القائمة الرئيسة
الرئيسية / سلسلة من شعار أهل الحديث / فتح المغيث في أن الله ينصر المسلمين في بلدانهم

2023-11-29

صورة 1
فتح المغيث في أن الله ينصر المسلمين في بلدانهم

بسم الله الرحمن الرحيم

رب يسر وأعن بفضلك ورحمتك

المقدمة

الحمد لله المعز لأوليائه والمؤمنين، والناصر لأنبيائه والمرسلين وأتباعهم إلى يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد،

فهذا كتاب لطيف فيه كريم الثناء والمفاخرة، وصادق النصرة والمؤازرة، لأهل السنن والآثار، وحملة العلم والأخبار، الذين قبلوا الشريعة قولا وفعلا، وحرسوا السنة حفظا ونقلا؛ حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها، فهم أمناء الله في خليقته، والمجتهدون في حفظ ملته، إذا اختلف في حديث، كان إليهم الرجوع، فما حكموا به فهو المقبول والمسموع.

وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر، وعلى الإفصاح بغير مذهبهم لا يتجاسر، من كادهم قصمه الله تعالى، ومن عاندهم خذله الله تعالى، لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم، المحتاط لدينه إليهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مجموع الفتاوى» (ج3 ص247): (وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله ه، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعا لها؛ تصديقا وعملا، وحبا، وموالاة لمن والاها، ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول ه بل يجعلون ما بعث به الرسول ه من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه). اهـ

وقال العلامة أبو الحسنات اللكنوي / في «إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام» (ص156): (ومن نظر بنظر الإنصاف، وغاص في بحار الفقه والأصول متجنبا الاعتساف يعلم علما يقينيا أن أكثر المسائل الفرعية والأصلية، التي اختلف العلماء فيها فمذهب المحدثين فيها أقوى من مذهب غيرهم، وإني كلما أسير في شعب الاختلاف، أجد قول المحدثين فيها قريبا من الإنصاف، فلله درهم، وعليه شكرهم، كيف لا وهم ورثة النبي حقا، ونواب شرعه صدقا! حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم). اهـ

وقال أبو عثمان الصابوني / في «عقيدة السلف وأصحاب الحديث» (ص14): (إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة - حفظ الله تعالى أحياءهم، ورحم أمواتهم - يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول ه بالرسالة
 

والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله). اهـ

وقال ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص51): (فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من وجهته، وتتبعوه من مظانه، وتقربوا إلى الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله ه وطلبهم لآثاره وأخباره، برا وبحرا، وشرقا وغربا). اهـ

وهذا المنهج التأصيلي عليه أهل الحديث([1])، يبعث المسلم على تفضيل وإيثار السلامة، ويولد فيه الحذر من الشرور التي تقع في الفتن، ويجنبه العثرات، والمهالك، ويترك ما يشين عليه استقامته وسلامته، حتى إنه يهجر الكفرة، والمبتدعة، والعصاة، بسبب ذلك يشرع له الهجر، لئلا يشاركهم في الفتن التي تجري على أيديهم، فينال قسطا من إثمها، اللهم سلم سلم.

قلت: والفتن إنما تزول بإذن الله تعالى بوجود أهل الحديث في البلد، والرجوع إليهم، وترك الأمور لهم جملة وتفصيلا([2])،إن أراد الناس النجاة من الفتن المحيطة بهم([3]) في بلدانهم.

فعن إبراهيم بن أدهم([4])/ قال: «إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث».

أثر حسن لغيره

أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (117)، وفي «الرحلة في طلب الحديث» (115)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/235/ط)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ» (ق/94/ط) من طريق محمد بن الحسن المقرئ قال: حدثنا محمد بن عصام قال: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن حاتم يقول: قال إبراهيم بن أدهم به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به في الآثار، من أجل موافقته لكلام أئمة الحديث الثقات، لأن فيه محمد بن الحسن المقرئ.

قال عنه الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص520): (المقرئ المفسر، وقرأ بالروايات، ورحل إلى عدة مدائن، وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه).اهـ

والأثر ذكره ابن الصلاح في «علوم الحديث» (ص123)، والأنباسي في «الشذا الفياح» (ج1 ص401)، والعراقي في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص745)، والسيوطي في «تدريب الراوي» (ج2 ص211)، والزركشي في «النكت» (ص405).

قلت: والآثار يتساهل فيها ما لا يتساهل في الأحاديث المسندة والأخبار، فافهم لهذا ترشد.

وأخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص52) من طريق محمد بن عمر بن الحجاف حدثنا عبد الله بن أبي عمرو البكري عن سلم الخواص قال: سمعت إبراهيم بن أدهم / يقول: «أصحاب الحديث بهم تدفع البلوى عن الناس، أو الآفات».

وإسناده فيه ضعف، لكن لا بأس به في المتابعات.

وعن سلم الخواص([5])/ قال: «البلاء يدفع عن أهل الأرض بأصحاب الحديث».

أثر حسن لغيره

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص52) من طريق أحمد بن محمد بن منصور قال: سمعت إبراهيم بن موسى البصري يحكي عن سلم الخواص به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به.

وعن يوسف بن أسباط([6])/ قال: «بطالب الحديث يدفع البلاء عن أهل الأرض».

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص53) من طريق علي بن بندار الصيرفي حدثنا جعفر بن أحمد سمعت عبد الله بن خبيق يقول: سمعت يوسف بن أسباط به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن أبي جعفر عبدالله بن محمد النفيلي / قال: «إن كان أحد على ظهر الأرض ينجو، فهؤلاء الذين يطلبون الحديث».

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج6 ص46)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص100) من طريق محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت الفضل بن محمد الشعراني يقول: سمعت أبا جعفر النفيلي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن وهب بن منبه / قال: «إن الله ليحفظ بالعبد الصالح القبيل([7]) من الناس»([8]).

وأنشد أبو مزاحم الخاقاني:

أهل الحديث هم الناجون إن عملوا
        

 

به إذا ما أتى عن كل مؤتمن

قد قيل إنهم خير العباد على
        

 

ما كان فيهم إذا أنجوا من الفتن

من مات منهم كذا حانت شهادته
        

 

فطاب من ميت في اللحد مرتهن([9])

قلت: وهذه الآثار تدل على أن الله تعالى يحفظ الناس في البلدان الإسلامية بوجود أهل الحديث فيما بينهم، ويرفع العذاب عنهم بالذين يطلبون الحديث، ويعملون به قولا وفعلا، فافهم لهذا ترشد.

وهذا هو المقصود في هذا الكتاب، وقد سميته: «فتح المغيث في أن الله ينصر المسلمين في بلدانهم، ويقمع عدوهم بوجود أهل الحديث»؛ سائلا المولى عز وجل التوفيق والسداد، والهدي والرشاد.

 

 

كتبه

أبو عبد الرحمن الأثري

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

        

 

    

درة نادرة

في الآداب التي يحصلها

الطالب لعلم الحديث الشريف

 

 قال الحافظ النووي / في «التقريب والتيسير» (ص79): «علم الحديث شريف يناسب مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، وهو من علوم الآخرة، من حرمه حرم خيرا عظيما، ومن رزقه نال فضلا جزيلا». اهـ

وقال الحافظ النووي / في «إرشاد طلاب الحقائق» (ج1 ص107): «واعلم أن علم الحديث من أفضل العلوم، وأولاها بالاعتناء، وأحق ما شمر فيه المبرزون، ومحققوا العلماء، إذ هو أكبر العلوم تولجا في فنونها... ولقد كان شأن الحديث فيما مضى عظيما، وأمره مفخما جسيما». اهـ

وقال الإمام ابن الصلاح / في «علوم الحديث» (ص118): «علم الحديث؛ علم شريف يناسب مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم؛ وينافر مساوي الأخلاق، ومشاين الشيم، وهو من علوم الآخرة؛ لا من علوم الدنيا.

فمن أراد التصدي لإسماع الحديث، أو لإفادة شيء من علومه؛ فليقدم تصحيح النية، وإخلاصها؛ وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية، وأدناسها؛ وليحذر بلية حب الرياسة، ورعوناتها ». اهـ

    

قال تعالى:

 ]             [

[الأعراف:155].

آيات مخيفة في القرآن الكريم علينا أن نتعظ ونعتبر بها

حيث أنها تجعل القلم يرتعش، وتجعل اللسان يتلعثم

وتجعل الفؤاد يرجف ويكاد يتفطر

 

قال تعالى: ]                                                                            [ [الأنعام:6].

وقال تعالى: ]                      ﯢﯣ            ﯩﯪ         [ [يونس:12 و13].

وقال تعالى: ]   ﭥﭦ                [ [الحجر:3 و4 و5].

وقال تعالى: ]      ﯿ    ﰄﰅ   [ [الإسراء:16 و17].

وقال تعالى: ]                   ﯨﯩ             [ [مريم:74 و75].

وقال تعالى: ]        [ [مريم:98].

وقال تعالى: ]              ﭳﭴ       [ [طه:128].

وقال تعالى: ]     [ [الأنبياء:9].

وقال تعالى: ]                               [ [الشعراء:205 -209].

وقال تعالى: ]              ﮤﮥ               ﮰﮱ        [ [القصص:39 -41].

وقال تعالى: ]            ﮝﮞ ﮢﮣ     [ [السجدة:26].

وقال تعالى: ] ﭫﭬ                   ﭿ            [ [يس:30- 32].

وقال تعالى: ]         [ [ص:3].

وقال تعالى: ]      [ [الزخرف:8].

وقال تعالى: ]            [ [الأحقاف:27].

وقال تعالى: ]             [ [ق:36-37].

وقال تعالى: ]               [ [القمر:50-51].

وقال تعالى: ]                 ﯿ     [ [الحاقة:5-8].

وقال تعالى: ]                   ﯣﯤ     ﭓﭔ               ﭢﭣ       ﭴﭵ       [ [العنكبوت:36-40].

وقال تعالى: ]                ﭺﭻ       ﭿ        [ [الأعراف:97-99].

وقال تعالى: ]       [ [الأعراف:130].

وقال تعالى: ]       [ [الأعراف:130].

وقال تعالى: ]                  ﭿ                           [ [الأعراف:4-5].

وقال تعالى: ]                       ﯰﯱ                                      [ [الحج:45-46].

وقال تعالى: ]      [ [الأنعام:6].

وقال تعالى: ]  ﭧﭨ ﭫﭬ          ﭴﭵ             [ [الأنفال:54].

وقال تعالى: ]  ﭜﭝ   ﭡﭢ               [ [الشعراء:139].

وقال تعالى: ]  ﯷﯸ ﯹﯺ               [ [الدخان:37].

وقال تعالى: ]   ﭿ ﮄﮅ           [ [الإسراء:69].

وقال تعالى: ]            [ [الكهف:59].

وقال تعالى: ]                [ [القمر:31].

وقال تعالى: ]                                             [ [القمر:18-21].

وقال تعالى: ]                ﭿ           [ [القمر:9-12].

وقال تعالى: ] ﭢﭣ       ﭴﭵ          [ [العنكبوت:40].

وقال تعالى عن قارون: ]                              [ [القصص:81].

وقال تعالى: ]           [ [نوح:25].

وقال تعالى عن نوح وقومه: ]     ﯓﯔ             [ [الأعراف:64].

وقال تعالى عن قوم هود: ] ﮯﮰ             [ [الأعراف:72].

وقال تعالى عن قوم صالح: ]             [ [الأعراف:78].

وقال تعالى عن قوم لوط: ]   ﭪﭫ                  [ [الأعراف:84].

وقال تعالى: ]               [ [الأعراف:94].

وقال تعالى: ]   [ [الشعراء:65 -66].

وقال تعالى: ]                [ [الشعراء:119 -120].

وقال تعالى: ]         [ [الصافات:82].

وقال تعالى: ]                [ [الحجر:72-75].

وقال تعالى: ]        ﭿ           [ [الحجر:78-79].

وقال تعالى: ]                         [ [الحجر:83-84].

وقال تعالى: ]               [ [المزمل:16].

وقال تعالى: ] ﮗﮘ                    [ [فاطر:26].

وقال تعالى: ]                            ﯹﯺ            ﯿ            [ [يونس:24].

وقال تعالى: ] ﰖﰗ     ﭠﭡ              [ [هود:81-83].

وقال تعالى: ]        ﭡﭢ                    [ [هود:89].

وقال تعالى: ]                    [ [هود:94].

وقال تعالى: ]       ﮔﮕ                     [ [هود:102].

وقال تعالى: ]                             ﯚﯛ                   [ [الرعد:32].

وقال تعالى: ]   ﮒﮓ       ﮘﮙ ﮟﮠ                           [ [غافر:5].

وقال تعالى: ]                                 [ [فصلت:15-16].

وقال تعالى: ]   ﯜﯝ   ﯨﯩ                    [ [النساء:153].

وقال تعالى: ]                          ﯿ  ﰄﰅ         [ [المؤمنون:40].

وقال تعالى: ] ﯛﯜ                                  [ [المؤمنون:53- 54].

وقال تعالى: ]                                  [[المؤمنون:64].

وقال تعالى: ]                                                                                   [ [الذاريات: 38- 45].

 

 

ﭑﭑ    

 

    

وبه نستعين

ذكر الدليل على نبذة من ثناء العلماء

على أهل الحديث شرفهم الله

 

 

تطلق عبارة «أهل الحديث» على كل من كان أحق بحفظ حديث النبي ه، ومعرفته، وفهمه ظاهرا وباطنا، واتباعه ظاهرا وباطنا، ومن لم يكن كذلك قل انتسابه إلى هذه الطائفة المنصورة المباركة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مجموع الفتاوى» (ج4 ص95): (وأدنى خصلة في هؤلاء يعني أهل الحديث - محبة القرآن والحديث، والبحث عنهما وعن معانيهما، والعمل بما علموه من موجبهما، ففقهاء الحديث أخبر بالرسول من فقهاء غيرهم، وصوفيتهم([10]) أتبع للرسول من صوفية غيرهم، وأمراؤهم أحق بالسياسة النبوية من غيرهم وعامتهم أحق بموالاة الرسول من غيرهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مجموع الفتاوى» (ج3 ص247): (وبهذا يتبين أن أحق الناس بأن تكون هي الفرقة الناجية أهل الحديث والسنة، الذين ليس لهم متبوع يتعصبون له إلا رسول الله ه، وهم أعلم الناس بأقواله وأحواله، وأعظمهم تمييزا بين صحيحها وسقيمها، وأئمتهم فقهاء فيها، وأهل معرفة بمعانيها واتباعا لها؛ تصديقا وعملا، وحبا، وموالاة لمن والاها، ومعاداة لمن عاداها، الذين يروون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول ه بل يجعلون ما بعث به الرسول ه من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه.

وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات، والقدر، والوعيد، والأسماء، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله، ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف، فما كان من معانيها موافقا للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان منها مخالفا للكتاب والسنة أبطلوه، ولا يتبعون الظن وما تهوى الأنفس، فإن اتباع الظن جهل، واتباع هوى النفس بغير هدى من الله ظلم).اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مجموع الفتاوى» (ج4 ص9 و10): (من المعلوم أن أهل الحديث يشاركون كل طائفة فيما يتحلون به من صفات الكمال، ويمتازون عنهم بما ليس عندهم، فإن المنازع لهم لا بد أن يذكر فيما يخالفهم فيه طريقا أخرى مثل المعقول، والقياس، والرأي، والكلام، والنظر، والاستدلال، والمحاجة، والمجادلة، والمكاشفة، والمخاطبة، والوجد، والذوق، ونحو ذلك، وكل هذه الطرق لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها فهم أكمل الناس عقلا، وأعدلهم قياسا، وأصوبهم رأيا، وأسدهم كلاما، وأصحهم نظرا، وأهداهم استدلالا، وأقومهم جدلا، وأتمهم فراسة، وأصدقهم إلهاما، وأحدهم بصرا ومكاشفة، وأصوبهم سمعا ومخاطبة، وأعظمهم وأحسنهم وجدا وذوقا، وهذا هو للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم، ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل).اهـ

وقال العلامة أبو الحسنات اللكنوي / في «إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام» (ص156): (ومن نظر بنظر الإنصاف، وغاص في بحار الفقه والأصول متجنبا الاعتساف يعلم علما يقينيا أن أكثر المسائل الفرعية والأصلية، التي اختلف العلماء فيها فمذهب المحدثين فيها أقوى من مذهب غيرهم، وإني كلما أسير في شعب الاختلاف، أجد قول المحدثين فيها قريبا من الإنصاف، فلله درهم، وعليه شكرهم، كيف لا وهم ورثة النبي حقا، ونواب شرعه صدقا! حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم). اهـ

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية / في «مجموع الفتاوى» (ج34 ص113): (وموافقته أي: الإمام أحمد - للشافعي وإسحق أكثر من موافقته لغيرهما، وأصوله بأصولهما أشبه منها بأصول غيرهما، وكان يثني عليهما ويعظمهما ويرجح أصول مذاهبهما على من ليست أصول مذاهبه كأصول مذاهبهما. ومذهبه أن أصول فقهاء الحديث أصح من أصول غيرهم، والشافعي وإسحق هما عنده من أجل فقهاء الحديث في عصرهما). اهـ

وقال أبو عثمان الصابوني / في «عقيدة السلف وأصحاب الحديث» (ص14): (إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة - حفظ الله تعالى أحياءهم، ورحم أمواتهم - يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول ه بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عز وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله ه على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلته العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبته لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله ه، ولا يعتقدون تشبيها لصفاته بصفات خلقه). اهـ

وقال ابن قتيبة / في «تأويل مختلف الحديث» (ص51): (فأما أصحاب الحديث فإنهم التمسوا الحق من وجهته، وتتبعوه من مظانه، وتقربوا إلى الله تعالى باتباعهم سنن رسول الله ه وطلبهم لآثاره وأخباره، برا وبحرا، وشرقا وغربا، يرحل الواحد منهم راجلا مقويا في طلب الخبر الواحد، أو السنة الواحدة حتى يأخذها من الناقل لها مشافهة، ثم لم يزالوا في التنقير عن الأخبار والبحث لها، حتى فهموا صحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، وعرفوا من خالفها من الفقهاء إلى الرأي فنبهوا على ذلك حتى نجم الحق بعد أن كان عافيا، وبسق بعد أن كان دارسا، واجتمع بعد أن كان متفرقا، وانقاد للسنن من كان عنها معرضا، وتنبه عليها من كان عنها غافلا، وحكم بقول رسول الله ه بعد أن كان يحكم بقول فلان وفلان، وإن كان فيه خلاف على رسول الله ه). اهـ

لقد شرف الله أهل الحديث، وأكرمهم بحب السنة النبوية المطهرة، واحترامها، والاهتمام بها، واعتبارها مع القرآن مصدرا وحيدا لتعاليم الإسلام العقائدية، والتشريعية في العبادات، والمعاملات، وسائر جوانب الحياة؛ فشمروا عن ساعد الجد في حفظها، والحفاظ عليها، وتدوينها، والرحلات الطويلة الشاقة في سبيلها، وتمييز صحيحها من سقيمها، وتدوين أسماء رواتها، وبيان أحوالهم، من عدالة وضبط واتقان، أو ضعف وكذب وتدليس، وغير ذلك من أحوالهم، من أنواع الجرح والتعديل مما يتعلق بالأسانيد والمتون بدون مجاملة لأحد، لا تأخذهم في الله لومة لائم، وتلك ميزة خاصة لأمة محمد ه، امتازت بها على سائر الأمم، حققها الله على أيدي أئمة أهل الحديث، الذين أبدوا من الكفاءات العلمية المدهشة ما لا يلحقهم ولا يدانيهم فيها أهل أي علم من العلوم([11]).

قال الإمام أحمد/:

دين النبي محمد أخبار

 

نعم المطية للفتى الآثار

لا ترغبن عن الحديث وأهله
        

 

فالرأي ليل والحديث نهار

ولربما جهل الفتى أثر الهدى
        

 

والشمس بازغة لها أنوار([12])

وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «شرف أصحاب الحديث» (ص37): (وقد جعل الله تعالى أهله أركان الشريعة، وهدم بهم كل بدعة شنيعة، فهم أمناء الله من خليقته، والواسطة بين النبي ه وأمته، والمجتهدون في حفظ ملته، أنوارهم زاهرة، وفضائلهم سائره، وآياتهم باهرة، ومذاهبهم ظاهرة، وحججهم قاهرة، وكل فئة تتحيز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأيا تعكف عليه؛ سوى أصحاب الحديث، فإن الكتاب عدتهم، والسنة حجتهم، والرسول ه فئتهم، وإليه نسبتهم، لا يعرجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء، يقبل منهم ما رووا عن الرسول ه، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدين وخزنته، وأوعية العلم وحملته، إذا اختلف في حديث، كان إليهم الرجوع، فما حكموا به، فهو المقبول المسموع، ومنهم كل عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلة، ومخصوص بفضيلة، وقارئ متقن، وخطيب محسن، وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر من كادهم خصمه الله، ومن عاندهم خذله الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا يفلح من اعتزلهم، المحتاط لدينه إلى إرشادهم فقير، وبصر الناظر بالسوء إليهم حسير، وإن الله على نصرهم لقدير). اهـ

فعن معاوية بن قرة، عن أبيه، عن النبي ه قال: «لا يزال ناس من أمتي منصورين، لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة»([13]).

قال الإمام علي بن المديني / في حديث النبي ه: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم»: «هم أهل الحديث، والذين يتعاهدون مذاهب الرسول ه، ويذبون عن العلم، لولاهم لم تجد عند المعتزلة والرافضة، والجهمية وأهل الإرجاء، والرأي شيئا من السنن»([14]).

وقال الحافظ الخطيب البغدادي / في «شرف أصحاب الحديث» (ص39): (فقد جعل رب العالمين الطائفة المنصورة حراس الدين، وصرف عنهم كيد المعاندين، لتمسكهم بالشرع المتين، واقتفائهم آثار الصحابة والتابعين، فشأنهم حفظ الآثار، وقطع المفاوز والقفار، وركوب البراري والبحار في اقتباس ما شرع الرسول المصطفى ه لا يعرجون عنه إلى رأي ولا هوى، قبلوا شريعته قولا وفعلا، وحرسوا سنته حفظا ونقلا حتى ثبتوا بذلك أصلها، وكانوا أحق بها وأهلها، وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذب بأصحاب الحديث عنها، فهم الحفاظ لأركانها والقوامون بأمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها، فهم دونها يناضلون، أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون). اهـ

وقال الحسن  بن  محمد النسوي القومسي:

يا سادة عندهم للمصطفى نسب
        

 

رفقا بمن عندهم للمصطفى حسب        
  

أهل الحديث هم أهل الرسول وإن
       

 

لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا([15])
        

وعن الإمام الشافعي / قال: «إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث، فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي ه، فجزاهم الله خيرا، فهم حفظوا لنا الأصل، فلهم علينا فضل». وفي رواية: «إذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث، فكأني رأيت النبي ه حيا».

أثر صحيح

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (393)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص109)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (86)، والذهبي في «السير» (ج10 ص69)، والبيهقي في «المدخل» (689)، وفي «مناقب الشافعي» (ج1 ص477)، ونظام الملك في «مجلسين من أماليه» (11)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص35)، والسخاوي في «البلدانيات» (ص183 و184).

وإسناده صحيح.

وذكره ابن حجر في «توالي التأنيس» (ص110)، وابن كثير في «مناقب الشافعي» (ص188).

وعن الفضيل بن عياض / قال: «إذا نظرت إلى رجل من أهل السنة، كأني أنظر إلى رجل من أصحاب رسول الله ه، وإذا رأيت رجلا من أهل البدع؛ فكأنما أرى رجلا من المنافقين».

أثر حسن

أخرجه ابن البناء الحنبلي في «الرد على المبتدعة» (ص26).

وإسناده حسن.

وذكره البربهاري في «شرح السنة» (ص133).

قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح السنة» (ص462) معلقا على أثر فضيل بن عياض: (إذا رأيت رجلا من أهل السنة...: لأنه تابع لهم، لأن من تبعهم صار منهم.

وإذا رأيت رجلا من أهل البدع...: إذا رأيت رجلا من أهل البدع والأهواء المخالفين لأهل السنة؛ فكأنما رأيت رجلا من المنافقين الذين كانوا يدعون الإسلام في الظاهر، وهم كفار في الباطن يريدون المخادعة، فأهل الأهواء، وأهل البدع فيهم شبه من المنافقين؛ لأنهم يظهرون الإسلام، ولكنهم يبتدعون، ولا يتبعون السنة، هذه صفة المنافقين). اهـ

قلت: ومن يدعو اليوم إلى السنة، فهو غريب بين الجهال، اللهم غفرا.

فعن يونس بن عبيد / قال: «أصبح من إذا عرف السنة عرفها غريبا، وأغرب منه الذي يعرفها».([16])

والمعنى: العجب ممن يدعو اليوم إلى السنة، وأعجب منه من يجيب إلى السنة فيقبل.([17])

قال فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في «شرح السنة» (ص463): «صارت السنة غريبة، غريبا من يدعو إليها، وأغرب منه من يعمل بها، فلا شك أنه يأتي أزمان تكون السنة غريبة في أهلها، وكلما تأخر الزمان صارت السنة غريبة، وأهل السنة غرباء... هؤلاء هم الغرباء في آخر الزمان إذا فسد الناس فهم يتمسكون بالسنة، ويصبرون على ما نالهم من الأذى، ويصبرون على الغربة بين الناس؛ لأن الذين يخالفونهم كثيرون، فهم يعيشون في غربة بين الناس». اهـ

قلت: فيا أهل السنة الزموا السنة، وتمسكوا بها. فإنكم غرباء بين الناس.

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما  قال: قال رسول الله ه ذات يوم ونحن عنده: «طوبى للغرباء، فقيل: من الغرباء يا رسول الله؟، قال: أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم».

حديث صحيح

أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (ج2 ص600)، وأحمد في «المسند» (ج2 ص177)، والآجري في «الغرباء» (ص23)، والبيهقي في «الزهد الكبير» (ص116)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (ج41 ص326)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (ج9 ص14).

وإسناده صحيح.

وقوله ه: «طوبى» معناه: أصابوا خيرا، أو خير لهم، وكرامة([18]).

وقال عبدة بن زياد الأصبهاني:

دين النبي محمد أخبار
       

 

نعم المطية للفتى الآثار

لا تخدعن عن الحديث وأهله
        

 

فالرأي ليل والحديث نهار

ولربما غلط الفتى سبل الهدى
       

 

والشمس بازغة لها أنوار([19])

وعن أبي بكر بن عياش / قال: «أهل السنة في الإسلام مثل الإسلام في سائر الأديان».

أثر صحيح

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (1068)، والخطيب في «الجامع لأخلاق الراوي» (ج2 ص249)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص66)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص17) من طرق عن أبي بكر بن عياش به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

وقال أبو محمد الدشتي([20]) / في «إثبات الحد لله» (ص100): (ولا يكون على وجه الأرض أحد أعلم بالكتاب والسنة من أصحاب الحديث، فمن يخالفهم، ولا يقول ما قالوه، ولا يعتقد ما اعتقدوه؛ فهو مبتدع ضال مضل). اهـ

وعن سفيان الثوري / قال: (استوصوا بأهل السنة خيرا، فإنهم غرباء ) ([21]).

قلت: فالإسلام بدأ في آحاد من الناس وقلة، ثم انتشر، وظهر... وسوف يبقى في آخر الزمان في آحاد من الناس وقلة، كما بدأ، والله المستعان.

فعن سفيان الثوري / قال ليوسف بن أسباط: (إذا بلغك عن رجل بالمشرق أنه صاحب سنة، فابعث إليه بالسلام، وإذا بلغك عن آخر بالمغرب أنه صاحب سنة، فابعث إليه بالسلام، فقد قل أهل السنة والجماعة).([22])

 

 

 

 

 

 

ﭑﭑﭑ

 

 

    

من اعتصم بالله نجا

ذكر الدليل على أن بطلاب الحديث

 في البلد يرفع الله تعالى العقاب

عن الناس في البلدان

لقد أخبر النبي ه ما يكون من الفتن في آخر الزمان، وحذر منها، ومن القادة للفتن، فحدث ه الناس بخطر الفتن وأهلها، فعلم ذلك من علم، وحفظ ذلك من حفظ، وجهل ذلك من جهل، ونسي ذلك من نسي، والله المستعان.

فذكر ه في الأحاديث، والأخبار، والآثار حال الفتن وأهلها في البلدان، فأكثر ه في ذلك، حتى ذكر ه فتن الكفرة، وفتن المبتدعة، وفتن العصاة([23])، التي لا تدع أحدا من الجهال الهمج من هذه الأمة إلا انقضت عليه، فيصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويصبح كافرا، ويمسي مؤمنا([24]): ] ﯿ                         [ [الروم:41]، ] ﰓﰔ  [ [المائدة:64].

وقد بين الشارع أنها ستكون فتنة، وفرقة، واختلاف، فيجب اجتناب ذلك، والفرار، واعتزال دعاة الفتن في المساجد، والجوامع، والتجمعات، والاعتصامات، والمظاهرات، لأن ذلك من الفساد في الأرض([25]): ]  [ [البقرة:60]، ]   ﭦﭧ  [ [البقرة:220].

قلت: فإن أصر الناس على الفتن والفساد في  البلدان، سخط الله عليهم، وعاقبهم بأشد العقاب بما كانوا يفسدون في الأرض([26]): ]    [ [النحل:88].

وقال تعالى: ]            [ [الأعراف:84].

وقال تعالى: ]     ﭦﭧ [ [البقرة:220].

وقال تعالى: ]                  [ [الأعراف:86].

وقال تعالى: ]       [ [الأعراف:97].

وقال تعالى: ]       [ [النحل:45].

وقال تعالى: ] ﭢﭣ       ﭴﭵ    [ [العنكبوت:40].

قلت: ومن العقاب ظهور الهلاك في الناس، فيجعلون بعضهم على رقاب بعض بالقهر والغلبة، بأسهم بينهم شديد؛ لإعلانهم المخالفات الشرعية منها:

1. إظهارهم الفاحشة من الزنا واللواط.

2. إظهارهم الربا في الأموال.

3. لمنعهم زكاة أموالهم.

4. إظهارهم البدع والشرك.

5. تعاونهم مع أهل البدع والأهواء في المساجد وغيرها.

6. تقدمهم الدنيا على الآخرة، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء.

7. نقضهم عهد الله تعالى، وعهد رسوله ه.

8. الثورة على حكامهم.

9. إظهارهم الاعتصامات والمظاهرات البدعية.

10. إطلاق اللسان في الفتن بغير علم.

11. جهلهم بالفقه في الدين.([27])

قلت: وبهذه المفاسد، والفتن؛ إنما تنتشر وتكثر إذا قل الإيمان، وضعف استمساك الناس به، والمجتمعات الفارغة من الإيمان، أو الضعيفة فيه هي الأكثر تعرضا للفتن، والفساد، والقتل([28])، والهلاك، والعقاب في بلدانهم: ]               [([29]) [البقرة:11 و12].

قال تعالى: ]   ﮊﮋ    [ [البقرة:205].

وقال تعالى: ]   ﭦﭧ [ [البقرة:220].

قلت: ومن حقيقة إسلام العبد؛ سلامة المسلمين من لسانه، ويده، هذه السلامة التي هي من المفاهيم التي يلزم استحضارها عند الفتن التي تقع في بلدان المسلمين.([30])

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي ه قال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه».([31])

قلت: وفي هذا الحديث مراعاة حقوق المسلمين، وهي سلامتهم من لسانه ويده، والحث على حسن معاملة العبد مع ربه سبحانه؛ لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه المسلمين، فأولى أن يحسن معاملة ربه سبحانه.

وكذلك فيه إشارة إلى أن الذي يؤذي المسلمين بلسانه، ويده بهذه الطريقة والمعاملة، فاعلم أنه لن يحسن المعاملة مع ربه سبحانه ولابد([32]).

قال الحافظ ابن حجر / في «فتح الباري» (ج1 ص53)؛ تعليقا على الحديث: (يحتمل أن يكون المراد بذلك أن يبين علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه، وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده، كما ذكر مثله في علامة المنافق، ويحتمل أن يكون المراد بذلك الإشارة إلى الحث على حسن معاملة العبد مع ربه؛ لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه، فأولى أن يحسن معاملة ربه). اهـ

قلت: وأفضل الإسلام هو: محافظة المسلم على كف الأذى عن أخيه المسلم.

فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال ه: «من سلم المسلمون من لسانه، ويده».([33])

قلت: وهذا تأكيد من النبي ه، فالزم ذلك ترشد، وإلا سقطت في الفتنة، والعياذ بالله.

قلت: والفتنة لا تغري إلا الجهال الهمج، ولا يسقط في حبالها إلا الضلال، تتزين لهم، فيندفعون إليها بلا روية، ولا نظر فيما يعقبها، ويترتب عليها، وقد يسقط فيها من اشتهر ببعض العلم، فيتبعه مريدوه ومحبوه!، فيوردهم المهالك:  ]     ﭭﭮ  [ [التوبة:49].

فعن مرداس الأسلمي رضي الله عنه قال: قال النبي ه: «يذهب الصالحون الأول فالأول، ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر، لا يباليهم الله بالة».([34]) وفي رواية: «لا يعبأ الله بهم».

قلت: والمراد من الحديث عبارة عن موت الأخيار، وبقاء الأشرار الذين لا يعبأ بهم الله تعالى، وليس لهم الوزن المطلوب في الدنيا والآخرة([35])، اللهم سلم سلم.

وقد أحسن الحافظ البخاري / لما أورد في «صحيحه» (ج13 ص47)، ضمن كتاب: «الفتن»، باب: الفتنة التي تموج كموج البحر؛ شعر امرئ القيس، قال: قال ابن عيينة عن خلف بن حوشب «كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن»؛ قال امرؤ القيس:

الحرب أول ما تكون فتية

 

تسعى بزينتها لكل جهول([36])

حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها
        

 

ولت عجوزا غير ذات حليل

شمطاء ينكر لونها وتغيرت
        

 

مكروهة للشم والتقبيل

قلت: ولذلك كان السلف يحذرون من فتنة المتعالم العاطل، وفتنة العابد الجاهل!، لأن الأول والثاني من أصول الشرور التي تجر البلاء والعقاب على الآدميين، اللهم سلم سلم.

فعن الإمام ابن المبارك / قال: كان يقال: «تعوذوا بالله من فتنة العالم الفاجر([37])، والعابد الجاهل([38])؛ فإن فتنتهما؛ فتنة لكل مفتون».([39])

قلت: فهلاك الناس من عالم فاجر، وعابد جاهل([40])([41])، اللهم سلم سلم.

قال تعالى: ]   ﭦﭧ [ [البقرة:220].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ه: «ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن يشرف لها تستشرفه، ومن وجد ملجأ، أو معاذا، فليعذ به».([42])

قلت: لذلك إذا التقى المسلمان في الفتنة من أجل الدنيا، ومن أجل الحرية الفاجرة، والسياسة الجائرة، فالقاتل والمقتول في النار، اللهم غفرا.

فعن الأحنف بن قيس قال: خرجت، وأنا أريد هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد يا أحنف؟، قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله ه يعني عليا، قال: فقال لي: يا أحنف ارجع، فإني سمعت رسول الله ه يقول: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل، والمقتول في النار، قال: فقلت: أو قيل: يا رسول الله هذا القاتل، فما بال المقتول؟، قال: «إنه قد أراد قتل صاحبه»([43]). وفي رواية: «أنه كان حريصا على قتل صاحبه».

وفي رواية للبزار في «المسند»: «إذا اقتتلتم على الدنيا، فالقاتل والمقتول في النار».([44])

قال المفسر القرطبي / في «التذكرة» (ج3 ص1104): (فحديث أبي بكرة رضي الله عنه محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا). اهـ

قلت: ومما يدل على صحة هذا: ما خرجه مسلم في «صحيحه» (ج4 ص2231)؛ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ه: «والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قتل، ولا المقتول فيم قتل، فقيل: كيف يكون ذلك؟، قال: الهرج([45])، القاتل والمقتول في النار».

قال المفسر القرطبي / في «التذكرة» (ج3 ص1104): (فبين هذا الحديث أن القتال إذا على جهالة من طلب الدنيا، أو اتباع هوى([46]) كان القاتل، والمقتول في النار([47]». اهـ

قلت: لذلك الله تعالى يلبس دعاة الفتن هلاك بعضهم بعضا في ديارهم  ]             [[الروم:32]، بما فسقوا، وخالفوا الكتاب والسنة([48])، اللهم سلم سلم.

قال تعالى: ]    ﯜﯝ  [ [الأنعام:65].

لذلك فلا تشغلوا أنفسكم بالسخط على حكامكم، ولكن اشغلوا أنفسكم بالتمسك بالكتاب والسنة بفهم أهل الحديث، فيكفيكم الله تعالى حكامكم([49]): (فتضع الحرب أوزارها)([50])، وإلا سخط الله تعالى عليكم: (فتضع الحرب فتنها)([51])، اللهم سلم سلم.

قلت: وغير خاف ما حدث في سوريا، وليبيا، ومصر وغيرها؛ من سفك الدماء، وإتلاف الأموال، وإهلاك الناس، وخراب الديار، ودمار القرى، وقتل النساء، والأطفال، فذاق الناس في هذه البلدان الموت الزؤام، بسبب فساد العوام، وإطلاق اللسان العام بدون ضوابط من الفئام([52])([53])؛ ]         ﭡﭢ    [ [النساء:114].

قال تعالى: ]           [ [النور:63].

قال الحافظ ابن كثير / في «تفسيره» (ج3 ص308): (قوله تعالى: ][؛ أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنا أو ظاهرا؛ وقوله تعالى: ] [، أي: في قلوبهم؛ من كفر، أو نفاق، أو بدعة، - أو معصية -، وقوله تعالى: ] [، في الدنيا، بقتل، أو حد، أو حبس، أو نحو ذلك). اهـ

وقال شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين / في «شرح رياض الصالحين» (ج3 ص265): (ذكر المؤلف قوله تعالى: ]           [ [النور:63]، هذا تحذير من الله عز وجل للذين يخالفون عن أمر الرسول ه، يعني: يرغبون عن أمره فيخالفونه، ولهذا لم يقل يخالفون أمره. وإنما قال: ]   [؛ أي: يرغبون عنه فيخالفونه، حذرهم من أن تصيبهم فتنة، أو يصيبهم عذاب أليم، قال الإمام أحمد: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك والعياذ بالله.

أي: أنه إذا رد شيئا من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، فربما يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك. يهلك ليس هلاكا بدنيا، بل هلاكا دينيا، والهلاك الديني أشد من الهلاك البدني، الهلاك البدني مآل كل حي، طالت به الحياة أم قصرت، لكن الهلاك الديني خسارة في الدنيا والآخرة والعياذ بالله. وقوله: ]      [، يعني: أنهم يعاقبون قبل أن تحل بهم الفتنة، نسأل الله العافية، ففي هذا دليل على وجوب قبول أمر النبي ه، وأن الذي يخالف عنه مهدد بهذه العقوبة:  ]      [ [النور:63]. اهـ

وقال تعالى: ]                   [ [النساء:65].

أي: يجعلونك حكما فيما حصل بينهم من النزاع؛ لأن معنى: ] [؛ أي: حصل من النزاع، و] [؛ يجعلونك أنت الحكم فيما حصل بينهم من النزاع، في أمور الدين، وفي أمور الدنيا.

ففي أمور الدين: لو تنازع رجلان في حكم مسألة شرعية:

فقال أحدهما: هي حرام.

وقال الثاني: هي حلال.

فالتحاكم  إلى الرسول ه؛ فلا يؤمن أحد منهما؛ أي: من المتشاجرين إلا إذا حكم رسول الله ه.

ولو تنازع الناس في أمر دنيوي بينهم؛ كما حصل بين الزبير بن العوام رضي الله عنه، وجاره الأنصاري، حين تحاكما إلى رسول الله ه، في ماء الوادي، فحكم بينهما، فهذا تحاكم في أمور الدين والدنيا، المهم أنه لا يؤمن أحد حتى يكون في أمور الدين والدنيا إلى رسول الله ه.

ثم إن الإيمان المنفي هنا، إن كان الإنسان لا يرضى بحكم الرسول ه مطلقا فهو نفي للإيمان من أصله، لأن من لا يرضى بحكم الرسول ه مطلقا كافر والعياذ بالله،خارج عن الإسلام، وإن كان عدم الرضا بالحكم في مسألة خاصة، وعصى فيها، فإنها إن لم تكن مكفرة فإنه لا يكفر، وقوله عز وجل: ]  [. لو قال قائل: كيف يكون تحكيم الرسول ه بعد موته؟ فالجواب أن نقول: يكون تحكيمه بعد موته بتحكيم سنته ه.

فالشيء الأول: ]           [.

الشيء الثاني: ]          [، يعني: أن الإنسان قد يحكم الكتاب والسنة، ولكن يكون في قلبه حرج، يعني: ما يطمئن أو ما يرضى إلا رغما عنه، فلابد من أن لا يجد الإنسان في نفسه حرجا مما قضى الله ورسوله.

الشيء الثالث: ] [؛ أي: ينقادوا انقيادا تاما، ليس فيه تأخر ولا تقهقر، فهذه شروط ثلاثة لا يتم الإيمان إلا بها.

أولا: تحكيم الرسول ه.

والثاني: أن لا يجد الإنسان في نفسه حرجا مما قضاه الرسول ه.

والثالث: أن يسلم تسليما تاما بالغا.([54])

المهم أن الإنسان لا يمكن أن يؤمن؛ إلا بثلاثة شروط:

الأول: تحكيم النبي ه.

والثاني: ألا يجد في صدره حرجا، ولا يضيق صدره بما قضى النبي ه.

والثالث: أن يسلم تسليما، وينقاد انقيادا تاما.

فبهذه الشروط الثلاثة يكون مؤمنا، وإن لم تتم؛ فإنه إما خالي من الإيمان مطلقا، وإما أن يكون ناقص الإيمان.([55])

قلت: وللعلم أن المؤمن القوي يتبين له في الفتن ما لا يتبين لغيره من الجهلة، ولا سيما في الفتن الكبرى، وينكشف له حال المفترين([56]) على الله تعالى، ورسوله ه، فإن المفتري في الفتن يجري الله تعالى على يديه أمورا هائلة فتنة له، ولغيره من الجهلة، تزلزل القلوب المريضة حتى إن من رأى المفتري من الجهلة افتتن به، فيكشفه الله تعالى للمؤمن القوي حتى يعلم، ويعتقد كذبه، وضلاله.

نعم هكذا؛ كلما قوي الإيمان في القلب؛ تقوى انكشاف الأمور له، وعرف حقائقها من باطلها، وكلما ضعف الإيمان ضعف الكشف بنور الله تعالى، وذلك مثل السراج القوي، والسراج الضعيف في البيت المظلم.

قال تعالى: ]     [ [آل عمران:24].

وقال تعالى: ] [ [طه:61].

وقال تعالى: ] ﮫﮬ       [ [يونس:59].

وقال تعالى: ]               ﯛﯜ            [ [الأنعام:24].

وقال تعالى: ]  [ [طه:61].

وقال تعالى: ]        ﮐﮑ  [ [الأنعام:144].

قلت: فالمؤمن الأثري يتبين له من حقيقة المفترين ما لا يتبين لغيره، لأنه يرى بنور من الله تعالى، وإن لم يسمع بالأثر، فإذا سمع بالأثر كان نورا على نور، وهذا هو الإلهام القلبي([57]).

فالإيمان الذي في قلب المؤمن يطابق نور القرآن الكريم، ويطابق نور السنة النبوية، ويطابق نور الآثار السلفية، ولله الحمد([58]).

قال تعالى: ]   ﮬﮭ         ﯓﯔ ﯗﯘ              ﯬﯭ  ﯰﯱ ﯶﯷ     ﯻﯼ ﯿ   [ [النور:35].

فعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:في قوله تعالى: ]   ﮬﮭ  [ [النور:35]، : قال: «هو المؤمن الذي قد جعل الإيمان، والقرآن في صدره، فعند الله مثله، فقال: ]   ﮬﮭ  [، فبدأ بنور نفسه عز وجل»([59]).

وعن الحسن البصري /: في قوله تعالى: ]   [ [النور:35]، قال: «مثل القرآن في القلب»([60]).

عن سليمان الأعمش /: في قوله تعالى: ]   [ [النور:35]، قال: «الذي جعل في قلب المؤمن، وفي سمعه وبصره»([61]).

قلت: مثل نور من آمن به، فهو المؤمن جعل الإيمان، والقرآن في صدره.

وعن السدي / قال: ] ﯰﯱ  [ [النور:35]، قال: «نور القرآن، ونور الإيمان حين اجتمعا([62])، فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه».([63])

قلت: هذا هو المؤمن في الفتن وغيرها، فإنه ينطق بالحكمة المطابقة للحق، فهو نور على نور، ولله الحمد والمنة.([64])

ولذلك لا يليق بالمؤمنين أن يصدر منهم الفساد، أو يسمحوا بانتشاره دون نكير، لأن ربهم لا يحب الفساد، ولا يقبل عمل المفسدين، ولأن الفساد مخالف لمقتضى الإيمان، لأن الإيمان يجلب الصالحات.

قال تعالى: ]              [ [البقرة:277].

قلت: ولهذا، فإن المجتمع الإسلامي إذا خالط الإيمان بشاشة قلوب أهله؛ يوالي بعضهم بعضا، وينصر ويحب بعضهم بعضا، لأن ذلك من ثمرات العلم النافع، والعمل الصالح، وثمرات الولاء، والمحبة لله تعالى، ورسوله ه.

قلت: ولما اضطربت صلة الناس في البلدان الإسلامية، وضعف ولاؤهم لله تعالى، ولرسوله ه انحل ولاؤهم، وتناحروا فيما بينهم، وجد فيهم من يحب بعض أعدائهم، ويحرص على القرب منهم([65])،والتودد إليهم أكثر ممن يشاركونه في العقيدة، والمنهج، فانقلب البراء إلى ولاء، والولاء إلى قطيعة، ومحادة([66])، والعياذ بالله.

قلت: وهذا مظهر خطير للفتن التي تعرض للمسلمين، فإي دولة لا تعرف وليها من عدوها، لا يمكن إلا أن تضطرب أحوالها وتشتد، ويفتن أهلها، ويفرقون شيعا وأحزابا، بكيد بعضهم لبعض، ويظلم القادر منهم العاجز، ويعتدي القوي على الضعيف؛ بما يخدم مصالح العدو وأغراضه، ويهدم كيان الدولة المسلمة وبناءها.

قلت: وهذا من سلوك بني إسرائيل الذي استحقوا به لعنة الله تعالى، وسخطه وعذابه، سجله القرآن ليتعظ به المسلمون.

قال تعالى: ]   ﮍﮎ                  [ [المائدة:80 و81].

كما فعل الثوار الخوارج في سوريا([67])؛ وليبيا وغير ذلك، يتولون المشركين من عبدة الأوثان من اليهود والنصارى؛ لإسقاط بلدان المسلمين، ويعادون أولياء الله تعالى، ورسله عليهم السلام، ولو كانوا يؤمنون بالله تعالى، ويصدقون نبيه، وما أنزل إليه ما اتخذوهم أصحابا، وأنصارا من دون المؤمنين، ولكن كثيرا منهم أهل خروج عن طاعة الله تعالى إلى معصيته، وأهل استحلال لما حرم الله تعالى عليهم من القول والفعل.

قال تعالى: ]                   ﭤﭥ                 ﭱﭲ      ﭻﭼ ﭿ       [ [الممتحنة:1].

وقال تعالى: ] ﭙﭚ   ﭝﭞ ﭣﭤ           [ [المائدة:51].

يعني: ومن يتول اليهود والنصارى دون المؤمنين؛ فإنه منهم، والموالاة لابد أن تكون لأجل نصر اعتقادهم.

قلت: ونهى الله تعالى عن موالاتهم؛ لأنهم لا يتركون الجهد في إفساد أحوال المسلمين، وبلدانهم، فإنهم وإن لم يقاتلوا في الظاهر لا يتركون المكر والخديعة([68])، كما نبه عليه القرآن في قوله تعالى: ] ﭿ           [ [آل عمران:118].

قلت: ولأجل هذا كان سيف الإسلام مسلولا على الكفار الفجار في الخارج، والخوارج الثوار في الداخل؛ حتى تزول الفتن التي تعترض في بلدان المسلمين.

قال تعالى: ]           ﭽﭾ ﭿ               [ [البقرة:193].

وقال تعالى: ]            [ [الأنفال:39].

قلت: فالمؤمن لا يكتب له الإيمان الحقيقي، إلا إذا أحب الله تعالى، ورسوله ه، وأبغض من يحاد الله تعالى، ورسوله ه.

قلت: لذلك يجب التفقه في فقه الفتن، وترسيخ ضوابطها وقواعدها بدقة وتفصيل، كما يفعل أهل الحديث في كل زمان([69])، فقد شيدوا عليها صرح هذا العلم، وهي قواعد وضوابط يلزم الاعتناء بها في كل وقت وحين([70])، وخاصة عندما تحيط الفتن بالمسلمين إذ الاهتمام بها اهتمام بالعلم النافع الذي يدفع الفتن، ويبعدها، والاشتغال بها يغني عن الاشتغال بالجزئيات([71]) التي لا تكاد تنتهي، ويجعل صاحبها قادرا على الخروج من حبائل الفتن؛ بأقل الخسائر، والأضرار.

وهذا المنهج التأصيلي عليه أهل الحديث([72])، يبعث المسلم على تفضيل وإيثار السلامة، ويولد فيه الحذر من الشرور التي تقع في الفتن، ويجنبه العثرات، والمهالك، ويترك ما يشين عليه استقامته وسلامته، حتى إنه يهجر الكفرة، والمبتدعة، والعصاة، بسبب ذلك يشرع له الهجر، لئلا يشاركهم في الفتن التي تجري على أيديهم، فينال قسطا من إثمها، اللهم سلم سلم.

قلت: والفتن إنما تزول بإذن الله تعالى بوجود أهل الحديث في البلد، والرجوع إليهم، وترك الأمور لهم جملة وتفصيلا([73])،إن أراد الناس النجاة من الفتن المحيطة بهم([74]) في بلدانهم.

فعن إبراهيم بن أدهم([75])/ قال: «إن الله تعالى يدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث».

أثر حسن لغيره

أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (117)، وفي «الرحلة في طلب الحديث» (115)، والسلفي في «المشيخة البغدادية» (ق/235/ط)، والأبرقوهي في «معجم الشيوخ»(ق/94/ط) من طريق محمد بن الحسن المقرئ قال: حدثنا محمد بن عصام قال: سمعت عبد الرحمن بن محمد بن حاتم يقول: قال إبراهيم بن أدهم به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به في الآثار، من أجل موافقته لكلام أئمة الحديث الثقات، لأن فيه محمد بن الحسن المقرئ.

قال عنه الذهبي / في «ميزان الاعتدال» (ج3 ص520): (المقرئ المفسر، وقرأ بالروايات، ورحل إلى عدة مدائن، وصار شيخ المقرئين في عصره على ضعف فيه).اهـ

والأثر ذكره ابن الصلاح في «علوم الحديث» (ص123)، والأنباسي في «الشذا الفياح» (ج1 ص401)، والعراقي في «التقييد والإيضاح» (ج1 ص745)، والسيوطي في «تدريب الراوي» (ج2 ص211)، والزركشي في «النكت» (ص405).

قلت: والآثار يتساهل فيها ما لا يتساهل في الأحاديث المسندة والأخبار، فافهم لهذا ترشد.

وأخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص52) من طريق محمد بن عمر بن الحجاف حدثنا عبد الله بن أبي عمرو البكري عن سلم الخواص قال: سمعت إبراهيم بن أدهم / يقول: «أصحاب الحديث بهم تدفع البلوى عن الناس، أو الآفات».

وإسناده فيه ضعف، لكن لا بأس به في المتابعات.

وعن سلم الخواص([76])/ قال: «البلاء يدفع عن أهل الأرض بأصحاب الحديث».

أثر حسن لغيره

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص52) من طريق أحمد بن محمد بن منصور قال: سمعت إبراهيم بن موسى البصري يحكي عن سلم الخواص به.

قلت: وهذا سنده لا بأس به.

وعن يوسف بن أسباط([77])/ قال: «بطالب الحديث يدفع البلاء عن أهل الأرض».

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج5 ص53) من طريق علي بن بندار الصيرفي حدثنا جعفر بن أحمد سمعت عبد الله بن خبيق يقول: سمعت يوسف بن أسباط به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن أبي جعفر عبدالله بن محمد النفيلي / قال: «إن كان أحد على ظهر الأرض ينجو، فهؤلاء الذين يطلبون الحديث».

أثر حسن

أخرجه الهروي في «ذم الكلام» (ج6 ص46)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص100) من طريق محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت الفضل بن محمد الشعراني يقول: سمعت أبا جعفر النفيلي به.

قلت: وهذا سنده حسن.

وعن وهب بن منبه / قال: «إن الله ليحفظ بالعبد الصالح القبيل([78]) من الناس».([79])

وأنشد أبو مزاحم الخاقاني:

أهل الحديث هم الناجون إن عملوا
        

 

به إذا ما أتى عن كل مؤتمن

قد قيل إنهم خير العباد على
        

 

ما كان فيهم إذا أنجوا من الفتن

من مات منهم كذا حانت شهادته
        

 

فطاب من ميت في اللحد مرتهن([80])

عن عبدالرحمن العنبري / قال: «كل من ذهب إلى مقالة، ففزع منها إلى غير الحديث، فإلى الضلالة يصير».([81])

قلت: إذا اجتماع صلاح الدنيا والآخرة للمسلمين في بلدانهم في سماع الحديث، وكتبه، وتبليغه.

فعن سهل بن عبد الله الزاهد / قال: «من أراد الدنيا والآخرة فليكتب الحديث، فإن فيه منفعة الدنيا والآخرة».

أثر حسن

أخرجه الخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (123)، والهروي في «ذم الكلام» (ج4 ص378)، والذهبي في «السير» (ج13 ص331) من طريق أبي محمد الحسن بن أحمد بن محمد قال: سمعت علي بن أبي الحسن بن إسحاق يقول: سمعت سهل بن عبد الله الزاهد به.

قلت: وهذا سنده حسن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ﭑﭑﭑ

 

    

خاتمة النصر

نصر أهل الحديث([82]) على التتر أتباع

هولاكو في مدينة أصبهان

 في العراق الثاني

قال الحافظ ابن دحية /: (فخرج في جمادى الأولى سنة سبع عشرة وستمائة جيش من الترك يقال له: «الططر»([83]) عظم في فتكه الخطب والخطر، وقضى له من قتل النفوس المؤمنة الوطر، ولم تهتد إلى دفعه بالحيل الفطر، فقتلوا من وراء النهر وما دونه من جميع بلاد خراسان، ومحوا رسوم ملك بني ساسان، وهذا الجيش ممن يكفر بالرحمن، ويرى أن الخالق المصور هما النيران، وملكهم يعرف بخان خاقان، وخربوا مدينة نشاور وأطلقوا فيها النيران، وخار عنهم من أهل خوارزم كل إنسان، ولم يبق منهم إلا من اختبأ في المغارات، والكهفان، حتى وصلوا إليها وقتلوا وسبوا وخربوا البنيان، وأطلقوا الماء على المدينة من نهر جيحان، فغرق فيها مباني الذرى والأركان... وقطعوا ما أمر الله عز وجل به أن يوصل من الدين بأخس الأديان إلى أن وصلوا بلاد نهستان فخربوا مدينة الري، وقزوين([84])، وأبهر([85])، وزنجان([86])، ومدينة أردبيل([87])، ومدينة مراغة([88]): كرسي بلاد أذربيجان([89])، واستأصلوا شأفة من في هذه البلاد من العلماء والأعيان، واستباحوا قتل النساء، وذبح الولدان، ثم وصلوا إلى العراق الثاني، وأعظم مدنه مدينة أصبهان([90])، ودور سورها في غاية الارتفاع والإتقان، وأهلها مشتغلون بعلم الحديث، فحفظهم الله بهذا الشأن وكف كف الكفر عنهم بأيمان الإيمان وأنزل عليهم موائد التأييد والإحسان فتلقوهم بصدور هي في الحقيقة صدور الشجعان، وحققوا الخبر بأنها بلد الفرسان، واجتمع فيها مائة ألف إنسان، وخرجوا إليهم كأسد، ولكن غاباتها عوامل الخرصان([91])، وقد لبسوا البياض كثغور الأقحوان، وعليهم دروع فضفاضة في صفاء الغدران، وهيئت للمجاهدين درجات الجنان، وأعدت للكافرين دركات النيران، وبرز إلى «الططر» القتل في مضاجعهم وساقهم القدر المحتوم إلى مصارعهم، فمرقوا عن أصبهان مروق السهم من الرمي، واشتدوا إلى الوادي فطم على القرى، ففروا منهم فرار الشيطان يوم بدر له حصاص([92])، ورأوا أنهم إن وقفوا لم يمكن لهم من الهلك مخلص، وواصلوا السير بالسرى وهدوا من همدان الوهاد والذرى بعد أن قامت الحرب على ساق، والأرواح في مساق من ذبح ومثلى، وضرب الأعناق، وصعدوا جبل أزند فقتلوا من فيه من جموع صلحاء المسلمين، وخربوا ما فيه من الجنات والبساتين، وانتهكوا منهم، ومن نسوانهم حرمات الدين، وكانت استطالتهم على ثلثي بلاد المشرق الأعلى، وقتلوا فيها من الخلائق ما لا يحصى).([93]) اهـ

 

 

ﭑ ﭑﭑ

فهرس الموضوعات

الرقم

الموضوع

الصفحة

1)

المقدمة......................................................................................................

5

2)

درة نادرة في الآداب التي يحصلها الطالب لعلم الحديث الشريف

13

3)

آيات مخيفة في القرآن الكريم علينا أن نتعظ ونعتبر بها حيث أنها تجعل القلم يرتعش، وتجعل اللسان يتلعثم وتجعل الفؤاد يرجف ويكاد يتفطر...............................................................................

 

 

15

4)

ذكر الدليل على نبذة من ثناء العلماء على أهل الحديث شرفهم الله...............................................................................................

 

26

5)

ذكر الدليل على أن بطلاب الحديث في البلد يرفع الله تعالى العقاب عن الناس في البلدان...............................................................

 

39

6)

خطر الفتن في البلدان على الناس.....................................................

40

7)

خطر الفساد في البلدان على الناس...................................................

40 و41

8)

ذكر الدليل على عقاب المفسدين في الأرض....................................

41

9)

من العقاب ظهور الهلاك في الناس.....................................................

41 و42

10)

ذكر الآثار على أن الله تعالى يرفع البلاء عن البلدان بوجود أهل الحديث ...........................................................................................

63و64 و65

11)

نصر أهل الحديث على التتر أتباع هولاكو في مدينة أصبهان في العراق الثاني....................................................................................

 

69

 



([1]) قلت: وبهم ينزل الأمن، وترفع الفتن، ويحفظ الناس في البلدان، لأن الله تعالى أبى أن يجعل التوفيق لأحد غير أهل الحديث ] ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ  [ [هود:88].

([2]) قلت: وهذا هو المفهوم الصحيح في المخرج من الفتن، والله المستعان.

([3]) قلت: وإذا عدل الناس عن أهل الحديث في دنياهم وآخرتهم، هلكوا، وخالفوا، فوقعوا في الفتن، والعذاب الأليم، كما هو مشاهد في البلدان، عندما رجعوا إلى أهل الأهواء، وأطاعوهم في الثورات المهلكة، اللهم سلم سلم.

([4]) هو إبراهيم بن أدهم بن منصور العجلي أبو إسحاق البلخي الزاهد.

     انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص104).

([5]) هو سلم بن ميمون الخواص الرازي. من عباد أهل الشام، وقرائهم، وممن غلب عليه الصلاح مع ضعف فيه في الحديث.

     انظر: «سير أعلام النبلاء»  للذهبي (ج8 ص179)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص345).

(1) هو يوسف بن أسباط بن واصل الكوفي، وهو ثقة.

     انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص358)، و«التاريخ» للدارمي (ص228).

([7]) القبيل: الجماعة الكثيرة.

     انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص215 و216).

([8]) أثر حسن.

      أخرجه ابن حبان في «روضة العقلاء، ونزهة الفضلاء» (ص144).

      وإسناده حسن.

([9]) أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص111).

([10]) لا يريد التصوف المعروف الآن، فالتصوف الموجود الآن في جميع العالم الإسلامي منحرف عن دعوة الكتاب والسنة، وإنما يريد أهل الزهد والورع، فتنبه.

([11]) وانظر: «شرف أصحاب الحديث» للخطيب البغدادي (ص32 و37).

([12]) أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (ج1 ص782).

([13]) حديث صحيح.

     أخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (ج8 ص417-418)، وفي «شرف أصحاب الحديث» (8)، وأحمد في «المسند» (ج3 ص436)، وفي «فضائل الصحابة» (1722)، والترمذي في «سننه» (2192)، وابن ماجه في «سننه» (6)، وابن حبان في «صحيحه» (ج16 ص292)، والطيالسي في «مسنده» (1076)، والطبراني في «المعجم الكبير» (56)، والفسوي في «المعرفة والتاريخ» (ج2 ص295)، وأبو نعيم في «الحلية» (ج7 ص230 و231)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (ج12 ص190)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ج2 ص333)، وعلي بن الجعد في «مسنده» (1076)، وأبو إسماعيل الهروي في «ذم الكلام» (ج3 ص273)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص2)، واللالكائي في «شرح أصول الاعتقاد» (172) من طرق عن شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه به.

قلت: وهذا سنده صحيح.

([14]) أثر صحيح.

     أخرجه الترمذي في «سننه» (ج4 ص485)، والأصبهاني في «الحجة» (ج1 ص246)، والخطيب البغدادي في «شرف أصحاب الحديث» (ص38).

     وإسناده صحيح.

([15]) أخرجه ابن الصلاح في «طبقات الفقهاء الشافعية» (ج1 ص357).

([16]) أثر صحيح.

     أخرجه المزي في «تهذيب الكمال» (ج32 ص527)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (3/21)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص57).

     وإسناده صحيح.

([17]) وانظر: «شرح السنة» للبربهاري (ص134).

([18]) انظر: «شرح صحيح مسلم» للنووي (ج2 ص686).

([19]) أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص116).

([20]) هو الإمام سيف السنة والمسلمين، قامع المبتدعين، ناصر الدين: أبو محمد محمود بن أبي القاسم بن بدران الدشتي.

     الدشتي: دشتى. قرية بأصبهان.

     انظر: «إثبات الحد لله عزوجل» له (ص11).

([21]) أثر حسن.

     أخرجه اللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص64)، وابن الجوزي في «تلبيس أبليس» (ص35)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج9 ص109)، والبيهقي في «مناقب الشافعي» (ج1 ص437).

     وإسناده حسن.

([22]) أثر حسن.

     أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (ج7 ص34)، وابن الجوزي في «تلبيس إبليس» (ص34)، واللالكائي في «الاعتقاد» (ج1 ص64).

     وإسناده حسن.

([23]) كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

     أخرجه البخاري في «صحيحه» (3411)، ومسلم في «صحيحه» (ج3 ص1475)، وأبو داود في «سننه» (4244).

     قلت: فقد ذكر في هذا الحديث الأمر بتعلم كتاب الله تعالى، وسنة رسوله ه، واتباع ما فيهما، ولزوم جماعة المسلمين عند غلبة الفتن وظهورها، وذكر صفة دعاة الباطل، والأمر بالسمع والطاعة لولي الأمر وإن ضرب الظهر، وأخذ المال، اللهم سلم سلم.

([24]) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

     أخرجه مسلم في «صحيحه» (ج1 ص110).

     قلت: وهذه الفتن هي التي تموج موج البحر في الناس، فيهلك من يهلك، وينجو من ينجو، اللهم سلم سلم.

     كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

     أخرجه البخاري في «صحيحه» (ج1 ص196)، ومسلم في «صحيحه» (ج6 ص2089).

     قلت: وهلاك الناس على يد رؤوس الضلالة، كما هو مشاهد في بلدان المسلمين.

     قلت: لأن لا ينتصب للفتنة إلا مرضى القلوب، ولذلك استحقوا إقبالها عليهم، وصرعها لهم، بخلاف المستعيذين منها؛ الذين أدركوا عظيم خطرها، فاحتاطوا لها، وتجنبوا بداياتها، وهربوا من لهيبها، فإنهم لا يصيبهم من أذاها إلا القليل؛ لعدم تعلقهم بها.

([25]) وانظر:  «فقه الفتن» للإدريسي (ص294 و406)، و «التذكرة بأحوال الموتى» للقرطبي (ج3 ص1092 و1096)، و «المنهاج» للنووي (ج2 ص133).

([26]) قلت: لأن الناس يتخبطون في الفتن بخبط عشواء، فلا يهتدون إلى شيء؛ إلا الهلاك المبين لهم في بلدهم، اللهم سلم سلم.

([27]) وانظر: «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» للقرطبي (ج3 ص1143 و1145 و1147).

([28]) قلت: وهذا يقع من العبد الجاهل بالدين، فإنه مفسد لكنه لا يشعر بفساده وإفساده، وهو في سلوكه شبيه بالسفيه الهالك الذي لا يحسن صنعا، ولا يميز بين نافع وضار، اللهم غفرا.

     قلت: والعبد الأثري العالم بالدين في مقابل ذلك، وهو أهل؛ لأن يصدر عنه الخير والصلاح، لأنه يملك ما يسدد به أعماله وتصرفاته، وما يميز به الخبيث والطيب، وبين النافع والضار، ولله الحمد.

([29]) قلت: والفساد قرين الكفر والنفاق، والبدعة والمعصية، لذلك الفساد لا يقع في البلدان؛ إلا عن طريق الكفرة، أو المنافقين، أو المبتدعة، أو العصاة.

     قلت: وممكن هذه الصفات الخبيثة تجتمع في جماعة من الجماعات الحزبية، مثل الثوار في ليبيا، والجزائر، وسوريا، ومصر، وغير ذلك، والله المستعان.

([30]) وانظر: «فقه الفتن» للإدريسي (ص294).

([31]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (10)، ومسلم في «صحيحه» (57)، وأبو داود في «سننه» (2122)، وأحمد في «المسند» (6228).

([32]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج1 ص54 و55).

([33]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (11)، ومسلم في «صحيحه» (42).

([34]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3925)، و(6070).

     قلت: والصالحون: هم الذين أطاعوا الله تعالى، وعملوا بما أمرهم به، وانتهوا عما نهوا عنه.

    والحثالة: ما يسقط من قشر الشعير، والأرز، والتمر، وكل ذي قشر إذا بقي، وهو الرديء من كل شيء.

     وانظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج4 ص375).

([35]) وانظر: «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» للقرطبي (ج3 ص1099).

([36]) قلت: فإن الفتنة لا تغري إلا الجهال، ولا يسقط في حبالها إلا الضلال، والعياذ بالله.

     لأن هؤلاء الجهال لا يتفقهون في الإسلام، بل يأخذونه على الظاهر، فيهلكون.

     وانظر: «الاعتصام» للشاطبي (ج1 ص28).

([37]) لأن العالم الفاجر يشبه المغضوب عليهم الذين يعلمون الحق ولا يتبعونه.

([38]) لأن العامي الجاهل يشبه الضالين الذين يعملون بغير علم.

([39]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (1161)، ونعيم بن حماد في «زيادات الزهد» (75).

     وإسناده صحيح.

([40]) وانظر: «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (ص25).

([41]) قلت: وإنما يقع في الفتنة من عنده شيء من العلم بسبب الاشتباه الذي يحصل له فيها، وعدم التمكن من التمييز بين الخير والشر، وبين النافع والضار إذا اجتمعا، اللهم غفرا.

([42]) أخرجه البخاري في «صحيحه» (3334)، ومسلم في «صحيحه» (5136).

     قلت: ويستفاد من هذه الرواية؛ أن ليس لأحد أطراف النزاع أن يلزم الناس بالخروج معه للقتال في الفتنة، ولا أن يشنع على المخالفين له، أو يعاقبهم على ترك مناصرته، والقعود عن قتال عدوه، بل ولا يلزم الناس الإنفاق بالأموال في الفتنة، والله المستعان.

([43])أخرجه البخاري في «صحيحه» (31)، ومسلم في «صحيحه» (2888).

([44]) وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (ج13 ص34)، و«التذكرة» للقرطبي (ج3 ص1104).

     قلت: لذلك يجب التثبت في الفتنة، والاعتزال عنها قدر المستطاع، والرجوع فيها إلى أهل الحديث، والله ولي التوفيق.

([45]) الهرج: القتل، كما في رواية أخرى عند البخاري في  «صحيحه» (5690)، ومسلم في  «صحيحه» (157).

([46]) قلت: كالقتال من أجل الحرية، والتغيير الخبيث، والعصبية، والحقد، والحزبية، والحكم، والمنصب، والمال، والتنافس، والتحاسد، والتباغض، وغير ذلك من أمور الدنيا والتعصب والهوى، اللهم سلم سلم.

     قلت: فهنا القاتل والمقتول في النار، والعياذ بالله.

([47]) كما يحصل في سوريا، وليبيا، ومصر، وتونس، ومن قبل في الجزائر، والسودان، وأفغانستان، والعراق، وباكستان، وغيرها.

([48]) وانظر: «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» للقرطبي (ج3 ص1106 و1148).

([49]) وانظر: «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» للقرطبي (ج3 ص1150).

([50]) قلت: فالسعيد من جنب الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولمن ابتلي فصبر، وجعل الإثم على من دخل في الفتن بنفسه، أو ماله، أو تعاون مع دعاة الفتن، فقد ثبتت الآثار الصحيحة عن النبي ه أن أهل الفتن، ومن عاونهم في النار، وإن صلوا، وصاموا، وحجوا، واعتمروا، وتصدقوا، والعياذ بالله.

([51]) وهذا غاية في التحذير من الفتن، والخوض فيها بغير علم، والرجوع فيها إلى أهل العلم: ] ﭚ ﭛ    ﭝ ﭞ  ﭟ ﭠ [ [النحل:43].

([52]) قلت: وقد جاء أن التكلم في الفتن أشد من وقع السيف، وهذا من خوارج القعدة، لأن هؤلاء أتباع الشيطان والهوى في الفتن، اللهم سلم سلم.

     فإياكم والفتن، وإطلاق اللسان فيها، فإن ذلك مثل وقع السيف، لأن خوارج القعدة بلسانهم يكذبون في الفتن، ونقل الأخبار الكاذبة، فينشأ من ذلك القتل، بل ينشأ المفاسد العظيمة أكثر من وقوع الفتنة نفسها، والله المستعان.

([53]) قلت: والفتن في الغالب لا تنكشف للعامة الجهلة إلا بعد الهلاك العام لهم.

     قلت: فعليك بالتمسك بالدين وأهله عند هجوم الفتن في البلد، والله المستعان.

([54]) انظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص259).

([55]) وانظر: «شرح رياض الصالحين» لشيخنا ابن عثيمين (ج2 ص283).

([56]) مثل: المفتري المدعو عدنان عرعور القطبي المبتدع، والمفتري المدعو يوسف القرضاوي الإخواني المبتدع، والمفتري المدعو محمد العريفي الإخواني المبتدع، والمفتري المدعو سلمان العودة السروري المبتدع، والمفتري المدعو ربيع المدخلي وغيرهم من المفترين: ]ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ    ﯴ ﯵ    [[يونس:69]، ]ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ  [[هود:21]، ] ﯣﯤ     [[الأنعام:137].

([57]) قلت: لذلك يجب على المسلمين في بلدانهم أن يتعلموا علم الحديث جملة وتفصيلا، وأن ينشغلوا في هذا الشأن، ويطبقوه على أنفسهم، ويربوا أولادهم على حب الحديث وأهله؛ إن أرادوا النجاة في الدنيا والآخرة.

([58]) وانظر: «الفتاوى» لابن تيمية (ج20 ص45).

([59]) أثر حسن.     

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج8 ص2593)، والحاكم في «المستدرك» (ج2 ص399).

     وإسناده حسن.

([60]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج8 ص2594).

     وإسناده صحيح.

([61]) أثر حسن.     

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (ج8 ص2594).

     وإسناده حسن.

([62]) في قلب المؤمن، فإنه ينظر بنور على نور.

([63]) أثر صحيح.

     أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره » (ج8 ص2603).

     وإسناده صحيح.

([64]) ولذلك كانت النفوس المريضة التي لا تعي هذه الحقائق أشد اضطرابا، وقلقا، وحيرة؛ لأنها تخالف فطرتها، وتعاكس منطق العقل فيها، فتصبح مصدرا للاضطراب، والفتنة، والضلالة، والعياذ بالله.

([65]) في الفتن ما ظهر منها وما بطن ؛ كما فعل الثوار في ليبيا، والثوار في سوريا، وغير ذلك، فتقربوا إلى النصارى لإسقاط البلدان الإسلامية!.

([66]) كخيانة الإخوان المسلمين، وخيانة الرافضة، وغيرهم من الخونة الذين يتعاونون مع النصارى لإسقاط البلدان الإسلامية، اللهم سلم سلم.

([67]) قلت: والشام معقل الفتن، والملاحم، والمحن، كما هو ظاهر في فلسطين، وسوريا، وغيرها.

     وانظر: «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» للقرطبي (ج3 ص1176).

([68]) مثل اعتقاد الثوار في بلدان المسلمين في هذا العصر، فإنهم يوالون أعداء الله لنصر اعتقادهم، وهو إقامة الحرية السياسية الشيطانية.

     قلت: فالثوار من أعداء الله تعالى، لأنهم يوالون النصارى واليهود لإسقاط بلدان المسلمين، ومن ثم يقومون باعتقادهم السياسي الشيطاني.

([69]) قلت: والعدول عن منهج أهل الحديث في الفتن، موجب للفتنة، والضلال في البلدان، والله المستعان.

([70]) ولهذا وجب على الناس أن يستفتوا من أهل الحديث، ويراجعوهم فيما يعرض لهم من قضايا الدنيا والآخرة، اللهم غفرا.

     قال الإمام أبو شامة المقدسي  في «المؤمل» (ص55): (وأئمة الحديث هم المعتبرون القدوة في فنهم، فوجب الرجوع إليهم في ذلك). اهـ

([71]) كالاشتغال بالسياسات الغربية الهالكة للشعوب، والله المستعان.

([72]) قلت: وبهم ينزل الأمن، وترفع الفتن، ويحفظ الناس في البلدان، لأن الله تعالى أبى أن يجعل التوفيق لأحد غير أهل الحديث ] ﯼﯽ [ [هود:88].

([73]) قلت: وهذا هو المفهوم الصحيح في المخرج من الفتن، والله المستعان.

([74]) قلت: وإذا عدل الناس عن أهل الحديث في دنياهم وآخرتهم، هلكوا، وخالفوا، فوقعوا في الفتن، والعذاب الأليم، كما هو مشاهد في البلدان، عندما رجعوا إلى أهل الأهواء، وأطاعوهم في الثورات المهلكة، اللهم سلم سلم.

([75]) هو إبراهيم بن أدهم بن منصور العجلي أبو إسحاق البلخي الزاهد.

     انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص104).

([76]) هو سلم بن ميمون الخواص الرازي. من عباد أهل الشام، وقرائهم، وممن غلب عليه الصلاح مع ضعف فيه في الحديث.

     انظر: «سير أعلام النبلاء»  للذهبي (ج8 ص179)، و«المجروحين» لابن حبان (ج1 ص345).

([77]) هو يوسف بن أسباط بن واصل الكوفي، وهو ثقة.

     انظر: «تهذيب التهذيب» لابن حجر (ج11 ص358)، و«التاريخ» للدارمي (ص228).

([78]) القبيل: الجماعة الكثيرة.

     انظر: «مختار الصحاح» للرازي (ص215 و216).

([79]) أثر حسن.

      أخرجه ابن حبان في «روضة العقلاء، ونزهة الفضلاء» (ص144).

      وإسناده حسن.

([80]) أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص111).

([81]) أثر حسن.

     أخرجه الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (ص99).

     وإسناده حسن.

([82]) أهل الحديث قديما وحديثا في بلدانهم يوجد الأمن والأمان، والنصر المظفر لهم طال الزمان أو قصر على الكفرة في الخارج، وعلى المبتدعة في الداخل، أما بالسيف والسنان، أو بالحجة والبيان، ولابد.

     قلت: والنصر على الأعداء لا يحتاج إلى أكثر من بيان الحق وإيضاحه في الخارج والداخل؛ فإن الحق أبلج، والباطل لجلج، والويل للكفرة والمبتدعة في الدنيا والآخرة.

([83]) هم: التتر، والتتار أصحاب هولاكو، وهو الذي حكم: «إيران» سنة: (565هـ)!.

     انظر: «حياة جنكيز خان الإدارية والسياسية والعسكرية» (ص20 و22 و68 و100 و199)؛ تاريخ المغول.

([84]) انظر: «معجم البلدان» للحموي (ج4 ص342).

([85]) انظر: « معجم البلدان» للحموي (ج1 ص82).

([86]) انظر: « معجم البلدان» للحموي (ج3 ص152).

([87]) انظر: « معجم البلدان» للحموي (ج1 ص145).

([88]) انظر: « معجم البلدان» للحموي (ج5 ص93).

([89]) وبعضهم يقول: «آذربيجان» بمد الهمزة وسكون الذال، وكسر الراء، ثم باء موحدة، ثم ياء ساكنة.

      انظر: « معجم البلدان» للحموي (ج1 ص128).

([90]) وبعضهم يكسر همزة أصبهان.

     انظر: « معجم البلدان» للحموي (ج1 ص206).

([91]) والخراص، والخرص، والخرص، والخرص: سنان الرمح، وقيل: هو ما على الجبة من السنان، وقيل: هو الرمح نفسه.

     انظر: «لسان العرب» لابن منظور (ج7 ص21).

([92]) أي: ضراط.

     انظر: «النهاية في غريب الحديث» لابن الأثير (ج1  ص396).

([93]) نقله عنه القرطبي في «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الأخرة» (ج3 ص1173).


جميع الحقوق محفوظة لموقع الشبكة الأثرية
Powered By Emcan