الرئيسية / سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية / إرشاد المتقين إلى أن المسائل الفقهية الخلافية إذا صارت من شعارات أهل البدع؛ فإنها تنتقل وتكون من جملة مسائل أصول الدين
إرشاد المتقين إلى أن المسائل الفقهية الخلافية إذا صارت من شعارات أهل البدع؛ فإنها تنتقل وتكون من جملة مسائل أصول الدين
سلسلة النصيحة الذهبية للعودة إلى السلفية
|
33 |
إرشاد المتقين
إلى
أن المسائل الفقهية الخلافية إذا صارت من شعارات أهل البدع؛ فإنها تنتقل وتكون من جملة مسائل أصول الدين
دراسة أثرية منهجية علمية، على أن أئمة الحديث في الأمصار يذكرون بعض المسائل في الفروع الخلافية في عقائدهم، التي تستدل بها الفرق الضالة على عباداتهم الباطلة، ومذاهبهم الفاسدة، لأنها أصبحت من جملة مسائل أصول الدين، التي يتميز بها أهل السنة، عن أهل البدعة.
بقلم:
فضيلة الشيخ المحدث الفقيه
أبي عبد الرحمن فوزي بن عبد الله الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت
ذكر الدليل على أن مسألة تارك الصلاة، قد أصبحت من مسائل الاعتقاد، فانتقلت من الفروع إلى الأصول([1])، لأنها صارت من شعار المرجئة قديما وحديثا، واستدلالها بهذه المسألة على إرجائها، وكذلك مسألة الجهر بالبسملة في الصلاة، حيث صارت من شعارات الرافضة، فأدخلها السلف في الاعتقاد بسبب ذلك، وغيرها
اعلم رحمك الله أن السلف أئمة الحديث قد أدخلوا مسألة الجهر بالبسملة –وهي: من مسائل الفقه- في أمور العقيدة، وذلك لأنها صارت من شعارات الرافضة، واستدلت لها بالأحاديث المنكرة، وكذلك مسألة المسح على الخف صارت من مسائل الأصول.
كما أدخلت مسألة تارك الصلاة في أمور العقيدة، وهذا ظاهر في كتب أهل الحديث، منهم: الإمام اللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة»، والإمام ابن نصر في «تعظيم قدر الصلاة»، والإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى»، والإمام الآجري في «الشريعة»، والإمام ابن منده في «الإيمان» ([2])، والإمام ابن أبي الخير في «الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار»، وغيرهم.
* وذلك لأن المرجئة: بجميع أنواعها تستدل على قول «الإرجاء الخبيث» باختلاف العلماء المتأخرين، واستدلالهم على مسألة تارك الصلاة.
ولهذا السبب من المرجئة، أدخل السلف هذه المسألة في الأصول، وتكلموا فيها في كتب الاعتقاد؛ للرد على المرجئة كلها.
قال الإمام ابن بطة / في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص790): (أن المنافقين أحسن حالا من «المرجئة»، لأن المنافقين جحدوا العمل، وعملوه.
والمرجئة: أقروا بالعمل بقولهم، وجحدوه بترك العمل به، فمن جحد شيئا، وأقر به بلسانه، وعمله ببدنه أحسن حالا ممن أقر بلسانه، وأبى أن يعمله ببدنه.
فالمرجئة: جاحدون لما هم به مقرون، ومكذبون بما هم به مصدقون؛ فهم أسوأ حالا من المنافقين، ويح لمن لم يكن القرآن، والسنة دليله؛ فما أضل سبيله، وأكسف باله، وأسوأ حاله).اهـ
وبوب الإمام ابن منده في «الإيمان» (ج1 ص382)؛ ذكر ما يدل على أن مانع الزكاة، وتارك الصلاة: يستحق اسم الكفر. ([3])
وقال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج2 ص654): (يدل على أن الصلاة من الإيمان، ومن لم يصل، فلا إيمان له، ولا إسلام، وقد سمى الله تعالى الصلاة في كتابه: إيمانا). اهـ
وبوب الإمام ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج2 ص884)؛ باب: القول في المرجئة، وما روي فيه، وإنكار العلماء لسوء مذاهبهم.
وبوب الإمام الآجري في «الشريعة» (ج2 ص644)؛ باب: ذكر كفر تارك الصلاة.
وعن شعيب بن حرب قال: (قلت لأبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري: حدثني بحديث من السنة ينفعني الله عز وجل به، فإذا وقفت بين يدي الله تبارك وتعالى وسألني عنه، فقال لي: من أين أخذت هذا؟ قلت: يا رب حدثني بهذا الحديث سفيان الثوري، وأخذته عنه، فأنجوا أنا، وتؤاخذ أنت.
فقال: يا شعيب هذا توكيد، وأي توكيد، أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم.
القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، من قال غير هذا فهو كافر ...
يا شعيب بن حرب: لا ينفعك ما كتبت لك حتى ترى المسح على الخفين دون خلعهما أعدل عندك من غسل قدميك.
يا شعيب بن حرب: ولا ينفعك ما كتبت حتى يكون إخفاء «بسم الله الرحمن الرحيم» في الصلاة أفضل عندك من الجهر بها ...).
أثر صحيح
أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1ص151)، والمخلص في «المخلصيات» (ج4 ص81) من طريق أبي الفضل شعيب بن محمد بن الراجيان حدثنا علي بن حرب الموصلي به.
قلت: وهذا سنده صحيح.
وأخرجه الطيوري في «الطيوريات» (ج2 ص539 و540) من وجه آخر.
وقال الحافظ الذهبي / في «تذكرة الحفاظ» (ج1ص207): (وهذا ثابت عن سفيان).
وأقره المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج2 ص54).
وذكره الذهبي في «السير» (ج7 ص273)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج4 ص380)، وابن قدامة في «المغني» (ج1 ص360).
قلت: وأدخلت مسألة الجهر بالبسملة في أمور العقيدة كما هو ظاهر من كلام سفيان /، وهو مخرج في الاعتقاد من باب الولاء والبراء، وهجر شعارات أهل البدع، وذلك لأن الشيعة الرافضة ترى الجهر بالبسملة، وهم من أهل البدع، وأكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث، وغالب أحاديث الجهر بالبسملة يجد في رواتها من هو منسوب إلى التشيع، فصار الجهر بها: من شعار الروافض، وهجر شعارات أهل البدع من الدين، حتى كان الإمام الجليل ابن أبي هريرة ([4])، أحد أعيان أصحاب الشافعي: يترك الجهر بها، وهو يقول: الجهر بها صار من شعار الروافض.
قال الإمام العيني / في «البناية» (ج2ص233): (وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر على النبي r، وأصحابه: لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث، وكان أبو علي بن أبي هريرة، أحد أعيان أصحاب الشافعي: يترك الجهر بها، وهو يقول: الجهر بها صار من شعار الروافض.
وغالب أحاديث الجهر يجد في رواتها من هو منسوب إلى التشيع). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص423): (وإنما كثر الكذب في أحاديث الجهر؛ لأن الشيعة ترى الجهر، وهم أكذب الطوائف، فوضعوا في ذلك أحاديث لبسوا بها على الناس دينهم؛ ولهذا يوجد في كلام أئمة السنة من الكوفيين، كسفيان الثوري: أنهم يذكرون من السنة «المسح على الخفين»، و«ترك الجهر بالبسملة»، كما يذكرون: «تقديم أبي بكر، وعمر»، ونحو ذلك؛ لأن هذا كان من شعار الرافضة.
ولهذا ذهب أبو علي بن أبي هريرة، أحد الأئمة من أصحاب الشافعي: إلى ترك الجهر بها، قال: لأن الجهر بها صار من شعار المخالفين). اهـ
وقوله: (حتى ترى المسح عليهما)؛ لأن فيه مخالفة أهل البدع من الرافضة، الذين لا يرون شرعية المسح على الخفين، وهذا اعتقاد أبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري /. ([5])
قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج1 ص44): (وينبغي أن يعلم؛ أنه ليس كل ما أنكره بعض الناس عليهم، يكون باطلا.
بل من أقوالهم، أقوال خالفهم فيها بعض أهل السنة، ووافقهم بعض، والصواب: مع من وافقهم؛ لكن ليس لهم مسألة انفردوا بها أصابوا فيها.
* فمن الناس من يعد من بدعهم: «الجهر بالبسملة»، و«ترك المسح على الخفين»: إما مطلقا، وإما في الحضر، و«القنوت» في الفجر، و«متعة الحج»، ونحو ذلك من المسائل التي تنازع فيها علماء السنة، وقد يكون الصواب فيها: القول الذي يوافقهم، كما يكون الصواب هو القول الذي يخالفهم، لكن المسألة اجتهادية، فلا تنكر إلا إذا صارت شعارا لأمر لا يسوغ، فتكون دليلا على ما يجب إنكاره، وإن كانت نفسها يسوغ فيها الاجتهاد).اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «منهاج السنة» (ج4 ص150): (وكذلك الجهر بالبسملة، هو مذهب الرافضة... لأن المعروف في العراق: أن الجهر كان من شعار الرافضة، وأن «القنوت» في الفجر كان من شعار القدرية الرافضة.
* حتى أن سفيان الثوري، وغيره من الأئمة يذكرون في عقائدهم: «ترك الجهر بالبسملة»؛ لأنه كان عندهم من شعار الرافضة.
كما يذكرون: «المسح على الخفين»؛ لأن تركه كان من شعار الرافضة). اهـ
وقال الإمام ابن رجب / في «فتح الباري» (ج4 ص380): (وكان سفيان الثوري، وغيره من أئمة الأمصار يعدون الإسرار بالبسملة من جملة مسائل أصول الدين، التي يتميز بها أهل السنة عن غيرهم، كالمسح على الخفين، ونحوه). اهـ
ﭑ ﭑ ﭑ
([1]) فكان أئمة الحديث في الأمصار: يعدون حكم تارك الصلاة من جملة مسائل أصول الدين، التي يتميز بها أهل السنة عن أهل الإرجاء، فافهم لهذا.
([2]) وانظر: «الاعتقاد» للالكائي (ج4 ص816)، و«تعظيم قدر الصلاة»؛ باب: ذكر إكفار تارك الصلاة، لابن نصر (ج1 ص873 و939)، و«الإبانة الكبرى» لابن بطة (ج2 ص778 و781 و789 و790)، و«الشريعة» للآجري (ج2 ص644 و654)، و«الإيمان»؛ باب: ذكر ما يدل على أن مانع الزكاة، وتارك الصلاة يستحق اسم الكفر، لابن منده (ج1 ص382 و383)، و«الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار» لابن أبي الخير العمراني (ج3 ص753).
([3]) فقد صرح الإمام ابن منده /: أن تارك الصلاة يستحق اسم الكفر، ومقصوده: تارك الصلاة تكاسلا، فإنه يكفر، لأنه هو موضع الخلاف بين العلماء المتأخرين.
([4]) هو الحسن بن الحسين أبو علي ابن أبي هريرة، القاضي الفقيه البغدادي، أحد أئمة الشافعية، من أصحاب الوجوه، صنف «التعليق الكبير على مختصر المزني»، وكان معظما عند السلاطين فمن دونهم.
انظر ترجمته في: «طبقات الشافعية» للسبكي (ج3ص256)، و«البداية والنهاية» لابن كثير (ج11ص304)، و«طبقات الشافعية» لابن قاضي (ج1ص126)، و«تاريخ بغداد» للخطيب (ج7ص298).