ذكر: «الظل» لله تعالى، ولم يتعرض له بتأويل، ولا تفسير بمثل: تعطيل المعطلة، أو تأويلهم.

* وكذلك الصحابة y: رووا هذه الأحاديث، وسكتوا عنها، ولم يخوضوا فيها بتأويل، أو تفسير بخلاف السنة، أو بخلاف لغة العرب.

قلت: فلم يثبت هذا من حديث: أبي هريرة t، فافطن لهذا.

والحاصل: فإن المرفوع من هذه الأسانيد، لا يقوي بعضها بعضا؛ لأنها: إما، غرائب، أو مناكير، أو شواذ.

وأخرجه الذهبي في «العلو» تعليقا (ج1 ص654)؛ بذكر الزيادة: من طريق فليح بن سليمان المدني عن أبي طوالة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (إن الله يقول: المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي).

حديث منكر

قلت: وهذا سنده لا يحتج به، فيه فليح بن سليمان المدني، نعم صدوق، لكنه: ليس بالقوي في الحديث([229])، لكثرة أوهامه، فوهم في هذا الحديث، بذكر زيادة: «في ظل عرشي».

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص787): (فليح بن سليمان بن أبي المغيرة المدني: صدوق، كثير الخطأ).

وقال الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص322): (فليح بن سليمان المدني: له غرائب).

 قلت: ورأيت الحديث ذكر، بهذا الإسناد، بدون ذكر زيادة: «في ظل عرشي».

أخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص338 و370 و523)، وابن قدامة في «المتحابين في الله» (ص41)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص89) من طرق عن فليح بن سليمان عن عبد الله بن عبد الرحمن عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (يقول الله تبارك وتعالى: يوم القيامة، أين المتحابون في جلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل؛ إلا ظلي).

ومن هذا الوجه: أخرجه الطيالسي في «المسند» (ص307).

* وهذا أصح من الأول.

* ففليح بن سليمان المدني، فمرة: يذكر زيادة: «في ظل عرشي»، ومرة: لا يذكرها، وهذا الاضطراب موجب لضعف الحديث، بهذا الإسناد، والمتن.

وأورده الشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص105)؛ من طريق فليح؛ ثم قال: (ومن هذا أورده المؤلف في الأصل، وقد أبعد النجعة، لأن مالكا: أخرجه في «الموطأ» (2/952/13) عن ابن معمر به، ومالك أوثق من مائة من مثل فليح،ولذلك: أخرجه مسلم في «صحيحه» (8/12».اهـ

* وتابعه مالك بن أنس، على عدم ذكر زيادة: «في ظل عرشه».

فأخرجه ابن فيل في «جزئه» (ق /10 /ط)، وابن حجر في «معجم الشيخة مريم بنت عبد الرحمن» (ص97) من طريق عبد الله بن المبارك ثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن عبد الرحمن عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (يقول الله تعالى: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل؛ إلا ظلي)، وهو في «الموطأ» (ج2 ص542).

قلت: وهذا سنده صحيح.

وهذا أصح، بدون ذكر: «في ظل العرش».

ومن هذا الوجه: أخرجه ابن المبارك في «المسند» (ص5)، وفي «الزهد» (711)، وفي «الرقائق» (ج2 ص423).

والصواب: رواية عبد الله بن المبارك، وهي على الجادة.

ويؤيده حديث: أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي([230])، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2566)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، وابن حبان في «صحيحه» (574)، والبغوي في «شرح السنة» (3462)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص377)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص219)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص495)، وابن قدامة في «المتحابين في الله» (34)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (2004)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص237 و535)، وابن المبارك في «الزهد» (711)، والجوهري في «مسند الموطأ» (454)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (321)، وأبو أحمد الحاكم في «عوالي مالك» (ج1 ص92)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص111)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص1070)، وابن فيل في «جزئه» (32)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص330)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص232 و233)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص252)، وابن عبد الدائم في «مشيخته» (ص63)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص89)، وابن الجوزي في «التبصرة» (ص648)، والحدثاني في «الموطأ» (652) من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة t به.

قلت: فهذا الحديث؛ روي على الجادة، والصواب.

وبهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج3 ص158).

* ورواه الحدثاني في «الموطأ» (ص538)، عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أبي الحباب: سعيد بن يسار عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي).

حديث منكر، بلفظ: «في ظل عرشي».

قلت: وسويد بن سعيد الحدثاني راوي: «الموطأ» للإمام مالك، وقد تنوعت عبارات أهل الجرح والتعديل فيه: بين معدل ومجرح، وخلاصتها: أنه صدوق في نفسه، ضعيف من قبل حفظه، ورمي بالتدليس.([231])

قال عنه يعقوب بن أبي شيبة: «صدوق مضطرب الحفظ، ولا سيما بعدما عمي»، وقال البخاري: «حديثه منكر»، وقال ابن حجر: «صدوق في نفسه؛ إلا أنه عمي، فصار يتلقن ما ليس من حديثه»، وقال أبو حاتم: «صدوق، وكان يدلس ويكثر».([232])

وقال الحافظ ابن حجر في «تعريف أهل التقديس» (ص165): (سويد بن سعيد الحدثاني: موصوف بالتدليس، وصفه به الدارقطني، والإسماعيلي، وغيرهما.

* وقد تغير في آخر عمره بسبب العمى؛ فضعف بسبب ذلك). اهـ

وقد خالف: سويد بن سعيد الحدثاني في روايته هذه في «الموطأ»؛ أصحاب الإمام مالك بن أنس في روايتهم؛ في «الموطأ»، وخارج «الموطأ».

* فرووا الحديث، بهذا الإسناد، دون ذكر الزيادة: «في ظل عرشي»؛ فهي: غير محفوظة.

فأخرجه أبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص131)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص330)، ويحيى الليثي في «الموطأ» (ج2 ص952)؛ عن مالك، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي الحباب: سعيد بن يسار، عن أبي هريرة t؛ أنه قال: قال رسول الله r: (إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون لجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي).

قلت: هكذا خالفه، أصحاب: «الموطأ»، فرووه، عن مالك، بدون ذكر الزيادة: «في ظل عرشي»، وهو الصواب.

* ومما يؤكد شذوذ، رواية: سويد بن سعيد الحدثاني، بهذه الزيادة.

* ما أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج3 ص1998)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص233)، وفي «الأسماء والصفات» (ج1 ص341)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص127) من طريق قتيبة بن سعيد.

* وأخرجه البيهقي في «الآداب» (ص91)، وفي «شعب الإيمان» (ج6 ص484)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص127 و128) من طريق القعنبي.

* وأخرجه البيهقي في «الأربعين الصغرى» (ص158) من طريق أحمد بن محمد بن عبدوس.

* وأخرجه الدارمي في «المسند» (ج3 ص814) من طريق الحكم بن المبارك.

* وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص237) من طريق عبد الرحمن، وروح.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج2 ص535) من طريق روح.

وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ج1 ص390) من طريق أحمد بن أبي بكر.

* وأخرجه البغوي في «شرح السنة» (ج13 ص48 و49) من طريق أبي مصعب.

* وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ص247).

* كلهم: عن مالك، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي الحباب: سعيد بن يسار، عن أبي هريرة t؛ أنه قال: قال رسول الله r: (إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون لجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي).

قلت: فراوية الجماعة هذه عن مالك بن أنس، أصح.

* فهذه الزيادة: «في ظل عرشي»، تفرد بها: سويد الحدثاني، وهو سيء الحفظ.

* ورواه عامة أصحاب: الإمام مالك بن أنس، ولم يذكروا هذه الزيادة، وقد سبق ذلك.

قلت: والمحفوظ عن مالك، دون ذكر زيادة: «في ظل عرشي».

* ومن هنا: نعلم شذوذ رواية: سويد بن سعيد الحدثاني، بزيادة: «في ظل عرشي».

 

وأخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج5 ص1796)، والدينوري في «المجالسة وجواهر العلم» (ج1 ص348 و351)، والرافعي في «التدوين في أخبار قزوين» (ج2 ص299) من طريق عمرو بن عبد الغفار عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (من أنظر معسرا، أظله الله في ظله يوم لا ظل؛ إلا ظله). بدون ذكر زيادة: «في ظل عرشه».

قلت: وهذا سنده واه، فيه عمرو بن عبد الغفار الفقيمي، قال أبو حاتم عنه: «متروك الحديث»، وقال عنه ابن عدي: «اتهم بوضع الحديث»، وقال العقيلي: «منكر الحديث»، وقال الذهبي: «متهم».([233])

وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج5 ص1796)؛ عن عمرو بن عبد الغفار، وقد أورد حديثين آخرين، عنه: (وهذه الأحاديث عن الأعمش، غير محفوظة).

قلت: نعم، وهي محفوظة في غير هذا الإسناد، وقد سبق.

* ورواه مسدد أخبرنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة يظلهم الله تحت عرشه، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص72)، وتفرد به.

وهذا منكر: بهذا الإسناد، ما له أصل من حديث: عبيد الله بن عمر، ولا من حديث: يحيى بن سعيد القطان، والحمل فيه على الراوي.

قلت: وذكر زيادة: «تحت عرشه»، وقعت خطأ من الرواة([234])، عند الطحاوي في سنده، فهي: زيادة شاذة في هذا الحديث.

ويؤيده: أن البخاري؛ أخرج هذا الحديث في «صحيحه» (1423) من طريق مسدد حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر قال: حدثني خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله تعالى في ظله، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

ورواية: البخاري، من طريق مسدد عن يحيى بن سعيد القطان، هي: الصواب، وليس فيها: «في ظل عرشه»، بل: «في ظله».

قلت: وهذا الوجه من الحديث، ليعطي دلالة قوية على أنه متيقن من وقوع الوهم فيه، وأنه حديث خطأ، أيا كان منه الوهم.

وقد أجمع أصحاب: يحيى بن سعيد القطان، على عدم ذكر هذه الزيادة: «في ظل عرشه»، مما يدل على أنها وقعت بالغلط في هذا الحديث.

فأخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه» (1031)، والترمذي في «سننه» (2551)، وابن خزيمة في «صحيحه» (358)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص190)، و(ج8 ص162)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص449)، وابن الجوزي في «المصباح المضيء» (ج1 ص204)، وابن نجيح في «حديثه» (ق/8/ط)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص282)، وسبط بن الجوزي في «الجليس الصالح» (ص35)، وغيرهم: من طريق محمد بن بشار، ومسدد، وزهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وسوار بن عبد الله العنبري، وبندار؛ جميعهم: عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر قال: حدثني خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t قال: قال النبي r: (سبعة يظلهم الله في ظله([235])، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

بهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «الترغيب والترهيب» (ج3 ص159 و299 و316).

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص152).

قلت: وهذا يدل على أن زيادة: «في ظل العرش»، شاذة ليست بمحفوظة.

قال حافظ المغرب: أبو عمر ابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص282): «هذا أحسن حديث يروى في «فضائل الأعمال»، وأعمها، وأصحها إن شاء الله».

قلت: فرواية، يحيى بن سعيد القطان، وحماد بن زيد، هي المحفوظة، وقد رجحها: الإمام البخاري، والإمام مسلم، والإمام أبو حاتم، والإمام الدارقطني، وغيرهم، على رواية: «في ظل عرشه».

قلت: فهذه الرواية هي الصواب: وهي على الجادة.

قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص176): (والذي عليه حفاظ الحديث؛ الشاذ: ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ، ثقة كان، أو غير ثقة).

لذلك قال الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج8 ص313)؛ بعد أن ذكر وجوه الاختلاف في هذا الحديث، سندا: (والصحيح: قول حماد بن زيد، ويحيى بن سعيد، ومن تابعهما عن عبيد الله بن عمر).

فالصحيح: قول جماعة الحفاظ، الذين رووه، بلفظ: (في ظله يوم لا ظل؛ إلا ظله).

قلت: وقد اتفق الرواة الثقات على هذا اللفظ، وشذ من قال: (في ظل العرش).

* واختلف عن عبيد الله بن عمر:

* فرواه حماد بن زيد، ويحيى بن سعيد، وأبو ضمرة أنس بن عياض عن عبيد الله بن عمر عن خبيب به، بلفظ: (سبعة يظلهم الله في ظله).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه» (1031)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص190)، وفي «شعب الإيمان» (ج2 ص442 و443)، والطبراني في «الدعاء» (1885)، والآجري في «الأربعين» (39)، وابن نجيح في «حديثه» (ق/8/ط)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص282).

* وخالفهم: جرير بن حازم، فرواه: عن عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t موقوفا عليه، وهو: شاذ.

قلت: ورفعه أصح.

قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص176): (والذي عليه حفاظ الحديث؛ الشاذ: ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ، ثقة كان، أو غير ثقة).

وذكره الدارقطني في «العلل» (ج8 ص312 و313)، ثم قال: (ووقفه جرير بن حازم عن عبيد الله عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة، قوله... والصحيح: قول حماد بن زيد، ويحيى القطان، ومن تابعهما عن عبيد الله).

* ورواه حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة t موقوفا به.

ذكره الدارقطني في «العلل» (ج8 ص313)؛ ثم قال: (ورواه حماد بن سلمة عن عبيد الله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، قوله، والصحيح: قول حماد بن زيد، ويحيى القطان، ومن تابعهما عن عبيد الله). يعني: المرفوع.

قلت: وحماد بن سلمة البصري ساء حفظه لما كبر، فيخطئ ويخالف أحيانا([236])؛ وأوقف الحديث، فوهم([237])، والصحيح: رفعه.

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص269) عن حماد بن سلمة: «وتغير حفظه بآخره».

والحديث هذا: أعله الحافظ أبو حاتم في «العلل» (ج2 ص407)، بسبب: وهم، حماد بن سلمة فيه.

وقال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج1 ص189): (حماد بن سلمة: إمام ثقة، له أوهام وغرائب، وغيره أثبت منه).

وقال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج4 ص93): (وحماد بن سلمة: وإن كان من الثقات إلا أنه ساء حفظه في آخر عمره؛ فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما يتفرد به، عن قيس بن سعد خاصة وأمثاله). اهـ

وقال الإمام أحمد بن حنبل /: (كان حماد بن سلمة: يخطئ، وخطأ كثيرا).([238])

وقال الحافظ البيهقي في «الخلافيات» (ج2 ص50)؛ عن حماد بن سلمة: (لما طعن([239]) في السن ساء حفظه، فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه... فالاحتياط لمن راقب الله أن لا يحتج بما يجد في أحاديثه، مما يخالف الثقات([240])).

قلت: وهذا ينطبق على هذه الرواية التي تكلمنا عليها.

وقال الحافظ البيهقي في «الخلافيات» (ج4 ص210): (ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ: لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما يتفرد به).

قلت: فحماد بن سلمة، الراوي: لهذا الحديث؛ غير محتج به في هذا الحديث، لمخالفته: للثقات الحفاظ.

قلت: وحماد بن سلمة، وإن كان أثبت الناس في ثابت البناني، وحميد الطويل؛ إلا أنه كان يهم في حديث غيرهما، من ذلك، ما وهم في وقف هذا الحديث.

قال الإمام مسلم في «التمييز» (ص218): (وحماد بن سلمة: يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت، -كحديثه هذا: وأشباهه-... فإنه يخطئ في حديثهم كثيرا).اهـ

وقال الحافظ أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص176): (والذي عليه حفاظ الحديث؛ الشاذ: ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ، ثقة كان، أو غير ثقة).

وهذا الإسناد: أعله نقاد الحديث؛ بأن حمادا، وهم في ذكره، الزيادة: «في ظل عرشه».

قلت: فهذه الزيادة: «في ظل عرشه»، لم تذكر في خبر، بإسناد صحيح.

* وقد ثبت عنه r، أنه قال: «سبعة في ظل الله عز وجل»، ولم يذكر r: «في ظل عرشه».

قال الإمام النووي في «المجموع» (ج3 ص408): (وقد علم من قاعدة المحدثين، وغيرهم، أن ما خالف الثقات: كان حديثه، شاذا، مردودا). اهـ

* فحماد بن سلمة: تغير حفظه بآخره، فلا تقوى طريقه أمام: رواية، من رفعه، وقد أصاب الإمام أبو حاتم في «العلل» (ج2 ص407)، في تخطئته. ([241])

* ورواه مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي ثنا أبو أمية ابن يعلى عن سعيد المقبري عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام: يا خليلي، حسن خلقك، ولو مع الكفار، تدخل مداخل الأبرار، وإن كلمتي سبقت: لمن حسن خلقه، أن أظله تحت عرشي، وأسقيه من حظيرة قدسي، وأدنيه من جواري).

أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج6 ص315)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص78 و79)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج6 ص224)، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ج5 ص216)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص78).

قلت: وهذا سنده منكر جدا، فيه مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي، وهو ضعيف، لا يحتج به، قال عنه أبو حاتم: «ضعيف»([242]).

* وإسماعيل بن يعلى أبو أمية الثقفي، قال عنه الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص38): «متروك».([243])

وقوله: «أن أظله تحت عرشي»، من مناكيره.

وقال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث، عن سعيد المقبري، إلا أبو أمية بن يعلى، تفرد به: مؤمل بن عبد الرحمن، ولا يروى عن رسول الله r؛ إلا بهذا الإسناد».

وقال ابن حجر: «هذا حديث غريب».

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج8 ص20 و21)، ثم قال: «رواه الطبراني في «الأوسط»، وفيه: مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي، وهو ضعيف».

* وساق ابن عدي في «الكامل» (ج6 ص2432)؛ لمؤمل الثقفي: أحاديث واهية.

وذكره الهيثمي في «مجمع البحرين» (2983).

وأخرجه ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج6 ص2432) من طريق موسى بن الحسن الكوفي عن عمرو عن مؤمل بن عبد الرحمن الثقفي عن أبي أمية به.

قلت: وهذا سنده منكر جدا، كسابقه.

وقال ابن عدي: تفرد به مؤمل عن أبي أمية، واسمه: إسماعيل، وهو ضعيف.

والحديث أعله ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص111).

وأخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص84)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج6 ص225) من طريق سليمان بن الربيع الخزار عن كادح بن رحمة عن أبي أمية بن يعلى عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام: أنك خليلي حسن خلقك، ولو مع الكفار، تدخل مداخل الأبرار، فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه، أن أظله تحت عرشي، وأسكنه حظيرة قدسي، وأدنيه من جواري).

قلت: وهذا سنده واه، فيه كادح بن رحمة، وهو متروك الحديث.

قال عنه الأزدي: «كذاب»، وقال ابن حبان: «كان ممن يروي عن الثقات الأشياء المقلوبات... حتى غلب عليه الأوهام الكثيرة، فكثر المناكير في روايته، فاستحق بها الترك».([244])

وبه أعله السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص79)؛ بقوله: «وكادح بن رحمة: واه».

وأورده السيوطي في «الجامع الكبير» (ج3 ص7).

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج6 ص224 و225) من طريق أبي أمية بن يعلى عن سعيد المقبري عن أبي هريرة t، مرفوعا، وفيه: (أن أظله في ظل عرشي).

قلت: وهذا سنده واه، فيه أبو أمية بن يعلى، وهو متروك الحديث. ([245])

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج6 ص224) من طريق محمد بن عبد الله بن علاثة عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (أوحى الله عز وجل إلى إبراهيم عليه السلام: أن يا خليلي، حسن خلقك، ولو مع الكفار، قال: كلمتي سبقت، لمن حسن خلقه، أن أظله في ظل عرشي، وأن أسقيه من حظيرة قدسي).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه محمد بن عبد الله بن علاثة العقيلي، وهو منكر الحديث، يخطئ ويخالف، لا يحتج به([246])، وزيادته للفظ: «في ظل عرشي»، من مناكيره.

قال عنه أبو حاتم: «يكتب حديثه، ولا يحتج به»، وقال البخاري: «في حفظه نظر»، وقال ابن حبان: «كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات»، وقال الدارقطني: «متروك».([247])

وقال أبو نعيم في «الضعفاء» (ص142): (ابن علاثة: عن الأوزاعي، وخصيف: مناكير).

وقال الحاكم في «السؤالات» (ص67): (ذاهب الحديث بمرة: له مناكير عن الأوزاعي، وعن أئمة المسلمين).

قلت: وهذا الحديث من مناكيره، لأنه لا يعرف من حديث: أبي سلمة، بل هو معروف من حديث: المقبري عن أبي هريرة.

وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص71)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص344)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8989)، والميانجي في «الأمالي والغرائب» (ص82) من طريق إبراهيم بن طهمان عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (يقول الله تعالى: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل؛ إلا ظلي).

هكذا؛ مرفوعا، وبهذا اللفظ، وبدون ذكر زيادة: «في ظل عرشه».

والحديث: أخرجه إبراهيم بن طهمان في «مشيخته» (ص137 و138) عن مالك بن أنس بهذا الإسناد.

* فقد خالف: إبراهيم بن طهمان؛ أصحاب الإمام مالك فيه:

فرواه عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة.

أخرجه إبراهيم بن طهمان في «مشيخته» (ج1 ص137) دون ذكر الزيادة، وعنه: أبو نعيم في «الحلية» (ج6 ص344)، والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج5 ص71)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج6 ص482)، والدارقطني في «الأفراد» (ج2 ص294-الأطراف).

قال الحافظ أبو نعيم: (تفرد به إبراهيم، عن مالك، عن سعيد، ورواه عامة أصحابه على ما في «موطأ» مالك، عن أبي طوالة، عن أبي الحباب، سعيد بن يسار، عن أبي هريرة). اهـ

وقال الحافظ البيهقي: (تفرد به إبراهيم بن طهمان عن مالك بهذا الإسناد، والمحفوظ: عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي طوالة). اهـ

 وقال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج8 ص162): (يرويه مالك بن أنس، واختلف عنه؛

* فرواه إبراهيم بن طهمان، عن مالك، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، ولم يتابع عليه.

* وخالفه أصحاب: «الموطأ»؛ فرووه، عن مالك، عن أبي طوالة: عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي الحباب: سعيد بن يسار، عن أبي هريرة.

* وذكره إبراهيم الحربي في كتاب: «الأدب»، عن مصعب الزبيري، عن مالك، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي r، والذي قبله أصوب). اهـ

وأورده ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص407)؛ ثم قال: سألت أبي، عن حديث: رواه حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري - أو غيره عن أبي هريرة t عن النبي r: (سبعة في ظل العرش يوم لا ظل؛ إلا ظله)، قال أبي: والناس يقولون: عن عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t عن النبي r.

قال أبي: لم يضبط حماد، فأدخل فيه الشك، وتخلص، والصحيح: عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة t عن النبي r).اهـ

* فالإمام أبو حاتم يبين هنا ضعف، زيادة: «في ظل العرش»، وأن الصحيح: «في ظل الله»، من رواية مالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر، وغيرهما عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t به مرفوعا.

وهذه الرواية: أخرجها البخاري في «صحيحه» (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه» (1031)، وغيرهما.

قلت: وهذه الرواية، هي التي أجمع عليها الحفاظ الثقات، وهي المحفوظة.

ورواية: مالك بن أنس، وهي في «الموطأ» (ج2 ص542- رواية: يحيى الليثي)؛ قد رواها الحفاظ الأثبات، من أصحابه: عنه، دون ذكر: زيادة: «في ظل عرشه»، مما يدل على شذوذها.

وهم: أبو مصعب الزهري، والحدثاني، والقعنبي، وابن القاسم، وغيرهم في «الموطأ»، وفي غيره. ([248])

وهؤلاء الحفاظ: أتقن لما يروونه عن مالك بن أنس، وأحفظ له.

وحديث: مالك بن أنس، أخرجه ابن المستوفي أيضا في «نباهة البلد الخامل؛ بمن ورده من الأماثل» (ج1 ص100).

قلت: إذا فقد روى غير واحد من أصحاب: مالك بن أنس، لفظ: «في ظل الله تعالى»، ولم يذكروا، لفظ: «في ظل عرشه»، وهو في «الصحيح» لمسلم، وغيره.

منهم: أبو مصعب الزهري، والحدثاني، وابن القاسم، والقعنبي، وغيرهم.

فأخرجه مالك في «الموطأ» (ج2 ص952)، ومن طريقه: مسلم في «صحيحه» (1031)، والترمذي في «سننه» (2931)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص411)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5844)، والفضيلي في «الأحاديث المائة الشريحية» (ق/8/ط)، وابن حبان في «صحيحه» (7338)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (3439)، والبغوي في «شرح السنة» (470)؛ عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم به.

قلت: فروى هذا الحديث عن مالك بن أنس؛ كل من نقل: «الموطأ» عنه، فلم يذكروا زيادة: «في ظل عرشه»، مما يدل على شذوذها في الحديث.

* وتابع مالك بن أنس على لفظ: «في ظل الله تعالى»، عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم به.

أخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، و(4123)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه» (1031)، والترمذي في «سننه» (2391)، وابن خزيمة في «صحيحه» (358)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5846)، و(5847)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج4 ص190)، و(ج8 ص162) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر بهذا الإسناد.

قلت: وهذا يدل على أن حديث: «في ظل عرشه»، أنه حديث منكر.

* وتابع يحيى بن سعيد القطان: عبد الله بن المبارك عن عبيد الله بن عمر بلفظ: «في ظل الله تعالى».

أخرجه عبد الله بن المبارك في «الزهد» (1342)، وفي «المسند» (ص41)، ومن طريقه البخاري في «صحيحه» (6806)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وفي «المجتبى» (ج8 ص222 و223)، وابن حبان في «صحيحه» (4486)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص65 و66).

قلت: وهذا يؤيد شذوذ زيادة: (في ظل عرشه).

* وأضف متابعة حماد بن زيد؛ لهما عن عبيد الله بن عمر به، بلفظ: (في ظل الله تعالى).

وهذا اللفظ: أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (549)، و(7357)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص281 و282)، والآجري في «الأربعين» (ص192).

وإسناده صحيح.

قال الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج8 ص313): (والصحيح قول: حماد بن زيد، ويحيى بن سعيد، ومن تابعهما عن عبيد الله، وكذلك: رواه مبارك بن فضالة عن خبيب عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t عن النبي r). اهـ

وقال الإمام أبو حاتم / في «علل الحديث» (ج2 ص407)، وهو يصحح رواية: مالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر، وغيرهما عن خبيب بن عبد الرحمن: (والصحيح: عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة عن النبي r [بلفظ: في ظل الله تعالى]). اهـ

* ويؤيده: حديث؛ أبي هريرة t، عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل؛ إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» واللفظ له (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه» (1031)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، والترمذي في «سننه» (2551)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص439)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص99)، وابن الدبيثي في «ذيل مدينة السلام» (ج3 ص77)، وابن ظهيرة في «إرشاد الطالبين» (ج3 ص1349)، والعلائي في «بغية الملتمس» (ص128)، وفي «إثارة الفوائد» (ج1 ص445)، وابن خزيمة في «صحيحه» (358)، والطيالسي في «المسند» (2462)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص191 و192)، والإسماعيلي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص341)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج1 ص442)، وابن اللتي في «مشيخته» (ص512)، والسمعاني في «المنتخب من معجم الشيوخ» (ج1 ص245)، والمؤيد الطوسي في «زيادته على حديث يزيد بن حبيب» (ص89)، وأبو القاسم القشيري في «الرسالة القشيرية» (ص459)، وابن المستوفي في «تاريخ إربل» (ص100)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص103 و104)، وأبو القاسم ابن نصر الدمشقي في «الفوائد» (ص51)، والدارقطني في «غرائب مالك» (ق/5/ط)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص87)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص86)، وفي «الآداب» (ص148 و506)، وفي «الأسماء والصفات» (798)، وابن بشران في «الأمالي» (ج1 ص250)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص340)، وابن المهتدي في «المشيخة» (ص88)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص209)، وابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص646)، وفي «المسند» (ص41)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص157)، وفي «ذم الهوى» (ص193)، وفي «التبصرة» (ص648)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وفي «المجتبى» (ج8 ص222)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص131 و132)، وابن الغساني في «الأمالي» (2)، وابن حبان في «صحيحه» (7338)، والبغوي في «شرح السنة» (470)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص282)، والحدثاني في «الموطأ» (ص538)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص280)، والجوهري في «مسند الموطأ» (325)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص441)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5844) من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t به.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وبهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج2 ص519 و617).

فالشيخان: قد أخرجا، هذا الحديث من رواية: الجماعة، ولم يأت في هذه الرواية، تعيين الظل، بـ«ظل العرش».

والرواية هذه، هي المحفوظة، لكون الحفاظ لم يختلفوا فيها، بأن الظل، هو: «ظل الله تعالى»، وهذا يوجب الحكم على زيادة: «ظل العرش» بالنكارة.

ويؤيده أيضا: حديث أبي اليسر t، قال: قال رسول الله r: (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006)، وابن ماجه في «سننه» (2419)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص427)، والدارمي في «المسند» (2588)، وابن حبان في «صحيحه» (5044)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص552 و553)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1914)، و(1917)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3815)، و(3816)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (460)، والطبراني في «المعجم الكبير» (372)، و(377)، وفي «المعجم الأوسط» (4537)، و(5022)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص28 و29)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص357)، وفي «شعب الإيمان» (11248)، وفي «الأربعين الصغرى» (158)، والشاشي في «المسند» (523)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص62)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (378)، وابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» (100)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص54)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج2 ص624)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص73)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص112)، والديلمي في «الفردوس» (ج3 ص568)، والعراقي في «قرة العين» (ص55)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص49)، والمراغي في «مشيخته» (ص214)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص19 و20)، وفي «معرفة الصحابة» (5819)، ومحمد بن عاصم في «جزء حديثه» (8)، والبغوي في «شرح السنة» (2142)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص341)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص404)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص101 و102)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص280)، والواحدي في «الوسيط» (ج1 ص399)، وعبد الغني المقدسي في «الغوامض والمبهمات» (ص64)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج12 ص4443)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج5 ص99)، والبخاري في «الأدب المفرد» (187)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص298)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص484)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص470)، وأبو القاسم ابن منده في «المستخرج من كتب الناس للتذكرة» (ج1 ص111)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص377)، وفي «المنتقى من الأحاديث الصحاح» (53) من طرق عن أبي اليسر t ... وذكره بألفاظ عندهم متقاربة، ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.

وبهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص543).

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظل» (ص153).

قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن: «الظل» أضيف إلى الله تعالى، فهو صفة لله تعالى؛ أي: فهو له «ظل» يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته.

* والنبي r ذكر: «الظل» لله تعالى، ولم يتعرض له بتأويل، ولا تفسير بمثل: تعطيل المعطلة، أو تأويلهم.

* وكذلك الصحابة y: رووا هذه الأحاديث، وسكتوا عنها، ولم يخوضوا فيها بتأويل، أو تفسير بخلاف السنة، أو بخلاف لغة العرب.

وأخرجه البزار في «المسند» (8182) من طريق محمد بن المثنى، وعمرو بن علي قالا: أخبرنا يحيى بن سعيد قال: نا عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة في ظل العرش يظلهم الله يوم لا ظل؛ إلا ظله).

* وقد أعله البزار بقوله: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ يعني: بزيادة «ظل العرش»- إلا من هذا الوجه، بهذا الإسناد.

قلت: والظاهر أن ذكر لفظ: (في ظل العرش)، في هذا الإسناد غلط، ودخل الوهم فيه؛ فإن في «الصحيحين»: (في ظل الله تعالى)، ولفظهما أصح، وهو المحفوظ عند الحفاظ؛ من رواية: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك، وحماد بن زيد، والمبارك بن فضالة، والقعنبي وغيرهم. ([249])

فوجب الأخذ بهذا اللفظ: (في ظل الله تعالى)، وترك لفظ: (في ظل عرشه)؛ لأنه لم يثبت عن النبي r.

قلت: والخطأ من أبي بكر البزار الحافظ، فإنه يخطئ في الإسناد، والمتن: أحيانا؛ لأنه يحدث من حفظه، فيهم([250]): فوهم في ذكره زيادة: «في ظل العرش».

فأخرجه مسلم في «صحيحه» (1031) من طريق زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى كلاهما: عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد، ولم يذكر: «ظل العرش».

قلت: فيقدم حديث مسلم، لأنه أحفظ وأثبت، على حديث البزار، لتفرده بلفظ: «ظل العرش»، فأخطأ.

* وقد أنكر الحافظ النسائي، على البزار أحاديث. ([251])

قال الحافظ الدارقطني في «السؤالات: للحاكم» (ص64): (أحمد بن عمرو البزار: يخطئ في الإسناد والمتن، حدث بالمسند: بمصر حفظا ينظر في كتب الناس، ويحدث من حفظه، ولم تكن معه كتب، فأخطأ في أحاديث كثيرة، يتكلمون فيه، جرحة أبو عبد الرحمن النسائي).

وقال الحافظ الدارقطني في «السؤالات: للسهمي» (ص121): (أحمد بن عمرو البزار: ثقة، يخطئ كثيرا، ويتكل على حفظه).

وقال عنه الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج1 ص267): (أحمد بن عمرو الحافظ أبو بكر البزار: صاحب المسند الكبير؛ صدوق مشهور؛ قال أبو أحمد الحاكم: «يخطئ في الإسناد، والمتن» يروي عن الفلاس، وبندار، والطبقة، وقال الحاكم سألت: الدارقطني عنه؛ فقال: «يخطئ في الإسناد، والمتن: حدث بالمسند بمصر حفظا ينظر في كتب الناس، ويحدث من حفظه، ولم يكن معه كتب فأخطأ في أحاديث كثيرة، جرحه النسائي»؛ وهو ثقة: «يخطئ كثيرا»).اهـ

وقال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (ج1 ص238): (وقال أبو الشيخ: وغرائب حديثه، وما ينفرد به كثير، وقال حمزة السهمي، عن الدارقطني: كان ثقة يخطئ كثيرا، ويتكل على حفظه).اهـ

قلت: وقد سبق أن بينت أن رواية: محمد بن المثنى، عند مسلم: هي المحفوظة، وقد توبع عليها، دون ذكر: «ظل العرش»، وقد صححها الحافظ مسلم، وغيره.

* ورواه عبد الله بن صالح حدثني الليث بن سعد أن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم حدثه عن جده أبي أبيه عن أبي هريرة t عن رسول الله r أنه قال: (ستة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل؛ إلا ظله).

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص71).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الله بن صالح المصري، في حفظه شيء، وهو كثير الغلط([252])، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين؛ إلا في هذا السند أيضا انقطاعا بين عبيد الله بن عمر، وبين جده حفص، وقوله: «ستة يظلهم الله»، زيادة شاذة، والصواب: «سبعة يظلهم الله»، وزيادة: «ظل عرشه»، منكرة لا تصح في الحديث، وأنكر الإمام أحمد عليه أحاديث.

قلت: فأخطأ عبد الله بن صالح المصري، في ذكره، الزيادة: «ظل عرشه»، ووهم في الإسناد أيضا، وهذه الزيادة من تخاليطه.

قال الحافظ ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص40) عن عبد الله بن صالح: (منكر الحديث جدا، روى عن الأثبات ما ليس من حديث الثقات).

وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج4 ص1525): (هو عندي مستقيم الحديث: إلا أنه يقع في حديثه في أسانيده، ومتونه غلط).

وقال الحافظ الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص400): (عبد الله بن صالح كاتب الليث: كبير، لكنهم لم يتفقوا عليه، لأحاديث رواها يخالف فيها).

وقال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج1 ص352): (صالح الحديث: له مناكير).

وقال الحافظ ابن حجر في «هدي الساري» (ص414): (ظاهر كلام: هؤلاء الأئمة، أن حديثه في الأول: كان مستقيما، ثم طرأ عليه فيه تخليط).

* وسئل الحافظ الدارقطني / في «العلل» (ج8 ص311)؛ عن حديث روي عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t عن النبي r: «سبعة يظلهم الله عز وجل في عرشه يوم لا ظل؛ إلا ظله» الحديث، فقال: (يرويه خبيب بن عبد الرحمن: واختلف عنه:

فرواه: مالك بن أنس، وعبد الله بن عمر العمري، عن خبيب، عن حفص، عن أبي سعيد، أو أبي هريرة، بالشك، عن النبي r.([253])

 ورواه: عبيد الله بن عمر، عن خبيب، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة t وحده؛ واختلف عن عبيد الله:

فرواه: حماد بن زيد، ويحيى القطان، وأبو ضمرة أنس بن عياض، عن عبيد الله عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة t مرفوعا إلى النبي r.([254])

ووقفه: جرير بن حازم عن عبيد الله عن خبيب عن حفص عن أبي هريرة t قوله.

ورواه: حماد بن سلمة، عن عبيد الله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة t قوله.

والصحيح: قول حماد بن زيد، ويحيى، ومن تابعهما، عن عبيد الله.

وكذلك رواه: مبارك بن فضالة، عن خبيب عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t عن النبي r.

ورواه: عوف الأعرابي عن ابن سيرين عن أبي هريرة t عن النبي r، تفرد به عثمان بن الهيثم عن عوف).اهـ

* فالحفاظ الذين رووه، عن النبي r، لم يذكروا: «في ظل العرش»، ولم يقل أحد منهم: إن النبي r قال: «في ظل العرش».

* وحديث مبارك بن فضالة، الذي أشار عليه الدارقطني في «العلل» عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (سبعة في ظل الله يوم لا ظل؛ إلا ظله... الحديث).

أخرجه الطيالسي في «المسند» (2462)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج12 ص239)، والإسماعيلي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص340 و341)، والطبراني في «الدعاء» (1884)، والبيهقي في «الدعوات الكبير» (16).

ومبارك بن فضالة توبع، دون ذكره زيادة: «ظل العرش».

قلت: ومثل هذا مما يحتمل في المتابعات، فقد روى مبارك بن فضالة هنا ما وافق الثقات، فصح حديثه.

* ورواه حميد بن زنجويه نا يعلى بن عبيد نا يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (من أنظر معسرا، أو وضع له، أظله يوم القيامة، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

أخرجه البغوي في «شرح السنة» (ج8 ص198)؛ دون ذكر: «في ظل عرشه».

قلت: وهذا سنده واه، بهذا الإسناد، فيه يحيى بن عبيد الله القرشي([255])، وهو متروك الحديث، كما في «التقريب» لابن حجر (ص1061).

قال الإمام أحمد في «العلل» (ج1 ص389)، عنه: (منكر الحديث، ليس بثقة).([256])

وقال الإمام أحمد: (أحاديثه مناكير). ([257])

وقال الإمام أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج9 ص168): (ضعيف الحديث، منكر الحديث جدا).

وقال الإمام يحيى بن سعيد القطان: (ضعيف الحديث). ([258])

قلت: وهذا الحديث، بزيادة: «ظل العرش» قد اختلف في أسانيده، وهذا الاختلاف يدل على أنه لا يصح، وهو يقدح في صحة هذه الزيادة.

فالأحاديث التي ذكرت زيادة: «في ظل العرش»، غير محفوظة.     

قال الحافظ السخاوي في «تخريج أحاديث العادلين» (ص145): (حديث أبي هريرة، رفعه: «سبعة يظلهم الله في ظله» الحديث، أورده من ثلاثة أوجه: فأما رواية، حفص بن عاصم: فاتفق الشيخان، على إيرادها في «صحيحيهما»، من حديث: يحيى بن سعيد القطان، والبخاري، فقط من حديث عبد الله بن المبارك، كلاهما: عن عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بها).اهـ

وحديث: عبد الله بن المبارك([259])، الذي أشار إليه السخاوي، أخرجه البخاري في «صحيحه» (6806)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وفي «المجتبى» (ج8 ص222)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج3 ص65)، وفي «الأربعين الصغرى» (55)، و(56)، وفي «الدعوات الكبير» (15)، وفي «الآداب» (1142)، وابن حبان في «صحيحه» (4469) من طريق عبد الله بن المبارك عن عبيد الله بن عمر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله، يوم لا ظل؛ إلا ظله). دون ذكر الزيادة: «في ظل عرشه»، فهي: شاذة، بلا شك.

والحديث هذا: أخرجه عبد الله بن المبارك في «المسند» (80)، وفي «الزهد» (1342).

وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج6 ص252)، وفي «الدعاء» (1884) من طريق القعنبي نا سعيد بن الأبيض عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل؛ إلا ظله).

وإسناده حسن.

قلت: ومن الرواة من يذكر، فيكون المعدود: «ستة»، ومنهم: من يذكر: «سبعة»، ومنهم: من يذكر: «ثمانية»، في الخصال الموجبة للظلال.

وهذا من الاختلاف في المتن أيضا، فلا يوافق من حيث العدد، والترتيب الذي ذكر في «الصحيحين»، ومنهم: من يقدم في الخصال، ويؤخر، وهذا يدل على عدم الضبط.

قلت: وهذا التخريج، لم تراه في أي: كتاب، بذكر الأسانيد والمتون، والاضطراب فيها، والاختلاف.

* وهذا لم يتوصل إليه الشيخ الألباني /، ولم يقع عليه بمثله، وقد فاته هذا التخريج في حياته، والحمد لله رب العالمين.

والحاصل: فإن مذهب الأئمة النقاد في تطبيقاتهم العلمية الحديثية في إعلال الأحاديث، وردها: أنهم كانوا في ذلك المرجع عندهم: إلى مقارنة الروايات بعضها ببعض، وجمع طرق الحديث الواحد حتى يتبين موضع الخلل فيه، ومعرفتهم بأصول الرواة، وشيوخهم، وتلاميذهم، وغير ذلك، ثم يحكمون على الحديث. ([260])

2) وعن عبد الرحمن بن عوف البصري([261]) -لا يعرف- قال: قال رسول الله r: (ثلاثة تحت العرش يوم القيامة، القرآن يحاج العباد، والأمانة، والرحم تنادي: ألا من وصلني: وصله الله، ومن قطعني قطعه الله).

حديث منكر

أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص295 و296)، والعقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص5)، وأبو منصور الديلمي في «مسند الفردوس» (ج3 ص653 و654)، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (ج4 ص49 و50)، والشجري في «الأمالي الخميسية» (ج2 ص130)، والبغوي في «شرح السنة» (ج13 ص22)، وفي «معالم التنزيل» (ج4 ص311)، ومحمد بن عثمان في «العرش» (66)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (ج1 ص128)، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (172)، والبرتي في «مسند عبد الرحمن بن عوف»([262]) (28)، و(39)، والمروزي في «قيام الليل» (ص180)، ويوسف بن عبد الهادي في «هداية الإنسان» (ق/ 99/ ط) من طرق عن كثير بن عبد الله اليشكري حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه به، وفي بعض ألفاظها اختلاف.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه كثير بن عبد الله اليشكري، ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص217)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج7 ص154)، ولم يذكرا فيه جرحا، ولا تعديلا، فهو: مجهول الحال. ([263])

وأورده ابن حجر في «لسان الميزان» (ج5 ص544)؛ مشيرا إلى ضعفه.

وبه أعله المناوي في «فيض القدير» (ج3 ص317)؛ بقوله: «وفيه كثير بن عبد الله اليشكري: متكلم فيه».

وأما ابن حبان: فذكره في «الثقات» (ج7 ص354)، على قاعدته في توثيق المجاهيل، فهو في عداد المجهولين.

* والحسن بن عبد الرحمن بن عوف القرشي، ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص295 و296)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص23)، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، فهو: مجهول الحال.

* فالحسن بن عبد الرحمن بن عوف، هذا بصري، مجهول، وليس ابنا للصحابي عبد الرحمن بن عوف الزهري t، فتنبه.

وبه أعله الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج3 ص511)؛ بقوله: «الحسن بن عبد الرحمن: لا يعرف».

* وعبد الرحمن بن عوف البصري هذا، قال عنه أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج3 ص23)، في ترجمة: ابنه الحسن بن عبد الرحمن: (وليس هو: بابن عبد الرحمن بن عوف الزهري([264])، لكنه آخر: بصري، روى عن أبيه، روى عنه: كثير بن عبد الله اليشكري).

* وفرق ابن حجر في «الإصابة» (ج6 ص211 و213)؛ بين: «عبد الرحمن بن عوف الزهري»، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وبين: «عبد الرحمن بن عوف البصري» هذا.

* وعبد الرحمن بن عوف البصري هذا لا يعرف.

قال الحافظ ابن حجر في «الإصابة في تمييز الصحابة» (ج6 ص313): (عبد الرحمن بن عوف: آخر، فرق أبو حاتم، بينه، وبين الزهري).

وقال الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج4 ص5): «لا يصح إسناده».

وقال الحافظ الذهبي في «العلو» (ص51): «هذا حديث منكر».

والحديث ضعفه الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج3 ص510).

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج7 ص500)، والهندي في «كنز العمال» (ج15 ص344).

3) وعن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة).

حديث موضوع

أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج1 ص448)، وأبو منصور الديلمي في «مسند الفردوس» (ج3 ص587)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص109)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص68 و69)، وأبو شجاع الديلمي في «الفردوس» (ج2 ص78) من طريق يحيى بن شبيب عن حميد الطويل عن أنس بن مالك t به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه يحيى بن شبيب اليمامي، وهو منكر الحديث، لا يحتج به: بحال من الأحوال، قال الخطيب: روى أحاديث باطلة.([265])

قال ابن حجر: هذا حديث غريب.

وقد أعله الحافظ ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص109)؛ بقوله: (تفرد به يحيى بن شبيب، وهو منكر الحديث، متهم عند الأئمة).

وقال الشيخ الألباني في «الضعيفة» (ج5 ص426): «وهذا إسناد موضوع، آفته: يحيى بن شبيب».

وقال الشيخ الألباني في «ضعيف الترغيب والترهيب» (ج1 ص547): «فيه: يحيى بن شبيب؛ روى الموضوعات».

وقال الشيخ الألباني في «ضعيف الجامع» (ص368)؛ بعد عزوه، للأصبهاني، والديلمي: «وهو موضوع».

وقال الحافظ ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص109): (وأكثر الأحاديث الواردة، في هذا الباب؛ أعني: الإظلال، ضعيف).

* والحديث ضعفه ابن المنذر في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص585).

وأخرجه أبو الشيخ في «الثواب» (ص88-تمهيد الفرش)، وأبو منصور الديلمي في «مسند الفردوس» (ج3 ص655)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (2527)، وأبو شجاع الديلمي في «الفردوس» (ج2 ص99) من طريق الهيثم بن جماز عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة، يوم لا ظل؛ إلا ظله: واصل الرحم، يزيد الله من رزقه، ويمد في أجله، وامرأة مات زوجها، وترك عليها أيتاما صغارا، فقالت: لا أتزوج، أقيم على أيتامي، حتى يموتوا، أو يغنيهم الله، وعبد صنع طعاما، فأضاف ضيفه، وأحسن نفقته، فدعا عليه اليتيم، والمسكين، فأطعمهم لوجه الله).

حديث واه

قلت: وهذا سنده واه، فيه الهيثم بن جماز الحنفي، ضعفه ابن معين، وترك حديثه: أحمد، والنسائي، وغيرهما. ([266])

* ويزيد بن أبان الرقاشي، قال عنه النسائي: «متروك»، وقال أحمد: «منكر الحديث»، وقال الدارقطني: «ضعيف»، وقال ابن حجر: «ضعيف».([267])

وقال السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص88): «هذا حديث غريب».

وذكره السيوطي في «الجامع الكبير» (ج15 ص816)، وفي «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص161).

وأورده البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج8 ص186)؛ ثم قال: (رواه أبو الليث السمرقندي، في كتاب: «تنبيه الغافلين» بغير إسناد، ولم أقف له على أصل).

وأخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص375 و376)، وابن أبي عاصم في «السنة» (ج1 ص305)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص75) من طريق أبي أيوب الخبائري ثنا سعيد بن موسى ثنا رباح بن زيد عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (إن الله تعالى، قال: لموسى عليه السلام، إن أحببت أن تسكن في ظل عرشي، يوم لا ظل؛ إلا ظلي، فكن لليتيم كالأب الرحيم، وكن للأرملة، كالزوج العطوف).

حديث موضوع

قلت: وهذا سنده ساقط، فيه سليمان بن سلمة أبو أيوب الخبائري، وهو متهم بالكذب، قال عنه أبو حاتم: «متروك لا يشتغل به»، وقال النسائي: «ليس بشيء»، وقال ابن الجنيد: «كان يكذب».([268])

* وسعيد بن موسى، قال عنه الخطيب: «مجهول»، واتهمه ابن حبان بالوضع.([269])

وقال أبو نعيم: «غريب من حديث الزهري، لم نكتبه، إلا من حديث: رباح عن معمر، ورباح فمن فوقه عدول، والخبائري: في حديثه، لين، ونكارة».

وقال الشيخ الألباني في «ظلال الجنة» (ج1 ص305): «إسناده ضعيف جدا، بل موضوع، ولوائح الوضع عليه ظاهرة، وآفته: أبو أيوب الخبائري».

وأخرجه أبو شجاع الديلمي في «الفردوس»؛ مطولا: (ج5 ص461 و462)، وأبو منصور الديلمي في «مسند الفردوس» (ج4 ص417)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص126) من طريق محمد بن عمر الصوفي ثنا إبراهيم ثنا الحسين ثنا إسماعيل بن أبي زياد عن أبان عن أنس بن مالك t قال: قال رسول الله r: (يؤتى يوم القيامة بالمتقاعسين وهم: أطفال المؤمنين- اشتد عليهم الموقف، فيتصايحون، فيقول: يا جبريل، أظلهم تحت ظل عرشي، فيظلهم).

حديث باطل

قلت: وهذا سنده مظلم، فيه إسماعيل بن أبي زياد الشامي، وهو متهم بالكذب.([270])

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص139): «متروك، كذبوه».

وقال الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص33): (كذاب).

* وأبان بن أبي عياش البصري، متروك الحديث.

قال عنه عمرو بن علي: «متروك الحديث»، وقال أحمد: «متروك الحديث»، وقال مرة: «منكر الحديث»، وقال ابن معين: «ليس حديثه بشيء»، وقال أبو حاتم: «متروك الحديث»، وقال النسائي: «متروك الحديث»، وقال ابن حجر: «متروك».([271])

وإسناده أيضا؛ فيه: «مجاهيل»، فلا يحتج به.

وأخرجه أبو يعلى في «المسند» (ج6 ص150 و151) من طريق أبي الجهم الأزرق بن علي عن يحيى بن أبي كثير عن عباد بن كثير الثقفي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك t قال: وذكر حديثا مرفوعا، طويلا، جاء فيه: (إن المرء المسلم إذا خرج من بيته يعود أخاه، خاض في الرحمة إلى حقويه، فإذا جلس عند المريض غمرته الرحمة، وغمرت المريض الرحمة، وكان المريض في ظل العرش، وكان العائد في ظل قدسه).

حديث باطل

قلت: وهذا سنده تالف، فيه عباد بن كثير الثقفي، وهو متروك الحديث. ([272])

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص482): «متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب».

وقال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» (ج2 ص104): «تركوه».

وبه أعله الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج2 ص345)؛ بقوله: (تفرد به عباد بن كثير، وهو واهي، وآثار الوضع لائحة عليه).

وبه أعله الحافظ الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج2 ص295)؛ بقوله: (ضعيف الحديث، متروك لغفلته).

4) وعن جابر بن عبد الله t قال: قال رسول الله r: (ثلاث من كن فيه أظله الله تحت عرشه يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث ضعيف جدا

أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (148)، وأبو الشيخ في «الثواب» (ص108-الأمالي المطلقة)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص108)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص67) من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري قال حدثني أبي عن أبي بكر بن المنكدر عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده منكر فيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وهو متهم بوضع الحديث([273])، قال أبو داود: «شيخ منكر الحديث».

وقال ابن حجر في «التقريب» (ص490): «متروك، ونسبه؛ ابن حبان: إلى الوضع».

وقال ابن حجر: هذا حديث غريب.

وقد أعله الحافظ ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص108)؛ بعبد الله بن إبراهيم الغفاري بقوله: «وهو ضعيف جدا».

والحديث ضعفه الشيخ الألباني في «ضعيف الجامع» (2547).

وذكر السيوطي في «الجامع الكبير» (ج15 ص809).

وعن جابر بن عبد الله t قال: قال رسول الله r: (من أطعم الجائع حتى يشبع، أظله الله تحت ظل عرشه).

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «مكارم الأخلاق» (ص164)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص110) من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري يعني عن أبيه- عن أبي بكر بن المنكدر عن جابر بن عبد الله t به.

قلت: وهذا سنده كسابقه منكر، فيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وهو ضعيف جدا، قال عنه الدارقطني: «حديثه منكر»، وقال الساجي: «منكر الحديث»، وقال أبو داود: «شيخ منكر»، وقال الحاكم: «روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة، لا يرويها غيره».([274])

وقال ابن حجر: هذا حديث غريب.

وذكره الزرقاني في «شرح الموطأ» (ج4 ص345).

وأخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (4589)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج1 ص387 و388) من طريق هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عباس عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي قتادة، وجابر بن عبد الله y؛ أن النبي r قال: (من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، وأن يظله تحت عرشه، فلينظر معسرا).

قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج4 ص134): «رجاله رجال الصحيح».

قلت: له علة خفية.

قال الحافظ ابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج1 ص388)؛ عقبه: (قال أبي: هذا حديث باطل؛ كذب، قد أدخل على هشام).

قلت: وإسماعيل بن عياش بن سليم الحمصي صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم([275])، وسهيل بن أبي صالح ليس بشامي، وهو مدني، صدوق تغير حفظه بآخره([276])، روى له البخاري مقرونا وتعليقا.

فهو حديث منكر.

5) وعن أبي أمامة t قال: قال رسول الله r: (ثلاثة في ظل العرش: رجل حيثما توجه علم أن الله معه، ورجل يحب الناس بجلال الله، ورجل دعته امرأة إلى نفسها، فتركها من خشية الله).

حديث واه

أخرجه أبو منصور الديلمي في «مسند الفردوس» (ج3 ص656 و657)، والطبراني في «الجامع الكبير» (ج8 ص240)، وأبو شجاع الديلمي في «الفردوس» (ج2 ص100) من طريق بشر بن نمير عن القاسم عن أبي أمامة t به.

قلت: وهذا سنده تالف، فيه بشر بن نمير القشيري، وهو متروك.

قال عنه أحمد: «منكر الحديث»، وقال ابن حجر: «متروك، متهم»، وقال الدارقطني: «متروك»، وقال البخاري: «منكر الحديث».([277])

وقال الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص49): (بشر بن نمير: عن القاسم أبي عبد الرحمن، متروك عندهم).

وقال الحافظ ابن عدي في «الكامل» (ج2 ص7): (وعامة ما يرويه، عن القاسم، وعن غيره، لا يتابع عليه، وهو ضعيف).

وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج3 ص16): (في حديثه: مناكير، واضطراب).

وبه أعله الحافظ السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص89)؛ بقوله: «وبشر بن نمير: متروك».

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج8 ص286)؛ ثم قال: (رواه الطبراني في «الكبير»، وفيه بشر بن نمير، وهو متروك).

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص161)؛ وضعفه.

6) وعن ابن عمر قال: قال رسول الله r: (ثلاثة يتحدثون في ظل العرش؛ آمنين، والناس في الحساب: رجل لم تأخذه في الله لومة لائم، ورجل لم يمد يديه إلى ما لا يحل له، ورجل لم ينظر إلى ما حرم عليه).

حديث باطل

أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج3 ص144) من طريق إبراهيم بن فهد حدثنا غسان بن مالك السلمي حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن رستم عن ابن عمر به.

قلت: وهذا سنده واه، فيه عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، وهو متهم بالكذب.([278])

قال الحافظ البخاري في «الضعفاء» (ص296): «تركوه».

وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص756): «عنبسة بن عبد الرحمن الأموي: وهذا متروك، رماه أبو حاتم بالوضع».

وقال الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص308): «عنبسة بن عبد الرحمن الأموي: متهم، متروك».

وبه أعله الحافظ السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص95)؛ بقوله: «وعنبسة القرشي، متروك، متهم».

وذكر السيوطي في «الجامع الكبير» (ج5 ص818)، وفي «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص163).

والحديث ضعفه السيوطي في «الجامع الصغير» (ج3 ص334).

وعن عبد الله بن عمر ؛ أن رجلا من الأنصار كان له ابن يروح إذا راح النبي r؛ وفيه: (أوما ترضى أن يكون ابنك مع ابني إبراهيم يلاعبه تحت العرش).

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج10 ص3440) من طريق عبد الله بن مسلم حدثنا إبراهيم بن عبيد عن عبد الله بن عمر به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه إبراهيم بن عبيد الأنصاري، لم يسمع من ابن عمر، وهو لين الحديث، وغير مشهور بالحديث. ([279])

* وعبد الله بن مسلم أبو طيبة السلمي، له أوهام، لا يحتج به. ([280])

قال الحافظ أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج5 ص165): «يكتب حديثه، ولا يحتج به».

وذكر الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج7 ص149)؛ ثم قال: «يخطئ، ويخالف».

وذكر الحافظ ابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكين» (ج2 ص141)، والذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص228).

وقال الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج2 ص504): «صالح الحديث».

* والحديث أورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص10)؛ بلفظ: «أما ترضى أن يكون ابنك مع ابني إبراهيم، يلاعبه تحت ظل العرش»([281])، ثم قال: (رواه الطبراني في «الكبير» من حديث: إبراهيم ابن عبيد، في التابعين، وهو ضعيف، وبقية رجاله: موثقون).

وذكر السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص125)، قال: «أخرج الطبراني في «الكبير»؛ بسند رجاله ثقات»، وفيه نظر.

وأورده السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص165).

7) وعن أبي قتادة t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من نفس عن غريمه، أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة).

                                            حديث منكر؛ بهذا اللفظ، وبلفظ: «ظل العرش».

* اختلف في هذا الحديث:

* رواه يونس بن محمد، وعفان بن مسلم، قالا: حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي عن أبي قتادة t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من نفس عن غريمه، أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة).

حديث منكر

أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص300)، بدون ذكر القصة.

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص153)، والمنذري في «الترغيب والترهيب» (ج2 ص37).

قلت: وهذا سنده ضعيف، لانقطاعه: بين محمد بن كعب القرظي، وبين أبي قتادة؛ فإنه لم يسمع منه، فهو مرسل؛ بل أرسل عن كثير من الصحابة y.

* وروى عنه: الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج4 ص1860)؛ حديثا واحدا؛ في كتاب: «التفسير» لسورة: «المنافقين»؛ عن زيد بن أرقم t.([282])

قال أبو نصر الكلاباذي / في «رجال صحيح البخاري» (ج2 ص675)؛ عن كعب القرظي: (سمع: زيد بن أرقم، روى عنه: الحكم بن عتيبة في تفسير: «سورة المنافقين»). اهـ

* فلم يرو عنه: الحافظ البخاري؛ إلا ما سمع فقط.

وكذا: روى له الحافظ مسلم؛ حديثا، واحدا، عن أبي صرمة، مالك بن قيس t.

قال الحافظ ابن منجويه / في «رجال صحيح مسلم» (ج2 ص204): (روى عن: أبي صرمة في: «الرحمة» -يعني: في صحيح مسلم-، روى عنه إبراهيم بن عبيد بن رفاعة). اهـ

* لم يرو عنه: الحافظ مسلم؛ إلا ما سمع فقط.

بل قال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج2 ص279): (محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس : مرسل). اهـ

قلت: وأبو قتادة توفى قبل: ابن عباس، فإذا لم يسمع من ابن عباس، وهو متأخر الوفاة، فمن باب أولى أنه لم يسمع من كثير من الصحابة، كما ذكر أئمة الجرح والتعديل.([283])

وذلك؛ فإن حديثنا هذا، لم يصرح بالسماع، مما يتبين بأنه: مرسل، فلا يحتج به.

وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج1 ص216): (وكان أبوه:([284]) ممن لم ينبت يوم: «قريظة» ([285]) فترك، ثم ساق؛ بإسناده عن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت عبد الله بن مسعود، فذكر حديثا، ثم قال: لا أدري أحفظه أم لا). اهـ

وذكره الذهبي في «السير» (ج5 ص67).

قلت: وهذا يدل على أنه لم يسمع من ابن مسعود t، والتصريح بالسماع منه؛ فإنه غلط.([286])

قال الحافظ الذهبي / في «السير» (ج5 ص66)؛ عن محمد القرظي: (وهو يرسل كثيرا، ويروي عمن لم يلقهم.

فروى عن: أبي ذر، وأبي الدرداء، وعلي، والعباس، وابن مسعود، وسلمان، وعمرو بن العاص.

ويروي عن: رجل، عن أبي هريرة). اهـ

قلت: وحماد بن سلمة البصري ساء حفظه لما كبر، فيخطئ ويخالف أحيانا([287])؛، فوهم في ذكر زيادة: «في ظل العرش»، والصحيح: «في ظل الله تعالى».

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص269) عن حماد بن سلمة: «وتغير حفظه بآخره».

والحديث هذا: أعله الحافظ أبو حاتم في «العلل» (ج2 ص407)، بسبب: وهم، حماد بن سلمة فيه.

وقال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج1 ص189): (حماد بن سلمة: إمام ثقة، له أوهام وغرائب، وغيره أثبت منه).

وقال الحافظ البيهقي / في «السنن الكبرى» (ج4 ص93): (وحماد بن سلمة، وإن كان من الثقات؛ إلا أنه ساء حفظه في آخر عمره؛ فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما يتفرد به، عن قيس بن سعد([288])؛ خاصة: وأمثاله). اهـ

قلت: وإذا كان الأمر كذلك، فلا يحتج به بما يخالف فيه الثقات.

* فاتفاق الحفاظ الثقات على الرواية، دون ذكر زيادة: «في ظل عرشه»، دليل على شذوذها.([289])

وقال الحافظ البيهقي في «الخلافيات» (ج2 ص50)؛ عن حماد بن سلمة: (لما طعن([290]) في السن ساء حفظه، فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه... فالاحتياط لمن راقب الله أن لا يحتج بما يجد في أحاديثه، مما يخالف الثقات).

وقال الحافظ البيهقي في «الخلافيات» (ج4 ص210): (ساء حفظه في آخر عمره، فالحفاظ: لا يحتجون بما يخالف فيه، ويتجنبون ما يتفرد به).

قلت: فحماد بن سلمة، الراوي: لهذا الحديث؛ غير محتج به في هذا الحديث، لمخالفته: للثقات الحفاظ.

قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص176): (والذي عليه حفاظ الحديث؛ الشاذ: ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ، ثقة كان، أو غير ثقة).

وهذا الإسناد: أعله نقاد الحديث؛ بأن حمادا، وهم في ذكره، الزيادة: «في ظل عرشه».

قلت: فهذه الزيادة: «في ظل عرشه»، لم تذكر في خبر، بإسناد صحيح.

* ولا يقال: هذه زيادة الثقة؛ فهي مقبولة، لما تقرر في أصول الحديث: أن القبول مشروط، بما إذا لم يخالف الثقة من هو أوثق منه.([291])

قال الحافظ ابن حجر / في «نخبة الفكر» (ص97): (وزيادة راويهما مقبولة، ما لم تقع منافية([292]) لمن هو أوثق.

فإن خولف بأرجح فالراجح: المحفوظ، ومقابله: الشاذ). اهـ

قلت: وهذا الشرط مفقود هنا؛ فإن حماد بن سلمة، وإن كان من رجال مسلم؛ فهو بلا شك: دون الحفاظ في الحفظ، وهذا ظاهر.

* وإذا تبين لك هذا؛ عرفت أن مخالفة: حماد، للحفاظ الثقات، في هذا الحديث، بزيادة: «في ظل عرشه» غير مقبولة؛ لأنها منافية، لمن هو أوثق منه، فهي زيادة شاذة.

* ومما يؤيد هذا: قول الحافظ ابن رجب في «شرح العلل الصغير» (ج1 ص414)؛ في ترجمة حماد بن سلمة: (وفصل: القول في رواياته: أنه من أثبت الناس في بعض شيوخه الذين لزمهم؛ كثابت البناني، وعلي بن زيد، ويضطرب في بعضهم الذين لم يكثر ملازمتهم: كقتادة، وأيوب، وغيرهما). اهـ

قلت: ومما لا يخفى على المطالع، كتب التراجم، يرى أن رواية: حماد بن سلمة، عن أبي جعفر الخطمي، من الروايات القليلة النادرة، فليس هو من الملازمين له، فافهم لهذا.

* وقد ثبت عنه r، أنه قال: «سبعة في ظل الله عز وجل»، ولم يذكر r: «في ظل عرشه».

* فحماد بن سلمة: تغير حفظه بآخره، فلا تقوى طريقه أمام: رواية، من روى الحديث، بدون زيادة: «في ظل عرشه»، وقد أصاب الإمام أبو حاتم في «العلل» (ج2 ص407)، في تخطئته. ([293])

قال الإمام النووي في «المجموع» (ج3 ص408): (وقد علم من قاعدة المحدثين، وغيرهم، أن ما خالف الثقات، كان حديثه، شاذا، مردودا).اهـ

وقال الشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص125): «إسناده صحيح»، وفيه نظر، لضعف الإسناد، كما سبق.

* ورواه يونس بن محمد، وحده: عن حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن محمد بن كعب عن أبي قتادة t قال: سمعت النبي r يقول: (من نفس عن غريمه، أو محا عنه، لكان في ظل العرش يوم القيامة).

حديث منكر

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص553 و554)؛ بدون ذكر القصة.

* وأورده البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج4 ص324)؛ بهذا الإسناد.

قلت: فلفظ: «في ظل العرش»، وهم؛ فإن حماد بن سلمة ثقة، إلا أنهم: تكلموا في حفظه، وتفرد بأحاديث، لم يتابع عليها من الثقات والحفاظ؛ كما سبق.

* فحديثه هذا شاذ، بهذا اللفظ، وقد اجتمع، مع هذا الشذوذ، الانقطاع بين محمد بن كعب، وبين أبي قتادة، فالإسناد ضعيف.

* ورواه عفان بن مسلم، وحده: عن حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي عن أبي قتادة t قال: سمعت رسول الله r يقول: (من نفس عن غريمه، أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة).

حديث منكر

أخرجه الدارمي في «المسند» (2589)، والبغوي في «شرح السنة» (ج8 ص199)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (11259)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص103)؛ بدون ذكر القصة.

قلت: ومدار هذا الحديث على حماد بن سلمة، وقد أخطأ بذكره زيادة: «في ظل العرش»، وخالف الثقات الأثبات، فشذ، وهو: مرسل أيضا، كما سبق.

وأورده السيوطي في «تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش» (ص52)؛ بهذا الإسناد.

وقال البغوي: هذا حديث حسن.

وليس هو كما قال، لضعف الإسناد.

ولم يصححه الحافظ ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص103).

* ورواه عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي: أن أبا قتادة t كان رجل عليه له دين، وكان يأتيه يتقاضاه، فيختبيء منه، فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه، فقال: نعم هو في البيت، يأكل خزيرة([294])، فناداه: يا فلان اخرج، فقد أخبرت أنك هاهنا، فخرج إليه، فقال: ما يغيبك عني، قال: إني معسر: وليس عندي، قال: آلله إنك معسر، قال: نعم: فبكى أبو قتادة، ثم قال: سمعت رسول الله r يقول: (من نفس عن غريمه، أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة).

حديث منكر؛ بلفظ: «ظل العرش».

أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص308)؛ بذكر القصة، وهذا الاضطراب في لفظ الحديث من حماد بن سلمة، ومحمد بن كعب لم يسمع من أبي قتادة؛ فهو: مرسل، وقد سبق.

* ورواه محمد بن الفضل، ثنا حماد بن سلمة، عن أبي جعفر الخطمي، عن محمد بن كعب القرظي، أن أبا قتادة t كان له على رجل دين، فكان يأتيه يتقاضاه، فيختبيء منه، فجاء ذات يوم، فخرج صبي، فسأله عنه، فقال: نعم، هو في البيت، فناداه: يا فلان، اخرج، فإني قد أخبرت أنك هاهنا، فخرج إليه، فقال: ما يغيبك عني؟ قال: إني معسر، وليس عندي شيء، فقال: آلله إنك لمعسر؟ قال: نعم، قال: فبكى أبو قتادة t، ثم قال: سمعت رسول الله r يقول: (من نفس عن غريمه، أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة).

حديث منكر

أخرجه عبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (ج1 ص256)؛ بذكر القصة، مع اختلاف في اللفظ.

قلت: فغلط فيه حماد بن سلمة: ووهم في حديث أبي قتادة، بذكر: «ظل العرش»، وهي زيادة منكرة، وغير محفوظة.

وإذا ظهر لك ذلك، تبين لك شذوذها.

قلت: وفي متنه أيضا اختلاف، والمحفوظ منه، حديث: حماد بن زيد، وجرير بن حازم.

* فقد رواه حماد بن زيد، وهو ثقة ثبت حجة، فرواه بالقصة، وبدون زيادة: «في ظل العرش»([295])، وتابعه: جرير بن حازم، وهو ثقة ثبت، وسوف يأتي تخريجه.

* ورواه عبد الأعلى بن حماد، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو جعفر الخطمي، عن محمد بن كعب القرظي أن أبا قتادة t: (كان له على رجل دين، فكان يأتيه يتقاضاه فيختبيء منه، فجاء ذات يوم، وثم صبي، فسأل عنه فقال: نعم، هو في البيت يأكل خزيرة، فناداه: يا فلان، اخرج إلي فإني قد أخبرت أنك ها هنا. فخرج إليه، فقال: ما يغيبك عني؟ فقال: إني معسر، وليس عندي شيء، قال: آلله، إنك معسر؟ قال: نعم، فبكى أبو قتادة t وقال: سمعت رسول الله r يقول: من ترك لغريمه، أو محا عن غريمه، كان في ظل العرش يوم القيامة).

أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج67 ص150)؛ بذكر القصة مع اختلاف في اللفظ.

وهذا من سوء حفظ حماد بن سلمة: يضطرب فيه.

وأخرجه الذهبي في «العلو» (245)؛ بهذا الإسناد، بدون ذكر القصة.

قلت: وحماد بن سلمة، وإن كان من أثبت الناس في ثابت البناني، وحميد الطويل؛ إلا أنه كان يهم في حديث غيرهما([296])، من ذلك، ما وهم في حديث: «ظل العرش».

وهذا مخالف: لما ثبت في «الصحيح» لمسلم، وأنه لم يذكر زيادة: «ظل العرش»، فهي شاذة، بهذا الإسناد.

قال الإمام مسلم في «التمييز» (ص218): (وحماد بن سلمة: يعد عندهم إذا حدث عن غير ثابت؛ -كحديثه هذا: عن أبي جعفر الخطمي، وأشباهه-، فإنه يخطئ في حديثهم كثيرا).

* ورواه الحسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي عن أبي قتادة t: أنه كان له على رجل دين، فكان يأتيه: يتقاضاه، فيغيب عنه، فجاءه ذات يوم، فسأل عنه صبيا، فقال: نعم، هو في البيت يأكل خزيرة، فناداه: يا فلان اخرج، فقد أخبرت أنك ها هنا: فخرج، فقال: ما غيبك عني، فقال: إني معسر، وليس عندي شيء، قال: فلا تفعل، سمعت رسول الله r: (من نفس عن غريمه... فذكره).

حديث منكر

أخرجه ابن منيع في «المسند» (ج4 ص324-إتحاف الخيرة)، وفيه هذه القصة، وهو مرسل.

قال البوصيري: «رواه مسلم في «صحيحه»، بغير هذا اللفظ، وباختصار من طريق عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه».

 * وخالف: حماد بن سلمة، حماد بن زيد، وجرير بن حازم، فروياه عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة؛ (أن أبا قتادة t، طلب غريما له، فتوارى عنه ثم وجده، فقال: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله؟ قال: فإني سمعت رسول الله r يقول: من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفس عن معسر، أو يضع عنه).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (1563)، وابن نجيح في «حديثه» (ق/7/ط)  من طريق حماد بن زيد، وجرير بن حازم، كلاهما: عن أيوب، بهذا الإسناد، وفيه القصة، دون ذكر: «ظل العرش».

وأخرجه ابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» (ص86)، وابن عبد الهادي في «النهاية في اتصال الرواية» (ص210 و211) من طريق حماد بن زيد عن أيوب به، وفيه عنده القصة، دون ذكر: «ظل العرش».

وهذا أشبه بالصواب.

* وأيوب السختياني: ثقة، ثبت، إمام، حجة عن يحيى بن أبي كثير.

* ويحيى بن أبي كثير، قد أقام إسناده، ومتنه.

وأخرجه أبو عوانة في «المسند الصحيح» (5236)، و(5237)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3812)، و(3813)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج9 ص244)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص356، و357)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص266)، والبغوي في «شرح السنة» (2138)، وضياء الدين المقدسي في «المنتقى من الأحاديث الصحاح» (54) من طريق جرير عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه به.

وقال البغوي: «هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم».

قلت: وأيوب السختياني، ثقة، حافظ، ثبت: حجة.

* ورواه حماد بن زيد، وهو ثقة ثبت، من أثبت أصحاب أيوب السختياني، عن أيوب.

فرواية: حماد بن زيد، هي الصواب.

فرواه: بهذا اللفظ، وبالقصة، وبدون زيادة: «في ظل العرش».

وتابعه على هذا اللفظ: جرير بن حازم، وهو ثقة ثبت.

وقولهما: أشبه بالصواب.

فخالفهما: حماد بن سلمة في إسناده، ومتنه، فأخطأ.

* وحماد بن سلمة، لم يكن يعتمد على حفظه، بمثل هذا التفرد في الإسناد والمتن، وقد خالف من هو أوثق منه، وقد أنكروا عليه أحاديث.

قلت: وأثبت الناس في أيوب، وأحفظهم لحديثه: حماد بن زيد.

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص268): «حماد بن زيد بن درهم الجهضمي: ثقة، ثبت، فقيه».

* ورواه يزيد بن الهاد عن معتب بن أبي معتب مولى أسماء ابنة أبي بكر الصديق، أنه سمع أبا قتادة السلمي t يقول: سمعت رسول الله r يقول: (من أنظر معسرا، أو وضع له، أظله الله في ظل عرشه).

حديث منكر

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج9 ص426)، وابن المهتدي في «المشيخة» (ص71 و72).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه معتب بن أبي معتب القرشي، وهو مجهول، لا يحتج به.

وأورده ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج8 ص412)؛ ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا؛ فهو: مجهول.

وقد وثقه ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص462)، على قاعدته في توثيق المجاهيل.

* ورواه هشام بنعمار قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي قتادة عن جابر ڤ عن النبي r قال: (من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، وأن يظله تحت ظل العرش؛ فلينظر معسرا).

                                                  حديث باطل

أخرجه أبو حاتم في «العلل» (ج3 ص648).

وقال أبو حاتم: «هذا حديث باطل كذب؛ قد أدخل على هشام».

قلت: وهشام بن عمار، لما كبر، فصار، يتلقن، فوقع في مناكير، وحديثه القديم أصح. ([297])

* وإسماعيل بن عياش بن سليم الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده، لكنه مخلط في غيرهم([298])، وهذه منها.

فإنه روى زيادة: «تحت ظل العرش» في الحديث، وهذا بسبب تخليطه، وخالف الثقات: في عدم ذكرهم لهذه الزيادة، مما يدل على خطئه في ذكرها.

* وسهيل بن أبي صالح المدني، صدوق، تغير حفظه بآخره. ([299])

وهذا الحديث: لا يعرف من حديث سهيل بن أبي صالح، فتنبه.

قال الحافظ الحاكم في «السؤالات» (ص67): (إسماعيل بن عياش، مع جلالته، إذا انفرد، لم يقبل منه: لسوء حفظه).

* ورواه هشام بن عمار قال: نا إسماعيل بن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي قتادة، وجابر بن عبد الله ڤ، أن النبي r قال: (من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، وأن يظله تحت عرشه، فلينظر معسرا).

حديث باطل

أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» (ج5 ص32).

قلت: وهذا سنده منكر، كسابقه.

وقال الطبراني: «لم يرو هذا الحديث، عن سهيل بن أبي صالح، إلا إسماعيل بن عياش».

وأورده الهيثمي في «مجمع البحرين» (ج4 ص45).

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج4 ص134)؛ ثم قال: «رواه الطبراني في «الأوسط»، ورجاله: رجال الصحيح».

قلت: وإسماعيل بن عياش، ليس من رجال الصحيح، وفوق ذلك: روايته عن غير أهل بلده ضعيفة.

وهذا رواه عن سهيل بن أبي صالح، وهو مدني، فلا يصح.

* ورواه عبد العزيز بن داود عن أبي هلال عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أحسبه عن أنس بن مالك عن أبي قتادة ڤ قال: سمعت رسول الله r يقول: (من سره أن يأمن من غم يوم القيامة، فلينظر معسرا، أو ليضع عنه).

حديث منكر، بهذا الإسناد

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (3277).

قلت: وهذا سنده شاذ، وقد ورد على الشك، كما هو ظاهر، وليس فيه: «في ظل العرش».

* وأيضا ليس؛ هو من حديث أنس بن مالك عن أبي قتادة، وقد سبق.

وقد صحح هذا الحديث، بلفظ: «في ظل العرش»، الشيخ الألباني / في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص543)؛ ولم يصب.

قلت: وهذا التخريج، لم تراه في أي: كتاب، بذكر الأسانيد والمتون، والاضطراب فيها، والاختلاف.

وهذا لم يتوصل إليه الشيخ الألباني /، ولم يقع عليه بمثله، وقد فاته هذا التخريج في حياته، والحمد لله رب العالمين.

فائدة:

قال الفيومي اللغوي في «المصباح المنير» (ص315): (أنظرت الدين، بالألف: أخرته، والنظرة، مثل: كلمة، بالكسر: اسم منه، وفي التنزيل: ]فنظرة إلى ميسرة[ [البقرة:280]؛ أي: فتأخير).اهـ

وقال الحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج4 ص325): (الخزيرة: بفتح الخاء المعجمة، وكسر الزاي، وفتح الراء المهملة، هي حساء يعمل بلحم). اهـ

8) وعن علي بن أبي طالب t قال: قال رسول الله r: (السابقون إلى ظل العرش يوم القيامة طوبى لهم).

حديث موضوع

أخرجه السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص106 و107) من طريق سلم بن ميمون الخواص عن جعفر الصادق عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسن عن أبيه الحسن بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب t به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه سلم بن ميمون الخواص، وهو منكر الحديث، لا يحتج به. ([300])

قال الإمام أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (ج2 ص267): «روى حديثا منكرا».

وقال الإمام العقيلي في «الضعفاء» (ج2 ص165): «له مناكير، لا يتابع عليها».

وذكره الزرقاني في «شرح الموطأ» (ج2 ص346)، والسيوطي في «بزوغ الهلال» (ص167).

* وسليمان بن أحمد بن يحيى الملطي، رماه الدارقطني بالكذب، وهو المتهم به. ([301])

وبه أعله الحافظ السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص108).

وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في «المسند» (ج1 ص152-المطالب العالية) من طريق الحسن بن قتيبة عن أبي الحسن المصيصي عن أبي خثيمة عن علي بن أبي طالب t قال: قال رسول الله r: (من صلى ركعتين بعد ركعتي المغرب، قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، خمس عشرة مرة، جاء يوم القيامة، فلا يحجب، حتى ينتهي، إلى ظل عرش الرحمن).

قلت: وهذا سنده واه بمرة، فيه الحسن بن قتيبة الخزاعي، وهو متروك الحديث. ([302])

قال عنه الدارقطني: «متروك الحديث»، وقال أبو حاتم: «ضعيف»، وقال الأزدي: «واهي الحديث»، وقال العقيلي: «كثير الوهم».([303])

* وأبو الحسن المصيصي، لا يعرف.

قال الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (ج1 ص152): «هذا حديث موضوع».

وبه أعله الحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج3 ص118)؛ بقوله: «رواه الحارث بن أبي أسامة، عن الحسن بن قتيبة، وهو متروك، وقال شيخنا أبو الفضل: هذا متن موضوع».

وأورده الهيثمي في «بغية الباحث» (ج2 ص301)؛ ثم قال: «هذا حديث ضعيف، فيه الحسن بن قتيبة، وفيه من لا يعرف».

وذكره ابن عراق الكناني في «تنزيه الشريعة» (ج2 ص123)، وعزاه للحارث في «مسنده».

وكذلك الشوكاني في «الفوائد المجموعة» (ص75).

9) وعن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: (من صام من رجب ثلاثة عشر يوما، وضع له يوم القيامة مائدة في ظل العرش).

حديث موضوع

أخرجه ابن حجر في «تبيين العجب بما ورد في فضل رجب» (ص35) من طريق أبي بكر محمد بن الحسن النقاش أنبأنا أبو عمرو أحمد بن العباس الطبري أنبأنا الكسائي أنبأنا أبو معاوية أنبأنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن أبي سعيد الخدري t به.

قلت: وهذا سنده موضوع، فيه محمد بن الحسن النقاش، وهو متهم بوضع الحديث. ([304])

قال الحافظ ابن حجر في «تبيين العجب» (ص30): «هذا حديث موضوع».

قلت: ولا حدث به أبو معاوية، ولا من فوقه بهذا الحديث.

والكسائي هذا لا يعرف. ([305])

وأخرجه ابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص99) من طريق الأعمش، عن عطية بن سعد، عن أبي سعيد t، عن النبي r قال: (إن لله عز وجل عبادا على منابر من نور في ظل العرش يوم القيامة يغبطهم النبيون والشهداء هم المتحابون في الله عز وجل).

حديث منكر

قلت: وهذا سنده منكر؛ فيه عطية بن سعد العوفي، وهو منكر الحديث، ويخطئ كثيرا، كان شيعيا، مدلسا.([306])

قال الحافظ ابن حجر في «تعريف أهل التقديس» (ص66): (عطية بن سعد العوفي: ضعيف الحفظ، مشهور بالتدليس القبيح). اهـ

وأورده السيوطي في «جمع الجوامع» (6925)، والهندي في «كنز العمال» (24700).

وأخرجه تمام الرازي في «الفوائد» (ج3 ص99) من طريق الوليد بن الحارث، ثنا منبه يعني ابن عثمان، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله r: (سبعة يظلهم الله تحت عرشه يوم القيامة: إمام عادل، وشاب نشأ بعبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بحب المساجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وافترقا عليه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من خشية الله، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال إلى نفسها فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).

حديث منكر

قلت: وهذا سنده منكر؛ فيه الوليد بن الحارث السكسكي، ذكره ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (17/ق409/أ)، ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا، فهو مجهول، لا يحتج به.

10) وعن عطاء بن يسار قال: (أن موسى عليه السلام، سأل ربه تعالى، فقال: يا رب، أخبرني بأهلك، الذين هم: أهلك، الذين تؤويهم في ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك، قال: هم الطاهرة قلوبهم، الندية أيديهم، يتحابون بجلالي).

أثر منكر

أخرجه أحمد في «الزهد» (ص107)، وابن أبي الدنيا في «الأولياء» (37)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج3 ص222)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص140) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه هشام بن سعد المدني، يهم، ويخالف. ([307])

والأثر مرسل لا يحتج به، وهو من الإسرائيليات.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص539).

وأخرجه أبو حاتم الرازي في «الزهد» (ص36 و37) من طريق الحسن بن طريف قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن زيد بن أسلم المدني: أن موسى عليه السلام سأل ربه، فقال: (أي رب، من الذين يرثون دار قدسك؟، قال: يا موسى، هم النقية أيديهم، الطاهرة قلوبهم، الذين إذا ذكرت ذكروني، وإذا ذكروني ذكرتهم، الذين يتحابون بجلالي، ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار). ولم يذكر: «ظل العرش».

أثر منكر

قلت: وهذا سنده منكر، فيه إسماعيل بن عياش الحمصي، وهو مخلط في غير بلده.

والأثر مرسل لا يحتج به.

ثم أنه اختلف عليه: فمرة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، ومرة: عن إسماعيل بن عياش عن زيد بن أسلم، ومرة: عن معمر عن رجل من قريش، ومرة: عن شيبان عن جعفر بن مالك بن دينار، ومرة يرفع الحديث، ومرة عن أبي الدرداء.

فهو: أثر مضطرب، لا يصح.

وأخرجه معمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (ج11 ص202 و204)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (ج6 ص500)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص141)، وابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص94)، وفي «الزهد» (216) عن رجل من قريش قال: قال موسى عليه السلام: (يا رب من أهلك الذين هم أهلك، قال: هم المتحابون في، الذين يعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار). ولم يذكر: «ظل العرش». وهذا من الاختلاف.

أثر منكر

قلت: وهذا سنده منكر، فيه رجل لم يسم، وهو مرسل لا يحتج به، وهو من الإسرائيليات.

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج3 ص49) من طريق معمر عن رجل من قريش، وغيره: يرفعونه إلى النبي r قال: (قال الله تعالى: إن أحب عبادي إلي المتحابون في الدين، يعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار). ولم يذكر: «ظل العرش».

أثر منكر        

قلت: وهذا سنده منكر، فيه رجل لم يسم، ورفعه منكر.

وهذا من الاضطراب في الحديث.

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص141) من طريق أبي العباس الأصم نا الخضر بن أبان حدثنا شيبان نا جعفر بن مالك بن دينار قال: بلغنا أن موسى عليه السلام قال: (يا رب، من أهلك الذين هم أهلك، الذين تظلهم في ظل عرشك...).

أثر منكر

قلت: وهذا سنده منكر، فيه جهالة، وهو مرسل لا يحتج به، ومن الإسرائيليات.

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص143) من طريق بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أم الدرداء عن أبي الدرداء t قال: قال موسى بن عمران عليه السلام: (يا رب من يسكن غدا في حظيرة القدس، ويستظل بظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك...).

أثر منكر     

قلت: وهذا سنده منكر، فيه بقية بن الوليد الحمصي، وهو مدلس عن الضعفاء، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث. ([308])

قال الحافظ ابن حجر في «تعريف أهل التقديس» (ص163): (بقية بن الوليد الحمصي: وكان كثير التدليس، عن الضعفاء، والمجهولين، وصفه الأئمة بذلك).

* وخالد بن معدان الحمصي، لم يسمع من أم الدرداء. ([309])

قال الحافظ الذهبي في «السير» (ج4 ص537): (خالد بن معدان الحمصي: حدث عن خلق من الصحابة، وأكثر ذلك: مرسل). اهـ

وقال الحافظ الذهبي في «تذكرة الحفاظ» (ج1 ص93): (أرسل عن الكبار)؛ يعني: كبار الصحابة y.

والأثر: مرسل لا يصح، وهو من الإسرائيليات.

11) وعن قتادة قال: (كنا نحدث: أن التاجر الأمين الصدوق، مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة).

أثر منكر

أخرجه الطبري في «جامع البيان» (ج6 ص630)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص263)، وعبد بن حميد في «تفسير القرآن» (ج4 ص248-الدر المنثور) من طريق بشر بن معاذ ثنا يزيد ثنا سعيد عن قتادة به، مرسلا.

قلت: وهذا سنده مرسل، لا يحتج به، والأثر اختلف فيه، وهو مضطرب.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج4 ص248)، وفي «تمهيد الفرش» (ص69).

وأخرجه الطبري أيضا في «تهذيب الآثار» (ص51- مسند: علي بن أبي طالب) من طريق الحسين بن علي عن أبي داود الطيالسي عن أبي حرة عن أبي نصر قال: (بلغني أن التاجر الأمين، مع السبعة الذين في ظل العرش).

أثر منكر

قلت: وهذا سنده مرسل، لا يحتج به، وأبو نصر، لا يعرف.

* وأبو حرة، وهو واصل بن عبد الرحمن البصري، فيه لين([310])، وحديثه هذا، بين: في ذكره: «في ظل العرش».

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص201)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص371) من طريق معمر عن قتادة، أن سلمان الفارسي t قال: (التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش الله يوم القيامة).

أثر منكر

قلت: وهذا سنده ضعيف مرسل، وقد سبق.

وقتادة لم يسمع من سلمان الفارسي.([311])

وهو: أثر مضطرب، لا يحتج به، فمرة: عن سعيد عن قتادة، ومرة: عن معمر عن قتادة عن سلمان الفارسي، ومرة: عن أبي حرة عن أبي نصر.

12) وعن مغيث بن سمي قال: (تركد الشمس على رؤوسهم على أذرع، وتفتح أبواب جهنم، فتهب عليهم رياحها، وسمومها، وتخرج عليهم نفحاتها، حتى تجري الأنهار من عرقهم، أنتن من الجيف، والصائمون في ظل العرش).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي الدنيا في «الأهوال» (ص159) من طريق عمار بن نصر ثنا الوليد بن مسلم ثنا أبو بكر بن سعيد أنه سمع مغيث بن سمي به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو بكر بن سعيد، وهو في عداد المجهولين. ([312])

* والأثر مرسل: أيضا لا يصح، ولا يحتج به.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج1 ص182)، و«شرح الصدور» له (ص102)، و«تمهيد الفرش» له أيضا (ص103)، و«بزوغ الهلال» له أيضا (ص166).

13) وعن وهب بن منبه قال: (قال داود عليه السلام: إلهي، ما جزاء من سدد الأرملة واليتيم، ابتغاء مرضاتك؟ قال: جزاؤه، أن أظله في ظل عرشي، يوم لا ظل إلا ظلي).

أثر منكر

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص47) من طريق أحمد بن جعفر بن معبد ثنا يحيى بن مطرف ثنا علي بن قريب ثنا جعفر بن سليمان ثنا عبد الصمد بن معقل قال: سمعت رجلا يسأل عمي وهب بن منبه فذكره.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه جهالة، وهو مرسل لا يحتج به، وهو من الإسرائيليات.

وذكره السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص77).

وأخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص45)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ض110 و111) من طريق الحسين بن محمد ثنا أمية بن محمد الصواف ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا ابن أبي إياس اليماني عن أبيه عن وهب بن منبه قال: (قال موسى عليه السلام: إلهي ما جزاء من ذكرك بلسانه وقلبه؟، قال: ياموسى أظله يوم القيامة بظل عرشي، وأجعله في كنفي).

أثر منكر        

قلت: وهذا سنده منكر، فيه جهالة، وهو مرسل لا يحتج به، وهو من الإسرائيليات.

وقد اضطرب فيه، فمرة قال: «داود عليه السلام»، ومرة قال: «موسى عليه السلام»، فهو لا يصح.

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص131) من طريق رشأ بن نظيف أنا الحسن بن إسماعيل أنا أحمد بن مروان ثنا أحمد بن محمد نا عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه، أن موسى عليه السلام: (لما قربه الله تعالى نجيا، فأتى عبدا، جالسا، تحت ظل العرش، فأعجبه مكانه...).

أثر منكر

قلت: وهذا سنده منكر، فيه مجاهيل، وهو مرسل لا يحتج به.

والأثر: من الإسرائيليات.

14) وعن فضيل بن عياض قال: بلغني أن موسى عليه السلام قال: (يا رب من يظل تحت ظل عرشك، يوم لا ظل إلا ظلك، قال: يا موسى؛ الذين يعودون المرضى، ويشيعون الهلكى، ويعزون الثكلى).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي الدنيا في «العزاء» (ص102-تمهيد الفرش) من طريق محمد بن علي بن الحسين ثنا إبراهيم بن الأشعث سمعت فضيل بن عياض به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه إبراهيم بن الأشعث البخاري، وهو منكر الحديث.([313])

قال الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج8 ص66): (إبراهيم بن الأشعث البخاري: يغرب ويتفرد، ويخطئ ويخالف).

وقال الحافظ الذهبي في «المغني في الضعفاء» (ج1 ص10): (إبراهيم بن الأشعث، خادم الفضيل بن عياض، قال أبو حاتم الرازي: «كنا نظن به الخير، فقد جاء بمثل هذا الحديث، وذكر حديثا واهيا»).

وذكره الحافظ الذهبي في «ديوان الضعفاء» (ص14).

* والأثر مرسل، لا يصح، ولا يحتج به، وهو من الإسرائيليات.

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص165).

15) وعن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه قال: كان يقال: (ثلاثة في ظل العرش يوم القيامة: عائد المرضى، ومشيع الهلكى، ومعزي الثكلى).

أثر منكر

أخرجه ابن أبي الدنيا في «العزاء» (ص102-تمهيد الفرش) من طريق إبراهيم بن الأشعث حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز به.

قلت: وهذا سنده منكر كسابقه، فيه إبراهيم بن الأشعث البخاري، وهو منكر الحديث. ([314])

* وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، يخطئ ويخالف. ([315])

* والأثر مرسل، لا يصح، ولا يحتج به.

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال» (ص165 و166).

16) وعن حبيب بن عيسى العمي أبي محمد الفارسي قال: (من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الأنعام، بعث الله سبعين ألف ملك، يستغفرون له إلى يوم القيامة، وله مثل أجورهم، فإذا كان يوم القيامة، أدخله الله الجنة، وأظله في ظل عرشه، وأطعمه من ثمار الجنة، وشرب من الكوثر).

أثر منكر

أخرجه ابن الضريس في «فضائل القرآن» (ص95) من طريق سلمة بن شبيب ثنا زيد بن الحباب ثنا الحارث بن موسى الطائي ثنا حبيب بن عيسى العمي به.

قلت: وهذا سنده مرسل لا يحتج به، والحارث بن موسى الطائي لم يوثق. ([316])

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج3 ص245)، و«تمهيد الفرش» (ص110)، و«بزوغ الهلال» (ص166).

17) عن أبي عمران الجوني عن أبي الخليل قال: (قرأت في مسألة: داود عليه السلام قال: إلهي ما جزاء من أسند إليه اليتيم، والأرملة ابتغاء مرضاتك، قال: جزاؤه، أن أظله في ظلي يوم لا ظل، إلا ظلي؛ يعني: ظل العرش).

أخرجه أبو الليث السمرقندي في «تنبيه الغافلين» (ص167)؛ بلا إسناد، وهو مرسل، ليس بشيء، ولا يحتج به.

18) عن عمرو بن ميمون قال: (لما تعجل موسى إلى ربه تعالى: رأى في ظل العرش، رجلا، فغبطه بمكانه، وقال: إن هذا الكريم على ربه تعالى، فسأل ربه تعالى، أن يخبره باسمه، فلم يخبره، وقال: أحدثك عن أمره بثلاث: كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة).

أثر منكر

* اختلف فيه على عمرو بن ميمون الأودي:

فرواه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون الأودي به مرسلا.

أخرجه ابن الجعد في «حديثه» (ج2 ص916)، وابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» (257)، وفي «الصمت» (ص265)، وفي «الغيبة والنميمة» (129)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص149)، وأبو القاسم الأصبهاني في «الترغيب والترهيب» (ج3 ص245)، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (257)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص115).

قلت: وهذا سنده مرسل، ليس بشيء، وهو من الإسرائيليات.

وأبو إسحاق السبيعي، مدلس، وقد عنعنه، ولم يصرح بالتحديث ([317])، فلا يصح.

ثم هو مضطرب في سنده ومتنه.

وأورده الزبيدي في «إتحاف السادة المتقين» (ج7 ص568.)

وأشار أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج4 ص149)؛ إلى الاختلاف في الأثر، بقوله: (رواه الأعمش عن أبي إسحاق نحوه).

* ورواه الأعمش عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون الأودي قال: (لما رفع الله موسى عليه السلام نجيا، رأى رجلا متعلقا بالعرش، فقال: يا رب من هذا، فقال: عبد من عبادي صالح، إن شئت أخبرتك بعمله، قال: يا رب، أخبرني، قال: كان لا يمشي بالنميمة). ولم يذكر: «في ظل عرشه».

أثر منكر

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج9 ص91 و93).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو إسحاق السبيعي، وهو مدلس، والأثر: مرسل، وهو من الإسرائيليات، فلا يحتج به، بل هو مضطرب في سنده، ومتنه.

* ورواه إسرائيل بن يونس، والجراح بن مليح عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون الأودي قال: (لما تعجل موسى عليه السلام إلى ربه، مر برجل غبطه بقربه من العرش، فسأل عنه، فقال: يا رب من هذا... الحديث). ولم يذكر: «في ظل العرش».

أثر منكر

أخرجه وكيع في «الزهد» (445)، وهناد في «الزهد» (1102).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو إسحاق السبيعي، وهو مدلس، وسنده أيضا: مرسل لا يحتج به.

والأثر: من الإسرائيليات، وهو مضطرب، لا يصح.

* ورواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي قال: سمعت عمرو بن ميمون الأودي يقول: (رأى موسى عليه السلام، رجلا عند العرش، فغبطه بمكانه، فسأل عنه، فقالوا: نخبرك بعمله لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، ولا يمشي بالنميمة...)، ولم يذكر: «في ظل عرشه».

أثر منكر

أخرجه أحمد في «الزهد» (ص98)، وابن حبان في «روضة العقلاء» (ص133)، وعبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج1 ص165 و166)، والحسين المروزي في «البر والصلة» (106).

قلت: وهذا من الاختلاف والاضطراب، وهو مرسل، لا يحتج به.

والأثر: من الإسرائيليات.

* ورواه أحمد بن عبد الجبار العطاردي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون الأودي من قوله، وفيه: (لما تعجل موسى عليه السلام، إلى ربه: رأى رجلا تحت العرش، فغبطه([318]) بمكانه). ولم يذكر: «ظل العرش».

أثر منكر

أخرجه ابن حبان في «روضة العقلاء» (ص239)، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (222)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص131 و132).

قلت: وهذا سنده مرسل، لا يحتج به، وفيه أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وهو ضعيف، كما في «التقريب» لابن حجر (ص93).

* والأثر: من الإسرائيليات.

وأخرجه الخرائطي في «مساوئ الأخلاق» (257) عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي قال: (لما تعجل موسى عليه السلام، إلى ربه، رأى رجلا في «ظل العرش»، فغبطه بمكانه...).

قلت: وهذا سنده كسابقه، وذكر فيه: «في ظل العرش»، وهذا من الاختلاف، وهو من الإسرائيليات، فلا يحتج به.

* ورواه حديج بن معاوية([319]) ثنا أبو إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون الأودي عن رجل من أصحاب النبي r قال: (تعجل موسى عليه السلام، إلى ربه، فرأى في ظل العرش رجلا، فعجب له...).

أثر منكر

أخرجه سعيد بن منصور في «تفسير القرآن» (ج6 ص265 و266)؛ في تفسير، سورة: «طه»، لتفسير: ]وما أعجلك عن قومك ياموسى[ [طه:83] من طريق حديج بن معاوية قال: نا أبو إسحاق عن عمرو بن ميمون به.

وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (ج7 ص491 و497)؛ بهذا الإسناد.

قلت: وهذا سنده ضعيف، ليس بمحفوظ، فيه حديج بن معاوية بن حديج، وهو يخطئ ويخالف. ([320])

وقد خولف في هذا الحديث: عن عمرو بن ميمون الأودي، عن رجل من أصحاب النبي r: من قوله.

والمحفوظ، هو من قول: عمرو بن ميمون.

وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (ج5 ص591).

* ومن طريق: سعيد بن منصور، أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (11118)، ووقع عنده: «جريج»، بدل: «حديج».

* ورواه عبد الله بن يزيد المخزومي عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن أبي إسحاق السبيعي عن عمرو بن ميمون الأودي عن عبد الله بن مسعود t قال: (تعجل إلى ربه، موسى عليه السلام، فرأى عبدا فغبطه بمنزلته من العرش، فقال: يا رب من عندك هذا).

أخرجه ابن وهب في «الجامع في الحديث» (ج1 ص175)، وليس فيه: «في ظل العرش».

أثر منكر

 قلت: وهذا سنده منكر كسابقه، لا يصح، وهو غير محفوظ من هذا الوجه، والصحيح: من قول عمرو بن ميمون الأودي.

 والمسعودي: مختلط، ولا يحتج به إلا فيما وافق الثقات.

وأبو إسحاق السبيعي، مدلس.

والأثر: من الإسرائيليات، لا يحتج به.

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص130) من طريق الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق الهمداني عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود t قال: (لما تعجل موسى عليه السلام، إلى ربه، قال: وما أعجلك عن قومك ياموسى، قال هم: أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى، قال: فرأى رجلا بمكان من العرش غبطه لمكانه...).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه الحسن بن عمارة البجلي، وهو متروك([321])، وهو غير محفوظ، وقد سبق، وليس فيه: «في ظل العرش».

والأثر: من الإسرائيليات، لا يحتج به في الدين.

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص133) من طريق ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن مروان عن هزيل([322]) بن شرحبيل عن ابن مسعود t قال: (إن موسى عليه السلام، لما قربه الله تعالى نجيا، بطور سيناء، أبصر الله تعالى عبدا، جالسا في ظل العرش، سأله...).

قلت: وهذا سنده منكر، وهو غير محفوظ، فيه ليث بن أبي سليم، وهو مخلط جدا، لا يحتج به في الحديث. ([323])

وهو غير معروف، من حديث: هزيل بن شرحبيل، بل هو معروف من حديث: عمرو بن ميمون، فافهم لهذا.

والأثر: من الإسرائيليات.

وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ح61 ص132) من طريق ليث بن أبي سليم عن أبي قيس الأودي عن هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود t قال: (لما قرب الله تعالى، موسى عليه السلام نجيا، رأى رجلا تحت العرش قاعدا، فأعجبه مكانه).

ولم يذكر: «في ظل العرش»، وهذا التخليط من ليث بن أبي سليم.

والأثر: من الإسرائيليات، لا يحتج به.

19) وعن أبي اليسر t قال: قال رسول الله r: (من أنظر معسرا، أو وضع عنه، أظله الله في ظل عرشه).

حديث منكر؛ بلفظ: «ظل عرشه»

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص553)، ومن طريقه: الطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص166) من طريق ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن أبي اليسر t به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه حاتم بن إسماعيل المدني، يخطئ ويخالف، وزيادته: لـ«ظل العرش» تدل على مخالفته للثقات الأثبات في هذا الحديث. ([324])

قال الإمام أحمد عنه: «زعموا أن حاتما، كان فيه غفلة»، وقال النسائي: «ليس به بأس»، وقال مرة: «ليس بالقوي».([325])

قلت: ولأبي اليسر t في «الصحيح» لمسلم غير هذا الحديث، وقد رواه الإمام مسلم في «صحيحه»، ولم يذكر زيادة: «في ظل عرشه».

* وحاتم بن إسماعيل المدني، من رجال مسلم، ولم يخرج له زيادة: «في ظل عرشه» في: «الصحيح» من هذا الوجه، وكذا الإمام البخاري، مما يدل على شذوذ هذه الزيادة من رواية: حاتم بن إسماعيل المدني.

وقد خالف الثقات الأثبات، فشذ.

قلت: نعم، هذا الحديث غريب من هذا الوجه، بلفظ: «ظل عرشه!».

* والحديث معروف، بهذا اللفظ: من حديث أبي اليسر t، من وجه آخر، وبدون ذكر: «ظل عرشه»، فتنبه.

* وعلى هذا، فالأقرب: أن المحفوظ، حديث الجماعة، من مسند أبي اليسر t، دون: ذكرهم: لـ«ظل عرشه».

فعن أبي اليسر t، قال: قال رسول الله r: (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006)، وابن ماجه في «سننه» (2419)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص427)، والدارمي في «المسند» (2588)، وابن حبان في «صحيحه» (5044)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص552 و553)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1914)، و(1917)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3815)، و(3816)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (460)، والطبراني في «المعجم الكبير» (372)، و(377)، وفي «المعجم الأوسط» (4537)، و(5022)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص28 و29)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص357)، وفي «شعب الإيمان» (11248)، وفي «الأربعين الصغرى» (158)، والشاشي في «المسند» (523)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص62)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (378)، وابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» (100)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص54)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج2 ص624)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص73)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص112)، والديلمي في «الفردوس» (ج3 ص568)، والعراقي في «قرة العين» (ص55)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص49)، والمراغي في «مشيخته» (ص214)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص19 و20)، وفي «معرفة الصحابة» (5819)، ومحمد بن عاصم في «جزء حديثه» (8)، والبغوي في «شرح السنة» (2142)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص341)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص404)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص101 و102)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص280)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج12 ص4443)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج5 ص99)، والبخاري في «الأدب المفرد» (187)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص298)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص484)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص470)، وأبو القاسم ابن منده في «المستخرج من كتب الناس للتذكرة» (ج1 ص111)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص377)، وفي «المنتقى من الأحاديث الصحاح» (53) من طرق عن أبي اليسر t ... وذكره بألفاظ عندهم متقاربة، ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.

وبهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج1 ص543).

وذكره السيوطي في «بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال» (ص153).

قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن: «الظل» أضيف إلى الله تعالى، فهو صفة لله تعالى؛ أي: فهو له «ظل» يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته.

* والنبي r ذكر: «الظل» لله تعالى، ولم يتعرض له بتأويل، ولا تفسير بمثل: تعطيل المعطلة، أو تأويلهم.

* وكذلك الصحابة y: رووا هذه الأحاديث، وسكتوا عنها، ولم يخوضوا فيها بتأويل، أو تفسير بخلاف السنة، أو بخلاف لغة العرب.

قلت: فلم يثبت هذا من حديث: أبي اليسر t، فافطن لهذا.

قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في «المنتخب من الإرشاد» (ج1 ص176): (والذي عليه حفاظ الحديث؛ الشاذ: ما ليس له إلا إسناد واحد، يشذ بذلك شيخ، ثقة كان، أو غير ثقة).

وهذا الإسناد: أعله نقاد الحديث؛ في ذكر، زيادة: «في ظل عرشه».

قلت: فهذه الزيادة: «في ظل عرشه»، لم تذكر في خبر، بإسناد صحيح.

* وقد ثبت عنه r، أنه قال: «سبعة في ظل الله عز وجل»، ولم يذكر r: «في ظل عرشه».

قال الإمام النووي في «المجموع» (ج3 ص408): (وقد علم من قاعدة المحدثين، وغيرهم، أن ما خالف الثقات: كان حديثه، شاذا، مردودا). اهـ

* ويؤيده: حديث؛ أبي هريرة t، عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل؛ إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه، وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا، ففاضت عيناه).

أخرجه البخاري في «صحيحه» واللفظ له (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه» (1031)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، والترمذي في «سننه» (2551)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص439)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص99)، وابن الدبيثي في «ذيل مدينة السلام» (ج3 ص77)، وابن ظهيرة في «إرشاد الطالبين» (ج3 ص1349)، والعلائي في «بغية الملتمس» (ص128)، وفي «إثارة الفوائد» (ج1 ص445)، وابن خزيمة في «صحيحه» (358)، والطيالسي في «المسند» (2462)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص191 و192)، والإسماعيلي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص341)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج1 ص442)، وابن اللتي في «مشيخته» (ص512)، والسمعاني في «المنتخب من معجم الشيوخ» (ج1 ص245)، والمؤيد الطوسي في «زيادته على حديث يزيد بن حبيب» (ص89)، وأبو القاسم القشيري في «الرسالة القشيرية» (ص459)، وابن المستوفي في «تاريخ إربل» (ص100)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص103 و104)، وأبو القاسم ابن نصر الدمشقي في «الفوائد» (ص51)، والدارقطني في «غرائب مالك» (ق/5/ط)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص87)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص86)، وفي «الآداب» (ص148 و506)، وفي «الأسماء والصفات» (798)، وابن بشران في «الأمالي» (ج1 ص250)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص340)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص209)، وابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص646)، وفي «المسند» (ص41)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص157)، وفي «ذم الهوى» (ص193)، وفي «التبصرة» (ص648)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وفي «المجتبى» (ج8 ص222)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص131 و132)، وابن الغساني في «الأمالي» (2)، وابن حبان في «صحيحه» (7338)، والبغوي في «شرح السنة» (470)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص282)، والحدثاني في «الموطأ» (ص538)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص280)، والجوهري في «مسند الموطأ» (325)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص441)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5844) من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t به.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وبهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج2 ص519 و617).

فالشيخان: قد أخرجا، هذا الحديث من رواية: الجماعة، ولم يأت في هذه الرواية، تعيين الظل، بـ«ظل العرش».

والرواية هذه، هي المحفوظة، لكون الحفاظ لم يختلفوا فيها، بأن الظل، هو: «ظل الله تعالى»، وهذا يوجب الحكم على زيادة: «ظل العرش» بالنكارة.

ويؤيده حديث: أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي([326])، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2566)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، وابن حبان في «صحيحه» (574)، والبغوي في «شرح السنة» (3462)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص377)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص219)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص495)، وابن قدامة في «المتحابين في الله» (34)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (2004)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص237 و535)، وابن المبارك في «الزهد» (711)، والجوهري في «مسند الموطأ» (454)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (321)، وأبو أحمد الحاكم في «عوالي مالك» (ج1 ص92)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص111)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص1070)، وابن فيل في «جزئه» (32) , وابن القاسم في «الموطأ» (ص330)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص232 و233)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص252)، وابن عبد الدائم في «مشيخته» (ص63)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص89)، وابن الجوزي في «التبصرة» (ص648)، والحدثاني في «الموطأ» (652) من طرق عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة t به.

قلت: فهذا الحديث؛ روي على الجادة، والصواب.

وبهذا اللفظ: صححه الشيخ الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» (ج3 ص158).

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص552) من طريق حسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي قال: حدثني أبو اليسر t قال: قال رسول الله r: (من أنظر معسرا، أو وضع له، أظله الله في ظل عرشه).

حديث منكر، بلفظ: «في ظل عرشه».

قلت: وهذا سنده ضعيف، لا يحتج به.

وهذا من الاختلاف في الإسناد.

* وأخطأ ابن أبي شيبة: في ذكره عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن أبي اليسر t؛ بلفظ: «في ظل عرشه!». ([327])

والحديث معروف: عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن أبي اليسر t؛ بلفظ: «أظله الله، في ظله».([328])

وليس بمعروف: عن زائدة، بهذا الإسناد، وبلفظ: «في ظل عرشه»، فإنه منكر.

وهو غريب من حديث: ربعي بن حراش.

* والخطأ من ابن أبي شيبة، فإنه أحيانا يخطيء في الأسانيد، والمتون، خطأه الإمام أحمد، والإمام أبو زرعة، والإمام الخطيب، وغيرهم.

* وخطؤه على سبيل المثال:

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص337): (قيل لأبي زرعة: بلغنا عنك أنك قلت: لم أر أحدا أحفظ من ابن أبي شيبة؟ فقال: نعم، في الحفظ، ولكن في الحديث، كأنه لم يحمده، فقال: روى مرة حديث، حذيفة t: «في الإزار»؛ فقال: حدثنا أبو الأحوص([329]) عن أبي إسحاق عن أبي معلى عن حذيفة t، فقلت: له، إنما هو: أبو إسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة t، وذاك الذي ذكرت عن أبي إسحاق عن أبي المعلى عن حذيفة t، قال: «كنت ذرب اللسان» ([330])، فبقي، فقلت: للوراقين، أحضروا المسند، فأتوا بمسند([331]) حذيفة t، فأصابه كما قلت).

وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (ج1 ص338): (سمعت أبا زرعة يقول: كنا عند أبي بكر بن أبي شيبة، ومعنا كيلجة، فقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر، عن أنس t، أنه قال: «يتبع الميت ثلاث»، فقال كيلجة([332]): هو عن عبيد الله بن أبي بكر، فقال: عن عبيد الله بن أبي بكر!، فقلت: يا أبا بكر، تركت الصواب، وتلقنت الخطأ، إنما: روى هو عن عبد الله بن أبي بكر([333])، وسفيان: لم يلق عبيد الله بن أبي بكر، فقال: لقنني هذا، فقلت: كلما لقنك هذا تريد أن تقبله).

وعن الميموني قال: (تذاكرنا يوما شيئا، اختلفوا فيه، فقال رجل: ابن أبي شيبة يقول: عن: «عفان»، قال أبو عبد الله يعني: أحمد بن حنبل- دع ابن أبي شيبة في ذا، انظر أيش يقول: غيره، يريد أبو عبد الله: كثرة خطئه). ([334]) يعني: كثرة خطأ ابن أبي شيبة في الأسانيد.

قال الحافظ الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج10 ص68): (وأرى أن أبا عبد الله، لم يرد ما ذكره الميموني، من أن أبا بكر: كثير الخطأ).

قلت: فهذا الإسناد وقع فيه الاضطراب، وهو معلول.

فالمحفوظ: حديث: زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن أبي اليسر t.

قلت: وقد تفرد ابن أبي شيبة؛ بذكر: «في ظل عرشه»، فوهم في ذلك، فحديثه عن زائدة، فغريب، ليس بمحفوظ.

فهو حديث غلط. ([335])

* وقد رواه ابن أبي شيبة على الجادة، ووافقه الثقات الأثبات، بلفظ: (من أنظر معسرا، أو وضع له، أظله الله في ظله، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج19 ص169)؛ وغيرهما، مطولا، من طريق هارون بن معروف، ومحمد بن عباد، وابن أبي شيبة، وعلي بن بحر، ومحمد بن عباد المكي، وغيرهم، عن حاتم بن إسماعيل عن أبي حزرة يعقوب بن مجاهد المدني عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت به.

قلت: وهو المحفوظ من رواية: ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل، بدون ذكر زيادة: «في ظل عرشه».

فرواية: الجماعة أولى بالصواب.

20) وعن معاذ بن جبل t قال: سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون في ظل العرش، يوم لا ظل إلا ظله).

حديث منكر مضطرب

* وهذا الحديث: اختلف فيه الرواة، في سنده، ومتنه، اختلافا شديدا، واضطربوا فيه: ([336])

* فرواه صدقة بن خالد، وبشر بن بكر التنيسي ([337])؛ كلاهما: عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطاء بن عبد الله الخراساني قال: سمعت أبا إدريس الخولاني يقول: دخلت مسجد حمص فجلست في حلقة كلهم يحدث عن رسول الله r، وفيهم فتى شاب إذا تكلم أنصت القوم، وإذا حدث رجل منهم أنصت له، قال: فتفرقوا ولم أعلم من ذلك الفتى، فانصرفت إلى منزلي فما قرتني نفسي حتى رجعت إلى المسجد فجلست فيه فإذا أنا به فقمت معه حتى أتى عمودا من عمد المسجد وركع ركعات حسان، ثم جلس فاستقبلته فطال سكونه لا يتكلم، فقلت: حدثني رحمك الله، فوالله إني لأحبك، وأحب حديثك، فقال لي: آلله؟ قلت: آلله، فدنا مني حتى لصقت ركبتي بركبتيه، ثم قال، فيما أظن: الحمد لله، سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون بجلال الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله)، قلت: من أنت يرحمك الله؟، قال: أنا معاذ بن جبل. فقمت من عنده، فإذا أنا بعبادة بن الصامت، فقلت: يا أبا الوليد، إن معاذا حدثني حديثا، قال: وما الذي حدثك؟ قال: سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون في جلال الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله) فقال لي عبادة: تعال أحدثك ما سمعت من رسول الله r يروي عن ربه قال: فأتيته فقال: سمعت رسول r يقول: قال ربك تعالى: (حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي للمتجالسين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي على المتباذلين في).

حديث منكر

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص191)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص206)، والذهبي في «جزء فيه أهل المائة» (ص72 و73)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3893)، والطبراني في «مسند الشاميين» (625)، وفي «المعجم الكبير» (ج20 ص79)، والشاشي في «المسند» (ج3 ص158 و278 و279).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عطاء بن عبد الله الخراساني، وهو صاحب أوهام كثيرة. ([338])

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص679): (عطاء بن عبد الله الخراساني: صدوق؛ يهم كثيرا، ويرسل، ويدلس).

وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص3): (وعطاء الخراساني، أحد العلماء الفضلاء، وربما كان في حفظه شيء).

وقال الحافظ ابن حبان في «المجروحين» (ج2 ص130 و131): (كان من خيار عباد الله، غير أنه رديء الحفظ، كثير الوهم، يخطئ، ولا يعلم فحمل عنه، فلما كثر ذلك في روايته: بطل الاحتجاج به).

وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص64): (عطاء الخراساني: ليس بالقوي).

وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص264): (عطاء الخراساني: غير قوي).

قلت: ومن أجل ذلك، أدخله الحافظ البخاري في كتاب: «الضعفاء والمتروكين» (ص286).

وأورده الحافظ العقيلي في «الضعفاء» (ج3 ص1100)، والحافظ ابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكين» (ج2 ص178).

* ورمز لعطاء الخراساني: الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص679)؛ بـ«م،4»، ثم قال: «لم يصح، أن البخاري: أخرج له».

* وأما الحافظ المزي في «تهذيب الكمال» (ج20 ص106)، فرمز له، رمز الستة: «ع»، فهو يرى أن البخاري([339])، روى عنه، في موضعين، أثرين: عن ابن عباس .

الأول: في كتاب «التفسير» (ج6 ص199)، رقم: (4920).

والثاني: في كتاب «الطلاق» (ج7 ص62)، رقم: (5286).

* فروى الحافظ البخاري؛ لعطاء الخراساني؛ حديثين، لم ينسبه في واحد منهما.

والظاهر أنه اعتقد أنه عطاء بن أبي رباح، وهو كان: عطاء بن عبد الله الخراساني، ولم يعلم به، فوهم في ذلك.

قال الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج6 ص199)؛ حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام، عن ابن جريج قال: وقال عطاء عن ابن عباس : (صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد... الحديث)، بطوله: هو موقوف.

أخرجه البخاري في كتاب: «التفسير»، من «سورة نوح»، في باب: (ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق). [نوح: 23]، رقم: (4920).

وقال الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج7 ص62)؛ حدثنا إبراهيم بن موسى: أنبأنا هشام، عن ابن جريج قال: وقال عطاء عن ابن عباس : (كان المشركون على منزلتين من النبي r والمؤمنين... الحديث). ([340])

أخرجه البخاري في كتاب: «الطلاق»، من «سورة نوح»، في باب: (نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن)، رقم: (5286).

قال الحافظ ابن مسعود الدمشقي / في «الأطراف» (ج20 ص115-التهذيب)؛ عقب الحديثين المتقدمين: (هذان الحديثان: ثبتا من تفسير: ابن جريج، عن عطاء الخراساني عن ابن عباس .

* وابن جريج: لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، إنما أخذ الكتاب من ابنه: ونظر فيه). اهـ

قلت: وهذا يدل أن الحافظ البخاري، ظنه: عطاء بن أبي رباح، وهو الصحيح: أنه عطاء بن عبد الله الخراساني.

والذين ترجموا: لرجال البخاري، ترجموا؛ لعطاء بن أبي رباح، متابعة منهم له.

وهذا يعني: أن المذكور في هذين الحديثين، هو عطاء بن عبد الله الخراساني، فوهم البخاري فيه.

وقد اعتذر الحافظ ابن حجر، للبخاري في زياداته على «التهذيب» (ج7 ص214)؛ بقوله: (أراد المؤلف من سياق هذا، أن عطاء المذكور، في الحديثين: هو الخراساني، وأن الوهم تم على البخاري في تخريجهما، لأن عطاء الخراساني، لم يسمع من ابن عباس ، وابن جريج: لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، فيكون الحديثان: منقطعين في موضعين.

* والبخاري: أخرجهما، لظنه أنه: ابن أبي رباح، وليس ذلك بقاطع في أن البخاري: أخرج لعطاء الخراساني، بل هو أمر مظنون.

* ثم أنه ما المانع، أن: يكون ابن جريج؛ سمع هذين الحديثين: من عطاء بن أبي رباح، خاصة في موضع آخر، غير التفسير، دون ما عداهما من التفسير.

* فإن ثبوتهما في تفسير عطاء الخراساني، لا يمنع أن يكونا عند عطاء بن أبي رباح أيضا، هذا أمر واضح، بل هو المتعين، ولا ينبغي الحكم على البخاري بالوهم بمجرد هذا الاحتمال، لا سيما والعلة في هذا محكية، عن شيخه علي بن المديني.

* فالأظهر، بل المحقق، أنه كان مطلعا على هذه العلة، ولولا ذلك لأخرج في التفسير جملة من هذه النسخة، ولم يقتصر على هذين الحديثين خاصة، والله أعلم.

* ولا سيما أن البخاري، قد ذكر عطاء الخراساني في «الضعفاء»، وذكر حديثه عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة t؛ أن النبي r؛ «أمر الذي واقع في شهر رمضان بكفارة الظهار»، وقال: لا يتابع عليه.

ثم ساق بإسناد له: عن سعيد بن المسيب؛ أنه قال: «كذب علي عطاء، ما حدثته هكذا».

* ومما يؤيد أن البخاري، لم يخرج له شيئا، أن الدارقطني، والحبال، والحاكم، واللالكائي، والكلاباذي، وغيرهم؛ لم يذكروه في رجاله). اهـ

فما ذكره الحافظ ابن حجر: يؤيد أن البخاري، ظنه: ابن أبي رباح، والذين ترجموا، لرجال البخاري: ترجموا، لابن أبي رباح، متابعة منهم له.

وهذا كله لا يعني، بل لا يثبت، أن المذكور في هذين الحديثين، ليس عطاء الخراساني.

قلت: فقد جعل الحافظ ابن حجر، بعدم وهم الحافظ البخاري في الحديثين، بغير دليل قاطع. ([341])

* والأظهر: ما ذكره الحافظ المزي، أنه عطاء بن عبد الله الخراساني.

وقد أثبت الحافظ ابن المديني في «العلل» (ج20 ص116-التهذيب)؛ أنه: عطاء الخراساني، فقال: (سمعت هشام بن يوسف قال: قال لي ابن جريج: سألت عطاء عن التفسير من البقرة، وآل عمران، فقال: اعفني من هذا،

* قال هشام: فكان بعد إذا قال: عطاء عن ابن عباس، قال: الخراساني.

* قال هشام: فكتبنا حينا، ثم مللنا، قال علي بن المديني: يعني؛ كتبنا، أنه: عطاء الخراساني.

* قال علي بن المديني: وإنما كتبت هذه القصة؛ لأن محمد بن ثور: كان يجعلها، عن عطاء عن ابن عباس، فيظن من حملها عنه، أنه عطاء بن أبي رباح).اهـ

ويؤيده: فقد أخرج عبد الرزاق في «تفسير القرآن» (ج8 ص667-الفتح)؛ هذا الحديث؛ عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء الخراساني عن ابن عباس t به.

قلت: وهذا يدل أنه: عطاء بن عبد الله الخراساني.

وذكر صالح بن أحمد بن حنبل في «العلل» (ج8 ص667-الفتح)؛ عن علي بن المديني قال: (سألت يحيى القطان؛ عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني، فقال: ضعيف).

قلت: وهذا يدل على أن الحافظ البخاري على تشدده في شرط اتصال الإسناد، إلا أنه هنا خفي عليه الانقطاع في أثر ابن عباس t، مع أنه في الغالب يعتمد في العلل على شيخه: علي بن المديني، وهو الذي نبه على هذه القصة بالانقطاع، وهذا يدل على أن العالم يخطئ ويصيب كائنا من كان. ([342])

قال ابن طهمان في «السؤالات» (ص85): (قال ابن معين: عطاء الخراساني، لم يسمع من ابن عباس).

وقال الإمام أحمد: (عطاء الخراساني، لم يسمع من ابن عباس شيئا). ([343])

وكذا ذكر الحافظ عبد الغني المقدسي في «الكمال» (ج7 ص309)؛ عن ابن عباس؛ مرسلا.

وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص263): (عطاء الخراساني: لم يدرك ابن عباس، ولم يره).

قلت: ثم إن أبا إدريس الخولاني، لا يصح سماعه من معاذ بن جبل، وهو الصواب.

وإليك الدليل:

فعن الزهري عن أبي إدريس الخولاني، أنه قال: (أدركت: أبا الدرداء، ووعيت عنه، وعبادة بن الصامت، ووعيت عنه، وشداد بن أوس، ووعيت عنه، وفاتني معاذ بن جبل، فأخبرني: فلان عنه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص73)، وفي «التاريخ الأوسط» (215)، ومعمر بن راشد الأزدي في «الجامع» (20749)، والحاكم في «المستدرك» (ج4 ص460)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص340)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص125)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج26 ص155) من طريق سفيان بن عيينة، ومعمر، كلاهما: عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره الدارقطني في «العلل» (ج6 ص71)؛ ثم قال: (وخالفهم محمد بن مسلم الزهري، وهو أحفظ من جميعهم، فرواه عن أبي إدريس الخولاني... فذكره).

قلت: وهذا أبو إدريس الخولاني، يحكي عن نفسه، أنه لم يدرك معاذ بن جبل، ولم يسمع منه، فالقول: هو قوله، وهو مقدم على غيره في هذا.

* ويؤكد ذلك، أن أبا إدريس الخولاني كان قد ولد في «غزوة حنين»، وهي في أواخر؛ سنة: «ثمان»، ومات معاذ بن جبل، في سنة: «ثمان عشرة».

* فيكون سن أبي إدريس الخولاني حين مات معاذ بن جبل، «تسع سنوات»، ونصفا، أو نحو ذلك.

فيبعد في العادة، أن يجاري معاذا، في المسجد، هذه المجاراة، ويخاطبه: هذه المخاطبة. ([344])

إذا فإن أبا إدريس الخولاني، لا يصح سماعه من معاذ بن جبل t([345])، وهو الصواب.

قال الحافظ يحيى بن معين في «التاريخ» (ج4 ص432): (قال أبو إدريس الخولاني: فاتني معاذ، فحدثني عنه: يزيد بن عميرة).

وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص83): (قال ابن عيينة، ومعمر عن الزهري عن أبي إدريس، يعني: الخولاني، قال: «أدركت عبادة بن الصامت: وعيت عنه، وأدركت أبا الدرداء: ووعيت عنه، وأدركت شداد بن أوس: ووعيت عنه، وفاتني: معاذ بن جبل»).

وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص126): (قلت: لأبي؛ سمع أبو إدريس الخولاني، من معاذ بن جبل؟، قال: يختلفون فيه، فأما الذي عندي، فلم يسمع منه).

وكذا قال الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج6 ص71) في عدم سماع أبي إدريس من معاذ بن جبل.

وقال الإمام الشافعي / في «أحكام القرآن» (ص187): (ونحن لا نقبل الحديث المنقطع؛ عمن: هو أحفظ، من عمرو بن شعيب، إذا كان منقطعا). اهـ

وأما الحافظ ابن عبد البر في «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (ج11 ص114)، فقد ذهب إلى صحة سماع أبي إدريس الخولاني من معاذ بن جبل، بقوله: (واختلف في سماعه من معاذ بن جبل، والصحيح: أنه أدركه، وروى عنه، وسمع منه([346])، وقد يحتمل، أن تكون رواية من روى عنه: «فاتني معاذ»؛ أي: فاتني في معنى كذا، أو خبر كذا ([347])، لأن أبا حازم، وغيره، روى عنه، أنه رأى معاذ بن جبل، وسمع منه([348])، ومن أدرك أبا عبيدة، فقد أدرك معاذا، لأنه مات قبله، في طاعون عمواس وقد سئل: الوليد بن مسلم -وكان من العلماء بأخبار الشام- هل لقي: أبو إدريس الخولاني، معاذ بن جبل؟ فقال: نعم، أدركهما ([349])، وهو ابن عشر سنين، لأنه: ولد عام «حنين»).اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص126): (وإذا صح عن أبي إدريس: أنه؛ لقي معاذ بن جبل، فيحتمل ما حكاه: ابن شهاب عنه من قوله: «فاتني معاذ» يريد فوت لزوم، وطول مجالسة، أو فاتني في حديث: كذا، أو معنى كذا، والله أعلم). اهـ

وتعقبه في ذلك الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (ج5 ص75): (إذا كان قد ولد في «غزوة حنين»، وهي في أواخر سنة: «ثمان»، ومات معاذ بن جبل، سنة: «ثمان عشرة»([350])، فيكون سنه -يعني: الخولاني- حين مات: معاذ بن جبل: «تسع سنوات»، ونصفا، أو نحو ذلك، ويبعد في العادة أن يجاري معاذا، في المسجد هذه المجاراة، ويخاطبه هذه المخاطبة، على ما اشتهر من عادتهم، أنهم لا يطلبون العلم، إلا بعد البلوغ). اهـ

قلت: والجمع الذي جمع به الحافظ ابن عبد البر، قد سبقه إليه الحافظ الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص38 و39)، وساقه من طرق على أبي إدريس، أنه سمع معاذ بن جبل، بالقصة المذكورة، ولم يصب، لما ذكرنا من ضعف هذه الطرق كلها.

قال الحافظ ابن حجر في «التهذيب» (ج5 ص75): (والزهري: يحفظ عن أبي إدريس، أنه لم يسمع من معاذ بن جبل). اهـ

وأخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص37)، والطبراني في «المعجم الكبير»(ج20 ص79)، وفي «مسند الشاميين» (2433)، و(2434) من طريق عروة بن مروان الرقي قال: حدثنا شعيب بن رزيق عن عطاء الخراساني عن أبي إدريس عائذ الله قال: (أتيت مسجد حمص([351])، فجلست إلى حلقة، فيها ثلاثون رجلا من أصحاب رسول الله r، وفيهم شاب آدم خفيف العارضين، براق الثنايا، فقلت: من هذا، فقالوا: هذا معاذ بن جبل، فلما تفرقوا، دنوت منه، فقلت: والله إني لأحبك في الله عز وجل، فضرب بيده إلى حبوتي، فاجرني حتى ألصق ركبتي، وقال: أبشر إن كنت صداقا، فإني سمعت رسول الله r يقول: المتحابون بجلال الله تحت ظل العرش يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث منكر

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عروة بن مروان الرقي، وهو ضعيف لا يحتج به، قال عنه الحافظ الدارقطني: «كان أميا، ليس بالقوي في الحديث».([352])

* وعطاء بن عبد الله الخراساني، كثير الأوهام([353])، والوهم([354]) بذكر زيادة: «تحت ظل العرش» منه، ومن عروة بن مروان أيضا.

قال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص64): (عطاء الخراساني: ليس بالقوي).

وقال الحافظ البيهقي في «السنن الكبرى» (ج6 ص264): (عطاء الخراساني: غير قوي).

وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص127) من طريق ضمرة عن ابن عطاء عن أبيه عطاء الخراساني عن أبي إدريس الخولاني، قال: (دخلت مسجد حمص، فإذا فيه ثلاثون، رجلا، أو نحو ذلك، في حلقة من أصحاب النبي r، كلهم يحدث عن النبي r، وإذا فيهم رجل وضيء الوجه، أكحل العينين، براق الثنايا، وإذا هم يسندون حديثهم إليه، فإذا هو: معاذ بن جبل). وليس فيه: «في ظل عرشه».

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عثمان بن عطاء الخراساني، وهو ضعيف، كما في «التقريب» لابن حجر (ص666)، وعطاء الخراساني، له أوهام، لا يحتج به.

* ورواه كثير بن عبيد بن نمير المذحجي حدثنا بقية بن الوليد ثنا عتبة بن أبي حكيم حدثني عطاء بن أبي مسلم الخراساني قال: حدثني أبو إدريس الخولاني قال: (جئت إلى حمص في طلب حاجة أردتها، قال: فدخلت المسجد مع العشاء، فنظرت، فإذا الحلقة فيها ثلاثون رجلا، أو أقل، أو أكثر يتحدثون، كلهم يقول: سمعت رسول الله r... قال معاذ بن جبل t سمعت رسول الله r يقول: «إن المتحابين في الله في ظل العرش»، فقال عبادة بن صامت t: صدق معاذ، سمعت رسول الله r، يروي عن ربه تبارك وتعالى يقول: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتصافين في، وحقت محبتي للمتباذلين في).

حديث منكر

أخرجه القاضي عبد الجبار الخولاني في «تاريخ داريا» (ص68 و69)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص79)، وفي «مسند الشاميين» (843).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عتبة بن أبي حكيم الهمداني، وهو كثير الخطأ، والأوهام، وضعفه ابن معين، والنسائي، وغيرهما. ([355])

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص657): (عتبة بن أبي حكيم الهمداني: صدوق، يخطئ كثيرا).

قلت: فأخطأ في ذكره، لزيادة: «في ظل العرش».

فهو حديث منكر.

* وعطاء الخراساني، له أوهام في الحديث، وقد سبق ذكره.     

* ورواه شعبة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن أبي إدريس الخولاني قال: (جلست مجلسا فيه عشرون من أصحاب محمد r، فإذا فيهم شاب حسن الوجه، حسن السن، أدعج العينين، أغر الثنايا، فإذا اختلفوا في شيء، أو قالوا قولا انتهوا إلى قوله، فإذا هو معاذ بن جبل t، فلما كان من الغد جئت فإذا هو يصلي عند سارية، فحذف صلاته ثم احتبى فسكت، فقلت: إني لأحبك من جلال الله، فقال: آلله؟، فقلت: آلله، فقال: فإن المتحابين في الله - قال: أحسب أنه قال: في ظل الله يوم لا ظل؛ إلا ظله. ثم ليس في بقيته شك - يوضع لهم كراسي من نور، يغبطهم بمجلسهم من الرب تبارك وتعالى النبيون والصديقون والشهداء. قال: فحدثت به عبادة بن الصامت، فقال: لا أحدثك إلا ما سمعت على لسان رسول الله r؛ أنه قال: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، وحقت محبتي للمتصافين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتواصلين في). شك شعبة في المتواصلين والمتزاورين.

حديث منكر

ولم يذكر: «في ظل العرش».

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص190 و191)، والشاشي في «المسند» (ج3 ص157)، والطيالسي في «المسند» (573)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص229)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص126 و127)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص307)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص233)، وفي «شعب الإيمان» (8993)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص324).

قلت: وهذا سنده اختلف فيه، واضطرب فيه الرواة([356])، فلا يحتج به، وهو غير محفوظ، بهذا اللفظ، وليس فيه موضع الشاهد: «في ظل عرشه».

ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.

فمرة لا تذكر، ومرة تذكر، ومرة مطولا، ومرة مختصرا.

وأورده ابن حجر في «إتحاف المهرة» (ج13 ص249).

وأخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص37 و38)، وضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص306) من طريق شعبة عن يعلى بن عطاء قال: سمعت الوليد بن عبد الرحمن يحدث عن أبي إدريس العائذي قال: (ذكرت لعبادة بن الصامت t، حديث: معاذ بن جبل t، في المتحابين، فقال: لا أحدثكم؛ إلا ما سمعت على لسان محمد r: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتصافين في، أو المتلاقين في).

وليس فيه موضع الشاهد، وشعبة بن الحجاج، لم يذكر: «في ظل عرشه».

* ورواه العباس بن الوليد بن مزيد، أخبرني أبي، حدثني الأوزاعي، عن ابن حلبس([357])، عن أبي إدريس عائذ الله، قال: مر رجل، فقمت إليه فقلت: إن هذا حدثني بحديث رسول الله r، فهل سمعته؟ يعني معاذا. قال: ما كان يحدثك إلا حقا، فأخبرته، فقال: قد سمعت هذا من رسول الله r؛ يعني المتحابين في الله يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وما هو أفضل منه. قلت: إي رحمك الله، وما هو أفضل منه؟ قال: سمعت رسول الله r يأثر عن الله عز وجل قال: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، ولا أدري بأيتهما بدأ. قلت: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت).

حديث منكر

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص190).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، وهو صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص489).

وقد خالف من هو أوثق منه، وأحفظ، وأشهر؛ في ذكره زيادته: لـ«ظل عرشه»، وهي زيادة منكرة، والعباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، لا يحتمل؛ بمثل: هذه الأحاديث، وهذه الرواية وقع: فيها وهم، وأنها ليست محفوظة.

وعليه؛ فهو: حديث منكر غريب، بهذا اللفظ، والمحفوظ ما تقدم من حديث أبي هريرة t، وفيه: «ظل الله تعالى».

والحاصل: أنه لا يصح في هذا الباب شيء مرفوع عن النبي r.

* فقول الحاكم: هذا إسناد على شرط الشيخين، فيه نظر، لأن العباس بن الوليد البيروتي، ليس من رجال الشيخين، وكذلك: أبوه الوليد البيروتي. ([358])

قلت: وأيضا وقد وقع هذا الوهم من الأوزاعي أيضا، فإنه أنكرت عليه أحاديث في بعض مشيخته([359])، فزيادته هذا، تدل على وهمه، وقد خالف الجماعة في ذلك.

وقد خالفه: مالك بن أنس، وهو أحفظ منه، وأثبت في الحفظ، فلم يذكر: «المتحابون في الله عز وجل، يظلهم الله عز وجل بظل عرشه يوم لا ظل؛ إلا ظله».

فأخرجه مالك بن أنس في «الموطأ» (ج2 ص953 و954)، ومن طريق مالك، أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص233)، والحاكم في «المستدرك» (ج9 ص189)، والجوهري في «مسند الموطأ» (422)، وابن حبان في «صحيحه» (575)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (1449)، و(1450)، والطبراني في «المعجم الكبير» (150)، وابن بكير في «الموطأ» (ج3 ص430 و431)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (ج10 ص33)، والشاشي في «المسند» (ج3 ص277)، والحدثاني في «الموطأ» (655)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (125)، وابن القاسم في «الموطأ» (414)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8992)، وفي «الأربعين الصغرى» (101)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج2 ص182)، و(ج28 ص108 و109)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص127 و128)، والبغوي في «شرح السنة» (3463)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (2007)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص126)، والكلاباذي في «بحر الفوائد» (832)، والبوشنجي في «المنظوم والمنثور» (36)، وعبد الله بن وهب في «الجامع في الحديث» (234)، وفي «الموطأ» (ص523 و524)، جميعهم: عن مالك بن أنس عن أبي حازم بن دينار عن أبي إدريس الخولاني؛ أنه قال: (دخلت مسجد دمشق، فإذا فتى شاب براق الثنايا، وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه، وصدروا عن قوله، فسألت عنه، فقيل: هذا معاذ بن جبل، فلما كان الغد هجرت، فوجدته قد سبقني بالتهجير، ووجدته يصلي. قال: فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه، ثم قلت: والله إني لأحبك لله. فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله. قال: فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه، وقال: أبشر، فإني سمعت رسول الله r يقول: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في).

قلت: وهذا الوجه هو المحفوظ، من طريق مالك بن أنس عن أبي حازم سلمة بن دينار عن أبي إدريس الخولاني به، دون ذكر: «في ظل عرشه»، والقصة في «مسجد دمشق»، ليس في «مسجد حمص» فتنبه.

* وهو لا يصح أيضا، للاختلاف الذي فيه، وهو مرسل. ([360])

قال الحافظ أبو حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص111): (منهم: من يقول؛ بدل: أبي إدريس الخولاني، أبي مسلم الخولاني).

* يعني: في هذا الحديث. ([361])

قلت: ومن أثبت السماع؛ لأبي إدريس، من معاذ بن جبل، فمن أجل هذا الحديث، وغيره، وهو حديث ضعيف، لا يصح.

* ومن نفاه احتج؛ بما رواه معمر، وسفيان بن عيينة عن الزهري قال: سمعت أبا إدريس الخولاني، يقول: فذكره، وفيه: (وفاتني معاذ بن جبل، فحدثني أصحاب معاذ بن جبل، عن معاذ بن جبل). ([362])

وذكر أئمة الجرح والتعديل، أن أبا حازم، وهم فيه، وغلط، في قوله: عن أبي إدريس الخولاني، أنه لقي معاذ بن جبل. ([363])

فهذا الحديث: خطأ.

ثم إن الحديث اضطرب فيه أبو إدريس الخولاني، فمرة: يرويه عن عبادة بن الصامت وحده، ومرة: يرويه عن معاذ بن جبل وحده، ومرة: يرويه: عنهما جميعا، في قصة واحدة!. ([364])

قال الحافظ الحاكم في «المستدرك» (ج9 ص189): (وقد جمع أبو إدريس؛ بإسناد صحيح([365])، بين معاذ، وعبادة بن الصامت في هذه المتن).

** ورواه محمد بن كثير المصيصي، ثنا الأوزاعي، عن يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أبي إدريس الخولاني، قال: (دخلت مسجد حمص، فإذا حلقة فيها نيف وثلاثون رجل من أصحاب رسول الله r فجعل الرجل يقول: سمعت رسول الله r يقول كذا وكذا، وينصت له الآخرون، وفيهم فتى أدعج براق الثنايا، فإذا اختلفوا في شيء انتهوا إلى قوله، فلما انصرفت إلى منزلي بت بأطول ليلة. قلت: جلست في مجلس فيه كذا وكذا من أصحاب النبي عليه السلام لا أعرف منازلهم ولا أسماءهم. فلما أصبحت غدوت إلى المسجد، فإذا الفتى الأدعج قاعد إلى سارية، فجلست إليه، فقلت: إني أحبك لله تعالى، قال: فأخذ بحبوتي، ثم قال: آلله إنك لتحبني في الله؟ قلت: آلله إني لأحبك في الله تبارك وتعالى، قال: أفلا أحدثك بما سمعت من رسول الله r؟ قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله r يقول: المتحابون في الله يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله. فبينا نحن كذلك إذ مر رجل ممن كان في الحلقة فقمت إليه، فقلت: إن هذا حدثني حديثا عن رسول الله r فهل سمعته؟ قال: ما كان ليحدثك إلا حقا فما هو؟ فأخبرته، فقال: سمعت هذا من رسول الله r وما هو أفضل منه، قلت: يرحمك الله وما الذي أفضل منه؟ قال: سمعت رسول الله r يأثر عن الله تعالى: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عبادة بن الصامت، قلت: فمن الفتى؟ قال: معاذ بن جبل).

حديث منكر

أخرجه ضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص308 و309)،

 والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (ج10 ص34 و35)، والبزار في «المسند» (ج7 ص143).

وقال الحافظ ضياء الدين المقدسي: «محمد بن كثير المصيصي، أخرجناه اعتبارا».

 قلت: يشير الحافظ المقدسي على ضعف الإسناد، لأن فيه محمد بن كثير المصيصي، وهو كثير الغلط، والخطأ والوهم في الحديث، وذكره زيادة: «في ظل عرشه»، يدل على ذلك، وقد خالف للثقات الأثبات في هذه الزيادة.

فهي: زيادة منكرة.

قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص891): (محمد بن كثير المصيصي: صدوق، كثير الغلط).

وقال أحمد: محمد بن كثير، «هو منكر الحديث، وقال: يروي أشياء منكرة»، وقال مرة: «ليس بشيء، يحدث بأحاديث مناكير، ليس لها أصل»، وقال البخاري: «لين جدا»، وقال أبو داود: «لم يكن يفهم الحديث»، وقال ابن حبان: «يخطئ ويغرب»، وقال النسائي: «ليس بالقوي، كثير الخطأ». ([366])

 وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ج3 ص265) من طريق محمد بن كثير المصيصي ثنا الأوزاعي عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل عن عبادة بن الصامت t قال: سمعنا رسول الله r يقول: (إن المتحابين لجلال الله في ظل الله يوم لا ظل؛ إلا ظله).

ولم يذكر زيادة: «في ظل عرشه»، بل ذكر: «في ظل الله».

* ثم جعل الحديث، من مسند عبادة بن الصامت، من رواية: معاذ بن جبل، عنه، وهذا التخليط من محمد بن كثير المصيصي، فإنه كثير الأوهام. ([367])

* ورواه محمد بن كثير حدثنا الأوزاعي حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، قالا: سمعنا رسول الله r يقول: (إن المتحابين بجلال الله في ظل الله يوم لا ظل؛ إلا ظله).

أخرجه الخطيب في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (ج2 ص304)، وفيه محمد بن كثير المصيصي، منكر الحديث، وقد سبق.

وليس فيه: «في ظل عرشه»، فهذا من الاختلاف في الحديث.

فحديث: الأوزاعي؛ مرة: لا يذكر فيه لفظ: «في ظل عرشه»، ومرة: يذكر فيه: «في ظل عرشه».

وأخرجه الطبراني في «مسند الشاميين» (ج3 ص265) من طريق أحمد بن عنتر، ثنا الأوزاعي، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس، عن عبادة بن الصامت t، قال: سمعت رسول الله r، يأثر عن الله عز وجل: (قال حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أحمد بن عنتر لا يعرف، وليس فيه موضع الشاهد، وقد وقع في الإسناد هذا اختلاف، واضطراب، لا يحتج به.

وأخرجه عبد الله بن أحمد في «زيادات المسند» (ج5 ص328) من طريق الأوزاعي حدثني رجل في مجلس يحيى بن أبي كثير عن أبي إدريس الخولاني، في حديث طويل.

وليس فيه: «ظل العرش».

وأخرجه ضياء الدين المقدسي في «الأحاديث المختارة» (ج8 ص308)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج61 ص315) من هذا الوجه.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه رجل لم يسم.

فهو حديث مضطرب.

وسئل الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج6 ص69)، عن حديث أبي إدريس([368]) الخولاني، عن معاذ بن جبل، عن النبي r: «قال الله: وجبت محبتي للمتحابين في، والمتزاورين في» الحديث.

(فقال: يرويه جماعة من أهل الحجاز والشام، عن أبي إدريس([369])، منهم: أبو حازم سلمة بن دينار، والوليد بن عبد الرحمن بن الزجاج، ومحمد بن قيس القاص، وشهر بن حوشب، واختلف عنه؛ فرواه ابن أبي حسين، عن شهر، عن أبي إدريس، عن معاذ. ([370])

وخالفه الحجاج بن الأسود، فرواه عن شهر، عن معاذ. ([371])

* ويرويه أيضا عطاء الخراساني، ويزيد بن أبي مريم، ويونس بن ميسرة بن حلبس.

كلهم: عن أبي إدريس، عن معاذ بن جبل([372])، وكلهم ذكروا أن أبا إدريس سمعه من معاذ.

* وخالفهم محمد بن مسلم الزهري، وهو أحفظ من جميعهم، فرواه عن أبي إدريس الخولاني، قال: أدركت عبادة بن الصامت، ووعيت عنه، وأدركت شداد بن أوس، ووعيت عنه، وعد نفرا من أصحاب رسول الله r، قال: وفاتني معاذ بن جبل، وأخبرت عنه.

* وروى هذا الحديث: أيضا؛ مسلم الخولاني، عن معاذ بن جبل([373])، حدث به عطاء بن أبي رباح عنه.

ورواه أبو بحرية السكوني، عن معاذ بن جبل. ([374])

ورواه عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ.

حدث به عنه: أبو الزبير المكي.

والقول: قول الزهري، لأنه أحفظ الجماعة). اهـ

* ثم إن أبا إدريس الخولاني، لا يصح سماعه من معاذ بن جبل t ([375])، وهو الصواب.

قال الحافظ يحيى بن معين في «التاريخ» (ج4 ص432): (قال أبو إدريس الخولاني: فاتني معاذ، فحدثني عنه: يزيد بن عميرة).

وقال الحافظ البخاري في «التاريخ الكبير» (ج7 ص83): (قال ابن عيينة، ومعمر عن الزهري عن أبي إدريس، يعني: الخولاني قال: «أدركت عبادة بن الصامت: وعيت عنه، وأدركت أبا الدرداء: ووعيت عنه، وأدركت شداد بن أوس: ووعيت عنه، وفاتني: معاذ بن جبل»).

وقال الحافظ ابن أبي حاتم في «المراسيل» (ص126): (قلت: لأبي؛ سمع أبو إدريس الخولاني، من معاذ بن جبل؟ قال: يختلفون فيه، فأما الذي عندي، فلم يسمع منه).

* وكذا قال الحافظ الدارقطني في «العلل» (ج6 ص71) في عدم سماع أبي إدريس من معاذ بن جبل.

* ورواه الهيثم بن خارجة ثنا الوليد بن مسلم عن يزيد بن أبي مريم قال: سمعت عائذ الله، أبا إدريس الخولاني، يقول: قلت لمعاذ بن جبل: إني لأحبك في الله، فأخذ بحقوي، واجتبذني إليه، ثم قال: والله إنك تحبني؟، قلت: والله إني لأحبك في الله، قال: أبشر، فإني سمعت رسول الله r يقول: المتحابون في ظل عرشه، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص79 و80)، وفي «مسند الشاميين» (1403)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج28 ص107)، و(ج69 ص167).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو مدلس. ([376])

قال الحافظ ابن حجر في «تعريف أهل التقديس» (ص170): (الوليد بن مسلم الدمشقي، معروف، موصوف بالتدليس الشديد مع الصدق).

وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص1041): (ثقة: لكنه كثير التدليس، والتسوية).

يعني: يروي أحاديث عن الشيوخ عن شيوخ ضعاف عن شيوخ قد أدركهم المشايخ، فيسقط: أسماء الضعاف، ويساوي في الإسناد.

* ويزيد بن أبي مريم الدمشقي، لا بأس به، كما في «التقريب» لابن حجر (ص1082)، فلا يقوى على رواية: «في ظل عرشه»، وقد خالف الثقات الأثبات في ذلك.

فهو حديث منكر.

* ورواه أبو معشر عن محمد بن قيس عن أبي إدريس الخولاني قال: (دخلت مسجد حمص، فإذا رجال يتحدثون عن رسول الله r، بأحاديث فيهم شاب أدعج براق الثنايا، إذا تكلم أنصت القوم لكلامه كلهم، وإذا اشتجروا في شيء رضوا فيه قوله، فإذا هو معاذ بن جبل، فجلسنا إليه، فقلت: إني لأحبك، فأخذ بحبوتي فجبذني إليه، حتى مست ركبتي، ركبته، ثم قال: إلا أبشرك عن رسول الله r، يأثره عن الله عز وجل: قال وجبت محبتي للذين يتحابون، ويتجالسون، ويتزاورون، ويتباذلون). وليس في موضع الشاهد.

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص81)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص247).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو معشر وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي، وهو ضعيف، وقد اختلط. ([377])

* وأبو إدريس الخولاني، لم يسمع من معاذ بن جبل، على الصحيح.

* ومحمد بن قيس، هو شيخ لأبي معشر، من الطبقة الرابعة وهو ضعيف، ووهم من خلطه، بمحمد بن قيس المدني، وهو: ثقة من الطبقة السادسة. ([378])

* ورواه محمد بن إسماعيل بن عياش ثنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن عائذ الله بن عبد الله قال: سمعت معاذ بن جبل t يقول: سمعت رسول الله r يقول: (إن الذين يتحابون في الله في ظل عرش الله، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص80 و81)، وفي «مسند الشاميين» (1659).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه محمد بن إسماعيل بن عياش الحمصي، وقد عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع. ([379])

* وضمضم بن زرعة الحمصي، له أوهام في الحديث. ([380])

* وأبو إدريس الخولاني، لم يسمع من معاذ بن جبل، وقد سبق ذلك.

* ورواه حماد بن خالد الخياط ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل t قال: قال رسول الله r: (المتحابون في الله، في ظله يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص78 و79)، وفي «مسند الشاميين» (1926).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه معاوية بن صالح الحمصي، ليس بالثبت في الحديث، وفيه لين، ويهم. ([381])

وقال الحافظ ابن حجر في «تقريب التهذيب» (ص955): (معاوية بن صالح الحمصي؛ صدوق له أوهام).

قلت: وهذا الحديث غير معروف عن معاذ بن جبل؛ بهذا اللفظ، وهذا وهم من معاوية بن صالح.

وأبو إدريس الخولاني، لم يسمع من معاذ بن جبل شيئا.

* ورواه جعفر بن برقان حدثنا حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني حدثني معاذ بن جبل t قال: سمعت رسول الله r يقول: (قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم: منابر من نور، يغبطهم النبيون، والشهداء).

حديث منكر

أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص400)، وأحمد في «المسند» (22002).

هكذا مختصرا، بدون القصة، من رواية أبي مسلم الخولاني، بدلا من أبي إدريس الخولاني، ودون ذكر زيادة: «في ظل عرشه».

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

قلت: بل هو حديث مضطرب، لا يصح، عن معاذ بن جبل.

قلت: والحديث معروف، عن أبي إدريس الخولاني، ولا يعرف عن أبي مسلم الخولاني، وهذا من الاضطراب فيه.

قال الحافظ أبو حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص111): (منهم: من يقول بدل؛ أبي إدريس: أبي مسلم).

* ورواه جعفر بن برقان عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني قال: (أتيت مسجد أهل حمص، فإذا فيه حلقة، فيها كهول من أصحاب رسول الله r، وإذا شاب منهم: أكحل العينين، براق الثنايا، كلما اختلفوا في شيء ردوه إلى الفتى، فتى شاب؛ قال: هذا معاذ بن جبل؛ قال: فجئت من العشي، فلم يحضر، قال: فغدوت من الغد، فلم يجيء: فرحت فإذا أنا بالشاب يصلي إلى سارية؛ قال: فركعت ثم تحولت إليه، قال: فسلم: فدنوت منه، فقلت: إني لأحبك في الله، قال: فمدني إليه؛ قال: كيف قلت؟ قال: قلت: إني لأحبك في الله، قال: سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث منكر

* فنقلب الحديث، من حديث أبي مسلم الخولاني، مع ذكر القصة، التي في ذكر أبي إدريس الخولاني، وزيادة: «في ظل العرش»، وهذا من الاضطراب في السند، والمتن.

وهو من حديث معاذ بن جبل t، وحده، والمحفوظ من حديث: أبي إدريس الخولاني.

أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص236 و237)، وابن حبان في «صحيحه» (577)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص130 و131)، والشاشي في «المسند» (ج3 ص280 و281)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص87 و88).

قلت: وحديث أبي مسلم الخولاني، إنما يدور على حبيب بن أبي مرزوق، وليس ممن يعارض، بمثله: بحديث مالك بن أنس عن أبي حازم.

وكذلك؛ حديث: يعلى بن عطاء عن الوليد، أيضا ليس بحجة، على حديث: مالك بن أنس عن أبي حازم. ([382])

قال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص126): (رواه مالك بن أنس، وحسبك؛ يرويه: مالك، مع حفظه، وإتقانه، وثقته).اهـ

قلت: وهذا يقتضي رجحان عدم ثبوت ذكر أبي مسلم الخولاني في السند، والصواب: أبو إدريس الخولاني.

والحديث معروف عن معاذ بن جبل، وعن عبادة بن الصامت أيضا، وهو عن معاذ بن جبل أشهر، وكلاهما: غير محفوظ.

* ورواه وكيع ثنا جعفر بن برقان عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني قال: (أتيت مسجد دمشق، فإذا حلقة فيها كهول من أصحاب محمد r، وإذا شاب فيهم أكحل العين، براق الثنايا، كل ما اختلفوا في شيء يردوه إلى الفتى، فقلت لجليسي: من هذا؟ قال: معاذ بن جبل، قال: سمعت رسول الله r يقول: المتحابون في الله على منابر من نور، في ظل عرش الرحمن، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص87 و88)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص130 و131).

قلت: وهذا سنده منكر كسابقه، وهو مضطرب، لا يصح.

وذكره السيوطي في «تمهيد الفرش في الخصال الموجبة لظل العرش» (ص41).

* ورواه وكيع عن جعفر بن برقان عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت قالا: سمعنا رسول الله r؛ يحكي عن ربه، يقول: (حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي على المتباذلين في، وحقت محبتي على المتزاورين في، والمتحابون في الله تعالى على منابر من نور في ظل العرش، يوم لا ظل؛ إلا ظله).

حديث منكر، ولفظ: «في ظل العرش» غير محفوظ

أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج12 ص96)؛ من مسند معاذ، ومسند عبادة جميعا، وأخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص131).

قلت: وهذا سنده منكر، وهو مضطرب، وليس هو من حديث: أبي مسلم الخولاني، وقد سبق الكلام عليه.

قال الحافظ أبو نعيم في «الحلية» (ج5 ص122): (رواه جعفر بن برقان عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم، ورواه يزيد ابن أبي مريم، وشهر بن حوشب، وأبو حازم بن دينار، ومحمد بن قيس عن أبي مسلم الخولاني، عن معاذ، وعبادة، نحوه).

* ورواه كثير بن هشام، قال: ثنا جعفر بن برقان، قال: ثنا حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم الخولاني، قال: (دخلت مسجد دمشق، فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من أصحاب النبي r، وإذا فيهم شاب أكحل العينين براق الثنايا، لا يتكلم ساكت، فإذا امترى القوم في شيء أقبلوا عليه فسألوه، فقلت لجليس لي: من هذا؟ قال: هذا معاذ بن جبل، فوقع في نفسي حبه، فمكثت معهم حتى تفرقوا، ثم هجرت إلى المسجد فإذا معاذ بن جبل قائم يصلي إلى سارية، فصليت، ثم جلست فاحتبيت بردائي، وجلس فسكت لا أكلمه، وسكت لا يكلمني، ثم قلت: إني والله لأحبك، قال: فيم تحبني؟ قلت: في الله عز وجل، قال: فأخذ بحبوتي فجرني إليه هنيهة، ثم قال: أبشر إن كنت صادقا، فإني سمعت رسول الله r يقول: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور، يغبطهم النبيون والشهداء، قال: فخرجت فلقيتعبادة بن الصامت فقلت: يا أبا الوليد ألا أحدثك ما حدثني به معاذ بن جبل في المتحابين؟ قال: وأنا أحدثك عن النبي r يرفعه إلى الرب عز وجل، قال: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتناصحين في).

حديث منكر

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص131)، وليس فيه: «في ظل العرش».

وهذا من الاضطراب، وهو ليس بمحفوظ، فهو من غرائب: حبيب بن أبي مرزوق، وقد خولف في إسناده، ومتنه.

* ورواه عبد الله بن جعفر، وسعيد بن حفص النفيلي عن أبي المليح عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني عن معاذ بن جبل t قال: سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون في ظل العرش، يوم لا ظل؛ إلا ظله على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون، والصديقون).

حديث منكر

أخرجه ابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص92 و93 و94)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص88)، والشاشي في «حديثه» (ص251).

قلت: وهذا سنده منكر، كسابقه، فهو حديث ضعيف مضطرب، اضطرب فيه حبيب بن أبي مرزوق.

فمرة: يذكر الزيادة: «في ظل العرش»، ومرة: لا يذكرها، ومرة: يذكر الحديث مطولا، ومرة: مختصرا، ومرة: بالقصة، ومرة: بدون القصة.

كذلك: الرواة اضطربوا فيه أيضا، كما سبق.

* ورواه عبد الله بن جعفر عن أبي المليح عن حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني عن عبادة بن الصامت t قال: سمعت النبي r: يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: (حقت محبتي على المتزاورين في). وفي رواية: (حقت محبتي للمتباذلين في).

حديث منكر

أخرجه ابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص 160 و204).

قلت: وهذا سنده منكر، كسابقه.

* ورواه الحسن بن سفيان قال: ثنا أبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي قال: ثنا أبو المليح، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء، عن أبي مسلم الخولاني قال: (دخلت مسجدا فإذا حلقة فيها بضع وثلاثون رجلا من أصحاب النبي r، وإذا فيهم شاب آدم أكحل براق الثنايا محتب، فإذا تذكروا أمرا فأشكل عليهم سألوه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: معاذ بن جبل، قال: فقمنا فصلينا المغرب، فلما انصرفنا لم أقدر على أحد منهم، فلما كان من الغد هجرت فإذا أنا بمعاذ قائم يصلي إلى سارية، فصليت إلى جانبه، فظن أن لي إليه حاجة، فلما انصرف قعدت بينه وبين السارية محتبيا، فقلت: والله إني لأحبك من غير قرابة ولا صلة أرجوها منك، قال: فيم ذلك؟ قلت: في الله، قال: فاجتر حبوتي ثم قال: أبشر إن كنت صادقا، فإني سمعت رسول الله r يقول: المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل؛ إلا ظله، قال: فأتيت عبادة بن الصامت فأخبرته فقال: سمعت رسول الله r يخبر عن غيره -يعني عن الله عز وجل-: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتباذلين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتناصحين في).

حديث منكر

أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج5 ص121 و122).

وقال أبو نعيم: «رواه جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم، مثله.

*ورواه يزيد بن أبي مريم، وشهر بن حوشب، وأبو حازم بن دينار، ومحمد بن قيس، عن أبي مسلم الخولاني، عن معاذ وعبادة نحوه».

قلت: وهذا سنده منكر، فيه أبو نعيم: عبيد بن هاشم الحلبي، وهو صدوق، تغير في آخر عمره، فتلقن، كما في «التقريب» لابن حجر (ص 653).

وهو حديث مضطرب، وقد سبق.

* ورواه الحسن بن عمرو بن يحيى الفزاري ويكنى: أبا عبد الله، ولقبه أبو المليح، يعني الرقي- عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي مسلم قال: (دخلت مسجد حمص، فإذا فيه حلقة فيها اثنان وثلاثون رجلا من أصحاب رسول الله r قال: وفيهم شاب أكحل براق الثنايا، محتب، فإذا اختلفوا في شيء سألوه فأخبرهم، فانتهوا إلى خبره، قال: قلت: من هذا؟ قالوا: هذا معاذ بن جبل، قال: فقمت إلى الصلاة، قال: فأردت أن ألقى بعضهم، فلم أقدر على أحد منهم، انصرفوا، فلما كان الغد دخلت، فإذا معاذ يصلي إلى سارية، قال: فصليت عنده، فلما انصرف جلست بيني وبينه السارية، ثم احتبيت فلبثت ساعة لا أكلمه، ولا يكلمني، قال: ثم قلت: والله إني لأحبك لغير دنيا أرجوها أصيبها منك، ولا قرابة بيني وبينك. قال: فلأي شيء؟ قال: قلت: لله تبارك وتعالى. قال: فنثر حبوتي، ثم قال: فأبشر إن كنت صادقا، فإني سمعت رسول الله r يقول: المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء.

قال: ثم خرجت فألقى عبادة بن الصامت، قال: فحدثته بالذي حدثني معاذ، فقال عبادة: سمعت رسول الله r: يروي عن ربه تبارك وتعالىأنه قال: حقت محبتي على المتحابين في -يعني نفسه- وحقت محبتي للمتناصحين في، وحقت محبتي على المتزاورين في، وحقت محبتي على المتباذلين في، على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون).

حديث منكر

أخرجه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (ج3 ص444)، وابن حبان في «صحيحه» (ج2 ص338).

قلت: وهذا سنده منكر، وقد اضطرب فيه: حبيب بن أبي مرزوق، كما سبق، وقد خالف من هو أوثق منه، وأحفظ، وأشهر، فلم يذكروا: زيادة: «في ظل العرش»، فهي زيادة منكرة، وليست بمحفوظة.

* ورواه عبيد الله بن أبي زياد، قال: حدثنا شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، أو الصنابحي أو غيرهما، قال: (دخلت المسجد، فإذا بضعة وثلاثون رجلا من أصحاب محمد r، كلهم يحدث عن رسول الله r، فجلست معهم ساعة، فكان فيهم رجل حسن الهيئة زميت، لا يكاد يحدثهم بشيء حتى يسألوه عنه، لم أعرفه، ثم قمت لحاجة، فأخذتني ندامة، فلما أصبحت غدوت ألتمسهم، فلم أجد أحدا منهم، فمكثت حتى تعالى النهار، وزالت الشمس، فإذا أنا بالرجل الحسن الهيئة، فإذا هو معاذ بن جبل، فقلت: هذا الذي كانوا ينتهون إليه، فعمد إلى سارية فصلى، فقمت إلى جنبه، فصليت ركعتين، ثم جلست، فظن أن لي حاجة، فصلى ثم انصرف، فجلست بينه وبين القبلة مستقبله، فمكثت ساعة لا أسأله عن شيء، ولا يحدثني شيئا، فقلت: ألا تحدثني رحمك الله؟، فوالله إني لأحبك لجلال الله، وأحب حديثك، قال: آلله إنك لتحبني لجلال الله، وتحب حديثي؟، فقلت: والله إني لأحبك لجلال الله وأحب حديثك، فقالها ثلاثا، فأخذ بحبوتي حتى مست ركبتي ركبته، ثم قال: أبشر إن كنت صادقا، فإني سمعت رسول الله r يقول: إن الذين يتحابون لجلال الله يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، فقمت من عنده فرحا بها، فلقيت عبادة بن الصامت، فقلت: إن معاذا حدثني بكذا وكذا، أفسمعته من رسول الله r؟ قال: نعم، سمعت رسول الله r يقول، يروي عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال: حقت محبتي للذين يتحابون في، وحقت محبتي للذين يتجالسون في، وحقت محبتي للذين يتباذلون في، وحقت محبتي للذين يتصافون في).

حديث منكر

أخرجه ابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص426 و427).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه شهر بن حوشب الأشعري، وهو كثير الإرسال، والأوهام، لا يحتج به. ([383])

قلت: ولا يعرف الحديث؛ من حديث: عبد الرحمن بن غنم، وغيره.

وقد شك فيه: شهر بن حوشب الأشعري، وهذا يدل على وهمه في الحديث.

وقد اضطرب فيه، اضطرابا كثيرا، كما سوف يأتي.

وأخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» مختصرا (ج3 ص25) من طريق عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل t به.

وإسناده ضعيف مضطرب.

* ورواه عبد الحميد بن بهرام، قال: أخبرنا شهر بن حوشب، قال: أخبرنا عائذ الله بن عبد الله أنه: (دخل المسجد يوما مع أصحاب رسول الله r. . . كانوا أول إمارة عمر بن الخطاب، قال: فجلست مجلسا فيه بضعة وعشرون كلهم يذكرون حديث رسول الله r، وفي الحلقة فتى شاب شديد الأدمة حلو المنطق وضيء، وهو أشب القوم شبابا، فإذا اشتبه عليهم من الحديث شيء ردوه إليه، فحدثهم حديثهم، فبينما عائذ الله جالس معهم في حلقتهم أقيمت الصلاة ففرقت بينهم، فأقسم لي: ما مرت عليه ليلة من الدهر لا مرض شديد سقمه، ولا حاجة مهمة أطول عليه من تلك الليلة، رجاء أن يصبح فتلقاهم، قال: فغدا إلى المسجد فأقبل وأدبر، فلم يصادف منهم أحدا، ثم هجر الرواح فأقبل وأدبر، فإذا هو بالفتى الذي كان بالأمس يشيرون إليه بحديثهم، يصلي إلى أسطوانة في المسجد، فقام عائذ الله إلى الأسطوانة التي بين يديه، فلما قضى صلاته، أسند ظهره إليها فجعلت أنظر إليه حتى علم أن لي إليه حاجة، قال: قلت: قد صليت أصلحك الله؟، فقال الفتى: نعم، قلت: فقمت فجلست مقابله محتبيا، لا هو يحدثني شيئا، ولا أنا أبدأه بشيء، حتى ظننت أن الصلاة مفرقة بيننا، قال: قلت: أصلحك الله، حدثني فوالله إني لأحبك، وأحب حديثك، قال: آلله إنك لتحبني، وتحب حديثي؟، قلت: والله الذي لا إله إلا هو إني لأحبك، وأحب حديثك، فقال الفتى: لم تحبني، وتحب حديثي؟ والله ما بيني وبينك قرابة، ولا أعطيتك مالا، قال: قلت: أحبك من جلال الله، قال له: إنك لتحبني من جلال الله؟، قلت له: والله لأحبك من جلال الله، قال: فأخذ بحبوتي فبسطها إليه حتى أدناني منه، ثم قال: أبشر فإني سمعت رسول الله r يقول: إن الذين يتحابون بجلال الله في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله، فلما حدثني بهذا الحديث أقيمت الصلاة، قال: قلت: من أنت يا عبد الله؟ قال: معاذ بن جبل).

حديث منكر

أخرجه البزار في «المسند» (ج7 ص116 و117 و118).

قلت: وهذا سنده منكر كسابقه، فيه شهر بن حوشب الأشعري، وهو منكر الحديث، لا يحتج به. ([384])

وقد رواه هنا عن أبي إدريس الخولاني، وهذا من الاضطراب.

وأخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص233) من طريق شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل؛ بإسقاط: أبي إدريس الخولاني، وهذا يدل على اضطراب شهر بن حوشب في الحديث.

* ورواه أسد بن موسى، وعلي بن الجعد، وأبو الوليد الطيالسي ثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب قال: حدثني عائذ الله، قال: قلت لمعاذ، إني لأحبك وأحب حديثك، قال: أبشر فإني سمعت رسول الله r، يقول: (إن الذين يتحابون من جلال الله في ظل عرش الله، يوم القيامة، لا ظل إلا ظله).

حديث منكر

أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (715)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص78)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص88)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص127)، وابن فيل في «جزئه» (ق /8/ط)، مختصرا هكذا.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه شهر بن حوشب الأشعري، وهو منكر الحديث ([385])، وقد اضطرب في الحديث في سنده، ومتنه.

* ورواه روح بن عبادة ثنا الحجاج ابن الأسود عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل t، أن رسول الله r قال: (المتحابون في الله في ظل العرش يوم القيامة).

حديث منكر

أخرجه أحمد في «المسند» (ج5 ص233).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه شهر بن حوشب الأشعري، وهو كثير الأوهام في الحديث، لا يحتج به. ([386])

وهذا اضطراب شديد من شهر بن حوشب، يدل على ضعفه.

وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص81) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن أبي إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله r يقول: (المتحابون في الله، في ظل عرش الله، يوم لا ظل؛ إلا ظله، يفزع الناس، ولا يفزعون، ويخاف الناس، ولا يخافون، قال: فقمت من عنده، فأتيت عبادة بن الصامت، فقال عبادة t: وخير منها، سمعت رسول الله r يقول: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتجالسين في، وحقت محبتي للمتزاورين في).

حديث منكر

قلت: وهذا سنده منكر كسابقه، لا يصح.

* ورواه يعلى بن عبيد عن عبد الملك بن أبي سليمان عن شهر بن حوشب عن رجل: (أنه أتى الشام، فدخل مسجدا من مساجدها، فإذا رجل آدم شاب جميل وضاح الثنايا... فذكره مطولا)، ولم يذكر زيادة: «في ظل العرش».

أخرجه الشاشي في «المسند» (ج3 ص282).

قلت: وهذا سنده منكر، لا يصح، فيه شهر بن حوشب الأشعري، كثير الاضطراب في الحديث. ([387])

وفيه رجل لم يسم.

قلت: وهذا مما يدل على أن شهرا، لم يجود إسناد هذا الحديث.

فهو: غير محفوظ البتة.

* ورواه موسى بن عبيدة عن عبد الله بن أبي سليمان عن أبي بحرية قال: (قدمت الشام على معاذ بن جبل، فقلت: إني أحبك في الله فأخذ بحجري، فجذبني، وقال: آلله، مرتين، أو ثلاثا، فقلت: آلله، فقال: سمعت رسول الله r، يقول: وجبت محبتي، أو رحمتي للذين يتحابون في، ويتجالسون في، ويتزاورون، ويتباذلون في).

حديث منكر

أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج20 ص92)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص129)، وليس فيه موضع الشاهد.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف الحديث، كما في «التقريب» لابن حجر (ص983)، والحديث لا يعرف عن أبي بحرية.

* ورواه مسدد بن مسرهد قال: حدثنا حماد بن زيد عن الجريري عن رجل قال: قلت: لمعاذ بن جبل، إني أحبك في الله، أو أحبك لله، فقال لي: انظر ما تقول -قالها ثلاث مرات؛ ثم قال: إني سمعت رسول الله r يقول: (إن الله يحب الذين يتحابون في الله، ويحب الذين يتقاعدون فيه، ويحب الذين يتباذلون فيه، ويحب الذين يتزاورون فيه، ويحب الذين يتجاورون فيه)، وليس فيه: «في ظل عرشه».

حديث منكر

أخرجه ابن عبد البر في «التمهيد» (ج21 ص174).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه رجل لم يسم.

فهو حديث مضطرب.

وأخرجه الطيالسي في «المسند» (572) عن معاذ بن جبل t، موقوفا؛ ولا يصح.

21) وعن سلمان الفارسي t أنه قال: (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، الإمام العادل، ورجل لقي رجلا، فقال: والله إني لأحبك في الله، وقال الآخر مثل ذلك، ورجل قلبه معلق بالمساجد من حبها، ورجل جعل شبابه ونشاطه فيما يحب الله ويرضاه، ورجل دعته امرأة ذات جمال إلى نفسها، فتركها من خشية الله، ورجل إذا أعطى صدقته بيمينه كاد أن يخفيها من شماله، ورجل إذا ذكر الله فاضت عيناه من خشية الله تعالى).

أثر منكر

أخرجه محمد بن عثمان في «العرش» (ص429 و430)، والذهبي في «العلو» تعليقا (ج1 ص652) من طريق إسماعيل بن إبراهيم التيمي، عن إبراهيم بن الفضل، عن الوليد بن عتبة، عن سلمان الفارسي به.

قلت: وهذا سنده منكر، وله ثلاث علل:

الأولى: إسماعيل بن إبراهيم التيمي، وهو ضعيف، قال عنه أبو حاتم: «ضعيف الحديث»، وقال ابن نمير: «ضعيف جدا»، وقال النسائي: «ضعيف».([388])

الثانية: إبراهيم بن الفضل المخزومي، قال عنه: أحمد: «ضعيف الحديث، ليس بقوي»، وقال البخاري: «منكر الحديث»، وقال ابن حجر: «متروك»، وضعفه أئمة الجرح والتعديل.([389])

الثالثة: الوليد بن عتبة، لم أجد له ترجمة، فهو: مجهول، ويقال له: «الوليد بن عقبة»، و«الوليد بن عيينة».

قال الحافظ الذهبي في «العلو» (ج1 ص652): (هذا حديث: موقوف، ضعيف الإسناد). اهـ

وأورده الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (ج2 ص144)؛ من طريق سعيد بن منصور في «سننه» عن سلمان الفارسي، وحسن إسناده، ولم يصب، لضعف الإسناد، وقد سبق.

وكذا؛ الحافظ العيني ذكره في «عمدة القاري» (ج5 ص177)؛ ثم قال: «إسناده حسن»، وفيه نظر.

* وحسنه الحافظ السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص36)، ولم يصب، لنكارة الإسناد والمتن.

وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (ج13 ص334) من طريق محمد بن إسحاق، قال: حدثني عمي موسى بن يسار: أن سلمان، كتب إلى أبي الدرداء t: (إن في ظل العرش رجلا قلبه معلق في المساجد من حبها).

قلت: وهذا سنده ضعيف، لانقطاعه فإن موسى بن يسار، لم يسمع من سلمان الفارسي، ولا تعرف له: رواية عنه.([390])

* ثم إنه: حديث موقوف، وهو مضطرب أيضا.

وأخرجه البخاري في «المختصر من تاريخ هجرة رسول الله r» (ج3 ص580)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (ج4 ص154) من طريق إسحاق بن إبراهيم عن جرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه: كتب سلمان الفارسي، إلى أبي الدرداء، أو أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي به.

* وهذا من الاختلاف، وإسناده منكر، فيه سهيل بن أبي صالح المدني، تغير حفظه، ويخالف الثقات، وهو موقوف.

* وذكوان: أبو صالح المدني، لم يسمع من سلمان الفارسي، وأبي الدرءداء([391])، فالإسناد منقطع.

قال الحافظ اللالكائي / في «انتخابه من فوائد الحرفي» (ص153)؛ في حديث آخر: (حديث: أبي صالح ذكوان، وهو لم يسمع، من أبي الدرداء: شيئا، وهو مرسل). اهـ

* وقد أعله الحافظ البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج2 ص106)؛ بالاختلاف.

وأخرجه البخاري في «المختصر من تاريخ هجرة رسول الله r» (ج3 ص580) من طريق إسحاق بن شاهين الواسطي حدثنا خالد عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه: كتب سلمان إلى أبي الدرداء بهذا.

قلت: وهذا من الاختلاف، وهذا ظاهر، وإسناده منكر، كسابقه.

* وقد أعله الحافظ البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج2 ص106)؛ بالاضطراب.

وهذا التخليط من سهيل بن أبي صالح المدني.

* وخالف: عبد الله بن عامر، فرواه: عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة t رفعه: (سبعة يظلهم الله).

أخرجه البخاري في «المختصر من تاريخ هجرة رسول الله r» (ج3 ص580)، وابن عدي في «الكامل» (ج4 ص154)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج9 ص253 و254).

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الله بن عامر المدني، قال عنه البخاري: «يتكلمون في حفظه»، وقال ابن حجر: «ضعيف»، وقال أحمد: «ضعيف»، وقال الدارقطني: «ضعيف»، وقال النسائي: «ضعيف»، وقال ابن معين: «ليس بشيء، ضعيف»، وقال أبو داود: «ضعيف»، وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقوي عندهم»، وقال أبو حاتم: «متروك».([392])

* وسهيل بن أبي صالح المدني، يخالف ويخطئ، فلا يحتج به فيما خالف الثقات.

وقد أعله الحافظ البخاري في «التاريخ الأوسط» (ج2 ص106).

وأعله الشيخ الألباني أيضا في «الثمر المستطاب» (ج2 ص631)؛ بقوله: «عبد الله بن عامر الأسلمي: ضعيف».

* ثم قال الشيخ الألباني / في «الثمر المستطاب» (ج2 ص632): (ويقويه الحديث الآخر، المشار إليه، والذي فيه هذه الزيادة، وهو من حديث سلمان الفارسي، عند: سعيد بن منصور؛ بإسناد حسن موقوفا عليه).([393]) اهـ

وأخرجه سعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص157 و158)، وابن المحب المقدسي في «صفات رب العالمين» (ج5 ص2035) من طريق أبي معاوية عن إبراهيم الهجري عن الوليد بن عيينة عن سلمان t قال: (سبعة يظلهم الله عز وجل في ظل عرشه يوم القيامة).

قلت: وهذا سنده ضعيف، فيه إبراهيم بن مسلم الهجري، ضعفوه.([394])

* والوليد بن عيينة([395])، مجهول.

وأورده الحافظ البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ج8 ص182)؛ من رواية: سعيد بن منصور ثم أعله؛ بقوله: (في سنده: إبراهيم الهجري). اهـ

وأخرجه أحمد في «الزهد» (ج2 ص88)، وهناد في «الزهد» (ج1ص273) من طريق العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي، عن سلمان الفارسي t قال: (إن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله).

دون ذكر: «ظل عرشه».

قلت: وهذا سنده ضعيف؛ لانقطاعه؛ فإن إبراهيم بن يزيد التيمي، لم يسمع من سلمان الفارسي، وهو يرسل عن الصحابة y.([396])

وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (ج11 ص201)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج3 ص955)، وفي «شعب الإيمان» (9029) من طريق معمر عن قتادة أن سلمان t، قال: (التاجر الصادق مع السبعة في ظل عرش الله يوم القيامة).

قلت: وهذا سنده ضعيف مرسل؛ فإن قتادة لم يسمع من سلمان الفارسي.([397])

* وهو أثر مضطرب في سنده، وفي متنه، وهذا ظاهر.

وذكره الشيخ الألباني في «الثمر المستطاب» (ج2 ص632).

* فهو: حديث موقوف، وهو مضطرب لا يحتج به في الدين.

فمرة: يروى عن الوليد بن عتبة عن سلمان الفارسي من قوله.

ومرة: يروى عن الوليد بن عقبة عن سلمان الفارسي من قوله.

ومرة: يروى عن الوليد بن عيينة عن سلمان الفارسي من قوله.

ومرة: يروى: عن إبراهيم التيمي عن سلمان الفارسي من قوله.

ومرة: يروى عن قتادة عن سلمان الفارسي من قوله.

ومرة: يروى عن موسى بن يسار عن سلمان الفارسي عن أبي الدرداء.

ومرة: يروى عن أبي صالح: كتب سلمان الفارسي إلى أبي الدرداء.

ومرة: يروى عن أبي صالح: كتب سلمان الفارسي إلى أبي الدرداء، أو أبو الدرداء إلى سلمان الفارسي.

فهذا الحديث: قد اضطرب في إسناده، ومتنه اضطربا كثيرا، فلا يصح بحال من الأحوال.

22) وعن العرباض بن سارية t، قال: قال رسول الله r: (قال الله عز وجل: المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي).

حديث منكر

أخرجه أحمد في «المسند» (ج4 ص128)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص87)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج6 ص111)، والخطيب في «موضح أوهام الجمع» (ج2 ص251)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج17 ص435)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج18 ص258)، والذهبي في «العلو» (177) من طريق إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن العرباض بن سارية t به.

قلت: وهذا سنده منكر، فيه عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، قال عنه ابن المديني: «مجهول». ([398])

لذلك قال الحافظ ابن حجر في «التقريب» (ص601): (مقبول)، أي: حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.

وذكر الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (ج8 ص24)؛ قول الإمام ابن المديني: أنه: «مجهول»، وأقره.

وذكر الحافظ الذهبي في «ميزان الاعتدال» (ج4 ص322)؛ قول الإمام ابن المديني: أنه «مجهول»، وأقره.

وذكره الحافظ ابن حبان في «الثقات» (ج5 ص109)؛ على قاعدته في توثيق المجاهيل.

* ورأيت الشوكاني في «نيل الأوطار» (ج1 ص125)؛ ذكر: لعبد الرحمن الحضرمي، حديث: الوضوء، ثم قال: «إسناده صالح»، يعني: ليس بذاك.

* ومع ذلك:

قال الحافظ الذهبي في «العلو» (ج1 ص656): «إسناده حسن».

وقال الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (ج4 ص48): «إسناده جيد».([399])

وأورده الهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج10 ص179)؛ ثم قال: (رواه أحمد، والطبراني في «الكبير»، وإسنادهما: جيد».

قلت: وليس؛ كما قالوا، وذلك لجهالة: عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي.

وذكره السيوطي في «تمهيد الفرش» (ص42)، والهندي في «كنز العمال» (ج9 ص12).

* ثم هناك علة أخرى في الإسناد، وهي عدم تصريح: عبد الرحمن الحضرمي؛ بالسماع من العرباض بن سارية، مما يدل على أنه لم يسمع منه، لأنه لم أقف على شيء  يثبت سماعه منه، فالإسناد منقطع أيضا.

* ثم ذكر له: لأثر في «الطبقات الكبرى» لابن سعد (ج7 ص457)؛ يدل على عدم صدقه في الحديث.

لذلك: لا يحتج به في الحديث.

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

ذكر الدليل على أن فالحا الحربي عطل صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة الجهمية المعطلة!...........................................................

5

2)

فتوى الإمام ابن باز في إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى على ظاهر الأحاديث، وهذا فيه قمع «لفالح الضال» وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى، وحيث ذكر  أن القاعدة واحدة في الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة.....................................................

6

3)

ذكر الدليل على أن: «فالحا الحربي» على قاعدته يعتبر جهميا، وذلك لعدم إثباته لصفة: «الظل لله تعالى»، وهذا مذهب الجهمية تماما، وهو ليس بعالم، وليس من أهل الاجتهاد حتى يعذر، فهذا الرجل لا يعذر بجهله في الدين؛ كما هو منهج السلف الصالح.........

8

4)

المقدمة.....................................................................................................

9

5)

ذكر الدليل من آثار السلف في أن منهجهم في إثبات صفات الله تعالى إمرارها على ظاهرها، وهذا يبطل قول: «فالح الحربي» في تعطيله لصفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله..............

35

6)

التمهيد......................................................................................................

86

7)

ذكر الدليل على أن: «فالحا الحربي» يحرف صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة المبتدعة المعطلة، وهذا يدل على كذبه أنه يثبت صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة السلف الصالح، وقد وقع أيضا في مذهب التفويض الخبيث...................................................................

90

8)

ذكر الدليل على أن: «الظل» هو: صفة من صفات الله تعالى يليق بجلاله وكماله، وأن كيفية: «الظل» لا تعرف كسائر الصفات، وقد أجمع السلف على إثبات صفة: «الظل» لله تعالى، ومن قال بخلاف هذا الاعتقاد السلفي من دون العلماء المجتهدين، فهو مبتدع خارج عن السنة، لأنه خالف السنة والآثار...........................................

93

9)

ذكر الدليل على أن: «فالحا الحربي» يقول بوجود: «ظلين» يوم القيامة، وهذا القول لم يقل به أحد من السلف والخلف، وهذا هو الإلحاد في دين الله تعالى.........................................................................

153

10)

ذكر الدليل على تحريم فتاوى: «الفرقة الطالحية» التي يفتون بها الناس بتلقط الرخص والتلفيق بين المذاهب بلا دليل شرعي راجح وإفتاء الناس بها.......................................................................................

166

11)

ذكر الدليل على تحذير السلف من زلات وأخطاء العلماء التي اتخذتها: «الفرقة الطالحية» دينا في مذهبهم الباطل ...........................

171

12)

ذكر الدليل  على تفنيد أحاديث: «ظل العرش»، وأنها لا تصح عن النبي، فلا يحتج بها في الاعتقاد..............................................................

217

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



([1]) قلت: وهذا التكرار من: «فالح الحربي» يقع بمرتين منه في مجلس واحد، وهذا يدل على أنه يقول بتعطيل صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة المتكلمين معطلة الصفات وإذا نفى صفة «الظل» فلابد أن يتأول صفة «الظل» على طريقة المعطلة.

      فكيف يراوغ روغان الثعلب المكار، ويكذب أنه لم يعطل صفة: «الظل» لله تعالى، بل ادعى أن هذا قول الشيخ ابن عثيمين / الذي ذكره، نعوذ بالله من الكذب!.

    ومن روغانه أنه يذكر في مسألة: «الظل» اختلاف المتأخرين في صفة: «الظل» على طريقة المقلدة الذين يحتجون بالخلافيات عند هزيمتهم في باطلهم، وهذا الاختلاف لا يلتفت له لوجود إجماع الصحابة y والسلف على إثبات صفة: «الظل» لله تعالىعلى ظاهر النصوص.

     حتى قال فالح الحربي: أن الشيخ ابن عثيمين يفهم من كلامه أن: «الظل» من الصفات.

     وفي الحقيقة: أن شيخنا ابن عثيمين / لم يثبت أن «الظل» من الصفات، بل يقول: (أنه ظل العرش)، وهو معذور، ومأجور لاجتهاده، لأنه استدل بأحاديث ضعيفة لا يعلم بضعفها، فهو مغفور له لاجتهاده في الدين.

      فعن عمرو بن العاص t، أنه سمع رسول الله r يقول: (إذا حكم  الحاكم فاجتهد  ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر).

      أخرجه البخاري في «صحيحه» (7352)، ومسلم في «صحيحه» (1716).

([2]) انظر: «التواصل المرئي»؛ بصوت فالح الحربي.

([3]) وفالح الضال رد أحاديث صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة الجهمية، وهو ليس من أهل الاجتهاد، ففي عدم إثباته لصفة: «الظل»، يعتبر جهميا على قاعدته، لأن: «الظل» جاء مضافا إلى الله تعالى.

([4]) وروايات: «في ظل عرشه» كلها منكرة لا تصح، فلا يحتج بها في الاعتقاد، وهناك جزء لي في تضعيف هذه الروايات، وأن روايات الصحيحين أصح منها.

([5]) فنقول «لفالح الحربي»، قاعدة السلف واحدة ثابتة فلا تغيرها إلى مذهب الجهمية!، فتثبت بعض الصفات، وتنفي بعض الصفات!، كما قال لك الشيخ ابن باز /.

([6]) وفالح الضال رد أحاديث: (الظل لله تعالى)، ولم يثبتها على ظاهرها!.

     وقاعدة السلف واحدة في: توحيد الأسماء والصفات، لا تتغير، ولا في صفة من صفات الله تعالى، فافهم لهذا.

([7]) قلت: وفالح الحربي هذا أنكر صفة: «الظل» لله تعالى، ولم يسلم للأحاديث على ظاهرها وعطلها، فهو جهمي خبيث، كما بين الإمام ابن بطة /، اللهم غفرا.

([8]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«لمعة الاعتقاد» لابن قدامة (ص9)، و«تحريم النظر في كتب الكلام» له (ص38)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص147 و148). 

([9]) ولو بصفة واحدة أو عطلها، فهو جهمي معطل. 

([10]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص252).

([11]) قلت: أبشر رحمك الله!، وقد أنكر: «فالح الحربي» أحاديث صفة: «الظل» لله تعالى، فاحسبوه من الجهمية، اللهم غفرا.

([12]) كما أنكر: «فالح الحربي» أحاديث صفة: «الظل» لله تعالى، والله المستعان.

([13]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه «الرد على الزنادقة والجهمية»: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ

([14]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].

        قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ

       وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم (متفقون على مخالفة الكتاب)؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ

([15]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ

([16]) انظر: «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص170).

([17]) قلت: وقد أنكر صفة: «الظل» للـه تعالى أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والطالحية، والماتريدية، والصوفية، والإباضية وغيرهم؛ من أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، لأنهم أعرضوا عن دراسة اعتقاد السلف والأثر، نعوذ بالله من الخذلان.

([18]) قلت: واعتقاد السلف شجى في حلوق أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والإباضية، والصوفية، وغيرهم من معطلة الصفات.

([19]) قلت: ومن هذه الصفات التي أثبتها، صفة: «الظل»، حيث أثبتها عن رسول الله r، وإجماع الصحابة y، وإجماع أئمة الحديث.

       وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص561).

([20])  وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص561)، و«الفتاوى» لابن باز (ج28 ص402).

([21]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، ومسلم في «صحيحه» (1031).

([22]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2566).

([23]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006).

([24]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([25]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.

([26]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).

([27]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.

([28]) والمشاقة: المعاداة.

([29]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.

        قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.

      وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([30]) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([31]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).

([32]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.

([33]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.

     وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).

([34]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).

([35]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).

([36]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.

      وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).

([37]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188)، و«دلائل التوحيد» للهروي (ص79)، و«صفات الله عز وجل» للسقاف (ص391).

([38]) كتأويل المعطلة للصفات؛ من الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والماتريدية، والصوفية، والمعتزلة، والطالحية وغيرهم.

        وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5  ص556)، و(ج6 ص471)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص73).

([39]) أثر صحيح.

        أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص423)، والخلال في «السنة» (1794)، والآجري في «الشريعة» (187)، وأبو داود في «مسائل أحمد» (ص264).

        وإسناده صحيح.

([40]) أي: من غير تفسير، وأرادوا به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة y، والتابعون الكرام من الإثبات.

       وانظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص333)، و«التدمرية» له (ص112 و113).

       قال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74].

       وقال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].

([41]) انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص35 و36 و37)، و(ج6 ص469)، و«الاعتقاد» للالكائي (ج3 ص454)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص222)، و«معالم السنن» للخطابي (ج3 ص555)، و«شرح العقيدة الواسطية» للهراس (ص112)، و«أصول السنة» لابن أبي زمنين (ص110)، و «ذم التأويل» لابن قدامة (ص11 و12)، و«أجوبة في أصول الدين» لابن سريج (ص86)، و«حقيقة التأويل» للمعلمي (ج6 ص52 و54)، و«القائد إلى تصحيح العقائد» له (ص114 و115 و123)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص98 و99 و100)، و«أجوبة في الصفات» للخطيب (ص74 و75)، و«التحف في مذاهب السلف» للشوكاني (ص31)، و«دراسات لآيات الأسماء والصفات» للشنقيطي (ص10 و11).

([42]) انظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص303 و307)، و«التدمرية» له (ص89 و116)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج1 ص201 و208)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«الجواب المختار لهداية المحتار» له (ص26)، و«التحف في مذاهب السلف» للشوكاني (ص32)، و«الحاشية على العقيدة الواسطية» لابن مانع (ص31)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص235)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/246/ط)، و(ص68 و69/م)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4).

([43]) وهم: المشبهة الذين شبهوا ذات الله تعالى بذات خلقه، أو صفاته بصفات خلقه.

     انظر: «الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص255)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص103).

([44]) فقوله: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاءت)؛ هو من باب حمل المفرد على معنى الجمع، وهو يجوز في اللغة العربية، والجادة في العبادة؛ أن يقال: (أمروا أحاديث رسول الله r على ما جاءت)، ويقال: (أمروا حديث رسول الله r على ما جاء).

       انظر: «الخصائص» لابن الجني (ج2 ص419).

([45]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«التدمرية» لابن تيمية (ص7)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص234)، و«الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج3 ص33)، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (ج6 ص319)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص236)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج5 ص101)، و«بيان فضل علم السلف على علم الخلف» له (ص48)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص119). 

([46]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«لمعة الاعتقاد» لابن قدامة (ص9)، و«تحريم النظر في كتب الكلام» له (ص38)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص147 و148). 

([47]) أي: الصحابة والتابعون، وهنا يعود الضمير في «كانوا» إلى غير مذكور للعلم به، وهو أسلوب من أساليب اللغة العربية.

     ومنه: قوله تعالى: ]ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة[ [النحل: 61]؛ أي: على الأرض، فدل على ذلك بالعلم.

 وانظر: «الإنصاف في مسائل الخلاف» في اللغة؛ للأنباري (ج1 ص96)، و«غريب الحديث» لأبي عبيدة (ج3 ص79)، و«غريب الحديث» للخطابي (ج2 ص322).

([48]) فالسلف كانوا يحرصون كل الحرص على عدم التكلف بالتأويل والتحريف، بل يكتفون بفهم المعاني العامة للنصوص.

([49]) فلا يتجاوزون الكتاب والسنة، وهذا من فقههم في الدين.

([50]) يعني: كيفية الصفات، لا يعلمها إلا الله تعالى.

([51]) وانظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج9 ص165).

([52]) يعني: لا نطلب لها المعاني الباطلة المحرفة؛ مثل: تحريف المعطلة النفاة.

        وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج9 ص165).

([53]) أثر صحيح.

      أخرجه الخطابي في «أعلام الحديث» (ج1 ص638 و639)، وغيره.

       وإسناده صحيح.

      وقوله: (ولا نريغ لها)؛ أي: لا نطلب لها، ولا نريد لها، يقال: (أرغت)؛ الصيد إراغة؛ طلبته، وأردته، وماذا: (تريغ)؛ أي: ماذا تريد.

      وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ص129).

([54]) يعني: التفسير الفاسد الذي يكون من قبل أهل البدع والأهواء؛ من الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والماتريدية، والمعتزلية، وغيرهم.

      وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص87)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص270)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج7 ص230)، و«الرد على الجهمية» لابن بطة (ج3 ص111)، و«طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (ج1 ص64).

([55]) وانظر: «الرد على الجهمية» لابن بطة (ج3 ص58)، و«عقيدة المسلمين» للبليهي (ج1 ص322)، و«الفتاوى» للشيخ ابن باز (ج4 ص131).

([56]) يعني: الصحابة y.

([57]) من أهل التعالم وغيرهم.

([58]) وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص161 و662)، و«تذكرة الحفاظ» للذهبي (ج3 ص1142)، و«السير» له (ح16 ص295)، و«شرح لمعة الاعتقاد» لشيخنا ابن عثيمين (ص38)، و«حقيقة التأويل» للمعلمي (ج6 ص52)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج4 ص147 و148)، و(ج6 ص69 و105)، و«درء التعارض» له (ج6 ص256)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص145).

([59]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.

      وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).

([60]) أي: نفي العلم بكيفية الصفة؛ لا نفي حقيقتها.

([61]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص252).

([62]) وانظر: «العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص66 و67)، و«نجاة الخلف في اعتقاد السلف» للنجدي (ص17)، و«نهج الرشاد في نظم الاعتقاد» للسرمري (ص31 و32)، و«نظم عقيدة أهل الأثر» للكلوذاني (ص77 و79)، و«الجواب المختار لهداية المحتار» لشيخنا ابن عثيمين (ص26)، و«التحف في مذهب السلف» للشوكاني (ص18)، و«أجوبة في الصفات» للخطيب (ص73).

([63]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24)، و«العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص96).

([64]) يعني: تحريف الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والصوفية، والماتريدية، وغيرهم؛ لصفات الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة والآثار.

([65]) وانظر: «الرد على المبتدعة» لابن البناء (ص153)، و«ذيل طبقات الحنابلة» لابن رجب (ج1 ص64)، و«جواب الاعتراضات المصرية» لابن تيمية (ص108)، و«التوحيد» لابن خزيمة (ج1 ص159)، و«ذم التأويل» لابن قدامة (ص37)، و«الحاشية على العقيدة الواسطية» لابن مانع (ص25)، و «التعليق على العقيدة الواسطية» للشيخ ابن باز (ص23).

([66]) قلت: أبشر رحمك الله!.