الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / التحبير الحثيث في أن الله ينصر المسلمين في بلدانهم، ويقمع عدوهم بوجود أهل الحديث
التحبير الحثيث في أن الله ينصر المسلمين في بلدانهم، ويقمع عدوهم بوجود أهل الحديث
|
||||
التحبير الحثيث
في أن
الله ينصر المسلمين في بلدانهم، ويقمع عدوهم بوجود أهل الحديث
تأليف
العلامة المحدث
أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
رب يسر وأعن بفضلك ورحمتك
المقدمة
الحمد لله المعز لأوليائه والمؤمنين، والناصر لأنبيائه والمرسلين وأتباعهم إلى يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فهذا كتاب لطيف فيه كريم الثناء والمفاخرة، وصادق النصرة والمؤازرة، لأهل السنن والآثار، وحملة العلم والأخبار، الذين قبلوا الشريعة قولا وفعلا، وحرسوا السنة حفظا ونقلا؛ حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها، فهم أمناء الله في خليقته، والمجتهدون في حفظ ملته، إذا اختلف في حديث، كان إليهم الرجوع، فما حكموا به فهو المقبول والمسموع.
وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر، وعلى الإفصاح بغير مذهبهم لا يتجاسر، من كادهم قصمه الله تعالى، ومن عاندهم خذله الله تعالى، لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم، المحتاط لدينه إليهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مجموع الفتاوى» (ج3 ص247): (وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله ه، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعا لها؛ تصديقا وعملا، وحبا، وموالاة لمن والاها، ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول ه بل يجعلون ما بعث به الرسول ه من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه). اهـ
وقال العلامة أبو الحسنات اللكنوي / في «إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام» (ص156): (ومن نظر بنظر الإنصاف، وغاص في بحار الفقه والأصول متجنبا الاعتساف يعلم علما يقينيا أن أكثر المسائل الفرعية والأصلية، التي اختلف العلماء فيها فمذهب المحدثين فيها أقوى من مذهب غيرهم، وإني كلما أسير في شعب الاختلاف، أجد قول المحدثين فيها قريبا من الإنصاف، فلله درهم، وعليه شكرهم، كيف لا وهم ورثة النبي حقا، ونواب شرعه صدقا! حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم). اهـ
وهذا المنهج التأصيلي عليه أهل الحديث([1])، يبعث المسلم على تفضيل وإيثار السلامة، ويولد فيه الحذر من الشرور التي تقع في الفتن، ويجنبه العثرات، والمهالك، ويترك ما يشين عليه استقامته وسلامته، حتى إنه يهجر الكفرة، والمبتدعة، والعصاة، بسبب ذلك يشرع له الهجر، لئلا يشاركهم في الفتن التي تجري على أيديهم، فينال قسطا من إثمها، اللهم سلم سلم.
قلت: والفتن إنما تزول – بإذن الله تعالى – بوجود أهل الحديث في البلد، والرجوع إليهم، وترك الأمور لهم جملة وتفصيلا([2])،إن أراد الناسالنجاة من الفتن المحيطة بهم([3]) في بلدانهم.
فعن إبراهيم بن أدهم([4])/ قال: «إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث».
أثر حسن لغيره
أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (117)، وفي «الرحلة في طلب الحديث» (115)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/235/ط)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (ق/94/ط) من طريق محمد بن الحسن المقرئ قال: حدثنا محمد بن عصام قال: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن حاتم يقول: قال إبراهيم بن أدهم به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به في الآثار، من أجل موافقته لكلام أئمة الحديث الثقات، لأن فيه محمد بن الحسن المقرئ.
قال عنه الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص520): (المقرئ المفسر، وقرأ بالروايات، ورحل إلى عدة مدائن، وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه).اهـ
والأثر ذكره ابن الصلاح في «علوم الحديث» (ص123)، والأنباسي في «الشذا الفياح» (ج1 ص401)، والعراقي في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص745)، والسيوطي في «تدريب الراوي» (ج2 ص211)، والزركشي في «النكت» (ص405).
وهذا هو المقصود في هذا الكتاب، وقد سميته: (التحبير الحثيث في أن الله ينصر المسلمين في بلدانهم، ويقمع عدوهم بوجود أهل الحديث)؛ سائلا المولى عز وجل التوفيق والسداد، والهدي والرشاد.
كتبه
أبو عبد الرحمن الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
درة نادرة
في
الآداب التي يحصلها الطالب لعلم الحديث الشريف
قال الحافظ النووي / في «التقريب والتيسير» (ص79): «علم الحديث شريف يناسب مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، وهو من علوم الآخرة، من حرمه حرم خيرا عظيما، ومن رزقه نال فضلا جزيلا». اهـ
وقال الحافظ النووي / في «إرشاد طلاب الحقائق» (ج1 ص107): «واعلم أن علم الحديث من أفضل العلوم، وأولاها بالاعتناء، وأحق ما شمر فيه المبرزون، ومحققوا العلماء، إذ هو أكبر العلوم تولجا في فنونها... ولقد كان شأن الحديث فيما مضى عظيما، وأمره مفخما جسيما». اهـ
وقال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص118): «علم الحديث؛ علم شريف يناسب مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم؛ وينافر مساوي الأخلاق، ومشاين الشيم، وهو من علوم الآخرة؛ لا من علوم الدنيا.
فمن أراد التصدي لإسماع الحديث، أو لإفادة شيء من علومه؛ فليقدم تصحيح النية، وإخلاصها؛ وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية، وأدناسها؛ وليحذر بلية حب الرياسة، ورعوناتها ». اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
من اعتصم بالله نجا
ذكر الدليل على أن بطلاب الحديث في البلد
يرفع الله تعالى العقاب عن الناس في البلدان
لقد أخبر النبي ه ما يكون من الفتن في آخر الزمان، وحذر منها، ومن القادة للفتن، فحدث ه الناس بخطر الفتن وأهلها، فعلم ذلك من علم، وحفظ ذلك من حفظ، وجهل ذلك من جهل، ونسي ذلك من نسي، والله المستعان.
فذكر ه في الأحاديث، والأخبار، والآثار حال الفتن وأهلها في البلدان، فأكثر ه في ذلك، حتى ذكر ه فتن الكفرة، وفتن المبتدعة، وفتن العصاة([5])، التي لا تدع أحدا من الجهال الهمج من هذه الأمة إلا انقضت عليه، فيصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويصبح كافرا، ويمسي مؤمنا([6]): ]ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ [ [الروم:41]، ]ﰐ ﰑ ﰒ ﰓﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ [ [المائدة:64].
وقد بين الشارع أنها ستكون فتنة، وفرقة، واختلاف، فيجب اجتناب ذلك، والفرار، واعتزال دعاة الفتن في المساجد، والجوامع، والتجمعات، والاعتصامات، والمظاهرات، لأن ذلك من الفساد في الأرض([7]): ]ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ [ [البقرة:60]، ]ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ [ [البقرة:220].
قلت: فإن أصر الناس على الفتن والفساد في البلدان، سخط الله عليهم، وعاقبهم بأشد العقاب بما كانوا يفسدون في الأرض([8]): ] ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ [ [النحل:88].
قلت: والفتن إنما تزول – بإذن الله تعالى – بوجود أهل الحديث في البلد، والرجوع إليهم، وترك الأمور لهم جملة وتفصيلا([9])،إن أراد الناس النجاة من الفتن المحيطة بهم([10]) في بلدانهم.
1) فعن إبراهيم بن أدهم([11])/ قال: «إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث».
أثر حسن لغيره
أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (117)، وفي «الرحلة في طلب الحديث» (115)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/235/ط)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (ق/94/ط) من طريق محمد بن الحسن المقرئ قال: حدثنا محمد بن عصام قال: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن حاتم يقول: قال إبراهيم بن أدهم به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به في الآثار، من أجل موافقته لكلام أئمة الحديث الثقات، لأن فيه محمد بن الحسن المقرئ.
قال عنه الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص520): (المقرئ المفسر، وقرأ بالروايات، ورحل إلى عدة مدائن، وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه).اهـ
والأثر ذكره ابن الصلاح في «علوم الحديث» (ص123)، والأنباسي في «الشذا الفياح» (ج1 ص401)، والعراقي في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص745)، والسيوطي في «تدريب الراوي» (ج2 ص211)، والزركشي في «النكت» (ص405).
قلت: والآثار يتساهل فيها ما لا يتساهل في الأحاديث المسندة والأخبار، فافهم لهذا ترشد.
وأخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص52) من طريق محمد بن عمر بن الحجاف حدثنا عبد الله بن أبي عمرو البكري عن سلم الخواص قال: سمعت إبراهيم بن أدهم / يقول: «أصحاب الحديث بهم تدفع البلوى عن الناس، أو الآفات».
وإسناده فيه ضعف، لكن لا بأس به في المتابعات.
2) وعن سلم الخواص([12])/ قال: «البلاء يدفع عن أهل الأرض بأصحاب الحديث».
أثر حسن لغيره
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص52) من طريق أحمد بن محمد بن منصور قال: سمعت إبراهيم بن موسى البصري يحكي عن سلم الخواص به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به.
3) وعن يوسف بن أسباط([13])/ قال: «بطالب الحديث يدفع البلاء عن أهل الأرض».
أثر حسن
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص53) من طريق علي بن بندار الصيرفي حدثنا جعفر بن أحمد سمعت عبد الله بن خبيق يقول: سمعت يوسف بن أسباط به.
قلت: وهذا سنده حسن.
4) وعن أبي جعفر عبدالله بن محمد النفيلي / قال: «إن كان أحد على ظهر الأرض ينجو، فهؤلاء الذين يطلبون الحديث».
أثر حسن
أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج6 ص46)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص100) من طريق محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت الفضل بن محمد الشعراني يقول: سمعت أبا جعفر النفيلي به.
قلت: وهذا سنده حسن.
5) وعن وهب بن منبه / قال: «إن الله ليحفظ بالعبد الصالح القبيل([14]) من الناس».([15])
وأنشد أبو مزاحم الخاقاني:
أهل الحديث هم الناجون إن عملوا |
|
به إذا ما أتى عن كل مؤتمن |
قد قيل إنهم خير العباد على |
|
ما كان فيهم إذا أنجوا من الفتن |
من مات منهم كذا حانت شهادته |
|
فطاب من ميت في اللحد مرتهن([16]) |
قلت: وهذه الآثار تدل على أن الله تعالى يحفظ الناس في البلدان الإسلامية بوجود أهل الحديث فيما بينهم، ويرفع العذاب عنهم بالذين يطلبون الحديث، ويعملون به قولا وفعلا، فافهم لهذا ترشد.
قلت: لذلك يجب التفقه في فقه الفتن، وترسيخ ضوابطها وقواعدها بدقة وتفصيل، كما يفعل أهل الحديث في كل زمان([17])، فقد شيدوا عليها صرح هذا العلم، وهي قواعد وضوابط يلزم الاعتناء بها في كل وقت وحين([18])، وخاصة عندما تحيط الفتن بالمسلمين إذ الاهتمام بها اهتمام بالعلم النافع الذي يدفع الفتن، ويبعدها، والاشتغال بها يغني عن الاشتغال بالجزئيات([19]) التي لا تكاد تنتهي، ويجعل صاحبها قادرا على الخروج من حبائل الفتن؛ بأقل الخسائر، والأضرار.
وهذا المنهج التأصيلي عليه أهل الحديث([20])، يبعث المسلم على تفضيل وإيثار السلامة، ويولد فيه الحذر من الشرور التي تقع في الفتن، ويجنبه العثرات، والمهالك، ويترك ما يشين عليه استقامته وسلامته، حتى إنه يهجر الكفرة، والمبتدعة، والعصاة، بسبب ذلك يشرع له الهجر، لئلا يشاركهم في الفتن التي تجري على أيديهم، فينال قسطا من إثمها، اللهم سلم سلم.
قلت: والفتن إنما تزول – بإذن الله تعالى – بوجود أهل الحديث في البلد، والرجوع إليهم، وترك الأمور لهم جملة وتفصيلا([21])،إن أراد الناس النجاة من الفتن المحيطة بهم([22]) في بلدانهم.
فعن إبراهيم بن أدهم([23])/ قال: «إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث».
أثر حسن لغيره
أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (117)، وفي «الرحلة في طلب الحديث» (115)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/235/ط)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ»(ق/94/ط) من طريق محمد بن الحسن المقرئ قال: حدثنا محمد بن عصام قال: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن حاتم يقول: قال إبراهيم بن أدهم به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به في الآثار، من أجل موافقته لكلام أئمة الحديث الثقات، لأن فيه محمد بن الحسن المقرئ.
قال عنه الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص520): (المقرئ المفسر، وقرأ بالروايات، ورحل إلى عدة مدائن، وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه).اهـ
والأثر ذكره ابن الصلاح في «علوم الحديث» (ص123)، والأنباسي في «الشذا الفياح» (ج1 ص401)، والعراقي في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص745)، والسيوطي في «تدريب الراوي» (ج2 ص211)، والزركشي في «النكت» (ص405).
وأخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص52) من طريق محمد بن عمر بن الحجاف حدثنا عبد الله بن أبي عمرو البكري عن سلم الخواص قال: سمعت إبراهيم بن أدهم / يقول: «أصحاب الحديث بهم تدفع البلوى عن الناس، أو الآفات».
وإسناده فيه ضعف، لكن لا بأس به في المتابعات.
وقال الإمام علي بن المديني / في حديث النبي ه: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم»: «هم أهل الحديث، والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ه، ويذبون عن العلم ».([24])
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «شرف أصحاب الحديث» (ص39): (فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين، وصرف عنهم كيد المعاندين، لتمسكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين، فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ه لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى، قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظا ونقلا حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها، فهم الحفاظ لأركانها والقوامون بأمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها، فهم دونها يناضلون، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون). اهـ
وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «شرف أصحاب الحديث» (ص37): (وقد جعل الله تعالى أهله أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله من خليقته، والواسطة بين النبي ه وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائره، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة، وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيا تعكف عليه؛ سوى أصحاب الحديث، فإن الكتاب عدتهم، والسنة حجتهم، والرسول ه فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء، يقبل منهم ما رووا عن الرسول ه، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته، إذا اختلف في حديث، كان إليهم الرجوع، فما حكموا به، فهو المقبول المسموع، ومنهم كل عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلة، ومخصوص بفضيلة، وقارئ متقن، وخطيب محسن، وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر من كادهم خصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
خاتمة النصر
نصر
أهل الحديث([25]) على التتر أتباع هولاكو
في مدينة أصبهان في العراق الثاني
قال الحافظ ابن دحية /: (فخرج في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وستمائة جيش من الترك يقال له: «الططر»([26]) عظم في فتكه الخطب والخطر، وقضى له من قتل النفوس المؤمنة الوطر، ولم تهتد إلى دفعه بالحيل الفطر، فقتلوا من وراء النهر وما دونه من جميع بلاد خراسان، ومحوا رسوم ملك بني ساسان، وهذا الجيش ممن يكفر بالرحمن، ويرى أن الخالق المصور هما النيران، وملكهم يعرف بخان خاقان، وخربوا مدينة نشاور وأطلقوا فيها النيران، وخار عنهم من أهل خوارزم كل إنسان، ولم يبق منهم إلا من اختبأ في المغارات، والكهفان، حتى وصلوا إليها وقتلوا وسبوا وخربوا البنيان، وأطلقوا الماء على المدينة من نهر جيحان، فغرق فيها مباني الذرى والأركان... وقطعوا ما أمر الله عز وجل به أن يوصل من الدين بأخس الأديان إلى أن وصلوا بلاد نهستان فخربوا مدينة الري، وقزوين([27])، وأبهر([28])، وزنجان([29])، ومدينة أردبيل([30])، ومدينة مراغة([31]): كرسي بلاد أذربيجان([32])، واستأصلوا شأفة من في هذه البلاد من العلماء والأعيان، واستباحوا قتل النساء، وذبح الولدان، ثم وصلوا إلى العراق الثاني، وأعظم مدنه مدينة أصبهان([33])، ودور سورها في غاية الارتفاع والإتقان، وأهلها مشتغلون بعلم الحديث، فحفظهم الله بهذا الشأن وكف كف الكفر عنهم بأيمان الإيمان وأنزل عليهم موائد التأييد والإحسان فتلقوهم بصدور هي في الحقيقة صدور الشجعان، وحققوا الخبر بأنها بلد الفرسان، واجتمع فيها مائة ألف إنسان، وخرجوا إليهم كأسد، ولكن غاباتها عوامل الخرصان([34])، وقد لبسوا البياض كثغور الأقحوان، وعليهم دروع فضفاضة في صفاء الغدران، وهيئت للمجاهدين درجات الجنان، وأعدت للكافرين دركات النيران، وبرز إلى «الططر» القتل في مضاجعهم وساقهم القدر المحتوم إلى مصارعهم، فمرقوا عن أصبهان مروق السهم من الرمي، واشتدوا إلى الوادي فطم على القرى، ففروا منهم فرار الشيطان يوم بدر له حصاص([35])، ورأوا أنهم إن وقفوا لم يمكن لهم من الهلك مخلص، وواصلوا السير بالسرى وهدوا من همدان الوهاد والذرى بعد أن قامت الحرب على ساق، والأرواح في مساق من ذبح ومثلى، وضرب الأعناق، وصعدوا جبل أزند فقتلوا من فيه من جموع صلحاء المسلمين، وخربوا ما فيه من الجنات والبساتين، وانتهكوا منهم، ومن نسوانهم حرمات الدين، وكانت استطالتهم على ثلثي بلاد المشرق الأعلى، وقتلوا فيها من الخلائق ما لا يحصى).([36]) اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة.............................................................................................................. |
5 |
2) |
الفتن تزول بوجود أهل الحديث.................................................................. |
7 |
3) |
الآداب التي يحصلها الطالب لعلم الحديث.............................................. |
9 |
4) |
ذكر الدليل على أن بطلاب الحديث في البلد يرفع الله تعالى العقاب عن الناس في البلدان..................................................................................... |
11 |
5) |
ذكر الآثار على أن العذاب يرفع بوجود أهل الحديث............................. |
13 |
6) |
ذكر الآثار على أن البلاء يدفع بوجود أهل الحديث.............................. |
13 |
7) |
يجب تربية الشعوب على منهج أهل الحديث............................................ |
17 |
8) |
ينزل الله تعالى الأمن والأمان في الأوطان بوجود أهل الحديث .......... |
17 |
9) |
يجب تكثير سواد أهل الحديث في البلدان الإسلامية ليرفع الله تعالى العقاب عن الناس.......................................................................................... |
18 |
10) |
أهل الحديث هم: الطائفة الناجية............................................................. |
20 |
11) |
نصر أهل الحديث على أهل الكفر، وأهل البدع في الدينا والآخرة ....... |
22 |
([1]) قلت: وبهم ينزل الأمن، وترفع الفتن، ويحفظ الناس في البلدان، لأن الله تعالى أبى أن يجعل التوفيق لأحد غير أهل الحديث ] ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ [[هود:88].
([3]) قلت: وإذا عدل الناس عن أهل الحديث في دنياهم وآخرتهم، هلكوا، وخالفوا، فوقعوا في الفتن، والعذاب الأليم، كما هو مشاهد في البلدان، عندما رجعوا إلى أهل الأهواء، وأطاعوهم في الثورات المهلكة، اللهم سلم سلم.
([4]) هو إبراهيم بن أدهم بن منصور العجلي أبو إسحاق البلخي الزاهد.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص104).
([5]) كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (3411)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1475)، وأبو داود في «سننه» (4244).
قلت: فقد ذكر في هذا الحديث الأمر بتعلم كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ه، واتباع ما فيهما، ولزوم جماعة المسلمين عند غلبة الفتن وظهورها، وذكر صفة دعاة الباطل، والأمر بالسمع والطاعة لولي الأمر وإن ضرب الظهر، وأخذ المال، اللهم سلم سلم.
([6]) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص110).
قلت: وهذه الفتن هي التي تموج موج البحر في الناس، فيهلك من يهلك، وينجو من ينجو، اللهم سلم سلم.
كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص196)، ومسلم في «صحيحه» (ج6 ص2089).
قلت: وهلاك الناس على يد رؤوس الضلالة، كما هو مشاهد في بلدان المسلمين.
قلت: لأن لا ينتصب للفتنة إلا مرضى القلوب، ولذلك استحقوا إقبالها عليهم، وصرعها لهم، بخلاف المستعيذين منها؛ الذين أدركوا عظيم خطرها، فاحتاطوا لها، وتجنبوا بداياتها، وهربوا من لهيبها، فإنهم لا يصيبهم من أذاها إلا القليل؛ لعدم تعلقهم بها.
([7]) وانظر: «فقه الفتن» للإدريسي (ص294 و406)، و «التذكرة بأحوال الموتى» للقرطبي (ج3 ص1092 و1096)، و «المنهاج» للنووي (ج2 ص133).
([8]) قلت: لأن الناس يتخبطون في الفتن بخبط عشواء، فلا يهتدون إلى شيء؛ إلا الهلاك المبين لهم في بلدهم، اللهم سلم سلم.
([10]) قلت: وإذا عدل الناس عن أهل الحديث في دنياهم وآخرتهم، هلكوا، وخالفوا، فوقعوا في الفتن، والعذاب الأليم، كما هو مشاهد في البلدان، عندما رجعوا إلى أهل الأهواء، وأطاعوهم في الثورات المهلكة، اللهم سلم سلم.
([11]) هو إبراهيم بن أدهم بن منصور العجلي أبو إسحاق البلخي الزاهد.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص104).
([12]) هو سلم بن ميمون الخواص الرازي. من عباد أهل الشام، وقرائهم، وممن غلب عليه الصلاح مع ضعف فيه في الحديث.
انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج8 ص179)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص345).
([13]) هو يوسف بن أسباط بن واصل الكوفي، وهو ثقة.
انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص358)، و«التاريخ» للدارمي (ص228).
([18]) ولهذا وجب على الناس أن يستفتوا أهل الحديث، ويراجعوهم فيما يعرض لهم من قضايا الدنيا والآخرة، اللهم غفرا.
قال الإمام أبو شامة المقدسي / في «المؤمل» (ص55): «وأئمة الحديث هم المعتبرون القدوة في فنهم، فوجب الرجوع إليهم في ذلك». اهـ
([20]) قلت: وبهم ينزل الأمن، وترفع الفتن، ويحفظ الناس في البلدان، لأن الله تعالى أبى أن يجعل التوفيق لأحد غير أهل الحديث ] ﯹ ﯺ ﯻ ﯼﯽ [[هود:88].
([22]) قلت: وإذا عدل الناس عن أهل الحديث في دنياهم وآخرتهم، هلكوا، وخالفوا، فوقعوا في الفتن، والعذاب الأليم، كما هو مشاهد في البلدان، عندما رجعوا إلى أهل الأهواء، وأطاعوهم في الثورات المهلكة، اللهم سلم سلم.
([23]) هو إبراهيم بن أدهم بن منصور العجلي أبو إسحاق البلخي الزاهد.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص104).
أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص485)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص246)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص38).
وإسناده صحيح.
([25]) أهل الحديث قديما وحديثا في بلدانهم يوجد الأمن والأمان، والنصر المظفر لهم طال الزمان أو قصر على الكفرة في الخارج، وعلى المبتدعة في الداخل، أما بالسيف والسنان، أو بالحجة والبيان، ولابد.
قلت: والنصر على الأعداء لا يحتاج إلى أكثر من بيان الحق وإيضاحه في الخارج والداخل؛ فإن الحق أبلج، والباطل لجلج، والويل للكفرة والمبتدعة في الدنيا والآخرة.
([26]) هم: التتر، والتتار أصحاب هولاكو، وهو الذي حكم: ((إيران)) سنة: (565هـ)!.
انظر: ((حياة جنكيز خان الإدارية والسياسية والعسكرية)) (ص20 و22 و68 و100 و199)؛ تاريخ المغول.
([32]) وبعضهم يقول: «آذربيجان» بمد الهمزة وسكون الذال، وكسر الراء، ثم باء موحدة، ثم ياء ساكنة.
انظر: « معجم البلدان» للحموي (ج1 ص128).