الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / التصريف لقصف التحريف
التصريف لقصف التحريف
سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية
|
ب
59 |
التصريف
لقصف التحريف
تأليف
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان، إلى يوم الدين.
أما بعد.
القرآن في الشرع: هو كلام الله تعالى، المنزل على رسوله r، وخاتم أنبيائه محمد r، المبدوء بسورة: «الفاتحة»، المختوم بسورة: «الناس»، هذا هو القرآن. ([1])
قال تعالى: ]إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا[ [الإنسان: 23].
وقال تعالى: ]إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون[ [يوسف: 2].
* فالقرآن: كلام الله تعالى، لفظه، ومعناه.
ونحن نؤمن: بأن الله تكلم بهذا القرآن الذي نقرؤه: فتكلم بقوله: ]الحمد لله رب العالمين[ [الفاتحة: 2]، وتكلم بقوله: ]الله لا إله إلا هو الحي القيوم[ [البقرة: 255]، وما أشبه ذلك.
* تكلم به تعالى: كلاما، مسموعا، منقولا: إلينا عن طريق «رسولين، كريمين»، رسول ملكي، ورسول بشري.
* فالرسول الملكي: «جبريل» عليه السلام.
* والرسول البشري: «محمد» r.
* وقد نسب القرآن إليهما، في الكتاب، فقال تعالى: ]إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين[ [التكوير: 19 و20 و21].
* فالرسول هنا: هو «جبريل» عليه السلام.
وقال تعالى: ]إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون[ [الحاقة: 40 و41].
* فالرسول هنا: هو «محمد» r: لأنهما بلغا.
وهل الكلام ينسب إلى المبلغ، أو المبلغ عنه؟.
والجواب: ينسب إلى المبلغ عنه: ابتداء، وإلى المبلغ: تبليغا.
* ولهذا نسبه الله تعالى، إلى جبريل عليه السلام، وإلى محمد r، ولكن الحقيقة أن الكلام: ينسب إلى من قاله: مبتدئا، لا إلى من قاله: مبلغا، مؤديا. ([2])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح أصول في التفسير» (ص39): (وهذا القرآن: محفوظ في الصدور، مكتوب في السطور، منقول بالتواتر: القطعي، اليقيني، ولم يشذ؛ إلا الرافضة، حيث ادعوا، أن القرآن فيه نقص، وأنه حذف منه أشياء، وزادوا على ما في القرآن، الموجود لدى المسلمين، والذي أجمع عليه المسلمون). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح أصول في التفسير» (ص40): (المهم: أن القرآن شرعا، هو الذي بين أيدينا، فقد حفظه الله تعالى من التغيير والتبديل، والنقص والزيادة والتحريف، حتى الذين حرفوه معنى: أقام الله من عباده الصالحين، من رد هذا التحريف). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «أصول في التفسير» (ص41): (وقد حمى الله تعالى: هذا القرآن العظيم، من التغيير، والزيادة، والنقص، والتبديل، حيث تكفل تعالى، بحفظه، فقال: ]إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون[ [الحجر:9].
* ولذلك مضت القرون، الكثيرة: ولم يحاول أحد من أعدائه أن يغير فيه، أو يزيد، أو ينقص، أو يبدل، إلا هتك الله تعالى ستره، وفضح أمره). اهـ
* والتحريف لغة: التغيير، والتبديل، كتحريف الكلام، وهو عدله عن جهته.
* والتحريف في القرآن: تغيير الكلمة عن معناها، وهي قريبة الشبه.
* وكانت اليهود تغير معاني التوراة بالأشباه، فوصفهم الله بفعلهم، فقال تعالى: ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين[ [النساء: 46]، وقال تعالى: ]ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه[ [المائدة: 41].
قلت: فهذا التحريف، هو من صنيع اليهود.
* وإذا مال العبد، عن شيء، يقال: تحرف، وانحرف، واحرورف.
فهو: في الأصل مأخوذ من قولهم: حرفت الشيء، عن وجهه، إذا أملته، وغيرته.([3])
التحريف شرعا: هو تفسير النصوص بالمعاني الباطلة، التي لا تدل عليها بوجه من الوجوه، والعدول بالكلام، عن وجهه؛ وصوابه إلى غيره للتحريف. ([4])
* والتحريف: تفعيل من الحرف؛ بمعنى: الطرف، ومنه: قوله تعالى: ]ومن الناس من يعبد الله على حرف[ [الحج: 11]؛ أي: على طرف من الدين. ([5])
* إذا التحريف في اللغة: التغيير، والتبديل، والإمالة، والعدول، مأخوذ: من الفعل، حرف: إذا عدل بالشيء عن وجهه.
* والتحريف: في باب «الأسماء والصفات»، هو تغيير ألفاظ: «الأسماء والصفات»، أو معانيها: عن مراد الله تعالى بها. ([6])
* وهذا يوجب تحريم، تحريف: كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لما فيه من إبطال الشرع.
* ولأن الله تعالى ذم فاعله، في كتابه الكريم، فقال تعالى: ]ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه[ [المائدة: 41].
وقال تعالى: ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين[ [النساء: 46].
وقال تعالى: ]فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه[ [المائدة: 13].
وقال تعالى: ]أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون[ [البقرة: 75].
قلت: فالتحريف، أمره: خطير، وشره مستطير، فهو: تغيير، وتبديل، للمعاني، والألفاظ؛ عما: هي عليه، فتتغير الحقائق، ويبطل الخطاب، وتفسد المعاني، ويدب التعطيل. ([7])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص165): (تحريف الكلم عن مواضعه، كما ذمه الله تعالى، في كتابه، وهو إزالة اللفظ: عما دل عليه من المعنى.
* مثل: تأويل بعض الجهمية، لقوله تعالى: ]وكلم الله موسى تكليما[ [النساء: 164]؛ أي: جرحه، بأظافير الحكمة، تجريحا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «بدائع الفوائد» (ج2 ص440): (وكان السلف ([8]) يقولون: من فسد من علمائنا، ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى، وهذا كما قالوه؛ فإن من فسد من العلماء: فاستعمل أخلاق اليهود، من تحريف الكلم، عن مواضعه، وكتمان ما أنزل الله تعالى، إذا كان فيه فوات غرضه، وحسد من آتاه الله تعالى من فضله... إلى غير ذلك من الأخلاق التي ذم بها اليهود من الكبر، واللي، والكتمان، والتحريف، والتحيل على المحارم، وتلبيس الحق بالباطل؛ فهذا شبهه باليهود ظاهر). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة الواسطية» (ج1 ص126): (وأما التحريف، فهو تغيير لفظها، أو صرف معناها، عما أراد الله تعالى بها، ورسوله r، مثل: أن يقول: «استوى على العرش»؛ أي: «استولى»، أو: «ينزل إلى السماء الدنيا»؛ أي: ينزل «أمره»). اهـ
وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي / «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص251): (فسموا: التحريف، تأويلا: تزيينا له، وزخرفة؛ ليقبل، وقد ذم الله تعالى الذين زخرفوا الباطل، فقال تعالى: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا[ [الأنعام: 112].
* والعبرة للمعاني، لا للألفاظ، فكم من باطل قد أقيم عليه: دليل مزخرف، عورض به: دليل الحق). اهـ
* ومما سبق ذكره يتبين أن التحريف، ينقسم إلى قسمين:
الأول: تحريف اللفظ([9])، بزيادة، أو نقص، أو تغيير شكل، سواء تغير معه المعنى، أو لم يتغير.
كقول اليهود: «حبة»، لما قيل لهم: «قولوا: حطة»([10])، كما في قوله تعالى: ]وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة[ [البقرة: 58].
وعن أبي هريرة t أنه قال: قال رسول الله r: (قيل لبني إسرائيل: ] وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة[ [البقرة: 58]؛ فبدلوا، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة). وفي رواية: (فبدلوا، وقالوا: حطة، حبة في شعرة). ([11])
* فهذا صنيع اليهود، حين أمرهم الله تعالى، أن يدخلوا الباب سجدا، ويقولوا: «حطة»، فبدلوا: كلام الله تعالى، وحرفوه، فقالوا: «حبة في شعرة».
* وكقراءة المبتدعة: ]وكلم الله موسى تكليما[ [النساء: 164]؛ بنصب: لفظ الجلالة.
الثاني: تحريف المعنى، وهو تغييره، مع إبقاء لفظه على حاله، وذلك: كتفسير الغضب؛ بإرادة الانتقام، وكقولهم: معنى الرحمة، إرادة الإنعام. ([12])
* ومن التحريف المعنوي: كالقول بأن معنى: «الاستواء»، في قوله تعالى: ]الرحمن على العرش استوى[ [طه: 5]؛ أي: «استولى». ([13])
وهذا من تحريف الآيات الشرعية.
* وهناك: تحريف لآيات الله تعالى: الكونية، والتي تتعلق بالخلق والإيجاد، وغير ذلك.
* كتأويل: قوله تعالى: ]وأرسل عليهم طيرا أبابيل[ [الفيل: 3]؛ أي: جراثيم الطاعون، ونحو ذلك.
* وأن الملائكة: هي القوى الروحية.
* وأن الشيطان: ما هو إلا: القوى الشريرة في الإنسان، ونحو ذلك مما يتعلق بالخلق والإيجاد. ([14])
قلت: فهذا كله من تحريف القرآن، لأن التحريف، هو تفسير للنصوص؛ بالمعنى: الباطل.
هذا: ونسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم؛ موافقا لمرضاته، نافعا لعباده.
وصلى الله وسلم، وبارك على عبده ورسوله، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل
على كشف حقيقة التحريف، وهو التغيير: وزنا، ومعنى،
فهو نفي المعنى الصحيح الذي دلت عليه النصوص، واستبداله؛ بمعنى: آخر غير صحيح، وهو تغيير النص، لفظا، أو معنى، يعني: تفسير النصوص بالمعاني الباطلة، التي لا تدل عليها بوجه من الوجوه
* التحريف لغة: التغيير، والتبديل، كتحريف الكلام، وهو عدله عن جهته.
* والتحريف في القرآن: تغيير الكلمة عن معناها، وهي قريبة الشبه.
* وكانت اليهود تغير معاني التوراة بالأشباه، فوصفهم الله بفعلهم، فقال تعالى: ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين[ [النساء: 46]، وقال تعالى: ]ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه[ [المائدة: 41].
قلت: فهذا التحريف، هو من صنيع اليهود.
* وإذا مال العبد، عن شيء، يقال: تحرف، وانحرف، واحرورف.
فهو: في الأصل مأخوذ من قولهم: حرفت الشيء، عن وجهه، إذا أملته، وغيرته.([15])
التحريف شرعا: هو تفسير النصوص بالمعاني الباطلة، التي لا تدل عليها بوجه من الوجوه، والعدول بالكلام، عن وجهه؛ وصوابه إلى غيره للتحريف. ([16])
* والتحريف: تفعيل من الحرف؛ بمعنى: الطرف، ومنه: قوله تعالى: ]ومن الناس من يعبد الله على حرف[ [الحج: 11]؛ أي: على طرف من الدين. ([17])
* إذا التحريف في اللغة: التغيير، والتبديل، والإمالة، والعدول، مأخوذ: من الفعل، حرف: إذا عدل بالشيء عن وجهه.
* والتحريف: في باب «الأسماء والصفات»، هو تغيير ألفاظ: «الأسماء والصفات»، أو معانيها: عن مراد الله تعالى بها. ([18])
* وهذا يوجب تحريم، تحريف: كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لما فيه من إبطال الشرع.
* ولأن الله تعالى ذم فاعله، في كتابه الكريم، فقال تعالى: ]ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه[ [المائدة: 41].
وقال تعالى: ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين[ [النساء: 46].
وقال تعالى: ]فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه[ [المائدة: 13].
وقال تعالى: ]أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون[ [البقرة: 75].
قلت: فالتحريف، أمره: خطير، وشره مستطير، فهو: تغيير، وتبديل، للمعاني، والألفاظ؛ عما: هي عليه، فتتغير الحقائق، ويبطل الخطاب، وتفسد المعاني، ويدب التعطيل. ([19])
* فالتحريف: هو المتعمد، مما عملته، أقلام أهل الأهواء والبدع، بالترصد، والتربص، من العبث، والتلاعب بالنصوص، بالبتر، والافتراء، والخيانة، فهو: مروق عن الصدق، هذا حقيقة التحريف. ([20])
قال تعالى: ]إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين[ [الأعراف: 152].
* والتحريف في باب: «الأسماء والصفات»، هو تغيير ألفاظ: نصوص «الأسماء والصفات»، أو معانيها، عن مراد الله تعالى بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص165): (تحريف الكلم عن مواضعه، كما ذمه الله تعالى، في كتابه، وهو إزالة اللفظ: عما دل عليه من المعنى.
* مثل: تأويل بعض الجهمية، لقوله تعالى: ]وكلم الله موسى تكليما[ [النساء: 164]؛ أي: جرحه، بأظافير الحكمة، تجريحا). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «بدائع الفوائد» (ج2 ص440): (وكان السلف ([21]) يقولون: من فسد من علمائنا، ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى، وهذا كما قالوه؛ فإن من فسد من العلماء: فاستعمل أخلاق اليهود، من تحريف الكلم، عن مواضعه، وكتمان ما أنزل الله تعالى، إذا كان فيه فوات غرضه، وحسد من آتاه الله تعالى من فضله... إلى غير ذلك من الأخلاق التي ذم بها اليهود من الكبر، واللي، والكتمان، والتحريف، والتحيل على المحارم، وتلبيس الحق بالباطل؛ فهذا شبهه باليهود ظاهر). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح العقيدة الواسطية» (ج1 ص126): (وأما التحريف، فهو تغيير لفظها، أو صرف معناها، عما أراد الله تعالى بها، ورسوله r، مثل: أن يقول: «استوى على العرش»؛ أي: «استولى»، أو: «ينزل إلى السماء الدنيا»؛ أي: ينزل «أمره»). اهـ
وقال العلامة ابن أبي العز الحنفي / «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص251): (فسموا: التحريف، تأويلا: تزيينا له، وزخرفة؛ ليقبل، وقد ذم الله تعالى الذين زخرفوا الباطل، فقال تعالى: ]وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا[ [الأنعام: 112].
* والعبرة للمعاني، لا للألفاظ، فكم من باطل قد أقيم عليه: دليل مزخرف، عورض به: دليل الحق). اهـ
* ومما سبق ذكره يتبين أن التحريف، ينقسم إلى قسمين:
الأول: تحريف اللفظ([22])، بزيادة، أو نقص، أو تغيير شكل، سواء تغير معه المعنى، أو لم يتغير.
كقول اليهود: «حبة»، لما قيل لهم: «قولوا: حطة»([23])، كما في قوله تعالى: ]وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة[ [البقرة: 58].
وعن أبي هريرة t أنه قال: قال رسول الله r: (قيل لبني إسرائيل: ] وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة[ [البقرة: 58]؛ فبدلوا، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا: حبة في شعرة). وفي رواية: (فبدلوا، وقالوا: حطة، حبة في شعرة). ([24])
* فهذا صنيع اليهود، حين أمرهم الله تعالى، أن يدخلوا الباب سجدا، ويقولوا: «حطة»، فبدلوا: كلام الله تعالى، وحرفوه، فقالوا: «حبة في شعرة».
* وكقراءة المبتدعة: ]وكلم الله موسى تكليما[ [النساء: 164]؛ بنصب: لفظ الجلالة.
الثاني: تحريف المعنى، وهو تغييره، مع إبقاء لفظه على حاله، وذلك: كتفسير الغضب؛ بإرادة الانتقام، وكقولهم: معنى الرحمة، إرادة الإنعام. ([25])
* ومن التحريف المعنوي: كالقول بأن معنى: «الاستواء»، في قوله تعالى: ]الرحمن على العرش استوى[ [طه: 5]؛ أي: «استولى». ([26])
وهذا من تحريف الآيات الشرعية.
* وهناك: تحريف لآيات الله تعالى: الكونية، والتي تتعلق بالخلق والإيجاد، وغير ذلك.
* كتأويل: قوله تعالى: ]وأرسل عليهم طيرا أبابيل[ [الفيل: 3]؛ أي: جراثيم الطاعون، ونحو ذلك.
* وأن الملائكة: هي القوى الروحية.
* وأن الشيطان: ما هو إلا: القوى الشريرة في الإنسان، ونحو ذلك مما يتعلق بالخلق والإيجاد. ([27])
قلت: فهذا كله من تحريف القرآن، لأن التحريف، هو تفسير للنصوص؛ بالمعنى: الباطل.
والفرق بين التعطيل، والتحريف:
1) أن التعطيل: نفي، للمعنى: الحق، والتحريف: تفسير للنصوص؛ بالمعنى: الباطل.
2) أن التعطيل: أعم مطلقا، من التحريف، والتحريف: أخص مطلقا، من التعطيل، فكل محرف: فهو معطل، دون العكس فكلما وجد التحريف، وجد التعطيل، دون العكس. ([28])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص358): (والتحريف نوعان:
تحريف اللفظ: وهو تبديله.
وتحريف المعنى: وهو صرف اللفظ عنه، إلى غيره، مع بقاء: صورة اللفظ). اهـ
قلت: فالتحريف: شيء، ممقوت، وتركة: مشؤومة، ورثها المعطلة، عن اليهود، وفتحوا بها بابا، واسعا، يلج منه كل: ملحد، للقدح في الإسلام، والطعن في أصوله العظام. ([29])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص550)؛ عن المعطلة: (وفتحوا باب: تحريف الكلم عن مواضعه، دخلت الملاحدة من هذا الباب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج2 ص545): (وأهل السنة، وسلف الأمة: متفقون على أن من تأول: «استوى»، بمعنى: «استولى»، أو بمعنى: آخر ينفي، أن يكون الله تعالى فوق سماوته، فهو: جهمي، ضال). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «عيون الرسائل، والأجوبة على المسائل» (ج1 ص372): (فيمن آمن بلفظ: «الاستواء»، الوارد في كتاب الله تعالى؛ لكن نازع في المعنى: وزعم أنه: «الاستيلاء»، فهو: جهمي، معطل، ضال، مخالف: لنصوص الكتاب، والسنة، وإجماع سلف الأمة، وهذا القول: هو المعروف عند السلف: عن: «جهم»، وشيعته: «الجهمية».
* فإنهم: لم يصرحوا برد لفظ القرآن: كـ«الاستواء»، وغيره: من الصفات، وإنما خالفوا السلف في: المعنى المراد). اهـ
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي / في «حكاية المناظرة في القرآن» (ص35): (ولا نعلم: من أهل البدع، طائفة: يكتمون مقالتهم، ولا يتجاسرون على إظهارها؛ إلا: «الجهمية»، و«الأشعرية»). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج4 ص401): (فعلم؛ أن هؤلاء([30]): حقيقة باطنهم، باطن: «المعتزلة»، «الجهمية»، «المعطلة».
* وإن كان ظاهرهم: ظاهر أهل الإثبات، كما أن: «المعتزلة»، عند التحقيق حقيقة: أمرهم، أمر: الملاحدة، نفاة: «الأسماء والصفات» بالكلية، وإن تظاهروا، بالرد عليهم، والملاحدة: حقيقة من يجحد الصانع بالكلية). اهـ
قال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على بشر المريسي» (ص283): (إن المصيب: يتعلق من الآثار، بكل واضح، مشهور، والمريب: يتعلق، بكل متشابه، مغمور). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج2 ص548)؛ عن أهل البدع والزيغ، في نقلهم: لكلام السلف: (وإن وجدوه في كلام التابعين، للسلف: افتروا الكذب عليهم، ونقلوا عنهم بحسب الفهم الباطل الذي فهموه، أو زادوا عليهم في الألفاظ، أو غيروها، أو غيروها: قدرا، ووصفا؛ لما نسمع: من ألسنتهم، ونرى في كتبهم). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص409): (بعض الخائضين: بالتأويلات الفاسدة؛ يتشبث بألفاظ: تنقل عن بعض الأئمة، وتكون، إما غلطا، أو محرفة). اهـ
وقال الحافظ البخاري / في «خلق أفعال العباد» (ص228): (فأما ما احتج به: الفريقان، لمذهب أحمد /، ويدعيه كل لنفسه؛ فليس بثابت: كثير من أخبارهم، وربما: لم يفهموا دقة مذهبه). اهـ
* والتحريف: واحد من أمور خمسة، يعارض بها الحق، وهي:
1) لبس الحق بالباطل، وهو خلطه به، بحيث لا يتميز: الحق، من الباطل.
2) كتمان الحق.
3) إخفاؤه، وهو قريب من كتمانه.
4) تحريف الكلم عن مواضعه.
وهو نوعان: تحريف، لفظه، وتحريف، معناه.
5) لي اللسان به؛ ليلبس على السامع: اللفظ، المنزل بغيره.
* وهذه الأمور، إنما ارتكبوها؛ لأغراض لهم: دعتهم إلى هذا التحريف، والتغيير، والتبديل. ([31])
قلت: لأن البدعة، انحراف، وهوى، ولا يتأيد ذلك بالوحي، والهدى، وإنما بالتحريف، والتأويل بالباطل، والمخارج بالحيل الباطلة، لصرف: النصوص، وليها: عن المراد منها.
قال تعالى: ]وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون[ [البقرة: 58 و59].
وقال تعالى: ]أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون[ [البقرة: 75].
* فتبديلها: هو تحريفها، وتأويلها الزائغ عن الحق.
* والله تعالى: كشف أمر اليهود، وكشف ما هم عليه من التحريف، والتبديل في الدين.
وقال تعالى: ]ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون[ [آل عمران: 71].
* ولبس الحق بالباطل: خلطه بما يتعمدونه من التحريف.
وقال تعالى: ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا[ [النساء: 46].
* يحرفون الكلم؛ أي: يميلونه، ويزيلونه: عن مواضعه، ويجعلون مكانه غيره من الباطل.
* والمراد: أنهم يتأولونه، على غير تأويله. ([32])
وقال تعالى: ]فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين[ [المائدة: 13].
وقال تعالى: ]ياأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم[ [المائدة: 41].
* فوقع التحريف في: «التوراة»، و«الإنجيل»، من قبل أهل الكتاب، من اليهود، والنصارى.
* وكذلك: فعل المنافقون في التحريف، والتبديل في الملة.
قال تعالى: ]سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا([33]) كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا[ [الفتح: 15].
* وامتدت هذه البدعة الشيطانية: من اليهودية، والنصرانية، إلى الفرق في الإسلام، من الفرق المخالفة؛ كـ«الرافضة»، و«الجهمية»، و«القدرية»، و«الجبرية»، و«المعتزلة»، و«الأشعرية»، و«الماتريدية»، و«المرجئة»، وما من فرقة من هذه الفرق الضالة؛ إلا وقد ضربت: بسهم وافر من: «التحريف» في الدين. ([34])
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج2 ص415)؛ بصدد: بيان أن التأويل، هو سبب ضلال اليهود: (وعلى أعقاب هؤلاء: حلت قارعة: «التحريف»، في كل من غلا في المذاهب، وجفا النصوص، وعقد الولاء، والبراء: على المذهب، والتعصب لإمام المذهب، لا على الدليل، وما قام عليه من الحق المبين، فيلعب بهذا الفريق داعي العصبية، والهوى). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص230): (وحقيقة الأمر أن كل طائفة: تتأول، ما يخالف نحلتها، ومذهبها.
* فالعيار: على ما يتأول، وما لا يتأول هو المذهب، الذي ذهبت إليه، والقواعد التي أصلتها.
* فما وافقها: أقروه، ولم يتأولوه، وما خالفها؛ فإن أمكنهم دفعه، وإلا تأولوه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج28 ص188)؛ عن المبتدعة الذين يحرفون الكلم عن مواضعه: (وكذلك: كذبهم: في العلم، من أعظم الظلم، وكذلك إظهارهم للمعاصي، والبدع التي تمنع الثقة بأقوالهم، وتصرف القلوب عن اتباعهم). اهـ
* والتحريف: وهو التأويل، بالباطل: بدعة شيطانية... ثم بدعة يهودية: حرفوا بها: «التوراة»، وقد جاء في القرآن: تخصيصهم، بالوصف بـ«التحريف»، دون غيرهم، فهم: الراسخون في «التحريف»، وغيرهم: تبع لهم في هذا التحريف... ثم صار بدعة؛ لدى النصارى: فحرفوا في «الإنجيل»... ثم في المنتسبين إلى الإسلام، ظاهرا، وهم: المنافقون... ثم آلت هذه البدعة: باطنية، رافضية، مجوسية... ثم كلامية: قدرية، أو إرجائية، أو جهمية، أو اعتزالية، أو أشعرية، أو ماتريدية... ثم طرقية، صوفية، قبورية... وآخر منزلة؛ له: في الغلاتية، لدى متعصبة، المذاهب الفروعية... وفي آخرين: من هنا: وهناك، من أفراد، أو جماعات من الأحزاب، في هذا العصر، ممن يطوون صدورهم في تحريف النصوص، فيتبعون أهواءهم، وهم: يعلمون بباطلهم. ([35])
قال فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله / في «تحريف النصوص» (ص128): (التحريف: اسم نزلت؛ آيات، القرآن الكريم، بذمه، وخص به: اليهود، في تحريفهم: التوراة). اهـ
* والتحريف من ولائد التقول، بغير علم، لأنه عمدته الباطل، والمزخرف بالباطل: أخو الساحر: ]ولا يفلح الساحر حيث أتى[ [طه: 69].
وقال فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله / في «تحريف النصوص» (ص129): (ومن مفردات الخيانة: التحريف، للنص من آية، أو حديث، أو أثر، أو كلام عالم، في ذات النص، أو معناه، ودلالته، ومؤداه، فهو: قادح في الأمانة، مناهض لها). اهـ
* فمآخذ أهل التحريف: تحريف النصوص، وبترها، وصرف دلالتها عن وجهتها، وليعلم أن البلاء به قديم. ([36])
قال فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله / في «تحريف النصوص» (ص102): (ثم تراه نزعه عرق الخالفين، من أهل الأهواء؛ متصرفا: في النصوص، بالتحريف، والتغيير، والتبديل، والبتر، والزيادة، والنقص، مستقلا من ذلك، ومستكثرا: من الشقاء بالعلم). اهـ
قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص215): (ذكر الله سبحانه التحريف وذمه، حيث ذكره، وذكر التفسير، وذكر التأويل، فالتفسير: هو إبانة المعنى، وإيضاحه.
قال الله تعالى: ]ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا[ [الفرقان: 33].
* وهذا غاية الكمال أن يكون المعنى في نفسه حقا، والتعبير عنه أفصح تعبير وأحسنه، وهذا شأن القرآن، وكلام الرسول r.
والتحريف: العدول بالكلام عن وجهه، وصوابه إلى غيره، وهو نوعان: تحريف لفظه، وتحريف معناه، والنوعان مأخوذان: من الأصل عن اليهود فهم الراسخون فيهما، وهم شيوخ المحرفين وسلفهم، فإنهم حرفوا كثيرا من ألفاظ: «التوراة»، وما غلبوا عن تحريف لفظه: حرفوا معناه، ولهذا وصفوا بالتحريف في القرآن دون غيرهم من الأمم، ودرج على آثارهم: الرافضة، فهم أشبه بهم من القذة بالقذة، والجهمية فإنهم سلكوا في تحريف النصوص الواردة في الصفات مسالك إخوانهم من اليهود، ولما لم يتمكنوا من تحريف نصوص القرآن؛ حرفوا: معانيه، وسطوا عليها، وفتحوا باب التأويل لكل ملحد يكيد الدين؛ فإنه جاء فوجد بابا، مفتوحا، وطريقا مسلوكة، ولم يمكنهم أن يخرجوه من باب، أو يردوه من طريق قد شاركوه فيها، وإن كان الملحد قد وسع بابا هم فتحوه، وطريقا هم اشتقوه، فهما بمنزلة رجلين ائتمنا على مال؛ فتأول أحدهما: وأكل منه دينارا، فتأول الآخر: وأكل منه عشرة؛ فإذا أنكر عليه صاحبه قال: إن حل أكل الدينار بالتأويل؛ حل: أكل العشرة به، ولا سيما إذا زعم آكل الدينار: أن الذي ائتمنه؛ إنما أراد منه التأويل، وأن المتأول أعلم بمراده من المالك: فيقول له صاحبه: أنا أسعد منك، وأولى بأكل هذا المال.
والمقصود: أن التأويل يتجاذبه أصلان: التفسير، والتحريف، فتأويل التفسير هو الحق، وتأويل التحريف هو الباطل؛ فتأويل التحريف من جنس الإلحاد؛ فإنه هو الميل بالنصوص عن ما هي عليه، إما بالطعن فيها، أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها، وكذلك الإلحاد في أسماء الله؛ تارة يكون: بجحد معانيها، وحقائقها، وتارة يكون: بإنكار المسمى بها، وتارة يكون: بالتشريك بينه، وبين غيره فيها، فالتأويل الباطل: هو إلحاد وتحريف، وإن سماه أصحابه تحقيقا، وعرفانا، وتأويلا.
* فمن تأويل التحريف والإلحاد: تأويل الجهمية قوله تعالى: ]وكلم الله موسى تكليما[ [النساء: 164]؛ أي: جرح قلبه بالحكم والمعارف تجريحا، ومن تحريف اللفظ: تحريف إعراب قوله تعالى : ]وكلم الله[؛ في «الرفع»، إلى: «النصب»، وقال: ]وكلم الله[؛ أي: موسى كلم الله، ولم يكلمه الله، وهذا من جنس تحريف اليهود، بل أقبح منه، واليهود في هذا الموضع أولى بالحق منهم، ولما حرفها بعض الجهمية هذا التحريف؛ قال له بعض أهل التوحيد: فكيف تصنع بقوله: ]ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه[ [الأعراف: 43]، فبهت المحرف.
* ومن هذا أن بعض الفرعونية سأل بعض أئمة العربية: هل يمكن أن يقرأ «العرش»: بـ«الرفع»، في قوله: ]الرحمن على العرش استوى[ [طه: 5].
* وقصد الفرعوني بهذا التحريف: أن يكون «الاستواء» صفة للمخلوق، لا للخالق، ولو تيسر لهذا الفرعوني؛ هذا التحريف في هذا الموضع، لم يتيسر له في سائر الآيات.
ومن تأويل التحريف: تأويل القدرية([37]) المجوسية، نصوص القدر بما أخرجها عن حقائقها ومعانيها، وتأويل الجهمية نصوص الصفات بما أخرجها عن حقائقها، وأوجب تعطيل الرب جل جلاله: عن صفات كماله؛ كما عطلته القدرية عن كمال قدرته ومشيئته؛ فنحن لا ننكر التأويل، بل حقيقة العلم هو التأويل، والراسخون في العلم هم أهل التأويل، ولكن أي التأويلين؟، فنحن أسعد بتأويل التفسير من غيرنا، وغيرنا أشقى بتأويل التحريف منا). اهـ
قلت: لا شك أن تعيين المعاني الشرعية، لا سبيل إليه؛ إلا عن طريق النصوص الشرعية، فهي: التي تبين المعنى، المراد: شرعا، وتحدده. ([38])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج4 ص107): (ولا ريب أن الألفاظ في المخاطبات، تكون بحسب الحاجات، كالسلاح في المحاربات، فإذا كان عدو المسلمين - في تحصنهم وتسلحهم - على صفة، غير الصفة، التي كانت عليها فارس والروم.
* كان جهادهم: بحسب ما توجبه الشريعة، التي مبناها على تحري ما هو لله تعالى: أطوع، وللعبد: أنفع، وهو الأصلح: في الدنيا والآخرة). اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الفتاوى» (ج1 ص181): (وأيضا فلا يقال: «من غير تأويل»، بل: «من غير تحريف»؛ لأن «التأويل»: في أسماء الله وصفاته، ليس منفيا على كل حال، بل ما دل عليه الدليل؛ فهو تأويل ثابت، وهو بمعنى: التفسير، وإنما المنفي هو «التحريف»: وهو صرف اللفظ عن ظاهره بغير دليل، كما صنع أهل التعطيل، الذين اختلفوا فيما نفوا، وأثبتوا من أسماء الله وصفاته، فمنهم: من أثبت الأسماء وبعض الصفات ونفى أكثر الصفات، ومنهم: من أثبت الأسماء ونفى الصفات كلها، ومنهم: من نفى الأسماء والصفات كلها، ومنهم: من نفى كل إثبات وكل نفي، فقال: لا تصف الله بإثبات ونفي.
* وأهل السنة: بريئون من هذا، ويثبتون لله تعالى كل ما أثبته لنفسه من الأسماء والصفات.
* وكذلك فقد جاء النص بذم التحريف في قوله تعالى: ]يحرفون الكلم عن مواضعه[ [المائدة: 13]؛ ولم يقل: يؤولون، والتزام الألفاظ الشرعية التي جاء بها الكتاب والسنة أولى من إحداث ألفاظ أخرى؛ لأن ما جاء في الشرع أسد وأقوى). اهـ
وقال فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله / في «تحريف النصوص» (ص128): (التحريف: العدول بالكلام، عن وجهه، وصوابه، إلى غيره.
* ويقال: تغيير الكلام، عن موضعه: في مبناه، أو معناه: حتى يظن أنه الحق، فهو: مرادف للتزوير، بجامع التضليل، وتغيير المقصود.
* والتحريف: انحراف، وميل عن قصد وهوى، وعلو، والتواء، لأنه لا قرار؛ لهذه في نصوص الشرع.
* ولا ينشأ هذا: إلا عن هوى متبع، لأن فاعله: يتطلب المخارج من النصوص، حتى تؤيد ما هو عليه من رأي.
* وهذا موطن يفرق: به بين أتباع الرسل عليهم السلام، والمخالفين، وبين أهل السنة، والبدعة، وبين الراسخين في العلم، والزائفين، ويشمل كل: محرف عن قصد، في أصل، أو فرع). اهـ
وقال فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله / في «تحريف النصوص» (ص115): (فمن خان الأمانة: فحرف في آية في نصها، أو الاستدلال منها؛ فهذا ساقط العدالة، مستوجب: للجرح الشديد، والعذاب الأليم.
* ومن خان الأمانة، بالتحريف في: حديث نبوي، شريف؛ فكذلك.
* ومن خان في نقل: كلام عالم، وقوله: ما لم يقل، أو لبس فيه ببتر، ونحوه، فهذا ضرب من التحريف والخيانة، وهكذا ضروب: قصد التحريف). اهـ
* إذا التحريف: جاء في الشرع ذمه، وهو لفظ صريح، في دلالته على التغيير، والتبديل.
* والسلامة من التحريف: المحافظة على ألفاظ الكتاب والسنة والأثر، والعناية بها في الشريعة المطهرة.
* وأن يفهم معاني النصوص الشرعية، على ضوء، فهم السلف الصالح، الذين تلقوه، من فم النبي r.
* فقد كانوا أبر هذه الأمة قلوبا، وأعمقهم علما، وأسدهم رأيا، وأبعدهم عن التكلف، وأحرصهم على امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وأنصحهم للخلق بعد نبيهم r، ومرضيا: عنهم رضا، مطلقا.
* ويتبين مما سبق، أن التحريف في اللفظ، له صور:
1) الزيادة في اللفظ.
2) النقصان في اللفظ.
3) تغيير حركة إعرابية.
4) تغيير حركة غير إعرابية.
* وتحريف إعراب، في قوله تعالى: ]وكلم الله موسى تكليما[ [النساء: 164]؛ من: «الرفع»، إلى: «النصب»، وقال: «كلم الله»؛ أي: موسى كلم الله، ولم يكلمه الله.
ولما حرفها بعض: «الجهمية»، قال له بعض أهل التوحيد؛ فكيف: تصنع، بقوله تعالى: ]ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه[ [الأعراف: 43]؛ فبهت: المحرف. ([39])
* وبعض المعطلة: سأل بعض أئمة العربية، هل يمكن أن يقرأ: «العرش»، بـ«الرفع»، في قوله تعالى: ]الرحمن على العرش استوى[ [طه: 5]؛ وقصد بهذا: التحريف، أن يكون: «الاستواء»، صفة: للمخلوق، لا للخالق!.
* وأن التحريف في المعنى:
هو صرف اللفظ، عن معناه: الصحيح، إلى غيره: مع بقاء صورة اللفظ.
وهذا النوع: هو الذي جال فيه، أهل البدع والأهواء، من: «المعطلة»، وصالوا: وتوسعوا، وسموه: «تأويلا»، وهو اصطلاح، فاسد، حادث، لم يعهد به استعماله في اللغة العربية.
* كقول المعطلة: في معنى: ]بل يداه مبسوطتان[ [المائدة: 64]؛ «النعمة»، و«القدرة». ([40])
* وقد ذكر الله تعالى: التحريف، وذمه، وهو مأخوذ في الأصل: عن اليهود، فهم: الراسخون فيه.
* فإنهم: حرفوا كثيرا من ألفاظ: «التوراة»، ولما غلبوا عن تحريف لفظه: حرفوا معناه، ولهذا: وصفوا بالتحريف في القرآن، دون غيرهم: من الأمم.
* وقد درج على آثارهم: أهل البدع والأهواء؛ ما بين مكثر، ومقل في تحريف نصوص القرآن، والسنة، من: «الرافضية»([41])، و«القدرية»، و«المرجئة»، و«الجهمية»، و«المعتزلية»، و«الأشعرية»، و«الكلابية»، و«الماتريدية»، و«الصوفية»، و«الفلكية»، و«اللادنية»، و«الداعشية»([42])، و«الأزهرية»([43])، و«التبليغية»([44])، و«الإخوانية»، و«القطبية»، و«السرورية»، و«التراثية»([45])، و«الربيعية»([46])، و«المرجئة العصرية»، و«الجهمية العصرية»، و«العقلانية»([47])، و«المذهبية المتعصبة»([48])، و«الرهبانية»، وغيرهم.
* والتأويل: عند المتأخرين، من أهل الكلام؛ الذي هو، بمعنى: صرف اللفظ عن ظاهره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج2 ص95): (وأما التأويل، بمعنى: صرف اللفظ، عن الاحتمال الراجح: إلى الاحتمال المرجوح؛ كتأويل: من تأول: «استوى»؛ بمعنى: «استولى»، ونحوه، فهذا عند السلف، والأئمة: باطل، لا حقيقة له، بل هو من باب تحريف الكلم عن مواضعه، والإلحاد في أسماء الله، وآياته). اهـ
وقال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج1 ص21): (وأما المعتزلة، والجهمية، وغيرهم، من المتكلمين، فمرادهم بالتأويل: صرف اللفظ عن ظاهره.
* وهذا هو السائغ في عرف المتأخرين، من أهل الأصول، والفقه... وقد حكى: غير واحد، إجماع: السلف على عدم القول به). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ / في «عيون الرسائل» (ج2 ص561): (والتأويل في عرف هؤلاء: صرف الكلام عن ظاهره، وعن المعنى: الراجح إلى المعنى المرجوح.
* ومن سلك هذه الطريقة في أخبار الرسول r، ونصوص القرآن، فقد فتح على نفسه باب: الإلحاد والزندقة، وليس في كلام الله تعالى، وكلام رسوله: ما ظاهره، ومعناه: الراجح غير مراد؛ لأن الظاهر: هو اللائق بحال الموصوف، وبلغة المتكلم وعرفه، لا ما يظنه الأغبياء الجهال، مما لا يصح نسبته إلى الله تعالى، وإلى رسوله r). اهـ
* فلهذا كان التعبير: بـ«التحريف، أولى من التعبير عن هذا: بالتأويل».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج3 ص165): (إني عدلت عن لفظ: «التأويل»، إلى لفظ: «التحريف»؛ لأن التحريف اسم جاء: القرآن بذمه.
* وأنا تحريت في هذه العقيدة، اتباع الكتاب والسنة، فنفيت ما ذمه الله تعالى من: «التحريف»، ولم أذكر فيها لفظ: «التأويل»، بنفي، ولا إثبات؛ لأنه لفظ، له عدة معان). اهـ
وقال العلامة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين / في «الرسائل والمسائل النجدية» (ج2 ص176): (اعلم: أن أكثر، أهل الأمصار اليوم: «أشعرية»، ومذهبهم: في صفات الرب تعالى، موافق: لبعض ما عليه: «المعتزلة»، و«الجهمية»). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التسعينية» (ج2 ص548): (ولكن الذين في قلوبهم زيغ من أهل الأهواء، لا يفهمون من كلام الله تعالى، وكلام رسوله r، وكلام السابقين الأولين، والتابعين لهم بإحسان، في باب: صفات الله؛ إلا المعاني التي تليق بالخلق؛ لا بالخالق.
* ثم يريدون تحريف الكلم، عن مواضعه في كلام الله تعالى، وكلام رسوله r، إذا وجدوا ذلك فيهما.
* وإن وجدوه في كلام التابعين، للسلف: افتروا الكذب عليهم، ونقلوا عنهم، بحسب الفهم الباطل الذي فهموه، أو زادوا عليهم في الألفاظ، وغيروها: قدرا، ووصفا، كما نسمع من ألسنتهم، ونرى في كتبهم). اهـ
وقال الإمام عثمان الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص216): (إن الذي يريد الشذوذ عن الحق، يتبع الشاذ، من قول العلماء، ويتعلق بزلاتهم، والذي يؤم الحق في نفسه يتبع: المشهور من قول جماعتهم، وينقلب مع جمهورهم، فهما آيتان يستدل بهما على اتباع الرجل، وعلى ابتداعه). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية» (ص19): (فمن لم يأخذ معاني: الكتاب، والسنة، من الصحابة، والتابعين... لم يكن له طريق أصلا؛ إلا ما يرد عليه من الآفات... من عدل عما فسر به رسول الله r، وأصحابه، والتابعون: القرآن؛ فأحد الأمرين لازم له:
* إما أن يعدل إلى تفسيره؛ بما هو دون ذلك؛ فيكون محرفا، للكلم عن مواضعه.
وإما أن يبقى أصم أبكم، لا يسمع من كلام الله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، إلا الصوت المجرد، الذي يشركه فيه البهائم، ولا يعقله، وكل من هذين، الأمرين: باطل، محرم). اهـ
* ويمكن تصنيف عمل أهل الأهواء والبدع، بترصدهم:بتحريف الكلم، عن مواضعه، في الكتاب، أو السنة، أو الأثر، أو القول، للتضليل، والتعليل على أنواع:
1) التحريف في ذات النص، ومبناه.
2) التحريف في الكلمة.
3) الزيادة في النص؛ بلفظ، أو ألفاظ: في جملة، أو جمل.
4) النقص في النص.
5) البتر في النص.
6) التصرف في النص؛ بالتقديم، والتأخير، لا على سياق قائله.
7) ذكر النص، والخلاف عليه في الأصول والفروع، ثم ينتزع الناقل ما يشتهي من الخلاف.
8) تحريف الأدلة عن مواضعها، في وجه دلالة النص، ومعناه: بإخراجها عن حقائقها، مع الافتراء.
9) صرف الأدلة، عن وجوه الاستدلال؛ منها: كحمل، كلام الله تعالى، ورسوله r: على وفق المذهب، أو الحزب، أو الجماعة.
10) ضغط النص للواقع.
11) التأويل بالباطل، وهو التحريف: لنصوص الشريعة.
12) التحريف للمبنى، والمعنى: وذلك في إطلاق الأسماء الإسلامية، على الحقائق البدعية، وهذا من أسوأ: التضليل، والتلبيس، والتدليس.
13) التحريف بالطعن في الشريعة، وإبطال ثبوتها.
14) التحريف، عن طريق التلون.
15) التحريف في كلام عالم من العلماء: وصرفه عن وجهه المراد منه. ([49])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص172): (ومن كتم احتاج، أن يقيم موضعه: باطلا، فيلبس الحق بالباطل، ولهذا كان كل من كتم: من أهل الكتاب، ما أنزل الله: فلا بد أن يظهر باطلا، وهكذا أهل البدع). اهـ
وقال الإمام أبو العباس القرطبي / في «المفهم» (ج1 ص419): (اعلم: أن الناس، قد أكثروا في تأويلات هذه الأحاديث؛ فمن مبعد، ومن محوم، وما ذكرناه: أحسنها، وأقومها؛ لمنهاج: كلام العرب). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص202): (وهذا كله: مما يعلم بالاضطرار، تنزيه الله تعالى، ورسوله r عنه، وأنه من جنس أقوال: أهل التحريف والإلحاد). اهـ
قلت: وهذا حقيقة المؤولة، المبتدعة.
قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج2 ص311): (والإيمان: بما ورد في القرآن، من صفات الله تعالى، كـ«اليد»، و«الإتيان»، و«المجيء»، وإمرارها على ما جاءت، لا تكيف، ولا تتأول). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص432): (إن السلف كانوا يراعون لفظ: القرآن، والحديث، فيما يثبتونه، وينفونه، عن الله تعالى من صفاته، وأفعاله.
فلا يأتون بلفظ محدث مبتدع في النفي والإثبات، بل كل معنى: صحيح، فإنه داخل فيما أخبر به الرسول r، والألفاظ المبتدعة ليس لها ضابط). اهـ
قلت: فيجب الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه؛ لأنه لا أعلم من الله تعالى، بالله: ]أأنتم أعلم أم الله[ [البقرة: 140]؛ فهو أعلم بنفسه، وبغيره.
* ويجب الإيمان بما وصفه به رسوله r؛ لأنه لا أحد بعد الله تعالى، أعلم بالله تعالى، من رسول الله r، الذي قال تعالى في حقه: ]وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى [ [النجم: 3-4]. ([50])
قال تعالى: ]إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير[ [فصلت: 40].
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد» (ص165): (وقوله تعالى: ]وذروا الذين يلحدون في أسمائه[ [الأعراف: 180]؛ أي: أعرضوا عنهم، واتركوهم.
* فإن الله تعالى سيتولى جزاءهم، ولهذا قال تعالى: ]سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180]؛ ومعنى: يلحدون في أسمائه؛ أي: يميلون بها، وبحقائقها، ومعانيها عن الحق الثابت لها). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد» (ص164): (وتوعد هؤلاء: الذين يلحدون في أسمائه، فينفونها عنه، أو يؤولونها عن معانيها الصحيحة، بأنه سيجزيهم على عملهم، بالعقاب، والعذاب). اهـ
وقوله تعالى: ]وذروا الذين يلحدون في أسمائه[ [الأعراف: 180].
قلت:والإلحاد في أسماء الله تعالى وصفاته، هو: الميل بها عما يجب فيها، وقد حذر الله من الإلحاد في توحيد الأسماء والصفات. ([51])
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص118)؛ عن أنواع الإلحاد: (الأول: أن ينكر شيئا منها، أو مما دلت عليه من الصفات، والأحكام، كما فعل أهل التعطيل من: «الجهمية»، وغيرهم.
* وإنما كان ذلك إلحادا؛ لوجوب الإيمان بها، وبما دلت عليه من الأحكام، والصفات اللائقة بالله تعالى، فإنكار شيء من ذلك ميل بها عما يجب فيها). اهـ
قلت: وقد ذم الله تعالى اليهود على تحريفهم، وإلحادهم في الدين.
* وبين الله تعالى أنهم بتحريفهم، وإلحادهم من أبعد الناس عن الإيمان. ([52])
قال تعالى: ]أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون[ [البقرة: 75].
وقال تعالى: ]من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا[ [النساء: 46].
قلت: فمن الذين هادوا قوم يحرفون الكلم عن مواضعه.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص239): (وبينا في الآيات الأخيرة، أن التحريف من صنع اليهود.
* وأن من حرف من هذه الأمة نصوص الكتاب والسنة، سواء العلمية، أو العملية، كان فيه شبه من اليهود). اهـ
وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان في «الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد» (ص164): (وإنما ينكرها –يعني: الصفات- المبتدعة: من «الجهمية»، و«المعتزلة»، و«الأشاعرة»، الذين ساروا على منهج مشركي قريش، الذين يكفرون «بالرحمن»، ويلحدون في أسماء الله، وقد قال تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون[ [الأعراف: 180]).اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة..................................................................................................... |
2 |
2) |
ذكر الدليل على كشف حقيقة التحريف، وهو التغيير: وزنا، ومعنى، فهو نفي المعنى الصحيح الذي دلت عليه النصوص، واستبداله؛ بمعنى: آخر غير صحيح، وهو تغيير النص، لفظا، أو معنى، يعني: تفسير النصوص بالمعاني الباطلة، التي لا تدل عليها بوجه من الوجوه...................................................................................... |
11 |
([3]) وانظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص42 و43)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج5 ص12)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص65)، و«فتح رب البرية بتلخيص الحموية» لشيخنا ابن عثيمين (ص18)، و«شرح العقيدة الواسطية» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص23 و24)، و«تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص99 و101 و102 و128)، و«مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية» للشيخ السلمان (ص23).
([4]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص215)، و«فتح رب البرية بتلخيص الحموية» لشيخنا ابن عثيمين (ص18)، و«شرح العقيدة الواسطية» له (ج1 ص126)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج5 ص12)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص65)، و«التنبيهات اللطيفة» للشيخ السعدي (ص22)، و«تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص101 و103 و128).
([6]) وانظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص255)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص228)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص1033)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص215)، و«معتقد أهل السنة والجماعة، في توحيد الأسماء والصفات» للتميمي (ص60 و62)، و«شرح العقيدة الواسطية» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص23 و24).
([7]) لذلك: يجب لزوم الشرع، والانقياد له، والاعتقاد الجازم، بأنه طريق الهداية، والمحافظة على ألفاظ الشرع، والعناية بها، هذا سبيل الوقاية من الوقوع في التحريف.
([9]) فالتحريف اللفظي: هو تبديل اللفظ، بلفظ: آخر، كقول: بني إسرائيل، بدل: «حطة»، «حبة».
وانظر: «المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية» للبريكان (ص35).
([11]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3403)، وابن البجيري في «المستخرج على صحيح البخاري» (ج1 ص75).
قوله r: «على أستاههم»؛ أي: يزحفون على أدبارهم.
([12]) وانظر: «هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى» لابن القيم (ص49)، و«الصواعق المرسلة» له (ج1 ص358)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص126)، و«فتح رب البرية بتلخيص الحموية» له (ص18)، و«الفتاوى» له (ج1 ص181)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص251)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص165 و195)، و(ج11 ص91)، و(ج18 ص322 و323)، و«الاستقامة» له (ج2 ص224 و225)، و«منهاج السنة» له (ج6 ص179)، و(ج8 ص411)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص9)، و«مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية» للشيخ السلمان (ص23)، و«الفارق بين المصنف والسارق» للسيوطي (ص50 و51 و54 و56 و67)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص42 و43)، و«تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص100 و101 و102 و103).
([15]) وانظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص42 و43)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج5 ص12)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص65)، و«فتح رب البرية بتلخيص الحموية» لشيخنا ابن عثيمين (ص18)، و«شرح العقيدة الواسطية» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص23 و24)، و«تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص99 و101 و102 و128)، و«مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية» للشيخ السلمان (ص23).
([16]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص215)، و«فتح رب البرية بتلخيص الحموية» لشيخنا ابن عثيمين (ص18)، و«شرح العقيدة الواسطية» له (ج1 ص126)، و«تهذيب اللغة» للأزهري (ج5 ص12)، و«تفسير القرآن» لابن كثير (ج2 ص65)، و«التنبيهات اللطيفة» للشيخ السعدي (ص22)، و«تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص101 و103 و128).
([18]) وانظر: «مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص255)، و«مفردات ألفاظ القرآن» للراغب (ص228)، و«القاموس المحيط» للفيروزآبادي (ص1033)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص215)، و«معتقد أهل السنة والجماعة، في توحيد الأسماء والصفات» للتميمي (ص60 و62)، و«شرح العقيدة الواسطية» للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ص23 و24).
([19]) لذلك: يجب لزوم الشرع، والانقياد له، والاعتقاد الجازم، بأنه طريق الهداية، والمحافظة على ألفاظ الشرع، والعناية بها، هذا سبيل الوقاية من الوقوع في التحريف.
([20]) وانظر: «تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص128 و129)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص192)، و«الفارق بين المصنف والسارق» للسيوطي (ص50 و51 و54 و56 و67)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص165 و195)، و(ج11 ص91)، و(ج18 ص322 و323)، و«الاستقامة» له (ج2 ص224 و225).
([22]) فالتحريف اللفظي: هو تبديل اللفظ، بلفظ: آخر، كقول: بني إسرائيل، بدل: «حطة»، «حبة».
وانظر: «المدخل لدراسة العقيدة الإسلامية» للبريكان (ص35).
([24]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3403)، وابن البجيري في «المستخرج على صحيح البخاري» (ج1 ص75).
قوله r: «على أستاههم»؛ أي: يزحفون على أدبارهم.
([25]) وانظر: «هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى» لابن القيم (ص49)، و«الصواعق المرسلة» له (ج1 ص358)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص126)، و«فتح رب البرية بتلخيص الحموية» له (ص18)، و«الفتاوى» له (ج1 ص181)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص251)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص165 و195)، و(ج11 ص91)، و(ج18 ص322 و323)، و«الاستقامة» له (ج2 ص224 و225)، و«منهاج السنة» له (ج6 ص179)، و(ج8 ص411)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج8 ص9)، و«مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية» للشيخ السلمان (ص23)، و«الفارق بين المصنف والسارق» للسيوطي (ص50 و51 و54 و56 و67)، و«مقاييس اللغة» لابن فارس (ج2 ص42 و43)، و«تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص100 و101 و102 و103).
([29]) وانظر: «منهاج السنة» لابن تيمية (ج6 ص179)، و«الاستقامة» له (ج2 ص244 و225)، و«الفتاوى» له أيضا (ج3 ص165 و195)، و«بيان تلبيس الجهمية» له أيضا (ج4 ص401)، و«حكاية المناظرة في القرآن» لابن قدامة (ص35)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص215)، و«تحريف النصوص» للشيخ بكر بن عبد الله (ص128).
([31]) وانظر: «هداية الحيارى» لابن القيم (ص49)، و«تحريف النصوص» للشيخ بكر بن عبد الله (ص135)، و«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج4 ص401)، و«الفتوى الحموية الكبرى» له (ص254 و260)، و«حكاية المناظرة في القرآن» لابن قدامة (ص35)، و«مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية» للشيخ السلمان (ص23).
([32]) مثل: التحريف، في الانحراف العقدي، في «توحيد الأسماء والصفات»، وفي الانحراف العقدي في: «توحيد الألوهية»، وفي الانحراف العقدي في: «توحيد الربوبية».
([35]) وانظر: «تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص132)، و«الجواب الصحيح» لابن تيمية (ج1 ص365 و370)، و(ج4 ص320 و321)، و«الفتاوى» له (ج3 ص165 و195)، و(ج11 ص91)، و(ج18 ص322 و323)، و«الاستقامة» له أيضا (ج2 ص224 و225)، و«منهاج السنة» له أيضا (ج6 ص179)، و(ج8 ص411)، و«الفارق بين المصنف والسارق» للسيوطي (ص50 و51 و54 و56 و67)، و«هداية الحيارى» لابن القيم (ص49 و50)، و«الصواعق المرسلة» له (ج1 ص215 و220)، و(ج3 ص917 و920)، و«فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص522 و525)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج6 ص382)، و«الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص162)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج7 ص230).
([36]) وانظر: «تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال» للشيخ بكر بن عبد الله (ص101)، و«ذم الكلام» للهروي (ج5 ص137 و138)، و«الاعتقاد» لأبي يعلى الفراء (ص31)، و«الاقتصاد في الاعتقاد» لعبد الغني المقدسي (ص222)، و«ذم التأويل» لابن قدامة (ص78)، و«جواب الاعتراضات المصرية» لابن تيمية (ص108)، و«التسعينية» له (ج2 ص545).
([37]) سموا بذلك: لقولهم في: «القدر»، وهم يزعمون أن العبد هو الذي يخلق فعله استقلالا، فأثبتوا خالقا مع الله تعالى.
انظر: «الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص54)، و«البرهان في معرفة عقائد أهل الأديان» لابن السكسكي (ص26 و27)، و«عون المعبود» للآبادي (ج12 ص452 و453).
([38]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص181)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص215 و216)، و«مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية» للشيخ السلمان (ص23)، و«التوحيد» لابن منده (ج3 ص7)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص145)، و«العلو» للذهبي (ج2 ص1315).
([41]) وقد درج على آثار اليهود: «الرافضية»، فهم: أشبه بهم، من القذة بالقذة.
* وكذلك: «الجهمية»؛ فإنهم: سلكوا في تحريف النصوص، مسالك إخوانهم: من اليهود.
* وكذلك: الفرق الأخرى المذكورة؛ فإنهم سلكوا: في تحريف اللفظ، أو المعنى: للنصوص، مسالك، أهل الحيل، للتمويه: من أجل مآربهم الدنيوية.
([42]) والداعشية، واللادنية، وغيرهم: حرفوا القرآن، والسنة، في أحكام الجهاد، وأحكام التكفير، وغير ذلك، وجعلوها في المسلمين، من أجل جهادهم الباطل.
([43]) والأزهرية: حرفوا نصوص: «الأسماء والصفات»، وحرفوا بعض نصوص القرآن، والسنة، من أجل ثنائهم على: «النصارى»، و«الرافضة»، وكذا: في تحريفهم: لأحكام الفقه، وغير ذلك.
([44]) والتبليغية: حرفوا الآيات، التي تكلمت عن الجهاد في سبيل الله، وجعلوها في خروجهم البدعي، وكذا فعلوا في الأحاديث، ونشروا الأحاديث الضعيفة على أنها من الدين، وهي ليست من الدين، فهذا تحريف في الدين.
([45]) والتراثية، والإخوانية، وغيرهم: حرفوا بعض الآيات، والأحاديث، وجعلوها في: «السياسة الباطلة»، وأفتوا بالأحكام الباطلة في الأصول والفروع، وهذا تحريف في الدين.
([46]) والربيعية وغيرهم: حرفوا الآيات والأحاديث، في اللفظ، أو المعنى، في: «مسائل الإيمان»، و«مسائل الصفات»، وغيرها، من أجل نشر «الإرجاء»، و«التجهم»، ونشروا الأحكام في: «الأصول والفروع»، عن طريق الحديث الضعيف، والتقليد، وغير ذلك، وهذا من التحريف في الدين.
([47]) والعقلانية وغيرهم؛ فإنهم: سلكوا في تحريف النصوص في الكتاب والسنة، مسالك: إخوانهم اليهود، في اللفظ، أو المعنى.
([49]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج4 ص19 و66 و68 و69)، و(ج7 ص35)، و(ج10 ص366 و367)، و(ج17 ص333 و352 و355)، و«منهاج السنة» له (ج1 ص201 و203)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج1 ص189 و197 و217)، و(ج2 ص438 و441 و672 و677)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج23 ص143)، و«تحريف النصوص» للشيخ بكر بن عبد الله (ص157 و158 و159)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص145).