القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / فرح الأفواه في إثبات صفة الظل لله تعالى

2023-11-29

صورة 1
فرح الأفواه في إثبات صفة الظل لله تعالى

سلسلة

من شعار أهل الحديث

 

 

 

 

شكل بيضاوي: 147           

فرح الأفواه

 في

إثبات صفة الظل لله تعالى

دراسة أثرية منهجية علمية في إثبات صفة الظل لله تعالى على طريقة أهل الحديث

تأليف

العلامة المحدث

أبي عبدالرحمن فوزي بن عبدالله بن محمد الحميدي الأثري

حفظه الله، ونفع به، وأطال عمره

 

ومعه:

إجماع السلف في إثبات صفة: «الظل» لله تعالى

    

رب يسر

درة نادرة

في ثبوت الصفات لله تعالى وكفر من عطلها، ولو صفة واحدة

 

اعلم رحمك الله أن النقل عن أهل السنة مستفيض في إثبات الصفات، وإمرارها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

قلت: وطريقتنا طريقة المتبعين للكتاب والسنة والإجماع، فما اعتقدوه اعتقدناه، فمما اعتقدوه أن الأحاديث التي ثبتت عن النبي r في الصفات يقولون بها، ويثبتونها على ظاهرها، يقرون بأن مذهب السلف أسلم وأحكم وأعلم.([1])

قلت: فلتأتي: «المرجئة العصرية» بواحد في العالم كله لم تصل له دعوة الإسلام، ولم يسمع بالقرآن الكريم، ولم يعرف بعثة الرسول r في الخلق؟!... طبعا لا يوجد نهائيا، لأن دعوة الإسلام وصلت لجميع الناس على وجه الأرض شرقا وغربا إلى قيام الساعة، فلا حاجة إلى إقامة حجة: «المرجئة العصرية» على الناس على وجه الأرض، لأن الحجة قامت برسالة النبي r وكفى بها حجة، ولله الحمد والمنة.

قال الإمام الشافعي /: (لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه r أمته، لا يسع أحد من خلق الله تعالى قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله r القول بها فيما روى عنه العدول فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه؛ فهو كافر بالله عز وجل، فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر؛ فمعذور بالجهل([2])، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالرؤية والفكر).([3])

فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر، أما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل([4])؛ لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالروية والقلب، ولا نكفر بالجهل([5]) بها أحدا إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها، وهذا الذي لم يصل إليه الإسلام بالكلية، فافطن لهذا.

قال الإمام الشافعي /: (لله تعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه، وأخبر بها نبيه r أمته، لا يسع أحد من خلق الله تعالى قامت عليه الحجة ردها؛ لأن القرآن نزل بها، وصح عن رسول الله r القول بها فيما روى عنه العدول فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه؛ فهو كافر بالله عز وجل، فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر؛ فمعذور بالجهل([6])، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل، ولا بالرؤية والفكر).([7])

قلت: ونثبيت هذه الصفات، وننفي عنها التشبيه، كما نفى الله تعالى التشبيه عن نفسه، فقال تعالى: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[([8]) [الشورى: 11].

قلت: ومن خالف مذهب السلف في الصفات، فهو كافر مبتدع ضال مضل!، وعلى تكفير المخالف في ذلك أجمع السلف، والله المستعان.

فعن الإمام ابن خزيمة / قال: (القرآن كلام الله غير مخلوق، فمن قال: إن القرآن مخلوق، فهو كافر بالله العظيم، لا تقبل شهادته، ولا يعاد إن مرض، ولا يصلى عليه إن مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ويستتاب فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).([9])

قلت: فالإمام ابن خزيمة / كفره بإنكاره لصفة واحدة، وهي صفة الكلام لله تعالى، وهذا الذي أجمع عليه السلف.([10])

إذا من عطل صفة الكلام لله تعالى فهو خارج عن الإسلام.([11])

وعن الإمام ابن أبي شيبة / وقال، له رجل من أصحابه: القرآن كلام الله وليس بمخلوق، فقال أبو بكر: (من لم يقل هذا، فهو ضال مضل مبتدع).([12])

وعن الإمام عبد الله بن أحمد المروزي / قال: (من قال شيء من الله عز وجل مخلوق علمه أو كلامه، فهو زنديق كافر لا يصلى عليه، ولا يصلى خلفه).([13])

وعن الإمام عبد الله بن المبارك / قال: (من كفر بحرف من القرآن، فقد كفر بالقرآن، ومن قال: لا أؤمن بهذه اللام، فقد كفر).([14])

قلت: فالعبد إذا أنكر حرفا من القرآن يكفر بالله العظيم، فما بالك بمن أنكر صفة من صفاته سبحانه وتعالى، وهي ثابتة في القرآن، أو السنة.

وعن الإمام ابن خزيمة / قال: (من لم يقر [وفي رواية: من لم يقل] بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سماواته، فهو كافر بربه يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه).([15])

قلت: فالإمام ابن خزيمة / كفره لإنكاره صفة واحدة، وهي استواء الله تعالى على عرشه، وقد أجمع السلف على ذلك.([16])

قلت: فمرق المبتدعة أيضا من الإسلام عندما أنكروا رؤية الله تعالى في الآخرة، لأنهم خالفوا إجماع السلف، والعلماء في ذلك.([17])

إن علو الله تعالى فوق خلقه، واستواءه على عرشه بالكتاب، والسنة، والآثار، وقد تضافرت عليه الأدلة، وهو معلوم بالاضطرار في الدين، وقد أجمع الصحابة والتابعون ومن بعدهم على إثبات علو الله تعالى.

ولهذا أطبق السلف على تكفير من أنكر ذلك؛ لأنه عندهم معلوم من الدين بالاضطرار.([18])

وعن محمد بن مصعب العابد / قال: (من زعم أنك لا تتكلم ولا ترى في الآخرة فهو كافر بوجهك لا يعرفك، أشهد أنك فوق العرش؛ فوق سبع سماوات؛ ليس كما يقول أعداء الله الزنادقة عليهم لعنة الله).([19])

قال الإمام ابن القيم / في «حادي الأرواح» (ص326)؛ عن رؤية الله تعالى يوم القيامة: (اتفق عليها الأنبياء والمرسلون وجميع الصحابة، والتابعون، وأئمة الإسلام على تتابع القرون وأنكرها أهل البدع المارقون). اهـ

فكفرهم الإمام ابن القيم /؛ لأنهم أنكروا رؤية الله تعالى، بقوله: (وأنكرها أهل البدع المارقون)؛ أي: مرقوا من الدين وخرجوا منه.

وقال الإمام أبو عثمان الصابوني / في «الاعتقاد» (ص235): (من أنكر أن الله سبحانه لا يجئ، فهو كافر مكذب). اهـ

قلت: فكفره الإمام الصابوني / بتعطيله لصفة واحدة فقط، وهي صفة: «المجئ» لله تعالى، لأنه خالف لما علم بالاضطرار من الدين.([20])

قال الإمام ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص259): (ونفي الصفات كفر، فإن الله تعالى يقول: {وهو السميع البصير} [الشورى: 11]). اهـ

وقال الإمام أبو عثمان الصابوني / في «عقيدة السلف وأصحاب الحديث» (ص160 و165): (أصحاب الحديث - حفظ الله تعالى أحياءهم ورحم أمواتهم- يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول r بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله r على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلت العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبته لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله r، ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه). اهـ

وقال الإمام الخطابي / في «الغنية عن الكلام وأهله» (ص33): (أما ما سألت عنه من الصفات، وما جاء منها في الكتاب والسنة، فإن مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية، والتشبيه عنها). اهـ

وقال الإمام أبو نصر السجزي / في «الرد على من أنكر الحرف والصوت» (ص121 و122): (وقد اتفقت الأئمة على أن الصفات لا تؤخذ إلا توقيفا، وكذلك شرحها لا يجوز إلا بتوقيف.

فقول المتكلمين في نفي الصفات أو إثباتها بمجرد العقل، أو حملها على تأويل مخالف للظاهر ضلال.

ولا يجوز أن يوصف الله سبحانه إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله r، وذلك إذا ثبت الحديث، ولم يبق شبهة في صحته). اهـ

وقال الإمام ابن أبي العز الحنفي / في «شرح العقيدة الطحاوية» (ج1 ص261): (الواجب أن ينظرفي هذا الباب أعني باب الصفات فما أثبته الله تعالى، ورسوله r أثبتناه، وما نفاه الله تعالى، ورسوله r نفيناه.

والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي، فنثبت ما أثبته الله ورسوله r من الألفاظ والمعاني، وننفي ما نفته نصوصهما من الألفاظ والمعاني).اهـ

قلت: فالواجب إثبات ما جاءت به النصوص من أسماء الله تعالى، وصفاته بلا تمثيل ولا تكييف، ولا تعطيل ولا تحريف. ([21])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج7 ص71): (ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف شخص الحق، لا يجوز له تقليد أحد في خلافه). اهـ

قلت: إذا يجب انقياد العقل، واستسلامه للشرع.

لقد بعث الله تعالى رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وجعله خاتم الأنبياء، وإمام الأتقياء، فأقام به الملة بعد اعوجاجها، وأوضح به الحجة بعد اندثارها، فأرسله كافة للناس بشيرا، ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. ([22])

وقد أغلق الله تعالى جميع الطرق إلا طريقا واحدا هو الموصل إليه، كما قال تعالى: ]وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون[ [الأنعام:153].

والرسول r هو الدليل الهادي إلى هذا الصراط، كما قال تعالى: ]إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (45) وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا[ [الأحزاب:45-46].

فما جاء به رسول الله r هو النعمة المهداة إلى الخليقة جمعاء، بل هو رسول الحق، والهدى، والرحمة؛ كما قال تعالى: ]ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون[ [يوسف:111].

وإنما يظن عدم اشتمال الكتاب والسنة على بيان ذلك من كان ناقصا في عقله وسمعه، ومن له نصيب من قول أهل النار: ]لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير[ ([23]) [الملك:10].

قلت: فليس العلم في الحقيقة إلا ما أخبرت به رسل الله عن الله عز وجل طلبا وخبرا، فهو العلم الذي زكى الله به النفوس، وكمل به الفطر، وصحح به العقول، وأزال به الشكوك، ودحض به الشبه، وأقام به الحجة وهدى به الخلق، كما قال تعالى في شأن رسوله r: ]كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون[ [البقرة:151].

وقال تعالى: ]وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما[ [النساء:113].

وأما ما عند هؤلاء المعارضين لنصوص الوحي بعقولهم، فهو ظن لا يغني من الحق شيئا، وتخرص، وكذب مناف للحق ومجاف للعلم، كما قال تعالى: ]قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون[ [الأنعام:148].

وقال تعالى: ]وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا (28) فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا (29) ذلك مبلغهم من العلم إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى[([24]) [الأنبياء:107].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص100): (ولولا الرسالة لم يهتد العقل إلى تفاصيل النافع والضار في المعاش والمعاد، فمن أعظم نعم الله على عباده، وأشرف منة عليهم، أن أرسل إليهم رسله، وأنزل عليهم كتبه، وبين لهم الصراط المستقيم، ولولا ذلك لكانوا بمنزلة الأنعام والبهائم بل أشر حالا منها، فمن قبل رسالة الله، واستقام عليها فهو من خير البرية، ومن ردها وخرج عنها فهو من شر البرية، وأسوأ حالا من الكلب والخنزير والحيوان البهيم). اهـ

وقال الإمام ابن القيم /: (تجد كل مجادل في نصوص الوحي بالباطل إنما يحمله على ذلك كبر في صدره ما هو ببالغه).([25]) اهـ

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا دين لهم، ولينتزعن القرآن من بين أظهركم).([26])

قلت: هؤلاء هم: المبتدعة الحزبية الذين لا دين لهم.

 

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

فتوى

الإمام ابن باز / 

في إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى على ظاهر الأحاديث، وأن القاعدة واحدة في الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة

 

اعلم رحمك الله أن الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / يثبت صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة السلف في إمرار أحاديث الصفات على ظاهرها، والتسليم لها، وعدم إنكارها، لأن القاعدة واحدة في: «توحيد الأسماء والصفات»، لا تتغير، ولا تتبدل في إثبات الأسماء والصفات على ظاهر النصوص، فمن بدل هذه القاعدة، وهو ليس من أهل الاجتهاد([27]) وأصر على ذلك، ولو في صفة واحدة، فهو مبتدع جهمي، كما ذكر السلف الصالح!.

فسئل العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز / في «الفتاوى» (ج28 ص402)؛ عن حديث: السبعة الذين يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فهل يوصف الله تعالى بأن له ظلا؟.

فأجاب /: (نعم: كما جاء في الحديث، وفي بعض الروايات «في ظل عرشه([28]») لكن في الصحيحين «في ظله»، فهو له ظل يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته مثل: سائر الصفات، والباب واحد([29]) عند أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق).اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

]أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى[

المقدمة

 

الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، يبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم!.

ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب([30])، مخالفون للكتاب، مجمعون على مخالفة الكتاب([31])، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم([32])، فنعوذ بالله من فتنة المضلين.([33])

فهذه رسالة لطيفة أثرية في باب من أبواب الاعتقاد السلفي؛ وهو «إثبات صفة الظل للـه تعالى» على ما يليق بكماله وجلاله.([34])

قلت: وهذا معتقد أهل السنة والأثر قديما وحديثا، فلم نأت بمحدث من القول، ولا بمنكر من الاعتقاد، وقد تحرينا فيه الاقتداء، والاتباع لما كان عليه سلف الأمة من الصحابة y، والتابعين الكرام، والأئمة الفضلاء ممن جاء بعدهم، وسار على طريقتهم، واقتفى أثرهم.

قلت: وقد أمرنا بالاقتداء بهم، والتمسك بما كانوا عليه في الدين... لأنهم لا يثبتون أحكام الدين في الأصول والفروع إلا بأدلة من الكتاب، أو السنة، أو الآثار.([35])

وقد ذكر الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص41)؛ أنه أثبت صفات الله تعالى؛ ومنها: «صفة الظل» من القرآن، وعن رسول الله r، وعن
أصحابه
y؛ حيث قال: (وروينا عن رسول الله r، وعن أصحابه y). اهـ

قلت: فبين الإمام الدارمي أن من أصول كتابه هذا الذي ذكر فيه صفات الله تعالى أنه أثبت([36]) هذه الصفات من القرآن، والسنة، والآثار، والحمد لله.

قال الإمام الآجري / في «الشريعة» (ج1 ص301): (علامة من أراد الله تعالى به خيرا سلوك هذا الطريق كتاب اللـه، وسنن رسول الله r، وسنن أصحابه y، ومن تبعهم بإحسان، وما كان عليه أئمة المسلمين في كل بلد). اهـ

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص210): (فإن كنتم من المؤمنين، وعلى منهاج أسلافهم، فاقتبسوا العلم من آثارهم، واقتبسوا الهدى من سبيلهم، وارضوا بهذه الآثار إماما، كما رضي القوم بها لأنفسهم إماما). اهـ

قلت: وصفة «الظل»؛ هي صفة ثابتة لله عز وجل بالسنة الصحيحة، وإجماع الصحابة، وأئمة الحديث.([37])

فعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق، أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه). ([38])

وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).([39])

عن أبي اليسر t، قال : قال رسول الله r : (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).([40])

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح صحيح البخاري» (ج8 ص593): (الشاهد من هذه الأحاديث: أن النبي r يروي الحديث عن الله تعالى). اهـ

قلت: والشاهد من الأحاديث  إثبات، صفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ

قلت: وعليه فنجري الأحاديث على ظاهرها، ونقول: إن الله تعالى له حقيقة صفة: «الظل» على ما يليق بجلاله وكماله.

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([41])

قال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

قلت: فأمر القرآن باتباع سبيل المؤمنين في الأصول والفروع، وقد «أثبتوا صفة الظل للـه تعالى»، فيجب اتباعهم، ومن لم يتبعهم في ذلك، فقد ترك سبيلهم، ومن ترك سبيلهم؛ فله و عيد شديد، و العياذ باللـه.

قلت: ووجه الاستدلال بها([42])؛ أنه تعالى توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين؛ وذلك يوجب اتباع سبيلهـم، وإذا أجمعوا على أمر كان سبيـلا لهم؛ فيكون

اتباعه واجبا على كل واحد منهم، ومن غيرهم، وهو المراد بكون الإجماع حجة.([43])

والآية تدل أيضا على أن كل من اتبع غير سبيل المؤمنين، فقد شاق الرسول r، ومن شاق الرسول r اتبع غير سبيل المؤمنين، فلا يتحقق اتباع الرسول r؛ إلا باتباع سبيل المؤمنين أصحاب رسول اللـه r، ولزوم ما كانوا عليه من الدين: اعتقادا، وتلقيا وعبادة، ومعاملات، ودعوة؛ باتباع أقوالهم، وفتاويهم المنقولة عنهم بنقل الثقات.([44])

قلت: وهذا دليل على أن الإجماع حجة، لا يجوز مخالفته، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة، وجعل الله تعالى جزاء الذي يخالف الإجماع الوعيد الشديد، لأن الوعيد إنما ترتب في الآية الكريمة على من اتصف بمشاقة([45]) الرسول r، واتباع سبيل غير المؤمنين، وهم الصحابة الكرام، فمن خالف إجماعهم من بعدما تبين له الحق، واطلع عليه، وعمل بخلافه، وسلك سبيل العناد([46])، فقد اتبع غير سبيلهم، ولذلك جعل جزاءه الوعيد الشديد، وهذا على سبيل المبالغة، والتوكيد، وتفظيع الأمر وتشنيعه، اللهم سلم سلم.

قلت: والآية عامة في كل من خالف طريق المسلمين من السلف والخلف.([47])

قلت: والآية قرنت بين مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين في استحقاق الإضلال، وصلي جهنم، ومشاقة الرسول r متلازمة مع اتباع غير سبيل المؤمنين، كما أن اتباع سبيل المؤمنين متلازم مع اتباع سبيل الرسول r؛ وعلى هذا علماء السلف.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1064): (فوجه الدلالة: أن الله تعالى توعد على اتباع غير سبيل المؤمنين، فدل على أن اتباع سبيلهم واجب). اهـ

قلت: والآية جعلت مخالفة سبيل المؤمنين سببا لتولي سبل الضلال، وصلي جهنم، كما دلت على أن اتباع الرسول r، وهو من أعظم أصول الإسلام مستلزما لسلوك سبيل المؤمنين موجبا له، وسبيل المؤمنين هو أقوال، وأفعال الصحابة الكرام؛ دل على هذا؛ قوله تعالى:] آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون[

[البقرة:285]، والمؤمنون كانوا في عهد الرسول r هم الصحابة y.

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي / في «العدة» (ج4 ص1065): (لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم، وبين اتباع سبيلهم؛ قسم ثالث، وإذا حرم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين، وجب اتباع سبيلهم). اهـ

قلت: وهذا وعيد من اللـه تعالى لمن يحيد عن الصحابة الكرام في الأصول، والفروع([48])، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج19 ص194): (فهكذا مشاقة الرسول r،  واتباع غير سبيل المؤمنين، ومن شاقه فقد اتبع غير سبيلهم؛ وهذا ظاهر، ومن اتبع غير سبيلهم فقد شاقه أيضا؛ فإنه قد جعل له مدخلا في الوعيد، فدل على أنه وصف مؤثر في الذم. فمن خرج عن إجماعهم فقد اتبع غير سبيلهم قطعا، والآية توجب ذم ذلك؛ وإذا قيل: هي إنما ذمته مع مشاقة الرسولr  قلنا: لأنهما متلازمان، وذلك لأن كل ما أجمع عليه المسلمون؛ فإنه يكون منصوصا عن الرسول r، فالمخالف لهم مخالف للرسول r؛ كما أن المخالف للرسول r مخالف للـه؛ ولكن هذا يقتضي أن كل ما أجمع عليه قد بينه الرسول r: وهذا هو الصواب.([49])

فلا يوجد قط مسألة مجمع عليها إلا وفيها بيان من الرسول r، ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس، ويعلم الإجماع. فيستدل به؛ كما أنه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص). اهـ

قلت: فالله تعالى توعد باتباع غير سبيل المؤمنين بضمه إلى مشاقة الرسول r التي هي كفر فيحرم([50])؛ إذ لا يضم مباح إلى حرام في الوعيد، وإذا حرم اتباع غير سبيلهم وجب اتباع سبيلهم؛ لأنه لا مخرج عنهما؛ أي: أنه لا توجد واسطة بينهما، ويلزم من وجوب اتباع كون الإجماع حجة.([51])

قلت: والاعتراضات التي ذكرها المبتدعة على إجماع السلف، والأئمة في الأسماء والصفات؛ هي في الحقيقة اعتراضات متكلفة، وفاسدة، تكلفوها حتى يروجوا بدعة التجهم في الدين.

قلت: والمشاقة: هي أن يكون واحد في شق؛ أي : في جانب، والآخر في جانب آخر، فمشاق الرسول في جانب غير الرسول r؛ أي: منازعه، ومخالفه فيما جاء به عن ربه سبحانه وتعالى.

وسبيل المرء؛ يختاره لنفسه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فسبيل المؤمنين إذن: ما يختارونه من قول، أو عمل، أو اعتقاد؛ فيصدق عليه ما يجمع عليه.

 قلت: وإذا ثبت هذا لزم من المبتدع أن يتبع غير سبيل الرسول r، بل ومشاقته r؛ واتباع غير سبيل المؤمنين أيضا بما جاء من اعتقاد فاسد في الأسماء والصفات، والله المستعان.

قال تعالى: ]ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة[ [البقرة:195].

وقال تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115].

والظاهر أن مضمون الآية: إن من يشاقق الرسول r، ويخالف المؤمنين في اتباعه، ويتبع غيره في الاعتقادات الفاسدة، وينشرها بين الناس، فيدخل في الوعيد كائنا من كان، لقوله تعالى: ]نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء:115].

ومنه؛ لقوله تعالى: ]يوم ندعوا كل أناس بإمامهم[ [الإسراء:71]، أي: أئمة الضلالة، وغيرهم، الذين اتبعوا من الأحكام على غير سبيل الصحابة الكرام.

فقوله تعالى: ]نوله ما تولى[ [النساء:115]؛ أي: نجعله واليا لما تولاه من الضلال، فيضله ويتركه بينه، وبين ما اختار لنفسه من الضلال المبين([52])، والعياذ باللـه.

قلت: ولا شك أن مخالفة المبتدع ما أجمع عليه السلف، والأئمة في الأسماء والصفات، هذا ضلال، وزيغ، وانحراف، لا مجرد أن هذا الرجل خالف؛ كما يقال: ولكن الأمر أعظم من ذلك، وهو ترك المبتدع الإجماع في إثبات الأسماء والصفات من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، وهذه هي مشاقة الرسول r، واتباع غير سبيل المؤمنين، فهو متوعد له بالنار، فافطن لهذا ترشد.

قال الإمام أبو عمرو الداني / في «الرسالة الوافية» (ص189): (ومن قولهم: إن من فرائض الدين؛ لزوم جماعة المسلمين، وترك الشذوذ عنهم، والخروج من جملتهم؛ قال الله تعالى: ]ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا[ [النساء: 115]). اهـ

قلت: وعليه؛ فلا تعجل أخي القارئ برد هذا الكتاب، ولا ما جاء فيه عن أئمة الحديث؛ فتقع في مخالفتهم؛ فإنه لم يأت إنكار مسألة «صفة الظل للـه تعالى» إلا عن الجهمية أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، فعنهم تلقفها من جاء بعدهم ممن اشتغل بالنظر في كتب أهل الكلام، وأعرض عن دراسة ما كتبه أهل السنة والجماعة في هذه المسألة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج12 ص485): (المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامة أئمة السنة تكفير الجهمية، وهم المعطلة لصفات الرحمن، فإن قولهم صريح في مناقضة ما جاءت به الرسل عليهم السلام من الكتاب، وحقيقة قولهم جحود الصانع، ففيه جحود الرب، وجحود ما أخبر به عن نفسه على لسان رسله). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج1 ص224): (لهذا السلف مطبقون على تكفير الجهمية حين كان ظهور مخالفتهم للرسول r مشهورا معلوما بالاضطرار، لعموم المسلمين). اهـ

وقال شيخ الاسلام ابن تيمية / في «درء التعارض» (ج5 ص257): (ولهذا كان السلف، والأئمة يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة؛ بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء والبدع). اهـ

قلت: وإنما ذكرت صفة: «الظل» هنا حتى يتبين لك أن هذا الكتاب الذي سطرته في عقيدة أهل السنة والجماعة أنه شجى في حلوق أهل البدع من الجهمية، والأشاعرة، والإباضية، والصوفية، والطالحية وغيرهم([53])، والله المستعان.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح، والله الموفق.

قلت: وأجمع أهل السنة والجماعة على «إثبات الظل للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.([54])

وقال العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز / في «تعليقه على صحيح البخاري» (ج8 ص592): (الرواية كما جاءت من غير تعرض للكيفية). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الإمام عثمان الدارمي / في «النقض على المريسي» (ص75): (فكما نحن لا نكيف هذه الصفات، لا نكذب بها كتكذيبكم، ولا نفسرها؛ كباطل تفسيركم([55]». اهـ

قلت: وهذا يفهمه كل من عرف ما بين قول المسلمين، وبين الجهميين من الفرق في الدين.

واعلم أن من أهم ما تريد الجهمية الزنادقة الوصول إليه: هو نفي صفات اللـه، والعياذ باللـه.

قلت: لذلك أنكر عليهم أئمة السنة، واشتد نكيرهم عليهم، حتى كفروهم، وحذروا منهم، وبينوا للناس أمرهم، وتلبيسهم، اللهم سلم سلم.

قال الإمام ابن القيم / في «الصواعق المرسلة» (ج3 ص915): (قال تعالى في آلهة المشركين المعطلين: ]ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها[ [الأعراف195]؛ فجعل سبحانه عدم البطش والمشي، والسمع والبصر دليلا على عدم إلهية من عدمت فيه هذه الصفات فالبطش والمشي من أنواع الأفعال، والسمع والبصر من أنواع الصفات، وقد وصف نفسه سبحانه بضد صفة أربابهم، وبضد ما وصفه به المعطلة والجهمية). اهـ

فيسرنا أن نضع بين يدي طلبة السنة كتابي: «سرور الأفواه في إثبات صفة الظل لله تعالى»، وكتابنا هذا سرنا فيه على طريقة السلف في تصانيفهم، فسقنا الأحاديث النبوية، والإجماعات السلفية؛ «المثبتة لصفة الظل للـه تعالى».

قلت: وهذا الاستنباط من النصوص في الأصول والفروع لا يعرفه، إلا علماء السنة والأثر: ]ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم[ [الجمعة: 4]، وهو من التأويل الصحيح للنصوص، وللـه الحمد والمنة.

قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب[ [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ]لعلمه الذين يستنبطونه منهم[ [النساء: 83].

وقال تعالى: ]أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا[ [النساء: 82].

وعن سليمان بن الأشعث قال: سمعت أحمد بن حنبل؛ سئل: (هل لهم رخصة أن يقول الرجل: القرآن كلام الله، ثم يسكت؟ فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأي شيء لا يتكلمون؟).([56])

وقال الإمام الدارمي / في «الرد على الجهمية» (ص18): (وقد كان من مضى من السلف يكرهون الخوض في هذا وما أشبهه، وقد كانوا رزقوا العافية منهم، وابتلينا بهم عند دروس الإسلام، وذهاب العلماء، فلم نجد بدا من أن نرد ما أتوا به من الباطل بالحق). اهـ

وقال الإمام ابن القيم / في «هداية الحيارى» (ص14): (ومن بعض حقوق اللـه تعالى على عبده رد الطاعنين على كتابه، ورسوله r، ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان، والسيف والسنان، والقلب والجنان، وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان). اهـ 

قلت: فهذا نحن نروي عن أئمة المسلمين من أهل الحديث بأسانيد صحيحة في «إثبات صفة الظل للـه تعالى»، بما يليق بجلاله سبحانه تعالى.

وها أنا ذا الآن شارع فيما قصدت من التبيين؛ فالله أسأل أن يقوي حجتي، وأن يسدد قلمي، وأن يرزقني هديا قاصدا، إن ربي لسميع الدعاء.

والحمد لله تعالى على السنة.

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل من آثار السلف

في أن منهجهم في إثبات صفات الله تعالى

إمرارها على ظاهرها؛ ومن هذه الصفات، صفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله

 

1) عن الوليد بن مسلم، قال: سألت مالك بن أنس،  وسفيان الثوري، والليث بن سعد، والأوزاعي عن الأحاديث التي فيها الصفات؟ فقالوا: (أمروها كما جاءت بلا تفسير([57]). وفي رواية: (أمروها كما جاءت بلا كيف). وفي رواية: (بلا كيفية).

أثر صحيح

أخرجه الخلال في «السنة» (ج1 ص259)، والدارقطني في «الصفات» (ص75)، والآجري في «الشريعة» (720)، والذهبي في «العلو» (ج2 ص959)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص241)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص115 و307)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص527)، وابن أبي حاتم في «علل الحديث» (ج2 ص209)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج7 ص158)، و(ج19 ص231)، وفي «الانتقاء» (ص63)، وفي «الاستذكار» (ج8 ص118)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص377)، وفي «السنن الكبرى» (ج3 ص2)، وفي «الاعتقاد» (ص57)، وأبو عثمان الصابوني في «الاعتقاد» (ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص20)، وابن المقرئ في «المعجم» (555)، وابن دحية في «الابتهاج في أحاديث المعراج» (ص98)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص345)، و(ج3 ص249)  من طرق عن الهيثم بن خارجة حدثنا الوليد بن مسلم به.

قلت: وهذا سنده صحيح، وقد صححه الذهبي في «الأربعين» (ص82)، والشيخ الألباني في «مختصر العلو» (ص142)، وابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص39).

وذكره ابن رجب في «فتح الباري» (ج5 ص101).

قال الحافظ ابن عبد البر / في «جامع بيان العلم» (ج2 ص96): (وقد روينا عن مالك بن أنس، والأوزاعي، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد في الأحاديث في الصفات؛ أنهم كلهم قالوا: أمروها كما جاءت). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتوى الحموية» (ص236): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة، وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة ... والأربعة الباقون هم أئمة الدنيا في عصر تابعي التابعين). اهـ

قلت: فهذه الأحاديث نثبت ألفاظها ومعانيها مع اعتقادنا أننا مكلفون بمعرفة تلك الألفاظ والمعاني؛ أي: فإننا متعبدون بمعرفة معاني صفات الله تعالى، مع إثبات الظاهر لهذه الصفات، ونفي علمنا بكيفية هذه الصفات؛ فإن هذا من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، فهو أعلم بصفاته سبحانه.([58])

قال تعالى: ]ولا يحيطون به علم[ [طه:110].

وقال تعالى: ]ليس كمثله شيء[ [الشورى: 11].

وقال تعالى: ]ولم يكن له كفوا أحد [[الإخلاص: 4].

وقال تعالى: ]ولا تقف ما ليس لك به علم [[الإسراء: 36].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص36): (وتأويل  الصفات هو في الحقيقة التي انفرد الله تعالى بعلمها وهو الكيف المجهول). اهـ

قلت: وهذا التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، هو علم كيفية صفاته سبحانه وتعالى.

قال تعالى: ]وما يعلم تأويله إلا الله[ [آل عمران: 7].

وقال تعالى: ]هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله[ [الأعراف:53].

وقال تعالى: ]ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا[ [الكهف:82].

وقال تعالى: ]سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا[ [الكهف:87].

وقال تعالى: ]ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء:59].

قلت: وأحسن التأويل هو: تأويل الله تعالى لصفاته، لأن لا يعلم هذا التأويل إلا هو سبحانه وتعالى؛ أي: علم كيفية هذه الصفات.

قال الإمام أبو سلميان الخطابي / في «أعلام الحديث» (ج1 ص637): (هذا الحديث، وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص41-قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه فإنها جاءت ألفاظ دالة على معان؛ فلو كانت دلالتها منتفية لكان الواجب أن يقال: (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد؛ أو (أمروا لفظها)؛ مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت). اهـ

2) وعن الأوزاعي قال: سئل مكحول، والزهري؛ عن تفسير أحاديث الصفات، فقالا: (أمروها كما جاءت). وفي رواية: (أمر الأحاديث كما جاءت). وفي رواية: (أمضوا الأحاديث على ما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج3 ص478)، والخلال في «السنة» (ص76-الفتوى الحموية)، والخطابي في «معالم السنن» (ج3 ص555)، وفي «أعلام الحديث» (ج1 ص638)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ج2 ص377)، والأصبهاني في «الحجة» تعليقا (ج1 ص192)، وأبو عمرو الداني في «الرسالة الوافية» (ص138)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1801)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج17 ص77)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص18)،   والقاضي أبو يعلى في «إبطال التأويلات» (ج1 ص47)، وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (ج2 ص252)، وأبو زرعة الدمشقي في «التاريخ» (ج1 ص621)، والمروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (ج1 ص494)، وابن المحب في «صفات رب العالمين» (ق/264/ط)  من طرق عن بقية بن الوليد قال: حدثني الأوزاعي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «الفتاوى» (ج5 ص39)، والذهبي في «السير» (ج5 ص162)، والشاطبي في «الاعتصام» (ج2 ص851).

ففي قول السلف: (أمروها كما جاءت، بلا كيف)، إثبات لحقيقة صفات الله تعالى، ونفي لعلمنا بكيفياتها؛ فالتفويض يكون في كيفية الصفات لافي معانيها، فافطن لهذا.([59])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج5 ص39 قسم الأسماء والصفات): (فقولهم: (أمروها كما جاءت)؛ رد على المعطلة وقولهم: (بلا كيف)؛ رد على الممثلة. والزهري ومكحول: هما أعلم التابعين في زمانهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «جواب الاعتراضات المصرية» (ص188): (فالمأول بما يخالف الظاهر؛ مع أنه مبتدع لهذه التأويلات، فهي بدعة مخالفة لإجماع السلف ... و«الجهم»، و«الجعد»، أو من بعد هؤلاء؛ مثل: «أبي الهذيل العلاف» وطبقته، و«بشر المريسي»، ونحوه؛ فهؤلاء الذين ابتدعوا هذه التأويلات). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص188): (الكلام في صفات الله عز وجل ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله r، فمذهب السلف رحمة الله عليهم أجمعين إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وذهب قوم من المثبتين([60]) إلى البحث عن التكييف). اهـ

وقال أبو القاسم الأصبهاني / في «الحجة» (ج1 ص395): (سبق بالكتاب الناطق من الله تعالى، ومن قول النبي r، ومن أقوال الصحابة y: أنا أمرنا بالاتباع وندبنا إليه، ونهينا عن الابتداع، وزجرنا عنه ). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «شرح القواعد المثلى» (ص369): (أجمعوا على الأخذ بظاهر النصوص، وأنه حق على حقيقته، وأنه هو اللائق بالله عز وجل). اهـ

 

ﭑ ﭑ ﭑ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    

ذكر الدليل على أن: «الظل» هو: صفة من صفات الله تعالى يليق بجلاله وكماله، وأن كيفية: «الظل» لا تعرف كسائر الصفات، وقد أجمع السلف على إثبات صفة: «الظل» لله تعالى، ومن قال بخلاف هذا الاعتقاد السلفي من دون العلماء المجتهدين، فهو مبتدع خارج عن السنة، لأنه خالف السنة والآثار

 

اعلم رحمك الله أن أصول المعطلة في نفي حقيقة النصوص وصرفها عن ظاهرها كثيرة جدا، ومن ذلك؛ أحاديث «ظل الله تعالى»، وقد زل في ذلك أيضا عدد من أهل العلم ممن ينتسبون إلى السنة في تأويل: «ظل الله تعالى»، وقد أخطؤوا في هذا التأويل، وذلك بسبب تقديم العقل على النقل.

قلت: وأفكار المعطلة مشتقة من أفكار الفلاسفة، وإلا فقد ثبت: «ظل الله تعالى» على ظاهره، وأنه يليق بجلاله وكماله في السنة النبوية.

وإليك الدليل:

1) فعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله).

أخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، و(6479)، ومسلم في «صحيحه») (1031)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، والترمذي في «سننه» (2551)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص439)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص99)، وابن الدبيثي في «ذيل مدينة السلام» (ج3 ص77)، وابن ظهيرة في «إرشاد الطالبين» (ج3 ص1349)، والعلائي في «بغية الملتمس» (ص128)، وفي «إثارة الفوائد» (ج1 ص445)، وابن خزيمة في «صحيحه» (358)، والطيالسي في «المسند» (2462)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص191 و192)، والإسماعيلي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص341)، وابن عساكر في «معجم الشيوخ» (ج1 ص442)، وابن اللتي في «مشيخته» (ص512)، والسمعاني في «المنتخب من معجم الشيوخ» (ج1 ص245)، والمؤيد الطوسي في «زيادته على حديث يزيد بن حبيب» (ص89)، وأبو القاسم القشيري في «الرسالة القشيرية» (ص459)، وابن المستوفي في «تاريخ إربل» (ص100)، وأبو نعيم في «المسند المستخرج» (ج2 ص103 و104)، وأبو القاسم ابن نصر الدمشقي في «الفوائد» (ص51)، والدارقطني في «غرائب مالك» (ق/5/ط)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص87)، وفي «الأربعين الصغرى» (ص86)، وفي «الآداب» (ص148 و506)، وفي «الأسماء والصفات» (798)، وابن بشران في «الأمالي» (ج1 ص250)، والقسطلاني في «إرشاد الساري» (ج2 ص340)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص209)، وابن المبارك في «الرقائق» (ج2 ص646)، وفي «المسند» (ص41)، وابن الجوزي في «مشيخته» (ص157)، وفي «ذم الهوى» (ص193)، وفي «التبصرة» (ص648)، والنسائي في «السنن الكبرى» (ج3 ص461)، وفي «المجتبى» (ج8 ص222)، وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (ج2 ص131 و132)، وابن الغساني في «الأمالي» (2)، وابن حبان في «صحيحه» (7338)، والبغوي في «شرح السنة» (470)، وفي «مصابيح السنة» (ج1 ص282)، والذهبي في «السير» (ج12 ص311)، وفي «تذكرة الحفاظ» (ج4 ص1327)، والحدثاني في «الموطأ» (ص538)، وابن عبد البر في «التمهيد» (ج2 ص280)، والجوهري في «مسند الموطأ» (325)، وأبو عوانة في «المستخرج» (ج4 ص441)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (5844) من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة t به.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

2) وعن أبي هريرة t، قال: قال رسول الله r: إن الله يقول يوم القيامة: (أين المتحابون بجلالي([61])، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (2566)، ومالك في «الموطأ» (ج2 ص542)، وابن حبان في «صحيحه» (574)، والبغوي في «شرح السنة» (3462)، وفي «مصابيح السنة» (ج3 ص377)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (ج1 ص219)، والتاج السبكي في «معجم الشيوخ» (ص495)، وابن قدامة في «المتاحبين في الله» (34)،  وأبو مصعب الزهري في «الموطأ» (2004)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص237 و535)، وابن المبارك في «الزهد» (711)، والجوهري في «مسند الموطأ» (454)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (321)، وأبو أحمد الحاكم في «عوالي مالك» (ج1 ص92)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج23 ص111)، وفي «معجم الشيوخ» (ج2 ص1070)، وابن فيل في «جزئه» (32), و(ق/12/ط)، وابن القاسم في «الموطأ» (ص330)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج10 ص232 و233)، وابن بشران في «الأمالي» (ج2 ص252)، وابن عبد الدائم في «مشيخته» (ص63)، وابن أبي الدنيا في «الإخوان» (ص89)، وابن الجوزي في «التبصرة» (ص648)، وفي «جامع المسانيد» (ج5 ص356)، والحدثاني في «الموطأ» (652) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة t به.

وأخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (ج5 ص71)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (8989)، وابن طهمان في «مشيخته» (138)، والميانجي في «الأمالي والغرائب» (ص82) من طريق مالك عن سعيد المقبري عن أبي هريرة t به.

قلت: والمحفوظ عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي الحباب.

3) وعن أبي اليسر t، قال : قال رسول الله r : (من أنظر معسرا أو وضع عنه، أظله الله في ظله).

أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006)، وابن ماجه في «سننه» (2419)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص427)، والدارمي في «المسند» (2588)، وابن حبان في «صحيحه» (5044)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج7 ص552 و553)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (1914)، و(1917)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (3815)، و(3816)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (460)، والطبراني في «المعجم الكبير» (372)، و(377)، وفي «المعجم الأوسط» (4537)، و(5022)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص28 و29)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (ج5 ص357)، وفي «شعب الإيمان» (11248)، وفي «الأربعين الصغرى» (158)، والشاشي في «المسند» (523)، والدولابي في «الكنى والأسماء» (ج1 ص62)، وعبد بن حميد في «المنتخب من المسند» (378)، وابن أبي الدنيا في «قضاء الحوائج» (100)، والخطيب في «الأسماء المبهمة» (ص54)، وفي «تلخيص المتشابه» (ج2 ص624)، والمخلص في «المخلصيات» (ج3 ص73)، وابن أخي ميمي في «الفوائد» (ص112)، والديلمي في «الفردوس» (ج3 ص568)، والعراقي في «قرة العين» (ص55)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص49)، والمراغي في «مشيخته» (ص214)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج2 ص19 و20)، وفي «معرفة الصحابة» (5819)، ومحمد بن عاصم في «جزء حديثه» (8)، والبغوي في «شرح السنة» (2142)، وفي «مصابيح السنة» (ج2 ص341)، وفي «معالم التنزيل» (ج1 ص404)، وابن حجر في «الأمالي المطلقة» (ص101 و102)، وابن قراجا في «معجم الشيوخ» (ص280)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ج12 ص4443)، وأبو القاسم البغوي في «معجم الصحابة» (ج5 ص99)، والبخاري في «الأدب المفرد» (187)، وعبد الحق الإشبيلي في «الأحكام الشرعية الكبرى» (ج4 ص298)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (ج4 ص484)، وابن الجوزي في «جامع المسانيد» (ج6 ص470)، وأبو القاسم ابن منده في «المستخرج من كتب الناس للتذكرة» (ج1 ص111)، وضياء الدين المقدسي في «فضائل الأعمال» (ص377) من طرق عن أبي اليسر t ... وذكره بألفاظ عندهم متقاربة، ورواه بعضهم مطولا، وبعضهم مختصرا.

قلت: وهذه الأحاديث تدل على أن: «الظل» أضيف إلى الله تعالى، فهو صفة لله تعالى؛ أي: فهو له «ظل» يليق به سبحانه لا نعلم كيفيته.

والنبي r ذكر: «الظل» لله تعالى، ولم يتعرض له بتأويل، ولا تفسير بمثل: تعطيل المعطلة أو تأويلهم.

وكذلك الصحابة رضي الله عنهم رووا هذه الأحاديث، وسكتوا عنها، ولم يخوضوا فيها بتأويل أو تفسير بخلاف السنة، أو بخلاف لغة العرب.

قلت: وقد خالف عدد من أهل العلم؛ السلف الصالح في إثبات: «الظل» لله تعالى، وقالوا أن المراد بقوله r: (يظلهم الله في ظله)؛ أي: في «ظل العرش»، كما قرره البيهقي في «الأسماء والصفات» (ج3 ص955 و956)، وذهب إلى ذلك أيضا الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج15 ص73)، وابن منده في «التوحيد» (ج3 ص190)، وابن رجب في «فتح الباري» (ج6 ص51)، وابن حجر في«فتح الباري» (ج2 ص169)، والقرطبي في «التذكرة» (ص264)، وابن حبان في «صحيحه» (ج2 ص332)، والسيوطي في «تمهيد الفرش» (ص132)، والمباركفوري في «تحفة الأحوذي» (ج4 ص534)، والشيخ الألباني في «الإرواء» (ج3 ص395)، وفي «مختصر العلو» (ص105)، وابن القيم في «الوابل الصيب» (ص54)، وفي «طريق الهجرتين» (ص525)، وابن كثير في «تفسير القرآن» (ج1 ص589 و590)، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية في السعودية (ج2 ص487)، وغيرهم.

وحجتهم في ذلك الأحاديث([62]) التي جاءت مقيدة «للظل» بالعرش، وقد أخطؤوا في ذلك، وخالفوا السنة النبوية، واعتقاد السلف الصالح، فلا يتبعوا على خطئهم هذا، لأن السنة أحكمت الدين، والسلف أعلم وأحكم، فيجب التسليم للسنة والآثار!.

والله تعالى أمرنا عند التنازع أن نرد إلى القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقال تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59].

فعن ميمون بن مهران / قال: في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59] قال: (الرد إلى الله عز وجل إلى كتابه، والرد إلى الرسول r إذا قبض إلى سنته).

أثر صحيح

أخرجه الطحاوي في «مشكل الآثار» (ج1 ص474)، وابن شاهين في «شرح المذاهب» (ص44)، وأبو الفتح المقدسي في «الحجة» (ج2 ص528)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص144)، وابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص151)، وابن حزم في «الإحكام» (ج8 ص1047)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن المنذر في «تفسيره» (ج2 ص768)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص68)، وابن عبد البر في «الجامع» (ج2 ص190) من طريق وكيع بن الجراح، ومحمد بن كناسة عن جعفر بن برقان عن ميمون بن مهران به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وعن مجاهد / قال: (في قول الله عز وجل ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: كتاب الله، وسنة نبيه). وفي رواية: (فإن تنازع العلماء ردوه إلى الله والرسول).

أثر حسن لغيره

أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (ج5 ص151)، والبيهقي في «المدخل إلى السنن  الكبرى» (ج1 ص242)، وسفيان الثوري في «تفسيره» (ص96)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج3 ص293)، وعبد الرزاق في «تفسيره» (ج1 ص167)، وسعيد بن منصور في «السنن» (ج4 ص1290)، وعبد بن حميد في «تفسيره» (ج2 ص579-الدر المنثور)، والهروي في «ذم الكلام» (ج2 ص151)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص990)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص73) من طرق عن الليث بن أبي سليم عن مجاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن في الشواهد.

وفي لفظ اللالكائي:  ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (كتاب الله وسنة نبيه, ولا تردوا إلى أولي الأمر شيئا). يعني: إلى العلماء!.

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إلى الله: إلى كتاب الله , وإلى الرسول إلى سنة رسول الله r).

أثر حسن

أخرجه الآجري في «الشريعة» (106)، وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج1 ص252)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص765) من طريق يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك، عن عبد الملك بن أبي سليمان , عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن السدي / قال: في قوله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، قال: (إن كان الرسول حيا، وإلى الله إلى كتابه).

أثر حسن

أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص990)، والطبري في «تفسيره» (ج5 ص151) من طريق أحمد بن مفضل، ثنا أسباط بن نصر عن السدي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فالرجوع إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله r عند الاختلاف شرط، لأن الكتاب والسنة حجة في الدين، يجب المصير إليهما عند الاختلاف، ويحرم مخالفتهما.([63])

قال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قوله تعالى: ]يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا[ [النساء: 59] فدل على أن الرد يجب في حال الاختلاف والنزاع، ولا يجب في حال الاجتماع). اهـ

وقال أبو الفتح المقدسي / في «الحجة» (ج1 ص144): (قال أهل العلم: قوله تعالى: ]فردوه إلى الله[ [النساء: 59] إلى كتاب الله عز وجل، ]والرسول[ [النساء: 59] أي: إلى سنة رسول الله). اهـ

وعن عطاء بن أبي رباح / قال: (في قوله: ]أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم[ [النساء: 59] قال: (هم أهل العلم وأهل الفقه , وطاعة الرسول: اتباع الكتاب والسنة).

أثر حسن

أخرجه الطبري في «تفسيره» (ج5 ص147)، وسعيد بن منصور في «السنن» (655)، والخطيب في «الفقيه والمتفقه» (ج1 ص130 و131)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج3 ص987) من طرق عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح به.

قلت: وهذا سنده حسن.

قلت: فقوله تعالى: ]فإن تنازعتم [ [النساء: 59]، أي: اختلفتم، ]في شيء[ [النساء: 59] من أمر دينكم.

والتنازع: اختلاف الآراء، ]فردوه إلى الله والرسول[ [النساء: 59]، أي: إلى الكتاب والسنة، والرد عليهما واجب، ]إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير

وأحسن تأويلا[ [النساء: 59]، أي: أحسن مآلا، وعاقبة.([64])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «الفتاوى» (ج2 ص112): (إذا تنازع المسلمون في مسألة وجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فأي القولين دل عليه الكتاب والسنة وجب اتباعه). اهـ

وقال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص92): (قوله: ]فإن تنازعتم في شيء[ [النساء: 59] نكرة في سياق الشرط تعم كل ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دقه وجله، جليه وخفيه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه، ولم يكن كافيا، لم يأمر بالرد إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالرد عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصل النزاع). اهـ

وقال ابن حزم / في «الإحكام» (ج5 ص192)؛ وهو يرد على المذهبيين الذين يستحسنون في الدين بآرائهم وعقولهم المخالفة للشريعة: (واحتج القائلون بالاستحسان بقول الله عز وجل: ]الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب[ [الزمر: 18]، وهذا الاحتجاج عليهم لا لهم؛ لأن الله تعالى لم يقل: (فيتبعون ما استحسنوا)،  وإنما قال عز وجل: ]فيتبعون أحسنه[،  وأحسن الأقوال ما وافق القرآن، وكلام الرسول r، هذا هو الإجماع المتيقن من كل مسلم، ومن قال غير هذا فليس مسلما، وهو الذي بينه عز وجل إذ يقول: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر[ [النساء: 59] ولم يقل تعالى: (فردوه إلى ما تستحسنون).

ومن المحال أن يكون الحق فيما استحسنا دون برهان؛ لأنه لو كان ذلك لكان الله تعالى يكلفنا ما لا نطيق، ولبطلت الحقائق ولتضادت الدلائل، وتعارضت البراهين ولكان تعالى يأمرنا بالاختلاف الذي قد نهانا عنه، وهذا محال لأنه لا يجوز أصلا أن يتفق استحسان العلماء كلهم على قول واحد على اختلاف هممهم وطبائعهم وأغراضهم فطائفة طبعها الشدة، وطائفة طبعها اللين، وطائفة طبعها التصميم، وطائفة طبعها الاحتياط، ولا سبيل إلى الاتفاق على استحسان شيء واحد مع هذه الدواعي والخواطر المهيجة واختلافها واختلاف نتائجها وموجباتها ونحن نجد الحنفيين قد استحسنوا ما استقبحه المالكيون ونجد المالكيين قد استحسنوا قولا قد استقبحه الحنفيون فبطل أن يكون الحق في دين الله عز وجل مردودا إلى استحسان بعض الناس، وإنما كان يكون هذا، وأعوذ بالله لو كان الدين ناقصا؛ فأما وهو تام لا مزيد فيه مبين كله منصوص عليه، أو مجمع عليه فلا معنى لمن استحسن شيئا منه، أو من غيره، ولا لمن استقبح أيضا شيئا منه أو من غيره، والحق حق وإن استقبحه الناس، والباطل باطل وإن استحسنه الناس فصح أن الاستحسان شهوة واتباع للهوى وضلال وبالله تعالى نعوذ من الخذلان). اهـ

وعن مجاهد / قال: في قوله تعالى: ]صراط علي مستقيم[ [الحجر: 41]، قال: (الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه).

أثر صحيح

أخرجه البخاري في «صحيحه» تعليقا (ج4 ص1736)، والطبري في «جامع البيان» (ج14 ص33)، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج7 ص2264)، وآدم بن أبي إياس في «تفسير مجاهد» (ص416).

قلت: ومن هنا تعلم خطأ من تأول: «الظل» بأنه: «ظل مخلوق([65])»، وإضافته إلى الله تعالى إضافة ملك وتشريف، أو أن: «الظل» بمعنى رحمة الله تعالى ورعايته، أو: «ظل الجنة([66]»).

وهذه التأويلات «للظل» مخالفة للسنة، ولا ينبغي أن تعتمد في الشريعة، لأنها صدرت عن اجتهادات من عدد من أهل العلم بغير دليل صحيح يعتبر في الدين.

إذا فلله تعالى: «ظل» يليق به مثل سائر الصفات، وهذا الباب واحد عند السلف، فإنهم لم يعطلوا صفة من الصفات، كذلك لم يعطلوا صفة: «الظل» لله تعالى، وأمروا الأحاديث([67]) على ظاهرها.

قلت: وعلى هذا فليس لنا أن نتكلف في التشقيق، والبحث عن مثل هذه التأويلات.

فنقول: يلزم من ذلك كذا، أو يلزم منه كذا إلى آخر ما قد يطرأ على العقول في ذلك، مما لا حاجة إليه، ولا نفع يرتجى من ورائه، ويحسب المسلم أن يصدق بهذه الأخبار الواردة في: «ظل» لله تعالى، ويأخذ نفسه بالتزام الأعمال الصالحة التي توجب له فضله عند الله تعالى يوم تدنو الشمس من رؤوس الخلق، ولا ظل هناك،  إلا ظل الله تعالى، ولا يلزم من هذا: «الظل» أن تكون الشمس فوق الله تعالى، ليكون حائلا بينه وبين الناس من جميع الجهات، فهذا مستحيل؛ لأن الله تعالى له العلو المطلق، فتبه.

قلت: ومسائل الصفات ليس فيها؛ أي: اختلاف، و«الظل» من الصفات، ولم يختلف فيه السلف على أنه صفة من صفات الله تعالى.

وإذا كان السلف على اعتقاد؛ فلا يجوز أن نحدث تأويلات في هذا الاعتقاد فنخالفهم في ذلك، ومن خالفهم من أهل التقليد([68]) فقد جنى على نفسه، والله المستعان.

قلت: وهذه الأحاديث النبوية تدل على ثبوت صفة: «الظل لله تعالى»، وهي من الصفات، والتي هي في حق الله تعالى على ما يليق بكماله وجلاله لا يشابه فيها خلقه تعالى؛ كسائر الصفات، فهو أعلم بصفاته، وأعلم بكيفيتها عز وجل: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11] فإذا أخبرنا عن نفسه أنه له «ظل»، قلنا: آمنا بالله تعالى.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص127): (والسلف أهل السنة والجماعة يجرون هذه النصوص على ظاهرها، وحقيقة معناها اللائق بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل). اهـ

وقال الحافظ ابن عبد البر / في «التمهيد» (ج7 ص148): (الذي عليه أهل السنة، وأئمة الفقه والأثر في هذه المسألة وما أشبهها؛ الإيمان بما جاء عن النبي r فيها، والتصديق بذلك، وترك التحديد، والكيفية في شيء منه).اهـ

قلت: وهذا إجماع في إثبات الصفات على ظاهرها، وإمرارها على ما جاءت النصوص، وقد أخبر بهذا الإجماع من هو ممن يتتبع كلام أهل العلم، ويطلع على خلافهم فيقول: أجمعوا على هذا؛ أي: يعني: أثبتوا أنه لا يوجد أي خلاف في ثبوت الصفات على حقيقتها.([69])

وأنشد الإمام أبو شامة /:

 

وقـال الـنـبـي المصــطـفـى إن سـبـعــــــــــة

 

 

يــظــــــلــــهــــم الله الــكـــريــــم بـظـلــــــه

مــحــــب عــفـــيــــف نـــاشـــئ مــتصــدق

 

 

وبــــاك مــصـــل والإمــام بـعــدلــه([70])

قلت: ولم يذكر الإمام أبو شامة /: «ظل العرش»، فقد أثبت: «ظل» الله تعالى فقط، كما ثبت في السنة.

قال الإمام ابن القيم / في «الكافية الشافية» (ص312):

مـــن قـــال ذا قــد خــــالـــف الإجــمـــــاع

 

 

والـــخــبــر الــصــحــيـــح وظـــاهر القرآن

 

وعن المروذي: سألت أبا عبد الله يعني: الإمام أحمد-؛ عن أحاديث الصفات، قال: (نمرها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه ابن بطة في «الإبانة الكبرى» (ج3 ص327 و331)، والآجري في «الشريعة» (771)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص56)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص22)  من طريقين عن المروذي به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وبوب الإمام ابن بطة في «الرد على الجهمية» (ج3 ص326)؛ باب جامع من أحاديث الصفات رواها الأئمة، والشيوخ الثقات، الإيمان بها من تمام السنة، وكمال الديانة، لا ينكرها إلا جهمي خبيث.([71])

قال الإمام الخطابي / في «معالم السنن» (ج3 ص555): (مذهب علماء السلف، وأئمة الفقهاء: أن يجروا مثل هذه الأحاديث على ظاهرها، وأن لا يريغوا([72])  لها المعاني، ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها). اهـ

وعن الإمام أحمد / قال: (وهذه أحاديث نرويها كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص31) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وذكره ابن تيمية في «شرح العقيدة الأصفهانية» (ص223).

وعن الإمام أحمد / قال: (إنما نروي هذه الأحاديث كما جاءت).

أثر صحيح

أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص212)، وابن النجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص32) من طريق عبد الله بن أحمد به.

وإسناده صحيح.

وعن الإمام محمد بن الحسن / قال: (هذه الأحاديث قد روتها الثقات؛ فنحن نرويها، ونؤمن بها، ولا نفسرها).

أثر حسن

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (741)، وابن قدامة في «ذم التأويل» (ص14)، وفي «إثبات صفة العلو» (98)، والذهبي في «العلو» (ص113) من طريق عمرو بن وهب قال: سمعت شداد بن حكيم عن محمد بن الحسن به.

قلت: وهذا سنده حسن.

والمقصود ها هنا: بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، وأن السني لا يسعه؛ إلا الاتباع والتسليم لما كان عليه السلف الصالح([73])، والله الموفق.

قلت: وأجمع السلف على «إثبات الظل للـه تعالى»؛ بمعنى: إثبات هذه الصفة له على ما يليق بجلاله.

قلت: هذه الأحكام في الأصول كلها نؤمن بها، ولا نحرفها، والسلف نقلوا لنا هذه الأحكام، ولابد أن نأخذ بها؛ لأن الذين نقلوا هذه السنن؛ هم: الذين نقلوا لنا الأحكام في الفروع؛ مثل: الطهارة، والصلاة، وسائر الأحكام.

فقبل أهل الأهواء هذا الأحكام في الفروع من السلف، وأخذوا منهم، واحتجوا بهم، ولكنهم ردوا أحكام الأصول مثل: الصفات وغيرها، ولم يأخذوا منهم، ولم يحتجوا بهم، وهذا من الضلال المبين، لأن كيف يأخذوا من السلف الفروع، ويتركوا الأصول:  ]إن هذا لشيء عجاب[ [ص: 5]؛ فمن فعل ذلك فهو مبتدع ضال فاحذروه.

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «الجواب المختار» (ص26): (القاعدة العامة عند السلف من أن نصوص الصفات تجري على ظاهرها اللائق بالله تعالى بلا كيف؛ كما اشتهر عنهم قولهم: (أمروها كما جاءت بلا كيف).

وهذه القاعدة تجري على كل فرد من أفراد النصوص، وإن لم ينصوا عليه بعينه، ولا يمكننا أن نخرج عنها نصا واحدا إلا بدليل عن السلف أنفسهم، ولو قلنا: إنه لابد أن ينصوا على كل نص بعينه لم يكن لهذه القاعدة فائدة). اهـ

وقال الإمام السرمري / في «نهج الرشاد» (ص31):

ومــــذهبــــــــنا لا كيـــــــــف لا مثل لا لما

 

 

بالإقـــــــــرار والإمـــــــرار من غير ما فسر

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص280): (فهؤلاء حرفوا النصوص عن ظاهرها إلى معان عينوها بعقولهم، واضطربوا في تعيينها اضطرابا كثيرا، وسموا ذلك تأويلا، وهو في الحقيقة تحريف).اهـ

قلت: فعليك بمذهب السلف الصالح في أحكام الدين، والاقتداء بهم فيه واتباعهم جملة وتفصيلا. ([74])

وقال الإمام ابن رجب / في «جامع العلوم والحكم» (ج1 ص131): (ومن فهم من شيء من هذه النصوص تشبيها، أو حلولا، أو اتحادا، فإنما أتي من جهله، وسوء فهمه عن الله تعالى، ورسوله r، والله تعالى ورسوله r بريئان من ذلك كله، فسبحان من ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير). اهـ

وقال العلامة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني / في «التعليق على الترغيب» (ج2 ص610)؛ في رده على أهل التأويل: (ولو أنهم تلقوها حين سماعها، مستحضرين؛ قوله: ]ليس كمثله شيء وهو السميع البصير[ [الشورى: 11]؛ لما ركنوا إلى التأويل، وآمنوا بحقائقها على ما يليق به تعالى.

شأنهم في ذلك شأنهم في إيمانهم بصفتي: «السمع»، و«البصر»، وغيرهما من صفاته عز وجل، مع تنزيهه عن مشابهة للحوادث، لو فعلوا ذلك هنا، لاستراحوا وأراحوا، ونجوا من تناقضهم في إيمانهم بربهم وصفاته). اهـ

قلت: وهذه الصفات نقلتها الأمة نقلا عاما متواترا؛ خلفا عن سلف، وحصل العلم الضروري للخلق بذلك؛ كما حصل لهم العلم الضروري أن النبي r بلغهم ألفاظ هذه الصفات العلى؛ منها: صفة الظل، وحصل اليقين من كلام الله تعالى، وكلام رسوله r؛ لأن ذلك يفيد اليقين.([75])

وعن الإمام أحمد / قال: (ونحوه من الأحاديث مما قد صح وحفظ فإنا نسلم له، وإن لم يعلم تفسيرها, ولا يتكلم فيه، ولا يجادل فيه، ولا تفسر هذه الأحاديث إلا بمثل ما جاءت , ولا نردها إلا بأحق منها).

أثر صحيح

أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص155)، وابن الجوزي في «مناقب الإمام أحمد» (ص230)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص226) من طريق أبي جعفر محمد بن سليمان المنقري قال: حدثني عبدوس بن مالك العطار قال: سمعت أبا عبد الله به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وانظر كتاب: «أصول السنة» للإمام أحمد (ص12).

قلت: وهذه أحاديث صحيحة في صفة: «الظل»؛ رواها جماعة من الصحابة y عن النبي r، وأصحاب الحديث فيما ورد في السنة النبوية، ولم يتكلم أحد من الصحابة y، والتابعين الكرام في تأويلها، اللهم غفرا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «رسالته» (ص24): (يجب اتباع طريقة السلف من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان، فإن إجماعهم حجة قاطعة، وليس لأحد أن يخالفهم فيما أجمعوا عليه، لا في الأصول، ولا في الفروع). اهـ

وقال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين / في «القواعد المثلى» (ص24): (الواجب في نصوص القرآن، والسنة إجراؤها على ظاهرها دون تحريف، لا سيما نصوص الصفات، حيث لا مجال للرأي فيها). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «التدمرية» (ص7): (التوحيد في الصفات فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله: نفيا وإثباتا؛ فيثبت لله ما أثبته لنفسه وينفي عنه ما نفاه عن نفسه.

وقد علم أن طريقة سلف الأمة وأئمتها إثبات ما أثبته من الصفات من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل.

وكذلك ينفون عنه ما نفاه عن نفسه مع إثبات ما أثبته من الصفات من غير إلحاد: لا في أسمائه، ولا في آياته؛ فإن الله تعالى ذم الذين يلحدون في أسمائه وآياته).اهـ

هذا آخر ما وفقني الله سبحانه وتعالى إليه في تصنيف هذا الكتاب النافع المبارك -إن شاء الله- سائلا ربي جل وعلا أن يكتب لي به أجرا، ويحط عني فيه وزرا،

وأن يجعله لي عنده يوم القيامة ذخرا... وصلى الله وسلم وبارك

على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه أجمعين،

وآخر دعوانا أن الحمد الله

رب العالمين

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

درة نادرة في ثبوت الصفات لله تعالى وكفر من عطلها، ولو صفة واحدة.......................................................................................................

05

2)

فتوى الإمام ابن باز في إثباته لصفة: «الظل» لله تعالى على ظاهر الأحاديث، وأن القاعدة واحدة في الأسماء والصفات عند أهل السنة والجماعة............................................................................

17

3)

المقدمة......................................................................................................

19

4)

ذكر الدليل من آثار السلف في أن منهجهم في إثبات صفات الله تعالى إمرارها على ظاهرها؛ ومن هذه الصفات، صفة: «الظل» لله تعالى على ما يليق بجلاله وكماله....................................................................................................

35

5)

ذكر الدليل على أن: «الظل» هو: صفة من صفات الله تعالى يليق بجلاله وكماله، وأن كيفية: «الظل» لا تعرف كسائر الصفات، وقد أجمع السلف على إثبات صفة: «الظل» لله تعالى، ومن قال بخلاف هذا الاعتقاد السلفي من دون العلماء المجتهدين، فهو مبتدع خارج عن السنة، لأنه خالف السنة والآثار.......................................................................................................

42

 

 

 

 

 

 

 



([1]) وانظر: «السنن» للترمذي (ج3 ص41 و42) و«بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج3 ص404) و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج10 ص78 و79)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص101)، و«تحريم النظر في كتب الكلام» لابن قدامة (ص36)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص227).

([2]) والله تعالى قد أقام الحجة على البشرية كافة ببعثة الرسول r؛ كما قال تعالى: ] ﭿ ﮈﮉ [[النساء:165]. وقال تعالى: ]          [ [الإسراء:15]. والله تعالى بعث الرسول r إلى الأمة كافة، وهذا يكفي في إقامة الحجة عليها.

([3]) انظر: «الاحتجاج بالآثار» للحمدان (ص45).

([4]) قلت: وقد قامت الحجة على الخلق ببعثة النبي r، ووصلت دعوة الإسلام لجميع الخلق شرقا وغربا، ووصل لهم القرآن الكريم؛ فهو بين أيديهم، ووصلت الأحاديث النبوية؛ فهي بين أيديهم.

     وقد بين ذلك علماء الحديث والأثر للناس قديما وحديثا، لذلك فلا عذر لأحد جاهل ركب ضلالة حسبها هدى، لأن الله تعالى قد أقام الحجة على البشرية ببعثة الرسل عليهم السلام؛ كما قال تعالى: ] ﭿ ﮈﮉ [[النساء:165]. وقال تعالى: ]          [ [الإسراء:15]، وقد بعث الله تعالى الرسول r إلى الخلق كافة؛ فأقام عليهم الحجة إلى يوم القيامة، وكفى بهذه الحجة النبوية.

([5]) ومقصد الإمام الشافعي / في أننا لا نكفر بالجهل الذي لم تصل إليه دعوة الإسلام بالكلية، أما الذي في دار الإسلام فإننا نكفره ولا كرامة، وقد أجمع السلف على ذلك. فتنبه.

([6]) والله تعالى قد أقام الحجة على البشرية كافة ببعثة الرسول r؛ كما قال تعالى: ] ﭿ ﮈﮉ [[النساء:165]. وقال تعالى: ]          [ [الإسراء:15]. والله تعالى بعث الرسول r إلى الأمة كافة، وهذا يكفي في إقامة الحجة عليها.

([7]) انظر: «الاحتجاج بالآثار» للحمدان (ص45).

([8]) وانظر: «السير» للذهبي (ج10 ص78 و79)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص98 و101).

([9]) أثر صحيح.

        أخرجه الصابوني في «الاعتقاد» (ص168).

       وإسناده صحيح.

       وذكره الذهبي في «السير» (ج14 ص374)، وفي «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص728).

([10]) وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص168)، و«الاعتقاد» للآلكائي (ج2 ص227)، و«خلق أفعال العباد» للبخاري (ص514 و525 و526)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج14 ص374).

       قلت: فمن أنكر صفة من الصفات الثابتة في الكتاب، أو السنة، أو الآثار، أو المجمع عليها عند علماء السنة، فقد كفر بالله تعالى إذا كان من دون العلماء المجتهدين، سواء كان بتأويل، أو بغير تأويل كائنا من كان، اللهم سلم سلم.

([11]) وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص526).

([12]) أثر صحيح.

        أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (180)، والآلكائي في «الاعتقاد» (402).

      وإسناده صحيح.

([13]) أثر صحيح.

        أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (197).

      وإسناده صحيح.

([14]) أثر حسن.

       أخرجه الصابوني في «الاعتقاد» (ص175).

      وإسناده حسن.

([15]) أثر صحيح.

        أخرجه الصابوني في «الاعتقاد» (ص187)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص84).

      وإسناده صحيح.

      وذكره الذهبي في «السير» (ج64 ص372)، وفي «تذكرة الحفاظ» (ج2 ص728).

([16]) وانظر: «عقيدة السلف» للصابوني (ص187)

([17]) وانظر «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج4 ص1453)، و«حادي الأرواح» له (ص373)، و«مقالات الإسلاميين» لأبي الحسن الأشعري (ج1 ص346)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج16 ص85).

([18]) وانظر: «بيان تلبيس الجهمية» لابن تيمية (ج2 ص9 و10)، و«الفتاوى» له (ج5 ص14)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج4 ص1279)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص37 و175)، و«الإبانة» لأبي الحسن الأشعري (ص48)، و«التمهيد» لابن عبد البر (ج7 ص34).

([19]) أثر صحيح.

       أخرجه عبد الله بن أحمد في «السنة» (ص34)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (ج1 ص321)، والنجاد في «الرد على من يقول القرآن مخلوق» (ص70).

       وإسناده صحيح.

([20]) وانظر: «النبوات» لابن تيمية (ص198).

([21]) وانظر «الفتاوى» لابن تيمية (ج6 ص10 و11)، و«الرد على الجهمية» للدارمي (ص32 و62)، و«سير أعلام النبلاء» للذهبي (ج14 ص235).

([22]) وانظر «مختصر الصواعق» (ص82 و83).

([23]) انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (ج3 ص295 و296).

([24]) انظر «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص878 و879).

([25]) انظر «مختصر الصواعق المرسلة» (ج1 ص126).

([26]) أثر صحيح.

     أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (ج9 ص153)، وابن أبي شيبةفي «المصنف» (ج14 ص93 و105)، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» (170)، وضياء الدين المقدسي في «اختصاص القرآن» (ص37).

     وإسناده صحيح.

     وقال الهيثمي في «الزوائد» (ج7 ص330): رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير شداد بن معقل وهو ثقة.

([27]) وفالح الضال رد أحاديث صفة: «الظل» لله تعالى على طريقة الجهمية، وهو ليس من أهل الاجتهاد، ففي عدم إثباته لصفة: «الظل»، يعتبر جهميا على قاعدة السلف، لأن: «الظل» جاء مضافا إلى الله تعالى.

([28]) وروايات: «في ظل عرشه» كلها منكرة لا تصح، فلا يحتج بها في الاعتقاد، وهناك جزء لي في تضعيف هذه الروايات، وأن روايات الصحيحين أصح منها.

([29]) فنقول «لفالح الحربي»، قاعدة السلف واحدة ثابتة فلا تغيرها إلى مذهب الجهمية!، فتثبت بعض الصفات، وتنفي بعض الصفات!، كما قال لك الشيخ ابن باز /.

([30]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص282)؛ تعليقا على كلمة الإمام أحمد هذه: (هذه حقيقة حال أهل البدع؛ كما قال الإمام أحمد في كتابه «الرد على الزنادقة والجهمية»: مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب). اهـ

([31]) قال تعالى: ]وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد[ [البقرة: 176].

        قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «بيان تلبيس الجهمية» (ج2 ص301): (قد جمعوا وصفي الاختلاف الذي ذمه الله في كتابه، فإنه ذم الذين خالفوا الأنبياء، والذين اختلفوا على الأنبياء). اهـ

       وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج5 ص284): (وأما قوله: بأنهم (متفقون على مخالفة الكتاب)؛ فهذا إشارة إلى تقديم غير الكتاب على الكتاب، كتقديم معقولهم، وأذواقهم، وآرائهم ونحو ذلك على الكتاب، فإن هذا اتفاق منهم على مخالفة الكتاب، ومتى تركوا الاعتصام بالكتاب والسنة؛ فلا بد أن يختلفوا، فإن الناس لا يفصل بينهم إلا كتاب منزل من السماء). اهـ

([32]) قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «درء تعارض العقل والنقل» (ج1 ص222)؛ (وهذا الكلام المتشابه الذي يخدعون به جهال الناس، هو الذي يتضمن الألفاظ المتشابهة المجملة التي يعارضون بها نصوص الكتاب والسنة). اهـ

([33]) انظر: «الرد على الزنادقة والجهمية» للإمام أحمد (ص170).

([34]) قلت: وقد أنكر صفة: «الظل» للـه تعالى أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والطالحية، والماتريدية، والصوفية، والإباضية وغيرهم؛ من أعداء السنة والتوحيد، نفاة صفات رب العالمين، لأنهم أعرضوا عن دراسة اعتقاد السلف والأثر، نعوذ بالله من الخذلان.

([35]) قلت: واعتقاد السلف شجى في حلوق أهل البدع والأهواء من الجهمية، والمعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، والإباضية، والصوفية، وغيرهم من معطلة الصفات.

([36]) قلت: ومن هذه الصفات التي أثبتها، صفة: «الظل»، حيث أثبتها عن رسول الله r، وإجماع الصحابة y، وإجماع أئمة الحديث.

       وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص561).

([37])  وانظر: «النقض على المريسي» للدارمي (ج1 ص561)، و«الفتاوى» لابن باز (ج28 ص402).

([38]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (660)، ومسلم في «صحيحه» (1031).

([39]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (2566).

([40]) أخرجه مسلم في «صحيحه» (3006).

([41]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24).

([42]) قلت: وأول من احتج بهذه الآية هو الإمام الشافعي /، ولعله كان أول من احتج للإجماع بنص من الكتاب، وبها احتج أكثر علماء الأصول.

([43]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«الرسالة» له (ص475)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1064)، و«الفقيه والمتفقه» للخطيب (ج1 ص155)، و«المسودة في أصول الفقه» لآل ابن تيمية (ج1 ص615)، و«الإحكام» للآمدي (ج1 ص200).

([44]) قلت: والضلال المبين مخالفة سبيل المؤمنين، والتدين بما لم يتدينوا به، والضلالة هي أخذ غير سبيلهم، ونهج غير طريقهم!.

([45]) والمشاقة: المعاداة.

([46]) قلت: وكان ذنب من يعرف الحق، ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل، فهو أعظم جرما؛ لأنه اطلع على الحق، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد للـه تعالى.

        قلت: وسبيل المؤمنين: هو الدين الحنيفي الذي هم عليه، فمن يشاقق الرسول r هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة، ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم، وأتبع بلازمه توكيدا.

      وانظر: «البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496)، و«الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([47]) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (ج5 ص385).

([48]) وانظر: «أحكام القرآن» للشافعي (ج1 ص53)، و«العدة في أصول الفقه» للقاضي أبي يعلى (ج4 ص1067).

([49]) قلت: وزعموا بئسما زعموا: أن أقوال غير المذاهب المختلفة درست، وذهبت، فحكموا على من يخالف هذا المذاهب بالضلال، والشذوذ، فضيعوا آثار الصحابة الكرام وفقههم، وإجماعهم في الدين، ونسبوا إلى الخلافيات المذهبية؛ الحفظ والصحة، وكأنها بمنزلة الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فاعتبر!.

([50]) قلت: لأنه لا معنى لمشاقة الرسول r؛ إلا ترك الإيمان، وذلك لأن ترك الاتباع بالكلية هو من اتباع غير سبيل الرسول r، وهذا من الشقاق، بل هو اتباع غير سبيل الصحابة الكرام أيضا، فمن اختاره لنفسه، فقد اختار غير سبيل المؤمنين.

     وانظر: «نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص282)، و«الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص357).

([51]) انظر: «الإبهاج في شرح المنهاج» للسبكي (ج2 ص354)، و«معراج المنهاج شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول» للجزري (ج2 ص75)، و«روضة الناظر» لابن قدامة (ج1 ص338)، و«نهاية السول شرح منهاج الوصول» للأسنوي (ج2 ص281)، و«الإجماع» الباحسين (ص220)، و«الأحكام» للآمدي (ج1 ص208).

([52]) وانظر: «روح المعاني» للآلوسي (ج5 ص132)، و«فتح القدير» للشوكاني (ج1 ص463)، و«البحر المحيط» لأبي حيان (ج3 ص496).

([53]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.

      وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).

([54]) وانظر: «الفتاوى» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص188)، و«دلائل التوحيد» للهروي (ص79)، و«صفات الله عز وجل» للسقاف (ص391).

([55]) كتأويل المعطلة للصفات؛ من الجهمية، والأشعرية، والإباضية، والماتريدية، والصوفية، والمعتزلة، والربيعية، والطالحية وغيرهم.

        وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5  ص556)، و(ج6 ص471)، و«شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج1 ص73).

([56]) أثر صحيح.

        أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص423)، والخلال في «السنة» (1794)، والآجري في «الشريعة» (187)، وأبو داود في «مسائل أحمد» (ص264).

        وإسناده صحيح.

([57]) أي: من غير تفسير، وأرادوا به تفسير الجهمية المعطلة الذين ابتدعوا تفسير الصفات بخلاف ما كان عليه الصحابة y، والتابعون الكرام من الإثبات.

       وانظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص333)، و«التدمرية» له (ص112 و113).

       قال تعالى: ]فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون[ [النحل: 74].

       وقال تعالى: ]فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون[ [البقرة: 22].

([58]) انظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص35 و36 و37)، و(ج6 ص469)، و«الاعتقاد» للالكائي (ج3 ص454)، و«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (ج1 ص222)، و«معالم السنن» للخطابي (ج3 ص555)، و«شرح العقيدة الواسطية» للهراس (ص112)، و«أصول السنة» لابن أبي زمنين (ص110)، و «ذم التأويل» لابن قدامة (ص11 و12)، و«أجوبة في أصول الدين» لابن سريج (ص86)، و«حقيقة التأويل» للمعلمي (ج6 ص52 و54)، و«القائد إلى تصحيح العقائد» له (ص114 و115 و123)، و«الكواشف الجلية» للسلمان (ص98 و99 و100)، و«أجوبة في الصفات» للخطيب (ص74 و75)، و«التحف في مذاهب السلف» للشوكاني (ص31)، و«دراسات لآيات الأسماء والصفات» للشنقيطي (ص10 و11).

([59]) انظر: «الفتوى الحموية الكبرى» لابن تيمية (ص303 و307)، و«التدمرية» له (ص89 و116)، و«درء تعارض العقل والنقل» له أيضا (ج1 ص201 و208)، و«شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«الجواب المختار لهداية المحتار» له (ص26)، و«التحف في مذاهب السلف» للشوكاني (ص32)، و«الحاشية على العقيدة الواسطية» لابن مانع (ص31)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص235)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/246/ط)، و(ص68 و69/م)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4).

([60]) وهم: المشبهة الذين شبهوا ذات الله تعالى بذات خلقه، أو صفاته بصفات خلقه.

     انظر: «الفرق بين الفرق» للبغدادي (ص255)، و«الملل والنحل» للشهرستاني (ج1 ص103).

([61]) أي: لعظمتي؛ أي: لأجل تعظيم حقي وطاعتي لا لغرض دنيا.

([62]) وهذه الأحاديث التي وردت في: «ظل العرش»، كلها ضعيفة لا يحتج بها في الشريعة المطهرة.

([63]) وانظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (ج2 ص92).

([64]) انظر: «معالم التنزيل» للبغوي (ج2 ص242)، و«الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج3 ص826).

      قال ابن القيم / في «إعلام الموقعين» (ج2 ص91): (أمر تعالى برد ما تنازع فيه المؤمنون إلى الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأخبرهم أن ذلك خير لهم في العاجل وأحسن تأويلا في العاقبة). اهـ

([65]) انظر: «شرح العقيدة الواسطية» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص136)، و«شرح رياض الصالحين» له (ج1 ص370)، و«التعليقات» للبراك (ص12).

([66]) انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (ج17 ص431)، و«شرح السنة» للبغوي (ج2 ص355).

([67]) قلت: وهذه الأحاديث من أحاديث الصفات التي لا ينبغي أن تؤول بدون دليل.

([68]) قلت: والذي يخوض في هذه المسألة بتقليد لزلات العلماء، فهذا يكون عليه الوزر يوم القيامة.

     فهذا: «الظل» لله تعالى يليق بجلاله؛ كسائر صفاته، لأن النبي r أضافه إلى الله تعالى.

 

([69]) وانظر: «شرح القواعد المثلى» لشيخنا ابن عثيمين (ص269)، و«التدمرية» لابن تيمية (ص7)، و«الصفات الإلهية» للشيخ الجامي (ص234)، و«الدرر السنية في الأجوبة النجدية» (ج3 ص33)، و«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (ج6 ص319)، و«معالم التنزيل» للبغوي (ج3 ص236)، و«فتح الباري» لابن رجب (ج5 ص101)، و«بيان فضل علم السلف على علم الخلف» له (ص48)، و«اجتماع الجيوش الإسلامية» لابن القيم (ص119). 

([70]) انظر: «الأمالي المطلقة» لابن حجر (ص98).

 

([71]) قلت: ولا يدع أحاديث صفة «الظل»، إلا متعالم مبتدع.

       قال الإمام البربهاري / في «شرح السنة» (ص35): (وإذا سمعت الرجل يطعن في الآثار، أو يرد الآثار، فاتهمه على الإسلام، ولا تشك أنه صاحب هوى مبتدع). اهـ

([72]) يعني: لا نطلب لها المعاني الباطلة المحرفة؛ مثل: تحريف المعطلة النفاة.

        وانظر: «المصباح المنير» للفيومي (ج9 ص165).

([73]) قلت: وقد اتفقتا الجهمية والزنادقة على اتباع المتشابه من الآيات والأحاديث، وتأويلها على غير تأويلها الصحيح.

      وانظر: «الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله» للإمام أحمد (ص169).

([74]) قلت: وعليك بمجانبة كل مذهب، لا يذهب إليه السلف الصالح في أصول الدين وفروعه.

      وانظر: «خلق أفعال العباد» للبخاري (ص134)، و«الفتاوى» لابن تيمية (ج5 ص24)، و«العقيدة الإسلامية» للشيخ محمد الجامي (ص96).

([75]) وانظر: «الصواعق المرسلة» لابن القيم (ج2 ص640 و653 و654)، و«شرح العقيدة الأصفهانية» لابن تيمية (ص259)، و«اعتقاد أهل السنة والجماعة» للإسماعيلي (ص172)، و«الفاروق بين المثبتة والمعطلة» لأبي إسماعيل الأنصاري (ص4 و6)، و«صفات رب العالمين» لابن المحب (ق/219/ط)، و(ص52/م).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan