الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / قطف ثمر التوت في مشروعية اتخاذ الـمساجد في البيوت
قطف ثمر التوت في مشروعية اتخاذ الـمساجد في البيوت
سلسلة من شعار أهل الحديث
|
370 |
قطف ثمر التوت
في
مشروعية اتخاذ الـمساجد في البيوت
تأليف:
العلامة المحدث الفقيه
فوزي بن عبد الله بن محمد الحميدي الأثري
حفظه الله ورعاه وجعل الجنة مثواه
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
المقدمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد،
اعلم رحمك الله أن مما يدخل في مسمى المسجد، مسجد البيت للصلاة، وقد اتخذ السلف مساجد في البيوت([1]).
وقد عرف الفقهاء مساجد البيوت بأنها: المكان المخصص في البيت للصلاة فيه([2]).
وإليك الدليل:
1) عن عتبان بن مالك t قال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلي بقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتي المسجد فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله، أنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى، قال: فقال له رسول الله r: سأفعل إن شاء الله... فاستأذن رسول الله r فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فصلى رسول الله r في بيته).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (415)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص455)، والنسائي في «السنن الكبرى» (865)، و(920)، و(1251)، وفي «المجتبى» (ج2 ص80 و105)، وابن ماجه في «سننه» (754)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص244) من طريق الزهري قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري: أن عتبان بن مالك t به.
ووجه الدلالة: أن النبي r أقر لهذا المعذور اتخاذ مصلى في بيته؛ يعني: مسجدا، وذلك يدل على أنه يجوز للرجل([3]) المعذور شرعا، والمتخلف عن الجماعة، أن يتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه الفريضة والنافلة.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج1 ص164)؛ باب: المساجد في البيوت.
وبوب عليه الحافظ البغوي في «شرح السنة» (ج2 ص395)؛ باب: المساجد في البيوت وتنظيفها.
وقال العلامة السندي /
قلت: والمقصود به مكان يخصصه صاحب البيت للصلاة فيه الصلوات التي يعذر فيها عدم الذهاب إلى الجماعة في المسجد، أو التي لا يؤديها في المسجد، كصلاة النافلة ونحوها.
ويؤكد ذلك الأدلة الشرعية الدالة على أن صلاة النافلة في البيت أفضل.
وعليه فإنه يجوز للرجال اتخاذ المصلى في البيوت.
وقد قال أهل العلم بأن الصلاة بالبيوت إحياء لها بذكر الله تعالى، وحصن لها من الشياطين.
قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص377): (مساجد البيوت هي: أماكن الصلاة منها، وقد كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها).اهـ
2) وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: أخبرتني خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها قالت: (كان فراشي حيال مصلى النبي r، فربما وقع ثوبه علي وأنا على فراشي). وفي رواية: (وأنا حائض).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (517)، و(518) من طريق هشيم، وعبدالواحد بن زياد قالا: حدثنا الشيباني، حدثنا عبد الله بن شداد به.
قلت: وهذا يدل على أن النبي r كان يصلي في مسجد بيته في بيت ميمونة رضي الله عنها، وهي مضطجعة إلى جانبه، وهي حائض من قولها: «حيال مصلى النبي r».
3) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله r ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (455)، وأحمد في «المسند» (ج6 279)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص152)، وابن حبان في «صحيحه» (1634)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص172)، و(ج4 ص44 و240)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج14 ص160) من طريق محمد بن العلاء، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج6 ص497)، وحسنه البغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص287).
وقال الشيخ الألباني في «صحيح أبي داود» (ج2 ص354): (وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين).اهـ
قلت: والمراد بالدور هنا البيوت، وهو الراجح من أقوال العلماء.
وبوب الحافظ أبو داود في «السنن» (ج1 ص314)؛ باب: اتخاذ المساجد في الدور.
وذكر الإمام الخطابي / عن: «الدور» أنها البيوت([4]).
قال الحافظ العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص359): (الظاهر: أن المراد بها ما قاله الخطابي، لورود النهي عن اتخاذ البيوت مثل المقابر).اهـ
قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص379): (وبكل حال؛ فينبغي أن تحترم هذه البقاع المعدة للصلاة في البيوت، وتنظف وتطهر).اهـ
4) وعن ابن عباس، عن جويرية رضي الله عنها: (أن النبي r خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال r: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال النبي r: لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2726)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (6033)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص233)، والبخاري في «الأدب المفرد» (647) من طرق عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن أبي رشدين عن ابن عباس عن جويرية رضي الله عنها به.
قلت: وهذا الحديث يدل على أن الصحابيات يتخذن في بيوتهن مساجد خاصة يتعبدن فيها من قوله: «وهي في مسجدها»؛ يعني: مكان صلاتها في البيت.
هذا وأسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جميع الأمة، وأن يتقبل مني هذا الجهد، ويجعله في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون، وأن يتولانا بعونه، ورعايته إنه نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
أبو عبدالرحمن
فوزي بن عبدالله الأثري
ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ
ذكر الدليل على سنية اتخاذ المساجد في البيوت
لصلاة الفريضة، وصلاة النافلة
سواء جماعة، أو انفرادا
اعلم رحمك الله أن مما يدخل في مسمى المسجد، مسجد البيت للصلاة، وقد اتخذ السلف مساجد في البيوت([5]).
وقد عرف الفقهاء مساجد البيوت بأنها: المكان المخصص في البيت للصلاة فيه([6]).
وإليك الدليل:
1) عن عتبان بن مالك t قال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلي بقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أستطع أن آتي المسجد فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله، أنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى، قال: فقال له رسول الله r: سأفعل إن شاء الله... فاستأذن رسول الله r فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: أين تحب أن أصلي من بيتك؟ فصلى رسول الله r في بيته).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (415)، ومسلم في «صحيحه» (ج1 ص455)، والنسائي في «السنن الكبرى» (865)، و(920)، و(1251)، وفي «المجتبى» (ج2 ص80 و105)، وابن ماجه في «سننه» (754)، ومالك في «الموطأ» (ج1 ص244)، والشافعي في «الأم» (ج2 ص322 و323)، وفي «السنن المأثورة» (155)، و(156)، وفي «المسند» (53)، وأحمد في «المسند» (ج5 ص449) من طريق الزهري قال: أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري: أن عتبان بن مالك t به.
ووجه الدلالة: أن النبي r أقر لهذا المعذور اتخاذ مصلى في بيته؛ يعني: مسجدا، وذلك يدل على أنه يجوز للرجل([7]) المعذور شرعا، والمتخلف عن الجماعة، أن يتخذ مسجدا في بيته يصلي فيه الفريضة والنافلة.
وبوب عليه الحافظ البخاري في «صحيحه» (ج1 ص164)؛ باب: المساجد في البيوت.
وبوب عليه الحافظ البغوي في «شرح السنة» (ج2 ص395)؛ باب: المساجد في البيوت وتنظيفها.
وقال العلامة السندي / في «حاشيته على مسند الإمام أحمد» (ج4 ص65): (ولذلك جاء صلى في بيته يتخذ ذلك المحل مسجدا أيام السيول).اهـ
قلت: والمقصود به مكان يخصصه صاحب البيت للصلاة فيه الصلوات التي يعذر فيها عدم الذهاب إلى الجماعة في المسجد، أو التي لا يؤديها في المسجد، كصلاة النافلة ونحوها.
ويؤكد ذلك الأدلة الشرعية الدالة على أن صلاة النافلة في البيت أفضل.
وعليه فإنه يجوز للرجال اتخاذ المصلى في البيوت.
وقد قال أهل العلم بأن الصلاة بالبيوت إحياء لها بذكر الله تعالى، وحصن لها من الشياطين.
قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص377): (مساجد البيوت هي: أماكن الصلاة منها، وقد كان من عادة السلف أن يتخذوا في بيوتهم أماكن معدة للصلاة فيها).اهـ
2) وعن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: أخبرتني خالتي ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها قالت: (كان فراشي حيال مصلى النبي r، فربما وقع ثوبه علي وأنا على فراشي). وفي رواية: (وأنا حائض).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (517)، و(518) من طريق هشيم، وعبدالواحد بن زياد قالا: حدثنا الشيباني، حدثنا عبد الله بن شداد به.
قلت: وهذا يدل على أن النبي r كان يصلي في مسجد بيته في بيت ميمونة رضي الله عنها، وهي مضطجعة إلى جانبه، وهي حائض من قولها: «حيال مصلى النبي r».
3) وعن بلال t قال: (أتيت رسول الله r أوذنه بالصلاة، وهو يريد الصيام، فشرب، ثم ناولني وخرج إلى الصلاة).
حديث صحيح
أخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13) من طريق حسين بن محمد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن بلال t به.
قلت: وهذا سنده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13)، والشاشي في «المسند» (479)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1082) من طريق يحيى بن آدم، وأبي أحمد الزبيري، قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل المزني، عن بلال t قال: (أتيت رسول الله r أوذنه بالصلاة وهو يريد الصيام، فدعا بقدح فشرب وسقاني، ثم خرج إلى المسجد للصلاة، فقام يصلي بغير وضوء، يريد الصوم).
وإسناده صحيح.
وأخرجه الشاشي في «المسند» (972) و(973)، والطبراني في «المعجم الكبير» (1083) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن بلال t به.
وإسناده صحيح.
قوله: (أوذنه)؛ من الإيذان، يعني: الإخبار.
وأخرجه أحمد في «المسند» (ج6 ص13) من طريق وكيع، حدثنا جعفر بن برقان، عن شداد مولى عياض بن عامر، عن بلال t: (أنه جاء إلى النبي r يؤذنه بالصلاة، فوجده يتسحر في مسجد بيته).
وإسناده حسن في المتابعات.
وهذا يدل على أن النبي r قد اتخذ مسجدا في بيته، من قوله: «يتسحر في مسجد بيته».
ومعناه: جاء يخبر النبي r أن يأتي إلى المسجد، ويصلي بالناس، وكان ذلك بعد أذان الفجر الصحيح، وهو طلوع النور.
فكان النبي r يتسحر بعد أذان الفجر إلى الإقامة، فشرب r اللبن، وشرب معه بلال أيضا بعد طلوع الفجر الصادق، وكان ذلك قبيل إقامة صلاة الفجر.
وظاهر الحديث أن النبي r شرب اللبن بعد طلوع الفجر بكثير إلى الإقامة([8]).
وليس في الحديث أي إشكال في الأكل والشرب بعد طلوع الفجر.
قال العلامة السندي / في «حاشيته على المسند» (ج5 ص434): (قوله : «بغير وضوء»؛ أي: من غير أن يتخلل بين الشرب، والصلاة وضوء، بل كان متوضئا قبل.
وظاهر الحديث أنه شرب بعد طلوع الفجر). اهـ
وهذا فيه رد على المقلدة الذين يفتون الناس بالإمساك عن الطعام والشراب على الأذان الحالي، وهو متقدم على طلوع الفجر بخمسين دقيقة([9]).
4) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله r ببناء المساجد في الدور، وأن تنظف وتطيب).
حديث صحيح
أخرجه أبو داود في «سننه» (455)، وأحمد في «المسند» (ج6 279)، وأبو يعلى في «المسند» (ج8 ص152)، وابن حبان في «صحيحه» (1634)، وابن حزم في «المحلى بالآثار» (ج1 ص172)، و(ج4 ص44 و240)، وابن عبدالبر في «التمهيد» (ج14 ص160) من طريق محمد بن العلاء، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها.
قلت: وهذا سنده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين، وقد صححه الشيخ الألباني في «الصحيحة» (ج6 ص497)، وحسنه البغوي في «مصابيح السنة» (ج1 ص287).
وقال الشيخ الألباني في «صحيح أبي داود» (ج2 ص354): (وهذا إسناده صحيح على شرط الشيخين).اهـ
وتابع حسين بن علي الجعفي: يعقوب بن إسحاق الحضرمي قال: حدثنا زائدة بن قدامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمر رسول الله r أن تتخذ المساجد في الدور، وأن تطهر، وتطيب).
أخرجه ابن ماجه في «سننه» (759)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (ج6 ص152).
وإسناده حسن من أجل يعقوب بن إسحاق الحضرمي، فإنه صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص1087).
وتابع زائدة بن قدامة: عليه؛ سفيان الثوري.
أخرجه ابن عدي في «الكامل» (ج4 ص248) من طريق عبد الله بن الوليد العدني، حدثنا سفيان الثوري عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي r أمر بتنظيف المساجد التي في البيوت).
وإسناده حسن.
وتابعه عبد الله بن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله r يأمرنا ببناء المساجد في الدور، ويأمر بتنظيفها).
أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص393) من طريق خالد بن أبي يزيد القطربلي قال: حدثنا عبد الله بن المبارك به.
وإسناده حسن من أجل خالد بن أبي يزيد القطربلي وهو صدوق، كما في «التقريب» لابن حجر (ص294).
قلت: وهذا مثل اتخاذ المساجد في البيوت، أو الدوائر الحكومية، أو الجامعات، أو المدارس، أو غير ذلك من أماكن يصلى فيها.
قلت: والمراد بالدور هنا البيوت، وهو الراجح من أقوال العلماء.
وبوب الحافظ أبو داود في «السنن» (ج1 ص314)؛ باب: اتخاذ المساجد في الدور.
وذكر الإمام الخطابي / عن: «الدور» أنها البيوت([10]).
قال الحافظ العيني / في «شرح سنن أبي داود» (ج2 ص359): (الظاهر: أن المراد بها ما قاله الخطابي، لورود النهي عن اتخاذ البيوت مثل المقابر).اهـ
وقال العلامة محمود السبكي / في «المنهل العذب» (ج4 ص56): (والحديث يدل على مشروعية اتخاذ المساجد في البيوت للصلاة والعبادة وقد ثبت أنه r اتخذ لبعض أصحابه مسجدا في بيته).اهـ
5) وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي r قال: (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (342)، ومسلم في «صحيحه» (777) من طريق أيوب، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما به.
6) وعن سمرة بن جندب t قال: (كان رسول الله r يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في دورنا، ونصلح صنعتها ونطهرها).
حديث حسن لغيره
أخرجه أبو داود في «سننه» (456)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج2 ص440)، والخطيب في «المتفق والمفترق» (ج2 ص1014)، والطبراني في «المعجم الكبير» (ج7 ص252) من طريق يحيى بن حسان، حدثنا سليمان بن موسى، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة، حدثني خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن أبيه سمرة بن جندب t به.
قلت: وهذا سنده لا بأس به.
وقال الشيخ الألباني / في «صحيح سنن أبي داود» (ج2 ص356): حديث صحيح.
وتابع؛ سليمان بن موسى: محمد بن إبراهيم حدثنا جعفر بن سعد، عن خبيب بن سليمان، عن أبيه عن سمرة بن جندب t قال: (إن رسول الله r كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونحسن صنعتها ونطهرها).
وإسناده لا بأس به.
والحديث حسنه النووي في «المجموع» (ج6 ص4)، وابن الملقن في «البدر المنير» (ج5 ص294)، والهيثمي في «مجمع الزوائد» (ج3 ص123)، و(ج4 ص28).
قال الحافظ ابن رجب / في «فتح الباري» (ج2 ص379): (وبكل حال؛ فينبغي أن تحترم هذه البقاع المعدة للصلاة في البيوت، وتنظف وتطهر). اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج22 ص117): (وهذا كما أمر المصلي بالطهارة والنظافة والطيب، فقد أمر النبي r أن تتخذ المساجد في البيوت، وتنظف وتطيب). اهـ
7) وعن ابن عباس، عن جويرية رضي الله عنها: (أن النبي r خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال r: ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال النبي r: لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته).
أخرجه مسلم في «صحيحه» (2726)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (6033)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج15 ص233)، والبخاري في «الأدب المفرد» (647)، وأبو داود في «سننه» (1503)، والترمذي في «سننه» (3555)، والنسائي في «المجتبى» (1351)، وفي «عمل اليوم والليلة» (161)، وابن خزيمة في «التوحيد» (ج1 ص167)، وابن ماجه في «السنن» (3808)، وابن حبان في «صحيحه» (ج3 ص110)، وأحمد في «المسند» (ج1 ص258) من طرق عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن أبي رشدين عن ابن عباس عن جويرية رضي الله عنها به.
قلت: وهذا الحديث يدل على أن الصحابيات يتخذن في بيوتهن مساجد خاصة يتعبدن فيها من قوله: «وهي في مسجدها»؛ يعني: مكان صلاتها في البيت.
8) وعن القاسم بن عبد الرحمن بن عبدالله بن مسعود -وهو ثقة([11])- قال: (أول من بنى مسجدا يصلي فيه عمار بن ياسر t).
أثر حسن
أخرجه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» (ج3 ص250) من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، والفضل بن دكين قالا: أخبرنا المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن به.
قلت: وهذا سنده حسن.
وتابعهما: قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق الثوري -وهو ثقة([12])- قال: (أول من اتخذ في بيته مسجدا يصلي فيه عمار بن ياسر t).
وإسناده لا بأس به.
9) (وصلى البراء بن عازب t في مسجده في داره جماعة).
أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا بصيغة الجزم (ص74).
وذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص228)، وفي «فتح الباري» (ج1 ص519).
10) (وصلى ابن عون في مسجد في دار يغلق عليهم الباب).
أخرجه البخاري في «صحيحه» معلقا بصيغة الجزم (ص82).
وذكره ابن حجر في «تغليق التعليق» (ج2 ص244)، وفي «فتح الباري» (ج1 ص564).
11) وقال حرب الكرماني؛ قلت لأحمد بن حنبل /: (فالقوم نحو العشرة يكونون في الدار، فيجمعون، وعلى باب الدار مسجد؟ قال: يخرجون إلى المسجد، ولا يصلون في الدار. وكأنه قال: إلا أن يكون في الدار مسجد يؤذن فيه ويقام) ([13]).
والشاهد: (في الدار مسجد)؛ حيث أقر الإمام أحمد /، فلا بأس باتخاذ مسجدا في البيت يصلى فيه.
قلت: وإقامة الجماعة للصلوات في مساجد البيوت من عذر، أو بانفراد من عذر، يحصل بها فضيلة الصلاة جماعة في المساجد المعروفة.
12) وعن مهيب بن سليم البخاري قال: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: (اعتللت بنيسابور علة خفيفة، وذلك في شهر رمضان، فعادني إسحاق بن راهويه في نفر من أصحابه.
فقال لي: أفطرت يا أبا عبد الله؟ فقلت: نعم، فقال: خشيت أن تضعف عن قبول الرخصة، فقلت: أخبرنا عبدان، عن ابن المبارك، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء بن أبي رباح: من أي المرض أفطر؟ قال: من أي مرض كان؛ كما قال الله عز وجل ]فمن كان منكم مريضا[؛ [البقرة: 184]. قال البخاري: ولم يكن عند إسحاق هذا الحديث) ([14]).
13) وقال صالح بن أحمد بن حنبل / في «سيرة الإمام أحمد» (ص48): (وحضرت مع أبي –يعني: الإمام أحمد- عند إبراهيم بن الليث صاحب الأشجعي، وحضر علي بن المديني، وعباس العنبري، وجماعة، وكثير من أهل الحديث.
فنودي بصلاة الظهر، فسمعوا النداء، فقال له: يا أبا عبد الله تخرج إلى المسجد، أو نصلي ها هنا، فقال: نحن جماعة؛ نصلي ها هنا، فصلوا).اهـ
14) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أن النبي r قال: (جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل).
أخرجه البخاري في «صحيحه» (335)، ومسلم في «صحيحه» (521)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج1 ص403)، وفي «السنن الصغرى» (ج1 ص209)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج1 ص212)، وفي «دلائل النبوة» (ج5 ص472 و473)، وفي «شعب الإيمان» (1479)، و(1480)، والدارمي في «المسند» (1429)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص304)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج8 ص316)، وابن حبان في «صحيحه» (6398)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج11 ص1432)، واللالكائي في «الاعتقاد» (1439)، والبغوي في «شرح السنة» (3616) من طريق هشيم: أخبرنا سيار العنزي، قال: سمعت يزيد الفقير، يقول: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما به.
قلت: وهذا يدل على أن الأرض في جميعها يعتبر مسجدا يصلي فيها المسلم لرفع الحرج عنه، والمشقة عليه في تأدية الصلاة، سواء كان في البيوت، أو العمل، أو السفر، أو غير ذلك.
قلت: ولا اختصاص للصلاة في المساجد المعدة لها فقط؛ لكون الأرض مسجدا كلها، خاصة إذا كانت المساجد ليست في أيدي أمينة من أئمة المساجد من أهل التحزب؛ كما هو في هذا الزمان.
فإذا كانت والحالة هذه فتتعين الصلاة في البيوت، أو غيرها للضرورة، وقد جعلت الأرض مسجدا لرفع الحرج عن المسلمين في الصلاة خلف المتحزبة([15]).
قال تعالى: ]وما جعل عليكم في الدين من حرج[. [الحج: 78].
وقال تعالى: ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج[. [المائدة: 6].
وقال تعالى: ]يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا[. [النساء: 28].
وقال تعالى: ]لا يكلف الله نفسا إلا وسعها[. [البقرة: 286].
وعن أبي هريرة t عن النبي r قال: (إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا) ([16]).
وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: (وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)([17]).
ﭑ ﭑ ﭑ
فهرس الموضوعات
الرقم |
الموضوع |
الصفحة |
1) |
المقدمة.................................................................................................. |
5 |
2) |
ذكر الدليل على سنية اتخاذ المساجد في البيوت لصلاة الفريضة، وصلاة النافلة سواء جماعة، أو انفرادا»............................................... |
11 |
3) |
الدليل الأول............................................................................................ |
11 |
4) |
الدليل الثاني............................................................................................. |
13 |
5) |
الدليل الثالث........................................................................................... |
14 |
6) |
الدليل الرابع............................................................................................. |
16 |
7) |
الدليل الخامس........................................................................................ |
18 |
8) |
الدليل السادس........................................................................................ |
18 |
9) |
الدليل السابع........................................................................................... |
20 |
10) |
الدليل الثامن............................................................................................ |
21 |
11) |
الدليل التاسع........................................................................................... |
21 |
12) |
الدليل العاشر........................................................................................... |
21 |
13) |
الدليل الحادي عشر................................................................................ |
22 |
14) |
الدليل الثاني عشر.................................................................................... |
22 |
15) |
الدليل الثالث عشر.................................................................................. |
23 |
16) |
الدليل الرابع عشر.................................................................................... |
23 |
([1]) قلت: ومع استخدام السلف للمساجد في البيوت؛ إلا أن غالب الناس في هذا الزمان لا يعرفون شيئا عن المساجد في البيوت.
([5]) قلت: ومع استخدام السلف للمساجد في البيوت؛ إلا أن غالب الناس في هذا الزمان لا يعرفون شيئا عن المساجد في البيوت.
أخرجه ابن بشكوال في «الفوائد المنتخبة» (ج1 ص401)، والحاكم في «معرفة الحديث» (ص267)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج52 ص86)، وابن حجر في «تغليق التعليق» (ج5 ص417)، وفي «هدي الساري» (ص487).
وإسناده صحيح.
قلت: وهذا يدل على فقه الإمام البخاري /.
([15]) وقد عذر كعب بن مالك وهو صحابي في ترك الجماعة خلف الرسول r بسبب أنه يتأذى ويتحرج من هجرانه، فكيف بعذر من يتأذى ويتحرج بالصلاة خلف المبتدعة في المساجد في هذا الزمان.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج1 ص152): (إن الإنسان إذا حصل له مثل هذه الحال – كما أصاب كعب بن مالك t وصاحبيه- وهجره الناس، وصار يتأذى من مشاهدتهم ولا يتحمل، فإنه له أن يتخلف عن صلاة الجماعة، وأن هذا عذر؛ لأنه إذا جاء إلى المسجد في هذه الحال سوف يكون متشوشا غير مطمئن في صلاته؛ ولهذا صلى كعب بن مالك t صلاة الفجر على ظهر بيت من بيوته، وسبق لنا ذكر هذه الفائدة في قصة هلال بن أمية ومرارة بن الربيع).اهـ
وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في « شرح رياض الصالحين » (ج1 ص147): (وفي هذه القطعة من الحديث: دليل على جواز التخلف عن الجماعة إذا كان الإنسان مهجورا منبوذا، وعجزت نفسه أن تتحمل هذا، كما فعل صاحبا كعب بن مالكt . لأنه لا شك أنه من الضيق والحرج أن يأتي الإنسان إلى المسجد مع الجماعة لا يسلم عليه، ولا يرد سلامه، ومهجور منبوذ، هذا تضيق به نفسه ذرعا، ولا يستطيع، وهذا عذر كما قاله العلماء).اهـ