القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / نيل الأجر في تأدية صلاة الصبح في وقت طلوع الفجر

2023-11-29

صورة 1
نيل الأجر في تأدية صلاة الصبح في وقت طلوع الفجر

 

       
 

                سلسلة

        من شعار أهل الحديث

 

 
 
    شكل بيضاوي: 121

 

 

 

 

نيل الأجر

في

تأدية صلاة الصبح

في وقت طلوع الفجر

 

دراسة أثرية علمية منهجية في أن وصف الفجر الثاني هو: بياض النهار المستطير

المنتشر في الأفق؛ ثم انتشاره في الطرق والبيوت والجبال والشعب، وهو دخول وقت صلاة الفجر.

 

تأليف العلامة المحدث:

الشيخ فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري

 

ومعه:

إجماع الصحابة والتابعين رضي الله عنهم على أن دخول وقت صلاة الفجر بطلوع الفجر الصادق وهو: نور الصباح بتبين نوره المنتشر في الأرض.

 

بالإضافة إلى ذكر:

إجماع الأئمة الأربعة؛ الإمام أبي حنيفة رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله، والإمام الشافعي رحمه الله، والإمام أحمد رحمه الله على أن دخول وقت صلاة الفجر بطلوع الفجر الصادق وهو: ضوء الصباح المنتشر في الأرض.

بسم الله الرحمن الرحيم

رب زدني علما، وحفظا، وفهما

المقدمة

 

 

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ [آل عمران :102].

]ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا[ [النساء:1].

]ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا (70) يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما[ [الأحزاب:70 و71].

أما بعد...

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن الله تعالى حد لنا حدودا، وأمرنا ألا نعتديها، وقدر أشياء بعلمه وحكمته؛ فليس لنا الزيادة عليها، ولا النقصان عنها.

ومما قدره الله تعالى وقت صلاة الفجر وهو الفجر الصادق، وقد علق الشارع الحكيم عليه أحكاما، فكان لزاما علينا أن نعرف صفة الفجر الصادق؛ لتأدية حقوق الله تعالى في هذا الحكم على سبيل الكمال والعلم في الدين.

قلت: وإن من قواعد الشريعة في أحكام الصلوات اليومية؛ أنه لا يصح وقوعها إلا في وقتها بيقين تام، ترتبط أسبابها بعلامات يقينية لا مدخل للعباد فيها، بل هي سنن كونية ثابتة يستوي في معرفتها عموم الخلق: علماء وطلبة وعامة، ولم تقيد بعلم دقيق، بل تناط معرفتها بأمور محسوسة مشاهدة، وكواكب سيارة يعرفها المتعلم، وغير المتعلم، ويهتدي بطلوعها وغروبها المكلفون جميعا.([1])

ويظهر ذلك جليا في علامات مواقيت الصلوات الخمس المفروضة، وعدم دخول الخطأ فيها بالرؤية، والمشاهدة يستوي في معرفتها جميع الناس في الأرض.

قلت: إن ذلك من نعم الله تعالى على هذه الأمة ما اختصها به في الأيام والشهور والسنوات من عبادات عظيمة مفروضة، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله تعالى في القرآن، والنبي صلى الله عليه وسلم في السنة أتم البيان وأوضحه.

قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مؤقتا بوقت محدد مبين، وهو مفروض على العباد.([2])

قلت: فالموقوت: المفروض، ويطلق على الوقت المحدد.

فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (يعني: مفروضا).([3])

وعن زيد بن أسلم  رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103] قال: (كلما مضى وقت جاء وقت آخر).([4])

وعن معمر بن يحيى رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (وجوبها).([5])

وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا، الموقوت: المفروض).([6])

وعن عطية العوفي رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا).([7])

وعن مجاهد رحمه الله قال: في قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ قال: (مفروضا)؛ أي: فرضا موقتا وقته الله تعالى عليهم.([8])

وقال الثعلبي المفسر رحمه الله في ((تفسيره)) (ج5 ص379)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]: (أي: واجبا مفروضا في الحضر والسفر، فركعتان في السفر وأربع في الحضر، وكتب الله عليهم ووقته؛ أي: جعل للأوقات). اهـ

وقال الإمام البخاري رحمه الله في ((صحيحه)) (ج2 ص3)؛ قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ موقتا وقته عليهم.

وقال الجصاص المفسر رحمه الله في ((أحكام القرآن)) (ج2 ص333): (قد انتظم ذلك إيجاب الفرض ومواقيته; لأن قوله تعالى: ]كتابا[؛ معناه: فرضا, وقوله: ]موقوتا[؛ معناه: أنه مفروض في أوقات معلومة معينة, فأجمل ذكر الأوقات في هذه الآية وبينها في مواضع أخر من الكتاب من غير ذكر تحديد أوائلها وأواخرها, وبين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحديدها ومقاديرها). اهـ

وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في ((فتح القدير)) (ج1 ص459): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: محدودا معينا، يقال: وقته فهو موقوت ووقته فهو مؤقت.

والمعنى: إن الله افترض على عباده الصلوات، وكتبها عليهم في أوقاتها المحدودة، لا يجوز لأحد أن يأتي بها في غير ذلك الوقت إلا لعذر شرعي، من نوم أو سهو أو نحوهما). اهـ

وقال الواحدي المفسر رحمه الله في ((الوسيط)) (ج2 ص110): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ فرضا مؤقتا). اهـ

وقال العلامة الشيخ السعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص339): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به.

وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم). اهـ

وقال الإمام الطبري رحمه الله في ((تفسيره)) (ج9 ص167): (لأن ما كان مفروضا فواجب, وما كان واجبا أداؤه في وقت بعد وقت فمنجم([9])). اهـ

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: ((فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام بالظهر، حين زالت الشمس، والقائل يقول قد انتصف النهار، وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول قد طلعت الشمس، أو كادت، ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين)).

أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (614)، وأبو داود في ((سننه)) (395)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص165)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص260)، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (ج1 ص375)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص366)، وفي ((معرفة السنن)) (ج1 ص405)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في ((الحجة)) (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في ((التاريخ الكبير)) (148)، والبزار في ((المسند)) (975)، والسراج في ((المسند)) (975)، وفي ((حديثه)) (1338)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص281)، والروياني في ((المسند)) (520)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج2 ص326)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص26)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (317)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص148)، وفي ((أحكام القرآن)) (284)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج2 ص10)، وفي ((معالم التنزيل)) (ج1 ص476)، وابن حزم في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص167)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى رضي الله عنه به.

قلت: ونص أهل العلم على أن من شروط الصلاة: دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم رحمه الله في ((الإحكام)) (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((الكافي)) (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم رحمه الله في ((الواضح)) (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان رحمه الله في ((الروضة الندية)) (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الملخص الفقهي)) (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها([10])؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الملخص الفقهي)) (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([11])

قال الترمذي رحمه الله في ((العلل الكبير)) (ج1 ص202): (قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله, وحديث أبي موسى, وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه في المواقيت؛ هو: حديث حسن, وحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في المواقيت؛ هو: حديث حسن). اهـ

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((المغنى)) (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((المغنى)) (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

قلت: والصلاة على وقتها من أفضل الأعمال في الشريعة المطهرة.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي: العمل أحب إلى الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (الصلاة على وقتها). وفي رواية: (الصلاة لوقتها). وفي رواية: (الصلاة على ميقاتها([12])). وفي رواية: (أي: العمل أفضل). وفي رواية: (أي: الأعمال أقرب إلى الجنة).

أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (504)، و(5625)، وفي ((الأدب المفرد)) (1)، وفي ((بر الوالدين)) (ص104 و105)، ومسلم في ((صحيحه)) (85)، والترمذي في ((سننه)) (173)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص493)، وفي ((المجتبى)) (ج1 ص293)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص215)، وفي ((الآداب)) (1)، وفي ((الاعتقاد)) (ص249)، وفي ((الأربعين الصغرى)) (ص197)، وفي ((شعب الإيمان)) (2544)، و(7439)، والطائي في ((الأربعين)) (12)، وابن المبارك في ((البر والصلة)) (1)، و(2)، و(35)، وابن الأعرابي في ((المعجم)) (611)، وأحمد في ((المسند)) (ج1 ص418 و442 و451)، والدارمي في ((المسند)) (ج1 ص278)، وابن أبي عاصم في ((الجهاد)) (ج1 ص171)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (ج7 ص266)، وفي ((أخبار أصبهان)) (ج1 ص115)، و(ج2 ص301)، وفي ((المسند المستخرج)) (ج1 ص163)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص279)، و(ج4 ص207)، و(ج5 ص219)، وفي ((المسند)) (202)، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد الزهد)) (ص214)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج4 ص338 و340 و342)، وفي ((الثقات)) تعليقا (ج8 ص314)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج10 ص23 و24 و25 و26)، وفي ((المعجم الأوسط)) (3583)، و(5394)، و(7233)، وفي ((المعجم الصغير)) (ج1 ص163)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج1 ص64)، والطيالسي في ((المسند)) (372)، وهناد في ((الزهد)) (983)، والبزار في ((المسند)) (1791)، و(1792)، و(1793)، وأبو القاسم البغوي في ((الجعديات)) (484)، واللالكائي في ((الاعتقاد)) (1546)، والطحاوي في ((مشكل الآثار)) (ج3 ص27)، و(ج5 ص366)، وابن منده في ((الإيمان)) (ج2 ص541 و460)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج2 ص176)، وفي ((مصابيح السنة)) (ج1 ص251)، والهيثم بن كليب في ((المسند)) (759)، و(761)، وأبو الفرج المقرئ في ((الأربعين في الجهاد)) (ص52)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج1 ص169)، وأبو القاسم الأصبهاني في ((الترغيب والترهيب)) (ج1 ص270)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص249)، وفي ((المؤتلف والمختلف)) (ج3 ص6696)، وعبد الخالق بن أسد في ((المعجم)) (ص399)، وأبو يعلى في ((المسند)) (5086)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج18 ص276)، و(ج54 ص396)، وفي ((الأربعين في الحث على الجهاد)) (3)، وفي ((معجم الشيوخ)) (482)، و(1551)، وابن المقرئ في ((المعجم)) (565)، والحميدي في ((المسند)) (103)، وابن الجوزي في ((مشيخته)) (ص136)، وفي ((البر والصلة)) (ص48)، وفي ((التحقيق)) (ج2 ص33)، وفي ((الحدائق)) (ج2 ص90)، وفي ((جامع المسانيد)) (ج5 ص88)، والنسوي في ((الأربعين)) (ص75)، وأبو الشيخ في ((ذكر الأقران)) (ص29)، وضياء الدين المقدسي في ((فضائل الأعمال)) (ص346)، والفاكهي في ((حديثه)) (126)، وابن بشران في ((الأمالي)) (ص227)، وسعيد بن منصور في ((السنن)) (2302)، والإسماعيلي في ((المعجم)) (48)، والخلعي في ((الخلعيات)) (ص59 و60)، وأبو علي الرفاء في ((الفوائد)) (61)، والخلدي في ((الفوائد)) (470)، ومكرم البزاز في ((الفوائد)) (615)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (ج2 ص204 و205)، وابن المقرب في ((الأربعين)) (ص86)، وابن أسلم في ((الأربعين)) (ص72)، والطوسي في ((مختصر الأحكام)) (ج1 ص436)، والحاكم في ((المستخرج على صحيح مسلم)) (ج4 ص65-الإمام)، وابن مسلمة في ((المشيخة البغدادية)) (ص141)، والأبرقوهي في ((معجم الشيوخ)) (ص426)، وعبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الشرعية الكبرى)) (ج1 ص554)، و(ج5 ص61 و157)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (1111)، وابن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (162)، والحسين المروزي في ((البر والصلة)) (3)، والسلفي فيما ((انتخبه من الطيوريات)) (386)، ومعمر الأزدي في ((جامعه)) (ج11 ص190)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (ج3 ص126)، وابن عدي في ((الكامل)) (ج2 ص65)، و(ج3 ص139)، والدولابي في ((الكنى والأسماء)) (ج2 ص634)، والقسطلاني في ((إرشاد الساري)) (ج2 ص203 و204)، وابن دقيق العيد في ((الإمام في معرفة أحاديث الأحكام)) (ج4 ص64) من طرق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه به.

وبوب عليه الإمام البخاري رحمه الله في ((صحيحه)) (ج2 ص203)؛ باب: فضل الصلاة لوقتها.([13])

قلت: فهذه المسألة مما اتفق عليها السلف، والخلف؛ استنادا إلى أدلة التي سبقت في تحديد مواقيت الصلاة، وغيرها من الأدلة المعروفة في هذا الخصوص.

ولكن الشيطان حريص كل الحرص على إبعاد العباد عن دينهم الحق، بشتى الوسائل؛ فيزين لهم عبادات ما أنزل الله تعالى بها من سلطان، فهو عالم بما يزين للناس، ويحسن لهم من أعمال هي في الحقيقة بدع ومحدثات، ويوهم الكثيرين منهم أنهم على الجادة، وأنهم على أهدى سبيل.

قلت: ومن جملة ما يزين الشيطان للناس فعله في هذا الزمان تقديم وقت صلاة الفجر([14])، فؤذن لصلاة الفجر على غير وقته، وصلى جمهور الناس صلاة الفجر في مساجدهم، وبيوتهم قبل دخول وقت صلاة الفجر مما يؤكد فساد صلاتهم؛ لأنها لم تؤد على وقتها الذي شرعه الله تعالى لها.([15])

والسبب في ذلك يعود لجهل الناس بمعرفة الفجر الصادق من الفجر الكاذب، واعتمادهم على تقاويم فلكية لم يراع في وضعها الدقة المطلوبة في الشرع، ولم يشرف على وضعها علماء مختصون، أو طلبة علم متمكنون في الشريعة المطهرة، بل أشرف على وضعها الدكاترة، والفلكيون في البلدان الإسلامية، والله المستعان.

قلت: ولما كان هذا الأمر بالغ الأهمية والخطورة؛ لتعلقه بالركن الثاني من أركان الإسلام، الذي عليه مدار قبول هذه العبادة وهي الصلاة التي تؤدى في غير وقتها([16])، وغيرة مني على هذه العبادة أن تؤدى على وقتها، كتبت هذا الكتاب راجيا المولى أن يجعل فيه عبرة لاؤلي الألباب، ودفعا للمسؤولين في بلدانهم أن يعطوا هذا الأمر جل اهتمامهم، وأن تعدل هذه ((التقاويم الفلكية))([17])، وبذلك نصون عبادة الناس من الفساد، ونبرئ ذمتنا أمام الله تعالى يوم الميعاد يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله تعالى بقلب سليم.

قال تعالى: ]وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون[ [آل عمران: 132].

وقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

وقال تعالى: ]ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم[ [آل عمران: 31].

وقال تعالى: ]قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم[ [آل عمران: 31].

قلت: ومن هنا تأتي الأهمية الكبيرة، والحاجة الماسة لهذا الموضوع، وهو تحديد: ((الفجر الصادق))، فهو موضوع يهم كل مسلم لارتباطه بأحكام شرعية كثيرة؛ لاسيما ((صلاة الفجر)) المفروضة على كل مسلم بالغ.

ولأهمية هذا الموضوع، وارتباطه بعموم المسلمين، فلا شك أنه قد طرق وبحث كثيرا، ولكن الكثير ممن بحثوه واعتنوا بتحقيق وقته وتحديده كان عن طريق ((العلم الفلكي))([18]) في البلدان الإسلامية، وغفلوا عن جانب مهم في الدين، وهو تحقيقه بأدلة الكتاب والسنة، والآثار والأقوال.

ولهذا فإنني استعنت بالله تعالى في اختيار هذا الموضوع، وقد بذلت جهدي وحرصت على الوصول إلى الصواب؛ لإيضاح جوانبه العلمية، وجمع أدلته وما تفرق فيه من أحكام شرعية المتعلقة بصلاة الفجر.

هذا وأسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين إلى العمل بكتابه، وسنة نبيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه: ]إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب[ [هود: 88].

                                              وكتبه

                                                أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه استعين

ذكر الدليل على أن الإسفار في صلاة

الفجر أعظم للأجر في الشريعة المطهرة

 

عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم لأجوركم)). وفي رواية: ((أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر)). وفي رواية: ((أسفروا بالصبح)).([19])

حديث صحيح

أخرجه أبو داود في ((سننه)) (1424)، والترمذي في ((سننه)) (154)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص200)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص272)، وابن ماجه في ((سننه)) (672)، وأحمد في ((المسند)) (ج3 ص465)، و(ج4 ص142)، وابن حبان في ((صحيحه)) (1490)، والدارمي في ((المسند)) (1220)، والبغوي في ((شرح السنة)) (354)، وفي ((مصابيح السنة)) (ج1 ص263)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج4 ص338)، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (ج7 ص94)، وفي ((أخبار أصبهان)) (ج1 ص347)، وفي ((تسمية ما روي عن ابن دكين)) (54)، وفي ((معرفة الصحابة)) (2653)، وفي ((مسند أبي حنيفة)) (41)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (2091)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (4286)، وفي ((المعجم الأوسط)) (9289)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (2159)، والطيالسي في ((المسند)) (959)، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (422)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص178)، والشافعي في ((الأم)) (ج1 ص65)، وفي ((المسند)) (151)، وفي ((الرسالة)) (ص282)، وفي ((اختلاف الحديث)) (ص624)، وابن دكين في ((الصلاة)) (314)، و(315)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج2 ص212)، وفي ((المسند)) (64)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (1063)، والطيوري في ((الطيوريات)) (315)، والحميدي في ((المسند)) (409)، ومحمد بن عاصم في ((جزئه)) (45)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص457)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص131)، وفي ((معرفة السنن)) (ج2 ص299)، والطوسي في ((مختصر الأحكام)) (ج1 ص1407)، والسمعاني في ((معجم الشيوخ)) (ج1 ص716)، والحازمي في ((الناسخ والمنسوخ)) (ص268)، وأبو القاسم البغوي في ((الجعديات)) (2957)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (335)، وفي ((جامع المسانيد)) (ج2 ص424)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج25 ص275)، وأبو بكر التيمي في ((زياداته على الصلاة لأبي نعيم)) (ص213)، وعبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الشرعية الكبرى)) (ج1 ص596)، ومحمد بن الحسن في ((الحجة)) (ج1 ص4)، والصيداوي في ((معجم الشيوخ)) (305)، وأبو الشيخ في ((ذكر الأقران)) (295)، والدارقطني في ((الأفراد)) (ج3 ص61 -أطرافه)، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (ج2 ص233)، وخيثمة في ((حديثه)) (185)، وابن ثرثال في ((جزئه)) (164)، وابن كليب في ((مشيخته)) (ق/99/ط)، والمحاملي في ((حديثه)) (ح/11/ط)، وضياء الدين المقدسي في ((مسموعات مرو)) (ح/141/ط)، والجصاص في ((حديثه)) (ق/9/ط) من طرق عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في ((الإرواء)) (ج1 ص281)، وابن القطان في ((بيان الوهم)) (ج5 ص334)، والشيخ ابن باز في ((الفتاوى)) (ج10 ص392)، وابن عبد الهادي في ((تنقيح أحاديث التعليق)) (ج1 ص261)، والزيلعي في ((نصب الراية)) (ج1 ص238).

وقال الترمذي: حديث رافع بن خديج حديث حسن صحيح.

وقال الدارقطني في ((العلل)) (ج15 ص424)؛ بعدما ذكر الحديث؛ والصحيح: عن زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد، عن رافع بن خديج.

وقال ابن حزم في ((المحلى)) (ج3 ص188): والخبر صحيح.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ((الفتاوى)) (ج22 ص97): حديث صحيح.

وقال ابن حبان في ((المجروحين)) (ج1 ص171): متن صحيح.

وقال العقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (ج1 ص113): يروى عن رافع بن خديج بإسناد جيد.

وقال الحازمي في ((الاعتبار)) (ص158): هذا حديث حسن على شرط أبي داود.

وقال البغوي في ((شرح السنة)) (ج2 ص197): هذا حديث حسن.

وأخرجه النسائي في ((الإغراب)) (211)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج4 ص251)، وفي ((المعجم الأوسط)) (ج3 ص334)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (ج4 ص119)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص179)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (ج2 ص1048)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج17 ص142)، وأبو الشيخ في ((ذكر الأقران)) (399)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (ج13 ص45)، وفي ((الموضح)) (ج1 ص407)، وابن الأعرابي في ((المعجم)) (ج3 ص1035)، وابن البختري في ((الأمالي)) (18)، والقضاعي في ((مسند الشهاب)) (703) عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((نوروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر)).

قلت: وهذا الحديث يدل على أن المسلمين كلما أصبحوا بالصبح، وأضاء نوره، وصلوا في الصباح المضئ كان أعظم لأجورهم في الدنيا والآخرة.

قلت: ما أسفرتم بصلاة الفجر، فإنه أعظم للأجر.

قالالعلامة السندي رحمه الله: (قوله صلى الله عليه وسلم: ((أصبحوا بالصبح))؛ الإصباح: الدخول في الصبح، والباء للتعدية، والمراد بالصبح: الصلاة، فالمعنى: ادخلوها في وقت الصبح يقينا، ولا تكتفوا بمجرد ظن الصبح، وبه ظهر معنى: قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإنه أعظم للأجر))).([20]) اهـ

وقال الحافظ الترمذي في ((السنن)) (ج1 ص291): (وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين: الإسفار بصلاة الفجر). اهـ

قلت: فأسفروا بصلاة الفجر، فكلما أسفرتم بها كان أعظم للأجر، والله المستعان.

قال الحافظ ابن الأثير رحمه الله في ((النهاية)) (ج3 ص8): (((أصبحوا بالصبح، فإنه أعظم للأجر))؛ أي: صلوها عند طلوع الصبح، يقال: أصبح الرجل إذا دخل في الصبح). اهـ

قال أبو داود في ((المسائل)) (ص180): عن الإمام أحمد رحمه الله، وقد ذكر له: حديث رافع بن خديج رضي الله عنه: (أصبحوا بالصبح)؟، قال: (هذا مثل حديث عائشة: (ينصرفن النساء متلفعات)؛ إذا أسفر الفجر فقد أصبحوا).

وقال صالح في ((المسائل)) (1040)؛ قال أبي: (إسفار الفجر عندي طلوعه).

وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: ما معنى: قوله صلى الله عليه وسلم: (أسفروا بالفجر)، فقال: (إذا بان الفجر فقد أسفر، قلت: كان أبو نعيم يقول: في حديث رافع بن خديج رضي الله عنه: (أسفروا بالفجر، فكلما أسفرتم بها فهو أعظم للأجر)، فقال: نعم كله سواء، إنما هو إذا تبين الفجر فقد أسفر).([21])

وقال إسحاق الكوسج في ((المسائل)) (124): قلت ما الإسفار بالفجر؟، قال أحمد: (الإسفار بالفجر: أن يضح الفجر، فلا يشك أنه قد طلع الفجر)، قال إسحاق: كما قال).

قلت: فالمراد بالإسفار: أن يتبين الفجر، ويتضح بخروج النور، فيكون نهيا عن الصلاة قبل هذا الوقت المحدد شرعا.

قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((التمهيد)) (ج4 ص334): (أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر، وإن وقتها ممدود إلى آخر الإسفار حتى تطلع الشمس.

فأما أول وقتها فلا خلاف بين علماء المسلمين أنه طلوع الفجر على ما في هذا الحديث وغيره، وهو إجماع فسقط الكلام فيه، والفجر: هو أول بياض النهار الظاهر المستطير في الأفق المستنير المنتشر تسميه العرب الخيط الأبيض؛ قال الله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، يريد بياض النهار من سواد الليل ... ويقولون للأمر الواضح: هذا كفلق الصبح، وكانبلاج الفجر، وتباشير الصبح). اهـ

قلت: فإنما المراد أن ينكشف الفجر للناس، فلا يجوز الأذان لصلاة الفجر حتى يطلع الفجر، وهو بياض النهار المنتشر في الطرقات، والبيوت.([22])

قال الحافظ البغوي رحمه الله في ((شرح السنة)) (ج2 ص187): (وأما صلاة الصبح، فيدخل وقتها بطلوع الفجر الصادق، ويمتد وقتها إلى طلوع الشمس عند الأكثرين). اهـ

وقال الفقيه الماوردي رحمه الله في ((الحاوي الكبير)) (ج2 ص208): (أما أول وقت الصبح فهو طلوع الفجر، والفجر: هو ابتداء تنفس الصبح؛ قال الله تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير:18].

وقال الشاعر:

حتى إذا الصبح لها تنفسا

 

 

وانجاب عنها ليلها وعسعسا

وسمي فجرا: لانفجار الضوء منه؛ وهو: فجران؛ فالأول أزرق يبدو مثل العمود طولا في السماء له شعاع ثم يهمد ضوؤه ثم يبدو بياض.

الثاني: بعده عرضا منتشرا في الأفق.

قال الشاعر:

وأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه

 

 

وأول الغيث قطر ثم ينسكب). اهـ

وقال الحافظ النووي رحمه الله في ((روضة الطالبين)) (ج1 ص182): (وقت الصبح؛ فيدخل بطلوع الفجر الصادق، ويتمادى وقت الاختيار إلى أن يسفر، والجواز إلى طلوع الشمس على الصحيح). اهـ

وقال الفقيه الرملي رحمه الله في ((نهاية المحتاج)) (ج1 ص229): (ويدخل وقت صلاة الصبح بالفجر الصادق؛ لخبر جبريل فإنه علقه على الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب على الصائم، وإنما يحرمان بالصادق، وهو المنتشر ضوءه معترضا بالأفق). اهـ

وقال الفقيه ابن النقيب رحمه الله في ((عمدة السالك)) (ج1 ص229): (الصبح: وأوله الفجر الصادق، وآخره طلوع الشمس). اهـ

قلت: الفجر الصادق: هو الفجر المستطير يطلع منتشرا معترضا بالأفق، ونواحي السماء، ولا تعقبه ظلمة.([23])

قال الفقيه الهيتمي رحمه الله في ((المنهج القويم)) (ج1 ص313): (الفجر الصادق: المنتشر ضوؤه معترضا بالأفق؛ أي: نواحي السماء، وقبيله يطلع الكاذب مستطيلا، ثم يذهب وتعقبه ظلمة، وهو؛ أي: الفجر الصادق أول وقت الصبح). اهـ

وقال الفقيه ابن الرفعة رحمه الله في ((كفاية النبيه)) (ج2 ص358): (وأول وقتها إذا طلع الفجر الثاني؛ لأن خبر جبريل يقتضي أنه أوقع الصلاة في اليوم الأول حين حرم الطعام والشراب على الصيام، وإنما يحرم بالفجر الثاني، وهو المسمى: ((بالصادق))؛ لأنه صدق في إشعاره بالصبح، ويسمى: ((المستطير))؛ لأنه يتطاير في الأفق، والفجر الأول أزرق يطلع مستطيلا وهو ((الكاذب))؛ لأنه ينور ثم يسود، والعرب تشبهه بذنب السرحان، وهو الذئب؛ إما لطوله، أو لكون الضوء في أعلاه دون أسفله؛ كما أن الشعر على أعلى ذنب الذئب دون أسفله). اهـ

وقال الفقيه ابن الرفعة رحمه الله في ((كفاية النبيه)) (ج6 ص332): (واعلم أن الفجر الذي يتعلق به ما ذكرنا هو الفجر المستطير لا المستطيل). اهـ

وقال الفقيه ابن شاس رحمه الله في ((عقد الجواهر)) (ج1 ص81): (ووقت الفجر يدخل بطلوع الفجر الصادق المستطير ضوؤه، لا بالفجر الكاذب الذي يبدو مستطيلا ثم ينمحق). اهـ

وقال الفقيه الخطاب رحمه الله في ((مواهب الجليل)) (ج1 ص81): (ولا خلاف أن أول وقتها طلوع الفجر الصادق، وهو الضياء المعترض في الأفق، ويقال له الفجر المستطير ((بالراء))، أي: المنتشر الشائع، قال تعالى: ]ويخافون يوما كان شره مستطيرا [ [الإنسان: 7].

قلت: لذلك يجب مرعاة المواقيت الشرعية، لتأدية الصلوات الخمس المفروضة في المساجد، وغيرها، لأن التقويم الفلكي ضيع أوقاتها المحددة في الشريعة، إما بالتقديم عنها، أو بالتأخير عليها، والله المستعان.

قال الحافظ السيوطي رحمه الله في ((مرقاة الصعود)) (ج1 ص416): (ومعنى: أسفر: دخل في السفر، بفتح السين والفاء، وهو بياض النهار، ويحتمل عودة إلى الصبح؛ أي: فأسفر الصبح في وقت صلاته، أو إلى الموضع؛ أي: أسفر الموضع في وقت صلاته، ويوافقه رواية الترمذي: ((ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض))).اهـ

وقال الجصاص المفسر رحمه الله في ((أحكام القرآن)) (ج2 ص335): (فأما أول وقت الفجر فلا خلاف فيه أنه من حين يطلع الفجر الثاني الذي يعترض في الأفق). اهـ

 

والله ولي التوفيق

 

õõõõõõõ

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

على الله توكلي، وبه ثقتي

ذكر الدليل على أن الفجر الصادق هو:

نور الصباح المنتشر في الأرض، وهو الذي

يدل على دخول وقت أذان صلاة الفجر، وفرض أدائها

 

فإن الله تعالى كتب على عباده جملة من العبادات الشرعية في الدين من صلاة، وصيام، وغير ذلك، وجعل لها أجلا مضروبا، وموعدا محدودا، بينه الله سبحانه في القرآن الكريم، والنبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية، والصحابة الكرام في الآثار السلفية.

وإليك الأدلة:

(1) قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103].

أي: مؤقتا بوقت محدد مبين.([24])

قلت: فحدد الله تعالى مواقيت الصلاة في هذه الآية، فلا يجوز أداء أي صلاة قبل دخول وقتها، منها: صلاة الصبح المحددة شرعا.

قال العلامة الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في ((تيسير الكريم الرحمن)) (ج1 ص399): (قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[؛ أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم رحمه الله في ((الإحكام)) (ج1 ص49): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]، مفروضا مقدرا محدودا؛ كلما مضى وقت جاء وقت، والمراد: الوقت الذي عينه الله تعالى؛ لأداء هذه العبادة؛ فلا تجزئ قبله؛ بإجماع المسلمين، ولا يجوز إخراجها عنه إجماعا). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((الكافي)) (ج2 ص8): (باب: في الشرط الخامس؛ وهو الوقت، وقد ذكرنا أوقات المكتوبات، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بغير خلاف). اهـ

وقال الفقيه ابن أبي القاسم رحمه الله في ((الواضح)) (ج1 ص167): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد صديق خان رحمه الله في ((الروضة الندية)) (ج1 ص207): (الأوقات للصلوات قد عينها الشارع، وحدد أوائلها، وأواخرها بعلامات حسية، وجعل ما بين الوقتين لكل صلاة هو الوقت لتلك الصلاة). اهـ

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الملخص الفقهي)) (ج1 ص94): (وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف؛ قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله r لقوله، وبفعله). اهـ

قلت: فالصلاة تجب بدخول وقتها؛ لقوله تعالى: ]أقم الصلاة لدلوك الشمس[ [الإسراء: 78].

وقال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في ((الملخص الفقهي)) (ج1 ص102): (قال تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[ [النساء: 103]؛ أي: مفروضا في أوقات محددة، فالتوقيت هو التحديد، وقد وقت الله تعالى الصلاة، بمعنى: أنه سبحانه حدد لها وقتا من الزمان.

وقد أجمع المسلمون على أن للصلوات الخمس أوقاتا مخصوصة محدودة لا تجزئ قبلها). اهـ

قلت: فالصلوات المفروضات خمس في اليوم والليلة، لكل صلاة منها وقت مناسب اختاره الله تعالى لها، يتناسب مع أحوال العباد، بحيث يؤدون هذه الصلوات في هذه الأوقات، ولا تحبسهم عن أعمالهم الأخرى، بل تعينهم عليها، وتكفر عنهم خطاياهم التي يصيبونها.([25])

(2) وعن أبي برزة y قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح وأحدنا يعرف جليسه).

أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (541)، ومسلم في ((صحيحه)) (647)، وأبو داود في ((سننه)) (398)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص206)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص246)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (ج3 ص223)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص25)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج62 ص98)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج2 ص14)، والشافعي في ((الأم)) (ج8 ص477)، وفي ((المسند)) (387)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج1 ص178)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج4 ص369)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج2 ص241)، والدارمي في ((المسند)) (ج1 ص392)، وأحمد في ((المسند)) (ج4 ص425)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص193)، و(ج4 ص329)، وفي ((مشكل الآثار)) (ج10 ص193)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص436)، والبزار في ((المسند)) (ج9 ص299)، والسراج في ((المسند)) (139)، وفي ((حديثه)) (1660)، والروياني في ((المسند)) (1315)، والطيالسي في ((المسند)) (962)، وابن حزم في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص183)، والترمذي في ((سننه)) (168)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج2 ص370)، وأبو يعلى في ((المسند)) (ج13 ص417)، وابن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (107)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (333)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (ج1 ص561)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص281) من طرق عن أبي المنهال عن أبي برزة رضي الله عنه به.

(3) وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أن رجلا سأله عن وقت الصلاة، فقال له صلى الله عليه وسلم صل معنا هذين – يعني: اليومين - ... فأمر بلالا فأقام الفجر حين طلع الفجر). وفي رواية: ((وصلى الفجر فأسفر بها)). وفي رواية: ((فنور بالفجر)).

أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (613)، والترمذي في ((سننه)) (152)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص206)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص258)، وابن ماجه في ((سننه)) (667)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (ج2 ص216)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (323)، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (ج1 ص373)، وابن دقيق العيد في ((الإمام)) (ج4 ص16 و17)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج2 ص210)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص26)، وأبو علي الطوسي في ((مختصر الأحكام)) (137)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج4 ص359)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (151)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص148)، وفي ((أحكام القرآن)) (285)، والروياني في ((المسند)) (14)، والسراج في ((المسند)) (974)، وفي ((حديثه)) (1337)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص262)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (316)، وأحمد في ((المسند)) (ج5 ص349)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص374)، وفي ((معرفة السنن)) (ج1 ص405) من طريق علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.

(4) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم صلى بعد ذلك حين أسفر، فقال: ما بين هاذين وقت)). وفي رواية: ((أمر حين انشق الفجر أن تقام الصلاة فصلى بنا)).

حديث صحيح

أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص207)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص273)، وفي ((الإغراب)) (202)، وأبو يعلى في ((المسند)) (2679)، و(3680)، وابن البخاري في ((مشيخته)) (ج2 ص1135)، وابن العطار الدمشقي في ((التساعيات)) (ص74)، وابن دقيق العيد في ((الإمام)) (ج4 ص39) من طريق حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه به.

قلت: وإسناده صحيح.

وتابعه أبو صدقة قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح حين ينفسح البصر).

أخرجه السرقسطي في ((غريب الحديث)) (ج1 ص239-نصب الراية)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص207)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص273).

وينفسح البصر، وانفسح: إذا رأى الشيء عن بعد، يعني: به إسفار الصبح، وأن يتسع نوره.([26])

(5) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: (جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس، فقال: قم يا محمد فصل الظهر، حين مالت الشمس ... ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح، فقال: قم يا محمد فصل، فقام فصلى الصبح). وفي رواية: (ثم أتاه جبريل عليه السلام حين أضاء الفجر، وأضاء الصبح). وفي رواية: (ثم جاءه للصبح حين أسفر جدا، [يعني: في اليوم الثاني]([27])، فقال: قم فصل، فصلى الصبح، فقال: ما بين هذين وقت كله).

حديث صحيح

أخرجه النسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص200)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص263)، والترمذي في ((سننه)) (150)، وأحمد في ((المسند)) (ج3 ص330)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص195)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص368)، وفي ((معرفة السنن)) (ج1 ص402)، وابن حبان في ((صحيحه)) (1470)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص256)، وابن دقيق العيد في ((الإمام)) (ج4 ص34)، وابن أبي خيثمة في ((التاريخ الكبير)) (152)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص24)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (314)، وتمام الرازي في ((الفوائد)) (327)، وأبو علي الطوسي في ((مختصر الأحكام)) (135)، والقطيعي في ((جزء الألف دينار)) (6)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص147)، وفي ((أحكام القرآن)) (283)، وابن المنذر في ((الإقناع)) (ج1 ص78)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (ج2 ص192)، وفي ((مسند الشاميين)) (ج1 ص211)، وابن المقرئ في ((الأربعين)) (28)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص281)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (ج52 ص361)، والخطيب في ((تلخيص المتشابه في الرسم)) (ج1 ص338)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (ج23 ص545) من طريق عطاء بن أبي رباح، ووهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (ج2 ص254)، وعبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الوسطى)) (ج1 ص521).

وقال الترمذي في ((العلل الكبير)) (84): قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله. يعني: إمامة جبريل عليه السلام.([28])

وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.

وقال الشيخ الألباني في ((الإرواء)) (ج1 ص281): إسناده صحيح.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمه الله في ((المسائل)) (179): (سألت أبي: ما الذي يعتمد عليه في مواقيت الصلاة من الأحاديث التي جاءت، وأي حديث عندك أقوى، والحديث الذي روى ابن المبارك عن الحسين بن علي عن وهب بن كيسان عن جابر ما ترى فيه، وكيف حال الحسين؟.

فقال أبي: أما الحسين، فهو أخو أبي جعفر محمد بن علي، وحديثه الذي روى في المواقيت حديث ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعض صفاته غيره.

وقد روى في المواقيت غير حديث: ابن عباس، وبريدة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي موسى، وأبي برزة، وأبي هريرة، فكل يصف صفة فيها بعض ما وصف الآخر). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج3 ص15): (وإنما قال الإمام أحمد: ((ليس بالمنكر؛ لأنه قد وافقه على بعضه غيره))، لأن قاعدته: أن ما انفرد به ثقة، فإنه يتوقف فيه حتى يتابع عليه، فإن توبع عليه زالت نكارته، خصوصا إن كان الثقة ليس بمشتهر في الحفظ والاتقان، وهذه قاعدة يحيى القطان، وابن المديني، وغيرهما). اهـ

(6) وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس ... وصلى بي الفجر حين حرم الطعام، والشراب على الصائم)). وفي رواية: ((وصلى بي الفجر فأسفر)). وفي رواية: ((ثم صلى الصبح حين أسفرت الأرض)).

حديث حسن

أخرجه الترمذي في ((سننه)) (149)، وأبو داود في ((سننه)) (ج1 ص274)، والشافعي في ((المسند)) (145)، وأحمد في ((المسند)) (ج1 ص333)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج2 ص182)، وفي ((معالم التنزيل)) (ج1 ص476)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج1 ص168)، وابن دقيق العيد في ((الإمام)) (ج4 ص30)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (149)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص364)، وفي ((معرفة السنن)) (ج1 ص397)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص317)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص258)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص193)، وعبد الرزاق في ((المصنف)) (2028)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص146)، وفي ((أحكام القرآن)) (278)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص23)، والخطيب في ((الفقيه والمتفقه)) (ج1 ص324)، والفاكهي في ((أخبار مكة)) (ج1 ص178)، وأبو يعلى في ((المسند)) (ج5 ص134)، وابن نصر في ((تعظيم قدر الصلاة)) (30)، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (703)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج2 ص325)، وابن أبي خيثمة في ((التاريخ الكبير)) (143)، وأبو الحسين الطوسي في ((الأربعين)) (9)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (313)، وأبو علي الطوسي في ((مختصر الأحكام)) (133)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (10752) من طرق عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش حدثني حكيم بن حكيم بن عباد عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس رضي الله عنهما به.

وروي من وجوه عن نافع بن جبير.

قلت: وإسناده حسن، وقد صححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (ج1 ص205)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج3 ص362)، والنووي في ((المجموع)) (ج3 ص23).

وقال الترمذي: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح.

وقال البغوي: حديث حسن.

وقال الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (ج2 ص248): إسناده حسن.

وقال الشيخ الألباني في ((الإرواء)) (ج1 ص268): إسناده حسن.

وقال ابن المنذر: ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.

وذكره ابن حجر في ((تلخيص الحبير)) (ج3 ص5)، و((إتحاف المهرة)) (ج8 ص111).

(7) وعن أبي مسعود رضي الله عنه قال: (أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين دلكت الشمس ... ثم أتاه حين انشق الفجر، فقال: يا محمد صل الصبح ... ثم أتاه حين ذهب ساعة من الليل، فقال: يا محمد صل العشاء، قال: فصلى، ثم أتاه حين أضاء الفجر وأسفر، فقال: يا محمد صل الصبح، قال: فصلى).

حديث حسن لغيره

أخرجه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص23)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص261)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (ج17 ص260)، وفي ((المعجم الأوسط)) (ج8 ص299)، والباغندي في ((مسند عمر بن عبد العزيز)) (58)، و(60)، والبيهقي في ((معرفة السنن)) (ج1 ص401)، وفي ((السنن الكبرى)) (ج1 ص365)، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (ج4 ص41)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج4 ص298)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص192)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (970)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (352)، والخطيب في ((الفصل للوصل)) (ج2 ص628)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (334) من طريق أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره فذكره.

وروي من وجوه عن ابن شهاب الزهري وغيره.

قلت: وإسناده حسن في الشواهد، وأصله في ((الصحيحين)) بدون التفصيل.

وقال الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (ج2 ص251): إسناده حسن.

وقال النووي في ((المجموع)) (ج3 ص52): رواه أبو داود بإسناد حسن.

وقال الخطابي في ((معالم السنن)) (ج1 ص245): هو صحيح الإسناد.

والحديث حسنه الشيخ الألباني في ((الإرواء)) (ج1 ص270).

وذكره ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (ج1 ص246).

قلت: فجبريل عليه السلام هو الذي وقت مواقيت الصلاة المفروضة.

(8) وعن أبي موسى رضي الله عنه وفيه؛ مواقيت الصلاة: (ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس، أو كادت).

أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (614)، وأبو داود في ((سننه)) (395)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص165)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص260)، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (ج1 ص375)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص366)، وفي ((معرفة السنن)) (ج1 ص405)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج2 ص211)، ومحمد بن الحسن في ((الحجة)) (ج1 ص405)، وابن أبي خيثمة في ((التاريخ الكبير)) (148)، والبزار في ((المسند)) (975)، والسراج في ((المسند)) (975)، وفي ((حديثه)) (1338)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص281)، والروياني في ((المسند)) (520)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج2 ص326)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص26)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (317)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص148)، وفي ((أحكام القرآن)) (284)، والبغوي في ((شرح السنة)) (ج2 ص10)، وفي ((معالم التنزيل)) (ج1 ص476)، وابن حزم في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص167)، والدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص263) من طريق بدر بن عثمان نا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى رضي الله عنه به.

(9) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا جبريل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم فصلى الصبح حين طلع الفجر)). وفي رواية: ((ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين أسفر قليلا)). وفي رواية: ((ثم جاء الفجر فصلى بي ساعة برق الفجر)).

حديث حسن

أخرجه الدارقطني في ((السنن)) (ج1 ص261)، وابن أبي خيثمة في ((التاريخ الكبير)) (150)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص26)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص194)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص369)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص193 و202)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص249)، وابن دقيق العيد في ((الإمام)) (ج4 ص26)، والسراج في ((المسند)) (972)، وفي ((حديثه)) (1335)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج5 ص147)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (ج1 ص185)، والبزار في ((المسند)) (ج15 ص283) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه به.

قلت: وإسناده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (ج2 ص255).

وقال الترمذي في ((العلل الكبير)) (87): سألت محمد البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن.

وقال ابن حجر في ((تلخيص الحبير)) (ج1 ص280): وعن أبي هريرة؛ رواه النسائي بإسناد حسن.

وقال الشيخ الألباني في ((الإرواء)) (ج1 ص269): إسناده حسن.

وقال ابن عبد البر: هذا حديث مسند ثابت صحيح لا مطعن فيه لأحد من أهل العلم بالحديث.

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.

(10) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: في حجة النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر، حين تبين له الصبح، بأذان وإقامة).

أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1218)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (1525)، و(4038)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج1 ص271)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج3 ص318)، وأبو داود في ((سننه)) (1905)، وابن حزم في ((حجة الوداع)) (ص178)، وفي ((المحلى)) (ج7 ص121)، وابن الجارود في ((المنتقى)) (469)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج5 ص7)، وفي ((السنن الصغرى)) (1675)، وفي ((دلائل النبوة)) (ج5 ص437)، وابن ماجه في ((سننه)) (3074)، وابن حبان في ((صحيحه)) (3944)، والدارمي في ((المسند)) (1892)، وعبد بن حميد في ((المنتخب)) (1133)، والبغوي في ((شرح السنة)) (1635)، وفي ((مصابيح السنة)) (1841)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (14908)، وابن الجوزي في ((جامع المسانيد)) (ج2 ص29)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج3 ص382 و388) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما به.

قال الشيخ علي بن آدم في ((ذخيرة العقبى)) (ج7 ص111): (قوله: ((حين تبين له الصبح))؛ فيه أن أول الصبح إذا تبين الفجر واتضح، فأما قبل تبينه فلا تصح صلاة الصبح، ولا يحرم الأكل في الصوم، وهذا الفجر: هو الفجر الثاني المسمى: بالصادق، الذي تتعلق به الأحكام، من صلاة الصبح، وحرمة الأكل ونحوه على الصائم). اهـ

قلت: فالأحكام كلها متعلقة بالفجر الصادق؛ فيه يدخل وقت صلاة الصبح، ويدخل في الصوم، ويحرم به الطعام والشراب على الصائم، وبه ينقضي الليل، ويدخل النهار، ولا يتعلق بالفجر الكاذب شيء من الأحكام؛ بإجماع المسلمين.([29])

قال الحافظ النووي رحمه الله في ((المجموع)) (ج3 ص43): (أجمعت الأمة على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وهو الفجر الثاني، وآخر وقت الاختيار إذا أسفر أي أضاء ثم يبقى وقت الجواز إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال الإمام الشيرازي رحمه الله في ((المهذب)) (ج1 ص182): (ووقت الصبح: إذا طلع الفجر الثاني، وهو الفجر الصادق الذي يحرم به الطعام، والشراب على الصائم، وآخره: إذا أسفر الصبح). اهـ

(11) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وقت صلاة الصبح من طلوع الفجر مالم تطلع الشمس)).

 أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (612)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج2 ص210)، وأحمد في ((المسند)) (ج2 ص210)، وأبو داود في ((سننه)) (396)، وأبو عوانة في ((صحيحه)) (ج1 ص349)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (326)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (ج21 ص411)، وابن حزم في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص166)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج2 ص208)، والطيالسي في ((المسند)) (2363)، والسراج في ((المسند)) (2971)، وفي ((حديثه)) (1334)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص150)، وفي ((أحكام القرآن)) (ج1 ص171)، ومحمد بن الحسن في ((الحجة)) (ج1 ص9)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج1 ص282)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (ج2 ص331)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (ج4 ص350)، وفي ((مسند الشاميين)) (ج3 ص363)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص366)، وفي ((معرفة السنن)) (ج1 ص406)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج8 ص27)، وابن الجوزي في ((التحقيق)) (318)، وفي ((جامع المسانيد)) (ج4 ص451)، وابن حبان في ((صحيحه)) (337) من طريق شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو t به.

(12) وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: ((حج عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فأتينا المزدلفة، فلما كان حين طلع الفجر – يعني صلى - .... ثم قال: وصلاة الفجر حين يبزغ الفجر – يعني: طلع - فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك)).

أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (1675)، و(1683)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (ج4 ص171)، وابن حزم في ((حجة الوداع)) (ص179)، والمخلص في ((المخلصيات)) (709) من طريق أبي إسحاق قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد به.

قلت: ومراد عبد الله بن مسعود t أن يبين لهم أن النبي r كان يصلي صلاة الصبح إذا طلع الفجر الصادق.([30])

قال الترمذي رحمه الله في ((العلل الكبير)) (ج1 ص202): (قال محمد البخاري: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله, وحديث أبي موسى, وحديث سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه في المواقيت؛ هو: حديث حسن, وحديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة في المواقيت؛ هو: حديث حسن). اهـ

قلت: وهذه الأدلة النبوية تدل على أن من شروط صحة الصلاة دخول الوقت، فلا يجوز أداء الصلاة قبل وقتها المحدد لها شرعا، وقد اتفق على ذلك الفقهاء قديما وحديثا.

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((المغنى)) (ج2 ص8): (أجمع المسلمون على أن الصلوات الخمس مؤقتة بمواقيت معلومة محدودة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحاح جياد). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((المغنى)) (ج2 ص45): (ومن صلى قبل الوقت، لم يجزئه صلاته، في قول أكثر أهل العلم، سواء فعله عمدا أو خطأ، كل الصلاة أو بعضها). اهـ

 

 

 

õõõõõõõ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الدليل على أن الفجر فجران:

فجر كاذب، وفجر صادق، ودخول وقت

صلاة الصبح بالفجر الصادق وهذا بإجماع السلف والخلف

 

       اعلم رحمك الله أن الفجر: هو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الخيط الأبيض، والفجر الصادق... والفجر: ضوء الصباح، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة. ([31])([32])

قال الحافظ ابن المنذر رحمه الله في ((الإقناع)) (ج1 ص81): (وأول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير المعترض). اهـ

وإليك الدليل:

(1) فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: (الفجر فجران: فأما الأول؛ فإنه لا يحرم الطعام، ولا يحل الصلاة، وأما الثاني؛ فإنه يحرم الطعام، ويحل الصلاة).([33])

قلت: والفجر؛ ضوء الصباح، وهو حمرة الشمس في سواد الليل... والفجر: انفجار الظلمة عن الصبح، وقد انفجر الصبح، وتفجر، وانفجر عنه الليل؛ هو انكشاف ظلمة الليل عن نور الصبح؛ لانبعاث ضوئه، ونوره في الطرق، والفجاج، وهذا ابتداء تنفس الصبح.([34])

قال تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير:18]، وقال تعالى: ]وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا [[الإسراء:78].

قال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في ((مختصر المختصر من المسند الصحيح)) (ج1 ص449): (في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل دخول وقتها.

وقوله r: ((فجر يحرم فيه الطعام)) يريد: على الصائم، ((ويحل فيه الصلاة)). يريد: صلاة الصبح، ((وفجر يحرم فيه الصلاة)). يريد: صلاة الصبح، إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلي في ذلك الوقت صلاة الصبح؛ لأن الفجر الأول يكون بالليل، ولم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد طلوع الفجر الأول. وقوله r: ((ويحل فيه الطعام)). يريد: لمن يريد الصيام). اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في ((الصحيحة)) (ج2 ص308) معلقا على الحديث: (وفيه – يعني: الحديث – تنبيه هام إلى وجوب أداء الصلاة بعد طلوع الفجر الصادق؛ وهذا ما أخل به المؤذنون! في كثير من العواصم   – منها عمان -؛ فإن الأذان الموحد فيها يرفع قبل الفجر بنحو نصف ساعة! بناء على ((التوقيت الفلكي))، وهو خطأ ثابت بالمشاهدة!، وكذلك في كثير من البلاد الأخرى؛ كـ ((دمشق))، و((الجزائر))، و((المغرب))، و((الكويت))، و((المدينة))،   -و((مكة)) -، و((الطائف))، - و((البحرين))، وغير ذلك -)). اهـ

وترجم الحافظ البيهقي رحمه الله لهذا الحديث في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص457): باب إعادة صلاة من افتتحها قبل طلوع الفجر الآخر!.

وترجم الحافظ البيهقي رحمه الله في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص377): باب الفجر فجران ودخول وقت الصبح بطلوع الآخر منهما.

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج4 ص259): (فإن الصبح هو الفجر، كما قال تعالى: ]والصبح إذا تنفس [[التكوير:18]، وقال تعالى: ]إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب [[هود:81]. اهـ

وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في ((الصحيحة)) (ج5 ص52): (وقد رأيت ذلك بنفسي مرارا من داري في جبل هملان – جنوب شرق عمان – ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين، أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية يرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة؛ أي: قبل الفجر الكاذب أيضا، وكثيرا ما سمعت إقامة صلاة الفجر في بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق، وهم يؤذنون قبلها بنصف ساعة، وعلى ذلك فقد صلوا سنة الفجر قبل وقتها، وقد يستعجلون بأداء الفريضة أيضا قبل وقتها في شهر رمضان... وفي ذلك تضيق على الناس بالتعجيل بالإمساك عن الطعام، وتعريض لصلاة الفجر للبطلان، وما ذلك إلا بسبب اعتمادهم على التوقيت الفلكي، وإعراضهم عن التوقيت الشرعي). اهـ

وقال الفقيه الماوردي رحمه الله في ((الحاوي الكبير)) (ج2 ص29): (فدل هذان الحديثان على افتراق حكم الفجرين، وتعليق الحكم في الصلاة، والصيام بالثاني منهما دون الأول، والعرب تسمي: الأول الفجر الكذاب، لأنه يزول ولا يثبت، وتسمي الفجر الثاني الفجر الصادق، لأنه صدقك عن الصبح). اهـ

وقال الفقيه الماوردي رحمه الله في ((الحاوي الكبير)) (ج2 ص29): (فإذا ثبت ما ذكرنا من صفة الفجرين، فصلاة الصبح تجب بالثاني منهما دون الأول). اهـ

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((المقنع)) (ص24): (الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في المشرق، ولا ظلمة بعده). اهـ

وقال الفقيه أبو إسحاق الحنبلي رحمه الله في ((المبدع)) (ج1 ص348): (الفجر: سمي به لانفجار الصبح، وهو ضوء النهار إذا انشق عنه الليل). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((شرح العمدة)) (ج3 ص432): (عن قيس بن طلق بن علي، عن أبيه، عن النبي r: (ليس الفجر المستطيل في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر).([35])

وهذا يدل على جواز الأكل إلى ظهور الحمرة، وقد جاءت أحاديث تدل على مثل ذلك، كما روت([36]) عائشة، وابن عمر أن النبي r قال: (إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن لكم ابن أم مكتوم) متفق عليه.([37])

وفي رواية لأحمد والبخاري: (فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر). قال ابن شهاب: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.

فقد أجاز الأكل إلى حين يؤذن ابن أم مكتوم، مع قوله: ((إنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر)). ومعلوم أن من أكل إلى حين تأذينه فقد أكل بعد طلوع الفجر؛ لأنه لابد أن يتأخر تأذينه عن طلوع الفجر، ولو لحظة). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((التمهيد)) (ج10 ص62): (وفيه دليل على أكل السحور، وعلى أن الليل كله موضع الأكل، والشرب، والجماع؛ لمن شاء، كما قال الله عز وجل: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [[البقرة:187]. اهـ

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (ج2 ص104): (فالفرق بين الفجر الصادق، والفجر الكاذب من وجوه:

الأول: الفجر الصادق الذي تحل فيه الصلاة، ويحرم الطعام: يكون مستطيرا من الشمال إلى الجنوب، وأما الفجر الكاذب: فبالعكس؛ يكون من الشرق إلى الغرب فهو كذنب السرحان يكون مستطيلا في السماء؛ يعنى يكون طولا لا عرضا.

ثانيا: الفجر الصادق لا ظلمة بعده، بل يزداد النور حتى يشمل الأفق كله، وأما الفجر الكاذب: فيظلم بعد هذا، ويزول ثم بعد ذلك يخرج الفجر الصادق.

ثالثا: الفجر الصادق نوره متصل بالأفق، وأما الفجر الكاذب: فنوره غير متصل؛ بمعنى أنك إذا رأيت أسفل الأفق لم تر نورا.

قال شيخنا عبد الرحمن السعدي رحمه الله: الفرق بينهما نحو نصف ساعة([38])، يعني: أن الكاذب يخرج قبل الصادق بنحو نصف ساعة، ثم يضمحل). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((فتح ذي الجلال والإكرام)) (ج2 ص51): (وقوله: ((حين انشق الفجر))؛ جعل ذلك انشقاقا؛ لأن الفجر إذا سطا على الظلمة؛ فكأنما شقها؛ لأن الظلمة تتمايز في مكان النور، فيكون هذا انشقاقا، ولا يحدث ذلك إلا في الفجر الصادق.

والفجر الصادق: هو الذي يشق الظلمة؛ لأنه يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويتصل بالأفق، ولا ظلمة بعده.

أما الفجر الكاذب: فيختلف عن الفجر الصادق بثلاثة أمور:

أولا: أن الفجر الكاذب مستطيل؛ يعني: يصعد في السماء طولا.

الثاني: أنه لا يتصل بالأفق؛ لأن ما بينه، وبين الأفق ظلمة.

والثالث: أن يضمحل، ويزول، أما الفجر الصادق؛ فلا يتأتى فيه هذه الأشياء الثلاثة). اهـ

قلت: وينبني على هذه الفائدة: انتفاء التكليف بما يشق على المسلمين.([39])

قال المفسر القرطبي رحمه الله في ((الجامع لأحكام القرآن)) (ج2 ص318): (قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[[البقرة:187]؛ حتى: غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد، ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر). اهـ

وقال العلامة الشيخ ابن القاسم رحمه الله في ((الإحكام)) (ج1 ص154): (ووقت صلاة الصبح: أوله من طلوع الفجر، وهو ضوء النهار، أو حمرة([40]) الشمس في سواد الليل، وهو في آخر الليل، كالشفق في أوله؛ سمي به لانفجار الصبح). اهـ

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في ((الكافي)) (ج1 ص97): (صلاة الفجر: وأول وقتها إذا طلع الفجر الثاني بغير خلاف، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق معترضا لا ظلمة بعده، وآخره إذا طلعت الشمس). اهـ

وقال الفقيه خليل رحمه الله في ((مختصره)) (ج1 ص47): (وصلاة الصبح؛ من الفجر الصادق؛ للإسفار الأعلى). اهـ

وقال الفقيه الخرقي رحمه الله في ((مختصره)) (ج1 ص174): (الفجر الثاني: وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق، فينتشر، ولا ظلمة بعده). اهـ

وقال الإمام القيروانيرحمه الله في ((رسالته)) (ص54): (صلاة الفجر: فأول وقتها انصداع الفجر المعترض بالضياء في أقصى المشرق). اهـ

قلت: فوقت صلاة الصبح من طلوع الفجر الصادق: وهو الضياء المعترض، والمنتشر من جهة المشرق إلى جهة الأمام.([41])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((التعليق على صحيح مسلم)) (ج5 ص313): (والذي يتعلق به حكم الصيام والصلاة؛ هو الفجر الصادق!). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((شرح رياض الصالحين)) (ج1 ص385): (الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق؛ إلى أن تطلع الشمس.

وهنا أنبه فأقول: إن تقويم أم القرى فيه تقديم خمس دقائق في أذان الفجر على مدار السنة، فالذي يصلي أول ما يؤذن يعتبر أنه صلى قبل الوقت، وهذا شيء اختبرناه في الحساب الفلكي، واختبرناه أيضا في الرؤية.

فلذلك لا يعتمد هذا بالنسبة لأذان الفجر؛ لأنه مقدم، وهذه مسألة خطيرة جدا، لو تكبر للإحرام فقط قبل أن يدخل الوقت ما صحت صلاتك وما صارت فريضة. وقد حدثني أناس كثيرون ممن يعيشون في البر وليس حولهم أنوار، أنهم لا يشاهدون الفجر إلا بعد هذا التقويم بثلث ساعة، أي: عشرين دقيقة أو ربع ساعة أحيانا، لكن التقاويم الأخرى الفلكية التي بالحساب بينها وبين هذا التقويم خمس دقائق.

 على كل حال: وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض؛ إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)) (ج2 ص52): (والعلم بالوقت يكون بالعلامات التي جعلها الشارع علامة، فالظهر بزوال الشمس، والعصر بصيرورة ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء بمغيب الشفق الأحمر، والفجر بطلوع الفجر الثاني.([42])

وهذه العلامات أصبحت في وقتنا علامات خفية؛ لعدم الاعتناء بها عند كثير من الناس، وأصبح الناس يعتمدون على التقاويم والساعات.

ولكن هذه التقاويم تختلف؛ فأحيانا يكون بين الواحد والآخر إلى ست دقائق، وهذه ليست هينة ولا سيما في أذان الفجر، وأذان المغرب؛ لأنهما يتعلق بهما الصيام، مع أن كل الأوقات يجب فيها التحري، فإذا اختلف تقويمان، وكل منهما صادر عن عارف بعلامات الوقت، فإننا نقدم المتأخر في كل الأوقات؛ لأن الأصل عدم دخول الوقت، مع أن كلا من التقويمين صادر عن أهل، وقد نص الفقهاء رحمهم الله على مثل هذا فقالوا: لو قال لرجلين ارقبا لي الفجر، فقال أحدهما: طلع الفجر، وقال الثاني: لم يطلع؛ فيأخذ بقول الثاني، فله أن يأكل ويشرب حتى يتفقا بأن يقول الثاني: طلع الفجر([43])، أما إذا كان أحد التقويمين صادرا عن أعلم أو أوثق فإنه يقدم).اهـ

قلت: فمن خلال كلام الشيخين الجليلين؛ الألباني رحمه الله، وابن عثيمين رحمه الله؛ فيما سبق ذكره، فإن الفجر الصادق يكون بعد وقت الأذان المحدد في ((التقاويم الفلكية)) بمدة تتراوح بين (20 إلى 30 دقيقة)، بحسب اختلاف الصيف والشتاء.

إذا فبالنسبة لصلاة الفجر، المعروف أن ((التوقيت الفلكي)) الذي يعرفه الناس اليوم ليس بصحيح، فالتوقيت مقدم على الوقت الشرعي بـ(20 إلى 30 دقيقة) على أقل تقدير، وإلا فالوقت يكون أحيانا أكثر من ذلك على حسب الفصول المعروفة.

قلت: فالمسألة خطيرة، ولهذا لا ينبغي للعبد في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة، وليتأخر حتى يتيقن أن الفجر قد تبين، وحضر وقته.([44])

سئل العلامة شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ص482): (نرى بعض التقاويم في شهر رمضان يوضع فيه قسم يسمى((الإمساك))، وهو يجعل قبل صلاة الفجر بنحو عشر دقائق، أو ربع ساعة؛ فهل هذا له أصل من السنة، أم هو من البدع؟ أفتونا مأجورين.

الجواب: (هذا من البدع، وليس له أصل من السنة، بل السنة على خلافه، لأن الله قال في كتابه العزيز: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [[البقرة:187]، وقال النبي r: ((إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر))([45])، وهذا  الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله – عز وجل- فيكون باطلا، وهو من التنطع في دين الله، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون))([46]). اهـ

وسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج15 ص281): توزع بعض الشركات، والمؤسسات إمساكيات لشهر رمضان المبارك، وهذه الإمساكيات خاصة بأوقات الصلوات، ولكن الذي لفت انتباهي وضعهم وقتا للإمساك يسبق وقت آذان الفجر بربع ساعة، فهل لعملهم هذا أصل من السنة؟ أفتونا مأجورين. مرفق لسماحتكم صورة لواحدة من هذه الإمساكيات. 

الجواب: (لا أعلم لهذا التفصيل أصلا، بل الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإمساك يكون بطلوع الفجر؛ لقول الله سبحانه: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر [[البقرة:187]، ولقول النبي r: ((الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة؛ - أي: صلاة الصبح - ويحل فيه الطعام)).([47]) رواه ابن خزيمة، والحاكم وصححاه؛ كما في بلوغ المرام، وقوله r: ((إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم))([48]) قال الراوي: وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت. متفق على صحته). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج15 ص282): (إذا كان المؤذن يؤذن مبكرا، أو يشك في أذانه هل وافق الصبح أو لا، فله أن يأكل ويشرب حتى يتحقق طلوع الفجر.

إما بالساعات المعروفة التي ضبط أنها على طلوع الفجر، أو بأذان ثقة يعرف أنه يؤذن على الفجر، فله أن يأكل في حالة الأذان؛ أن يأكل أو يشرب، أو يأكل ما في يده، أو يشرب ما في يده؛ لأن الأذان ليس على الصبح). اهـ

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج15 ص284): (إذا كان الأذان بالظن والتحري حسب التقويم([49])؛ فإنه لا حرج في الشرب والأكل وقت الأذان). اهـ

قلت: فنص الشيخ ابن باز رحمه الله أن للعبد أن يأكل ويشرب حتى يتبين له الفجر الصادق، وأنه لا يعتمد على أذان المؤذن إذا كان يؤذن على ((التقويم الفلكي))، والله المستعان.

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج12 ص229): (الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق؛ إلى أن تطلع الشمس.

وهنا أنبه: فأقول إن التقويم - تقويم أم القرى - فيه تقديم خمس دقائق في أذان الفجر على مدار السنة، فالذي يصلي أول ما يؤذن يعتبر أنه صلى قبل الوقت، وهذا شيء اختبرناه في الحساب الفلكي، واختبرناه أيضا في الرؤية.

فلذلك لا يعتمد هذا بالنسبة لأذان الفجر؛ لأنه مقدم، وهذه مسألة خطيرة جدا، لو تكبر للإحرام فقط قبل أن يدخل الوقت ما صحت صلاتك وما صارت فريضة، لكن التقاويم الأخرى الفلكية التي بالحساب بينها وبين هذا التقويم خمس دقائق.

وعلى كل حال وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس). اهـ

قلت: ويلاحظ في فتاوى أهل العلم التفاوت الكبير بين ((التقاويم الفلكية))، وبين ((التقاويم الشرعية))، وهذا يدل على أن هناك خللا في ((التقاويم الفلكية))، إذ لا يعقل أن يبلغ التفاوت بين تقويمين قرابة عشرين دقيقة، أو أكثر، والسبب في هذا التفاوت الكبير، والخلل أن هذه ((التقاويم الفلكية)) قد وضعت على ((الفجر الكاذب)) المعروف بـ((الشفق الفلكي)). والله المستعان.

قلت: فمن خلال الاستقراء، والتتبع، والبحث التي قام بها أهل العلم وطلبتهم تبين أن وقت الفجر المحدد في ((التقويم الفلكي)) ليس بصحيح، ولا دقيق في تحديد وقت طلوع الفجر الصادق، بل هو متقدم عليه بحسب اختلاف الفصول الأربعة المعروفة، والله المستعان.

قال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج12 ص215): (صلاة الإنسان قبل الوقت لا تجزئه عن الفريضة؛ لأن الله تعالى يقول: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [[النساء:103]، وبين النبي r هذه الأوقات في قوله r: (وقت الظهر إذا زالت الشمس) آخر الحديث.

وعلى هذا فمن صلى الصلاة قبل وقتها فإن صلاته لا تجزئه عن الفريضة). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج12 ص216): (الصلاة قبل وقتها لا تجزيء حتى ولو كانت قبل الوقت بدقيقة واحدة، فلو كبر الإنسان للإحرام قبل الوقت؛ فإنها لا تصح الصلاة؛ لأن الله تعالى يقول: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا [[النساء:103]؛ أي: مؤقتة محددة، فلا تصح الصلاة قبل وقتها). اهـ

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج12 ص242): (فلا يجوز للمسلم أن يقدم الصلاة كلها، أو بعضها قبل دخول وقتها؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى، والاستهزاء بآياته!). اهـ

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله r: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد). وفي رواية: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).([50])

وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج12 ص236): (واعلم أن الصلاة قبل دخول الوقت لا تقبل حتى لو كبر تكبيرة الإحرام ثم دخل الوقت بعد التكبيرة مباشرة؛ فإنها لا تقبل على أنها فريضة؛ لأن الشيء المؤقت بوقت لا يصح قبل وقته، كما لو أراد الإنسان أن يصوم قبل رمضان، ولو بيوم واحد، فإنه لا يجزئه عن رمضان). اهـ

(2) وعن رفاعة بن غرابة الجهني t أن رسول الله r قال؛ في حديث: نزول الله تعالى: ((حتى يتفجر الفجر)). وفي رواية: ((حتى ينفجر الصبح)). وفي رواية: ((حتى يطلع الفجر)).

حديث صحيح

أخرجه الدارقطني في ((النزول)) (56)، وأبو القاسم البغوي في ((معجم الصحابة)) (ج2 ص341)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (4557)، والدارمي في ((الرد على المريسي)) (ج1 ص213)، والآجري في ((الشريعة)) (705)، و(706)، وابن الأثير في ((أسد الغابة)) (ج2 ص231)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (ج2 ص1077).

وإسناده صحيح.

وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((العقيدة الأصفهانية)) (ص247) بقوله: (لأن رفاعة يرويه ويقول في حديثه: ((حتى ينفجر الفجر))). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر رحمه الله في ((الإشراف)) (ج1 ص401): (وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر). اهـ

وقال الحافظ البغوي رحمه الله في ((معالم التنزيل)) (ج1 ص208): (واعلم أن الفجر فجران: كاذب وصادق، فالكاذب يطلع أولا مستطيلا؛ كذنب السرحان يصعد إلى السماء فبطلوعه لا يخرج الليل، ولا يحرم الطعام والشراب على الصائم، ثم يغيب فيطلع بعده الفجر الصادق مستطيرا ينتشر سريعا في الأفق، فبطلوعه يدخل النهار، ويحرم الطعام والشراب على الصائم). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في ((مختصر المختصر من المسند الصحيح)) (ج3 ص372): باب الدليل على أن الفجر هما فجران، وأن طلوع الثاني منهما هو المحرم على الصائم الأكل والشرب، والجماع لا الأول – يعني الكاذب -، وهذا من الجنس الذي أعلمت أن الله تعالى ولى نبيه عليه السلام البيان عنه عز وجل.

وقال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في ((مختصر المختصر من المسند الصحيح)) (ج1 ص448): باب ذكر بيان الفجر الذي يجوز صلاة الصبح بعد طلوعه؛ إذ الفجر هنا فجران: طلوع أحدهما بالليل، وطلوع الثاني يكون بطلوع النهار.

قلت: فالفجر فجران، فجر يقال له الكاذب، وهو يذهب طولا، ولا يذهب عرضا، والفجر الآخر يقال له الصادق، وهو يذهب عرضا، ولا يذهب طولا.

(3) وعن سمرة بن جندب t عن النبي r قال: ((لا يغرنكم نداء بلال، ولا هذا البياض – يعني: الفجر الكاذب - حتى يبدو الفجر، أو قال: حتى ينفجر الفجر)). يعني: الفجر الصادق.

أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1094)، وأبو داود في ((سننه)) (2346)، والترمذي في ((سننه)) (706)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2481)، وفي ((المجتبى)) (ج4 ص148)، وأحمد في ((المسند)) (ج5 ص7 و9 و13)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7394)، والجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص278)، والبغوي في ((معالم التنزيل)) (ج1 ص215)، والطيالسي في ((المسند)) (897)، و(898)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج3 ص117)، والدارقطني في ((السنن)) (ج2 ص166)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص425)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج1 ص138)، والسلفي في ((المشيخة البغدادية)) (2437)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج3 ص170)، وابن أخي ميمي الدقاق في ((الفوائد)) (ص264) من طرق عن سوادة القشيري عن سمرة بن جندب t.

وذكره ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (ج6 ص30).

وترجم الحافظ البيهقي رحمه الله في ((السنن الكبرى)) (ج1 ص457): باب الإسفار بالفجر حتى يتبين طلوع الفجر الآخر معترضا.

(4) وعن عدي بن حاتم t في تفسير النبي r قوله تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187] بقوله r: ((إنما ذلك سواد الليل، وبياض النهار)).

أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (1916)، ومسلم في ((صحيحه)) (1090)، والبيهقي في ((معرفة السنن والآثار)) (ج6 ص257)، والطحاوي في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص452)، والواحدي في ((الوسيط)) (ج1 ص287)، والبغوي في ((معالم التنزيل)) (ج1 ص208)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج3 ص115 و116)، وأبو داود في ((سننه)) (ج2 ص324)، والترمذي في ((سننه))، والنسائي في ((سننه)) (ج4 ص148)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (ج3 ص166)، والدارمي في ((المسند)) (1736)، والحميدي في ((المسند)) (941)، والجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص277)، والقسطلاني في ((إرشاد الساري)) (ج4 ص532)، وابن حبان في ((صحيحه)) (3462)، من طرق عن الشعبي عن عدي بن حاتم t به.

قلت: فالعرب تسمي الفجر أول بياض النهار: ((الخيط الأبيض))؛ كفلق الصبح، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى: ((الخيط الأبيض))، و((الفجر الصادق))؛ لأنه صدقك عن الصبح بينه لك، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة.([51])

وسئل شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج12 ص207) عن الفرق بين الفجر الأول والفجر الثاني؟.

فأجاب قائلا: (ذكر العلماء أن بينهما ثلاثة فروق:

الأول: أن الفجر الأول: ممتد لا معترض، أي: ممتد طولا من الشرق إلى الغرب، والثاني: معترض من الشمال إلى الجنوب.

الثاني: أن الفجر الأول: يظلم؛ أي يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم، والفجر الثاني: لا يظلم بل يزداد نورا وإضاءة.

الثالث: أن الفجر الثاني: متصل بالأفق ليس بينه، وبين الأفق ظلمة، والفجر الأول: منقطع عن الأفق بينه، وبين الأفق ظلمة). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في ((شرح العمدة)) (ج3 ص435): (فإن النبي r قال؛ لعدي t: ((إنما هو بياض النهار وسواد الليل))؛ فعلم أنه أول ما يبدو البياض الصادق يدخل النهار، كما أنه أول ما يقبل من المشرق السواد يدخل الليل). اهـ

وقال العلامة الأبي رحمه الله في ((إكمال إكمال المعلم)) (ج4 ص28): (قوله: (في صفة الفجر)؛ ليس أن يقول هكذا وهكذا وصوب يده ورفعها تضمن هذا الحديث، وما بعده من الطرق، إن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو الفجر الثاني الصادق المستطير، بالراء لا المستطيل باللام. قلت: قرص الشمس عليه دائرتان: إحداهما؛ حمراء وهي التي تلي القرص، والأخرى بيضاء وهي بعد الحمراء. والبيضاء أول ما يطلع، ثم تليها في الطلوع الحمراء، ثم يلي الحمراء القرص، ومذهب الجمهور إن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو دائرة البياض، والبياض في الحقيقة دائرة، ولكن لاتساعها تظهر كأنها خط مستقيم أخذ من القبلة إلى الشمال. ويسمى الفجر المعترض، والمستطير بالراء، والصادق فالمعترض لاعتراضه. والمستطير المنتشر، من نشر الطائر جناحيه إذا مدهما. والصادق لصدق؛ لأنه كلما الوقت يمر وهو يتضح عكس الفجر الكاذب. المستطيل باللام الآخذ من الشرق إلى المغرب، وسمي كاذبا الكذبة؛ لأنه كلما الوقت يمر وهو يقل حتى لا يقابله شيء. وذهب حذيفة وابن مسعود إلى أن الفجر الذي تتعلق به الأحكام إنما هو دائرة الحمرة. لقوله r: (وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر) وهو حديث خرجه أبو داود. وحكى ابن بشير الإجماع على أن المعتبر البياض. ولا يصح هذا الإجماع لصحة ذلك عن حذيفة وابن مسعود وغيرهما. فعن زر بن حبيش، قال: تسحرت. ثم انطلقت إلى مسجد فدخلت على حذيفة فأمر بلقحة فحلبت، ثم بقدر فسخنت، ثم قال: كل فقلت إني أريد الصوم. فقال: وأنا كذلك. فأكلنا وشربنا ثم أتينا المسجد. وقد أقيمت الصلاة. فقال حذيفة: هكذا فعل بي رسول الله r. فقلت: بعد الصبح. فقال: بعد الصبح إلا أن الشمس لم تطلع)، وعن عامر بن مسعود، قال: (دخلت على ابن مسعود في داره، فأخرج لنا فضل سحوره فتسحرنا. وقد أقيمت الصلاة فخرجنا فصلينا معه) ومن حديث أبي هريرة إنه r قال: (إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه). قال عمار: (وكانوا يؤذنون إذا بزغ الفجر)، وعن أبي وائل أنه تسحر، وخرج إلى المسجد، فأقيمت الصلاة)، وعن عمر: (إنه كان يؤخر السحور حتى يظن الجاهل أنه لا صوم له)، وعن أبي عقيل أنه قال: (تسحرت مع علي ثم أمر المؤذن أن يقيم الصلاة)، وقال بعضهم: إن الصوم كان من طلوع الشمس). اهـ

وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((الفتاوى)) (ج12 ص239): (وقت صلاة الفجر من طلوع الفجر الثاني: وهو البياض المعترض في الأفق الشرقي الذي ليس بعده ظلمة؛ إلى طلوع الشمس). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله في ((التمهيد)) (ج5 ص240): (ولم يختلف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين قبل صلاة الصبح، وأنه لم يترك ذلك حتى مات فهذا عمله). اهـ

قلت: فلم يثبت عن النبي r أنه صلى صلاة الفجر قبل طلوع الفجر الصادق؛ فكان r إذا أذن المؤذن للفجر، صلى ركعتين خفيفتين، وهي سنة الفجر، ثم صلى صلاة الفريضة إذا طلع الفجر الصادق.

قال الحافظ ابن المنذر رحمه الله في ((الأوسط)) (ج2 ص347): (ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى الفجر حين طلع الفجر). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر رحمه الله في ((الإشراف)) (ج1 ص401): (ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الفجر حين طلوع الفجر). اهـ

وقال الفقيه اليفرني رحمه الله في ((الاقتضاب)) (ج1 ص8): (الفجر: هو أول بياض النهار الظاهر في الأفق الشرقي المستطير المنير المنتشر؛ تسمية العرب: الخيط الأبيض، قال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187])؛ أي: بياض النهار من سواد الليل). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((تفسير القرآن)) (ج2 ص35): (بيان خطأ بعض الجهال المؤذنين الذين يؤذنون قبل الفجر احتياطا -على زعمهم -؛ لأن الله تعالى أباح الأكل، والشرب، والجماع، حتى يتبين الفجر؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر))([52])؛ وهو أيضا مخالف للاحتياط؛ لأنه يستلزم أن يمتنع الناس مما أحل الله لهم من الأكل، والشرب، والجماع، وأن يقدم الناس صلاة الفجر قبل طلوع الفجر). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((تفسير القرآن)) (ج2 ص357): (الاعتبار بالفجر الصادق الذي يكون كالخيط ممتدا في الأفق؛ وذكر أهل العلم أن بين الفجر الصادق، والفجر الكاذب ثلاثة فروق:

الفرق الأول: أن الصادق مستطير معترض من الجنوب إلى الشمال؛ والكاذب مستطيل ممتد من الشرق إلى الغرب.

والفرق الثاني: أن الصادق متصل بالأفق؛ وذاك بينه، وبين الأفق ظلمة.

والفرق الثالث: أن الصادق يمتد نوره، ويزداد؛ والكاذب يزول نوره ويظلم). اهـ

وقال الثعلبي المفسر رحمه الله في ((الكشف والبيان)) (ج2 ص80): (والفجر انشقاق عمود الصبح، وابتداء ضوءه، وهو مصدر من قولك فجر الماء يفجر فجرا، إذا انبعث، وجرى شبهه شق الضوء بظلمة الفجر، الماء الحوض إذا شقه، وخرج منه، وهما فجران، أحدهما: يسطع في السماء مستطيلا؛ كذنب السرحان، ولا ينتشر فذلك لا يحل الصلاة، ولا يحرم الطعام على الصائم، وهو الفجر الكاذب، والثاني: هو المستطير الذي ينتشر، ويأخذ الأفق ضوء الفجر الصادق الذي يحل الصلاة، ويحرم الطعام على الصائم، وهو المعنى بهذه الآية). اهـ

وقال الإمام الزهري رحمه الله: (وكان ابن أم مكتوم رجلا أعمى، لا يؤذن حتى يقول له الناس: أذن، أصبحت).([53])

وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص180): (لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، أصبحت: أيضا حقيقة على ظاهره، وما أذان ابن أم مكتوم؛ إلا بعد الفجر، وأمر الإصباح؛ لا قبلهما، ولو كان ما ظنوه: لحرم الأكل قبل طلوع الفجر، وهذا ما لا يقولونه، ولا يقوله مسلم!). اهـ

قلت: فلا يجوز تقديم أذان الفجر، قبل طلوعه، لأن ذلك خلاف ما ثبت في الكتاب، والسنة، والآثار.([54])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((الشرح الممتع)) (ج2 ص135): (الفجر الأول: يظلم؛ أي: يكون هذا النور لمدة قصيرة ثم يظلم، والفجر الثاني: لا يظلم بل يزداد نورا وإضاءة([55])). اهـ

(5) وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا، حتى يستطير هكذا؛ يعني معترضا)). وفي رواية: ((لا يغرنكم نداء بلال، ولا هذا البياض، حتى يبدو الفجر، أو قال: حتى ينفجر الفجر)).([56])

فهما فجران: أحدهما المستطيل؛ وهو الفجر الكاذب الذي يسمى ذنب السرحان.

والآخر المستطير، وهو الفجر الصادق المنتشر في الأفق، ولا يكون إلا الصبح إلا الصادق.([57])

قال الفقيه ابن قائد رحمه الله في ((هداية الراغب)) (ص131): (الفجر الثاني: هو البياض المعترض بالمشرق، ولا ظلمة بعده، ويقال له: ((الفجر الصادق))، والأول ويقال له: ((الكاذب)) مستطيل أزرق، له شعاع ثم يظلم). اهـ

فالفجر الأول: هو البياض المستدق المتنفس صعدا من غير اعتراض؛ كذنب السرحان؛ وهو: ((ذيل الذئب))، ويسمى الفجر الكاذب؛ لأنه يضيء ثم يسود، ويسمى الخيط الأسود عند العرب، ولا يتعلق به حكم.

والفجر الثاني: هو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الخيط الأبيض عند العرب، والفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك، والصبح: ما جمع بياضا وحمرة، فهو المنتشر في الطرق، والسكك، والبيوت، وهذا هو الذي تتعلق به أحكام الصيام والصلاة.([58])

قال تعالى: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل[ [البقرة: 187].

قلت: وهذه الآية الكريمة دلت على الفجر الكاذب؛ وهو الخيط الأسود، والفجر الصادق؛ وهو الخيط الأبيض.

واعلم أيها الموفق إلى طاعة ربه أن أوصاف الفجر الصادق؛ هي التي تتفق، والآية الكريمة: ]وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة:187]؛ فإن ضوء الفجر إذا اعترض في الأفق على الشعاب، ورؤس الجبال، والبحار ظهر كأنه خيط أبيض، وظهر من فوقه خيط أسود هو بقايا الظلام الذي ولى مدبرا !؛ فإذا تبين لك ذلك فإذن، وأمسك عن الأكل، والشراب، والنكاح في شهر رمضان!.

قلت: والفجر الكاذب؛ يؤثر فيه ضوء القمر، وفي ليالي وجود القمر جهة الشرق آخر الليل يصعب معرفته إلا على من لديه خبرة، ودراية كافية بأوصافه، وأحواله.

وأما الفجر الصادق؛ فإن تأثير ضوء القمر عليه محدود وضعيف، حتى لو كان القمر في جهة الشرق آخر الليل.([59])

 

(6) وعن طلق بن علي t أن رسول الله r قال: (كلوا واشربوا، ولا يغرنكم؛ وفي رواية: ((ولا يهيدنكم)) الساطع المصعد، وكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر)([60])؛ يعني: الشفق الأحمر جهة المشرق في الصبح.

فالفجر الكاذب؛ مستطيل ساطع، ممتد من الشرق إلى الغرب، مصعد؛ كالعمود إلى أعلى، جهته وسط السماء، أو يميل قليلا، نوره يزول بالظلمة التي تعقبه، وتكون في أسفله مما يلي المشرق في الأفق.

وأما الفجر الصادق؛ فإنه يخرج معترضا مستطيرا في الأفق جهة المشرق، معترض من الجنوب إلى الشمال، يملأ بياضه، وضوءه الطرق، والأسواق.([61])

قلت: والمراد من الحديث، لا تنزعجوا للساطع المصعد، وهو الفجر المستطيل فتمتنعوا به عن السحور؛ فإنه الصبح الكاذب، وأصل الهيد الحركة، وقد هدت الشيئ أهيده هيدا، إذا حركته، وأزعجته.([62])

قال الإمام الخطابي رحمه الله في ((معالم السنن)) (ج2 ص90): (والساطع المرتفع، وسطوعها ارتفاعها مصعدا مثل أن يعترض). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في ((مختصر المختصر من المسند الصحيح)) (ج3 ص374): باب الدليل على أن الفجر الثاني الذي ذكرناه؛ هو البياض المعترض الذي لونه الحمرة.

قال الشاعر:

فلما اضاءت لنا غدوة

 

 

ولاح من الصبح خيط أنارا([63])

وقال الإمام الخطابي رحمه الله في ((معالم السنن)) (ج2 ص90): (ومعنى الأحمر هاهنا: أن يستبطن البياض المعترض أوائل الحمرة ؛ وذلك أن البياض إذا تتام طلوعه ظهرت أوائل الحمرة، والعرب تشبه الصبح بالبلق في الخيل ؛ لما فيه من بياض وحمرة). اهـ

وقال الحافظ الترمذي رحمه الله في ((السنن)) (ج3 ص86): (والعمل على هذا عند أهل العلم؛ أنه لا يحرم على الصائم الأكل والشرب حتى يكون الفجر الأحمر المعترض، وبه يقول عامة أهل العلم!). اهـ

قلت: والمعترض أوائل الحمرة؛ هو البياض إذا تتام طلوعه، ظهرت أوائل الحمرة، وليس بين الفجر الصادق فاصل فبعده الصبح، والنور مباشرة.([64])

قال الحافظ النووي رحمه الله في ((المنهاج)) (ج7 ص201): (أن ما بعد الفجر: هو من النهار، لا من الليل، ولا فاصل بينهما). اهـ

وقال الحافظ ابن خزيمة رحمه الله في ((مختصر المختصر من المسند الصحيح)) (ج3 ص374): باب الدليل على أن الأذان قبل الفجر لا يمنع الصائم طعامه، ولا شرابه، ولا جماعا ضد ما يتوهم العامة!.

(7) وعن ابن مسعود t قال: قال رسول الله r: (إن الفجر ليس الذي يقول هكذا([65])؛ وجمع أصابعه، ثم نكسها إلى الأرض، ولكن الذي يقول هكذا([66])؛ ووضع المسبحة على المسبحة، ومد يديه). وفي رواية: (الفجر هو المعترض، وليس بالمستطيل).([67])

قلت: والفجر الكاذب([68]) يخرج قبل الفجر الصادق بنحو ساعة تقريبا، وبينما يكون خروج الفجر الصادق بعد الكاذب، وقبل طلوع الشمس بوقت محدود، يزيد هذا الوقت، وينقص بمقدار معلوم، حسب دورة الشتاء، والصيف.([69])

وقال الحافظ النووي رحمه الله في ((المنهاج)) (ج7 ص305): (في هذه الأحاديث بيان الفجر الذي يتعلق به الأحكام، وهو الفجر الثاني الصادق، والمستطير بالراء). اهـ

قلت: فالفجر فجران؛ فجر يقال له الكاذب، وهو يذهب طولا، ولا يذهب عرضا، والفجر الآخر يقال له الصادق، وهو يذهب عرضا، ولا يذهب طولا.([70])

قال أبو العباس القرطبي رحمه الله في ((المفهم)) (ج3 ص153): (وتحصل من الروايتين: أنه r أشار إلى أن الفجر الأول يطلع في السماء، ثم يرتفع طرفه الأعلى، وينخفض طرفه الأسفل، وقد بين هذا بقوله r: ((ولا بياض الأفق المستطيل))؛ يعني: الذي يطلع طويلا، فهذا البياض هو المسمى: بـ(الفجر الكاذب)، وشبه بذنب السرحان، وهو الذئب، وسمي به، وهذا الفجر لا يتعلق عليه حكم، لا من الصيام، ولا من الصلاة، ولا من غيرهما؛ وأما الفجر الصادق: فهو الذي أشار النبي r حيث وضع المسبحة على المسبحة، ومد يديه، وهو إشارة إلى أنه: يطلع معترضا، ثم يعم الأفق ذاهبا فيه عرضا، ويستطير؛ أي: ينتشر). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((التعليق على صحيح مسلم)) (ج5 ص313)؛ معلقا على الحديث: (يشير بذلك إلى الفجرين: الصادق والكاذب، قال العلماء رحمهم الله: الفجر فجران: أحدهما صادق، والثاني كاذب، وفرقوا بينهما من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: أن الفجر الصادق يكون معترضا من الجنوب إلى الشمال، والفجر الكاذب يكون مستطيلا من الشرق إلى الغرب كذنب السرحان (كذنب الذئب).

الوجه الثاني: أن الفجر الصادق يكون نوره متصلا بالأفق، ليس بينه وبين الأفق سواد، وأما الفجر الكاذب فبينه وبين الأفق سواد.

الوجه الثالث: أن الفجر الصادق لا ظلمة بعده، بل لا يزال الضوء ينتشر شيئا فشيئا حتى تطلع الشمس، والفجر الكاذب يظلم، يعني: ينمحي.

والذي يتعلق به حكم الصيام والصلاة هو الفجر الصادق). اهـ

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((التعليق على صحيح مسلم)) (ج5 ص316)؛ عن تبين طلوع الفجر: (فإن قيل: يلزم من هذا أن يدخل شيئ من النهار؟، فالجواب: نعم، ولا بأس بهذا، والتشدد الذي يقوله بعض الفقهاء ليس له وجه، وقولهم: يلزم أن يمسك جزءا من الليل ليس بصحيح، نقول: يلزمه أن يمسك متى تبين الفجر... قال تعالى: ]حتى يتبين [[البقرة:187]، ولا يمكن أن يتبين إلا وقد طلع، فالمسافة بين طلوعه، وتبينه لك أن تأكل فيها.

اجعلوا الدليل المستند هو كتاب الله تعالى، وسنة الرسول r، ودعوا الأقوال التي تخالف ذلك، ما دام عندنا نص صريح: ]حتى يتبين[؛ فكيف نقول: لابد أن تمسك جزءا من الليل قبل طلوع الفجر؟!). اهـ

قلت: فالعبرة بالتبين؛ أي: تبين النور الذي ينتشر في الطرق والبيوت.

وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص192): (الفجر فجران، والفجر الأول هو: المستطيل المستدق صاعدا في الفلك كذنب السرحان، وتحدث بعده ظلمة في الأفق؛ لا يحرم الأكل، ولا الشرب على الصائم، ولا يدخل به وقت صلاة الصبح، هذا لا خلاف فيه من أحد من الأمة كلها.

والآخر هو: البياض الذي يأخذ في عرض السماء في أفق المشرق في موضع طلوع الشمس في كل زمان، ينتقل بانتقالها، وهو مقدمة ضوئها، ويزداد بياضه؛ وربما كان فيه توريد بحمرة بديعة، وبتبينه يدخل وقت الصوم، ووقت الأذان لصلاة الصبح، ووقت صلاتها، فأما دخول وقت الصلاة بتبينه؛ فلا خلاف فيه من أحد من الأمة). اهـ

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج3 ص518): (وأما تفريق النبي r بين الفجرين، فإنه فرق بينهما، بأن الأول مستطيل، يأخذ في السماء طولا ؛ ولهذا مد أصابعه، ورفعها إلى فوق، وطأطأها أسفل، والثاني: مستطير يأخذ في السماء عرضا، فينتشر عن اليمين، والشمال). اهـ

قلت: ولذلك يقال: طريق فجر؛ أي: واضح، وفجرته، فانفجر، وفجرته فتفجر، ومنه انفجر الماء انفجارا: تفتح؛ قال تعالى: ]وفجرنا الأرض عيونا[ [القمر:12]، وقال تعالى: ]وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا[ [الإسراء:90]، ومنه قيل للصبح: فجر؛ لكونه فجر الليل([71])، قال تعالى: ]وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا[ [الإسراء:78].

قلت: فالفجر فجران؛ فالذي كأنه ذنب السرحان لا يحرم شيئا، وأما المستطير الذي يأخذ الأفق، فإنه يحل الصلاة، ويحرم الطعام.([72])

(8) وعن عائشة رضي الله عنها؛ أن بلالا كان يؤذن بليل، فقال رسول الله r: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر).([73]) يعني: يقال له أصبحت؛ أي: طلع الصبح.([74])

وقال الحافظ ابن حبان رحمه الله في ((صحيحه)) (ج8 ص251)؛ عن الفجر الصادق: (والآخر عند انفجار الصبح لصلاة الفجر، كان ذلك جائزا.

فأما من أذن بليل قبل طلوع الفجر لصلاة الصبح، كان عليه الإعادة لصلاة الصبح، فإنه لم يصح أنه أذن له r بليل إلا مؤذنان، لا مؤذن واحد). اهـ

وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص164): (فإذا طلع الفجر الثاني فقد دخل أول وقت صلاة الصبح؛ فلو كبر لها قبل ذلك لم يجزه، ويتمادى وقتها إلى أن يطلع أول قرص الشمس).([75]) اهـ

(9) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله r إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يستبين الفجر، ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للإقامة). وفي رواية: (كان r إذا سكت المؤذن من صلاة الفجر وتبين له الفجر). وفي رواية: (بعد أن يستنير الفجر).([76])

قلت: وهذه الروايات تدل على أن المؤذن في عهد النبي r؛ لا يؤذن حتى ينشق الفجر، وتستنير الأرض.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في ((فتح الباري)) (ج3 ص531): (فإن ابن أم مكتوم كان يسفر بأذان الفجر، ولا يؤذن حتى يقال له: أصبحت). اهـ

 (10) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حديثه عن حجة الوداع؛ (أن النبي r اضطجع بالمزدلفة حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بنداء وإقامة).([77])

قال الفقيه اليفرني رحمه الله في ((الاقتضاب)) (ج1 ص8): (وقوله: (صلى الصبح حين طلع الفجر)؛ الفجر: هو أول بياض النهار الظاهر في الأفق الشرقي المستطير المنير المنتشر؛ تسمية العرب: الخيط الأبيض، قال تعالى: ]حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود[ [البقرة: 187])؛ أي: بياض النهار من سواد الليل... ويقولون؛ للأمر الواضح: هذا ((كفلق الصبح))، و((تباشير([78]) الصبح))، و((كانبلاج الفجر))، ومعنى: أسفر([79]): بدا وتبين). اهـ

وقال الشيخ محمد صديق خان رحمه الله في ((الروضة الندية)) (ج1 ص202): (وأول وقت الفجر إذا انشق الفجر؛ أي: ظهور الضوء المنتشر، وبينه r أشفى بيان، فقال r لهم: ((أنه يطلع معترضا في الأفق))، و((أنه ليس الذي يلوح بياضه كذنب السرحان)).

وهذا شيء تدركه الأبصار، وقال تعالى: ]حتىيتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر[ [البقرة: 187]، فجاء بلفظ التفعل لإفادة أنه لا يكفي إلا التبين الواضح؛ أي: يتبين لكم شيئا فشيئا حتى يتضح؛ فإنه لا يتم تبينه، وظهوره إلا بعد كمال ظهوره، فإنه يطلع أولا تباشير الضوء، ثم ذنب السرحان، وهو الفجر الكذاب، ثم يتضح نور الصباح الذي أبداه بقدرته فالق الإصباح). اهـ

قلت: للأوقات علامات حسية يعرفها كل أحد([80])، والله المستعان.

وقال الفقيه ابن أبي القاسم رحمه الله في ((الواضح)) (ج1 ص175): (أما الصبح؛ فيدخل وقتها بطلوع الفجر الثاني إجماعا، وقد دلت عليه أخبار المواقيت، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق، ويسمى الفجر الصادق؛ لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك، والصبح ما جمع بياضا وحمرة، ومنه سمي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة: أصبح.

وأما الفجر الأول: فهو البياض المستدق صعدا من غير اعتراض، فلا يتعلق به حكم، ويسمى الفجر الكاذب، ثم لا يزال وقت الاختيار حتى يسفر النهار). اهـ

وقال الفقيه ابن رشد رحمه الله في ((بداية المجتهد)) (ج1 ص123): (واتفقوا على أن أول وقت الصبح طلوع الفجر الصادق وآخره طلوع الشمس). اهـ

وقال الحافظ ابن المنذر رحمه الله في ((الأوسط)) (ج2 ص347): (وأجمع أهل العلم على أن أول وقت صلاة الصبح طلوع الفجر). اهـ

قلت: وتأدية صلاة الصبح في الليل يفوت عدة فضائل على المسلمين:

(1) كثرة الجمع من المصلين، وهي مطلوبة في الجماعة بالمساجد، ويكون ذلك بطلوع الصبح، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى ([81])، وصلاة الفجر في الليل يفوت هذا الفضل.

وكان عمر بن الخطاب t إذا أجتمع الناس عجل، وإذا لم يجتمعوا أخر.

(2) تحصيل الجماعة للمصلين في طلوع الصبح، والصلاة في الليل يفوت عليهم ذلك، وينفرهم من صلاة الصبح، والنبي r قد أمر بالتخفيف على المصلين خشية التنفير([82])، كل ذلك رعاية لحال المأمومين.([83])

(3) تحصيل الأجر العظيم بوضوح الصبح، وطلوع النهار، فالتأخير فيه مصلحة راجحة للمصلين في الإسفار، فإن النبي r قال: ((أسفروا بالصبح، فإنه أعظم للأجر)).([84]) وتقديم صلاة الفجر بالليل تفويت هذا الفضل على الناس.

(4) تطبيق السنة في تأخير صلاة الفجر، ونفى المشقة على المصلين، لأن المشقة راجحة في تقديم صلاة الفجر عليهم بليل، وبتطبيق السنة نفي ذلك([85])، فرعاية المصلين مطلوبة في الإسلام.

فالإسفار يؤدي إلى كثرة الجماعة، واتصال الصفوف، ولأنه يتسع به وقت التنفل، وما أفاد كثرة التنفل كان أفضل.

 

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،

وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك

على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،

وآخر دعوانا أن الحمد الله

رب العالمين                        

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

 

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة....................................

2

2)

تفسير قوله تعالى: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا[......................

4

3)

ذكر الدليل على مواقيت الصلوات المفروضة...

7

4)

ذكر الدليل على فضل الصلاة في وقتها......

11

5)

ذكر الدليل على أن الإسفار في صلاة الفجر أعظم للأجر في الشريعة المطهرة..............

17

6)

معنى: ((أصبحوا بالصبح)).................

20

7)

ذكر الدليل على أن الفجر الصادق هو: نور الصباح المنتشر في الأرض، وهو الذي يدل على دخول وقت أذان صلاة الفجر، وفرض أدائها......................................

26

8)

ذكر الدليل على أن الفجر فجران: فجر كاذب وفجر صادق، ودخول وقت صلاة الصبح بالفجر الصادق وهذا بإجماع السلف والخلف.....................................

43

 



([1]) وانظر: ((تيسير الكريم الرحمن)) للشيخ السعدي (ج1 ص399).

([2]) انظر: ((تفسير القرآن)) لابن كثير (ج3 ص209)، و((جامع البيان)) للطبري (ج9 ص197)، و((أحكام القرآن)) للطحاوي (ج1 ص168) و((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج5 ص374)، و((تفسير القرآن)) لابن أبي زمنين (ج1 ص403).

([3]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسير القرآن)) (ج4 ص1057).

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج4 ص674)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (ج3 ص209)، والجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج2 ص332).

([4]) أثر حسن.

     أخرجه ابن أبي حاتم في ((تفسير القرآن)) (ج4 ص1057)، والطبري في ((جامع البيان)) (ج9 ص167) من طريقين عن أبي جعفر الرازي عن زيد بن أسلم به.

     وإسناده حسن.

     وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج4 ص675)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (ج3 ص209)، القرطبي في ((الجامع لأحكام القرآن)) (ج5 ص374)، والسمعاني في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص474).

([5]) أثر حسن.

     أخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج9 ص167).

     وإسناده حسن.

([6]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

([7]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج9 ص167).

     وإسناده صحيح.

     وذكره الجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج2 ص332).

([8]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبري في ((جامع البيان)) (ج9 ص167)، وسفيان الثوري في ((تفسير القرآن)) (ص97)، والسمعاني في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص474)، والبغوي في ((معالم التنزيل)) (ج5 ص148) من طريق ليث بن أبي سليم، وابن أبي نجيح عن مجاهد به.

     وإسناده صحيح.

     وذكره السيوطي في ((الدر المنثور)) (ج4 ص674)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (ج1 ص472)، وابن أبي حاتم في ((تفسير القرآن)) (ج4 ص1057)، والجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج2 ص332).

([9]) النجم: هو الوقت المضروب.

    انظر: ((التعليق على تفسير الطبري)) للشيخ أحمد شاكر (ج9 ص169).

([10]) انظر: ((أحكام القرآن)) للجصاص (ج2 ص333).

([11]) وانظر: ((الملخص الفقهي)) للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([12]) قلت: وقد روي هذا الحديث: ((الصلاة في أول وقتها)) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه؛ ولا يصح بزيادة: ((أول وقتها))؛ بل هي زيادة شاذة لا تثبت من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.

     أخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج1 ص169)، وابن حبان في ((صحيحه)) (ج4 ص339)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص188)، وفي ((معرفة علوم الحديث)) (ص130)، والخطيب في ((الكفاية)) (428)، وابن حزم في ((المحلى)) (ج3 ص182)، وغيرهم، وقد أعرض الحافظ البخاري في ((صحيحه)) عن هذه الزيادة، فروى الحديث بلفظ: ((الصلاة على ميقاتها))، وهذا يؤكد شذوذها عنده.

     إذا: فالحديث غير محفوظ بهذه الزيادة، ويأتي تخريجه في موضع آخر، والله ولي التوفيق.

 

([13]) أي: في وقتها المحدد في الشريعة.

     انظر: ((إرشاد الساري)) للقسطلاني (ج2 ص203).

([14]) وهي مخالفة مكشوفة، وواضحة لما كان عليه الأمر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وزمن أصحابه رضي الله عنهم، ومن بعدهم.

([15]) فيجب مرعاة وقت صلاة الفجر، وعدم إضاعته بما يسمي: بــ((التقويم الفلكي)).

([16]) وهذا من التشديد على المسلمين، ولم يكن صلى الله عليه وسلم ليشدد على أحد من المسلمين، والله المستعان.

([17]) وهذا هو واجب المسؤولين في وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي، والله المستعان.

([18]) أو عن طريق ((العلم الشرعي)) لكن بقصور في التحقيق والبحث.

([19]) قلت: ودعاة الفلك ومن تابعهم حرموا هذا الأجر العظيم!، وذلك بسبب عنادهم، وإصرارهم على تأدية صلاة الفجر في سواد الليل دون إسفار النهار، وهذا من خذلان الله تعالى لهم، نسأل الله تعالى السلامة والعافية.

([20]) انظر: ((حاشية مسند الإمام أحمد بن حنبل)) (ج3 ص587).

     أسفروا: أسفر الصبح إذا انكشف وأضاء، فلم يشك فيه.

     انظر: ((النهاية)) لابن الأثير (ج2 ص37)، و((شرح سنن النسائي)) للسيوطي (ج1 ص272).

([21]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عبد البر في ((التمهيد)) (ج4 ص338)، و(ج9 ص121).

     وإسناده صحيح.

([22]) وانظر: ((الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار)) لابن عبد البر (ج4 ص93)، و((التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد)) له (ج4 ص340)، و((الحاوي الكبير)) للماوردي (ج2 ص30)، و((الإقناع)) لابن المنذر (ج1 ص81)، و((المهذب)) للشيرازي (ج1 ص182)، و((المنهاج)) في فقه الشافعي للنووي (ج1 ص229)، و((الإمداد بتيسير شرح الزاد)) للشيخ الفوزان (ج1 ص295 و313)، و((الاختيار لتعليل المختار)) لابن مودود ((ج1 ص44)) و((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصنعاني (ج2 ص361).

([23]) انظر: ((كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار)) للحصني (ص81)، و((مسائل التعليم)) لبلحاج بافضل (ج1 ص313)، و((إعانة الطالبين)) للدمياطي (ج1 ص186)، و((فتح المعين)) للمعبري (ص87)، و((تحفة الطلاب)) للأنصاري (ص151)، و((فتح الوهاب)) له (ج1 ص55)، و((مواهب الجليل)) للحطاب (ج2 ص34)، و((التاج والإكليل)) للمواق (ج2 ص32).

([24]) انظر: ((تفسير القرآن)) لابن كثير (ج2 ص404)، و((جامع البيان)) للطبري (ج9 ص197)، و((معالم التنزيل)) للبغوي (ج2 ص148)، و((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج5 ص374)، و((أضواء البيان)) للشنقيطي (ج1 ص378)، و((عمدة القاري)) للعيني (ج4 ص142)، و((زاد المسير)) لابن الجوزي (ج2 ص188)، و((فتح المعين)) للمعبري (ص87)، و((الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف)) للمرداوي (ج1 ص373 و398)، و((الإحكام شرح أصول الأحكام)) لابن القاسم (ج1 ص149)، و((الغرر البهية)) للأنصاري (ج2 ص4)، و((الواضح في شرح مختصر الخرقي)) لابن أبي القاسم (ج1 ص167)، و((بلغه السالك)) للصاوي (ج1 ص160)، و((إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه)) لجانباز (ج1 ص531).

([25]) وانظر: ((الملخص الفقهي)) للشيخ الفوزان (ج1 ص103).

([26]) انظر: ((نصب الراية)) للزيلعي (ج1 ص239)، و((حاشية السندي على سنن النسائي)) (ج1 ص273)، و((شرح سنن النسائي)) للسيوطي (ج1 ص273)، و((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص791، 792)، و((إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجه)) لجانباز (ج2 ص534).

([27]) وانظر: ((الأحكام الوسطى)) لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251).

([28]) انظر: ((الأحكام الوسطى)) لعبد الحق الإشبيلي (ج1 ص251)، و((تلخيص الحبير)) لابن حجر (ج1 ص281).

([29]) وانظر: ((المجموع)) للنووي (ج3 ص44)، و((روضة الطالبين)) له (ج1 ص182)، و((الحاوي الكبير)) للماوردي (ج2 ص29)، و((فتح ذي الجلال والإكرام)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51)، و((نهاية المحتاج)) للرملي (ج1 ص229)، و((كفاية النبيه)) لابن الرفعة (ج6 ص332)، و((الهداية)) للكلوذاني (ص28)، و((المطلع على أبواب المقنع)) لابن أبي الفتح (ص59)، و((المبدع في شرح المقنع)) لأبي إسحاق الحنبلي (ج1 ص348)، و((أنوار التنزيل وأسرار التأويل)) للبيضاوي (ج1 ص107)، و((تفسير القرآن)) لابن أبي زمنين (ج1 ص202).

([30]) وانظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (ج3 ص525).

([31]) قلت: فيجب مراعاة وقت صلاة الصبح على هذا الوصف؛ كما ذكر في القرآن، والسنة، والآثار.

([32]) وانظر: ((المغني)) لابن قدامة (ج2 ص30)، و((المبسوط)) للسرخسي (ج1 ص141)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (ج1 ص338)، و((فتح ذي الجلال والإكرام)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51)، و((تفسير القرآن)) لابن أبي زمنين (ج1 ص202)، و((لباب التأويل في معاني التنزيل)) للخازن (ج1 ص214).و((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج2 ص320)، و((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب (ص625)، و((لسان العرب)) لابن منظور (ج10 ص187)، و((مرقاة الصعود)) للسيوطي (ج1 ص432)، و((الحاوي الكبير)) للماوردي (ج2 ص28)، و((المهذب)) للشيرازي (ج1 ص182)، و((نهاية المحتاج)) للرملي (ج1 ص229)، و((كشاف القناع)) للبهوتي (ج1 ص238)، و((مغني المحتاج)) للشربيني (ج1 ص192 و193)، و((جواهر الإكليل)) للآبي (ج1 ص47)، و((المطلع على أبواب المقنع)) لابن أبي الفتح (ص59)، و((كفاية الطالب الرباني)) للمنوفي (ج1 ص307)، و((معالم التنزيل)) للبغوي (ج1 ص215).

([33]) حديث حسن.

     أخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج3 ص210)، والحاكم في ((المستدرك)) (ج1 ص191)، والدارقطني في ((السنن)) (ج2 ص165)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج4 ص261)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (ج3 ص58)، وابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (ج3 ص226)، والجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج2 ص335).

     وإسناده حسن للاختلاف الذي فيه، وقد صححه الشيخ الألباني في ((الصحيحة)) (693).

     وذكره ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (ج7 ص418).

([34]) وانظر: ((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (ج4 ص475)، و((لسان العرب)) لابن منظور (ج10 ص187)، و((بداية المجتهد)) لابن رشد (ج1 ص337 و338)، و((الاختيار لتعليل المختار)) لابن مودود (ج1 ص42)، و((إنجاز الحاجة شرح سنن ابن ماجة)) لجانباز (ج2 ص542)، و((جامع البيان)) للطبري (ج3 ص262)، و((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج2 ص321)، و((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب (ص625)، و((الحاوي الكبير)) للماوردي (ج2 ص28 و29)، و((روح المعاني)) للآلوسي (ج30 ص58)، و((المهذب)) للشيرازي (ج1 ص182)، و((الإحكام شرح أصول الأحكام)) لابن القاسم (ج1 ص154)، و((مغني المحتاج)) للشربيني (ج1 ص192 و193)، و((المبدع في شرح المقنع)) لابي إسحاق الحنبلي (ج1 ص346 و348)، و((الحاشية على كفاية الطالب)) للعدوي (ج6 ص307 و308).

([35]) حديث حسن.

     أخرجه أحمد في ((المسند)) (ج39 ص461)، وأبو داود في ((سننه)) (2348)، والترمذي في ((سننه)) (705) وقال الترمذي: (حسن غريب من هذا الوجه)، وقد حسنه الشيخ الألباني في ((الصحيحة)) (ج5 ص51).

([36]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (622)، ومسلم في ((صحيحه)) (1092).

([37]) أخرجه أحمد في ((المسند)) (26431)، البخاري في ((صحيحه)) (2656).

([38]) ويقع الأذان الحالي على ((التقويم الفلكي)) قبل الفجر الكاذب أيضا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

([39]) وانظر: ((التعليق على صحيح مسلم)) لشيخنا ابن عثيمين (ج5 ص300).

([40]) الحمرة؛ أي: التي ترى في المشرق عند طلوع الشمس.

([41]) وانظر: ((تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق)) للزيلعي (ج1 ص213)، و((الحاشية على مراقي الفلاح)) للطحطاوي (ج1 ص174 و175)، و((الحاشية على منهج الطلاب)) للجمل (ج1 ص425)، و((رد المحتار على الدر المختار)) لابن عابدين (ج2 ص18)، و((الدر المختار في شرح تنوير الأبصار)) للحصكفي (ج2 ص18)، و((فتح ذي الجلال والإكرام)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص24)، و(ج7 ص85)، و((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص1414)، و((تفسير القرآن)) للسمعاني (ج1 ص189).

([42]) قلت: فيجب مراعاة هذه الأوقات للصلوات المفروضة، وعدم إضاعتها بما يسمى بـ((التقويم الفلكي))، اللهم غفرا.

([43]) انظر: ((الإقناع)) لابن المنذر (ج1 ص504).

([44]) وانظر: ((شرح رياض الصالحين)) لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص385)، و((الشرح الممتع)) له (ج2 ص52).

([45]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) كتاب الصوم  باب: قول النبي r: ((لا يمنعنكم...)) (1918)، ومسلم في ((صحيحه)) كتاب الصيام باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر... (1092).

([46]) أخرجه مسلم في ((صحيحه)) كتاب العلم باب: هلك المتنطعون (2670).

([47]) حديث حسن.

     أخرجه البيهقي في ((السنن الكبرى)) في كتاب الصيام، باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم (8024)، والدارقطني في ((السنن)) في كتاب الصيام، باب: في وقت السحر (2154).

     وإسناده حسن.

     وذكره ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (ج7 ص418).

([48]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (623)، ومسلم في ((صحيحه)) (1092).

([49]) لأن التقويم الفلكي متقدم على التقويم الشرعي، والله المستعان.

([50]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (697)، ومسلم في ((صحيحه)) (1718).

([51]) وانظر: ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج2 ص280)، و((الشرح الممتع)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص135)، و((الفتاوى)) له (ج12 ص229)، و((التعليق على صحيح مسلم)) أيضا له (ج5 ص399)، و((البحر المحيط)) لأبي حيان (ج2 ص84)، و((المسبوط)) للسرخسي (ج1 ص141)، و((المغني)) لابن قدامة (ج2 ص30)، و((الفروع)) لابن مفلح (ج1 ص302)، و((الصحيحة)) للشيخ الألباني (ج5 ص8).

([52]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (617)، ومسلم في ((صحيحه)) (2536).

([53]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (617)، والفضل بن دكين في ((الصلاة)) (ص164، 170)، والبغوي في ((معالم التنزيل)) (ج1 ص208).

     وذكره ابن رجب في ((فتح الباري)) (ج3 ص499).

([54]) وانظر: ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (ج3 ص181).

([55]) قلت: الفجر الأول ممتد معترض؛ أي: ممتد طولا من الشرق إلى الغرب، والفجر الثاني معترض من الشمال إلى الجنوب.

     انظر: ((الشرح الممتع)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص135)، و((الصحيحة)) للشيخ الألباني (ج5 ص8).

([56]) أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (1094)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2481)، وفي ((السنن الصغرى)) (ج4 ص148)، والطحاوي في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص456).

([57]) وانظر: ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (ج2 ص320)، و((بداية المجتهد)) لابن رشد (ج1 ص240)، و((التمهيد)) لابن عبد البر (ج2 ص99)، و((الفتاوى)) لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و((التعليق على صحيح مسلم)) له (ج5 ص313)، و((السنن الصغرى)) للبيهقي (ج2 ص93)، و((عمدة السالك)) لابن النقيب (ص37)، و((زاد المستقنع)) للحجاوي (ص40)، و((الغرر البهية)) للأنصاري (ج2 ص20 و21)، و((تفسير القرآن)) للسمعاني (ج1 ص189).

([58]) وانظر: ((المغني)) لابن قدامة (ج2 ص30)، و((فتح الباري)) لابن حجر (ج4 ص199)، و((المحلى بالآثار)) لابن حزم (ج2 ص223)، و((التمهيد)) لابن عبد البر (ج2 ص99)، و((تفسير القرآن)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص357)، و((الشرح الممتع)) له (ج2 ص357)، و((الفتاوى)) له أيضا (ج12 ص207)، و((أضواء البيان)) للشنقيطي (ج1 ص99)، و((جامع أحكام القرآن)) للقرطبي (ج2 ص321)، و((المنهاج)) للنووي (ج7 ص201)، و((هداية الراغب)) لابن قائد (ص131)، و((المختصر)) لابن تميم (ج2 ص19)، و((الإنصاف)) للمرداوي (ج1 ص438)، و((الفروع)) لابن مفلح (ج1 ص304)، و((معاني القرآن)) للفراء (ج1 ص114).

([59]) وانظر: ((الفتاوى)) لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و((أسباب النزول)) للواحدي (ص34)، و((فتح الباري)) لابن حجر (ج4 ص17)، و((أسباب النزول)) للسيوطي (ص32)، و((الوسيط)) للغزالي (ج1 ص174)، و((الوجيز)) له (ص50).

([60]) حديث حسن.

     أخرجه الترمذي في ((سننه)) (705)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (8257)، وأبو داود في ((سننه)) (342)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (ج2 ص54)، وفي ((أحكام القرآن)) (ج1 ص454)، وأحمد في ((المسند)) (ج4 ص23)، وابن خزيمة في ((صحيحه)) (ج3 ص211)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (ج3 ص26)، والسمعاني في ((معجم الشيوخ)) (ج2 ص651)، والجصاص في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص278).

     وإسناده حسن، وقد حسنه الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (ج7 ص112).

     وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

     وقال الشيخ الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (ج2 ص447): حديث حسن صحيح.

     وذكره ابن حجر في ((إتحاف المهرة)) (ج6 ص373)، وابن رجب في ((فتح الباري)) (ج3 ص518).

([61]) وانظر: ((جامع البيان)) للطبري (ج3 ص251)، و((تفسير القرآن)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص357)، و((الفتاوى)) له (ج12 ص207)، و((المنهاج)) للنووي (ج3 ص163)، و((بدائع الصنائع)) للكاساني (ج1 ص122)، و((بداية المجتهد)) لابن رشد (ج1 ص240)، و((معالم السنن)) للخطابي (ج2 ص90)، و((تحفة الأحوذي)) للمباركفوري (ج2 ص39)، و((كنز الراغبين)) للمحلي (ج1 ص169)، و((الحاشية على كنز الراغبين)) للقليوبي (ج1 ص169).

([62]) وانظر: ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (ج2 ص365)، و((الاقتضاب)) لليفرني (ج1 ص8).

([63]) انظر: ((الكشف والبيان)) للثعلبي (ج2 ص80).

([64]) وانظر: ((معالم السنن)) للخطابي (ج4 ص137)، و((فتح الباري)) لابن حجر (ج4 ص137)، و((السنن الصغرى)) للبيهقي (ج2 ص93)، و((الكشف والبيان)) للثعلبي (ج2 ص81)، و((الوجيز)) للغزالي (ص50)، و((الذخيرة)) للقرافي (ج1 ص396)، و((كنز الراغبين)) للمحلي (ج1 ص169)، و((إرشاد العقل السليم)) لأبي السعود (ج1 ص202).

([65]) يعني: طولا.

([66]) يعني: عرضا.

     وانظر: ((الصحيح)) لابن خزيمة (ج3 ص373)، و((إتحاف المهرة)) لابن حجر (ج10 ص319).

([67]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (621)، ومسلم في ((صحيحه)) (1093)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج3 ص118)، والطحاوي في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص456).

([68]) قلت: والفجر الكاذب له رأس مستدق إلى أعلى في السماء يشبه ذنب السرحان؛ أي: الذئب، والفجر الصادق ليس كذلك.

([69]) وانظر: ((الفتاوى)) لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص207)، و((الشرح الممتع)) له (ج2 ص107)، و((معرفة السنن والآثار)) للبيهقي (ج6 ص256)، و((المنهاج)) للنووي (ج3 ص163)، و((التمهيد)) لابن عبدالبر ((ج2 ص99)، و((بدائع الصنائع)) للكاساني (ج1 ص122)، و((جامع البيان)) للطبري (ج3 ص251)، و((الحاوي الكبير)) للماوردي (ج2 ص28).

([70]) وانظر: ((السنن الكبرى)) للبيهقي (ج1 ص377)، و((جامع البيان)) للطبري (ج3 ص252)، و((السنن)) للدارقطني (ج1 ص268)، و((الوسيط)) للغزالي (ج1 ص174)، و((الوجيز)) له (ص50)، و((الحاشية على كنز الراغبين)) للقليوبي (ج1 ص169)، و((الحاشية على كنز الراغبين)) لعميرة (ج1 ص169)، و((بلغة السالك)) للصاوي (ج1 ص184)، و((كنز الدقائق)) للنسفي (ج1 ص114)، و((فتح ذي الجلال والإكرام)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص51 و104)، و((إرشاد العقل السليم)) لأبي السعود (ج1 ص202).

([71]) وانظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (ج10 ص187)، و((المعجم الوسيط)) (ج2 ص675)، و((الهداية)) للمرغيناني (ج1 ص95)، و((كشاف القناع)) للبهوتي (ج1 ص238)، و((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص1414)، و((إنجاح الحاجة)) للدهلوي (ص672)، و((مفردات ألفاظ القرآن)) للراغب (ص625)، و((معالم السنن)) للخطابي (ج2 ص90)، و((الفتاوى)) لشيخنا ابن عثيمين (ج12 ص229)، و((البناية شرح الهداية)) للعيني (ج2 ص37 و38)، و((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (ج4 ص475)، و((اللباب)) للمحاملي (ص35).

([72]) وانظر: ((جامع البيان)) للطبري (ج3 ص252)، و((تفسير القرآن)) لابن كثير (ج1 ص520)، و((الصحيحة)) للشيخ الألباني (ج5 ص8 و9)، و((الوسيط)) للغزالي (ج1 ص174)، و((الوجيز)) له (ص50)، و((الإمداد بتيسير شرح الزاد)) للشيخ الفوزان (ج1 ص325 و327)، و((الكافي)) لابن قدامة (ج1 ص97)، و((إرشاد السالك)) لابن عسكر (ص33)، و((الحاشية)) للدسوقي (ج1 ص178)، و((الفواكة الدواني)) (ج1 ص201)، و((بلغه السالك)) للصاوي (ج1 ص184)، و((فيض القدير)) للمناوي (ج2 ص798).

([73]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (1919)، ومسلم في ((صحيحه)) (1092)، وأبو عوانة في ((المستخرج)) (ج3 ص112)، وابن راهويه في ((المسند)) (1934)، و((النسائي في ((المجتبى)) (ج2 ص10)، وفي ((السنن الكبرى)) (1603)، والطحاوي في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص455)، والمخلص في ((المخلصيات)) (433).

([74]) وانظر: ((الصحيح)) لابن حبان (ج8 ص248).

([75]) وقال الحافظ ابن حزم رحمه الله في ((المحلى بالآثار)) (ج3 ص179): (ولا أعجب من قول بعض المقلدين!).

([76]) أخرجه البخاري في ((صحيحه)) (1919)، ومسلم في ((صحيحه)) (1092)، وأبو داود في ((سننه)) (1336).

     وذكر هذه الروايات ابن رجب في ((فتح الباري)) (ج3 ص506).

([77]) أخرجه مسلم في ((صحيحه)) (ج2 ص177)، وأبو داود في ((سننه)) (1905)، والدارمي في ((المسند)) (1857)، والطحاوي في ((أحكام القرآن)) (ج1 ص169)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (ج5 ص124).

([78]) أوائله.

([79]) وأسفر الصبح: أضاء.

([80]) وانظر: ((الملخص الفقهي)) للشيخ الفوزان (ج1 ص102 و103)، و((فتح ذي الجلال والإكرام)) لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص18).

([81]) قلت: وصلاة الفجر في هذه الأيام يؤذن لها في الليل، وهو وقت النوم، فيشق فعلها في هذا الوقت، فتعين تأخيرها إلى الإسفار بالصبح، حتى يتهيأ الناس لها، والإسفار هو الوقت المنضبط ليتهيأ فيه الجميع.

([82]) وانظر: ((حديث أبي مسعود الأنصاري t)) في ((الجامع الصحيح)) للبخاري (90)، و((الصحيح)) لمسلم (466).

([83]) قلت: فالإسفار أرفق بالمصلين، والنبي r كان يراعي حال المأمومين في صلاة الفجر، فإنه r يسفر بحيث يجتمعون، وهذا أبين r عنه.

([84]) حديث حسن.

     أخرجه أبو داود في ((سننه)) (424)، والترمذي في ((سننه)) (154)، وأحمد في ((المسند)) (15819).

     وإسناده حسن.

([85]) قلت: والاشتغال بالسنن من مصلحة المصلين، لأن من سنة النبي r تأدية صلاة الفجر إذا برق الفجر وأسفر، فيكون الإسفار بفعلها أفضل، لما فيه من توسيع الحال على النائم، والضعيف، فيدركان الجماعة، لأن في الأسفار تكثير الجماعة، وهذا مطلوب في الدين.

     وانظر: ((الحاشية على مراقي الفلاح)) للطحطاوي (ج1 ص180).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan